نصائح مهمة لائمة الجمع(لسماحة السيّد القائد مقتدى الصدر بتاريخ 21-12-2010)

الملف الشخصي · 22-12-2010, 03:19 PM

وجه سماحة السيد القائد مقتدى الصدر (دام عزه) نصائح مهمة تقوّم إمام الجمعة وسيرته الخطابية التي منها صلاح واصلاح المجتمع جاء ذلك في كلمة لسماحته القاها سماحة الشيخ ماجد الحارثي في الاجتماع الدوري الذي اقامه مكتب السيد الشهيد الصدر (قدس) في النجف الاشرف لائمة الجمع عند المرقد الطاهر للسيد الشهيد الصدر قدس سره الشريف واليكم نص الكلمة المتضمنة لتلك النصائح .....

بسم الله الرحمن الرحيم
سلام من الله عليكم وبركاته ورحماته

مما لا محيص عنه، بل هو امانة في عنقي، ان اقدم الشكر الجزيل والوفاء العظيم لوقفتكم على منابركم لتصدح حناجركم بكل ما هو جميل وبكل ما هو صلاح واصلاح للمجتمع كافة، فانتم تعرضون انفسكم للخطر الامني والاجتماعي من اجل اعلاء كلمة الحق ومن اجل نصرة المذهب. فجزاكم الله خير جزاء المحسنين على وقفتكم هذه وعلى استمراركم على صلاة الجمعة، وان دل ذلك على شيء فانه يدل على مدى اخلاصكم لدينكم ومذهبكم ومرجعكم وحوزتكم ونسال الله ان تستمروا على ذلك مهما كانت الظروف.
لكن احبتي، ان الاستمرار على ذلك الخط والنهج، بل والاستمرار على صلاة الجمعة يحتاج الى مقومات، كأحتياج النبتة الى السقي والري، لكي تكبر وتترعرع وتنمو وتنتج وتثمر لتنشر عطرها ونتاجها وثمارها على كل من حولها.
ومن هذا المنطلق فيجب على ائمة الجمعة التحلي بالاخلاق العالية التي تعطي الفرصة للخطيب والمقبولية في المجتمع كي يلقي افكاره وخطبه وكتاباته التي يلقيها على مسامع الناس بين الحين والأخر، فنحن لا نريد ان نكون كالذي يخط بيده بعض الكلمات التي يريد ان يلقيها على المنبر ومن دون النظر الى النتائج والثمار، متناسيا او غاضا للنظر عن من حوله من المصلين.
بل لابد لامام الجمعة ان يسأل نفسه: هل استفاد السامعون من كلامي ؟، هل الخطبة كانت ذات اثر ووقع على مسامعهم؟، هل كانت تلك الكلمات مهمة بالنسبة اليهم؟، هل كانت في الصميم ؟هل كانت تحتوي على حل مشاكلهم ومعاناتهم التي يعيشونها؟؟؟!!!. كل هذه أسئلة يجب ان يفكر فيها امام الجمعة قبل كتابة الخطبة وقبل ان يعتلي المنبر المقدس.
ومن الجدير بامام الجمعة العزيز ان يفكر في كيفية ادخال الكلام الى قلوب المستمعين او الى عقول المأمومين، وهذا يحتاج الى امور كثيرة أهمها:
اولا: ان يكون امام الجمعةمحبوبا في المجتمع، لكي يكون كلامه مقبولا ومطاعا لدى الاخرين، والا فان كلامه سيكون صدىً يتردد بين الجدران ولا يخترق الاسماع والاذهان والقلوب والعقول.
ثانيا: وكما قيل: كلم الناس على قدر عقولهم، فلا تلقي الشبهات ولا تتكلم بما لا يستطيع الاخرون فهمه وتعقله، فانت بخطبتك لا تريد التباهي امام الاعداء مثلا، ولا تريد ان تبين نفسك امامهم عالما فاهما، بل ان جل ما يهمك هو هداية المجتمع بما يليق، الا ان هذا لا يعني الدنو والتسافل بالخطبة الى درجة عجيبة وشديدة بحيث تسقط هيبتك امام الحاضرين وامام الاخرين.
ثالثا: ان يتعايش معهم ليعلم معاناتهم واحتياجاتهم، كما نوهنا قبل قليل الى ذلك، ولا يمكن ان ننصب امام جمعة يصعد المنبر وهو جاهل كل الجهل بحاجات المجتمع.
احبتي ورد في الحديث: رحم الله امرءاعرف قدر نفسه، ومن هذا نعلم ان على امام الجمعة ان لا يستحقرن من نفسه ولا يجعل لنفسه قيمة امام مجتمعه، نعم التواضع والزهد امام الله بالدنيا والتذلل والخشوع امر لابد منه لكي يتغذى امام الجمعة من فيوضات الخشوع وينهل من معاني التواضع والعلو و السمو، الا انه في نفس الوقت يجب ان يخط لنفسه قدرا معتدا به في مجتمعه، ولا يستحقرن من نفسه،
أتحسب نفسك جرما صغيرا وفيك انطوى العالم الاكبر
ومن ذلك نعلم ان على امام الجمعة ان يتحلى باخلاق القيادة والادارة وان لا يوقع نفسه بمجموعة محددة او اناس معدودين بل ولاذجهة واحدة معينة، بل لابد ان ينفتح على كل طبقات المجتمع بكل اديانها واعراقها وتوجهاتها بدون التفريق بين مسلم وغيره وبين شيعي وغيره وبين صدري وغيره.
فانك ان لم تك تعلم فانا اخبرك بانك تملك جواهر عدة ومقومات عدة لهداية المجتمع وكسبهم واحتوائهم فانت الصوت العالي والهادر والحق والاعلام الحر الحقيقي التي منّ الله عليك بها فلابد ان تكون على قدر هذه النعمة وشكرها بان تكون للجميع بلا تفريق.
اعزائي، ان كل امام جمعة هو (الموشور) او قل هو الذي ينظم اوامر الله ورسله واوليائه، لكي يوصلها الى المكلفين والى الخلق كافة بطرق لائقة ومقبولة ومعقولة وميسرة ومنظمة ومرتبة لكي تتقبلها العقول والانفس بلا صعوبة وبلا عسر، بل بكل يسر وسهولة، لا نفرق بين احد واخر.
واذا فرقنا بين طائفة واخرى او بين تيار واخر على سبيل المثال، سنكون قد ظلمنا انفسنا وظلمنا الاخرين الذين لم نوجه لهم الكلام الطيب والكلام الجميل، ونكون قد حبسنا انفسنا بين ثلة من الناس دون غيرهم وستتناقص تلك الثلة شيئا فشيئا بدل ان تكبر دائرتهم وتتسع.
ثم ألم تسمع ايها الخطيب البارع، بقولهم: كل اناء بالذي فيه ينضح، فان كنت سمعت ولم تنتبه له، فانا اخبرك بان ذلك نافع لك، فالخطيب لا يمكن ان يلقى ما يفيض عن ما في جعبته، بل ان الانسان ايا كان لا يعطي الا ما عنده، وفاقد الشيء لا يعطيه، ونحن نعلم ان المجتمع بحاجة الى الكثير، فلابد ان يلم امام الجمعة بالكثير من المعلومات والعلوم والثقافات، ولا يتحدد بعلم معين او نوع معين، بل ينفتح على كافة العلوم والثقافات وخصوصا مع الهجمة الصليبية والعلمانية ضد الاسلام، وهذا يستدعي تحصين انفسنا نحن الخطباء ضد هذه الافكار المنحرفة والجارفة لنحصن مجتمعاتنا ضدها، والا سينتهي بنا المطاف الى هلاك المجتمع وتمييعه وافساده شيئا فشيئا، وسيقع ذلك على عاتقنا وفي ذمتنا وسنحاسب امام الله وامام المجتمع.
ثم ان من المهم ان لا ننسى ان فوق كل ذي علم عليم، ومعنى ذلك انه يجب عليكم ان تتكاملوا علميا واخلاقيا ومن كل الجوانب، وان لا يتكبر امام الجمعة عن تلك الامور بل يجعل من الدراسة والتدريس والمطالعة والمباحثة والمدارسة عملا يوميا ومن ريادة المكاتب وجمع المعلومات هدفا له لا يتنازل عنه ابدا، وان تكبر على العلوم ابتلاه الله بالجهل والدنو.
ولعل انتمائكم لهذا الخط الشريف الذي خط بدماء شهيدينا الصدرين (قدس الله سرهما) يعني ان تضاعفوا الجهد وبذل قصارى الجهد من اجل التكامل والرفعة وهداية الاخرين وكسبهم لتنمو شجرة الصدر، وان انتماءكم للمكتب الشريف يعني التمسك بمركزيته وشرفيته وادارياته وان لا تتصرفوا تصرفا قد يضعف من قوة هذا التيار، وكما اخبرت من الكثير من المراجع ان اضعاف هذا التيار حرام لان اضعافه فيه اضعاف للدين والمذهب والعراق فالتفتوا الى ذلك.
وبما ان المكتب الشريف له الاذرع الكثيرة المباركة يتقوم بها ويتقومون به فلابد عليكم من ان تسيروا معه لا ان يكون لكل طريقه فنتشتت ونتفرق، بل كل عمل يقوم به المكتب دينيا كان ام اجتماعيا ام عقائديا ام اخلاقيا ام عباديا ام سياسيا لابد ان تتمسكوا به وتناصروه وتدعوا للسير على خطاه، وخصوصا ان الثقة لازالت موجودة بينكم وبين قياداتكم وهي متبادلة بطبيعة الحال.
ولا اريد الاطالة عليكم فانتم قد قطعتم المسافات الطويلة من اجل الاجتماع في النجف الاشرف ـ وهذا ما يجب ان يتكرر بين الحين والحين ـ من اجل المصلحة العامة، الا ان لدينا في اخر المطاف توجيهات خاصة منها:
ان قضية المعتقلين والمحكوم عليهم بالاعدام والمهجرين، التي كانت باسباب كثيرة اولها وقوع الظلم والحيف علينا من الاخرين ووقوع التصرفات المسيئة وغير المرضية عندي بل وعند الله العلي القدير من بعض المحسوبين علينا سواء من المنتمين الى الجيش ـ اعني جيش المهدي او من غيرهم، فحدث ما حدث.
ولإلحاح الكثير على هذه القضية ـ اعني قضية المعتقلين والمحكوم عليهم بالاعدام ـ حتى صار نقطة ضعف ضدنا ـ فصار العدو يتمسك بها لكسب مغانم وسلب مصالح كثيرة منا لاجل اخراجهم، ألم يصل عند البعض التفاوض مع المحتل من اجل الافراج عن معتقليهم، متناسين الحكم الشرعي والخطوط العامة التي خطها الشهيدان لنا، المهم هي باتت نقطة ضعف تتمسك بها الاطراف الاخرى للضغط على التيار.
لكن مع شديد الأسف بات من هو من داخل التيار يستعملها من اجل التسقيط والتشهير والاعتداء والخلافات والتصادمات من اجل افراج او دفن او ما شابه ذلك، وهنا يقع على عاتقكم احبتي ائمة الجمعة المقدسة ان تثقفوا محبيكم واتباع الصدرين على التعامل مع الامور بسلاسة واخلاق عالية والثقة بالقيادات التي تسعى للافراج عن المعتقلين، لا ان يتعاملوا مع هذه القضايا بطرق لا اخلاقية وبصورة تضعف من التيار كما يسمونه وبما يكون زلة ونقطة ضعف ضدنا.
فنحن لسنا ممن ننسى اسرانا ومعتقلينا وشهدائنا ومهجرينا لكن بشرط ان لا يكون في ذلك اضعاف للجهة العامة وتنازلنا عن ثوابتنا التي استشهد من استشهد واعتقل من اعتقل وهجر من هجر من اجلها ومن اجل نشرها وتثبيتها، والا كان خلاف المطلوب.
فلابد عليكم من تثقيف المجتمع على اساليب طيبة وخصوصا مع وجود اعداء كثر أولهم امريكا التي تريد افشال المنجزات الصدرية او المغانم التي حصل عليها التيار على كل الاصعدة، فلعلها تسعى بواسطة اذرعها المنشقة لزعزعة التيار واضعافه شيئا فشيئا، وكم من شعلة صغيرة لشمعة تكون سببا في حرق مدن كبيرة فان شرارة واحدة قد تكون محطمة لكثير من الاماني.
ولا تغضوا النظر ان الكثير ممن ينتمي الى هذا التيار يحمل في قلبه الحقد الدفين على الكثير من الناس ممن يعتبره عدوه وهم ليسوا اعداءه الحقيقيين بطبيعة الحال، فمن الضروري ازالة هذه الافكار الهزيلة والمنحطة من عقولهم بالطرق التي تدخل وتقنع الافهام والافكار لو صح التعبير، وان اهم ما ننتصر به هو التسامح والمحبة كما علمنا الصدرين، ولا تلجؤا الى خطب تأجج من تلكم الامور، بل لا تكون خطبكم عدائية الا على المحتل فقط حصرا، فهو عدونا الوحيد.
وانا اريد منكم ايها الاحبة ان تكونوا لي عونا بان اجعل الجميع اصدقاءاً لي ولكم ونكسبهم لما فيه الصلاح والاصلاح من اجل العراق والدين والمذهب لا ان نجعل الكل اعداءا لنا كما حدث بسبب تصرفات صبيانية من بعض المحسوبين علينا بل تصرفات محرمة قام بها البعض الذين نقول لهم انشروا اغصان الزيتون فينشرون الرصاص مع شديد الاسف.
احبتي اهيب بكم ان تثقفوا المجتمع وتزيلوا منه افكار الحقد والضغينة والانتقام بل تنشروا بينهم الاخوة والتاخي، وكل من يعتدي عليكم فهو ظالم لنفسه مبين وابرء منهم امام الله وامامكم، فلا تخافوهم وخافوا الله عز وجل، ولا تتبعوا افكار الانحراف بل هم يتبعونكم بافكاركم الطيبة شيئا فشيئا، والله ولي التوفيق.[/size][/font]