العودة   منتدى جامع الائمة الثقافي > القسم الأدبي > منبر القصة القصيرة

منبر القصة القصيرة قصص هادفة ومواضيع القصة القصيرة

إنشاء موضوع جديد  إضافة رد
 
Bookmark and Share أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-06-2015, 04:18 PM   #1

 
الصورة الرمزية المثابر

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 756
تـاريخ التسجيـل : Dec 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : بغداد
االمشاركات : 3,688

افتراضي ان الله يمهل ولا يهمل .. قصة واقعية

اضطرتني ظروفي الصحية إلى دخول أحد المستشفيات في بيروت لإجراء الفحوص الطبية خلال صيف سنة 1972م.وقد حرصت على كتمان أمر استشفائي، ولكن الأخبار السيئة لا تلبث أن تنشر بسرعة، أما الأخبار الحسنة فلا تنتشر إلا بصعوبة.وعادني قسمٌ من أصدقائي معاتبين، وكان معهم هدايا تُقدَّم عادةً للمرضى، كالورد والحلوى.وكان جيراني من المرضى قسمٌ من الضباط المتقاعدين وغير المتقاعدين، فآثرتُ أن أتعرف بهم وأزورهم وأواسيهم، وكان سبيلي إلى ذلك تقديم قسمٍ مما كان لديّ من حلوى وزهور إليهم، وتقديم البقية من الهدايا إلى الممرضين، ومع كل هدية كلمة لطيفة أتمنى لهم الشفاء بالعاجل وأعدهم بزيارة قريبة.وحرصت أن أبعث أكبر باقة من باقات الزهور إلى ضابط لا ينام الليل ولا ينيم أحداً، وحين سألتني الممرضة: ألك معرفة سابقة به؟، قلت: لا، ولكنه لا ينام الليل ولا يتركني أنام، فلعله يحنّ على نفسه ويرفق بي بعد استلام هديتي!قالت الممرضة: 'هيهات...!'، وعلمتُ منها أنه في المستشفى منذ شهور، وهو زبون دائم للمستشفى، لا يخرج منه أياماً ليمكث بين أهله، إلا ويعود إليه شهوراً ليمكث فيه.وقالت: ولكنّ الظاهر أنه سينتهي قريباً فيريح ويستريح.وزرت العقيد المريض، وكان يسمي نفسه: (الكولونيل)، وكان أهله يسمونه: (الكولونيل)، وكان الأطباء والممرضون والممرضات يسمونه: (الكولونيل(!كان ضابطاً قديماً، عمل في الشرطة الفرنسية، يوم كان الفرنسيون يحتلون لبنان، ولم تكن المصطلحات العسكرية قد عُرّبت، وكانت المصطلحات الفرنسية هي السائدة، وكانت المصطلحات العربية هي المَسودة.كان عقله حاضراً، وكان منطقه سليماً، وكانت ذاكرته واعية، وكان قلبه ينبض، وهذا كل ما بقي له في الحياة.أمراضه التي ابتلي بها كثيرة: الضغط، والسكر، وتصلّب الشرايين، وتسمم الدم، وتليّف الكبد والكلى، وتهرّي لحم الرجلين والجسم.. إلخ...وكان يصحو نهاراً، حتى ليُخيل إليك أنه معافى، ولكنه كان ينهار ليلاً، حتى ليخيل إليك أنه لا يعيش ساعات الليل.وكان في الليل يصرخ من الألم تارةً، ويصرخ طالباً أحد الممرضين أو الممرضات تارةً أخرى، وكان يستعمل سلاحين في صراخه: صوته، والجرس الكهربائي.فإذا جاء الممرض أو الممرضة، لم يجدوا عنده مطلباً، فيعودون من حيث أتوا، ولكن لا يكادون يصلون إلى مكانهم إلا ويستدعيهم العقيد ثانيةً وثالثةً ورابعة... وهكذا حتى تشرق الشمس.وكان إذا خفت صوته، يستعمل الجرس الكهربائي، فيضعه في جيبه ضاغطاً على زرّه بإلحاحٍ شديد، وتبقى يدٌ على زر الجرس حتى بعد قدوم الممرضة أو الممرض.كان يريد أن تبقى الممرضة معه الليل كله، وكان يريد أن يبقى الممرض معه الليل كله، فإذا بقيا تلبيةً لطلبه نسي لحظات وجودهما في غرفته، وانطلق ينادي وانطلق جرسه يرنّ.وحين زرته أجهش بالبكاء وحدّثني بقصته فقال: كنتُ في شرطة الفرنسيين، وكنت برتبة كولونيل، أقود الشرطة المحلية، وكانت بيروت تخافني، وكان اسمي يخيف أشجع الشجعان.وكان الفرنسيون يعتمدون عليّ، وكنت أخلص لهم كل الإخلاص، وكنت أؤدي واجبي على أحسن ما يرام، فإذا عجز الفرنسيون عن اكتشاف جريمة من الجرائم، أحضروا المتهم إليّ، فكنت أستخلص منه الاعترافات بالقوة!.كنت لا أرحم أحداً، وكنتُ أمارس أنواع التعذيب، وكان المجرمون ينهارون فيعترفون بما أريد أو يريد الفرنسيون، فيساقون ألى المحاكم لينالوا ما يستحقّونه من عقاب.ومضى يسرد على مسمعي أربعة وثمانين نوعاً من أنواع التعذيب كان يمارسها مع المتهمين، فاقشعرّ بدني من هول سرده وتعذيبه.ثم قال: "وما أعانيه اليوم عذابٌ من الله، فقد سقتُ إلى المحاكم كثيراً من الأبرياء، وعذبتُ كثيراً من الصالحين، إرضاءً لأسيادي الفرنسيين".مضى الفرنسيون إلى غير رجعة، وبقي العقيد تلاحقه اللعنات.حتى زوجته وأولاده وذوو قرباه، لا يحبونه ويتمنون على الله أن يموت، لأنه يعذبهم بصراخه وزعيقه.ولكنه يعذب نفسه أكثر مما يعذب الآخرين.رحل أسياده وبقي مكروهاً من الناس، مكروهاً من أهله.كان يعذب ضحاياه في الليل، ويعذبه الله اليوم في الليل أيضاً.وكانت أعضاء المعذبين تتساقط من تعذيبه، واليوم تتساقط أعضاؤه عضواً عضواً.أبقى الله لسانه، ليحدِّث الناس عن أعماله الإجرامية.وأبقى ذاكرته واعيةً، ليعدِّد على الناس ما اقترف من آثام.وأبقى عقله حاضراً، ليتذكر ويندم، ولات ساعة مندم.وأبقى قلبه ينبض، حتى يتحمّل عذاب الدنيا، ولعذاب الآخرة اشد واقسى......)

المصدر: كتاب عدالة السماء ، تأليف ، محمود شيت ، ص 99.

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
المثابر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-06-2015, 05:57 PM   #2

 
الصورة الرمزية ابو خديجة

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 3151
تـاريخ التسجيـل : Feb 2015
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العمارة
االمشاركات : 1,692

افتراضي رد: ان الله يمهل ولا يهمل .. قصة واقعية

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
احسنت اخي على القصة الجميلة

 

 

 

 

 

 

 

 

ابو خديجة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-06-2015, 07:09 PM   #3

 
الصورة الرمزية ابو بتول

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1726
تـاريخ التسجيـل : Oct 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 3,128

افتراضي رد: ان الله يمهل ولا يهمل .. قصة واقعية

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
احسنت اخي على القصة الجميلة

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
ابو بتول غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-06-2015, 10:08 PM   #4

 
الصورة الرمزية التائب

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 342
تـاريخ التسجيـل : Jul 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق/بغداد
االمشاركات : 6,700

افتراضي رد: ان الله يمهل ولا يهمل .. قصة واقعية

قصة مؤثرة ومعبرة
وكما ورد عن الامام علي (عليه السلام)
الظلم وخيم العاقبة

 

 

 

 

 

 

 

 

التائب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-06-2015, 11:56 PM   #5

 
الصورة الرمزية الحاج

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 149
تـاريخ التسجيـل : Mar 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : بغداد
االمشاركات : 2,294

افتراضي رد: ان الله يمهل ولا يهمل .. قصة واقعية

لطيفة وفيها اكثر من عبرة وفقك الله اخي العزيز

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
الحاج غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



All times are GMT +3. The time now is 11:30 PM.


Powered by vBulletin 3.8.7 © 2000 - 2024