العودة   منتدى جامع الائمة الثقافي > القسم الأدبي > منبر القصة القصيرة

منبر القصة القصيرة قصص هادفة ومواضيع القصة القصيرة

إنشاء موضوع جديد  إضافة رد
 
Bookmark and Share أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-11-2011, 12:31 AM   #1

 
الصورة الرمزية شجون الزهراء

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 387
تـاريخ التسجيـل : Aug 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : في أرض الله الواسعة
االمشاركات : 635

افتراضي تنصيب الإمام علي ( عليه السلام ) أمر مِنَ اللهِ تعالى

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كانَ يَجلِسُ بَيْنَ أربَعِينَ رَجُلاً مِنْ رِجَالِ العَشِيرَةِ يَستَمِعُونَ إلى كَلامِ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) بَعْدَ أنْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ الآيَةُ الشَرِيفَةُ : ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) الشعراء : 214 .
حِينَ كَانَ يَقُولُ لَهُمْ ( صلى الله عليه وآله ) : ( إنِّي أدْعُوكُمْ إلى كَلِمَتَينِ خَفيفَتَينِ على اللِّسانِ ، ثَقِيلَتَيْنِ في المِيزانِ ، تَمْلِكُونَ بِهِما العَرَبَ وَالعَجَمَ ، وَتَنْقادُ لَكُمُ الاَمَمُ ، وتَدْخُلُونَ بِهِمِا الجنَّةَ ، وتَنْجَونَ بِهِما مِنَ النّارِ ، وهُمَا شَهادَةُ أنْ لا إلهَ إلاّ اللهُ ، وأنّي رَسُولُ اللهِ .

فَمَنْ يُجِيبَني إلى هذا الأمرِ ويُؤازِرُني عَلَيهِ وعَلى القِيامِ بِهِ يكونُ أخِي وَوَصِيّي ووزِيرِي وَوارِثي وخَليفَتي مِنْ بَعْدِي ) .
وما زالَ الرسولُ ( صلى الله عليه وآله ) يُكرِّرُ كَلامَهُ فَلَمْ يَسْمَعَ جَواباً مِنْ أحدٍ سِوى ذلِكَ الذِي كانَ يَجْلِسُ بَيْنَهُمْ ، وَرَغْمَ أنَّهُ كانَ أصْغَرُ الحَاضِرِينَ سِنّاً .
إلاّ أنَّهُ كُلّما سَمِعَ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) يَنهَضُ واقِفاً وبِكُلِّ ثِقَةٍ يَقُولُها : ( أنَا يَا رَسُولَ اللهِ أُؤازِرُكَ عَلى هذا الأمْرِ ) .
فَيَأمُرُهُ الرَّسُولُ ( صلى الله عليه وآله ) : ( اِجْلِسْ ) ، ثُمَّ يُعِيدُ ( صلى الله عليه وآله ) عَلى الحَاضِرِينَ قَوْلَهُ .
يا مَوْلايَ يا رَسُولَ اللهِ ، هَلْ تَنْتَظِرُ غَيْرَ هذا الفَتى وأنْتَ أعْلَمُ الناسِ بِهِ ؟! أليْسَ هُوَ الّذي اختَرْتَهُ مِنْ بَيْنَ اخْوَتِهِ لِيَعِيشَ مَعَكَ وَلَمْ يَكُنْ عُمْرُهُ آنَذاك سِوى سِتِ سَنَواتٍ ؟! .
فَجَعَلْتَهُ يَنْشَأُ في رِعايَتِكَ ، ويَشْرَبُ مِنْ يَنابِيعِ عِلْمِكَ ، كُنْتَ تَضُمُّهُ إلى صَدْرِكَ ، وتَمْضَغُ الطَعامَ ثُمَّ تَضَعُهُ في فَمِهِ .
مَنْ غَيْرُهُ كانَ يَعْلَمُ بِكَ وأنْتَ تُجاوِرُ في كلِّ سنة غارَ حِراء فَيَراكَ ولا يَراكَ غَيْرُهُ ؟! .
وهَلْ هُناكَ غَيْرُ هذا الفَتى الّذي شَمَّ رائِحَةَ النُّبُوَّةِ ، وَرَأى نُورَ الوَحْي والرِسالَةِ مُنْذُ نُعُومَةِ أظْفارِهِ ؟! وَأخَذَ العِلْمَ مِنْكَ حَتّى بادَرَكَ في يَوْمٍ سائِلاً إيّاكَ بَعْدَ أنْ سَمِعَ رَنَّةً تنْسابُ إلى مَسامِعِهِ : ( يا رَسُولَ اللهِ ، ما هذِهِ الرَنَّةُ ؟! ) .
فَقُلْتَ لَهُ : ( هذا الشَيْطانُ قَدْ آيسَ مِنْ عِبادَتِهِ ، إنَّكَ تَسْمَعُ ما أسْمَعُ ، وتَرى ما أرى ، إلاّ أنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ وَلكِنَّكَ وَزِيرٌ ) .
وَهَلْ غَيْرُهُ يا رَسُولَ اللهِ وَقَدْ شَهِدَ الحالةَ الرُوحِيّةَ الّتي كُنْتَ تَمُرُّ فِيها خِلالَ اختِلائِكَ في غارِ حِراءِ ، حَتّى أيْقَنَ بِكُلِّ شَيءٍ فَلَمْ يَحْتَجْ أنْ تَدْعُوهُ إلى الإسلامِ ؟! .
وَهُوَ عليُّ بنُ أبي طالِبٍ ( عليه السلام ) الذي لَمْ تُصِبْهُ الجاهِلِيَّةُ بِشَيءٍ مِنْها ، ولَم يَتَفاعَلْ مَعَها ، فَقَدْ كانَ مُطَّلِعاً على أمْرِ دَعوَتِكَ ومنهجِ رِسالَتِكَ .
فَأعلنَ تَصدِيقَهُ بِكَ وأيقنَ حتّى قالَ : ( عَلَّمَني رسولُ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) ألفَ بابٍ مِنَ العلمِ ، يُفتَحُ لي مِنْ كُلِّ بابٍ ألفُ بابٍ ) .
وأخيراً قالَها رسولُ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) لِعليٍّ ( عليه السلام ) : ( اجلِسْ فَأنتَ أخي ، ووصيِّي ووزيرِي ، ووارِثي وخليفَتِي مِنْ بَعدِي ) .
فنهضَ القومُ يُخاطِبونَ أبا طالبٍ ساخِرينَ : لِيهُنِئَكَ اليومُ أنْ دخلتَ في دينِ ابنِ أخيكَ ، فقدْ جَعلَ ابنَكَ أميراً عَليكَ .
وَهَل غيرُ عليٍّ بنِ أبي طالبٍ ( عليه السلام ) الفتى الذي كَرّمَ اللهُ تعالى وجْهَهُ بِما لَمْ يُكرِّمْ بِهِ غَيرَهُ حتّى مِنَ الأنبياءِ ، وذلكَ باستضافَةِ أُمّهِ فاطمةَ بنتِ أسد في بيتهِ الشريفِ ، فدخَلَتْ لِتَضَعَهُ هُناكَ فَوَلَدتهُ حَسَنَ الوجهِ مَسروراً نظيفاً .
وأطعمَ اللهُ أمَّهُ مِنْ ثِمارِ الجنَّةِ وَهيَ ما تزالُ في الدُّنيا ، وناداها : يا فاطمةُ سَمِّيهِ عليّاً إنّي شَقَقتُ اسْمَهُ مِنِ اسمي ، وأدّبتُهُ بأدبي ، وَوَقّفتُهُ على غامِضِ عِلمي ، فَطُوبى لِمَنْ أحَبَّهُ وأطاعَهُ ، وَوَيلٌ لمنْ أبغَضَهُ وَعَصاهُ ، وكلُّ ما جَعَلَهُ اللهُ تعالى من أمرِ عليٍّ ( عليه السلام ) منذُ لَحظةِ وِلادتِهِ في بيتِهِ الشَّريفِ وإلى لَحظةِ دعوتِكَ يا رسولَ اللهِ ما كانَ إلاّ أن يَكونَ هو خليفَتك ووزيرَك .
وتَمُرُّ الأعوامُ متعاقبةً حتّى جاءَ ذلِكَ اليومُ الموْعودُ ، ويا لَهُ مِنْ يومٍ ، فكانَ الجوُّ شديدَ الحرارةِ في ظهيرَةِ ذلِكَ اليومِ ، وكانَتْ آلافُ القوافِلِ عائدةً مِنَ الحَجِ مَعَ رسولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) ، وكانَتْ أقْدامُهُمْ تكتوَي مِنْ شدَّةِ حرارةِ الرّمالِ ، وتَلفَحُ وجُوهَهُمْ سمومُ الصحراءِ تحتَ لهبِ الشمسِ .
والأكثرُ منْ هذا هوَ ما كانَ يَختَلِجُ في صدورِهِم ، فقدْ لَمَّحَ لَهُمْ رَسولُ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) أثناءَ مناسكِ الحَجِّ بما جَعَلَهُمْ يشعرُونَ بأنَّ هذهِ الحَجَّةُ هيَ آخرَ حَجّةٍ لهُ ( صلى الله عليه وآله ) .
فواصَلَتِ القَوافِلُ سيرَها حتّى وَصَلَتْ إلى مكانٍ تَتفرَّعُ منهُ طُرُقُ بُلدانِ الحُجّاجِ ، والّذي يُسمّى بغَديرِ خُمٍّ .
وعندها سَمِعَ الناسُ صَوتاً يُناديهِم ويدعُوهُم إلى التَوَقُّفِ ، فَنَظَرُوا خَلْفَهُم مُتسائِلينَ عَمّا يجري : مَا الّذي حَصَلَ في هذا الوقتِ وفي هذهِ الظُروفِ ؟! فهناكَ أشخاصٌ يَعْمَلونَ على تَهْيئَةِ بَعْضِ الخِيامِ لِينصِبوُها في أماكِنَ مُعَيَّنَةٍ .
إنَّهُمْ يَتساءَلُونَ ورُبَّما في تِلكَ اللحظَةِ لا يَعلَمون أنَّ رسولَ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) لم يَفعلْ ذلِكَ رَغْبَةً مِنْهُ ، وإنَّما بأمرٍ مِنَ اللهِ عزَّ وجلَّ .
فنَزَلَ بهِ الأمينُ جبرائيلُ مُخاطِباً بهِ رسولَ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) المائدة : 67 .
ونُودِيَ لصلاةِ الظُهرِ ، فَصَلّى الرَسولُ ( صلى الله عليه وآله ) بِتِلْكَ الجمُوعِ الغَفيرَةِ وفي ذلِكَ اليومِ الذي كانَ يضَعُ فيهِ الرَجُلُ بعضَ رِدائِهِ فَوْقَ رَأسِهِ وبَعْضَهُ تَحْتَ قَدَمَيْهِ مِنْ شِدَّةِ الرَمضاءِ .
ولمّا سَلَّمَ الرَسولُ ( صلى الله عليه وآله ) مُنتَهياً مِنْ صَلاتِهِ قامَ خَطيباً فوقَ أقتابِ الإبلِ ، وَسَطَ تِلكَ الجمُوعِ ، رافعاً صَوتَهُ لإسماعِهِم :
( الحمدُ للهِ ونَسْتعينُهُ ونُؤمِنُ بهِ ونَتَوَكَّلُ عَلَيهِ ، ونَعوذُ باللهِ مِنْ شُرورِ أنفُسِنا ومِنْ سَيّئاتِ أعْمالِنا ، الذي لا هاديَ لِمَنْ ضَلَّ ، ولا مُضِلَّ لِمَنْ هَدى .

يا أيُّها الناسُ ، قدْ نَبَّأني اللطِيفُ الخبيرُ أنَّهُ لَنْ يُعَمَّرَ نَبيٌّ إلاّ مِثْلَ نصفَ عُمرُ الذي قَبْلَهُ ، وإنّي أُوشَكُ أنْ أُدعى فَأُجيبُ وإنّي مَسؤولٌ ، وأنْتُمْ مَسؤُولونَ ، فماذا أنْتُم قائلونَ ؟ ) .
قالوا : نشهدُ أنَّكَ قدْ بلَّغْتَ وجاهَدْتَ ونَصَحْتَ ، فَجزَاكَ اللهُ خيراً .
فقالَ ( صلى الله عليه وآله ) لَهُمْ : ( ألَسْتُمْ تشهَدُونَ أنْ لا إلهَ إلاّ اللهُ ، وأنَّ مُحمّداً عَبدُه ورسولُهُ ، وأنَّ جَنَّتَهُ حَقٌّ ، ونارَهُ حَقٌّ ، والموْتَ حَقٌّ ، والبَعثَ حَقٌّ ، وأنَّ الساعةَ آتِيةٌ لا رَيْبَ فِيها ، وأنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ في القُبورِ ) .
فقالوا : نشْهَدُ بِذلِكَ .
فقالَ ( صلى الله عليه وآله ) : ( اللهُمَّ اشهَدْ ، يا أيُّها الناسُ ! إنَّ اللهَ مَوْلايَ ، وأنا مَوْلى المُؤمِنينَ ، أوْلى بِهِمْ مِنْ أنْفُسِهِمْ ) .
وقَدْ كانَ الإمامُ عليٌّ ( عليه السلام ) إلى جانبِهِ ، فأخَذَ بِيَدِهِ ورَفَعَها عالِياً معَ يَدهِ ، حتّى شاهدَ الناسُ بَياضَ إبْطَيْهِما .
وعندها نادى ( صلى الله عليه وآله ) رافعاً صوتَهُ : ( فَمَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَهذا عَليٌّ مَوْلاهُ ، اللّهُمَّ والِ مَنْ والاهُ وعادِ مَنْ عاداهُ ، وأحِبَّ مَنْ أحَبَّهُ وابْغُضْ مَنْ أبْغَضَهُ ، وانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ واخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ ، وأدِرْ الحَقَّ معهُ حَيثُ دارَ .

يا أيُّها الناسُ ، إنّي فَرْطُكُمْ ، وإنَّكُمْ وارِدونَ عَلَيَّ الحوْضَ ، حَوْضٌ عَرْضُهُ ما بَيْنَ بصْرى إلى صَنْعاءَ ، فيهِ أقداحٌ بعدِدِ النُجومِ مِنَ الفِضَّةِ ، فَانْظُروا كيفَ تُخلِفُوني في الثَّقَلَينِ .
إنّي سائِلُكُمْ عَنْهُما حينَ ترِدونَ عَلَيَّ الحَوْضَ ، الثقلُ الأكْبرُ كتابُ اللهِ تعالى طَرَفٌ مِنهُ بيدِ اللهِ تعالى والطَرَفُ الآخَرُ بأيدِيكُمْ ، فاستَمسِكُوا بهِ لَنْ تَضِلُّوا ، والثَقلُ الآخَرُ عِتْرَتي أهلُ بَيتي .
وأنَّ اللطيفَ الخبيرَ نَبَّأني أنَّهُما لنْ يَفتَرِقا حتّى يَرِدا عَلَيَّ الحَوْضَ ، فلا تتقدَّموهُما فَتَهْلَكُوا ، ولا تُقَصِّروا عنْهُما فَتَهلَكُوا كذلِكَ ، ولِيُبَلِّغِ الشاهدُ مِنْكُمُ الغائبَ ) .
وشَهِدَ غَديرِ خُمٍ في تِلكَ السّاعَةِ عاطفةٌ خاصةٌ ، ونكهةٌ لا يُمكنُ أن تُنسى وقائِعُها عِنْدَ البَشَرِ ، فَقَدْ جَاءَ هَذا التَّبليغُ مُتزامِناً مَع عباراتِ الوَداعِ لِيبقى حيّاً في ضَميرِ الأمّةِ ووجدانِها وذاكرتِها .
فَتَقاطَرَ عَليهِ الناسُ يُبايعُونَهُ ، وجاءَ أبو بكرٍ وعمرُ بنُ الخطّابِ إلى رسولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) ، وقالا له : أهذا الأمرُ مِنكَ أمْ مِنَ اللهِ ؟! .
فقالَ النبيُّ ( صلى الله عليه وآله ) : ( وَهَلْ يَكونُ هذا عن غَيرِ أمرِ اللهِ ) ؟! .
فتقدَّمَ عُمَرُ بنُ الخطابِ مِنْ أميرِ المؤمنينَ عليٍّ ( عليه السلام ) وسَلَّمَ عليهِ قائلاً : السلامُ عليكَ يا أميرَ المؤمنينَ ، بَخٍ بَخٍ لَكَ يا عليُّ ، لَقَدْ أصبَحتَ مَولايَ ومَولى كلِّ مؤمنٍ ومُؤمنةٍ .
وكذلِكَ فَعلَ أبو بكرٍ مِثلَ ما فَعَلَ عمرُ بنُ الخطّابِ أمامَ تلكَ الجُموعِ المحتَشِدَةِ .
وَرغْمَ كلِّ الذي حَصَلَ في بيعةِ الغَديرِ المباركةِ مِنْ تأكيدٍ للرَّسولِ ( صلى الله عليه وآله ) على أنَّ الخِلافةَ لعليٍّ بنِ أبي طالبٍ ( عليه السلام ) كانتْ أمراً مِنَ اللهِ تَعالى ، لا علاقةَ للرَّسولِ في مَنْحِها رغبةً مِنْهُ لِصِلَةِ القرابَةِ بَيْنَهُ وبينَ عليٍّ بنِ أبي طالب ( عليه السلام ) ، إلاّ أنَّهُ يَعْلَمُ بِما سَيَحصَلُ بعدَ وفاتِهِ ( صلى الله عليه وآله ) .
وها هُوَ في إحدى الليالي يُنادي عليّاً وجماعةً مِنْ أصحابِهِ لِيَخرُجَ بِهمْ إلى البَقيعِ ، وَقَدْ كان يَشعُرُ بِتَدَهورِ حالتِهِ الصّحِيةِ ودِنوِ أجَلِهِ ( صلى الله عليه وآله ) ، فَوَقَفَ ( صلى الله عليه وآله ) بينَ القبورِ مُخاطباً موتى المؤمنين : ( السلامُ عليكُمْ يا أهلَ القبورِ ، لَيُهنِئَكُمْ ما أصبَحتُم بِهِ ممّا فيه الناسُ ، فَقَدْ أقبَلتِ الفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيلِ المُظلِمِ ، يَتْبَعُ أوّلُها آخرَها ) .
ثُمَّ استَغفَرَ لَهُم طويلاً ونَعى نفسَهُ لِمنْ كانَ حاضِراً مِنَ المؤمنينَ .
كانَ الرسولُ ( صلى الله عليه وآله ) وسلم قَدْ أمَرَ بتجهيزِ جَيشٍ وَضَعَ في عِدادِهِ شيوخَ المُهاجرينَ والأنصارِ أبا بكر وعمرَ بنَ الخطّابِ وعثمانَ بنَ عفّانِ وغَيرَهُم ، وَوَضَعَ لِقيادِة الجيشِ الصحابيَّ الشابَّ أُسامةَ بنَ زيدِ بنِ حارثةٍ الحارث ، وفي الوقتِ الذي كانَ الرسولُ ( صلى الله عليه وآله ) يُعاني مِنْ شِدَةِ مَرَضِهِ اعتَذَرَ عمرُ بنُ الخطّابِ وأبو بكرٍ وعثمانُ عن التِحاقِهِمْ بِجَيشِ أُسامةَ .
رغمَ أنَّ الرسولَ ( صلى الله عليه وآله ) كانَ قَد قالَ ساعتَها : ( لَعَنَ اللهُ مَنْ تَخلَّفَ عَنْ جيشِ أُسامةَ ) .
زاعمينَ بِذلِكَ أنَّهم لا يَستطِيعونَ مُفارَقةَ رسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) وَهُوَ في أشدِّ حالاتِ مَرَضِهِ .
ولكِنْ حِينَ سَقَطَ رأسُ الرسولِ ( صلى الله عليه وآله ) في حِجْرِ عليٍّ بنِ أبي طالب ( عليه السلام ) وَفاضَتْ نَفسُهُ الطاهرةُ خَرَجَ هؤلاءِ الثَّلاثَةُ تارِكِينَ أمرَ رسولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) ، وتَوجَّهُوا إلى سَقيفَةِ بني ساعِدَةَ لِعقدِ اجتماعٍ لِتَنصِيبِ مَنْ يُخلِفُ رسولَ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) في قِيادةِ المسلمينَ .
مُتجاهِلينَ بِذلِكَ كلامَ رسولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) وكلَّ ما حدَثَ في بيعةِ الغديرِ التي لَمْ يَمضِ عَليها وقتٌ طويلٌ ، وبِهذا يكونونَ قَد بَرهَنُوا على تَخلُّفِهِم عَنْ تِلكَ البيعةِ المبارَكةِ في غديرِ خُمٍّ .
وحَسبُنا كلامُ رسولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) مُخاطِباً عليّاً ( عليه السلام ) : ( يا عليُّ لا يَحبُّكَ إلاّ مؤمنٌ ، ولا يَبغُضُكَ إلاّ منافقٌ أو ابنُ زِنا ) .
وهُناكَ تَحتَ تِلكَ السقِيفَةِ المشؤُومَةِ بادَرَ عمرُ بنُ الخطّابِ إلى بيعةِ أبي بكرٍ بالخِلافَةِ ، وَطَلَبَ مِنَ الحاضرِينَ أنْ يُبايِعُوهُ .
وَقَدْ وَصَلَ النبأ إلى مَسامعِ الإمامِ عليٍّ ( عليه السلام ) مِن خِلالِ الضجيجِ الذي أحدَثَهُ خُروجُ القَومِ مِنَ السقِيفَةِ مُتَوَجّهِينَ إلى المْسجِدِ النبوَي ، وَهُمْ يَزِفُّونَ أبا بكرٍ كَزفافِ العروسِ في نفسِ الوَقتِ الذي كانَ فِيهِ الإمامُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ ( عليه السلام ) مشغولاً مَع بقيةِ أهلِ بيتِ النُبوةِ ( عليهم السلام ) بتَجهِيزِ الرسولِ الأكرمِ نبيِّنا محمدٍ ( صلى الله عليه وآله ) ، وتغسيلِهِ وتَكفِينِهِ والصلاةِ عليهِ ودَفنِه .
ولِعَدَمِ قناعةِ الإمامِ عليٍّ ( عليه السلام ) بِما يَجري فَقَدْ ظَلَّ مُؤمناً بحقِّهِ في الخِلافَةِ مُدافِعاً عن الإسلامِ والمسلِمِينَ ، مُتصدِياً لِحلِّ المُعضَلاتِ ، مُتحمِلاً الآلامِ ، صابِراً .
وبقي ( عليه السلام ) كذلك حتى خرجَ أشْقاها ليُخَضِّبَ كريمتهُ المقُدَّسَةَ ، وليَثكِلَ الأمّةَ الإسلاميةَ كلَّها بِهِ ، وكانَ ذلِكَ في لَيلَةِ التاسعَ عَشَرَ مِنْ شِهْرِ رمضانَ سنةَ ( 41 هـ )

 

 

 

 

 

 

 

 

شجون الزهراء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-2011, 06:26 AM   #2

 
الصورة الرمزية أبو الفضل

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : Aug 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 5,427

افتراضي رد: تنصيب الإمام علي ( عليه السلام ) أمر مِنَ اللهِ تعالى

كل عام وانتم بالف خير
نهنئ جميع الاخوة والاخوات في عيد الله الاكمبر
تحياتي

 

 

 

 

 

 

 

 

أبو الفضل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-11-2011, 08:53 PM   #3

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 702
تـاريخ التسجيـل : Nov 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : النجف
االمشاركات : 10

افتراضي رد: تنصيب الإمام علي ( عليه السلام ) أمر مِنَ اللهِ تعالى

مجهود مبارك
جزاك الله خير
عرض ادبي جميل

 

 

 

 

 

 

 

 

خادم ابو مصيفي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-11-2011, 11:20 PM   #4

 
الصورة الرمزية يا رحمة الباري

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 37
تـاريخ التسجيـل : Nov 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : بغداد
االمشاركات : 3,421

افتراضي رد: تنصيب الإمام علي ( عليه السلام ) أمر مِنَ اللهِ تعالى

بارك الله فيكم على هذا المجهود القيم

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
يا رحمة الباري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-11-2011, 07:57 PM   #5

 
الصورة الرمزية ابو احمد

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 35
تـاريخ التسجيـل : Nov 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 2,901

افتراضي رد: تنصيب الإمام علي ( عليه السلام ) أمر مِنَ اللهِ تعالى

كل عام وانتم بالف خير
جميل جدا ما صاغت اناملك الكريمة
شكرا لكِ وجزاكِ الله خير

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
ابو احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



All times are GMT +3. The time now is 02:13 AM.


Powered by vBulletin 3.8.7 © 2000 - 2024