هل لأبتعاد المعصوم عن قاعدته الشعبية اثر على تكاملهم ومسيرهم ؟

ان المعصوم سلام الله عليه يمثل وجه الله في ارضه لذا فله "سلام الله عليه" الاثر الفعَال والكبير على اكثر المخلصين المؤمنين .....فكل مؤمن مخلص يحب ويتمنى ان يرى نور المعصوم كما ورد في دعاء العهد(اللهم ارني الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة واكحل ناظري بنظرة مني اليه)

الا انه هناك ظروف تتسبب في ابتعاد المعصوم عن اتباعه المخلصين ولفترات طويلة بسبب الظلم والجور الذي عانوا منه اكثر المعصومين واتباعهم المخلصين
والتساؤل هنا هل ان بعد المعصوم عن قواعده الشعبية ابو بالاحرى "عن اتباعه المخلصين" يؤثر عليهم ؟
بعبارة اخرى ان ابتعاده بسب هذه الظروف القهرية هل تسبب في تراجع المخلصين عن تأدية الدور المطلوب منهم بسبب بعد القائد عنهم ...؟

وبعد التوكل على الله سبحانه وتعالى يكون على عدة نقاط منها :
اولاً:
ان الله جل وعلا خلق الخلق ولم يتركهم هملا ولا عبثاً بل اوجدهم من اجل تحقيق غاية عظمى كما قال تعالى "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ. " الذاريات 56 وبالعدل الالهي فهو لا يعذبهم من دون ان يطلعهم على ما يريده منهم فقدال تعالى "وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا" الاسراء 15 فالله سبحانه وتعالى قد ارسل الكثير من الرسل والانبياء لبيان الرسالة السماوية لخلقه الآ ان وصل الامر الى حبيبه الرسول محمد "ص" حيث انزل القران الكريم على قلبه وجعله دستوراً للاجيال اللاحقه بعده "ص" الى يوم الدين وجعل الائمة خلفاء من بعد الرسول في قيادة الامة الى بر الامان والى الرقي بهم لتحقيق الهدف المنشود الى ان وصل الامر بعد زمن غيبة الامام الحجة "عج" الصغرى الى السفراء الاربعة وفي زمن الغيبة الكبرى امر الامام برسالته الى الشيخ المفيد "اعلا الله مقامه" باتباع المراجع ولكن بالشروط التي حدها سلام الله عليه فمن خلال هولاء الثلة الطاهرة التي ارسلهم الله جل وعلا من انبياء ورسل واولياء ومخلصين لبيان رسالته الحقة وبين من خلالهم كل شاردة وواردة وكل ما يخص البشرية من اجل النجاح بالوصول بهم الى الهدف المطلوب وبين ثواب وعاقبة من يلتزم بما جاءوا به الانبياء والرسل والائمة الطاهرين وكذلك بين جزاء وعقاب من يخالفهم
وعليه ان الفرد بالتزامه في الشريعة الاسلامية الحقة وبما جاءت به وبتطبيقه لقول المعصوم ونصائحه سيكون احد المشاركين في تحقيق الهدف الالهي المنشود ولا يحتاج الى ان يكون بقرب المعصوم ....لانه ما دام المعصوم بين لنا شروط اتباعه ومنهجه في السير نحو العلى فما علينا سوى تطبيق الشروط والعمل من اجل السير على نهجه القويم
ثانيا:في رواية انه : بكى الرسول صلى الله عليه واله وسلم
فقالوا : ما يبكيك يا رسول الله
قال: اشتقت لإخواني
قالوا: اولسنا إخوانك يا رسول الله
قال: لا انتم أصحابي اما إخواني
فقوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولا يروني.
فهذه اشارة من رسول الله على مدا حبه واشتياقه للشخص الذي يعمل بما جاء به المعصوم من دون ان يتصل به مباشرة او يراه
ثالثاً:
ان المعصوم "سلام الله عليه" لا يريد من اصحابه المخلصين الجلوس معه تحت سقف واحد مكتوفي الايدي فقد ذكر المؤلف الاستاذ علي الزيدي في كتابه اسئلة معاصرة حول الامام المهدي في السؤال الخامس ما يلي : ان ال(313) ليس الهدف من تكاملهم الذي سعوا اليه وتحملوا الصعاب من اجله هو ان يجالسوا الامام وان يكونوا معه تحت سقف واحد فقط .....وانما كانت تربيتهم في انهم كيف يستطيعون ان يعودوا انفسهم على الصعاب وتحمل اقسى الظروف المعقدة ....وهذا لا يأتي من خلال الجلوس والنظر الى الامام سلام الله عليه فقط ...انتهى كلام الاستاذ

وعليه ما دام ان المعصوم ربى اتباعه المخلصين على اقسى الظروف واقواها تعقيداً فاذن ان بعده عنهم مكانياً لا يؤثر على تكاملهم ومسيرهم الايماني
مضافاً الى ذلك انه لو اخذنا انموذجاً تاريخياً بسيطاً في الذين كانوا بالقرب من المعصومين من رسول الله .. الى الامام المهدي سلام الله عليهم اجمعين وتمعنى بواقعهم العملي لوجدناه مخالف لما اراده المعصومين سلام الله عليهم بينما لو تمعنى في واقع ابا ذر وسلمان وعمار والمقداد الذين كانوا نادراً ما يجالسون رسول الله لوجدناه زاهراً ومنور بتطبيق ما اراده المعصومين سلام الله عليهم فقد جاء في كتاب الاستاذ علي الزيدي الموسوم بعنوان "السيد مقتدى الصدر والمخلصون" صفحة 23 ما نصه( والحقيقة ان المعصومين قد استخدموا المخلصين كادوات في تحقيق الكثير من مطالبهم سواء على الصعيد الفردي او الجماعي ......فلقد كان رسول الله "ص" على الرغم من وجود امير المؤمنين "ع" والزهراء "ع" الا انه هيئ افراد كامثال ابي ذر وسلمان وعمار وابي حذيفة والمقداد ...فلقد كان الرسول "ص" يستخدمهم في الكثير من المهام التي كان يتطلبها الظرف المعاش ....انتهى كلام الاستاذ
اذن فالرسول "ص" لم يجد عطاء وعمل من قبل الذين كانوا يجالسونه كثيراً على عكس عمار وابي ذر والمقداد من المخلصين الذي اشاد بعطائهم وعملهم الذؤوب والذين كانوا نادراً ما يجالسونه
وكذلك لو تمعنى بواقع الكثير ممن جالسوا السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر "قدس" بعد استشهاده حيث انقلبوا وتركوا سماحة السيد مقتدى الصدر "اعزه الله" وحيدا في سوح الوغى يصارع الشيطان الاكبر المتمثل بامريكا لعنها الله حيث ادَعا البعض منهم الاجتهاد بعده "قدس" والبعض الاخر ادعا القيادة والبعض الاخر التهى بملذات الدنيا وشهواتها وما وفرت له امريكا من سبل الراحة والخلاص المؤقت
بينما نجد ان الكثير ممن كانوا بعيدين عنه "قدس" بسب اعمال قد كلفهم بها سماحته "قدس" لازالوا على نهجه سائرين ولاعداء الاسلام والامام مقاوميـــن وفي حبه ذائبين وللموت في سبيل فرحه مستعدين

من خلال هذه النقاط يمكن لنا ان نتوصل لما يلي :
1) ان بعد المعصوم سلام الله عليه عن قاعدته الشعبية لا يؤثر على تكاملهم ومسيرهم بل قد يكون بمثابة اختبار وامتحان من قبل الله عز وجل يمكن من خلاله الصعود نحو العلى بالنجاح به او الوقوع نحو التسافل بالفشل به
ويبقى تكامل الفرد متعلق بيده "انا هديناه النجدين..."
2) لايمكن لاي فرد وضع قاعدة عامة على ان كل من يكون بقرب المعصوم او القائد هو مخلص ويفرح المعصوم بقربه له
بل قد يكون مخالف للمعصوم ....وهو اقرب المقربين له؟

لكن هناك ظوابط وعلامات للفرد المخلص يمكن تسقيطها على اي فرد ليبين ايمانه من عدمه كالتزامه بالشريعة وكيفية تعامله مع من حوله وغيرها كثير فان كانت مطابقة للشريعة الاسلامية فالفرد مؤمن ...وان كانت غير مطابقة فالفرد ليس بمؤمن
3) ما دام ان المعصوم قد وضع لنا منهج عملي نسير عليه نحو العلى ليس بشرط ان يكون بقربنا في تطبيق هذا المنهج
فلا نحتاج بعد ذلك الا لدعاءه وبركته في عملنا
اما مسألة النظر الى الامام ومجالسته امر موكل الى المصلحة التي يراها المعصوم فان كان من المصلحة رؤيته ومجالسته فبها وان كان عكس ذلك فالفرد فعل الذي عليه والمعصوم يفرح لعمله سواء التقى به ام لا
4) عمل الفرد بتقوى واخلاص وهو بعيد عن قائده المباشر له الاثر الكبير على تكامله وسعيه نحو العلى كما قال الرسول"ص" (امنوا بي ولم يرونِ)

نسأل الله الموفقية والثبات وحسن العاقبة
مع سماحة السيد مقتدى الصدر اعزه الله

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم

وفقنا الله للتطبيق

شكرا اخي المطيع على المرور والتعليق

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
احسنت اخي الكريم
كما لا شك فيه ان لوجود المعصوم دور كبير في التكامل السيرع للقواعد الشعبيه لحصول القرب منه طبعا لمن اراد ان يتكامل
ولابد للفرد ان لا يجعل غياب المعصوم حجه للتقاعس و التضجر و الركون جانبا بعد العلم ان مسالة التقرب و البعد عن المعصوم مسالة ليست مادية و انما معنوية و المشارة اليها في القران الكريم
قال تعالى : {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }
اجدد لك شكري على طرحك القيم اخي الكريم

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
جزاك الله كل خير على الطرح الرائع
فان القرب المادي من المعصوم والبعد عنه جغرافية
ليس له اي اثر في تكامل الفرد او تسافله وانما يتعلق ذلك بالفرد نفسه
حتى ولو لم يرَ المعصوم طيلة حياته وفي المقابل لو كان الشخص
دائم الجلوس بالقرب من المعصوم او الجهة التي تمثله وهو لايطبق ما تطلبه منه قيادته
فلن يكون لقربه من هذا القائد الالهي اي نفع او فائدة بل ان الحجة سوف تزداد عليه
نسال الله التوفيق للثبات على طريق الحق