العودة   منتدى جامع الائمة الثقافي > القسم الإسلامي العام > ألمنبر الإسلامي العام

ألمنبر الإسلامي العام لجميع المواضيع الإسلامية العامة

إنشاء موضوع جديد  إضافة رد
 
Bookmark and Share أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-05-2012, 07:09 PM   #1

 
الصورة الرمزية المستغفر

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1130
تـاريخ التسجيـل : Mar 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : بغداد
االمشاركات : 1,116

افتراضي السيرة الذاتية لمالك الأشتر (رض)

السيرة الذاتية لمالك الأشتر (رض)
اسمه مالك، ولقبه «الأشتر» وكنيته «أبو ابراهيم». وقد أورد أكثر المؤرخين وعلماء علم الأنساب سلسلة نسبه كالتالي:

هو مالك بن الحارث بن عبد يغوث بن مسلّمة بن ربيعة بن خزيمة (خديمة) بن سعد بن مالك بن نخع(1) ومن أشهر ألقابه اثنان: «الأشتر» و «كبش العراق»

ولا يُعرف تاريخ مولد الأشتر بدقّة، لكن كتّاب السِّيَر اتفقوا على أنه رأى النور في عهد الجاهلية، وربما بين عامي 25 ـ 30 قبل الهجرة.

إسلام وايمان مالك وشهادة النبي(ص) له بذلك

مما لاشك فيه أن مالك الأشتر قد أسلم في زمن الرسول الأكرم (ص) وظل راسخاً في إسلامه. وقد نال درجةً من الايمان بلغَتْ حداً شهد له فيه النبي الأكرم (ص) بالايمان بشكل قاطع، وعبّر عنه في حديث شريف بأنه «مؤمن» أو «مؤتمَن»

وقد روى المحدّثون أن النبي (ص) قال لجمعٍ من الصحابة، وكان فيهم أبو ذر الغفاري:«ليموتن أحدكم بفلاة من الأرض يشهده عصابـة من المؤمنين»، فما كان من أمر أبي ذر (رضي الله عنه) إلا أن توفـي في صحراء الرَّبَـذَةَ، فجاءت قافلة من بين أفرادها مالك الأشتر وحجر بن عدي، فدفنوا جثمانه الطاهر بتكريمٍ بالغ. ويُروى أن مالك الأشتر كفّنَهُ وصلّى عليه ودفنه، يُعينه على ذلك جمع من الناس، وفي مثل تلك الحال من الأسى والحزن اللذين استوليا على مالك، وضع يده على تراب القبر وقال بلوعةٍ: اللهم، فهذا أبو ذر ناصر نبيّك، الذي عَبَدَك عبادة العابدين، وجاهد المشركين في سبيلك، ولم يغيِّر ديناً أو يبدّل سُنَّةً، وقد رأى منكراً فاعترض عليه بقلبه ولسانه، فظُـلِمَ ونُـفِيَ وازْدُري حتى قضى غريـباً في الصحارى. اللهم فأهلِكْ مَن حَرَمَهُ ونَفاه وأبعَدَهُ عن حرم نبيّـك ودار هجرته (فرفع الحاضرون جميعاً أيديهم وأمّنوا على دعائه). ويُروى كذلك أنه حينما ذُكِـرَ مالك عند رسول الله (ص) قال: «إنه المؤمن حقّـاً»




سيرة مالك الحسنة في عهد الخلفاء الثلاثة

خطى مالك الأشتر منذ إسلامه على نهج السنّة النبوية والسيرة العلوية، رغم رحيل النبي محمد المصطفى(ص) وتولّي الأمر ثلاثة من أصحابه، فانه لم يتخلَّ يوماً عن أهل البيت(ع) الورثة الحقيقيين للنبي(ص) كما كان من المدافعين عن حريمهم وحقِّهم بضَراوة. وقد ساهم في عزل بعض الولاة المُعيّنين من قِبَل الخلفاء، عبر اعتراضه على سلوكياتهم، وقد هيأ الأرضية المناسبة لإنصاف المظلومين والاستجابة لشكاوى المسلمين. ومن جملة ذلك، اعتراضه على جرائم الوليد بن عقبة، مما أدى الى تنحيته عن ولاية الكوفة. كما اشتكى مالك وبعض الصحابة والعظماء الآخرين من ظلم سعيد بن العاص، وهو والٍ آخر للكوفة، لكن عثمان كان ميالاً بشدة الى قومه وعشيرته، ولذلك فقد بادر إلى نفي مالك وعدداً من الأجلاء مثل كميل بن زياد وصعصعة بن صوحان وثابت بن قيس الى الشام، ثم لمّا لم يستطع معاوية بن أبي سفيان إسكات صوت مالك الصادح بالحقيقة، فقد أُبعِدَ هؤلاء الأكارم بأمر عثمان الى حمص ـ التي كان يحكمها عبد الرحمن بن خالد ـ وفي نهاية المطاف أثمرت مساعي مالك الشجاعة في خلع سعيد بن العاص أيضا بالقوة عن ولاية الكوفة

كان مالك من أولئك النفر من الصحابة والتابعين الذين كانوا يكشفون للناس حقيقة الجرائم وأنواع الخيانة التي كانت تُرتكب من قبل عثمان وولاته، ما أدى الى أن ينالوا جزاءهم، وبعد مقتل عثمان، راح مالك الأشتر يدعو الناس بخُطَبِ استدلالية وتصريحات منطقية ومقنعة، الى مبايعة مولاه أمير المؤمنين عليّ(ع) ويهيئَ الأرضية المناسبة لخلافة الإمام. ويُروى أن مالك الأشتر النخعي كان أول مسلـم يصافح يد الإمـام عليّ في بيعته على الخلاف


الأشتر نصير علي (ع) والمدافع عن حكمه

لم يقصِّر مالك الأشتر ملامَةَ ظفر من أجل تهيئة الأجواء لقيام الحكم العلويّ، وعاش سنين طوالاً بأمل إقامة هذا الحكم. وعندما قامت خلافة الإمام علي(ع) كان مالك مطيعاً إطاعة تامّة ومسلّماً تسليماً محضاً لأوامره(ع)، كما لعب دوراً رئيسياً وحيوياً في جميع الأحداث والوقائع الأساسية والهامّة التي حصلت أثناء خلافة أمير المؤمنين(ع).

فقد كان لمالك دور كبير في انتصار جيش أمير المؤمنين خلال حرب الجَمَل، من خلال بناء جيش الإمام وجنده، وعبر المشاركة العسكرية الشجاعة فيها. ويروي صاحب «روضة الصفا» إن مالك الأشتر حمل ثلاث مرات على المحيطين بِجَمَلِ عائشة أثناء حرب الجَمَل، وكان يقطع في كلّ مرّة واحدة من أرجل ذلك الجمل

ولمبادرات مالك الشجاعة دور كبير في فتح الرِّقة وحرّان، وطرد عمّال معاوية منها، وكذلك جهاده وقتاله البطولي في صفين، فقد صنعت منه بطلاً تاريخياً أطبقت شهرته الآفاق على مرّ التاريخ.

لقد استحقّ مالك وبجدارة لقب بطل صفّين الكبير بعد الإمام علي(ع) نظراً لشجاعته النادرة وتضحياته في تلك الحرب.




استشهاد مالك الأشتر المؤلمة

كان الإمام علي(ع) يعتبر مالك الأشتر جديراً بحكم مصر، فلذلك فقد دعاه الى الكوفة وأعطاه عهده المعروف، وبعث به إلى هناك. فما كان من معاوية الذي كان يُدرك أنه لو دخل مالك الأشتر مصر فانها ستتحول الى قاعدة قوية وراسخة للخلافة العلوية، فدبّر خطة لاغتياله، وهو ما تحقّق له في نهاية المطاف. فقد استـشهد مالك الأشتر في أرض القـلزم بمصر على يد نافع ـ مولى عثمان بن عفان ـ الذي سقاه شراباً مزيجاً من السَّم والعسل.


تاريخ إستشهاده ومحل دَفنه

ذكر بعض المؤرخين أن مالك الأشتر استشهد في رجب عام 37هـ (657م)، ولكن يبدو أن الصواب هو الخامس والعشرون من ذي القعدة عام 38 للهجرةومن الأدلة المتوافرة يمكن تخمين عمره بأكثر من سبعين عاماً. أما فيما يتعلّق بمحل دفن جثمانـه الطاهر، فقد ذهب بعض المؤرخين إلى أنه دُفِنَ في القلزم ذاتها، ولكن كثيرون يعتقدون أيضاً أن جثمانه حُمل من القلزم ودُفِنَ في المدينة المنورة، حيث يوجد قبره المعروف والمشهور الآن. وسبب ذلك هو أن مرافقيه لم يدفـنوه في القلزم خشيةً من أن يأمر معاوية ـ لشدّة معاداته له ـ بنبش قبره وإهانة جثمانه الطاهر.


حُزن أمير المؤمنين على مالك

كان الإمام علي(ع) ينتظر على أحرِّ من الجمر أن يبعث إليه في الكوفة واليه على مصر تقريراً حول الفوضى الحاصلة في تلك الديار، لكن شيئاً من ذلك لم يحصل، مما أقلق الإمام وأثار هواجسه، حتى بلغه نبأ استشهاد الأشتر في العشرين من ذي الحجة الحرام عام 38 للهجرة، مما أدى الى حزن الإمام(ع) حزناً بالغاً والبكاء عليه كثيراً، ثم ارتقائه المنبر دامع العين، وقوله:

«لله درّ مالك، لو كان من جبل لكان أعظم أركانه، ولو كان من حجر كان صلداً. أما والله ليهدن موتك عالماً، فعلى مثلك فلتبك البواكي» ثم قال: «إنّا لله وإنّا إليه راجعون والحمد لله ربّ العالمين، اللهم إني أحتسبه عندك، فان موته من مصائب الدهر، فرحم الله مالكاً، فقد وفى بعهده وقضى نحبه ولقي ربه، مع أنا قد وطّنا أنفسنا أن نصبر بعد مصابنا لرسول الله(ص) فانها من أعظم المصيبة».




ثم نزل(ع) من المنبر كسير الخاطر محزون القلب وتوجّه الى بيته. وفي هذه الأثناء، تشرّف مشايخ قبيلة نَخَع (وهم أبناء عمومة مالك) بزيارة بيت الإمام لتعزيته، فوجدوه يتلهف ويتأسف عليه وهو يقول: «لله درّ مالك، وما مالك لو كان من جبل لكان فنداً، ولو كان من حجر لكان صلداً. أما والله ليهدنّ موتك عالماً وليفرحنّ عالماً، على مثل مالك فلتبك البواكي وهل موجود كمالك».
قال علقمة النخعي: فما زال علي(ع) يتلهف ويتأسف حتى ظننا أنه المصاب به دوننا، وعرف ذلك في وجهه أياماً
وجاء بعدها جمع من رجال قريش للتعزية أيضاً. وظل أمير المؤمنين حزيناً متألماً، فقال رادّاً على تعازي القرشـيين: «مالك وما مالك، لو كان جبلا لكان فندا، ولو كان حجراً لكان صلدا، لا يرتقيه الحافر ولا يوفي عليه الطائر وقال: «لا أرى مثله بعده أبداً»

لمحات من مناقب وفضائل مالك الأشتر ناصر الإمام عليّ وحبيبه
قال أمير المؤمنين علي(ع) في وصف مالك: «ليت فيكم مثله إثنان، بل ليت فيكم مثله واحد يرى في عدوي مثل رأيه»
وقد علّق المحدِّث القمّي (رحمه الله) على هذه الرواية في الهامش قائلا: «إن عمرو بن الحمق الخزاعي الذي كان من حواري أمير المؤمنين(ع) ومشهوراً بالجلالة والفضل، بل قيل في حقه أنه كان من أمير المؤمنين بمنزلة سلمان من رسول الله(ص)، أن أمير المؤمنين(ع) قال: «ليت أن في جندي مائة مثلك». لكنه قال في الأشتر: «ليت فيكم مثله واحد» فتأمل في ذلك ليدلك على مرتبة رفيعة وجلالة عظيمة للأشتر رضوان الله عليه.

دُخْنُ معاوية وديكُ عليّ
يُروى أنه لما بعث أمير المؤمنين(ع) بالطِّرمّاح بن عدي الى معاوية، أقبل معاوية على كاتبه فقال: أكتب للأعرابي جواباً، فلا طاقة لنا به. فكتب: أما بعد يا عليّ فلأوجهن إليك بأربعين جملا من خردل مع كل خردلة ألف مقاتل يشربون الدجلة ويسقون الفرات. فلما نظر الطرماح الى ما كتب به الكاتب، أقبل على معاوية فقال: سوأة لك يا معاوية، فلا أدري أيكما أقل حياءً أنت أم كاتبك؟ ويلك لو جمعت الجن والإنس وأهل الزبور والفرقان كانوا لا يقولون بما قلت.
قال معاوية: ما كتبه عن أمري. قال: إن لم يكن كتبه عن أمرك فقد استضعفك في سلطانك، وإن كان كتـبه بأمرك فقد استحييت لك من الكذب، أَمِنْ أيهما تَعْتذر وَمِنْ أيّهما تعتبر، أَمَا إنّ لعليٍّ صلوات الله عليه ديكاً أشتر جيداً أخضر، يلتقط الخردل بجيشه فيجمعه في حوصلته. قال: ومن ذلك يا أعرابي؟ قال: ذلك مالك بن الحارث الأشتر.

ذراع أمير المؤمنين القوية
ويُروى أنه لما بلغ نبأ استشهاد مالك بأرض الشام، وقد سُرَّ معاوية للغاية لهذا النبأ، قام خطيبا في أصحابه قائلا: إن علياً كان له يمينان قطعت إحداهما بصفين، يعني عماراً، والأخرى اليوم»(22).

أشجع الشجعان بعد أمير المؤمنين
قال ابن أبي الحديد المعتـزلي في شرح نهج البلاغة: لله أُمّ قامت عن الأشتر، لو أن إنساناً يقسم أن الله تعالى ما خلق في العرب ولا في العجم أشجـع منه إلا أستاذه عليّ بن أبي طالـب(ع) لما خشيت عليه الإث.
ولله درّ القائل حينما سُئل عن شجاعة الأشتر فأجاب: ماذا أقول في رجلٍ هزمت حياته أهل الشام، وهزم مماته أهل العراق
ويُروى أنه في ليلة الهرير واليوم الذي سبقها في حرب صفّين، لم يجد مالك الأشتر فرصة للسجود في أربع صلوات، فاكتفى بالتكبيرات نظراً لانشغاله بقتال الضالّين، وقد بلغ عدد قتلى ذلك اليوم سبعين ألفاً، وكان الأشتر يحمل على ميمنة العدو وميسرته برمحه وسيفه كالأسد الهصور، وكان يحرّض أهل كل قبيلة على مقاتلة من يقابلها من الأعداء، وكان يحثّ الجيش على النزال.

مُقيم الدين
كتب أمير المؤمنين(ع) الى مالك الأشتر حينما دعاه من نصيبين الى الكوفة لتوليته حكم مصـر: «أما بعد، فانك مَن استظهر به على إقامة الدين وأقمع به نخوة الأثيم، وأسدّ به ثغر المخوف»
مالك لعليٍّ (ع) كما عليٌّ للنبيّ(ص)
يكـفي مالك عظمة وعلـوّ مقـام أن الإمـام علياً(ع) قال عنه: «كان الأشـتر لي كما كنت لرسول الله(ص)». وهذا بمفرده فخر كبير لمالك وذريته الى يوم القيامة.

سيف الله
يروي المحدّثون أنه لما بعث الإمام علي(ع) مالكاً الى مصر، كتب في حقه رسالة الى أهل مصر، وقد عُـثر بعد استشهاده على هذه الرسالة بين ملابسه ورحله، وقد ورد فيها: «وإني قد بعثت اليكم عبداً من عباد الله لا ينام أيام الخوف ولا ينكل عن الأعداء، حذر الدوائر، من أشد عبيد الله بأساً وأكرمهم حسباً، أضرّ على الفجّار من حريق النار، وأبعد الناس من دنس أو عار، وهو مالك بن الحارث الأشتر، لا نابي الضريبة ولا كليل الحد، حليم في الحذر رزين في الحرب، ذو رأي أصيل وصبر جميل، فاسمعوا له وأطيعوا أمره، فإنْ أمركم بالنّفر فانفروا وإن أمركم أن تقيموا فأقيموا، فانه لا يقدم ولا يحجم إلا بأمري، فقد آثرتكم به على نفسي نصيحة لكم وشدّة شكيمة على عدوّكم. عصمكم الله بالهدى وثبّتكم بالتقوى، ووفقنا واياكم لما يحب ويرضى».

لماذا اختير مالك لولاية مصر؟
قال أمير المؤمنين علي(ع) في كتاب له عندما ولّي محمد بن أبي بكر خلفاً للأشتـر، موضحا سبب اختياره مالك الأشتر لولاية مصر: «إن الذي كنت وليته أمر مصر كان رجلاً لنا ناصحاً وعلى عـدونا شديداً ناقماً، فرحمه الله، فلقد استكمل أيامه ولاقى حمامه، ونحن عنه راضـون، أولاه الله رضوانه، وضاعف الثواب له»(29).

أخلاقه الحسنة وسيطرته على الهوى
كان مالك الأشتر متحلياً بالزهد والحلْم وحُسْن الخُلق والصبر والتواضع، في ذات الوقت الذي كان يشتهر بالحكمة والشجاعة والفضيلة والنُّبل. ورغم ما عُرف عنه من أنه الفارس الذي لا يشق له غبار في ميادين القتال، وما اشتهر به من شجاعة وشدّة في ذات الله، إلا أن هذه الصفات كانـت متلازمة مع لينٍ وسكينة وعاطفة جيّـاشة. وقـد ورد في مجموعة ورّام (وهو كتاب أخلاقي من تأليف الأمير الزاهد ورّام بن أبي فراس) أن مالك الأشتر كـان مجتازاً، ذات يوم ـ بسوق الكوفة ـ وعليه قميص خام وعمامة منه، فرآه بعض السوقـة، فأزرى بزيِّه، فرماه ببندقـة تهاوناً به، فمضى ولم يلتـفت، فقيل له: ويلك أتعرف لمن رميت؟ فقال: لا، فقيل له: هذا مالك صاحب أمير المؤمنين(ع)، فارتعد الرجل ومضى إليه ليعتذر وقد دخل مسجداً وهو قائم يصلي، فلما انفتـل، إنكبّ الرجل على قدميه يقبلهما، فقال: ما هذا الأمر؟ فقال: أعتـذر إليك مما صنعت. فقال: لا بأس علـيك، فوالله ما دخلت المسجد إلا لأستغفرن لك».
قال المرحوم القاضي نور الله التُستري بعد رواية هذه القصة: أجل، هكذا ينبغي أن تكون النفس النبيلة، التابعة والمطيعة لأمير المؤمنين(ع) والتي لم تعبأ بالوساوس الشيطانية والرغبات النفسانية، والتي تمكنت من الاقتداء بالإمام علي(ع) عبر ممارسة الرياضات والمجاهَدات الروحية. وقد ظهر من هذا الخبر أن الأشتر رضي الله عنه كان ممن يصدق عليه قوله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّ‌حْمَـٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْ‌ضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} ومن هنا نجد أن أمير المؤمنين كتب الى أهل مصر لما بعث الأشتر إليهم: «فقد بعثت إليكم عبداً من عباد الله». وحسب تعبير المحدِّث القمّي صدق عليه أيضاً معنى الشجاع في قول أمير المؤمنين(ع): «أشجع الناس مَن غَلَبَ هواه».

درع المسلمين
قال أمير المؤمنين علي(ع) في إحدى رسائله لاثنين من قادة جيشه ـ وهما زياد بن نصر، وشُرَيْح بن هانئ، واللذان جعل مالك الأشتر أميراً عليهما ـ مشيراً الى مالك: «لقد أمّرتُ عليكما وعلى من في حيِّزكما، مالك بن الحارث الأشتر، فاسمعا له وأطيعا واجعلاه درعاً ومجنّـاً، فانه ممن لا يخاف وهنه ولا سقطته، ولا بطؤه عما الإسراع إليه أحزم ولا إسراعه الى ما البطؤ عنه أمثل».
لقد بذل مالك جهده لنيل رضـا الله ولم يتردد أبداً ولم يتحدث عبثاً من أنه سوف لن يقوم بهذا العمل أو ذاك.
إن هذا الحديث، يبيّن مدى عقل وكفاءة وقوة شخصية وكثرة تجارب مالك، ويُعلم من خلاله أن ثـقة أمير المؤمنين(ع) به كانت راسخة.

الأشتر وأُمنية الشهادة
عند اشتداد أوار حرب صفّين التي استشهد خلالها عدد من أصحاب وأنصار الإمام علي(ع) بكى الأشتر ذات يوم، فسأله الإمام عن سبب بكائـه فأجاب: أبكي لأنني لم أُرزق بما رُزق به أنصارك الشهداء الفائزون، فقال له الإمام علي(ع): «أَبْـشِر بالخير يا مالك، ثم ترنَّم بالبيتن التاليين:
أيَّ يَوْمَيْـكَ من الموتِ تَـفِـرْ

يَـومَ لا يـقـدر أو يـومَ قُـدرْ

يـوم لا يـقدر لا أرهـبه

ومن المقدور لا يُنجي الحَذَرْ
وقد كتب أمير المؤمنين في خاتمة عهـده الى مالك الأشتـر داعياً: «وأنْ يختم لي ولك بالسعادة والشهادة». وقد استُجيب دعاؤه بحقِّه وبحقِّ مالك.


نصير المهدي الموعود (ع)
تـشير إحدى الأصول الراسخة والأعمدة المحكمة للـشيعة الإمامية والتي تُعرف بـ «الرجعة» إلى أن أنبياء الله والأئمة المعصومين(ع) وكثير من أولياء الله سيرجعون الى هذا العالم ويساهمون في إقامة دولة المهدي المنتظر (عج). وقد ورد في روايات أهل البيت(ع) إلى أن مالك الأشتر النخعي هو أحد الذين اختيروا للخروج مع الإمام صاحب الزمان (عج) وسيكون أحد أنصاره الأوفياء وآمري جيشه وقادة حكمه.
وقد ورد في مضمونه حديث المفضل عن الإمام الصادق(ع) أنه قال: «يخرج مع القائم من ظهر الكوفة سبع وعشرون رجلاً، خمسة عشر من قوم موسى(ع) الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون، وسبعة من أهل الكهف، ويوشع بن نون وسلمان وأبو دجانة الأنصاري والمقداد ومالك الأشتر، فيكونون بين يديه أنصاراً وحكاماً».

أفضل تذكار لمالك الأشتر
مع أن مالك الأشتر لم يحكم مصر مطلقاً، ورغم انه لم يتسلم مقاليد الولاية التي أوكلت إليه، ولم يتمكن من تنفيذ العهد الذي خصصه الامام أمير المؤمنين(ع) اياه، بالنسبة الى مصر وأهلها، ولكنه(ع) خلّده الى الأبد في عهده هذا عندما وجهه الى مصر وأوضح الإمام للجميع أن أناساً مثـل مالك لائقون لتـرأُس وحكم البلاد والعباد. ويتّضح من خلال الخصائص والصفات التي بينها الإمام(ع) في هذا العهد للولاة والقضاة والأمراء والقادة وسائر المسؤولين الثـقافيين والسياسيين والاجتماعيين أن مالك الأشتر ـ من وجهة نظر الإمام ـ كان يمتلك كل هذه الصفات بأحسن ما يكون. وهذا العهد هو ـ على حدّ تعبير الشريف الرضي جامع نهج البلاغة ـ أشمل ما كتب من العهود التي أعدّت لتطبيق العدالة ـ من قبيل قانون القضاء وقواعد رعاية شؤون الناس وسنن إدارة الدولة وأسلوب الحرب ووعظ الجميع والخ... وأكثرها تفصيلاً. وقد كتب أمير المؤمنين هذا العهد لكي يلتزم بمواعظه وقواعده عملياً كل أمراء العالم وسلاطينه على مرّ الزمان وفي كل ولاية وإمارة ما داموا يسيطرون على الحكم، ولكيلا يحيدوا عنه قيد أنملة. وهذا العهد ـ في الواقع ـ هو ميثاق هداية وإسعاد البشر الكبير وقد تخلّد باسم مالك الأشتر النخعي

مهابة مالك ونفوذه الاجتماعي
يروى أنه عندما هاجم جيش معاوية مدينة الأنبار، قتل جمعاً من الناس وسبى عدداً من النساء، فبلغ ذلك أمير المؤمنين(ع). فجمع الإمام الناس ودعاهم الى حرب معاوية، لكنهم ترددوا في ذلك وصدر عنهم ما هو غير مقبول من الكلام، وهنا تعالى صوت أحد أبناء الكوفة بين الجموع بالقول: لقد تبينت مكانة مالك الأشتر في العراق، فلو كان حيّـاً، لما صدر عن أحد مثل هذا الكلام السخيف (لانعدمت الضجّة) وفهم كلٌّ ماذا يقول (وتحدّث بحكمة) . النص العربي موجود في شرح نهج البلاغة: 2/90.

قدوم مالك الى إصفهان
نقل الحافظ أبو نعيم تحت عنوان مالك الأشتر: أنه كان باصبهان أيام عليّ بن أبي طالب(ع). وروى عن عمر بن سعيد أنه قال: ذهبت ضمن جمعٍ من أهالي نَخَع لعيادة الأشتر في إصفهان، وقد توفّي على أثر السُّم عام 37هـ، في القلزم
وقال مؤلف كتاب فتح ايران: مع أن مجيء شخصية شيعية رفيعة المستوى وموالية للإمام أمير المؤمنين عليّ(ع) مثل مالك الأشتر الى إصفهان يؤيد الهدف الأصلي من وراء تأليف هذا الكتاب في مجالس تشيّع إصفهان وتأصيل هذا التشيّع، لكن الناقل الوحيد لهذا الموضوع هو الحافظ أبو نعيم، ولم نجد مِن سواه أية إشارة إلى ذلك في أيٍّ من المصادر التاريخية الشيعية والسنّية المتوفرة، رغم إن قدومه الى إصفهان لم يكن مستبعداً، وذلك لأداء واجبٍ أو حلِّ مشكلةٍ ما.

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَاهْلِكْ عَدُوَّهُمْ مِنَ الجِنِّ وَالاِنْسِ مِنَ ألاَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ
{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}



المستغفر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-05-2012, 07:10 PM   #2

 
الصورة الرمزية المستغفر

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1130
تـاريخ التسجيـل : Mar 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : بغداد
االمشاركات : 1,116

افتراضي رد: السيرة الذاتية لمالك الأشتر (رض)

الأشتر في رأي العظماء وأصحاب الرأي
يصف ابن أبي الحديد المعتزلي في كتابه الشهير شرح نهج البلاغة مالك الأشتر بأسلوب جميل وكلام بليغ فيقول: «كان شديد البأس جواداً رئيساً حليماً فصيحاً شاعراً، وكان يجمع بين اللين والعنف، فيسطو في موضع السطوة ويرفق في موضع الرفق، كان فارساً شجاعاً ورئيساً، من أكابر الشيعة وعظمائها، شديد التحقق بولاء أمير المؤمنين عليّ(ع) ونصره، وقد خاطبه الإمـام في عهده إليه بما لا يمكن أن يتضمّنه كلام مفصّـل، على ايجاز ذلك العهد. ووالله لأنَّ الأشتر خليق بمثل ذلك المديح(43).
وقد ورد في مجالس المؤمنين نقلا عن بعض العلماء أن: «الأشتر كان جليل القدر وعظيم المنزلة، وكانت صلته الوثيقة بأمير المؤمنين أوضح من أن تُخفى، وقد أسِفَ الإمـام لوفاته، وقال عنه: «إنه كان لي كما كنت لرسول الله(ص)».
ونقل الكتاب المذكور ذاته عن تاريخ اليافعي أن الأشـتر كان من دُهاة وعقلاء العرب، وأبطال الدهر وشجعانه، وسيّد قومه وخطيبهم وفارسهم
ويتّضح جيداً من خلال الرسائل العديدة التي صدرت عن أمير المؤمنين عليّ(ع) بشأن مالك الأشتر أنه نموذج واقعي للانسان المتكامل ومن خاصّة أمير المؤمنين عليّ(ع) مثلما وصفه الشيخ المفيد (رحمه الله) في الاختصاص: إنه من المقرّبين من أصحاب أمير المؤمنين.

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَاهْلِكْ عَدُوَّهُمْ مِنَ الجِنِّ وَالاِنْسِ مِنَ ألاَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ
{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}



المستغفر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-05-2012, 08:03 PM   #3

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 375
تـاريخ التسجيـل : Aug 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 1,245

فارس رد: السيرة الذاتية لمالك الأشتر (رض)

بوركت ايها الاخ المتجدد المتنوع في العطاء
المستغفر
ورزقك الله شفاعة وصحبة محمد وال محمد
واصحابهم الاطهار الابرار لا سيما من سطرت الاحرف بحبه
الصحابي الجليل مالك الاشتر

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
عبق الصدر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-05-2012, 10:01 PM   #4

 
الصورة الرمزية الاخوة

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 20
تـاريخ التسجيـل : Oct 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : عاصمة دولة العدل الالهي
االمشاركات : 2,667

افتراضي رد: السيرة الذاتية لمالك الأشتر (رض)

جهد مبارك وفقك الله للاقتداء بسيرة هذا الناصر
الذي كان لابي الحسن عليه السلام كما كان علي ابن ابي طالب لرسول الله عليهم السلام
جعل الله ما كتبت في ميزان حسناتك

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
الاخوة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-05-2012, 11:32 PM   #5

 
الصورة الرمزية طالب مغفرة

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 463
تـاريخ التسجيـل : Sep 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : بغداد
االمشاركات : 4,339

افتراضي رد: السيرة الذاتية لمالك الأشتر (رض)

جزاك الله(تعالى) خيرا

 

 

 

 

 

 

 

 

طالب مغفرة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



All times are GMT +3. The time now is 10:30 PM.


Powered by vBulletin 3.8.7 © 2000 - 2024