نص كلمة السيد القائد مقتدى الصدر اعزه الله حول المظاهرات في اوربا الرافضة للارهاب 12 - 1 - 2015

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
السلام عليكم اخوتي الاحبة ورحمة الله وبركاته
فيما يلي نص كلمة سماحة حجة الاسلام والمسلمين السيد القائد مقتدى الصدر اعزه الله حول المظاهرات في اوربا الرافضة للارهاب
12 - 1 - 2012

بسمه تعالى
قبل عدة اعوام هب الشعب الاسباني بتظاهرة سلمية ضد الارهاب الذي عصف في بلدهم آنذاك، حيث خرج الملايين منهم الى الشوارع منددين بالعمليات الارهابية حتى قيل ان عددهم وصل الى احد عشر مليون متظاهر، وذلك لما وقع من عمليات ارهابية استطيع ان اصفها بالقليلة والتي ذهب ضحيتها القليل من الضحايا الا ان حبهم للحياة وكرههم للعنف اللا شرعي وميولهم للسلام اعطاهم واعزا ودافعا قويا بلا فرق بين اثنياتهم وقومياتهم، فان ضمن من خرجوا بهذه التظاهرة الاقاليم التي تحاول الانفصال عن المركز، الا ان تلك الاقاليم الت على نفسها الوقوف مع باقي شعبها لمناهضة الارهاب وان تلك الظاهرة الصحية والجميلة، اعني بها التوحد من اجل هدف والتعالي على باقي الجراحات او الخلافات من اجل امر اهم واخطر لهي ظاهرة بات الكثيرون في اوربا قريبون منها ويستشعرون بها لما لديهم من خلفية ثقافية وعلمية ووطنية معتد بها، ولذا فهم قادرون على التسامي على صغار الامور ولا سيما السياسي منه، فاختلاف الراي ليس بالضرورة اختلاف في كل شيء حتى كانت تظاهرتهم تلك تظاهرة ناجحة فقد تقلص الارهاب ببلدهم بعد ما عصف بها ولو قليلا، وهذا كله من باب ان صوت الشعب اعلى من صوت الارهاب كما هو اعلى من صوت الظلم والظالمين على حد سواء، وانه ما ضاع امن ولا حرية ورائها مطالب.. وانما تضيع الحقوق ويتزعزع الامن وينتشر الفساد اذا صمتت الشعوب وخضعت واستهوت الدكتاتورية وخنعت لها وركعت فان مثل هذه التظاهرات انما جاءت من وحي الدين ولا دخل للعناوين التي قد نعتبرها خاطئة على الاطلاق، فليست العلمانية هي من امرت الشعوب بالمطالبة بحقها، بل الامام الحسين (عليه السلام) هو من اوائل من استنصره المظلومون فانتصر لهم ونصرهم وقدم لهم دمائه الطاهرة من اجل الحرية، اذ هو القائل: هيهات منا الذلة، وهو القائل: ما خرجت اشرا ولا بطرا انما خرجت للاصلاح... وما اعظمه من اصلاح وما طلب الامن والامان ودحر الارهاب والتنديد به عن ذلك ببعيد، بل هو من قمم الاصلاح ايضا كما لا يخفى، فانه لا يمكن نشر النور مع وجود الظلام، اذن فازالة الظلام مقدمة لنشر النور، وما وقع البعض به من محاولة نشر النور قبل ازالة الظلام امر خاطئ ويصعب معه الاصلاح على اي حال فالكثير من شعوب الشرق الاوسط وبالخصوص تلك الشعوب المسحوقة بالفقر والظلم، حاولت ان تصل الى نهاية النفق حيث بصيص النور والامل ظنا منها بنجاح محاولاتها... الا ان جل المحاولات باءت بالفشل، الا بعض ما ندر من محاولات اخذ فيها بنظر الاعتبار ازالة ما في النفق من ظلام، فالنور ليس في نهاية النفق بل هو بين ظهرانيهم وهم لا يعلمون اذ حجبت ظلمات الظلم عنهم تلك الانوار ويا للاسف وعودا على الوقفة الجادة ضد الارهاب من خلال التظاهرات الاسبانية او قل (اوروبية) فاقول: ان لتلك الظاهرة المهمة عدة اسباب قد سبقت تلك الظاهرة وكانت سببا لنجاحها وسطوع نجمها، ومن تلك الاسباب ما يلي:
السبب الاول: عقيدتهم او دينهم، الذي يعتنقونه وهو المسيحية بطبيعة الحال، وهو قد امنوا بان اول اسس تلك الديانة هو السلام، وان نبيهم عيسى (عليه السلام) كان من اشهر واول من دعى الى نشر التسامح والسلام.
وعلى الرغم من فصل الدين عن السياسة او العكس، الا ان هذا لم يسري الى كافة الشعوب، بل بقية الشعوب ولو اجمالا تتمسك ببعض اسسه ولو من باب اقناعهم ببعضه دون البعض الاخر، وكان اهم ما تمسكوا به وتيقنوه هو (السلام) ولذا اني اجد ان الواعز الاول والاهم وليس الاوحد الذي كان خلف تلك الظاهرة الصحية الجميلة هو الواعز الديني الذي وان قل عندهم كثيرا الا انه لم يمحى على الاطلاق لذا فانهم ما زالوا على سبيل المثال يحترمون كل من يبتعد عن المسكرات وعمل الخطيئة بل وقد يصفونهم بالقديسين وما الى ذلك
اذن فحبهم للسلام الديني ان جاز التعبير هو المحرك لتلك الملايين نحو الخروج للتنديد بكل ما يخالف شريعتهم ودينهم واول تلك المخالفات هو العنف والارهاب وكل ما هو مضاد للسلام
السبب الثاني: الواعز الوطني، ولا سيما انهم لم يصلوا بعد الى بغض اوطانهم كما هو الحال عند بعض الشعوب الشرقية في اسيا او حتى في افريقيا وغيرها، من حيث ان الوطن قد وفر لهم الامن والامان ولقمة العيش والحرية، فكان ذلك سببا لتعلقهم به لا كما حدث للشعوب في المناطق الاخرى الذين لم يروا من اوطانهن الا الحروب والقتال والظلم والدكتاتوريات والفقر والجوع والحرمان وكتمان الراي وقمع الحريات وغيرها كثير فصار ذلك عندهم سببا بكره اوطانهم وليس كبعض الاسلاميين الذين جعلوا من (الاسلام) وطنا لهم والغوا الرقاع الجغرافية والاصقاع والبلدان والاوطان، بل هم احبوا وطنهم كما في بعض المسلمين الذين لا زالوا يؤمنون بالوطن وان حبهم جاء وفقا لشريعتهم السمحاء حينما ورد على لسان انبيائهم واوليائهم: (حب الوطن من الايمان)
ولا يعني حب الوطن نسيان الدين. بل ان حب الوطن احد اسس الدين بل جل ما يشعرون به هو تقديم مصالح بلدهم على المصالح الاخرى ولكنهم يحبون كل مسلم اينما كان، كما في توزيع الزكاة على اهل البلد قبل توزيعها على من في خارجه الا مع وجود الفائض عموما فان الواعز الوطني كان سببا مهما اخر لانطلاق تلك الظاهرة الصحية في اوروبا وهو ايضا لا يتعارض مع السبب الاول، فهم وان تمسكوا بدينهم فقد تمسكوا في نفس الوقت بحب وطنهم وابعاد كل خطر محدق عنه بكل الطرق المتاحة واولها واهمها هو التظاهرات المليونية الموحدة
السبب الثالث: حبهم للحياة كما اسلفنا سابقا، وخصوصا ان حياة الكثير منهم قد تعتبر حياة جيدة اذا ما قسناها الى تلك الشعوب الفقيرة، ولكن لا اظن ان هذا يعني انهم غير مستعدين للتضحية من اجل دينهم ووطنهم والا لما خرجوا ملايين الى تظاهرات يكتنفها الخطر... خطر الارهاب والتفجير
ان تلك الاسباب التي اراها في طليعة الاسباب الداعية لذلك هي نفسها الاسباب التي دعت فرنسا اليوم الى التظاهر ضد الارهاب بعد تلك الهجمات التي حدثت في بلدهم، الا ان فرنسا قد تختلف مع اسبانيا في بعض الامور، ولعل اهم الاختلافات هو وجود الجالية (المسلمة) في فرنسا اكثر من تواجدها في اسبانيا، بل لعل ذلك التواجد للجالية في فرنسا هو اعلى نسبة اذا ما قيست الى باقي الدول الاوروبية وبما اننا اعطينا انفا الاسباب التي دعت الى التظاهرات المليونية ضد الارهاب، فصار لزاما علينا ان نعطي الاسباب التي دعت الارهابيين من الجالية التي تعتبرها فرنسا جالية (مسلمة) الى بدء بعض عملها في فرنسا دون غيرها
السبب الاول: وهو ما ذكرناه طيا من ان اكبر جالية هي في فرنسا، وهذا ما يعطيها القوة للبدء بتلك الاعمال الظالمة في تلك الدولة
السبب الثاني: ان تلك الجالية المتواجدة في فرنسا ليست هي الاكثر فحسب بل هي الجالية المتشددة، فان وجود بعض الجاليات المسلمة في غير فرنسا لم يقتصر على المتشددين منهم، بل لعل بعض تلك الجاليات تختلف معهم حتى في العقيدة كما في السويد او النرويج او لندن او غيرهاولذا فان تلك الجاليات في تلك الدول لم يك لها نفس التشدد ولم يك لها نية في الاعمال الارهابية كما في فرنسا، ولذا كانت فرنسا اول الضحايا
السبب الثالث: ان الحكومة الفرنسية بل وكل الحكومات الغربية وعلى الرغم من اطلاعها على الوضع الاسلامي وعلى طوائفه واختلاف عقائده، الا انها سارعت ومنذ عشرات السنين الى احتواء الجالية التي تستبطن العنف اكثر من غيرها ولذلك اسباب منها:
١- ان تلك الجاليات غالبا ما تكون من الطبقات الغنية، فتواجدها في البلدان الاوروبية يدر بالنفع عليها
٢- ان الحكومات الغربية عموما تخاف من قضية (المنقذ) وهذا ما دعى الى احتوائها الى الجالية المسلمة التي ابتعدت عن عقيدة المنقذ، وهي نفسها ذات الطابع التشددي في بعض الاحيان
٣- ان وجود تلك الطائفة دون غيرها في اوروبا جاء وفقا لاتفاقات بين الدول الاوروبية والدول التي تتواجد فيها تلك الطائفة، وهذا لم يك متوفرا مع الدول التي غلب عليها الطابع السلمي لا العنفوي
السبب الرابع: ان وجود مثل هذا الكم من الجالية المسلمة في بلد يختلف تماما عن اعرافهم وعقيدتهم وتصرفاتهم كان يستوجب ان تعمل الحكومة على ما يلي:
١- سن قوانين تتلائم مع تعايشهم المختلف
٢- احتواء علمائهم المتشددين بحيث لا يستطيعوا التحول الى خلايا نائمة
٣- العمل على حوار الاديان لا الاستفادة من تشددهم بل ليستفيد المتشددون من الانفتاح الاوروبي بعض الشيء، فان اسوء صفة لهؤلاء المتشددين هو انغلاقهم
٤- وضع نظم صارمة مع الدول التي جاءوا منها، وخصوصا ان اغلبهم ليسوا من المعارضين لحكوماتهم او الهاربين من اضطهادهم
٥- ان الحرية عند الدول الاوروبية قد تعني شيئا اخرا مختلفا عن الحرية اذا ما اعطيت لهؤلاء المتشددين وهذا ما قد فهمته الحكومة الفرنسية وغيرها متاخرا
السبب الخامس: ان وجود بعض المتشددين القلائل من المسيحيين في فرنسا وخصوصا بعد تشويه صورة الاسلام عندهم ادى الى التعدي على المقدسات والرموز الدينية الاسلامية، وهذا اكثر ما يزعجنا نحن فابتعدت فرنسا عن الاسلام المحمدي الاصيل واقتربت من غيرهم... واقتراب المتشدد من المتشدد ينتج احتكاكا لا محالة ولذا كان سب الرسول اول عداء ظاهر بين الشعوب الشرقية المسلمة وما بين الشعوب الغربية المسيحية، الا ان العجب كل العجب ان الاعتداء على الصحيفة الفرنسية لم ياتي بعد سب الرسول وشتمه ونعته باوصاف مشينة بل قيل انه جاء بعد التعدي على كبيرهم (ابو بكر الارهابي) وهو ليس رمزا اسلاميا عاماً الا انهم انتفضوا له ولم ينتفضوا لرسولهم كما وقفوا قبل مئات السنين ضد حفيده ليحزوا راسه
السبب السادس: سارعت الحكومة الفرنسية اكثر من مرة الى سن قوانين مضادة للاسلام وعلى رأسها منع الحجاب، وهذا ما كان سبب لابتعاد المعتدلين والطوائف الحقة واقتراب من لا يعتني بهذه الامور اكثر من اعتنائه بحز الرقاب وتجذير نفوذهم في بلدان العالم اجمع فتلك اسباب لبدء اعمالهم الارهابية وما قبلها كانت اسبابا لانتفاض الشعوب التي استغفلتها الاموال فقدمت اصحاب النفوذ تاركة اصحاب الفقر الذين يتحلون بالعقيدة الصالحة بل وتركت المعتدلون من الطوائف الاخرى ذوي النفوس الطيبة والافكار النيرة الذين لازالوا يعانون من ذويهم المتشددين في كل مكان وزمان وهاهم ينخرون في الجسد الفرنسي كما نخروا في الجسد الاسباني ولعلهم سينخرون في جسد غيرها من البلدان كما تنخر الدودة في جذع الشجرة فتهلكها، ولو انهم تركوا الفوائد الدنيوية الضيقة والمؤقتة هم وحكوماتهم لما ال الوضع الى ما هو عليه وبعد ذلك احب ان اقارن بين تلك الصحوة الصحية المليونية لشعوب اوروبا وبين الغفلة التي لازلنا فيها، فعلى الرغم من السنوات الطوال التي نشط فيها الارهاب في بلداننا ولم يقتصر على بعض العمليات البسيطة كتفجير قطار او مداهمة جريدة او متجر بل نال كل مفاصل الحياة في باكستان وافغانستان وافريقيا وسوريا والعراق وهو اوضح المصاديق واقدمها وعلى الرغم من تسلط الدكتاتورية في بعضها الا ان الغفلة هي السائدة مع شديد الاسف ولو اننا راجعنا ما قلناه من اسباب تظاهراتهم المليونية لوجدناها تنطبق علينا اولا وبوضوح اكثر
اما السبب الاول: فان الاسلام وان حث على الجهاد في بعض الموارد الا انه ليس الحل لكل شيء، مضافا الى انه قد جعل له شروطا كثر جلها لا ينطبق على ما يقوم به الارهابيون في بلداننا كافة ولا حتى ما يقومون به في الدول الاوروبية فان اسس الاسلام هي الانسانية والسلام والاخلاق، فقد جاء رسولنا متمما للاخلاق، وان المسلم من سلم الاخرون من اذاه ايا كان، ولم يسن الجهاد الا مع وجود المعصوم الذي هو اعلم بموارده وكيفيته، فنجد اغلبهم تركوه ضد ابناء جلدتهم على الرغم مما عانوه من الدكتاتوريات لكي لا يكونوا مزعزعين لوحدة الاسلام وممن يعرضوا بيضته للخطر اذن فلابد ان يكون حبنا للاسلام منشاء لحب السلام وبالتالي الوقوف صفا واحدا ضد ما هو مناقض للسلام والاسلام وهو الارهاب واما السبب الثاني وهو الواعز الوطني، فهو الدافع الثاني الذي يجب ان يكون موحدا لنا للوقوف ضد الارهاب والارهابيين لا بالسلاح فقط بل حتى بنبذهم وجعلهم طائفة منبوذة مبتذلة، فاننا من يجب ان نقف مع وطننا قبل ان يقف هو معنا، ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم، بمعنى لا يغير الله ما بوطن حتى يغيروا ما بوطنهم فكل ما نمر به من بلاء انما هو بسبب افعالنا وخضوعنا وتخلينا عن ثوابتنا وليس الوطن سببا بفقرنا وخوفنا، وقد ضاعت حقوقنا اذ لا مطالب بيننا، وان طالب احدهم ترك الاخرون ذلك لاسباب سياسية او حزبية وما شابه ذلك فمتى سوف نتسامى ونتعالى على جراحتنا وخلافاتنا لنتوحد صفا واحدا نحن المسلمون بكل طوائفنا وعقائدنا واحزابنا وعلى الرغم من اختلاف ارائنا لننتفض من اجل ديننا ووطننا فنتظاهر بالملايين او نتوحد من اجل كتابة دستور او ميثاق ينهي التواجد الارهابي في بلداننا ليقف النزيف الاسلامي الدامي ويندمل جرحه اما آن الاوان فالى متى يبقى الشعب على سكوته
اما السبب الثالث وهو حب الحياة، فاننا وان احببنا الحياة الا اننا عشقنا الشهادة ذودا عن حمى الدين والسلام حتى يقاما، ولا يتربص بنا الارهابيون الا احدى الحسنيين اما النصر و(الحياة) واما الموت وهي الحياة الابدية ايضا، فنحن على كلا الفرضين نعشق الحياة اما حياة في ذرى الاسلام والسلام او تحت الثرى عند رحمانها ورحيمهاوهذا هو اختلافنا عن باقي الاديان فلنا الحياة دوما وابدا

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
احسنتم النشر الموفق والمتابعة الرائعة
حياكم الله

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
موفق اخي العزيز على المجهود الرائع

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
موفق على النشر

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
كان ومازال سماحة السيد القائد مقتدى الصدر ذو نظر ثاقب يرى الاحداث قبل حدوثها بعين الباصر بالحق الناصح الامين المتعالي عن صغائر الامور المتربع على عرش الوطنية والسلام برأيه وبجميع خطواته.
رعاك الله سيدي وحماك ووفقنا لطاعتك.
شكري وتقديري لك عزيزي الراجي ولجميع الاخوة المساهمين في تنضيد الكلمة المباركة.
تقبلوا كل التحيات