|
منبر القصة القصيرة قصص هادفة ومواضيع القصة القصيرة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
13-11-2011, 12:31 AM | #1 |
|
تنصيب الإمام علي ( عليه السلام ) أمر مِنَ اللهِ تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كانَ يَجلِسُ بَيْنَ أربَعِينَ رَجُلاً مِنْ رِجَالِ العَشِيرَةِ يَستَمِعُونَ إلى كَلامِ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) بَعْدَ أنْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ الآيَةُ الشَرِيفَةُ : ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) الشعراء : 214 . حِينَ كَانَ يَقُولُ لَهُمْ ( صلى الله عليه وآله ) : ( إنِّي أدْعُوكُمْ إلى كَلِمَتَينِ خَفيفَتَينِ على اللِّسانِ ، ثَقِيلَتَيْنِ في المِيزانِ ، تَمْلِكُونَ بِهِما العَرَبَ وَالعَجَمَ ، وَتَنْقادُ لَكُمُ الاَمَمُ ، وتَدْخُلُونَ بِهِمِا الجنَّةَ ، وتَنْجَونَ بِهِما مِنَ النّارِ ، وهُمَا شَهادَةُ أنْ لا إلهَ إلاّ اللهُ ، وأنّي رَسُولُ اللهِ . فَمَنْ يُجِيبَني إلى هذا الأمرِ ويُؤازِرُني عَلَيهِ وعَلى القِيامِ بِهِ يكونُ أخِي وَوَصِيّي ووزِيرِي وَوارِثي وخَليفَتي مِنْ بَعْدِي ) . وما زالَ الرسولُ ( صلى الله عليه وآله ) يُكرِّرُ كَلامَهُ فَلَمْ يَسْمَعَ جَواباً مِنْ أحدٍ سِوى ذلِكَ الذِي كانَ يَجْلِسُ بَيْنَهُمْ ، وَرَغْمَ أنَّهُ كانَ أصْغَرُ الحَاضِرِينَ سِنّاً . إلاّ أنَّهُ كُلّما سَمِعَ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) يَنهَضُ واقِفاً وبِكُلِّ ثِقَةٍ يَقُولُها : ( أنَا يَا رَسُولَ اللهِ أُؤازِرُكَ عَلى هذا الأمْرِ ) . فَيَأمُرُهُ الرَّسُولُ ( صلى الله عليه وآله ) : ( اِجْلِسْ ) ، ثُمَّ يُعِيدُ ( صلى الله عليه وآله ) عَلى الحَاضِرِينَ قَوْلَهُ . يا مَوْلايَ يا رَسُولَ اللهِ ، هَلْ تَنْتَظِرُ غَيْرَ هذا الفَتى وأنْتَ أعْلَمُ الناسِ بِهِ ؟! أليْسَ هُوَ الّذي اختَرْتَهُ مِنْ بَيْنَ اخْوَتِهِ لِيَعِيشَ مَعَكَ وَلَمْ يَكُنْ عُمْرُهُ آنَذاك سِوى سِتِ سَنَواتٍ ؟! . فَجَعَلْتَهُ يَنْشَأُ في رِعايَتِكَ ، ويَشْرَبُ مِنْ يَنابِيعِ عِلْمِكَ ، كُنْتَ تَضُمُّهُ إلى صَدْرِكَ ، وتَمْضَغُ الطَعامَ ثُمَّ تَضَعُهُ في فَمِهِ . مَنْ غَيْرُهُ كانَ يَعْلَمُ بِكَ وأنْتَ تُجاوِرُ في كلِّ سنة غارَ حِراء فَيَراكَ ولا يَراكَ غَيْرُهُ ؟! . وهَلْ هُناكَ غَيْرُ هذا الفَتى الّذي شَمَّ رائِحَةَ النُّبُوَّةِ ، وَرَأى نُورَ الوَحْي والرِسالَةِ مُنْذُ نُعُومَةِ أظْفارِهِ ؟! وَأخَذَ العِلْمَ مِنْكَ حَتّى بادَرَكَ في يَوْمٍ سائِلاً إيّاكَ بَعْدَ أنْ سَمِعَ رَنَّةً تنْسابُ إلى مَسامِعِهِ : ( يا رَسُولَ اللهِ ، ما هذِهِ الرَنَّةُ ؟! ) . فَقُلْتَ لَهُ : ( هذا الشَيْطانُ قَدْ آيسَ مِنْ عِبادَتِهِ ، إنَّكَ تَسْمَعُ ما أسْمَعُ ، وتَرى ما أرى ، إلاّ أنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ وَلكِنَّكَ وَزِيرٌ ) . وَهَلْ غَيْرُهُ يا رَسُولَ اللهِ وَقَدْ شَهِدَ الحالةَ الرُوحِيّةَ الّتي كُنْتَ تَمُرُّ فِيها خِلالَ اختِلائِكَ في غارِ حِراءِ ، حَتّى أيْقَنَ بِكُلِّ شَيءٍ فَلَمْ يَحْتَجْ أنْ تَدْعُوهُ إلى الإسلامِ ؟! . وَهُوَ عليُّ بنُ أبي طالِبٍ ( عليه السلام ) الذي لَمْ تُصِبْهُ الجاهِلِيَّةُ بِشَيءٍ مِنْها ، ولَم يَتَفاعَلْ مَعَها ، فَقَدْ كانَ مُطَّلِعاً على أمْرِ دَعوَتِكَ ومنهجِ رِسالَتِكَ . فَأعلنَ تَصدِيقَهُ بِكَ وأيقنَ حتّى قالَ : ( عَلَّمَني رسولُ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) ألفَ بابٍ مِنَ العلمِ ، يُفتَحُ لي مِنْ كُلِّ بابٍ ألفُ بابٍ ) . وأخيراً قالَها رسولُ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) لِعليٍّ ( عليه السلام ) : ( اجلِسْ فَأنتَ أخي ، ووصيِّي ووزيرِي ، ووارِثي وخليفَتِي مِنْ بَعدِي ) . فنهضَ القومُ يُخاطِبونَ أبا طالبٍ ساخِرينَ : لِيهُنِئَكَ اليومُ أنْ دخلتَ في دينِ ابنِ أخيكَ ، فقدْ جَعلَ ابنَكَ أميراً عَليكَ . وَهَل غيرُ عليٍّ بنِ أبي طالبٍ ( عليه السلام ) الفتى الذي كَرّمَ اللهُ تعالى وجْهَهُ بِما لَمْ يُكرِّمْ بِهِ غَيرَهُ حتّى مِنَ الأنبياءِ ، وذلكَ باستضافَةِ أُمّهِ فاطمةَ بنتِ أسد في بيتهِ الشريفِ ، فدخَلَتْ لِتَضَعَهُ هُناكَ فَوَلَدتهُ حَسَنَ الوجهِ مَسروراً نظيفاً . وأطعمَ اللهُ أمَّهُ مِنْ ثِمارِ الجنَّةِ وَهيَ ما تزالُ في الدُّنيا ، وناداها : يا فاطمةُ سَمِّيهِ عليّاً إنّي شَقَقتُ اسْمَهُ مِنِ اسمي ، وأدّبتُهُ بأدبي ، وَوَقّفتُهُ على غامِضِ عِلمي ، فَطُوبى لِمَنْ أحَبَّهُ وأطاعَهُ ، وَوَيلٌ لمنْ أبغَضَهُ وَعَصاهُ ، وكلُّ ما جَعَلَهُ اللهُ تعالى من أمرِ عليٍّ ( عليه السلام ) منذُ لَحظةِ وِلادتِهِ في بيتِهِ الشَّريفِ وإلى لَحظةِ دعوتِكَ يا رسولَ اللهِ ما كانَ إلاّ أن يَكونَ هو خليفَتك ووزيرَك . وتَمُرُّ الأعوامُ متعاقبةً حتّى جاءَ ذلِكَ اليومُ الموْعودُ ، ويا لَهُ مِنْ يومٍ ، فكانَ الجوُّ شديدَ الحرارةِ في ظهيرَةِ ذلِكَ اليومِ ، وكانَتْ آلافُ القوافِلِ عائدةً مِنَ الحَجِ مَعَ رسولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) ، وكانَتْ أقْدامُهُمْ تكتوَي مِنْ شدَّةِ حرارةِ الرّمالِ ، وتَلفَحُ وجُوهَهُمْ سمومُ الصحراءِ تحتَ لهبِ الشمسِ . والأكثرُ منْ هذا هوَ ما كانَ يَختَلِجُ في صدورِهِم ، فقدْ لَمَّحَ لَهُمْ رَسولُ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) أثناءَ مناسكِ الحَجِّ بما جَعَلَهُمْ يشعرُونَ بأنَّ هذهِ الحَجَّةُ هيَ آخرَ حَجّةٍ لهُ ( صلى الله عليه وآله ) . فواصَلَتِ القَوافِلُ سيرَها حتّى وَصَلَتْ إلى مكانٍ تَتفرَّعُ منهُ طُرُقُ بُلدانِ الحُجّاجِ ، والّذي يُسمّى بغَديرِ خُمٍّ . وعندها سَمِعَ الناسُ صَوتاً يُناديهِم ويدعُوهُم إلى التَوَقُّفِ ، فَنَظَرُوا خَلْفَهُم مُتسائِلينَ عَمّا يجري : مَا الّذي حَصَلَ في هذا الوقتِ وفي هذهِ الظُروفِ ؟! فهناكَ أشخاصٌ يَعْمَلونَ على تَهْيئَةِ بَعْضِ الخِيامِ لِينصِبوُها في أماكِنَ مُعَيَّنَةٍ . إنَّهُمْ يَتساءَلُونَ ورُبَّما في تِلكَ اللحظَةِ لا يَعلَمون أنَّ رسولَ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) لم يَفعلْ ذلِكَ رَغْبَةً مِنْهُ ، وإنَّما بأمرٍ مِنَ اللهِ عزَّ وجلَّ . فنَزَلَ بهِ الأمينُ جبرائيلُ مُخاطِباً بهِ رسولَ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) المائدة : 67 . ونُودِيَ لصلاةِ الظُهرِ ، فَصَلّى الرَسولُ ( صلى الله عليه وآله ) بِتِلْكَ الجمُوعِ الغَفيرَةِ وفي ذلِكَ اليومِ الذي كانَ يضَعُ فيهِ الرَجُلُ بعضَ رِدائِهِ فَوْقَ رَأسِهِ وبَعْضَهُ تَحْتَ قَدَمَيْهِ مِنْ شِدَّةِ الرَمضاءِ . ولمّا سَلَّمَ الرَسولُ ( صلى الله عليه وآله ) مُنتَهياً مِنْ صَلاتِهِ قامَ خَطيباً فوقَ أقتابِ الإبلِ ، وَسَطَ تِلكَ الجمُوعِ ، رافعاً صَوتَهُ لإسماعِهِم : ( الحمدُ للهِ ونَسْتعينُهُ ونُؤمِنُ بهِ ونَتَوَكَّلُ عَلَيهِ ، ونَعوذُ باللهِ مِنْ شُرورِ أنفُسِنا ومِنْ سَيّئاتِ أعْمالِنا ، الذي لا هاديَ لِمَنْ ضَلَّ ، ولا مُضِلَّ لِمَنْ هَدى . يا أيُّها الناسُ ، قدْ نَبَّأني اللطِيفُ الخبيرُ أنَّهُ لَنْ يُعَمَّرَ نَبيٌّ إلاّ مِثْلَ نصفَ عُمرُ الذي قَبْلَهُ ، وإنّي أُوشَكُ أنْ أُدعى فَأُجيبُ وإنّي مَسؤولٌ ، وأنْتُمْ مَسؤُولونَ ، فماذا أنْتُم قائلونَ ؟ ) . قالوا : نشهدُ أنَّكَ قدْ بلَّغْتَ وجاهَدْتَ ونَصَحْتَ ، فَجزَاكَ اللهُ خيراً . فقالَ ( صلى الله عليه وآله ) لَهُمْ : ( ألَسْتُمْ تشهَدُونَ أنْ لا إلهَ إلاّ اللهُ ، وأنَّ مُحمّداً عَبدُه ورسولُهُ ، وأنَّ جَنَّتَهُ حَقٌّ ، ونارَهُ حَقٌّ ، والموْتَ حَقٌّ ، والبَعثَ حَقٌّ ، وأنَّ الساعةَ آتِيةٌ لا رَيْبَ فِيها ، وأنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ في القُبورِ ) . فقالوا : نشْهَدُ بِذلِكَ . فقالَ ( صلى الله عليه وآله ) : ( اللهُمَّ اشهَدْ ، يا أيُّها الناسُ ! إنَّ اللهَ مَوْلايَ ، وأنا مَوْلى المُؤمِنينَ ، أوْلى بِهِمْ مِنْ أنْفُسِهِمْ ) . وقَدْ كانَ الإمامُ عليٌّ ( عليه السلام ) إلى جانبِهِ ، فأخَذَ بِيَدِهِ ورَفَعَها عالِياً معَ يَدهِ ، حتّى شاهدَ الناسُ بَياضَ إبْطَيْهِما . وعندها نادى ( صلى الله عليه وآله ) رافعاً صوتَهُ : ( فَمَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَهذا عَليٌّ مَوْلاهُ ، اللّهُمَّ والِ مَنْ والاهُ وعادِ مَنْ عاداهُ ، وأحِبَّ مَنْ أحَبَّهُ وابْغُضْ مَنْ أبْغَضَهُ ، وانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ واخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ ، وأدِرْ الحَقَّ معهُ حَيثُ دارَ . يا أيُّها الناسُ ، إنّي فَرْطُكُمْ ، وإنَّكُمْ وارِدونَ عَلَيَّ الحوْضَ ، حَوْضٌ عَرْضُهُ ما بَيْنَ بصْرى إلى صَنْعاءَ ، فيهِ أقداحٌ بعدِدِ النُجومِ مِنَ الفِضَّةِ ، فَانْظُروا كيفَ تُخلِفُوني في الثَّقَلَينِ . إنّي سائِلُكُمْ عَنْهُما حينَ ترِدونَ عَلَيَّ الحَوْضَ ، الثقلُ الأكْبرُ كتابُ اللهِ تعالى طَرَفٌ مِنهُ بيدِ اللهِ تعالى والطَرَفُ الآخَرُ بأيدِيكُمْ ، فاستَمسِكُوا بهِ لَنْ تَضِلُّوا ، والثَقلُ الآخَرُ عِتْرَتي أهلُ بَيتي . وأنَّ اللطيفَ الخبيرَ نَبَّأني أنَّهُما لنْ يَفتَرِقا حتّى يَرِدا عَلَيَّ الحَوْضَ ، فلا تتقدَّموهُما فَتَهْلَكُوا ، ولا تُقَصِّروا عنْهُما فَتَهلَكُوا كذلِكَ ، ولِيُبَلِّغِ الشاهدُ مِنْكُمُ الغائبَ ) . وشَهِدَ غَديرِ خُمٍ في تِلكَ السّاعَةِ عاطفةٌ خاصةٌ ، ونكهةٌ لا يُمكنُ أن تُنسى وقائِعُها عِنْدَ البَشَرِ ، فَقَدْ جَاءَ هَذا التَّبليغُ مُتزامِناً مَع عباراتِ الوَداعِ لِيبقى حيّاً في ضَميرِ الأمّةِ ووجدانِها وذاكرتِها . فَتَقاطَرَ عَليهِ الناسُ يُبايعُونَهُ ، وجاءَ أبو بكرٍ وعمرُ بنُ الخطّابِ إلى رسولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) ، وقالا له : أهذا الأمرُ مِنكَ أمْ مِنَ اللهِ ؟! . فقالَ النبيُّ ( صلى الله عليه وآله ) : ( وَهَلْ يَكونُ هذا عن غَيرِ أمرِ اللهِ ) ؟! . فتقدَّمَ عُمَرُ بنُ الخطابِ مِنْ أميرِ المؤمنينَ عليٍّ ( عليه السلام ) وسَلَّمَ عليهِ قائلاً : السلامُ عليكَ يا أميرَ المؤمنينَ ، بَخٍ بَخٍ لَكَ يا عليُّ ، لَقَدْ أصبَحتَ مَولايَ ومَولى كلِّ مؤمنٍ ومُؤمنةٍ . وكذلِكَ فَعلَ أبو بكرٍ مِثلَ ما فَعَلَ عمرُ بنُ الخطّابِ أمامَ تلكَ الجُموعِ المحتَشِدَةِ . وَرغْمَ كلِّ الذي حَصَلَ في بيعةِ الغَديرِ المباركةِ مِنْ تأكيدٍ للرَّسولِ ( صلى الله عليه وآله ) على أنَّ الخِلافةَ لعليٍّ بنِ أبي طالبٍ ( عليه السلام ) كانتْ أمراً مِنَ اللهِ تَعالى ، لا علاقةَ للرَّسولِ في مَنْحِها رغبةً مِنْهُ لِصِلَةِ القرابَةِ بَيْنَهُ وبينَ عليٍّ بنِ أبي طالب ( عليه السلام ) ، إلاّ أنَّهُ يَعْلَمُ بِما سَيَحصَلُ بعدَ وفاتِهِ ( صلى الله عليه وآله ) . وها هُوَ في إحدى الليالي يُنادي عليّاً وجماعةً مِنْ أصحابِهِ لِيَخرُجَ بِهمْ إلى البَقيعِ ، وَقَدْ كان يَشعُرُ بِتَدَهورِ حالتِهِ الصّحِيةِ ودِنوِ أجَلِهِ ( صلى الله عليه وآله ) ، فَوَقَفَ ( صلى الله عليه وآله ) بينَ القبورِ مُخاطباً موتى المؤمنين : ( السلامُ عليكُمْ يا أهلَ القبورِ ، لَيُهنِئَكُمْ ما أصبَحتُم بِهِ ممّا فيه الناسُ ، فَقَدْ أقبَلتِ الفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيلِ المُظلِمِ ، يَتْبَعُ أوّلُها آخرَها ) . ثُمَّ استَغفَرَ لَهُم طويلاً ونَعى نفسَهُ لِمنْ كانَ حاضِراً مِنَ المؤمنينَ . كانَ الرسولُ ( صلى الله عليه وآله ) وسلم قَدْ أمَرَ بتجهيزِ جَيشٍ وَضَعَ في عِدادِهِ شيوخَ المُهاجرينَ والأنصارِ أبا بكر وعمرَ بنَ الخطّابِ وعثمانَ بنَ عفّانِ وغَيرَهُم ، وَوَضَعَ لِقيادِة الجيشِ الصحابيَّ الشابَّ أُسامةَ بنَ زيدِ بنِ حارثةٍ الحارث ، وفي الوقتِ الذي كانَ الرسولُ ( صلى الله عليه وآله ) يُعاني مِنْ شِدَةِ مَرَضِهِ اعتَذَرَ عمرُ بنُ الخطّابِ وأبو بكرٍ وعثمانُ عن التِحاقِهِمْ بِجَيشِ أُسامةَ . رغمَ أنَّ الرسولَ ( صلى الله عليه وآله ) كانَ قَد قالَ ساعتَها : ( لَعَنَ اللهُ مَنْ تَخلَّفَ عَنْ جيشِ أُسامةَ ) . زاعمينَ بِذلِكَ أنَّهم لا يَستطِيعونَ مُفارَقةَ رسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) وَهُوَ في أشدِّ حالاتِ مَرَضِهِ . ولكِنْ حِينَ سَقَطَ رأسُ الرسولِ ( صلى الله عليه وآله ) في حِجْرِ عليٍّ بنِ أبي طالب ( عليه السلام ) وَفاضَتْ نَفسُهُ الطاهرةُ خَرَجَ هؤلاءِ الثَّلاثَةُ تارِكِينَ أمرَ رسولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) ، وتَوجَّهُوا إلى سَقيفَةِ بني ساعِدَةَ لِعقدِ اجتماعٍ لِتَنصِيبِ مَنْ يُخلِفُ رسولَ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) في قِيادةِ المسلمينَ . مُتجاهِلينَ بِذلِكَ كلامَ رسولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) وكلَّ ما حدَثَ في بيعةِ الغديرِ التي لَمْ يَمضِ عَليها وقتٌ طويلٌ ، وبِهذا يكونونَ قَد بَرهَنُوا على تَخلُّفِهِم عَنْ تِلكَ البيعةِ المبارَكةِ في غديرِ خُمٍّ . وحَسبُنا كلامُ رسولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) مُخاطِباً عليّاً ( عليه السلام ) : ( يا عليُّ لا يَحبُّكَ إلاّ مؤمنٌ ، ولا يَبغُضُكَ إلاّ منافقٌ أو ابنُ زِنا ) . وهُناكَ تَحتَ تِلكَ السقِيفَةِ المشؤُومَةِ بادَرَ عمرُ بنُ الخطّابِ إلى بيعةِ أبي بكرٍ بالخِلافَةِ ، وَطَلَبَ مِنَ الحاضرِينَ أنْ يُبايِعُوهُ . وَقَدْ وَصَلَ النبأ إلى مَسامعِ الإمامِ عليٍّ ( عليه السلام ) مِن خِلالِ الضجيجِ الذي أحدَثَهُ خُروجُ القَومِ مِنَ السقِيفَةِ مُتَوَجّهِينَ إلى المْسجِدِ النبوَي ، وَهُمْ يَزِفُّونَ أبا بكرٍ كَزفافِ العروسِ في نفسِ الوَقتِ الذي كانَ فِيهِ الإمامُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ ( عليه السلام ) مشغولاً مَع بقيةِ أهلِ بيتِ النُبوةِ ( عليهم السلام ) بتَجهِيزِ الرسولِ الأكرمِ نبيِّنا محمدٍ ( صلى الله عليه وآله ) ، وتغسيلِهِ وتَكفِينِهِ والصلاةِ عليهِ ودَفنِه . ولِعَدَمِ قناعةِ الإمامِ عليٍّ ( عليه السلام ) بِما يَجري فَقَدْ ظَلَّ مُؤمناً بحقِّهِ في الخِلافَةِ مُدافِعاً عن الإسلامِ والمسلِمِينَ ، مُتصدِياً لِحلِّ المُعضَلاتِ ، مُتحمِلاً الآلامِ ، صابِراً . وبقي ( عليه السلام ) كذلك حتى خرجَ أشْقاها ليُخَضِّبَ كريمتهُ المقُدَّسَةَ ، وليَثكِلَ الأمّةَ الإسلاميةَ كلَّها بِهِ ، وكانَ ذلِكَ في لَيلَةِ التاسعَ عَشَرَ مِنْ شِهْرِ رمضانَ سنةَ ( 41 هـ )
|
13-11-2011, 06:26 AM | #2 |
|
رد: تنصيب الإمام علي ( عليه السلام ) أمر مِنَ اللهِ تعالى
نهنئ جميع الاخوة والاخوات في عيد الله الاكمبر تحياتي
|
16-11-2011, 08:53 PM | #3 |
|
رد: تنصيب الإمام علي ( عليه السلام ) أمر مِنَ اللهِ تعالى
جزاك الله خير عرض ادبي جميل
|
16-11-2011, 11:20 PM | #4 |
|
رد: تنصيب الإمام علي ( عليه السلام ) أمر مِنَ اللهِ تعالى
|
17-11-2011, 07:57 PM | #5 |
|
رد: تنصيب الإمام علي ( عليه السلام ) أمر مِنَ اللهِ تعالى
جميل جدا ما صاغت اناملك الكريمة شكرا لكِ وجزاكِ الله خير
|
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|