العودة   منتدى جامع الائمة الثقافي > القسم الأدبي > منبر القصة القصيرة

منبر القصة القصيرة قصص هادفة ومواضيع القصة القصيرة

 
 
Bookmark and Share أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 22-10-2011, 12:51 PM   #1

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 583
تـاريخ التسجيـل : Oct 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : لاداعي
االمشاركات : 28

افتراضي عيون ميدوزا

o
o عيون ميدوزا

من وحي السيد الشهيد (قدس سره الشريف)

قصة ،قصيرة

للكاتبة انتصار السراي

لم ينظر "أياد عبوة" (كما يحلو لرفاقه تسميته) إلى كفنه الذي هيأه ذات خير على أنه قطعة قماش تكونت من نسيج ، لكنه قضية تحمل عبق ليث أبيض وقف طودا من فولاذ أيماني لا يناله إلا من نال مراتب عليا عند ربه إذ لينله صعوبة مهمته ويسر له أمر ما شاء ان يكون للصالحين من النعم.

رجل كوفان طلعلى الإسلام بعد ضيم ليصحح مسار أقرانه من الماضين ، والمعاصرين له حين ركنوا لدعةالتقليدية وسكونها في كل شيء حتى أتت على أخضر المجتمع ويابسه.

سنوات بعدرحيل جسد السيد العارف ( قدس سره) بقي أياد يناجي كفنه الذي خبأه في أوردة قلبه مسائلا إياه متى تضمني بين خيوطك ؟ ومتى تتلى علي صلواة الشهادة مبتغاي؟!

لم تكن فاطمة ، وآمنة أبنتا أياد بعيدتين عن حلم أبيهما بنيل الشهادة بالرغم من صغرسنهما فقد رباهن على ملحمة محمد الصدر منذ أبصرت عيونهن النور .
هكذا دأبه منذان رأى عصافير الوطن غادرت اعشاشها إلى لا رجعة. أياد من عشاق الليل .. الليل يطرق أبوابه على قلوب الصابرين ، يتخذونه جملا لأحياء أبدانهم بمتعة مناجاة الله ، حيث يلتقي فيه العاشق والمعشوق سرا بعيدا عن أعين النائمين ، الغافلين ، والباحثين عن اشلاء ممزقة يستلذون بها مرمية على جدران التأريخ وسط قهقهات المحتل ، وعبثيةالعفالقة ومن لبس الكفر وشاحا ليخفي قذارته ويضفي علقما على ريق الناصعين ،الناسكين.
تعود دائما عند رجوعه الى منزله ان يجد حبيبتيه فاطمة وآمنة قداستسلمتا للنوم بعد طول انتظار قضينها ما بين ترقب الباب وعقارب الساعة. احتضنهما وهما نائمتين بشغف وكأنه فارقهن لسنوات طوال.

ذات ليلة رقد فيها بعد واجب نهاري قضاه برفقة أقرانه أعضاء الوطن المرابضون على قدسية العقيدة العلوية كي لاتتقدم سرب عجلات المحتلين وقناصة أذنابهم،.
ما ان استسلم جفناه للنوم ، حتى سمعها.. تلك النغمة النشاز التي خبرها جيدا ، فز مسرعا إلى كفنه ناجاه ، قبله ، وضعه على ساعده وهو يشمه قال له : أمض برفقتي فعسى ان أتشرف بك الليلة ؟ فتح الباب على عجل بعد ان طبع قبلات على وجنات فلذاته ، ودع زوجته موصيها مثل كل مرة ان تكون كما سيدة الطف عقيلة الطالبيين (عليها السلام ) عندما هزمت النائبات ، وتسيدت الموقف وذلت الجبناء ، وتصاغر في حضرتها آمراء الهزيمة مسافة ليست قليلة تفصل بيته عن رحى المعركة وهو يعدو إليها مسرعا يسبقه قلبه المفعم بحب الوطن والولي ( قدس) فهما لديه مفردتان لعنوان واحد لا فرق ان يكون الوطن هو الولي أو الولي هو الوطن .

في لحظة صمت حاول فيها التقاط أنفاسه التي بعثرتها خطاه المسرعة صوب الحق رمى بكفنه على كتفيه ودعا بما تعود به بعد ان يطلب من الله جلا وعلا .. الشهادة الشهادة يا أمير المؤمنين ، الشهادة الشهادة يامحمد الصدر.
رآها تلك الطائرة التي تحوم في السماء كما رأى مدرعات العدو وهي تبحث وتتشظى عيونها كأنها عيون ميدوزا تحجر كل قلب بالضغينة ( ميدوزا: حيوان خرافي في أحد الأساطير اليونانية ) عن رجال سمر تعرف ملامحهم فهم من كسر أنوف الطواغيت وسطوة آلياتهم المتقنة صناعة.

بعد جهد ليس بيسير على من أصبح مطلوبا للمحتل بتهمةالحفاظ على كرامةالوطن و العرض ، والمال لذا هو خارج عن قانون المحتل وعملائه.
وصل أياد إلى رفاقه بعد دقائق قضوها في مباغتة العدو كي يتمكن من عبور الشارع الذي يفصله عنهم ، وما ان أستقر به الحال حتى تشاور معهم حول خطة للهجوم كي لا يسمح لدخول تلك المدرعات بالتقدم إلى أروقة المدينة وأيقاظ الطفولة الحالمة بغد مشرق.

توزع الرفاق وكل قد عرف مهمته التي انيطت به ، وما هي إلا ترنيمة أبطال من دعاء ، ونداء إلى الباري بتسديد خطاهم حتى زغرد رصاص الأبطال مثل حمم بركانية صبت على الكافرين من سقر ، بدأت مدرعات العدو بالتراجع قليلا ، ربما لإعادة هيكلة تقدمها باتجاه الأبطال .. وبإشارة من أياد تعنى التوقف حتى يستتب لهم الأمر ما تنوي عليه تلك المدرعات وفي الوقت ذاته يحافظون على الذخيرالفقيرة التي بحوزتهم عاش الأبطال الحذر حتى في همساتهم مع بعضهم ، ومع ذلك سرق أياد لحظة من سكون العاصفة ليقبل رفيق دربه عباس مهنئاً له زواجه الذي لم يمض عليه سوى سبعة أيام وبعدها ترك عروسه والتحق برفاقه وهم يتسابقون لدحر العدو.

ترقب وصمت كانا لغة الأحبة وهم يشتاقون للمنايا اشتياق الأرض البوار إلى الماء
وبينما هم على العهد باقون إذ حلقت من جديد طائرات المحتلين جاءت لمساندة مدرعاتهم وآلياتهم الأخرى فالفرق بين سلاحهم المحتل وسلاح الأبطال قوته التقنية الخارقة ، لكن سلاح النجباء كان وقعه أشد ، وأمضى... هو الأيمان بالله وحسن التوكل عليه.

حمى الوطيس ولا ناصر غير الله وأبطال محمد الصدر (قدس سره) يرفعون شعار الله أكبر .. الله أكبر .
جرح رحمن ، وفقد واثق وسط دخان المعركة ورفاقه لا يعلمون ما حل به أي ان كان ميتا أو جريحا مثل رحمن الذي نقل إلى أحد البيوت لإسعافه بما تيسر من الضماد والتداوي.

لم يتحمل كريم ( أبو مقتدى ) سطوة الجبناء عليهم حتى زأر كالأسد وتقدم نحو أحدى المدرعات ليواجهها بجسده الشريف ليفجرها مهللا ، ومكبرا وقد أشرئبت له أعناق الفريقين لبسالته ، وما بين الحزن على من رحل ، وبين الفرح في نيل الشهادة ارتفعت أصوات التكبير مجددا،.. الله أكبر .. الله أكبر

بقي الرفاق صامدين بالرغم من قسوة تلك الآليات ووحشيتها كان أياد عبوة صلبا ، لم يخش ما كانوا عليه من ضيق ، المهم عنده ورفاقه ان تبيض وجوهم عند الحجة المنتظر ( عجل الله فرجه الشريف) ، تواصل القتال بضراوة وقد سجلوا بطولة قل نظيرها ، هنا تراجعت آليات العدو زاحفة بسرعة نحو الخلف لتنجو بما بقي من عدة ، وعدد الجبناء لديها حتى تقدمت مجموعة من الأبطال باتجاههم ليسومونهم سوء العذاب ، فيما بقي أياد عبوة ومن برفقته يقدمون لهم المساندة حيث كانوا خلف معدات العدو المحترقة لكن طائرات العدو كانت قد كشفت مكان أياد وبعض من كان برفقته ومن بينهم شقيقه أديب حتى بعثت نيرانها الحاقدة مصوبة صواريخها إلى قلوب المحبين قبل ان تصل إلى أجساد الأبطال ، تصاعد الدخان إلى عنان السماء يرفع إلى الله شكوى المظلومين في عراق الحسين ( عليه السلام ) حينها أستطاع أديب أن ينجو بنفسه إلى مكان قريب من وقوع الصاروخ وقد شعر بضيق في التنفس وآلم على تلك المباغتة من طائرات العدو ، أراد أن يعرف ما حل برفاقه وشقيقه أياد لكنه لم يستطع التحرك بسبب تلك الطائرات فهي ما زالت تترصد النجباء وتراقب تحركاتهم.

بقي أديب في حيرة من آمره يسأل الله حسن العاقبة وان يلهمه الصبر إذا ما حل البلاء برفاقه أو بشقيقه أياد وهو على تلك الحالة حتى انكشفت خيوط الصباح حيث ذهب مسرعا ليبلغ ِشقيقهم الأكبر زياد حتى تسارع الاثنان وبصحبتهم المجاهدين الذين كانوا منتشرين في كل مكان ليبحثوا عن أياد ورفاقه وسط أكوام الركام التي خلفتها صواريخ الطائرات.

أستيقظت فاطمة أبنة أياد مفزوعة من نومها وهي تصيح بابا مات طمنتها أمها بأنه حلم وأن أبيها بخير ، وسيرجع إلى البيت قريبا.

ما زال الشباب يبحثون عن الأبطال لمعرفة مصيرهم ، عندها سمعوا صراخ أديب وهو يصيح الله أكبر أستشهد أياد، ناداه شقيقهم الأكبر زياد فرحا ً( فدوة لمحمد الصدر)
قصة للاخت انتصار السراي


.

 

 

 

 

 

 

 

 


التعديل الأخير تم بواسطة أبو الفضل ; 22-10-2011 الساعة 08:38 PM
رضوان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



All times are GMT +3. The time now is 10:07 AM.


Powered by vBulletin 3.8.7 © 2000 - 2025