النص الكامل للتسجيل الصوتي لكلمة القائد السيد مقتدى الصدر اعزه الله في ليلة الخامس عشر من شهر شعبان المعظم 1442 هـ 28 / 3 / 2021

اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم

توكلت على الله رب العالمين

وصلى الله على خير خلقه محمد وآله اجمعين

بسم الله الرحمن الرحيم

في البدء، أحب ان اهنئ العالم الإنساني والاسلامي اجمع بذكرى ولادة الإمام المهدي روحي له الفداء، ثم احب ان اسلط الاضواء على قضية مهمة ومسألة مهمة تنفع المجتمع بعض الشيء ولاسيما الشيعة الإمامية الذين يتبعون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووصيه علي ابن ابي طالب سلام الله عليه، والذين يتميز مذهبهم بالقناعة التامة بقضية الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف.

ذلك المذهب الذي يتفرد بهذه المسألة بتفاصيلها الدقية على الرغم من ان كل المذاهب وكل الاديان تعتقد بوجود منقذ للعالم ومخلّصاً لها من كل البلاءات ومن كل الآثام.

فالمذهب الشيعي يعتقد إعتقاداً جازماً بوجود الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف ويعتقد انه في حال غيبة، بالغيبة الكبرى بعد نهاية الغيبة الصغرى، وان هناك يوماً للظهور لكي يبسط الإمام المهدي العدل في ربوع العالم اجمع.

نعم، المنقذ، منقذ الجميع وليس الشيعة فقط طبعاً، من الظلم والاستبداد والدكتاتوريات ومن الحروب وما شاكل ذلك، لكن المسألة هي:

ان قضية الإمام المهدي في نظر البعض قد تكون تواجه إشكال جوهري ومهم، انه لماذا الإمام المهدي لا يظهر؟

ألا يعلم او اليس هو مطلعٌ على كل ما يحدث لشيعته بل للعالم اجمع؟

ألا يعلم بما يمرون به من بلاءات وصعوبات وحروب وما شاكل ذلك؟

اليس من المناسب ان يخرج ويظهر ليملئ الارض والعالم بالعدل والقسط بدل انه مملوء بالظلم والجور؟

اليس هذا يومه؟ اليس هذا زمانه؟ اليس ان هذا هو موعد ظهوره ليخلّص العالم؟

اليست البشرية بحاجة اليه ليخرج ويظهر فيخلّصهم؟

هذا إشكال مطروح من داخل المذهب ومن خارجه، ولعلنا نستطيع ان نجيب ببعض الامور التي تنفع بهذا المستوى او من هذه الناحية، من ناحية هذا الإشكال.

انّ هناك مبدأ يسمى بمبدأ الإستحقاق، فاذا كان البشر مستحقين لظهوره فسوف يظهر، وإن لم يكن مستحقين لظهوره فلا يكون هناك ظهور، وطبعاً متى يكون المجتمع مجهزاً ومهيأً للظهور، يكون ذلك فيما لو كان هناك استحقاق عالي لهذا الظهور المقدس، إذن عدم ظهوره هو من باب عدم وجود الاستحقاق.

يصلح هذا جواب، وجوابٌ آخر أيضاً يمكن أن نقوله:

أنه عجل الله تعالى فرجه (سلام الله عليه) ينتظر الأمر من الله سبحانه وتعالى للظهور، والأمر لم يصدر، لكن لماذا لم يصدر؟ برأيي الشخصي أن أتباعه وشيعته غير مستحقين للظهور، بل العالم أجمع غير مستحق لظهوره المقدس، فقد ملئ العالم بالآثام والذنوب وعدم القناعة أصلاً من الكثيرين به وبظهوره وبأنه مُخلِص، وما شاكل ذلك، فالكثير من الموجودين يكيلون التهم والاشكالات والشبهات حول خفائه وظهوره ووجوده، وما شاكل ذلك، فكل ذلك سيكون مانعاً عن وجود الاستحقاق الذي هو بدوره سيكون باباً من أبواب ظهوره (سلام الله عليه).

إذن عدم ظهوره هو لأن المجتمع غير مستحقٌ له، وإلا فإنه (سلام الله عليه) أكيداً مطلع على ما يحدث لشيعته وأتباعه، وإذا كان مطلعاً فكيف به لا يظهر ليخلصهم وينجيهم؟ إذن هناك تدني في مستوى شيعته وأتباعه وجيشه، وما شاكل ذلك من التسميات الواردة في الروايات أو المتعارفة إجتماعياً، إذن المجتمع يحتاج الى التكامل بعض الشيء، والى الرغبة في ظهوره وبظهوره والعمل على ظهوره من خلال التمهيد له، والتمهيد له لا يكون سهلاً يسيراً، بل هو أمرٌ عسير، فإنه إذا ظهر ولم يكن شيعته بالمستوى المطلوب، لا سمح الله سوف يؤدي ذلك الى فقدانه كما فُقد آباؤه وأجداده من قبل.

فإذن يجب أن نكون على تمام الاستعداد والأهبة حتى يكون ذلك بابٌ من أبواب ظهوره (سلام الله عليه)، وهذا الباب أنا أعتبره هو باب التكامل وباب الطاعة وباب الرجوع الى الله والى الإمام (سلام الله عليه)، فعليه يجب أن يرجع المؤمن المخلص، الذي يؤمن بقضية الإمام المهدي، بأن يكون على أهبة الاستعداد من جميع النواحي، وليس من الناحية العسكرية مثلاً فقط، بل من الناحية الإيمانية والعقائدية وما شاكل ذلك، يمكن ان نقول شيء آخر، بأن عدم ظهوره (سلام الله عليه)، وعدم وجود أمرٍ من الله سبحانه وتعالى لعدم ظهوره، هو لعدم رضى الله سبحانه وتعالى عن طبقة كبيرة من المجتمع، وعدم رضى الإمام (سلام الله عليه) عن أتباعه وعن من يدّعي الوصل به، وإلا لو كان راضٍ عنهم لظهر ولأنقذهم ولخلصهم من هذه البلاءات وهذه المشاكل، نحن نرى أن المجتمع في كثير من الأمور كادت تنعدم ذكره، ذكر الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه، وكأنه ليس إماماً حياً الى يومنا هذا، فالرجوع الى الإمام في مهام الأمور، وإن كان مخفياً، أمرٌ ضروري، ولو بالدعاء ولو بطلب الظهور، الاستجارة به، وما شاكل ذلك، حتى قيل إنه من ذكره في أشد البلاءات، كان ذكره مفيداً له ومنجياً له من هذا البلاء، وما شاكل ذلك، إذا لم يكن راضٍ عنا فشيكون انسوي؟ لو انطم نفسنا لو نسعى الى التكامل، عدنا مرةٌ أخرى الى التكامل، لا بد أن نتكامل ولا بد أن نصلح حالنا قبل أن يظهر الإمام المهدي بغتةً لعله بأمرٍ من الله سبحانه وتعالى، ذاك الوكت شيصير، يجوز البعض يكله عُد من حيث أتيت يا بن بنت رسول الله، وذاك الوكت بعد ماكو باب للتوبة ولا للخلاص، ولن ينفعنا أي أمرٍ آخر.

إذن التكامل ضروري جداً، والسعي للطاعة، وغفران الذنوب، والرجوع الى الله، هذه كلها أبواب نافعة ومطلوبة، يجب على المؤمنين السعي لها ليكون ممهداً لظهور الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه.

نعم، قد يكون الإلحاح الشديد ما مطلوب، فكما ورد إنه لا أريد تعجيل ما تريد تأجيله، ولا تأجيل ما تريد تعجيله، لكنه نبقى منتظرين له (سلام الله عليه)، وندعو له في خلواتنا في سرنا وفي علننا، ونذكره في نهارنا وليلنا، فإن ذكره طاعة لله، طبعاً ومع الرجوع الى الله سبحانه وتعالى في شريعته وأحكامه ودينه، وفي الأخلاق وفي كل ما هو باب من أبواب التكامل، وجزاكم الله خير جزاء المحسنين.

احسنتم النشر