العودة   منتدى جامع الائمة الثقافي > قسم الطب والعلوم > منبر البحوث والدراسات العامة

منبر البحوث والدراسات العامة لكل البحوث والدراسات والرسائل الجامعية التي تخص طلبة العلوم المختلفة

إنشاء موضوع جديد  إضافة رد
 
Bookmark and Share أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-07-2018, 02:13 PM   #1

 
الصورة الرمزية الاخوة

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 20
تـاريخ التسجيـل : Oct 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : عاصمة دولة العدل الالهي
االمشاركات : 2,667

رؤية قراءة حرة ..........قصة المغفلة لانطوان تشيخوف






المقدمة



ان العقل في وجوده كان ولايزال الاداة التي يطرق بها الانسان كل انواع المعارف بل كل انواع اللذات

وعندما ننظر الى النتاج البشري بقيود مصطنعة لاتعطي رؤية واضحة للحقيقة التي تحرك وتبني المجتمعات وكذلك الانسان

وهذا النتاج قد يشتمل على تركيب معرفي وادبي يحتاج قرائه حداثوية له تخرج الاطر الاصطناعية التي وضعت له سنركز في بحثنا

على الجانب المعرفي باعتبار انه الجذر الاساس الذي تتشكل عليه كل الغايات والاهداف التي يبتغيها الانسان سواء كان كاتبا او قارئا

في معرض بحثنا نحاول اعادة قراءة القصة القصية للكاتب المشهور انطوان تشيخوف (المغفلة)

بنمطية نحاول ان تكون تجديده بعيدا عن معايير النقد الادبي او التفكيك الفني لتركيب القصة فذلك خارج عن مبنيات بحثنا



نبذه تعريفية عن الكاتب الروسي انطوان تشيخوف

من هو تشيخوف؟

ولد انطوان بافلوفيتش تشيخوف في سنة 1860 في بلدة تاجانروج الفقيرة الواقعة على بعد 600 ميل جنوب العاصمة الروسية موسكو لأسرة يعمل افرادها في خدمة الطبقة الاقطاعية ( الجد ) , الا ان الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية السيئة التي عاشها في طفولته كانت قد ولّدت لدى تشيخوف نوعا من التحدي كان دافعه و محفزه للنجاح .

والمعروف تشيخوف نشأ نشأة دينية متميزة في صغره ودرس في المدرسة الاغريقية ومدرسة النحو .

تختصر مقولته الشهيرة ( لا شيء يمر بسهولة, ان الخطوة الصغيرة التي نتخذها في حياتنا تؤثر بقوة على مصيرنا في الحاضر والمستقبل ) تختصر رصده المجهري لتفاعلات المجتمع الروسي في تلك الفترة شديدة الحراك , و استقراءاته التحليلية للإشارات الإنسانية الواهنة في خضم ذلك الدولاب الكبير , و مآلاتها في الغد .

أما ذلك الاضطهاد الذي عانى منه جده حتى اضطر الى شراء حريته فهو ما يعبر عنه بقوله ( أي اعصاب نملك وأي دم هذا الذي ورثناه ؟ ) .

في سنة 1879 التحق تشيخوف بكلية الطب التابعة لجامعة موسكو وخلال تلك المرحلة بدأ بنشر عدد من القصص القصيرة في صحيفة ( سانت بطرسبيرج ) ليذيع صيته ككاتب معروف في سنة 1886 .

لم يتحول الى كاتب متفرغ الا في سنة 1886 ليحصل بعدها بسنتين على جائزة بوشكين في الأدب .

على الرغم من ارتباط اسم تشيخوف بالقصة القصيرة الا ان شهرته الحالية تقوم الآن على ما قدمته في مجال الكتابة المسرحية, فبعد مراجعة ستانسلافسكي لمسرحية ( النورس ) في سنة 1898 لقيت اعماله الاخرى ترحيبا حارا من قبل جماهير النقاد والمتفرجين ( مسرحيات : العم فانيا / الاخوات الثلاث ) , وفي هذه الاعمال المسرحية ينجح تشيخوف في المزج بين السخرية والفكاهة والتراجيديا تاركا مساحة كبيرة للخيال وللحركة الدرامية لكي تقرأ بما يرمز اليه بقوة نصوصه كثيفة الاحتمال .(1)









الان نستعرض نص قصة المغفلة :

منذ أيام دعوتُ إلى غرفة مكتبي مربّية أولادي يوليا فاسيليفنا لكي أدفع لها حسابها

قلت لها: اجلسي يا يوليا.. هيّا نتحاسب.. أنتِ في الغالب بحاجة إلى النقود، ولكنك خجولة إلى درجة انك لن تطلبينها بنفسك.. حسنا.. لقد اتفقنا على أن ادفع لك ثلاثين روبلا في الشهر

قالت: أربعين

قلت: كلا، ثلاثين.. هذا مسجل عندي.. كنت دائما ادفع للمربيات ثلاثين روبلا.. حسناً، لقد عملت لدينا شهرين

قالت: شهرين وخمسة أيام

قلت: شهرين بالضبط.. هكذا مسجل عندي.. إذن تستحقين ستين روبلا.. نخصم منها تسعة أيام آحاد.. فأنت لم تعلّمي كوليا في أيام الآحاد بل كنت تتنزهين معه فقط.. ثم ثلاثة أيام أعياد

تضرج وجه يوليا فاسيليفنا، وعبثت أصابعها بأهداب الفستان ولكن.. لم تنبس بكلمة

*******

واصلتُ: نخصم ثلاثة أعياد، إذن المجموع اثنا عشر روبلا.. وكان كوليا مريضاً أربعة أيام ولم تكن دروس.. كنت تدرسين لفاريا فقط.. وثلاثة أيام كانت أسنانك تؤلمك فسمحتْ لك زوجتي بعدم التدريس بعد الغداء.. إذن اثنا عشر زائد سبعة.. تسعة عشر.. نخصم، الباقي ..هم.. واحد وأربعون روبلا.. مضبوط؟

احمرّت عين يوليا فاسيليفنا اليسرى وامتلأت بالدمع، وارتعش ذقنها.. وسعلت بعصبية وتمخطت، ولكن.. لم تنبس بكلمة

*******

قلت: قبيل رأس السنة كسرتِ فنجانا وطبقا.. نخصم روبلين.. الفنجان أغلى من ذلك، فهو موروث، ولكن فليسامحك الله! علينا العوض.. وبسبب تقصيرك تسلق كوليا الشجرة ومزق سترته.. نخصم عشرة.. وبسبب تقصيرك أيضا سرقتْ الخادمة من فاريا حذاء.. ومن واجبك أن ترعي كل شيء، فأنتِ تتقاضين مرتباً.. وهكذا نخصم أيضا خمسة.. وفي 10 يناير أخذت مني عشرة روبلات

همست يوليا فاسيليفنا: لم آخذ

قلت: ولكن ذلك مسجل عندي

قالت: حسناً، ليكن

واصلتُ: من واحد وأربعين نخصم سبعة وعشرين.. الباقي أربعة عشر

امتلأت عيناها الاثنتان بالدموع.. وظهرت حبات العرق على انفها الطويل الجميل.. يا للفتاة المسكينة

قالت بصوت متهدج: أخذتُ مرة واحدة.. أخذت من حرمكم ثلاثة روبلات.. لم آخذ غيرها

قلت: حقا؟ انظري، وأنا لم أسجل ذلك! نخصم من الأربعة عشر ثلاثة، الباقي احد عشر.. ها هي نقودك يا عزيزتي! ثلاثة.. ثلاثة.. ثلاثة.. واحد، واحد.. تفضلي

ومددت لها احد عشر روبلا.. فتناولتها ووضعتها في جيبها بأصابع مرتعشة.. وهمست: شكراً

*******

انتفضتُ واقفا وأخذت أروح وأجئ في الغرفة واستولى عليّ الغضب

سألتها: شكراً على ماذا؟

قالت: على النقود

قلت: يا للشيطان، ولكني نهبتك، سلبتك! لقد سرقت منك! فعلام تقولين شكراً؟

قالت: في أماكن أخرى لم يعطوني شيئا

قلت: لم يعطوكِ؟! ليس هذا غريبا!

لقد مزحتُ معك، لقنتك درسا قاسيا..

سأعطيك نقودك، الثمانين روبلا كلها! هاهي في المظروف جهزتها لكِ!

ولكن هل يمكن أن تكوني عاجزة إلى هذه الدرجة؟ لماذا لا تحتجين؟ لماذا تسكتين؟ هل يمكن في هذه الدنيا ألاّ تكوني حادة الأنياب؟ هل يمكن أن تكوني مغفلة إلى هذه الدرجة؟

ابتسمتْ بعجز فقرأت على وجهها: يمكن !

سألتُها الصفح عن هذا الدرس القاسي وسلمتها، بدهشتها البالغة، الثمانين روبلا كلها.. فشكرتني بخجل وخرجت

تطلعتُ في أثرها وفكّرتُ:

ما أبشع أن تكون ضعيفاً في هذه الدنيا







المناقشة :

نلاحظ في هذه الحوارية اشارة الى عدة معاني منها





رفض الظلم ولكن في اطار الطبقات الذي ركز عليه هيكل بحيث اننا نستقرأ طبقتان البرجوازية والعمال

والمفارقة ان الطبقة البرجوازية هي من تحرك عقل العاملة يوليا للمطالبة بحقوقها

اي صراع الاضداد والتحول الى طور جديد يكون متركب من ضده (الديالكتيك لفدريك هيجل )

وهو يحصر الفكر الثوري في طورين ولايوفر رؤية منفتحة تستلهم قيم الثورة من مفهوم المجتمع الغير منقسم طبقيا

بحيث يكون معيار التغيير قائم على تركيبة كل فرد ومقدار تكامله

اي مفهوم التكامل وليس الصرع بين مفردات الانسانية سواء كانت افراد او جماعات





استخدام مفردة الاجر كأداة استشعار واضحة لقيمة المظلومية بداية تحتاج تأمل فقد تكون بداية ولكن هل هي بداية انسانية ؟!

فموضوع مثل الجهل او الهدف الانساني السامي او غيرها لا يمكن ان نستشعرهن من خلال حدث هذه القصة

وقد يكون الكاتب غير ملزم بعرضهن

ولكن كونه يتناول مفردة رفض الظلم لا نجد محرك لهذا الرفض الا الاجر اي النقود

وتصوير دواخل النفس البشرية من خلال شيء خارجي كالنقود يرسم علاقة مادية لفهم الانسانية

ينتقص من قيمتها وسموها ويصورها كأداة فعل ورد فعل







مفهوم النهايات المفتوحة للقصة قد يعتبر براعة للحبكة التي يجسدها الكاتب في قصته ولكنا تخاطب من ؟

وماذا تستهدف ؟

فالمجتمع الانساني من المحال ان يكون بمستوى واحد من حيث التقرير والاستنتاج وبالتالي تكون النهاية المفتوحة نهاية مغلقة للإنسان الغير قادر على الاستنتاج بل انه قد يتركه تائها تتصاعد امامه تعقيدات ايجاد نهاية للقصة تتناسب مع معرفته البسيطة وهذا النمط يرهق المنظور المعرفي للإنسان بدل ان ياخذ بيده نحو مسارات واضحة للحل

بدلا من ترسيخ الفردية للفرد الذي يشعر انه ملزم بحل احجية بدلا من فهم مشكلة وفهم طريقة العلاج التي يفترضها الكاتب لها





صياغة الفلسفات الخاصة ضمن بعد القصة امر كان من سمات تلك الفترة الزمنية والى الان وقد اضيف لها الصناعة السينمائية وهذا ليس مرفوض وانما تقديمه للمجتمع الانساني على انه جزء من الحياة الانسانية الطبيعية وكذلك الفهم الاعمق للحياة امر مرفوض فالإنسانية امر سامي ويمثل مداد لبقاء البشرية لأنها تمثل حاضنة للوجود الانساني يتقوم بها ويستمد بقائه منها فلابد ان تؤشر المناهج الخاصة لفهم الانسانية في منظور البعد الروائي بشكل واضح حتى تتشكل للقصة الوان واقسام يعرف منشأها الفلسفي الخاص



قيم رفض الظلم شيء بدائي جدا مع قيمة الثورة ففي المنظور الانساني لا يمكن ان نتصور وجود للإنسان غير رافض للظلم وحتى يولي الخادمة التي احمرة عيناها كما صورها الكاتب هو اشعار بالرفض ولكن كيف تكون الثورة كيف نخرج هذا الرفض ونحوله الى ثورة هنا نقف مع الكاتب مشوشين لا نستوعب المشهد هل على يوليا فاسلينا وهي اداة الكاتب ان تترك البيت هل عليها ان تلجأ للشرطة هل عليها ان تنظم لاحد الاحزاب ؟!

فاستعراض المشاعر البدائية للفرد الانساني يحتاج خطوة اخرى كيف يركز تلك المشاعر وكيف يغير واقعه









بعد هذه القراءة المختصرة لاهم مرتكزات هذه القصة سنحاول ان نستعرض قصة قصيرة انتقيتها من الادب الاسلامي نحول ان نسلط من خلالها اهم مضامين البعد الانساني الذي يقدمه الاسلام من خلال الكاتب الاسلامي مع الفارق من حيث الحبكة والتشويق التي تتناسب طرديا مع سطحية المضمون وبساطة الهدف



حيث سنتناول قصة (النصيحة الاخيرة) للسيد الشهيد السعيد محمد محمد صادق الصدر (قدس)(2)



نص القصة

اضفى جو الليل البهيم على هذه الغابة الكثيفة الشجراء , جوا اسود فاحما,يوحي لما فيها من نبات وحيوان ,بالوحشة والروعة ,يغيره الى نوع من الصمت العميق والسكون الموحش الدفين.

فلم يعد يسمع خلال هذه الغابة المترامية الاطراف الا ما تحدثه يد الاشجار من حفيف خفيف ,يلامس اوتار الاذن برقة وفتور ,عندما تلاعبها انامل النسيم الهادئة , والا ما يسمع من اجنحة طيور الليل , وهي تغادر مكامنها الى حيث مطالب الرزق .

والا وقع اقدام وحش هائم ,لم يتطرق الى النوم الى عينيه من شدة الجوع ,فمشى خلال الليل البهيم باحثا عما يسد به رمقه من ضعفاء الحيوان .

في هذا الليل وتحت افق هذا الجو الساكن ,كانت تضطجع فوق العشب الوثير,وتحت مجموعة ملتفة رائعة من الاشجار الباسقة ,لبوة مريضة ,تجتمع حولها اشبالها ,وتئن بين الحين والاخر من وطأة الالم , وتستوحي من ذلك الجو الهاديء الرهيب مزيدا من الوحشة والالم والكسل .

وكانت اوصال الالم تستشري في اهابها بنشاط صامت ,وتمشي باعصابها بهمة هادئة ,من ذلك الليل البهيم حيوية متزايدة , ونشاط منقطع النظير

الالم اللبوة تتزايد شيئا فشيئا ,ولواعجها تثقل عليها باستمرار ,واهاتها وانينها يزداد تتابعا , ويتاكد عمقا .فمرة ينطلق منها الزفير انطلاق المتفجر الثائر , واحيانا يخرج من اشداقها خروج اليائس الصامت . وهي بين الحالتين مستسلمة الى العشب لا تعرف ملجا ولا تعلم دواء .

واذا راي اشبالها ما في امهم (من)الم ممض ,وما تعانيه من وحشة وحسرة , وما تكابده من مرض اليم ,توجهوا اليها بخشوع وادب ,راجين منها ان تسمح لهم بالبحث لها عن طبيب في ارجاء هذه الغابة الكبيرة ,لعله يستطيع تشخيص دائها وتعيين دوائها ,ويكون على يديه شفائها العاجل السريع وان استلزم الحال إيقاظه من نومه , وازعاجه في احلامه .

وحين رأت الام الرؤوم مبلغ حنو اشبالها ولوعتهم عليها , شكرت لهم عواطفهم , واثنت على حسن كرمهم واذنت لهم بالذهاب . لم يغب الاشبال برهة من الزمن , جاؤوا بعدها ومهم ارنب عجوز , ينط بين العشب بالبطيء وتثاقل , قد خالط النوم عينيه , وازعج التعب رجليه . واقتربوا منها , وانحنا الارنب بأدب واحترام مسلما على اللبوة الام , فرحبت به , وشكرت له سعيه , واذنت له بالجلوس . واذ ضمهم ذلك المجلس , ابتدر اكبر ابنائها بالكلام , محاولا تعريف هذا الضيف القادم لامه , فذكر انه ارنب صالح , معروف بالتقوى والورع , وبطهارة النفس وصفاء الضمير , الى جانب دقة في النظر , وسعة في التفكير , واطلاع واسع على علوم الطب .

وطلب هذا الشبل من امه ان تسمح الى للطبيب ان يشخص ما بها من داء , ويعين ما تشكوه من الالام , لعله ان يصف لها الدواء الناجح الصحيح وبعد ان جس الارنب نبضها ونظر الى لسانها واستمع الى دقات قلبها , انسحب بهدوء , وجلس مرة اخرى في مكانه الاول . تأوه اهة صغيرة تحمل ما يريد ان يبديه اتجاه هذه اللبوة المريضة من شفقه ورحمة ؟ ثم قال لها :انك يا سيدتي في صحة وعافية ولادا ء فيك ولا يحتوي جسمك على تشنج او التهاب او اضطراب وانما الذي تحسينه وتشكين منه , ان سمحت لي بذكره انما هو خمول اصابك ,وكسل الم بك منذ ايام , منعك عن ممارسة نشاطك الاعتيادي في الحياة , وادى بك الى عدم تناول المقدار الطبيعي من الطعام والشراب .فانتج ما تجدينه من الم , ووحشة . واني سوف لن اصف لك دواء تستعملينه . ولا عقار تصنعينه وانما الذي اعتقده ان انجع الادوية بالنسبة اليك هو ان تقومي بنفسك , شيء فشيء بفعاليات الحياة , وتباشري عملك الطبيعي فيها , وتقومي بما تطلبه منك من واجبات , وما لك عندها من حقوق .

واتبعي احسن الطرق التي توصلك الى حقوقك والقيام بواجباتك ؛لكي تستطيعي ان تتناول من ثمار جهدك التي تغرسينها بيدك فاكهة شهية ناضجة لا يشوبها الم , ولا تختلط بها حسرة ووحشة . واني اعدك انك بمجرد ان تذوقي الثمار الشهية التي تقطفينها من بساتين عملك , فان دائك سوف يزول , وستبرئين تماما من هذا الشكاة .

ما ان سمعت اللبوة من الارنب الطبيب هذا الكلام , حتى تغير وجهها عليه , ولاعبت ملامحها مسحة من العبوس والاشمئزاز ثم قالت له : دع عنك فلسفتك هذه جانبا , كيف تنصحني بالحركة وممارسة النشاط , وانت على ما تراني عليه من المرض والذبول ؟

فأجابها الارنب انني قد اديت لك النصيحة , وقمت بالواجب امام ربي وضميري , ولك في ما قلت من الشفاء ما تطلبين لو كنت تعلمين . فقالت له بحده وعبوس : اذهب فقد خالط الشيب عقلك ايه الارنب العجوز .

وحاولت ان تضربه بمخالبها ولكنها لم تقوى على القيم , وفر الارنب من بين يديها هاربا .

بقت اللبوة عند اذ تأن تحت ضغط الالم الثقيل وتتقلب على فراش المرض اليم في ذلك الليل الموحش الرهيب , تقتات من الامها مر الطعام وتتجرع من وحشتها أكؤس العلقم والصاب , وأزداد وجد الاشبال على امهم الطريحة , وتضاعفت لوعتهم على ما تعاني من اللم وحسرة واستأذنوها بعد برهة صغيرة للتجول في هذه الغابة المظلمة لعلمهم ان يجدوا طبيبا اخر ابعد نظرا واعمق فكرا من ذلك الارنب العجوز لعله ان يوفق الى الاسراع بها الى املها الكبير في الشفاء العاجل الجميل . وجاس الاشبال مرة اخرى خلال الغابة الشجراء , باحثين بما اوتوا من خبرة وجهد عن طبيب جديد . ولم يمر على اللبوة زمان طويل الا ورات اشبالها عائدين وبصحبتهم ثعلب شاب قوي تقفز من عينيه علائم المكر والدهاء , وتنطق حركاته بالحيوية والنشاط وتدل ملامح على ما في نفسه من نزوات الشباب واقتربوا منها واقعى الثعلب عن قرب وابدى تحية مقتضبة باحترام للبوة المريضة , ثم استأذنها بمباشرة اعماله فأذنت له . اطال الثعلب الفحص وقلب المريض ظهرا لبطن وتأكد في فحصه لعدة مرات وكان بين الفينة والفينه يفتر عن الفحص , ليفكر ويتدبر وعندما انتهى , رفع راسه بدهاء ومكر وهز راسه هزة خفيفة توحي للبوة انه مشفق عليها رحيم بها , ثم ابتدرها بالكلام قائلا : انني اسف اذ اخبرك ان بدنك محتوي على عدد من الامراض الجسيمة , والعلل الخطيرة من اضطراب في القلب وتضخم في الكبد وقرحة في المعدة , وهذه الامراض تحتاج الى طول في العلاج , وكثرة في الدواء ,والى انفاق زمان طويل في النوم المريح الخالي من ممارسة اي نشاط . وانه ينبغي لك ان لاتفكري في شؤون الحياة وان لاتحملي بين جنبيك هموما ولآلامها وتتعبي على تحصيل لقمة العيش فيها وانما دعي ذلك الى اشبالك الكرام الساهرين على راحتك وحسن مداراتك . وانني واصف لك بعض الادوية المساعدة لك في شفائك والموصلة اليك صحتك بأسرع وقت واسهل طريقة , واني سوف اتعهدك بين الفينة والفينة بالزيارة والفحص والارشاد وبعد ان كتب لها قائمة الادوية في ورقة , ودعها بحفاوة واكرام , وذهب الى حال سبيله .

ومن ثم تصدى الاشبال الى تحصيل الدواء وجمعه من اطراف الغابة واستخلاصه من النباتات المتعددة والمعادن المختلفة وانفقوا في ذلك وقت طويل حتى كادت الشمس ان ترسل اشعتها الدافئة بعد ذلك الليل البهيم

على اشجار الغابة الباسقة , لتكسوها روعة وجمالا وتجعلها سرا وفتنه للناظرين . عاد الاشبال بعد ذلك العناء الطويل الى امهم الطريحة ليقدموا الدواء الذي احضروه فوجدوا ان حالها قد ساء وصحتها قد تنازلت وقد استشرى بها المرض اكثر فاكثر , فسلموا عليها بأدب واحترام , ونظروا اليها بحسرة والم , واسرعوا بإعطائها شيء من الدواء الذي حملوه وتناولت اللبوة الدواء ثم التفتت اليهم وحاولت جاهده ان تغتصب من بين اهاتها المتواصلة , وقت كافيا لان تقول : اه , لو كنت قد اطعت الارنب العجوز , ومارست حقي في الحياة شيء فشيئا منذ المساء السابق , اذن لم اكن لأصل الى هذا الموقف الاليم . ولو كنت سلكت الطريقة الفضلى في الحياة , ومارست حقوقي وواجباتي باتزان لما وصلت الى هذه النتيجة الرهيبة , ولا انقشعت عني حجب الوحشة وانزاح عني اللم الى غير رجعه فان النشاط الدائب البناء , في سبيل تطبيق منهج الحياة القويم , والوصول الى ثماره , الناضجة الشهية , بكد اليمين وعرق الجبين , خيرا على كل حال , من الاستسلام الى الكسل , والاعراض عنما تعج به الحياة من حقوق وواجبات والاكتفاء بشرب الدواء بوحشة وحسرة على فراش المرض الرهيب وليس هذا الدواء الذي تجرعته الان , بمشورة ذلك الثعلب الماكر , الا الطريق المحتوم الى الهلاك والى مغادرة الحياة , فقد اخطأ تشخيص الداء ووصف الدواء , وما اظنني الا مفارقتكم بعد قليل . ونصيحتي الاخيرة اليكم : انكم اذا مرضتم يا اشبالي الاعزاء في يوم من الايام , فارجعوا الى ذلك الارنب العجوز , او الى من يسير على شاكلته في العمل والتفكير وحذار ان يخطر في اذهانكم الرجوع الى مثل ذلك الثعلب الماكر الشرير

انتهت القصة



































































يمكن التركيز على اهم مفرداتها

برغم من قصرها اعطت مشكلة وحل ورغبة الفرد في هذا الحل بالتالي اعطت منهج انساني للبحث عن المعرفة بلونها الذي يضع حل للمشكلات وليس وصفها وترك الحلول للقاريء وهو ما ينتج نهج لكي نعيش في الحياة فضلا على ان نظل نعيش الحياة كمفردة مجولة او احجية تحتاج حل فردي لكل فرد







المفردات من المكان والزمان هي مفردات الوجود اي اننا نتعامل مع الانسان ضمن العالم متناسقا مع العالم لا يعيش حالة الصدام مع الوجود ومفرداته



ممكن ان تجد الكثير من الحلول لان اطار الحل لم يكن محدد بهو اقرب للمنهاج الفلسفي العام الذي يرسم الخطوط العريضة تاركا تشخيص دقياتها لكل فرد مهما كان بسيط





في مقدمة القصة يعرضها الكاتب ضمن ايدلوجية البعد الاسلام حيث يصفها بالأدب الاسلامي الملتزم (مراجعة المصدر) وهو يدل على مصداقية ووضوح الكاتب فهو يعرض منهجه المعرفية الذي ركب قصته من خلاله بشكل واضح لا يقفز الى عقلية المتلقي بدون ان يستأذن ويعرف نفسه وبتالي يعرف الوجود من منظوره المعرفي تاركا تقييم هذا المنظور للقارئ اللبيب ومدى مطابقته للحقيقة



معالجة انسانية للنفس البشرية ووصف ميولاها الغير عقلانية مع التركيز على قيم الخير في نفس ابطال القصة وان كان الكاتب استخدم اسماء للحيوانات المتكلمة كمحاولة لاضفاء جو من التشويق يتناسب مع المضمون القيمي المعروض بين ثنيات هذه القصة هذه المعالجة تشعرك بالانسانية بأخطائها ونجاحاتها





بين عقل الارنب العجوز والصاحب المنزل في قصة تشيخوف نجد نوع من الانتماء للاخر تفتقده قصة المغفلة حيث لايوجد هنالك بعد للطبقية التي تنغلق على الفرد فتحيله يعيش في عوالم متعدد كما يعبرون عالم اول وثالث وطبقة برجوازية وطبقة العمال



اظهار التقارب بين الارنب وااللبوة في وجودهما ضمن منظور الانساني الذي لا يعرف الانسانية او المعرفة على اساس الطبقات والعوالم المنغلقة والمتعددة باتصال الجنس ببعضه والفارق يكون لمميزات ذاتية في الخلقة ولغيرها ليس بسبب خارجية او صفة خارجية مصطنعة





قد اشار السيد الشهيد الى قضية المكر والطيبة وهي جد مناسبة لفهم كيف يتسرب الى عقولنا الاعجاب بالأخر المبني على مكر الاخر وتركنا الى بعدنا الانساني العقلاني الذي يزن الامور ويعرفها على متبنيات الثابتة بعيده عن التكبر والشهوة وغيرها



ان قضية كلفة الدواء للثعلب واجر يوليا فاسيليا في القصتين وجه متناقض تماما فالأول كان اداة لتبيان المكر والخديعة والثاني كان اداة لتحفيز الخدامة لرفض الظلم والحقيقة لو تجردنا ونظرنا بموضوعية لاستشفينا مدى قيمة الانسانية التي يصورها الكاتبان فالاولى قيمة راقية يكون المال سببا لتغرير بها اما الثاني يجعل قيمة الوجود الانساني ورفضه للظلم وهي اسمى خصلة فيه حافزها ومقياسها الاجر ؟!







خلاصة البحث :



نحتاج بشكل كبير الى قراءات متنورة للادب العالمي لكي نفرز الابعاد الفلسفية الخاصة التي تمثل مدارس سادت في زمن كتابها منطلقين الى رؤية حداثوية تجعل قيمة النتاج الادبي رهن مقدار افرازه للقيمة الانسانية المثلى وان يكن باساليب واقعية



كما ان الانسان القاريء يجب ان يدافع ان وجوده وما يتلقاه من خلال سؤال مهم كيف يعزز الكاتب انسانيتي التي تبعدني عن المنظور المادي المنغلق الذي يسقط كل المعايير الانسانية لصالح افكاره الخاصة



وهذا لا يتم الى من خلال تعزيز لغة الحل وليس لغة استعراض المشكلة مها كان مستوى الكاتب ومقدار تشويقه او حبكته



فالواجب الانساني يوجب على الكاتب ان يؤسس للحل مهما كلف ذلك تركيب القصة او بيعها او كثرة قرائها لانه واجبه الانساني الذي اذا فقده يفقد شيء من انسانيته ويقلل من قيمة القاريء الانسانية كذلك































...............................................

(1)ويكبيديا

(2)رسالات ومقالات –اشراقات ادبية للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر (قدس)



 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
الاخوة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-08-2018, 07:42 PM   #2

 
الصورة الرمزية الاقل

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 211
تـاريخ التسجيـل : Apr 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 12,641

افتراضي رد: قراءة حرة ..........قصة المغفلة لانطوان تشيخوف

بارك الله فيكم وطيب الله انفاس الاستاذ الفاضل احمد الشرع

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
الاقل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



All times are GMT +3. The time now is 09:47 PM.


Powered by vBulletin 3.8.7 © 2000 - 2024