مدرسة العصافير

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمدوعجل فرجهم وألعن عدوهم
م/مدرسة العصافير.
في صبيحة يوم بارد من أيام الشتاء القارصة أستيقضت’على صوت زقزقت العصافيرالجميلة المنبعث من السدرة الكبيرة التي أحتضنت أغصانها بيتنا الصغير وغطت واجهته بالكامل.فذهبت الى سطح الدارونظرت الى تلك العصافير عن قرب فوجدتها مجتمعتا" وكأنها تتهيأ لامر مهم تروم القيام به,فأنتابني الفضول لمراقبتهن لأعرف السبب وراء تلكم الحيوية والنشاط المبكر,فذهبت خلفهن محلقا" بجناحي الفضول والشوق حتى أنتهى المطاف بهن الى شجرة كبيرة عليها عصفوروحيدوقد بانت عليه أثار التعب والاعياء فحطن بجانبه فلما رأهن العصفور بدء ينكت ريشه ويزقزق وكأنه نكت ألامه وأزال تعبه,كل ذلك وانا انظرالى هذا المشهد المشوق والغريب بعض الشيءوفجأة بدأت العصافيرتنزل من الشجرة الواحدة تلو الاخرى وتلتقط من الارض بعض الاغصان الصغيرة والورق المتساقط وتحمله الى الأعلى لتسليمه الى مجموعة أخرى بقيت فوق الشجرة وأستمرت هذه العملية وقت طويل جدا"وانا أنظربأستغراب لفعل هذه العصافيرفأخذني الوقت وأذا بالنهار يلفظ أنفاسه الأخيرة والشمس تستعد لتستقل قطارالغروب لتحط في محطة أخرى,فرجعت الى البيت وأنا مندهش مما رأيت وكأني مازلت نائما"وأحلم وأن الذي رأيته ليس حقيقتا" ولامن الواقع,وعند وصولي الى البيت وقع نظري على السدرة التي في دارنا فأذا بالعصافيرقد سبقتني في الوصول الى بيتها وقد تجمعت على غصن كبيروعلامات الفرح والارتياح تعلوا وجهها لتظيئ بفرحتها باقي الأغصان والاوراق الموجودة في تلك السدرة المباركة,فدخلت البيت وذهبت الى الحمام لأغتسل وأزيل التعب الجسدي والفكري الذي انتابني من المشاهد الغريبة التي رأيتها طيلة نهار اليوم حيث أستمر جلوسي في الحمام وقت طويل وأنا استرجع شريط مارأيته واذا بصوت ابني(مصطفى)يصرخ...بابا بابا العشاء جاهز.فخرجت من الحمام وجلست على مائدة العشاء وبدأت زوجتي تحضر الطعام وأولادي يساعدونها في جلب الطعام من المطبخ فبمجرد ان سقط نظري عليهم تذكرت مجموعة العصافيرالتي رأيتها وكيف انها بدأت تعمل كالعائلة الواحدة في جمع الاغصان والاوراق,وبعد الانتهاء من تناول العشاء ذهبت الى مكتبتي الصغيرة المتواضعة من أجل المطالعة فتناولت أحد الكتب ألا انني لم أستطع المطالعة لان عقلي وتفكيري أصبح أسيرا"لذلك الموقف الذي شاهدته من تلك العصافيرحتى أنني من شدة التفكيربهذا الموقف بدأت أشعر بالتعب مرة أخرى مما أنتابتني نوبة نعاس شديدة أطبقت جفوني على عيني وكأنها أسدلت الستارعلى أنتهاء مشهد مثير من مسرحيات(المسرح الهادف)........وفي صباح اليوم التالي أستيقظت قبل ان تستيقظ العصافيروذلك حتى لايفوتني درس أو موعظة من تصرفات تلك المجموعة الرائعة من العصافيرفجلست منتظرا"تحت السدرة وبدأت أنظر لها وكأنها مدرسة والعصافير كأنهم المعلمين والمدرسين في تلك المدرسة وبما أنا كذلك بدء أحد العصافير يزقزق بصوت تدريجي متعال فبدات العصافير بالتجمع على جانبيه يمينا" وشمالا"وكأن صوته منبه قد ضبط للأستيقاض والتجمع مبكرا",فلما أكتمل نصابها حلقت في السماء معلنة" بدء درس جديد وموعظة جديدة وكالعادة ذهب خلفها طالبا"للدرس والتعلم الى ان استقرت على تلك الشجرة التي رأيتها يوم امس,وبدءالعمل الدؤب يستمر بكل همة ونشاط فيما أنشغل العصفورصاحب البيت الذي يراد بنائه في أعداد وجبة الغداء لباقي العصافير وأثناء نقله للطعام سقط قسم كبير من الطعام على الارض وتلف ففي حينها أحس العصفور بالحرج الشديد وذلك لعدم أمتلاكه لطعام أخريعده للعصافير وعند الجلوس لتناول الغداء أحست العصافيربقلة الطعام المقدم لها فبادرت بعض العصافيربتقسيم حصصها وأعطائها للعصافير الاخرى وكل هذا وأنا انظر بأستغراب لما يحصل أمامي من درس كبير وموعظة عظيمة والملفت للنظر ان جميع العصافير أكتفت من الطعام وشبعت ولم ينفذ الطعام حتى ان حالة الاحراج بدأت تتلاشى من العصفور وبدأت علامات الارتياح والسعادة ترتسم على وجهه ومن ثم عاودت العصافير للعمل وبنفس الهمة التي بدأوا بها صباحا" الى أن شارفت الشمس على المغيب لتنفض الارض من ثيابها غبار يوما" طويلا" لتغطي بأذيالها أشعة الشمس الدافئة معلنة" بدء ليلا" شتائيا" بارد",فذهب الى المنزل وقد غمرتني بهجة كبيرة وعلت على وجهي علامات الرضا والارتياح والفخر لما تعلمته’ اليوم من درس كبير ومفيد فلما وصلت الى البيت أستقبلتني زوجتي وملامح الاحراج والتوتر قد بانت عليها وقالت لي اين كنت ؟ ولماذا تأخرت ؟ فقلت لها خيرا" ماالذي حصل ؟فقالت لي ان اخوك وعائلته عندنا ولم أذهب اليوم للتسوق ؟ ولايوجد في الثلاجة ألا القليل من الطعام واني محتارة ماذا أقدم لهم؟؟؟ففي حينها تذكرت تلكم العصافير وكيف انها أخرجت صديقها العصفور من الاحراج الذي وقع فيه نتيجة الطعام القليل الذي قدمه لهم,فقلت لها قدمي ماعندك من طعام والذي فيه خير يقدمه الله عز وجل؟ ثم دخلت وسلمت على اخي وعائلته وجلسنا نتحدث فيما أنشغلت زوجتي بأعداد مالديها من طعام وبما نحن كذلك جاء نداء زوجتي من داخل المطبخ .تفضلوا ان العشاء جاهز؟فذهبنا جميعا" وجلسنا على المائدة وأثناء تناول الطعام لفت أنتباهي نظرات أخي الى زوجته’ ولسان حالهم يقول ان هذا الطعام لقليل ونظنه لايكفينا جميعا" ففي حينها بدء العرق يتصبب من جبهتي والاحراج ينتابني ويقتلني فتذكرت تلك المجموعة من العصافير وبدأت احدث نفسي قائلا" عجيب على الرغم من اننا اخوة ومن عائلة واحدة ومن نفس الاب والام ألا اننا لم نجنب احدنا الاخر الاحراج ولم نحمل بعضنا الاخر على الصحة بسبب العمل الغير مقصود وهذه المجموعة من العصافيرعلى أختلاف أعمارها وتباعد أنسابها الا انها تعيش كالعائلة الواحدة وتتعامل وكأنها جسد واحد ونفس واحدة ,اي طريق تكاملي قد سلكت واي تربية صالحة قد تلقت ,ايعقل ان يكون هناك مجموعة كبيرة تعمل بهذه الدرجة العالية من التفاهم والتناغم في جميع حركاتها وسكناتها فتأملت قليلا" وعقلت وفهمت ان الذي أراه أنما هو طريق الفطرة الالهية السليمة التي فطرنا الله عليها,ثم أسترجعت’ قليلا" وقلت..وهل الفطرة السليمة وحدها كافية لكي توصل هذه المجموعة الرائعة من العصافيرلهذه الدرجة العالية من التكامل والرقي !!! ففي حينها تيقنت ان وراء هذه المجموعة المثالية قائد ومربي قد سهر الليالي وجد وأجتهد في سبيل وصول كل عصفور من هذه العصافير الى مرحلة عالية من الوعي ودرجة كبيرة من الحب والالفة فيما بينها حتى اصبحوا كالجسد الواحد اذا أشتكى منه عضو أشتكت باقي الاعضاء بالسهر والحمى,حيث كان هذا القائد بمثابة السدرة المباركة نفسها التي أحتضنت العصافير وغطتهم بأغصانها وورقها ليعيشوا بدفئ حنانها وعذوبة تربيتها ونظارة زهوها..

قصة جميلة ومعبرة موفق للمزيد من اﻻبداع

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم وألعن عدوهم
انت المبدع عزيزي الغالي (المثابر) وشكرا" لمرورك الكريم
لك مني أجمل تحية وأخلص دعاء

جزاك الله خيراً ووفقك للمزيد

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
أحسنت على القصة المعبرة أخي (الملتحق)
فيجب علينا أن لا نضيع هذه السدرة من أيدينا
وأن لا نثقل عليها لكي نحصد الكثير من ثمارها .