منتدى جامع الائمة الثقافي

منتدى جامع الائمة الثقافي (http://www.jam3aama.com/forum/index.php)
-   منبر شهيد ألله السيد محمد محمد صادق الصدر (قدس) (http://www.jam3aama.com/forum/forumdisplay.php?f=31)
-   -   هنا جميع خطب السيد الشهيد محمد الصدر قدس سره مكتوبة (http://www.jam3aama.com/forum/showthread.php?t=9485)

ابو علي 22-03-2012 12:34 AM

هنا جميع خطب السيد الشهيد محمد الصدر قدس سره مكتوبة
 
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
اليكم احبتي هذه الخطب المباركة للولي الطاهر محمد الصدر قدس سره بصيغة مكتوبة
واسالكم الدعاء

الجمعة الاولى: 19 ذو الحجة 1418 هـ

الخطبة الاولى

اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم.

نتبرك اولا بقراءة سورة الفاتحة على ارواح المؤمنين والمؤمنات.

بسم الله الرحمن الرحيم.

انا افتتح هذا الموسم المقدس بقراءة فقرات من دعاء الافتتاح :

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم اني افتتح الثناء بحمدك وانت مسدد للصواب بمنك وايقنت انك انت ارحم الراحمين في موضع العفو والرحمة واشد المعاقبين في موضع النكال والنقمة واعظم المتجبرين في موضع الكبرياء والعظمة ، اللهم اذنت لي في دعائك ومسألتك فاسمع يا سميع مدحتي واجب يا رحيم دعوتي واقل يا غفور عثرتي فكم يا الهي من كربة قد فرجتها وهموم قد كشفتها وعثرة قد اقلتها ورحمة قد نشرتها وحلقة بلاء قد فككتها.

الحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا ، الحمد لله بجميع محامده كلها على جميع نعمه كلها الحمد لله الذي لا مضاد له في ملكه ولا منازع له في امره ، الحمد لله الفاشي في الخلق امره وحمده الظاهر بالكرم مجده الباسط بالجود يده الذي لا تنقص خزائنه ولا تزيده كثرة العطاء الا جودا وكرما انه هو العزيز الوهاب .

انا حسب فهمي اننا الان في نعمة كبيرة جدا، وكل نعم الله كبيرة ونعمه لا تحصى ولا تعد ، ( وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها )، نعمة كبيرة جدا ، في اقامة هذا الموسم المقدس الطيب وجزاكم الله خير جزاء المحسنين.

الا ان الشيء الذي ينبغي الالتفات اليه من قبلكم جميعا وغيركم ايضا، اننا ينبغي ان نكون على مستوى مسؤولية شكر هذه النعمة واداء حقها امام الله سبحانه وتعالى، صح، شكرا لله:

شكر ، حينما نقول شكرا لله ، نحن نشكر الله ، لكن هناك اساليب اخرى للشكر عديدة ليس منها فقط شكرا لله ، بل الشيء الرئيسي لشكر الله هو كون الفرد

المؤمن على مستوى المسؤولية بالنسبة الى النعمة، مثلا الانسان عنده ربح كثير، مستوى المسؤولية شنهو؟

ان يتصدق به على المحتاجين ويقضي به حاجة المؤمنين، كول لا ، نحو ذلك من الامور، ان الانسان مثلا له مهنة الطب يعرف الطب فيقضي به حاجة المحتاجين والمؤمنين من المرضى وهكذا.

زين هذه النعمة ما هو شكرها ؟ ، ان نكون على مستوى مسؤوليتها وهي شنو:

ان لا نفرط بها وان لا نعمل عملا يؤدي الى منعها وازالتها بل نكون شنو:

بالشكل الذي يستمر به هذا الموقف وتستمر به هذه العبادة المقدسة.

واوضح ذلك بالنسبة الى الجمهور، بالنسبة الى عوام الشيعة جزاهم الله خير جزاء المحسنين هو ان لا يعملوا عملا ، او لا يقولوا قولا الا بإذن المراجع الكرام والقادة العظام الله يديم ظل الموجودين منهم.

لا تتحرك ولا تنطق ولا تنظر ، بل ولا تفكر الا بإذن الله ، الا بالشيء الذي يرضي الله سبحانه وتعالى، واما اذا كان شيء مشبوها او مشكوك ، او فيه زايدة ، او ناقصة او احتمال الخطر او احتمال السوء او احتمال الذنب او احتمال الزلگ، مثل ما يگولون ، امتنع عنه بكل صورة.

زين احنه الله ما شايفيه ، ولا سامعيه ، وانما سامعين عنه ، كتابه المفتوح عنه هم العلماء، فلا ينبغي ان الانسان يتصرف اطلاقا الا بإذن العلماء.

شوف حبيبي ، مو انا گلبي محروگ، اگلهم للجماعة وخروا ، ما يوخرون ، زين اذا انت تقر بولايتي ، ما معنى ما توخرون ؟ غير اطيعوني ، انتم في القليل هكذا فكيف ستكونوا في الكثير ، ماله معنى حبيبي، اطيعوا علمائكم بس والا فلا.

اذا تريدون نفع الدين ووجود هذه الفرصة المتاحة بعون الله، والله تعالى هو مسبب الاسباب انما شنو ؟ لا يكون الا بإطاعة التوجيه الديني ليس اكثر ولا اقل وكل من يقول غير ذلك ضع في فمه التراب لا اكثر ولا اقل.

النعمة الاخرى التي اشعر بها اكيدا في هذا الموسم الطيب ، سبحان الله :

اننا نتكلم في مكان خطب فيه امير المؤمنين سلام الله عليه، كول لا

بضرورة التاريخ وضرورة الدين ، ولم يتكلم من اهل الحق بعده اطلاقا الى هذه اللحظة ، ولم يستمع من اهل الحق بعده مثلكم الى هذه اللحظة ، من اعظم النعم.

مسجد الكوفة انت تشوفه طابوگ وجص ، لا، لا ، يقول الشاعر :

لو يعلم الخلق ما في فضل مسجدها حجوا اليه ، مو ذهبوا ولا راحوا ، حجو اليه لو زحفا على الركب

تزحف ، تزحف ، مريض ، معوق ، تجي ، ليش ، لان فضيلته عند الله كبيرة ، يكفي انه بيت المعصومين سلام الله عليهم ، يكفي انه بيت الله جل جلاله ، يكفي انه من المواضع الاربعة التي فيها التخيير بين القصر والتمام .

هنا كان امير المؤمنين يخطب ، هنا كان امير المؤمنين يصلي ، هنا كان امير المؤمنين يسكن، هنا كان امير المؤمنين يقضي، كول لا ، سبحان الله

بيت الطشت ما موجودا ؟ انتوا الواكفين خلف اما ان تجلسوا الى الصلاة واما تديرون ظهركم وترحون ، هم تعصون بعد ، سبحان الله

هنا كان امير المؤمنين سلام الله عليه ، يدخل ويأتي بنسائه ، بزينب سلام الله عليها في الليل حتى لا ترى رجلا ولا يراها رجل ويخفت ، لا يطفيء ، وانما يخفت ضوء القناديل حتى لا يلتفت اليه النظارة الموجودين عادة في المسجد.

فمن هذه الناحية حقيقة ، ذكرى لتاريخ الاسلام كله بعد المناطق المقدسة التي هي مكة والمدينة بل قبل المناطق المقدسة التي هي مكة والمدينة.

وقع كثير من هذا الكلام بين المؤمنين الفاهمين ان مكة ، الكعبة ، افضل ام حرم امير المؤمنين ؟

تعالوا اذبحوني ، انا اقول حرم امير المؤمنين ، شتريد جاوب جاوب.

وكذلك مصلى امير المؤمنين وكذلك مسكن امير المؤمنين ، الله شله صداقه ويه الكعبة حبيبي ، اله صداقة ويه امير المؤمنين ولي الله حقا ، سبحان الله.

زين اذا كان فقط ، بس هاي ، لا، اهواية ، شوف حبيبي ، مسلم بن عقيل وين كان يصلي ، من اين خرج من الباب ، لا يعرف احدا يدله على الطريق انما من هذا المسجد ، صلى المغرب وراءه كذا مقدار من النفر، صلى العشاء وراءه ثلاثون، انتهى من العشاء ، يبدو انهم يبطلون صلاتهم ويطلعون ، والا من اول الصلاة معناه وين هم ؟على كل حال لعل له عذرا ...

المهم انه حينما خرج من الباب لم يجد احد اطلاقا لا فرس عنده ولا صديق عنده وغريب لا يعرف طرق الكوفة يتلدد في الليل ، اي كوفة هذه؟

في لكناهور ، او في طوكيو ، او في نيويورك ، لا.

هي هذه مسكن مسلم بن عقيل ودار دعوة مسلم بن عقيل وهاني والمختار وكثيرين من الاولياء الذين كانوا في الكوفة.

الكوفة مهما كان امرها فيها اتجاهات عجيبة غريبة ومنحرفة. صحيح كما تسمعون من الخطباء. لكن لا ينبغي المبالغة في ذلك اطلاقا، الكوفة علوية مئة بالمئة والنجف علوية مئة بالمئة .هذا هو ، بس هاي ، لا المختار ، وين وجد؟ وين كعد ، وين صلى جماعة ، وين اخذ الثار من قتلة الحسين سلام الله عليه ، انما في الكوفة ، مجلسه في قصر الامارة وصلاته هنا، لا اريد ان اطيل عليكم .

بس هاي ، لا طبعا لا، هذه عاصمة المهدي سلام الله عليه ، گول لا، سبحان الله نجهل ونغفل ، يأتي الى الكوفة فيصعد المنبر ، لا نعلم ماذا يقول، بس الرواية تقول لا يسمعه احد لكثرة ما يقع من البكاء والنحيب ، هذه هي الخطبة الاولى التي يخطبها طبعا يذكر فوات حقوقه وحقوق ابائه سلام الله عليهم ، ثم يجعل الكوفة عاصمة له يرسل الرسل الى الاطراف والى الاقاليم.

فإحنة في مكان مقدس حقا ، لا يعوض بشيء اطلاقا كونوا على مستوى شنو

على مستوى المسؤولية في تحمل هذه النعمة ،والشيء الرئيسي قلت لكم انكم لا تتسرعوا بعمل او قول ، حرام ، حرام ، حرام ، لا تتسرعوا في عمل او قول ، شوفوا ، انه مخلص لله اولا ، وللمراجع العظام ثانيا ، وليس لك ان تعمل عملا صبياني تعرض به نفسك واسرتك ومذهبك ودينك الى ما لا يحمد عقباه ، الله يريد هذا، فلماذا نعمل على خلاف ما يريد الله سبحانه وتعالى ؟

احملوني على سوء، انا ان شاء الله لا اكن لكم الا الخير، گولوا ها لحجاية ، انه لعله قيل له ذلك ، علي اللعنة اذا قيل لي، وانما انصحكم لله سبحانه وتعالى من اجل وجود هذه النعمة مكررا وعلى مدى الدهر، وانا اريدها ان تبقى حتى بعد ان يموت سيد محمد الصدر ، المهم .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)

الجمعة الاولى: 19 ذو الحجة 1418 هـ

الخطبة الثانية.

اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم.

سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ، سبحان الله آناء الليل و اطراف النهار ، سبحان الله في الغدو والاصال. سبحان الله بالعشي والابكار ، سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والارض وعشيا وحين تظهرون ، يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الارض بعد موتها وكذلك تخرجون ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون والحمد لله رب العالمين ، وسلام الله على المرسلين والحمد لله رب العالمين ، سبحان ذي الملك والملكوت ، سبحان ذي العزة والجبروت ، سبحان ذي الكبرياء والعظمة، الملك الحق المبين القدوس ، سبحان الله الملك الحي الذي لا يموت ، سبحان الله الملك الحي القدوس ، سبحان القائم الدائم ، سبحان الدائم القائم ، سبحان ربي العظيم ، سبحان ربي الاعلى ، سبحان الحي القيوم ، سبحان العلي الاعلى ، سبحانه وتعالى ، سبوح قدوس ، ربنا ورب الملائكة والروح ، سبحان الدائم غير الغافل ، سبحان العالم بغير تعليم ، سبحان خالق ما يرى وما لا يرى ، سبحان الله الذي يدرك الابصار ولا تدركه الابصار وهو اللطيف الخبير.

اللهم صل على محمد وال محمد وعلى الانبياء والمرسلين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا .

اللهم صل على محمد المصطفى عبدك ورسولك وامينك وصفيك وحبيبك وخيرتك من خلقك وحافظ سرك ومبلغ رسالاتك افضل واحسن واجمل واكمل وازكى وانمى واطيب واطهر واسنى واكثر ما صليت وباركت وترحمت وتحننت وسلمت على احد من اوليائك ورسلك واهل طاعتك ، اللهم وصل على علي امير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين ، اللهم وصل على فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ، اللهم وصل على الامام الحسن المجتبى ، وعلى الامام الحسين الشهيد ، وعلى السجاد زين العابدين علي بن الحسين ، وعلى الباقر محمد بن علي ، وعلى الصادق جعفر بن محمد ، وعلى الكاظم موسى بن جعفر ، وعلى الرضا علي بن موسى ، وعلى الجواد محمد بن علي ، وعلى الهادي علي بن محمد ، وعلى العسكري الحسن بن علي ، وعلى المنتظر المهدي (سلام الله عليهم اجمعين ) ، صلاة قائمة دائمة ازلية ابدية ترضاها لهم ويرضوها لك.

اود الاشارة الان الى نعمة اخرى من النعم التي نلناها بهذه المناسبة المجيدة المقدسة في الحقيقة اقامة صلاة الجمعة مناسبة مجيدة مقدسة ، لكن اعرف كثيرين طبعا يأبون عن الحضور فيها ، اريد ان اعطي بعض النقاط القليلة فيما يمكن مناقشته في هذا الصدد:

النقطة الاولى: انها وان كانت في الاصل واجبا تخييريا ، اكيد تخييري هو، هي في الاصل واجب تخييري ، يعني تستطيع ان تصلي الظهر وتستطيع ان تصلي الجمعة، الا انه لو اجتمع خمسة احدهم الامام او سبعة احدهم الامام كانت واجبا تعيينيا وانا حسب فهمي ان هذا مما يتفق عليه مشهور المتأخرين مشهور الموجودين من المجتهدين، هاي نقطة .

ثانيا: انها افترضوا ، مجتهدا من المجتهدين قال بانه حتى لو اجتمع خمسة او سبعة احدهم الامام تبقى على الوجوب التخييري ، على العين والرأس المجتهد له كفل واحد من الثواب اذا اخطأ ، وكفلين من الثواب اذا اصاب جزاه الله خيرا ، لكن الا يمكن اختيار الجمعة كطرف للتخيير ؟

انت بكفيك ، يعني الله ديگلك انت ابكيفك ، تستطيع ان تصلي الظهر وتستطيع ان تصلي الجمعة ، فانت تختار الظهر دائما ولا تختار الجمعة دائما ، مو انصافا حبيبي، وانت تعلم شنو ، انها افضل الفردين ، ان الجمعة افضل الفردين ، فاختر افضل الفردين ورحم الله والديك. مع العلم على انهم لا يختارون افضل الفردين، يختارون اردئ الفردين واقلهما ثوابا ، هل هذا مما يرضي الله سبحانه وتعالى ؟.

الشيء الثالث: انه الحمد لله عشنا خلال هذه السنة تقريبا، اگدر اگول ، في نعمة صلاة الجمعة ، في نعمة الله في اقامة صلاة الجمعة ماذا حصل من سوء ، بنعمة الله وحده لا شريك له ، لم يحصل اي سوء گول لا ، سبحان الله .

فما هو التأبي من حضور صلاة الجمعة ولماذا التأبي من حضور صلاة الجمعة؟

اكثر من ذلك ليس انه فقط لم يحصل سوء ، بل حصل خير كل الخير ، وكثير من الخير ، وكثير من النور ، وكثير من التوجه ، وكثير من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.

اذن لماذا التأبي عن حضور صلاة الجمعة ؟

اكثر من ذلك يبدو ان المطلب واضح فيه عزا للدين وللإسلام وللمذهب ووحدة الكلمة، اذن فلماذا التأبي عن اقامة صلاة الجمعة ؟

هيجي مجرد هوى النفس الامارة بالسوء ، اختر افضل الفردين من عدة جهات افضل الفردين ، هم اخرويا وهم دنيويا ، اما انك تختار السوء لنفسك والبعد عن الله برأيك الشخصي هذا ما مقبول منك ، ما مقبول اطلاقا.

النقطة الاخرى: الامر بالولاية ، اول شيء اناقشها بحسب القاعدة العامة سؤال مطروح يطرحه الفلانيون :

منو نطاه الولاية العامة ، هو نطاها لنفسه او غيره نطاها ؟ انتم ماذا تقولون بالله؟

انا اقول اننا عبيد الدليل لأننا عبيد الله ، وعبيد نبي الله وامير المؤمنين ، والدليل يدل على الولاية العامة. اذن المعطي هو الله ورسوله والمعصومين وليس غيرهم ، كل مجتهد يتوصل الى الولاية العامة بحسب الدليل معذور حتى لو كان مخطئا معذور فضلا عما اذا كان مصيبا ، ومقتضى الاحتياط ، لا اقل اذا كان مو مقلديه ، ان يطيعه ، هل امر بسوء ، هل امر بكفر ، هل امر بنفاق ، انما امر بما يصلح امر الناس او فيه فائدة للمجتمع او للمذهب وللدين ، فلماذا التأبي عن صلاة الجمعة .

النقطة الرئيسية التي اريد ان اقولها هنا شنو :

ان الامر بالولاية يعم المقلدين وغيرهم معنى ذلك شنو ، معنى ذلك ، حتى لو لم تكن مقلدا عليك ان تحضر وجوبا بأمر الولاية ، مرة تشوفه وجوبا بأمر الشريعة يعني اذا اجتمع خمسة احدهم الامام وجبت عينا هذا يصير ، بأمر الشريعة ، واما بالنسبة اذا لم تكن مقلدا لشخص من هذا القبيل او تذهب اجتهادا او تقليدا الى خلافه ، فلا اقل ان تطيع امر الولاية وتحضر ، زين خلي يروح امر الولاية ، امضي للتكاتف والالفة بين المجتمع ، التكاتف الديني وليس التعصب ، هذا هم مو زين ؟

فلماذا التأبي عن حضور صلاة الجمعة ، تحرز خير حاضرك وخير مستقبلك وخير دنياك وخير آخرتك ، فلماذا التأبي عن حضور صلاة الجمعة.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)

صدق الله العلي العظيم

وبلغ رسوله الكريم ونحن على ذلك من الشاهدين الشاكرين والحمد لله رب العالمين.

ابو علي 22-03-2012 12:35 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة الثانية: 26 ذو الحجة 1418 هـ الخطبة الاولى:
الفاتحة الى المؤمنين والمؤمنات وخاصة الشيخ البروجردي المأسوف لمقتله. نقرأ بعض الآيات الكريمات قبل البدء بالخطبتين القرآن فيه في الحقيقة بركات جمة فوق الحد والاحصاء ، وخاصة هذه الآيات التي تنتهي بها سورة ال عمران المباركة ، النبي صلى الله عليه واله ، كان حينما اول ما يستيقظ من النوم صباحا قبل الفجر ينظر الى السماء والى الاثار العظيمة التي تتجلى فيها قدرة الله وتدبير الله ويقرأ هذه الآيات ، جليلة جدا لا ينبغي ان نقرأها بدون فهم و تأمل.
بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ﴿١٩٠﴾الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّـهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴿١٩١﴾رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ﴿١٩٢﴾رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ﴿١٩٣﴾رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴿١٩٤﴾ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّنْ عِندِ اللَّـهِ وَاللَّـهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ﴿١٩٥﴾لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ﴿١٩٦﴾مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴿١٩٧﴾لَـٰكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِّنْ عِندِ اللَّـهِ وَمَا عِندَ اللَّـهِ خَيْرٌ لِّلْأَبْرَارِ﴿١٩٨﴾وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّـهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّـهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّـهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَـٰئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّـهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴿١٩٩﴾يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴿٢٠٠﴾
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله الأول بلا أول كان قبله ، والآخر بلا آخر يكون بعده ، الذي قصرت عن رؤيته أبصار الناظرين ، وعجزت عن نعته اوهام الواصفين ، ابتدع بقدرته الخلق ابتداعا ، واختراعهم على مشيته اختراعا ، ثم سلك بهم طريق ارادته ، وبعثهم في سبيل محبته ، لا يملكون تأخيرا عما قدمهم اليه ، ولا يستطيعون تقدما الى ما اخرهم عنه ، وجعل لكل روح منهم قوتا معلوما مقسوما من رزقه ، لا ينقص من زَاده ناقص ، ولا يزيد من نقص منهم زائد ، ثم ضرب له في الحياة اجلا موقوتا ، ونصب له امدا محدودا ، يتخطا اليه بأيام عمره ، ويرهقه بأعوام دهره ، والحمد لله على ما عرفنا من نفسه ، والهمنا من شكره ، وفتح لنا من ابواب العلم بربوبيته ، ودلنا عليه من الاخلاص له في توحيده ،(نشوف احنه ها لشكل حقيقة ، طبق الفقرات على نفسك) ، والهمنا من شكره ، وفتح لنا من ابواب العلم بربوبيته ، ودلنا عليه من الاخلاص له في توحيده ، وجنبنا من الالحاد والشك في امره ، حمدا نُعَمَّرْ به فيمن حمده من خلقه ، ونسبق به من سبق الى رضاه وعفوه ، حمدا يضيء لنا به ظلمات البرزخ ، ويسهل علينا به سبيل المبعث ، ويشرف به منازلنا عند مواقف الاشهاد ، يوم تجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون ، يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون. اللهم فصل على محمد امينك على وحيك ، ونجيبك من خلقك ، وصفيك من عبادك ، امام الرحمة وقائد الخير ومفتاح البركة ، كما نصب لأمرك نفسه وعرّض فيك للمكروه بدنه وكاشف في الدعاء اليك حامّته وحارب في رضاك أسرته وقطع في احياء دينك رحمه وأقصى الأدْنَين على جحودهم وقرب الأقْصَين على استجابتهم لك ووالى فيك الأبعدين وعادى فيك الاقربين وادأب نفسه في تبليغ رسالتك وأتعبها بالدعاء الى ملتك وشغلها بالنصح لأهل دعوتك ، اللهم فارفعه بما كدح فيك الى الدرجة العليا من جنتك حتى لا يساوى في منزلة ولا يكافأ في مرتبة ولا يوازيه لديك ملك مقرب ولا نبي مرسل ، وعرفه في اهله الطاهرين وأمته المؤمنين من حسن الشفاعة أجَلَّ ما وعدته يا نافذ العدة يا وافي القول يا مبدل السيئات بأضعافها من الحسنات انك ذو الفضل العظيم . اللهم صل على محمد وال محمد. حسب المسموع احنة جربنا صلاة الجمعة بمقدار يكاد يصل الى حوالي السنة ، الشيء الذي افهمه من خطبائكم انهم يقتصرون على الحمد والصلاة القليلة ثم يبدأ بالكلام كما يحب ، انا اعتقد ان هذا خطأ جدا وان هذا تسامح في الدين مع احترامي إن شاء الله هم مو مقصرين ولكنهم غافلين والغفلة قابلة للتعويض بالانتباه والامتثال الى طاعة الله ورسوله هذا هو ، فمن هنا ينبغي التركيز في الحقيقة ، التركيز على ذكر الله سبحانه وتعالى ينبغي التركيز على ولاية اهل البيت سلام الله عليهم ، ينبغي التركيز على مجد رسول الله صلى الله عليه واله ، أنعوفهم ونحچي عن نفسنه عن نفوسنا الامارة بالسوء ، ميخالف اصلاح جزاهم الله خيرا، لكنما اكو من هو اولى منا : الله ورسوله وعلي وفاطمة والحسن والحسين والتسعة المعصومين من ذرية الحسين ، نجعل تسعة وتسعين بالمية من حجايتنا حسب مصالحنا وواحد بالمية حسب ذكر الله سبحانه وتعالى ، لا ، المتوقع غير هذا في الحقيقة ، المتوقع غير هذا اكيدا. في الحقيقة ذكر الله سبحانه وتعالى مطلوب على كل حال وفي كل الاحوال ، ادگُله لواحد ، اذكر الله سبحانه وتعالى يقول لك انا اصلي وذكر الله في الصلاة موجود. صح جزاك الله خير ، طبعا الذي يصلي قد ادى واجبه امام الله سبحانه وتعالى ، خير بما لا يتناهى من الذين تاركي الصلاة ، كفرة حبيبي ، تارك الصلاة كافر ، اليس ذلك ، بصراحة الدين وضرورة الاسلام ، لكن مع ذلك ، الخطوة الى الله ينبغي ان تكون اكثر من ذلك ، ذكر الله على كل حال في السراء والضراء وفي الليل والنهار وعلى كل حال ، وفي الفرح والحزن وفي الجوع وفي الشبع وفي الكسب وفي العائلة تذكر الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فهو يراك. فان لم تكن تخاف من نظره فخف من عقابه وهو جهنم وبئس المصير فإن لم تخف من جهنم فلا اقل خف من بلاء الدنيا والله تعالى قادر على ان ينزل على اي فرد اي شيء من بلاء الدنيا ، كول لا، سبحان الله انما هو قادر على كل شيء لا يعجزه شيء في السماوات والارض ، يجر بإذن السيد محمد الصدر الى ان يسويه ، طار، طار ، هذا هو ، اتريد متريد رغما اطعني ، من لم يرض بقدري وقضائي فليخرج من ارضي وسمائي ، وهل تستطيع ان تخرج من ارض الله وسمائه ، اذن كن عبدا حقيقيا لله سبحانه وتعالى كالميت بين يدي الغسال، والا فلا ، ما مقبولة منك ولا متوقعة منك. فلا ينبغي ان تأخذ المؤمن في الله لومة لائم ، كما لا ينبغي ان تلهيهم التجارة والعائلة عن ذكر الله سبحانه وتعالى ، قال الله تعالى: قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24) ويمدح الله قوما بأنهم : ... لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ... ، والتوجه الى الله ، هم اكو غير الله ، ما كو غير الله جل جلاله ، هذا هو ، ان توجهنا اليه فنحن الرابحون وان ادرنا عليه ظهورنا فنحن الخاسرون . ألله فقط لا اله الا هو الحي القيوم وكل من قال كذلك اعوج فچه واملأ فمه بالتراب ، اذا غفل الانسان عن ذكر الله وعن طاعة الله اوكل الى نفسه وشيطانه فيقع في المعصية حتما لان هذا الاخطبوط موجود وهو النفس الامارة بالسوء ، فإما الله وإما النفس ، إما الاخرة وإما الدنيا ، إما الخير وإما الشر اختر لنفسك ما يحلو ، تريد الشر اهلا وسهلا بيك ، الله تعالى يعرف دربك يمشيك ، بعد ابكيفك وين متريد توصل اوصل ، هذا هو ، تريد الخير اهلا وسهلا من صدك والله تعالى هم يعرف دربك ويمشيك ، ورحم الله والديك وجزاك الله خير جزاء المحسنين ، ليش لا ، الله تعالى ما يگدر علية وعليك ؟ الى متى نحن غافلون الى هذه الدرجة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ﴿١﴾اللَّـهُ الصَّمَدُ﴿٢﴾لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴿٣﴾وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴿٤﴾
صدق الله العلي العظيم
الجمعة الثانية 26 ذو الحجة 1418 هـ الخطبة الثانية:
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم اللهم يا ذا الملك المتأبد بالخلود والسلطان ، الممتنع بغير جنود ولا أعوان ، والعز الباقي على مر الدهور، وخوالي الاعوام ، ومواضي الازمان والايام ، عزّ سلطانك عزا لا حد له بأولية ، ولا منتهى له بآخرية ، واستعلى ملكك علوا سقطت الاشياء دون بلوغ أمده ، ولا يبلغ ادنى ما استأثرت به من ذلك اقصى نعت الناعتين ، ضلت فيك الصفات ، وتفسخت دونك النعوت ، وحارت في كبريائك لطائف الاوهام ، كذلك انت الله الاول في اوليتك ، وعلى ذلك انت دائم لا تزول ، وانا العبد الضعيف عملا ، الجسيم أملا ، خَرَجَتْ من يدي اسباب الوصلات الا ما وصله رحمتك. وتقطعت عني عصم الآمال الا ما انا معتصم به من عفوك ، قل عندي ما اعتد به من طاعتك ، وكثر عليّ ما ابوء به من معصيتك ، ولن يضيق عليك عفو عن عبدك وان اساء ، فاعف عني . اللهم صل على محمد وال محمد ، المُنْتَجَبْ المصطفى المكرم المقرب افضل صلواتك ، وبارك عليه أتم بركاتك ، وترحم عليه امتع رحماتك ، رب صل على محمد وال محمد صلاة زاكية لا تكون صلاة ازكى منها ، وصل عليه صلاة نامية لا تكون صلاة انمى منها ، وصل عليه صلاة راضية لا تكون صلاة فوقها ، رب صل على محمد واله صلاة ترضيه وتزيد على رضاه ، وصل عليه صلاة ترضيك وتزيد على رضاك له ، وصل عليه صلاة لا ترضى له الا بها ، ولا ترى غيره لها اهلا ، رب صل على محمد واله صلاة تجاوز رضوانك ، ويتصل إتصالها ببقائك ، ولا تنفذ كما لا تنفذ كلماتك ، رب صل على محمد واله صلاة تنتظم صلوات ملائكتك وانبيائك ورسلك وأهل طاعتك ، وتشتمل على صلوات عبادك من جنك وانسك واهل اجابتك ، وتجتمع على صلاة كل من ذرأت وبرأت من اصناف خلقك. حبيبي ، كم منكم نسبة ، من حاول ان يفهم الدعاء والقرآن ، واحد من مدرسيني السابقين ، ربما قبل حوالي الثلاثين سنة ايگول: انت إمحاول ان تطالع القرآن مطالعة يعني كأنما تطالع كتابا فاذا قصة ، اذا تاريخ اذا شعر ، أنت تقراه بتمعن ، ولكنه اذا قرآن ما تقرآه بتمعن ، تعس فألك حبيبي ، تعس فألك ، اذا دعا ما تقرآه بتمعن تعس فألك وأنت من الخاسرين وسيد محمد الصدر اذا فعل ذلك ايضا من الخاسرين. حبيبي اهل البيت سلام الله عليهم ما مقصرين ، ناطينك الأدعية والأخبار علوما جمة وكنوزا كثيرة ، القران شنهو ، قصر ، ما فرطنا في الكتاب من شيء ، اطلاقا ، الصغيرة والكبيرة ، والظاهرة والخفية ، والمهمة والبسيطة ، كلها موجودة في القرآن الكريم، جا ليش ما نفهمه ، باختصار : لأننا معرضون عنه ولأننا غافلون عنه لا اكثر ولا اقل ، كول لا ، الهانا الصفق في الاسواق ، في اسواق الدنيا وهمومها وشهواتها وبلاياتها وصعوباتها وسهولاتها واموالها ، كائنا من كان . حبيبي الله لهذا يريدنا ، لهذا خلقنا ، لهذا جا بنا الى الدنيا ، لا طبعا ، بكل تأكيد لا . زين انت شگد تخمن ، ان بقائنا في الاخرة اطول لو بقائنا في الدنيا اطول ، ملايين السنين سوف نبقى في الاخرة ، كول لا ، اذا انكرت فانت لست بمسلم واختر في اي قبر تدفن ، اذا كنت مسلما فنعم ، لا تُكَذِّبْ رسول الله ، ونص القرآن في اليوم الاخر والجنة والنار ، حينئذ معناه اننا خلقنا لملايين السنيين في الآخرة ، وهنانة شگد يصير ، كم يصير ، خمسين سنة ، ستين سنة ، سبعين مية سنة ، آخرها وين تصير، يأخذ التراب سهمه والماي سهمه ، گول لا ، كل نفس ذائقة الموت او لا ، حتى الكفرة واليهود والمسيحيين والملحدين يؤمنون بالموت ، اذا وجودنا هنا مؤقت لا اكثر ولا اقل ، زين ، مسألة رياضية كلش بسيطة: نسبة المتناهي الى اللامتناهي شگد ، صفر حبيبي ، هيجي ليس له قيمة ، هيجي ليس له قيمة ، اذن كل اهتماماتنا خاليها على شيء مما ليس له قيمة وكل عدم اهتماماتنا وغفلتنا خاليها على ما له قيمة حقيقية وواقعية وبشر به الانبياء والرسل والابرار والصالحين والمتقين، لكنه احنه لا، هذا هو ، ماشين بالشوارع والاسواق. هي هاي زينة ، كم بذلوا سلام الله عليهم من جهود واقوال واعمال وتضحيات ، في سبيل اي شيء ، ميخالف همة يستفيدون ، قد تقولون في سبيل فائدتهم على العين والرأس الله تعالى كريم لا بخل في ساحته كما يعطيهم يعطينا وكما يعطينا يعطيهم ، لكن هذا هوه ، لا، وانما من اجل نفعنا ، من اجل هدايتنا ، من اجل تكاملنا ، من اجل فهمنا ، فينبغي ان نتجاوب معهم من هذه الناحية ، حبيبي ، نتجاوب مع الله ، الله تعالى بهيجي هذا مضمون : انه يريد الاخرة وانتم تريدون الدنيا ، يريد الاخرة له ، سبحان الله ، من فكر في ذلك ، يريد لنا الاخرة ، اي حسن الثواب ، ما يفعل الله بعذابكم ان شكرتم وآمنتم ، وأما قضية انه نحن نقصر ، لا ، معناته اننا نحن خاسرون فبحسب النتيجة انه ، هذا هو ، اما ان تمشي عدل واما ان تأخذ دربك الآخر ، وانت لا محالة مليون بالمية واصل الى ذلك الحريق ، گول لا ، فإنما نهتم بأمور عشوائية ونختلف على امور عشوائية ونتقاتل على امور عشوائية ، أهون من عفطة عنز ، أزهد عندي من عفطة عنز ، هكذا يقول امامنا امير المؤمنين سلام الله عليه ، انتوا شوفوا مهر الزهراء شگد چان ، والامور التي اشترالهيا ليلة الدخلة ، شگد چانت ، جلد كبش ينامان عليه ليس غرفة نوم فاخرة ، ولا زولية ولا سيارة سوبر ، ولا اي شيء آخر ، عَدّل التراب في غرفته ، فد زنبيل رمل ناعم نشره في الغرفة وعليه اهاب كبش اي جلد كبش ، هذا هوه وينامان عليه ، وكان الله يحب المحسنين ، فرد طاسة لشرب الماء ربما خزفية نحو ذلك من الامور. الا انكم لا تقدرون على ذلك ، نعم لا نقدر سلام الله عليه ، خير الخلق مع رسول الله وبعد رسول الله ، يقدر اكثر منا ، ميخالف ، ولكن اعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد ، زين احنة الورع والاجتهاد ، ما خذيه ، او ندعيه ادعاءا ، انگول احنة خوش أوادم . حبيبي ، التقييم ليس الان ولا على سيد محمد الصدر ولا على صديقك ولا على عدوك ، وانما الله يقيم حق التقييم وامير المؤمنين قسيم الجنة والنار يقيم حق التقويم في وقت ما تستطيع ان تگول لا ، احذروا ، قوموا نفوسكم ، گُوڷة لامير المؤمنين في عبارات لا احفظ نصها : انكم اضعف من ان تتحملوا العذاب ، فارحموا اجسادكم ، وارحموا نفوسكم ، وارحموا عظامكم ، لا تستطيعون ان تتحملوا شنو ، ضغطة القبر ، هذه رواية ارويه واسألكم الدعاء: ان شخصا ما ، حسب النقل والرواية دُفن ، اجوه المَلَكين ، طبعا الرواية تصف رؤيته للمَلَكين بشكل يقشعر له البدن ، اشلون اجو يحفرون الارض ، على كل حال ، گلوله بأنه احنه مأمورين بان نضربك مائة سوط من النار ، توسل بهم ، قللوه الى تسعة وتسعين ، توسل بهم ، قللوه الى ثمانية وتسعين ، ولا زال يتوسل بهم الى ان شنو ، قللوه الى واحد ، مخلصها ، گال هذا هم شيلوه عني ، گلوله اما هذا فلا بد منه فضرب سوطا من نار فامتلأ قبره نارا. بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴿١﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ﴿٢﴾ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴿٣﴾ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ﴿٤﴾ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴿٥﴾

ابو علي 22-03-2012 12:37 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة الثالثة : 4 محرم 1419هـ الخطبة الاولى
احبائي رجاءاً تستمعوا الى الخطبة وانتم متوجهون الى القبلة على هيئة الصلاة لا ينحرف منكم ولا واحد ، سوو صفوفكم جيدا كأنكم الآن في الصلاة ، اتقوا الله .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يقول في الدعاء : اللهم اني اسألك برحمتك التي وسعت كل شيء (لماذا واقفين انتم على الباب توجهوا كـ الصلاة لا تبدلوا عبادة الله )، الحمد لله الذي وسعت رحمته كل شيء ، وقهر بقوته كل شيء ، وخضع لها كل شيء ، وذل لها كل شيء ، الحمد لله الذي غلب بجبروته كل شيء ، وعظمته ملأت كل شيء ، وسلطانه علا كل شيء ، واسماؤه ملأت اركان كل شيء ، وعلمه احاط بكل شيء . هل انتم استعرضتم في الادعية نسبة الله الى كل شيء ، اقرأوا واسمعوا الان . اعيدها من الاول كثير من الادعية ، انا جمعت لكم مختصرا منها فيها التعرض الى نسبة الله الى كل شيء على الاطلاق . الحمد لله الذي وسعت رحمته كل شيء ، وقهر بقدرته كل شيء ، وخضع لها كل شيء ، وذل لها كل شيء . الحمد لله الذي غلب بجبروته كل شيء ، وعظمته ملأت كل شيء ، وسلطانه علا كل شيء ، واسماؤه ملأت اركان كل شيء ، وعلمه احاط بكل شيء ، الحمد لله الباقي بعد فناء كل شيء ، وقد اضاء بنور وجهه كل شيء . يا من تواضع لعظمته كل شيء ، يا من استسلم كل شيء لقدرته ، يا من ذل كل شيء لعزته ، يا من خضع كل شيء لهيبته ، يامن انقاد كل شيء من خشيته ، يا من تشققت الجبال من مخافته ، يا من قامت السماوات بأمره ، يا من استقرت الارضون بإذنه ، يا من يسبح الرعد بحمده ، يا من لا يعتدي على اهل مملكته . الحمد لله دليل المتحيرين ، وغياث المستغيثين ، وصريخ المستصرخين ، وجار المستجيرين ، وأمان الخائفين ، وعون المؤمنين ، وراحم المساكين ، وملجأ العاصين ، وغافر ذنب المذنبين ، ومجيب دعوة المضطرين . يا من هو رب كل شيء ، يا من هو اله كل شيء ، يا من هو خالق كل شيء ، يا من هو صانع كل شيء ، يا من هو قبل كل شيء ، يا من هو بعد كل شيء ، يا من هو فوق كل شيء ، يا من هو عالم بكل شيء ، يا من هو قادر على كل شيء ، يا من يبقى هو ويفنى كل شيء . اللهم صل على محمد بن عبد الله ، سيد رسل الله ، البشير النذير السراج المنير، الطهر الطاهر، البحر الزاخر، المنصور المؤيد ، الرسول المسدد ، ابي القاسم محمد بن عبد الله ورحمة الله وبركاته . اللهم صل على علي امير المؤمنين ووصي رسول رب العالين عبدك ووليك وحجتك على خلقك ، وصي الرسول وزوج البتول وسيف الله المسلول ورحمة الله وبركاته . اللهم صل على الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين التقية النقية الطاهرة المطهرة الامينة المحدّثة المعصومة المقربة ورحمة الله وبركاته . اللهم صل على الحسن المجتبى الزكي التقي النقي ورحمة الله وبركاته. اللهم صل على الحسين السبط الشهيد خلف النبي المرسل والسبط المنتجب والدليل العالم والوصي المبلغ والمظلوم المهتضم ورحمة الله وبركاته. اللهم صل على التسعة المعصومين من ذرية الحسين ، السجاد علي بن الحسين ، والباقر محمد بن علي ، والصادق جعفر بن محمد ، والكاظم موسى بن جعفر ، والرضا علي بن موسى ، والجواد محمد بن علي ، والهادي علي بن محمد، والعسكري الحسن بن علي ، والحجة الهادي المهدي ، ائمتي وسادتي وقادتي بهم اتولى ومن اعدائهم اتبرأ في الدنيا والاخرة . كان المفروض وانا اعلم ان المفروض ونحن في العشرة الاولى من محرم الحرام ان أتكلم بمناسبة الحسين سلام الله عليه ، ولكن سبحان الله ، الضغط النفسي الذي توجه لي من الخارج في بعض الاسئلة حول صلاة الجمعة اضطرني الى ان افتح هذا الملف الآن وأؤجل التعرض الى قضايا الحسين الى الجمعة الآتية إذا بقيت الحياة وأذن الله سبحانه وتعالى . لأن هناك سؤالين يعرضان: واحد من فضلاء الحوزة جزاه الله خيرا ، قال لي بانه : يقولون للناس هل صلوا أئمتكم جمعة ، اذا لم يكونوا قد صلوا جمعة فلماذا تصلون انتم جمعة ، ويقول الآخرون هل صلى علماؤكم السابقين جمعة ، فاذا لم يكونوا قد صلوا جمعة فانتم لماذا تصلون جمعة ، هذان الجوابان عزّا علي جدا لأنه ، المصادر قليلة والتفقه قليل عند غالب الناس ، فلذا وددت شنو، ان اتعرض لشيء من جواب ذلك. أنا اقول ان رسول الله صلى الله عليه واله صلى الجمعة ، وأمير المؤمنين سلام الله عليه ، صلى الجمعة ، والامام الحسن سلام الله عليه ، صلى الجمعة ، والامام الحسين سلام الله عليه ، صلى الجمعة ، وكثير من المسلمين في مختلف مذاهبهم بما فيهم الامامية صلوا الجمعة ، ولا أعتقد أنها تُرِكَتْ في اسبوع إطلاقا من صدر الإسلام والى العصر الحاضر ، بس تحتاج الى توفيق طبعا ليس كلنا موفقون هذا التوفيق . ويمكن الاستدلال على ان النبي صلى الله عليه واله ، صلى الجمعة بالكتاب والسنة ، هاي اشلون منين ايجيبه السيد محمد الصدر ، اسمع: بسم لله الرحمن الرحيم ، هكذا يكون احسن ، اما من الكتاب فقوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) اذا اردتم الفلاح اي الفلاح عند الله الفلاح في الدنيا والاخرة فلبوا النداء وأتوا الى العبادة وأتوا الى الطاعة وهي صلاة الجمعة ، الان اسأل سؤالا ليس لكم جميعا وانما لفضلاء الحوزة ، هل نزلت هذه الآية لتشريع الجمعة ، انا اقول لا ، الجمعة كانت مشرعة سلفا ، طبعا نحن نفهم منها تشريع الجمعة على العين والرأس ، فاسعوا الى ذكر الله ، أمر، والأمر يفيد الوجوب ، والى آخره ، صح هذا ، لا ، الشيء الآخر ان هذه الآية نزلت لحل مشكلة اجتماعية آنية كانت المدينة تعانيها في ذلك الحين ، كول لا ، وانا اقدم لك فهمي ، بعد انت الك فهمك ، انا لا افرض رأيي على احد . انا الذي افهمه ان رسول الله صلى الله عليه واله ، كان يصلي الجمعة ، لكن حبيبي مثل جملة من الناس غير الموفقين ، ذاك ايگلك الهانا الصفق في الاسواق ، التجارة والبيع والربح وطعام العائلة وغير ذلك ، هذا هوه ، ما يجون الى الجمعة ، فحذرهم الله سبحانه وتعالى بهذه الآية ، اسعوا الى ذكر الله ، ما معذورين وذروا البيع ، معنى ذلك انه تحل هذه الآية مشكلة اجتماعية قائمة ، يعني ان صلاة الجمعة كانت قائمة قبل نزول الآية يعني ان رسول الله صلى الله عليه واله ، كان يصلي الجمعة حين نزول الآية . قابل تركها الى آخر حياته ، هاي وحدة . بعد ان توفى رسول الله صلى الله عليه واله ، تركت ، سنة النبي صلى الله عليه واله تترك ، وهم يقولون اننا خلفاء رسول الله صلى الله عليه واله ، لا طبعا . التزموا بما التزم به رسول الله صلى الله عليه واله ، الى ان وصلت الخلافة الدنيوية الى امير المؤمنين سلام الله عليه ، بالتأكيد التزم بهذا المسلك ، التزم بهذه الصلاة وهذه العبادة ، بعده الحسن عليه السلام ، بعده الحسين عليه السلام ، طبعا أمير المؤمنين صلى جماعة في مدينتين وأكثر، في المدينة وفي البصرة وفي الكوفة حيث نحن هنا موجودون ، صلى الجمعة هنا ، وسبحان الله الخطابة اعتيادية بالنسبة الى كثير من العرب ، اعتيادية بالنسبة الى رسول الله صلى الله عليه واله ، اعتيادية بالنسبة الى امير المؤمنين سلام الله عليه ، اعتيادية بالنسبة الى المعصومين وغير المعصومين ليست مشكلة ، يقف فيخطب اعتيادي خطبتين ثم يصلي ركعتين ، ويدير ظهره ويروح هذا هوه ، معنى ذلك شنو ، معنى ذلك انهم صلوا الجمعة ، لكن فرقه شنو ، ان الخلافة الدنيوية ذهبت الى المذاهب الاخرى واتخذوها مسلكا ، فاصبحوا هم ملتزمون بالجمعة ، واصبح الائمة سلام الله عليهم من قبيل انگول رعية وليسوا ملوك ، كانوا في تقية سلام الله عليهم ، كانوا في تقية مكثفة ، كان مضطر الى ان يروح يصلي جمعة وراء الرجل الحاكم ، هذا هو ، فمن هذه الناحية لم يكن يستطيع وهو في تقية مكثفة ان يقيم الجمعة بنفسه ، انت صلي جمعة وفلان يصلي جمعة شلون يصير ، ليس خوفا على نفسه بل حفظا لمذهبه ولدينه ولشعائر دينه ، لم يكن من المناسب لهم سلام الله عليهم ، ان يصلوا الجمعة ، ومع ذلك لم يكونوا يقصرون في الدعوة الى الجمعة ، حثنا ابو عبد الله ، مسكين هو ميگدر لأنه في تقية مكثفة لكن اصحابه في مدن اخرى غير العاصمة لو صح التعبير من الممكن ان يقيموا الجمعة ، اذن لويش مقصرين ليش گاعدين اقيموا الجمعة رحمكم الله ، حثنا ابو عبد الله ، هذه رواية معتبرة يعتمد عليها في الفقه . فقلنا : نغدوا عليك ، قال : لا ، انما عنيت عندكم ، لا، لا ، آني ماصلي حبيبي لأنه لا يناسب الحال ذلك ، انما عنيت عندكم صلوها ، صلوها ، وين ما تريدون بالعمارة بالناصرية بالسماوة وين ماچان لأن أنه ما ممكن، لأنه اكو شيء ، محل الشاهد : اذن الائمة سلام الله عليه ، ما قصروا ، انريد ان اقرا لكم بعض الروايات التي تدل ، قلت لكم بانه رسول الله صلى الله عليه واله ، نستطيع ان نقول باستدلال من الكتاب والسنة على انه شنو ، صلى الجمعة، زين هذه الآية تدل على انه صلى الجمعة والروايات ايضا تدل على انه صلى الجمعة ، حبيبي ، يحث على صلاة الجمعة وهي سالبة بانتفاء الموضوع ، اي انه لا يصلي الجمعة ومع ذلك يحث على صلاة الجمعة ، ايگلولة احنة وين نطي وجهنة ، ماذا ينبغي ان نفعل ، لا ، حَثَّهُ على الجمعة معناه انه يصلي جمعة ويصر على الناس ان يحضروا صلاتهم التي هيه صلاة الجمعة ، كول لا ، واضح ، لأنه اذا كان ما يصلي ليش هيج يحچي ، اذكر لكم بعض الروايات : جاء اعرابي الى النبي صلى الله عليه واله ، يقال له قُليب ، فقال يا رسول الله اني تهيأت للحج كذا وكذا مرة فما قُدِّرَ لي ، فما قُدِّرَ لي ، يعني ما رحت ، اراد ان يذهب عدة مرات فلم يقدر له ، فقال : يا قُليب عليك بالجمعة فإنها حج المساكين . قال ، قال النبي صلى الله عليه واله : الجمعة حق على كل مسلم الا اربعة ، ويذكر المستثنيات ، قال: وقال النبي صلى الله عليه واله : ان الله كتب عليكم الجمعة فريضة واجبة الى يوم القيامة ، قال ، وقال: الجمعة واجبة على كل مسلم في جماعة . وروى الشهيد الثاني في رسالة الجمعة ، قال ، قال النبي صلى الله عليه واله : الجمعة حق واجب على كل مسلم الا اربعة عبد مملوك او امرأة او صبي او مريض قال ، وقال ، والظاهر انه النبي صلى الله عليه واله : من ترك ثلاث جمع تهاونا بها طبع الله على قلبه . قال وفي حديث آخر : من ترك ثلاث جمع متعمدا من غير علة طبع الله على قلبه بخاتم النفاق . قال ، وقال : لينتهين اقوام من ودعهم الجمعات ، (دع اي اترك ، من ودعهم اي من تركهم) ، لينتهين اقوام من ودعهم الجمعات او ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين. قال ، وقال النبي صلى الله عليه واله ، في خطبة طويلة نقلها المخالف والمؤالف : ان الله تعالى فرض عليكم الجمعة فمن تركها في حياتي او بعد مماتي استخفافا بها او جحودا لها فلا جمع الله شمله ، ولا بارك الله له في امره الا ولا صلاة له ، الا ولا زكاة له ، الا ولا حج له ، الا ولا صوم له ، الا ولا بر له حتى يتوب . انا أشفق عليكم من الشمس يكفي هذا المقدار.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)

الجمعة الثالثة: 4 محرم 1419هـ الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يقول في الدعاء : اللهم يا من دلع لسان الصباح بنطق تبلجه ، (انا اغيره بمقدار ما مرضي لله سبحانه وتعالى). سبحان من دلع لسان الصباح بنطق تبلجه ، الحمد لله الذي دلع لسان الصباح بنطق تبلجه ، لا اله الا الله الذي دلع لسان الصباح بنطق تبلجه ، الله اكبر الذي دلع لسان الصباح بنطق تبلجه ، وسرح قطع الليل المظلم بغياهب تلجلجه ، واتقن صنع الفلك الدوار في مقادير تبرجه وشعشع ضياء الشمس بنور تأججه ، يا من دل على ذاته بذاته وتنزه عن مجانسة مخلوقاته ، الحمد لله الذي دل على ذاته بذاته ، وتنزه عن مجانسة مخلوقاته، وجل عن ملائمة كيفياته ، الحمد لله الذي قرب من خطرات الظنون، وبعد عن لحظات العيون ، وعلم بما كان قبل ان يكون. الحمد لله الذي ارقدني في مهاد امنه وامانه ، وايقظني الى ما منحني به من مننه واحسانه ، وكف اكف السوء عني بيده وسلطانه ، اللهم صل على الدليل اليك في الليل الاليل ، (كأننا بدأنا بالصلاة التي هي جزء الخطبة هو في الدعاء يقول وما احسن ان نجعلها جزءا من الخطبة )، اللهم صل على الدليل اليك في الليل الاليل ، والماسك من اسبابك بحبل الشرف الاطول ، والناصع الحسب في ذروة الكاهل الاعبل والثابت القدم على زحاليفها في الزمن الاول ، وعلى اله الاخيار المصطفين الابرار. اللهم صل على علي امير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين عبدك ووليك واخي رسولك وحجتك على خلقك وآيتك الكبرى والنبأ العظيم ، وصل على الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ، وصل على سبطي الرحمة وامامي الهدى الحسن والحسين سيدي شباب اهل الجنة ، وصل على ائمة المسلمين علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والخلف الهادي المهدي حججك على عبادك وامنائك في بلادك صلاة كثيرة دائمة . اللهم وصل على ولي امرك القائم المؤمل والعدل المنتظر وحفه بملائكتك المقربين وايده بروح القدس يا رب العالمين. اللهم اجعله الداعي الى كتابك والقائم بدينك ، إستخلفه في الارض كما استخلفت الذين من قبله ، مكن له دينه الذي ارتضيته له ابدله من بعد خوفه امنا يعبدك لا يشرك بك شيئا ، اللهم اعزه اعزز به وانصره وانتصر به وانصره نصرا عزيزا وافتح له فتحا يسيرا واجعل له من لدنك سلطانا نصيرا ، اللهم اظهر به دينك وسنة نبيك حتى لا يستخفي بشيء من الحق مخافة احد من الخلق. الان في الخطبة الثانية اجيب على السؤال الثاني ،انه : لماذا العلماء قدس الله ارواحهم جميعا لم يقيموا صلاة الجمعة ؟ اولا. في الحقيقة هذا له عدة اجوبة ، في الحقيقة هذا ناشيء من الغفلة عن تأريخ الاسلام وتاريخ التشيع ليس اكثر من ذلك ، الان انا ابدأ بما سنح لي مما يمكن ان يقع جوابا لهذا السؤال . اولا: اننا لا نستطيع ان نقول انهم لم يقيموها اطلاقا بل اقامها الكثير منهم ، ولكن لم يرد خبرها لأنها كانت صلاة اعتيادية كالصلاة اليومية ولا حاجة الى نقل اخبارها يجي يصلي الجمعة ويروح اعتيادي ، هم تعال اكتب واحسب ما بيه شي ، ويمكن ان نعتبر بهذا الجيل كصورة عن الاجيال السابقة ، فإننا نجد صلاة الجمعة مقامة في كثير من البلدان في لبنان وايران والخليج وباكستان ومن سنين طويلة ، كل ما في الامر ان وسط العراق وجنوبه لم يكن معتادا على ذلك من سوء التوفيق ليس اكثر من ذلك . ثانيا : اننا لو تنزلنا ولن نتنزل ، ولكن لو تنزلنا وقلنا انها لم تكن مقامة من قبل علمائنا قدس الله اسرارهم ، فقد يمكن ان نحملهم على صحة بوجوه عديدة ، منها : ان هذه الصلاة بالأصل واجب تخييري فيفضلون صلاة الظهر لأنها اسهل في حين ان الجمعة تحتاج الى إعداد وترتيب كما ترون ، همه كما يقول العامي ، مالهم خلگ ، فهم يصلون صلاة الظهر ويذهبون وقد اجزأ وبرئت الذمة ، اذن لماذا التعقيد . ثالثا : انهم لعلهم لم يكونوا يقيموها لكي لا تحصل هذه المفسدة التي كنت اشير اليها فيما سبق ، ان السيد محمد الصدر لماذا لا يقيم الجمعة في النجف او في الكوفة ، كنت اقول انها تحصل مفسدة ، ما هي هذه المفسدة ، وهي : ان واحدا من العلماء يقيمها فلا يحضرها العلماء الاخرون وهذا فيه تفرقة صفوف الدين والمذهب وينكشف امام الناس بصراحة ، وهذا ما يمكن تكرره في كل جيل لان الخلافات بين العلماء اجمالا موجودة في كل جيل فلربما يحصل ذلك ، وشعور كأنما بالمصلحة العامة الحقيقية قليل ما بين الناس ، فمن هاي الناحية ربما ما يجون اعتيادي ، فاذا كان سيد محمد الصدر عنده قوة قلب على ان يتقدم ، ليس للسابقين قوة قلب على ان يتقدموا . رابعا : ان صلاة الجمعة والعيدين فيها خطبتان بخلاف اليومية ليس فيها خطبة . والخطبتان ليستا بسهولة ، بل تحتاج الى مران وقدرة ولا يطيقها الا القلة ، ومن المعلوم ان الحوزة الشريفة مع احترامي لها تنمي العقل من جهات عديدة ، ولكنها ليس فيها تعويد على الخطبة، قليل منا من يستطيع ان يخطب فيقيم الخطابة حق اقامتها ويعطيها حق اسلوبها ، قليل ، ومن هو متعود منهم على الخطابة كالخطباء الحسينيين لا يُعتمد عليهم غالبا في ابلاغ الكلمة ، كلمة الحق الى الناس ، مضافا الى ربما اشخاص متدنين يشك في عدالتهم ، مضافا الى انهم شنو ، دراخة اهل نواعي ، وخطب الجمعة ينبغي ان تكون خالية من ذلك ينبغي ان تكون توجيها حقيقيا للجمهور المسلم ، وليس كخطبة الروزخون بطبيعة الحال ، جزاهم الله خيرا نعمة ما يفعلون ، لكن هذا باب وهذا باب لا يشتركان ، هل من الصحيح ان العالم في جيل سابق يقدم روزخون لأجل خطبة الجمعة ، اذن يفشل هو والعالم يفشل هذا مو منطقي حبيبي . خامسا : اختلاف مستوى المجتهد والمرجع عن مستوى عوام الناس ، فهو لا يجد اسلوبا معينا لتفهيمهم ، لأن مستواه عالي والمفروض ان عوام الناس مستواهم متدني فكيف يستطيع ان يفهمهم ، كلامه معقد اساسا لأنه متعود على درس الكفاية والمكاسب والخارج وهالأشياء ، فكيف يستطيع ان ينزل الى لغة الجرائد ولغة الشارع متعذر هذا ، فاذا ضممنا ذلك الى الالتفات الى فكرة معينة وهي شنو : ان المشهور يفتي ان الخطيب الذي يصلي الركعتين في صلاة الجمعة واحد لا يجوز تعدده انما هو واحد ، زين فإذن العالم او المجتهد العالي المقام لا يستطيع ان يواجه الجمهور بما يفهمه ، لان لغته غير مفهومة للناس بمعنى من المعاني ، فإذن لا يستطيع ان يوظف غيره لأنه خلاف وظيفته الشرعية ، يصير تعدد بين الخطيب والامام ، إذاً هذا هوه ايكون يگعد ويسكت. سادسا : وان شاء الله لا اؤخركم في الشمس كثيرا ، انها خلاف السياسة المرجعية لو صح التعبير جيلا بعد جيل منذ حوالي ثلاثمائة سنة او اكثر كما قال بعضهم ، واحد اجه سأل احد العلماء: سلام عليكم ، ماذا ما رأيك في هذه المسألة ، اي شيء ، على اي حال ، مسألة اجتماعية كأنما ، گله حبيبي شوف احنة عدنة اربعة اشياء ، اذا وحده منهن اهلا وسهلا بيك واذا وحدة مو من عدهن دير ظهرك وروح ، صلاة الجماعة والاستخارة والفتوى والدرس ، هذه ليست منها انا ما عليَّ ، بريء منها دير ظهرك وروح ، هذه الطريقة القديمة والتي بعون الله وحسن توفيقه انقذني منها وانقذكم منها، كول لا ، بعون الله. زين حينئذ هيچي انسان مع احترامي له جزاه الله خيرا الله يديم ظل الموجودين منهم ويقدس اسرار الماضين مستعد يتبهذل هالبهذلة ويلبس كفن ويلزم السيف او عصاية او كذا، ويحچي بلغة الجرائد ولغة الشارع ، لا طبعا حرام ، هذا ذلة للاسلام ، لأنه ذلة للمجتهد ، فاحسن لك تگعد ابحوشك وتصير سكوتي كالصنم ، هذا هو الافضل ، هكذا السياسة المرجعية. حبيبي ، احنه احسن لو رسول الله ، احنه احسن او امير المؤمنين ، رسول الله ما كان يخطب ، ما كان يصلي الجمعة ، امير المؤمنين ايضا ، نهج البلاغة بين يدينا ، لنا برسول الله اسوة حسنة في بعض الاشياء او في كل الاشياء ، إذن ليس لنا اسوة حسنة بخطاباته ولا اسوة حسنة بخطابات امير المؤمنين ولا بخطابات الحسن ولا بخطابات الحسين. الحسين ما خطب في كربلاء طبعا خطب ، فلماذا ترك علماؤنا الخطابة خلي الجمعة وخلي شي غير الجمعة ، من تصعد الى منبر الدرس وتذهب الى حيث شئت ، هذا فيه شنو ، غمط لحق الله ورسوله وتناسي للمصالح العامة الاجتماعية. على كل حال غفر الله لنا ولهم ولكم جميعا وللمؤمنين والمؤمنات.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)

ابو علي 22-03-2012 12:37 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة الرابعة: 11 محرم 1419 هـ الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ عظم الله اجورنا واجوركم بمصاب سيدنا ومولانا الامام الحسين واولاده واصحابه سلام الله عليهم اجمعين . نقل في بعض الجمعات السابقة ان هناك منعا للصلاة في الشارع ، انا لا أرضى بذلك طبعا دعوا الناس يصلون حيث شاءوا ، لماذا ان الصلاة في الشارع في البصرة والعمارة وغيرها من البلدان مجازة وفي الكوفة ممنوعة ، ان شاء الله لا يكون الا ما يرضي الله ويرضي المجتمع . وقبل ان أبدأ بالخطبة اود تأبين الحسين سلام الله عليه ، ببعض الابيات التي احفظها على قلة حافظتي على اية حال ، في شعر الشريف الرضي قدس سره الشريف :
كربلا لا زلت كربا وبلا ... ما لقى عندك آل المصطفى
كم على تربك لما صرعوا .... من دم سال ومن دمع جرى
يا رسول الله يا فاطمة .... يا أمير المؤمنـين الشرفـا
يا رسول الله يا فاطمة .... يا أمير المؤمنـين النجبا
عظم الله لك الاجر بمن .... كظ احشاه الظما حتى قضى
هذا كشيء رمزي جدا كافي ، يكفي ان لنا اسوة بالحسين عليه السلام ، هو كان في الشمس ثلاثة ايام فلنكن نصف ساعة تحت الشمس أسوة به سلام الله عليه . اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم . بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اللهم لك الحمد والمجد وعلو الجد والعظمة والكبرياء والالاء ، يا من لا عظمة أعظم من عظمته ، يا من لا نور إلا نوره ، يا من لا مجد إلا مجده ، يا من لا جمال إلا جماله ، يا من لا جلال إلا جلاله ، يا من لا رزق إلا رزقه ، يا من لا قهر إلا قهره ، يا من لا أمر إلا أمره ، يا من لا قوة إلا قوته ، يا من لا حول إلا حوله ، يا من لا شأن إلا شأنه ، يا من لا قول إلا قوله ، يا من لا فعل إلا فعله ، يا من لا قرب إلا قربه ، يا من لا بعد إلا بعده ، يا من لا كلام إلا كلامه ، يا من لا مقام إلا مقامه ، يا من لا علو الا علوه ، يا من لا دنو الا دنوه ، يا من لا فضل إلا فضله ، يا من لا عز إلا عزه ، يا من لا كرم إلا كرمه . اللهم لك الحمد يا اقرب من كل قريب ، يا احب من كل حبيب ، يا أبصر من كل بصير، يا اخبر من كل خبير، يا أشرف من كل شريف ، يا أرفع من كل رفيع ، يا اقوى من كل قوي ، يا أغنى من كل غني ، يا اجود من كل جواد ، يا ارأف من كل رؤوف ، يا اعظم من كل عظيم ، يا أجل من كل جليل ، يا أولى من كل ولي ، يا أعلى من كل علي ، يا انور من كل نير، يا أعز من كل عزيز، يا أفضل من كل فاضل ، يا أكمل من كل كامل ، يا عظيم المن يا حسن التجاوز يا باسط اليدين بالرحمة يا سامع كل نجوى ودافع كل بلوى وصاحب كل نعمة ودافع كل نقمة اسألك باسمك الذي قامت به السماوات العلى وسطحت به الارض السفلى وجرت به الأنهار وتلاطمت به البحار ان تصلي على محمد عبدك ورسولك ونبيك وامينك ونجييك ونجيبك وصفيك وخاصتك وخالصتك وصفوتك وخيرتك من خلقك . اللهم أعطه الدرجة الرفيعة والعزة المنيعة ، وآته الوسيلة من الجنة وابعثه المقام المحمود الذي يغبطه به الاولون والآخرون ، اللهم صل على اله الطيبين الطاهرين علي والحسن والحسين وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والمهدي ، بهم اتولى ومن اعدائهم اتبرأ في الدنيا والاخرة . هل خطر في بالك ان تسأل هذا السؤال : من قتل الحسين عليه السلام ؟ بالله عليكم من الذي قتل الحسين عليه السلام ، ربما انكم تجدون الجواب سهلا على ذلك ، الجواب على ذلك سهلا ، في الحقيقة بحسب فهمي والإنسان لا يستطيع ان يتعدى فهمه ان لهذا السؤال أجوبة عديدة ، كلها صحيحة ، كلها صحيحة ، والآن اعرض جملة منها عليكم : قتله الشمر عليه اللعنة والعذاب ، لأنه هو الذي حز رأسه . قتله عمر بن سعد ، لأنه هو القائد الاعلى للجيش المعادي في كربلاء . قتله عبيد الله بن زياد ، لأنه هو الآمر المباشر بالحرب مع الحسين وبقتل الحسين گول لا ، قتله كل راضٍ بقتله ، من رضي بفعل قوم كان منهم ، ولنا على ذلك في بعض الزيارات والادعية دلالة ووضوح . شوف حبيبي ، الا تقرأ في حرم أمير المؤمنين سلام الله عليه ، اللهم العن قتلة أمير المؤمنين ، بالله چم واحد قتلة امير المؤمنين ، واحد طبعا ، عبد الرحمن بن ملجم عليه اللعنة والعذاب ، اما الباقون من هم اللي قتله الا هو ، مع ذلك الامام المعصوم سلام الله عليه بحسب الرواية يقول شنو : اللهم العن قتلة أمير المؤمنين ، اذن لأمير المؤمنين قتلة كثيرون ، وله قتلة في كل جيل ، في الأجيال السابقة وفي هذا الجيل وفي الاجيال اللاحقة الى ظهور الحق المطلق عجل الله فرجه ، سبحان الله ، ليش ، لأنه من رضي بفعل قوم كان منهم ، مختصر مفيد ، لا حاجة الى الاطالة . قتله يزيد بن معاوية عليه اللعنة والعذاب لأنه هو السلطان الرئيسي الذي أمر بهذه الفاجعة والواقعة وهذا كله اكيد ، قلت لكم كله يصدق ، كله صحيح ليس فيه كذب ان شاء الله ، لا في الدنيا ولا في الآخرة ولا أمام التاريخ ولا أمام الله . أنا أقول جواب آخر : قتله الاستعمار المسيحي الغربي ، گول لا ، سوف ابرهن لكم ، واخصص هذه الخطبة للإستدلال على ذلك . كانت ولا زالت العنجهيه والرضا عن النفس والأنانية موجودة عندهم من ذلك الحين والى العصر الحاضر ، الم تسمع بالدولة البيزنطية او الرومانية ، سمعت طبعا . حكمت من قبل وجود المسيح سلام الله عليه ، الى ما بعد وجود نبي الاسلام صلى الله عليه واله ، حكمت واستمرت بالحكم ربما الف سنة او اكثر ، وكان حاكمها الرئيسي يسمى القيصر ، كول لا ، وسمعت من قصص شكسبير ، يوليوس قيصر ، من هو ، هذا قيصر واحد منهم ، الذي قتل في حادثة القصة ، قبحه الله ، على كل حال ذهب الى ربه . محل الشاهد مو هذا ، انا في حدود فهمي أنها كانت تحكم وسط وجنوب اوربا ، اليونان وايطاليا ورومانيا وعاصمتها روما في ايطاليا نفسها ، وحاكمها القيصر، والعرب ، طبعا الطرق بعيدة وتكاد ان تكون منقطعة في ذلك الحين ، وفهم الشرق عن الغرب قليل ، المهم كانوا يسمون شمال اوربا الافرنج او الفرنجة ، ويسمون جنوب اوربا الروم ، والفرنجة من الفرنس حسب الظاهر انه هكذا ، انه يقلب السين جيما ، ولما تكون الفكرة مجملة في اذهانهم ، اذن المانيا وفرنسا وبريطانيا بالتقسيم الحاضر كلهم فرنجة واليونان وايطاليا ورومانيا وسويسرا ويوغسلافيا وجيكوسلوفاكيا وسط اوربا وشنو وجنوبها التي هي شواطيء البحر الابيض المتوسط هم كلهم روم كلهم روم ، وكان هؤلاء الروم او الدولة البيزنطية مستعمرة للشام الكبرى اي سوريا ولبنان وفلسطين والاردن ولا زالت آثارهم فيها ولا زال المسيحيون موجودين في لبنان لم يتوبوا من عصر صدر الاسلام كنتيجة للإستعمار البيزنطي ، گول لا، هم خلي يگولون لا ، سبحان الله . اذكر لكم مميزات هذه الدولة المجرمة ، بمعنىً من المعاني هي التي قتلت المسيح ، اي التي اعتقدت انها قتلت المسيح ، شبه لهم ، لمن ، لجلاوزة الدولة الرومانية الموجودين في فلسطين ، قتلوه ودقوا في يديه ورجليه المسامير وأعلنوا عليه استهزاءاً ان هذا ملك اليهود . خوش ، شيء الآخر ، طبعا انما الاعمال بالنيات ، يعني يعاقبهم الله على أنهم قتلوا المسيح لأنهم ارادوا قتل المسيح واعتقدوا انهم قتلوا المسيح ، هسه بينهم وبين الله ، هو يهوذا
الاسقر يوطي ، ما دري منو ، مو مهم ، المهم انهم قتلوا المسيح عمليا ، وان كان رفعه الله اليه بالسر بين الجدران . زين ، احدهم القيصر الذي كان موجوداً في زمن النبي صلى الله عليه واله وسلم ، هو الذي داس رسالة النبي صلى الله عليه واله ، تحت قدمه وقتل الرسول ، گول لا ، الم نسمع انه صلى الله عليه واله ، أرسل رسائل الى فلان وفلان ، الى خمسة او ستة من الرؤساء المشهورين في العالم في ذلك الحين ، الى الحبشه ومصر وروسيا وايطاليا ، فهنانة الرجل عنجهي وأناني ومستغني عن بريَّة الجزيرة العربية كلها فيگولك ماله قيمة وادوسها بمداسي ، وايضا يقتل الرسول بالرغم من ان قتل الرسل عالميا وعقلائيا ممنوع حبيبي . كانت هذه الدولة كافرة تؤمن بتعدد الآلهة الى ثلاثمائة عام بعد بعثة المسيح ، ثم تمسحت اي دخلت في المسيحية نتيجة لتفاعلات واعلام داخلي في مجتمعها ، دخل القيصر الذي كان في ذلك الحين اغسطس اسمه او نحو ذلك في المسيحية واتبعه شعبه ، الشعب بدين ملوكهم بمعنى من المعاني كلهم صاروا مسيحيون وصاروا مسيحين متعصبين ، واليهود ايضا من ها الناحية وان كانت العبارة مو لطيفة ما يقصرون ، يتدخلون في الصغيرة والكبيرة ، كان لهم شأن كبير في ذلك المجتمع . هذا شرح عن حال اوربا والدولة البيزنطية او الرومانية او الرومية. في الحقيقة الاستعمار بالمعنى الحديث لم يكن موجودا ، لان الآت الحرب الحديثة والآت النقل الحديثة والأجهزة الحديثة لم تكن موجودة ، الا ان العمالة كانت موجودة ، لأن اليهود والمسيحيين الموجودين في الشرق في المجتمع المسلم يحترمون ويحبون المسيحيين ، يحبون امثالهم الموجودين في اوربا ويحترموهم ويعتبروهم الفرد الاكمل والامثل الذي يجب طاعته والبابا هناك فيجب طاعته . إذن هم عملاء من حيث أرادوا ام أبوا، وينخرون في المجتمع المسلم بكل صورة ، من زمان النبي ولعله الى العصر الحاضر ، اليهود والمسيحيون . كانت الأديرة مبشرة في البلدان المسلمة كل واحد خالين على باله شنو، الدعوة الى دينه والدعوة الى الدولة التي ينتمي لها ، هذا ليس بغريب ، ليس بغريب ، ولكن الغريب ان الخلافة ترضى عنهم وتحترمهم وتستشيرهم في أمورها ، هذا هو العيب والغريب ، كانوا هكذا حبيبي بالتأكيد هكذا كانوا . سرجون مسيحي من مسيحيي الشام رباه معاوية وجعله نديما له ومستشارا له ، مستشارا له ، يجهل معاوية على ان هذا الرجل ينغر لأهله ، لا يجهل ، جعله عن علم وعمد ، إذن نفس الصفة التي لسرجون هي لمعاوية بن ابي سفيان ، گول لا . وتتسلسل الى نهاية الخلافة العثمانية ، گول لا ، الخلافة العثمانية كانت عميلة لألمانيا ، گول لا ، سبحان الله . محل الشاهد ، هذا سرجون هو الذي قتل الحسين سلام الله عليه ، بالمعنى الذي ان عبيد الله بن زياد قتل الحسين ، سرجون قتل الحسين وهو عميل للدولة البيزنطية ، إذن الدولة البيزنطية قتلت الحسين ، گول لا ، هذا هو محل الشاهد ، في التأريخ في مقتل المقرم انه بعد سيطرة مسلم بن عقيل سلام الله عليه ، على الكوفة وأخذ البيعة لأهلها ، ساء هذا جماعة ممن لهم هوى في بني امية منهم عمر بن سعد بن ابي وقاص ( عمر بن سعد ) ، وعبد الله بن مسلم بن ربيعة الحضرمي وعمارة بن عقبة بن ابي معيط ، فكتبوا الى يزيد يخبرونه بقدوم مسلم وإقبال أهل الكوفة عليه وان النعمان بن بشير لا طاقة له على المقاومة فارسل يزيد على سرجون الذي هو حبيب ابوه وحبيبه الذي هو عميل في خلافة ابوه وخلافته ، وارسل يزيد على سرجون مولاه يستشيره وكان كاتبه وأنيسه ، حتى بالخلوات وياه ، وقال سرجون ، ينصح ، ينصح هاي شنو في حدود فهمه الشيطاني الجهنمي طبعا ، طبعا ، شيريد يصير خلي يصير كلمن ايروح من المسلمين والشيعة اينما وقعت فبها ونعمت اي في نظر سرجون ، فقال سرجون عليك بعبيد الله بن زياد ، نقراه وما نفتهمه حبيبي اول من يفهمك هو سيد محمد الصدر ، أسف عليكم ، أسف عليكم ، فقال سرجون عليك بعبيد الله بن زياد ، قال انه لا خير عنده ، كان اكو جفوة كأنما وزعل بين يزيد وبين عبيد الله بن زياد ، فقال سرجون ، هذا عهد معاوية بخاتمه ولم يمنعني ان اعلمك به الا معرفتي ببغضك له ، فأنفذه اليه واعزل النعمان بن بشير ، او هيچي اقرى العبارة فأنفذه اليه وعَزَلَ النعمان بن بشير ويقول في الهامش عن سرجون في كتاب الاسلام والحضارة العربية ج2 ص158 ، كان سرجون بن منصور من نصارى الشام ، استخدمه معاوية في مصالح الدولة وكان ابوه منصور على المال في الشام ، على المال ، اي مسؤول عن المال في الشام في عهد هرقل قبل الفتح ، حينما كان الاستعمار الرومي في سوريا ولبنان موجود ، هذا كان رئيسي وفعال ناصر للدولة المستعمرة ويشتغل اله ، يجي معاوية وينصر معاوية ، سبحان الله ، وكان ابوه منصور على المال في الشام من عهد هرقل قبل الفتح ، اي قبل الفتح الاسلامي ، ساعد المسلمين على قتال الروم ، هاي هم بيه تخطيط حبيبي ، لا تقل انه ساعدهم اخلاصا همة ذولاك يفتهمون ازيد من عدنه حبيبي ، ايخلون واحدا يقاتلهم من اجل ان نتوهم انه خوش آدمي حتى شنو ، يستطيع ان يتغلغل بين صفوفنا ، ومنصور بن سرجون بن منصور كانت له خدمة في الدولة كأبيه ، إذن بحسب النتيجة اشصار ، من قتل الحسين سلام الله عليه ، قتله سرجون وبتعبير آخر قتلته الدولة البيزنطية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)
الجمعة الرابعة 11 محرم 1419 هـ الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لك يا رب العالمين ، يا من علا فقهر ، يا من ملك فقدر، يا من بطن فخبر ، يا من عبد فشكر ، يا من عصي فغفر ، يا من لا تحويه الفكر ولا يدركه بصر ولا يخفى عليه أثر ، يا رازق البشر ، يا مقدر كل قدر ، يا عالي المكان ، يا شديد الأركان ، يا مبدل الزمان ، يا قابل القربان ، يا ذا المن والاحسان ، يا ذا العزة والسلطان ، يا رحيم يا رحمن ، يا من هو كل يوم في شان ، يا من لا يشغله شأن عن شأن ، يا عظيم الشان ، يا من هو بكل مكان ، يا سامع الاصوات يا مجيب الدعوات ، يا منجح الطلبات ، يا قاضي الحاجات ، يا منزل البركات ، يا راحم العبرات ، يا مقيل العثرات ، يا كاشف الكربات ، يا ولي الحسنات ، يا رافع الدرجات ، يا مؤتي السؤلات ، يا محيي الاموات ، يا جامع الشتات ، يا مطلعا على النيات ، يا راد ما قد فات ، يا من لا تشتبه عليه الاصوات ، يا من لا تضجره المسألات ولا تغشاه الظلمات ، يا نور الارض والسماوات ، يا سابغ النعم ، يا دافع النقم ، يا باريء النسم ، يا جامع الامم ، يا شافي السقم ، يا خالق النور والظلم ، يا ذا الجود والكرم ، يا من لا يطأ عرشه قدم ، يا أجود الاجودين ، يا أكرم الاكرمين ، يا اسمع السامعين ، يا ابصر الناظرين ، يا جار المستجيرين ، يا امان الخائفين ، يا ظهر اللاجين ، يا ولي المؤمنين ، يا غياث المسغيثين ، يا غاية الطالبين ، صل على محمد عبدك ورسولك وامينك ونجيك ونجيبك من خلقك ، وصل على علي أمير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين ، وصل على فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ، وصل على الحسن المجتبى الزكي السبط ، وصل على الحسين السبط الشهيد ، وصل على الامام السجاد زين العابدين ، وصل على الامام الباقر باقر علوم الاولين والاخرين ، وصل على الامام الصادق صادق القول البار الامين ، وصل على الامام الكاظم كاظم الغيظ حبيس الظالمين ، وصل على الامام الرضا الامين الشافع لشيعته وزواره يوم الدين ، وصل على الامام الجواد علم المهتدين وسيد الراشدين ، وصل على الامام الهادي التقي النقي ، وصل على الامام العسكري الزكي الناصح الامين ، وصل على الامام المهدي بقيتك في ارضك وحجتك على عبادك وعجل فرجه واجعل فرجنا بفرجه انك على كل شيء قدير. في هذه الخطبة أريد ان أعطي فكرة قلما تخطر على البال . الا نقول ان المعصومين سلام الله عليهم ، خير من الأنبياء السابقين على الاسلام ، حتى ان الأنبياء السابقين على الاسلام كانوا بمعنى من المعاني مسؤولين عن حبهم وولايتهم وشفاعتهم ، ولا تموتن الا وانتم مسلمون ، موجود في القرآن مكرر هذا . ومعنى ذلك ان المعصومين سلام الله عليهم ، أرفع عند الله شأنا واكثر علما واقوى ارادة واقوى عزما واكثر صبرا واكثر سيطرة على الكون من اي واحد من السابقين حبيبي كائنا من كان ، فالفكرة التي اريد ان اعطيها الان ان الحسين سلام الله عليه ، صبر اكثر من كل الانبياء السابقين على الاسلام ، صبر اكثر من كل الانبياء السابقين على الاسلام ، بلاء الدنيا ما يقصر، يأتي الصغير والكبير والكامل والداني ، حتى الانبياء حتى المعصومين يأتيهم بلاء الدنيا ، الدنيا دار بلاء ومن ظن خلاف ذلك فذاك جهل في عقله وظلة في فكره ، بلاء الدنيا موجود لكن جيب الصبر حبيبي ، جيب الصبر ، اي شنو ، عدم الاعتراض على القدر والقضاء الالهيين ، ان لم ترض بقدري وقضائي ، وين تروح حبيبي وين تطي وجهك ، فلتخرج من ارضي وسمائي ، هو البلاء لا بد منه ، ان رضيت دربك هنا ، والما رضيت تفضل في ذاك الصوب ، الله بعد ما عليه ، إنما يريد ان يمتحننا ويريد لنا الكمال ويريد لنا الجنة ، فلذا الملائكة ماذا يقولون لأهل جهنم ، مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) ، عجيب غريب انتم جايين اهنا ، الله خالقكم للجنة اشجايبكم اهنا بالله ، محل الشاهد موهنا ، الحسين عليه السلام ، صبر اكثر من آدم عليه السلام ، ...وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ (122) صبر اكثر من نوح عليه السلام ، الذي هو من انبياء اولي العزم ، قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7) الرجال صابر مئات السنين مع ذلك المتوقع منه ان ما يفك حلگه بالشكوى امام الله سبحانه وتعالى ، الحسين ما فك حلگه بالشكوى امام الله ، هون ما نزل بي انه بعين الله ، أمير المؤمنين ماذا يقول ، فزت ورب الكعبة ، ما كو إشكال ، ما كو اعتراض ، اي شيء سؤال مهما قل لا يوجد عند المعصومين اي ضد القدر والقضاء الالهي ، مستحيل بالرغم من ان نوح يسب قومه وهم يستاهلون وإسليمة اتطمهم ، لكن مع ذلك شنو ، فيه دلالة على انه تعبان من تنفيذ أمر الله سبحانه وتعالى الحسين لم يقل ذلك اطلاقا . صبر اكثر من موسى عليه السلام ، الذي هو ايضا من اولي العزم ، قال تعالى عن موسى طبعا ، ... يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ ۖ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي ۖ إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94) على حق موسى ، لكن مع ذلك كان ينبغي ان يصبر ، وليس يصير عصبي بسرعة ، انما صار عصبي لعصيان الله ، لأن قومه عصو الله وعبدوا العجل ، جزاه الله خير جزاء المحسنين ، لكنه كان المتوقع منه ان يكون شنو اكثر من ذلك ، واصبر من ذلك ، المعصومين بعد الإسلام اكثر من ذلك واصبر من ذلك . ذو النون طبعا ، طبعا ، واضح ان الحسين صبر اكثر منه ، زهگ من كم سنة وانهزم حبيبي من مجتمعه الذي كان مكلفا ، حسب الرواية ، بالدعوة فيه ، اي بالنبوة فيه ، وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) مريم بشرتها الملائكة بوجود عيسى وولادة عيسى ، اسكتي كافي ، لا ، الا تشكل. قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ۖ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا ۚ وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا (21) قضاه الله وقدره رغما عليچ ، مو اختيارچ وانما اختيار رب العالمين ، ليش تفتحين لسانك بما لا ينبغي ، فهل فتح واحد من المعصومين لسانه بما لا ينبغي ، حتى بالدقة العقلية ما كو . زكريا ، فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يبشرك بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ (39) قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ ، (اشلون هاي اصير حبيبي)، أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ ۖ قَالَ كَذَٰلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (40) الملائكة دگوله وجاها ، حس ابحس ، مع ذلك تأخذه الاسباب الطبيعية وتصعد في نفسه أهمية هذه الأسباب فيفتح فمه بالإشكال امامهم . الملائكة يعني شنو ، يعني صبر الحسين اكثر من الملائكة ، گول لا ، من هو الأفضل المؤمن ألحقيقي ام الملائكة ، أنا اگول المؤمن الحقيقي أفضل من الملائكة الحسين أفضل من الملائكة وهو اكثر صبرا من الملائكة ، ما أشكل الملائكة ، ما أشكلوا على الله ، أشكلوا ، والقرآن موجود : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ ، (انفتحت السنتهم بـليش ، سبحان الله ، اكو واحد ايكل لله هاي الحجاية ، اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ ، (راضين على انفسهم البشاوات) ، قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30). زوجة ابراهيم مو معصومة لكنه كمثال من القرآن ان الحسين عليه السلام ، صبر اكثر منها ، حين بشرتها الملائكة بولادة اسماعيل او اسحاق ، وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (71) قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) ، سبحان الله الأسباب الطبيعية بحسب فهمها تتصاعد في نفسها الى حد يجعل لها اليقين او الاطمئنان بإنها لن تتخلف ولن تنخرم ، انما هي أسباب طبيعية بقدرة الله والمعجزة ايضا بقدرة الله وكله سواء بقدرة الله ليس هذا اسهل من هذا وليس هذا اصعب من هذا بالنسبة الى الله سبحانه وتعالى ، قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۖ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ۚ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ (73) ، الآن اقرأ لكم نصوص قليلة مما قال الحسين سلام الله عليه ، صمود كامل وصبر شامل ليس فيه زحزحة ولا قيد شعرة ولا قيد الكترون ، ما خرجت اشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما ولكن خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي رسول الله ، اريد ان آمر بالمعروف وانهى عن المنكر واسير بسيرة جدي وابي علي بن ابي طالب فمن قبلني بقبول الحق والله اولى بالحق ومن رد عليّ اصبر، اصبر ، محل الشاهد هو اهنانة ، اصبر ، حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين ، لا اطيل لكم تحت الشمس فكلمات الحسين عليه السلام ، كثيرة ، بس مجرد امثلة : الا وان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة الذلة وهيهات منا الذلة ، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وارحام طهرت وانوف حمية ونفوس ابية من ان نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام ، الا واني زاحف بهذه الاسرة على قلة العدد وخذلان الناصر، ما كان ممكن يفگ حلگه بشيء من التنازل مهما قل ولا يُقْتَلْ ، ولكنه صمد وصبر الصبر الحقيقي الذي لا مثيل له في البشرية من اولها الى آخرها حتى قالوا بعض أهل المعرفة ، قالوا : بأن أصحاب الحسين ، وليس الحسين أصحابه فضلا عنه طبعا ، خير من أصحاب رسول الله في بدر وخير من أصحاب المهدي الذين هم خلاصة الغيبة الكبرى والامتحانات الدنيوية والبلاء الدنيوي خلال الغيبة الكبرى احسن منهم اثنيناتهم ، لأن أصحاب النبي صلى الله عليه واله ، واصحاب المهدي يقدمون على الحرب مع احتمال النجاة واما أصحاب الحسين عليه السلام ، اقدموا على الحرب مع اليقين بالممات وهذا كلش كافي كفرق بينهما ، فكيف بالحسين سلام الله عليه ، حبيبي ، لا نكون غافلين في الرواية ان المهدي سلام الله عليه ، حينما يستتب له شيء من الأمر يرسل باللغة الحديثة وفدا او ارسالا الى بلاد الروم فيكتبون شيئا على أقدامهم ويمشون على الماء ، حسب الظاهر على ماء البحر الابيض المتوسط الى ان يصلون الى شواطيء الروم طبعا هذا باللغة القديمة ، فيرونهم الروم يمشون على الماء فيفتحون لهم الابواب سلما ويدخلون الابواب سلما ويدخل الناس في دين الله افواجا ، في حين السيف مشتغل في الشرق في قتل الفلانيين الذين يعارضوه حيث انه يخرج له جماعة من رجال الدين وغير رجال الدين ويقولون له الاسلام بخير والدين بخير ارجع من حيث اتيت ، فيضع فيهم السيف فيقتلهم عن آخرهم ، هذا حال شرقنا العجيب الغريب ، الذي مليء بالمآسي الباطنية فضلا عن الخارجية ، اهناك لا ، فهم سذج واهل صفاء في الجملة وكل من كان قلبه طيبا يتبع المعصوم سلام الله عليه ، ويعني ان معناه نحن اسوء من الاوربيين ومن اليهود والنصارى ، حبيبي ، التفتوا الى متى انتم نيام ، كل واحد يصلح نفسه هذا هو ، انا لا اقول اكثر من ذلك الله موجود وانت موجود اصلح نفسك جزاك الله خير جزاء المحسنين .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)

ابو علي 22-03-2012 12:38 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة الخامسة: 18 محرم 1419 هـ
الخطبة الاولى
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
اللهم اني اسألك باسمك العظيم الاعظم الاعز الاجل الاكرم الذي اذا دعيت به على مغالق ابواب السماء للفتح بالرحمة انفتحت واذا دعيت به على مضائق ابواب الارض للفرج انفرجت واذا دعيت به على العسر لليسر تيسرت ، واذا دعيت به على الاموات للنشور انتشرت ، واذا دعيت به على كشف البأساء والضراء انكشفت وبجلال وجهك الكريم أكرم الوجوه واعز الوجوه الذي عنت له الوجوه وخضعت له الرقاب وخشعت له الاصوات ووجلت له القلوب من مخافتك وبقوتك التي بها تمسك السماء ان تقع على الارض الا بإذنك ، وتمسك السماوات والارض ان تزولا ، وبمشيئتك التي دان لها العالمون وبكلمتك التي خلقت بها السماوات والارض ، وبحكمتك التي صنعت بها العجائب وخلقت بها الظلمة وجعلتها ليلا وجعلت الليل سكنا وخلقت بها النور وجعلته نهارا وجعلت النهار نشورا مبصرا ، وخلقت بها الشمس وجعلت الشمس ضياءا ، وخلقت بها القمر وجعلت القمر نورا وخلقت بها الكواكب وجعلتها نجوما وبروجا ومصابيح وزينة ورجوما وجعلت لها مشارق ومغارب وجعلت لها مطالع ومجاري وجعلت لها فلكا ومسابح وقدرتها في السماء منازل فأحسنت تقديرها وصورتها فأحسنت تصويرها ، وأحصيتها باسمائك احصاءا ، ودبرتها بحكمتك تدبيرا وأحسنت تدبيرها .
اللهم فصل على محمد وال محمد أمينك على وحيك ونجيبك من خلقك وصفيك من عبادك ، إمام الرحمة وقائد الخير ومفتاح البركة كما نصب لأمرك نفسه ، وعَرَّضَ فيك للمكروه بدنه وكاشف في الدعاء اليك حامته وحارب في رضاك أسرته وقطع في إحياء دينك رحمه واقصى الأدنين على جحودهم وقرب الأقصَين على استجابتهم لك ، ووالى فيك الأبعدين وعادى فيك الأقربين وادأب نفسه في تبليغ رسالتك وأتعبها بالدعاء الى ملتك وشغلها بالنصح لأهل دعوتك وهاجر الى بلاد الغربة ومحل النهي عن موطن رحله وموضع رجله ومسقط رأسه ومأنس نفسه إرادة منه لإعزاز دينك واستنصاراً على أهل الكفر بك حتى استتم له ما حاول في اعدائك واستتب له ما دبر له في اوليائك فنهج ، اليهم مستفتحاً بعونك ومتقوياً على ضعفه بنصرك فغزاهم في عقر ديارهم وهجم عليهم في بحبوبة قرارهم حتى ظهر امرك وعلت كلمتك ولو كره المشركون ، اللهم فارفعه بما كدح فيك الى الدرجة العليا من جنتك حتى لا يساوى في منزلة ولا يكافا في مرتبة ولا يوازيه لديك ملك مقرب ولا نبي مرسل ، وعرفه في اهله الطاهرين وأمته المؤمنين من حسن الشفاعة اجل ما وعدته يا نافذ العِدَه يا وافي القول يا مبدل السيئات بأضعافها من الحسنات إنك ذو الفضل العظيم .
في الجمعة السابقة تعرضنا الى الدولة البيزنطية او الرومانية وطبعا خطبة أو خطبتين لا يسع الكلام فيها عن مثل هذه المطالب التاريخية الموسعة اكيدا فلذا نستطيع ان نقيم قرائن أخرى على ما قلناه وأقمنا عليه بعض القرائن على اية حال على استعمار وتبعية جملة ممن هو موجود في المجتمع الاسلامي بما فيهم الحاكمون يومئذ الى تلك الدولة الظالمة الكافرة .
قلنا إن جلاوزة تلك الدولة هي التي قتلت المسيح باعتقادها وهي التي قتلت يحيى سلام الله عليه ، وقطعت رأسه ونطق رأسه وكان احد رأسين ناطقين في تاريخ البشرية ، رأس يحيى ورأس الحسين سلام الله عليهما ، من الذي سوى ها الشي هذا ، الدولة البيزنطية نفسها ، ونحن كأننا غافلون ساجرون في ها الدنيا العجيبة الغريبة.
الخطوة الاخرى : انه من الممكن القول انها قتلت نبي الاسلام صلى الله عليه واله ، أطروحة محترمة الان اعرض لك مبادئها الذهنية .
حبيبي ، المتشرعة يقولون ولا زال هذا الارتكاز المتشرعي موجود ما أعرف سامعيه او لا ، حاصله بان جسم المعصوم سلام الله عليه ، لا أقل من المعصومين بعد الإسلام اي الاربعة عشر سلام الله عليهم ، مخلوقين بدرجة من الكفاءة والقوة بحيث لا يكونون قابلين للموت من قبيل انگول الموت حتف الانف او كموت الآخرين ، لا يموت الفرد منهم الا بحادث خارجي ، ولذا كل الائمة سلام الله عليهم ماتوا بحادث خارجي ، بقتل او سم وهذا ينبغي ان يكون من الضروريات في التاريخ واضح جدا.
زين ، يستنتج من ذلك ايضا نتيجتين بعد :
ان الأمام صاحب الزمان واحد من الاربعة عشر سلام الله عليه وعجل الله فرجه ، هذا يفسر لنا بقائه طيلة هذه المدة ولو الى عشرة ملايين سنة ، لأن جسمه مخلوق بشكل غير قابل للوفاة الإ بحادث خارجي ، متكامل من جميع الجهات جسميا وروحيا ونفسيا وعقليا ، كلهم هكذا ، وإنما يموت ، وكل نفس ذائقة الموت ، وإنما يموت بحادث خارجي بعد ظهوره يظهر فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملأت ظلما وجورا ثم يشاء الله مقتله واستشهاده سلام الله عليه ، على كل حال الروايات في استشهاده ومقتله ليس الآن محلها ، ربما في يوم ما يأتي او لا يأتي اوكلت فيها الى المصادر.
من جملة هذه النتائج اننا نسأل ان رسول الله صلى الله عليه واله ، كيف مات ، هل مات حتف انفه ، اذن فهذا على خلاف هذه القاعدة ، التي هي متشرعية وواضحة في اذهان المتشرعة ، محل الشاهد ان هناك جوابان لأسلوب موته ، اي انه مات بحادث خارجي ، جواب من الجماعة وجواب من عدنا ، الجماعة يقولون انه أثر فيه اكل الذراع الذي قدمته له اليهودية ، جابتله يهودية لحم ذراع ، فخذ ، يعني الذراع ، فخذ غنم مشوي ، اتفضلوا ، كأنما في الرواية قالت انه إن كان نبيا فلا ضير عليه وان لم يكن نبيا ، خلي يموت احنة نتخلص منه ، كأنما الرواية تقول انه عضه عضة ثم تركه ، فتلك العضة هي التي شنو ، أثرت في مماته بعد سنتين او ثلاثة او اكثر لا اعلم التفاصيل التأريخية .
هذا بعيد الى درجة عجيبة لأنه لم يكن هناك ولا يوجد الى الآن سم بحيث ان الانسان يبقى صحيح سالم يروح ويجي ويحچي ويصعد وينزل ثم بعد عدة سنوات يؤثر في موته ، نتحدى الناس بان يأتون بمثل هذا السم ، نعم سم يقتل فورا، اله باب وجواب خلال جم ساعة ، او جم يوم اله باب وجواب ، اما انه يبقى سليما معافى سنين ثم بعد ذلك يموت بعنوان انه مات بذلك السم ، الى حد ما مسخرة يعني واضح البطلان .
زين ، اذن كيف مات وبأي حادث خارجي مات ؟
يقول الإرتكاز المتشرعي عندنا ان الحادث حصل من داخل بيته ، ربما بعض زوجاته هي التي دست اليه السم ومات خلال جم يوم ، طبعا بالجرح لا ، هذا لا يحتمل وانما بالسم ، فيكون هناك اطروحة معتد بها ان المسألة ، شاربة ماي ، من الخارج من الدولة البيزنطية ، ولماذا لا وما هو الاستبعاد ؟
زين ، نأتي الى مرحلة اخرى من سيطرة الدولة البيزنطية على المجتمع المسلم في الشرق الادنى ، لو صح التعبير ، حبيبي ، النقد في ذلك الحين هل فكرت انه كيف كان ، كيف كان ، ومن اي شيء كان ، الظاهر واضح نقد الدولة الكسروية في ايران ونقد الدولة الرومانية في ايطاليا هذا هو دراهمهم ودنانيرهم ، أنا الذي أفهمه ان نقد الدولة البيزنطية اكثر من نقد الدولة الكسروية ، حبيبي ، رحلة الشتاء والصيف سامعين بها ونص عليها القرآن ، لاحظ ، رحلة الشتاء الى البلد الحار وهو اليمن، ورحلة الصيف الى البلد البارد وهو سوريا ولبنان ، اذا دخلوا الى سوريا ولبنان الى اي بلد يدخلون ، الى الروم ساقطة بيد الروم مئات السنين ، حتى انه الجيش الاسلامي حاربهم بعنوان انهم حاربوا الروم في سوريا ولبنان والاردن وفلسطين ، إذن دمشق مركز التجارة الرومانية في الشرق الادنى ، يرجعون بأي شيء ، يودون اغراضهم يبيعوها ويجيبون اغراض ابدالها الى مكة والمدينة والحجاز حتى يتصرفون بيه ، يعيشون ستة اشهر او سنة او نحو ذلك.
إذن الأغلب شنوه ، هو الاقتصاد الروماني المسيطر على الدولة الاسلامية ، من الجاهلية ، رحلة الشتاء والصيف جاهلية واستمرت الى عصر النبي صلى الله عليه واله .
الخطوة الاخرى : هنا ايضا ، انه حصل بالأحرى فد شيئ الذي اقتضى ان الخليفة الاموي عبد الملك بن مروان وهذه الرواية ينبغي ان تكون مشهورة ان يضوج او يزهگ من كثرة العُمَل الرومانية والكافرة في مجتمعه اي في المجتمع المسلم ، حتى يكدرون يأذون بالاقتصاد ، المجتمع المسلم والمسلمين فردا فردا ، مو ها لثخن حبيبي شدعوه ، طبعا هي شمخرة اوربا لا نهاية لها ، محل الشاهد مو هذا ، زهگ ، تعالوا طلعوني اني شبيدي انه شگدر اسوي ، گلوله عليك بمحمد بن علي ، الامام الباقر سلام الله عليه ، يابه جيبولياه ، اجه ، سلام ، عليكم السلام ، ترى انه في مشكلة والمجتمع في مشكلة تفضلوا حلوها ، گاله بسيطة ، اجمع ذهب وفضة ودكه بقالب وانشره ما بين الناس ، اكتب به لا اله الا الله محمد رسول الله ، طبعا ذيچ الدراهم والدنانير همه ما مقصرين بيه احنه نستعملها ، يعني ليس الآن بل في ذلك الحين ، نستعملها وعليها شهادة بنبوة المسيح والثالوث المقدس ، ونحن نستعملها لأنه ماكو غيره نبقى جواعة ، شفته ، يعني الله يساعد الناس في ذلك الحين ، سيطرة اقتصادية مائة بالمائة.
حبيبي ، وصل الخبر الى القيصر ، كلش ضاك خلگه ، وأرسله رسالة فعلا بالتهديد والوعيد ، لكن الله تعالى كفانا شره ، والا كان بالإمكان ان تصير مذبحة.
المهم ان هذا احد النقاط الواضحة من السيطرة الاستعمارية للدولة البيزنطية على الشنو ، على المجتمع المسلم .
زين ، حبيبي ، النقطة الاخرى ، ولا أريد ان اطيل عليكم تحت الشمس ، إنكم سمعتم ان في اليونان قبل الفين سنة و نحو ذلك فلسفة معتد بها موجودة ، افلاطون وأرسطو وسقراط و فلان وفلان وفلان ، اهواية عشرات الفلاسفة ، زين كلهم على حق ، انا اگولك ان خمسة وتسعين منهم على باطل ، ربما سقراط وأرسطوا وافلاطون على حق انا لا اريد ان اطعن بهم ، لكن اكو هواية سفسطائين اكو ماديين اكو ، كيت اكو ، كيت اكو ، هواية اشكال من الناس الذين سفلة اولاد سفلة .
سمعنا ايضا ان الفلسفة اليونانية دخلت المجتمع المسلم وتُرْجِمت الكتب من اليونانية الى العربية حتى يقرأها المسلمون ، زين انا اسألكم سوأل بسيط ، منو الذي جاب ها الكتب ، ولماذا نشرت بين الناس ، ومن الذي ترجمها وبأي قصد ترجمت ، هل روي ان المفكرين واهل الرأي واهل الهمة راحوا لليونان وجابوا الكتب واجو ، يبدو انه لا اثر لذلك اطلاقا ، وانما همة دزوا هاي الكتب الى الشرق الادنى وترجموها ورغبوا الناس بها ، اقروها ، لعل عقائدهم ترتج ولو بمقدار واحد بالمية او ينتج اكثر من ذلك ، ربما كثير من الناس يرتدون بسماع كلمة ، والحمد لله اغلبنا احنة ما نفتهم ، في كل الاجيال ، وذولة مفكرين وممدوحين وعظماء ، لماذا ما نصدگهم ، فيدخل الالحاد الينا ، كابن ابي العوجاء وابن المقفع والجاحظ والاخرين الذين انما كانوا في الحقيقة عملاء الفلسفة للدولة البيزنطية ، وحصلت انحرافات وانشقاقات كثيرة في زمن الائمة وبعد زمن الائمة سلام الله عليهم ، انما ذلك شنو ، من هذه الفلسفات التي دخلت شرا الى البلاد الاسلامية .
وحتى ان بعض اليهود الذين اسلموا في عهد النبوة وبعدها لم يسلموا بقصد الإخلاص وانما بقصد الدنيا ومن أهم تلك المقاصد علاقتهم باليهود الاوربيين التابعين للدولة البيزنطية والمتغلغلين فيها امثال وهب بن منبه وكعب الاحبار وآخرون .
وكان لأمثال هؤلاء تأثير فعلي في المجتمع المسلم خلال عصر الخلافة الاولى وما بعدها ، بل تأثيرهم مستمر بالمعنى العام الى العصر الحاضر.
والأمر على اية حال من الدقة والسرية من ذلك الوقت والى العصر الحاضر ، لأنه كان يعتبر ولا زال يعتبر من اسرار الدولة العليا التي لا تكشفه لأحد ، زين احنة منين انلگط عليها اخبار ، ما ممكن ، ربما بالسنة مرة ، فد چلمة تسمع يدعم هذا المعنى وهذا كلش كاف ، لا اننا نمسك المطلب الف قرينة ، مليون قرينة ، لا وانما اقل المجزي من القرائن ، اننا نطرح اطروحة محتملة ومعتد بها وجيدة جدا ان نقول ، ان هناك قول معتد به من داخل المجتمع المسلم عميل وتابع للدول الاوربية من قبل اكثر من الف سنة .
زين ، ونحن لا نحاشي الخوارج بما فيهم عبد الرحمن بن ملجم من هذه العمالة ، كما لا نحاشي القرامطة ، سامعين بيهم اهواية أذوا حبيبي ، كما لا نحاشي القرامطة عن العمالة وشيء آخر اهم من ذلك كله ، حبيبي المنصور شافوا ، في المجتمع ، هوة شافو جماعته ، ان قضية الاتراك اجو حلوين وشباب وطيبين ، يجلبون بالفتح الإسلامي من تركيا الى بغداد فالبسهم ثياب فاخرة واركبهم على جياد فاخرة ومشاهم في موكبه ، من ذلك الحين من عهد المنصور الى ما اعرف عدد من السنين وشخص الخليفة يتبدل الى عهد المتوكل وأكثر من المتوكل اصبح الاتراك هم المسيطرون على الدولة ، الى حد أصبحوا ينصبون وزيرا ويعزلون وزيرا بل ينصبون خليفة ويعزلون خليفة ويقتلون خليفة حسب كيفهم ، مسيطرين على المجتمع مائة بالمائة ، نعم ، حتى قال الشاعر من جملة المآسي التي قيل فيها الشعر :
خليفة في قفص بين وصيف و بغى
وصيف وبغى منو همه ، اتراك حبيبي .. هي من اسمائهم امبينة .
خليفة في قفص بين وصيف و بغى ... يقول ما قالا له كما تقول الببغـا
يخاف منهم حبيبي .. اما يحبهم او يخاف منهم ، من قبيل يقول الشاعر :
اذا كنت لا تدري فتلك مصيبة ... او كنت تدري فالمصيبة أعظم
ذوله هم خوش اوادم متقين ورعين ، كلاب اولاد الكلاب ، اضروا ونخروا في المجتمع المسلم وفي دين المجتمع المسلم ولازالت اثارهم موجودة الى العصر الحاضر انما تبع دنيا من قبيل هذا انه ذهبوا الى واحد من الخلفاء فطالبوه برواتبهم فقال بانه انا ما عندي ، ليش لأنهم همة كلهم ماكلين الفلوس ، فقتلوه شر قتلة ، خليفة اعلى مسؤول في المجتمع المسلم قتلوه كما تقتل العنزة ليش ، لانه اقوى منه ومسيطرين عليه ، محل الشاهد لا نحاشيهم من العمالة للدولة البيزنطية وهكذا وهكذا
ومن الممكن القول انه بهم وبسببهم نجت الدولة البيزنطية ، اي بسبب الاتراك ، كانوا قادة الجيش ، يصير وزير، يصير امير، يصير قائد ، ويخرج الى الفتح الاسلامي ، الفتح الاسلامي كان لا بد منه ، اذا ما اخرج الخليفة الجيش للفتح الاسلامي يعتبون عليه الناس ، يحجون ضده الناس ، اطلع اغزوا.
زين هذا الغزو فيه نقطتين ، انا كتبتهما في مؤلفاتي السابقة مو جديد :
النقطة الاولى : ان الغزو لم يشمل المدن الرئيسية للدولة البيزنطية اطلاقا ، لا وصلوا الى اليونان ، اكو هيجي شي ، ما كو ، ولا وصلوا الى ايطاليا ولا وصلوا الى رومانيا ، لا، الإسلام في رومانيا موجود ولكنه دخل سلما ادخله التجار المسلمون وليس بالحرب.
الغزو لم يدخل الى شواطيء اوربا الرئيسية احتراما للدولة البيزنطية ، لماذا نحترمها ، انما لأننا عملاء لها لا اكثر ولا اقل ، يرحون ايقشمرون اهاليهم انه احنه غزينا، يدخلون جزيرة كريت ، جزيرة قبرص ، جزيرة صقلية نحو ذلك من الامور ويجون ، هذا هوه ، كأننا بلي ، حاربنا الكفار ، على كل حال انا لله وانا اليه راجعون ، هاي وحدة
ثانيا : انتو ارجعوا الى الطبري والكامل ومروج الذهب وآخرين ، ذهب فلان وغزى وحارب وقتل وسبى وغنم ورجع ، هذا هوه الله بدالك ، غير حينما اطب تهدي الناس ، تجعل فيهم حاكم عادل يدبر امورهم ، لا ، يروح يأخذ نسوانهم واطفالهم وذهبهم ويعوفهم على هذه الحالة ويدير ظهره ويرجع ويوزعها ا بغداد ، هي هاي زينة ، انما هذا طلب للدنيا ، الفتح الاسلامي ردحا طويلا من الخلافة الاموية والعباسية كان للتجارة لا اكثر ولا اقل ، ذهب وغزى وغنم ورجع ، راجعوا كتب التاريخ الكامل وابن الاثير وغيره ، كله ها لشكل ، ليس قربة الى الله اطلاقا، وانما ذهابه للتجارة ولأجل ان يسد السن الناس انه ليش انتوا ما تحاربون كما حارب رسول الله صلى الله عليه واله ، لا أكثر ولا أقل ، هذا يدل على شنو ، على اننا نأخذ ، يعني المجتمع في ذلك الحين ، كان يأخذ شنو الدولة الرومانية والبيزنطية بنظر الاعتبار ، يحترمها ويدين لها بالولاء لأن الجيش انما هو رسمي يخرج عن الدولة طبعا وليس عن الشعب اولاد الخايبة طبعا لا، وإنما اولاد الخايبة يقتلون في سبيل ان الدولة شنو ، في ذلك الحين تتضخم ، حبيبي ، انما يكون الربح للأتراك وللقواد والوزراء ولا يكون شنو ، للخليفة نفسه ، بحيث على انه الخليفة يبقى اياما واشهرا لا يمليء الا بطنه.
وتؤخذ باسمه الدنيا جميعا ... وما من ذاك شيء في يديه
هكذا احد الخلفاء يقول ، اذا كان قوي وذكي وكذا يگدر شوية يسيطر على الوضع والا كله يتولوه يگول احنه جبانه وحنه احق به وانتهى الامر.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)

الجمعة الخامسة 18 محرم 1419
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله على ما عرفنا من نفسه والهمنا من شكره وفتح لنا من ابواب العلم بربوبيته ودلنا عليه من الاخلاص في توحيده، وجنبنا من الالحاد والشك في امره ، حمدا نعمر به فيمن حمده من خلقه ، ونسبق به من سبق الى رضاه وعفوه ، حمدا يضيء لنا به ظلمات البرزخ ، ويسهل علينا به سبيل المبعث ، ويشرف به منازلنا عند مواقف الاشهاد يوم تجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون ، يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون ، حمدا يرتفع منا الى اعلى عليين في كتاب مرقوم يشهده المقربون ، حمدا تقر به عيوننا اذا برقت الابصار، وتبيض به وجوهنا اذا اسودت الابشار ، حمدا نعتق به من اليم نار الله الى كريم جوار الله ، حمدا نزاحم به ملائكته المقربين ، ونضام به انبيائه المرسلين في دار المقامة التي لا تزول. ومحل كرامته التي لا تحول .
اللهم صل على محمد المصطفى وعلي المرتضى وفاطمة الزهراء والحسن المجتبى وعلى الحسين الشهيد بكربلاء وعلى الامام السجاد علي بن الحسين والامام الباقر محمد بن علي والامام الصادق جعفر بن محمد والامام الكاظم موسى بن جعفر والامام الرضا علي بن موسى والامام الجواد محمد بن علي والامام الهادي علي بن محمد والامام العسكري الحسن بن علي والحجة الهادي المهدي بقيتك في ارضك. فمعكم معكم لا مع عدوكم. آمنت بأولكم وباخركم وظاهركم وباطنكم سلام الله عليكم اجمعين.
في هذه الخطبة اريد ان أتعرض لخطبة الحسين سلام الله عليه في المدينة :
(خط الموت على ولد ادم مخط القلادة على جيد الفتاة ، وما اولهني الى اسلافي اشتياق يعقوب الى يوسف ، وخِير لي مصرع انا لاقيه … الى آخره ، الى ان يقول : رضا الله رضانا اهل البيت نصبر على بلائه ويوفينا اجور الصابرين)
خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة ، وهذا بالمقدار الذي اراد بيانه ، والا فالأمر اوسع من ذلك لأنه في القرآن يقول: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ ... (185) ، يعني من انسان وحيوان وجن وملائكة كلهم يموتون ، اليس سمعتم في الرواية ان اهل الارض يموتون وان اهل السماء لا يبقون ، والملائكة والجن ايضا لهم نفوس والقاعدة القرآنية تعطينا شنو ، كل (نفس ذائقة الموت) ، في حين ان الحسين سلام الله عليه ، يقول : خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة ، يعني يتكلم عن خصوص البشرية ولا يتكلم عن غيرها ، ليس معناه انه غيرهم لا يموت لا، بس مقصوده ، هو التعرض الى خصوص البشرية التي هو منها والسامعين منها وهذا يكفي .
زين كما ان مخط القلادة على جيد الفتاة أمر تقريبي وتعبير ادبي ، وإلا فهو ليس بأمر دائم ، لان كثيرا من النساء لا يلبسن القلائد لفقر او غيره مع ان الموت عام للجميع ، إلا أن يراد موضع القلادة يعني أسفل الرقبة فيكون ملازما مع خلقة الإنسان كملازمة الموت له .
وذكر الموت نافع في الهمة لطاعة الله تعالى والاعراض عن الدنيا لان الدار الموقتة لا تكون مهمة ، وما هي الدار الموقتة ، الدنيا ، وما هي الدار الباقية ، طبعا الاخرة اكيدا ، يعني معناه ان نسبة الواحد الى ما لا نهاية نسبة الصفر كأن الدنيا لا وجود لها وان توهمنا لها وجود ، ونحن انما نهتم بأمر لا اهمية فيه ، قال أمير المؤمنين سلام الله عليه ، لو جدتم دنياكم هذه ازهد عندي من عفطة عنز ، انت شوف بحدسك الآن كل واحد يرجع الى نفسه ، عفطة العنز شگد قيمتها ، شكد تطيه لواحد چم فلس حتى ادگوله خلي الصخله تعفطلي فد عفطة ، دون الصفر ، دون الصفر قيمة عفطة العنزة ، قيمتها سلبية لو أمكن وليست ايجابية اصلا ولا فلس ، وانما مليون دينار تحت الصفر يعني بمعنى انني اعطي فلوس في سبيل ان لا تعفط العنزة ، إذن يكون اعطي فلوس في سبيل ان اتخلص من الدنيا ، ازهد عندي من عفطة عنز أحقر من عفطة العنز ، ليس مثلها ، اقل ، محل الشاهد اننا نتكالب ونتكاتل على شيء خالي من الاهمية بالمرة ، القرآن ماذا يقول :
(وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64) ، اي انها هي الحياة الحقيقية ، يعني ان الدنيا ليست حياة بالمرة ، وهنا فيها شنو ، حصر ، وإن الدار الآخرة لهي الحيوان ، حصر مؤكد فمن هذه الناحية معناة شنو ، معناه انه بالمفهوم ان غير الدار الاخرة اطلاقا لا حياة فيه وان تخيلنا فيه حياة وتوهمنا فيه حياة .
ثم قال : (وما اولهني الى اسلافي اشتياق يعقوب الى يوسف) ، والمفهوم العرفي من تلك الفقرتين هو الشوق الناتج من الحب الاسري ، وحاشا المعصومين من ذلك وكذلك حاشا الانبياء من ذلك ، لأنه يگول اشتياق يعقوب الى يوسف ، أنا اقول هذا اشتياق ليس اشتياقاً أسريا لا في يعقوب ولا في الحسين ، انطيك المبرر الرئيسي في يعقوب وانت عليك ان توجد المبرر في الحسين سلام الله عليه .
اما يعقوب فقصته معروفة ومروية على ما ببالي بحسب المضمون ، انهم كانوا يأكلون شاة هو واولاده في بعض الليالي فمر عليهم فقير فمنعوه وصرفوه ، فصب عليهم الله العذاب صبا ، لأنه اذا صدق السائل هلك المسؤول ، ولو سائل لمرة واحدة ، والسائل ايضا ، لالفات النظر ، ليس مختصا انه تعطيه فلوس ، قد يريد منك مسألة شرعية ، قد يريد ركضة ، قد يريد حاجة معنوية قد يريد منك فلوس ، اي شيء محتاج وهو مستحق اذن تنطيه ، اذا صدق السائل هلك المسؤول ، اذا ما اعطيته ، الله تعالى فوگ راسك وجهنم جوه رجلك بما فيهم سيد محمد الصدر وليس الآخرين ، اما سامين اعظكم ونفسي بتقوى الله وليس اعظكم فقط انه خوش آدمي ، وانتم مو خوش اوآدم ، لا، اول من ينبغي ان يكون خوش آدمي وهو فعلا مو خوش آدمي ، هو سيد محمد الصدر ، ( ... لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18) ، ليش ، لان الاخطبوط وهو النفس الامارة بالسوء متلبسة من حد الرأس الى اسفل القدم ، فكيف يكون خوش آدمي ، الا بتسديد من الله وتوفيق من الله لو اوكلت الى نفسي فشلت بالان واللحظة ، هذا هوه ، وصرت انگس الخلق على الاطلاق ، هذا هوه ، زين ، فصب عليهم الله العذاب صبا حتى صار مضربا للمثل مصائب كمصائب ال يعقوب وكان يعقوب يعلم من لطف الله سبحانه ، اسمعني ، وكان يعقوب يعلم من لطف الله سبحانه انه اذا حصل الغفران زال البلاء ، اذا حصل الغفران زال البلاء ، ومن هنا بكى او بكي من الذنب حتى ابيضت عيناه ، ويقول أعلم من الله ما لا تعلمون ، يعني اذا غفر الله له ازال بلائه الدنيوي ، فهو يطمع بغفران الله له لكي يزول بلاءه الدنيوي ، او يكون زوال البلاء الدنيوي علامة على رضا الله سبحانه وليس لمجرد الاشتياق الى يوسف اطلاقا.
وأما اشتياق الحسين عليه السلام ، الى اسلافه وهم محمد وعلي وفاطمة والحسن عليهم السلام ، فلم يكن يشتاق الى اشخاصهم او قراباتهم ، وإنما يشتاق باعتبارات اخرى باعتبار صلاحهم وعظمتهم و مقامهم العظيم عند الله ، او يشتاق الى مقامات ارواحهم العليا ليلتحق بهم لأن له مقامات عليا في الجنة لا ينالها الا بالشهادة يكون فيها ملتحقا بأسلافه سلام الله عليهم .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر (5 )

ابو علي 22-03-2012 12:39 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة السادسة 25 محرم 1419 هـ
الخطبة الاولى
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم اني اسألك بسلطان القوة ، وبعزة القدرة ، وبشأن الكلمة التامة ، وبكلماتك التي تفضلت بها على اهل السماوات والارض واهل الدنيا واهل الاخرة ، وبرحمتك التي مننت بها على جميع خلقك ، وباستطاعتك التي اقمت بها على العالمين ، وبنورك الذي قد خر من فزعه طور سيناء ، وبعلمك وجلالك وكبريائك وعزتك وجبروتك التي لم تستطل لها الارض وانخفضت لها السماوات وانزجر لها العمق الاكبر وركدت لها البحار والانهار وخضعت لها الجبال وسكنت لها الارض بمناكبها واستسلمت لها الخلائق كلها وخفقت لها الرياح في جريانها وخمدت لها النيران في اوطانها وبسلطانك الذي عرفت لك به الغلبة دهر الدهور وحُمدت به في السماوات والارضين وبكلمتك كلمة الصدق التي سبقت لأبينا آدم عليه السلام وذريته بالرحمة وأسألك بكلمتك التي غلبت كل شيء وبنور وجهك الذي تجليت به للجبل فجعلته دكا وخرّ موسى صعقا وبمجدك الذي ظهر على طور سيناء فكلمت به عبدك ورسولك موسى بن عمران ، وبطلعتك في ساعير وظهورك في جبل فاران بربوات المقدسين وجنود الملائكة الصافين وخشوع الملائكة المسبحين وببركاتك التي باركت فيها على ابراهيم خليلك عليه السلام في امة محمد صلى الله عليه واله ، وباركت لإسحق صفيك في امة عيسى عليهما السلام ، وباركت ليعقوب اسرائيلك في أمة موسى عليهما السلام ، وباركت لحبيبك محمد صلى الله عليه واله ، في عترته وذريته وامته ، اللهم وكما غبنا عن ذلك ولم نشهده ، وآمنا به ولم نره صدقا وعدلا ان تصلي على محمد وال محمد وان تبارك على محمد وال محمد وترحم على محمد وال محمد كأفضل ما صليت وباركت وترحمت على ابراهيم وال ابراهيم إنك حميد مجيد فعال لما تريد وانت على كل شيء شهيد .
من الناحية النظرية كنا نقول وأنا سجلتها في بعض كتبي ان صلاة الجمعة تفيد للمجتمع وتحل مشاكله وتذلل صعوباته وتدفع إلى الاستقامة من انحرافاته ، الآن أصبح هذا شيئا واضحا بالتطبيق ولله الحمد ، الجمعة هي اللسان الناطق باسم الله ورسوله وأمير المؤمنين وهداية للناس اجمعين كائنا من كان خطيب الجمعة سواء كان سيد محمد الصدر او غيره نسمع منهم الحق وندفع بهم الباطل ونرضي الله ورسوله والمعصومين سلام الله عليهم اجمعين ، وهذا ينبغي ان يكون واضحا واكيدا في اذهاننا جميعا .
محل الشاهد إن جملة من الأمور التي تطرح في الشارع ، على لغة بعضهم ، ينبغي طرحها هنا ايضا ، لأن الذي يُطرح في الشارع يُعتبر مشكلة واذا أُعتبر مشكلة كان حلها في ذمة الحوزة العلمية ، في ذمة الحوزة الشريفة ، شغل من حبيبي ، إذا لم يكن هو شغل رجال الدين ، ومسؤولية من ، اذا لم يكن هو مسؤولية رجال الدين ، على العين والرأس ، زين ، آني اسأل ، زيد وعبيد ندير ظهرنا ونگول ما علينا نحن لا نعرف ولا نفهم ، اذن ما ذا نتيجة وجودنا ، ولماذا درسنا ، ولماذا تعبنا ، وعلى اي شيء اتبعنا الناس ، وعلى اي شيء احسن الظن الناس بنا ، ليش لمجرد انه احنه ناكل ونام ، هذا هو الاجحاف بعينه .
محل الشاهد من جملة الامور التي يتكلم بها الشارع الآن والتي سبقت في سنين سابقة ايضا ان جملة من الجُهَّال وان كان هي الحچاية قد لا تكون لطيفة ولكن هكذا هو الواقع انهم جعلوا من حرم الحسين سلام الله عليه ، كعبة وجعلوا من الشارع الذي بين الحرمين مطافا ، وانا رأيتهم ربما اكثر من مرة يلبون ويركضون .
أنا أقول وقلت ولا زلت اقول ان هذا حرام ، الدوران حول ضريح الحسين وحول ضريح المعصومين راجح احتراما للحسين عليه السلام ، واحتراما للمعصومين ، هذا صح ، والتعب في سبيل الحسين عليه السلام ، وفي سبيل المعصومين راجح لأنه احترام لهم ، وانقياد للشريعة ولله سبحانه وتعالى ، هذا أيضا صحيح ولكن الوهم ان هذا هو شبه الحج او هو الحج او المجزي عن الحج بدليل على انه يلبي بحماس ، واذا گالوله لا تسوي ، هوه يسوي ، كأنما جاي ايحچ في كربلاء ، لا ، العفو ، هذا غير ممكن ، بل هذا هو الحرام بعينه ، مع العلم ان التلبية هي ذكر الله سبحانه وتعالى وليست اكثر من ذلك ولكنه حبيبي ، ليست من اهلها ولا في محلها ، التلبية لها محل وهو السعي الصحيح بين الصفا والمروة او بعد الاحرام او اي شيء وليس هنا حبيبي .
المهم على انه ، هذا تشريع محرم ، ليش ، لأنه لم يرد في الكتاب والسنة ولم يعمله المعصومون ولا العلماء ولا المتشرعة ، نعمله كشيء جديد ، نضيفه الى الدين حرام طبعا هذا من هذه الناحية ، وهو ايضا بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ، احذركم ان تعملوا شيئا من هذا القبيل اطلاقا فليبلغ الحاضر منكم الغائب ان هذا امر لا يجوز .
الشيء الآخر الذي وددت الاشارة اليه ان حديث الشارع الان في المسير الى الحسين سلام الله عليه ، راجلين ، طبعا هو في نفسه حسب القاعدة الاصلية في الاسلام او قل في الدين هو انه هذا تعب في سبيل الحسين سلام الله عليه ، واحترام للحسين سلام الله عليه ، واظهار للإخلاص في سبيل الحسين سلام الله عليه ، وليس الحسين فقط وإنما لرسول الله صلى الله عليه واله ، لنبي الحسين ولعبادة الحسين ولهدف الحسين ولرب الحسين ، هذا كله صحيح .
لكن طبعا يوجد هناك منع ، الشيء الذي وددت أن أشير اليه انني من هنا اطلب من المسؤولين اجازته ، وانا حسب فهمي ان المطلب مربوط بالسيد الرئيس مباشرة فانا اطلب منه اجازة هذا الموسم المقدس والعمل الشريف الديني الذي لا سياسة فيه ، لا سياسة فيه ، هو يعلم وكلنا يعلم اننا بريئون من هذا المعنى من السياسة وكل معنى سياسي ، هذا لا ربط له بنا لا نستفيد من السياسة ولا تفيدنا السياسة ، نحن علينا برضاء الله سبحانه وتعالى ، الإجتماع في الطريق الى الحسين عليه السلام ، كالاجتماع في زيارة المعصومين سلام الله عليهم ، كالإجتماع في صلاة الجمعات التي جربناها ، ولم يكن فيها اية محذور واية سياسة ، انما هو عبادة مستحبة كنوافل الظهر والعصر يؤدونها اعتيادي ويرجعون الى بيوتهم ، ونأمل من جميع المتدينين والمتشرعين الذين يحملون هم دينهم وشريعتهم ومذهبهم ان يكونوا هادئين اذا ذهبوا ان يكونوا هادئين كما انتم جزاكم الله خيرا الان هادئين ، وعليكم طبعا انا قلتم لكم في يوم ما ، انه عليكم بإطاعة اوامر علمائكم ، لا تتحركوا ولا تقولوا اي شيء قبل ان تقول لو صح التعبير قيادتكم الدينية شي ، ما يجوز حبيبي ، إذن تجني على نفسك وعلى دينك وعلى دنياك وعلى آخرتك ، فمن هذه الناحية الأمل أن يجاز ، الامل ان يجاز ، لكي يفرح اغلبية شعب العراق بل كل شعب العراق بل لعله كل العالم ، فان هذا مما يفرح الصديق ويؤلم العدو ، وما احسن ان نفرح الصديق ونؤلم العدو مع العلم انه ليس فيه مضاعفات وليست فيه اية سياسة ، لكن مع ذلك اقول ، بانه اذا حصل المنع امتنعوا ، لا يفعل احد شيئا منكم اي شيء في هذا الصدد ، يقول في الاخبار عن الائمة سلام الله عليهم ، (التقية ديني ودين ابائي ولا دين لمن لا تقية له) ، انت اذا رحت او عملت اي شيء او قلت اي شيء على خلاف التقية اذن لا دين لك حبيبي ، يشهد المعصومون انه لا دين لك ، زينة هي هاي ، فمن هذه الناحية خبر آخر ايضا ، (التقية درع المؤمن الحصينة يدفع بها عن نفسه بلاء الدنيا) ، گول لا ، اما اذا واحد ذب الدرع سوف تقع الضربة عليه من حيث لا يفيد نفسه ولا يفيد الاخرين ولا يفيد دينه ، فمن هذه الناحية ايضا اوصيكم بتقوى الله ان ذهبتم فاذهبوا بهدوء وان منعتم فامتنعوا بهدوء وجزاكم الله خير جزاء المحسنين .
الشيء الاخر الذي وددت الاشارة اليه ان هنا ايضا شكوى وان كان الكلام عنها قليل في الشارع لان الشارع يستسيغها مع شديد الاسف ، لكن الله ورسوله وامير المؤمنين لا يستسيغونها وهو الاختلاط والازدحام بين الجنسين في المراقد المقدسة وفي المساجد المقدسة ، حبيبي ، هذا لا يراد منكم انتم الان ، الحمد لله على مستوى من الوعي الديني وخوف الله سبحانه وتعالى بدرجة محمودة وهذا بفضل ربي ،
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ۖ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ ۖ ،
حينئذ تكون النتيجة شنو
، وَنُودُوا أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (43)
، واما اذا صخمنا وجه روحنه لا ندخل الجنة وانما طريقنه طريق آخر، فاذا اردنا النجاة في الدنيا والاخرة ينبغي ان نعدل من سلوكنا من جميع الجهات ، كل قدم وكل التفاتة وكل كلام ، وكل اي شيء ، اي شيء ، من العمل والقول ومن العلاقات الخاصة والعامة الاجتماعية والاقتصادية والاسرية ما من واقعة الا ولها حكم ، فإذن انت من جميع جهاتك من حين الميلاد بل من حين انعقاد النطفة الى حين تحول الجسم الى تراب كامل ، هو في حكم شرعي لا يعدوه الله بقليلة ولا بكثيرة ، لا يعدوه يعني ما يتوخر عنه ، لا تعدوه شريعة الله بقليلة ولا بكثيرة ولا يعدوه نظر الله بقليل ولا بكثير فإن لم تكن تراه فهو يراك.
زين نحن نعمل المستحبات ونعمل المحرمات في نفس الوقت ، يصير ، طبعا لا يجوز ، هل ننال شفاعة المعصومين بالتجاوز على المعصومين وهتك حرماتهم ، نحن نحترمهم او نهتك حرماتهم سبحان الله ، ماذا تقولون ، زين اذا كان اگو اختلاط وتهتك وشعر وايدين النسوان وايدين الرجال وغير ذلك وربما كلمات غير طيبة تقع بينهم كثيرة ، على ما هو منقول ، زينة هي هاي ، جدا سيئة اقول انتم حاشاكم ان شاء الله لا يفعل احد منكم ذلك ، لكنه الذي يفعل ذلك فهو ملعون ولن ينال شفاعة المعصومين سلام الله عليهم ، هو غير يروح يتبرك بالضريح ، فيلعنه الامام الذي ذهب اليه ، يلعنها الامام الذي ذهبت اليه ، فيخرج بلعنة الامام لا يخرج بشفاعة الامام ، هية هاي زينة سبحان الله ، ضلة في عقله وخلة في تفكيره وضحالة في تفقهه ، اصلا تفقه ما كو ، خوفة الله ما كو ، والا ما هيجي صار .
حبيبي حچاية بسيطة جدا ليست بيد سيد محمد الصدر ولا الحوزة ، كل واحد عنده ام ، اخت ، بنت ، اخو ، جيران ، صديق ، ينصح بعضكم بعضا بالإرتداع عن ذلك وعن غير ذلك مما يغضب الله سبحانه وتعالى ، هذا هوة گولوا لخاطر الله لا تسوي لخاطر الله ،ما بيه مجال حقيقية ، ترى هاي السواية موزينة ، لدينك مو زينة ولمذهبك مو زينة ولإمامك مو زينة ، لا تسوي حبيبي خير لك ان تترك ، اترك الزيارة خير لك من ان تذهب بهذه الزيارة الخاطئة الخائبة ، هذا هوة.
فعندئذ شيصير ، معنى ذلك انه يصلح المجتمع ، اذا صلح الناس فردا فردا صلح المجتمع ، امثل لكم بمثال ، اكو بيه رواية ، انه اثر الصلاة طبعا المقبولة المبرورة ان يغفر ما بين الفريضتين من الذنوب ، يمثل ، الظاهر على ما ببالي مروية عن النبي صلى الله عليه واله ، كيف اذا كان احدكم على باب داره نهر فيغتسل به في اليوم خمسة مرات هل يبقى على جسده وسخ ، وكذلك في المثل الاخر انه ، اذا كنس كل واحد امام داره نظفت المدينة ، فأنتوا اكنسوا المحارم اي المحرمات من ساحتكم من ساحة المجتمع اكنسوها كنسا حقيقيا يرضي الله سبحانه وتعالى ، ولماذا لا ، اي احنة جايين اهنانة لان نخاف الله لا لكي نتفرج على السيد محمد الصدر ولا لكي نتونس ، وانما نخاف الله ونتحمل الشمس في سبيل خوف الله سبحانه وتعالى وفي سبيل ثواب الله سبحانه وتعالى وفي سبيل اداء مسؤولية هذا الواجب المقدس اللطيف ، امنعوا ، امنعوا جيرانكم واسرتكم عن من مثل هذا التهتك وهذا الاحتقار للدين وللمعصومين سلام الله عليهم .
زين ، الشيء الآخر الذي وددت ان اشير اليه ، ربما ان جملة منكم ، بعض الناس على كل حال سمعت منهم ان سيد محمد الصدر لم يحضر خطبته جيدا ، ان سيد محمد الصدر غير عميق في خطبته كأنهم يتوقعون ان اقول هنا درسا حوزويا كاملا في الفقه او في الاصول او في التفسير او في اي شيء ، انا لست مغفلا الى هذه الدرجة لكل مقام مقال وكما ايضا في المثل الاخر شنو ، ان البلاغة تطبيق المقال ، بما مضمونه ، على مقتضى الحال ، كذلك كلموا الناس على قدر عقولهم وكذلك اذا كان الكذب حراما فالصدق غير واجب لأنه الشق الاخر هو السكوت ، فاذا انا اتكلم معكم بلغة الكبرى والصغرى والاستصحاب واصالة البراءة ماذا سوف تفهمون مني ، عيب هذا الحچي ، انا اقول بمقدار ما اجد فيه المصلحة وأمري وأمركم الى الله فمن هذه الناحية طبعا ، انا ادرك بوضوح على انه هذه الخطابة يسمعها كل سامع وليس الحوزة فقط طبعا نحن نربي الحوزة لكي نربي المجتمع ، ليش ، لأنه هكذا الاعتقاد التقليدي او الكلاسيكي انه الطلبة الشباب يفهمون المجتمع اكثر من المرجع ، المرجع لغته معقدة ومتزمتة وخاصة فلا يفهمها المجتمع ، لا الحمد لله ربما رزقتم واحد من هذا القبيل الذي تفهموه ، محل الشاهد فحينئذ هذا ايضا يكون ضروريا ، لا تتوقعوا مني ان اقول شيئا اكثر مما فيه المصلحة.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)

الجمعة السادسة 25 محرم 1419
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم اني اسألك بان لك الحمد لا اله الا انت، البديء قبل كل شيء وانت الحي القيوم ، ولا اله الا انت الذي لا يذلك شيء وانت كل يوم في شأن ، لا اله الا انت خالق ما يرى وما لا يرى العالم بكل شيء بغير تعليم ، اسألك بألآئك ونعمائك بانك الله الرب الواحد لا اله الا انت الرحمن الرحيم ، واسألك بانك انت الله لا اله الا انت الوتر الفرد الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا احد. واسألك بانك انت الله لا اله انت اللطيف الخبير القائم على كل نفس بما كسبت الرقيب الحفيظ. واسألك بانك الله الاول قبل كل شيء والاخر بعد كل شيء والباطن دون كل شيء الضار النافع الحكيم العليم ، واسألك بانك انت الله لا اله الا انت الحي القيوم الباعث الوارث الحنان المنان بديع السماوات والارض ذو الجلال والاكرام وذو الطول وذو العزة وذو السلطان ، لا اله الا انت احطت بكل شيء علما واحصيت كل شيء عددا ، صل على محمد وال محمد ، عبدك ورسولك وامينك وصفيك وحبيبك وخيرتك من خلقك وحافظ سرك ومبلغ رسالاتك افضل واحسن واجمل واكمل وازكى وانمى واطيب واطهر واسنى واكثر ما صليت وباركت وترحمت وتحننت وسلمت على احد من عبادك وانبيائك ورسلك وصفوتك من خلقك ، اللهم وصل على علي امير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين عبدك ووليلك وحجتك على خلقك وآيتك الكبرى والنبأ العظيم ، اللهم وصل على فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ، اللهم وصل على الحسن والحسين سيدي شباب اهل الجنة ، وصل على ائمة المسلمين علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والخلف الهادي المهدي ائمتي وسادتي وقادتي بهم اتولى ومن اعدائهم اتبرأ في الدنيا والاخرة.
طبعا هذا اليوم ذكرى وفاة الامام السجاد سلام الله عليه ، يحسن جدا ان نذكر فكرة مما يتيسر لنا ومما نعرفه في الجملة والا نحن اقل واحقر وادنى من ان نفهم المعصومين سلام الله عليهم ، الا انه بالمقدار المتيسر لا بأس من الالتفات الى شيء من هذا القبيل .
الامام السجاد سلام الله عليه ، دخل في تقية مكثفة بعد واقعة الطف بعد مقتل ابيه واخوته واصحابه فكان من الخطر عليه القيام باي قول او عمل تتوجس منه الدولة الاموية في ذلك الحين التي كانت مسيطرة وقوية كعبد الملك بن مروان وهشام بن عبد الملك وآخرين ، الا انه مع ذلك كان سلام الله عليه ، طبعا بتكليف من الله سبحانه وتعالى متحمل للمسؤولية تجاه الله سبحانه وتعالى وتجاه شعبه ومواليه وشيعته ولا يمكن ان تكون التقية المكثفة مانعة له عن تحمل المسؤولية او سببا له للتخلي عن مسؤولياته ، ومن هنا كانت مهمته دقيقة وصعبة الى درجة عجيبة وغريبة لا يقوم بها الا المعصومون سلام الله عليهم ، ومن هنا نراه يخطط عدة امور اصبح اكثرها معروفا في الفكر الاسلامي في هذه الايام وفي هذه الاعوام ، والف به المؤلفون ايضا اذكره لكم مع شيء من الايضاح والزيادة .
في الحقيقة هو نستطيع ان نقول انه قام بعدة فعاليات في حياته سلام الله عليه ، بهذا الاعتبار ، باعتباره اماما هاديا ومفترض الطاعة ونقول قائدا لجالية باللغة الحديثة ، لجالية كثيرة من المجتمع الاسلامي تقدسه وتطيعه وتؤمن به ، وكذلك طبعا فوائد ائمتنا لم تقتصر على الشيعة وانما عمت جميع المسلمين بل عمت كل البشر بمعنى وآخر ، اسألوا اي واحد الا من ندر وساء حظه وانحرف عقله اي واحد الذي يعترض على المعصومين او لا يحملهم على خير او لا يشهد بكونهم علماء حلماء عظماء ، كلهم هكذا بما فيهم طبعا مواليهم وشيعتهم اكيدا.
فمن ذلك ، من جملة نشاطاته ايضا باللغة الحديثة ، فمن ذلك ، كثرة العبادة التزم العبادة سلام الله عليه ، عبادة مكثفة وكثيرة جدا حتى ظهرت له الثفنات وسمي ذو الثفنات ، وكان يقطعها حسب الرواية كل مدة بالسكين من كثرة صلاته وركوعه وسجوده حتى سمي بهذه المناسبة زين العابدين وسيد الساجدين ، وهذا المعنى معترف به حتى لدى من لا يؤمن بإمامته ، وفي رواية عن ابي حمزة الثمالي ما مضمونه يقول ابو حمزة كأنما ، اني تابعته حين ذهب الى المسجد الحرام ليلا ، كأنما كان ، وتوجه الى القبلة ، طبعا الى الكعبة ، فكبر للصلاة تكبيرة ، لاحظوا ، فكبر لصلاة تكبيرة اقشعر جسمي كله من هولها ، شوف ماهية ، ماهية ، اذا كان بتكبيرة واحد ، المعصوم يستطيع ان يكهرب المخلصين فكيف بكل كلامه ، وكيف بكل تصرفاته ، انت تشوفلك واحد عادي طيب القلب تهفو له وتحبه ، فكيف اذا رأيت معصوما ، انت مجرد شوية اسرح بخيالك ولن تستطيع ان تسرح بخيالك لان المعصومين حتى اعلى مما يتصور اي فرد منا.
وفي رواية اخرى ما مضمونه انه قيل له لماذا تتعب نفسك بالعبادة ، هيجي بيه الرواية فيها انه امر بجلب كتاب وقلبه ثم سده بانتهار وقال ومن يقوى على عبادة علي ابن ابي طالب سلام الله عليه ، ... وكل ذلك ليعطي للمجتمع ، هاي يفيد نفسه ، بعبادته يفيد نفسه ، انا اقول لا يفيد نفسه صح بمقدار ما لعله ، الله تعالى لا ينسا له هذا الثواب ، لا ، كأننا من لغة اخرى هنود او اي شيء او انكليز ، گاعدين يقرون بالالفاظ العربية ولا يفهمون منها شيئا ، عيب علينا حبيبي عيب ، واحد كان يسألني في قبل ثلاثين سنة من مدرسيني او يسأل في الحقيقة الجماعة الذي يدرسهم ، اكو واحد منكم حاول ان يطالع بالقرآن كما يطالع الكتاب ، طبعا يكون الجواب ، لا، نحن نقراه تعبدا ولأجل الثواب ، لا، طالعه اي حاول ان تفكر فيه وتفهمه ، القرآن ونهج البلاغة والادعية والزيارات ، ما بيك قصور حبيبي ، الله ناطيك الوعي والعقل والسمع والبصر وجميع الجهات ، انت تقضيها في الدنيا دون الاخرة ، مو عيب اعليك حبيبي.
تذكرت وهنا كتبت شي بسيط في الأدعيه مثلا هذه العبارة لم يفسرها العلم الحديث الى هذه الثانية ليس لهذا اليوم ، سبحان الله الذي يعلم ثقل النور والظلمة ، قبل 1400 سنة ما هو ثقل النور ، هوه هم بيه ثقل حبيبي ، الجو هم بيه ثقل ، كانوا يعرفون سلام الله عليهم ، زين الخطوة شنهو ، ان العلم الحديث فهم ثقل النور فهل فهم ثقل الظلمة ، لا زال جاهلا من هذه الناحية ، هم فهموها ونحن لم نفهمها لأنه اوربا ما تفضلت علينا بإفهامنا ، لو تفضلت لفهمناها ، هكذا ، هكذا ، من زاوية وجهة نظركم مع شديد الاسف.
ايضا في الصحيفة السجادية ، (اللهم اجعل داءهم في مائهم) ، في دعاء الثغور ، شوفه انه يدعوا على اعدائه من جملة دعائه ان يكون ماءهم شنو ، سببا للمرض ، عجبا واحد يشرب ماء يتمرض ، ولماذا لا ، كثير من الجراثيم والحميات والملاريا وغير ذلك يكون في الماء لماذا لا ، فاذا الله تعالى كفانا شر اعدائه واعدائنا بتسميمهم بالماء الذي يشربون ، ما احلاها سبحان الله .
زين ، ومنها ، انه كان يوزع المساعدات على فقراء المؤمنين ، فيحمل على ظهره الجراب ويوزعه على البيوت يطرق بابا بابا ممن يعرفهم ولا يعرفونه ، وفي الرواية انهم لم يعرفوه حتى توفي سلام الله عليه ، فلما انقطع البر ما كو احد يجيبلهم تمن وطحين ودهن ، عرفوا انه منه ، لم يفتح فمه طول هذه المدة ، بل الرواية اكثر من ذلك ، دگ الباب ، طلعت له مرية گاللها ذولي ثوب ، جزاك الله خير ، لكنه انا عاتبة على السجاد ما يجيب النه شيء ، انت اجيب النها والسجاد ما يجيب النه شي .
شفت كنا في غفلة ولا زلنا في غفلة ، استيقظوا رحمكم الله ، اتقوا الله رحمكم الله ، سبحان الله ، زين ، في رواية اخرى ان شخصا ما ، رآه وهو ماشي في الطريق شايل على ظهره گونية الطحين والتمن ، هذا المقدار اللي يگدر ايشيله والا هو ضعيف ساقاه رفيعتان حبيبي من كثرة الزهد وقلة الطعام وقلة المنام ، محل الشاهد مو هذا ، بمقدار ما يحمله يذهب الى البيوت يعطيها ، يعرفه طبعا ، گاله ، سلام عليكم ، الا احمل هذا الحمل عنك ، گاله ، لا انه زاد سفري ، ما مضمونه ، شافه بعد يومين او ثلاثة ، سلام عليكم ، انت ما سافرت موگلت راح اتسافر ، گاله ، ليس حيث تذهب انما ذلك هو الموت ، السفر الى الاخرة هذا زاد سفري اي ابني به آخرتي وليس حيث تذهب ، انت الدنيوي التافه الدنيء في فهمك.
ومنها انه كان يشتري العبيد ويبيعهم ، يبقيهم عنده سنة ثم يبيعهم زين ذولة من يبقون عنده سنة ، حديد همة ، احجارة همة ، لا ، يرونه ويسمعون اقواله ويسمعون ادعيته ويسمعون فقهه ويرون عبادته ، يهتدون حبيبي ، موسى بن جعفر سلام الله عليه ، خلوله فد وحدة بالسجن بالسجن حينما كان مسجون ، هذا فد شي مفهوم ، اولا خلوله رجال ظَلَمَة الى درجة عجيبة خلال ليلة صار من احسن الصالحين ، كالوا خلي اندزله مرية متهتكة ، دزوله مرية متهتكة خلال ليلة صارت من احسن العابدات ، فكيف اذا بقي معاشرا للإمام سنة ، يصير هاديا مهديا ، گول لا ، ليس فخر ولا ثواب هو إنما رزقه العقل والاحساس ، فشيصير اهنانة ، اولا يجمعهم يستحل منهم مما يكون قد صدر ، استخدمهم ، روحوا تعالوا ، كذا ، وإلا حاشاه من العصيان والطغيان ، يستحل منهم طبعا يحللوه ، يعطيهم مالا ويعتقهم اذهبوا رحمكم الله ، وين ما راحوا همة ينفعون ، بعد ما عليه هذا هو ، وين ما راحوا همة ينفعون ، اليس هذا اداء نحو من الاداء لمسؤوليته سلام الله عليه .
ومنها ، ان زيد الشهيد ، منوه زيد الشهيد ، زيد بن علي ، گول لا ، يعني زيد ابن السجاد نفسه لا نتكلم مجازا الاب في تقية مكثفة ، لكن زيد نفسه الولد الصلبي له ، قتل في سبيل الله في سبيل دفع الظلم ، يعني شنو ، يعني انه قدم اذا كان لا يستطيع ان يقدم نفسه فقد قدم ولده ضد حكم الامويين والعباسيين لو صح التعبير ، لم يُعْلَنْ طبعا ان الولد استأذن من ابيه ، لان هذا على خلاف التقية المكثفة للاب ، كما لم يُعْلَنْ ان المختار استأذن من السجاد لان هذا على خلاف التقية المكثفة للسجاد ، لا يستأذنون ولا ينقل ولا يعرفه احد كائنا من كان ، الولد طبعا يصابح ابيه ويماسيه ويأكل عنده الصبح والعصر وينام ، سنين عنده لا يعرف ذوقه ولا اتجاهه ، لا يعرف اباه ولا ابوه يعرفه ، طبعا مفهوم واحد للاخ ، فهل عبثا وعصيانا تحرك زيد الشهيد ضد الامويين ، لا ، لا ، وإنما انا اقول بأذن خاص من ابيه السجاد سلام الله عليه ، اذا كان هو لم يتحرك فابنه هو الذي تحرك وَقُتِلْ وجماعة ايضا في زمن السجاد من العلويين ايضا قتلوا ، وموجود في مقدمة الصحيفة السجادية شيء من هذا القبيل ، بالرغم من انه لم ينالوا فائدة حقيقية ، ولكنهم بالآخرة ابرأوا ذممهم وضمائرهم امام الله سبحانه وتعالى ، فلذا قلت انه طبعا هؤلاء في عصر الائمة يسألون الائمة ، وانتم في عصر علمائكم والحوزة العلمية اسألوا الحوزة العلمية ، لا يمكن عمل اي شيء مما قل او كثر بدون سؤال الفقه والفقهاء بطبيعة الحال.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)

ابو علي 22-03-2012 12:40 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة السابعة 3 صفر 1419 هـ
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
اللهم اني اسألك الامان يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم ، واسالك الامان يوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا ، واسألك الامان يوم يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والاقدام ، واسألك الامان يوم لا يُجزي والد عن ولده شيئا ولا مولود هو جاز عن والده شيئا ان وعد الله حق ، واسألك الامان يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ، واسألك الامان يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والامر يومئذ لله ، واسألك الامان يوم يفر المرء من اخيه وامه وابيه وصاحبته وبنيه لكل امريء منهم يومئذ شأن يغنيه ، واسألك الامان يوم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته واخيه وفصيلته التي تؤويه ومن في الارض جميعا ثم ينجيه ، كلا انها لظى نزاعة للشوى ، مولاي يا مولاي انت المولى وانا العبد وهل يرحم العبد الا المولى ، مولاي يا مولاي انت المالك وانا المملوك وهل يرحم الملوك الا المالك ، مولاي يا مولاي انت العزيز وانا الذليل وهل يرحم الذليل الا العزيز ، مولاي يا مولاي انت الخالق وانا المخلوق وهل يرحم المخلوق الا الخالق ، مولاي يا مولاي انت العظيم وانا الحقير وهل يرحم الحقير الا العظيم ، مولاي يا مولاي انت القوي وانا الضعيف وهل يرحم الضعيف الا القوي ، مولاي يا مولاي انت الغني وانا الفقير وهل يرحم الفقير الا الغني ، مولاي يا مولاي انت المعطي وانا السائل وهل يرحم السائل الا المعطي ، مولاي يا مولاي انت الحي وانا الميت وهل يرحم الميت الا الحي ، مولاي يا مولاي انت الباقي وانا الفاني وهل يرحم الفاني الا الباقي ، مولاي يا مولاي انت الدائم وانا الزائل وهل يرحم الزائل الا الدائم ، السلام على سيدنا رسول الله محمد بن عبد الله واله الطاهرين ، السلام على أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب ورحمة الله وبركاته وعلى مجالسه ومشاهده ومقام حكمته واثار ابائه آدم ونوح وابراهيم واسماعيل وتبيان بيناته ، السلام على الامام الحكيم العدل ، الصديق الاكبر الفاروق بالقسط الذي فرق الله به بين الحق والباطل والكفر والايمان والشرك والتوحيد ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيي عن بينة ، أشهد انك أمير المؤمنين وخاصة نفس المنتجبين وزين الصديقين و صابر المُمْتَحنين وانك حكم الله في ارضه وقاضي امره وباب حكمته وعاقد عهده والناطق بوعده والحبل الموصول بينه وبين عباده وكهف النجاة ومنهاج التقى والدرجة العليا ومهيمن القاضي الاعلى ، يا امير المؤمنين بك اتقرب الى الله زلفى انت وليي وسيدي ووسيلتي في الدنيا والاخرة .
اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون .
تعرضنا في الجمعة السابقة الى قضية السير راجلين الى كربلاء المقدسة وانا حسب علمي وفهمي ان المنع حصل وانا قلت لكم انكم اذا مُنِعتم فامتنعوا ، انتو ان شاء الله تكونون على مستوى المسؤولية الدينية تجاه الله وتجاه الحوزة بحيث اذا قيل لكم قفوا تقفون واذا قيل لكم اذهبوا تذهبون جزاكم الله خير جزاء المحسنين ، فكأنما الان تقول لكم الحوزة قفوا لا تذهبوا وتُحَصِّلُون كلا الثوابين ، كفلين من الثواب ، الكفل الاول ثواب اطاعة الحوزة واطاعة العلماء ، حفظ الله الموجودين وقدس الله اسرار الماضين ، والثواب الثاني الثواب بالنية فان للإنسان ما نوى وانت لما الله تعالى يعلم بما في نفسك وقصدك ونيتك وهو السير الى كربلاء واحترام الحسين واقامة شعائر الحسين فسوف يثيبك ، حتى لو حصل المنع عن ذلك يعطيك الثواب وانت مستريح ، فحاولوا في هذه السنة وفي هذا الموسم ان لا نجد واحدا في الطريق اطلاقا ، هذه شعارية في نفسها قائمة وهو انكم اذا قيل لكم لا تذهبوا لا تذهبوا واذا قيل لكم اذهبوا فاذهبوا واذا قالت الحوزة انكم لا يجوز لكم الذهاب يعني لا يجوز لكم الذهاب ، والحسين عليه السلام ، طبعا في وده ذلك ويرضى منكم ذلك ويكفي منكم ذلك امام الله وامام رسوله وجزاكم الله خير جزاء المحسنين .
في جمعة سابقة بدأت بشرح خطبة الحسين سلام الله عليه ، في المدينة ، وطبعا في شهر محرم وشهر صفر لازلنا نعيش ذكرى استشهاد سيد الشهداء سلام الله عليه وعلى اله واصحابه اجمعين .
يقول في الخطبة : (وخير لي مصرع انا لاقيه) ، يعني ملاقيه وواصل اليه لا محالة ، والمستفاد من ذلك امرين :
احدهما : حصول الجزم به والعزم عليه في القضاء الالهي وعدم احتمال حصول البداء الذي نؤمن به نحن الامامية نؤمن بصحته ، معناه انه لا يحصل البداء تجاه شهادة الحسين سلام الله عليه ، وان هذا الامر مبتوت به ولا يحتمل تغييره وهذا مما تدل عليه روايات اخرى مثل قوله عليه السلام ، كما في بعض الروايات ، (شاء الله ان يراهن سبايا على اقتاب المطايا) ، وقوله عليه السلام ، او نحو ذلك ، (القوم يسيرون والمنايا تسير بهم الى الجنة) ، او قوله عن كربلاء ما مضمونه (هذا محط رحالنا ومقتل رجالنا ومسبى نسائنا) ، وكذلك يدل على ذلك اكيدا القارورة التي اعطاها الحسين عليه السلام ، لام سلمة وقال لها اذا ، ما مضمونه ، اذا رأيت التراب الذي فيها يفور دما فاعلمي اني قد قتلت ، وهذا معناه التنبوء القطعي ببقاء ام سلمة حية الى ذلك الحين والتنبوء القطعي بحصول حادثة كربلاء ، وهو معنى عدم حصول البداء فيها وان القضاء الالهي مبرم بانجازها .
الامر الثاني : قوله عليه السلام ، كما في الرواية وهذه الخطبة ، (خير لي مصرع انا لاقيه) ، ظاهره من الاختيار، يعني اختاره الله لي ، اي اختاره في علمه الازلي وقضائه وقدره ، ولكن مع ذلك يوجد احتمال آخر وهو ان يكون ، (خير لي) من الخير، لان مقتل الحسين عليه السلام ، واصحابه خير كله ، وليس فيه شر الا المسؤولية التي تحملها اعداؤه في ايجادهم لهذه المصيبة العظيمة والجريمة الكبيرة ضد الامام المعصوم المفترض الطاعة ، مسؤولية اعدائه موجودة ، الا انه بالنسبة الى اوليائه ، لا، في الحقيقة شهادته خير له ، ولأ صحابه وللبشرية اجمعين ولنا اجمعين ، يكفي اننا ندرك بعض نتائجها الحسنة امام الله سبحانه وتعالى وامام التاريخ .
اما بالنسبة اليه فالمقامات العالية التي لا ينالها الا بالشهادة وهذه موجودة في الروايات ، واما بالنسبة الى المجتمع المسلم فمن عدة جهات لا يحصى عددها ولعلنا لا ندرك امدها ، من قبيل التعليم : لأهمية الدين وان الدين من الاهمية بحيث يستحق وجود مثل هذه التضحية الكبرى بالنفس والنفيس والاصحاب والنساء والاموال والاتعاب وكل شيء ، اعطانا هذه العبرة سلام الله عليه وعلى اصحابه ، وأهمية طاعة الله سبحانه وتعالى حتى لو لزم كل هذا المحذور وهذا البلاء الدنيوي .
ومنها : إعطاء الامثولة الاكبر في التضحية للدين والتمرد ضد الظلم وضد عصيان الله سبحانه وتعالى كما يقول ، (الا ترون ان الدين لا يُعْمَلْ به وان الباطل لا يتناهى عنه) ، و ، (ان الدين لعق على السنتهم فاذا محصوا بالبلاء قل الديانون) .
ومنها : الإصلاح الذي هو قاله حسب الرواية ، الاصلاح في امة جده رسول الله صلى الله عليه واله ، وانا قلت في كتابي عن الحسين سلام الله عليه ، ان هذا يعني جزؤه الرئيسي لم يحصل في حال حياته ، لأنه لم يبق بعد هذه الخطبة الا عدة اشهر وقتل سلام الله عليه ، وإنما حصل الاصلاح بشهادته وبعد شهادته ولا زال يحصل وسيبقى يحصل الى يوم القيامة بعون الله سبحانه وتعالى وحسن توفيقه له ولنا وللأجيال جميعا وللبشرية جميعا.
ومنها : ابراز الإسلام الحق كأطروحة كاملة وعادلة بأزاء الباطل والتسيب والتميع الذي كان يمثله الخليفة والخلافة الاموية والمسيطرين على دفة الحكم وعلى المجتمع من قبيل قوله حسب الرواية ، (ويزيد لاعب بالقرود وشارب للخمور قاتل للنفس المحترمة ومثلي لا يبايع مثله).
ومنها : حفظ شعائر الدين وهو ما يحصل من ذكر الحسين عليه السلام ، من المواعظ والتعاليم واجتماع المؤمنين وغفران الذنوب وستر العيوب والهمة في طاعة الله سبحانه وتعالى ، ولو لم يكن الا مثلا ، كشيء صغير جدا وهو ذكري للحسين ، وذكرنا للحسين في امثال هذه المقامات لكفى في الحقيقة ، انه هذا امر يتكرر في كل شهر وفي كل يوم وفي كل سنة وتسمعون ما ينفعكم في كثير من المجالس الحسينية وغير الحسينية وهذا امر جيد جدا نتيجة باقية من مقتل الحسين عليه السلام ، الى يوم القيامة ان شاء الله تعالى .
(كأني بأوصالي هذه) ، والأوصال هي اعضاء الجسم المتصل بعضها ببعض ، ومفرده وصلة وهي القطعة المتصلة ، فأوصالي اي اعضاء جسدي ، ماذا يحصل فيها ، (كأني بأوصالي هذه تقطعها عسلان الفلوات) ، العُسلان هم الذئاب ، يمثل الجيش المعادي له بالذئاب الضارية وليت شعري فان النفس الامارة بالسوء اسوأ من الذئب ، لان الذئب يتصرف لحاجته او على طبعه او بدون عقل معتد به واما النفس الامارة بالسوء فقد رزقها الله عقلا ورشدا ومع ذلك اعرضت عنه واتبعت اهواءها وشهواتها فكانت كما قال الله تعالى : إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44 ) ، وقوله تعالى ((أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ ...(23) ، (كأني بأوصالي هذه تقطعها عسلان الفلوات) ، اذن عُسلان الفلوات لا يريد بها حقيقةً الذئاب البرية وإنما الذئاب البشرية وهم اعداؤه ولربما يراد به اعداؤه في كل جيل وليس فقط اعداؤه المباشرين ، لا نكون ضيّقي النظر والفهم وَسِّعوا رحمكم الله في الفهم فإنه احسن لكم امام الله سبحانه وتعالى ، كلهم عُسلان الفلوات ، تقطعها معناته انه ليست بأظافرها وأسنانها ، وإنما ، أشكال مختلفة من التقطيع حبيبي ، بألسنتها وأيديها ومكرها والى آخره مما لا يحسن التفصيل فيها الان ، الفلوات جمع فلاة ، وهي الصحراء واضافتهم الى الصحراء على احد وجهين ، في الحقيقة عُسلان الفلوات بالمعنى المطابقي والمعنى المفهوم وهم الذئاب البرية حيث لا يكونون مقصودين حقيقة والا الذئاب في البرية هي عسلان الفلوات صحيح لكنما حينما لا يكونون مقصودين حقيقة وان البشر الظالمين هم المقصودون حقيقة ، اذن فلماذا اضافهم الى الفلوات ، سؤال يعرض مع جوابه .
له احد وجهين :
اولا : اما ان الجيش كان في الصحراء فعلا ، الجيش المعادي المقابل له كان في الصحراء ، كربلاء في ذلك الحين كانت صحراء ليس فيها الا نباتات قليلة نخلات قليلة ، والا هي على العموم صحراء قاحلة ليست قاحلة بذاك المعنى لأنه فيها نهر على اية حال ولكنها صحراء غير مسكونة ولا مزروعة زرعا معتدا به .
محل الشاهد فتكون صحراء ، هَمْ الجيش الحسيني في الصحراء ، وهَمْ الجيش المعادي في الصحراء ، والجيش المعادي ظالم وهم عسلان الفلوات لانهم في الحقيقة الان هم في الفلاة ، اي حاله اعتدائهم على الحسين في الطف .
ثانيا : واما لأن عقولهم ومفاهيمهم وعقائدهم كالصحراء ليس فيها ما يسمن وما يغني من جوع ، او قل ليس فيها حق بل كلها باطل هذا ايضا صحيح ، المؤمن عقيدته كالبستان ، كالشجرة المثمرة ، ليش ، لأنه ينفع غيره ، ربحه كثير وخسرانه قليل بخلاف الكافر والفاسق والظالم ونحو ذلك بما فيهم الجيش الاموي وأتباعهم الى يوم القيامة ، صحراء قاحلة تضر اكثر مما تنفع وتعطش اكثر مما تروي وتجيع اكثر مما تشبع اكيدا ، فمن هذه الناحية تكون المسألة منطبقة مائة بالمائة .
ويمكن ان نفهم من هذه الجملة وجها ثالثا : وهو بقاء جسده الشريف سلام الله عليه ، بدون دفن ثلاثة ايام فكان من الممكن بحسب القانون الطبيعي ان تأكله الذئاب والوحوش فعلا ، أانهم تركوه وذهبوا فبقيت الصحراء مفتوحة ، قابل الحيوانات تأتي فتأكل ، لكن لا ، همه محروسون بعناية الله وان كانوا متوفين ومقتولين بطبيعة الحال لم يقترب اليهم اي حشرة واي مكروب واي وحش ، انا ذكرت ايضا في كتابي عن الحسين شوفوه ، حينما قطعوا الرؤوس ، زين همة يوم ، بيوم ، او بيومين او نحو ذلك يصلون الى الشام ، لا ، يحتاجون الى عشرة ايام ، خمستعش يوم ، عشرين يوم ، الى ان يصلون الى الشام ، زين هذه الرؤوس حينما تقطع وتحمل على الرماح او نحو ذلك لا ينالها الفساد لا تخرج منها رائحة ، حبيبي همه المفروض لا يؤمنون بالإمامة ولا يؤمنون بحقانية هؤلاء ، فاذا كانوا هؤلاء مو محقين راح تجيف جثثهم قطعا ، مع ذلك قطعوها واخذوها ، انا أقول لك انهم يعتقدون انه ما راح تجيف ، لأنه لا شعوريا وحقيقة وفي باطن انفسهم يعتقدون ان هؤلاء على حق وان هؤلاء هم الظالمون ليس اكثر من ذلك ، الظالمون قطعوها واخذوها ويعتقدون انها هي التي محقة وليس غيرها محق ، ولا يتوقعون ان تفسد وان تتعفن ، فهذا معناه عدة امور:
منها : انهم شنو ، انهم محروسون ، ان هذه الرؤوس والاجساد محروسة بعين عناية الله هذه وحدة .
وثانيا : ان الجيش المعادي يعلم حقانية الحسين سلام الله عليه ، وانه معتدي ليس فقط على الحسين واصحاب الحسين وانما معتدي على الله ورسوله وامير المؤمنين ايضا .
(بين النواويس وكربلا) ، يجي فد سؤال واضح ، زين الحسين وين مدفون وين قتل ، في كربلاء ، گول لا ، طبعا هذا من الضروريات وواضح والمدينة اسمها كربلاء وهذا ينبغي ان يكون واضحا ، زين شلون ايگول بين النواويس وكربلاء ، يعني ليس في كربلاء ، گول لا ، هذا السؤال عاش في ذهني فترة من الزمن سألت به احد كبار السن والاختصاصين من سكان كربلاء رحمه الله ، توفى ، گالي ، ببساطة ، هاي النواويس ، وهاي كربلَّا ، هذا هوه ، وهو وسط ، كانه النواويس وكربلا شنو ، النواويس هي احد طرفي المدينة الحالية وكربلا بالعامية ، بتضخيم اللام ، بالطرف الآخر من المدينة فيكون الحسين قد شنو ، قد دفن في وسط هاتين المنطقتين ، هذا هوه ، زين، معنى ذلك ان المنطقة التي دفن فيها الحسين في ذلك الحين لم تكن مسماة بكربلاء ، الطف او الغاضريات وليست كربلاء ، نعم كربلاء انتقل لها من كربلا المجاورة لها فسميناها كربلاء ، انا حسب فهمي هكذا ، وطبعا هي لا زالت بهذا الاسم ولكنه بالدقة لو لاحظنا الفهم القديم اللغوي فمنطقته ليست كربلاء وانما هو شنو حارب ودفن بين النواويس وكربلاء وليس في كربلاء والى الان نسميها واقعة الطف لا نسميها واقعة كربلاء . ان شاء الله نكمل في الخطبة الآتية.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3) وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ أُولَٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)
صدق الله العلي العظيم

الجمعة السابعة 3 صفر 1419 هـ
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سبحان الله باريء النَسَمْ ، سبحان الله المصور ، سبحان الله خالق الازواج كلها ، سبحان الله جاعل الظلمات والنور ، سبحان الله فالق الحب والنوى ، سبحان الله خالق كل شيء ، سبحان الله خالق ما يُرى وما لا يُرى ، سبحان الله مداد كلماته ، سبحان الله رب العالمين ، سبحان الله البصير الذي ليس شيء ابصر منه ، يبصر من فوق عرشه ما تحت سبع ارضيين ، ويبصر ما في ظلمات البر والبحر، لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير، لا تغشى بصره الظلمة ، ولا يستتر منه بستر، ولا يواري منه جدار، ولا يغيب عنه بر ولا بحر، ولا يكن منه جبل ما في اصله ولا قلب ما فيه ولا جنب ما في قلبه ، ولا يستتر منه صغير ولا كبير، ولا يستخفي منه صغير لصغره ، ولا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء ، هو الذي يصوركم في الارحام كيف يشاء لا اله الا هو العزيز الحكيم .
اللهم صل على محمد وال محمد ، اللهم صل عليه وعلى اهل بيته الائمة الطيبين ، السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك يا خليل الله ، السلام عليك يا نبي الله ، السلام عليك يا صفي الله ، السلام عليك يا رحمة الله ، السلام عليك يا خيرة الله ، السلام عليك حبيب الله ، السلام عليك يا نجيب الله ، السلام عليك يا خاتم النبيين. السلام عليك يا سيد المرسلين ، السلام عليك يا قائما بالقسط ، السلام عليك يا فاتح الخير ، السلام عليك يا معدن الوحي والتنزيل ، السلام عليك يا مبلغا عن الله ، السلام عليك ايها السراج المنير ، السلام عليك يا مبشر ، السلام عليك يا نذير ، السلام عليك يا منذر ، السلام عليك يا نور الله الذي يستضاء به ، السلام عليك وعلى اهل بيتك الطيبين الطاهرين الهادين المهديين ، السلام عليك وعلى جدك عبد المطلب وعلى ابيك عبد الله ، السلام على امك آمنة بنت وهب ، السلام على عمك حمزة سيد الشهداء ، السلام على عمك العباس بن عبد المطلب ، السلام على عمك وكفيلك ابي طالب ، السلام على ابن عمك جعفر الطيار في جنان الخلد ، السلام عليك يا محمد ، السلام عليك يا أحمد ، السلام عليك يا حجة الله على الاولين والاخرين والسابق الى طاعة رب العالمين والمهيمن على رسله والخاتم لأنبيائه والشاهد على خلقه والشفيع اليه والمكين لديه والمطاع في ملكوته ، الاحمد من الاوصاف ، المحمد لسائر الأشراف ، الكريم عند الرب والمكلم من وراء الحجب ، الفائز في السباق والفائت عن اللحاق ورحمة الله وبركاته .
يقول سلام الله عليه كما في الرواية ، (فيملأن مني اكراشاً جُوفا وأجرِبةً سُغبا).
أنا أود أن أُعطي هذه الكلمات نطقها اللغوي ، لأن الخطباء على ما انا سامع منهم كثيرا يقرأوها بشكلين او ثلاثة لا يعلمون ما هو الصحيح ، يقرأونها جُوفا وجَوفا وجِوَفا ، وفد هوسة عجيبة ، في الحقيقة هذا فيه احتمالان انا حسب فهمي لا ثالث لهما :
الاحتمال الاول : ان يكون اصلها جَوفاء بس حذف الهمزة من اجل نحو من السجع ، لانه يقول (جوفا واجربةً سُغبا) فلأجل المماثلة بين اللفظين حذف الهمزة ، فأصلها جَوفاء ، فبدون الهزة تكون جَوفا ليس شيئا آخر بحسب هذا الاحتمال .
الاحتمال الاخر: الذي هو ايضا راجح ، ان تكون جُوفا ، جُوف جمع أجوف كعور جمع ـعور ، گول لا ، سبحان الله ، فيراد بها الجمع ، (فيملأن مني اكراشا جُوفا واجربةً سُغبا) ، والسَغِب ، الجَوعان ، والسُغْب جمع سَغِب او ساغِب وهو الجوعان ، والكِرش معروف المهم انه كلتا اللفظتين او كلتا الجملتين تشيران الى المعدة وان معدهم جَوفا وجوعانة او هم جوعانون ، (فيملأن مني اكراشاً جُوفا) ، الكِرش هو المعدة ، والأجرِبة ايضا جمع جُراب وهو الكيس الكبير الذي يكون من القماش او الجلد ، ويعبر به هنا مجازا عن المعدة ايضا فيكون من قبيل الايضاح والتكرار بهذا المعنى .
في الحقيقة احد هذين اللفظين دال على الجوع بوضوح بالدلالة المطابقية ، لأن سَغِب يعني جوعان ، (اجربةً سُغبا) اي بطون جوعانة .
(اكراشاً جُوفا) ، جُوفا بالدلالة المطابقية ليس معناها جوعانة وانما جوفا يعني خالية ، وطبعا المعدة حينما تكون خالية تكون جوعانة وهذا ايضا واضح .
زين ، ويمكن لاحظوا ، وان كان تلك الاحتمالات أقرب ، لكنه يمكن ان يكون جُوفا من الجيفة وهي النتن ، لان الأكراش الجائفة والمنتنة ، أكراشهم جائفة ومنتنة ، لأن من يأكل الحرام ويظلم الاخرين ويسطو على حقوق الغير وعلى اموال الغير تقول شنو ، ان معدته منتنة وجائفة ، فهؤلاء اعداء الحسين سلام الله عليه ، هكذا طبعا ظلمة ومعتدين فهم يأكلون الحرام ، اذن فبطونهم جائفة ومنتنة بطبيعة الحال ، وسبحان الله ينبغي ان نتذكر قول امير المؤمنين سلام الله عليه ، عن وصف الانسان الذي ماشي بـ (الكشخة) و(الفخفخة) والـ (أنا أ انا) ، ماذا وصفه ، (اوله نطفة مذرة وآخره جيفة قذرة وما بينهما يحمل العذرة) هذا هوه ، وفي رواية اخرى اذا كنت اتذكرها انه ما مضمونه إعجبوا للإنسان ينطق بلحم ويسمع بعظم وينظر بشحم ويتنفس من خرم ، تبارك الله احسن الخالقين جل جلاله .
زين هنا سؤال يأتي انه سلام الله عليه ، الحسين سلام الله عليه ، قال ، (فيملأن مني اكراشاً جُوفا واجرِبةً سُغْبا) ولم يحصل ذلك ، لم يحصل ذلك ، لم ينل من جسده الشريف احد شيئين ، لا الوحوش الحقيقية ولا الوحوش البشرية التي هي اسوء من الوحوش الحقيقية ، فكيف يقول سلام الله عليه ، (فيملأن مني اكراشاً جُوفا واجرِبةً سُغْبا) ، وهنا ينبغي ان نلتفت الى انه لم يقل ، فيملأن من اعضائي ، لا، وإنما يملأن مني ، لم يقل فيملأن من اعضائي كما قال اولا ، (كأني بأوصالي هذه تقطعها عسلان الفلوات) ، كأنما فيملأن من اوصالي ، لا ، وإنما يملأن مني بس ، يعني من وجوده ككل وليس من اوصاله واعضاء جسده ، حتى يتسجل السؤال ، انه لم يؤخذ من اعضاء جسده شيئ ، فكيف يقول ذلك ، لا ، وانما من كيانه المعنوي وليس من جسده المادي .
والجوع المذكور في السياق واضح انه لا يراد به الجوع حقيقة وفراغ البطون حقيقة وانما يراد به الحاجة النفسية او الدنيوية التي كانت لأعدائه إبتداءاً من يزيد الخليفة الاموي الى عمر بن سعد او غيره الموجودين بأزاء الحسين وامام الحسين ومواجهة الحسين في الطف ، فكان الجوع هذا الجوع المعنوي الطمع بشأن الحسين وبدنيا الحسين ، ها الشكل ، فكان الجوع حاجة في نظرهم لعنهم الله حاجة يكون دواؤها وشفاؤها وقضاؤها بقتل الحسين سلام الله عليه ، والسيطرة عليه ، ها الشكل ، وليس بأكل الطعام ، وليس بأكل الاجساد طبعا ، وهي طبعا حاجة ضالة ودنيوية وشيطانية وآثمة وظالمة ، يكفي ان نلتفت ان حاجة يزيد وعبيد الله بن زياد هو سحق المعارضين لبني امية بما فيها المعارضة المهمة التي كان يمثلها الحسين عليه الصلاة والسلام ، وحاجة عمر بن سعد ما هي حاجة عمر بن سعد ، ملك الري (وملك الري قرة عيني) ، فيقتل الحسين عليه السلام ، من اجل هذا الطمع العجيب الغريب الذي شنو ، (يقولون ان الله خالق جنة ونار وتعذيبٍ وغل يدين) ، يحتمل انه صحيح ويحتمل انه باطل ، الرجل غير مسلم ، يشك في الاسلام وفي يوم القيامة ، ولولا انه يشك في الاسلام ويوم القيامة ما فعل افعاله الشنيعة ، (يا خيل الله اركبي ودوسي جسد الحسين) ، لا، خيل الشيطان حبيبي وليس خيل الله ، لو كانت خيل الله لقبلت جسد الحسين ولخشعت على جسد الحسين سلام الله عليه ، حبيبي ، لو كان هناك جسد حيوان لما كان من الانسانية ان يوطأ الخيل وان تدوس عليه الخيل والارجل فضلا عن انسان فضلا عن امام مفترض الطاعة ، جريمة نكراء لا مثيل لها في البشرية ، مع ذلك هو قام بها عن طواعية وفكر بها وقتيا ، يزيد وعبيد الله بن زياد ما يدرون بيه ، هو مسؤول فقط عنها ، (يا خيل الله) ، تشجيعا لهم من باب ، شيم المعيدي وخذ عباته ، والا هم يعلمون وانا قلت قبل شوية ، انهم يعلمون ان الحق مع الحسين عليه السلام ، حتى انهم يعتقدون ان الرؤوس لا تنتن ، معنى ذلك ان طرف الحسين ومعسكر الحسين هو المحق وهم يدرون بذلك مع ذلك يگللهم شنو ، يا خيل الله اركبي وابشري بالجنة ، وتوجد في الرواية انه دمعت عيناه حينما رأى الحسين مسجى ، دموع التماسيح لعنه الله وقبحه .
زين ، الشيء الاخر انه بحسب النتيجة التاريخية ، أنا اقولها مختصر واعتقد اني قد اطلت عليكم لكنه لا بد من انهاء هذا الموضوع ولو باختصار، لم ينل الجيش الظالم في كربلاء اي شيء من اطماعه الدنيوية ، عمر بن سعد خوب قُتل ، املاء ركابي فضة وذهبا اني قتلت الفارس المحجبا قتلت خير الناس اما وابا ، ها تدري خير الناس وقتله ، اذن لا اعطيك ولا فلس فقتله ، هم دگوله جزاه الله خيرا ، نعم ما فعل حينما قتله ، محل الشاهد ولا واحد منهم ، كلهم ظهر المختار وابادهم عن بكرة ابيهم جزاه الله خير جزاء المحسنين ، ولم ينل احد مطمعه من قتل الحسين سلام الله عليه ، لان الله تعالى انتقم منهم وبشر انتقام وبأسرع انتقام سنة واحدة او سنة ونصف فاصل بين قتل الحسين وظهور المختار ، محل الشاهد هذا جوابه اكثر من وجه ، الوجه الاول :
ان اهم حاجاتهم كانت هي الانتصار العسكري الدنيوي في الطف بقتل الحسين واصحابه وقد حصل وهذا كلش كاف ، حاجتهم التي طمعوا بها فوريا هي ذيچ ، وهذا ما حصل فعلا ، فملؤوا بطونهم الخاوية بهذا المقدار من السيطرة الدنيوية لو صح التعبير .
ثانيا : انهم توهموا حين قتال الحسين انهم سوف ينالون خيرا دنيويا في المستقبل لعلهم يقضون حاجاتهم الدنيوية وشهواتهم الدنيوية ، لكن الله تعالى حال بينهم وبين شهواتهم ونزواتهم وخلص المجتمع منهم في الحقيقة .
والشيء الثالث : انه ليس المقصود فقط ، كما قلت اكثر من مرة ، فقط الجيش المعادي الموجود في كربلاء ، بل كل المقصود كل اعداء الحسين وعلى الاجيال المتعاقبة ، واعداء الحسين على الاجيال المتعاقبة من الممكن ان ، يملأن منه اكراشاً جُوفا واجربةً سُغْبا ، حصلوا كثيرا جيلا بعد جيل وسوف يبقون يحصلون الى ظهور الامام القائم عجل الله فرجه وسهل مخرجه ، هذا هوه ، لأنه شنو ، (تمتليء الارض ظلما وجورا فيملؤها قسطا وعدلا) ، اعتيادي ومعنى ذلك ان اعداء الحسين هم الذين يأكلون ويشربون ، في الرواية ان الدجال حينما يظهر يكون معه ، طبعا هو بشكل رمزي گايليه ، يكون معه جبل من الخبز وجبل من النار ، طبعا الناس ينثالون على جبل الخبز فكل من أكل من جبل الخبز، من قبيل انه تألم واندحر وتنازل وعوقب ، وكل من دخل جبل النار سُحب وكانت عليه بردا وسلاما ، وهذا في كل جيل موجود بحسب معناه الرمزي حقيقي مائة بالمائة .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)
صدق الله العلي العظيم

ابو علي 22-03-2012 12:41 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة الثامنة 10 صفر 1419 هـ
الخطبة الاولى
على حب مولانا أمير المؤمنين بأعلى اصواتكم الصلاة على محمد وال محمد .
على حب النجف الاشرف بلد أمير المؤمنين بأعلى اصواتكم الصلاة على محمد وال محمد .
على حب الحوزة الشريفة بأعلى أصواتكم الصلاة على محمد وال محمد .
قبل أن أبدأ بالخطبة أحسب ان كثيرا منكم يقولون انه فلينته سيد محمد الصدر من الدعاء حتى نصغي بآذاننا الى مقاصده وما يريد ان يقول .
أنا اقول ، لا، أنتوا اصغوا الى الدعاء اكثر مما تصغون الى كلامي .
حبيبي ، كلام المعصومين أحسن ام كلام سيد محمد الصدر احسن ، تعليم المعصومين احسن ام تعليم سيد محمد الصدر احسن ، طبعا كلام المعصومين والأدعية انما هي لهدايتنا ورعايتنا وتكاملنا وإيماننا ، گول لا ، سبحان الله ، زين الامام گالها وراح سلام الله عليه ، احنه نحتاج الى قدم من التجاوب والالتفات والإصغاء بس ، النه زينة حبيبي ، الك زينة حبيبي ، اما أن تهمل الادعية ، مجرد الثواب ، إن شاء الله بعد مليون سنة بالآخرة ، الك موزين حبيبي ، بئس الفعل فعلك ، اصغِ الى الادعية احسن مما تصغي الى اي متكلم امامك حتى لو كان اعلم العلماء .
أعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
فإن عفوت يا ربي ، فطالما عفوت عن المذنبين قبلي لأن كرمك اي ربي يجل عن مكافات المقصرين وأنا عائذ بفضلك هارب منك اليك متنجز ما وعدت من الصفح عمن احسن بك ظنا ، إلهي أنت أوسع فضلا وأعظم حلما من ان تقايسني بعملي او ان تستزلني بخطيئتي وما أنا يا سيدي وما خطري هبني بفضلك سيدي وتصدق علي بعفوك وجللني بسترك واعفو عن توبيخي بكرم وجهك ، سيدي أنا الصغير الذي ربيته ، وأنا الجاهل الذي علمته ، وأنا الضال الذي هديته ، وأنا الوضيع الذي رفعته ، وأنا الخائف الذي أمنته ، والجائع الذي اشبعته والعطشان الذي ارويته ، والعاري الذي كسوته ، والفقير الذي أغنيته ، والضعيف الذي قويته ، والذليل الذي أعززته ، والسقيم الذي شفيته ، والسائل الذي أعطيته ، والمذنب الذي سترته ، والخاطيء الذي أقلته ، وأنا القليل الذي كثرته ، والمستضعف الذي نصرته ، وأنا الطريد الذي آويته ، أنا يا رب الذي لم استحيك في الخلاء ، ولم أُراقبك في الملاء ، أنا صاحب الدواهي العظمى ، أنا الذي على سيده اجترى ، أنا الذي عصيت جبار السماء ، أنا الذي اعطيت على معاصي الجليل الرشا ، أنا الذي حين بشرت بها خرجت اليها اسعى ، أنا الذي امهلتني فما ارعويت ، وسترت عليّ فما استحييت ، وعملت بالمعاصي فتعديت ، واسقطتني من عينك فما باليت ، فبحلمك امهلتني ، وبسترك سترتني حتى كأنك اغفلتني ومن عقوبات المعاصي جنبتني حتى كأنك استحييتني ، إلهي لم اعصك حين عصيتك وأنا بربوبيتك جاحد ، ولا بأمرك مستخف ، ولا لعقوبتك متعرض ، ولا لوعيدك متهاون ، لكن خطيئة عرضت وسولت لي نفسي وغلبني هواي وأعانني عليها شقوتي وغرني سترك المرخى عليّ ، فقد عصيتك وخالفتك بجهدي ، فالان من عذابك من يستنقذني ، ومن أيدي الخصماء غدا من يخلصني ، وبحبل من اتصل ان انت قطعت حبلك عني ، فواسوأتاه على ما أحصى كتابك من عملي الذي لولا ما أرجو من كرمك وسعة رحمتك ونهيك إياي عن القنوط لقنطت عندما أتذكرها ، يا خير من دعاه داع وأفضل من رجاه راج .
السلام عليك يا رسول الله ، اللهم صل وسلم على نبيك المصطفى محمد بن عبد الله ، يا رسول الله اشهد إنك قد بلغت رسالات ربك ، ونصحت لأمتك وجاهدت في سبيل الله ، وعبدت الله حتى أتاك اليقين بالحكمة والموعظة الحسنة ، وأديت الذي عليك من الحق ، وانك قد رؤفت بالمؤمنين وغلظت على الكافرين ، فبلغ الله بك أفضل شرف محل المكرمين ، الحمد لله الذي استنقذنا بك من الشرك والضلالة ، اللهم فاجعل صلواتك وصلوات ملائكتك المقربين وانبيائك المرسلين وعبادك الصالحين واهل السماوات والارضين ومن سبح لك يا رب العالمين من الاولين والاخرين على محمد عبدك ورسولك ونبيك وامينك ونجيك ونجيبك وحبيبك وصفيك وخاصتك وصفوتك وخيرتك من خلقك ، اللهم اعطه الدرجة الرفيعة وآته الوسيلة من الجنة وابعثه مقاما محمودا يغبطه به الاولون والاخرون ، اللهم انك قلت ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما ، وإني اتيتك مستغفرا تائبا من ذنوبي ، وإني اتوجه بك الى الله ربي وربك ليغفر لي ذنوبي ، اللهم صل على محمد واله اجمعين .
الان نستمر في شرح بسيط لخطبة سيدنا ومولانا الامام الحسين سلام الله عليه :
(لا مَحيص عن يوم خُط بالقلم) ، المَحيص اسم مكان بمعنى مكان حَيص ، والحيص يعطي معنى الحركة ، قال الشيخ الطريحي في مجمع البحرين ، يقال حَاص عنه يحيص حيصا وحيوصا ومحيصا ومحاصا وحيصانا ، اي عدل وحاد .
اقول وهو معنى الحركة بالابتعاد عنه حين يبتعد شخص عن آخر مثلا ، ومقتضى كلام الطريحي ان مَحيص مصدر وهو لا ينافي ان يكون اسم مكان كمنزل ، وما عنه محيص اي لا مهرب عنه ، ومنه قوله تعالى : مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٍ (35) ، والائمة سلام الله عليهم ، دائما يستعملون لغة القرآن وكلمات القرآن وجمل القرآن ، وأحري بنا جميعا ان نكون كذلك .
(خُط) اي كُتب ورُقم على اللوح او على الورق بالقلم ويراد به القلم الأعلى الذي يكتب على اللوح المحفوظ ، حين يكتب في اللوح المحفوظ والا فليس كل قلم وكل لوح كذلك كما هو واضح ، خُط بالقلم يعني سيد محمد الصدر خاطه ، رب العالمين هو الذي خَطه عن طريق القلم الاعلى في اللوح الاعلى .
وهو لم يذكر اللوح لدلالة السياق عليه ، ذكر اللوح ما گو طبعا ، لكنه ذكر القلم موجود والقلم لا يكتب الا بلوح .
والخط هنا تعبير عن القدر الالهي والعزم على حصوله بحيث لا يكون قابلا لتعلق البَداء به كما قلنا في خطبة سابقة وهو تنبوء منه سلام الله عليه ، بما حصل فعلا ، وهو قد عبر عنه بالخط ونحن نسميه بالكتابة كقول الناس المكتوب ما منه مهروب الكتابة هذا شيء مكتوب علي ، يعني شنو يعني هو عبر بالخط ، (لا محيص عن يوم خط بالقلم) اي كتب في مسؤوليتك وقدرك ، وقوله (لا محيص عن يوم خط بالقلم) واضح في انه يعطي قاعدة عامة ويشمل كل شيء ، (لا محيص عن يوم خط بالقلم) ، ليس بشيء دون شيء بل كل الاشياء هي ها لشكل حتى وقوفي هذا ايضا مخطوط بالقلم الاعلى ، فأنا أجي أقف ، هذا هوه ، لأن الله اراد ان يقف انت او اي واحد ، اي شيء من الانسان والنبات والجماد والحيوان والارض والسماء بقلم الله سبحانه وتعالى مكتوبه هذا هوه ، (لا محيص عن يوم خط بالقلم) ، لكل المخلوقات وكل عالم الامكان بما فيها الحسين سلام الله عليه .
ومن ذلك ما خُط في قانونه العام على البشرية كالرزق والمرض والموت كما قال تعالى ، (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ...(185) ، وقال الحسين في نفس الخطبة ، (خُط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة) ، إلا ان الذي يظهر من سياق الكلام من (يوم خُط بالقلم) ، يوم شهادته ، هو يريد يطبقه على نفسه سلام الله عليه ، كما قال في اول الخطبة ، ( وخير لي مصرع انا لاقيه كأني بأوصالي هذه تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلا ) ، فيكون المراد انه لا محيص لي عن يومي الذي خط لي بالقلم ، كما لا محيص لأحد عن يومه الذي خط له بالقلم ان خيرا فخير وان شرا فشر .
(رضا الله رضانا اهل البيت) ، أقرأ لكم في ذلك ما كتبته في أضواء على ثورة الحسين عليه السلام ، فان هذه الجملة تحتوي على تقسيمين :
التقسيم الاول : النظر الى معنى الرضا في هذه الجملة ، فإننا تارة نفهم منها نفس الرضا بصفته عاطفية نفسية محبوبة ، ان الانسان راضي ، ها الشكل ، وأخرى نفهم منها الامر المرضي ، رضاي اي مرضيي والذي احبه ، ها الشكل ، وافضله ، واخرى نفهم منها الأمر المرضي يعني الذي يتعلق به الرضا كما هو متعارف عرفا التعبير بذلك ولو مجازا .
التقسيم الثاني : النظر الى ما هو المبتداء والخبر في هذه الجملة ، فانه قد يكون رضا الله مبتدأ ورضانا خبر ، كما هو مقتضى الترتيب اللفظي لهذه الجملة ، المقدم يكون مبتدأ ، ما هو متقدم لفظا يكون مبتدأ وما هو متأخر لفظا يكون خبر ، اما بالعكس ، لأنكم طبعا اكثركم لم تدرسوا في الحوزة العلمية ، بالعكس خبر متأخر يصير ، مبتدأ متأخر يصير ، ان المتأخر خبر وما قبله مبتداء هم يصير ، وهو ان يكون رضا الله خبرا مقدما ورضانا مبتداءا مؤخرا ، كما نقول زيد قادم وقادم زيد ، واذا لاحظنا كلا التقسيمين كانت الاحتمالات اربعة بضرب اثنين في اثنين ، ولكل من هذه المحتملات معناها المهم ، ويمكن ان نعطي فيما يلي بعض الامثلة في الفهوم التالية :
الفهم الاول : ان يكون الرضا بمعنى الأمر المرضي ويكون رضا الله في هذه الجملة هو المبتدأ ، فيكون المعنى إن الأمر الذي يرضاه الله عز وجل نرضاه نحن اهل البيت ، وهذا هو الفهم الاعتيادي والمناسب مع السياق في هذه الخطبة من حيث انه عليه السلام ، يعبر عن رضاه بمقتله ، بمقتل نفسه ، بأنه امر مرضي لله عز وجل .
الفهم الثاني : ان يكون الرضا بمعنى الأمر المرضي ويكون رضا الله في هذه الجملة خبرا مقدما ، فيكون المعنى ان الأمر الذي نرضاه نحن أهل البيت يرضاه الله عز وجل ، أو قل هو مرضي لله عز وجل بدوره ، ما نرضاه يرضاه الله كما إنه شنو ، ما يرضاه الله نحن نرضاه كلاهما هكذا ، ليس هذا خاص باهل البيت ، ماذا يقول في القرآن ، (فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ...(54) ، انه ، ما يرضاه الله همه راضين بيه ، وما همه راضين بيه ، ايضا الله راضي بيه ، وهذا أمر صحيح وعلى القاعدة مطابق لما ورد عنهم عليهم السلام ، بمضمون اننا أعطينا الله ما يريد فأعطانا ما نريد ، فتكون تلك الجملة بمعنى الفقرة الثانية من هذه الجملة ، أي أعطانا ما نريد ، كما هو واضح للقاريء اللبيب .
الفهم الثالث : ان يكون المراد بالرضا معناه المطابقي ، اي الرضا النفسي ، وليس الأمر المرضي كما قلنا في الفهوم السابقة ، ويكون رضا الله في هذه الجملة مبتدا والثاني خبر ، فيكون المعنى ان رضا الله سبحانه هو رضا اهل البيت عليهم السلام ، وهذا صحيح ايضا ومطابق للقاعدة لان الفلاسفة والمتكلمين المسلمين قالوا انه ورد في الكتاب الكريم والسنة الشريفة نسبة كثير من الامور الى الله سبحانه كالرضا والغضب والحب والبغض والكره والارادة وغير ذلك من الصفات ، مع انه قد ثبت في مورد آخر في علم الكلام والعقائد الاسلامية ان الله تعالى ليس محلا للحوادث ويستحيل فيه ذلك ، وكل هذه الامور من قبيل العواطف المتحددة التي تستحيل على ذات الله سبحانه ، فكيف صح نسبتها اليه سبحانه في الكتاب والسنة ، وقد أجاب الفلاسفة والمتكلمون بعدة اجوبة عن ذلك ، كان من اهمها وهو الذي مطابق لهذا الفهم من قوله عليه السلام ، (رضا الله رضانا اهل البيت) ، انه جل جلاله يجعل هذه العواطف المتحددة في نفوس اوليائه وانبيائه واصفيائه ، فاذا علمنا إن اهل البيت هم أولياء الله وأصفياؤه كما هو الواقع ، إذن فيصدق ان رضا الله رضاهم أهل البيت ، لأن رضا الله سبحانه وتعالى كما قال الفلاسفة ليس قائما بذاته جل جلاله ، بل قائما بذوات المعصومين سلام الله عليهم .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَّسَدٍ (5)
صدق الله العلي العظيم
الجمعة الثامنة 10 صفر 1419
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين .
اللهم اني اجد سبل المطالب اليك مشرعة ومناهل الرجاء اليك مترعة ، والاستعانة بفضلك لمن املك مباحة ، وابواب الدعاء اليك للصارخين مفتوحة ، واعلم انك للراجين بموضع اجابة وللملهوفين بمرصد اغاثة وأن في اللهف الى جودك والرضا بقضائك عوضا من منع الباخلين ومندوحة عما في ايدي المستأثرين وأن الراحل اليك قريب المسافة وانك لا تحتجب عن خلقك الا ان تحجبهم الاعمال دونك ،( اي السيئات حبيبي )، وقد قصدت اليك بطلبتي وتوجهت اليك بحاجتي وجعلت بك استغاثتي وبدعائك توسلي من غير استحقاق لاستماعك مني ولا استيجاب لعفوك عني بل لثقتي بكرمك وسكوني الى صدق وعدك ولجائي الى الايمان بتوحيدك ويقيني بمعرفتك مني ان لا رب لي غيرك ولا اله الا انت وحدك لا شريك لك ، اللهم انت القائل وقولك حق ووعدك صدق ، وَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ اِنَ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحيماً ، وليس من صفاتك يا سيدي ان تأمر بالسؤال وتمنع العطية وانت المنان بالعطيات على اهل مملكتك والعائد عليهم بتحنن رأفتك ، إلهي ربيتني في نعمك وإحسانك صغيرا ونوهت باسمي كبيرا فيا من رباني في الدنيا بإحسانه وتفضله ونعمه واشار لي في الاخرة الى عفوه وكرمه ، معرفتي يا مولاي دليلي عليك وحبي لك شفيعي اليك وانا واثق من دليلي بدلالتك وساكن من شفيعي الى شفاعتك ، أدعوك يا سيدي بلسان قد اخرسه ذنبه رب اناجيك بقلب قد أوبقه جرمه ادعوك يا ربي راغبا راهبا راجيا خائفا اذا رأيت مولاي ذنوبي فزعت واذا رأيت كرمك طمعت ، فأن عفوت فخير راحم وان عذبت فغير ظالم ، حجتي يا الله في جرأتي على مسألتك مع اتياني ما تكره جودك وكرمك وعدتي في شدتي مع قلة حيائي رأفتك ورحمتك وقد رجوت ان لا تخيب بين ذين وذين منيتي فحقق رجائي واسمع دعائي يا خير من دعاه داع وافضل من رجاه راج .
اللهم صل على المصطفى ابي القاسم والمرتضى ابي الحسن والزهراء ام الحسنين والزكي ابي محمد والشهيد ابي عبد الله والسجاد ابي الحسن والباقر ابي جعفر والصادق ابي عبد الله والكاظم ابي الحسن والرضا ابي الحسن والجواد ابي جعفر والهادي ابي الحسن والعسكري ابي محمد والمهدي ابي صالح بقية الله في ارضه وحجته على عباده فمعكم معكم لا مع عدوكم آمنت بأولكم وآخركم وفوضت بعد الله اليكم ، والسلام على ظاهركم وباطنكم واجسادكم وارواحكم واقوالكم واعمالكم ورحمة الله وبركاته .
مرت علينا قبل يومين او ثلاثة مناسبة ذكرى وفاة الامام الحسن سلام الله عليه ، فمن هذه الناحية كان المناسب جدا التعرض له في هذه الجمعة.
ما أعتقد يخفى كثير منكم ان هناك كتاب كشف الغُمَّة لعلي بن عيسى الأُربُلي الذي هو من علمائنا الاقدمين رضوان الله عليه ، كرس جهدهم وكتب في المقدمة الرجل ، أنه أنا أجمع في هذا الكتاب المصادر المكتوبة من قبل الجماعة من ابناء العامة ، له ثلاثة او اربعة مصادر او اكثر يجمعها لفظيا ويبوبها في كتابه فكل ما ذكر في كتابه انما هو شنو ، موجود في كتب الجماعة سواء وصلت الينا الان ، ام لا ، وهو من اعاظم الثقات وليس نستهين بأمره رضوان الله عليه ، كتبت لكم عدة روايات من فضائل الامام الحسن سلام الله عليه ، نسمعها افترض كقصة وفضيلة وتاريخ .
منها ما رواه ابو الحسن المدائني قال خرج الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر عليهم السلام ، حجاجا ففاتهم اثقالهم فجاعوا وعطشوا فمروا بعجوز في خباء لها فقالوا هل من شراب فقالت نعم فأناخوا بها وليس عندها الا شويهة في كسر الخيمة فقالت احلبوها وامتذقوا لبنها ففعلوا ذلك وقالوا لها هل من طعام ، قالت لا الا هذه الشاة فليذبحها احدكم حتى أهيء لكم شيئا تأكلون ، فقام احدهم فذبحها وكشطها ، نحن نگول سخها ، ثم هيأت لهم طعاما فأكلوه ثم أقاموا حتى بردوا ، كانوا مبتلين بالشمس مثلنا ، ثم أقاموا حتى بردوا فلما ارتحلوا قالوا لها نحن نفر من قريش نريد هذا الوجه ، واشروا لها باتجاههم ، فاذا رجعنا سالمين فالمي بنا ، تعالي لنا ، فإنا صانعون اليك خيرا ثم ارتحلوا ، وأقبل زوجها وأخبرته عن القوم والشاة فغضب الرجل وقال ويحك اتذبحين شاتي لأقوام لا تعرفينهم ثم تقولين نفر من قريش ثم بعد مدة ، هذه الاسرة الاعرابية نگدر انگول ، الجأتهم الحاجة الى دخول المدينة ، يعني العجوز وزوجها ، فدخلا وجعلا ينقلان البعر اليها ويبيعانه ويعيشان به فمرت العجوز في بعض سكك المدينة فاذا الحسن عليه السلام ، على باب داره جالس فعرف العجوز وهي له منكرة ، وهذه لفظة قرآنية (وهم له منكرون)، اي جاهلون بحقيقته ، فبعث غلامه فردها ، شو تعاليلي ، فقال لها ، يا أمة الله أتعرفينني ، قالت لا ، قال انا ضيفك يوم كذا وكذا ، فقالت العجوز ، بابي أنت وأمي لست أعرفك ، فقال ، فان لم تعرفيني فانا أعرفك فامر الحسن عليه السلام ، فاشترى لها من شاه الصدقة ، اي من شياه الصدقة ، الف شاة وامر لها بألف دينار وبعث بها مع غلامه الى أخيه الحسين عليه السلام ، فقال ، يعني سألها الحسين عليه السلام ، بكم وصلك اخي الحسن ، فقالت بألف شاة وألف دينار فأمر لها بمثل ذلك ثم بعث بها مع غلامه الى عبد الله بن جعفر عليه السلام ، فقال لها ، بكم وصلك الحسن والحسين عليهما السلام ، فقالت بألفي دينار وألفي شاة ، فأمر لها عبد الله بألفي شاة والفي دينار فرجعت العجوز الى زوجها بمال كثير .
وروى ابن عائشة قال دخل رجل من اهل الشام المدينة فرأى رجلا راكبا بغلة حسنة فقال لم ار احسن منه فمال قلبي اليه فسألت عنه فقيل لي انه الحسن بن علي ابن ابي طالب عليهما السلام ، فامتلأ قلبي غيظا وحنقا وحسدا ان يكون لعلي عليه السلام ، ولد مثله فقلت ، انت ابن علي ابن ابي طالب ، فقال انا ابنه ، فقلت ، انت ابن من ومن ومن ، يعني ‏‏‏شنو ، يشتمه ، وجعلت اشتمه وأنال منه ومن أبيه وهو ساكت حتى استحييت منه فلما انقضى كلامي ضحك وقال ، احسبك غريبا يا شامي فقلت اجل فقال فمل معي ان احتجت الى منزل انزلناك والى مال ارفدناك والى حاجة عاوناك فاستحييت منه وعجبت من كرم اخلاقه ، شوفوا واحد من عدنه ها الشكل ، كون واحد يعتبر حبيبي ، كل اعمال واقوال الائمة عبرة ، فانصرفت وقد صرت أحبه ما لا أحب أحدا غيره .
وعن عبد الله بن عباس ، بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه واله ، هاي في حياة رسول الله ، حينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وآله ، اذ اقبلت فاطمة عليها السلام ، تبكي فقال لها النبي صلى الله عليه واله ، ما يبكيك ، قالت يا رسول الله ان الحسن والحسين خرجا فو الله ما أدري أين سلكا ، إمضيعتهم ، فقال النبي صلى الله عليه واله ، لا تبكين فداك ابوك فان الله خلقهما وهو ارحم بهما اللهم ان كانا اخذا في بر فاحفظهما وان كانا اخذا في بحر فسلمهما ، فهبط جبرئيل عليه السلام ، فقال ، يا أحمد لا تغتم ولا تحزن هما فاضلان في الدنيا فاضلان في الاخرة وابوهما خير منهما وهما في حضيرة بني النجار نائمين وقد وكل الله بهما ملكا يحفظهما قال ابن عباس فقام رسول الله صلى الله عليه واله ، وقمنا معه حتى أتينا حضيرة بني النجار ، فاذا الحسن معانق الحسين عليهما السلام ، واذا المَلَكْ قد غطاهما بأحد جناحيه ، فحمل النبي صلى الله عليه واله ، الحسن وأخذ الحسين المَلَكْ والناس يرون انه حاملهما ، تقول الرواية ، فقال له ابو بكر الصديق ، وهذا يدل على انه منقول من كتاب من الجماعة فهو ينقله لفظيا ، فقال له ابو بكر الصديق ، وابو ايوب الانصاري رضي الله عنهما هكذا مكتوب هناك ، فقال صلى الله عليه واله ، دعهما ، كأنما يريدون يشيلونهم عن النبي صلى الله عليه واله ، فقال صلى الله عليه واله ، دعاهما فإنهما فاضلان في الدنيا فاضلان في الآخرة وأبوهما خير منهما ، ثم قال ، والله لأشرفنهما اليوم بما شرفهم الله سبحانه ، فخطب فقال ، أيها الناس الا أخبركم بخير الناس جدا وجدة ، قالوا بلى يا رسول الله ، قال ، الحسن والحسين جدهما رسول الله وجدتهما خديجة بنت خويلد ، الا أخبركم بخير الناس أبا وأما ، قالوا بلى يا رسول الله قال ، الحسن والحسين ابوهما علي ابن ابي طالب وامهما فاطمة بنت محمد ، الا أخبركم ايها الناس بخير الناس عما وعمة ، قالوا بلى يا رسول الله ، قال الحسن والحسين عمهما جعفر ابن ابي طالب ، الطيار طبعا ، وعمتهما أم هاني بنت ابي طالب ، أيها الناس الا أخبركم بخير الناس خالا وخالة ، قالوا بلى يا رسول الله قال ، الحسن والحسين خالهما القاسم بن محمد رسول الله صلى الله عليه وآله ، وخالتهما زينب بنت رسول الله الا إن اباهما في الجنة وامهما في الجنة وجدهما في الجنة وجدتهما في الجنة وخالهما في الجنة وخالتهما في الجنة وعمهما في الجنة وعمتهما في الجنة وهما في الجنة ومن احبهما في الجنة ومن احب من احبهما في الجنة .
وروى الامام ابو الحسن علي بن احمد الواحدي رحمه الله ، في تفسيره الوسيط ، وهو من ابناء الجماعة طبعا ، ما يرفعه بسنده ان رجلا قال دخلت المدينة فاذا انا برجل يحدث عن رسول الله صلى الله عليه واله ، والناس حوله فقلت له اخبرني عن شاهد ومشهود ، معنى شاهد ومشهود في القرآن ، (وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) ، اخبرني عن شاهد ومشهود ، فقال ، نعم اما الشاهد فيوم الجمعة واما المشهود فيوم عرفة فجزته الى آخر يحدث ، ايضا گاعد في المسجد يحدث حوله طلاب ، فقلت له اخبرني عن شاهد ومشهود ، فقال نعم اما الشاهد فيوم الجمعة واما المشهود فيوم النحر ، اي عيد الاضحى طبعا ، فجزتهما الى غلام ، طفل حبيبي ، كأن وجهه الدينار وهو يحدث عن رسول الله صلى الله عليه واله ، ياهو طفل من عدنة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقلت ، اخبرني عن شاهد ومشهود ، فقال ، نعم اما الشاهد فمحمد صلى الله عليه واله ، وأما المشهود فيوم القيامة ، شوف هاي حچايتي ، فأين الثريا واين الثرى واين معاوية من علي ، اما الشاهد فمحمد صلى الله عليه واله ، واما المشهود فيوم القيامة ، اما سمعته هكذا ، اما سمعته يقول ، اي الله سبحانه وتعالى ، يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا ...(45) ، الشاهد رسول الله مو يوم الجمعة يعني غلط حبيبي ، وقال تعالى ،...ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103) ، المشهود ياهو منهم ، يوم القيامة ، هذا هوه بشهادة القرآن وبنص القرآن ، إنما ذولاك يتخبطون حبيبي ، لأنهو شنو ، ليسوا مدرسة القرآن ، وليسوا أهل القرآن هذا هوه ، وأهل بيت القرآن ، لا ، أهل بيت القرآن خاصون حبيبي لا يتعداهم الى غيرهم ، فسألت عن الاول ، هذا الذي يحدث ، فقالوا ، ابن عباس وسألت عن الثاني ، فقالوا ، ابن عمر وسألت عن الثالث فقالوا الحسن بن علي ابن ابي طالب عليهم السلام ، وكان قول الحسن أحسن .
لا اطيل عليكم انا كتبت لكم روايات أخرى على اية حال.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4) أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (5) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا (6) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (7) أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (19) عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ (20)
صدق الله العلي العظيم ، وبلغ رسوله الكريم ونحن على ذلك لمن الشاهدين الشاكرين والحمد لله رب العالمين .


















ابو علي 22-03-2012 12:43 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة التاسعة 17 صفر 1419هـ
الخطبة الاولى
أعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
اللهم يا عماد من لا عماد له ويا سناد من لا سناد له ويا ذخر من لا ذخر له ويا حرز من لا حرز له ويا غياث من لا غياث له ويا عز من لا عز له ويا معين من لا معين له ويا أنيس من لا انيس له ويا أمان من لا أمان له ويا حبيب من لا حبيب له ويا طبيب من لا طبيب له ويا مجيب من لا مجيب له ويا رفيق من لا رفيق له ويا شفيق من لا شفيق له ويا مغيث من لا مغيث له ويا دليل من لا دليل له ويا راحم من لا راحم له ويا صاحب من لا صاحب له ويا حصن من لا حصن له ويا كهف من لا كهف له ويا ولي من لا ولي له ويا مجير من لا مجير له ويا مدبر من لا مدبر له ويا معطي من لا معطي له ويا ميسر من لا ميسر له ويا مؤنس من لا مؤنس له ويا رقيب من لا رقيب له ويا نور من لا نور له ويا حافظ من لا حافظ له ويا ناصر من لا ناصر له ويا شرف من لا شرف له ويا مفرج من لا مفرج له ويا غافر من لا غافر له ويا كفيل من لا كفيل له ويا هادي من لا هادي له ويا ساتر من لا ساتر له ويا جابر من لا جابر له ويا ذاكر من لا ذاكر له .
يا أعظم من كل عظيم يا أكرم من كل كريم يا أرحم من كل رحيم يا أعلم من كل عليم يا أحكم من كل حكيم يا أكبر من كل كبير يا أجل من كل جليل يا أعز من كل عزيز يا أشرف من كل شريف يا ألطف من كل لطيف يا أشفق من كل شفيق يا أرفق من كل رفيق يا أغنى من كل غني يا أوفى من كل وفي يا أحمى من كل حمي يا امجد من كل ماجد يا أصدق من كل صادق يا أطهر من كل طاهر يا أمنع من كل مانع يا أستر من كل ساتر يا أطهر من كل طاهر يا أنصر من كل ناصر يا أحفظ من كل حافظ يا أسمع من كل سامع يا أبصر من كل ناظر يا أفضل من كل فاضل يا أوسع من كل واسع.
رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبالإيمان مذهبا وبالقرآن كتابا وبالكعبة قبلة وبالآخرة مآبا وبمحمد صلى الله عليه واله نبيا وبعلي إماما وبفاطمة الزهراء سلام الله عليه ، شفيعة وبالحسن والحسين وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والحجة القائم المهدي ائمة وسادة وقادة بهم أتولى ومن أعدائهم اتبرى في الدنيا والاخرة .
اللهم فصل عليهم أجمعين وصل على جميع أنبيائك ورسلك وأوليائك وأهل الحق من خلقك والصالحين من عبادك .
اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(102)
نستمر الآن في شرح خطبة الحسين سلام الله عليه .
قال عليه السلام : (لن تشذ عن رسول الله لحمته) ، عبر هنا بضمير الغائب ، لحمته ، ولم يقل لحمتي ، عبر هنا بضمير الغائب ، الا ان الظاهر انه يريد نفسه يريد ضمير المتكلم ، الا انه ابدله بضمير الغائب حتى لا يكون مدحا للنفس وثناءاً عليها ، فيكون المراد لن تشذ عن رسول الله لحمتنا كما قال : رضا الله رضانا اهل البيت
واللُحمة من الالتحام وهو الاتصال ، والشذوذ هو الابتعاد ، إما التحم وإما شذَّ ، فاللحمة هي الالتحام ، والشذوذ هو الابتعاد ، والشاذ هو المبتعد ونعبر بالشاذَّ عن كل ما هو غير طبيعي ، لأنه مبتعد عن المستوى الطبيعي ، فيكون المراد أنه لن تبتعد عن رسول الله لحمته ، او قل لن يبتعد عن رسول الله قربه والتحامه ولصوقه.
وقوله : لن تشذ للتأبيد ، لن يعني ، لن الى الأبد بهذا المعنى وانها ستبقى ملتحمة ولن تبتعد اطلاقا الى ما لا نهاية ، او يكون المراد الاشارة الى الشأنية يعني ليس من شأنها ان تبتعد وغير قابلة للابتعاد اصلا ، وما ليس من الشأن يكون مستحيلا أو بمنزلة المستحيل كقوله تعالى : ( كانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً (134)) ، أي من شأنه ان يكون سميعا بصيرا ، ففقد السمع والبصر بالنسبة الى الله مستحيل ، وكذلك قوله تعالى : (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ ...(115)) ، فإضلاله للقوم يكون مستحيلا او بمنزلة المستحيل ، أي ليس من شأنه وديدنه ذلك ، وكذلك قوله تعالى : (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)) ، أي ليس من شأنه ان يعذبهم وهم مستغفرون ، ان شاء الله نكون من المستغفرين فلا يعذبنا الله سبحانه وتعالى لا عذاب الدنيا ولا عذاب الاخرة ، وأما إذا كان واحد كذا وكذا واصل حسابه ولم يستغفر فيعذبه الله عذاب الدنيا وعذاب الاخرة ، وما البلاء الدنيوي الا شنو ، من قبيل اعطاء فرصة وَجَر أذن ، يعني شنو ، انه استغفر، لعلهم يتفكرون ، لعلهم يتذكرون ، لعلهم يتوبون ، لعلهم يؤبون ، لعلهم ينوبون ، اما الله تعالى شنو ، يواجه منا أذُنا غير صاغية ، أُذُنا صماء فهل هذا مما يحمد عقباه ،‍ الله تعالى ما شايلنه هم ، كل هذا الجمع ما شايله هم ، انما كل واحد بحسابه وكتابه فـ اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(102) .
ثم يقول سلام الله عليه : (بل هي مجموعة له في حضيرة القدس) ، لن تشذ وانما هي مجموعة ومرتبة ومركبة له في حضيرة القدس ، قوله ، بل هي ، يعني اللحمة مجموعة له لأنه يجتمع برسول الله صلى الله عليه واله ، وأمير المؤمنين وأمه فاطمة الزهراء عليهم افضل الصلاة والسلام ، يعني بأرواحهم العليا وليس بأجسامهم الدنيوية بطبيعة الحال ، يعني بأرواحهم العليا في حضيرة القدس كما قال في نفس الخطبة : (وما اولهني الى اسلافي اشتياق يعقوب الى يوسف) ، وإنما هو واله الى تلك الارواح العليا والمقامات السامية وليس الى الوجودات الدنيوية بطبيعة الحال على انها مقدسة جدا وأقدس ما هو موجود على وجه الارض ، لكن طبعا تلك المقامات أقدس منها اكيدا بما لا يقاس وما لا يتناهى .
وحضيرة القدس مرتبة من المراتب الالهية العالية جدا ، لا يمكن ، لاحظوا ، لا يمكن ان نتوصل الى تعريفها او معرفتها كما قال الله تعالى : (رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ ...(15) ، وليست هذه الدرجات لذاته ، لا، هو لا يستفيد من الدرجات حبيبي، لأنه إنما يتمناها لخلقه وللمؤمنين من عباده والخاصة المستحقين لتلك الدرجات في الحقيقة الا اننا بالرغم من اننا لا نستطيع فهم هذه الدرجة العليا ، اقصد حضيرة القدس ، الا اننا نشرح اللفظ فقط ، فالحضيرة على وزن فعيلة من الحضور وهي إما بمعنى اسم المفعول بمعنى محضرة او اسم الفاعل بمعنى حاضرة ، الا ان هذا فيه نحو من المجازية ، لأن من فيها حاضر ؟ ، ومن فيها محضر؟ ، المكان هو لا حاضر ولا محضر ، وإنما من في المكان هو حاضر ، أو محضر ، المهم انه في الحقيقة الذي ينطبق عليه انه حضير بمعنى حاضر هو المكين اي من في المكان وليس المكان نفسه .
ويمكن ان تكون فيها الياء زائدة ، حضيرة ، لا ، فتكون الحضيرة بمعنى الحضرة يعني حضرة القدس ونحن نعبر بالحضرة عن مراقد المعصومين عليهم السلام ، لأنها كأنها موضع الحضور عندهم وكذلك الحضور عند القدس الالهي وفي مراتب العظمة الالهية والنور الالهي .
والقدس هو الطهارة ، ومقدس يعني طاهر ويراد بها غالبا الطهارة المعنوية يعني طهارة النفس والقلب ، يقال : قدس الله سره اي طهر الله روحه.
وهناك في الأفق الاعلى ، وفي الافق المبين توجد الطهارة الحقيقية وهي الخلوص من كل النجاسات كالنظر الى الدنيا والشهوات والالام والافراح ، كل هذا يروح ، يزول سالبة بانتفاء الموضوع كما يعبرون ، ما له وجود اصلا ، وهي الخلوص من كل النجاسات كالنظر الى الدنيا والنظر الى الشهوات والاهتمام بالالام ، والاهتمام بالافراح ، والنظر الى الاسباب والنظر الى الاشخاص ، صديقك وعدوك وجيرانك والبعيد عنك واللي يتعامل وياك ، اهناك بعد ماكوا ، بل تبقى البهجة الالهية في نفس العبد هي وحدها السارية المفعول .
ولذا قال عليه السلام : (بل هي مجموعة له في حضيرة القدس تقر بهم عينه) ، فإن هذا التعبير من استقرار العين عن البكاء او انه تصبح العين بحالة من الفرح والابتهاج ، ولا شيء في الوجود اكثر فرحا وبهجة من تلك المستويات الالهية العالية التي ذخرها الله تعالى لخاصة خلقه ولذا ورد : (ان لك مقامات لن تنالها الا بالشهادة)، يعني فتحمل كل ما تستطيع من انواع البلاء والالام الجسدية والمعنوية والقلبية والاجتماعية والاقتصادية الدنيوية طبعا في سبيل نيل تلك الدرجات الأخروية العالية جدا حيث لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. ويشمله قوله تعالى : (وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35)) ، فان الكمال لامتناهي وما من كمال الا فوقه كمال وما من بهجة الا فوقها بهجة وما من درجة الا وفوقها درجة يعطيها الله هناك بالعطاء المباشر لقوله جل من قائل : (وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35)) ، بدون عمل لأنه ليس في الاخرة عمل ، في الاخرة حساب ولا عمل وفي الدنيا عمل ولا حساب .
ثم قال: (وينجز لهم وعده) ، ولم يقل وينجز له وعده ، اهناك الضمير كان شنو ، مفرد ، اهنانة جمع وهو يقول : (تقر بهم عينه وينجز لهم وعده) ، لمن ؟ ، للمعصومين من اسلافه ، جده وأبوه وأمه وأخوه سلام الله عليهم اجمعين ، زين ، حينئذ نقول : انه الوعد له ، أو لهؤلاء ؟ ، هو اله زين ان ينال المقامات العالية وليس لهم ، لا ، أنا اقول لكلا الجهتين : أما له فينبغي أن يكون واضحا لأنه هو يفوز بمقاماته التي اختصه الله بها ، هذا منتهين منه ، لكن في الحقيقة كذلك الله تعالى وعد رسول الله صلى الله عليه واله ، بأن يعطي الحسين مقامات عالية ووعد عليا عليه افضل الصلاة والسلام ، أن يعطي الحسين مقامات عالية ، ووعد الزهراء أن يعطي الحسين مقامات عالية ولماذا لا ؟ ، لأنهم يحبهم ويحبونه اي في الله وليس للقرابة بطبيعة الحال ، فاذا كان واحد منهم نال درجات عالية الاخر يستر طبعا ويكون ناجز الوعد وفي رحمة الله سبحانه وتعالى فينجز لهم وعده بإعطاء الحسين تلك المقامات العالية سلام الله عليه .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً(3)
صدق الله العلي العظيم
الجمعة التاسعة 17 محرم 1419هـ
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم.
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إلهي لم يكن لي حول فانتقل به عن معصيتك الا في وقت ايقظتني لمحبتك وكما أردت أن أكون كنت فشكرتك بإدخالي في كرمك ولتطهير قلبي من اوساخ الغفلة عنك ، إلهي أنظر الي نظر من ناديته فأجابك واستعملته بمعونتك فأطاعتك يا قريبا لا يبعد عن المغتر به ويا جوادا لا يبخل عمن رجا ثوابه ، إلهي هب لي قلبا يدنيه منك شوقه ولسانا يرفع اليك صدقه ونظرا يقربه منك حقه ، إلهي من تعرف بك غير مجهول ومن لاذ بك غير مخذول ومن اقبلت عليه غير مملول ، إلهي ان من انتهج بك لمستنير وان من اعتصم بك لمستجير وقد لذت بك يا الهي فلا تخيب ظني من رحمتك ولا تحجبني عن رأفتك ، إلهي اقمني في اهل ولايتك مقام من رجا الزيادة من محبتك ، إلهي والهمني ولها بذكرك الى ذكرك وهمتي في روح نجاح اسمائك ومحل قدسك ، إلهي بك عليك الا الحقتني بمحل اهل طاعتك والمثوى الصالح من مرضاتك فاني لا اقدر لنفسي دفعا ولا املك لها نفعا ، إلهي أنا عبدك الضعيف المذنب ومملوكك المنيب المعيب ، فلا تجعلني ممن صرفت عنه وجهك وحجبه سهوه عن عفوك ، إلهي هب لي كمال الانقطاع اليك وانر ابصار قلوبنا بضياء نظرها اليك حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل الى معدن العظمة وتصير ارواحنا معلقة بعز قدسك ، إلهي واجعلني ممن ناديته فأجابك ولاحظته فصعق لجلالك فناجيته سرا وعمل لك جهرا ، إلهي لم أسلط على حسن ظني قنوط الأياس ولا انقطع رجائي من جميل كرمك ، إلهي ان كانت الخطايا قد اسقطتني لديك فاصفح عني بحسن توكلي عليك ، إلهي ان حطتني الذنوب من مكارم لطفك فقد نبهني اليقين الى كرم عطفك ، إلهي ان انامتني الغفلة عن الاستعداد للقائك فقد نبهتني المعرفة بكرم الآئك ، إلهي ان دعاني الى النار عظيم عقابك فقد دعاني الى الجنة جزيل ثوابك ، إلهي فلك اسأل واياك ابتهل وارغب واسألك ان تصلي على محمد وال محمد وان تجعلني ممن يديم ذكرك ولا ينقض عهدك ولا يغفل عن شكرك ولا يستخف بأمرك ، إلهي والحقني بنور عزك الأبهج فأكون لك عارفا وعن سواك منحرفا ومنك خائفا مراقبا يا ذا الجلال والاكرام وصلى الله على محمد رسوله واله الطاهرين وسلم كثيرا كثيرا .
في يوم ما مر عليّ شخص في أواخر الشباب يلبس الزي الافندي عادي يريد يناقش وطالب للحقيقة الرجل ومنصف ، وجدته طيبا ، گلي اني اشك في الله ، تعال انت برهن لي على وجود الله ، سبحان الله ، آني شگوله ، رجل حسب قيافتي له درجة من الوعي وله درجة من الثقافة فإذا انا سردت عليه البراهين الفلسفية ، هو لا بد انه يحمل فكرة عنها ، فمن هذه الناحية قد لا تفيده ، برهان الدور وبرهان التسلسل وبرهان النظام ونحو ذلك من الامور ، هوه ما شايفها السما والارض ، ومع ذلك يشكك بالخالق سبحان الله ، فحينئذ انا فكرت ان اجيبه بسنخ آخر من الادلة بطريقة اخرى من الاستدلال بحيث گلي في النهاية ، انه انا ما كنت سامع لشيء مما قلته اصلا ، ترضى ان اروح اگوله ، گلت له روح گوله جزاك الله خيرا.
في الحقيقة انا اختصرت هذا الجانب ولكنني اقوله الان لأنه كانما الادلة على وجود الله سبحانه وتعالى من اشكال مختلفة واسناخ مختلفة كل واحد سنخ عن الاخر يختلف من قبيل ان نقول : ان البراهين القلبية على وجود الله وعلى كرمه وعلى قدرته وعلى تدبيره موجودة من قبيل قوله عليه السلام : (عميت عين لا تراك عليها رقيبا وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك نصيبا) ، وقوله عليه السلام : (انه لا تراه العيون بمشاهدة الابصار ولكن تراه القلوب بحقائق الايمان) ، وقوله تعالى (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ ...(54) ، فتخشع له قلوبهم ، لكن انا اردت ان امشيه ممشا آخر، اسرد لكم جملة من النقاط التي ذكرتها له:
النقطة الاولى: حبيبي ، أنت تلاحظ وأنا الاحظ وكل عاقل يلاحظ على وجه البشرية وليس في النجف وليس في العراق فقط وليس في هذا الجيل بل في كل جيل من آدم الى يوم القيامة : ان الخوش اوادم يؤمنون بالله ، والموخوش أوادم لا يؤمنون بالله هذا هوه ، مختصر مفيد ، ان المؤمنين بالله عندهم انسانية وعندهم انصاف وعندهم طيبة وعندهم اخلاص نحو ذلك من الصفات التي تتوخى ونتمناها لأي انسان ، زين في مقابله الذين لا يؤمنون بالله ، حبيبي ، يخرمشون وجهك ويدك ورجلك ، هذا هوه ، مكرة فسقة منحرفين ظلمة الى آخره هذا هو.
زين ، حينئذ معنى ذلك ان الايمان بالله هو حصة الطيبين وانكار الله سبحانه وتعالى هو حصة الفاسدين ويكفينا هذا دليلا على وجوده جل جلاله وعلى لطفه وقدرته هذا هو .
زين ، النقطة الثانية ، طبعا بالنسبة الى النقطة الاولى لا ينبغي ان ننسى ان الخوش أوادم مو واحدا واثنين ، ملايين ، اربع وعشرين الف نبي كلهم خوش أوادم ، گول لا ، سبحان الله ، هم بيهم نبي مو خوش آدمي ، كلهم صالحين ، اولياءهم صالحين اوصياءهم صالحين ، المؤمنين بهم صالحين ، وهكذا الى يوم القيامة ، كلهم شني ، خاشعين لله متذللين امام الله .
ثانياً : حبيبي ، يجيك واحد ويگولك ان زيد من الناس رجع من الحج ، يجيك آخر ايگلك بنفس الخبر يجيك ثالث يجيك رابع الى ان عشرة ، خمستعش مرة ، يحصل عندك اليقين بأن زيدا راجع من الحج وهذا ينبغي ان يكون واضحا وهو الذي يسمى باصطلاح المنطق بالتواتر ، خبر متواتر ، زين يجيك واحد اي من الانبياء طبعا يقول انه اوحي الي ، يجيك ثاني يقول انه اوحي الي ، يجيك ثالث يقول اوحي الي يجيك رابع وهكذا الى اربعة وعشرين الف نبي ، اذن فظاهرة الوحي متواترة اكثر من المتواتر بكثير انا مثلا اگول اشك بنفسي ولا اشك بان الوحي اجمالا قد نزل وان الكتب صحيحة يعني بالأحرى جملة منها صحيح او كلها صحيحة لا يحتمل ان تكون كذبا من اولها الى آخرها لأنه شهد بها الشهود الثقات العالين المعرفة والمراتب الانسانية ، طبعا ، مثلا اذا كان ذولة العشرة الذين اخبروك برجوع زيد ناس كلش عاديين طبعا يحصل لك يقين أقل ، اما اذا عشرة من ثقاتك ومقربينك والمخلصين الك ، يحصل لك يقين اكثر ، سبحان الله التبليغ عن ظاهرة الوحي موجودة على السن اعاظم الناس واكابر الناس وخير الناس. اذن فيكفي ثلاثة يكفي واحد ان اصدگه ان الوحي موجود فضلا عن اربعة وعشرين الف نبي ومن تبعهم من الوصي والولي والمؤمنين والصالحين وحسن اولئك رفيقا سبحان الله. فاذا ثبت الوحي بالتواتر ثبت الموحي بالتواتر وهو الله سبحانه وتعالى وهذا كلش كافي .
زين ، النقطة الثالثة: ان هناك ظواهر طبيعية وغير طبيعية تسمى مجموعها بالعلوم الغريبة من قبيل السحر على كل حال كمثال ناخذ السحر ، شي على شي ان السحر موجود ، ومنصوص عليه بالقرآن الكريم ومؤثر اجمالا وحوادث السحر موجودة من قبل مثلا اربعة الاف سنة ، عشرة الاف سنة ربما، ولا زالت الى يومنا هذا وكثير منهم يؤمنون بالسحر ويطبقونه ، هسه تفسيره ما هو، اما حرام اما حلال ما علينا، كل ما في الامر انه مؤثر وتأثيره ليس طبيعيا ليس من قبيل سرعة الضوء وجاذبية الارض وخروج النبات وولادة الانسان ، هذه امور طبيعية واما السحر فمؤثر ولكنه من زاوية غير طبيعية فمن اين حصل ذلك ؟ ، وبأي قانون حصل ذلك ؟ ، حينئذ هؤلاء الذين ينكرون قدرة الله سبحانه وتعالى ، خل يجون يفسرون ، يعجزون عن ذلك ، طبعا هم بحسب الظاهر ينكرون هذا التأثير لأنهم عاجزين عن التفسير ولكنهم في الواقع ونحن في الواقع نؤمن بصحته اجمالا ، وان بعض حوادث السحر فعلا مؤثرة ، فاذا كان المطلب هكذا اذن فهذا ايضا يدل على قدرة الله وعلى تدبير الله وان هناك قوانين لو صح التعبير غير القوانين الطبيعية محكومة لقدرة الله ولتدبيره ، وحاكمة ومؤثرة على القوانين الطبيعية وعلى وجه الارض وعلى هذه الخليقة ، وهذا ايضا كافٍ برهانا على وجود الله وليس السحر وحده ، السحر كمثال وحده والا العلوم الغريبة كثيرة .
زين ، النقطة الاخرى: طبعا كلنا سمع بالباراسايكولوجي وله ، سبحان الله ، ظواهر كثيرة غير قابلة للضبط ربما مائة ظاهرة او اكثر من قبيل تحضير الارواح من قبيل التأثير عن بعد من قبيل التلباثي الذي يسمى بالتخاطر الى آخره اهواية ، من قبيل التنويم المغناطيسي ، زين نقول كل هذا خرط ، وجذب ، صحيح يعني جرأة على الله وعلى الانسانية ان نقول ان هذا كله جذب ، متواتر وفوق المتواتر ان هناك ظواهر تسمى باصطلاح اللغة الاجنبية الباراسايكولوجي اي ظواهر روحية باصطلاحنا ، زين ، هذه الظواهر اذا كانت موجودة ايضا لا تخضع لقوانين الطبيعة ، يعني ان هناك قوانين اعلى من قوانين الطبيعة وحاكمة على قوانين الطبيعة ومؤثرة على قوانين الطبيعة ، من الذي أوجدها ومن الذي سنها الا خالق الكون جل جلاله ومن الذي دبرها الا المدبر الحقيقي جل جلاله .
زين ، النقطة الاخرى: المعجزات والكرامات ، ما حاصلة اي معجزة ولا كرامة على طول البشرية من آدم الى يوم القيامة ، سبحان الله ، حتى الماديين يقولون ان عصر المعجزات انتهى الان عصر الصناعة ، يعني ان المعجزات حدثت رغما عليهم .
على كل حال الشيء الذي باليد انه باليقين حصلت معجزات وكرامات لمئات من الناس لآلاف من الناس وعلى رأسهم الانبياء سلام الله عليهم ، وعلى رأسهم المعصومين لما بعد الإسلام إبتداءاً من النبي الى الامام المهدي سلام الله عليه ، حدثت فعلا ونحن غافلين حقيقة ، غافلين ودايخين ، بها الدنيا هاي ، وإلا في حقيقة الامر ان المعجزات والكرامات تحصل باستمرار من اول الخلق الى آخره من حيث لا نعلم ولا نشعر ، ( وَكَأَيِّن مِّنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105)) ، لكننا قوم غافلين نحسب الاشياء كلش بسيطة ومتدنية ، لأنني انا المتدني فلا افهم الا المتدني ، واما اذا شوية دققت ومشيت قدم واحدا لا ازيد ما احتاج ازيد على اي حال ، فسوف افهم أشياءاً اخرى غير التي كنت افهمها بطبيعة الحال مما هو يتصل بالله سبحانه وتعالى .
محل الشاهد فالكرامات والمعجزات متواترة ويقينية الحصول وعلى رأسها كرامات الانبياء ومعجزات الانبياء ، حينئذ شنگول ؟ ، من الذي اوجدها ؟ ، وبأي قانون وجدت ؟ ، وبأي سبب وجدت ؟ ، وهي خارقة لنواميس الطبيعة وغير ما تعود عليه اهل الدنيا والماديون والمنكرون للقدرة الالهية ، يكفينا معجزة واحدة من خلال أول الخلق الى آخره لتثبت انها ناطقة بلسان حالها ، بوجود مدبرها وبقدرته وبعزته وعظمته ، فضلا عن ان تكون هناك معجزات كثيرة ، وايضا ناطقة بفشل النظام الطبيعي وانه مجرد صورة لا واقع لها ، وانا قلت سبحان الله في مؤلفاتي ، في بعض مؤلفاتي ايضا كتبت ان القوانين الطبيعية انما هي صورة ذهنية ما يحدث هو ان هذه الحصاة تجلبها الارض وهذه الحصاة تجلبها الارض ، اما انه نسمي شيئا بقانون الجاذبية فهذا عبارة عن مجموعة حوادث جمعناها في ذهننا فسميناها قانون الجاذبية ، فحينئذ قانون الجاذبية انما هو فكرة والفكرة لا تؤثر في الخارج ، لاتؤثر في الخارج ، ليس هناك قانون اسمه قانون الجاذبية ، وإنما كل شيء يحدث بقدرة الله سبحانه وتعالى ، فحينما يزعم الزاعمون الماديون باننا نعوض عن الله بالقوانين المادية ، خسروا وخسئوا لأنها غير موجودة أصلا وإنما هي مجرد افكار في اذهاننا ، كما مثلا شنو ، نقول الانسانية ، الانسانية موجودة ؟ ، إنما الموجود هو الافراد زيد وعبيد وسعيد وفلان وفلان ، اما الكلي المعنى العام غير موجود بطبيعة الحال فلاحظوا كذلك القانون بالمعنى العام غير متحقق ، سبحان الله هم يقولون ان ما هو غير محسوس غير موجود، زين جيبولي عن حس وعن رؤيا وعن بصر القانون ، قانون الجاذبية مثلا او قانون سرعة الضوء او قانون كيت او كيت، ماكو وانما ما هو الموجود هو المصاديق والجزئيات والحوادث الفردية ، فهذه الحوادث الفردية من الذي يعملها القانون غير الموجود والقانون الموهوم ؟ ها بطبيعة الحال ، لا، أعجز من ذلك ومن يؤمن به أعجز من ذلك ، وإنما الله سبحانه وتعالى بعزته وقدرته. ربما نكمل في الخطبة في الاسبوع الاتي.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4) هَلْ فِي ذَٰلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ (5) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14) فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18) وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا (19) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20) كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26)(يبقى شيء واحد) ، يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)
صدق الله العلي العظيم

ابو علي 22-03-2012 12:44 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة العاشرة 24 صفر 1419 الخطبة الاولى

بسم الله الرحمن الرحيم
كان الله في عونكم جميعا من حر الشمس، ولنا اسوة قليلة جدا بالحسين الشهيد (سلام الله عليه) . بحب وطاعة رسول الله (صلى الله عليه واله) باعلى اصواتكم الصلاة على محمد وال محمد. بحب وطاعة مولانا امير المؤمنين (عليه السلام) باعلى اصواتكم الصلاة على محمد وال محمد. بحب وطاعة مولانا المهدي (عجل الله فرجه) باعلى اصواتكم الصلاة على محمد وال محمد. بحب وطاعة علمائنا الاعلام (ادام الله ظلالهم) باعلى اصواتكم الصلاة على محمد وال محمد. بحب وطاعة الحوزة العلمية الشريفة باعلى اصواتكم الصلاة على محمد وال محمد. بحب وطاعة المحكمة الشرعية الحوزوية باعلى اصواتكم الصلاة على محمد وال محمد. بسم الله الرحمن الرحيم اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين اللهم يا من لا فضل كفضله يا من لا من كمنه ويامن لا عطاء كعطائه ويا من لا بهاء كبهائه ويا من لا جزاء كجزائه ويا من لا حكم كحكمه ويا من لا عدل كعدله ويا من لا حكمة كحكمته ويا من لا رحمة كرحمته ويا من لا نور كنوره ويا من لا ظهور كظهوره ويا من لا سرور كسروره ويا من لا خفاء كخفائه ويا من لا بلاء كبلائه ويا من لا عقاب كعقابه ويا من لا اسباب كاسبابه ويا من لا علو كعلوه ويا من لا دنو كدنوه ويا من لا جود كجوده ويا من لا وجود كوجوده ويا من لا رفعة كرفعته ويا من لا منعة كمنعته ويا من لا حب كحبه ويا من لا طب كطبه ويا من لا طريق كطريقه ويا من لا صديق كصديقه ويا من لا ولي كوليه ويا من لا صفي كصفيه ويا من لا اية كاياته ويا من لا كلمات ككلماته و يا من لا سمع كسمعه يا من لا بصر كبصره يا من لا رحمة كرحمته يا من لا بهجة كبهجته يا من لا عظمة كعظمته يا من لا جمال كجماله يا من لا جلال كجلاله يا من لا كمال ككماله يا من لا الاء كالائه يا من لا اسماء كاسمائه يا من لا هدى كهداه يا من لا لطف كلطفه يا من لا عز كعزه يا من لا قرب كقربه يا من لا بعد كبعده. اللهم صل على خير خلقك وسيد انبيائك ورسلك سيد العرب والعجم بلا منازع وسيد ولد آدم بلا مدافع المصطفى محمد (صلى الله عليه واله) والمرتضى علي والزهراء فاطمة والزكي الحسن والشهيد الحسين والسجاد علي والباقر محمد والصادق جعفر والكاظم موسى والرضا علي والجواد محمد والهادي علي والحسن العسكري والحجة المهدي ائمتي وسادتي وقادتي بهم اتولى ومن اعدائهم اتبرأ في الدنيا والاخرة. اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون. مرت علينا قبل ايام مناسبة زيارة الاربعين المقدسة الجليلة عند الله، واتحفنا الله ورسوله بالنعمة العظيمة والبشارة الكريمة وهي انكم اطعتم الله ورسوله والحوزة العلمية الشريفة بترك ما كنتم راغبين به ومتحمسين له وانا ايضا من الراغبين به والمتحمسين له. ولكن حبيبي .. لما نهت الحوزة العلمية عن المشي في هذا الطريق اطعتموها جزاكم الله خير جزاء المحسنين. وقد قلت لكم ان لكم كفلين من الثواب كفل باطاعة الله والحوزة وكفل بالقصد والنية والرغبة بزيارة الحسين. فان الله تعالى يعطي بالنية لربما اكثر مما يعطي عن العمل الاعتيادي. يكفي ان العمل فيه مظنة الرياء والعجب واما النية فليس فيها مظنة الرياء والعجب لان (الاعمال بالنيات) و(لكل امريء ما نوى) و(نية المؤمن خير من عمله) وقد اطعتم بذلك الله والحوزة وعصيتم الشيطان. الله تعالى والحسين (عليه السلام) يفرح بطاعتهم ويحزن بعصيانهم. وهذه بادرة ناجحة وحسنة لانكم اثبتم بالتجربة ان الحوزة اذا قالت لكم اذهبوا تذهبون واذا قالت لكم اجلسوا تجلسون واذا قالت لكم تكلموا تتكلمون واذا قالت لكم اسكتوا تسكتون. وانتم بعونه سبحانه والحمد لله اثبتم انكم على مستوى المسؤولية وعلى مقتضى الطاعة ووفقكم الله جميعا الى احسن ما يحب ويرضى. بمناسبة الحديث عن الاربعين يوجد هناك سؤال واشكال عن زيارة الاربعين بسيطة اردت ان اعرضه مع جوابه. وذلك لان الاشكال يقول ان الوفد الحسيني او ما يسمى بسبايا الحسين (سلام الله عليه) ذهبوا الى الكوفة ثم ذهبوا الى الشام ثم رجعوا الى كربلاء ثم رجعوا الى المدينة ولبثوا في ذلك اياما طوالا ومع ذلك لم تستغرق المدة اكثر من شنو من اربعين يوما، فهل هذا معقول او غير معقول ؟! ربما جملة من الناس يستبعدونه على اية حال. فهذا سؤال عُرِض ولا زال معروضا اود تسجيله مع الجواب عليه ولو باختصار نسبيا. وجواب ذلك يكون بوجوه اذا صدق واحد منها كفى في رد الشبهة فان صدقت كلها فبها ونعمت: الوجه الاول: انه من الصحيح ان الشام وهي منطقة دمشق الحالية تبعد عن كربلاء حوالي الفين من الكيلومترات، الا اننا لا نقدر، هذا المستشكل في الحقيقة لا يقدر سرعة الافراس والابل التي كانت تستخدم في تلك العصور. و نحن نتصورها بطيئة وابطأ مما هي عليها حقيقة، في حين انها يمكن ان تنجز سفرا معتدا به في مدة قليلة. ويحسن بنا بهذا الصدد ان نلتفت الى امرين: الامر الاول: ان التحديد بمسافة القصر وهي ثمانية فراسخ والتي تعادل حوالي ثلاث واربعين كيلومتراً، ورد في الروايات المعتبرة انها المسافة التي تسير بها هذه الاحمال خلال اليوم. والمراد بهذه الاحمال طبعا في ذلك الحين سيارات وكوسترات وسكسات ما كان يوجد، فانما يحملون على المطايا والافراس والابل. فكانما من طلوع الشمس الى غروبها تسير الابل المحملة ثمانية فراسخ او ثلاث واربعين كيلومتراً. كانما مضبوط بحسب السند المعتبر وجُعل مسافة للقصر الشرعي وفيها : انه تسير هذه الاحمال لمدة يوم، راجعوا الوسائل موجود بيهه. زين . يوجد التفات نظمه الى ذلك وحاصله : ان الابل الثقيلة المحملة تسير ثلاث واربعين كيلومترا اما الابل الخفيفة التي يركب عليها انسان واحد او انسانين ونحو ذلك وعليها هودج خفيف طبعا تسير أزيد اكيدا. فمن هذه الناحية ممكن ان تصل الى خمسين او ستين كيلومترا في نهار وليس في اربعة وعشرون ساعة. لاحظوا اذا ضممنا الليل الى ذلك في الامكان ان يصل الى مئة او الى مئة وعشرين كيلومتراً. معنى ذلك ان المطلب كلش صار سادة ولطيف وذلك لان الالفين كيلومتر حينئذ تقطع بايام قليلة وليس بايام كثيرة وبزمن مختصر وليس بزمن طويل. كما ان السبايا يسيرون بهم استعجالا، كان سيرهم حوالي مئة وخمسون كيلومترا في مدار الاربعة وعشرين ساعة ولعلهم لم يكونوا يستريحون الا قليلا ولا ينامون الا قليلا. ومن هنا يمكنهم ان يصلوا بحوالي عشرة ايام الى الشام لان المسافة التي قدرناها هي الفي كيلومتراً، فلو ساروا مائة كيلومترا لوصلوها في عشرين يوما ولو ساروا مائة وخمسون كيلومترا او اكثر لوصلوها بحوالي اثنى عشر يوما ونحو ذلك. فاذا كان عودهم من الشام يشبه هذه المدة فهذه حوالي خمس وعشرين يوما يقطعونها ويقضونها في الطريق، فقد بقي من الاربعين خمسة عشر يوما يكونون قد قضوا بعضها في الكوفة وبعضها في الشام ولم يثبت وجودهم في الشام والكوفة اكثر من هذه الليالي القليلة. زين . الامر الثاني: ان الركب عموما كان في حالة استعجال في ذهابه وايابه فهم يستحثون الابل والخيل باستمرار للوصول في اقرب وقت ممكن مما يقتضي تذليل المدة وتقليلها التي يقضونها بالطريق بطبيعة الحال الى اقل مقدار ممكن. زين والغرض من الاستعجال في الذهاب يختلف عن الغرض في الاستعجال في الاياب، لان الاستعجال في الذهاب كان برأي الجلاوزة الذين كانوا يحوطونهم وينقلونهم من كربلاء الى الكوفة ومن الكوفة الى الشام. زين . ماذا كان يفكر الجلاوزة في الحقيقة ؟ كانوا يفكرون انهم منتصرين عسكريا وهؤلاء سبايا وهؤلاء مندحرين عسكريا، فكانوا يريدون ان يوصلوا خبر الانتصار المزعوم والمشؤوم الى عبيد الله بن زياد باسرع وقت ممكن والى يزيد بن معاوية (عليهم اللعنة جميعا ( باقرب وقت ممكن. فمن هذه الناحية يستعجلون وعمر بن سعد يريد ان يكون واليا على البلاد التي وعد بها باسرع وقت ممكن ونحو ذلك من الكلمات، اذن أكو استعجال في ايصال هذه السبايا الى اعدائهم والى اعداء الله سبحانه وتعالى. زين . هذا الاستعجال في الذهاب . الاستعجال في المجيء كان هذا باختيار الركب الحسيني (سلام الله عليهم اجمعين). حبيبي .. هم في ارض اعدائهم وفي بيوت اعدائهم وفي اعتقال اعدائهم يريدون ان يتخلصوا باية لحظة يريدون ان يصلوا الى موطنهم باية لحظة وفي اسرع وقت حتى ( يتجفون ) الشر الذي وقعوا فيه لا اكثر ولا اقل. فهم يستحثون الابل والافراس بالاسراع الى الكوفة ثم الى المدينة، ومن هنا لا نستبعد شنو. ان يكونوا قد وصلوا في عشرة ايام او اثنى عشر يوما او خمسة عشر يوما ونحو ذلك. وينبغي هنا ان نلتفت الى انهم وصلوا في خلال اربعين يوما الى كربلاء وهذا معناه ان المسافة بين كربلاء والمدينة لم تكن قد دخلت في الحساب انما وصلوا الى كربلاء في اربعين يوما وبقيت مسافة المدينة بعد ذلك وصلوا اليها من كربلاء الى المدينة في مدة مجهولة على اية حال، قد تكون كثيرة وقد تكون قليلة المهم انها غير داخلة في حساب الاربعين يوما. ولكننا لو تنزلنا عن هذا الوجه ولم نقبل به جدلا ولا موجب للتنزل عنه لانه في نفسه صحيح ولا بأس به، الا اننا في الحقيقة لو تنزلنا لامكن الجواب بعدة وجوه اخرى منها: الوجه الثاني: الوصول الى كربلاء بالمعجزة بما يسمى طي الارض فانها خصوصية موجودة لجملة من الاولياء والاوصياء والصالحين وهم اولى من يتصف بها ولعلها بمشيئة الله تحدث لاجل مصلحة خاصة او عامة مربوطة بهم. من ادرانا ؟ يكفي اننا نسمع في الرواية انهم وصلوا خلال اربعين يوما فلربما كان بطي الارض والاحتمال دافع للاستدلال. الوجه الاخر: ما يقال عادة اننا الان كأنما نبقي الاستبعاد هذا الوجه الاول قلنا انه صحيح الا انه يوجد هناك بعض الناس الذين يفكرون انه بعيد وان الابل لا تصل خلال اربعين يوما حينئذ يقول هذا القائل بجواب جديد وهو انهم وصلوا في اربعين الحسين بعد سنة واربعين يوما، وليس بعد اربعين يوما مباشرة من مقتل الحسين (سلام الله عليه)، هذا ايضا ممكن وان كان على خلاف ظاهر سياق الرواية الا انه بالتاريخ ممكن البناء عليه والاتجاه اليه. وفي مفاتيح الجنان يقول الشيخ عباس القمي (قدس سره) : اليوم العشرون ـ من شهر صفر ـ هو يوم الاربعين يعني اربعين الحسين (عليه السلام) على قول الشيخين (يقصد الشيخ الصدوق والشيخ الطوسي) وهو يوم ورود حرم الحسين (عليه السلام) المدينة عائدة من الشام (هو يقول الوصول الى المدينة وليس الى كربلاء في حين ان الرواية تنص على انهم وصلوا الى كربلاء وبقيت مسافة المدينة غير محسوبة كما اشرت قبل قليل) وهو يوم ورود جابر بن عبد الله الانصاري كربلاء لزيارة الحسين (عليه السلام ) وهو اول من زاره ويستحب فيه زيارته (يعني زيارة الحسين (عليه السلام). وعن الامام العسكري (عليه السلام) قال علامات المؤمن خمس (سامعين بها اعتيادي منها زيارة الاربعين سبحان الله وفيها رواية عن الامام العسكري عليه السلام قال :صلاة احدى وخمسين (يعني مجموع الفرائض والنوافل اليومية)وزيارة الاربعين والتختم باليمين وتعفير الجبين والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم. اي في الصلاة الاخفاتية. زين . الان كعبرة كل واحد منا يمكن يفكر في دخيلة نفسه انه كم واحدة من هذه العلامات طبقها ؟!، طبعا هي علامات استحبابية وليست علامات الزامية او وجوبية ولكنه مع ذلك انت كمؤمن وانا كمؤمن يرجح بنا ان نكون قد طبقنا هذه العلامات، اقرأها مرة ثانية، شوفوا اي واحد ليكول للاخر وانما بينه وبين الله كم طبق هذا ؟ فاذا لم يطبق واحدة منها فليقدم توبته امام الله وخشوعه وذله امام الله وخجالته من الله سبحانه وتعالى. صلاة احدى وخمسين يعني انت تصلي النوافل كلها الى جنب الفرائض، فهل انت ملتزم بهذا ام لا ؟ زين . وزيارة الاربعين ليست قضية راجلين او في السيارة او باي طريق المهم ان تكون في حرم الحسين في يوم اربعينه ، هاي وحده ، هذا اغلب الناس طبعا ملتزمين به جزاهم الله خيرا. والتختم باليمين عقيق او شذر تلبسه في يمينك هذا ايضا مستحب. وتعفير الجبين ايضا مستحب وهل تعلم ما هو ؟ شوف .. اذا وكع شيئا مثلا مفتاح او سبحة وكعت مني بالكاع (ليس انا وانما نموذج آخر من الناس) ، يتكبر ان يحني رأسه ليحملها من الارض. هو اعلى من ان يحني رأسه حتى لمصلحة نفسه ! شيء آخر ، ان شخصا ما ، نحن نركب بالسيارة رايحين جايين يتكبر من ان يلتفت ان الى جنبه سيارة حتى يخاف منها هو اعلى من ان يخاف من شيء حتى من السيارة. فكيف يضع خده على التراب خشوعا لله سبحانه وتعالى ؟ لن يفعل ! قبحه الله بكل قباحته.
فهل سيد محمد الصدر وضع جبينه على التراب خشوعا لله سبحانه وتعالى ؟ وهل فعل واحد منكم ذلك ؟ كل واحد خل يرجع بينه وبين ربه. وتعفير الجبين والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم حبيبي اُمر رسول الله )صلى الله عليه واله) كما في الرواية بالجهر ببسم الله الرحمن الرحيم لاجل اغاضة الكفار الذين كانوا يجون يكعدون عنده فيسخرون منه ومن جماعته التي يصليها بالمسلمين فاذا صلوا اخفاتا لم يسمعوا من كلامه شيئا اما اذا جهروا (طبعا الصلاة الجهرية يسمعون ولكن الصلاة الاخفاتية لا يسمعون) فامره الله سبحانه وتعالى بالجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ارغاما للكفرة الفجرة عبدة الاصنام وعبدة الشهوات وعبدة الهوى وعبدة الدنيا
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ﴿١﴾اللَّـهُ الصَّمَدُ﴿٢﴾لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴿٣﴾وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴿٤﴾
الجمعة العاشرة 24 صفر 1419 الخطبة الثانية
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم ان قلوب المخبتين اليك والهة وسبل الراغبين اليك شارعة واعلام القاصدين اليك واضحة وافئدة العارفين منك فازعة واصوات الداعين اليك صاعدة وابواب الاجابة لهم مفتحة. ودعوة من ناجاك مستجابة وتوبة من اناب اليك مقبولة وعبرة من بكى من خوفك مرحومة والاغاثة لمن استغاث بك موجودة والاعانة لمن استعان بك مبذولة. وعداتك لعبادك منجزة. وزلل من استقالك مُقالة. (لا تقرأؤه مَقالة، مُقالة وليس مَقالة بئس ما يفعل هؤلاء الجهلة خدام الحرم بئس ما يفعلون عشرات السنين مئات السنين وهم يغلطون في كل الزيارات مع شديد الاسف لانهم يأتون خدمة وهو جهلة ساقطين) واعمال العاملين لديك محفوظة. وارزاقك الى الخلائق من لدنك نازلة وعوائد المزيد اليهم واصلة وذنوب المستغفرين مغفورة وحوائج خلقك عندك مقضية وجوائز السائلين عندك موفرة وعوائد المزيد متواترة وموائد المستطعمين معدة ومناهل الظماء مترعة. اللهم فاستجب دعائي واقبل ثنائي واجمع بيني وبين اوليائي بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين انك ولي نعمائي ومنتهى مناي وغاية رجائي في منقلبي ومثواي. الهي وسيدي ومولاي اغفر لأوليائنا وكف عنا اعداءنا واشغلهم عن اذانا واظهر كلمة الحق واجعلها العليا وادحض كلمة الباطل واجعلها السفلى انك على كل شيء قدير. وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين. في الجمعة السابقة مرت ذكرى وفاة الامام الرضا (سلام الله عليه) وفي حينه كأنما لم اوفق الى ذكره في تلك الجمعة في هذه الجمعة في الامكان ان نقول عنه شيئا (سلام الله عليه ) . احسن شيء بهذا الصدد الرواية المطولة نسبيا الواردة في ذكر عبادته (سلام الله عليه) هذا موجود في كتاب الصدوق (عيون اخبار الرضا): حدثنا تميم بن عبد الله ابن تميم القرشي (رضي الله عنه) قال حدثني ابي عن احمد بن علي الانصاري قال : سمعت رجاء ابن ابي الضحاك يقول : بعثني المأمون في اشخاص علي بن موسى (عليه السلام) ـ اي الرضا (سلام الله عليه) ـ من المدينة وقد امرني ان اخذ به على طريق البصرة والاهواز وفارس ولا اخذ به عن طريق قم. (طبعا هو يريد ان يجلبه الى خراسان لان المأمون كان في خراسان والرضا في المدينة فيريد ان يجلبه الى خراسان ليبقى تحت رقابته الى حد انزله في جوار قصره وجعل هناك باب ينفذ بينه وبين الدارين بحيث اذا اراد المأمون ان يدخل في اي ساعة من ليل او نهار لا يمنعه مانع ولا يردعه رادع زيادة في التركيز على هذه الجهة. وكذلك اوصى بان لا يمر على قم لان قم من ذلك الحين كانت شنوا ؟ مركزا لشيعته (سلام الله عليه) فلا ينبغي ان يمر بالشعب الذي يحبه وانما بمكان لا يعرفه ومجهول بالنسبة اليه ، وامرني ان احفظه بنفسي بالليل والنهار حتى اقدم به عليه فكنت معه من المدينة الى مرو فو الله ما رأيت رجلا اتقى لله تعالى منه ولا اكثر ذكرا لله في جميع اوقاته منه ولا اشد خوفا لله عز وجل منه وكان اذا اصبح صلى الغداة فاذا سلم جلس في مصلاه يسبح الله ويحمده ويكبره ويهلله ويصلي على النبي (صلى الله عليه واله) حتى تطلع الشمس ثم يسجد سجدة يبقى فيها حتى يتعالى النهار(انا تعبت احبائي اقرأ السورة واعتذر اليكم)
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ﴿١﴾اللَّـهُ الصَّمَدُ﴿٢﴾لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴿٣﴾وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴿٤﴾

ابو علي 22-03-2012 12:44 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة الحادية عشر 1 ربيع الاول 1419
الخطبة الاولى

اللهم يا من دلع لسان الصباح بنطق تبلجه. وسرح قطع الليل المظلم بغياهب تلجلجه. واتقن صنع الفلك الدوار في مقادير تبرجه وشعشع ضياء الشمس بنور تأججه. يا من دل على ذاته بذاته وتنزه عن مجانسة مخلوقاته، وجل عن ملائمة كيفياته. يا من قرب من خطرات الظنون، وبعد عن لحظات العيون، وعلم بما كان قبل ان يكون. يا من ارقدني في مهاد امنه وامانه، وايقظني الى ما منحني به من مننه واحسانه، وكف اكف السوء عني بيده وسلطانه. صل اللهم على الدليل اليك في الليل الاليل، والماسك من اسبابك بحبل الشرف الاطول، والناصع الحسب في ذروة الكاهل الاعبل والثابت القدم على زحاليفها في الزمن الاول، وعلى اله الاخيار المصطفين الابرار. وافتح اللهم لنا مصاريع الصباح بمفاتيح الرحمة والفلاح والبسني اللهم من افضل خلع الهداية والصلاح واغرس اللهم بعظمتك في شرب جناني ينابيع الخشوع واجر اللهم لهيبتك في اماقي زفرات الدموع وادب اللهم نزق الخرق مني بازمة القنوع. الهي ان لم تبتدئني الرحمة منك بحسن التوفيق فمن السالك بي اليك في واضح الطريق وان اسلمتني اناتك لقائد الامل والمنى فمن المقيل عثراتي من كبوات الهوى وان خذلني نصرك عند محاربة النفس والشيطان فقد وكلني خذلانك الى حيث النصب والحرمان. اللهم صل على محمد وال محمد. اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون. في الحقيقة كل شيء فيه عبرة، والاشياء التي تمر، فيها عبرة، واحدة واحدة، صغيرها وكبيرها، هينها ومهمها. محل الشاهد ان جملة من الاشياء تمر باستمرار ولعل من اهمها هو مقتل اية الله الغروي (قدس سره الشريف). فاريد الان ان آخذ شيئا من العبرة واشير الى جملة من الافكار مما يتعلق بهذا الامر: اولا: ان كل من يقتل في سبيل الله، وكل من يقتل وعقيدته صالحة فهو شهيد بينه وبين الله. ويمكن تقسيم الشهداء (اي شهداء الحق) الى عدة اقسام: القسم الاول: الشهداء في سبيل الله وفي سبيل الحق من اول البشرية الى آخرها. وهذا موجود باستمرار، كان ولم يزل وسيبقى الى يوم القيامة. اولهم طبعا نعرف انه هابيل الذي قتله اخوه قابيل. ثم تتسلسل الشهادة في الانبياء والاولياء والاوصياء والى يوم القيامة. القسم الثاني: شهداء مابعد الاسلام شهداء الاسلام وما بعده ونحن نعلم تقريبا او تحقيقا ان اولهم هم شهداء بدر الكبرى ثم احد ثم باقي الغزوات وتتسلسل ايضا الى يوم القيامة. وانا اعتقد انه لا تنقطع بعصر ظهور الامام المهدي (سلام الله عليه)، بل يبقى هذا الامر اجمالا موجودا حتى بعد ظهوره لان الدنيا دار بلاء وعناء. فهي بالنسبة الى المؤمنين، هذا العناء بالنسبة الى جملة منهم، موجود. القسم الثالث: شهداء الحوزة العلمية، شهداء رجال الدين. ليس في هذا العصر بل في عصر سابق. نحن نلاحظ انه في العصور السابقة كانوا قليلين، فلذا سُمي الشيخ محمد بن مكي بالشهيد الاول والشيخ زين الدين العاملي بالشهيد الثاني. لكنه بالتدريج يتكثرون، جيلا بعد جيل يزدادون ويزداد عددهم. ونحن نفتخر هذا هو وسام الشرف الذي تعلقه الحوزة العلمية على صدرها. شنو ، و (هجي ) بهذا المضمون انه عادتكم الشهادة عند الله وفخركم عند الله الشهادة، وهذا هو فخر المعصومين (سلام الله عليهم) وفخر اتباعهم ومواليهم الى يوم القيامة. الامر الثاني: اننا نعلم انه على طول الخط من السابق مما قبل الاسلام وبعد الاسلام وحاضرا ومستقبلا، فان القوى المعادية للاسلام والقوى المعادية للحق هي التي تقوم بذلك. ويوجد حكمة تقول بأنه : القتل على ايدي شرار خلق الله، هذا هو الجيد والصحيح والمفخرة. وكلما كان القاتل اردأ عند الله وادون عند الله وابعد عن الله، كان المقتول اشد فخرا واعتزازا. حتى ان امير المؤمنين(سلام الله عليه) قتله شر الخلق وهو خير الخلق بعد رسول الله (صلى الله عليه واله)، والحسين (عليه السلام) قتله شر الخلق في زمانه وهو شمر (قبحه الله) الذي قطع رأسه وهو خير الخلق في زمانه (سلام الله عليه). وهكذا ايضا يتسلسل الموضوع باستمرار. زين . ففي هذه القرون المتأخرة يوجد ما استطيع ان اسميه بالثالوث المشؤوم الظالم الغاشم وهو الاستعمار الامريكي البريطاني الاسرائيلي الظالم الغاشم الشرير المبتز لحقوق البشرية ولدمائها. في الحقيقة هذا هو الذي يكون سببا لمثل هذه المظالم وغير هذه المظالم. وهذا الشيء ينبغي ان يكون واضحا، مهما كانت اليد التي قبضت على السكينة فانها ترجع بالاخر الى ذاك. الان لشجب واستنكار الاستعمار الغربي الظالم باعلى اصواتكم الصلاة على محمد وال محمد. لشجب واستنكار مقتل العلماء الاعلام والمراجع العظام باعلى اصواتكم الصلاة على محمد وال محمد. لنصرة الحوزة العلمية الشريفة باعلى اصواتكم الصلاة على محمد وال محمد. زين ، الفكرة الاخرى التي بهذا الصدد اننا نجد بوضوح شديد ان الاستعمار الغربي ماذا هو وسيلته ؟ المال والسلاح، مختصر مفيد. يسيطر على وجه الكرة الارضية بالمال والسلاح. عنده شيء آخر ؟ ماكو. احنه شنو عدنه ؟ الله سبحانه وتعالى (كول لا !) جل جلاله. الله سبحانه وتعالى ليس غيره هو الواحد الاحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد. سبحان الله .. من هو الاقوى المال والسلاح الدنيويين او الله المسيطر على الخلق كله وبيده ملكوت كل شيء وبيده مفاتيح السماوات والارض، سبحان الله حتى هم يعلمون بذلك وليس نحن فقط ! قال الله جل جلاله ((ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم))وقال جل جلاله ((ان الله يدافع عن الذين امنوا)) وقال جل جلاله ))فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه اعزة على الكافرين اذلة على المؤمنين ـ بهذا المضمون ـ)). زين ، وكيف لا ينصر الله سبحانه وتعالى من يحبهم ويحبونه، بالتأكيد ينصرهم لاجل اقامة دينه والله تعالى هو المحافظ على الدين من اول البشرية الى آخرها ليس الانبياء ولا الرسل ولا سيد محمد الصدر ولا اي شيء مما يخطر في اذهانكم. الله هو الحافظ للدين. جل جلاله يقول ايضا في اية اخرى ((محمد رسول الله والذين آمنوا معه اشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من اثر السجود (( . الامر الاخر الذي اريد الاشارة اليه : اننا جربنا جيلا بعد جيل وخاصة في هذه القرون المتأخرة ان المرجعية، ان الانسان يصفه مرجع ليس بسبب اصله وانما بيد الله سبحانه وتعالى (كول لا !). صح نحن ننظر الى الاسباب هذا يحجيله حجايه وهذا يتحركله حركة وهذا يطبع على كتاب وهذا يقول له كلام.صح والاسباب تمشي بمشيئة الله لكن مع ذلك الله تعالى هو العماد في ذلك ((انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء)) في اية اخرى ((لو انفقت ما في الارض جميعا ما الفت بين قلوبهم ولكن الله الف بينهم ((. شيء آخر : وهو ان الموت والحياة يتحكم في ذلك، انا بنائي اصير مرجع ولكنه اموت ورسالتي لم تطبع او رسالتي قيد الطبع هل ممكن اصير مرجع ؟ ((وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل باشياعهم اول مرة)) يعجبه يصير مرجع ما يصير مرجع لانه يموت لو جاء عزرائيل يأخذ روحه ! فهل هذا فيه نقاش ؟ لاحظوا .. فانما تتعين المرجعية بمشيئة الله سبحانه وتعالى وهذا موجود في السابق واللاحق وليس لاحد التحكم فيه اطلاقا. النقطة الرابعة التي اود الاشارة اليها : ان للمرجعية اسلوبان معروفان الان تقريبا من الواضحات المعلنة وانا اشرت اليها في بعض الخطب السابقة. استطيع ان اسمي احدهما اسلوب السكوت والانعزال والاخر اسلوب النشاط والامر بالمعروف والنهي عن المنكر هالشكل. حبيبي لماذا جماعة من المراجع ومن الناس ومن تابعي المراجع اتخذوا اسلوب السكوت ؟ لا يوجد اي شيء الا الحفاظ على حياتهم. غير يريد يحفظ حياته كعد وسكت وترك ما هو في ذمته لعله بعلم او بغير علم انا ما ادري انشاء الله محمولين على الصحة. يحافظ على حياته فماذا حصل الان ؟ عبرة جدا لطيفة ان هذين المشايخ (قدس الله اسرارهم) كانا من هذا الصنف من صنف الساكتين مع ذلك ماذا كانت النتيجة ؟ هل حفظت حياتهم ؟ الساكت قتل والناطق بقي رغما على انف اللي ميرضه. سبحان الله .. هل افاد الساكتين سكوتهم ! ما افادهم. الموت مما لا بد منه سبحان الله .. من لم يمت بالسيف مات بغيره كما يقول الشاعر. فمن هذه الناحية الانسان يقصر فيما يمكنه من اداء وظيفته الشرعية ؟ في سبيل الحفاظ على حياتي ؟خاب فألك امام الله انت مسؤول لا يمكن التجاوز عن ذلك. النقطة الاخرى التي اود الاشارة اليها : تقريبا بل تحقيقا اريد ان اخاطب مقلدي الشيخ الغروي (قدس سره(. يقول المثل لا ينبغي ان يلدغ المؤمن من جحر مرتين، كثير من التقليد كان بغير حجة شرعية كان بحجة شرعية ناقصة، كان بهوى نفسي كان لمنفعة دنيوية، لا ينبغي ان تتكرر هذه المأساة مرة ثانية ! طبعا البقاء على تقليد الميت بدون اجازة الحي غير مجزي فحينئذ حذار ان يكون تقليدكم الجديد بدون حجة شرعية. التقليد دين الانسان كانما تصح به العبادات والمعاملات وينجو به الانسان في يوم القيامة فاذا كان مهمل او مستعملا للدنيا او لشيء غير الاخلاص لله سبحانه وتعالى شيله وذبه بالزبالة ! المن نذب بالزبالة ؟ نذبك إلك المهمل اذا كنت مهملا. صح هي الصفة مو زينة لكن الموصوف يصير مو زين حبيبي . اتقوا الله حق تقاته وقوموا تقليدكم لا يغرنكم الغرور. فمن هذه الناحية لا ينبغي ان يلدغ المؤمن من جحر مرتين او عشر مرات، الانسان رشيد والله ناطيه عقل وناطيه دين وناطيه ورع ويعرف الله موجود وجهنم جواه والجنة كدامه مع ذلك يأخذها المسألة بسيطة وبسرعة مع العلم انه لم يخلق للدنيا وانما خلق للاخرة. سبحان الله
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالضُّحَى ﴿١﴾ وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ﴿٢﴾ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ﴿٣﴾ وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى ﴿٤﴾ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ﴿٥﴾ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى ﴿٦﴾ وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى ﴿٧﴾ وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى ﴿٨﴾ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ ﴿٩﴾ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ ﴿١٠﴾ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴿١١﴾

بسم الله الرحم الرحيم
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴿١﴾ وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ ﴿٢﴾ الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ ﴿٣﴾ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴿٤﴾ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴿٥﴾ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴿٦﴾ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ ﴿٧﴾ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَب ﴿٨﴾
صدق الله العلي العظيم
الجمعة الحادية عشر 1 ربيع الاول 1419 الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم

توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين. يا من لا عز الا عزه. يا من لا فخر الا فخره. يا من لا رحمة الا رحمته. يا من لا عطاء الا عطاؤه. يا من لا جزاء الا جزاؤه. يا من لا حباء الا حباؤه. يا من لا حكم الا حكمه. يا من لا لطف الا لطفه. يا من لا نور الا نوره. يا من لا غنى الا غناه. يا من لا حما الا حماه. يا من لا بقاء الا بقاؤه. يا من لا رضاء الا رضاؤه. يا من لا جمال الا جماله. يا من لا كمال الا كماله. يا من لا رفعة الا رفعته. يا من لا شأن الا شأنه. يا من لا فضل الا فضله. يا من لا قرب الا قربه. يا من لا حب الا حبه. يا من لا طب الا طبه. يا من لا رزق الا رزقه. يا من لا مجد الا مجده. يا من لا غوث الا غوثه. يا من لا نصر الا نصره. يا من لا رأفة الا رأفته. يا من لا جود الا جوده. يا من لا وجود الا وجوده. يا من لا علاء الا علاؤه. يا من لا صفاء الا صفاؤه. يا من لا ضياء الا ضياؤه. يا من لا بلاء الا بلاؤه. يا من لا عطاء الا عطاؤه. يا من لا جزاء الا جزاؤه. اللهم يا اجود من اعطى ويا خير من سُئل ويا ارحم من استرحم. اللهم صل على محمد واله في الاولين وصل على محمد واله في الاخرين وصل على محمد واله في الملأ الاعلى وصل على محمد واله في المرسلين. اللهم اعط محمد واله الوسيلة والفضيلة والشرف والرفعة والدرجة الكبيرة. اللهم اني آمنت بمحمد (صلى الله عليه واله) ولم اره فلا تحرمني في القيامة رؤيته وارزقني صحبته وتوفني على ملته واسقني من حوضه مشربا رويا سائغا هنيئا لا اظمأ بعده ابدا انك على كل شيء قدير. اللهم اني آمنت بمحمد (صلى الله عليه واله) ولم اره فعرفني في الجنان وجهه. اللهم بلغ محمد (صلى الله عليه واله) مني تحية كثيرة وسلاما. الان نعقد بين نقطتين : النقطة الاولى : ان يومين سابقين كان ذكرى وفاة النبي الاعظم (صلى الله عليه واله)، وكذلك قلنا في خطبة سابقة ان هناك تقريبات وبراهين مبسطة على قدرة الله وحسن تدبيره في خلقه. فالان استمر بتلك البراهين والتقريبات وفيها ما يرتبط بالنبي (صلى الله عليه واله). فاقترنت تلك النقطتين في كلام مشترك واحد لو صح التعبير. من جملة البراهين الممكنة اقامتها على قدرة الله وحسن تدبيره : النظام العادل الكامل الذي جاء به النبي (صلى الله عليه واله) فانه معجزته الخالدة مع القرآن الكريم. طرق سمعك وسمعي ان المعجزة الخالدة للنبي وللاسلام هو القرآن الكريم وهذا صحيح. لكننا في الامكان ان نضيف معجزة خالدة اخرى وهو نظام الاسلام ؛ العدل الاسلامي الذي بشر به النبي (صلى الله عليه واله ) وجاء به النبي (صلى الله عليه واله) وحلال محمد حلال الى يوم القيامة وحرام محمد حرام حرام الى يوم القيامة. فان المعجزات الوقتية وان كانت صحيحة كتسبيح الحصى وشق القمر وغير ذلك من الامور، الا انها تزول في وقتها ولا تبقى منها الا الرواية والنقل بخلاف المعاجز الخالدة. معجزة على كل الاجيال وعلى كل الاديان وعلى كل الطبقات وعلى كل المستويات وعلى كل القرون الى يوم القيامة. ويمكن الاستدلال على عدالة دين محمد بن عبد الله الذي هو دين الاسلام بعدة ادلة اذكر ما هو ممكن منها : اولا: ان البديل الذي يمكن ان يكون بديلا عن الاسلام وعن نظام الاسلام ما هو ؟ احد امرين لا ثالث لهما. اما عدم النظام في المجتمع اطلاقا واما القانون الوضعي الذي يسنه البشر بغض النظر عن الرسالات الالهية او كما يعبر بعضهم بغض النظر عن الاتصال بالسماء واله السماء. كلا المطلبين محل اشكال ليسا بصحيحين فاذا تم اسقاطهما تعين ان نظام الاسلام هو العادل الكامل. اما الامر الاول الذي هو عدم وجود نظام اطلاقا في المجتمع فهذا طبعا واضح جدا انه ساقط في نفسه ولا يريده اي شخص من البشر للمجتمع، وعبارة بعضهم انه يصبح المجتمع جحيما لا يطاق. وعبارة بعضهم انه يصبح المجتمع الانساني تحكمه شريعة الغاب ونحو ذلك من الامور. ولذا اوجب علماء الكلام على الله سبحانه وتعالى بحسب حكم العقل انه شنو ؟ انه خلق الخلق وهو كفيل مصالحهم ونظامهم ووجود العدل فيهم لا انه يخلق الخلق ويتركهم هملا يقتل بعضهم بعضا ويسرق بعضهم بعضا ميصير حبيبي هذا خلاف اللطف الالهي، خلاف قاعدة اللطف. محل الشاهد فهذا البديل ليس بصحيح. زين البديل الثاني هو القانون الوضعي، القانون الوضعي منين جاي ؟ فيه مصدرين اساسيين : اما العقل واما النفس، اما ان المقنن يحكم عقله في ادراك المطالب ويكتب قانونه وهذا على احسن التقادير واما انه يحكم نفسه وشهواته ومصالحه فيكتب قانونه لو هاي لو هاي مو ثالثة ماكو. وكلا الامرين ساقطين وسيئين. اما اذا حكم المقنن شهواته ومصالحه الخاصة (واصل حسابه) مبين انه فاسد من كاعة وهذا غير قابل للنقاش. وانما يحتج اهل القانون على اننا نحكم عقولنا في هذا المطلب فمن هذه الناحية يأتي القانون صافيا وصحيحا ومعه ما الحاجة الى الشريعة الالهية. شوف حبيبي .. هذا الذي طرق سمعنا من ان العقل البشري مدرك لشيء من الصواب ولشيء من العدل إله باب وجواب ، صحيح ، يقول العدل حسن والظلم قبيح، الصدق حسن والكذب قبيح. على العين والرأس الى آخره قائمة موجودة بحكم العقل اكيدا. ولكن خلي نجي خطوة ثانية : هل ان العقل يدرك ذلك في كل الاشياء ؟ جملة من الاشياء نسأل نفسنا نشك انها هل هي حسنة او هي قبيحة ! الله العالم نحن لا نعلم. كذلك عندما يسمى بالمزاحمة تتعارض في ذهنك الاشياء هذا اهم او هذا اهم، هل يدرك عقلك شيئا من هذا القبيل انه هذا بالتعيين اهم ؟ طبعا ماكو هيجي شي . فالانسان في عقله موجود ادراك باذن الله سبحانه وتعالى للخير والشر ولكنه ضيق لا يشمل جميع مناحي الحياة وجميع حقول المعرفة، بكل تأكيد. ضيق ربما واحد بالمائة الى خمسة بالمائة والا الباقي كله مشكوك عقليا. وهذا وجداني، اسأل نفسك اي شيء تريد. حينئذ شيصير ؟ يصير ان المقنن يكعد يكتب قانونه بأي عقل ؟ بهذا الخمسة بالمائة والباقي مشكوكات يجعل المشكوكات على شكل يقينيات ويحمل الناس مسؤوليتها هو هذا ال مو الصحيح. فمن هذه الناحية العقل قاصر عن ادراك الواقعيات التي يعلمها الله سبحانه وتعالى. قاصر عن ادراك الواقعيات التي يعلمها المعصومون (سلام الله عليهم) فاذا عطفنا على ذلك ان العقل البشري مادي حبيبي. مادي يعني شنو ؟ يعني يعيش في بوتقة المكان والزمان والمجتمع والمصالح الفردية والمصالح الاسرية وغير ذلك (كول لا !). المقنن مو معصوم طبعا ولا يدعي احد عصمته لا من الاولين ولا من الاخرين، لأن المقنن بشري مو معصوم اكيدا وهو رهين كما ان كل واحد منا رهين المكان والزمان والدنيا والمصلحة والمال، زين . فلولا اللطف الالهي عرفنا الاخرة ؟ عرفنا الحساب ؟ عرفنا الثواب ؟ عرفنا العقاب ؟ عرفنا مثلا المدارج العليا الملائكة حملة العرش ؟ لا نعرف طبعا. والمفروض ان المقنن من هذه الناحية يُخرج عن ذهنه كل هذه الامور سواءا عرفها او لم يعرفها. وانما يتبع الدنيا المحضة والمجتمع الذي بين يديه فقط، كما يقول ذاك (فو الذي يقسم به ابو سفيان لا جنة ولا نار) هو هم يقول لا جنة ولا نار ويكعد يكتب القانون. فماذا شصار ؟ صار انه اهمل المصالح الرئيسية للبشرية التي هو شنو ؟ حساب يوم القيامة والجنة والنار. لانه نحن لم نخلق لهذه الدنيا وانما خلقنا للاخرة وهو يقول اننا خلقنا لهذه الدنيا ولم نخلق للآخرة. فاذا كنت لا تدري فتلك مصيبة او كنت تدري فالمصيبة اعظم اذن فالعقل البشري لا يستطيع ان يضع قانونا فاذا فسد كلا الاحتمالين لا بلا نظام يصير ـ ميصير بلا نظام حبيبي ـ ولا يصير بنظام عقلي وضعي هذا ايضا فاسد، اذن يتعين النظام الالهي ان الله تعالى تتبع شريعته صغيرة وكبيرة، مهمة وقليلة كلها باذن الله سبحانه وتعالى. والله تعالى ما مقصر اعطانا العدل الصحيح الكامل وانما شنو ؟ يصد عن ذلك شهواتنا ومصالحنا وطرقنا الفاسدة والملتوية ليس اكثر من ذلك. فاذا كنا نتجنب ذلك، في الحقيقة اذا كنا نتجنب الشيطان، فنحن باتجاه الرحمن. واذا كنا نتجنب الرحمن فنحن باتجاه الشيطان اعتيادي. لا اطيل عليكم وانتم تحت الشمس .

بسم الله الرحمن الرحيم
وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ ﴿١﴾ الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ ﴿٢﴾ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ ﴿٣﴾ كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ ﴿٤﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ ﴿٥﴾ نَارُ اللَّـهِ الْمُوقَدَةُ ﴿٦﴾ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ ﴿٧﴾ إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ ﴿٨﴾ فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ ﴿٩﴾

ابو علي 22-03-2012 12:45 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة الثانية عشر 8 ربيع الاول1419
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
يا من امر بالعفو والتجاوز وضمن نفسه العفو والتجاوز يا من عفى وتجاوز اعف عني وتجاوز يا كريم.
اللهم وقد اكدى الطلب واعيت الحيلة والمذهب ودرست الامال وانقطع الرجاء الا منك وحدك لا شريك لك.
اللهم اني اجد سبل المطالب اليك مشرعة ومناهل الرجاء لديك مترعة وابواب الدعاء لمن دعاك مفتحة والاستعانة لمن استعان بك مباحة واعلم انك لداعيك بموضع اجابة وللصارخ اليك بمرصد اغاثة وان في اللهف الى جودك والضمان بعدتك عوضا من منع الباخلين ومندوحة عما في ايدي المستأثرين وانك لا تحتجب عن خلقك الا ان تحجبهم الاعمال دونك وقد علمت ان افضل زاد الراحل اليك عزم ارادة يختارك بها وقد ناجاك بعزم الارادة قلبي (اذا كنت صادقا فيما اقول) واسألك بكل دعوة دعاك بها راج بلغته امله او صارخ اليك اغثت صرخته او ملهوف مكروب فرجت كربه او مذنب خاطيء غفرت له او معافىً اتممت نعمتك عليه او فقير اهديت غناك اليه ولتلك الدعوة عليك حق وعندك منزلة الا صليت على محمد وال محمد وقضيت حوائجي حوائج الدنيا والاخرة.
الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا.
يا عدتي في مدتي يا صاحبي في شدتي يا وليي في نعمتي يا غياثي في رغبتي يا نجاحي في حاجتي يا حافظي في غيبتي يا كافيَّ في وحدتي يا انسي في وحشتي انت الساتر عورتي فلك الحمد وانت المقيل عثرتي فلك الحمد وانت المنعش صرعتي فلك الحمد. صل على محمد وال محمد واستر عورتي وامن روعتي واقلني عثرتي واصفح عن جرمي وتجاوز عن سيئاتي في اصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون.
اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
في هذه الجمعة اود اعطاء فكرتين، احداهما عن شدة الحر فانني قلت ان لكل شيء عبرة وشدة الحر له عبرة فما هي العبرة ؟
اولا انا قلت انه اذا كانت عليك الصلاة والبقاء فترة من الزمن فيها وفي الخطبة وفي غيرها، كانت عليك عسرا وحرجا سقطت صلاة الجمعة صل الظهر على حريتك. وانما مع الامكان وعدم الضرر يتعين عليك الحضور الى صلاة الجمعة.
اشياء اخرى مستفادة حتما حبيبي .. ما ادري انت تشعر ام لا ؟ غير ملتفت الى ذلك ام ملتفت ؟ انا حينما اقوم في شهر رمضان في وقت السحر اشعر بانني مشترك قلبيا وعاطفيا مع كل الذين قاموا في وقت السحر وصاموا عند اذان الصبح.كاعد في بيتي والباب مسدودة لكنني مع ذلك مشترك قلبيا وعاطفيا مع كل اولئك الذين يصومون في بيوتهم ويتسحرون ويفطرون (كول لا !) الذي ليس عنده هذه العاطفة من الغافلين لا شك انه من الغافلين.
الان الان الا توجد صلوات جمعة ؟ ـ ان شاء الله تكون كلها منفذة ومؤسسة وليس فيها منع ان شاء الله تعالى ـ. توجد صلاة جمعة، اذن ينبغي ان نفكر اننا لسنا وحدنا نصلي الجمعة لا في النجف ولا في خارج النجف، لا في العراق ولا في خارج العراق، ولا في المذهب ولا في خارج المذهب. صلاة الجمعة موجودة والحمد لله بكثرة كاثرة وهذا من لطف ربي. فنحن الان ايضا مشتركون عاطفيا تجاه المؤمنين والمسلمين الذين يقيمون الجمعة قريبا منا او بعيدا عنا اكيدا. وكذلك مشتركون عاطفيا ونفسيا مع اولئك الذين يعانون الحر في الشوارع وفي صلاة الجمعة في البصرة والعمارة والناصرية وكثير من المدن العراقية وغير العراقية. فمن هذه الناحيه نحن نفتخر ونؤدي هذه الطاعة امام الله سبحانه وتعالى.
شيء اخر : نحن سمعنا طبعا عن مسجد النبي (صلى الله عليه واله) ولربما ان عدد منكم رآه، سمعنا عن المسجد الحرام ولربما عدد منكم راه، سمعنا عن مسجد قبا سمعنا عن مسجد القبلتين. تلك المساجد التي كانت واسست في عهد رسول الله (صلى الله عليه واله) شنو كانت من ذهب وفضة من سمنت وخرسانة ؟ ان كنت تفكر هكذا فبدل تفكيرك حبيبي . طوف لِبِن مسقوف بجريد النخل هذا هو ، يصلي فيه اولياء الله وعظماء الاسلام ما كو هيجي مكبرة ولا اكو هيجي منصة ولا سيارة خصوصي ولا اوركندشن ولا قصر عالي ماكو هجي شي ما موجود. (ابو تراب) يعني جالس على التراب (سلام الله عليه).
محل الشاهد مو هذا. يصلون كل صلواتهم الجماعة والفردية تحت الانواء الجوية طيلة السنة في الصيف تحت الشمس وفي الشتاء تحت المطر وتحت الرياح. ما عدهم مانع ماكو شي يحول دون طاعة الله سبحانه وتعالى بما فيها صلوات الجمعة بطبيعة الحال. ان كان الان سيد محمد الصدر كما ترون في الظل وفي بنكة مثلا او اي شيء آخر يخطب ويصلي. فلم يكن النبي (صلى الله عليه واله) في الظل ولا في بنكة كان معهم يصلي في الشمس ويخطب في الشمس كان امير المؤمنين معهم يخطب في الشمس ويصلي في الشمس سبحان الله .. بس إحنه كما قلت قبل قليل نشترك عاطفيا مع اولئك الذين يصلون الان معنا جمعة، لا، لا .. ينبغي ان نكون مشتركين عاطفيا على مستوى الازمنة الثلاثة من صلى في الماضي من قادة الاسلام صلاة الجمعة واطاع الله باي شكل من اشكال الطاعة ومن يصلي الان ومن يصلي في المستقبل الى يوم القيامة.كلنا على قلب واحد وعاطفة واحدة وهدف واحد لا نختلف، ان كان نختلف خلي نعتب على انفسنا وليس على اولئك المؤمنين الطاهرين.
المهم انه هذه الجهة ايضا موجودة زين الجهة الاخرى. حبيبي .. كثير من الاعمال الدنيوية هالكسب هذا هالعمل هذا وكلكم مجربين ربما تسعة وتسعين بالمية منكم مجربين، اليس البناؤون في الشمس ؟ اليس الصيادون في الشمس ؟ النجارون الحدادون كثير من الاعمال في الشمس ، زين مو ساعة ، ثمان ساعات وربما من طلوع الشمس الى غروبها يكدح تحت الشمس من اجل ان يأخذ له (فلسين) يعيش بها عائلته. الان نحن تحت الشمس في سبيل الثواب حيث لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر (كول لا !) ليس فلسين ولا عشر فلوس ولا مليون ولا خير الدنيا كلها لاحظوا ..
في الحقيقة انا وجدت ـ على قلة استقرائي للمصادر هالمقدار موجود ـ المهم انني وجدت انه اكثر الناس ثوابا في القرآن الكريم : المتقون والصابرون ما كو مثلهم ثواب موعود بالقرآن الكريم. وما اسهل وما اصعب في الحقيقة. الانسان يكون يضحي. لكنه بمعنى آخر ما اسهل ان يجعل الانسان نفسه تطبيقا ومصداقا من هذين العنوانين الشريفين. يكون متقي اعتيادي فينال ثواب المتقين، الله تعالى لا بخل في ساحته، متقي يعطيه ثواب المتقين. خلصنه .
صابر ! مااسهل ان يكون صابر، ما اصعب ان يكون صابر. لكن شويه ارادة. اراد الله وترك الخلق وترك المصالح والشهوات بس هذا هو . شيصير ؟ يصير صابر. ((وسيجزي الله الصابرين اجرهم بغير حساب)) كال واحد من اهل المعرفة انه بغير حساب به معنيان كلاهما صالح. اما لا يحاسب في يوم القيامة ويدخل الجنة بغير حساب وهو هذا المطلوب، ما شاء الله اما لا : بغير حساب اي بغير عدد : أُخذ أُخذ أُخذ الى ان ينقطع بك الامل هذا موجود بالروايات يُثيبه حتى ينقطع به الامل اكثر من ذلك : يوقف العبد في يوم القيامة في الجنة، في اول دخوله في الجنة فيقال له تمنى على الله سبحانه وتعالى، فيتمنى فيعطى ثم يتمنى ثم يتمنى الى ان تنقطع به الامال. فيقول له الله سبحانه وتعالى : يا عبدي هذا كله لك ولدي مزيد. كما يقول في القرآن : ((ولدينا مزيد)) فيعطيه الله فوق طلبه وفوق توقعه وفوق فهمه بما لا يتناها
لعله هذا هو المطلوب وليس الدنيا ومن فيها وما فيها.
طبعا لا يكون الانسان في الصابرين الا مع التسليم الحقيقي لقضاء الله وقدره والرضا بواقعه الدنيوي على حاله وتسليم للمشاكل التي يعيشها ليس بمعنى عدم التصدي لحلها، لكن اذا كان هناك هو في ضرورة وقع فيها ضرورة هذا هو، الحمد لله. كونه موقع على ورقة بيضه امام الله. اي شيء يكتب الله فيها من القضاء والقدر ممنون وبالخدمة كالميت بين يدي الغسال لا يعترض ولا يستشكل لا لسانا ولا قلبا لانه الله تعالى مطلع على القلوب والنوايا، يكول انا صابر ويكول بانه لا بأس، الا انه يعترض قلبيا على الله او تساوره الشكوك والعياذ بالله، لا، هذا ما مقبول فانما يكون صابرا محضا، صابرا عند الله تعالى الذي لايُخدع ولا يتقشمر.
الفكرة الاخرى التي في نفس هذا الصدد : انا في يوم ما ولا زلت هذه الفكرة صحيحة في نفسها بس كانت تعيش في ذهني كثيرا.
محل الشاهد اننا نؤمن بصاحب الامر (عجل الله فرجه) اكيد. كذلك نؤمن بالانتظار صباحا ومساءا قابل لكل صُبحيه يُعلن اي يعلن جبرائيل سلام الله عليه عن ظهوره ربما عصرية، ربما ليلية نحن لا نعلم ننتظره صباحا ومساءا. قابل هاليوم، باجر ـ انا لا ابشر بقرب الظهور. لا وانما توقع الظهور باستمرار يجب ان يكون موجودا في قلب المؤمن. محل الشاهد. فلربما ظهر ولربما طلب مني (طبعا راح يحتاج وهو لا يحتاج الا الى الله لكن معاونين بالاخر عنده) فلربما جعلني، اختار لي شيئا من ذلك، اختار لي شيئا من ذلك او عمل من الاعمال زين اني اكون (بزر جكليت) واكُله ما اقدر وهذا صعب عليَّ. ربما قال لي بعمل الذي ينبغي ان اقف في الشمس عدة ساعات او مثلا امشي عدة ساعات او اي شيء من هذا القبيل او اقف اربعة وعشرين ساعة على قدمي الى آخره، كثير من الحاجات والمصاعب تواجهها الدنيا وتواجهها المصالح العامة الموجودة في زمن المهدي (سلام الله عليه) اني شراح أكُله ؟ ان قلت له نعم وقعت في عسر وحرج وان قلت له لا وقعت في الادهى لا اقل من الناحية الدنيوية يشيل سيفه يكص ركبتي هسه غضب الله طبعا موجود. شنو عملي ؟ مع العلم انه : انتظروه صباحا ومساءا ! هذا عمله : يعود نفسه على المصاعب حتى ما اذا ظهر امامه وقائده الحقيقي لا يقول له لا يقول له اهلا وسهلا واحنه بخدمتك اي شيء تقول بدون استثناء نحن بالخدمة صغيرها وكبيرها وقليلها وعظيمها، ولماذا لا ! هكذا ينبغي الانسان امام الله وامام اولياء الله. قد يكون يتعطل اكلك، قد يكون يتعطل شربك، قد يكون في مطر، قد يكون في شمس، قد يكون في بُعد، قد يكون في وحشة، قد يكون في غربة ميخالف حبيبي اي شيء تريد ممنونين. فالانسان شنو ؟ يشحذ همته وصبره لاجل الله.
الخطوة الاخرى ان طاعة الله مو منحصرة في ظهور المهدي (سلام الله عليه). في الازمنة الثلاثة في الماضي والحاضر والمستقبل موجودة طاعة الله سبحانه وتعالى. وما احسن ان الانسان يشحذ همته لطاعة الله سبحانه وتعالى كائنة ما كانت النتائج، انما يريد بها وجه الله سبحانه وتعالى لا يريد بها الدنيا.
الامر الاخر الذي وددت ان اشير له في هذه الخطبة انه يوجد هناك اشكال على الاتجاه الشيعي اشكال علينا جميعا : اننا نذكر امير المؤمنين والحسين ـ كمثل ـ نذكر امير المؤمنين والحسين (عليهما افضل الصلاة والسلام) اكثر مما نذكر رسول الله (صلى الله عليه واله) وهذا له عدد من النتائج مطبقة فعلا. حبيبي في وفاة امير المؤمنين يأتي الناس زُرافات ووحدانا، تمتليء الشوارع بالزائرين. بمناسبة الحسين (سلام الله عليه) طبعا في عشرة عاشور وغير عشرة عاشور ما شاء الله.
خلي وفاة النبي (صلى الله عليه واله) كانها منسية، نصف منسية ولادة النبي التي هي بعد حوالي اسبوع منسية او نصف منسية كأن النبي لغيرنا. فهل نرضى بهذه الشنعة والسُبة ؟ سبحان الله. انما كان شأن الحسين وعظمة الحسين لانه من اتباع النبي وقتل في سبيل النبي (صلى الله عليه واله)، انما كان شأن امير المؤمنين وفاطمة الزهراء لانهما لهما المقام الاعظم عند النبي (صلى الله عليه واله). من هو الاعظم هؤلاء ام النبي ؟ فلماذا لا نقيم للنبي وزنه الكامل ؟ هذا هو الظلم بعينه.
محل الشاهد اذا اردنا ان نثبت عمليا رفع هذا الاشكال عنا وهو اشكال مسجل مثلا من جملة نتائجه انك ترى الباحثين السابقين : كشف الغمة للاربلي مثلا، الارشاد للمفيد، اعلام الورى للطبرسي يتكلم حوالي عشرين صفحة عن النبي (صلى الله عليه واله) ويتكلم حوالي ميتين صفحة او اكثر او ثلاثمائة صفحة عن امير المؤمنين وثلاثمائة صفحة عن الحسين (عليه السلام) شنو ذنبه النبي (صلى الله عليه واله) مع العلم انه خير الخلق على الاطلاق بما فيهم امير المؤمنين والحسين.
اريد ان استنتج نتيجة واحدة : انكم ان شاء الله على مستوى شنو ؟ طاعة الله سبحانه وتعالى وعلى مستوى طاعة الحوزة بعون الله التي هي كانما شنو ؟ لا نسمع امر الله الا منها.
في الاربعين انا نهيتكم عن الزيارة فانتهيتم الان انا آمركم بالزيارة في يوم مولود النبي (صلى الله عليه واله). كل من يستطيع من شيعة العراق ان يحضر الى النجف الاشرف وليس فيه ضرورة فليزر امير المؤمنين سلام الله عليه. لاتقصروا امام امير المؤمنين وامام رسول الله (صلى الله عليه واله)، ليس امام السيد محمد الصدر يروح سيد محمد الصدر ويبقى الله ورسوله وامير المؤمنين وولاية امير المؤمنين. اقصدوا امير المؤمنين من كل صوب وحدب من اجل اثبات طاعة الله سبحانه وتعالى قبل طاعة الحوزة.
بسم الله الرحمن الرحيم
وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ﴿١﴾ وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ﴿٢﴾ وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى ﴿٣﴾ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴿٤﴾ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ﴿٥﴾ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴿٦﴾ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴿٧﴾ وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ﴿٨﴾ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ﴿٩﴾ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴿١٠﴾ وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى ﴿١١﴾ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْـهُدَى ﴿١٢﴾ وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى ﴿١٣﴾ فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى ﴿١٤﴾ لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى ﴿١٥﴾ الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى ﴿١٦﴾ وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ﴿١٧﴾ الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى ﴿١٨﴾ وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى ﴿١٩﴾ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى ﴿٢٠﴾ وَلَسَوْفَ يَرْضَى ﴿٢١﴾
صدق الله العلي العظيم

الجمعة الثانية عشر 8 ربيع الاول1419
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. سبحان الله آناء الليل واطراف النهار. سبحان الله بالغدو والاصال سبحان الله بالعشي والابكار. سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والارض وعشيا وحين تظهرون. يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الارض بعد موتها وكذلك تخرجون. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين. سبحان ذي الملك والملكوت. سبحان ذي العزة والجبروت. سبحان ذي الكبرياء والعظمة الملك الحق المبين القدوس. سبحان الله الملك الحي الذي لايموت. سبحان الله الملك الحي القدوس. سبحان القائم الدائم. سبحان الدائم القائم. سبحان ربي العظيم. سبحان ربي الاعلى. سبحان الحي القيوم. سبحان العلي الاعلى. سبحانه وتعالى. سبوح قدوس ربنا ورب الملائكة والروح. سبحان الدائم غير الغافل. سبحان العالم بغير تعليم. سبحان خالق ما يرى وما لا يرى. سبحان الذي يدرك الابصار ولا تدركه الابصار وهو اللطيف الخبير.
اللهم صل على محمد المصطفى وفاطمة الزهراء وعلي المرتضى والحسن المجتبى والحسين الشهيد بكربلا وعلي بن الحسين السجاد ومحمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق وموسى بن جعفر الكاظم وعلي بن موسى الرضا ومحمد بن علي الجواد وعلي بن محمد الهادي والحسن بن علي العسكري والحجة القائم المهدي بقية الله في ارضه وحجته على عباده، فمعكم معكم لا مع عدوكم. آمنت بأولكم وآخركم وظاهركم وباطنكم وسلام الله عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم هو ذكرى وفاة الامام العسكري (سلام الله عليه)، ولا ينبغي لنا ان نترك شيئا من التعرض له (سلام الله عليه).
وطبعا الكلام عن الائمة (سلام الله عليهم) الى درجة من السعة والعمق بحيث لا يمكن ان نناله في خطبة مختصرة وفي سرعة فائقة لو صح التعبير. وانما نعطي فكرة موجزة من العبرة في بعض فقرات حياة الامام (سلام الله عليه):
الفكرة الاولى: ان الملاحظ ان الائمة (عليهم السلام) الموجودون في العصر المتأخر للائمة او قل العصر الثاني للائمة ، الملاحظ عليهم جميعا انهم يموتون في عمر الشباب وفي عمر صغير نسبيا بما في ذلك الامام الجواد والامام الهادي والامام العسكري (عليهم افضل الصلاة والسلام)، انهم توفوا في عمر الزهور في الحقيقة في عمر الشباب. مع العلم انهم لم يرد عنهم الاصابة بمرض او حادث او نحو ذلك، وانما كانت المؤامرة ضدهم قوية والسكينة مشحوذة والسيف يقطر دما كما يقولون والتخلص منهم من قبل اعدائهم سريع بحيث لا يتحملون بقاءهم الطويل على ظهر هذه الدنيا وبين ظهراني هذا المجتمع الذي يفيدونه ويستفيد منهم. وهذا هو احد الاسباب للغيبة لصاحب الزمان (عجل الله فرجه)، اذ لولا هذه الغيبة لايضا اُلْحق بابائه (سلام الله عليه) وقتل في عصر الشباب وفي عمر الزهور كما يعبرون. بل ان السلطات يومئذ لاحقته وهو حمل. لانهم كانوا قد طرق سمعهم ان امه نرجس حامل عند وفاة ابيه، هكذا كان يطرق سمعهم، فحجزوها في احد البيوت، بيت قاضي القضاة ابن ابي الشوارب اربع سنوات عسى انهم يرون مولودها فيقتلونه او يجهضونها فلم يحصلوا من ذلك على نتيجة بطبيعة الحال لان الامام كان مولودا قبل وفاة ابيه بخمس سنين. لكنه احتمالا عذبوها هذا العذاب الطويل من اجل احتمال ان تكون حامل او في بدء حملها، فاذا علمنا ان جملة منهم يفتون ان الحمل يمكن ان يستمر اربع سنين، فيطبقون فتواهم على ام المهدي (سلام الله عليه).على كل حال.
ثم كبسوا دار الامام العسكري مرتين فلم يجدوا الولد الذي في نظرهم من المحتمل ان يكون موجودا : من المحتمل ان يكون حملا ومن المحتمل ان يكون موجودا. والدولة في ذلك الحين تأخذ كلا الاحتمالين بنظر الاعتبار، وهي من هذه الناحية وان كانت العبارة مو لطيفة ما تقصر من هذه الناحية تضغط من كلا الجهتين في سبيل الشيطان الذي في باطنها. وكلا الحملتين ارسلهما المعتضد العباسي (عليه اللعنة) وهما مرويان في الكتب القديمة وفي تأريخ الغيبة الصغرى الذي انا كتبته. فكيف يمكن له الحياة في مثل هذا المجتمع ؟ اي بشكل ظاهر ؟ لا يمكن الا بالغيبة وقد اعده الله سبحانه وتعالى لمستقبل البشرية لكي يملأ الارض قسطا وعدلا كما ملأت ظلما وجورا.
والمهم الذي اود الاشارة اليه انهم جميعا من ابائه (سلام الله عليه) قتلوا في ريعان الشباب، فكانوا عموما اصغر من آبائهم (سلام الله عليهم) من قبيل اننا اذا لاحظنا عمر الامام الباقر وعمر الامام الصادق وعمر الامام الرضا كانوا متقدمين نسبيا مثلا خمسين او ستين هالحوالي على انه الخمسين والستين هم مو هواي تره، لكنه نسبة اولئك لا، بالعشرين . ومن هنا لاحظوا .. ومن هنا يكون تاريخهم الواصل الينا اقل بطبيعة الحال من اولئك الائمة الذين عاشوا ردحا اطول من الزمن، فتكون اعمالهم واقوالهم اقل بطبيعة الحال. الا ان المهم ان هذا مما لا ينبغي معه التحديد من شأنهم او التقليل من اهميتهم، بل هم على نفس المستوى كلهم من نور واحد سواءا في العمر القليل او في العمر الكثير. بل هم معصومون وفاضلون وكاملون كالائمة السابقين عليهم لا يختلفون عنهم في شيء، ولو كانوا قد استمروا في الحياة لافادوا المجتمع فوائد جلى الاان الظلم والظالمين والايدي الاستعمارية التي كانت تتحرك حتى في ذلك الحين كما ذكرنا في خطبة سابقة عن الدولة البيزنطية الرومانية هي التي اجهزت عليهم وحرمت المجتمع من نعمة فيضهم ولطفهم (سلام الله عليهم)، وادت ايضا الى غيبة الامام المهدي (سلام الله عليه).
الفكرة الثانية: ان الامام العسكري (عليه افضل الصلاة والسلام) كان مسؤولا امام الله سبحانه وتعالى عدة مسؤوليات منها طبعا ما نسميه باللغة الحديثة قيادة المجتمع او قيادة الشيعة من مواليه ومحبيه (سلام الله عليه) والمعتقدين بامامته.
لا الشيء الاكثر والاهم لعله من هذا انه مسؤول عن غيبة ابنه (سلام الله عليه). شيء آخر ايضا مربوط بابنه : تصوروا ان المهدي (سلام الله عليه) اذا كان قد غاب بدون توقع ومن دون ارهاصات ومن دون مقدمات، لاندثر اثره ولنساه الناس بالتاكيد. فلذا تكفل العسكري (سلام الله عليه) مهمة دقيقة جدا بالنسبة الى ابنه (سلام الله عليه) : ان يحافظ على غيبته وان يدل عليه المؤمنين. وهذان طرفان مستقطبان صعبان الجمع بينهما الا بتوفيق من الله. هو موجود ولكنه كأنه غير موجود كيف يمكن ؟ طبعا هو على مستوى المد الالهي والتوفيق الالهي والعصمة الالهية استطاع بكل صورة ان يقوم بكلتا المهمتين بجدارة وصحة.
فمن تلك الخطوات التي اتخذها انه كان يتخفى هو هو وليس ابنه الامام المهدي، العسكري كان يتخفى في بيته ويتصل بالناس عن طريق ثقاته القليلين جدا، ويراسلهم بالمراسلة وليس بالمواجهة، ولا يخرج الى الشوارع الا مرة واحدة في الاسبوع حينما يكون مجبورا ان يذهب الى بيت السلطان، الى بيت الخليفة العباسي عنده براني وكذا وكعده. هو مجبور ان يروح بالاسبوع مرة، ومن الذي يريد ان يراه انما يجتمعون في الطريق حتى يشوفون وجهه ويسلمون عليه ليس اكثر من ذلك والا هو ساد الباب عليه وقافل الباب عليه ميخلي احد يجيه الا الخاصة الذين ينقلون له بعض الاخبار وينقلون له بعض الاموال الحقوق الشرعية بطبيعة الحال . هذا ليس لتقيته الشخصية وان كان هذا صحيح، لا، وانما لتعويد الناس على وضع ابنه الذي سوف يكون في المستقبل. كانما هو يغيب عن الناس غيبة محددة لكي يعود الناس على غيبة ابنه غيبه مطولة. ولولا هذا الاسلوب لما كان الناس يتحملون غيبة الامام المهدي (سلام الله عليه) يعني ينكرونه راسا وينسونه راسا. لاحظوا.
حبيبي الامام المهدي (سلام الله عليه) غائب من اول وجوده الدنيوي الى هذه الدقيقة. حال كونه حملا غائب حال كونه في زمن ابيه غائب حال كونه في الغيبة الصغرى غائب حال كونه في الغيبة الكبرى غائب. هذا اليوم قرأ القاريء في تعزيتنا على اي حال القصة التي بها ولد الامام (سلام الله عليه) لم يظهر الحمل على نرجس الا قبل دقائق من ولادتها حتى اذا فحصها الفاحصون والظالمون يستطيعون ان يقسموا انها ليست حامل هذا هو، وله في ذلك سنة من موسى بن عمران (سلام الله عليه) لان فرعون كان يسقط الحوامل في زمانه. كلوله تره اكو واحدا يوجد في المستقبل ويسقط عرشك، فيملصوهم كلهم يذبوهم بالبلوعة في سبيل ان لا يوجد مؤمن قادر على ذلك في المستقبل.فالله تعالى اخفى الحمل لموسى بن عمران الى ان ولدته ربما قبل ساعة او اقل من ساعة الى حد تقول حكيمة بالنسبة الى المهدي (سلام الله عليه) تقريبا قرب الفجر وهي بعدها ماكو شي اصلا. فناداها الحسن العسكري من غرفته لا تشُكي يا عمة فان امر الله كائن، بهذا المضمون. عُكب شويه بدات تضطرب علمت ان الحمل وجد في جوفها، وولدت وسطع نوره الى السماء.
المهم انه غائب حتى حال كونه حملا وبعدين هم غائب قبل جم واحد شافه فيها روايات : عرضه على خاصة اصحابه (على العين والراس ) ولكنهم خاصة اصحابه ليس اكثر من ذلك، ربما جم واحد، خمسة او عشرة او خمسة عشر ليس اكثر مستحيل يكون اكثر. اما فرشة المجتمع وعامة المجتمع بما فيهم الشيعة والموالين ما رأوا له وجها ولا عرفوا له شخصا، امه تشوفه عمة ابوه (حكيمة) قليلين من الفاحصين عن الامامة بعد العسكري يراويهياه علي بن مهزيار ونحو ذلك يكُله من بعدك فيأتي يحمل صبيا على يديه كأنما دون الكلام اقل من سنة عمره يكُله هذا بعدي فينطق فيقول ما مضمونه لا تطلب اثرا بعد عين. انت صار لك عدة سنوات تدور ميخالف جزاك الله خير لكن الان شفتني صار عينا. عيان، احساس بعد لتطلب اثرا بعد عين فلتظل تدور عليه بيهه ضرر تدور عليّه بالخارج لان الدولة هم دتدور عليّه حبيبي لاحظوا ..
المهم ان الامام العسكري عليه السلام ما قصر من هذه الناحية جدا وقام بتلك المهمتين المتناقضتين خير قيام عرضه على اصحابه الخاصة حتى لا يندرس ذكره واخفاه حتى يبقى ذكره وتخفّى ايضا هو غاب ـ هو الاب العسكري (سلام الله عليه) ـ حتى يعود الناس على الغيبة وكثير من هذه الامور، هذا الذي التفت اليه السيد محمد الصدر وكتبته في تاريخ الغيبة الصغرى لكنه ما واصل اليكم طبعا، محل الشاهد مو هذا لكنه في يوم وفاة الامام (عليه السلام) من المناسب ان نمجد ذكره بمثل هذه المنقبة التي اوجدها (سلام الله عليه) .
بسم الله الرحمن الرحيم
لَا أُقْسِمُ بِهَـذَا الْبَلَدِ ﴿١﴾ وَأَنتَ حِلٌّ بِهَـذَا الْبَلَدِ ﴿٢﴾ وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ ﴿٣﴾ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ ﴿٤﴾ أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ ﴿٥﴾ يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُّبَدًا ﴿٦﴾ أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ ﴿٧﴾ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ ﴿٨﴾ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ ﴿٩﴾ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴿١٠﴾ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ﴿١١﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ ﴿١٢﴾ فَكُّ رَقَبَةٍ ﴿١٣﴾ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ﴿١٤﴾ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ ﴿١٥﴾ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ ﴿١٦﴾ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ ﴿١٧﴾ أُولَـئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ﴿١٨﴾ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ﴿١٩﴾ عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةٌ ﴿٢٠﴾
صدق الله العلي العظيم

ابو علي 22-03-2012 12:45 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة الثالثة عشر 15 ربيع الاول1419
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الاول قبل الانشاء والاحياء والآخر بعد فناء الاشياء. العليم الذي لا ينسى من ذكره ولا ينقص من شكره و لا يخيب من دعاه ولا يقطع رجاء من رجاه.
اللهم اني اشهدك وكفى بك شهيدا واشهد جميع ملائكتك وسكان سماواتك وحملة عرشك ومن بعثت من انبيائك ورسلك وانشأت من اصناف خلقك اني اشهد انك انت الله لا اله الا انت وحدك لا شريك لك ولا عديل ولا خلف لقولك ولا تبديل، وان محمدا (صلى الله عليه واله) عبدك ورسولك ادى ما حملته الى العباد وجاهد في الله حق الجهاد وانه بشر بما هو حق من الثواب وانذر بما هو صدق من العقاب.
اللهم ثبتني على دينك ما احييتني ولا تزغ قلبي بعد اذ هديتني وهب لي من لدنك رحمة انك انت الوهاب. صل على محمد وعلى ال محمد واجعلني من اتباعه وشيعته واحشرني في زمرته ووفقني لاداء فرض الجمعات وما اوجبت علي فيها من الطاعات وقسمت لاهلها من العطاء في يوم الجزاء انك انت العزيز الحكيم.
الحمد لله الذي جعل الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا. لك الحمد ان بعثتني من مرقدي ولو شئت جعلته سرمدا حمدا دائما لا ينقطع ابدا ولا يحصي له الخلائق عددا.
اللهم لك الحمد ان خلقت فسويت وقدرت وقضيت وامت واحييت وامرضت وشفيت وعافيت وابليت وعلى العرش استويت وعلى الملك احتويت. ادعوك دعاء من ضعفت وسيلته وانقطعت حيلته واقترب اجله وتدانى في الدنيا امله واشتدت الى رحمتك فاقته وعظمت لتفريطه حسرته وكثرت زلته وعثرته وخلصت لوجهك توبته فصل على محمد خاتم النبيين وعلى اهل بيته الطيبين الطاهرين وارزقني شفاعة محمد صلى الله عليه واله ولا تحرمني صحبته. انك على كل شيء قدير وانت ارحم الراحمين.
اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
مضى في يوم السبت السابق على ما ببالي انه كان يوم التاسع من شهر ربيع الاول وهو يسمى بالاصطلاح العرفي والمتشرعي بـ(فرحة الزهراء) (سلام الله عليها) وكثيرين من الناس وكثيرون من الشباب يسألون عن معنى هذه التسمية. وانا لا استطيع ان اعطيكم كل المحتملات، الا انه في الامكان ان اعطيكم ما هو الافضل منها وما هو الاحسن متشرعيا ودينيا.
وذلك هو ما قلناه وقاله بعض اساتذتي أيضاً من ان يوم التاسع من شهر ربيع الاول هو اليوم الاول لتولي الامام المهدي (عجل الله فرجه) الامامة بعد ابيه، اليس ان اليوم الثامن من شهر ربيع الاول هو يوم وفاة الامام العسكري (عليه السلام) وبعد الامام العسكري يكون ابنه الحجة المنتظر (عجل الله فرجه) هو الامام بطبيعة الحال، فيكون اول يوم بعد وفاة العسكري (عليه السلام) وهو اليوم التاسع من شهر ربيع اول هو اول ايام امامة امامنا الفعلي والحي والقائم بالمسؤولية تجاهنا في طول الزمان، امامة الامام المهدي (سلام الله عليه).
فنحن نفرح بذلك ويكون لنا عيدا باعتباره الامام الحي والقائد الفعلي والمتكفل للمسؤولية لنا امام الله سبحانه في هذه العصور من حين وفاة ابيه الى عصر الظهور والى وفاته هو (سلام الله عليه) شهيدا مقتولا كما في بعض الروايات.
ولذا يسمى بالقائم يعني انه يقوم بامر الامامة فعلا اي القيم والمتولي والمباشر للمسؤولية حقيقة وتفصيلا من حيث نعلم او لا نعلم.
وكذلك يسمى بصاحب الزمان يعني امير الزمان والحاكم عليه والمتسلط عليه بالسلطة التكوينية والتشريعية على رغم انف من لا يرضى، كما يقال : صاحب دمشق ـ طبعا باللغة القديمة ـ يقال صاحب دمشق وصاحب حلب يعني امير دمشق وامير حلب او قل والي دمشق ووالي حلب فكذلك يقال صاحب الزمان اي والي الزمان وامام الزمان وامير الزمان اي شيء تستطيع ان تقول. والزمان الذي يقصد هنا بطبيعة الحال هو هذا الذي ذكرناه من اول يوم وفاة ابيه (سلام الله عليه) الى يوم وفاته هو مرورا بعصر الغيبة الصغرى وعصر الغيبة الكبرى وعصر الظهور ايضا بطبيعة الحال الى ان يتوفى ويستشهد (سلام الله عليه) ويكون الامر لله سبحانه وتعالى عن الذي يخلفه بطبيعة الحال في ذلك الحين.
وهناك من يسأل انه كيف تفرح الزهراء (سلام الله عليها) أليس نُسميه ( فرحة الزهراء ) يوم فرحة الزهراء كيف تفرح الزهراء ( سلام الله عليها ) وهي متوفاة وهي في دار الاخرة وليست في الدار الدنيا ؟
وجوابه : ان هذا سؤال مادي ممن لا يؤمن بالله ولا باليوم الاخر ولا بالحياة بعد الموت، والا فكثيرون من الاموات حسب فهمي لا ينقطعون عن الدنيا وعن العلم بالاحداث التي تقع فيها وهناك روايات تقول بأن المؤمن يأتي الى اهله كل اسبوع مثلا على شكل طير ابيض او نحو ذلك. فاذا وصلنا ـ اذا كان المؤمن هكذا فكيف بمن هو اعلى منه ـ اذا وصلنا الى مستوى المعصومين (سلام الله عليهم) نجد ان ذلك امر هين لديهم لان لهم السلطة على الخلق كله ومن هنا ورد في الزيارة (اشهد انك ـ ماذا تقرأ في الزيارة ـ اشهد انك تسمع الكلام او تسمع السلام وترد الجواب) وكذلك مثل قوله (انك تسمع كلامي وترد جوابي) يعني : الا انني لا اسمع جوابك انت تجيب الا انني من التدني والضعة وكثرة العيوب والذنوب بحيث اكون محجوبا عن سماع الجواب في الحقيقة. هكذا، والا المسألة ليست كما نتصور لاننا انما معتادون بحدود مكاننا وزماننا ورتبتنا من الكمال المعنوي لو صح التعبير، والا لو انفتح الحجاب لكنا نتخاطب مع الاخرة خطابا مباشرا كما في المعصومين (سلام الله عليهم). فلذا يقول امير المؤمنين (سلام الله عليه) لو ارتفع الحجاب ـ ما مضمونه ـ ما ازددت يقينا، بطبيعة الحال.
ومن الواضح ان الزهراء (سلام الله عليها) واحدة من المعصومين الاربعة عشر (عليهم السلام) فهي تتصف بهذه الصفة بطبيعة الحال التي هي من صفاتهم (سلام الله عليهم)، بل هي من خيارهم ومن احسنهم بالنسبة الى الاربعة عشر معصوم لانها احد اصحاب الكساء الخمسة الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وهؤلاء الخمسة افضل المعصومين الاثنى عشر او قل الاربعة عشر على الاطلاق. فتكون الزهراء سلام الله عليها افضل من التسعة المعصومين من اولاد الحسين بل حتى افضل من الحسن والحسين انفسهم مع علو شأنهم العالي (سلام الله عليهم) وهم يفتخرون، الائمة يفتخرون انها امهم وجدتهم بالرغم من علو مقامهم فهي اولى بثبوت الصفات العالية لها منهم (سلام الله عليها وعليهم).
زين ... فحين علمت بمقتل الحسين (سلام الله عليه) حزنت وهو قول الشاعر دعبل الخزاعي :
افاطم لو خلت الحسين مجدلا .... وقد مات عطشانا بشط فرات
اذا للطمت الخد فاطم عنده .... واجريت دمع العين في الوجنات
الى ان يقول
افاطم قومي يا ابنت الخير واندبي .... نجوم سماوات بارض فلات
وانت لا يخفاك ـ قد يكون انت تكول ـ : بان دعبل يتخيل ويتوهم ان الزهراء (سلام الله عليها) تسمع هذا الكلام ؟ حبيبي .. هذا الكلام سمعه الامام الرضا (سلام الله عليه) لانه تلاه في محضره ولم ينكر عليه بشيء اقره واقرار الامام حجة، فليست الكلمة لدعبل (رضوان الله عليه) فقط بل للامام الرضا كأنها صادرة منه وهو خطاب للزهراء ونعلم انها ترد الجواب.
وهناك عدة روايات تدل على حضور المعصومين (سلام الله عليهم)المعصومين الاربعة السابقين على الحسين، يعني رسول الله وامير المؤمنين والزهراء والحسن (سلام الله عليهم) في عرصة كربلاء، تدل على حضورهم في عرصة كربلاء وخاصة بعد ان انتهت الحرب وحصل القتل الجماعي باللغة الحديثة. اذن فهم يعلمون (سلام الله عليهم) بمقتل الحسين (عليه السلام).
وكذلك تعلم (سلام الله عليها) ـ الزهراء ـ بوفاة الامام العسكري (سلام الله عليه) وتكفل المسؤولية بالنسبة لابنه القائم (سلام الله عليه) فتفرح بامامته وهي في علياء جنانها بطبيعة الحال.
ومن هنا كان هذا اليوم هو فرحة الزهراء (سلام الله عليها)، ليش ؟ لانه الامام الاطول مدة حتى الاكبر واحد من الائمة (سلام الله عليهم) على ما ببالي الامام الصادق (سلام الله عليه) عاش حوالي 65 الى 70 سنة، في حين ان الامام المهدي (سلام الله عليه) الله العالم كم يعيش الى الان حوالي الف واربعمئة سنة لانه الامام الاطول مدة في تكفل المسؤولية عن سابقيه جميعا حتى رسول الله (صلى الله عليه واله).
ولكن الفرح الاعظم ـ لاحظوا احبائي ـ ولكن الفرح الاعظم والعيد الاكبر حقيقة لها ولنا ولكل المؤمنين هو يوم الظهور حين يمن الله سبحانه وتعالى على البشرية المظلومة بارتفاع الظلم وبسط العدل كما قال في الدعاء (اللهم انا نرغب اليك في دولة كريمة تعز بها الاسلام واهله وتذل بها النفاق واهله وتجعلنا فيها من الدعاة الى طاعتك والقادة الى سبيلك (لا انه بها نأكل تمن وقيمة او نركب سوبرات. لا وانما شنو ؟) وتجعلنا فيها من الدعاة الى طاعتك والقادة الى سبيلك وترزقنا بها كرامة الدنيا والاخرة ).
بسم الله الرحمن الرحيم
وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ﴿١﴾ وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ﴿٢﴾ وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى ﴿٣﴾ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴿٤﴾ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ﴿٥﴾ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴿٦﴾ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴿٧﴾ وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ﴿٨﴾ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ﴿٩﴾ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴿١٠﴾ وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى ﴿١١﴾ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْـهُدَى ﴿١٢﴾ وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى ﴿١٣﴾ فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى ﴿١٤﴾ لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى ﴿١٥﴾ الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى ﴿١٦﴾ وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ﴿١٧﴾ الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى ﴿١٨﴾ وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى ﴿١٩﴾ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى ﴿٢٠﴾ وَلَسَوْفَ يَرْضَى ﴿٢١﴾
الجمعة الثالثة عشر 15 ربيع الاول1419
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
اللهم صل على محمد وال محمد واسمع دعائي اذا دعوتك. واسمع ندائي اذا ناديتك واقبل علي اذا ناجيتك فقد هربت اليك ووقفت بين يديك مستكينا لك متضرعا اليك راجيا لما لديك ثوابي. وتعلم ما في نفسي وتخبر حاجتي وتعرف ضميري ولا يخفى عليك امر منقلبي ومثواي وما اريد ان أُبديء به من منطقي واتفوه به من طلبتي وارجوه لعاقبتي وقد جرت مقاديرك علي يا سيدي فيما يكون مني الى آخر عمري من سريرتي وعلانيتي وبيدك لا بيد غيرك زيادتي ونقصي ونفعي وضري. الهي ان حرمتني فمن ذا الذي يرزقني وان خذلتني فمن ذا الذي ينصرني. الهي اعوذ بك من غضبك وحلول سخطك. الهي ان كنت غير مستأهل لرحمتك فانت اهل ان تجود علي بفضل سعتك. الهي كأني بنفسي واقفة بين يديك وقد اظلها حسن توكلي عليك فقلت ما انت اهله وتغمدتني بعفوك. الهي ان عفوت فمن اولى منك بذلك، وان كان قد دنا اجلي ولم يدنني منك عملي فقد جعلت الاقرار بالذنب اليك وسيلتي. الهي قد جرت على نفسي في النظر لها فلها الويل ان لم تغفر لها. الهي لم يزل برك علي ايام حياتي فلا تقطع برك عني في مماتي. الهي كيف آيس من حسن نظرك لي بعد مماتي وانت لم تولني الا الجميل في حياتي. الهي تول من امري ما انت اهله وعد علي بفضلك على مذنب قد غمره جهله. الهي قد سترت علي ذنوبا في الدنيا وانا احوج الى سترها عليّ منك في الاخرى اذ لم تظهرها لاحد من عبادك الصالحين فلا تفضحني يوم القيامة على رؤوس الاشهاد. الهي جودك بسط املي وعفوك افضل من عملي. الهي فسرني بلقائك يوم تقضي فيه بين عبادك. الهي اعتذاري اليك اعتذار من لم يستغنِ عن قبول عذره فاقبل عذري يا اكرم من اعتذر اليه المسيئون. الهي لا ترد حاجتي ولا تخيب طمعي ولا تقطع منك رجائي واملي.
اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
يوجد موضوع الان معاش في الشارع استخرت الله سبحانه وتعالى ان اطرقه في هذه الخطبة فوافقت الخيرة بعون الله سبحانه وتعالى. وهو مناقشة العمل الرياضي عموما في العالم وهذا التحمس المنقطع النظير في مختلف الشعوب والاديان والطبقات، لماذا ؟ ما هو مبرره الديني والاجتماعي والاقتصادي ؟ وقد جاءني في يوم ما ربما قبل اكثر من سنة، احد الشباب المؤمنين. متورع ويسأل عن مسألة شرعية في مسألة مما ترتبط بالملاعب الرياضية بطبيعة الحال. يقول ـ قال لي فيما قال ـ : انا لاعب كرة قدم وان كرة القدم تسري في دمي. قلت له ـ وان كان مو لطيفة ـ بالعامي : اكل (كركري) احسن لك حبيبي ..
والسبب الفقهي الاساسي في ذلك باختصار : انها العاب غير منتجة اجتماعيا لا تعتبر من التجارة والانتاج والاسترباح المشروع، ولا ينتج منها طعام ولا شراب ولا لباس ولا بناء ولا علم ولا تكافل اخلاقي ولا تكافل اجتماعي، وانما هو مجرد اللهو وقتل الوقت ليس اكثر من ذلك. وبذل المال في سبيل ذلك حرام وسحت كما لو كان يعطي المال لمرقص الافاعي او الساحر ونحو ذلك من الامور غير المنتجة. وقد افتى الفقهاء بحرمة اجرة امثال هذه الاعمال. ولو كان كل ربح مشروع لكان الربا جائزا مع انه منصوص على منعه في القرآن الكريم، وبيع الخمر ايضا مثلا يكون جائزا في حين انه منصوص في الكتاب والسنة ومن ضروريات الدين منعه وحرمته وثمنه سحت.
ماذا يحصل في التفكير والعقل من نتائج عقلية او اجتماعية او اقتصادية ماذا يحصل اذا دخلت الكرة في الهدف او لم تدخل ؟ هيج لا اثر له لا انساني ولا اي شيء آخر وانما كل ذلك وهم لا اصل له لا في العقل ولا في المجتمع ولا على اي صعيد.
نعم الرياضة بنفسها مباحة اذا كانت مجانية والتدريب عليها بالمجان ايضا جائز لاجل تربية البدن وقوته او قضاء الوقت بالمباحات، ولكنها مع ذلك مرجوحة اخلاقيا لان فيها طلبا للدنيا وصدا عن ذكر الله سبحانه وتعالى حتى المجانية فضلا عن التي يكتسب بها المال.
زين ... وانما تمسك بها الغرب الكافر ـ هي في الحقيقة جاءتنا من الغرب الكافر ليس اكثر من ذلك، وهم يريدون ان نتصف بصفاتهم يسحبونا إلهم. نكلهم رغما على انفكم انتم اعداءنا ولا نخضع لكم ولا طرفة عين ـ . وانما تمسك بها الغرب الكافر لعدة اسباب:
الاول : انهم فارغون من الوازع الاخلاقي والديني ومن الاعتقاد بالاخرة، فهم يودون قضاء فراغ الوقت بما هو مؤنس ومفرح . وليس لديهم الا الرياضة والالعاب الجماعية، في حين انه في الدين والاخلاق لا يوجد فراغ في الوقت للمؤمن اصلا ولا يوجد وقت الا وفيه طاعة لله سبحانه وتعالى الا اذا كان الفرد من الغافلين.
السبب الثاني : انهم يطلبون الربح بكل سبب. ومن هنا نجد انهم لا يتورعون طبعا، ربح من اي سبب. ومن هنا نجد ان المصارف ربوية وهي محرمة بضرورة الدين. ونجدهم يعملون على اي ربح حتى السرقة، وكثير من طبقات المجتمع تسرق وشركات السرقة في امريكا وايطاليا كالنار على المنار واشهر من ان تذكر، كثيرة.
ومن المعلوم ان الرياضة سبب عظيم للربح، تصوروا : انهم يصرفون عليها الملايين، فكم من الملايين سوف يربحون. والربح الاساسي بذلك انما هو من اخذ اجور الحاضرين في الملاعب والمشجعين، مضافا الى ربح البلدة من وجود الزائرين فيها بهذه المناسبات الفلانية.
السبب الثالث : لا شك ان الحضارة الغربية فيها مظالم ومصاعب ونقائص لسنا الان بصدد تعدادها، الا اننا لا نحس بها بالمباشرة لاننا لا نعيش في ظهرانيها في اوربا وامريكا، وانما يحس بها شعوبها في الحقيقة المعايشة لها. وكلهم، كثير منهم جدا فقراء ومظلومون ومحرومون من ادنى حقوقهم المعاشية والحياتية، ونحن نتصورهم ـ نتخيل من هنا ان كل الشعب هناك وكل الشعوب هناك في هناء وسعادة وعلو، ليست المسألة هكذا بطبيعة الحال ‍! افحص. طبعا شيء معتم عليه، لكنك تستطيع ان تفحص وتجد.
لاحظوا : وافضل طريقة في نظر السياسة الغربية هو إلهاء شعوبهم عن مشاكلهم ومظالمهم لتلافي المظاهرات والاحتجاجات عندهم، ومنع العنف المحتمل عندهم على اية حال. ومن هنا تكثر الملاهي والحانات والسينمات وانواع الرياضة وانواع اللعب.
ثم سرت اساليب الرياضة الينا عن علم منهم وعمد ونحن نجهل بحالنا وبعلاقتنا معهم وتخيلناها شيئا جيدا وحسبناها عزا وفخرا ولم نلتفت ان فيها عبودية وذلا من ناحية، وخروجا عن تعاليم ديننا الحنيف من ناحية اخرى.
والغرب دعم ذلك وايده فينا وفي بلادنا لعدة نتائج :
السبب الاول : الهاء المسلمين عن واقعهم المعاش ومشاكلهم وترك الاحتجاج والمناقشة والعنف وخاصة التغافل عن البلاء الوارد علينا من جانب الغرب الاستعماري نفسه، ومطالبة المسلمين والشعوب المستضعفة بحقوقها.
ثانيا : صد المسلمين عن دينهم فانها سبب (اي الرياضة) سبب واضح لعدة امور ضد الدين كترك الصلاة والصيام واجتماع الجنسين بشكل غير مشروع وابراز الاعضاء الداخلية للرجل والمرأة وهكذا .. وهذا كله مما لا ترضاه الشريعة.
ثالثا : اسقاط اهمية الدين والهدف الديني في نظرنا. الهدف الديني في نظرنا صحيح لكن هذا ينبغي في نظرهم ان يسقط ويتحول نظرنا من الهدف الديني الى هدف مال كرة القدم ! (خزيا لنا وعارا !!) وجعل الهدف الاسمى في نظر الاكثر هو اخذ الاهداف في كرة القدم. واذا كان الهدف هو هذا الهدف فأتعس به كم قال الشاعر :
لقد هزلت حتى بدا من هزالها كلاها
رابعا : منع التكامل لافراد المجتمع في المجتمع المسلم، لان الفرد عندئذ يقضي الوقت كله او اغلبه في لعب الرياضة او التفرج عليها او سماع اخبارها او الذهاب الى الملاعب او السفر اليها، ويبقى الوقت الباقي لديه يقضيه في ضرورات حياته واسرته ولا يبقى لديه وقت آخر لكي يقضيه في تكامله العلمي والعقلي والديني والروحي. وبهذا يخطط الغرب الكافر ان يكون الجهل والتدني هو الصفة العامة للمجتمع في العالم كله وليس على العراق والشرق الاوسط فقط وانما كل الشعوب المستضعفة حتى (يبلعهم ويشرب عليهم الماي . هذا هو). يكونون لقمة سائغة له ولارباحه ولاطماعه ولكبريائه. وبهذا يخطط ان يكون الجهل والتدني هو الصفة العامة للمجتمع في العالم ليسهل للمخططات الاستعمارية التفشي فيها وانجاحها عسكريا واقتصاديا وعلميا وغير ذلك…
فالنصيحة الاكيدة لشبابنا الناهض الواعي ان يلتفت الى مصالح نفسه ومجتمعه ويسقط اهمية الرياضة والرياضيين عن نظر الاعتبار ويخاف الله سبحانه وتعالى فقط. فان كل هذه الدعايات والعنايات انما هي مصيدة له لادخاله في فخ الشيطان ويكون حب الرياضة انما هو حب للمخططات الاستعمارية من حيث نعلم او لا نعلم ونكون قد اعنا الاستعمار الغاشم الظالم على انفسنا وامكناه من بلادنا من حيث نعلم ولا نعلم
فاتقوا الله حق تقاته بالالتزام بطاعة الله والاهتمام بالاهداف الحقيقية للمجتمع وتربية النفس والاخرين تربية صالحة وترك كل ما يرتبط بالشيطان والكفر والكافرين والابتعاد عنه ابتعادنا عن الاجرب فانه يصد عن ذكر الله والاخرة. فهل انتم منتهون ؟!
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿١﴾الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴿٢﴾الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ﴿٣﴾مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴿٤﴾إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴿٥﴾اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴿٦﴾صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴿٧﴾
صدق الله العلي العظيم

ابو علي 22-03-2012 12:46 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة الرابعة عشر 22 ربيع الاول1419
الخطبة الاولى
الفاتحة للمؤمنين والمؤمنات.
امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء. امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء. امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء. امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء.
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
سبحانك ما اضيق الطرق على من لم تكن دليله. وما اوضح الحق عند من هديته سبيله. الهي فاسلك بنا سبل الوصول اليك. وسيرنا في اقرب الطرق للوفود عليك. قرب علينا البعيد. وسهل علينا العسير الشديد. والحقنا بعبادك الذين هم بالبدار اليك يسارعون وبابك على الدوام يطرقون واياك في الليل والنهار يعبدون وهم من هيبتك مشفقون. الذين صفيت لهم المشارب وبلغتهم الرغائب وانجحت لهم المطالب وقضيت لهم من فضلك المآرب. وملأت لهم ضمائرهم من حبك، ورويتهم من صافي شربك. فبك الى لذيذ مناجاتك وصلوا، ومنك اقصى مقاصدهم حصلوا. فيا من هو على المقبلين عليه مقبل، وبالعطف عليهم عائد مفضل. وبالغافلين عن ذكره رحيم رؤوف، وبجذبهم الى بابه ودود عطوف. اسألك ان تجعلني (وجميع المؤمنين والمؤمنات) من اوفرهم منك حظا، واعلاهم عندك منزلا، واجزلهم من ودك قسما، وافضلهم في معرفتك نصيبا. فقد انقطعت اليك همتي، وانصرفت نحوك رغبتي. فانت لا غيرك مرادي، ولك لا لسواك سهري وسهادي. ولقاؤك قرة عيني، ووصلك منى نفسي، واليك شوقي، وفي محبتك ولهي، والى هواك صبابتي، ورضاك بغيتي، ورؤيتك حاجتي، وجوارك طلبي، وقربك غاية سؤلي، وفي مناجاتك روحي وراحتي، وعندك دواء علتي، وشفاء غلتي، وبرد لوعتي، وكشف كربتي، فكن انيسي في وحشتي، ومقيل عثرتي، وغافر زلتي، وقابل توبتي، ومجيب دعوتي، وولي عصمتي، ومغني فاقتي. ولا تقطعني عنك ولا تبعدني منك. يا نعيمي وجنتي ويا دنياي وآخرتي يا ارحم الراحمين.
اللهم صل على محمد المصطفى وعلي المرتضى وفاطمة الزهراء والحسن المجتبى والحسين الشهيد بكربلاء.
اللهم صل على التسعة المعصومين من ذرية الحسين السجاد والباقر والصادق والكاظم والرضا والجواد والهادي والعسكري والحجة المهدي المنتظر (سلام الله عليهم اجمعين).
كان هناك موضوع نطرقه عدة مرات عند عدم وجود مناسبة معينة للحديث.
فالان في الامكان ان ينفتح الحديث عنه وذلك انني ذكرت ان هناك جملة من الادلة المبسطة على وجود الله وحكمته وحسن تدبيره. فالان استمر بنفس الموضوع وقد سبق ان قلت في ذلك ان العقل الانساني اقل من ان يدرك الواقعيات وان يدرك التشريع العادل الحقيقي. وذلك ينتج ان التشريع الحقيقي بيد الله سبحانه وتعالى، لانه كما يعبرون وهو المطلب كذلك اشفق علي وعلى اي فرد من الام والاب واعلم بواقعي وواقع مصالحي ومفاسدي من الام والاب. فمن هذه الناحية من الفخر ومن الاعتزاز ومن الراحة ومن اللطف ان يتمحض التشريع بيد الله سبحانه وتعالى، ليس بيد عبده الذي هو ما معروف من هو وشنو هو لا اقول اكثر من ذلك.
المهم ان هذا التشريع حينما نعرفه موجودا ومستمرا من عصر الاسلام الى يوم القيامة، الا نعلم ان حلال محمد حلال الى يوم القيامة وحرام محمد حرام الى يوم القيامة.
زين ... حينئذ انا اقول وانشاء الله توافقوني ان استمرار التشريع بهذا الشكل وبهذه المدة المطولة جدا التي قد تصل الى مليون سنة او ملايين السنين الله العالم نحن الان الف واربعمية سنة على الاسلام ربما تأتي اجيال تجدنا كأننا قريبين من عصر الاسلام لانه مثلا نصف مليون فاصل، مليون فاصل، مليونين فاصل. الف واربعمائة سنة شنو قيمتها حبيبي ! إحنه قريبين (ذاك اليوم)كان النبي مبعوث صلى الله عليه واله اي باصطلاحهم ( ذولاكه ).
زين ... محل الشاهد ان تشريعا يبقى بهذه السعة في الطول الزماني وفي السعة المكانية ويعالج كل النفوس والعقول وكل المشكلات الاجتماعية وكل المشكلات الاقتصادية وكل المجتمعات على اختلاف لغاتها وارتكازاتها وعاداتها تره الدنيه هوايه هوسة واختلافات متباينة الى درجة عجيبة ـ يأتي واحد من جزيرة العرب يدعي انه انا كفيل العدل عندكم جميعا والى يوم القيامة. كيف يصح ذلك ؟! انما هي معجزة رب العالمين. لاحظوا قاعدة واحدة وكل قواعد الدين كذلك، كمثال (انما احكم بينكم بالبينات والايمان) هل تتخلف لا تتخلف الى يوم القيامة.
مثلا (الا ان تكون تجارة عن تراض منكم * ما جعل عليكم في الدين من حرج) وهكذا (لا تنقض اليقين بالشك) كل هذا موجود وساري على كل الافراد مسلميهم وكفارهم لان لا اقل المشهور وانا اعتقد ان الكفار مكلفون بالفروع، فاذن القواعد الدينية تسري عليهم رغما عليهم من حيث يعلمون او لا يعلمون ويجب عليهم امتثالها ويعاقبون على تركها.
المهم ان من اهم معجزات النبي (صلى الله عليه واله) الاتيان بالتشريع العادل الكامل المستمر والواسع بهذه السعة العظيمة حقيقة هكذا.
وقد طُبق طبعا في زمان النبي (صلى الله عليه واله) ولم ير الناس منه الا الخير والسعادة، بالرغم من ( يعني شنو ) قلة واردهم الاقتصادي وضعف نفوسهم الا انه مع ذلك لم يروا منه الا الخير والسعادة والعدل.
وطُبق ايضا في زمان امير المؤمنين (سلام الله عليه) ولم ير منه الناس والمجتمع الا الخير والعدل والسعادة. وسوف يطبق في زمن الامام المهدي سلام الله عليه وسوف لن يرى منه المجتمع الا العدل والسعادة والرفاه.
يأتي بالدين كما انزل على رسول الله (صلى الله عليه واله) ويأتي بالقرآن كما انزل على رسول الله (صلى الله عليه واله) ويأتي بالعدل كما انزل على عهد رسول الله (صلى الله عليه واله) هالشكل. يأتي بالاسلام الواقعي من جميع الجهات. فكيف نتصوره فيه ظلم ؟ مهما قل لا يمكن ولا قدر شعرة بالاصطلاح.
زين الان ايضا يمكن ان نلتفت الى شيء بسيط حاصله شنو ؟ ان القرآن هل تجد فيه امرا بظلم او باعتداء او بعداوة او بغمط حق لاي واحد من اهل الحق او المترافعين او المتخاصمين من البشرية اجمعين ؟ اليس ان الله تعالى يقول ـ اذا كنت احفظ الآية ـ (ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تتقون)نحو ذلك من الكلمات. القرآن مليء بهذا. نتحدى اي واحد انه يأتي بآية قرآنية مخالفة لمثل هذا الاتجاه اللطيف والعادل ! لاحظوا : في حين ان المشرع القانوني يعجز عن مثل ذلك انما هو بشر، انما هو ناقص كما انا وانت ناقصين، انما هو فيه النفس الامارة بالسوء كما هو موجود عندي وعندك، ليس اكثر من ذلك. فقانونه كائنا من كان على وجه البشرية وفي اي جيل من الاجيال انما يكون شنو ممثل لشخصيته وارائه. محل الشاهد مو هذا ومن هنا ـ النتيجة هجي تصير ـ هاي ماشية انه شنو ؟ تحديث (بناءا على ما قلناه في المادة الفلانية من القانون الفلاني فانه يتعدل الى كذا وكذا) ثم يعدلوه ثم يعدلوه ثم يعدلوه .. ليش ؟ لان التجارب تثبت خطأ الشكل الاول من المادة ثم يعدلوه فتثبت التجارب خطأ الشكل الثاني من المادة ثم يعدلوه فتثبت التجارب خطأ الشكل الثالث من المادة وهكذا الى ان يثبت فشلهم مائة بالمائة. سبحان الله.
ولن يثبت اي فشل مهما قل او كثر للتشريع العادل الحقيقي الالهي جل واضعه ومشرعه وجل مبلغه الذي هو رسول الله (صلى الله عليه واله).
ومن جملة المعجزات التي هي مشهورة طبعا ومتسالمة بين المتشرعة والمسلمين : القرآن الكريم، وهو معجزة لا زالت قائمة. حبيبي : هو تحدى البشر اجمعين من عصر رسول الله (صلى الله عليه واله) والى يوم القيامة بثلاث تحديات:
اولا: ان يأتوا بمثله اي بمثل القرآن.
ثانيا: ان يأتوا بعشر سور مثله مفتريات اقل اذا (ما بيك حيل) كل القرآن فآت بعشر سور فقط. زين ... لا اذا (ما بيك حيل) جيب سورة واحدة (بسورة واحدة) وان كانت شنو ؟ مساوية لأصغر السور ( هم ميخالف ) . يعني تسقط حجة القرآن اذا جبت وحدة منه ، هذا هو ، وما اكثر الاعداء في كل جيل والى يوم القيامة لربما ممن يتمنى سقوط حجة القرآن ودليل الاسلام، خلي يجيبون سورة بكد سورة الكوثر، بكد سورة النصر، بكد سورة قل هو الله احد ! التحدي موجود، أي واحد منكم خلي يجرب. يكدر ؟ اي واحد. الان الزم القلم واكتب ! مستحيل حبيبي .. هو هذا معنى الاعجاز حبيبي شامل حتى للسيد محمد الصدر في هذه الثانية وكل البشرية على الاطلاق. سبحان الله. هو هذا معنى الاعجاز : ان الناس على مختلف ثقافاتهم وعقولهم وافكارهم ومجتمعاتهم وكيت وكيت ما شاء الله اوصاف البشرية على اختلاف ملايين الاحتمالات لا تستطيع ان تأتي بسورة من مثله الذي هي اقل السور واصغرها ثلاث ايات اربع آيات بس. صغيرة هم مو جبيرة. معجزة حقيقية. اي واحد يستطيع ان يأتي بمثله ويرتد عن الدين ! ونحن لسنا اعداء الحقيقة. نحن كلنا نرتد عن الدين. لكن لن يكون ذلك ابدا الى ان ينفخ في الصور وهذا كلش كافي.
زين نفس الاتجاه اننا سمعنا ـ لاحظوا ـ اننا سمعنا اقوال البلغاء والعظماء والمعصومين وسمعنا اقوال الادباء، لم نجد شيئا مثل القرآن. كلام رسول الله ليس مثل القرآن، كلام امير المؤمنين في نهج البلاغة، الا يوجد نهج البلاغة ؟ نسخته موجودة بين ايدينا ليس مثل القرآن (دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق). الادباء القدماء افترضوا الجاحظ في البيان والتبيين او المحدثين طه حسين مثلا او عباس محمود العقاد او اي واحد او الشعراء مهما كان بليغا افترض شوقي او حافظ ابراهيم، يأتون بشيء يشبه القرآن من قريب او بعيد ؟! حاشا لله وحاشا لرسوله.
محاولات صارت في التشبه بالقرآن انه انا جبت قرآنا تعالوا انظروه هذا قرآن، اوضحها اثنين واشهرها اثنين : محاولة مسيلمة الكذاب قبحه الله ومحاولة علي محمد الباب قبحه الله ايضا والبابية لا زالوا موجودين ويقدسون علي محمد وكتابه. حبيبي كلما كتب في هذا الصدد فهو من المضحكات المبكيات ليس له اساس اطلاقا ـ مو لطيف ابد ـ اقول بانه : هؤلاء كشفوا عورتهم واظهروا نقصهم وتدني تفكيرهم في مثل هذه الكتابات المزعجة المتدنية الضحلة. مو تشبه القرآن انت تقول تشبه القرآن على العين والرأس، لا تشبه حتى شنو ؟ حتى الكلام الاعتيادي الادبي اللطيف دون المتوسط بكثير سبحان الله .. حتى يري الله البشرية ان هذا هو التقليد الذي حاوله الناس سبحان الله. فليرقى الى واحد بالالف من مستويات القرآن. ما ممكن حبيبي.
هذا معناه شنو ؟ ان القرآن معجزة خالدة في كل يوم في كل مطلع شمس وفي كل مغرب شمس وفي كل ليل وفي كل نهار هذا الاعجاز قائم .تريد ترده ، اهلا بك وسهلا موجود. الزم القلم واكتب قرآن (فنك)ولن تستطيع ولن يستطيع احد.هذه هو
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ﴿١﴾ وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا ﴿٢﴾ وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا ﴿٣﴾ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ﴿٤﴾ وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا ﴿٥﴾ وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا ﴿٦﴾ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ﴿٧﴾ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴿٨﴾ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ﴿٩﴾ وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ﴿١٠﴾ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا ﴿١١﴾ إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا ﴿١٢﴾ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّـهِ نَاقَةَ اللَّـهِ وَسُقْيَاهَا ﴿١٣﴾ فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا ﴿١٤﴾ وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا ﴿١٥﴾
صدق الله العلي العظيم
الجمعة الرابعة عشر 2 ربيع الاول1419
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي ليس ليس لقضائه دافع ولا لعطائه مانع ولا كصنعه صنع صانع وهو الجواد الواسع فطر اجناس البدائع واتقن بحكمته الصنائع لاتخفى عليه الطلائع ولا تضيع عنده الودائع اتى بالكتاب الجامع وشرع الاسلام النور الساطع جازي كل صانع ورايش كل قانع وراحم كل ضارع منزل المنافع والكتاب الجامع بالنور الساطع وهو للدعوات سامع وللكربات دافع وللدرجات رافع وللجبابرة قامع فلا اله غيره ولا شيء يعدله وليس كمثله شيء وهو السميع البصير اللطيف الخبير وهو على كل شيء قدير.
سبحان الله قبل كل احد وسبحان الله بعد كل احد وسبحان الله مع كل احد وسبحان الله يبقى ربنا ويفنى كل احد. وسبحان الله تسبيحا يفضل تسبيح المسبحين فضلا كثيرا قبل كل احد وسبحان الله تسبيحا يفضل تسبيح المسبحين فضلا كثيرا بعد كل احد وسبحان الله تسبيحا يفضل تسبيح المسبحين فضلا كثيرا مع كل احد وسبحان الله تسبيحا يفضل تسبيح المسبحين فضلا كثيرا لربنا الباقي ويفنى كل احد وسبحان الله تسبيحا لا يحصى ولا يدرى ولا ينسى ولا يبلى ولا يفنى وليس له منتهى. وسبحان الله تسبيحا يدوم بدوامه ويبقى ببقائه في سني العالمين وشهور الدهور وايام الدنيا وساعات الليل والنهار وسبحان الله ابد الابد ومع الابد مما لا يحصيه العدد ولا يفنيه الامد ولا يقطعه الابد وتبارك الله احسن الخالقين.
من جملة ما يندرج في الادلة التي قلتها على حسن تدبير الله سبحانه وتعالى : انني اعتقد ان هناك عدد معتد به كما يعبرون عدد كثير من الظواهر الكونية والطبيعية يعجز عن تفسيرها العلم الطبيعي، العلم الاوربي التي بشرت به ودعت اليه المادية الاوربية يعجز عن تفسيره.
فاذا استطعنا ان نعطي باليد، في الحقيقة، مثل هذه الامثلة فقد ثبتت الحكمة الالهية والتدبير الالهي.
في الحقيقة : اتجاههم يميل ( الاتجاه الاوروبي ) يميل الى ان نفهم وتفهم انه ليس هناك علم الا علمهم، وان اهم العلوم هو العلوم الطبيعية التي يبشرون بها. مثلا شيء علمي يعني شنو ؟ يعني علمهم، مطلب علمي كتاب علمي هذا علم باصطلاحهم Science بالانكليزي هذا هو المقدس الاعظم . حبيبي هذا غلط ، غلط محض، انما هو من الانانية والتكبر ليس اكثر من ذلك محاولة فرض الشخصية على الاخرين على الشعوب المستضعفة ليس اكثر من ذلك. عندهم علم ، ميخالف، علم نفعوا به الناس الى حد ما وان كانوا اضروا ايضا، لكن نفعوا الى حد ما. عندهم علم ولكن عند الاخرين علم ايضا. العلم مو منحصر بعلمهم حبيبي. كثير من العلوم همه يعلموها ويتداولون قسم منها ومع ذلك ينكرون وجودها. شوف : اليست الفلسفة علم اليس الفقه علم اليس علم الكلام علم. زين اكو سنخ آخر من العلوم ايضا هي علوم ولكنها مخفية : العلوم الغريبة السحر علم. ما يصطلح عليه بالقديم الكيمياء علم ، الفيزياء علم تحضير الجن علم والى اخره كلها علوم ، زين انت تفتخر بعلمك وتجهل العلوم الباقية ، اذن انت جاهل ولست بعالم عرفت شيئا وغابت عنك اشياء ، هذا هو ، وليس كما تدعي أنك عندك العلم كله ليس كذلك طبعا .
زين ، الخطوة الاخرى هنا ان علمهم دنيوي طبعا علوم الدنيا الفلك والطب والفيزياء والكيمياء هي بالدنيا اكو غير مكان لكن علومنا للدارين ولكل ما تقر به العين (كول لا !). اذا كانوا هم لا يؤمنون بالأخرة نحن نؤمن بالأخرة نحن وجدنا ليس لهذه الخمسين سنة والمية سنة التي نعيشها هنا، (خذ من ممرك لمقرك) انما الدنيا مزرعة الاخرة ومحطة الاخرة وليس هي الرئيسي في الموضوع. زين ، اي علم اصبح اوسع ؟ العلم الذي يختص بفترة قليلة او العلم الذي يختص بفترة طويلة بمعنى من المعاني علم لا نهائي علم الكون، عالم الامكان الذي هو اعم واوسع من الدنيا والاخرة. فحينما نقول لهم علمت شيئا وغابت عنك اشياء حبيبي. شوف : يعني ان الاشياء اللي غابت عنهم اكثر من الحد والاحصاء هم يعرفون شيئا وما لا يعرفونه لا نهائي لان العلم الواقعي لا نهائي ونسبة الواحد الى اللانهائي صفر اذن هم جهلة صرف ، هذا هو ، رغما عليهم رضوا او ما رضوا. هذا هو .
الان نأخذ بعض الامثلة : نأخذ الاحساس بنظر الاعتبار التفاحة لها لون ولها وزن، ولها ملمس، ولها كثافة، انها لينة ونحو ذلك من الامور كلها تُحس نتنزل يعني هم يقولون بان هذه الاعضاء الجسدية هي التي ترى وتسمع وتحس ميخالف وان كان الصحيح لا، وانما الروح هي التي تعمل ذلك عن طريق الاعضاء الجسدية لكن اذا تنزلنا وحتى اذا تنزلنا عن هذه الجهة يبقى شيء وهو ما يسمى بالحس المشترك في علم الكلام والفلسفة، لان هذه المعلومات : ثقل التفاحة ولونها وحجمها وكثافتها ونحو ذلك تجتمع في النفس فارى التفاحة بكل خصائصها. هذا الحس المشترك لم يستطيعوا تفسيره بطبيعة الحال. العين ترى افترضوا العين المادية ترى الاذن المادية تسمع ولكنه الحس المشترك ايضا مادي منين بالله موجود ؟ انما هو فهم معنوي بتوفيق الله ورحمته لأجل رؤية الشيء بكل خصائصه ومعرفته بكل خصائصه. فلذا ليس عندهم ما نسميه بالحس المشترك اصلا ما موجود هجي شيء في العلم الطبيعي مع العلم لا يمكن ان تفسر كل الاحساسات لأي بشر ولأي حيوان الا بالحس المشترك لأنه تجي الاحساسات مبعثرة حبيبي الشوف وحد السمع وحد اللمس وحد الذوق وحد من قال انها مجتمعة فنصبح من قبيل السفسطائيين في داخل انفسنا اي المشككين في كل الحقائق ما لم تجتمع ويحصل لنا علم واطمئنان حقيقي وقناعة بان هذه الامور مجتمعة وان هذا الكتاب بنفسه ازرك ـ انا ما ارى زرقة معلقة بين الارض والسماء، وانما في هذا الكتاب بالتعيين. حتى شنو ؟ حتى انه ادرك الواقع على واقعه، واقع ضيق ولكنه اذا كان حس مشترك ماكو يذهب الواقع كله. شوف ، والعلم المادي لم يقدم ما يسمى بالحس المشترك.زين ،
الشيء الثاني : الذاكرة، الذاكرة ، شلون تتفطن الاشياء حبيبي انت .. وين هذه الاشياء ؟ ملايين الاشياء مخزونة بالاستدعاء تأتي مجرد ان تلتفت تتفطنها، سبحان الله. خلايا المخ ـ هو كله وزنه كيلو، كيلو ونصف حبيبي ـ شيريد يصير خلايا المخ حبيبي مع ذلك يتذكر ملايين الامور التي مرت عليك والتي لم تمر عليك والتي سمعتها من التاريخ القديم ومن المكان البعيد ومن كيت وكيت وكيت. كولت واحد : انا احفظ الاف الارقام للتلفونات والاف الارقام لخطوط الباصات ونحو ذلك من الامور، والاف اسماء المدن والعواصم والدول والى اخره. سبحان الله هذا اين يجتمع ؟ هل قرص ليزري يجتمع يوجد بداخل الانسان قرص ليزري، اعظم واعظم واجل واكرم يعجز عنه جميع كمبيوترات العالم ، زين ، العقل البشري لا يعادله عقل لان ذاك من عمل الروح وليس من عمل الجسد ولو كان من عمل الجسد لفشل وبالان عطل في حين انه الروح لا تعطل. طبعا هذا الجسد نسبته الى الروح نسبة الحجر هذا الذي نلقيه في القبر ونستغني عنه ليس اكثر من ذلك مادة يعني مادة اذا كان هذه الخشبة تعي، اذن شنو ؟ اذن لحمي ودمي يعي. الم تسمعوا قول امير المؤمنين سلام الله عليه ما مضمونه القريب : اعجبوا من خلق الانسان يرى بشحم ويسمع بعظم ويتكلم بلحم (وهو اللسان) ويتنفس من خرم (وهو الانف). كيف صار ذلك الا بقدرة الله سبحانه وتعالى.
شيء بسيط لا اريد ان اطيل عليك : ان الانسان لويش يتثاوب ؟ التثاؤب هل شيء خرافي ؟ يعمله كل احد منا، هُمه ماذا يجيبون في تفسير التثاؤب ؟ لا يمكن، بعض الاحيان ان الانسان تحتاج رئته الى مزيد من الهواء. خوب ميخالف. هذا على العين والرأس. فلماذا الانسان يفتح فمه بشكل يعجز عن اغلاقه سبحان الله ويأخذ الهواء الذي يعجز عن رده ؟ ما كان يمكن انه يحال على اختياره، انا اشعر هواء فأتنفس فد نفس كبير وينتهي الامر فتثاؤب الذي يفرض عليّ فرضا كأنما. لماذا ؟ سبحان الله، الله تعالى يبرز قدرته في ذلك اذا كنت عندك شيء من القوة ادفع عنك التثاؤب ولن تستطيع سبحان الله ((لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له)) ولن يدفعوا عنهم ضرا ولم يجلبوا لأنفسهم نفعا اطلاقا هذا التكبر والـ(انا انا) سحق محق (هيج) وهم صرف لا اثر له اطلاقا امام قدرة الله وحكمة الله وعدل الله وقهر الله وسيطرة الله. هيج، هيج.
زين ، لزمتك (فهيكة) ـ هيء ـ تسويهه باستمرار لا تستطيع ان تردها سبحان الله ! (كول لا !).من منكم لم يجربها ؟ ما هو تفسيرها الاوربي ؟ سبحان الله.
على كل حال. هاي هيه .
بسم الله الرحمن الرحيم
(طلعت بالمناسبة هاي السورة هواي لطيفة)
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴿١﴾ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ﴿٢﴾ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ﴿٣﴾ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ ﴿٤﴾ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ﴿٥﴾ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴿٦﴾
صدق الله العلي العظيم

ابو علي 22-03-2012 12:46 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة الخامسة عشر 29 ربيع الاول 1419 هـ
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله الطيبين الطاهرين
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سبحان من لا تبيد معالمه ، سبحان من لا تنقص خزائنه ، سبحان من لا اضمحلال لفخره ، سبحان من لا ينفد ما عنده ، سبحان من لا انقطاع لمدته ، سبحان من لا يشارك أحدا في أمره ، سبحان من لا إله غيره.
يا من عفى عن السيئات ولم يجاز بها ، إرحم عبدك يا الله نفسي ، نفسي ، أنا عبدك يا سيداه انا عبدك بين يديك أيا رباه ، إلهي بكينونيتك يا أملاه يا رحماناه يا غياثاه عبدك ، عبدك ، لا حيلة له ، يا منتهى رغبتاه يا مجري الدم في عروقي يا سيداه يا مالكاه يا رباه ، عبدك ، عبدك لا حيلة لي ولا غنى بي عن نفسي ولا استطيع لها ضرا ولا نفعا ولا أجد من أصانعه تقطعت أسباب الخدائع عني واضمحل كل مظنون عني ، افردني الدهر اليك فقمت بين يديك هذا المقام يا إلهي بعلمك كان هذا كله فكيف أنت صانع بي وليت شعري كيف تقول لدعائي أتقول نعم ، ام تقول لا ، فان قلت لا فيا ويلي يا ويلي يا ويلي ، يا عولي يا عولي يا عولي ، يا شقوتي يا شقوتي يا شقوتي ، يا ذلي يا ذلي يا ذلي ، الى من ، وممن ، او عند من ، او كيف ، او ماذا ، او الى اي شيء الجأ ، ومن ارجو ومن يجود علي بفضله حين ترفضني يا واسع المغفرة ، وان قلت نعم كما هو الظن بك والرجاء لك فطوبى لي أنا السعيد وأنا المسعود فطوبى لي وأنا المرحوم يا مترحم يا مترأف يا متعطف يا متحنن يا متملك يا مقسط لا عمل لي ابلغ به نجاح حاجتي ، اسألك باسمك الذي جعلته في مكنون غيبك واستقر عندك فلا يخرج منك الى شيء سواك اسألك به وبك وبه فانه أجل واشرف اسمائك ، لا شيء لي غير هذا ولا احد اعود علي منك.
اللهم صل على محمد واله الطيبين الطاهرين.
توجد ملاحظة اود بيانها قبل الابتداء بالشيء الرئيسي في الخطبة.
في الحقيقة البلاء الدنيوي اذا لاحظناه منسوبا الى قضاء الله وقدره كالفقر او التعرض للشمس او انقطاع الماء او انقطاع الكهرباء وان كان صعبا ويحتاج الى صبر وجلد ومعاناة الا انه يحدث نتائج طيبة في الدنيا والآخرة معا.
اما في الآخرة فعلو الدرجات وكلما كانت الدنيا أصعب وبلاؤها اكثر كانت الآخرة اسهل وكلما كانت الدنيا ادنى كانت الآخرة أعلى ، ولنا أسوة بالحسين (عليه السلام) الذي قيل له: (لك مقامات لن تنالها الا بالشهادة) ، اي الا بالمصاعب الدنيوية الشديدة وهو ما وقع في حادثة الطف.
وأما فوائدها في الدنيا فهي قوة التحمل فان طاعة الله لو لوحظت عموما احتاجت الى تحمل عالي جدا وصبر حقيقي وليست طاعة الله في الصوم والصلاة فقط ، ومن هنا فمن الراجح جدا ان لا نكون كما يقولون باللغة العامية ، بزر چكليت ، وقليلين التحمل بل نكون صابرين وصامدين تجاه طاعة الله سبحانه وتعالى والمهم اننا لا نكون متخاذلين وغير متعودين على المصاعب وإنما موكولين الى الرفاه والراحة ونحو ذلك من الأمور والبرد والظل .
فأمثال هؤلاء في الحقيقة ، غير ممحصين وغير صابرين وفي الامكان ان يتركوا طاعة الله في اية لحظة حينما تراد منهم اية صعوبة ، لاحظوا لأنه سوف يواجه ضغطا نفسيا عاليا في صعوبة العمل وصعوبة ان يترك دنياه لآخرته ويغض النظر عن العاجل لأجل الآجل.
وأما واحد مثل اي واحد من عدنا نگدر نگول مثل سيد محمد الصدر الذي ليس له دنيا لو صح التعبير، اعتاد على مصاعبها والآمها وحرها وبردها وشمسها وظلها وصيفها وشتائها وانقطاع مائها وانقطاع كهربائها فسوف يكون مستعدا لطاعة الله سبحانه مهما كان الأمر ومهما غلى الثمن لأنه صبر عند المحنة الدنيوية فلماذا لا يصبر عند المحنة الأخروية فهو متدرب على الصبر وناجح في التجربة.
ومن هنا فهذه المصاعب ، ان نسبناها الى المخلوق والمسبِب كان مسؤولا بطبيعة الحال ، واما اذا نسبناها الى الله سبحانه وتعالى فهو لا يريد بنا الا الخير ، إلا انه يريد بنا طاعته والتكامل نحو كماله ونوره ويريد لنا الجنة بطبيعة الحال.
واذا التفتنا الى ان الله سبحانه وتعالى لا يكلف نفسا الا وسعها من البلاء الدنيوي ، فيجب ان نفتخر ان الله سبحانه وتعالى رأى فينا جدارة التحمل لهذا البلاء الكبير لكي يدربنا للمهام التي قد تراد منا في هذه الدنيا مع العلم بتوقع الظهور اجمالا صباحا ومساءا ، فاذا ظهر الإمام (سلام الله عليه) فسوف نكون بخدمته أياً كان طلبه وسؤاله.
على العموم أنا أعتقد ان الاستعمار يريد بهذا الطريق وبهذه الضغوطات والبلاءات ان يذل إرادتنا وان ينقص همتنا وان يبعدنا عن ديننا ، لا ، حسب الطبع الانساني وليس لأجل شيء خاص بنا او بسيد محمد الصدر ان الانسان اذا صبر يتدرب على الصبر ويكون صبره اكثر وصبره أشد وارادته للهدف الحقيقي أعظم ، فينقلب عما ارادوا الى ما يريد الله سبحانه وتعالى وليس الى ما يريده سيد محمد الصدر.
الآن لأجل تذكر انقطاع الكهرباء الآية الكريمة :
(أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) ، (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) ، (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) ، (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ).
الآن لعود الكهرباء طبيعيا في كل العراق بأعلى اصواتكم الصلاة على محمد وال محمد ، أعيدوها ثانية بأعلى اصواتكم جزاكم الله خيرا ، أعيدوها ثالثة وثوابكم على الله ورسوله وفاطمة الزهراء .
الشيء الذي كنا نقوله كمادة مستمرة في كثير من هذه الخطب هو مناقشة الماديين وإثبات تدبير الله سبحانه وتعالى في كونه ، وكان العنوان الاخير التعرض الى تلك الأمور التي عجز العلم الاوربي الحديث او العلم الطبيعي عن تفسيره.
من جملتها: جريان الدم وضربات القلب ، اما سألت نفسك او سألك احد ، أنه لماذا يجري الدم ولماذا يضرب القلب او يتحرك او ينبض؟ ، لماذا؟ ، غير احنه نسألهم ، نسأل الماديين الطبيعيين ، بالله شيفسروه؟ ، ربما يجيبون على اوضح احتمال ان الدم يجري لأجل ضربات القلب ، ان القلب يضخ الدم في الجسم ، گول لا ، فلماذا يضرب القلب وبأي سبب يتحرك ، اهنا يجي ايگلنه بالعكس ، ان الدم يجري فيحرك القلب ، هذا صار سببا لهذا وهذا سبب لهذا ، وهذا هو الدور بعينه باصطلاح المنطق ان أ يتوقف ب ، وب يتوقف على أ ، فلا يوجد لا أ ولا ب ، تصير المسألة مستحيلة ، فلا ان جريان الدم بسبب ضربات القلب ولا ضربات القلب بسبب جريان الدم ، لاحظوا ؟.
نسألهم ان اليد تكون ممتدة هكذا او الرجل او الجسم يجري فيها الدم اعتيادي على العين والرأس شكرا لفضل الله ، الآن عگفها ، نلويها عدة التواءات فماذا يحدث للدم هل يختلف بمقدار واحد بالمية او واحد بالألف ، لو كانت صوندة ملتوية يختلف فيها جريان الماء بطبيعة الحال فلماذا لا يختلف بالنسبة الى اليد والرجل حينما تلتوي او الجسم حينما يلتوي؟ ، لو كان القلب هو السبب كمضخة او كمحرك ، لاختلف أثره بطبيعة الحال ، مع العلم انه يقينا انه لا يختلف اثره بطبيعة الحال.
زين ، الشيء الآخر في الدم ايضا: ان الدم يتوزع في كل أعضاء الجسم الداخلية والخارجية من شحم وعظم ولحم وجلد ، ميخالف ، صحيح ، زين مجاريه في هذه الأمور، في هذه الاعضاء هم هيجي عروگ غليظة ، حبيبي ، مجاري شعرية في غاية الدقة بحيث لا ترى الا بالمجاهر المكبرة ، گول لا ، هذا يعترفون بيه.
زين الدم سائل كالماء او ثخين؟ ، أنا اگول ثخين ، بيه كريات حمر وبيه كريات بيض ، زين هذا السائل الثخين الذي ، خابط ، به اشكال مختلفة من المكونات هل يستطيع ان يدخل في المجاري الشعرية الضيقة جدا ، وان كان هي مو لطيفة بالعامي ، متحشر بيه هاي الكريات البيض والحمر تحشر بالمجاري؟، لأن هي مو اكبر منها حبيبي ، أصغر من كريات الدم الحمراء والبيضاء كيف تدخلها كريات الدم الحمراء والبيضاء؟ ، تحشر بيه بطبيعة الحال مع العلم انه متحشر بيه ، يتوزع بنحو كامل وصحيح وسليم من قمة الرأس الى أنزل القدم ، گول لا ، سبحان الله .
زين الشيء الآخر في الدم ، وان كان قصة بسيطة : في يوم ما ، أنا عندي اطلاع على العلوم العامة ، زين الجهاز الهضمي موجود يبدأ من الفم وينتهي بفتحة الشرج كما يعبرون ميخالف ، زين الجهاز البولي هم موجود يبدأ بالكلية وينتهي بمصب البول هم ميخالف ، ما الربط بينهما؟ ، هل يوجد قناة من الجهاز الهضمي الى الجهاز البولي؟ ، لا يوجد ، زين كيف ينتقل الماء من المعدة الى الكلية؟ ، من الذي سأل نفسه هذا السؤال؟ ، جوابه الاعتيادي انه عن طريق الدم ان الكلية تحلل الماء يمر فيها الدم فيتحلل الى ماء ويتجمع على شكل بول ثم يراق ، ميخالف هذا ايضا نقبله ، محل الشاهد مو هذا ، الحليب الذي يشربه الرضيع اشلون يصير؟ ، ايضا عن طريق الدم ؟، الدموع منين تجي؟ ، ايضا عن طريق الدم ؟ ، مخاط الانف من اين يجي ؟ ، ايضا عن طريق الدم ؟ ، هاي اشصار الدم حبيبي ، تتصور هذا طبيعي او معجزة؟ ، يكفي ، هسة خلي انگول ، طبعا يگولون النه انه اكو غدد تأخذ ما تحتاج ، واحد يأخذ السائل البولي ، واحد يأخذ الدمع وواحد يأخذ الحليب واحد يأخذ الكيت ، واحد يأخذ الكيت ، زين ما الفرق الحيوي الحقيقي بيننا وبين الله ، بين هذه الغدة وهذه الغدة وهذه الغدة ، لماذا هذه الغدة عملها هذا وهذه الغدة عملها هذا وهذه الغدة كذلك؟ ، إنما هي بعناية الله ليس له تفسير طبيعي حبيبي السوائل المأخوذة من الدم اهواية ، البول والحليب والدم ومادة الاذن ومادة الانف ومادة الفم والعَرَقْ بعد شنو الله العالم ، ربما انا الان نسّاي ربما تضيفون الى نهاية العشرة او اكثر ، كل المواد التي تبرز من الجسم انما هي شنو؟ ، من الدم مأخوذة بطبيعة الحال ، فهذه هي آية من آيات الله سبحانه وتعالى.
زين الآن ننظر الى القلب الذي هو منشأ ضخ الدم ، ما هو القلب؟، هذا القلب الذي باصطلاح القدماء العضو الصنوبري الذي يضخ الدم ، الشيء الذي احنة انطلعه من الخروف او البقرة انشوفة اعتيادي قلب.
زين ، الله تعالى ساكت لو يحچي؟ ، طبعا عنده قرآن ، نسمع منه :
(فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46) ، ما هو الذي يعمى؟، هو هذا الذي يضخ الدم يعمى؟، اذن انت اعمى وكل من يفهم هذا الكلام هو اعمى ، معنى ذلك ان القرآن يصطلح على القلب او بالقلب على وجود آخر غير هذا الوجود الذي يضخ الدم ، شوف لاحظ ، اليس انك عند الحزن تشعر بكربة في منطقة قلبك ، اليس عند الشك والوسوسة تحس في صدرك وسوسة وحركة ، اليس عند الخوف والفزع تشعر بسقوط قلبك حتى اننا نقول ، گلبي وگع ، اليس تحس بوجود الحب في قلبك ووجود البغض في قلبك ووجود الرغبة في قلبك ونحو ذلك؟ ، وهذا ليس من وظيفة المخ ، المخ وظيفته الادراك ، واما العواطف فمن وظيفة القلب وليس من هذا القلب المادي او بمعنى آخر القلب الذي تفهمه اوربا ، لا ، لا ، القلب الذي يفهمه الله واولياؤه ذاك الذي هو يقود عواطف الانسان الى الخير او الشر والى الرغبة والى الشهوة والى الدنيا والى الآخرة ، هكذا.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ (1) وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ (2) وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (3) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (5) يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ (8) كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (9) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12) إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14) يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (15) وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ (16) وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (17) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (18) يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ (19)
سبحان الله تعالى ، صدق الله العلي العظيم
الجمعة الخامسة عشر 29 ربيع الاول 1419 هـ
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
أللهم اني اسألك بأن لك الحمد لا اله الا انت البديء قبل كل شيء وانت الحي القيوم ، ولا اله الا انت الذي لا يذلك شيء وانت كل يوم في شأن ، لا اله الا انت خالق ما يرى وما لا يرى العالم بكل شيء بغير تعليم ، اسألك بألآئك ونعمائك بأنك الله الرب الواحد ، لا اله الا أنت الرحمن الرحيم ، واسألك بأنك أنت الله لا اله الا أنت الوتر الفرد الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد ، هكذا اقرأ افضل ، ولم يكن له كوفئا احد ، تقول هذا كوفئ هذا ، واسألك بأنك الله لا اله الا أنت اللطيف الخبير القائم على كل نفس بما كسبت الرقيب الحفيظ ، واسألك بأنك الله الأول قبل كل شيء والآخر بعد كل شيء والباطن دون كل شيء ، الضار النافع الحكيم العليم ، واسألك بأنك أنت الله لا اله الا أنت الحي القيوم الباعث الوارث الحنان المنان بديع السماوات والارض ذو الجلال والاكرام وذو الطول وذو العزة وذو السلطان ، لا اله الا أنت أحطت بكل شيء علما وأحصيت كل شيء عددا.
صل على محمد وال محمد كما هم اهله وكما أنت أهله يا أرحم الراحمين.
الآن نستمر بنفس الموضوع الذي بدأناه ، فإنه من جملة المواضيع التي عجز العلم الحديث الاوربي عن تفسيره: قضية الاحلام ، الإنسان كيف يشوف طيفا ؟ ، ولماذا يشوف طيفا؟ ، هذا لم يجب عليه احد منهم ، همه طبعا يعتبروه وهم ، ان الطيف ليس بشيء ، الدنيا شيء ، وعالم الاحلام ليس بشيء.
في الحقيقة هذا قابل للمناقشة من اكثر من وجه واحد:
اولا : ان الرؤية والسماع والحركة في عالم الطيف واضحة جدا ، او قد تكون واضحة جدا ، وفي كثير من الاحيان هي واضحة ، فبأي عين رأينا وبأي أذن سمعنا وبأي رجل مشينا وبأي يد اخذنا وأعطينا مع العلم انه انا مقيد قيد النوم وبالفراش ونايم ولا ادري بنفسي ، لا، ادري بنفسي كأنما هناك مفتوح لي ، هذا مغلق وذاك مفتوح ، أنت اگعد يصير هذا مفتوح وذاك مغلق ، بمشيئة الله سبحانه وتعالى ،زين.
ثانيا : انت سألت نفسك؟ ، ان كنت لم تسأل نفسك انا سألت نفسي ، انه انا نمت مثلا فد ليلة وشفت طيف فلماذا رأيت هذا الطيف ولم ار غيره؟ ، ليس له تفسير، ماذا تقول اوربا ماذا يقول المنجمون ماذا يقول الفتاح فالون ، ماذا يقول الكيميائيون ماذا يقول الاطباء ؟، ليس هناك اي جواب؟، ماذا يقول الفرد نفسه انه انا ليش رأيت هذا الطيف ؟، هو اختاره لنفسه او فرض عليه فرضا ؟، انا اقول فرض عليه فرضا اي بمشيئة الله وقدرته وقهره ليس اكثر من ذلك ، لو كان شيئ ، كما هم يفسرون ، انه رغبات الانسان وشهوات الانسان في نهاره وفي حياته فيشوف طيفا معينا ، مع العلم ان الشهوة يمكن ان تتمثل في كثير من الاحتمالات ، الاف الاحتمالات هي توفي الشهوة في النوم ، فلماذا رأى هذا الشيء بالتعيين ولم ير غيره؟، هذا باصطلاحنا في الفلسفة ترجيح بلا مرجح انهو هذا ليس له علة اطلاقا ، وكل ما ليس له علة فهو مستحيل حبيبي ، فإنما هو ماذا علته هو القادر القدير العالم بالمغيبات وبكل الاشياء ليس اكثر من ذلك ، الله تعالى اراد ان ارى هذا الطيف دون غيره وهو مشرف على الصغيرة والكبيرة على كل الخلق وعلى كل الافراد وعلى كل الخلايا وعلى كل الارواح ، بطبيعة الحال ، لا يعجزه شيء عن شيء ، زين.
ثالثا : الاحلام المطابقة للواقع ، اليست موجودة ؟، هم يقولون لا بصراحة ، انت وانا نقول نعم موجودة ومجربة ، سبحان الله ، الى هذا اليوم كان واحد يقول لي ، سبحان الله ، يسألني عن بعض الامور ، ما تفسيرها ؟، تفسيرها المادي متعذر مائة بالمائة ، مليون بالمائة وانما هي ايضا بمشيئة الله سبحانه وتعالى.
همه ، هذا شيء يتحرك بگلبي اگوله ، همة اسهل شيء ان ينكرون ، الشيء اللي مايردوه ايگولون ماكو ، وان كان هي مو لطيفة ايگولون انه واحد طلبة سألوه انه فارة وگعت بـ الحِب ، هل يتنجس الماء ام لا ؟، يگول لا ، الفارة ما توگع بالحِب ، يگلوله وگعت يا حبيبي يگول لا ما توگع بالحب ، حبيبي ، كامل الدباغ ، عليه ما عليه ، سُئل عن وجه القمر انه ما تفسير هذا الوجه الذي يرى في البدر ، گال ما كو وجه بالبدر، هذا چذب ماكو ، هو تخلص من الجواب لأنه ما عنده جواب حبيبي ، جواب اوربي ما كو وهو المدافع عن النظرية الاوربية دائما ما يگدر يدافع اهنانه استفهم ان هذا الشيء وهم وليس بصحيح ، هل تقبلون؟، مكابرة حبيبي وجه القمر موجود رغما على انف اللي ما يرضى جيبوا تفسيره ، وانا في ما وراء الفقه نفيت كل التفسيرات المحتملة الا ارادة الله سبحانه وتعالى ، راجعوه ، زين .
ومن جملة ما يلحق بالأحلام : انت جرب طبعا ان الانسان اول ما يسد عيونه يستمر النظر لديه يبقى يشوف ، بأي قانون بقي يشوف اتصال نظر اكو ؟، نور اكو ؟، لا يوجد ، فلماذا حصلت الرؤية ، انا مجرب مئات المرات اولا تكون الرؤية واضحة ثم تخفت تدريجا اذا الانسان ظل ساد عيونه الى ان تنطفيء ، فبأي قانون وجدت هذه الرؤية ، زين .
شيء آخر ان الانسان مثلا انت افترض ناطي نفسك للنوم وساد عينك سوف ترى مناظر وناس وحركة وهو لا زال يقظا ، فبأي قانون وجدت هذه المناظر والحركة والناس ؟، لا يوجد اي قانون مادي بطبيعة الحال وانما ايضا بالقابلية التي اودعها الله تعالى في نفس الانسان ، الى هنا كافي انا اشعر بشيء من التعب.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى(1)وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى(2)وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنثَى(3)
اقرأ (قل هو الله احد) احسن
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) صدق الله العلي العظيم

ابو علي 22-03-2012 12:47 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة السادسة عشر 6 ربيع الثاني 1419 هـ
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
اولا ينبغي ان نقدم المنة الى الله سبحانه وتعالى على هذا الظل الظليل الذي من علينا به في هذا الاسبوع فشكرا له عدد ما في علمه وزنة عرشه وملء كونه ومداد قلمه وأنت قلت يا رباه: ((اشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152)) ، وقلت: ((لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)).
وليت شعري يا سيدي ومولاي والهي اتسلط النار على وجوه خرت لعظمتك ساجدة وعلى السن نطقت بتوحيدك صادقة وبشكرك مادحة وعلى قلوب اعترفت بإلهيتك محققة وعلى ضمائر حوت من العلم بك حتى صارت خاشعة وعلى جوارح سعت الى اوطان تعبدك طائعة واشارت باستغفارك مذعنة ، ما هكذا الظن بك ولا اخبرنا بفضلك عنك يا كريم يا رب وأنت تعلم ضعفي عن قليل من بلاء الدنيا وعقوباتها وما يجري فيها من المكاره على أهلها على ان ذلك بلاء ومكروه قليل مكثه يسير بقاؤه قصير مدته فكيف احتمالي لبلاء الآخرة وجليل وقوع المكاره فيها وهو بلاء تطول مدته ويدوم مقامه ولا يخفف عن أهله لأنه لا يكون الا عن غضبك وانتقامك وسخطك وهذا ما لا تقوم به السماوات والارض يا سيدي فكيف بي وأنا عبدك الضعيف الذليل الحقير المسكين المستكين ، يا إلهي وربي وسيدي ومولاي لأي الامور إليك أشكو ولما منها اضج وابكي لأليم العذاب وشدته ام لطول البلاء ومدته فلئن صيرتني للعقوبات مع أعدائك وجمعت بيني وبين أهل بلائك وفرقت بيني وبين احبائك وأوليائك فهبني يا إلهي وسيدي ومولاي وربي صبرت على عذابك فكيف اصبر على فراقك وهبني يا إلهي صبرت على حر نارك فكيف اصبر عن النظر الى كرامتك ام كيف أسكن في النار ورجائي عفوك فبعزتك يا سيدي ومولاي أقسم صادقا لان تركتني ناطقا لأضجنَّ اليك بين اهلها ضجيج الآملين ولأصرخن اليك صراخ المستصرخين ولأبكين عليك بكاء الفاقدين ولأنادينك أين كنت يا ولي المؤمنين يا غاية امال العارفين يا غياث المستغيثين يا حبيب قلوب الصادقين ويا اله العالمين.
اللهم صل على المصطفى محمد والمرتضى علي والمجتبى الحسن والشهيد الحسين والزهراء فاطمة والسجاد علي والباقر محمد والصادق جعفر والكاظم موسى والرضا علي والتقي الجواد محمد والنقي الهادي علي والعسكري الحسن والحجة الهادي المهدي بقيتك في أرضك وحجتك على عبادك ، اللهم أنصر من نصره واخذل من خذله وارنا الطلعة البهية بقدرتك ورحمتك يا ارحم الراحمين.
اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(102)
أود أن أتعرض في هذا اليوم الى موضوعين مهمين ، أحدهما أكرس له الخطبة الاولى والثاني أكرس له الخطبة الثانية إن شاء الله اذا بقيت الحياة.
اما الموضوع الأول فأريد ان افتح اعينكم عليه والظاهر انكم كلكم غافلون عنه. ها شوية فكروا في امور دينكم اكثر مما انتم تفكرون ، ما هو؟
حبيبي ، مقتضى القاعدة الشرعية ان تكون المساجد والمراقد المقدسة للمعصومين (عليهم السلام) ، وغير المعصومين (رضوان الله عليهم) ان تكون المساجد والمراقد تحت سيطرة وإشراف الحوزة الشريفة والمرجعية الجليلة وليس لأحد حق ان يتصرف فيها الا بإذنها وتوجيهها لان المسألة بالأساس هي مسألة دينية والدين كله بيد الحوزة جيلا بعد جيل فليس من الانصاف ان يكون بعض الدين بيد الحوزة وبعض الدين خارج عن يد الحوزة.
وقد كان ذلك فعلا موجودا منذ زمان المعصومين(سلام الله عليهم)، الى عصر الشيخ صاحب الجواهر(قدس الله روحه) ، حيث كان العلماء ردحا طويلا من الزمن وعلى مرور قرون ، في الحقيقة ، هم الذين يعينون السادن او الكليدار الذي هو المسؤول الرئيسي في العتبة ، في هذه العتبة او تلك او في هذا المسجد او ذاك ، بيد العلماء صرف ، حتى آل الامر الى مرجعية الشيخ صاحب الجواهر (قدس سره) ، فعين شخصا ، فلان يسموه انا لا احفظ الاسماء بالضبط ، جعله كيلدار لصحن امير المؤمنين ثم توفي الشيخ صاحب الجواهر(قدس سره)، وكان المفروض بهذا السادن ان يأخذ الاذن من المرجع الذي بعده او ان يعطيه الحق بعزله ولربما ان الذي جاء بعد الشيخ صاحب الجواهر ما كان راضيا عن تصرفات هذا الرجل واراد تغييره فعصى وبقي على السدنة والكليدارية وتسلسل الامر الى الآن ، ها سبحان الله ، وخرجت الكليدارية في كل العراق عن الحوزة الشريفة.
وانا رأيت اذنا مكتوبا من قبل احد المراجع المتأخرين وهو السيد محسن الحكيم (قدس سره) الى سادن حرم الكاظمين (عليهما السلام) في حينه: الشيخ عبد الحميد الكليدار بإجازة التصرف بأموال الضريح وفيها على ما أتذكر الاذن بان يصرف على نفسه واخوته واسرته واعمامه واخواله بمقدار ما يجد فيه المصلحة ثم يصرف الباقي على الفقراء والمحتاجين ولم يطالبه السيد الحكيم(قدس سره)، بأن يدفع اليه من اموال الضريح ولا فلس واحد ، والمهم ان الشيخ عبد الحميد كان متورعا بهذا المقدار في أخذ الاجازة لا أقل من الناحية الشكلية اذا سألوه انه انت بأي حق تتصرف في اموال الضريح يقول بأنه انا آخذ اجازة من المرجع الذي اقلده ، ومن المظنون انه إنما كانت اجازة بكل المبلغ لأنه ليس هناك أمل ان يدفع اليه شيئا لو طالبه به بطبيعة الحال.
ونحن نعلم ان السادن في بعض الدول المسلمة رجال دين كما في ايران والسعودية وكل واحد حسب مذهبه ولذا كان يعتقد العوام ولعلهم لا زالوا ، هسة انت ارجع الى وجدانك ، اليس تجد ان السادن والخدمة انما هم رجال دين كثير هذا الاعتقاد موجود ، كأن الحوزة بدرجة عالية تمثل رجال الدين والخدمة والسدنة يمثلون رجال الدين بدرجة ادنى فلذا يعطوهم الحقوق ويسألونهم عن الفتاوى والمشاكل الدينية ونحو ذلك فهل هذا المطلب صحيح ؟، أنا هذا الذي اريد ان احذركم منه.
الا ان المسألة منذ وفاة الشيخ صاحب الجواهر الى الآن ، قد انفصلت عن الحوزة وعن المرجعية الى ان سيطرت عليها وزارة الاوقاف من حوالي ثلاثين سنة ، الى الان واصبح السدنة والخدمة مجرد موظفين لا يقيمون وزنا لأي امر ديني او دنيوي الا لوظائفهم الحكومية وأوامر وزارة الاوقاف فيتوجهون كـزار مالة اللعبة بيد الموجه لهم هذا هوه ، وهم منقطعوا الصلة بالمرة عن الحوزة وعن العلماء والحوزة منهم براء وهم ايضا براء من الحوزة.
ولو إن الأمر اقتصر على ذلك لكان وجها ، وان كان وجه قابل للمناقشة ، لكن الى الان مثلا نتنزل بالقبول ، إلا ان الأمر زاد على ذلك حتى اننا لو التفتنا اليهم وتعرفنا على حقائقهم لوجدناهم جميعا الا من ندر ربما اقل من واحد بالمية منهم خوش آدمي ، له باب وجواب انا لا اريد ان استغيب الكل ، لكن عمومهم ليسوا كذلك ، اننا لو تعرفنا على حقائقهم لوجدناهم جميعا الا من ندر فسقة فجرة شاربي الخمر وزناة واهل لواط ويأكلون المال الحرام ويخدعون الزوار بمختلف انواع الخداع لمجرد الحصول على المزيد من المال ، ويعملون امورا لم ترد في الكتاب والسنة اطلاقا كـالدود الذي يوزع ، يكسب عليه فلوس ، إنما هو يشتريه من البزاز ويبيعه على الزائر ، ليس فيه اية شرفية ولا بركة اصلا ، اصلا من ايده النگسة يكون هذا نجس ، اعلنها من الآن امامكم جميعا ، كالدود والخيوط التي يلفونها حول الضريح الشريف ويلمسون النساء بعنوان التبرك وكثير هذا يحدث ربما يوميه يحدث مع شديد الاسف.
وكذلك اغلبهم لا يصلون ولا يصومون ولا يخمسون ولا يزكون ، شايف واحد داگ بابك ناطيك خمس ، حق الامام ، اتحدى ذلك منذ مئات السنين وليس الآن ، اما الآن تحت الصفر بكثير من الناحية الدينية ، ولا يصومون ولا يخمسون ولا يزكون وكيف شارب الخمر يصلي او يخمس او يزكي.
وهم يسرقون اموال الحرم ، وما يوقفه الزوار يسرقونه بكثافة شديدة وخاصة السدنة والخدمة المهمون ، فمثلا ، مثلا انه أعطي فرد زولية تفرش في الحرم يوم واحد او يومين او ثلاثة ما دام الزائر موجود قبل ان يسافر حتى يشوفه ، بمجرد ان ركب السيارة ودار ظهره وراح تتلفلف والى الابد لا يراها احد وكل الاشياء هكذا ، كل الموقوفات هكذا.
واذا ذهبت الى بيوت السدنة واضرابهم تجد التحف والمعلقات والصور والفرش والذهب ، كله من السرقة من المعصومين (سلام الله عليهم)، وهذا متواتر وقد يصدف انني انا رأيته بعيني ربما كان في سنين قديمة عنده تعزية او كذا واحد منهم نروح له ، فنجد ذلك عيانا وهذا ما يبديه وما عنده مانع اشوفه الناس فكيف ما يخفيه الذي هو اكثر واكثر بطبيعة الحال.
ومن هنا ملكوا البيوت الفارهة والسيارات الثمينة والذهب الكثير ، واما الذبائح والغنم وغيرها مما يسحبه الخدم ، يسحبه الخدم من الزوار فحدث عنه ولا حرج وفي كل يوم على الاطلاق يحصل ذلك ولا يعلم الزائر البسيط انه لم تبرأ ذمته وانه وصلت ذبيحته الى انسان شارب الخمر وتارك الصلاة وغير متورع بل هو من اعداء الله بكل تأكيد حتى اننا نسأل هل ظاهرهم الصلاح؟، كلا ، بل ظاهرهم الفساد وانت بمجرد ان تنظر الى وجوههم وعيونهم والتفاتاتهم تجد فيها الضلال والطمع بالدنيا والبعد عن الآخرة.
وكان بعض الخدمة يقوم بقراءة الزيارة لعدد من الزائرين ويأخذ على ذلك مالا وهذا جيد الا ان الامر تقلص واصبح يأخذ المال بدون مقابل قهرا على الزائرين وبخدعة الزائرين.
فالمهم هو الحذر ، الحذر من هذا الوضع الفاسد المنحرف فإن إعطاءهم المال باطل وغير مفرغ للذمة وليس عليه ثواب بل عليه عقاب لأنه تأييد للظلم والاثم ولأعداء الله سبحانه وتعالى ، ويكفي ان يحذر الناس منهم فيقاطعونهم لعلهم يتذكرون او يتفكرون او يتوبون وهيهات ان يتوبوا لانهم غير مستحقين للتوبة.
بسم الله الرحمن الرحيم ، (هاي هم خوش سورة طلعت بإذن الله )
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)
صدق الله العلي العظيم
الجمعة السادسة عشر 6 ربيع الثاني1419 هـ
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أللهم من وتعبأ وتعبئ وأعد واستعد لوفادة الى مخلوق رجاء رفده وطلب نائله وجائزته ، فإليك يا رب تعبئتي واستعدادي رجاء عفوك وطلب نائلك وجائزتك فلا تخيب دعائي يا من لا يخيب عليه سائل ولا ينقصه نائل ، فإني لم آتك ثقة بعمل صالح عملته ولا لوفادة مخلوق رجوته ، أتيتك مقرا على نفسي بالإساءة والظلم معترفا بان لا حجة لي ولا عذر ، أتيتك أرجوا عظيم عفوك الذي عفوت به عن الخطائين فلم يمنعك طول عكوفهم على عظيم الجرم ان عدت عليهم بالرحمة ، فيا من رحمته واسعة وعفوه عظيم ، يا عظيم يا عظيم يا عظيم لا يرد غضبك الا حلمك ولا ينجي من سخطك الا التضرع اليك ، فهب لي يا الهي فرجا بالقدرة التي بها تحيي ميت البلاد ولا تهلكني غما حتى تستجيب لي وتعرفني الاجابة في دعائي واذقني طعم العافية الى منتهى اجلي ولا تشمت بي عدوي ولا تسلطه علي ولا تمكنه من عنقي ، اللهم ان وضعتني فمن ذا الذي يرفعني وان رفعتني فمن ذا الذي يضعني وان اهلكتني فمن ذا الذي يعرض لك في عبدك او يسألك عن امره وقد علمت انه ليس في حكمك ظلم ولا في نقمتك عجلة وانما يعجل من يخاف الفوت وانما يحتاج الى الظلم الضعيف وقد تعاليت يا الهي عن ذلك علوا كبيرا ، اللهم اني أعوذ بك فأعذني وأستجير بك فأجرني وأسترزقك فارزقني وأتوكل عليك فاكفني وأستنصرك على عدوي فانصرني وأستعين بك فأعني وأستغفرك يا إلهي فاغفر لي آمين ، آمين ، آمين ، برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على خير خلقه وسيد انبيائه ورسله محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين المعصومين ، السلام على أولهم وآخرهم والسلام على ظاهرهم وباطنهم والسلام على قولهم وفعلهم والسلام عليهم جميعا ورحمة الله وبركاته.
اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(102)
في هذه الخطبة أود ان اذكر واتعرض الى ما يسمى بالسلوكيين الذين اصبح أمرهم مشهورا وعلنيا لكي احذر المجتمع منهم وأحذر المؤمنين منهم وأحذر المسلمين منهم ، هل تعلم نواياهم؟، هل تعلم اهدافهم؟، هل تعلم عقائدهم؟، هل تعلم دينهم؟، لكي تصدقهم وتركن اليهم وتأخذ بقولهم ، مجرد انك تجده ظاهر الوثاقة والصلاح ويتكلم معك بعدة مفاهيم ملفتة للنظر ومعجبة لك حينئذ تركن اليه وتصدقه ، ولكن هذا أولها وأنت لا تعلم آخرها ، أي لوين راح ايوصلك الله العالم ، أنا اقول ان أولها بديع وآخرها شنيع ، هل تعلم انه يريد مصلحتك؟، او انه لعله يقصد اخراجك عن دينك وعن إيمانك وعن إسلامك وان يجعلك لقمة لجهنم وبئس المصير.
أنا أقول اتبعوا حوزتكم واتبعوا علماءكم واتبعوا القرآن واتبعوا كلام المعصومين (عليهم السلام) ، ما واحد منهم غشكم من هؤلاء ، أما واحد مشبوه يتكلم بأمور اخرى لا تفهمها ولا تعلم نتائجها فهذا ما ينبغي الحذر منه والبعد عنه ، وكل ذلك اي كلام الكتاب الكريم والسنة الشريفة بعيد كل البعد عن كلام هؤلاء الشذاذ المبطلين السائرين في غير طريق الله سبحانه وتعالى.
لو كان الله ، لاحظ ، لو كان الله تعالى يريد للمجتمع ذلك لبينه في كتابه الكريم ، اشعنده مانع قادر على ذلك مع العلم انه لم يبين ، ولو اراده النبي (صلى الله عليه واله) ، او المعصومون لقالوه للناس ولربوا الناس عليه وسلكوا الناس عليه ، كما يعبرون هذوله ، اذا كان التسليك واسعا كما يدعي هؤلاء فلماذا لم يسلك المعصومون اصحابهم؟، ولماذا لم يأمروهم بتسليك الآخرين؟، من هو الافضل ومن هو الاعلم هؤلاء ام المعصومون(سلام الله عليهم)؟، ومن هو فعله ارضى لله سبحانه وتعالى هؤلاء ام المعصومون (سلام الله عليهم) ؟ طبعا المعصومون (سلام الله عليهم).
خذوا بقول المعصومين وقول علمائكم وقول ثقاتكم وأهل الحل والعقد فيكم واحذروا هؤلاء وابتعدوا عنهم فانهم يخرجوكم عن دينكم ويبذروا فيكم بذور العقائد الفاسدة ويصوروا لكم الباطل بصورة الحق ويبعدوكم عن رضا الله سبحانه وتعالى وعن الجنة.
واذا كانوا يعتقدون برأيي كما يزعمون ويأخذون بقولي كما يدعون وانا المفروض اذا لم تسيطر عليَّ النفس الامارة بالسوء ، أنا لا اريد لأي فرد الا الصلاح والفلاح ، فليغيروا حالهم وليبدلوا حالتهم ومقالهم فإنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله الا خسارا.
هم عصوني في كثير من الامور المهمة ، واساؤوا فهمي في عدد آخر منها واضافوا من عند انفسهم عددا آخر منها وكل ذلك انا منه بريء في الدنيا والآخرة واسفا على سوء العاقبة على هذه المجموعة التي كنا نتوقع منهم الخير والصلاح فانقلب الى الشر والفساد والضلال.
وسوف يقولون لكم وقد قالوا فعلا لكم وللمجتمع ان السيد محمد الصدر لا يقصد ما يقول وإنما يريد حفظ الظاهر وإنما يعمل بالتقية وان لنا اتصال باطني بالسيد محمد واننا نفهم مقاصده الواقعية وانه عميق بحيث لا تستطيعون ان تفهموا كلامه وكل ذلك من ، استطيع ان اسميها كلاوات شرعية وهي كذب محض وانا منهم بريء وانا منهم بعيد ، واصبحوا كلما انهاهم واردعهم فانهم يزدادون عتوا ونفورا.
فانا اخاطب المجتمع المؤمن ذوي العقول الصافية والنفوس البريئة ان يقاطعوا هؤلاء ويتبرؤوا منهم ويبتعدوا عنهم بعد السليم من الاجرب ، وما لم يتب هؤلاء ولن يفعلوا لانهم غير مستحقين للتوبة.
صحيح ان الزهد مستحب وحب الدنيا رأس كل خطيئة ورين القلب ودغله مذموم ، الا ان هذه هي تعاليم ديننا الحنيف ولا دخل له بالتفاصيل والعقائد الفاسدة التي ذكرها هؤلاء ، وهل هم زهدوا في الدنيا وابتعدوا عنها ، صحيح هم زهاد اذا كانوا يدعون الى الزهد لا مو زهاد حبيبي ، دنيويين صرف ، وإنما يريدون بأعمالهم هذه وأقوالهم هذه الشهرة والسيطرة والمال وتكوين تكتلات وقلاقل في المجتمع وانا من كل ذلك بريء اعاذنا الله من كل مكروه.
واما هذا الذي يحتج به البعض عليّ من انك قلت في الجزء الثاني من فقه الاخلاق ، هذه العبارة القديمة التي هي موجودة في بعض كتب ابناء العامة ، من لا شيخ له فشيخه الشيطان ، فكأنه إذن لا بد ان يكون للفرد شيخ مثل هؤلاء لكي يربيه ويدربه ويسلكه ، كأن هذه الرواية تشير الى هذه المجموعة بالذات ، أسفا على العقول القاصرة والتأويلات الفاسدة.
اولا : انها ليست رواية اصلا وانما هي من موضوعات بعض الصوفية.
ثانيا : انني اذكر كثيرا من الاشياء والمفاهيم بصفتها اطروحة لا بصفتها امرا جزميا وهذه الفكرة منها.
ثالثا : انها على تقدير وجودها كرواية فهي رواية ضعيفة جدا ومرسلة ولا حجية فيها ولو كنا في الفقه والتفسير لرفضناها بالكلية.
رابعا : انه من الواضح اننا ان صدقناها فإنما يراد بالشيخ حينما يقال ، من لا شيخ له فشيخه الشيطان ، اي من لا مربي له فمربيه الشيطان ، ليس المربي هو المربي الذي يدعوا اليه هؤلاء وانما كل شخص يهدي ويوجهه ويعلمه الخير والصلاح ، طبعا اذا واحد لا يوجد من يعلمه الخير والصلاح فشيخه الشيطان لأنه تتسلط عليه النفس الامارة بالسوء والشيطان ويذهب الى حيث لا رجعة هذا له باب وجواب ، لكنه من قال ان الشيخ هو الشيخ الباطني؟، لا ، هو الشيخ الظاهري الذي يدلك على طاعة الله وعلى ولاية امير المؤمنين واهل البيت (سلام الله عليهم)، ولا موجب لأن نفهم من الشيخ ، الشيخ في علم السلوك او علم الباطن او على الطريقة الصوفية ، كلا ثم كلا.
وأريد الان ان ذكر لكم جانبا من عقائدهم الفاسدة باختصار:
اولا : انهم تاركون لتعاليم الشريعة ، للصلاة والصيام وغيرها تأويلا للآية: ((وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)) ، وقد جاءهم اليقين بزعمهم اذن فلا موجب للعبادة.
ثانيا : انهم يرون انفسهم أعظم من النبي والقرآن إذن فلا موجب لطاعة النبي (صلى الله عليه واله) وطاعة القرآن.
ثالثا : انهم ينكرون يوم القيامة والثواب والعقاب في الجنة والنار، وإنما الثواب والعقاب في نظرهم نفسي وباطني وليس كما يقول الدين الاسلامي الحنيف من انه هناك حشر ونشر وقيامة وثواب وعقاب وجنة وجهنم ، كل ذاك غلط اي في نظرهم الفاسد.
رابعا : انهم يأمرون الناس بالتخلي عن عقولهم وعزل تفكيرهم والطاعة العمياء لهم ، اي لهم بصفتهم شيوخ سلوك وطريقة ، مع ان النتيجة الصريحة والأولية لذلك اي للتخلي عن العقل هو الكفر والالحاد لأن العقل هو الدليل او الدال الرئيسي على وجود الله سبحانه ، فاذا زال العقل او زال الاعتماد عليه انسد باب الاستدلال بالخالق فيصبح الفرد في لحظة من حيث يعلم او لا يعلم ملحدا.
وفي الرواية: ان الله تعالى خلق العقل وخاطبه: بك أُعبد وبك اثيب وبك اعاقب ، فاذا رفضناه كنا من الخاسرين بطبيعة الحال ، وكذلك في الرواية ان العقل نبي من الباطن والانبياء انبياء من الخارج ، يعني ماذا؟، يعني كل واحد الله تعالى دازله نبي في باطنه عليه اتباعه ، فاذا وخرونا وفرغونا من عقولنا معناه قتلوا النبي الذي الله تعالى دازلنياه وعلينا ان نطيعهم صرفا على شهواتهم وانحرافاتهم.
خامسا : انهم يؤمنون بالحلول وان روح علي حلت بفلان ، وروح سلمان حلت بفلان وروح ابو ذر حلت بفلان وروح الزهراء حلت بفلانة وهكذا يقسمون الوظائف فيما بينهم وهذا من المضحكات المبكيات والذي ترفضه الشريعة بصراحة ، ويوجد هناك اخبار عن قضية الشلمغاني والحلاج وغير ذلك ، الائمة شنوا حربا شعواء ضد هذه المقولات وأمثال هذه المقولات.
واوضح اشكال يتوه عليهم هو انهم يعدون انفسهم ويظنون انهم أعلى من النبي والمعصومين ، إذن فهم اعلى من علي وسلمان وابو ذر وكل البشر فما معنى لتلبسهم الا لمجرد الدعاية لأنفسهم وجذب قلوب البسطاء اليهم وانا لله وانا اليه راجعون.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)
جزاكم الله خيرا


ابو علي 22-03-2012 12:47 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة السابعة عشر 13 ربيع الاول1419
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
انا الان اقرأ الدعاء واذا انتهيت من اية فقرة فانتم قولوا يا الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
يا مَنْ تُحَلُّ بِهِ عُقَدُ الْمَكارِهِ، وَيا مَنْ يُفْثَأُ بِهِ حَدُّ الشَّدائِدِ .. وَيا مَنْ يُلْتَمَسُ مِنْهُ الَمخْرَجُ اِلى رَوْحِ الْفَرَجِ، ذَلَّتْ لِقُدْرَتِكَ الصِّعابُ، وَتَسَبَّبَتْ بِلُطْفِكَ الاَْسْبابُ، وَجَرى بِقُدْرَتِكَ الْقَضاءُ، وَمَضَتْ عَلى اِرادَتِكَ الاَْشْياءُ، فَهِيَ بِمَشِيَّتِكَ دُونَ قَوْلِكَ مُؤْتَمِرَةٌ، وَبِإِرادَتِكَ دُونَ نَهْيِكَ مُنْزَجِرَةٌ .. اَنْتَ الْمَدْعُوُّ لِلْمُهِمّاتِ، واَنْتَ الْمَفْزَعُ في المُلِمّاتِ، لا يَنْدَفِعُ مِنْها اِلاّ ما دَفَعْتَ، وَلا يَنْكَشِفُ مِنْها اِلاّ ما كَشَفْتَ، وَقَدْ نَزَلَ بي يا رَبِّ ما قَدْ تَكأَّدَني ثِقْلُهُ، وَاَلَمَّ بي ما قَدْ بَهَظَني حَمْلُهُ، وَبِقُدْرَتِكَ اَوْرَدْتَهُ عَلَيَّ، وَبِسُلْطانِكَ وَجَّهْتَهُ اِلَيَّ، فَلا مُصْدِرَ لِما اَوْرَدْتَ، وَلا صارِفَ لِما وَجَّهْتَ، وَلا فاتِحَ لِما اَغْلَقْتَ، وَلا مُغْلِقَ لِما فَتَحْتَ، وَلا مُيَسِّرَ لِما عَسَّرْتَ، وَلا ناصِرَ لِمَنْ خَذَلْتَ .. فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وآلِهِ، وَاْفْتَحْ لي يا رَبِّ بابَ الْفَرَجِ بِطَولِكَ، وَاكْسِرْ عَنّي سُلْطانَ الْهَمِّ بِحَوْلِكَ، وَاَنِلْني حُسْنَ النَّظَرِ فيـما شَكَوْتُ، وَاَذِقْني حَلاوَةَ الصُّنْعِ فيـما سَاَلْتُ ، وَهَبْ لي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمةً وَفَرجاً هَنيئاً، وَاجْعَلْ لي مِنْ عِنْدِكَ مَخْرَجاً وَحِيّاً وَلا تَشْغَلْني بِالاِْهتِمامِ عَنْ تَعاهُدِ فُرُوضِكَ، وَاسْتِعْمالِ سُنَّتِكَ فَقَدْ ضِقْتُ بما نَزَلَ بي يا رَبِّ ذَرْعاً، وامْتَلأتُ بِحَمْلِ ما حَدَثَ عَليَّ هَمّاً، واَنْتَ الْقادِرُ عَلى كَشْفِ ما مُنيتُ بِهِ، وَدَفْعِ ما وَقَعْتُ فيهِ، فاَفْعَلْ بي ذلِكَ وَاِنْ لَمْ اَسْتَوْجِبْهُ مِنْكَ.. يا ذَا الْعَرْشِ الْعَظيمِ، وَذَا الْمَنِّ الْكَريمِ، فَاَنْتَ قادِرٌ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ، آمينَ رَبَّ الْعالَمينَ.
اللهم صل على محمد وال محمد بافضل صلواتك واعظم تبريكاتك كافضل ما صليت على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد.
اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
الله سبحانه وتعالى يريد لنا الخير جميعا، وهو خير ولا يريد الا الخير، والمعصومون خير ولا يريدون الا الخير ، والاسلام خير ولا يريد لنا الا الخير، والقران خير ولا يريد لنا الا الخير.
فما هو الخير في حدود المنطوق الذي نتكلم عنه وما هو الشر الذي يقابله؟
في حدود فهمي ان الخير هو طاعة الله عز وجل، لان فيها السعادة والكمال والنور في الدنيا والاخرة. والشر هو عصيان الله عز وجل وعصيان شريعته لانها تؤدي إلى الشقاء والتسافل والظلام والاضمحلال في الدنيا والاخرة.
ونحن نسمي ـ لاحظوا ـ ونحن نسمي كل شخص مطيع لله عز وجل بانه جيد وخيّر وانسان وطيب وهذا صحيح لان هذه الاوصاف جاءت من طاعة الله جل جلاله ونسمي الشخص العاصي لله عز وجل خبيث وقاسي وليس بانسان وليس بجيد وهذا صحيح لان هذه الاوصاف جاءته من عصيان الله سبحانه وتعالى واطاعة نفسه الامارة بالسوء وشيطانه الرجيم.
فان الله تعالى لم يامر بسوء ولم ينه عن خير وانما امر بالخير ونهى عن السوء. فيصبح الفرد المطيع نموذجا ممثلا لكل خير. ويصبح الفرد العاصي نموذجا ممثلا لكل سوء.كما قال تعالى ((ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي)).
ومن هنا يمكن النظر إلى مستويين : مستوى المستحبات ومستوى المحرمات. اما على مستوى المستحبات فالمتوقع من كل مؤمن مخلص والمتوقع من اي فرد على الاطلاق ان يكون مؤمنا مخلصا، اي مخلصا لله عز وجل وليس لاحد سواه كائنا من كان على وجه الارض. إذن فالمتوقع من الجميع انه كما ينبغي لهم القيام بالواجبات والارتداع عن المحرمات كذلك ينبغي لهم القيام بالمستحبات والارتداع عن المكروهات حسب الامكان بطبيعة الحال.
الان اسألكم وانا اعتقد انتم عينة المجتمع بدليل تحملكم المصاعب لحضور صلاة الجمعة جزاكم الله خيرا وهذا هو يوم الجمعة وقبل قليل كانت ليلة الجمعة ،وليلة الجمعة اهم ليالي الاسبوع كما ان يوم الجمعة اهم ايامه بل هو يوم مقدس وعيد ديني كبير فتحه الله تعالى لاوليائه واهل طاعته وهو يعود بنعمة الله سبحانه وتعالى كل اسبوع بينما تعود الاعياد الاخرى كل سنة مرة.
فانا اسألكم كم منكم قرا في ليلة الجمعة هذه دعاء كميل ؟ انت ارجع إلى نفسك لتجد الجواب واضحا بينك وبين ربك فان كنت فعلت فاحمد الله على هذه النعمة كما قال تعالى ((الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله)). وان كنت لم تفعل فاعلم انك محروم وغير مرحوم وان من فعل ذلك افضل منك واولى بالثواب وقدّمْ من الان الندامة الى الله عز وجل في الترك والتفريط فانما فرطت بنفسك وثواب اخرتك. والمؤمن في الجنة يقال له اذا كنت فعلت الفعل الفلاني من الطاعات واذا كنت مثلا قرأت دعاء كميل في ليلة الجمعة كان لك مثل هذا القصر او هذه المرتبة ولكنك لم تقرأ فُحِرمت منها او منهما واعطيناها لمن قرأها وفعلها. والله تعالى عادل لا تقصير في عمله وحكمه. فيندم المؤمن في ذلك الحين ويتحسر وهو في الجنة فذلك هو يوم الحسرة والندامة ، وكان يقول بعض اهل المعرفة : ان الحسرة والندامة للمؤمنين لا للفاسقين ولا للكافرين فان اولئك ليس لهم الوقت ولا الشعور بالحسرة من حيث انهم معاقبون بانواع العذاب.
هل صليت صلاة الليل هذه الليلة، قمت قبل الفجر وتهجدت الى الله سبحانه وتعالى ؟ ومنذ كم مدة لم تصل صلاة الليل ولعله طول عمرك لم تصل صلاة الليل ولم تعلم ما هي صلاة الليل وان كان انا اربأ بكم جميعا ان تكونوا على هذه الشاكلة. هل زرت الحسين في ليلة الجمعة هذه عن قرب او عن بعد ؟ فان ليلة الجمعة من مناسبات زيارته (عليه افضل الصلاة والسلام). هل اغتسلت قبل المجيء الى هنا غسل الجمعة او انت عازم على ان تغتسل غسل الجمعة بعد ان ترجع من صلاة الجمعة بناءً على فتواي من صحة ايقاع غسل الجمعة عصرا وان كان على خلاف المشهور انا اقول يجوز ايقاع غسل الجمعة عصرا ويجزي عن الوضوء ايضا ولو كان عصرا .
فالمهم ان الفرد المؤمن يحاسب نفسه على الواجبات والمستحبات وعلى المحرمات والمكروهات فان وجد طاعة حمد الله عليها وان وجد عصيانا استغفر الله منه، وان وجد تقصيرا شحذ الهمة لتلافيه وعدم تكراره في المستقبل. فان الله وطاعة الله موجودة في كل زمان ومكان وفي كل نفس وفي كل نظرة وفي كل خطرة وفي كل كلمة وفي كل علاقة عائلية أو اجتماعية إلى غير ذلك. وما من واقعة صغيرة ولا كبيرة الا ولها حكم وحلال محمد حلال الى يوم القيامة وحرام محمد حرام الى يوم القيامة (صلى الله عليه واله).
هذا لو نظرنا الى المستحبات. واما إذا نظرنا إلى الواجبات والمحرمات فالذي افهمه منكم انه ليس احد منكم لا يصلي او لا يصوم او لا يخمس او لا يزكي او لا يقلد والا لما حضرتم الى صلاة الجمعة جزاكم الله خيرا وشعرتم باهمية نصرة المذهب والدين جزاكم الله خير جزاء المحسنين. ولكن تبقى – فد خردوات - لا بد من الالتفات اليها.
اسأل نفسك بينك وبين الله عن بعض المحرمات المحتملة وبعض الواجبات المتروكة هل قمت لصلاة الصبح هذا اليوم ؟وكم هي النسبة التي تصلي بها صلاة الصبح في وقتها أو انك تنام باستمرار عنها ؟ ومن ينام عن صلاة الصبح بطبيعة الحال ينام عن صلاة الليل بطريق اولى ولا يقرأ دعاء الصباح ولا القرآن ولا التضرع والخشوع خلال الفجر بطبيعة الحال فيفوته الفضل كله وليس له بديل الا النوم وهل يصلح النوم ان يكون بديلا عن طاعة الله والخشوع لله وذكر الله والقيام بالواجبات والمستحبات ؟! - عيب هالحجاية الدنيوية السافلة المتدنية - فيكون النوم سيفا من سيوف الشيطان يضرب به الشيطان المؤمنين ويذهب عليهم اخرتهم وفضيلة اعمالهم.
اسأل نفسك كم كذبة تكذب في اليوم ؟ او ان ديدنك وعادتك على الكذب والعياذ بالله او ان عادتك والتزامك على الصدق والحمد لله. وما هي النسبة بين صدقك وكذبك في حياتك ؟ فان وجدت الطاعة والصدق فاحمد الله على حسن هدايته لدينه والتوفيق لما دعا اليه من سبيله. وان وجدت المعصية والذنب والعيوب فبادر إلى التوبة فان التوبة غير قابلة للتأجيل بل واجبة فورا دائما. لان تاجيلها يعني احتمال ان لا تحصل ابدا اما بحصول الموت فلربما الانسان يموت في اي نفس وفي اي يوم وفي اي ليلة وهو ممكن دائما واما بحصول الغفلة أو ان يكون الفرد من التدني وقسوة القلب بحيث لا يكون مستحقا للتوفيق للتوبة.
والفرصة للطاعة موجودة دائما والفرصة للتوبة وباب التوبة مفتوح دائما مادام النفس موجودا فان كنت متدينا فامش في طريق الكمال والله تعالى سريع الرضا واسع الرحمة منان بالعطيات على اهل مملكته، والمهم انك تبادر إلى شحذ الهمة ومعاودة الاخلاص لطاعة الله سبحانه وتعالى.
بسم الله الرحمن الرحيم
والضحى * والليل اذا سجى* ما ودعك ربك وما قلى * وللاخرة خير لك من الاولى * ولسوف يعطيك ربك فترضى * الم يجدك يتيما فآوى * ووجدك ضالا فهدى * ووجدك عائلا فاغنى * فاما اليتيم فلا تقهر * واما السائل فلا تنهر * واما بنعمة ربك فحدث *
صدق الله العلي العظيم
الجمعة السابعة عشر 13 ربيع الاول1419
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِجَمِيعِ أَسْمائِكَ كُلِّها ماعَلِمْنا مِنْها وَما لانَعْلَمُ وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ العَظِيمِ الأعْظَمِ الكَبِيرِ الاَكْبَرِ الَّذِي مَنْ دَعاكَ بِهِ أَجَبْتَهُ وَمَنْ سَأَلَكَ بِهِ أَعْطَيْتَهُ وَمَنْ اسْتَنْصَرَكَ بِهِ نَصَرْتَهُ وَمَنْ اسْتَغْفَرَكَ بِهِ غَفَرْتَ لَهُ وَمَنْ اسْتَعانَكَ بِهِ أَعَنْتَهُ وَمَنْ اسْتَرْزَقَكَ بِهِ رَزَقْتَهُ وَمَنْ اسْتَغاثَكَ بِهِ أَغَثْتَهُ وَمَنْ اسْتَرْحَمَكَ بِهِ رَحِمْتَهُ وَمَنْ اسْتَجارَكَ بِهِ أَجَرْتَهُ وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْكَ بِهِ كَفَيْتَهُ وَمَنِ اسْتَعْصَمَكَ بِهِ عَصَمْتَهُ وَمَنِ اسْتَنْقَذَكَ بِهِ مِنَ النَّارِ أَنْقَذْتَهُ وَمَنِ اسْتَعْطَفَكَ بِهِ تَعَطَّفْتَ لَهُ وَمَنْ أَمَّلَكَ بِهِ أَعْطَيْتَهُ، الَّذِي اتَّخَذْتَ بِهِ آدَمَ صَفِيّاً وَنُوحاً نَجِيّاً وَإِبْراهِيمَ خَلِيلاً وَمُوسى كَلِيماً وَعِيسى رُوحاً وَمُحَمَّداً حَبِيباً وَعَلِيّاً وَصِيّاً صَلَّى الله عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ؛ أَنْ تَقْضِيَ لِي حَوائِجِي وَتَعْفُوَ عَمّا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِي وَتَتَفَضَّلَ عَلَيَّ بِما أَنْتَ أَهْلُهُ وَلِجَمِيعِ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ لِلدُّنْيا وَالآخِرةِ يامُفَرِّجَ هَمِّ المَهْمُومِينَ وَياغِياثَ المَلْهُوفِينَ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ يارَبَّ العالَمِينَ وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين الابرار الطاهرين.
اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
انا في الجمعة السابقة ذكرت فئتين أو طبقتين في المجتمع وانتقدتهم بشدة والانتقادات صحيحة لا اتنازل عنها وما خفي عليك اكثر.
كما انني اتكلم هنا من زاوية قوة لانني لا اطمع بهم ولا باحدهم ولا اخاف منهم ولا اريد اعتذارهم وانما التوبة امام الله سبحانه وتعالى وليس امام سواه كائنا من كان في الارض والسماء الا رب العالمين. وانما اتوخى في ذلك ـ اعطيهم تذكرة التوبة لله سبحانه وتعالى ـ عدة امور اهمها: المصلحة العامة لانهم إذا تابوا تنحسر مظالمهم ونُكفى شرورهم وتزول عن هذا المجتمع المؤمن مصاعبهم، وهي فائدة عظيمة دينية ودنيوية جيدة نتمناها لهم وللمجتمع ايضا. ومنها : انها لمصلحتهم في الدنيا والاخرة - الهم زين حبيبي ، انا امرك بالمعروف وانهاك عن المنكر لمصلحتي او لمصلحتك؟! سبحان الله ـ اما الاخرة فالعقاب العظيم والبلاء الاليم إذا استمروا على طريقتهم هذه سواء السدنة أو السالكين - ماكو فرق - اما دنيويا فلان انتظار الظهور (انتظار الفرج الحقيقي) عجل الله فرج المهدي (سلام الله عليه)، انتظار الفرج صحيح صباحا ومساءً - اذا هاليوم ، باجر، بعد شهر، بعد سنة - ظهر فسوف يستاصلهم عن جديد الارض ولا يغفر لهم توبة ابدا ينسد باب التوبة عند ظهوره. اذن يبادرون لحساب انفسهم ويصفون اعمالهم الجيد من غير الجيد حبيبي لهم جيد ويبيض وجههم امام الله سبحانه وتعالى. مضافا الى انهم اذا يريدون فائدة دنيوية من الجهة الدينية وان كان هذا عمل شرك لكنه اذا كانوا يريدون ذلك، فالتوبة تجعل حسن الظن بهم وحسن السمعة بهم في المجتمع وفي الحوزة وبين المؤمنين بطبيعة الحال.
وانا جربت هذا الاسبوع نحن عشناه فيما بينهم فكل من حصل منه رد فعل معادي فقد برهن على صدق التهمة بالنسبة اليه.
لكن انا رأيت جماعة منهم مرتاحين كأن الكلام ليس معهم. لانه يعلم هو ليس هكذا اذن لماذا يحمل هما، السيد محمد الصدر ما سبّه ولا تكلم عليه انما تكلم على غيره الذي هو (مو خوش آدمي). الذي يقول انه سيد محمد الصدر ما تكلم جيدا اذن هو غير جيد.
فلا ينبغي ان يكون رد الفعل معاديا - لاحظوا - شأنهم في ذلك شأن مشركي قريش حينما حاربوا رسول الله (صلى الله عليه واله) او المسلمين حين ارادوا هدايتهم ورعايتهم وارادوا الخير لهم في الدنيا والاخرة. نحن لا نريد والله تعالى لا يريد طبعا والدين ايضا لا يريد ان يكون لهؤلاء سواء السدنة أو السالكين لهم اسوة بمشركي قريش الذين حاربوا رسول الله (صلى الله عليه واله) وانما المتوقع منهم جميعهم اياً كانوا ان تكون لهم اسوة بمشركي قريش الذي اسلموا واهتدوا ورجعوا إلى الصواب وحسن اسلامهم.
فمن يقول للفاسق انت فاسق وللخاطىء انت خاطىء وللمنحرف انت منحرف انما ذاك ليس لمصلحة المتكلم والا لو كان كذلك لشتمه وسبه وغلط عليه ليس انه ينبهه من نومة الغافلين وافعال المجرمين وانما يريد بذلك تنبيهه وهدايته حتى ان الإمام الحسين عليه السلام وعظ المعسكر المعادي له بمختلف انواع المواعظ ليس للنجاة منهم وهو يعلم انهم قاتلوه وانما لاقامة الحجة عليهم. وقد اثرت هذه المواعظ في البعض القليل جدا منهم وهو الحر (سلام الله عليه) ولربما مع ابنه وخادمه كما في بعض الروايات. ليس هذا فقط بل الحسين عليه السلام بكى على حال اعدائه من حيث انهم سيقومون بمثل هذه الجريمة الشنعاء التي لا مثيل لها في تاريخ البشرية وربما في تاريخ الكرة الارضية ويتحمسون ويخلصون للظالم وللدنيا وللمتاع الرخيص ويذرون رحمة الله وتعاليم الله وثواب الله تعالى وراء ظهورهم كانهم لا يعلمون ان هذه حال مبكية ومزرية حقا.
فليس الامر بالمعروف والنهي عن المنكر مظهرا من مظاهر الشتم والعداء لاي واحد من المجتمع، بل هي حب له وشفقة عليه وفي مصلحته صرفا ومحضا.
وباب الله مفتوح دائما ورحمته متوفرة دائما وباب التوبة مفتوح دائما وباب الحوزة مفتوح دائما وباب السيد محمد الصدر مفتوح دائما، ما دمت انا في الحياة وفي المسؤولية. ومادام الإنسان (اي المكلف) في الحياة ونفسه يصعد وينزل فباب التوبة مفتوح امامه وليس عليه الا ان يلتفت الى نفسه وماله ويحاسب نفسه ويثمن اعماله ويسمع ويصغي إلى من امره بالمعروف ونهاه عن المنكر.
فانا من هنا ادعو كلتا الطائفتين الى التوبة وقد لا تكون التوبة سهلة والتوبة ليس معناها العلاقة مع السيد محمد الصدر وان كان هذا هو الاقرب الى نفسي الامارة بالسوء لكنه عقلي لا يريدها. اطيعوا الله فقط اطيعوا الله فقط، اي واحد على وجه الارض يطيع الله فقط.
فاذا بدل السدنة والخدمة تصرفاتهم الخارجة عن تعاليم الدين والتزموا بشريعة سيد المرسلين بالدقة والوضوح وليس بالخديعة والمكر فهذا يكفي جدا لاجل ان يكونوا هم الجيل الامثل والافضل للسدنة والخدمة من اجيالهم السابقة، لا انهم يقولون (( اننا وجدنا اباءنا كذلك يفعلون ، أو لو كان اباؤهم في ضلال مبين)).
وليست توبتهم سهلة فان مثالهم في ذلك مثال من كانت كل امواله وافعاله حراما كبائع الخمر أو المغني أو المحترف السرقة واضرابهم. وكيف يحلل مثل هذا الإنسان ماله وافعاله لانها كلها سرقة من اموال المعصومين واولاد المعصومين والمساجد المقدسة.
وهناك قصة بسيطة : انه مر على عيسى بن مريم (على نبينا وعليه السلام) رجل فقال له اجعلني من اصحابك. فاجابه: اخرج من مالك واتبعني، فاسف لذلك (تأذى وراح)، لانه كان رجلا ثريا متمولا ولا يريد ان يخرج من ماله وان كان فيه صلاح آخرته واتباع نبيه واتباع شريعته واغلب الناس هكذا ما دام هذا السرطان هنا موجود منتهين منه، هو منتهي حبيبي.
وكذلك اهل السلوك ان بدلوا سلوكهم واقوالهم وافعالهم، واقبلوا إلى الطريق الصحيح فاهلا بهم وسهلا ولكن بشرط ان يقيموا الحجة الشرعية الاطمئنانية على ذلك وليس مجرد الكلام والمواعيد : نعم سيدنا انا راح اصير بهذا الشكل وبطلت. اتخدعني ؟! لا، انما تستطيع ان تخدع الله! وحاشا الله المطلع على السرائر والقلوب والظواهر والبواطن والخواص والعوام، سبحان الله ! والا فانا واياهم على طرفي نقيض اقولها من هنا :
اولا: يجب عليهم جميعا ان يتركوا تسليك الاخرين تسليكا كاملا سواء ممن كان في طريق السلوك او الذي لم يسلك بعد، فان الله تعالى ارحم بكل الناس وبهؤلاء من هؤلاء الشيوخ جميعا.
ثانيا: ان يتركوا التعرض للامور الباطنية والعرفانية في كل احاديثهم اطلاقا سواءً في خطبة او في مجتمع او امام افراد عائلته او اي شيء، ويكتموا باطنهم كتمانا تاما الا عن الله سبحانه وتعالى.
ثالثا: ان يمحصوا عقائدهم ويعيدوا النظر فيها فما كان منها حقا اخذوا به وما كان منها باطلا نبذوه. والباطل ـ الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه ـ، الحمد لله الباطل كثير عندهم، عدد معتد به من عقائدهم مع شديد الاسف.
رابعا: ان يعلنوا ترك هذا الطريق الشائك الباطل ويقيموا الحجة الشرعية الاطمئنانية على تركه وعندئذ سوف اقبلهم والحوزة سوف تقبلهم وكل من فعل ذلك فجزاه الله خيرا ويبقى حسابه على الله وليس على سيد محمد الصدر ، والله تعالى ((يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات)) وكذلك في اية اخرى ((ويعفو عن كثير)).
فالتفتوا انتم السالكون وانتم السدنة والخدمة الى مصالحكم الاخروية والى مصلحة المجتمع الدينية الحقيقية ولا تاخذكم في الله لومة لائم ولا تقدموا حب الدنيا على حب الاخرة، وحب العاجل على حب الاجل، وحب الشهرة والمال والسيطرة التي اعمت ابصار الملايين ودفعتهم لقمة سائغة إلى الشيطان والى جهنم وبئس المصير. وانا اجلكم عن ذلك عن هذا الضلال وانتم تعيشون قرب امير المؤمنين وفي ارض النجف الاشرف وفي ارض الكوفة المقدسة وقرب تعاليم دينكم الحنيف في الحوزة الشريفة. انا وكذلك الله تعالى ورسوله والمعصومون نريد منكم ان تكونوا اول المتعظين واول المطيعين وخير المطبقين لتعاليم سيد المرسلين جزاكم الله خير جزاء المحسنين.
بسم الله الرحم الرحيم
الم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك * الذي انقض ظهرك * ورفعنا لك ذكرك * فان مع العسر يسرا * ان مع العسر يسرا * فاذا فرغت فانصب * والى ربك فارغب * صدق الله العلي العظيم

ابو علي 22-03-2012 12:48 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة الثامنة عشر 20 جمادي الثاني 1419
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين اياك نعبد واياك نستعين وصلى الله على خير خلقه محمد النبي الكريم وعلى اله الطيبين الطاهرين.
إِلهِي إِلَيْكَ أَشْكُو نَفْساً بِالسُّوءِ أَمَّارَةً وَإِلى الخَطِيئَةِ مُبادِرَةً وَبِمَعاصِيكَ مُولَعَةً وَلِسَخَطِكَ مُتَعَرِّضَةً، تَسْلُكُ بِي مَسالِكِ المَهالِكِ وَتَجْعَلُنِي عِنْدَكَ أَهْوَنَ هالِكٍ كَثِيرَةَ العِلَلِ طَوِيلَةَ الاَملِ إنْ مَسَّها الشَرُّ تَجْزَعُ وَإنْ مَسَّها الخَيْرُ تَمْنَعُ مَيَّالَةً إِلى اللَّعِبِ وَاللَّهْوِ مَمْلُوَّءة‌ بِالْغَفْلَةِ وَالسَّهْوِ تُسْرِعُ بِي إِلى الحَوْبَةِ وَتُسَوِّفُنِي بِالتَّوْبَةِ، إِلهِي أَشْكُو إِلَيْكَ عَدُوَّا يُضِلُّنِي وَشَيْطانا يُغْوِينِي قَدْ مَلأَ بالوِسْواسِ صَدْرِي وَأَحاطَتْ هَواجِسُهُ بِقَلْبِي، يُعاضِدُ لِيَ الهَوى وَيُزَيِّنُ لِي حُبَّ الدُّنْيا وَيَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ الطَّاعَةِ وَالزُّلْفى، إِلهِي إِلَيْكَ أَشْكُو قَلْباً قاسِياً مَعَ الوَسْواسِ مُتَقَلَّباً وَبِالرَّيْنِ وَالطَّبْعِ مُتَلَبِّساً، وَعَيْناً عَنْ البُكاءِ مِنْ خَوْفِكَ جامِدَةً وَإِلى ما يَسُرُّها طامِحَةً، إِلهِي لا حَوْلَ لِي وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِقُدْرَتِكَ وَلا نَجاةَ لِي مِنْ مَكارِهِ الدُّنْيا إِلاّ بِعِصْمَتِكَ؛ فأَسْأَلُكَ بِبَلاغَةِ حِكْمَتِكَ وَنَفاذِ مَشِيَّتِكَ أَنْ لا تَجْعَلَنِي لِغَيْرِ جُودِكَ مُتَعَرِّضا ولا تُصَيِّرَنِي لِلْفِتَنِ غَرَضا، وَكُنْ لِي عَلى الأَعْداءِ ناصِراً وَعَلى المَخازِي وَالعُيُوبِ ساتِراً وَمِنَ البَلاءِ وَاقِياً وَعَنْ المعاصِي عاصِماً بِرأْفَتِكَ وَرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين.
ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما.
لبيك ربي وسعديك وسبحانك اللهم صل على محمد وال محمد وبارك على محمد وال محمد كما صليت وباركت على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد. صلوا على محمد وال محمد.
اللهم ارحم محمدا وال محمد كما رحمت ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد.
اللهم سلم على محمد وال محمد كما سلمت على نوح في العالمين اللهم امنن على محمد وال محمد كما مننت على موسى وهارون صلوا على محمد وال محمد.
اللهم صل على محمد وال محمد كما شرفتنا به اللهم صل على محمد وال محمد كما هديتنا به اللهم صل على محمد وال محمد وابعثه مقاما محمودا يغبطه به الاولون والاخرون صلوا على محمد وال محمد
على محمد واله السلام كلما طلعت شمس او غربت على محمد واله السلام كلما طرفت عين او برقت على محمد واله السلام كلما ذكر السلام على محمد واله السلام كلما سبح الله ملك او قدسه السلام على محمد واله في الاولين والسلام على محمد واله في الاخرين والسلام على محمد واله في الدنيا والاخرة. صلوا على محمد وال محمد.
تكلمنا في الخطبة الاولى من الجمعة السابقة عن ان الفرد ينبغي ان يحاسب نفسه وينظر الى اعماله واقواله فان وجد الطاعة حمد الله عليها وان وجد المعصية او التقصير استغفر الله تعالى منه.
فالان ايضا اقول : اسأل نفسك هل انت تعادي بعض المؤمنين الذين ثبت اخلاصهم لله عز وجل وتنتقده وتستغيبه وتقاطعه، ام لا ؟ فان كنت كذلك فاعلم ان هذا ليس لصالح الطرفين ولا لصالح المجتمع ولا لصالح الدين ككل.
اما بالنسبة إلى الطرفين الذين هما انت وصاحبك فاعلم انه وان نال هو منك البلاء الدنيوي بشتمه والاعراض عنه ومقاطعته الا انه هو سيحصل على الثواب الاخروي، وانت ستحصل على العقاب الاخروي وتكون في ذلك شأن يزيد بن معاوية عليه اللعنة والعذاب حين صار سببا لمزيد الثواب للحسين (عليه السلام) واصحابه واهل بيته (عليهم السلام). فانه يكون مسؤولا امام الله تعالى ومعاقبا باشد العقاب، فلعلك تنال من العقاب ما يشبه ذلك وكلما كان صاحبك اكثر اخلاصا وايمانا كان عقابك اكثر واشد الما.
واما بالنسبة الى مصلحة المجتمع والدين، فاعلم انه لا يستفيد من ذلك الا الاعداء المتربصون في خارج الحدود وفي داخل الحدود وبشكل كامل ومركز وبمختلف الاساليب والشعارات.
يكفي ان يحصل من ذلك احد امرين او كلا الامرين:
الامر الاول: قلة الفائدة الدينية والمصلحة العامة لوضوح انكما او اي فردين في الواقع لو كنتما متكاتفين ومتعاضدين لاستطعتما ان تنفعا المجتمع اكثر بقليل او بكثير، فالتنافر والتناحر يورث قلة الاعمال الصالحة وقلة المصلحة العامة وقلة رضاء الله عز وجل.
الامر الثاني : ما يمكن ان يحصل من التنافر والتناحر من امور مزعجة ومضاعفات مخزية ويكفي ان نتصور او نتخيل ما يعمله البعض، لاحظوا هذه قصة موجودة وموجودة ايضا ومطبقة عند عدد من الناس: انهم يضعون ديكين يتصارعان والحاضرون يضحكون ويستانسون فسوف يكون هذا الضحك في محل كلامنا، يرون ان المؤمنين كالديكين يتصارعان حتى يسقطان ويكون هذا الضحك من قبل الاخرين في مصلحة الشيطان وضد مصلحة الرحمن كما قالوا في الحكمة: (اتفقوا على باطلهم وتفرقتم عن حقكم).
مضافا الى انك ينبغي ان تسأل نفسك عما اذا كان الحق معك وليس معه كما انت ترى لنفسك ان الحق معك وليس معه مع انك قد تكون مخطئا. والخطأ على مثل هذه المستويات قد يسبب كارثة او جريمة ضد المصلحة الخاصة والعامة معا. فقد يكون الحق معه وليس معك وهذا هو مقتضى كونه مؤمنا مخلصا صالحا كما هو المفروض. فلماذا لا يكون هو الى جنب الحق وانت تكون الى جنب الباطل والعياذ بالله ؟ المهم ان ماذا ؟ ان تلاحظ نفسك في مثل ذلك في علاقاتك العامة. فتكون قد ناقشت الرحمن بدل ان تناقشه وليس ان تناقش الشيطان. وبتعبير آخر تكون قد مثلت طرف الشيطان وانت تريد ان تمثل طرف الرحمن.
وهذا المعنى شامل لكل قضايا المجتمع على الاطلاق ولكل الطبقات حتى القضايا الحوزوية بطبيعة الحال، بل لعل القضايا الحوزوية اكثرها اهمية وصعوبة سواء في ذلك الافكار التي تدعم السيد محمد الصدر او التي تدعم الاخرين.
وعلى اي حال فانت كمؤمن ومتورع ولا تريد ان تكون خاطئا في رايك ومنحرفا في عقيدتك والعياذ بالله، يجب عليك ان تحتاط في كلامك فانه كما قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم ((ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد)) وكذلك ((اذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد)). ورقابة الله سبحانه اهم رقابة وهو اسمع السامعين وابصر الناظرين واشد المعاقبين.
ومعنى الاحتياط هنا : ـ اليس تحتاط في علاقاتك يعني ماذا ؟ ـ هو ان تتاكد من قولك قبل ان تلفظه، ومن فعلك قبل القيام به وانجازه. بحيث يكون لديك قناعة كاملة بانتسابه إلى الدين والى رضا رب العالمين ورضا السادة المعصومين (سلام الله عليهم اجمعين). لا اننا نناقش بالاحتمالات والاشاعات فتكون قد قلت زورا بدل ان تقول حقا، وتكون قد طعنت بالحق بدلا عن الطعن بالباطل ولو احتمالا. فعليك التاكد مائة بالمائة من هذه النواحي فان استغلال الاعداء موجود والصيد بالماء العكر موجود وضعاف النفوس كثيرون. وانا اريد والله تعالى يريد والمعصومون يريدون ان يكون كل المؤمنين اهل نفوس قوية واراء جلية وقلوب نقية وافعال دقية ورضية. لا انهم يلقون انفسهم بالظن والتهمة فيكونون قد بداوا بظلم انفسهم قبل ظلم نفوس الاخرين.
فالمهم فيما ليس لك فيه قناعة حقيقة ان تسكت ولا تشارك فيما يحتمل ان يكون باطلا او ضلالا والعياذ بالله. والا فقد يقال لك كما قيل لغيرك وهو بيت الشعر الذي قاله الشاعر:
اذا كنت لا تدري فتلك مصيبة .... او كنت تدري فالمصيبة اعظم
وان وجدت من المصلحة او من الضروري ان تشارك او ان تتكلم او ان تتصرف فليكن كلامك كلام المتورعين وتصرفاتك تصرفات المؤمنين. واذا كنت شاكا فعليك بالسؤال من اهل الفضل والفهم والعلم من الحوزة وغيرها.
والعمدة هنا ـ لاحظوا انا قلت انه تسأل من اهل الفضل والعلم ـ في الحقيقة اهل الفضل والعلم غير كافٍ، بل المهم هو العلم والاخلاص. فاسأل العالم المخلص وهو من تطمئن الى دينه مضافا الى انك تطمئن الى علمه ولا تقتصر على واحد في السؤال بل عليك ان تجمع القرائن والدلائل ووجهات النظر من امثال هذه الطبقة الطيبة من الناس، حتى اذا ما حصل لك الاطمئنان والقناعة برأي معين مرضي لله عز وجل ولرسوله ولأمير المؤمنين فعليك عندئذ ان تتصرف بحكمة وبما تعرف من المصلحة الدينية فليس كل حق يقال وليس كل باطل ينتقد -ظاهرا يعني - بل كل ذلك حسب المصلحة وان كان كذلك في القلب بيننا وبين الله سبحانه وتعالى الا ان بيانه يحتاج الى تشخيص المصلحة وهذا صعب على عامة الناس الا انني اوصيهم بالاحتياط من هذه الجهة ليحصلوا على رضا الله تعالى ويحصلوا على مصلحتهم الخاصة في الاخرة ومصلحتهم الدينية في الدنيا ولا يكونوا من المفسدين والعياذ بالله.
بسم الله الرحمن الرحيم
قل هو الله احد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفؤا احد*
الجمعة الثامنة عشر 20 جمادي الثاني 1419
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم ان كنت قد عصيتك فاني قد اطعتك في الايمان مني بك منّا منك علي لا منا مني عليك. واطعتك في احب الاشياء اليك لم اتخذ لك ولدا ولم ادع لك شريكا. وقد عصيتك في اشياء كثيرة على غير وجه المكابرة ولا الخروج عن عبوديتك ولا الجحود لربوبيتك ولكن اتبعت هواي وازلني الشيطان بعد الحجة علي والبيان فان تعذبني فبذنوبي غير ظالم لي وان تعف وترحمني فبجودك وكرمك يا كريم. اللهم ان ذنوبي لم يبق لها الا رجاء عفوك وقد قدمت الة الحرمان فانا اسألك اللهم بما لا استوجبه واطلب منك ما لا استحقه. اللهم ان تعذبني فبذنوبي ولم تظلمني شيئا وان تغفر لي فخير راحم انت يا سيدي. اللهم انت انت وانا انا. انت العواد بالمغفرة وانا العواد بالذنوب. وانت المتفضل بالحلم وانا العواد بالجهل. اللهم فاني اسألك يا كنز الضعفاء يا عظيم الرجاء يا منقذ الغرقى يا منجي الهلكى يا مميت الاحياء يا محيي الموتى انت الله لا اله الا انت. انت الذي سجد لك شعاع الشمس ودوي الماء وحفيف الشجر ونور القمر وظلمة الليل وضوء النهار وخفقان الطير. فاسألك اللهم يا عظيم بحقك على محمد واله الصادقين وبحق محمد واله الصادقين عليك وبحقك على علي وبحق علي عليك وبحقك على فاطمة وبحق فاطمة عليك وبحقك على الحسن وبحق الحسن عليك وبحقك على الحسين وبحق الحسين عليك. فان حقوقهم عليك من افضل انعامك عليهم وبالشأن الذي لك عندهم وبالشأن الذي لهم عندك.
صل عليهم يا رب صلاة دائمة منتهى رضاك واغفر لي بهم الذنوب التي بيني وبينك وارض عني خلقك واتمم علي نعمتك كما اتممتها على ابائي من قبل ولا تجعل لاحد من المخلوقين علي فيها امتنانا وامنن علي كما مننت على ابائي من قبل.
اللهم صل على علي امير المؤمنين ووال من والاه وعاد من عاداه وضاعف العذاب على من شرك في دمه. اللهم صل على فاطمة بنت نبيك محمد عليه واله السلام والعن من آذى نبيك فيها. اللهم صل على الحسن والحسين امامي المسلمين ووال من والاهما وعاد من عاداهما وضاعف العذاب على من شرك في دمائهما. اللهم صل على علي بن الحسين امام المسلمين ووال من والاه وعاد من عاداه وضاعف العذاب على من شرك في دمه. اللهم صل على محمد بن علي امام المسلمين ووال من والاه وعاد من عاداه وضاعف العذاب على من شرك في دمه. اللهم صل على جعفر بن محمد امام المسلمين ووال من والاه وعاد من عاداه وضاعف العذاب على من شرك في دمه. اللهم صل على موسى بن جعفر امام المسلمين ووال من والاه وعاد من عاداه وضاعف العذاب على من شرك في دمه. اللهم صل على علي بن موسى امام المسلمين ووال من والاه وعاد من عاداه وضاعف العذاب على من شرك في دمه. اللهم صل على محمد بن علي امام المسلمين ووال من والاه وعاد من عاداه وضاعف العذاب على من شرك في دمه. اللهم صل على علي بن محمد امام المسلمين ووال من والاه وعاد من عاداه وضاعف العذاب على من شرك في دمه. اللهم صل على الحسن بن علي امام المسلمين ووال من والاه وعاد من عاداه وضاعف العذاب على من شرك في دمه. اللهم صل على الخلف من بعده امام المسلمين ووال من والاه وعاد من عاداه وعجل فرجه. اللهم صل على ذرية نبيك. اللهم اخلف نبيك في اهل بيته. اللهم مكن لهم في الارض. اللهم اجعلنا من عددهم ومددهم وانصارهم على الحق في السر والعلانية.
اتقو الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
الان اسال نفسك هل انت تصافي اعداء الدين وتجاملهم وتصادقهم وتعمل باعمالهم او ببعض اعمالهم مع علمك بحالهم ومقالهم واهدافهم ؟ وهل يكون عندك تجاههم ما يسمى باقل الايمان وهو الاستنكار القلبي ؟ وقد قلت في بعض مؤلفاتي ان هذا الاستنكار القلبي ملازم مع الايمان لا ينفك عنه لان الفرد الذي لا يجد الاسف في نفـسه ليـس بمؤمن اطلاقا، بل هو مثل صاحبه في الانحراف والفساد ويكون مشمولا لمثل قولهم (عليهم السلام): (الراضي بفعل قوم كفاعله) وقولهم: (الله يحشره مع من احب). واذا وجدت عيبا او حراما او فعلا حراما ولم تستنكر قلبيا، فمعنى ذلك انك تحبه وتحب ان تكون مثله فيكون هذا هو العيب الرئيسي لك امام الله سبحانه وتعالى.
مع الالتفات الى ان الاستنكار القلبي خال من التقية لانه لا يعلم به احد الا الله سبحانه وتعالى بخلاف الاستنكار باليد واللسان فانه تابع للظروف فقد يكون محكوما بحكم التقية وقد ورد التقية (ديني ودين آبائي) وورد (لا دين لمن لا تقية له) غير ان الافعال القلبية الخفية خارجة عن حكم التقية كالصوم فانه يمكن الا يعلم به الا الله سبحانه وتعالى فيخلوا من الرياء ومن هنا ورد في الحديث القدسي ( الصوم لي وانا أجزي به) او (اُجزى به).
وكذلك الافعال القلبية الاخرى من الطاعات والمعاصي كلها لا يكون فيها بيان واعلان الا اذا اراد صاحبها الاعلان عنها كالصبر والتوكل والذكر والخشوع وكذلك المعاصي القلبية والعياذ بالله كالاعتراض والشك والوسوسة وسوء الظن بالله او سوء الظن بالمؤمنين وغير ذلك ونعوذ بالله من كل زلل.
فالمهم ان يشعر الفرد المؤمن قلبيا بالمباينة والمفارقة بين اهل الايمان واهل النفاق، أو قل بينه وبين المنافقين، فنحن قوم وهم قوم ايا كانت جهة النفاق هذه وهي عديدة كما نعلم وتعلمون. فقد نكون معا متعاشرين معهم في مجتمع واحد او احيانا في اسرة واحدة او سوق واحد او مصلحة واحدة او دائرة او مستشفى او مدرسة ونحو ذلك ونعاملهم ونجاملهم ولكن هم قوم ونحن قوم عند الله عز وجل ،لا حشرنا الله معهم كما ورد (كن فيهم ولا تكن منهم) لاننا لا نعتقد باعتقادهم ولا نستهدف هدفهم ولا نقول بقولهم ولا نعمل بعملهم كائنا من كانوا على وجه الكرة الارضية. فنجد الكثيرين جدا ممن لا مانع لديه من عمل المحرمات العامة والخاصة، فهو يكذب ويستغيب ويؤذي المؤمنين وآخر يشرب الخمر ويتعامل بالربا وآخر يزني ويلوط وكثيرون جدا هم الذين يعتبرون سلوتهم التلفزيون بما فيه من اغاني محرمة وصور خلاعية ومسلسلات اجنبية لم توضع ولم تؤسس اصلا الا لاخراج الناس عن ورعهم وعفتهم ودينهم.
وليتهم حينما يملكون جهاز التلفزيون ان يستعملوه بالحلال فلا يغضبوا الله سبحانه وتعالى لكانوا احسن صنعا نسبيا، ولكن لذة النفس الامارة بالسوء انما هي بالعصيان والطغيان والتمرد امام الله سبحانه وتعالى وتجد في ذلك لذة ونشوة، كما قال الشاعر الفاجر
رمضان ولى هاتها يا ساقي .... مشتاقة تسعى الى مشتاق
وهي الخمر قبحها الله ولعن كل شاربيها على وجه الارض كائنا من كانوا ، او قول الشاعر :
(هيا نعصي جبار السماوات) والعياذ بالله للذة نفسه الامارة بالسوء هذا السرطان الذي لا يمكن قتله الا باذن الله الا من رحم الله وعصم الله.
فهو (هذا الشاعر وكل من يكون امثاله) يعترف بوجود الله ويعترف بعقابه ولكنه يجد للعصيان لذة لا تقاوم فيلقي نفسه على المحرمات ويكثر منها مع ان هذه اللذة هي الامتحان الالهي الكبير الذي يجب تجنبه والخلاص منه مهما كان صعبا كما قال الشاعر :
يا لها لذة آن ان حلت .... تجلب الذل لهم والعطبا
اعيد البيت :
يا لها لذة آن ان حلت .... تجلب الذل لهم والعطبا
اي في الدنيا والاخرة معا.
يكفي في ذلك انها تورط الفرد في الدنيا والاخرة، واوضح مثال على اللذة المحرمة: لذة السكر بشرب الخمر، فانها لذة لا تقاوم مع وجود الادمان، مع ان حرمة شرب الخمر من ضروريات الدين ونص رب العالمين في القرآن الكريم.
ومع ذلك، سبحان الله .. في المجتمع المسلم نجد كثير من الحانات وبيوت الخمر منتشرة في كثير من بلدان العراق وغير العراق، وهذا من الخزي على المجتمع المسلم والمؤمن بطبيعة الحـال. فنطالب من هنا باغلاقها جميعا عن بكرة ابيها ولا يبقى لها باقية.
اذن فجملة من اللذائذ يجب الاجتناب عنها وهي محرمة وممنوعة والا لا يمكن ان يكون الفرد مؤمنا ولا متورعا اصلا كما هو واضح جدا.
الخطوة الاخرى: ان الإنسان إذا كان مؤمنا ومتورعا لحقته تعاليم اخرى وتمارين اخرى تصعد به في درجات الكمال من حيث ان كل لذة دنيوية، وان كانت مباحة تكون مرجوحة في درجات الايمان العليا، ومنه يقول في الدعاء: (اللهم اني اتوب اليك من كل لذة بغير ذكرك)، لانني حينما تلذذت بهذه اللذة نسيت ذكر الله سبحانه وتعالى وانشغلت باللذة نفسها ونسيت ان الشعور باللذة اساسا من خالقها ؟ ومن جالبها ؟ ومن الذي ركبه بي ؟ جل جلاله انما هو من نعم الله سبحانه وتعالى. فلم اذكر ذلك ولم اشكر على ذلك فخاب عملي في ذلك الحال وهي اوقات كثيرة تمر على الانسان على ذلك بل لعل كل حياته على ذلك كما يقول في القرآن الكريم ((وكأين من اية في السماوات والارض يمرون عليها وهم عنها معرضون)).
بقي ان اشير باختصار إلى مطلب اخر وهي : ان الاخبار تصل عن حصول المنع عن عدد من صلوات الجمعة في بعض البلدان. وهذا من المؤسف ان يحصل ، بعد ان ثبت بالتجربة والعيان:
اولا : انها لا ربط لها بالسياسة اصلا، وانما المراد بها فقط تربية المجتمع وانشاء الافراد الصالحين وتكثير الطاعات والصالحات وتقليل المآثم والعصيان ونشر جو من الاخوة والتكافل بين افراد المجتمع .
ثانيا: ثبت بالتجربة والعيان انها عز للدين وللمجتمع امام كل الاعداء ويحصل بها أيضاً التماثل في التصرف بين مختلف المذاهب الاسلامية، هم يصلون ونحن نصلي . وليس من المعقول ان تمنع بعض صلوات الجمعة من فئة أو مذهب ولا تمنع من فئة أو مذهب اخر ، مع اننا جميعا نشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله، ونقدس القبلة والقران الكريم. فالرجاء غض النظر عن اقامة صلوات الجمعة في اي مكان كان.
بسم الله الرحمن الرحيم
اذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجا * فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا *
صدق الله العلي العظيم

ابو علي 22-03-2012 12:48 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة التاسعة عشر
27 ربيع الثاني 1419
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
انا سوف اقرأ الدعاء طبعا وكلما انتهيت من فقرة فالرجاء ان تقولوا (لا اله الا الله).
بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
رَبِّ أَدْخِلْنِي فِي لُجُّةِ بَحْرِ أَحَدِيَّتِكَ وَطَمْطامِ يَمِّ وَحْدانِيَّتِكَ وَقَوِّنِي بِقُوَّةِ سَطْوَةِ سُلْطانِ فَرْدانِيَّتِكَ حَتَّى أَخْرُجَ إِلى فَضاءِ سَعَةِ رَحْمَتِكَ وَفِي وَجْهي لَمَعاتُ بَرْقِ القُرْبِ مِنْ آثارِ رحِمانيَتِكَ مَهِيباً بِهَيْبَتِكَ عَزِيزاً بِعِنايَتِكَ مُتَجَلِّلاً مُكَرَّماً بِتَعْلِيمِكَ وَتَزْكِيَـتِكَ، وَأَلْبِسْنِي خِلَعَ العِزَّةِ وَالقَبُولِ وَسَهِّلْ لِي مَناهِجَ الوُصْلَةِ وَالوُصُولِ وَتَوِّجْنِي بِتاجِ الكَرامَةِ وَالوَقارِ وَأَلِّفْ بَيْنِي وَبَيْنَ أحِبَّائِكَ فِي دارِ الدُّنْيا وَدارِ القَرارِ وَارْزُقْنِي مِنْ نُورِ اسْمِكَ هَيْبَةً وَسَطْوَةً تَنْقادُ لِيَ القُلُوبُ وَالأَرْواحُ وَتَخْضَعُ لَدَيَّ النُّفُوسُ وَالأشْباحُ، يامَنْ ذَلَّتْ لَهُ رِقابُ الجَبابِرَةِ وَخَضَعَتْ لَدَيْهِ أَعْناقُ الاكاسِرَةِ لامَلْجَأً وَلامَنْجاً مِنْكَ إِلاّ إِلَيْكَ وَلا إعانَةَ إِلاّ بِكَ وَلا اتِّكاءَ إِلاّ عَلَيْكَ، إدْفَعْ عَنِّي كَيْدَ الحاسِدِينَ وَظُلُماتِ شَرِّ المُعانِدينَ وَارْحَمْنِي تَحْتَ سُرادِقاتِ عَرْشِكَ يا أكْرَمَ الاكْرَمِينَ.
أَيِّدْ ظاهِري فِي تَحْصِيلِ مَراضِيكَ وَنَوِّرْ قَلْبِي وَسِرِّي بِالاطِّلاعِ عَلى مَناهِجِ مَساعِيكَ، إلهِي كَيْفَ أَصْدُرُ عَنْ بابِكَ بِخَيْبَةٍ مِنْكَ وَقَدْ وَرَدْتُهُ عَلى ثِقَةٍ بِكَ ؟ وَكَيْفَ تُؤْيِسُنِي مِنْ عَطائِكَ وَقَدْ أَمَرْتَني بِدُعائِكَ ؟ وَها أَنا مُقْبِلٌ عَلَيْكَ مُلْتَجِيٌء إِلَيْكَ باعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ أعْدائِي كَما باعَدْتَ بَيْنَ أعْدائِي، إخْتَطِفْ أَبْصارَهُمْ عَنِّي بِنُورِ قُدْسِكَ وَجَلالِ مَجْدِكَ إنَّكَ أَنْتَ الله المُعْطِي جَلائِلَ النِّعَمِ المُكَرَّمَةِ لِمَنْ ناجاكَ بِلَطائِفِ رَحْمَتِكَ، ياحَيُّ ياقَيُّومُ ياذا الجَلالِ وَالاكْرامِ، وَصَلَّى الله عَلى سَيِّدِنا وَنَبِيِّنا مُحَمَّدٍ وآلِهِ أجْمَعينَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ .
كأفضل ما صليت وباركت وترحمت على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد
اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
وقع في يدي قبل ايام، وانا اتأمل ماذا ينبغي ان اقول في خطبة صلاة الجمعة ، وقع في يدي كتاب "الاكليل" لابي محمد الحسن اليماني المعروف بابن الحائك الهمداني، وهو كتاب يحتوي اكثره على ما يسميه المؤلف ب"القبوريات"، وهي اخبار وقصص عن قبور قديمة حصل الكشف عنها. وقد الفت نظري احد تلك الاخبار، صفحة 138 من الكتاب يقول فيه .. فيه عبرة اريد ان اعرضها عليكم .. :
روى هشام عن ابيه عن صالح الكلبي عن ابن عباس قال: ذكرنا احاديث القبور في مجلس رسول الله (صلى الله عليه واله)، فانشعبت منا فيه فنون كثيرة فلم يبق فينا احد الا حدّث حديثا. فاقبل رجل من جهينة، فلما رآه رسول الله (صلى الله عليه واله)، قال: اتانا من يُحدّث فيحسن. فلما جاء سلم ثم جلس، فقال: افيكم رسول الله (صلى الله عليه واله) .. ما يعرفه كاعد ويه الناس كأحدهم .. وفي رواية اخرى يدخل الداخل يقول: من منكم محمد؟ .. هيج هاذهو تكبر بعد ماكو يلبس كما يلبس الاخرون، ويتكلم كما يتكلم الاخرون، ويمشي كما يمشي الاخرون، على كل حال .. فلما جاء سلم ثم جلس، فقال: افيكم رسول الله؟ قلنا نعم ها هو ذا، فقام اليه مسرعا فقبّل يده، فقبضها عنه رسول الله (صلى الله عليه واله)، ثم قال: .. لاحظوا ماذا قال .. (ان هذه حمقة من حمقات الاعاجم) .. ربما الاكاسرة أو القياصرة أو المتنفذين منهم، كانوا يفعلون هذا الفعل، وطبعا تعلمون ان كل غير عربي فهو اعجمي، وليس المقصود امة او لغة معينة).. ان هذه حمقة من حمقات الاعاجم كانوا يستطيلون على الناس بتجبرهم، فاذا جلسوا في مجالسهم، ودخل عليهم منْ دونهم، تملقهم بمثل هذا، ليستجلب به رأفتهم، وان تحية الاسلام المصافحة. فقال: يارسول الله اني اتيتك من بين ظهراني قومٍ حرشتهم الجاهلية فقست قلوبهم، ومرنت على التكذيب خلودهم، واني احب الاسلام فاتيتك فيه راغبا، فاشرع لي اعلامه لأودي فرائضه التي عليّ .. الى اخر الخبر.
المهم محل الشاهد تقبيل اليد، التي رسول الله (صلى الله عليه واله) في هذه الحادثة سحبها من هذا الرجل، ولم يقدمها لتقبيل يده.
وفي الوسائل ابواب احكام العِشرة، عن علي بن مزيد صاحب السابري، قال: دخلت على ابي عبد الله(عليه السلام) فتناولت يده فقبلتها، فقال: (اما انها .. اي التقبيل .. اما انها لاتصلح الا لنبي او وصي نبي).
وحسب فهمي، فان السر في ذلك هو ان تقبيل اليد، يكون بالنسبة الى من تُقبّل يده .. من تبوس ايد واحد يكون بالنسبة اليه نحوا من التكبر والانانية، والشعور بالاهمية بالنفس الامارة بالسوء، وشكل من اشكال الاستعلاء بالباطل، وعلى غير الحق، وفي يوم القيامة يحشر الفرد ويسأل لماذا قدمت يدك للتقبيل؟ فماذا يجيب؟ مع ان حبال الدنيا يومئذ كلها متقطعة، هل يقول كان ذلك طلبا للدنيا، او للشهرة، او للمال، او للتعارف الاجتماعي، او للتكبر؟‍‍ ‍‍طبعا كل ذلك منقطع في يوم القيامة، ولا يقبله الله سبحانه وتعالى.
ومن هنا ورد كما سمعنا، (انها لاتكون الا لنبي او وصي نبي) اي للمعصومين بالذات، او واجبي العصمة، عليهم افضل الصلاة والسلام. وهم الانبياء والاولياء عليهم السلام، لان نفوسهم ليست امارة بالسوء، لانهم معصومون. اما انا وامثالي، من ذوي النفوس الضعيفة، والقلوب المخلوطة، فهي مؤثرة لامحالة، ( تقبيل اليد طبعا ) مؤثرة لامحالة تاثيرا دنيويا متسافلا، حتى وان كان قَصَد الطرف الاخر المُقبِل قصدا حسنا وبنية حسنة، الا ان فيه جانبا سيئا ايضا حتى على الاخر، لان الفرد الذى تُقبّل يده اذا تورط امام الله سبحانه، فان الذى ورطه .. من هو الذي ورطه ؟ انما هو هذا الذي قبل يده، فهو يضره في الاخرة، يصير واسطة على ان يضره (هذا الذي قبّل يده) في الاخرة ، فيكون هو متورطا ايضا. لانه يضر المؤمن من هذه الجهة.
وليس في الاخبار استحباب تقبيل اليد، ولا خبر واحد فضلا عن الكثير. واتحدى اي شخص، ياتي بما يدل على الاستحباب. بل ان نفس الرواية السابقة، بل كلتا الروايتين السابقتين، تدل على مرجوحيته لغير المعصومين بالذات، لانه يقول : (اما انها لاتصلح الا لنبي او وصي نبي)، يعني اذا لم يكن الفرد هكذا ، لم يكن الفرد معصوما بالذات ، فلا يصلح له تقبيل اليد. وامارة ذلك .. سبحان الله بيني وبينك علامة ، ليس بيني وانما بينك وبين الله علامة وهو انه شوفه هل يغضب اذا لم تقبل يده ؟ او انه يطلب بلسان الحال ان تقبل يده ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍؟
فماذا يكون حاله امام السميع العليم القاهر القادر جل جلاله؟ ويكفينا الخبر الذي بداتُ به هذه الخطبة، للدلالة على الكراهة، انها حمقة من حمقات الاعاجم، وطلب من اساليب طلب الدنيا، لا اكثر ولا اقل خوفا منه تُقبل يده حتى تتجفى شره، وتنال خيره، لا اكثر من ذلك. وانما كان تقبيل اليد اسلوبا من اساليب المجاملة، والتقرب إلى السلاطين والمسيطرين، لكسب المنفعة الدنيوية منهم لا اكثر، ولذا يعبر عنها النبي (صلى الله عليه واله) في الرواية (انها حمقة من حمقات الاعاجم) وانما هي من عمل الشيطان، وعمل الدنيا، وعمل النفس الامارة بالسوء، الحماقة ما هي الا امثال ذلك ؟ ولو كانت مستحبة لما وصفها النبي (صلى الله عليه واله) بمثل هذه الصفة. والرواية، وان كانت ضعيفة، الا انها تامة بأدلة التسامح بأدلة السنن. وهي قاعدة صحيحة يستعملها الفقهاء لتتميم كثير من المستحبات والمكروهات المروية بالروايات الضعيفة.
والمسالة ليست خاصة بالحوزة كما ربما الان في خاطركم ، لا، بل لعل كل وجهاء الناس، واصحاب السطوة والنفوذ في المجتمع، تقبل ايديهم ، كرؤساء العشائر، والمتقدمين في السن، وغيرهم، ومثلا رب الاسرة ، وهكذا. فالخطاب لهم جميعا، ومن جميعهم يكون ذلك قبيحا امام الله وامام رسوله (صلى الله عليه واله). زين
ولكن تعالوا بنا الى المصافحة، التي هي الادب الرئيسي من اداب الله، واداب الاسلام عند لقاء المؤمنين، وليس هو تقبيل اليد بطبيعة الحال. ففي الوسائل اخبار تكاد ان تكون متواترة بذلك.
فعن ابي عبيدة، قال: سمعت ابا جعفر الباقر سلام الله عليه، يقول: (اذا التقى المؤمنان فتصافحا، اقبل الله بوجهه عليهما وتحاتت (اي تساقطت) الذنوب عن وجوههما حتى يتفرقا). وفي رواية اخرى: (وتساقطت عنهما الذنوب كما يتساقط الورق من الشجر).
وعن يونس عن رفاعة، قال: سمعته يقول: (مصافحة المؤمن افضل من مصافحة الملائكة). وعن السكوني عن ابي عبد الله عليه السلام، قال: (تصافحوا فانها تذهب بالسخيمة).
وعن ابي جعفر عليه السلام، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله): (اذا لقي احدكم اخاه فليسلم عليه وليصافحه، فان الله عز وجل اكرَمَ بذلك الملائكة، فاصنعوا صنع الملائكة).
وفي حديث اخر عن ابي عبد الله، قال: (انتم في تصافحكم في مثل اجور المجاهدين). وعن ابي عبيدة الحذاء، قال: قال ابو جعفر الباقر (سلام الله عليه): (ان المؤمن اذا صافح المؤمن تفرقا من غير ذنب).
صلوا على محمد وآل محمد
وعن ابي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله): (اذا تلاقيتم، فتلاقوا بالتسليم والتصافح، واذا تفرقتم، فتفرقوا بالاستغفار). والاخبار في ذلك متظافرة ومتواترة.
والنتيجة ، ان المؤمنين اذا تلاقيا وتصافحا، فقد عملا المستحب والادب الاسلامي الذي يرضي الله ورسوله والمعصومين، وافترقا من غير ذنب. واما اذا حصل تقبيل اليد فقد افترقا بذنب. اما من مد يده فعليه الوزر والمسؤولية. واما الاخر فعليه مسؤولية توريط صاحبه بالذنب.
يبقى شيء واحد اؤجله الى الجمعة الاتية، اذا بقيت الحياة، وهو انك تسأل وكثيرون يسالون بهذا الصدد، ان تقبيل اليد اكرام لذرية رسول الله (صلى الله عليه واله)، فهذا ما سوف اجيبه في الجمعة الاتية اذا بقيت الحياة، واذا لم تبق الحياة فاسالكم الفاتحة والدعاء.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ * الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ * كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ * فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ
صدق الله العلي العظيم

الجمعة التاسعة عشر
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
لَكَ الْمحْمِدَةُ أنْ اَطَعْتُكَ، وَلَكَ الْحُجَّةُ أنْ عَصَيْتُكَ، لا صُنْعَ لي وَلا لِغَيْري في اِحْسان إِلاّ بِكَ، ياكائِناً قَبْلَ كُلِّ شَيْيء ، وَيا مُكَوِّنَ كُلِّ شَيْيء ، اِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْيء قَديرٌ، اَللّـهُمَّ اِنّي اَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَديلَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَمِنْ شَرِّ الْمَرْجِعِ فِي الْقُبُورِ، وَمِنَ النَّدامَةِ يَوْمَ الاْزِفَةِ، فَاَسْاَلُكَ اَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، واَنْ تَجْعَلَ عَيْشي عَيْشَةً نَقِيَّةً وَميتَتي ميتَةً سَوِيَّةً، وَمُنْقَلَبي مُنْقَلَباً كَريماً، غَيْرَ مُخْز وَلا فاضِح، اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ الاْئِمَّةَ، يَنابيعِ الْحِكْمَةِ وَاُولِى النِّعْمَةِ وَمَعادِنِ الْعِصْمَةِ، وَاْعصِمْني بِهِمْ مِنْ كُلِّ سُوء، وَلا تَأخُذْني عَلى غِرَّة، وَلا عَلى غَفْلَة، وَلا تَجْعَلْ عَواقِبَ اَعْمالي حَسْرةً، وَارْضَ عَنّي فَاِنَّ مَغْفِرَتَكَ لِلظّالِمينَ، وَاَنَا مِنَ الظّالِمينَ اَللّـهُمَّ اغْفِرْ لي ما لا يَضُرُّكَ، واَعْطِني ما لا يَنْقُصُكَ، فَاِنَّكَ الْوسيعُ رَحْمَتُهُ، الْبدَيعُ حِكْمَتُهُ، وَاَعْطِني السَّعَةَ وَالدِّعَةَ، والاْمْنَ وَالصِّحَّةَ، وَالْبُخُوعَ وَالْقُنُوعَ، وَالشُّكْرَ وَالْمُعافاةَ، والتَّقْوى وَالصَّبْرَ، وَالصِّدْقَ عَلَيْكَ وَعَلى اَوْلِيائِكَ، وَالْيُسْرَ وَالشُّكْرَ، وَاَعْمِمْ بِذلِكَ يا رَبِّ اَهْلي وَوَلَدي وَاِخْواني فيكَ وَمَنْ اَحْبَبْتُ وَاَحَبَّني، وَوَلَدْتُ وَوَلَدَني مِنَ الْمُسْلِمينَ وَالْمُؤْمِنينَ يا رَبَّ الْعالَمينَ .
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لا تَنْفَدُ خَزائِنُهُ، وَلا يَخافُ آمِنُهُ، رَبِّ اِنِ ارْتَكَبْتُ الْمَعاصِيَ فَذلِكَ ثِقَةٌ مِنّي بِكَرَمِكَ اِنَّكَ تَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِكَ، وَتَعْفُو عَنْ سَيِّئاتِهِمْ، وَتَغْفِرُ الزَّلَلَ، وَاِنَّكَ مُجيبٌ لِداعيكَ وَمِنْهُ قَريبٌ، وَاَنَا تائِبٌ اِلَيْكَ مِنَ الْخَطايا، وَراغِبٌ اِلَيْكَ في تَوْفيرِ حَظّي مِنَ الْعَطايا، يا خالِقَ الْبَرايا، يا مُنْقِذي مِنْ كُلِّ شَديدَة، يا مُجيري مِنْ كُلِّ مَحْذُور، وَفِّرْ عَلَيَّ السُّرُورَ، وَاكْفِني شَرَّ عَواقِبِ الاْمُورِ، فَاَنْك اللهُ عَلى نَعْمائِكَ وَجَزيلِ عَطائِكَ مَشْكُورٌ وَلِكُلِّ خَيْر مَذْخُورٌ .
وصلى الله على سيدنا ونبينا خير الاولين والاخرين، وخير الخلق اجمعين، وعلى اله الطيبين الطاهرين، افضل واحسن واكمل واجزل وازكى وانمى وافضل، ما صلى على احد من انبيائه ورسله ومن الخلق اجمعين، انه على كل شيء قدير.
اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
ومن الامور السائرة والمشهورة جدا في الحوزة الشريفة وغيرها نداء المؤمن بضمير الجمع، يقول له: (جئتم، وقلتم، وذهبتم)، ولايجوز في نظره مخاطبته بضمير المفرد. لاحظ ، مع اننا نخاطب الله بضمير المفرد ! كقوله في بعض الادعية: (اللهم انك قلت في كتابك المنزل). وفي القران الكريم، لعلي لا احفظ الاية: ((تعلم ما في نفسي ولا اعلم ما في نفسك انك انت علام الغيوب )). ونخاطب المعصومين عليهم السلام، بضمير المفرد، كقوله في بعض الزيارات: (اني اشهد انك تسمع سلامي وترد جوابي). فهل كان هؤلاء المؤمنين اعظم شأنا من الله ورسوله ؟! الا حسب دعاوى النفس الامارة بالسوء، وطلب الدنيا والشهرة.
واصبح هذا راسخا، حتى اصبحت اللغة الفارسية يعيدون فيها ضمير المخاطب وضمير الغائب جمعا، يقول (هم قالوا، وهم ذهبوا) ونحو ذلك ، يقصد الواحد بطبيعة الحال. وهذا ايضا من المؤسف بطبيعة الحال. شانه في ذلك شان تقبيل اليد. واما اذا غضب الفرد لعدم تقبيل يده، او لاجل عدم مخاطبته بالجمع، بل مخاطبته بالضمير المفرد. فاعلم انه خارج من رحمة الله، وداخل في غضب الله. وقد رووا في ذلك رواية تقول: (ان المؤمن بجماعة)، فكانه اذاً يجب اعادة الضمير اليه، (ضمير جماعة)، او (ضمير الجمع)، وهذه الرواية لاوجود لها اطلاقا، ولو كانت موجودة فهي مرسلة وضعيفة السند وليست بحجة. ولو تنزلنا وقبلناها امكن ان نفهم منها معنى اخر غير اعادة ضمير الجمع، ولا ربط لها بذلك اصلا، وهو التركيز .. لاحظوا هذا مهم جدا .. وهو التركيزعلى اهمية المؤمن، ومدى ارتفاع شأنه عند الله، ومدى تاثيره في المجتمع، فان تاثيره كتاثير الجماعة كما يعبرون (واحدٌ كألف) و كما يعبرون عن واحد انه كفرقة كاملة في الجيش بكامل اسلحتها. والمؤمن المخلص الشجاع كذلك بطبيعة الحال..
صلوا على محمد وال محمد
مرة ثانية رجاءا
مرة ثالثة رجاءا
مرة رابعة رجاءا
مرة خامسة رجاءا
وهذا لايعني انه ليس فردا واحد إذا كان مهما جدا ، صحيح ولكنه لا يعني انه ليس فردا واحداً بحيث يجب في اللغة ان تعيد الضمير اليه مفردا، ومن الغلط في اللغة اعادة الضمير اليه جمعا. بل الوارد في الروايات، ايضا لاحظوا هذا لا يخلو من الاهمية هُو اختصاص الضمير بالمفرد وعدم امكان ارجاعه إليه جمعا. ففي الحديث عن منصور بن حازم عن ابي عبد الله الإمام الصادق (سلام الله عليه)، قال: (ثلاثة ترد عليهم رد الجماعة، وان كان واحدا. عند العطاس تقول يرحمكم الله، وان لم يكن معه غيره. والرجل ليسلم على الرجل فيقول السلام عليكم. والرجل يدعو للرجل يقول عافاكم الله وان كان واحدا، فانَّ معه غيره). وهذه واضحة بالحصر في هذه الموارد الثلاثة ،معناه انه في غير هذه الموارد الثلاثة ممنوع ، مرجوح، ليس من الادب الاسلامي.. هاذهو انتهينا .. فان قلنا باستحبابها ( باستحباب هذه الموارد). فلا دليل على الاستحباب في غيرها، مضافا إلى انها لاتدل على الاستحباب حتى في هذه الموارد. لإمكان ان الامام عليه السلام هنا يريد ان يرفع هذه الغرابة في اعادة الضمير جمعا الى المفرد في هذه الموارد. وهذا الاسلوب هنا اسلوب عرفي، وليس اسلوباً خاصاً بالشرع، فيريد الامام (عليه السلام) ان يرفع الغرابة عن هذا الاسلوب العرفي، مضافا إلى ان الامام (عليه السلام) يحاول ان يصحح هذه الاستعمالات الثلاثة، يقول: (فانَّ معه غيره)، يعني من الملائكة .. انت ما وياك ملائكة؟ انا اقول نعم معك ملائكة، وكل فرد منا معه ملائكة بنص القران الكريم: السائق، والشهيد، والرقيب العتيد، والحافظ، والولي. ((نحن اولياؤكم في الحياة الدنيا والاخرة)). اذن فهذه الاستعمالات ليست غلطا، لإنها فعلا موجهة لمجموعة أي للمؤمن وملائكته.
وهذا لايصحح اعادة الضمير دائما في الجمع، لا لا ، لأن عافاكم الله، والسلام عليكم، دعاء للمؤمن وللملائكة. واما قولنا ذهبتم، وقلتم، ونحو ذلك يكون غلطاً ، لأن الفرد قال ولم تقل الملائكة شيئاً، والفرد ذهب ولم تذهب الملائكة، والفرد نام والملائكة لاتنام، والفرد اكل الطعام والملائكة لاتأكل الطعام. تقول له نمتم واكلتم ليست الملائكة قد فعلت! إذن يكون كذبا حبيبي. زين
الخطوة الاخرى التي لا تخلو من الاهمية: ومن العيوب المستحكِمة في داخل الحوزة وفي خـارجها، الجـلسة الشريفة في المجـلس، أو مـا يسمى بـ(صـدر الـمجلس)، فانه يُقصد من قبل الـكثيرين حتى يـكون فيه ضـيق شـديد علـى الجالسين، ومـع ذلـك يقولـون للـداخلين: يسع، يسع. صلوا على محمد وال محمد ، في حين انه يدل ايضا كسوابقه على الانانية والتكبر وتركيز الذات المرجوح اخلاقيـا والـممقوت امـام الله سبحانه وتعـالى. اليس رسول الله اسوة لنا ؟! الان سمعنا شنو شكال ؟ (مـن هـُو منكم محمد؟). سـبحان الله، لـو جان كاعد بالصدر جان سأل هذا السؤال ؟!، احنه غُفْلة ؟!. اليس رسول الله (صلى الله عليه واله) اسوة لنا، وكذلك قادتنا وسادتنا المعصومون ؟ اذن فلنسمع الروايات عنهم وعن تواضعهم، فان كانوا اسوة لنا إذن وجب علينا التواضع، وترك العادات التي تركز التكبر والانانية. ومن الواضح انه كلما صعد الفرد في درجات الايمان، قل تكبره، وزاد تواضعه، حتى يصل إلى درجة لايرى لذاته أية اهمية واي وجود. وإنما تحصل مثل هذه العادات نتيجة لنقاط الضعف التي يريد الفرد ان يغطيها ويسترها من نفسه، وهو يعلم ان ذاته الحقيقية ما هي ؟ وما فيها من قصور وتقصير ؟ كما قال الله تعالى ((بل الانسان على نفسه بصيرة ولو القى معاذيره))، يشيلك ويحطك كذا وكذا وهو كاذب في كل ما قال. صلوا على محمد وال محمد.
واما الاخبار فعن ابي سليمان الزاهد عن ابي عبد الله الصادق (سلام الله عليه)، قال: .. شوفوا .. (من رضي بدون الشرف من المجلس .. اعيدها لو لا ؟ .. من رضي بدون الشرف من المجلس لم يزل الله وملائكته يصلون عليه حتى يقوم) وهي نص بالاستحباب الاكيد للرضا بدون الشرف من المجلس ـ ومن ذا الذي لايطمع بصلاة الله تعالى عليه وملائكته ـ وضعف سندها مجبور بادلة التسامح بادلة السنن، وهي صحيحة (هذه القاعدة) من هذه الناحية واجماعية.
وعن عبد الله ابن المغيرة عمن ذكره عن ابي عبد الله عليه السلام، قال: (كان رسول الله صلى الله عليه واله إذا دخل منزلاً قعد في ادنى المجلس إليه حين يدخل).. ادنى المجلس قريب الباب ما يروح يقصد هناك في الكذا والكذا ..
وعن هارون بن خارجة عن ابي عبد الله عليه السلام، قال: (ان من التواضع ان يجلس الرجل دون شرفه). اقول ومن الواضح ان التواضع ليس للناس بل لله، ومن هنا ورد (من تواضع لله رفعه الله، ومن تكبر على الله اذله الله).
صلوا على محمد وال محمد
وعن علي بن ابراهيم عن ابيه عن النوفلي عن السكوني – وهي معتبرة سنداً في المشهور وانا اؤيد هذا المشهور- عن ابي عبد الله (عليه السلام)، قال: (من التواضع ان ترضى بالمجلس دون المجلس) أي دون المجلس الذي يناسبك .. زين .. (وان تسلم على من تلقى) كائنا من كان، مو انه أنا مثل ذلك الي يكول: ما املطخ شواربي من دم الارنب.. لا ، تواضع له وسلم عليه قربة للعزيز الحكيم .. هاذهو .. مو تكول انه ينبغي ان اسلم على فد واحد كشخة، اما الفقير والمتدني لا اسلم عليه. اذن انت خارج من رحمة الله وداخل في غضب الله.
صلوا على محمد وال محمد
(من التواضع ان ترضى بالمجلس دون المجلس، وان تسلم على من تلقى، وان تترك المِراء وان كنتَ محقا) مو الانانية ان تدافع عن نفسك وعن ارائك الذي ما معلومة هي صدك او جذب . لا، تواضع لله واسكت. (ولا تحب ان تحمد على التقوى) انا صمت وانا صليت صلاة الليل وانا رحت زرت الحسين في ليلة الجمعة !! اسكت. الله يدري لو مايدري ؟! طبعا يعلم. فان كنت عندك اهمية لديه يقبلها منك، واما ان تورط نفسك بالرياء، فتعسا لك.
صلوا على محمد وال محمد
بل ورد المنع اخلاقيا عن تقديم الطاعة، والتبجح بها حتى إلى الله سبحانه، حتى إلى الله لاتقل انا اطعتك وانا صليت لك، لا ، قدم بس ذنوبك ، المعصوم يقول ليس لي عمل استحق به الجنة، فكيف انا وامثالي من المتدنين الحقراء. اعتبروا يا اولي الابصار، إلى متى انتم غفلة وملوصين بالذنوب والدنيا الدنية والنفس الامارة بالسوء ؟ إلى متى ؟ اشعر حبيبي ! ، صلوا على محمد وال محمد
وعن ابن عباس قال: كان رسول الله (صلى الله عليه واله) .. اكو اعظم من رسول الله .. كان رسول الله (صلى الله عليه واله) يجلس على الأرض، ويأكل على الأرض، ويعتقل الشاة .. مو يطيهه لواحد شيخنا سيدنا تعال شدلياهه ، هو يشدهه ، ترفس بوجهه ويشدهه .. ويعتقل الشاة ويجيب دعوة المملوك إلى خبز الشعير، لا يحتشم من دعوة المملوك فضلا عمن هُو اشرف منه ، زين ، فهل في الحوزة وغير الحوزة شخص اشرف من رسول الله ( صلى الله عليه واله) حتى المراجع حتى سيد محمد الصدر؟ وهل في الحوزة شخص يقبل بمثل هذه الامور التي كان يقوم بها رسول الله ( صلى الله عليه واله) حتى المراجع حتى سيد محمد الصدر ؟ وانا اقدم ذنوبي امامكم الان.. هل واحد يقبل ان يجلس على الارض وياكل على الأرض ويعتقل الشاة ويجيب دعوة المملوك على خبز الشعير ؟ فليكن الواحد منا كما ورد : حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا وعاتبوها قبل ان تعاتبوا واعلموا ان امامكم عقبا كؤودا ولايمر فيها إلا الافضل عند الله سبحانه وتعالى.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)
صدق الله العلي العظيم

ابو علي 22-03-2012 12:49 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة العشرون 4 جمادي الاولى 1419

الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وآلِهِ وَهَبْ لِيَ الْغَداةَ رِضاكَ وَاَسْكِنْ قَلْبى خَوْفَكَ وَاقْطَعْهُ عَمَّنْ سِواكَ حَتّى لا اَرْجُوَ وَلا اَخافَ إلاّ إِيّاكَ اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وآلِهِ وَهَبْ لى ثَباتَ الْيَقينِ وَمَحْضَ الاِخْلاصِ وَشَرَفَ التَّوْحيدِ وَدَوامَ الاِسْتِقاَمة وَمَعْدِنَ الصِّبْرِ والرِّضا بِالْقَضاءِ وَالْقَدَرِ يا قاضِيَ حَوائِجِ السّائِلينَ يا مَنْ يَعْلَمُ ما في ضَميرِ الصّامِتينَ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وآلِهِ وَاسْتَجِبْ دُعائى وَاغْفِرْ ذَنْبى وَاَوْسِعْ رِزْقي وَاقْضِ حَوائِجي في نَفْسي وَاِخْواني في ديني وَاَهْلي اِلـهي طُمُوحُ الامالِ قَدْ خابَتْ إلاّ لَدَيْكَ وَمَعاكِفُ الْهِمَمِ قَدْ تَعَطَّلَتْ إلاّ عَلَيْكَ وَمَذاهِبُ الْعُقُولِ قَدْ سَمَتْ إلاّ اِلَيْكَ فَاَنْتَ الَّرجاءُ وَانتَ الْمُلْتَجَأُ يا اَكْرَمَ مَقْصُود وَاَجْوَدَ مَسْؤُول هَرَبْتُ اِلَيْكَ بِنَفْسى يا مَلْجَاَ الْهارِبينَ بِاَثْقالِ الذُّنُوبِ اَحْمِلُها عَن ظَهْري لا اَجِدُ لى اِلَيْكَ شافِعاً سِوى مَعْرِفَتي بِاَنَّكَ اَقْرَبُ مَنْ رَجاهُ الطّالِبُونَ وَاَمَّلَ مالَدَيْهِ الرّاغِبُونَ يا مَنْ فَتَقَ الْعُقُولَ بِمَعْرِفَتِهِ وَاَطْلَقَ الاَلْسُنَ بِحَمْدِهِ وَجَعَلَ مَا امْتَنَّ بِهِ عَلى عِبادِهِ في كِفاء لِتَاْدِيَةِ حَقِّهِ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وآلِهِ وَلا تَجْعَلْ لِلشَّيْطانِ عَلى عَقْلى سَبيلاً وَلا لِلْباطِلِ على عَمَلى دَليلاً .
اَللّـهُمَّ اَنْتَ السَّلامُ وَمِنْكَ السَّلامُ وَلَكَ السَّلامُ وَاِلَيْكَ يَعُودُ السَّلامُ سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلينَ وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمينَ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ السَّلامُ عَلَى الاْئِمَّةِ الْهادينَ الْمَهْدِيّينَ اَلسَّلامُ عَلى جَميعِ اَنْبِيآءِ اللهِ وَرُسُلِهِ وَمَلائِكَتِهِ اَلسَّلامُ عَلَيْنا وَعَلى عِبادِ اللهِ الصّالِحينَ اَلسَّلامُ عَلى عَلِيٍّ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ اَلسَّلامُ عَلَى الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبابِ اَهْلِ الْجَنَّةِ اَجْمَعينَ اَلسَّلامُ عَلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ زَيْنِ الْعابِدينَ اَلسَّلامُ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ باقِرِ عِلْمِ النَّبِيّينَ اَلسَّلامُ عَلى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّد الصّادِقِ اَلسَّلام عَلى مُوسَى بْنِ جَعْفَر الْكاظِمِ اَلسَّلامُ عَلى عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضا اَلسَّلامُ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَوادِ اَلسَّلامُ عَلى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّد الْهادي اَلسَّلامُ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الزَّكِيِّ الْعَسْكَرِيِ اَلسَّلامُ عَلَى الْحُجَّةِ بْنِ الْحَسَنِ الْقآئِمِ الْمَهْدِيِّ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِمْ اَجْمَعينَ .
اليوم اتحدث عن الاخوّة في الايمان، لِأصل منها الى النتيجة التي وعدت بانجازها والتعرض لها في الجمعة السابقة.
والاخوة في الايمان من ضروريات الدين، ونص القران الكريم، قال تعالى .. الم نسمع القران الكريم ؟ .. قال تعالى: ((انما المؤمنون اخوة)) ودلالتها على الحصر بـ (انما)، اي لا يجوز غير ذلك، ولا يمكن غير ذلك. وان الرحم لا دخل لها بالموضوع، والنسب لا دخل له بالاخوة، كما قال في الحكمة: (رب اخ لك لم تلده امك). وهذه الاخوة شرطها الايمان، كما قال تعالى: ((انما المؤمنون اخوة))، وليس بعنوان اخر اطلاقا. فانك إذا ذقت طعم الايمان في قلبك، وبرد الايمان في نفسك، احببت كل مؤمن، سواءً عاشرته، ام لم تعاشره، وسواءً عرفته، ام لم تعرفه، مادمت تعلم انه على حق وعلى الصراط المستقيم. بل ان هذا من ضروريات الايمان، لانك ان كرهت اخاك المؤمن فانت المقصر وليس هو، وانما كرهت مؤمنا والعياذ بالله. وكراهة المؤمن بهذه الصفة كانها كراهة للايمان نفسه والعياذ بالله.
وواضح انك إذا كرهت الايمان فلست بمؤمن، فالعتب عليك وليس عليه. فاذا كنت متحدا معه في الايمان، وفي العمل، وفي الطريق، وفي الهدف، كفى اكيدا في حصول التحابب بينكما، وفي امكان التعاون بينكما.
وبعضهم ينقل قطعة من بيت شعر تقول: اختلاف الراي لا يفسد في الحب قضية. مع ان هذا ليس بصحيح، لان المراد من اختلاف الراي هو اختلاف الهدف، واذا كان هدفه غير هدفي، كيف احبه ؟ واذا كان هدفه غير هدفك فكيف تحبه؟ وانا اعلم ان هدفي حق وهدفه باطل، هدفي اخروي وهدفه دنيوي، هدفي رفيع وهدفه وضيع باذن الله وبتوفيق الله، فكيف احبه؟
وانما لا بد من الشعور فيه في مثل هذه الحالة، انه ليس لي بأخ، بل هو لي عدو، ونحن قوم وهم قوم ـ كما قلت في بعض الخطب السابقة ـ وان كنا نعيش سوية في مكان واحد، ولعله تحت سقف واحد، أيضاً هو ليس لي بأخ، حتى لو كان لي اخ في النسب، فهو ليس لي بأخ في الايمان. ولذا قيل في الحكمة: (كن فيهم ولا تكن منهم). كيف وهم لا يتصفون بالايمان الذي هو الحد الحق للاخوة في الإسلام، وانما يكون مشمولا لقوله تعالى .. ما هو ؟ .. : ((الاعراب اشد كفرا ونفاقا واجدر الا يعلموا حدود ما انزل الله)) الا ان يتوب ويهتدي، فان تاب واهتدى، فاهلا به وسهلا ويكون مشمولا لقوله تعالى: ((واخرين منهم لما يلحقوا بهم))، اي انه بالتدريج الناس يؤمنون ويتوبون، يوجد هناك اناس قابلين للتوبة لم يلحقوا باهل التوبة، سوف يلحقون بهم في المستقبل القريب أو البعيد.
والاخوة – لاحظ – الاخوة ليست هي الصداقة، بل هي اعمق منها وادق واخص. فليس كل صديق اخ، وليس كل صداقة اخوة. بل لعلك تصادق على الدنيا من تعاديه على الاخرة. كما انه ليس كل اخوة صداقة – هو مو صديقك ولكنه اخوك ، كيف يمكن ؟ لانك قد لا تعرف اخاك لانه في مكان بعيد أو زمان بعيد أو في جيل اخر، ومع ذلك فانك تحبه وتتعاطف معه ـ وان لم تره اصلا ، ليش؟ لانه اخ في الايمان ـ وتتعاطف معه ومع كل الاخوة في الايمان والاخوة في الله سبحانه وتعالى الموجودين والماضين والمستقبلين وفي اي زمان ومكان ما دمت تشعر انهم على حق، وانهم معك على طريق واحد، وهدف واحد. بل انت هم وهم انت، لا تختلفان في شيء غير بعض الطبائع الشخصية غير المهمة والتي لا ربط لها بالمصالح العامة والاخروية. زين
وهذه الاخوة لها عمليا جانب سلبي وجانب ايجابي. اما الجانب السلبي – لاحظ شنو هو - فبسلب الحـقد، والبغضاء، والاعتراض، والاضـرار، والاحتـقار للمؤمنين من بعضهم البعض. فان ذلك كله حرام في الاخ في الايمان، مهما كان عمله الدنيوي – طبعا اذا لم يكن محرما والعياذ بالله -مهما كان عمله الدنيوي من المباحات، أو مهما كانت طبقته في المجتمع، أو ثراءه، أو فقره، أو بعده، او قربه – لا دخل له في ذلك اصلا - والجانب الايجابي، هو التحابب، والتراحم، والتعاون على امور الدنيا وعلى امور الاخرة، والتشاور، وتبادل الثقة، والاحترام. زين
اذن فمن جملة ذلك ان يكون مقتضى احترامه ـ الان ندخل الى المطلب الذي انتهينا منه في ذلك الاسبوع ـ اذن فمن جملة ذلك ان يكون مقتضى احترامه هو ان تقبل يده لو كان ذلك مناسبا اجتماعيا. ومن هنا كان لتقبيل اليد عدة مبررات شرعية، فلماذا قلنا في الخطبة السابقة انها ليست بصحيحة؟ :
اولا: التوقع الاجتماعي لذلك، بحيث لو لم تقبل يده فقد احتقرته، أو إذا لم تخاطبه بالجمع فقد احتقرته. واحتقاره حرام، لانه اخ في الايمان. واحتقار الاخ في الايمان حرام لا محالة. زين
ثانيا: انه نحو من الاكرام، وزيادة في الحفاوة للاخ المؤمن. والزيادة في الحفاوة للاخ المؤمن مطلوبة، ولو استحبابا في مثل هذه العلاقات.
ثالثا: ان صديقك قد يكون سيدا علويا من ذرية رسول الله (صلى الله عليه واله)، ولا شك ان اكرام واحترام ذرية رسول الله (صلى الله عليه واله) مطلوبة، واحتقارهم من اشد الكبائر، وايذاءهم من اشد الموبقات. إذن، فانت تقبل يده احتراما لهذه الذرية الشريفة، لان باحترامها احتراما لرسول الله (صلى الله عليه واله) نفسه.
رابعا: انك تحترم العلم الديني الحق، وهذا عالم في الله أو في الشريعة الاسلامية. فيجب عليك ان تحترمه، وان لا تحتقره وذلك يكون غالبا بتوقع تقبيل اليد.
خامسا: انما سبق كله غايات مستحبة وصحيحة لتقبيل اليد. ولكن حتى إذا انحصر الامر بحاجة دنيوية، فلعل لها أيضاً ارتباط بالدين أو بالشريعة – ميصير؟ - كانقاذ شخص من ضرر بالغ، أو قضاء حاجته وضرورته، أو استهداف نفع عام من شخص دنيوي. فانت تقبل يده من اجل النفع العام الدنيوي، بالرغم من انه شخص دنيوي، وهكذا. زين
الان نبدأ المناقشة ،امور لطيفة مرتبة وانتم سمعتم ، واذا غضضنا النظر عن هذا السبب الاخير مؤقتا، امكن تقديم عدة اجوبة عن الاسباب الاخرى، منها واهمها :
انه حسب فهمي ان الشرط الاهم فيمن تقبل يده ان يكون اخا لك في الايمان. واما إذا لم يكن كذلك ـ ليس اخا لك في الايمان ـ فهو لا يستحق تقبيل اليد، كائنا من كان، حتى لو السيد محمد الصدر.
لانك عندئذ، انما تقبل يد عدو الله سبحانه، لانه ليس لك اخ في الايمان، إذن تقبل يد الشيطان ، يد عدو الله سبحانه من حيث تتخيل انك تقبل يد شخص صالح وتعمل مستحبا، لانك عندئذ، انما تقبل يد عدو الله سبحانه من حيث تعلم أو لا تعلم، كما قال الشاعر:
ويد تكبل وهي مما يفتدى .... ويد تقبل وهي مما يقطع
بل حتى لو كان سيدا علويا، ولكنه لم يكن لك اخ في الايمان – ما يصير؟ لا ، يصير- فان تقبيل يده عندئذ يكون نصرا لدنياه، واعانة له على الاثم، وليس احتراما لرسول الله صلى الله عليه واله وذريته. فالافضل لك عند الله سبحانه، الكف عن مثل هذه الاحترامات السمجة، التي يصدق عليها قوله تعالى : ((كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض ما لها من قرار)). بل حتى لو كان لك اخا في الايمان، نتنزل ونقول ان شاء الله هو اخ لك في الايمان، أو انك تحرز بثقته وانه اخ لك في الايمان – ميخالف على العين والراس ، لكن بيه نقطة واحدة - وهو انه يتوقع ان تقبل يده، أو يجد انه من الاحتقار له عدم تقبيل اليد. فان معنى ذلك انه يشعر بالانانية والتكبر والعظمة في غير عظمة الله سبحانه وتعالى، فيكون شيطانا من حيث يعلم أو لا يعلم، ومن حيث تعلم أو لاتعلم. فاذا قبلت يده، فانما تقبل يد الشيطان، وليس هو لك اخ في الايمان، كما تزعم ويزعم. والا لو كان حقيقة لك اخ في الايمان، كما تزعم ويزعم، لما قبل. أو اقلاً ان تقبّل يده على حدٍ سواء ، انه قبلت يده او لا تقبل يده. اما انه يتوقع منك ان تقبل يده فعلا، ولربما في ضميره، أو حتى في لسانه، يهجك انه ليش هيجي ما سويت ، اذا هجه انه لماذا تتوقع ذلك يا عدو الله؟ ، ولذا قلت في الخطبة السابقة : ان كل من يتوقع ان تقبل يده فهو خارج من رحمة الله وداخل في غضب الله.
زين أكو فكرة صغيرة اكولهه ، وانا حين كنت ـ في حياتي وإلى الان ـ كنت ولازلت اسحب يدي عن التقبيل، كنت شاذا، وغريبا على الحوزة والمجتمع، والامل في الله سبحانه وتعالى، وفي المؤمنين امثال هذه الوجوه الطيبة، ان ياتي يوم قريب ان شاء الله – ان شاء الله قريب - يكون الامر فيه بالعكس. بحيث يكون من تُقبّل يده شاذ وغريب، ويكون من الواضح للمؤمنين انه بذلك يكون طالبا للدنيا والشهرة والشهوة، فتنتفي منه الناس، وتبتعد عنه الناس، ويعرفون انه غير مستحق لتقبيل اليد بينه وبين الله سبحانه وتعالى. ونكمل في الخطبة الاتية.
بسم الله الرحمن الرحيم
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا
صدق الله العلي العظيم

الجمعة العشرون 5 جمادي الاولى 1419

الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
لا اِلـهَ إلاَّ اللهُ اِلهاً واحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ لا اِلـهَ إلاَّ اللهُ وَلا نَعْبُدُ إلاّ اِيّاهُ مُخْلِصينَ لَهُ الدّينَ وَلَوْ كَرَهَ الْمُشْرِكُونَ لا اِلـهَ اِلاَّ اللهُ رَبُّنا وَرَبُّ آبائنَا الاْوَّلينَ لا اِلـهَ اِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ وَحْدَهُ وَحْدَهُ اَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَاَعَزَّ جُنْدَهُ وَهَزَمَ الاْحْزابَ وَحْدَهُ فَلَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيي وَيُميتُ وَيُميتُ وَيُحْيي وَهُوَ حَىٌّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْء قَديرٌ
سُبْحانَ اللهِ كُلَّما سَبَّحَ اللهَ شَيءٌ وَكَما يُحِبُّ اللهُ اَنْ يُسَبَّحَ وَكَما هُوَ اَهْلُهُ وَكما يَنْبَغي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وَعِزِّ جَلالِهِ وَالْحَمْدُ للهِ كُلَّما حَمِدَ اللهَ شَيءٌ وَكَما يُحِبُّ اللهُ اَنْ يُحْمَدَ وَكَما هُوَ اَهْلُهُ وَكَما يَنْبَغي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وَعِزِّ جَلالِهِ وَلا اِلـهَ اِلاّ اللهُ كُلَّما هَلَّلَ اللهَ شَيءٌ وَكَما يُحِبُّ اللهُ اَنْ يُهَلَّلَ وَكَما هُوَ اَهْلُهُ وَكَما يَنْبَغي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وَعِزِّ جَلالِهِ وَاللهُ اَكْبَرُ كُلَّما كَبَّرَ اللهَ شَيءٌ وَكَما يُحِبُّ اللهُ اَنْ يُكَبَّرَ وَكَما هُوَ اَهْلُهُ وَكَما يَنْبَغي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وَعِزِّ جَلالِهِ سُبْحانَ اللهِ وَالْحَمْدُ للهِ وَلا اِلـهَ اِلاَّ اللهُ وَاللهُ اَكْبَرُ عَلى كُلِّ نِعْمَة اَنْعَمَ بِها عَلَىَّ وَعَلى كُلِّ اَحَد مِنْ خَلْقِهِ مِمَّنْ كانَ أوْ يَكُونُ اِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ اَللّـهُمَّ اِنّي أسْألُكَ اَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد وَأسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ ما أَرْجُو وَخَيْرِ ما لا أرْجُو وَاَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما أحْذَرُ وَمِنْ شَرِّ ما لا أحْذَرُ .
اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد سَيِّدِ الُمُرْسَلينَ وَخاتَمِ النَّبِيّينَ وَحُجَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ الْمُنْتَخبِ في الْميثاقِ الْمُصْطَفى فيِ الظِّلالِ الْمُطَهَّرِ مِنْ كُلِّ آفَة الْبَريءِ مِنْ كُلِّ عَيْب الْمُؤَمَّلِ لِلنَّجاةِ الْمُرْتَجى لِلشَّفاعَةِ الْمُفَوَّضِ اِلَيْهِ دينُ اللهِ، اَللّـهُمَّ شَرِّفْ بُنْيانَهُ وَعَظِّمْ بُرْهانَهُ وَأَفْلِحْ حُجَّتَهُ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ وَاَضِئْ نُورَهُ وَبَيِّضْ وَجْهَهُ وَاَعْطِهِ الْفَضْلَ وَالْفَضيلَةَ وَالْمَنْزِلَةَ وَالْوَسيلَةَ وَالَّدرَجَةَ الرَّفيعَةَ وَابْعَثْهُ مَقاماً مَحْمُوداً يَغْبِطُهُ بِهِ الأوَّلُونَ وَالآخِرُونَ، وَصَلِّ عَلى اَميْرِ الْمُؤْمِنينَ ووارِثِ الْمُرْسَلينَ وَقائِدِ الْغُرِّ الُمحَجَّلينَ وَسَيِّدِ الْوَصِيّينَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعالَمينَ، وَصَلِّ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ اِمامِ الْمُؤْمِنينَ وَوارِثِ الْمُرْسَلينَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعالَمينَ، وَصَلِّ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ اِمامِ الْمُؤْمِنينَ وَوارِثِ الْمُرْسَلينَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعالَمينَ، وَصَلِّ عَلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ اِمامِ الْمُؤْمِنينَ وَوارِثِ الْمُرْسَلينَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعالَمينَ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ اِمامِ الْمُؤْمِنينَ وَوارِثِ الْمُرْسَلينَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعالَمينَ، وَصَلِّ عَلى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّد اِمامِ الْمُؤْمِنينَ وَوارِثِ الْمُرْسَلينَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعالَمينَ، وَصَلِّ عَلى مُوسَى بْنِ جَعْفَر اِمامِ الْمُؤْمِنينَ وَوارِثِ الْمُرْسَلينَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعالَمينَ، وَصَلِّ عَلى عَلِيِّ ابْنِ مُوسى اِمامِ الْمُؤْمِنينَ وَوارِثِ الْمُرْسَلينَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعالَمينَ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ اِمامِ الْمُؤْمِنينَ وَوارِثِ الْمُرْسَلينَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعالَمينَ، وَصَلِّ عَلى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّد اِمامِ الْمُؤْمِنينَ وَوارِثِ الْمُرْسَلينَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعالَمينَ، وَصَلِّ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ اِمامِ الْمُؤْمِنينَ وَوارِثِ الْمُرْسَلينَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعالَمينَ، وَصَلِّ عَلَى الْخَلَفِ الْهادِي الْمَهْدِيِّ اِمامِ الْمُؤْمِنينَ وَوارِثِ الْمُرْسَلينَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعالَمينَ، اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد واَهْلِ بَيْتِهِ الأئِمَّةِ الْهادينَ الْعُلَماء الصّادِقينَ الأبْرارِ المُتَّقينَ دَعائِمِ دينك وَاَرْكانِ تَوْحيدِكَ وَتَراجِمَةِ وَحْيِكَ وَحُجَجِكَ عَلى خَلْقِكَ وَخُلَفائِكَ فى اَرْضِكَ الَّذينَ اخْتَرْتَهُمْ لِنَفْسِكَ وَاصْطَفَيْتَهُمْ عَلى عِبادِكَ وَارْتَضَيْتَهُمْ لِدينِكَ وَخَصَصْتَهُمْ بِمَعْرِفَتِكَ وَجَلَّلْتَهُمْ بِكَرامَتِكَ وَغَشَّيْتَهُمْ بِرَحْمَتِكَ وَرَبَّيْتَهُمْ بِنِعْمَتِكَ وَغَذَّيْتَهُمْ بِحِكْمَتِكَ
اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
ناتي الان إلى بعض النقاط المهمة السائرة اجتماعيا، اهمها :
انك تقبل يد السيد العلوي لمجرد احترام رسول الله (صلى الله عليه واله) وذريته، من دون ان يكون هو متوقعا لذلك، أو شاعرا بالانانية والتكبر وحب الدنيا، وهذا صحيح. ولكن بشرط واحد، وهو ان يشعر السيد نفسه الذي تقبل يده، انك تقبل يده ليس احتراما له، بل هو احترام مباشرة فقط لرسول الله (صلى الله عليه واله). لان صفة السيادة ياحبيبي ليست من مميزاته، ليست من اكتسابه واختياره، وانما هي صفة تكوينية ولادية، منّ الله سبحانه عليه، فهو لا يستحق بذلك شكرا ولا ذكرا.
فاذا شعر السيد الذي تقبل يده ـ كما هو الغالب جدا لا استثني من ذلك احدا الا النوادر الا من عصم الله ـ إذا شعر باية اهمية في نفسه لاجل تقبيل يده، فقد اخطأ، مضافا إلى انك قد اعنته على الاثم من حيث تعلم أو لا تعلم. ولعل العلامة الاهم – لاحظوا – ولعل العلامة الاهم في عدم الشعور بالانانية والاهمية هو ما رايته من اثنين من السادة ، زوار من باكستان، وواضح كونهم سادة من خلال قطعة قماش سوداء صغيرة على راسيهما. واحد قبل يد الاخر، والثاني أيضاً قبل يد صاحبه. فكان هذا قد قبل يد سيد، وهذا قد قبل يد سيد، وجزاهم الله خير جزاء المحسنين.
لان الامر لو كان محضا لرسول الله (صلى الله عليه واله)، لكان كلا الطرفين مستحقا . لا انك تقبل يد سيد محمد الصدر وليس هو يقبل يدك. بالرغم من انك سيد، او قد تكون سيد. فتحترمه لثواب الله الذي حصلت انت عليه، وهو يخسر ثواب الله الذي حصلت انت عليه!! اذن فالمسألة غير مرتبطة برسول الله، وانما لدعاوى وعناوين دنيوية، ومرتبطة بهذا السرطان الشديد الذي هُو النفس الامارة بالسوء.
لاحظوا ان عددا من فضلاء ورجال الدين (اعرفهم وسامع عنهم)، قد يصلي بعضهم جماعة وراء بعض – كول لا ما يصيرحبيبي - اذا اثنيناتهم عدول ،فلماذا هذا يصلي وراء هذا ولا يصلي هذا وراءه؟ ... الواحد يصلي وراء الاخر جماعة شيصير؟ هواي لطيف، لانه واحد يثق بالاخر، واخ في الله للاخر، سبحان الله . ان عددا من فضلاء رجال الدين يصلي بعضهم جماعة وراء بعض كما هُو مروي عن السيد محمد صاحب المدارك (رحمه الله)، الذي هُو من اسرتنا و نسبنا ومن اولاد اعمامنا، والشيخ حسن صاحب المعالم، وقد كانا اولاد خالة، ومتعاصرين في زمن واحد، ومتعاشرين وفضلاء واصدقاء، ويثق احدهم بعدالة الاخر، فيصلي كل منهما وراء الاخر، على اختلاف الايام. اي واحد منهما يصلي يجي الاخر وراءه يصلي لا ان احدهما يتقدم للجماعة دائما، والآخر يتاخر عنها دائما – ماكو هيج شي - بحيث يورث الشعور بالاهمية والانانية وحب الدنيا لامامة الجماعة. وانما المهم هُو حصول الثواب.وهو يحصل فثواب الجماعة يصير للامام والماموم،فمرة امام ومرة ماموم وعلى كل حال فهو حاصل على ثواب الجماعة.
وقد كان احد ائمة الجماعة (لاحظوا هذا الطرف الاخر) حين يذهب إلى صلاة جماعته ـ وجملة من ائمة الجماعة موجودون خل يسمعون ويتعظون، انا ما عندي مانع ـ وقد كان احد ائمة الجماعة حين يذهب إلى صلاة جماعته يقول: انا اذهب إلى الدكان. يعتبره محل تجارة لا اكثر ولا اقل، كأنه يعتبرها محل تجارة للحصول على لقمة العيش، أو الكسب الدنيوي.
في مقابل ذلك انني قد رايت جماعة من فضلاء اسرتي ، وانا رايتهم ليسوا في جيل سابق، لكن الان غير موجودين رحمهم الله من اسرتي واولاد عمي يصلي بعضهم جماعة وراء بعض.
فمن هُو من المراجع يرضى ان يصلي وراء مرجع اخر ؟! ليس الان فقط، في تاريخ النجف منذ الشيخ الانصاري ، قبل وبعد. اي اثنين من المراجع قبل كل منهما ان يصلي كل منهما وراء الاخر، هذا يصلي اولا ثم بعدين يصلي الاخر، هاي صايرة دايرة؟! ما واحد صلى اطلاقا، نقسم من الان. فمن هُو من المراجع يرضى بان يصلي وراء مرجع اخر؟
اما انا (يجوز تحملوني المسؤولية ونعم ما تفعلون) ،اما انا فقد كتبت في الايام الاولى من صلاة جمعة الكوفة، إلى عدد من المراجع للحضور إلى هذه الصلاة، وقلت في الكتاب انك إذا حضرت فانا سوف اقدمك اماما للجماعة واصلي خلفك، فتكون الخطبة لي والامامة لك. وانا اقول بجواز تعدد الخطيب والامام في صلاة الجمعة ، ميخالف ، وحتى لو اراد ذلك المرجع (ايا كان منهم) وحتى الان ، وحتى لو اراد ذلك المرجع ايا كان منهم ان يكون خطيبا، تفضل اخطب وصل بينه ، وانا اكون مستمع واكون ماموم بخدمتك.سبحان الله ، ولازال هذا الامر نافذ المفعول إلى الان.
وقد قلت لبعض الاخوان : ان المراجع لو كانوا قد حضروا ، سبحان الله ، لو كانوا قد حضروا ـ والى الان يمكن تحصيل نفس النتيجة ـ لكان في امكان الحوزة والمذهب، بغض النظر عن السلاح طبعا ـ ونحن عزل من السلاح والحمد لله ـ لـكان في امـكاننا مـجابهة اسرائيل نفسها، بمـا يحصـــل فينا مـن تكاتف وتضامن وعزة بالله وحسن توفيق وعزة بالحق وعزة باهل البيت واطاعة الله واهل البيت. ولكنني ناديتهم فلم يجيبوا طبعا، كما قال الشاعر: لقد اسمعت لو ناديت حيا ….
بقي علينا ان نناقش السبب الاخير الذي ذكرناه في الاحترام وتقبيل اليد، انه تحتاج الى شخصاً دنيوي فتقبل يده، من اجل قضاء حاجتك الشخصية، أو الدينية احيانا. ليش لا ؟ مثلا هكذا نقول وذلك لان الحاجة قد لاتكون شخصية دنيوية، بل قد تكون دينية، أو لاحد المؤمنين المضطرين. وانك تعلم مثلا، ان قضاءها بيد شخص من اهل الدنيا، فانت تقبل يده ليقضي لك الحاجة الدنيوية، وليس في ذلك ضرر. لا، انا اقول ان هذا تسويل من تسويلات الشيطان، كما قال الله سبحانه : ((اصبر وما صبرك الاّ بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون)). يعني ان الله مع الصابرين، وان الصابرين هم الذين اتقوا والذين هم محسنون. ولا حاجة إلى هذه الذلة والاعانة على الاثم والاهانة، وان جلبت مصلحة دينية. وفي الامكان الاستغناء عن تقبيل اليد بمجاملات اخرى، التي قد تكون اقل ذلة واكثر تاثيرا. ليش لا؟
وقد ورد انه لا يجوز للمؤمن ان يذل نفسه. كما انه في نفس الوقت، لا يجوز له ان يعز نفسه بالعزة الدنيوية، وانما المؤمن فقط عزيز بعزة الله، ليس غيره جل جلاله. قال في الدعاء: (فاولياؤه بعزته يعتزون) وقال: ((ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين)). واذا كانت العزة الحقيقية هي فقط لله سبحانه وتعالى، كما هُو الامر كذلك طبعا. إذن فالشعور بالعزة والانانية للذات أو للنفس، انما هي عزة وهمية وشيطانية ومن الشرك الخفي المذموم في الشريعة المقدسة.
فاذا كان الفرد، حتى اخوك في الدين وفي الايمان، يتوقع منك ان تكرمه، أو تحترمه، أو تخاطبه بالجمع، أو تقبل يده، فهو واهم بهذه العزة الوهمية، ومشرك بهذا الشرك الخفي. ومن ثم فهو وان كان لك اخ في الايمان في الظاهر، إلا انه ممن يجب ان تبرا منه في الواقع. فان اكرمته والحال هذه، فقد اعنته على الاثم. ولكن ان احترمته واكرمته، من دون ان يتوقع هُو ذلك، فقد احسنت انت، واحسن هُو. اما انت ففي اكرامك لاخيك المؤمن. واما هُو فلانكاره الانانية والعزة الوهمية. وان اكرامك له فضل منك عليه دون استحقاق له ذاتيا، لا يشعر باستحقاقه الذاتي. فما اكرم والطف هذا المحشر.
ولكن امثال هؤلاء في الناس قليلون، وقد ورد – ليش لان امثال هؤلاء في الناس قليلون ؟ - : ( الدين بدأ غريبا وسيعود غريبا) اي ان الامر بين هاتين الغربتين غير ذلك. وهو ان الذين يدّعون الدين والايمان والاخوة كثيرون، ولكن المخلص والمتفاني قليل على أي حال كما قال الشاعر :
اني لأفتح عيني حين افتحها على كثير ولكن لا ارى احدا
اي جامع للشرائط في الاخلاص، والايمان، والطاعة، والتوجه لله سبحانه وتعالى.
ولكن يوجد جيل، أو اكثر من جيل، وان شاء الله هذا الجيل، كذلك كما قال الله تعالى : ((إذا جاء نصر الله والفتح ورايت الناس يدخلون في دين الله افواجا - ان شاء الله الان يدخلون في دين الله افواجا، صلوا على محمد وال محمد - فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا ))
ففي الامكان ان يدخل الناس كلهم في دين الله افواجا، ويكون كلهم في دين الله متضامنين في دين الله سبحانه وتعالى، وليس انهم فقط على ظاهر الاسلام والشهادتين، بل على مستوى الاخلاص والتفاني والاخوة الواقعية. وليس هذا من رحمة الله ومن فضل الله ببعيد.

بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ
صدق الله العلي العظيم

ابو علي 22-03-2012 12:50 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة الحادية والعشرون 12 جمادي الاولى1419


الخطبة الاولى
لاجل حب القرآن، وطاعة القرآن، الصلاة على محمد وال محمد
لاجل حب الزهراء، وطاعة الزهراء، الصلاة على محمد وال محمد
لاجل حب الحوزة الشريفة، وطاعة الحوزة الشريفة، الصلاة على محمد وال محمد
لاجل حب المرجعية الصالحة، وطاعة المرجعية الصالحة، الصلاة على محمد وال محمد
لاجل حب العدل الاسلامي الكامل، وطاعة العدل الاسلامي الكامل، الصلاة على محمد وال محمد
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
يامَنْ إِذا سَأَلَهُ عَبْدٌ أَعْطاهُ وَإِذا أَمَّلَ ماعِنْدَهُ بَلَّغَهُ مُناهُ وَإذا أَقْبَلَ عَلَيْهِ قَرَّبَهُ وَأَدْناهُ وَإِذا جاهَرَهُ بِالعِصْيانِ سَتَرَ عَلى ذَنْبِهِ وَغَطَّاهُ وَإِذا تَوَكَّلَ عَلَيْهِ أَحْسَبَهُ وَكَفاهُ، إِلهِي مَنِ ذا الَّذِي نَزَلَ بِكَ مُلْتَمِساً قِراكَ فَما قَرَيْتَهُ وَمَنِ ذا الَّذِي أَناخَ بِبابِكَ مُرْتَجِياً نَداكَ فَما أَوْلَيْتَهُ ؟ أَيَحْسُنُ أَنْ أَرْجِعَ عَنْ بابِكَ بالْخَيْبَةِ مَصْرُوفاً وَلَسْتُ أَعْرِفُ سِواكَ مَوْلىً بِالاِحْسانِ مَوْصُوفاً ؟ كَيْفَ أَرْجُو غَيْرَكَ وَالخَيْرُ كُلُّهُ بِيَدِكَ وَكَيْفَ أُؤَمِّلُ سِواكَ وَالخَلْقُ وَالأَمْرُ لَكَ أَأَقْطَعُ رَجائِي مِنْكَ وَقَدْ أَوْلَيْتَنِي مالَمْ أَسْأَلْهُ مِنْ فَضْلِكَ، أَمْ تُفْقِرُنِي إِلى مِثْلِي وَأَنا أَعْتَصِمُ بِحَبْلِكَ؟ يامَنْ سَعَدَ بِرَحْمَتِهِ القاصِدُونَ وَلَمْ يَشْقَ بِنِقْمَتِهِ المُسْتَغْفِرُونَ، كَيْفَ أَنْساكَ وَلَمْ تَزَلْ ذاكِرِي وَكَيْفَ أَلْهُو عَنْكَ وَأَنْتَ مُراقِبِي؟ إِلهِي بِذَيْلِ كَرَمِكَ أَعْلَقْتُ يَدِي وَلِنَيْلِ عَطاياكَ بَسَطْتُ أَمَلِي، فَأَخْلِصْنِي بِخالِصَةِ تَوْحِيدِكَ وَاجْعَلْنِي مِنْ صَفْوَةِ عَبِيدِكَ، يامَنْ كُلُّ هارِبٍ إِلَيْهَ يَلْتَجِيُ وَكُلُّ طالِبٍ إيَّاهُ يَرْتَجِي ياخَيْرَ مَرْجُوٍّ وَياأَكْرَمَ مَدْعُوٍّ وَيامَنْ لا يُرَدُّ سائِلُهُ وَلا يُخَيَّبُ آمِلُهُ يامَنْ بابُهُ مَفْتُوحٌ لِداعِيهِ وَحِجابُهُ مَرْفُوعٌ لِراجِيهِ ؛ أَسْأَلُكَ بِكَرَمِكَ أَنْ تَمُنَّ عَلَيَّ مِنْ عَطائِكَ بِما تَقِرُّ بِهِ عَيْنِي وَمِنْ رَجائِكَ بِما تَطْمَئِنُّ بِهِ نَفْسِي وَمِنَ اليَقِينِ بِما تُهَوِّنْ بِهِ عَلَيَّ مُصِيباتِ الدُّنْيا وَتَجْلُو بِهِ عَنْ بَصِيرَتِي غَشَواتِ العَمى بِرَحْمَتِكَ ياأَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللهم صل على محمد المصطفى، وعلي المرتضى، وفاطمة الزهراء، والحسن المجتبى، والحسين الشهيد بكربلاء. وصل وسلم على علي السجاد، ومحمد الباقر، وجعفر الصادق، وموسى الكاظم، وعلي الرضا، ومحمد التقي، وعلي النقي، والحسن العسكري، والحجة القائم الهادي المهدي. انصرهم بنصرك، وصل عليهم في ارضك وسمائك، واجعلنا معهم في الدنيا والاخرة.
اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
نكون بعد يومين تقريبا أو تحقيقا، في الذكرى السنوية لوفاة الزهراء (سلام الله عليها). فيحسن ان نتحدث عنها بهذا اللسان القاصر المقصر، والقلب الجاهل العاطل . فإن المعصومين (عليهم السلام) أعلى، وأشرف، وأهم، وأخفى من ان يطلع على حقيقتهم احد.
ومن هنا ورد عن رسول الله (صلى الله عليه واله) : (ياعلي ما عرف الله إلا انا وانت وما عرفني إلا الله وانت وما عرفك إلا الله وانا). وهذا معنى التعذر الحقيقي لمن كان دونهم ان يعرف حقيقتهم، أو ان ينال المهم من صفاتهم. فإن تخيّل ذلك وتوهمه فهو الجاهل العاطل على الحقيقة . ولعل كثيرا من المؤلفين في تأريخ المعصومين (عليهم السلام) من مختلف المذاهب يحسبون انهم على شيء، وليسوا على شيء. وانما هم يتكلمون بمقدار امكانهم، وبالمقدار الواصل اليهم من الاحاديث والاخبار، وبمقدار فهمهم لهذه الاحاديث والاخبار. والا فإننا كما لا نفهم المعصومين انفسهم حق فهمهم، كذلك لانفهم كلامهم حق فهمه. نعم، لنا منه المقدار المعتبر من الظهور العرفي فقهيا. الذي ارادوه لنا لتمشية هذه الحياة، ولإزجاء هذه الحاجات، ولتطبيق العدل الممكن بمقدار مستوانا وقابلياتنا، وليس اكثر من ذلك.
والا فالزهراء (سلام الله عليها) لا يقاس بها احد. فهي ام احد عشر اماما من الائمة المعصومين (عليهم افضل الصلاة والسلام)، كلهم يتشرفون بها، ويتبركون بها، ويحمدون الله سبحانه وتعالى على نعمته في انها امهم وجدتهم. كما انها من الناحية النظرية نافذة الامر فيهم، ويجب عليهم اطاعتها، كما يجب عليهم اطاعة علي امير المؤمنين، والرسول (صلى الله عليه واله). فعلي وفاطمة كل منهما امام الائمة، وولي الاولياء، واساس شجرة المعصومين (عليهم السلام). يكفي ان نلتفت إلى انهما والدا الحسن والحسين (عليهما السلام) ونافذا الامر فيهما، ولهما عليهما حق الوالدين، وكذلك هما ـ اي علي وفاطمة (سلام الله عليهما) ـ اشرف من الحسن والحسين (عليهما السلام)، ويجب على الحسن والحسين طاعتهما من باب الولاية العامة عليهما، مضافا إلى الابوة والامومة. فإذا علمنا ان الحسن والحسين خير من الائمة التسعة الذين بعدهم واعظم منهم عند الله سبحانه ، فكيف يكون حال هؤلاء الائمة التسعة بالنسبة الى علي وفاطمة (سلام الله عليهما).
ومن ادلة ذلك ـ اي افضلية الحسن والحسين من سائر الائمةـ انهما من اصحاب الكساء دون من بعدهم طبعا. فاذا وجب على الحسن والحسين اطاعة علي وفاطمة (عليهما السلام)، وجب على الباقين اطاعتهم ايضا بطريق اولى بطبيعة الحال. بل ان اطاعة علي وفاطمة –لاحظوا - اطاعة لرسول الله (صلى الله عليه واله)، بل هي اطاعته عينا.
أما علي فلأنه نفس رسول الله (صلى الله عليه واله)، بدليل قوله تعالى : ((وانفسنا وانفسكم)). وهو صلى الله عليه واله لم يُخرِجْ من الرجال في يوم المباهلة مع نصارى نجران، إلا عليا (عليه السلام)، بإجماع اهل التاريخ والحديث من كل مذاهب الاسلام. فاذا كان علي (عليه السلام) نفس رسول الله (صلى الله عليه واله)، فإذن امره امره، وفعله فعله. ولذا ورد عنه ـ اي عن النبي (صلى الله عليه واله) ـ: (ياعلي انك ترى ما ارى وتسمع ما اسمع). يعني مما يخص الوحي، أو ما في عالم الجبروت، وعالم اللاهوت، وعالم الملكوت، والعالم الاعلى عموما. وهذا الحديث او هذه العبارة مثبتة في نهج البلاغة في بعض خطب امير المؤمنين (سلام الله عليه).
واما الزهراء (عليها السلام)، فقد وردت في فضائلها احاديث كثيرة، من كل اهل الحديث في المذاهب كلها، وفي اعلى واهم كتب الحديث عندنا، واعلى وأهم كتب الحديث عندهم – زين هاي خلصنه منهه - من اهمها قول النبي (صلى الله عليه واله): (فاطمة بضعة مني وهي قلبي وروحي التي بين جنبي فمن آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله).. هي زينة اذية رب العالمين ؟! ، سبحان الله .. زين
فهل يتكلم النبي (صلى الله عليه واله) مجازا كما نحاول ويحاول الناس المتشرعة ان يفهموه، انه قلبي مجازا وروحي مجازا ؟ لا ، لا حاجة إلى المجاز. ان المجاز على خلاف الاصل، وخلاف الظاهر.وان النبي (صلى الله عليه واله) مبرئ عن العاطفة والعصبية الاسرية والابوية اكيدا. وانما لا بد من فهم هذه الاحاديث فهما حقيقيا مطابقا للواقع ، زين ، إذن فهي قلب رسول الله (صلى الله عليه واله)، والقلب ليس هو العضو الذي يوزع الدم، ولربما قلت في بعض الخطب السابقة ذلك. ولذا قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: ((فانه لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)). إذن فهي قلب رسول الله (صلى الله عليه واله) بهذا المعنى – سبحان الله واضح - وماذا عن قلب رسول الله (صلى الله عليه واله) ؟ قلب رسول الله (صلى الله عليه واله) شبيه؟ ماذا يتصف من صفات ؟ حتى تكون هذه الصفات شاملة حتى للزهراء التي هي قلبه في الحقيقة. قال تعالى: ((قل من كان عدوا لجبريل فانه نزله على قلبك باذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين)). وقال جل جلاله: ((وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الامين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين))،زين ، هذه اوصاف قلب رسول الله (صلى الله عليه واله) بنص القران الكريم.
وهي ايضا ،الزهراء (سلام الله عليها) هي ايضا روح رسول الله (صلى الله عليه واله) التي بين جنبيه، كما ينص الخبر – طبعا الذي سمعناه - ولكن ماهي روح رسول الله (صلى الله عليه واله) ؟ وما هي اوصافها ؟ هذا ايضا مما يستحيل لنا التوصل إلى حقيقته، لكننا حين نقول، كما هو المسلم لدى المسلمين والمتشرعة ان النبي (صلى الله عليه واله)، خير الخلق على الاطلاق، وهو فعلا خير الخلق على الاطلاق. فليس ذلك جسده ووجهه وعيناه مثلاً أو أي شيء، لا ، بالرغم من اهميتهما وطهارتهما. وانما تلك روحه العليا، التي هي اعلى المخلوقات، واول المخلوقات، واهمها، واقواها، واعلمها، واقربها إلى الله سبحانه وتعالى وهي خير الخلق اجمعين، بما فيها الانبياء والمعصومين والملائكة، وكل شيء اخر. ولذا كان رسول الله (صلى الله عليه واله) سيد الانبياء والمرسلين، وقد بُعِث الانبياء والمرسلون بالايمان بنبوته، وبميثاق ولايته. وينص على ذلك القران الكريم بوضوح النص، على وجود الاسلام قبل الإسلام، قبل نزول الاسلام على يدي رسول الله (صلى الله عليه واله)، وموجود في فهم الانبياء السابقين. قال تعالى: ((ما كان ابراهيم – سلام الله عليه - يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما)). وقال على لسان ابراهيم واسماعيل عند بناء البيت الحرام : ((ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا امة مسلمة لك)). وقال تعالى : ((ام كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد الهك واله ابائك ابراهيم واسماعيل واسحاق الها واحدا ونحن له مسلمون)). وقال تعالى : ((واذ اوحيت إلى الحواريين ان آمنوا بي وبرسولي قالوا امنا واشهد باننا مسلمون)) – اذا كنت لم احفظ الاية - إلى غير ذلك من الايات الكريمات.
واذا كانت الزهراء سلام الله عليها ، هي قلب رسول الله (صلى الله عليه واله)، وهي روحه التي بين جنبيه. إذن يصدق بكل وضوح ان من احبها فقد احب رسول الله (صلى الله عليه واله)، ومن ابغضها فقد ابغضه، ومن اطاعها فقد اطاعه، ومن عصاها فقد عصاه، ومن اكرمها فقد اكرمه، ومن آذاها فقد آذاه، ومن والاها فقد والى رسول الله ( صلى الله عليه واله ) ، ومن عاداها فقد عاداه.
ومن الطبيعي بل من ضروريات الدين ان من ابغض رسول الله (صلى الله عليه واله) فقد ابغض الله. ومن عصا رسول الله (صلى الله عليه واله) فقد عصا الله. ومن آذى رسول الله (صلى الله عليه واله) فقد اذى الله. ومن اغضب رسول الله (صلى الله عليه واله) فقد اغضب الله. ومن كان مصداقا لاي شيء من ذلك : (اذا اغضب الله او عصى الله أو آذى الله)، وتطبيقا له، فهو خارج عن الإسلام، وفي اسفل درك من الجحيم. والعكس ايضا صحيح، فان من احب رسول الله فقد احب الله. كما قال تعالى : ((يا ايها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف ياتي الله بقوم يحبهم ويحبونه اذلة على المؤمنين اعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم)). وكذلك فان من اطاع رسول الله (صلى الله عليه واله)، فقد اطاع الله. ومن ارضى رسول الله (صلى الله عليه واله)، فقد ارضى الله. ومن تقرب إلى رسول الله (صلى الله عليه واله) فقد تقرب إلى الله. كما قال تعالى : ((محمد رسول الله – صلى الله عليه واله - والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من اثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الانجيل كزرع اخرج شطأه فازره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيض به الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم - ليس كلهم وانما فقط الذين امنوا وعملوا الصالحات - مغفرة واجرا عظيما)). بالرغم من انهم ركع سجد، لكن لا ، يبدوا انهم لم يؤمنوا، ولم يعملوا الصالحات، اكو نماذج من هذا القبيل في كل جيل حبيبي .. وقال تعالى : ((انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة واصيلا ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله يد الله فوق ايديهم فمن نكث فانما ينكث على نفسه ومن اوفى بما عاهد عليه الله فسوف ياتيه اجرا عظيما)).
بسم الله الرحمن الرحيم

وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَٰذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ(3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌغَيْرُمَمْنُونٍ (6) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8)

صدق الله العلي العظيم

الجمعة الحادية والعشرون


12جمادي الاولى1419


الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين.
بسم الله الرحمن الرحيم
إِلهِي مَنْ ذا الَّذِي ذاقَ حَلاوَةَ مَحَبَّتِكَ فَرامَ مِنْكَ بَدَلاً وَمَنْ ذا الَّذِي أَنِسَ بِقُرْبِكَ فَابْتَغى عَنْكَ حِوَلاً، إِلهِي فَاجْعَلْنا مِمَّنِ اصْطْفَيْتَهُ لِقُرْبِكَ وَولايَتِكَ وَأَخْلَصْتَهُ لِوِدِّكّ وَمَحَبَّتِكَ وَشَوَّقْتَهُ إِلى لِقائِكَ وَرَضَّيْتَهُ بِقَضائِكَ وَمَنَحْتَهُ بِالنَّظَرِ إِلى وَجْهِكَ وَحَبَوْتَهُ بِرِضاكَ، وَأَعَذْتَهُ مِنْ هَجْرِكَ وَقَلاكَ وَبَوَّأْتَهُ مَقْعَدَ الصِّدْقِ فِي جِوارِكَ وَخَصَصْتَهُ بِمَعْرَفَتِكَ وأَهَّلْتَهُ لِعِبادَتِكَ، وَهَيَّمْتَ قَلْبَهُ لإرادَتِكَ وَاجْتَبَيْتَهُ لمُشاهَدَتِكَ وَاخْلَيْتَ وَجْهَهُ لَكَ وَفَرَّغْتَ فُؤادَهُ لِحُبِّكَ وَرَغَّبْتَهُ فِيما عِنْدَكَ وَأَلْهَمْتَهُ ذِكْرَكَ وَأَوْزَعْتَهُ شُكْرَكَ وَشَغَلْتَهُ بِطاعَتِكَ، وَصَيَّرْتَهُ مِنْ صالِحِي بَرِيَّتِكَ وَاخْتَرْتَهُ لِمُناجاتِكَ وَقَطَعْتَ عَنْهُ كُلَّ شَيء يَقْطَعُهُ عَنْكَ اللّهُمَّ اجْعَلْنا مِمَّنْ دَأْبُهُمُ الارْتِياحُ إِلَيْكَ وَالحَنِينُ وَدَهْرُهُمُ الزَّفْرَةُ وَالاَنِينُ جِباهُهُمْ ساجِدَةٌ لِعَظَمَتِكَ وَعُيُونُهُمْ ساهِرَةٌ فِي خِدْمَتِكَ وَدُمُوعُهُمْ سائِلَةٌ مِنْ خَشْيَتِكَ وَقُلُوبُهُمْ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحَبَّتِكَ وَأَفْئِدَتُهُمْ مُنْخَلِعَةٌ مِنْ مَهابَتِكَ يامَنْ أَنْوارُ قُدْسِهِ لاَبْصارِ مُحِبِّيهِ رائِقَةٌ وَسُبْحاتُ وَجْهِهِ لِقُلُوبِ عارِفِيهِ شائِقَةٌ يامُنى قُلُوبِ المُشْتاقِينَ وَياغايَةَ آمالِ المُحِبِّينَ ؛ أَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ وَحُبَّ كُلِّ عَمَلٍ يُوصِلُنِي إِلى قُرْبِكَ، وَأَنْ تَجْعَلَكَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا سِواكَ وَأَنْ تَجْعَلَ حُبِّي إِيّاكَ قائِداً إِلى رِضْوانِكَ وَشَوْقِي إِلَيْكَ ذائِداً عَنْ عِصْيانِكَ، وَامْنُنُ بِالنَّظَرِ إِلَيْكَ عَلَيَّ وَانْظُرْ بِعَيْنِ الوُدِّ وَالعَطْفِ اليَّ وَلاتَصْرِفْ عَنِّي وَجْهَكَ وَاجْعَلْنِي مِنْ أَهْلِ الإسْعادِ وَالحُظْوَةِ عِنْدَكَ يامُجِيبُ ياأَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
وصلى الله على خير خلقه، وسيد انبيائه ورسله، محمد المصطفى، وعلى جميع اله الطيبين الطاهرين المعصومين المكرمين المقدسين المقربين، ورحمة الله وبركاته.
اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
الان نوجه كلامنا إلى العشائر عامة، والى رؤساء العشائر ومشايخها خاصة، من حيث ان الكل يعلم، ان النظام الذي يمشون عليه في عشائرهم، ويطبقونه هناك بينهم، اغلبه بل كله نظام باطل، وغير شرعي، وغير مرضي لله عز وجل. ونحن لا نريد من اي احد مؤمن وشيعي ان يرتكب شيئا خطأً، أو عصيانا بل نريد من المجتمع كله عامة، ومن العشائر خاصة، ان يكونوا صالحين ومتورعين وسائرين باتجاه رضا الله سبحانه، وشفاعة المعصومين (عليهم السلام)، وهذا لا يكون مع تطبيق قوانين وانظمة غير مشروعة في الدين وغير مرضية لرب العالمين.
والذي افهمه ان الذي دعاهم إلى هذا النظام الذي يسمى بـ(السنينة العشائرية)، هو انهم لم يجدوا حلا كافيا لمشاكلهم ومظالمهم، التي تحصل باستمرار بين افراد العشيرة، أو افراد عشيرتين ، من قتل و سرقة وزنا ولواط والعياذ بالله، واشباه ذلك، وذلك:
اولا: انهم غير متفقهين، ولا فاهمين لاحكام الله سبحانه.
وثانيا: لبعدهم عن الحوزة، وتناسيهم لها. بل ربما ان جملة منهم يسيء الظن بالحوزة، لما يرى من بعض افرادها من اعمال شائنة (وايدك موسوه ، اصابيعه طبعا) فيحصل للعشائر اليأس من ان الحوزة تجيبهم، او تحل مشاكلهم أو تنظر في امورهم ومصالحهم.
وثالثا: ان اجيال المرجعية كانت تتناساهم، وتتغافل عن وجودهم ولا تهتم بامورهم. يكفينا ان المشهور، هو الحكم القائل انه لايجب على الفقيه ان يذهب إلى المكلف ويبلغه حكمه، بل يجب على المكلف نفسه ان ياتي إلى الفقيه ويسأل. زين ، نعم، إذا توجه السؤال إلى الفقيه وجب الجواب. واما انه يجب على الفقيه ان يقصد باب المكلف بدون سؤال، وان يعطيه حكمه، فلا -هذا حكم مشهوري موجود - اذن فكان هناك نحواً من المقاطعة، والانفصال النفسي والاجتماعي بين الحوزة والمرجعية من ناحية، والعشائر من ناحية اخرى.
وذلك من قبل الطرفين، وليس احدهما يرغب بالاتصال بالاخر اطلاقا، أو غالبا. وهذا ثابت باستمرار لولا وجود الشباب الواعي المتفقه من رجال الدين الذين يتصدون بالذهاب إلى مناطقهم لهدايتهم ورعايتهم (جزاهم الله خير جزاء المحسنين). إلا ان هذا مما لم يكن يحدث في كثير من الاجيال السابقة كما هو معلوم. على ان الذي كان يذهب منهم متصف باحدى صفتين ناقصتين، فلا يصلح ان يكون سببا جيدا لحل المشاكل العشائرية المستعصية. فهو اما قليل التفقه، واما هو مجرد خطيب حسيني، او روزخون يقرأ للمناسبات الدينية، اما ان يكون هو ممن يحمل هم دنياه اكثر من هم دينه، فهو يتبع الحصول على الشهرة والمال، قبل ان يهتم بالتفقه والهداية.
واما من كان متفقها ومخلصا، فقليل جدا في كثير من العصور السالفة، وهذا هو الذي اوجب سوء الظن من قبل العشائر بالحوزة العلمية الشريفة. وكذلك سوء الظن بمن ترسله الحوزة الشريفة اليهم. وفي الحقيقة انها لا ترسل احدا، وانما يذهب بعض رجال الدين لقضاء مصالحهم الخاصة، ليس اكثر من ذلك، فيسيؤن اكثر مما يحسنون مع شديد الاسف.
واما الان، ومن الان فصاعدا، فينبغي ان نضع لكلا الامرين الناقصين حدا كاملا، ومانعا شاملا، سواءً قصدنا نقص الحوزة، أو نقص العشائر، ونريد منهما معا ان يكون الجميع على مستوى الورع، والتقوى، والتفقه، والوعي الديني، والهمة في اطاعة الله سبحانه، وتجنب معاصيه. والحوزة الان مستعدة للعطاء الديني الحقيقي المخلص لكل من يطلبه كائنا من كان، وخاصة العشائر ورؤسائها وافخاذها، فانها الشريحة الاهم – هؤلاء هم الشريحة الاهم والاكبر في المجتمع، ولا ينبغي ان يبقى الحال فيها على ما هو عليه من التخلف في الفهم الديني، والبعد عن طاعة الله سبحانه. ولا يحتمل ان يكون قانون العشائر مما يرضاه أي مجتهد، أو أي مرجع ، او اي حوزة، أو أي متفقه، ما ممكن لانه حرام في حرام . وانما كانت بعض اجيال المرجعية ساكتة عنهم، وخاصة وهم يعلمون (اي المراجع) كيف ان العشائر تتعصب بشدة لنظامها وقانونها. والفرد المتعصب لايمكن الكلام معه، لان من شرائط الامر بالمعروف، والنهي عن المنكر احتمال الطاعة ، سبحان الله ، والعشائر بهذا المعنى المتعصب لا يحتمل طاعتهم للحوزة وللشريعة، كما كان الحال إلى عهد قريب. زين
ولكن الحال اختلف الان جدا، وقد تفضل الله علينا بوعي ديني، واجتماعي جيد، وقد عرف الناس عموما مداخل الشيطان من مداخل الرحمن. فنحن من هنا ننصح العشائر ورؤساء العشائر خاصة ان يتجنبوا غضب الله سبحانه وتعالى ونار جهنم. ويكونوا على مستوى المسؤولية الدينية الالهية. ويُقبلوا – اي يجيئوا - إلى خط الشريعة المقدسة فإن ذلك اصلح لهم في الدنيا والاخرة وخاصة وان قانونهم يترتب عليه ظلم وضمانات وحقوق للاخرين التي تهدر شرعا بدون سبب مشروع، وكذلك زيجات، اي زواجات باطلة كثيرة اعوذ بالله منها. فهم يحاولون - ماذا يفعلون - ردع الفاسد بالافسد، ونحن نريد لهم ردع الفاسد بالحق وردع الظلم بالعدل. فهل انتم منتهون ؟!
والفرصة الان مفتوحة ومؤاتية جدا للتوبة والاخلاص، وفي حدود فهمي فان هناك طريقتان لتطبيق الشريعة في المشاكل العشائرية:
الطريقة الاولى: انهم كما اجتمعوا وقرروا ووقعوا على قانونهم العشائري، فيمكنهم الان، بل يجب عليهم شرعا ان يجتمعوا ويتداولوا امرهم ويقرروا قانونا جديدا فيما بينهم، موافقا للشريعة، وليس فيه انحراف، وعصيان والعياذ بالله، زين ، ويشدوا على ذلك راية العباس (عليه افضل الصلاة والسلام). وهل يرضى العباس (عليه السلام) ان يشدوا رايته على ما هو باطل، وهي السنينة العشائرية الموجودة ؟ لا طبعا، لا يرضى (سلام الله عليه) وانما هو قتل واستشهد في سبيل الحق والعدل، وفي سبيل الهدف الاسلامي الالهي الصحيح. إذن، ينبغي ان تشد راية العباس سلام الله عليه على ما هو نظام اسلامي وعادل وصحيح،وليس غيره.
الطريقة الثانية: ان يرجعوا إلى الحوزة ويراجعوها في مشاكلهم، واحدة واحدة عن طريق الاستفتاءات، أو الاشخاص المتفقهين الثقات، أو عن طريق القضاء الشرعي الحوزوي ونحو ذلك. والحوزة والمرجعية في خدمتهم، وواجبها ذلك فانها انما وجدت لامثال ذلك،وليس لها أي طعم، أو أي نتيجة لو لم تفعل ذلك، ولو لم تقل ذلك.
اللهم اني قد بلغت. اللهم اني قد بلغت. اللهم اني قد بلغت
بل الامر ينبغي ان يكون واضحا واجماعيا لما سمعناه الان من انه إذا توجه السؤال، وجب على المجتهد الجواب، فتعالوا واسألوا عن مشاكلكم، وعن شرعياتكم، لكي يجب علينا – يعني الحوزة كلها والمجتهدين كلهم - الجواب. يجب علينا الجواب واذا قصرنا فعلينا لعنة الله . ولن تجدوا من يقصر معكم، أو ينظر إلى غير مصالحكم، ونحن نعلم بضرورة الدين انه (ما من واقعة إلا ولها حكم)، فكل مشكلة خاصة، أو عامة عشائرية، أو مدنية تجد لها حلا وجوابا في كتاب الله، وسنة رسوله، وكلام المعصومين (سلام الله عليهم اجمعين)، وبالاخص في الحوزة والمجتهدين والمرجعية. وكل ما في الامر ان الحكمة تقول (القدم الاول من العبد والثاني من الرب)، يعني يجب على العبد التقدم إلى طاعة الله، لكي يوفقه الله سبحانه وتعالى في الدنيا والاخرة .
فالآن القدم الاول من العشائر، ومن رؤساء العشائر،ان يشحذوا الهمة للتوبة، ولطاعة الله سبحانه وابتغاء مرضاته، لكي يكونوا صالحين في الدنيا والاخرة، جزاهم الله خير جزاء المحسنين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ * يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ * فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ
صدق الله العلي العظيم

ابو علي 22-03-2012 12:50 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة الثانية والعشرون 19 جمادي الاولى 1419
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
إِلهِي أَتُراكَ بَعْدَ الاِيمانِ بِكَ تُعَذِّبُنِي أَمْ بَعْدَ حُبِّي إِيَّاكَ تُبْعِّدُنِي أَمْ مَعَ رَجائِي لِرَحْمَتِكَ وَصَفْحِكَ تَحْرِمُنِي أَمْ مَعَ اسْتِجارَتِي بِعَفْوِكَ تُسْلِمُنِي ؟ حاشا لِوَجْهِكَ الكَرِيم أَنْ تُخَيِّبَنِي ! لَيْتَ شِعْرِي أللْشَقاءِ وَلَدَتْنِي أُمِّي أَمْ لِلْعَناءِ رَبَّتْنِي ؟ فَلَيْتَها لَمْ تَلِدْنِي وَلَمْ تُرَبِّنِي وَلَيْتَنِي عَلِمْتُ أَمِنْ أَهْلِ السَّعادَةِ جَعَلْتَنِي وَبِقُرْبِكَ وَجِوارِكَ خَصَصْتَنِي، فَتَقَرَّ بِذلِكَ عَيْنِي وَتَطْمَئِنَّ لَهُ نَفْسِي. إِلهِي هَلْ تُسَوِّدُ وَجُوها خَرَّتْ ساجِدَةً لِعَظَمَتِكَ، أَوْ تُخْرِسُ أَلْسِنَةً نَطَقَتْ بِالثَّناءِ عَلى مَجْدِكَ وَجَلالَتِكَ، أَوْ تَطْبَعُ عَلى قُلُوبٍ انْطَوَتْ عَلى مَحَبَّتِكَ، أَوْ تُصِمُّ أَسْماعاً تَلَذَّذَتْ بِسَماعِ ذِكْرِكَ فِي إِرادَتِكَ، أَوْ تَغُلُّ أَكُفّاً رَفَعَتْها الآمالُ إِلَيْكَ رَجاءَ رَأْفَتِكَ، أَوْ تُعاقِبُ أَبْداناً عَمِلَتْ بِطاعَتِكَ حَتَّى نَحِلَتْ فِي مُجاهَدَتِكَ أَوْ تُعَذِّبُ أَرْجُلاً سَعَتْ فِي عِبادَتِكَ ؟ إِلهِي لا تَغْلِقْ عَلى مُوَحِّدِيكَ أَبْوابَ رَحْمَتِكَ، وَلا تَحْجُبْ مُشْتاقِيكَ عَنِ النَّظَرِ إِلى جَمِيلِ رُؤْيَتِكَ، إِلهِي نَفْسٌ أَعْزَزْتَها بِتَوْحِيدِكَ كَيْفَ تُذِلُّها بِمَهانَةِ هِجْرانِكَ، وَضَمِيرٌ انْعَقَدَ عَلى مَوَدَّتِكَ كَيْفَ تُحْرِقُهُ بِحَرارَةِ نِيرانِكَ ؟ إِلهِي أَجِرْنِي مِنْ أَلِيمِ غَضَبِكَ وَعَظِيمِ سَخَطِكَ، ياحَنَّانُ يامَنَّانُ يارَحِيمُ يارَحْمنُ ياجَبَّارُ ياقَهَّارُ ياغَفَّارُ ياسَتَّارُ نَجِّنِي بِرَحْمَتِكَ مِنْ عَذابِ النَّارِ وَفَضِيحَةَ العارِ إذا امْتازَ الأخْيارُ مِنَ الأَشْرارِ وَحالَتْ الأَحْوالِ وَهالَتِ الأَهْوالِ وَقَرُبَ المُحْسِنونَ وَبَعُدَ المُسِيئُونَ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ماكَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ.
اللهم صل على محمد المصطفى، وعلي المرتضى، وفاطمة الزهراء، والحسن المجتبى والحسين الشهيد بكربلاء، وصل على التسعة المعصومين من اولاد الحسين السجاد والباقر والصادق والكاظم والرضا والجواد والهادي والعسكري والحجة المهدي ائمتي وسادتي وقادتي بهم اتولى ومن اعدائهم اتبرا الى يوم القيامة.
اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
طبعا ً قبل يومين سبقت ذكرى وفاة الزهراء (سلام الله عليها)، فمن المناسب ان يكون في اكثر من جمعة التعرض للصديقة العظيمة (سلام الله عليها). فنستمر الان في ذكر بعض ما يمكن التوصل إليه بعقلنا القاصر وفكرنا الفاتر من مزايا الزهراء ( سلام الله عليها). إلى حد ما انا جمعت لكم عدد من الروايات التي تنطق بمزاياها(سلام الله عليها):
عن اسماء بنت عميس، قالت: قال لي رسول الله (صلى الله عليه واله)، وقد كنت شهدت فاطمة (عليها السلام) وقد ولدت بعض اولادها فلم ار لها دما فقال: (ان فاطمة خلقت حورية في صورة انسية).
وروي عن ابي عبد الله الصادق (سلام الله عليه)، انه قال: (لفاطمة تسعة اسماء عند الله عز وجل، فاطمة والصديقة والمباركة والطاهرة والزكية والرضية والمرضية والمحدثة والزهراء. قال، وسميت فاطمة لانها فُطِمتْ من الشر ولولا علي (عليه السلام) لما كان لها كفؤ بالارض).
وعن ابي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: لما ولدت فاطمة (عليها السلام) اوحى الله تبارك وتعالى إلى مَلك فانطق به لسان محمد (صلى الله عليه واله) فسماها فاطمة ثم قال اني فطمتك بالعلم وفطمتك من الطمث. ثم قال ابو جعفر: والله لقد فطمها الله تبارك وتعالى بالعلم وعن الطمث في الميثاق.
اقول: يعني في العالم المذكور في الآية الكريمة وهي قوله تعالى: ((وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ)). ومن الملاحظ – لاحظوا ربما انتم توافقوني على هذا الشيء - ان اسماء اصحاب الكساء (سلام الله عليهم) لم تكن موجودة قبلهم، وبتعبير اخر قبل الاسلام – شني هي ؟ - بما فيها (محمد واحمد وعلي وحيدر وفاطمة والزهراء والحسن والحسين) ، ما كان واحد مسمى بهذه الاسماء طبعا. ومن العجيب انها كانت مذكورة في الكتب السماوية السابقة الا انه (سبحان الله كانما كرامة اهل البيت (سلام الله عليهم) )لم يسم بها احد، لان الغالب من ذكرها انها باللغات السريانية والعبرية وليست باللغة العربية مثل (ايليا) يعني علي و(شُبر او شَبَر) يعني الحسن و(شُبير او شَبير) يعني الحسين.
وفي رواية اخرى عن ابي هريرة قال: انما سميت فاطمة لان الله عز وجل فطم من احبها من النار. ترون طبعا ان هذه اسناد من الجماعة مع ذلك رووا في فضل اهل البيت اخبارا كثيرة.
وعن جعفر بن محمد عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله): يا فاطمة اتدرين لم سميت فاطمة ؟ قال علي: يا رسول الله لم سميت ؟. قال: لانها فطمت هي وشيعتها من النار.
وعن ابي جعفر (عليه السلام)، قال: لفاطمة (عليها السلام) وقفة على باب جهنم فان كان يوم القيامة كُتب بين عيني كل رجل مؤمن أو كافر. فيؤمر بمحب قد كثرت ذنوبه إلى النار، فتقرأ فاطمة بين عينيه محبها (لانه مكتوب عليه)، فتقول:
الهي وسيدي سميتني فاطمة وفطمت بي من تولاني وتولى ذريتي من النار ووعدك الحق وانت لاتخلف الميعاد. فيقول الله عز وجل صدقت يا فاطمة اني سميتك فاطمة وفطمت بك من احبك وتولاك واحب ذريتك ومن تولاهم من النار ووعدي الحق وانا لا اخلف الميعاد. وانما – لاحظوا - امرت بعبدي هذا إلى النار لتشفعي فيه فاشفعك فيتبين لملائكتي وانبيائي ورسلي واهل الموقف – يعني الواقفين في عرصة يوم القيامة - موقعك مني ومكانك عندي، فمن قرأتِ بين عينيه مؤمنا أو محبا فخذي بيده وأدخليه الجنة.
وعن علي (عليه السلام): ان النبي (صلى الله عليه واله)، سُئل ما البتول ؟ (وهي من اسماء الزهراء ) فانا سمعناك يا رسول الله تقول ان مريم بتول وفاطمة بتول فقال : اي رسول الله (صلى الله عليه واله): البتول هي التي لم تر حمرة قط.
والبتول من الصفات التي تسند للانثى بدون علامة التأنيث، لا تقول بتولة طبعا، لوضوح اختصاصه بالمرأة وعدم الاشتباه بالشمول الى الرجل كالحائض والطامث والحامل والمقرب.
وروي في تسميتها الزهراء (عليها السلام)، عن ابي جعفر (عليه السلام): انه سُئل لم سميت الزهراء ؟ قال: لان الله تعالى خلقها من نور عظمته فلما اشرقت اضاءت السماوات والارض بنورها وغشيت ابصار الملائكة وخرت الملائكة لله ساجدين وقالوا الهنا وسيدنا ما هذا النور؟ فأوحى الله اليهم هذا نور من نوري اسكنته في سمائي وخلقته من عظمتي اخرجه من صلب نبي من انبيائي افضله على جميع الانبياء وأُخرج من ذلك النور ائمة يقومون بامري ويهدون إلى حقي واجعلهم خلفائى في ارضي بعد انقضاء وحيي (أي بعد وفاة النبي (صلى الله عليه واله)).
وروي مرفوعا إلى علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله) لفاطمة (عليها السلام): يا بُنيّه ان الله اشرف على الدنيا فاختارني على رجال العالمين، ثم اطّلع ثانية فاختار زوجك على رجال العالمين، ثم اطّلع ثالثة فاختارك على نساء العالمين، ثم اطّلع رابعة فاختار ابنيك على شباب العالمين.
اقول: وهو يقول في الرواية هذه : (اشرف على الدنيا فاختارني على رجال العالمين) ولم يقل على رجال الدنيا وانما على رجال العالمين وكذلك على نساء العالمين وكذلك على شباب العالمين، ولم يقل على رجال الدنيا أو نساء الدنيا أو شباب الدنيا - معناه ان المسألة اعم من ذلك واشمل بكثير، كما هو واضح مع شيء من التفكير- فيدل الحديث على ان النبي (صلى الله عليه واله) خير الخلق على الاطلاق. وعلي (عليه السلام) خير الخلق بعد الرسول. وفاطمة خير الخلق بعدهما بما فيها ولديها الحسن والحسين. والحسن والحسين خير الخلق بعدهم بما فيهم الائمة التسعة من اولاد الحسين (عليهم السلام اجمعين).
وعن ابن عباس قال: سألت النبي (صلى الله عليه واله) عن الكلمات التي تلقى ادم من ربه فتاب عليه، قال: سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت عليّ فتاب عليه. وفي بعض الروايات: ان ادم (عليه السلام) اُهبط من الجنة، فظل يبكي اربعين سنة حتى صارت من دمعه نهران. وحين رحمه الله تعالى وغفر له نزل عليه جبرائيل (عليه السلام) وعلمه بالاسماء التي يحلف بها لكي يغفر الله له عز وجل وهي اسماء اهل الكساء وقد ذكّره في ذلك الحين بانه رآهم انوارا حول العرش عندما نفخت فيه الروح في اول امره.
وروي عن جعفر بن محمد عليهما السلام، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله): ان الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها. وبهذا الاسناد قال: فقال له: يا بن رسول الله انك قلت: ان الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها. قال (يعني الامام الصادق عليه السلام): فماذا تنكرون من هذا ؟ فوالله ان الله ليغضب لغضب عبده المؤمن ويرضى لرضاه.
وروي عن عائشة ذكرت فاطمة عليها السلام، فقالت: ما رأيت احدا اصدق منها إلا اباها. وعن أم سلمة أم المؤمنين (رضي الله عنها)، قالت: كانت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه واله) اشبه وجها وشبهاً برسول الله (صلى الله عليه واله).
وروي عن الاصبغ بن نباتة، قال: سمعت امير المؤمنين (عليه السلام) يقول: والله لأتكلمن بكلام لا يتكلم به غيري إلا كذاب. ورثت نبي الرحمة، وزوجتي خير نساء إلامة، وانا خير الوصيين. ومن الواضح – هذا تعليقي طبعا ، ايضاح - انه كلام لايستطيع ان يقوله غيره إلا كذاب ومقصوده من الميراث (ورثت نبي الرحمة) هو ليس وارث مالي بالمعنى الحقيقي ، لا ، ومقصوده من الميراث، ميراث العلم. ومن المعلوم ان ميراث علم رسول الله (صلى الله عليه واله) لا يمكن لاحد ان يحمله أو يطيق مسؤوليته إلا شخص مثله ويكون كنفسه وهو امير المؤمنين (عليه السلام) . والزهراء خير نساء الامة يعني خير حتى من زوجات النبي وبناته الاخريات. وهو خير الوصيين يعني من جميع الاوصياء قبل الاسلام وبعد الاسلام يعني المعصومين من ذريته.
وينسب إليها رثاء ابيها بعد وفاته قائلة:
ماذا على من شم تربة احمد .... إلا يشم مدى الزمان غواليـا
صبـت عليَّ مصائب لو انها .... صبت على الايام صرن لياليـا
قد كنت ذات حمىً بظل محمد .... لا اتقي دهري وكان حمىً ليـا
فالان اخضع للئيـم واتـقي ......... غيري وادفـع ظالمي بردائيـا
فاذا بكت قمريـة في ليلهـا شجنا .... على غصن بكيت صباحيا
فلاجعلن الحزن بعدك مؤنسي .... ولاجعلـن الدمع فيك وشاحيـا
واما المصائب فقد وردت في كلامها بصيغة الجمع
صبـت علي مصائب لو انها صبت على الايام صرن ليليـا
زين اذا كانت تقصد وفاة ابيها فهي مصيبة واحدة وليست متعددة فما هي تلك المصائب ؟ الانسان يفكر ويعرف طبعا . ولو ارادت وفاة النبي ( صلى الله عليه واله ) فقط لكانت مصيبة واحدة. ولكنها اشارت إلى الانحراف والخلاف الذي حصل بعده (صلى الله عليه واله) كما تقول حسب المنسوب إليها في ابيات اخرى:
قد كان بعـدك انباء وهنبثة لو كنت شاهدهـا لم تكثر الخطب
انا فقدناك فقد الأرض وابلها واختل قولك لما غبـت وانقـلبوا
ابدت رجال لنا فحوى صدورهم لما قضيت وحالت دونك الترب
وروى جابر بن عبد الله الانصاري، قال: دخلت فاطمة (عليها السلام) على رسول الله (صلى الله عليه واله) وهو في سكرات الموت، فانكبت عليه تبكي ففتح عينه وافاق ثم قال (صلى الله عليه واله): يا بنية انت المظلومة بعدي وانت المستضعفة بعدي، فمن آذاك فقد آذاني ومن غاضك فقد غاضني ومن سرك فقد سرني ومن برّك فقد برّني ومن جفاك فقد جفاني ومن وصلك فقد وصلني ومن قطعك فقد قطعني ومن انصفك فقد انصفني ومن ظلمك فقد ظلمني، لانك مني وانا منك وانت بضعة مني وروحي التي بين جنبي. ثم قال (صلى الله عليه واله): إلى الله اشكو ظالميك من امتي.
وعن المسند عن عائشة، قالت: اقبلت فاطمة (عليها السلام) تمشي كأن مشيتها مشية رسول الله (صلى الله عليه واله) فقال رسول الله (صلى الله عليه واله): مرحبا يا بنتي. ثم اجلسها عن يمينه أو عن شماله. ثم انه اسر اليها حديثا فبكت. فقالت: استخصك رسول الله (صلى الله عليه واله) بحديثه ثم تبكين. ثم انه اسر إليها حديثا فضحكت فقالت: ما رايتك اليوم فرحا اقرب من حزن. فسألتها عما قال فقالت: ما كنت لافشي سر رسول الله (صلى الله عليه واله)، حتى قبض رسول الله (صلى الله عليه واله). فسألتها فقالت: اسر الي فقال ان جبرائيل كان يعارضني بالقرآن في كل عام مرة، وانه عارضني به العام (يعني هذا العام) مرتين، ولا اراه إلا وقد دنى اجلي وانكِ اول اهل بيتي لحاقا بي ونعم السلف انا لك. فبكيت لذلك فقال: إلا ترضين ان تكوني سيدة نساء هذه الامة أو نساء المؤمنين. قالت فضحكت لذلك.
ومنه عن عائشة، قالت: لما مرض رسول الله (صلى الله عليه واله) دعا ابنته فاطمة فسارها فبكت، ثم سارها فضحكت. فسألتها عن ذلك فقالت: اما حيث بكيت فانه اخبرني انه ميت فبكيت، ثم اخبرني اني اول اهل بيته لحوقا به فضحكت.
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا * إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ * وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ * أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ * إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ
صدق الله العلي العظيم

الجمعة الثانية والعشرون 19 جمادي الاولى 1419
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله الطيبين الطاهرين.
بسم الله الرحمن الرحيم
إِلهِي إِنْ كانَ قَلَّ زادِي فِي المَسِيرِ إِلَيْكَ فَلَقَدْ حَسُنَ ظَنِّي بِالتَّوَكُّلِ عَلَيْكَ وَإِنْ كانَ جُرْمِي قَدْ أَخافَنِي مِنْ عُقُوبَتِكَ فَإنَّ رَجائِي قَدْ أَشْعَرَنِي بِالأَمْنِ مِنْ نِقْمَتِكَ، وَإِنْ كانَ ذَنْبِي قَدْ عَرَضَنِي لِعِقابِكَ فَقَدْ آذَنَنِي حُسْنُ ثِقَتِي بِثَوابِكَ، وَإِنْ أَنامَتْنِي الغَفْلَةُ عَنْ الاِسْتِعْدادِ لِلِقائِكَ فَقَدْ نَبَّهَتْنِي المَعْرِفَةُ بِكَرَمِكَ وَآلآئِكَ، وَإِنْ أَوْحَشَ مابَيْنِي وَبَيْنَكَ فَرْطُ العِصْيانِ وَالطُّغْيانِ فَقَدْ آنَسَنِي بُشْرَى الغُفْرانِ وَالرِّضْوانِ، أَسْأَلُكَ بِسُبُحاتِ وَجْهِكَ وَبِأَنْوارِ قُدْسِكَ وَأَبْتَهِلُ إِلَيْكَ بِعَواطِفِ رَحْمَتِكَ وَلَطائِفِ بِرِّكَ أَنْ تُحَقَّقَ ظَنِّي بِما أُؤَمِّلُهُ مِنْ جَزِيلِ إكْرامِكَ وَجَمِيلِ إنْعامِكَ فِي القُرْبى مِنْكَ والزُّلْفى لَدَيْكَ وَالتَّمَتُّعِ بِالنَّظَرِ إِلَيْكَ، وَها أَنا مُتَعَرِّضٌ لِنَفَحاتِ رَوْحِكَ وَعَطْفِكَ وَمُنْتَجِعٌ غَيْثَ جُودِكَ وَلُطْفِكَ فارُّ مِنْ سَخَطِكَ إِلى رِضاكَ هارِبٌ مِنْكَ إِلَيْكَ راجٍ أحْسَنَ ما لَدَيْكَ مُعَوِّلٌ عَلى مَواهِبِكَ مُفْتَقِرٌ إِلى رِعايَتِكَ.
إِلهِي مابَدَأْتَ بِهِ مِنْ فَضْلِكَ فَتَمَّمْهُ، وَما وَهَبْتَ لِي مِنْ كَرَمِكَ فَلا تَسْلُبْهُ، وَما سَتَرْتَهُ عَلَيَّ بِحِلْمِكَ فَلا تَهْتِكْهُ، وَما عَلِمْتَهُ مِنْ قَبِيحِ فِعْلِي فَاغْفِرْهُ، إِلهِي اسْتَشْفَعْتُ بِكَ إِلَيْكَ وَاسْتَجَرْتُ بِكَ مِنْكَ أَتَيْتُكَ طامِعاً فِي إحْسانِكَ راغِباً فِي امْتِنانِكَ مُسْتَسْقِياً وَابِلَ طَوْلِكَ مُسْتَمْطِراً غَمامَ فَضْلِكَ طالِباً مَرْضاتَكَ قاصِداً جَنابَكَ وَارِداً شَرِيعَةَ رِفْدِكَ مُلْتَمِساً سَنِيَّ الخَيْراتِ مِنْ عِنْدِكَ وَافِداً إِلى حَضْرَةِ جَمالِكَ مُرِيداً وَجْهَكَ طارِقاً بابَكَ مُسْتَكِيناً بِعظَمَتِكَ وَجَلالِكَ ؛ فَافْعَلْ بِي ماأَنْتَ أَهْلُهُ مِنْ المَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ وَلاتَفْعَلْ بِي ماأَنا أهْلُهُ مِنْ العَذابِ وَالنِّقْمَةِ بِرَحْمَتِكَ ياأَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وصلى الله على خير خلقه اجمعين محمد واله الطيبين الطاهرين.
اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
والان بمناسبة الحديث عن الزهراء (سلام الله عليها)، نتحدث عن المرأة والنظرة الشرعية تجاه هذا القسم المهم في المجتمع، الذي يمثل حوالي نصف المجتمع (نصف المجتمع نساء طبعا ونصفه الاخر رجال بالتقريب لا بالتحقيق وهذا اكيد ). والذي يجب إلا يهمله الفرد والمجتمع والشريعة او يسقطه عن نظر الاعتبار كما في بعض النظرات المتخلفة انه كانما ملحقة بالحيوانات المرأة .. تجل عن طاريها، تكرم عن طاريها ، لا مو هيجي .. وانما القرآن ليس هكذا بطبيعة الحال احترم الرجال والنساء معا (الصائمين والصائمات والقائمين والقائمات والقانتين والقانتات) ليس ظالما كجملة من الناس والعياذ بالله، لا هو العدل الحقيقي.
والمشاكل التي تخص النساء عديدة، منها – لاحظوا – شكلين ، بعضها الى جنبها وفي مصلحتها وبعضها ضدها ، لابد من ذكر كلا الجهتين ، حتى يصير بالعدالة ، منها ما تكون في صالحها من حيث ظلم الرجل لها، سواءً كان زوجا أو غير زوج، وظلم المجتمع لها وظلم القانون لها. ومنها ما تكون ناشئة منها – هي نقاط الضعف بيهه - كعدم التفقه، بل عدم التدين وحب الدنيا والمنافسة فيها وكعدم الحجاب والاختلاط بين الرجال على الدوام وفي كل المناسبات، وكعدم حسن التصرف من المرأة تجاه زوجها وتجاه اولادها وذريتها. وكذلك سوء تربيتها لهم مع انها العنصر الاهم في تربية الاطفال بطبيعة الحال. الرجال شيسوي؟ يعوفهه ويروح إلى دكانه أو وظيفته أو تجارته أوعمله ، أي شيء كان، تبقى المرأة بالبيت ويه اولادها الصغار، من هو الذي يكون المربي الحقيقي؟ انما هو المرأة، فاذا كانت المرأة ما فاهمة اصلا، لا دين ولا دنيا، اذن يطلعون كل ذريتها لا دين ولا دنيا. هي هاي زين ؟ من الذي يرضاه ، الله او رسوله او المؤمنون ؟! .
فهذا وغير هذا كله لا بد من التعرض له وحله حلاً شرعياً اسلامياً، يرضي الله ورسوله والمعصومين (سلام الله عليهم اجمعين). إلا ان الخطبة لا يحتمل انها تسع لكل ذلك طبعا، فسوف اختار هنا مشكلة الحجاب فقط التي هي اعظم واهم واشمل مشكلة من مشاكل المجتمع ومشاكل العصر.
ومن الواضح جدا ان عدم الحجاب والحث (كما يفعل الناس) على الاختلاط بين الجنسين، انما وردنا عن طريق الاستعمار الغاشم الظالم الذي لم يكتف بنهب خيراتنا وافقار شعوبنا والهيمنة علينا، بل كان من اهم اهدافه استلاب ديننا ونسياننا لآخرتنا وعصياننا لتعاليم شريعتنا التي هي العدل الحقيقي الكامل، لكي يكون مجتمعنا كمجتمعهم متسيبا اخلاقيا ومنحلا ضميرا وساقطا دينا. يستهدف (الاستعمار) من كل ذلك ابعاد تفكيرنا الديني لما يعملون في الدين من فعالية ضدهم ونسخ لوجودهم واستنكار لمظالمهم كما قال سبحانه وتعالى: ((وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا)). فاذا اطعناهم في ذلك وعصينا الله سبحانه وتعالى جل جلاله فقد حفرنا قبورنا بايدينا، واعنا على انفسنا، واصبحنا عبيدا لاعدائنا ومن يريد الاضرار بنا، ونسينا اهدافنا العادلة الحقيقية وديننا العادل الحنيف.
فمثلا بكل تاكيد – لاحظوا - ان كل الاديان السماوية ، الاديان السماوية شنهي ؟ الاسلام بكل مذاهبه، والمسيحية بكل مذاهبها واليهودية وغيرها، كلها تحرم السفور وتردع عنه، وكلها تحرم الزنى واللواط وشرب الخمر. وليس هناك أي دين يحلله او يجيزه. وهذا ينبغي ان يكون واضحا جدا. وعلامة ذلك كعلامة بسيطة عند المسيحيين وكذلك اليهود – سبحان الله - اننا نجد النساء المتدينات في دينهن والراهبات منهن يلبسن الحجاب، فدليل على انه يشوفون مسئوليتهم تجاه الله ان يلبسن الحجاب. فلماذا سائر المجتمع سافرات – سبحان الله - حتى المسيحيات واليهوديات. هذا امر بالمعروف ونهي عن المنكر للمسيحيات واليهوديات فضلا عن المسلمات حبيبي . الحكم منجز حتى في ذمتهن. أو بتعبير آخر منجز في ذمة كل البشر من اوله إلى آخره وفي كل الاجيال.
وما ذلك ( ليش يتحجبن) إلا لكونهن ممتثلات للحكم الشرعي في دينهن، بينما يكون الملايين من المسلمات والمسيحيات وغيرهن عاصيات جهرا، وعازمات على الاستمرار بالعصيان، اي في ترك الحجاب طبعا. فنساءهم _ خلي نشوف حالهم شنو -كلهن سافرات وكلهم يشربون الخمر ويمارسون الزنا ويأكلون لحم الخنزير. فنسألهم – شوف - هل كان موسى الكليم (سلام الله عليه) يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير ؟ أو كان عيسى المسيح كذلك ؟ زين انتم تقدسونهم لولا؟ هم عبرة لكم طبعا، فلماذا لا تكونوا مثلهم ؟ سبحان الله !
اذا كنت لا تدري فتلك مصيبة او كنت تدري فالمصيبة اعظم (ملايين المرات حبيبي مو مرة واحدة)
أو كان الحواريون كذلك يشربون الخمر أو يأكلون لحم الخنزير؟ أو نساء الحواريين غير محجبات ؟ أو مريم العذراء غير محجبة ؟ ماذا تقولون بالله؟! عجبا للفكر الممسوخ والنذالة المتناهية !
فاذا كان السفور عندكم حراما، وانتم عصاة فيه وملعونون عليه، وكل هذه المحرمات كذلك فكيف تريدونه لنا وتحثوننا عليه ؟ وما هذه الهدية الفاسدة المجرمة التي ادخلتموها في بلادنا وربيتم عليها اجيالنا وشبابنا ؟
واذا كانوا هم عاصين لتعاليم اديانهم وشرائع انبيائهم، فلنكن نحن المطيعون لتعاليم ديننا الحنيف، وشريعتنا المقدسة العادلة الكاملة. فان في ذلك الشرف كل الشرف، والهدف كل الهدف، وبذلك الوصول إلى الكمال والجلال ورضاء الله جل وعز واولياءه (سلام الله عليهم اجمعين).
لاحظوا احبائي .. شوفوا من هو المتجاهر بالفسق ؟ هو ذلك الفرد الذي لا يكون عنده مانع عن أن يعمل المحرم الذي يلتزم به يعمله في المجتمع وامام الناس، يصير متجاهر بالفسق ، كما لو كان يشرب الخمر بصراحة او يذهب والعياذ بالله إلى المبغى بوضوح أو يعين الظلم والظالمين أو اللصوص مثلا بوضوح وصراحة فهذا هو المتجاهر بالفسق. ونتيجته انه بريء من الله ورسوله، وكذلك فان الله ورسوله بريئان منه ، وانه متجه إلى الشيطان، ومعرض عن الرحمن، وانه يقينا من اهل النار.
فمن تطبيقات ذلك (انا ليش جبت طاري المتجاهر بالفسق ؟)، من تطبيقات ذلك السافرة، فانها لا مانع لها من التجول في كل المجتمعات وعلى كل الاصعدة بزيها المكشوف المثير (كول لا !)، فتكون متجاهرة بالفسق وظاهرة بالمعصية. وكل السافرات متجاهرات بالفسق بطبيعة الحال لا استثني منهن ولا واحدة طبعا.
ومن الواضح لدى المتشرعة ان المتجاهر بالفسق – شبيه ؟ - لا ذمة له في الاسلام فتجوز غيبته، ويجب ردعه وتجب مقاطعته، ويقشعر البدن من مجرد تذكره او رؤيته. ومع ذلك تكون المرأة (عمليا الان في مجتمعنا) سافرة متجاهرة بالفسق في سفورها ونحن مع ذلك نحبها ونصلها ونتعامل معها وننفعها ونعتبرها زميلة لنا في دراسة أو تجارة أو أية مصلحة.
بل العتب في ذلك على النساء (اعني المحجبات منهن) اكثر من الرجال، لارتفاع المانع من الاختلاط والتعامل بين النساء انفسهن بطبيعة الحال. فقد تكون المرأة محجبة نسبيا - هواي اكو محجبات - ولكن لا مانع لديها من مزاملة السافرة والعمل معها والصداقة معها، فهي لاتأمرها بالمعروف ولا تنهاها عن المنكر ولا تشير إليها بشيء يشينها او يؤذيها، فضلا عن ان تقاطعها أو ان تبتعد عنها. ليس هكذا المتوقع منها من قبل الله واولياءه وشريعته طبعا. فان فعلت المحجبة ذلك إذن فقد احبت الحرام فيكون عقابها في الآخرة نفس عقاب السافرة لان المرء يحشر مع من احب. وقد احبت السافرة إذن تحشر مع السافرة.
الخطوة الآخرى ، المسألة ليست هي فقط بالتجاهر بالفسق، ولو اقتصر الامر على هذا المقدار لهان الامر نسبيا. بل ينبغي النظر إلى السفور بصفته شبكة صيد ينصبها الشيطان لاغواء الملايين من الرجال والنساء وسلب دينهم وتوجيههم نحو طريق الرذيلة والفساد.
اما الرجال – شلون للرجال ؟ وشلون للنساء ؟ - فباعتبار الاغواء الجنسي الحاد، وخاصة في مجتمع الشبان والشابات في المعاهد والكليات والاسواق وغيرها. حيث يكونون غير متزوجين غالبا، ويكون كل واحد منهم كالكبريت (من حيث اللذة الجنسية) يشتعل لاول احتكاك، واذا اشتعل ذهب دينه وذهبت دنياه.
واما النساء فلوجود حب الدنيا عندهن بشكل مكثف وواضح، أو ما يسمى(بالغيرة) وان هذه عندها كذا وكذا من الثياب أو من الاثاث أو من اساليب التجميل، إذن فيجب ان اكون انا مثلها وتضغط في ذلك ضغطا متزايدا على نفسها وزوجها وابيها وامها واخوها واختها. وما اسهل ان تجد اختها سافرة او صديقتها أو زميلتها – حتى تتقشمر، الغيرة يعني هي شنهي ؟! يعني اني خل اصير سافرة – لكي تكون هي سافرة ، مع وجود الفراغ العقائدي والديني والجهل المطبق من كل هذه النواحي وعدم ادراك عظمة الله وطاعة الله واهمية الآخرة.
اذن فالسافرة كما اوجبت السوء لنفسها واصبحت من المتجاهرين او المتجاهرات بالفسق، كانت سببا للسوء والتأثير السيء تجاه الآخرين من رجال ونساء واوجبت انحرافهم دينيا وسقوطهم اخلاقيا واجتماعيا، ويكون وزر كل ذلك عليها وفي ذمتها في الدنيا والآخرة، من قبيل شنو ، الخبر الذي ورد بحسب المضمون : من سن سنة حسنة كان له ثوابه – مامضمونه - وثواب من يعمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة (وهؤلاء يسنون سنن سيئة طبعا)فعليه وزرها ووزر من يعمل بها إلى يوم القيامة). وليس يوم يومين حبيبي .
واود الان ان اشير إلى بعض الظواهر المحددة، والشائعة في نفس هذا الموضوع، فمن ذلك ما يتخذه الكثير من الناس من اساليب الخلاعة، والازعاج والعصيان الديني في الاعراس من سفور النساء حتى المحجبات يسفرن زين ؟ من جمهور النساء وخاصة العروس المتجملة اللابسة ابهى ثيابها، والسير في الشوارع مع الاغاني والتصفيق وقطع الطريق على السابلة (ومن قطع طريق المسلمين فليس بمسلم وعليه لعنة الله). مضافا إلى احياء الحفلات الغنائية ودعوة الفسقة والسافرات إليها وتوزيع الخمر فيها وغير ذلك، وكل ذلك محرم بضرورة الدين وهو اشد حرمة واسفا – لاحظوا - إذا صدر من الاسر التي تدعي التدين أو في اماكن ومدن متدينة ومقدسة كالنجف وكربلاء والكاظمية وغيرها.
فمن هنا نحن نعلن عن وجوب قطع كل ذلك بتاتا وتماما. وكل من يفكر في ذلك فهو ملعون. وكل من يجيب دعوتهم او يشاركهم في عملهم فهو ملعون. بل كل من يتعاون معهم في أي شيء حتى من داخل اسرتهم فهو ملعون . ولا تنفك عنه اللعنة حتى يتوب، ولن يتوب حتى يتضح منه امام الله سبحانه مقاطعة الحرام وفاعلي الحرام كائنا من كانوا، لا تأخذه في الله لومة لائم.
ومن ذلك ما هو موجود في كثير من الاسر من السفور في داخل العائلة الواحدة مع انها قد تكون محرمة عليه لا يجوز له ان يراها ولا يجوز لها الانكشاف امامه، مع انهم متفقون على هذا المسلك. فاذا اصبح فرد منهم – يجون يشكون اليّ ويشكون الى العلماء الاخرين - أو عدة افراد متدينيين وشاعرين بمسؤولية طاعة الله سبحانه، فسوف يقعون في حرج كبير في داخل اسرتهم وبلاء عظيم من حيث لا يستطيعون مقاطعة العائلة والخروج عنها. واوضح اشكال ذلك زوجة الاخ، حيث يعيش الاخوة مع زوجاتهم السافرات في اسرة واحدة وسفرة واحدة. وكذلك اخت الزوجة فان الاعتقاد العامي بانها حلال مع انها حرام، لا تختلف في اي شيء عن أي اجنبية اخرى.
هذا فضلا عن بنات العم أو بنات الخال أو بنات العمة او بنات الخالة، والعكس ايضا صحيح يعني بالنسبة الى النساء اولاد العم والعمة واولاد الخال والخالة، فان ذلك كله حرام بضرورة الدين ولا يوجد من يفتي بجوازه من المجتهدين.
فمن هنا لا نقول اننا نهيب ونرجوا لان الدين لا يتوصل إليه بالتوسل والتوصل او بالرجاء والاستحياء، لا لا ، طب بعينهم عينك ، رضى أم لم يرضى هذا هو .
أو كما يقول بعضهم: طبق ثم ناقش. لا، وانما يقول الدين طبق ولا تناقش. لان كلمة الدين واحدة لا تكون اثنين وكلمة الحوزة واحدة لا تكون اثنين، ولا مجال لتحليل ما حرمه الله.
فاذا اراد الفرد لنفسه الخير والكمال في الدنيا والآخرة فليتبع دين الله. واذا اراد الفساد والافساد والغواية والانحراف وشر الدنيا والاخرة فليتبع الشيطان. فيكون من حيث يعلم أو لا يعلم عدوا للايمان وللمؤمنين ناصرا للاستعمار والمستعمرين محبا للكفار والمنحرفين. فيكون ممن اضله الله على علم وختم على سمعه وبصره وجعل على قلبه غشاوة ، اعاذنا الله جميعا من كل سوء وعصيان انه على كل شيء قدير.
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)
صدق الله العلي العظيم
واسألكم الدعاء جميعا.







ابو علي 22-03-2012 12:50 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة الثالثة و العشرين 26 جمادي الاولى 1419

الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ عَدَدَ رِضاهُ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ عَدَدَ خَلْقِهِ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ عَدَدَ كَلِماتِهِ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ زِنَةَ عَرْشِهِ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ مِلْأَ سَماواتِهِ وَ اَرْضِهِ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْحَميدُ الْمَجيدُ الْغَفُورُ الرَّحيمُ، الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ.
لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ القابِضُ الْباسِطُ الْعَلِيُّ الْوَفِي ُّ، الْواحِدُ الْاَحَدُ الْفَرْدُ الصَّمَدُ، الْقاهِرُ لِعِبادِهِ الرَّؤُوفُ الرَّحيمُ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْاَوَّلُ الْاخِرُ، الظَّاهِرُ الْباطِنُ، الْمُغيثُ الْقَريبُ الْمُجيبُ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْغَفُورُ الشَّكُورُ اللَّطيفُ الْخَبيرُ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الصَّادِقُ الْاَوَّلُ الْعالِمُ الْاَعْلى.
لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الطَّالِبُ الْغالِبُ النُّورُ الْجَليلُ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْجَميلُ الرَّزَّاقُ الْبَديعُ الْمُبْتَدِعُ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الصَّمَدُ الدَّيَّانُ الْعَلِيُّ الْاَعْلى، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْخالِقُ الْكافي الْباقي الْمُعافي، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْمُعِزُّ الْمُذِلُّ الْفاضِلُ الْجَوادُ الْكَريمُ.
لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الدَّافِعُ النَّافِعُ الرَّافِعُ الْواضِعُ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْحَنَّانُ الْمَنَّانُ الْباعِثُ الْوارِثُ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْقائِمُ الدَّائِمُ الرَّفيعُ الْواسِعُ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْغِياثُ الْمُغيثُ الْمُفْضِلُ الْحَىُّ الَّذي لا يَمُوتُ.
لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِى ءُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْاَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْاَرْضِ وَ هُوَ الْعَزيزُ الْحَكيمُ، هُوَ اللَّهُ الْجَبَّارُ في دَيْمُومِيَّتِهِ فَلا شَيْ ءَ يُعادِلُهُ وَ لا يَصِفُهُ وَ لا يُوازيهِ، وَ ليس يُشْبِهُهُ شيء ولَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ وَ هُوَ السَّميعُ الْبَصيرُ اللَّطيفُ الْخَبيرُ.
هُوَ اللَّهُ اَسْرَعُ الْحاسِبينَ وَ اَجْوَدُ الْمُفْضِلينَ الْمُجيبُ دَعْوَةَ الْمُضْطَرّينَ وَ الطَّالِبينَ اِلى وَجْهِهِ الْكَريمِ، اَسْأَلُكَ بِمُنْتَهى كَلِمَاتِكَ التَّامَّةِ وِ بِعِزَّتِكَ وَ قُدْرَتِكَ وَ سُلْطانِكَ وَ جَبَرُوتِك اَنْ تُصَلِّي عَلى مُحَمَّدٍ وَ الِهِ وَ اَنْ تَفْعَلَ بي ما انت اهله ولا تفعل بي ما انا اهله انك ارحم الراحمين وعلى كل شيء قدير.
اللهم صل على المصطفى محمد والمرتضى علي والزهراء فاطمة والمجتبى الحسن والشهيد الحسين والسجاد علي ومحمد الباقر وجعفر الصادق وموسى الكاظم وعلي الرضا ومحمد الجواد وعلي الهادي والحسن العسكري والحجة القائم المهدي بقيتك في ارضك وحجتك على عبادك صلاة قائمة دائمة.
اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
استمر الان في ذكر بعض الامور عن الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها). المهم انه مادامت ذكريات وفاتها موجودة، فيحسن التعرض إلى مثل ذلك خلال الجمعات المعاصرة التى الان موجودة. ولعل احسن ما استطيع ان اذكره بهذا الصدد وفي هذه العجالة فكرتان تخصاها (سلام الله عليها) يحسن الالتفات اليهما.
الفكرة الاولى: ما قلته في بعض كتبي كأضواء على ثورة الحسين (عليه السلام) وغيره. وحاصلها ان مقتضى القاعدة ان كل فرد صاحب حق إذا حُرِم من حقه واخذه منه الظالمون فانه له الحق ان يطالب بحقه وان يُذّكر المجتمع به وان يبرز حججه وبيناته على ثبوته ما اوتي إلى ذلك من سبيل. وهذا لا ينبغي ان يكون محل شكٍ اطلاقا.
والمهم ان الاصل في كل ذي حق ان يدافع هو عن نفسه، ويطالب بحقه لا ان يدافع عنه غيره. لكن حينما تقتضي المصلحة العامة غير ذلك فلا باس ان يدافع الكثيرون عن الحق المغصوب والظلم المتراكم. ومن ذلك بكل تاكيد ما إذا لم يستطع صاحب الحق ان يدافع عن حقه لبعض الموانع، إذن يجب ان يدافع عنه الاخرون ويُذّكِروا المجتمع بمظلمته ويبرهنوا على صحة حقه. وهذا ما يحصل في الجانب الديني الاسلامي كثيرا.
فمثلا ان صاحب الزمان، صاحب الامر المهدي (سلام الله عليه)، لا يستطيع الان ان يدافع عن نفسه، أو ان يطالب بحقه بالرغم من انه مظلوم اكثر من كل البشر، وحقه اعظم من كل الناس، إلا ان مطالبته بحقه ينافي غيبته ويجب عليه ان يحافظ على غيبته، لا ان يعرّف الناس بنفسه إلى زمان موعد ظهوره. فتكون مطالبته بحقه في عصر غيبته متعذرة عليه، وغير ممكنة له ومن ثم وجب على الواعين لقضيته (امثال هذه الوجوه الطيبة) والمدركين لظلامته والمخلصين لدعوته، ان يدافعوا عنه ويرفعوا رايته وينشروا كلمته ويبذلوا امكانهم في ذلك لان كلمته كلمة الله ورايته راية الله وحكمه حكم الله. ومن هنا نكون في هذا الجيل نحن المدافعون عنه ونحن المطيعون له ونحن القائمون بامره (سلام الله عليه) حتى يقضي الله بما هو قاض.
وكذلك قد يحصل وجود المانع عن ان يدافع الامام عن نفسه لبعد المكان، كالامام الصادق (عليه الصلاة والسلام) ساكناً في المدينة المنورة وانصاره في خراسان كما في الرواية المعروفة، فيكون بعيدا عن الساحة وعن المجتمع هناك ولم تكن في حينه اجهزة اعلامية وصوتية ولاسلكية. ومن هنا يتعين على الواعين والمخلصين الدفاع عنه وبيان حقه ورفع مظلمته في أي مكان بعيد أو مدينة اخرى أو زمان اخر لا يوجد فيه الامام (عليه الصلاة والسلام).
ومن ذلك انه قد يحصل في الاسلام – لاحظوا - ان الرجال لا يستطيعون ان يدافعوا عن انفسهم فيدافع عنهم النساء، وقد حصل ذلك في الاسلام مرتين. اوضحها ما حصل بعد مقتل الحسين (سلام الله عليه)، حيث يكون الحسين واصحابه (سلام الله عليهم اجمعين) مستشهدين قد فارقوا الدنيا ولا مجال لهم بطبيعة الحال للدفاع عن انفسهم والاخذ بحقهم وبيان ظلاماتهم والاقتصاص من اعدائهم. ومن هنا كان من اهم من تصدى لهذا الاعلام الضروري واقامة الحجة الرئيسية (بعد الشهادة) على الصديق والعدو وعلى المؤالف والمخالف – من هو ؟ - هو زينب العقيلة بنت علي امير المؤمنين (عليهما افضل الصلاة والسلام). ولولا موقف زينب (سلام الله عليها) وكلامها واعلامها وخطاباتها لانطمست ثورة الحسين (عليه السلام) واندرجت في طي النسيان وكأنها لم تكن. فكان لابد في الحكمة الالهية ان تنضم تلك الثورة الكبرى والتضحيات الجليلة إلى هذا الجانب الاعلامي المركز لكي يثمر ثمرته وينفع الاجيال باثره كما قد حصل.
وما اشجعها (سلام الله عليها) والطف بيانها حينما تقول لاكبر مسؤول في الدولة يومئذ – شتكول؟ - : (ولئن جرّت علي الدواهي مخاطبتك، اني لاستصغر قدرك واستعظم تقريعك واستكثر توبيخك. لكن العيون عبرى والصدور حرى. ألا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء) لان رسول الله (صلى الله عليه واله) قال لصحب يزيد وابو يزيد وجد يزيد– ماذا قال بعد فتح مكة ؟ - : اذهبوا فانتم الطلقاء. فهالجماعة طلقاء أي في الحقيقة طلقاء من رضا الله سبحانه وتعالى وليس من غضبه.
(الا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء). إلى ان تقول - ماذا تقول ؟ - : (فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا يُرحض عنك عارها - أي لا يغسل عنك عارها - وهل رايك إلا فند وايامك إلا عدد وجمعك إلا بدد يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين.
وتقول: (فوالله – شُجاعة - ما فريت إلا جلدك – تضر نفسك مو تضر واحد من عدنه - ولا حززت إلا لحمك ولتردن على رسول الله (صلى الله عليه واله) بما تحملت من سفك دماء ذريته وانتهكت من حرمته في عترته ولحمته حيث يجمع الله شملهم ويلم شعثهم وياخذ بحقهم ((ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون))، وحسبك بالله حاكما وبمحمد (صلى الله عليه واله) خصيما وبجبرئيل ظهيرا وسيعلم من سوّل لك ومكّنك من رقاب المسلمين. بئس للظالمين بدلا وايكم شر مكانا واضعف جندا).
ولقد علمنا من هو الذي سوّل له ، شتكول؟ وسيعلم من سوّل لك ومكنك من رقاب المسلمين ، من هو الذي سوّل له ومكنه من رقاب المسلمين ؟ - علمنا ان من سوّل له ونصبه حاكما ومكنه من رقاب المسلمين هو الاستعمار الذي كان متمثلا يومئذ بالدولة القيصرية البيزنطية الرومانية.
المهم – لاحظوا جدا ، فكرك يمي - اننا هل نستطيع ان نتصور في هذا العصر، وفي كثير من العصور ان يتكلم فرد مهما كان مهمّا امام اعلى مسؤول بالدولة من ملك أو امبراطور أو دكتاتور أو رئيس جمهورية أو أي حاكم ان يتكلم مثل هذا الكلام ويعطيه حقه بيده وامام عينيه وفي منزله وامام حاشيته وشرطته ومؤيديه ؟! هي زينب وين جانت ؟ في براني يزيد بن معاوية. هذا متعذر بكل تاكيد حتى في البلدان – لاحظوا -التي تدعي الحرية والديمقراطية كفرنسا وايطاليا وبريطانيا وغيرها. فان الحرية الشخصية مكفولة هناك نسبيا او شكلياً واما المناقشة في نظامهم والاعتراض على مسلماتهم واسس سياساتهم واسرار دولهم فهو ممنوع، قليلا كان أو كثيرا وليس فيه اية حرية كائنا من كان. وان رغمت انافهم نقول ذلك .
ومن ذلك (اعني حين يضطر النساء للدفاع عن مواقف الرجال) موقف الزهراء (سلام الله عليها) (هذاك موقف زينب قدمناه لانه اوضح واشهر، لا ، موقف الزهراء ايضا كذلك) ، موقف الزهراء سلام الله عليها حين اضطر امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة والسلام) إلى البقاء في بيته حوالي عشرين عاما – هي سهلة؟ انت اكعد ببيتك عشرين عاما ، سبحان الله - وانما كانت الفرصة الرئيسية والكلمة الشجاعة موجودة للزهراء (سلام الله عليها) والتي كانت شكليا تتخذ صورة المصلحة الشخصية، اعني المطالبة بفدك وموارد فدك وارباح فدك. ولكنها في الحقيقة ذات مصلحة عامة واقعية، وهي المطالبة بامامة زوجها امير المؤمنين (سلام الله عليه) وخلافته وتسنمه منصب الرئاسة الفعلية والقيادة في المجتمع.
وقد اُبليت الزهراء في ذلك بلاءً حسنا وجاهدت جهادا حقيقيا. وايضا كان خطابها مع اعلى مسؤول – كما حدث مع زينب سلام الله عليها - في الدولة يومئذ فلم تكن تحفل بالشدائد ولا تجبن عند المكاره. وانما تقول له بصراحة – ماذا تقول؟ - : (فدونكها مخطومة مرحولة - يعني ناقة في ابهى حلتها، اي حجتنا في ابهى صحتها - تلقاك يوم حشرك. فنعم الحكم الله والزعيم محمد والموعد القيامة وعند الساعة يخسر المبطلون ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون).
ومن جملة خطبها الواضحة والصريحة بالمطالبة بحق زوجها امير المؤمنين (سلام الله عليه) بالخلافـة والامامة ورعاية المجتمع حق رعايته، قولها: (ويحهم انى زحزحوها عن رواسي الرسالة وقواعد النبوة ومهبط الوحي ومهبط الروح الامين الطبن او الطبين بامور الدنيا والدين - والطبين هو الخبير ومن هو الخبير ؟ امير المؤمنين سلام الله عليه) ، زحزوها عنه ودفعوها الى غيره - الا ذلك هو الخسران المبين. وما نقموا من ابي الحسن ؟ - شعدهم وياه؟! - نقموا والله نكير سيفه وشدة وطأته ونكال وقعته وتنمره في ذات الله. وبالله – تُقسم الزهراء سلام الله عليها - لو تكافئوا على زمام نبذة رسول الله (صلى الله عليه واله) لسار بهم سيرا سجحا – شوفوا اذا تسلط على المجتمع وحكم المجتمع شلون سهلة بيده وشلون كلهم يرتاحون - لا يكلم خشاشه ولا يتعتع راكبه ولاوردهم منهلا رويا فضفاضا تطفح ضفتاه ولا يترنق جانباه ولأصدرهم بطانا قد تحرى بهم الري – هم شبعانين وهم ريانين - غير متحل منهم بطائل بعلمه الزاخر وردعه ثورة الساغب – الذي هو الجائع – ولفتحت عليهم بركات من السماء وسياخذهم الله بما كانوا يكسبون
ثم تقول: ( إلى أي لجأٍ - اي الى اي ملجأ ، ما يختاروه حبيبي - لجأوا واستندوا وباي عروة تمسكوا ولبئس المولى ولبئس العشير. استبدلوا والله الذنابى بالقوادم والعجز بالكاهل فرغما لمعاطس قوم يحسبون انهم يحسنون صنعا – رغما على انفهم - الا انهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون).
وهي تقول – لاحظ - هذا الكلام البليغ، والبيان الفصيح بقلب شجاع، وارادة قوية وكلام لا يفهمه الا اهلوه، وهي من العمر - حوالي شكدهه؟ سبحان الله - حوالي تسعة عشر سنة، أو أقل ، انها شابة صغيرة، ولكنها المعجزة الكبيرة. فهل في العالم اليوم او في اي يوم واحدة تستطيع ان تتكلم مثلها ؟ ، رجل عمره تسعة عشر سنة يستطيع ان يتكلم بمثل ذلك؟ ماكو حبيبي. فهل في العالم اليوم واحدة تستطيع ان تتكلم بمثل هذه المضامين العالية ، وهل في اجيال الاسلام وغير الاسلام مثل ذلك ؟ ما موجود طبعا ، كلا ، حتى بنات الملوك والمثقفات والواصلات إلى درجات عليا في الدنيا والآخرة أو في الدين. وانما كان ذلك امرا فريدا حسب مستواها العالي بصفتها بنت الرسول وزوج الوصي وام الحسنين (سلام الله عليهم اجمعين) - لاحظوا ، سبحان الله - حتى زينب العقيلة (سلام الله عليها) على عظم جهادها لم تكن مثل الزهراء سلام الله عليها. الزهراء ابلغ نطقا اكيدا هذه واحدة وثانيا اصغر عمرا اكيدا ربما عشرين سنة الفرق او اكثر ، زينب كانت اكبر في زمانها من الزهراء في زمانها - فهالعشرين سنة ماتروح كوترة ، لابد ان هي شنو؟ مجربة وواعية واجتماعية لعله نكدر نكول انه الهه باب وجواب تحجي ، اما واحدة عمرها تسعة عشر سنة فهذا هو المعجز الباهر الذي لا معجز مثله.
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ
صدق الله العلي العظيم

الجمعة الثالثة والعشرون 19 جمادي الاول 1419

الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ بِما حَمِدَ اللَّهَ بِهِ نَفْسُهُ، وَ لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ بِما هَلَّلَ اللَّهَ بِهِ نَفْسُهُ، وَ سُبْحانَ اللَّهِ بِما سَبَّحَ اللَّهَ بِهِ نَفْسُهُ، وَ اللَّهُ اَكْبَرُ بِما كَبَّرَ اللَّهَ بِهِ نَفْسُهُ.
وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بِما حَمِدَ اللَّهَ بِهِ عَرْشُهُ وَ كُرْسِيُّهُ وَ مَنْ تَحْتَهُ، وَ لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ بِما هَلَّلَ اللَّهَ بِهِ عَرْشُهُ وَ كُرْسِيُّهُ وَ مَنْ تَحْتَهُ، وَ سُبْحانَ اللَّهِ بِما سَبَّحَ اللَّهَ بِهِ عَرْشُهُ وَ كُرْسِيُّهُ وَ مَنْ تَحْتَهُ، وَ اللَّهُ اَكْبَرُ بِما كَبَّرَ اللَّهَ بِهِ عَرْشُهُ وَ كُرْسِيُّهُ وَ مَنْ تَحْتَهُ.
وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بِما حَمِدَ اللَّهَ بِهِ خَلْقُهُ، وَ لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ بِما هَلَّلَ اللَّهَ بِهِ خَلْقُهُ، وَ سُبْحانَ اللَّهِ بِما سَبَّحَ اللَّهَ بِهِ خَلْقُهُ، وَ اللَّهُ اَكْبَرُ بِما كَبَّرَ اللَّهَ بِهِ خَلْقُهُ.
وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بِما حَمِدَ اللَّهَ بِهِ مَلائِكَتُهُ، وَ لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ بِما هَلَّلَ اللَّهَ بِهِ مَلائِكَتُهُ، وَ سُبْحانَ اللَّهِ بِما سَبَّحَ اللَّهَ بِهِ مَلائِكَتُهُ، وَ اللَّهُ اَكْبَرُ بِما كَبَّرَ اللَّهَ بِهِ مَلائِكَتُهُ.
وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بما حَمِدَ اللَّهَ بِهِ سَماواتُهُ وَ اَرْضُهُ، وَ لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ بِما هَلَّلَ اللَّهَ بِهِ سَماواتُهُ وَ أَرْضُهُ، وَ سُبْحانَ اللَّهِ بِما سَبَّحَ اللَّهَ بِهِ سَماواتُهُ وَ اَرْضُهُ، وَ اللَّهُ اَكْبَرُ بِما كَبَّرَ اللَّهَ بِهِ سَماواتُهُ وَ أَرْضُهُ.

وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بِما حَمِدَ اللَّهَ بِهِ رَعْدُهُ وَ بَرْقُهُ وَ مَطَرُهُ، وَ لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ بِما هَلَّلَ اللَّهَ بِهِ رَعْدُهُ وَ بَرْقُهُ وَ مَطَرُهُ، وَ سُبْحانَ اللَّهِ بِما سَبَّحَ اللَّهَ بِهِ رَعْدُهُ وَ بَرْقُهُ وَ مَطَرُهُ، وَ اللَّهُ اَكْبَرُ بِما كَبَّرَ اللَّهَ بِهِ رَعْدُهُ وَ بَرْقُهُ وَ مَطَرُهُ.
وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بِما حَمِدَ اللَّهَ بِهِ كُرْسِيُّهُ وَ كُلُّ شَيْ ءٍ اَحاطَ بِهِ عِلْمُهُ، وَ لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ بِما هَلَّلَ اللَّهَ بِهِ كُرْسِيُّهُ وَ كُلُّ شَيْ ءٍ اَحاطَ بِهِ عِلْمُهُ، وَ سُبْحانَ اللَّهِ بِما سَبَّحَ اللَّهَ بِهِ كُرْسِيُّهُ وَ كُلُّ شَيْ ءٍ اَحاطَ بِهِ عِلْمُهُ، وَ اللَّهُ اَكْبَرُ بِما كَبَّرَ اللَّهَ بِهِ كُرْسِيُّهُ وَ كُلُّ شَيْ ءٍ اَحاطَ بِهِ عِلْمُهُ. اللهم صل على محمد واله بافضل صلواتك واعظم تحياتك واكبر كراماتك كما صليت وترحمت وتحننت على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد.
اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
نتعرض الان إلى الفكرة الثانية المرتبطة بالزهراء (سلام الله عليها)، وهي انها طالبت – لاحظوا - بعد وفاة ابيها بفدك، وهي ارض كانت تحت سيطرة اليهود في الجاهلية واول الاسلام. وبعد وقعة خيبر التي اخضع فيها نبي الاسلام اليهود فيها واذلهم، صالحهم على ان تكون ارض فدك ملكا للنبي (صلى الله عليه واله) وهم عمال وفلاحون فيها ويدفعون الوارد إليه (صلى الله عليه واله) بالنسبة التي يتم الاتفاق بينهما عليها. وبقي الامر على ذلك إلى وفاة النبي (صلى الله عليه واله).
وبعد وفاته وضعت الدولة (باللغة الحديثة) يدها على هذه الأرض وذهبت مصادرة اليهم وحُرِم منها ورثة النبي (صلى الله عليه واله). فجاءت الزهراء (سلام الله عليها) وطالبت بارجاعها إليها. والسر في ذلك ليس هو الطمع في الدنيا وانما كان وارد هذه الأرض كبيرا نسبيا فمن المطلوب ان يكون هذا الوارد بيد الزهراء (سلام الله عليها) وزوجها يصرفانه في مصلحة المجتمع والمسلمين وبالتالي يقوى بها حالهم الاقتصادي والاجتماعي ويستطاع به الدفاع عن حقهم المهتضم والمغصوب. ومن المؤسف ان يذهب هذا الوارد الكبير إلى الدولة التي تعتبرها الزهراء (سلام الله عليها) ظالمة وغاصبة وغير مشروعة.
وحسب فهمي فان هذا بعينه هو السبب في مصادرة الدولة لهذه الأرض، لكي يكون واردها لها (أي للدولة) وتتقوى بها اقتصاديا واجتماعيا، ويُحرمْ عنها الزهراء وامير المؤمنين (سلام الله عليهما)، وتسلب عنهما القوة الاقتصادية والاجتماعية كما يتصور الحاكمون يومئذ.
وفي (اعلام النساء) لعمر رضا كحالة الجزء الرابع صفحة 124 في ترجمته للزهراء (سلام الله عليها) قال: (وقال علي بن مهنا العلوي: ما قصد ابو بكر وعمر بمنع فاطمة عنها (أي فدك)، إلا ان يتقوى علي بحاصلها وغلتها على المنازعة في الخلافة).
ومن هنا يتضح انها انما طالبت بفدك لاجل نصرة زوجها أو قل لاجل نصرة الحق المتجلي بزوجها والمصلحة العامة المتعلقة به. فمطالبتها بفدك لها كلا المعنيين الصحيحين، مطالبتها بخلافة زوجها اولا، ومطالبتها بقوة زوجها اقتصاديا ثانيا. وليس فيه أي احتمال كونه من طلب الدنيا وكيف يكون ذلك وزهدها وزهد زوجها امير المؤمنين (عليهما افضل الصلاة والسلام) اشهر من ان يذكر. وهما اللذان نزل في حقهما قوله تعالى: ((ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما واسيرا انما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورا)). وقوله تعالى: ((انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)).
والفكرة الان هي ان ارض فدك هل هي ميراث للزهراء (سلام الله عليها) من ابيها ؟ او انها نحلة وهدية اهداها إليها في حياته ؟ وهي اي الزهراء (سلام الله عليها) قد ذكرت كلا الامرين في خطبها وكلماتها.
اما المطالبة بالإرث فاكثر من مرة، منها قولها – هذه الرواية - : (وانتم الان تزعمون ان لا ارث لنا افحكم الجاهلية تبغون ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون. ويا معشر المهاجرين أأبتز ارث ابي في الكتاب ان ترث اباك ولا ارث ابي لقد جئت شيئا فريا).
واما المطالبة بالهبة فعن شرح ابن ابي الحديد ان فاطمة لما كلمت ابا بكر بكى، ثم قال: يا ابنة رسول الله – حسب وجهة نظره - والله ما ورّث ابوك درهما ولا دينارا وانه قال ان الانبياء لا يوّرثون. فقالت (سلام الله عليها): ان فدك وهبها لي رسول الله (صلى الله عليه واله) . قال فمن يشهد بذلك ؟ (تحتاج الى شهادة ، هي مدعية كأنها غير معصومة ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم!) فجاء علي بن ابي طالب (سلام الله عليه) فشهد وجاءت أم ايمن فشهدت. ورد شهادتهما على أية حال إلى آخر القضية.
ومن الواضح ان الذي يكون في صالح دعوى الزهراء (سلام الله عليها) هو الهبة لان الارض كلها ستكون لها دون الارث لانها ستكون مقسمة بين الورثة وهم البنات والزوجات جميعا وليس للنبي من التركة بحيث تقع ارض فدك برمتها وجميعها في حصة الزهراء فقط.
إلا ان هذا يمكن الجواب عليه بوضوح وذلك بعد الالتفات إلى امرين:
الامر الاول: ان الزوجة أو الزوجات لا يرثن من الأرض وهذا عندنا موجود لا عينا ولا قيمة ، اقلاً الشيء الاجماعي انهن لا يرثن عينا – هسه قيمةً مختلف فيه - فإذن ارض فدك لاتصل إلى الزوجات ولا شبر منها.
الامر الثاني: انه ليس للنبي (صلى الله عليه واله) – لاحظوا - من بنات إلا الزهراء (سلام الله عليها)، اما الاخريات فلم يثبت كونهن بناته. بل هن بنات السيدة خديجة (رضوان الله عليها) من زوج آخر كانت عنده قبل زواجها من النبي (صلى الله عليه واله). اذن فستكون كل الأرض للزهراء (سلام الله عليها). ومن الملاحظ ان الرجل لم ينكر ملكية رسول الله (صلى الله عليه واله) للارض، وانما انكر انتقال المال بالميراث منه بصفته من الانبياء لان الانبياء لا يوّرثون. ولذا احتجت عليه بقوله تعالى: ((وورث سليمان داود)) مع انهما معا من الانبياء. إذن فالانبياء يوّرِثون وقانون الارث شامل للجميع.
والمهم الان، هو التساؤل عن صحة الارث أو الهبة وكلاهما قالته الزهراء وكلاهما ينتج ملكيتها للارض كلها. وجواب ذلك يكون على وجوه:
الوجه الاول: ان المراد من الارث الهبة. قالت ارث وقصدت الهبة، لانها هبة من الوالد إلى ذريته والذرية ترث الوالد عادة وشرعا ، فكأن كل مال انتقل من الوالد إلى ذريته هو من قبيل الهبة حقيقة أو مجازا. إذن تقصد او من الممكن ان تقصد من الارث الهبة.
الوجه الثاني: انها تَنزُّل في الدعوى على ما نعبر في العلوم العقلية، كانها (سلام الله عليها) تريد ان تقول انه (صلى الله عليه واله) قد وهب لي الأرض. ولكن لو تنزلنا عن ذلك وانكرنا الهبة كانت الأرض ارثا لي، لانها إذا لم تكن الهبة حاصلة فقد بقيت الأرض على ملك الوالد ، على ملك النبي (صلى الله عليه واله) إلى حين وفاته فتذهب ارثا إلى الذرية وهي الوارثة الوحيدة للارض كما سمعنا.
الوجه الثالث: ان مرادها (سلام الله عليها) جعل الحجة بين احد شقين ، احتمالين نعلم اجمالا بحصول احدهما لا محالة وهو اما الارث واما الهبة، وكلاهما سبب لملكيتها الارض، فتكون الأرض بأي من السببين ملكا لها والمفروض ان احد السببين قد حصل فعلا ويقينا .
الوجه الرابع: انه من الملحوظ انها (سلام الله عليها) حينما اكدت على شمول قانون الارث لها من تركة ابيها لم تذكر ارض فدك بل ذكرت القاعدة العامة دون التطبيق، أو الكبرى دون الصغرى. يعني انها لم تقل: اذن فأرض فدك تكون لي بالميراث، لا يستفاد ذلك من خطبها. وانما ذكرت ارض فدك فقط عند الهبة، وقالت: (قد وهبها لي رسول الله (صلى الله عليه واله)). وهذا معناه ان ذكر الميراث وان كان صحيحا إلا انه لمجرد الاحتجاج على الخصم، ويستفاد منه من ناحيتين – من الاحتجاج على الميراث - :
الناحية الاولى: انه لو انكر الهبة إذن يتعين الميراث في ارض فدك.
الناحية الثانية: - لاحظوا ، وهذا قلما يلاحظ - ان قانون الارث كما يشمل الأرض يشمل غيرها وكما يشمل البنت يشمل الزوجات. وهذا ينتج عدة نتائج:
منها: ان الزهراء (سلام الله عليها) لم تعطى عمليا من ارث ابيها أي شيء. فانه (صلى الله عليه واله) كان يسكن دارا فيها بعض الاثاث البسيط وقد حرمت الزهراء منها كما حرمت من فدك بعنوان ان الانبياء لا يورثون !
ومنها: ان الزوجات ، زوجات النبي – امهات المؤمنين - اعطين ارثهن كاملا بل زائدا. لان حصة الزهراء وهي الاكبر طبعا - بصفتها بنته - اعطيت للزوجات، فتصرفن في كل ميراث النبي (صلى الله عليه واله) حتى في ما يرتبط بالدار والاثاث ومن هنا قال الشاعر:
لك التسع من الثُمن .... وفي الكل تصرفــت
الثُمن ما هو ؟ حق الزوجة ، واحدة أو متعددة - هاي وحدة - ، التسع ماهو؟ ان النبي (صلى الله عليه واله) توفى على تسع زوجات حرائر بالعقد الدائم. اذن الثمن يقسم تسعة اقسام بين تسع زوجات، كل واحدة لها التسع من الثمن ، تسع الثمن ، ومع ذلك شنو ؟ (وفي الكل تصرفت) كما يقول .
فاذا كان الانبياء لا يورثون إذن فهم لا يورثون الزوجات كما لا يورثون البنات – صافية المسألة - إلا ان المنع عمليا ودنيويا يختص بالبنات لاعتبارات ومصالح دنيوية ظالمة بطبيعة الحال !
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ
صدق الله العلي العظيم

ابو علي 22-03-2012 12:51 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة الرابعة والعشرون 3 جمادي الثاني 1419
الخطبة الاولى
بسم الله الرحمن الرحيم
رجاءً الاستماع للخطبتين واجب ..
توجد كلمة قبل الخطبتين مختصرة اقولها لكم انه نحن طبعا في جمادي الثانية وفي العشرين من شهر جمادي الثانية ولادة الزهراء (سلام الله عليها)، فالرجاء منكم الا تقصروا في هذه المناسبة في زيارة امير المؤمنين (سلام الله عليه). مضافا طبعا ولادة الزهراء سوف تقع في الاثنين على ما هو المظنون. ثم في الجمعة التي تليها في الحقيقة الذكرى السنوية الاولى لتأسيس صلاة الجمعة في العراق، فالرجاء الا تقصروا في الحضور الى مسجد الكوفة لاحياء هذه الذكرى ، طبعا اذا بقيت الحياة واما اذا لم تبق الحياة وهذا امر متوقع في اي نفس وفي اي يوم فاسألكم الفاتحة والدعاء ، وشيء آخر رئيسي وهو ان تحافظوا على دينكم ومذهبكم ولا تدعوا هذا الزرع الذي حصدتموه بفضل الله سبحانه وتعالى ان يضيع وان يجف ، لا، حافظوا عليه ، طبعا ان شاء الله ان الشجاعة موجودة والوعي موجود والدين بذمتكم والمذهب بذمتكم لا ينبغي التفريط فيه ولا بقليل ولا بكثير، انا لست مهما بوجهي ولا بيدي ولا بعيني وانما الشيء المهم هو دين الله ومذهب امير المؤمنين (سلام الله عليه).
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
سُبْحانَ اللهِ العَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ ، سُبْحانَ الله مِنْ إِلهٍ ما أَمْلَكَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ مَلِكٍ ما أَقْدَرَهُ وَسُبحانَهُ مِنْ قَدِيرٍ ما أَعْظَمَهُ وَسُبحانَهُ مِنْ عَظِيمٍ ما أَجَلَّهُ وَسُبحانَهُ مِنْ جَلِيلٍ ما أَمْجَدَهُ وَسُبحانَهُ مِنْ ماجِدٍ ما أَرْأَفَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ رَؤُوفٍ ما أَعَزَّهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ عَزِيزٍ ما أَكْبَرَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ كَبِيرٍ ما أَقْدَمَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ قَدِيمٍ ما أَعْلاهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ عالٍ ما أَسْناهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ سَني‌ٍّ ما أَبْهاهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ بَهي‌ٍّ ما أَنْوَرَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ مُنِيرٍ ما أَظْهَرَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ ظاهِرٍ ما أَخْفاهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ خَفي‌ٍّ ما أَعْلَمَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ عَلِيمٍ ما أَخْبَرَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ خَبِيرٍ ما أَكْرَمَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ كَرِيمٍ ما أَلْطَفَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ لَطِيفٍ ما أَبصَرَهُ وَسُبحانَهُ مِنْ بصِيرٍ ما أَسْمَعَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ سَمِيعٍ ما أَحْفَظَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ حَفِيظٍ ما أَمْلاهُ وَسُبحانَهُ مِنْ مَلي‌ٍّ ما أَوْفاهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ وَفي‌ٍّ ما أَغْناهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ غَني‌ٍّ ما أَعْطاهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ مُعْطٍ ما أَوْسَعَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ واسِعٍ ما أَجْوَدَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ جَوادٍ ما أَفْضَلَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ مُفْضِلٍ ما أَنْعَمَهُ
اللهم صل على محمد وال محمد بافضل صلواتك واكبر تسليماتك واعظم تحياتك كافضل واكرم واحسن ما صليت على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد فعال لما تريد وانت على كل شيء شهيد.
اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
هذا اليوم هو من ذكريات وفاة سيدتنا الزهراء (سلام الله عليها) كالذي سبق في المناسبات السابقة فيحسن ان يبقى الحديث عنها مستمرا.
قال الشاعر:
ولأي الامور تدفـن ليـلا .... بضعة المصطفى ويعفى ثراها
فقد أثار الشاعر جزاه الله خيرا سؤالين عن مشكلتين تاريخيتين تتصلان بالزهراء (سلام الله عليها)، إحداهما وهي الدفن ليلا حصلت بقناعة الزهراء (سلام الله عليها) ووصيتها. والاخرى وهي اخفاء قبرها حصلت بقناعة زوجها امير المؤمنين (سلام الله عليه) وقد نستطيع الوصول بالأسئلة الى ثلاثة او اكثر لان هذا البيت الشعري على شكل سؤال:
ولأي الامور تدفن ليلا .... بضعة المصطفى ويعفى ثراها؟
فيه سؤالين لكن لا -احنه انزّيدْ عليه بعد واحد -
الاول: ان الزهراء (سلام الله عليها) قد غُسلِّت بعد وفاتها سرا في داخل بيتها (كول لا !) ولم يعلم احد بذلك من خارج الاسرة ولم يشارك فيه أحد الا زوجها أمير المؤمنين (عليه السلام) واسماء بنت عميس - على ما ببالي - التي كانت تناوله الماء.
الثاني: ان الزهراء (سلام الله عليها) اوصت زوجها ان تدفن ليلا حين تهدأ العيون وينام الناس ولا يكون لها تشييع عام. وقد طبق امير المؤمنين (سلام الله عليه) هذه الوصية ودفنت سرا ليلا باجماع كلام المؤرخين من كل المذاهب الاسلامية، ولا يحتمل فيها غير ذلك. ولم يحضر تشييعها ودفنها الا حوالي سبعة نفر فقط، زوجها وولداها (سلام الله عليهم) وبعض الخاصة من خاصتهم كسلمان الفارسي وابو ذر وعمار (رضوان الله عليهم).
الثالث: ان الزهراء (سلام الله عليها) عُفي قبرها ولم يظهر الى حد الان وهذا ايضا اكيد بتسالم المؤرخين. ورفض امير المؤمنين بكل شدة وقوة ارادة، ان يدل المجتمع على قبرها الذي دفنت فيه ليلا. ولا زلنا نشعر بانه لا توجد حجة شرعية كأدلة على كونها مدفونة في اي مكان محدد. إلا انها في منطقة كبيرة هي المدينة المنورة دون اي مكان محدد منها. ولعل الارجح في ذلك احد احتمالات ثلاث.
اولا: انها دفنت في بيتها ( اي البيت الذي كانت تسكن فيه مع امير المؤمنين (سلام الله عليه)).
ثانيها: انها دفنت في البقيع - انا كتبت لك جم كلمة شرح عن البقيع يحسن الالتفات اليه جدا - ويسمى بقيع الغرقد، وقد كان مدفنا لاهل المدينة (كوادي السلام في النجف الحقيقة ) وكان خارج البيوت يومئذ – المدينة صغيرة ، في خارجها ، كما ان وادي السلام الان في خارج النجف ، سبحان الله - يُخرجون موتاهم الى خارج المدينة ويدفنونها في المقبرة، التي هي بقيع الغرقد . وفيه مقابر كثير من الصحابة والتابعين والهاشميين بما فيهم بعض المعصومين (عليهم السلام)، وهم الامام الحسن المجتبى (عليه السلام) والامام السجاد علي ابن الحسين (عليه السلام) والامام الباقر (عليه السلام) والامام الصادق (عليه السلام). وكان – لاحظوا - على هذه القبور - اي قبور المعصومين هؤلاء الائمة الاربعة - عليها بناء كبير ولا زالت صورته الفوتوغرافية موجودة – انتو طبعا اغلبكم ما شايفيهه اكيدا - وكانت تسمى عند اهل المنطقة بقبة اهل البيت وقد هدمها الوهابيون السعوديون. واصبح – اسمعوا ، انتم واعين وفاهمين - في نظرنا يوم معين من السنة يسمى يوم هدم القبور، هدم قبور البقيع ، مصيبة كمصيبة وفاة احد الائمة سلام الله عليهم اجمعين ، تعدل مصيبة ذكرى وفاة احد المعصومين عليهم السلام ، واصبح الناس يعملون بهذه المناسبة تعازي واحتفالات ونحو ذلك ، وذكريات . وايضا قال الشاعر بهذه المناسبة:
الا ان حادثة البقـــيع .... يشيب لهولها فـود الرضيع
وسوف تكون فاتحة الرزايا .... اذا لم نصحوا من هذا الهجوع
كما قد كان في مقبرة البقيع بناية تسمى قبة المبكى – بالله قبة المبكى يعني شنو ؟ - وهي ان الزهراء (سلام الله عليها) بعد ابيها حينما في الحقيقة طردت من داخل المدينة انه اسكتوها فان بكاءها يزعج الجيران ، اخرجها زوجها الى البقيع، فاصبحت تبكي هناك. فخلال الاجيال بني في نفس المنطقة بناء ، سور وقبة تسمى قبة المبكى لذكرى فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)، وكان هذا في ضمن ما هدم عند هدم البقيع.
ويوجد شرح ذلك وغير ذلك مفصلا في كتاب – هذا ما نعرفه لكن هذا الكتاب ايضا من واحد مصري ، كل هالحجي موجود بيه - يسمى بمرآة الحرمين لاحد الضباط المصريين الذين كانوا يذهبون من مصر في حملات الحج كل سنة قبل سبعين عاما او اكثر وفيه صورة لمقبرة بقيع الغرقد – البقيع نفسه - قبل الانهدام. وتظهر فيه بنايات عديدة منها بناية المبكى، ومنها قبة اهل البيت (سلام الله عليهم) واشياء اخرى - وهو ايضا يعدّد محتويات البقيع وحدة وحدة ، فيه كذا وكذا وكذا ، المهم مصدر جيد وهو منهم وليس من عندنا حبيبي - ومحل الشاهد ان احدى الروايات هي انها (سلام الله عليها) دفنت في البقيع ولكن لم يعرف موضع قبرها الى الان ، بالتاكيد انها حقيقة في البقيع؟ او وين من البقيع مدفونة ؟ لا يُعلم. ولم يبنِ عليها احد قبة لانها مجهولة من حين دفنها.
والرواية الثالثة : انها دفنت قرب ابيها يعني قرب مدفن الرسول (صلى الله عليه واله). وبعضهم وربما الارتكاز المتشرعي كما نقول، يفهم ذلك مما ورد عن النبي (صلى الله عليه واله) يقول: بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة. والظاهر ان هذا الخبر مما يرويه الفريقان حسب اطلاعي. فنقول هنا ان هذه الروضة من الجنة هي قبر الزهراء (سلام الله عليها)، وتوجد هناك روايات اخرى اضعف من هذه الثلاثة.
وعلى اي حال فحسب فهمي ان هذه الثلاثة ايضا غير مذكورة بحجة شرعية، وانما هي محتملات راجحة على اية حال. يكفينا من ذلك ان امير المؤمنين (عليه السلام) تعمد التعتيم الاعلامي (باللغة الحديثة) على قبرها من نفس الليلة التي دفنت ، ولا زال هذا التعتيم موجودا. فكيف نستطيع ان نستدل على قبرها بحجة شرعية مع وجود هذا التعتيم الذي دعمه امير المؤمنين بنفسه (سلام الله عليه).
والملاحظ ان سائر الائمة بعد امير المؤمنين (عليه السلام) التزموا على نفس المسلك، ولم يصرحوا بموضع قبر الزهراء (عليها السلام)، بخلاف الامور الاخرى فانها صدرت عنهم كثيرا كموضع قبر امير المؤمنين (عليه السلام) وحوادث الطف وغير ذلك. حيث كانوا يذهبون لزيارة قبر جدهم امير المؤمنين ولكن – سبحان الله - لم يحاولوا زيارة قبر جدتهم الزهراء (سلام الله عليها) لكي لا يكون ذلك إيذانا برفع الغفلة والتعتيم عن محل قبرها ، حتى لا يكون ذلك خيانة للفكرة التي بدأها جدهم امير المؤمنين في قاعدة التعتيم على قبر الزهراء (سلام الله عليها) وحاشاهم من الخيانة. إذن، فهم لم يتلفظوا قولا ولم يعملوا عملا يدل على محل وجود قبر الزهراء (سلام الله عليها). والطريق المنحصر للاجيال المتاخرة للتعيين الحقيقي لقبر الزهراء (سلام الله عليها) هو انتظار الامام المهدي (سلام الله عليه) للقيام بسؤاله وتعيينه، واما الان فهو منسد تماما.
الخطوة الاخرى مهمة – فكرك وياي - ولئن كان الامر في تكفينها السري ودفنها السري ليلا امر خاص بالجيل المعاصر لها (سلام الله عليها) - لانه انما هم مثلا متوقعين ان يحضرون تكفينها ويحضرون دفنها واحنه طبعا ما موجودين ، لا - فخفاء قبرها ليس امرا خاصا بذلك الجيل بل عام لسائر اجيال الاسلام وهي علامة غير محمودة طبعا، واعتبرها سوء توفيق لكل الاجيال الاسلامية ابتداءً من الجيل المعاصر لوفاتها والى الان والى حين يتضح الامر بظهور الحق الاصيل (سلام الله عليه). فليس فينا اي شخص يستحق ان ينال هذه النعمة الخاصة والرحمة الحقيقية مهما كان إدّعاء هذا الشخص عاليا في دين او دنيا .
نعود الان الى التساؤل عن السبب في هذا التعتيم المكثف والطويل الامد كما سمعنا من الشاعر حين يقول:
ولاي الامور تدفن ليلاً .... بضعة المصطفى ويعفى ثراها
ولعل هذا ايضا في واقعه يعتبر من الاسرار الالهية التي لا يعلمها الا المعصومون (عليهم السلام) واولياؤهم، الا ان المشهور لدى المتشرعة الى الان ان الزهراء (سلام الله عليها) كانت تريد منع اعدائها التي غضبت عليهم عن حضور تشييعها وزيارة قبرها بعد دفنها. فكانت افضل طريقة لذلك هو هذا التعتيم المطلق الذي حصل بمنع المجتمع كله عن ذلك لكي يمتنع الاعداء عن ذلك أيضاً لانه لا سبيل الى منعهم بالخصوص الا بمنع المجتمع كله. وهذا الوجه جيد جدا لولا اشكال واحد لعلنا التفتنا اليه وهو انها لو كانت (سلام الله عليها) تقصد نفس اعدائها الموجودين في ذلك الجيل اذن فقد زالوا عن الوجود بعد مائة سنة مثلا او اقل او اكثر. فلماذا لم يكشف المعصومون من ذريتها عن موضع قبرها بعد ذلك ؟ إذن فالامر اعمق من ذلك من جهتين:
الاولى: عدم اختصاص – لاحظوا - هذا الغضب الفاطمي بالجيل المعاصر لها بل هو شامل لكل الاجيال مادام هناك اتباع ومناصرين ومحبين لهم .
الثانية: عدم اختصاص هذا الغضب الفاطمي بطبقة معينة نعتبرها متطرفة بالضلال، بل تشمل كل المجتمع بدليل على انه لا يوجد ولا واحد منهم او منا من يعرف ذلك على طول الاجيال ولو كنا مستحقين لذلك لعرفناه اكيدا، لان رحمة الله قريب من المحسنين. وحيث اننا لا نعرفه أذن فلسنا مستحقين لهذه الرحمة الخاصية ، جيلا بعد جيل.
واوضح شيء يشبه هذا المعنى هو غيبة الامام (عليه السلام) فانها تمثل غضب الله سبحانه على اعداء الله سبحانه وتعالى، فغيّبَ عنهم وليه مع العلم الاكيد والذي صرح به العلماء السابقون انه لا يمكن ان يكون غائبا عن المستحقين لرؤيته وانه (سلام الله عليه) انما تحجبه الذنوب والعيوب والمظالم الموجودة لدى الافراد والجماعات. فاي فرد تصورناه انه ليس له ذنوب وعيوب وهو مبرأ امـام الله سبحـانه وتعالى منها فانه سيرى المهدي ويتعرف عليـه.
وبتعبير اخر ان المتشرعة يشعرون انه انما غاب (سلام الله عليه) من اجل خوف القتل، فان كان ذلك صحيحا تماما فلماذا لا يظهر احيانا لمن لا يخاف منه الاعتداء وهم كثيرون الحمد لله من الشيعة والموالين؟!
وجواب ذلك نفس الجواب وهو انهم غير مستحقين لرؤية الامام ولا مبرؤون مثلا من الذنوب والعيوب الى الدرجة التي يبلغون بها درجة الاستحقاق. اذن فلنعرف ميزاننا وموقعنا امام الله سبحانه سواءً في الحوزة او في خارجها وسواء في العراق او في خارجه وسواء بين الموالين او خارجهم. لان كل اجيالنا تخفى عليها كثير من الامور المهمة الالهية والتي اوضحها – هالاثنين - التعرف على قبر الزهراء والتعرف على شخص الامام الحجة. مع العلم انه لا يحتمل ان يحجب ذلك عن المستحقين له، وليس ذلك من العدل ان يُحجب عن المستحقين له ، ليس من العدل ذلك بكل تاكيد – اي العدل الالهي ، جل جلاله - .
ومثال ذلك من وجهة نظر بعض العارفين ان البلاء الذي نزل – لاحظوا ، كقصة بسيطة - على ال يعقوب او اسرته انما كان لبعض التقصيرات وهو انهم كانوا حسب رواية موجودة على اية حال – ما علينا من صحة سندها - وهو انهم كانوا ياكلون شاة مشوية في بعض الامسيات فجاءهم فقير يطلب العطاء فلم يعطوه. وفي الحكمة: اذا صدق السائل هلك المسؤول. وقد كان هذا السائل – حسب ما يبدو والله العالم - في علم الله مستحقا حقيقة فمنعوه فكان ذلك إيذانا ببدء البلاء.
والمهم ليس هو سماع تفاصيل القصة وهي معروفة ومروية في الكتاب الكريم والسنة الشريفة. وانما محل الشاهد فيها ان يعقوب (عليه السلام) بكى حتى ابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم بنص القران الكريم – كما ينص على ذلك القران - ولكنه رجع بصره عندما القي قميص يوسف على وجهه – ايضا كما ينص القران - ولم يكن بكاؤه بكاء العاطفة على ابنه ، لا ، بل اسفا لحصول ذلك التقصير وبيانا للتوبة منه وكان يقول ايضا بنص القران ((واعلم من الله ما لا تعلمون)) وفسره بعض اهل المعرفة اني اعلم بانه عند زوال الغضب يزول البلاء - اول ما الله يرضى عنا يزيل هذا البلاء عنا - وكان يعقوب (سلام الله عليه) ينتظر زوال الغضب وتوبة الله عليهم. فحينما القي عليه قميص يوسف كان هذا إيذانا بزوال الغضب - وانه يمكن التعرف على يوسف - وحصول الرضا ولذا كف عن البكاء ورجع بصره. ولم يكن – طبعا ، لا تقولوا الغضب ، هم معصومون سلام الله عليهم - لم يكن الغضب غضبا الهيا مطلقا لانهم (سلام الله عليهم) معصومون وانما كان تنبيها وامتحانا على تقصير بسيط ولم يكن طبعا هو من المحرمات لكي يكون منافيا للعصمة.
فمحل الشاهد – الحين هالرواية رويناها لاي شيء؟ - انه اذا زال الغضب زال البلاء واما ما دام البلاء موجودا فنعرف من ذلك ان الغضب لا زال موجودا وليس لنا استحقاق زواله. والبلاء في الدنيا كثير الا انه في محل حديثنا هو خفاء قبر الزهراء (سلام الله عليها) وخفاء شخص المهدي (سلام الله عليه). وهذا معناه اننا لا زلنا على مستوى القصور والتقصير والذلة امام الله سبحانه وتعالى حتى سيد محمد الصدر انا لا اقصد غيري وانما الجميع هكذا جيلا بعد جيل حتى الحوزة العلمية حتى اكابر الحوزة العلمية خلِّ واحد منهم يدل على قبر الزهراء يقينا او يعرفك بشخص المهدي يقينا، اقل من ذلك واحقر حتى سيد محمد الصدر.
وهذا معناه اننا لا زلنا على مستوى القصور والتقصير والذلة امام الله سبحانه وعدم استحقاق الرحمات الخاصة لا استثني من ذلك احدا من البشر كائنا من كان. وهذا ما يستدعي فينا مزيد الحذر واليقظة ومراقبة الله في الصغيرة والكبيرة وفي كل نفس كما تقول الحكمة (خف الله كانك تراه فان لم تكن تراه فهو يراك) لعلنا بالتدريج نصل الى المستوى الالهي المطلوب.
بسم الله الرحمن الرحيم
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا
صدق الله العلي العظيم
الجمعة الرابعة والعشرون 3 جمادي الثاني 1419
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
والهكم اله واحد لا اله الا هو الرحمن الرحيم. الله لا اله الا هو الحي القيوم لا تاخذه سنة ولا نوم. الله لا اله الا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق هو الذي يصوركم في الارحام كيف يشاء. لا اله الا هو العزيز الحكيم. شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة واولو العلم قائما بالقسط. لا اله الا هو العزيز الحكيم. ان الدين عند الله الإسلام، ان هذا لهو القصص الحق وما من اله الا الله وان الله لهو العزيز الحكيم. الله لا اله الا هو ليجمعنكم الى يوم القيامة لا ريب فيه ومن اصدق من الله حديثا. لقد كفر الذين قالوا ان الله ثالث ثلاثة وما من اله الا اله واحد وان لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب اليم. ذلكم الله ربكم لا اله الا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل. اتبع ما اوحي اليك من ربك لا اله الا هو واعرض عن المشركين.
اللهم صل على محمد وال محمد. اللهم صل على المصطفى محمد، والمرتضى علي والزهراء فاطمة والمجتبى الحسن والشهيد الحسين والسجاد علي والباقر محمد والصادق جعفر والكاظم موسى والرضا علي والجواد محمد والهادي علي والعسكري الحسن والحجة الهادي المهدي ائمتي وسادتي وقادتي بهم اتولى ومن اعدائهم اتبرأ في الدنيا والاخرة.
اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
ولأي الامور تدفن ليلا ولاي الامور يعفى ثراها
نعود الى التساؤل عن ذلك. وحسب فهمي، ان افضل اطروحة في الجواب في سبب كتمان مدفن الزهراء (سلام الله عليها) هو ان نعرف شيئا من شأن الزهراء (سلام الله عليها)، لكي نستنتج النتيجة بسهولة ولو كاطروحة على اية حال وليس كأمر بتي – كل واحد وقناعته على اي حال - اطروحة انا اعرضها امامكم وعلى مسامعكم. وذلك ان من يبذل لها اية خدمة حقيقية، او نفع حقيقي مخلص لا يمكن ان يدخل النار، تكون هي شفيعته وتفطمه من النار (سلام الله عليها) لانها بضعة المصطفى الاكرم وقلبه الذي بين جنبيه. وهذا له مثالان – سامعيهه؟ ، على كل حال اني اكولهه - :
المثال الاول: ان شخصا من الصحابة – طبعا المصادر صعب الحصول عليها بس انا انقل لكم عن حفظي - صادف ان سقطت قطرة من دم رسول الله (صلى الله عليه واله) في بعض الغزوات على يده فلطعها وبلعها ثم سأل رسول الله (صلى الله عليه واله) في ذلك فقال له ما مضمونه: بئس ما فعلت ، هذا حرام - موزين سوّيت - ولكن قد حرم الله جسدك على النار. فلا يمكن ان تدخل تلك القطرة التي هي جزء من النبي (صلى الله عليه واله) الى النار بكل صورة.
المثال الثاني: ما كان يقوله ابى (قدس سره) وكان يقول: انه معروف بين المتشرعة وذلك – شنهي الفكرة ؟- ان من قتله رسول الله (صلى الله عليه واله) بسيفه مباشرة يذهب الى الجنة ، لا يذهب الى النار كائنا من كان لبركة سيف رسول الله (صلى الله عليه واله) وهذه الخصوصية غير موجودة لغيره شخصيا حتى امير المؤمنين (سلام الله عليه). ومن هنا لم يقتل رسول الله (صلى الله عليه واله) بشخصه احدا اطلاقا وانما كان المحارب الرئيسي والاهم بين يدي الرسول هو علي (عليه الصلاة والسلام). ومن قُتِل بسيف علي يذهب الى جهنم لكفره وسوء عمله. ومن هنا كان يقتل رسول الله (صلى الله عليه واله) الكفار بسيف علي ويد علي لا بسيفه الشخصـي وعملـه الشخصـي، مع انه لا يحتمل – لاحظوا ، وهذا قلما يفهمه الناس - ان يكون اقل شجاعة من علي.
علي شجاع البشرية وشجاع الخلق ،لا يحتمل ان يكون النبي اقل شجاعة من علي من حيث ما نعرف ان مقتضى القاعدة ان الافضل متصف بصفات الأدنى مع زيادة ولا شك ان النبي (صلى الله عليه واله) افضل من امير المؤمنين ، اذن فهو متصف بصفات امير المؤمنين مع الزيادة وهي النبوة والرسالة. اذن فهو شجاع مثل امير المؤمنين (سلام الله عليه). هذا الذي قال لاعدائه : (لو وضعوا الشمس الى يميني والقمر الى شمالي لأتنازل عن هذا الامر ما تنازلت عنه) – مضموناً ، هذا جاي ناطي نفسه كلهه لله -
اذن فهذا النحو من البركات الخاصة موجودة احيانا – البركات الخاصة شنو ؟ - ان من يقتله النبي يذهب الى الجنة ، ينال بركة خاصة. ومن يذوق دم النبي (صلى الله عليه واله) يذهب الى الجنة. اذن فهذا النحو من البركات الخاصة موجودة احيانا وان كانت غير معروفة ولا صريحة بين الناس وخاصة بالنسبة الى النبي. ومن الممكن – لاحظوا - ثبوت نحو ذلك من الصفات للزهراء (سلام الله عليها) وخاصة بعد ان نلتفت الى انها قلب النبي (صلى الله عليه واله) وروح النبي التي بين جنبيه، حقيقة لا مجازا كما قلنا في بعض الخطب السابقة. ومعنى ذلك ان امثال هذه البركات تكون منجية من النار على كل حال ، من ينالها لا يدخل جهنم حتى لو كان الفرد فاسقا او كافرا.
ويبدو بوضوح ان اهل البيت (سلام الله عليهم) كانوا يلاحظون ذلك ويحولون دون حصول ذلك بالنسبة الى طبقة من المنافقين والمعاندين واضرابهم، ومن الذين يستحقون الذهاب الى النار على كل حال ، فما يخلوهم شنو؟ يزورون قبر الزهراء ، لانه مجهول ، فيذهبون الى النار اعتيادي هاذاهو .
كما يبدو بوضوح _لو صح التعبير_ ان الله تعالى كان يلاحظ ذلك ايضا فيسلب التوفيق في قضاءه وقدره عن كل من يستحق دخول النار من امثال هذه الاسباب – يعني يحجب عنهم - المتبركة الشريفة. ومن هنا لم نجد ولم يرد في التاريخ ان شخصا منافقا أو كافرا وفّق – ماكو - الى اي نفع حقيقي مخلص لهم (سلام الله عليهم) وكيف يكون نفعا مخلصا مع وجود النفاق والكفر في قلبه ؟ بل من الممكن القول انه لم يقم بذلك احد من هذه الطبقات على الاطلاق، اعني بعمل يستحق به الجنة على كل حال.
ولا يبعد القول انه من الواجب على اهل البيت (عليهم السلام) من الله سبحانه وتعالى ان يحولوا دون حصول ذلك لاي احد لا يستحقه. فكان من جملة تطبيقاته نفع الزهراء (سلام الله عليها) بتغسيل او تكفين او تشييع او دفن. ومن هنا مُنِع ذلك منعا باتا لكي لا يستحق الجنة من هذه الناحية من لا يستحقها من الجهات الاخرى بل عليه ان ياخذ حسابه كاملا يوم القيامة.
ومن المعلوم ان المنع بمعنى النهي عن الحضور- يابه لا تجون ! ، ما يفيد لا تجون ، يجون هُمَّ على كل حال - سوف لن يكون مفيدا، ولا مؤثرا لانهم سوف يعصون هذا النهي -هم فسقة وغير مطيعين ويجون على كل حال – ويحضرون على كل حال بعنوان كونهم يريدون القيام بهذا الامر الجليل دينيا واجتماعيا والمربوط ببنت رسول الله (صلى الله عليه واله). ومن هنا لن يمكن منعهم اذا كانوا يعرفون موعد التشييع او اذا حصل التشييع في النهار.
فكان لابد ان تكون كلتا هاتين النقطتين نافذتين ومؤثرتين:
احداهما : جهل المجتمع بموعد تشييع الزهراء (عليها السلام)، لانه لو عرفوا موعده ولو ليلا لجاؤوا اليه على كل حال.
وثانيا: ان يكون التشييع ليلا، لانهم لو فعلوا ذلك بالنهار ولو بدون موعد سابق، اذن لحضر الكثيرون. فكان لابد للتشييع والدفن ان يكون ليلا وان يكون على حين غفلة من الناس، لكي يُحرمْ المنافقون واضرابهم من ثوابه العظيم واستحقاق الجنة على اساسه.
وهذا ما حصل فعلا - سوّاه امير المؤمنين (سلام الله عليه) - وقد خطط امير المؤمنين (عليه السلام) في تفكيره ذلك. وذلك انه اجتمع الناس على الباب بعد ان علموا بوفاة الزهراء (سلام الله عليها)، فامر علي (عليه السلام) أبا ذر رضوان الله عليه ان يخرج الى القوم ويقول لهم انه قد اُجِّل اخراجها الليلة – روحوا لبيتكم احسن الكم - وهذا واضح في عدم اعطاء موعد محدد للتشييع، كما انه غير واضح في انها هل تشيع غدا او في هذه الليلة او في الليلة التي بعدها او تؤجل ثلاثة ايام، لا احد يعلم. وان فهم الحاضرون هذا المعنى غفلة منهم انه باجر ، لا هو ماكال باجر حبيبي ، ما معلوم شوكت ، غفلة منهم عن احتمال تشييعها في عمق الليل البهيم.
فهذا هو الحال بالنسبة – لاحظوا – الى حضور تغسيلها وتشييعها ودفنها (سلام الله عليها)، وهو امر خاص بالجيل المعاصر لذلك العصر بكل تاكيد – احنه وسائر الاجيال ما كنا حبيبي - واما زيارة قبرها الشريف التي هي مربوطة بالاجيال جميعها بما فيها جيلنا الحاضر فمن الواضح انها تنطبق عليها الاطروحة نفسها. وهي ان زيارة قبرها سبب لدخول الجنة على كل حال.
ويمكن ان يكون ذلك خصوصية لها او خصوصية بها دون ابيها وزوجها – لها فقط -بالرغم من انهم كانوا من نور واحد الا ان العطاء الالهي الظاهر والباطن قد يختلف في الاشخاص بكل تاكيد وكل واحد من المعصومين له مزية. فالزهراء (سلام الله عليها) لها عدة مزايا منها هذا المعنى. وقد عرفنا ان الله يحول دون ذلك كما ان اهل البيت (سلام الله عليهم) يحولون دونه حسب استطاعتهم. بل هم مكلفون بالتسبيب الى منع ذلك ممن لا يستحق – اي زيارة قبر فاطمة سلام الله عليها –
ومن الواضح ان الاجيال كلها – مبين حينئذٍ بوضوح ، سبحان الله - ان الاجيال كلها لا تستحق هذه النعمة الخاصة وانما ينبغي لكل منا ولكل من المؤمنين والمنافقين ان ياخذوا حسابهم وجزائهم الكامل لا ان تتعين لهم الجنة بدون حساب. ومن هنا اخفى امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة والسلام) قبرها الشريف حسب هذه الاطروحة. ودافع امير المؤمنين عن ذلك دفاع المستميت حسب ما تروي الروايات وبقي الخفاء مستمرا الى الان وسيستمر الى ان يقضي الله ما هو قاض.
وهناك اطروحة اخرى محتملة لخفاء قبرها، وهو – لاحظوا - اقتران خفاء قبرها بانسحاب الحكم الالهي الحق عن المجتمع، او قل بانسحاب حكم المعصومين (عليهم السلام) عن المجتمع، وتمكنهم من التصرف فيه. فكان اخفاء قبر المعصومة الزهراء (سلام الله عليها) عقوبة للمجتمع في منعه لحكم المعصومين (سلام الله عليهم)، او الاعانة على منعه - الذي هو معناه شنو؟ - منعه لخلافة امير المؤمنين (عليه السلام) بعد رسول الله (صلى الله عليه واله)). ويبقى وسوف يبقى هذا الخفاء مستمرا مادام حكم الله في الارض منسحبا ومتقلصا بما فيها هذا الجيل واي جيل. وانما يتحقق الحكم الالهي الكامل بظهور المهدي (عجل الله فرجه)، وسيطرته على الكرة الارضية فيملؤها قسطا وعدلا بعد ان ملئت ظلما وجورا.
لا يبقى الا اشكال واحد مع جوابه وهو ان امير المؤمنين قد وصلت اليه الخلافة والسلطنة الدنيوية بعد الخلفاء الثلاثة الذين حكموا قبله. فكان حكمه (عليه السلام) حكم المعصومين لانه منهم طبعا وسيدهم (سلام الله عليه)، حينئذ نقول : فاذا كان خفاء قبر الزهراء عليها السلام منوطا بانسحاب حكم المعصومين اذن فقد حصل حكمهم متمثلا بحكم امير المؤمنين وهو بعد وفاة الزهراء بسنوات. فكان عليه حين جاء الى دست الحكم ان يظهر قبرها بعد الخفاء ؟. ويجاب على ذلك باكثر من جواب واحد:
الجواب الاول: ان المقصود من الحكم الالهي استتباب السيطرة العادلة الكاملة على المجتمع بحيث يصدق انه يملؤها قسطا وعدلا. ومن الواضح ان هذا لم يتيسر لأمير المؤمنين (سلام الله عليه) خلال خلافته. وانما ابتلي بالمعارضين والحروب طيلة مدة حكمه في حروب الجمل وصفين والنهروان. فلم يكن المجتمع مستتبا على العدل لا في داخل المدينة المنورة ولا في خارجها، ولا في داخل الكوفة ولا في خارجها، لكي يكون السبب او الشرط لاظهار قبر الزهراء حاصلا ومتوفرا ومتحققا.
الجواب الثاني: إنه اي امير المؤمنين (سلام الله عليه) يعلم ان حكمه وخلافته مؤقتة ومحدودة ببعض السنين وسيزول سريعا نسبيا حكمه المتمثل بحكم المعصومين ، وسيعود الحكم الى الظالمين والغاصبين. وعلمه بذلك ليس بالبعيد بعد ان نعرف انه اخبر (وفي نهج البلاغة موجود) بحصول ملك بني امية واخبر بحصول ملك بني العباس واخبر بحصول ملك الحجاج الثقفي وما يفعل من المقتلة في المؤمنين وغير ذلك – اخبر عنه - فلماذا نستبعد انه لا يعلم ان ملكه وسيطرته الفعلية محدودة ببعض السنين ؟ يعلم طبعا (سلام الله عليه). وعلى اي حال سيبقى الحكم العادل الالهي منسحبا عن المجتمع فترة طويلة جدا من الزمن لا يعلمها الا الباري سبحانه وتعالى. فاذا اظهر امير المؤمنين (عليه السلام) قبرها الشريف خلال خلافته وسيطرته فسوف لن يكون اخفائه بعد ذلك ممكنا - ينكشف للناس وما يكدر يستره - وسوف يحصل المجتمع على ما لا يستحقه من ذلك من الرحمة الخاصة.
نعم حين يستتب العدل الالهي الكامل على وجه الارض بشكل يكون مضمون الاستمرار ما دامت البشرية بارادة الله تعالى وحسن تسديده وتوفيقه، وذلك عند ظهور المهدي (عليه افضل الصلاة والسلام). ومعنى ذلك انه من الراجح ان الامام المهدي (عليه السلام) سيقوم باظهار قبرها الشريف ويدل المجتمع عليه، على ان ذلك لم يرد في الادلة على اي حال.
وهنا ينبغي ان تكون لنا وقفة مختصرة وبسيطة في المقارنة بين هاتين الاطروحتين اللتين طرحناهما الان لسبب خفاء قبر الزهراء (سلام الله عليها) وذلك بالنظر الى نتائجهما. فان نتيجة هذه الاطروحة الاخيرة ان الامام المهدي (عليه السلام) سوف يدل المجتمع على قبرها بعد زوال المانع عن ذلك واستتباب السيطرة الحقيقية لله ولاولياء الله على كل البشرية. واما اذا اخذنا بالاطروحة الاولى فقد يكون – لاحظوا - الامر متعذرا حتى في ذلك الحين، لان اجيال المجتمع كلها بما فيها الاجيال المعاصرة لحكم الامام المهدي (سلام الله عليه) ودولته ينبغي ان تكون اعتيادية من ناحية الحساب والعقاب لا ان تكون افرادها مستحقة لدخول الجنة بغير حساب لأجل زيارتهم قبر الزهراء (سلام الله عليها). ومن ثم ينبغي ان يبقى قبرها مخفيا حتى بعد الظهور.
نعم لو تحققت الاطروحة التي ذكرناها في موسوعة الامام المهدي (عليه السلام) من وجود المجتمع المعصوم بعد ردح طويل بعد الظهور. امكن القول ان ذلك الزمان هو الزمان المناسب لكشف موضع قبرها (سلام الله عليها) لان اغلب افراد المجتمع في ذلك الحين يكونون معصومين بالعصمة الثانوية طبعا وليس الاولية، ومستحقين لدخول الجنة على اي حال وبدون حساب. واما من يستحق منهم الحساب والعقاب والعتاب، وهم قلة في ذلك الحين، فمن الممكن القول انهم لا يوفقون طول عمرهم لزيارة قبرها الشريف لكي لا تكون لهم تلك المزية المهمة.
تبقى الاشارة الى نقطة بسيطة جدا وهي ان هذه الاطروحة (اي ان زيارة قبرها موجبة للحصول على الجنة بدون حساب) للزيارة عن قرب بان تجلس الى جنب قبرها وتزور، لا للزيارة عن بعد. لان اي واحد وفي اي جيل من الاجيال يستطيع ان يزور عن بعد – اعتيادي - ولكن الزيارة عن بعد لا تتضمن هذه النتيجة وهو دخول الجنة بغير حساب.
بسم الله الرحمن الرحيم
قل هو الله احد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفؤا احد *
صدق الله العلي العظيم

ابو علي 22-03-2012 12:51 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة الخامسة والعشرون 10جمادي الثاني1419
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
اَلْحَمْدُ للهِ الَذى لا اِلـهَ اِلاّ هُوَ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبينُ الْمُدَبِرُّ بِلا وَزير وَلا خَلْق مِنْ عِبادِهِ يَسْتَشيرُ، الْاَوَّلُ غَيْرُ مَصْرُوف ، وَالْباقى بَعْدَ فَنآءِ الْخَلْقِ، الْعَظيمُ الرُّبُوبِيَّةِ، نُورُ السَّماواتِ وَالْاَرَضينَ وَفاطِرُهُما وَمُبْتَدِعُهُما بِغَيْرِ عَمَد خَلَقَهُما وَفَتَقَهُما، فَتْقاً فَقامَتِ السَّماواتُ طآئِعات بِاَمْرِهِ وَاسْتَقَرَّتِ الْاَرضَوُنَ بِاَوْتادِها فَوْقَ الْمآءِ، ثُمَّ عَلا رَبُّنا فِى السَماواتِ الْعُلى اَلَّرحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى، لَهُ ما فِى السَّماواتِ وَما فِى الْاَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى، فَاَنَا اَشْهَدُ بِاَنَّكَ اَنْتَ اللهُ لا رافِعَ لِما وَضَعْتَ، وَلا واضِعَ لِما رَفَعْتَ، وَلا مُعِزَّ لِمَنْ اَذْلَلْتَ، وَلا مُذِلَّ لِمَنْ اَعْزَزْتَ، وَلا مانِعَ لِما اَعْطَيْتَ، وَلا مُعْطِىَ لِما مَنَعْتَ، وَاَنْتَ اللهُ لا اِلـهَ اِلاّ اَنْتَ كُنْتَ اِذْ لَمْ تَكُنْ سَمآءٌ مَبْنِيَّةٌ وَلا اَرْضٌ مَدْحِيَّةٌ وَلا شَمْسٌ مُضيـئَةٌ وَلا لَيْلٌ مُظْلِمٌ، وَلا نَهارٌ مُضيـىءٌ، وَلا بَحْرٌ لُجِّىٌّ وَلا جَبَلٌ راس، وَلا نَجْمٌ سار، وَلا قَمَرٌ مُنيرٌ، وَلا ريحٌ تَهُبُّ، وَلا سَحابٌ يَسْكُبُ، وَلا بَرْقٌ يَلْمَعُ، وَلا رَعْدٌ يُسَبِّحُ، وَلا رُوحٌ تَنَفَّسُ، وَلا طآئِرٌ يَطيرُ، وَلا نارٌ تَتَوَقَّدُ، وَلا مآءٌ يَطَّرِدُ كُنْتَ قَبْلَ كُلِّ شَْيء وَكَوَّنْتَ كُلَّ شَْيء وَقَدَرْتَ عَلى كُلِّ شَْيء وَابْتَدَعْتَ كُلَّ شَْيء وَاَغْنَيْتَ وَاَفْقَرْتَ وَ اَمَتَّ وَاَحْيَيْتَ وَاَضْحَكْتَ وَاَبْكَيْتَ وَعَلَى الْعَرشِ اسْتَوَيْتَ فَتَبارَكْتَ يا اَللهُ وَ تَعالَيْتَ، اَنْتَ اللهُ الَّذى لا اِلـهَ اِلاّ اَنْتَ الْخَلاّقُ الْعَليمُ اَمْرُكَ غالِبٌ وَعِلْمُكَ نافِذٌ، وَكَيْدُكَ غَريبٌ، وَوَعْدُكَ صادِقٌ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ وَحُكْمُكَ عَدْلٌ، وَكَلامُكَ هُدىً، وَوَحْيُكَ نوُرٌ، وَرَحْمَتُكَ واسِعَةٌ، وَعَفْوُكَ عَظيمٌ، وَفَضْلُكَ كَثيرٌ، وَعَطاؤُكَ جَزيلٌ، وَحَبْلُكَ مَتينٌ، وَاِمْكانُكَ عَتيدٌ. فصل اللهم على محمد وال محمد خير خلقك الداعي الى حقك وعلى اله الطيبين الطاهرين الاخيار الاكرمين وعجل فرجهم واجعل فرجنا بفرجهم انك على كل شيء قدير وبالاجابة جدير.
اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
لا زلنا بين مناسبتين من المناسبات المنسوبة للزهراء (سلام الله عليها). كانت قبل ذلك وفاتها ويأتي بعد ايام ذكرى ولادتها (سلام الله عليها)، فيحسن ان نستمر بالحديث عن بعض الشؤون التي ترتبط بها ، فلنفتح الحديث الان عما هو مبتلى به اجتماعيا وهو حرية المرأة. فهل للمراة حق الحرية كما تريد بعض المذاهب والمسالك الدنيوية والتي تدّعي الحرية والديمقراطية ومساواة الرجل مع المراة ؟ هل هذا صحيح، ام ليس لها الحرية في ذلك؟
وفكرة الحرية اساسا .. في الحقيقة دعاة الحرية جعلوها مجملة وغامضة لكي يرغب بها الناس، ويكون من المستطاع الدخول الى عقولهم وقلوبهم عن طريقها. ولكننا اذا اردنا الدقة في الفهم امكن تفسير الحرية بعدة تفسيرات، نذكر منها اربعة تفسيرات، اثنان منها يدعيها الدول الراسمالية التي تدعي الديمقراطية. واثنان منها تدعيها الدول الراديكالية او الثورية التي تدعي الخروج عن ربقة الاستعمار.
اما المعنيين الاولين فكما يلي:
المعنى الاول: الحرية من الافكار المسبقة – لاحظوا ، فكرك ويايَ - المفروضة على الفرد والمجتمع من الخارج كاحكام العقل واحكام الدين. فلا حاجة حسب مدعاهم الى ان تحكمهم اية فكرة او نظام خارج قناعاتهم ومصالحهم الدنيوية من اي دين من الاديان ومن اي عقل من العقول. وهذا هو الذي اسّف بهم نحو الرذيلة والظلم والتسافل الاخلاقي والاجتماعي. فمثلا قلنا في بعض الخطب السابقة انه من الاكيد ان الزنا واللواط والسفور وشرب الخمر محرم في اديانهم كما هو محرم عندنا، وهي من الوصايا العشر التي يسير عليها اليهود والنصارى معا. مع انهم عاصون لكل تلك الاحكام ومهملون لكل تلك الوصايا.
المعنى الثاني للحرية : الحرية بمعنى تساوي فرص العمل الاقتصادي للجميع. وهذا موجود عندهم من الناحية النظرية فقط، والا فمن الواضح ان الاقوى والاذكى هو الذي يمكنه ان يستغل هذه الفرصة وهذه الحرية، ويدع ملايين الناس يدورون على لقمة عيشهم ومكان مسكنهم. اذن، تكون من الناحية العملية لا حرية موجودة الا للقلة المتنفذة والمسيطرة على المجتمع، ويكون الباقون كلهم مظلومون من هذه الناحية ولا يوجد تكافؤ فرص حقيقي للجميع اطلاقا.
وهذا هو الحاصل في دولهم فعلا، وفي نظام شعوبهم حقيقة، ولذا نرى الاحتجاجات والمظاهرات واساليب الارهاب متفشية فيهم جدا. وذلك حينما يدافع المظلومون عن حقوقهم.
واما المعنيين الاخرين للحرية والتي تتبناه كشعار الدول الراديكالية الثورية، ولعل اكثر الدول فيما يسمى بالعالم الثالث هي كذلك اي تتبنى مثل هذا الشعار. وهذان المعنيان كما يلي:
المعنى الاول: الحرية من الاستعمار، حيث تكون الدولة الحديثة قد سيطرت على ارضها وشعبها واخرجت الحكم الاستعماري والقوة الاستعمارية من بلادها. وهذا الى هنا جيد جدا وقد احسنت به صنعا، كما قال الله تعالى: ((ما جعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا)). الا انه من الناحية الواقعية والتطبيقية لم يكن الامر كذلك بكل تاكيد، فان عامة الدول الراديكالية – شوفوا الاخبار توصل بالراديو والتلفزيون - تخضع بكل وضوح للسيطرة الاستعمارية وليس فيها حرية من الاستعمار حقيقة. فلو حملنا كلامها او شعارها على الصحة قلنا: انها حرية من الاستعمار بشكله القديم، ورضا وقناعة بالاستعمار بشكله الجديد. او نقول انه حرية من الاستعمار بشكله الصريح وقبول بالاستعمار بشكله المبطن والمكتوم. او نقول انه حرية من الاستعمار بمعنى الحكم المباشر من قبل المندوب السامي كما كانوا يعبرون. بحيث تعتبر اراضي الدولة الاخرى من جملة اراضي الدولة المستعمرة، كما كان مطبقا في اغلب دول افريقيا، وهو مطبق الان في كندا واستراليا وغيرهما.
فالمهم ان عددا كبيرا من الدول تحررت من الاستعمار المباشر، الا انها لم تتحرر من الاستعمار غير المباشر وهو اطاعة الدول الاستعمارية، وتطبيق مناهجها ومخططاتها واهدافها. اذن، فالحرية من الاستعمار عمليا غير موجودة في الدول الراديكالية.
المعنى الثاني: وهو المعنى الرابع من مجموع هذه المعاني ، الحرية الداخلية، وهي حرية ابداء الراي وحرية الصحافة وانهم يدعون ان لكل شخص ان يتكلم بما يريد بدون حسيب او رقيب. وهذا هو الذي جعلته الدول الراسمالية من مفاخرها وادعت الدول الراديكالية السير على نفس الطريق ايضا.
الا انه من الواضح ان هذا غير مكفول حقيقة في الدول الراسمالية نفسها فضلا عن الدول الراديكالية وذلك لانه يواجه عدة نقاط ضعف:
النقطة الاولى: ما قلناه فيما سبق من ان هذه الفكرة وان كانت موجودة شكليا، الا انها غير موجودة حقيقة لانها لا تشمل النظام الاساسي للدولة، او اسرارها او مسلماتها وكل من يخرج على ذلك يعاقب بالعقاب الاليم. وبالتالي لا حرية له.
النقطة الثانية: ان وسائل الاعلام كلها في الدول الراسمالية وغيرها عمليا هي بيد الدولة، ولا يمكن اخراجها من قبضتها وليس لكل احد ان يتكلم من خلالها ما يشاء حقيقة، الا اذا كان موافقا مع الخط العام للدولة لا محالة. اذن، فالحرية من هذه الجهة مفقودة.
النقطة الثالثة: اننا لو فرضنا انه وجدت فرصة محدودة لبعض الافراد والجماعات ان يبرزوا رايهم ويقولون كلمتهم، كما قد يحصل احيانا ، ضمن الصحف او ضمن المظاهرات والاحتجاجات – شوفوا - وانما هو مجرد راي لا يُسمع ولا ينفذ، بل يلقى الاذن الصماء لا محالة – في الدول الرئيسية ليس في الدول الراديكالية فقط طبعا - كانهم يقولون ان لك ان تقول ما تشاء – ميخالف - الا لنا ان نترك قولك ايضا ونهمله ونحتقره فان الحرية موجودة للطرفين. ومن ثم لا يكون الاحتجاج والمناقشة مؤثرة قليلا ولا كثيرا.
شوفوا متى كانت الحرية والاحتجاجات مؤثرة ؟ اطلاقا غير مؤثرة في السياسة الاستعمارية والرأسمالية .
اذن، فهذه الحريات غير مكفولة لا للرجل ولا للمراة، لا في الدول الراسمالية، ولا في الدول الراديكالية. او قل لا في الدول الغنية، ولا في الدول الفقيرة. واذا كانت هي غير مكفولة للرجل فهي بالنسبة الى المراة اسوء واردء، لانها كانت ولا زالت الجانب الاضعف بطبيعة الحال في العالم كله.
فان اولئك الذين ينادون بالمساواة بين الجنسين في دولهم لم يكفلوا ذلك عمليا للمرأة فضلا عن غيرهم من الدول ولا زالت نسبة النساء عندهم كمذيعات مثلا او صحفيات او مدراء عامين او وزراء او رؤساء وزراء او ملكات او رئيسات جمهورية، لا زالت هي النسبة الاقل جدا في كل العالم ولم تحصل المساواة بكل تاكيد بين الرجل والمرأة، ولن تحصل ان شاء الله تعالى ما دام العالم مليئا بالظلم والفساد ولم يمتلأ قسطا وعدلا. بل الامر عندهم يمكن ان يتعدى ذلك اي عدم المساواة بين الرجل والمرأة حتى الى الاعمال البسيطة نسبيا كالموظفات والعاملات في الشركات والرياضيات والمعلمات وغير ذلك فانه لا زالت نسبتهن اقل وان كان المستوى الاول اوضح من هذه الجهة.
الان نأتي الى الرأي الديني الاسلامي في ذلك. فاول خطوة اننا نقدم بعض الاطروحات، بعد الالتفات – هذه نقطة ضروري الالتفات الهه - ان الدين – لاحظوا - لم يكفل حرية المرأة من جميع الجهات بطبيعة الحال بل ولا حرية الرجل من جميع الجهات طبعاً ، بل اعتبره عصيانا وتسيّبا ولا انسانية ، الانسان يكتسب حريته امام الله سبحانه وتعالى، ويؤدي ذلك الى فشل الفرد والمجتمع بل من المستطاع القول بان العقوبات الدنيوية الشديدة التي جاءت على بعض المجتمعات قبل الإسلام، كالطوفان والخسف والقذف وغيرها انما حصلت لان افراد المجتمع اتخذوا الحرية في اعمالهم حسب مشتهياتهم ورغباتهم ولم يطيعوا دينهم وعقلهم ومن ثم قيل الحرية هي التقيد بالنظام اي في الحقيقة ليس بكل نظام ، الحرية هي التقيد بالنظام التكاملي الحقيقي والانساني. ومن ثم يكون سلبا للحرية الشخصية بالمعنى المتسيب بطبيعة الحال. وانما الحرية الحقيقية – لاحظ ، ان شاء الله انتوا كلكم من الملتفتين الى ذلك - هي الحرية من النفس الامارة بالسوء ومن الشهوات والمظالم ، وهي ( الحرية ) التمحض بطاعة الله سبحانه، بخلاف المسالك الدنيوية في فهم الحرية من حيث انها اتباع للمصلحة الخاصة والرغبات وبالتالي اطاعة النفس الامارة بالسوء فيكون ذلك مصداقا وتطبيقا لقوله تعالى ((جعل الهه هواه واضله الله على علم)).
وانما الحرية الحقيقية هي الحرية من المآثم والمظالم. وفي الرواية ان الامام الكاظم موسى بن جعفر (سلام الله عليه) كان يمر ببعض الطرقات اذ خرجت جارية من احد المنازل وكان منزلا فخما بهيا لتلقي القمامة في الطريق – في الليل - كأنما في هذه القمامة ما يدل على انها مخلفات خمر ومجون والعياذ بالله، فسألها الامام (عليه السلام): من صاحب هذا البيت ؟ قالت: مولاي بشر (وهو الذي سمي ببشر الحافي بعد ذلك). قال لها – سبحان الله شوف السؤال شلون - : مولاك حـر ام عبد؟ - ماذا ينبغي ان يكون ؟! - قالت: حر- سبحان الله - قال: نعم لو كان عبدا لما عصى مولاه. فدخلت الدار فقال لها بشر مولاها: - وين جنت ؟ - ابطأتِ في الطريق فلماذا؟ فذكرت له كلام الامام (عليه السلام) بدون ان تعرفه طبعا. فقال لها: صدق (سلام الله عليه) ثم خرج الى الطريق يركض ليلحق بالامام ثم انه تصدّق بكل ماله واصبح من الزاهدين ولُقّب "بشر الحافي" لانه كان يسير بدون نعلين.
اذن فالمطلوب الحقيقي، هو ان يكون الانسان حرا من النفس الامارة بالسوء وعبدا لله عز وجل، لا العكس وهو ان يكون حرا من اطاعة الله تعالى والعياذ بالله وعبدا لنفسه وشهواته وهواه.
اذن فلا توجد في الدين ، لا على المستوى الشرعي ولا على المستوى الاخلاقي ولا على المستوى العقلي ، حرية دنيوية بهذا المعنى بل هي الفساد بعينه ولم تعطى لا للرجل ولا للمرأة وحديثنا اصلا عن المرأة، اذن فلم تعط المرأة الحرية الكاملة وانما اعطيت بعض الحرية فكما لم يعط الرجل الحرية الكاملة وانما اعطي بعضها فبالنسبة الى المرأة يمكن ان نطرح الاطروحات التالية:
الاطروحة الاولى : ان الاسلام كفل حرية المرأة اخرويا، ولم يكفلها من الناحية الدنيوية.
الاطروحة الثانية : ان الاسلام كفل حرية المرأة نسبيا الا انه لم يؤمن بتساوي الرجل والمرأة في ذلك، بل قال من اول الامر وبصراحة ((الرجال قوامون على النساء بما فضل الله)).
الاطروحة الثالثة : ان الاسلام كفل الحرية الاقتصادية للمرأة اي عمل المرأة بمقدار حرية الرجل الا انها من الناحية الاخلاقية ليست كذلك من حيث ان القيود الموضوعة على المرأة اكثر مما هي على الرجل من هذه الناحية.
ولا بد من النظر الان بالمقدار الذي يناسب الحال في هذه الاطروحات من حيث اسبابها اعني ادلتها الاسلامية ومن حيث نتائجها ومعلولاتها.
اما الاطروحة الاولى فقد كفلها الاسلام اخرويا كما قال تعالى – اسمعوا هذه الاية الطريفة وكل ايات القران لطيفة وطريفة - : ((إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)).
ثم يتعرض القرآن الكريم بعد ذلك مباشرة - في الاية التي تلي - بان الحرية المسحوبة عن الرجل ايضا هي مسحوبة عن المرأة وهي الحرية في العصيان والتمرد على الحق والعدل فانه ليس في مصلحتهما ذلك بكل تاكيد ولا يجوز لاي منهما ذلك بكل تاكيد، قال الله تعالى: ((وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة (اي الاختيار والحرية) من امرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا)). فالرجل والمرأة كما هما متساوون بالمغفرة والرضوان كذلك هما متساوون في تحمل مسؤولية العصيان. وقل هما سواء في الثواب والعقاب معا. وقال تعالى: ((ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة انك لا تخلف الميعاد * فاستجاب لهم ربهم اني لا اضيع عمل عامل منكم من ذكر او انثى بعضكم من بعض * فالذين (يعني الذكر والانثى ، وليس الذكر فقط) هاجروا واخرجوا من ديارهم واوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لاكفرن عنهم سيئاتهم ولادخلنهم جنات تجري من تحتها الانهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب)). وقال تعالى: ((ومن يعمل من الصالحات من ذكر او انثى وهو مؤمن فاولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا)). وقال: (يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم)). وقال: ((يا ايها الذين آمنوا – المرية شنو ذنبهه تخلوهه مسخرة لكم ؟ لا يجوز - لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى ان يكن خيرا منهن ولا تلمزوا انفسكم ولا تنبازوا بالالقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتب فاولئك هم الظالمون)).
ومن الممكن القول ان سياق هذه الايات الكريمات هو اخروي اكثر منه دنيويا وخاصة حينما يقول ((القانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والصائمين والصائمات)) او يقول ((اني لا اضيع عمل عامل منكم من ذكر أوانثى)). اذن فالذكر والانثى متساوون من الناحية الاخروية جزما اي من ناحية قبول العمل وامكان التكامل والحصول على الثواب ونحو ذلك. واما من الناحية الدنيوية فهما غير متساويين من حيث ان المرأة ممنوعة عن كثير من الامور الميسورة للرجال شرعا كالتقليد والقضاء وامامة الجماعة للرجال ونصف الحصة في الارث ((للذكر مثل حظ الانثيين)) وذلك ثابت في الاولاد والبنات والاخوة والاخوات والجدة والجدات والزوج والزوجة – ايضا للزوجة نصف حصة الزوج - وكذلك الشهادة بالهلال وكذلك في اصل الشهادة يكون الاثنين من النساء كواحد من الرجال.
هذا من حيث الاسباب ونتعرض الى النتائج في الخطبة التالية ان شاء الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
اذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجا * فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا *
صدق الله العلي العظيم

الجمعة الخامسة والعشرون 10 جمادي الثاني1419
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الهي لو دعوت غيرك لاخلف رجائي، وانت ثقتي ورجائي ومولاي وخالقي وبارئي ومصوري. ناصيتي بيدك تحكم في كيف تشاء لا املك لنفسي ما ارجو ولا استطيع دفع ما احذر اصبحت مرتهنا بعملي، واصبح الامر بيد غيري. اللهم اني اصبحت اشهدك وكفى بك شهيدا واشهد ملائكتك وحملة عرشك وانبيائك ورسلك على ان اتولى من توليته واتبرء ممن تبرأت منه واومن بما انزلت على انبيائك ورسلك فافتح مسامع قلبي لذكرك حتى اتبع كتابك واصدق رسلك واومن بوعدك واوفي بعهدك فان امر القلب بيدك. اللهم اني اعوذ بك من القنوط من رحمتك، واليأس من رأفتك فاعذني من الشك والشرك والريب والنفاق والرياء والسمعة، واجعلني في جوارك الذي لا يرام، واحفظني من الشك الذي صاحبه تيهان. اللهم وكلما قصر عنه استغفاري من سوء لا يعلمه غيرك فعافني منه واغفره لي فانك كاشف الغم ومفرج الهم يا رحمن الدنيا والاخرة ورحيمهما فامنن علي بالرحمة التي رحمت بها ملائكتك ورسلك واوليائك من المؤمنين والمؤمنات. اللهم رب هذا اليوم وما انزلت فيه من بلاء او مصيبة او غم او هم فاصرفه عني وعن اهل بيتي وولدي واخواني ومعارفي ومن كان مني بسبيل من المؤمنين والمؤمنات. اللهم اني اصبحت على كلمة الاخلاص وفطرة الاسلام وملة ابراهيم ودين محمد صلواتك عليه واله. اللهم احفظني واحيني على ذلك وتوفني عليه وابعثني يوم تبعث الخلائق فيه واحعل اول يومي هذا صلاحا واوسطه فلاحا وآخره نجاحا برحمتك يا ارحم الراحمين.
اللهم صل على محمد المصطفى وعلي المرتضى وفاطمة الزهراء والحسن المجتبى والحسين الشهيد بكربلاء وصل على الائمة التسعة بعد الحسين السجاد والباقر والصادق والكاظم والرضا والجواد والهادي والعسكري والحجة المهدي صاحب الزمان ائمتي وسادتي وقادتي بهم اتولى ومن اعدائهم اتبرأ في الدنيا والاخرة.
اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
نعود الان الى الفروق الشرعية بين الرجل والمرأة وكون المرأة اكثر قيودا من الرجل فلماذا حصلت هذه الظاهرة بعد الالتفات الى ان الدين قد اعطى فرصة العمل للمرأة اعني العمل الاقتصادي والكسب او نقول العمل خارج المنزل كما اعطى هذه الفرصة للرجل، طبعا مع الالتزام بسائر الواجبات والكف عن سائر المحرمات والتي من اوضحها وجوب الحجاب وكذلك التقيد في الكلام طبقا لقوله تعالى ((فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض)). ومعنى العمل يشمل ضمن هذه القيود كثير من النشاطات والحقول بما فيها التعليم والطب والتجارة والصحافة والمزارعة والحدادة والبناء وغير ذلك.
ولا يخطر في بالكم ان لبس العباءة مناف مع العمل فانه ان كان منافيا مع بعض الاعمال كالزراعة والبناء فانه ليس منافيا مع كثير من الاعمال الاخرى كالتعليم والطب والتجارة وغيرها فانها تستطيع ان تقوم باعمالها ضمن حجابها وعباءتها، مضافا الى اننا نعرف وتعرفون ان المطلوب شرعا هو الحجاب وهو ستر ما يجب ستره من جسم المرأة واما اسلوب الحجاب ونوعيته او نوعية الساتر فلم يقل به الشارع الاسلامي المقدس بشيء.
اذن فيمكن ان يكون باي طريقة متيسرة وهذا هو الذي يسمى بالحجاب الشرعي اذا كان مضبوطا من ناحية وغير مثير غالبي ونوعي للغريزة كما لو كان جميلا جدا او ملونا او مشغولا باشكال التطريز- لا هذا ما يجوز حبيبي - فتلبس المرأة بما يسمى جُبة بسيطة وربطة بسيطة ولكنها مضبوطة وتعمل – اعتيادي -
ولكننا مع ذلك لا ننصح النساء اللابسات للعباءة ان يبدلن الى ذلك الزي لان العباءة على اي حال هي الاحوط استحبابا والانسب بالاتجاه الاخلاقي الا ان هذا لا ينبغي ان يؤدي الى القول بان الدين منع عن العمل المنافي للبس العباءة – لا ، لا نستطيع ان نقول ذلك -
نعم من كان من الفقهاء من يوجب ولو بالاحتياط الوجوبي ستر الوجه للمرأة كآية الله الخوئي (قدس سره) وغيره لا تكون النتيجة عنده نفس النتيجة لوضوح ان ستر الوجه منافي مع العمل الا نادرا. ومعه يكون الدين كأنه قد منع المرأة عن العمل غير ان هذا الاشكال يرتفع فيما اذا قلنا كما هو الصحيح بجواز كشف الوجه والكفين لها ويكون العمل ميسورا لها بهذه الطريقة.
ولكننا هنا ايضا نقول اننا لا ننصح للملتزمات بستر الوجه بـ(البوشية) ونحوها ان يكشفن وجوههن
اولا: لان الستر، ستر الوجه احوط استحبابا
وثانيا: لان الكشف فيه مظنة الفتنة والاثارة الجنسية وخاصة اذا كانت المرأة حسناء نسبيا. واما اذا حصل الاطمئنان بوجود الاثارة حرم كشف الوجه عليها لا محالة.
اذن فينبغي ان ينحصر عمل المرأة مع حاجتها او اقتضاء المصلحة العامة لذلك او امر الولي العام العادل به ونحو ذلك وكل هذه الموارد كثيرة ومحترمة شرعا واجتماعيا، واما بدون ذلك فالافضل للمرأة ان تتكفل بيتها واسرتها كما في الحكمة (جهاد المرأة حسن التبعل).
واما ما يفعله النساء في هذا العصر سواءً المحجبات نسبيا منهن او غير المحجبات من الاختلاط والتبرج والخلاعة والغناء والرقص والتبسط في الكلام مع الرجال الاجانب وكذلك الرضا والتجاوب مع الفرق الغنائية الواردة الينا من خارج الحدود فكله فساد وافساد وجناية على الفرد والمجتمع ولا يؤدي الا الى غضب الله المنتج لبلاء الدنيا وبلاء الاخرة وانا لله وانا اليه راجعون.
نعود الان الى شرح السبب الممكن ادراكه وبيانه في فوارق الاحكام بين الرجال والنساء. ايضا بعد الالتفات الى ان مقتضى الادب الحقيقي امام الله سبحانه ترك السؤال عن اسباب الاحكام ووجوه الحكمة فيها وان مثل هذه الاسئلة تمثل جرأة على الله تعالى وسوء ادب امام عظمته وانما الفرد المؤمن من رجل او امرأة اذا احرز بالحجة الشرعية حكمه الشرعي فعليه الطاعة والامتثال ليعود على نفسه وغيره بالخير والسعادة في الدنيا والاخرة وكما تقول الحكمة (ان الفرد يجب ان يكون تجاه طاعة الله تعالى، كالميت بين يدي الغسال يقلبه كيف يشاء)، ويكون الفرد على مستوى التسليم بالاحكام والقبول لها والرضا بها لا على مستوى التمرد عليها والمناقشة لها.
ومن هنا قلنا انه في منطق الدين "طبق ولا تناقش" ، فان هذا النقاش انما يكون إتجاه المخلوق ممكنا لا إتجاه الخالق. وانما جاءت بامثال هذه النقاشات الاتجاهات الاستعمارية الظالمة الغاشمة التي تستهدف اضلال المسلمين وتشكيكهم في دينهم - لاحظوا - ان السياسة الغربية مهما اتجهت الى الدنيا – لاحظوا هذا قليل يفكرون بيه اكيدا ، اسمعوه مني - ان السياسة الغربية مهما اتجهت الى الدنيا وهذا صريح الا انها مع ذلك تشعر في داخل نفسها بشيء من العاطفة الدينية التي تفهمها وهي العاطفة المسيحية ويدلنا على ذلك امران على الاقل:
الامر الاول: الحروب الصليبية، فانها كانت قائمة على اساس ديني بعنوان ان بيت المقدس قد اعتدى عليه المسلمون، واحتلوه فيجب في نظرهم تخليصه من يد المسلمين، واعادته الى السيطرة المسيحية اذن فالحروب الصليبية مبنية على اساس ديني سواءً من قبل الجيش الصليبي المسيحي المهاجم وكذلك من قبل الجيش الاسلامي المدافع.
الامر الثاني: انهم اتفقوا – الجماعة في اوربا - في القرن الميلادي الثامن عشر وما بعده ان يسموا احزابهم باسماء ذات صفة دينية بالرغم من انها من الدين براء ولكنهم حرصوا على اي حال ولو على مجرد الاسم – لاحظوا - فكانت الاسماء هكذا الحزب الديمقراطي المسيحي الالماني، الحزب الديمقراطي المسيحي الفرنسي، الحزب الديمقراطي المسيحي الايطالي وهكذا - كان يمكنهم ان يحذفوا لفظ المسيحي لكن خلوه ، ليش ؟ لانهم في باطن نفوسهم يشعرون بشيء من الاهمية لدينهم - ولا زالت هذه الاحزاب على ذلك يمينية باصطلاحهم على كل حال انا لا اود ان اتدخل في ذلك . ومعنى صفة الديمقراطية – ليش يكولون الحزب الديمقراطي؟ - الاهتمام بالدنيا، ومعنى صفة المسيحية حينما يقولون الحزب المسيحي الاهتمام بالدين ولو اسمياً.
وحسب فهمي، فان الاهتمام بالديمقراطية يختص بسياساتهم الداخلية لشعوبهم، والاهتمام بالمسيحية يختص بمخاصمة ومواجهة الشعوب المستعمرة غير المسيحية من شعوب مسلمة او بوذية او غير ذلك لردها عن دينها واخراجها عن مسؤوليتها وخاصة الاسلام وخاصة المذهب الجعفري الشيعي الاثنى عشري وولاية امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة والسلام). وكانت من جملة ذلك ان بثوا التساؤل واشاعوا التساؤل عن الحِكَمْ والاسباب للاحكام الشرعية وهم يعرفون ان اغلب الناس والعوام لا يستطيعون الجواب عليها فيكفي ان تبقى الشبهة في النفس للطعن بحكمة الله وقدرته ومن ثم تسبب الشبهات ارتداد الفرد والمجتمع عن دينه فنكون – لاحظوا – نحن اسوأ حالا من شعوبهم بكل تاكيد. فانهم قد يتمسكون بدينهم ولو من الناحية الشكلية واما نحن فتكون النتيجة اننا براء من الدين واقعيا وشكليا حقيقة والعياذ بالله.
ويدعم هذه الفكرة – لاحظوا ، ما ادري مقدار ما سمعتموه ؟ بس اصغوا اليَّ - ما سمعته من الثقات انهم سمّوا الحرب الامريكية الاخيرة في العراق بحرب مريم العذراء، وهو اسم ديني مسيحي في نظرهم وان كانت مريم العذراء منه براء، ولكنهم لم يعلنوا ذلك وسموا تلك الحرب من الناحية السياسية الظاهرية بعاصفة الصحراء.
وانا اعتقد انه لم يكن المستهدف منها الجانب السياسي بمقدار ما كان الهدف منها ضرب الدين والمتدينين الموجودين في العراق، وقتل الكثير منهم، وتعجيزهم عن هداية الاخرين، والهائهم بمشاكلهم الشخصية من اسرة وطعام وشراب في ظل ما يعلمونه ويعملونه ويستهدفونه من غلاء الاسواق وقطع الكهرباء وضرب المعامل وتهديم البيوت وغير ذلك كمضاعفات للحرب.
اذن فينبغي ان نكون على مستوى المسؤولية الحقيقية من عصيان هؤلاء الكفار وافشال اهدافهم الدنيئة والتمسك بديننا واهدافنا ومجتمعنا فانهم بالرغم من عظمتهم الظاهرية لا يستطيعون ان يقدموا للمجتمع والبشرية اي نفع او اي عدالة حتى لو ارادوا ذلك فانهم لا يملكون لا في دينهم ولا في دنياهم اي اهداف حقيقية واي اعمال عادلة سوى طمعهم بالسيطرة على الشعوب وسلب خيراتها وتجويعها وتمرير السياسات الظالمة عليها.
فالمهم، انهم لا يمكنهم ان يقدموا اي هدف حقيقي، او اي عمل عادل وانما الهدف الحقيقي عندنا في الاسلام وفي ولاية امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة والسلام).وانما العمل العادل والنظام العادل انما هو عندنا في الاسلام يكفي ان نلتفت الى ان المسيحية اصلا او الدين المسيحي اصلا ليس فيه تعاليم شرعية، وليس فيه فقه اطلاقا لان المسيح نفسه (عليه افضل الصلاة والسلام) كان في عصره في تقية مكثفة من الدولة البيزنطية التي كانت ملحدة في حينه، وناصرة لليهود في حينه، فلم يستطيع ان يؤدي للناس والمجتمع اية تعاليم وتشريعات، والانجيل بشكله الموجود خال من ذلك تماما - من التعاليم والتشريعات التي نسميها باللغة الاسلامية الفقه والتشريع، ماكو اطلاقا - وانما اقتصر على بعض البيانات الالهية المربوطة بعظمة الله ووصف ما يسمى بعالم الملكوت او عالم الجبروت وذكر بعض النصائح الاخلاقية المبسطة لا اكثر.
في حين ان دين الاسلام جاء بما اصطلح عليه بعض المفكرين، بالاطروحة العادلة الكاملة فهو يكفل بتعاليمه كل مكان، وكل زمان وكل طبقة وكل مجتمع وكل ثقافة حتى كان ذلك من معجزات النبي (صلى الله عليه واله)، كما قلنا في بعض الخطب السابقة وحتى ان اهمية التعاليم الشرعية الفقهية وفروع الدين لا تقل اهمية عن اصول الدين بالرغم من اهمية اصول الدين وقدسيتها. فعلى المسلمين جميعا وعلى المؤمنين خصوصا من رجال ونساء ملاحظة دينهم الكافل لخيرهم وسعادتهم وكمالهم في الدنيا والاخرة والحذر من دسائس الاخرين ومخططاتهم ما اوتي الفرد الى ذلك سبيلا.
وعلى اي حال فهل من الانصاف ان يلتفتوا هم – الغربيون - الى دينهم ولو قليلا ولا نلتفت الى ديننا ولو قليلا ! تلك اذن قسمة ضيزى كما تقول الاية الكريمة. وهم يشعرون بشيء من الاهمية لدينهم ولا نشعر باية اهمية لديننا ! هم اعطوا الرجال الحرية في التصرف ولا نعطي الرجال في ديننا الحرية في التصرف ! هم يقدسون – لاحظوا - رجال دينهم ويخضعون لهم ويطيعونهم في امور دينهم ونحن نحتقر رجال ديننا ونعصيهم ونبعدهم عن امورنا الشخصية والاجتماعية ! هل هذا خير ؟! مع ان اكثر رجال دينهم عصاة لدينهم يشربون الخمر وياكلون لحم الخنزير ويسرقون ويمكرون مع ان الصفة العامة للحوزة الاسلامية الشيعية طبعا ولرجال الدين عندنا هو الاخلاص وقول الحق والتفاني في سبيل الغير ونفع الاخرين دينيا ودنيويا فاي قياس بين رجال دينهم ورجال ديننا؟!. فهم اجتمعوا على باطلهم وتفرقنا عن حقنا.
وخطابي هذا ليس لهذه الوجوه الطيبة اذ لولا شعوركم بالمسؤولية لما حضرتم الى صلاة الجمعة جزاكم الله خيرا وانما الخطاب الى عامة الناس وكل المجتمع وخاصة اولئك الذين يعتبرون – اكو طبقة معتدٍ بها في المجتمع يعتبرون كأن الكلام ليس معهم اي كلام الشريعة وكلام الله ورسوله ، ليس معهم وانهم غير مشمولين اصلا بتعاليم الدين والعياذ بالله فاذا قلت له شيئا قال لك: (تصير برأسي متشرع) ؟! / تريد تستشرع ؟! كانه يسخر منك ، منو كام من كبره مفشخ ؟! - هؤلاء خسروا انفسهم في الدنيا والاخرة ذلك هو الخسران المبين. يكفي ان نلتفت – سبحان الله ، شوفوا - انني دعوت عدة فئات للتوبة من هنا وهم السالكون والعشائر والسدنة. اما السالكون فقد تاب كثير منهم جزاهم الله خيرا اي التائبين جزاهم الله خيرا والا الذي لم يتب لا جزاه الله خيرا واذاقه حر الجحيم – محل الشاهد - واما العشائر والسدنة فلم نجد منهم اي اثر الى هذه اللحظة. وما ذلك الا لانهم يفضلون دنياهم على دينهم وهذا ليس سوءً للحوزة اطلاقا وانما هو سوء لهم وضرر لانفسهم ومسؤولية لهم امام الله تعالى في الدنيا والاخرة وانما نصحناهم بما فيه خيرهم ورضاء ربهم عنهم كما يقول الشاعر:
على المرء ان يسعى بمقدار جهده وليس عليه ان يكون موفقا
وعلى اية حال لا زالت الفرصة موجودة لهم الى الان بان يتوبوا الى الله سبحانه وتعالى وليس ان يتوبوا الى السيد محمد الصدر ليس كذلك طبعا ، ولا زالت الفرصة موجودة لهم الى الان وستبقى مفتوحة لهم باستمرار ما دام المرء في هذه الحياة وما دام النفس يصعد وينزل.
ولا زال الحديث عن المرأة موجودا ونعود اليه في الجمعة الاتية ان شاء الله تعالى اذا بقيت الحياة.
بسم الله الرحمن الرحيم
انا انزلناه في ليلة القدر * وما ادراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من الف شهر * تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم من كل امر * سلام هي حتى مطلع الفجر *
صدق الله العلي العظيم

ابو علي 22-03-2012 12:52 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة السادسة والعشرون 17 جمادي الثاني1419
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
لاطاعة الدين الاسلامي واحترامه الصلاة على محمد وال محمد
لاطاعة واحترام ولاية امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة والسلام)، الصلاة على محمد وال محمد
لاطاعة واحترام الحوزة الشريفة الصلاة على محمد وال محمد
لدحر واستنكار مكر الماكرين وعناد المعاندين، الصلاة على محمد وال محمد
لدحر واستنكار الاستعمار الظالم، الصلاة على محمد وال محمد
لدحر واستنكار اسرائيل الظالمة المجرمة، الصلاة على محمد وال محمد
بقي شيء قبل الخطبة اود ان ابيّنه لكم ، بسيط وليس بسياسي لان الجمعة الاتية ان شاء الله هو الذكرى الاولى لاقامة صلاة الجمعة في وسط العراق وجنوبه فيحسن على من يستطيع منكم من اهل الفن والاختصاص ان يجعل لنا ويفكر لنا بوجود مجسمة رمزية تمثل صلاة الجمعة:
اولا: ان تكون فيها جهة دينية، وليس فيها عصيان للتعاليم الدينية من قبيل مجسمة ذوات الارواح مثلا
وثانيا: ان يكون تجسيما بالذوق الحديث وليس بالذوق القديم.
وثالثا: انا نعطي جائزة على ثلاثة من الفائزين الأوْل في مثل هذه المسابقة.
ونقبل الاعمال من الان الى نهاية شهر رجب، ان شاء الله تعالى شأنه العزيز.
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
الهي لا تؤدبني بعقوبتك، ولا تمكر بي في حيلتك. من اين لي الخير يا رب ولا يوجد الا من عندك، ومن اين لي النجاة ولا تستطاع الا بك. لا الذي احسن استغنى عنك، ولا الذي اساء خرج من قدرتك. يا رب بك عرفتك، وانت دليلي ولولا انت ما دريت ما انت. الحمد لله الذي ادعوه فيجيبني، وان كنت بطيئا حين يدعوني. والحمد لله الذي اسأله فيعطيني، وان كنت بخيلا حين يستقرضني. والحمد لله الذي وكلني اليه فاكرمني، ولم يكلني الى الناس فيهينوني. والحمد لله الذي تحبب الي، وهو غني عني. اللهم لا اجد شافعا اليك الا معرفتي بانك افضل من قصد اليه المضطرون، اسالك مقرا بان لك الطول والقوة والحول والقدرة، ان تحط عني وزري الذي قد خسأ ظهري، وتعصمني من الهوى المسلط على عقلي، وتجعلني من الذين انتجبتهم لطاعتك. اللهم اني ادين على طاعتك، وولاية محمد نبيك، وولاية امير المؤمنين حبيب نبيك، وولاية الحسن والحسين سبطي نبيك، وسيدي شباب اهل جنتك، وادينك يا رب بولاية علي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، وسيدي ومولاي صاحب الزمان. ادينك يا رب بطاعتهم وولايتهم وبالتسليم بما فضلتهم راضيا غير متكبر على معنى ما انزلت في كتابك.
اللهم صل على محمد وال محمد وادفع عن وليك وخليفتك ولسانك والقائم بقسطك والمعظم لحرمتك والمعبر عنك والناطق بحكمك وعينك الناظرة واذنك السامعة واهد المجتهد في طاعتك واجعله في وديعتك التي لا تضيع وايده بجندك الغالب واعنه واعن عنه واجعلني ووالدي وما ولدت وولدني من الذين ينصرونه وينتصرون به في الدنيا والاخرة واشعب به صدعنا وارتق به فتقنا. اللهم امت به الجور ودمدم بمن نصب له واقصم به رؤوس الضلالة حتى لا تدع على الارض منهم ديارا.
اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
نعود الان الى الحديث عن المرأة، لاننا بدأناه قبل جمعة او اكثر ولم ينتهي المطلب لحد الان. وكان السؤال الرئيسي الذي قلناه عن الفوارق الواضحة في احكام الرجل والمراة بحيث يبدو ان احكام المراة اشد صعوبة من احكام الرجل، ويمكن الجواب على ذلك بعدة مستويات:
المستوى الاول: ان للرجل احكاما خاصة به اما تشريعا واما اجتماعيا واما اقتصاديا صعبة ايضا، قد وضعها الله تعالى ورفعها عن المراة وهي غير مسؤولة عنها وانما المسؤول عنها الرجل وهي عديدة يمكن ان نمثل لها بعدة امثلة:
المثال الاول والاوضح : الجهاد، فانه خاص بالرجل ولا يشمل المراة بضرورة الدين، والمفروض في الجهاد انه موجب للقتل او احتمال القتل وبهذا تحرز النساء سلامتهن من الموت وبقاءهن على قيد الحياة كما قال الشاعر:
كتب القتل والقتال علينا وعلى المحصنات جر الذيول
المثال الثاني: العمل او الكسب، فانه خاص بالرجال اجتماعيا وعرفا وان لم يكن كذلك نظريا وتشريعيا. والعمل فيه مصاعب شتى، ومن جميع الجهات المحتملة الممكنة، حتى تعريض الحياة للخطر وقد سمعت من بعض اهل العمل يقول: (الحياة فداء للعمل) – وهي حكمة حقيقةً ، باب ينفتح منه كثير من الابواب - اي العمل لله سبحانه وتعالى بالحقيقة ، واما التعرض الكثير للانواء الجوية كالحر والبرد والرياح وغير ذلك فهو الغالب للناس في حين ان المراة تكون في راحة من ذلك كله ياتيها رزقها رغدا ومجانا صباحا ومساءا.
المثال الثالث: الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فانه خاص عمليا واجتماعيا بالرجال، وان لم يكن تشريعيا طبعا كذلك . ومن المعلوم ان هذه الوظيفة الشرعية المقدسة ليست سهلة دائما، بل فيها مصاعب واحراجات قد لا تكون متوقعة، بل قد تؤدي احيانا بالفرد الى الموت. والمرأة في راحة من كل ذلك، فانها ان امرت بالمعروف او نهت عن المنكر‏ في نطاق ضيق وسالم النتائج اطمئنانا، فانها انما تفعل ذلك في نطاق سالم النتائج بحسب الاطمئنان النفسي.
المثال الرابع: عدم جواز ضربها او قتلها عند الصراع والعناد، لا اقل اجتماعيا ان لم يكن نظريا. فيقال عرفا عنها انها امرأة لايجوز فيها ذلك وهذا واضح عرفا. وهذا المعنى العرفي عام للرجال والنساء معا يعني كلا الجنسين لا يجوز ان يضرب المرأة او يقتلها لا الرجل يقتل المرأة ولا المرأة تقتل المرأة، وهل رأيت طول الزمان امرأتان تتضاربان او امرأة تقتل امرأة او سمعنا بذلك ؟ لا يوجد. اذن فالنساء من هذه الناحية في حماية بقدر الله وقضائه وارادته.
المثال الخامس: التدخل في الامور الاجتماعية، فانه غالبا وعرفا للرجال وليس للنساء ولا يخفى ما فيه ، طبعا كلنا نعرف ما فيه من احراجات وازعاجات حتى تؤدي الى السجن او التعويق او القتل او الغرق او الحرق مثلا ، اي شيء .. في حين تضمن المرأة سلامتها من هذ الجهات والشارع المقدس حين اعفاها عن الرئاسة والولاية انما ضَمِنَ سلامتها من هذه الجهة وضَمِنَ الراحة لها في الحقيقة.
المثال السادس: عدم جواز التجمل الزائد للرجل – الرجل يطلعلك متجمل بكثافة وكثرة لا يجوز اصلا ، حرام - وذلك على مستويين اما ان يكون تجمله مثيرا للفتنة النوعية والغريزة الجنسية فيكون حراما واما ان يكون متشبها بلباسه بالنساء فيكون حراما ايضا. فالمهم ان التجمل الزائد من الرجل حرام وكذلك هو ممنوع اجتماعيا وعرفا – كول لا - في حين هو جائز للمرأة بل احيانا يكون مطلوبا ومستحبا لها وبالتالي فهي ريحانة لا قهرمانة واما الرجل فلا يصدق عليه ذلك بطبيعة الحال.
المثال السابع: ان نسبة الجمال – لاحظ ، هذا قلما يلتفت اليه - ان نسبة الجمال بالخلقة الالهية في النساء اعلى جدا منه في الرجال ونسبة القبح بالخلقة ايضا في الرجال اعلى جدا منه في النساء. يكفي ان نلتفت - وهذا ايضا انا ملتفت اله منذ زمان ، ما اعرف اي واحد منك ملتفت - يكفي ان نلتفت الى ان نسبة الصلع في الرجال كثيرة في حين لا توجد امرأة صلعاء تقريبا او تحقيقا ولا واحدة فلم نسمع عن واحدة اصلا ، وهذا من الكرامات العالية والنعم الضافية على نوع المرأة حقيقة.
المثال الثامن: ان التربية الغالبة للاطفال انما هي بيد النساء وخارج عن طوق الرجال عمليا واجتماعيا وليس تشريعيا ولا نظريا وهذا وان كان صعبا نسبيا الا ان معناه ان الله تعالى حباها تكوينا بتحمل مسؤولية التربية الاساسية للانسان ومن ثم للبشرية وكانت هي الجانب الاهم فيها ومن المعلوم ان التربية الاساسية انما تكون في الصغر وما يتعلمه الفرد في صغره لا يستطيع ان يتخلى عنه في كبره ولذا نلاحظ انه لو كان الاب والام مختلفين في اللغة – لاحظ - او في اللهجة او في اسلوب الكلام كان الاتجاه الغالب في الذرية او قل في الولد او قل في البنت كان الاتجاه الغالب فيهم هو اسلوب الام – هم يحجون مثل امهم وليس مثل ابوهم - لكثرة المخالطة والمعاشرة بينهما بنسبة اعلى جدا من الرجل الاب.
المثال التاسع: ان الله تعالى ابتلى الرجل بمسؤولية الاجتهاد والفتوى بل قد يكون ذلك واجبا اما بالوجوب الكفائي او بالوجوب العيني احيانا. في حين يكون ذلك ساقطا عن ذمة المرأة - ليس واجبا وان كان مستحبا ولكنه لا يحتمل فيه الوجوب اصلا - فاذا علمنا ان مسؤولية الفتوى عظيمة عند الله وانها مظنة الحرام والعقاب في الجحيم – طبعا طبعا ، لانها اذا كانت بدون حق ماذا تكون نتيجتها غير الجحيم - ، عرفنا عندئذ ما حباه الله للمرأة من فراغ الذمة وعدم المسؤولية من هذه الناحية فلا مورد لها - للفتوى بالنسبة الى النساء - كي تبتلي بالعقوبة التي يمكن ان يبتلي بها الرجال. ويمكن ان نفهم اهمية الفتوى من عدة مضامين:
منها: الحكم بان من افتى بغير علم – ماذا صارت نتيجته ؟ - اكبه الله على منخريه في النار.
ومنها: ما هو مروي عن العلامة الحلي يوسف بن المطهر (قدس الله روحه الزكية) انه قال لولده - سامعين هالحجاية ؟! - : لولا كتاب الالفين وزيارة الحسين لقصمت الفتوى ظهر ابيك نصفين - يشعر باهمية الفتوى عند الله سبحانه وتعالى وخطورتها عند الله سبحانه وتعالى وحتى خطورتها الدنيوية ايضا موجودة سبحان الله وكلنا نعلم ذلك -
ومنها: ماورد بمضمون ان الحاكمين اربعة او القضاة اربعة على اية حال ، واحد منهم في الجنة وثلاثة منهم في النار – سبحان الله ، تسمعني؟ - قاض قضى بالباطل وهو يعلم انه باطل وقاض قضى بالباطل وهو لا يعلم انه باطل وقاض قضى بالحق وهو لا يعلم انه حق فهؤلاء كلهم في النار – يجوز الصدفة انه انا وانت نكون كذلك والعياذ بالله الا بتدبيره وتوفيقه - وقاض قضى بالحق وهو يعلم انه حق فهو في الجنة – الوحيد هو هذا ، سبحان الله -
ولا فرق من هذه الناحية بين القضاء والفتوى وكما ان الله سبحانه اسقط الفتوى عن ذمة المرأة اسقط القضاء عن ذمتها ايضا فهذه نعمة وان حسبها اهل الشبهات وجملة من النساء نقمة عليهن بل هي نعمة عليهن في الحقيقة.
المثال العاشر: - مثال بسيط وايضا قلما تلتفتون اليه - كشف الرجل رأسه في الحج فان ذلك واجب وجزء من الاحرام كما ثبت في الشريعة في حين ان هذا غير موجود للمرأة فلها ان تلف رأسها اعتياديا ويلحق بذلك عدم جواز التظليل للرجل ومعنى ذلك ان الرجل يجب ان يبقى رأسه تحت الانواء الجوية من حر او برد او رياح او شمس في حين ان المرأة سالمة من كل ذلك وهذا وان كان في سبيل الله والاطاعة لامر الله والتضحية في سبيل الله امر جيد وقليل امام الله سبحانه وتعالى ولكن كما قال الامام في بعض الادعية (ولكن عافيتك اوسع لي) فالمرأة من هذه الناحية في عافية.
فهذه عشرة موارد يكون موقف الرجل فيها اشد واصعب اما عرفا واما شرعا والمرأة فيها جميعا مرتاحة وفارغة الذمة وكل هذه الموارد قاعدة عامة تنطبق على كل الرجال وهذا يعني ان لها مئات الملايين من التطبيقات في اجيال البشرية. ومن الممكن القول - هاي بمنزلة النتيجة - انه اذا قيست مصاعب المرأة التي تشتكي منها هي بمصاعب الرجل فان مصاعب الرجل عموما اقوى وارجح من مصاعب المرأة وهذا من النعم الالهية بطبيعة الحال على المرأة. فهذا هو الكلام في المستوى الاول.
المستوى الثاني : ان ننظر الى الثواب الجزيل الذي وضعه الشارع المقدس الله سبحانه وتعالى المولى الحقيقي وضعه للمرأة اذا قامت بمسؤوليتها الشرعية واطاعت ربها حق الطاعة قال الله تعالى: ((اني لا اضيع عمل عامل منكم من ذكر او انثى)) وقال تعالى: ((ان اكرمكم عند الله اتقاكم)) فلو كانت المرأة افضل في التقوى من اي واحد من الرجال كانت خير منه - ولا نُزاحم في ذلك ،لا بأس بذلك - ، وقال تعالى: ((لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)) فلو كانت المرأة اعلى درجة في العلم - اي في العلم الحق في الحقيقة - من اي واحد من الرجال كانت خيرا منهم. كما قال الشاعر:
ولو ان النساء كمن عنينا لفضلت النساء على الرجال
وقد ورد بمضمون: ان جهاد المرأة حسن التبعل وحسن تربيتها لاولادها وهو التعويض الذي عوضها الله سبحانه وتعالى به عن تحمل مسؤولية الجهاد للرجال. ومعنى ذلك - هذا ايضا قلما يلتفت اليه - ان لهن في العناية بالزوج والاولاد ثواب الجهاد فعلا وان التي تموت في هذا الصدد تموت شهيدة كالذي يموت في الجهاد فعلا ومن المعروف ان المرأة لو ماتت بالولادة ، تعرفوه وموجود في الارتكاز المتشرعي ومروي ان المرأة لو ماتت بالولادة فانها ممن تجب لها الجنة وقد كان الطب خلال مئات السنين السابقة ضعيفا ومن هنا كان موت الوالدات ظاهرة متكررة كثيرا، فاذا ماتت المرأة عند الولادة وهي بعقيدة سليمة دخلت الجنة لا محالة.
وقال الله تعالى: ((ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصاد قات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات اعد الله لهم مغفرة واجرا عظيما)). وهذا واضح في تساوي الرجل والمراة من حيث الاهمية الدينية والثواب الاخروي كما قلنا في الجمعة السابقة. ولكن نريد ان نضيف الان بعض الاوصاف التي تكون بها المراة مصداقا وتطبيقا لهذه الصفات المذكورة في الاية:
اولا: المسلمات ، فانما تكون المراة مسلمة بحسن العقيدة اولا، والمهم هو الثاني ان الاسلام ياتي بمعنيين، بمعنى العقيدة التي جاء بها نبي الاسلام (صلى الله عليه واله)، والمعنى الثاني التسليم الحقيقي لله سبحانه وتعالى وكذلك قد ينطبق على المرأة كما قد ينطبق على الرجل وهذا اصعب الفردين في الحقيقة او بالتسليم الحقيقي لله عز وجل في قضاءه وقدره وعدم الاعتراض عليه بقليل او كثير وهذا هو الفرق بين قوله – اجعل لكم قرينة من الاية تدل على ذلك - وهو السؤال ما الفرق بين المسلمين والمسلمات من ناحية والمؤمنين والمؤمنات من ناحية ؟ اذا فسرناها بالعقيدة اذن يكون تكرار بمضمون الاية ! لا ، انا اقول ان المؤمنين والمؤمنات اي المؤمنين والمؤمنات بالعقيدة، والمسلمين والمسلمات هو التسليم لقضاء الله وقدره والصبر على حسن بلاءه – هالشكل -
ثانيا: القانتات ، والقنوت وان كان هو رفع اليد بالدعاء الا انه في الحقيقة اللغوية الخضوع والذلة امام الله سبحانه وتعالى والمفروض في الفرد المؤمن ان يستشعر الذلة امام الله سبحانه وتعالى باستمرار ما أوتي الى ذلك سبيلا.
ثالثا: الصادقات ، والصدق هو القول المطابق للواقع ومنه الفعل المطابق للواقع والوعد المطابق للواقع والعقيدة المطابقة للواقع فيقال هو صادق في قوله وهو صادق في فعله وهو صادق في وعده وهو صادق في عقيدته، وهذه صفات لا يفرق فيها بين الجنسين بطبيعة الحال. واذا كان المرء او المرأة كذلك كانوا في افضل الدرجات عند الله سبحانه وتعالى.
رابعا: الصابرات ، والصبر هو حسن التحمل لبلاء الدنيا باحتساب الى الله سبحانه وتعالى ورضىٍ بقضائه والا فمع الاعتراض على قضاء الله وقدره لا يكون الصبر اطلاقا موجودا ولا يحصل الثواب عليه بل يحصل العقاب - هم بلاء الدنيا وهم بلاء الاخرة في الحقيقة - والمهم ان الشارع المقدس ياخذ المؤمنين بنظر الاعتبار من حيث تعرضهم لانواع البلاء الدنيوي فيأمرهم بالصبر ويعطيهم الثواب عليه. ويأخذ المؤمنات بنظر الاعتبار من حيث تعرضهن لانواع البلاء من الزوج والاولاد واهل الزوج والجيران مثلا فيأمرهن بالصبر ويعطيهن الثواب الجزيل عليه - لاحظوا ، واحد او واحدة تجي تكول انا صابرة ومحتسبة وهي تكذب لماذا ؟ لانها لا تملك لسانها. فانها تتكلم ، كذا ليش ؟ وكذا ليش ؟ وكذا ليش ؟ ، مع ذلك تزعم انها صابرة ومحتسبة او الرجل كذلك يتكلم ضد القضاء والقدر الالهي ويزعم انه صابر ومحتسب ! خاب فالك وخسئت نفسك الامارة بالسوء - فالصبر لا يجوز ان يكون مع الكلام البذيء على المخلوق او على الخالق ثم يزعم الفرد انه صابر كلا بل هو فاجر وليس بصابر.
حتى لو تحمل الذلة من المخلوقين بالمقدار الممكن فانه سيكون عظيما عند الله وثوابه جليلا عند الله والذلة في الدنيا انما هي عزة الاخرة والعزة في الدنيا انما هي ذلة الاخرة. واما بالنسبة الى الله سبحانه وتعالى فالمسألة أكثر فيجب ان لا يخطر في البال إعتراض عليه فضلا عن التفوّه به والّا لم يحصل له ثواب الصابرين والله سبحانه عليم بما في القلوب والنفوس فيجب الحذر من هذه الناحية جداً .
بسم الله الرحمن الرحيم
والعاديات ضبحا * فالموريات قدحا * فالمغيرات صبحا * فاثرن به نقعا * فوسطن به جمعا * ان الانسان لربه لكنود * وانه على ذلك لشهيد * وانه لحب الخير لشديد * افلا يعلم اذا بعثر ما في القبور * وحصل ما في الصدور * ان ربهم بهم يومئذ لخبير *
صدق الله العلي العظيم

الجمعة السادسة والعشرون17 جمادي الثاني1419
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم لك الحمد حمدا دائما مع دوامك وخالدا مع خلودك. ولك الحمد حمدا لا امد له دون مشيتك ولك الحمد زنة عرشك ورضا نفسك ولك الحمد حمدا لا اجر لقائله دون رضاك. ولا حول ولا قوة الا بالله قوة كل ضعيف ولا حول ولا قوة الا بالله عز كل ذليل ولا حول ولا قوة الا بالله غنى كل فقير. ولا حول ولا قوة الا بالله عون كل مظلوم. ولا حول ولا قوة الا بالله ملجأ كل مهموم. ولا حول ولا قوة الا بالله كهف كل مغموم. ولا حول ولا قوة الا بالله فكّاك كل اسير. ولا حول ولا قوة الا بالله مؤنس كل وحيد. ولا حول ولا قوة الا بالله دافع كل بلية. ولا حول ولا قوة الا بالله عالم كل خفية. ولا حول ولا قوة الا بالله كاشف كل كربة. ولا حول ولا قوة الا بالله صاحب كل سريرة. ولا حول ولا قوة الا بالله موضع كل رزية. ولا حول ولا قوة الا بالله الفعال لما يريد. ولا حول ولا قوة الا بالله رازق العباد. لا حول ولا قوة الا بالله عدد ما خلق. ولا حول ولا قوة الا بالله غاية كل طالب. ولا حول ولا قوة الا بالله سرمدا ابدا لا ينقطع ابدا. ولا حول ولا قوة الا بالله عدد الشفع والوتر.
اللهم اني اسألك بحرمة هذا الدعاء وبحرمة هذا اليوم المبارك ان تصلي على محمد وال محمد وان تغفر لي ما قدمت وما اخرت وما اسررت وما اعلنت وما ابديت وما اخفيت وما انت اعلم به مني وان تقدر لي خيرا من تقديري لنفسي وتكفيني ما يهمني وتغنيني بكرم وجهك عن جميع خلقك وترزقني حسن التوفيق وتصدق علي بالرضا والعفو عما مضى والتوفيق لما تحب وترضى وتيسر لي من امري ما اخاف عسره وتفرج عني الهم والغم والكرب وما ضاق به صدري وعيل به صبري فانك تعلم ولا اعلم وتقدر ولا اقدر وانت على كل شيء قدير برحمتك يا ارحم الراحمين.
اللهم صل على محمد وال محمد اوليائك على خلقك وحججك على عبادك صلاة كثيرة دائمة.
اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
نكمل الان ما بدأنا به في الخطبة الاولى.
خامسا: من الصفات المأخوذة في الاية الشريفة الخاشعين والخاشعات ، وهو الشعور بالذلة والضآلة امام العظيم المطلق جل جلاله وقد يخطر في الذهن اننا – لاحظوا - فسرنا القانتين والقانتات بنفس التفسير تقريبا فما هو الفرق بينهما ، كلاهما يعني الذلة امام الله سبحانه وتعالى اذن كانه لا فرق بينهما ؟ جواب ذلك ان المعنى في الشعور بالذلة امام الله تعالى مشترك بين اللفظين القانت والخاشع ولكن يتميز احدهما عن الاخر ببعض الصفات والخصوصيات منها ان يكون القنوت هو الدعاء بذلة امام الله تعالى يعني الشعور – الذلة هنا ماذا تعني ؟ - بالعجز عن نفع النفس وعن قضاء حوائج المرء ومن هنا يدعو الله تعالى لينفعه ويقضي حاجته وييسر اموره.
واما في الخشوع فليس للدعاء وانما هو لمجرد العاطفة ويرجع ذلك في الحقيقة الى ان القنوت انما يكون هو الذلة لتصور قدرة الله تعالى عليه وضعف الانسان تجاه خالقه. واما الخشوع فتصور عظمة الله تعالى وذلة الانسان تجاه عظمته تبارك وتعالى والله تعالى عظيم ولا نهائي من سائر الجهات والانسان حقير وذليل تجاهه من سائر الجهات.
سادسا: المتصدقين والمتصدقات ، ولعلك تقول اني حين اعطي الفقير او المتطلب شيئاً من المال فقد تصدقت عليه وهذا صحيح الا ان هذا الاسلوب ليس هو الفرد المنحصر والطريقة الوحيدة للصدقة اذ من الواضح ان الطلب لا دخل له في الصدقة بل هي مطلق قضاء حاجة المحتاج سواءً طلب منك شيئا او لم يطلب بل هي عند عدم الطلب اولى بالصحة واكثر ثوابا بالمبادرة اليه لقضاء حاجته قبل ان يطلب قضاء حاجته. كما انها غير منحصرة – لاحظ - بالمال القليل فلو قضيت حاجته بمال كثير فهو صدقة ايضا. كما انها غير منحصرة بالجانب الاقتصادي فلو قضيت للمؤمن اي نحو من انحاء الحاجة والضرورة فقد تصدقت عليه.
الا ان الفرد الاكمل والافضل من كل ذلك – ما هو ؟ - هو الصدقة بالنفس على الله سبحانه وتعالى وذلك ببذل النفس في سبيله بكل صورة يعني اطاعته والتذلل امامه في كل حكم مهما قل وكثر حتى لو لزم في ذلك القتل والتنكيل. الم تسمع قوله تعالى ((ويقبل الصدقات)) - يعني شنو ((يقبل الصدقات)) ؟ - يعني ان الله تعالى يقبل الصدقات هو بنفسه يقبل الصدقات وليس ان الفقير يقبلها. وفي الرواية ان الصدقة تقع في يد الله سبحانه قبل ان تقع في يد الفقير، وليس انه سبحانه محتاج اليها ولكنه قابل لها وشاكر عليها جل جلاله.
واذا – هاي الخطوة الاخرى ، شوفهه - كانت الصدقة بالنفس لم يكن غيره هو الذي يتقبل العمل ، نعم يمكن ان تفدي نفسك في سبيل غير الله سبحانه – يمكن - لكن كما ايضا يمكن ان تفدي نفسك في سبيل الله ولكن الاسلام يقول ان النفس ثمينة جدا بحيث لا يجوز بذلها في سبيل المخلوق بل يجب بذلها فقط في سبيل الخالق جل جلاله. وقال تعالى ((لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ)). فالجهة المادية وهو الاكل والاستهلاك تكون للجهة المادية وهو الفقير مثلا او اي شيء او صاحب الحاجة ، اي للبطون الجائعة لا انها تصل الى الله لانه غني عن العالمين والجهة المعنوية وهي التقوى هي التي تصل اليه سبحانه وتعالى ويتقبلها من عبده كما قال ((ولكن يناله التقوى منكم)). وايضا هو لا يستفيد منها، هل هو يستفيد من تقواي او تقواك ؟ ايضا هذا لا يفيده وانما المستفيد هو العبد نفسه وكل ذلك جعله الله من اجل فائدة البشرية وتكامل البشرية.
سابعا: الصائمين والصائمات ، والصوم معروف وهو الامساك عن المفطرات مع النية يعني قربة الى الله تعالى. الا ان المفطرات – لاحظ - تختلف باختلاف مستويات الفهم ويكون معنى الصوم مناسبا لها. فمرة تعتبر المفطرات هي المفطرات الفقهية الاعتيادية، ويكون الصوم عنها هو الصوم الواجب او المستحب. واخرى نفهم من المفطرات امورا اخرى كالشهوات وحب الدنيا وغير ذلك مما ينبغي الامساك عنه والصوم عنه كما قال تعالى – ماذا قال ؟ - : ((واما من خاف مقام امر ربه ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى)). وفي الحديث القدسي (الصوم لي وانا أُجزى به) لانك لا تصوم عن شهواتك في سبيل اي شيء الا لله سبحانه وتعالى. وكذلك فان الصوم هو العبادة الوحيدة التي ليس لها مظهر خارجي وبذلك تكون بعيدة عن الرياء ما لم يصرح به صاحبه انا صائم انا صائم. وحين يكون بعيدا عن الرياء يتمحض لله سبحانه فيكون هو الذي يُجزى به.
ومن هنا ورد – وهذا ايضا ربما قليل مارين عليه - ما مضمونه: انه اذا سئلت انك صائم او انك صليت صلاة الليل؟ فلا تقل لا، لانك تكون كاذبا وانما تقول الله تعالى رزقني ذلك. يعني ان الفرد لاجل دفع احتمال الرياء يميل ان يقول لا فيكذب، فيقع فيما هو اشد حرمة وهو الكذب. ولذا يُعلّمُهُ المعصومون ما هو الجواب الصحيح وهو ان يقول الله رزق ذلك ووفقني له.
ثامنا: والحافظين فروجهم والحافظات ، يعني عن الزنا والشبهة مع حسن الالتفات والتدقيق في هذه الامور جيدا وعدم اهمالها او التسامح بها كما يفعل جماعة من غير المتفقهين او غير المتورعين فان الاحتياط في الدماء والفروج واجب باجماع الفقهاء جيلا بعد جيل. ويمكن ان يشمل هذا التوجيه القرآني الكريم امرين آخرين:
الامر الاول: صيانة سائر الجسد من الحرام الجنسي حتى العين والاذن وكله من الزنا ولذا سمي بزنا النظر سواءً كان من قبل الفاعل ، حرام على الفاعل ، وكذلك حرام على المنفعل اذا كان ملتفتا ومتعمدا، يعني الناظر والمنظور اليه. فكما ان الطرفين هو زاني بالزنا الحقيقي والفعلي احيانا فكذلك الطرفان زانيان بزنى النظر او بزنى السمع او بزنى اللمس وغيرها. ومن هنا كانت السافرة والمُكّشفة زانية بهذا المعنى الا انه زنا ليس عليه حد بل حده التوبة والاستغفار.
الامر الثاني: الصداقة مع من لا يستحق او بدون مبرر شرعي مرضي لله سبحانه او التعلم عند من لا يستحق وهكذا … فان الزنا - الزنا الاعتيادي - انما يكون بدون مبرر شرعي اذن فكل علاقة بين اثنين بدون مبرر شرعي بل لمجرد الشهوة النفسية وحب الدنيا والمصلحة الشخصية فهو من الزنا بالمعنى المعنوي. وانما تحفظ فرجك كما امرك الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم في ما اذا لاحظت علاقاتك واصدقائك من جميع الجهات وحصرت ذلك كله برضا الله سبحانه وتعالى خدمة له وتضحية في سبيله.
تاسعا: الذاكرين والذاكرات ، قال الشاعر: والذكر للانسان عمر ثاني. يعني اذا تعذر الاتصال بالشخص بالمباشرة كان الذكر هو نوعاً من الاتصال. والله تعالى يتعذر اتصالنا به بالمباشرة فيكون ذكرنا له نوعا من الاتصال به. والذكر قد يكون من الواجبات وقد يكون من المستحبات كما قد يكون قليلا مقتصرا على الصلاة فقط وقد يكون كثيرا كما قال تعالى: ((اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة واصيلا)) اي صباحا ومساءً. كما ان الذكر ينبغي ان يكون مع الاخلاص والحب ومعه يكون طريقا واضحا وضروريا لزوال المستويات المتدنية لدى الانسان كالمحرمات والاسفاف والتسامح في الدين وترك الورع ونحو ذلك. بل يكون الذاكر لله سبحانه ملاحظا لنفسه معتنيا باقواله وافعاله فان صدرت منه طاعة حمد الله عليها وان صدرت منه سيئة بادر الى الاستغفار عنها. ومن الطبيعي ان امثال هؤلاء سواءً من الرجال او من النساء يكونون مشمولين لوعد الله سبحانه بالاجر والثواب وهو قوله تعالى ((اعد الله لهم مغفرة واجرا عظيما)) وهو في نهاية هذه الاية هكذا يقول : ((اعد الله لهم مغفرة واجرا عظيما)) ويستاهلون ، الله يجزيهم بالخير.
اذن فالاجر والثواب على كل مصاعب الدنيا مع حسن الصبر والاخلاص وعلى طاعة الله سبحانه ايضا مع الصبر والاحتساب موجود لكل البشر اي لمن كان كذلك منهم ويهتم بذلك منهم وكل من يكون كذلك في المستقبل فان الله خير لا يريد لنا الا الخير و لا يعطينا الا الخير وهذا امر مشترك بين الرجل والمرأة. بل ان تصورنا ان المرأة اصعب في امورها الدينية وقد ادت ذلك باخلاص كان ثوابها اكثر من ثواب الرجل لا محالة الا من ندر ولذا سمعنا قوله - قول الشاعر- : لفضلت النساء على الرجال.
ولكن من تكون وكيف تكون هذه المرأة التي تجرد كل ذاتها وتصرفاتها وكلامها وسكوتها وعلاقاتها وتجندها في سبيل الله تعالى وترضى بكل ما يقضي ويقدر ؟ والمفروض بجميع النساء ان يكن كذلك.
المستوى الثالث – من الجواب على اختلاف احكام الرجل عن احكام المرأة - اننا نعلم ان الله تعالى عادل مطلق وحكيم مطلق يضع كل شيء في موضعه المناسب له ماديا او معنويا او عقليا او نفسيا او اي شيء آخر ومن حيث المهم لنا الان انه يعطي لكل فرد ولكل مجموعة من الاحكام والاوضاع والحالات افضل ما يتصور له وانسب ما يكون به. كذلك خص الرجال ببعض الاحكام التي تناسبهم وتكون اوفق بحالهم وخص النساء ببعض الاحكام التي تناسبهن وتكون اوفق بحالهن كل ما في الامر اننا لا نعرف ما هو المناسب للرجل وما هو الموافق مع المرأة - ليش؟ - لاننا جاهلون بالحقائق وبعيدون عن الواقعيات والنفس الامارة بالسوء هنا موجودة. والله تعالى يجعل المناسب حسب علمه وحكمته لا حسب علمنا وشهواتنا والنفس الامارة بالسوء التي بين جنبينا بطبيعة الحال.
ومن الواضح ان الحكم الالهي من الدقة والعمق بحيث لا تصله عقولنا ولا تحيط به افهامنا كما قال تعالى ((ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء)) فما شاء من العلم اعطانا جل جلاله وما شاء من العلم منعنا جل جلاله. ومن الواضح ايضا ان الفروق في الاحكام بين الرجل والمرأة لا منشأ لها ولا سبب لها الا الاختلاف الحقيقي والتكويني بين الرجل والمرأة فباعتبار اشتراكهما في الانسانية – لاحظ - جعل الله لهم احكاما مشتركة وباعتبار اختلافهما في الحال والتفاصيل والخلقة جعل الله لكل منهما احكاما تخصه. والذي ينفعنا الان هو التعرض الى بعض جهات الاختلاف الحقيقية بينهما لكي نعرض بعض وجوه الحكمة في الاختلاف من الاحكام:
اولا: انه من الواضح ان المرأة لها فترات حمل وولادة وحيض واستحاضة ونفاس ورضاع وهي امور مهما قلنا فيها فهي اقرب الى معنى المرض منه الى معنى الصحة كما انها اقرب الى معنى الوسخ والقذارة منه الى النظافة والنزاهة وهذه الامور مركوزة في خلقة جسد المرأة لا يمكن لها التخلص منها بحال. ومن هنا كانت لها الاحكام الخاصة بها ومن الواضح انه كلما كان الوسخ اكثر كان تنظيفه اصعب سواءً من الناحية المادية او من الناحية المعنوية.
ثانيا: ان عاطفة المرأة اقوى من عاطفة الرجل. وهذا يؤدي الى عدة نتائج:
الاولى: ان نسبة عاطفتها او قوة عاطفتها إلى عقلها تكون اكثر من نسبة عاطفة الرجل الى عقله.
الثانية: ان هذه العاطفة تكون مؤيدة للنفس الامارة بالسوء لدى المرأة ما لم تكن وَرِعة حقيقةً وخاصة وقد اعطاها الله تعالى نسبة من الجمال والرقة ما لم يعطِ الرجل وهذا طريق كما يمكن صرفه في الحق كذلك يمكن صرفه في الباطل والعياذ بالله. كما حصل في اغلب النساء مع شديد الاسف.
الثالثة: ان هذه العاطفة تكون مؤيدة لحب الدنيا بما فيها من راحة ورفاه ومال وبنين وكذلك للغيرة من غيرها من النساء ومن الاُسرْ وهذا بطبعه كما يمكن صرفه بالحق كذلك يمكن صرفه بالباطل بل سيكون سببا للباطل لا محالة الا من عصم الله.
الرابعة: انها سوف تفضل مصلحة نفسها على مصلحة غيرها ويكون من الصعب عليها التضحية في سبيل الاخرين مع ان التضحية ستكون مع قوة القلب وقلة العاطفة كما في الرجل اسهل منها في المرأة.
الخامسة: انها سوف تفضل مصالحها الخاصة على المصالح العامة ولا تدرك او لا تحاول ان تدرك ان هناك مصالح عامة يجب التضحية لها والتطبيق لاحكامها بل كانها تعيش وحدها هي الامرة الناهية.
السادسة: ان قوة العاطفة سوف تصرف نفسها ووقتها الى تطبيقات هذه العاطفة وهي امور دنيوية في الغالب بل هي امور دنيوية دائما وتختلف باختلاف طبع المرأة وتطلعات المرأة. والمهم ان ذلك سوف يسيطر عليها ويمنعها من التفكير الجاد في مستقبلها ومجتمعها وآخرتها وبالتالي يصعب عليها اكثر من الرجل التدقيق العقلي في العلوم واستيعاب المصطلحات المعمقة بل ستأخذ الحياة على شكل ساذج وبسيط نسبيا.
ثالثا: من الفروق بين الرجل والمرأة انه يمكن ان يقال ان الكيان المعنوي للمرأة او الروحي او الباطني اضعف من كيان الرجل وهذا هو السبب الرئيسي حسب فهمي للحكم شرعا بان ((الرجال قوامون على النساء)) وان العمل خارج البيت للرجال لان امثال هذه الاعمال وهي كثيرة ومعقدة وخطرة احيانا تحتاج الى عمق عقلي وقوة قلب وسيطرة على الارادة اكثر مما تتحمله المرأة. وهذا معناه ان المرأة وان كان يجوز لها العمل خارج المنزل باي حقل من الحقول المناسبة للشريعة والمجتمع الا انها لا يمكن ان تصل في نجاحها وضبطها الى مستوى الرجل الا من عصم الله.
ومن اعظم ذلك امام الله سبحانه مسؤوليات القضاء والفتوى او التقليد ومسؤوليات الرئاسة والولاية فانها كلها مسؤوليات ضخمة لا تطيقها المرأة او قل انه لا يناسب مع الكيان المعنوي والباطني للمرأة وان الله تعالى رحم المرأة بابعادها عن هذا وغيره مما لا يناسبها وافرغ ذمتها منها. ومن هنا قيل خاب قوم حكمتهم امرأة وقال امير المؤمنين (عليه السلام): (يا اشباه الرجال ولا رجال) اي ولستم برجال (وعقول ربات الحجال) اي النساء. لان الحرب – ليش كان يعتب عليهم ؟ ، لانهم كانوا ينهزمون من الحرب - تحتاج الى عقل وصبر وتحمل لم ترزق المرأة مثله وانما هو خاص بالرجل ومن هنا سقطت مسؤولية الجهاد عن المرأة.
والظاهر ان جملة من الاحكام انما وضعت لمنع الاختلاط المتزايد بين الجنسين وفرض الحد والحشمة والجدية في العلاقة بينهما ولا اقل ان العلاقة ان وجدت فليست بامضاء ورضاء الله سبحانه وتعالى بما في ذلك – مصداقها شنو تطبيقه؟ - منع المرأة من امامة الجماعة للرجال وكذلك الشهادة بالهلال في اول كل شهر فان امثال هذه الامور فيها اهتمام وازدحام وازعاجات كفى الله تعالى المرأة عن تحمل مسؤولياتها ومضاعفاتها.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * اياك نعبد واياك نستعين * اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين انعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضالين *
صدق الله العلي العظيم

ابو علي 22-03-2012 12:53 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة السابعة والعشرون 24 جمادي الثاني 1419
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
حياكم الله جميعا والشكر من الله لكم وليس مني لانكم تجشمتم الصعوبة في سبيل اقامة شعائر الله والدفاع عن الحق فجزاكم الله خير جزاء المحسنين.
انا انصحكم، انه بعد الصلاة تبقون في اماكنكم، لا يغادر احد حتى تصلوا ركعتين، شكرا لله على نهاية السنة الاولى لصلاة الجمعة، وبدأ السنة الثانية لصلاة الجمعة. فان انتهت صلاة الشكر، فتفرقوا جزاكم الله خيرا.
وانا سوف افتتح السنة الثانية لصلاة الجمعة المقدسة، بدعاء الافتتاح، كما فعلت في مناسبة سابقة. وانتم بعد كل فقرة قولوا يا الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم اني افتتح الثناء بحمدك، وانت مسدد للصواب بمنك ، وايقنت انك انت ارحم الراحمين، في موضع العفو والرحمة ، واشد المعاقبين ، في موضع النكال والنقمة، واعظم المتجبرين ، في موضع الكبرياء والعظمة ، اللهم اذنت لي في دعائك ومسألتك ، فاسمع يا سميع مدحتي ، واجب يا رحيم دعوتي ، واقل يا غفور عثرتي ، فكم يا الهي من كربة قد فرجتها ، وهموم قد كشفتها ، وعثرة قد اقلتها ، ورحمة قد نشرتها ، وحلقة بلاء قد فككتها .
الحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، ولم يكن له شريك في الملك ، ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا ، الحمد لله بجميع محامده كلها ، على جميع نعمه كلها ، الحمد لله الذي لا مضاد له في ملكه ، ولا منازع له في امره ، الحمد لله الذي لا شريك له في خلقه ، ولا شبه له في عظمته ، الحمد لله الفاشي في الخلق امره وحمده ، الظاهر بالكرم مجده ، الباسط بالجود يده ، الذي لا تنقص خزائنه ، ولا تزيده كثرة العطاء الا جودا وكرما ، انه هو العزيز الوهاب .
اللهم صل على محمد عبدك، ورسولك، وامينك، وصفيك، وحبيبك، وخيرتك من خلقك، وخليلك من خلقك، وحافظ سرك، ومبلغ رسالاتك، افضل واحسن واجمل واكمل وازكى وانمى واطيب واطهر واسنى، واكثر ما صليت وباركت وترحمت وتحننت وسلمت على احد من خلقك وانبيائك ورسلك وصفوتك واهل الكرامة عليك من خلقك. اللهم وصل على علي امير المؤمنين، ووصي رسول رب العالمين، عبدك ووليك واخي رسولك وحجتك على خلقك، وايتك الكبرى والنبأ العظيم. وصل على الصديقة الطاهرة، فاطمة الزهراء، سيدة نساء العالمين. وصل على سبطي الرحمة، وامامي الهدى الحسن والحسين، سيدي شباب اهل الجنة . وصل على ائمة المسلمين، علي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والخلف الهادي المهدي، حججك على عبادك، وامنائك في بلادك، صلاة كثيرة دائمة. اللهم وصل على ولي امرك القائم المؤمل، والعدل المنتظر، وحفه بملائكتك المقربين، وايده بروح القدس يا رب العالمين. اللهم اجعله الداعي الى كتابك، والقائم بدينك، استخلفه في الارض كما استخلفت الذين من قبله، مكن له دينه الذي ارتضيته له، ابدله من بعد خوفه امنا، يعبدك لا يشرك بك شيئا. اللهم اعزه واعزز به، وانصره وانتصر به، وانصره نصرا عزيزا، وافتح له فتحا يسيرا، واجعل له من لدنك سلطانا نصيرا. اللهم اظهر به دينك، وسنة نبيك حتى لا يستخفي بشيء من الحق مخافة احد من الخلق. اللهم انا نرغب اليك في دولة كريمة، تعز بها الاسلام واهله، وتذل بها النفاق واهله، وتجعلنا فيها من الدعاة الى طاعتك، والقادة الى سبيلك، وترزقنا بها كرامة الدنيا والاخرة. اللهم ما عرفتنا من الحق فحملناه، وما قصرنا عنه فبلغناه.
اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
طبعا هذا اليوم هو الذكرى السنوية الاولى لحصول صلوات الجمعة في وسط العراق وجنوبه، وانتشارها بهذا المقدار المركز الشريف واللطيف، وذلك كله بفضل الله سبحانه وتعالى، وهمة المؤمنين المخلصين، جزاهم الله خير جزاء المحسنين.
ونحن بالرغم من اننا قاصرون عن اداء شكر الله حق شكره، وحمده حق حمده، وطاعته حق طاعته، واداء حقه حق اداءه. ولكن لا بد من اداء البعض اذ كان الجميع متعذرا. فنؤدي حمده وشكره مع الاعتراف بالقصور والتقصير، وبالتضييع والتبذير، والاعتراف بانه جل جلاله اعطانا اكثر من استحقاقنا، ومنّ علينا اكثر من توقعنا، وقد قال جل جلاله: ((لئن شكرتم لازيدنكم وان كفرتم ان عذابي لشديد)) ونحن نتوقع المزيد من مننه، والكثير من الطافه الخاصة والعامة جل جلال المعطي.
فله الحمد عدد ما في علمه، وزنة عرشه، وملىءِ كونه، ومداد قلمه، وعدد ما احاط به علمه، ووسعته قدرته، وشملته ارادته. وله الحمد عدد الحصى والنوى، وعدد ما في الدنيا والعلى. وله الحمد عدد انفاس الخلائق، وعدد اوراق الشجر، وعدد ضياء الشمس والقمر، وعدد كل شيء، وملء كل شيء، وزنة كل شيء. وله الحمد والشكر اكثر مما احصاه العادون، واحاط به الاولياء والعالمون. حمدا يدوم ببقاءه، ويتصل آخره باتصال ملكه، حمدا عدد نعمه التي لا تحصى، والآءه التي لا تجارى، وافضاله الذي لا يبارى، حمدا لا ينقطع عدده، ولا يفنى امده، ولا يحصى رفده، جل جلاله، ودام افضاله، ولا حد لسلطانه، ولا محصي لنعمه والآءه.
الان نحاول ان نستفيد العبرة من هذه التجارب الدينية والاجتماعية، التي حصلت من خلال صلاة الجمعة في هذا العام، فان لكل شيء عبرة وموعظة، مهما كان قليلا او كثيرا، كما قال تعالى ((وكأين من اية في السماوات والارض يمرون عليها وهم عنها معرضون)). واذا كان الامر مهما، كانت عبرته اكثر وتجاربه اعمق لا محالة، وكان اولى بالتذكر والاعتبار. ولئن جعلنا هذه التجارب مرقاة وان شاء الله نجعلها مرقاة، الى رضاء الله تعالى، ومقدمة للمزيد من عبادته، كان افضل مما اذا اخذنا الفائدة الدنيوية فقط، والتي لعل فيها خسران الدنيا والاخرة ((ذلك هو الخسران المبين)). ما هي العبرة ؟
اولا: العزة والشرف والرفعة الاجتماعية والدينية. التي حصلت للمذهب في كل العالم عامة وفي العراق خاصة ورفع ما كان من ذلة وقنوط، وخنوع واقتصار على اللذائذ الشخصية، والارزاق التجارية والاسرية.
ومن هنا يمكن ان نلاحظ – فكرك يمي - ان ما حصل هنا - بهذه صلاة الجمعة الملتزمون بها جميعا ان شاء الله - ما لم يحصل على مدى التاريخ لاي احد. وامامنا الان ايران، فانهم حين اقاموا صلاة الجمعة، نعم ما فعلوا، ولكن لم تكتسب اقامتها هذه الاهمية التي رايناها هنا في العراق، بالرغم من وجود دولتهم وحوزتهم، وانما نظر اليها العالم هناك كعبادة اعتيادية حصّلت قناعة اعتيادية من قبلهم باقامتها .
واما هنا فكانت فتحا مبينا لا مثيل له، كما قال تعالى: ((إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4) لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا (5) - القرآن ينطبق دائما ، افهموه من زاوية ما هو موجود الان - وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (6) وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (7) إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9) إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10))).
ولك ان تفهم هذه الايات الكريمات كما شئت، ولكني اقول انها تنطبق على مقامنا هذا انطباقا عاليا وجليلا، فله الحمد والمنة.
ثانيا: ان الذي حصل خلال هذه السنة المباركة، هو ما قلته خلال هذه السنة عدة مرات، والفضل لله سبحانه وحده، يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. ولكن إذا نظرنا الى الاسباب – لاحظوا - فقد فُتِحت افواه جماعة من الخطباء (قد يصلون الى السبعين من خطباء الجمعة) في الموعظة والارشاد والترغيب والترهيب والتذكير بالامور الدينية والفقهية، بشكل يجب على الاخرين – مو كل موعظة هكذا واجب حضورها ، صلاة الجمعة معناتها انه يجب عليك ان تحضرها وتسمع الموعظة - حضورها والإصغاء اليها ، وهذا مما لا يحدث في سائر المواعظ، إذ قد لا يتيسر للكثيرين مجرد الحضور، وقد لا يستمعون الكلام – اما هنا الاستماع واجب ، سبحان الله - اما عمدا، أو غفلة في اي خطبة، أو قصيدة، أو تعزية، أو حفلة، وانواعها وغيرها بخلاف صلاة الجمعة من هذه الناحية، نظيفة من جميع الجهات.
وتكون نتيجة ذلك هو زيادة الموعظة، والتثقيف الديني، والدخول إلى النفوس والقلوب. فحيا الله خطباء الجمعة، الذين جاهدوا وافادوا. وحيا الله الحاضرين المخلصين في كل مكان وزمان. وليس عليّ شكرهم، بل على الله الحليم الكريم.
ثالثا: انه قالت جماعة من الحوزة، ولعلها لازالت تقول – لاحظوا - : (ان اقامة صلاة الجمعة فتنة). وانما الفتنة هم الذين فتحوها، باصرارهم على عدم الحضور، ولو حضروا، لكان الانتصار اكثر، واتحاد الحوزة والمذهب اكثر. حتى انني قلت، انه بغض النظر عن السلاح، فاننا نستطيع عندئذ من الناحية المعنوية ان نواجه اسرائيل نفسها، ونقول لها كلا ثم كلا، ارجعي من حيث اتيت.
فهم بعدم حضورهم، قد القحوا الفتنة، واوجدوها ونصروا اعداء الدين والمذهب، مع شديد الاسف، من حيث يعلمون أو لا يعلمون.
ويوجد – محل الشاهد هذا - هناك نص واضح في ان صلاة الجمعة ليست فتنة ، في مصدر رئيسي من مصادرهم، وهو احد اجزاء كتاب المستند للشيخ مرتضى البروجردي (قدس الله روحه)، وهو من تقريرات اية الله الخوئي (قدس الله روحه)، انقل لكم بعض عباراته التي تخص هذا الامر باختصار:
قال في الجزء الاول ص 32 بلسان من ينفي وجوب صلاة الجمعة، يورد على ذلك عدة ادلة بعنوان نفي صلاة الجمعة، ويردها ويناقشها. يقول: (الرابع: انه يقول الخصم - لو صح التعبير - ان ايجاد مثل هذا الحكم في زمن الغيبة مثار للفتنة وموجب للهرج والمرج، فلا يُظَنْ بالشارع الحكيم تشريعه). إلى ان يقول: (بل موجب لاختلال النظام، لإتشاح النفوس في طلب الرئاسة والتصدي لمقام الامامة، فربما يؤدي إلى التشاجر والنزاع بين المسلمين، لانتصار اهل كل محلة لامامها، وقد ينجر إلى القتل).
ويجيب على هذا الوجه بعدة ايرادات، منها: (ان هذا التقرير على تقدير تسليمه، فانما يجدي لنفي العينية (يعني القول بالوجوب العيني لصلاة الجمعة) لا اصل المشروعية ولو تخييرا (يعني بينها وبين صلاة الظهر)، فان الوجوب التخييري لا الزام فيه فلا يتضمن الفتنة لإمكان التخلص منها لوجود المندوحة).
ومنها: (ان الفتنة ممنوعة من اصلها – وهذا كلام المستند ايضا - حتى على القول بالوجوب العيني، فان من قُدِّم للامامة اما ان يرى غيره اهلا لاستجماعه للشرائط، او لا. فعلى الاول يجب عليه الائتمام به ولا حزازة فيه، وان كان دونه في المقام، فقد حث الشارع على التواضع ومجاهدة النفس، وحذّر عن الانانية والكبر، وقد شاهدنا – هو يقول - بعض زهاد العصر يأتم خلفه جم غفير من الجهابذة والاساطين وهم افقه منه واعظم شانا بمراتب غير قليلة …) إلى اخر ما قال.
والمهم – لاحظوا - انه إذا كانت مصادرهم الرئيسية تقول بعدم تحقق الفتنة، فماذا ولماذا هم يقولون بها ؟
رابعا: من النتائج التي حصلت والعبر التي حصلت بصلاة الجمعة، الشجاعة التي حصلت في الحوزة الشريفة من ناحية، وفي كثير من طبقات الناس جزاهم الله خير جزاء المحسنين، بل يمكن القول انها وجدت حتى – لاحظوا - في خصوم السيد محمد الصدر. وقد وصلت اليهم هذه الشجاعة من حيث لا يعلمون وكثير من هذه الامور وصلت اليهم وهم لا يعلمون. امثل لكم بمثالين:
المثال الاول : انه كان الاسلوب الاساسي هو التقليل من الدرس في الحوزة، واعتبار اكثر ايام السنة عُطل، حتى لا يكاد يصل عدد ايام الدراسة الى ثمانين او تسعين يوم في السنة كلها، ولكن حينما جاء السيد محمد الصدر الى المرجعية، واصر على تكثير عدد الدروس، وجدنا ان سائر المراجع يكثرون من دروسهم، حتى – لاحظوا - كان المتعارف عدم البدء يوم السبت بعد التعطيل. وهذا كانه من الضروريات في الحوزة – ربما جملة منكم ما سامعه ، أسألوا - كان ممنوعا في الحوزة الى عهد قريب الشروع يوم السبت بعد العطلة، والذي الغاه السيد محمد الصدر. فالان نجد ان كل المراجع او اغلبهم قد الغوه.
المثال الثاني : اني قبل حوالي اربع سنوات، وضعت لوحة للاعلانات في البراني، اعتيادي موجودة الى الان، وقد اثار ذلك في حينه موجة من الاحتجاج، حتى من قبل بعض خاصتي – وليسوا هؤلاء ، كانوا غيرهم - في ذلك الحين وانه لا توجد عند المراجع، وغير مناسبة لك، واصررت على استمرارها. والمهم انني بعد عدة سنوات، زرت احد المراجع، فوجدت لوحة اعلانات معلقة على جداره في برانيه.
اذن فكثير من الامور سرت اليهم من المصالح التي يراها المجتمع ضرورية وحيوية بعد ان كانت منسية ومطمورة ومنها الشجاعة، وانه لا حاجة للتقية المكثفة، والخوف المتزايد، بعد وضوح ان كثيرا من الامور فيها مصالح اكيدة، وليس فيها نقاط ضعف من هذا القبيل اكيدا، اذن فلا يرفضها، او يتجنبها، الا المدخول في عقله، ولو كانت للمصلحة الشخصية – لاحظوا - اذن لبادر اليها واسرع اليها، ولكن المصلحة العامة لا يهتم بها مع شديد الاسف.
ومن بوادر الشجاعة، ما حصل هنا في مسجد الكوفة وغيره، من الهتافات والاهازيج، وكنت انا اعتبرها بصراحة نصرا للدين، وعزا للمذهب، كما هي كذلك جزى الله قائليها خيرا، الا اننا حينما ظهر لنا ان مضاعفاتها المحتملة، التي قد تعود بالمفسدة على الحوزة والدين كثيرة مع الاسف، وما يسمى بـ(الاصطياد بالماء العكر)، كنا مضطرين للاعتذار عنها على اية حال، وانما الاعمال بالنيات، والله تعالى يعلم ما في قلوب المخلصين، واستعدادهم للتضحية على مختلف المستويات، وهذا كاف جدا جزاكم الله خيرا. واذا كانت هناك شجاعة ان شاء الله تعالى، فاصرفوها بحذر وبشكل مدروس، وبالاساس مع الاستئذان من الحوزة العلمية الشريفة، وليس باتخاذ عمل او قرار بالاستقلال عنها، ومن دون الاستئذان منها والعياذ بالله.
خامسا: الوعي الدين والاجتماعي الذي حصل لكافة الناس، الذي حصل في داخل الحوزة الشريفة وخارجها، ولم يكن ذلك ممكنا ان يكون بدون هذا النشاط الديني الشريف، اعني صلاة الجمعة المقدسة. ويمكن ان نضرب له عدة امثلة:
المثال الاول : ان الناس عرفوا بوضوح ان عددا من الحوزويين والوكلاء واضرابهم – لاحظوا - الذين كانوا يحسبونهم كجبرائيل (عليه السلام)، او ابو ذر (عليه الرضوان)، في السداد والصلاح، وكانوا يحملونهم على الصحة في كل اقوالهم وافعالهم وينخدعون بمظاهرهم.
اما الان فقد اصبح بكل وضوح، ان الاسلوب القديم قائم على القصور والتقصير، وعلى الاسفاف والتبذير، وعلى السكوت الشائن على المحرمات، مع انه ورد (الساكت عن الحق شيطان اخرس) وورد ما مضمونه: انه اذا كثر الفساد في المجتمع، فعلى العالم ان يظهر علمه، والا فعليه لعنة الله.
مع انه ليس في الاسلوب القديم شيء من ذلك، كما قال بعضهم - نقلته أنا ، لكن للتذكير لا بأس - ان لدينا امور اربعة: الاستخارة، والدرس، وصلاة الجماعة، وقبض الحقوق - فان كنت تسأل عن واحد منها فاهلا وسهلا، والا دير ظهرك وروح - واهمها بطبيعة الحال - في نظرهم طبعا - قبض الحقوق التي تصل باذن الله للتوزيع في المجتمع وقضاء حاجة المحتاجين، لكن هم لا يوزعونها في المجتمع ولا يقضون بها حاجة المحتاجين الا بنسبة ضئيلة جدا ونحو ذلك. فقد انكشف للمؤمنين الصديق من العدو، والناصح من الفاضح، بحسن توفيق الله سبحانه وتعالى.
المثال الثاني : ان عددا من الفروع الفقهية، لم يكن لها وجود في السنين السابقة، ولم تسجل في رسالة عملية، ولا استفتاء، منها – سبحان الله ، تعلموها جميعاً - قبض مجهول المالك، وان الصلاة في مجهول المالك، او في الاموال غير المخمسة باطلة، وان القاء المال في اضرحة المعصومين (عليهم السلام) حرام، وان تصليح الراديو والتلفزيون اعانة على الاثم، وان العمل بالمصارف ذات القطاع الخاص حرام، وان اخت الزوجة حرام، وان اخو الزوج حرام، وان زوجة الاخ حرام، وهكذا، الى فروع كثيرة خارجة عن حد الاحصاء، مما كان الجيل السابق في الحوزة ساكت عنه مع شديد الاسف.
المثال الثالث : ان اكثر الناس اصبحوا يهتمون فعلا بالمصالح الدينية والاجتماعية، ويفضلونها فعلا على مصالحهم الشخصية والاسرية، بل يتمنون الشهادة في سبيل الله تعالى، وهم بالمئات الان على ما اعتقد، او اكثر، والحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله، لقد جاءت رسل ربنا بالحق، ونودوا ان تلكم الجنة اورثتموها بما كنتم تعملون.
المثال الرابع : انهم عرفوا اثر الاستعمار الاكيد والشديد في المجتمع المسلم، منذ صدر الاسلام والى العصر الحاضر، حتى انه يمكن ان يقال بوضوح ان الذي قتل رسول الله (صلى الله عليه واله)، وقتل الزهراء (سلام الله عليها)، وقتل الحسين (عليه السلام)، وتسبب الى غيبة الامام المهدي (عليه السلام)، هو الاستعمار، باياديه الخفية المبثوثة في هذا المجتمع المسلم، وكذلك ما حصل بعده من الحروب الصليبية، ومعاهدة الخلافة العثمانية مع المانيا، وغزو الانكليز للعراق، وغزو الفرنسيين لمصر، وكذلك الغزو الثلاثي لمصر، وتاسيس اسرائيل عليها اللعنة والعذاب، وغير ذلك كثير، ومظالم الاستعمار عامة لكل مكان وزمان، ومنتشرة على وجه الارض، وفي كل دهر، وانا لله وانا اليه راجعون.
ومن ذلك كمثل ونموذج مقتل عدد من المؤمنين، ورجال الدين، باستمرار على طول السنين، والى العصر الحاضر، ومن اشهرهم الشهيد الاول، والشهيد الثاني، والقاضي نور الله التستري، والشيخ فضل الله النوري، وكثير غيرهم، حتى الف جناب الشيخ عبد الحسين الاميني (قدس سره)، كتاب " شهداء الفضيلة " ، بمقدار ما استطاع ان يحصي منهم، من الشهداء، وممن وصل اليه خبرهم، وما خفي عليك اكثر.
بسم الله الرحمن الرحيم
اذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجا * فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا *
الحمد لله واستغفر الله

الجمعة السابعة والعشرون 24 جمادي الثاني 1419
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم لك الحمد حمدا يصعد اوله ولا ينفد آخره. اللهم لك الحمد حمدا تضع لك السماء كنفيها، وتسبح لك الارض ومن عليها. اللهم لك الحمد حمدا سرمدا ابدا، لا انقطاع له ولا نفاد، ولك ينبغي واليك ينتهي، في وعلي ولدّي ومعي وقبلي وبعدي وامامي وفوقي وتحتي، واذا مت وبقيت فردا وحيدا ثم فنيت. ولك الحمد اذا نشرت وبعثت يا مولاي. اللهم ولك الحمد ولك الشكر، بجميع محامدك كلها، على جميع نعمائك كلها، حتى ينتهي الحمد الى ما تحب ربنا وترضى. اللهم لك الحمد على كل اكلة وشربة وبطشة وقبضة وبسطة، وفي كل موضع شعرة. اللهم لك الحمد حمدا خالدا مع خلودك. ولك الحمد حمدا لا منتهى له دون علمك. ولك الحمد حمدا لا امد له دون مشيتك. ولك الحمد حمدا لا اجر لقائله الا رضاك. ولك الحمد على حلمك بعد علمك. ولك الحمد على عفوك بعد قدرتك. ولك الحمد باعث الحمد. ولك الحمد وارث الحمد. ولك الحمد بديع الحمد. ولك الحمد منتهى الحمد. ولك الحمد مبتدع الحمد. ولك الحمد مشتري الحمد. ولك الحمد ولي الحمد. ولك الحمد قديم الحمد. ولك الحمد صادق الوعد، وفي العهد، عزيز الجند، قائم المجد. ولك الحمد رفيع الدرجات، مجيب الدعوات، منزل الايات من فوق سبع سماوات، عظيم البركات، مخرج النور من الظلمات، ومخرج من في الظلمات الى النور، مبدل السيئات حسنات، وجاعل الحسنات درجات.
اللهم صل على محمد المصطفى، وعلي المرتضى، وفاطمة الزهراء، والحسن المجتبى، والحسين الشهيد بكربلاء، وعلى الامام السجاد، والامام الباقر، والامام الصادق، والامام الكاظم، والامام الرضا، والامام الجواد، والامام الهادي، والامام العسكري، والامام الحجة المهدي، ائمتي وسادتي وقادتي، بهم اتولى، ومن اعدائهم اتبرأ، في الدنيا والاخرة.
اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
نستمر بذكر بعض النقاط الضرورية للايضاح:
اولا: اننا نسمع – لاحظوا ، فكرك يمي - ان بعض صلوات الجمعة يكون عددها كثيرا اولاً، ثم يقل عددها ويتضاءل، وهذا معناه ان بعض من حضر فعلا، واقتنع بصحتها وصلاها، انه تركها واعرض عنها – ليش هيج يصيرحبيبي ؟ - مع العلم اننا حينما نتكلم عن المجتمع ككل، فانه لا يحتمل ان يكون كل هؤلاء التاركين لصلاة الجمعة معذورين فيها، وانما معناه انهم تركوها تسامحا وتساهلا. وهذا هو الذي اريد ان اؤكد واركز عليه الان، من حيث ان هذا التسامح والتساهل انما هو تسامح في الدين، وتساهل في ولاية امير المؤمنين، بعد اتضاح المعاني الاساسية لهذه الصلاة المقدسة، وما فيها من مصالح وعبر وجلالة، والمفروض بكل فرد ان يطيع امر الولاية، ويذهب الى الصلاة، وكذلك باعتبار اجتماع العدد المعتبر في وجوب صلاة الجمعة، وهو متوفر وكثير بحمد الله فتكون الصلاة واجبا تعيينيا، ولا تبقى واجبا تخييريا على فتاوى الاعم الاغلب من العلم اء، كما هو الصحيح ايضا.
وانما يعود ترك بعض الناس للصلاة في هذا المورد الى عدة امور محتملة، اما الى الشك في عدالة امام الجماعة، واما الى الشك في قدرته على الاداء الصحيح للمعاني الدينية، واما لانه - هذا الفرد - سئِم من التكرار في بعض المطالب التي يقولها خطيب الجمعة، وليس لديه شيء جديد ربما، واما لانه رآه يخطأ كثيرا في الاعراب، او في الفاظه، او في مشتقاته، ونحو ذلك.
فهل يستلزم كل ذلك ترك الجمعة وعصيان الامر الشرعي بحضورها ؟ كلا طبعا. ان هذا من الممكن ان يحدث، لو كان الشعار الديني مستحبا، واما لو كان واجبا، كان تركه حراما لا محالة، ولا يعذر فيه انسان. فان كان راجعا الى الشك في العدالة، فهذا له جوابان:
اولا: انني – لاحظوا - حين اكلف اي شخص لاقامة صلاة الجمعة، فانني اشهد بعدالته، بمعنى قيام حجة شرعية كافية عندي في ذلك، فاعتبروني احد الشهود بعدالته، مضافا الى المشرفين العامين على صلاة الجمعة فانهم ايضا ثقات، وشهادتهم حجة، فيمكنك ان تصلي خلفه على ذمتنا، مالم تعلم منه الحرام والعياذ بالله، ولا اعتقد انه يوجد واحد منهم كذلك، بحيث تعلم منه الحرام.
ثانيا : ما قلته في موارد متعددة، من انك يمكنك اعادة الصلاة ظهرا، وهذا وارد دائما، كل ما في الامر ان الاحتياط استحبابي فيه، وربما يكون عند بعض المجتهدين احتياطا وجوبيا، والا فانه لا ينافي وجوب الحضور لصلاة الجمعة بطبيعة الحال. بل حتى لو كانت صلاة الجمعة مستحبة او تخييرية، وقبلنا ذلك تنزلا، فاننا نعرف الان ضرورتها وشعاريتها، وعزة الاسلام القائمة بها، فهل ترضى بان يكون عملك ضد عزة الإسلام، وشعار الاسلام اياً كان منشأ هذا العمل ؟!
ويمكننا ان نتصور النتيجة لمثل هذا الاتجاه الخطر، وهو ان الامر قد ينتج ترك بعض الجمعات، او الغاء صلاة الجمعة بالمرة، فما الذي سوف يحدث من الذلة والقنوط، والتسافل بالعزة الدينية والاجتماعية، الى حد يكون مجرد ذكره، او خطوره في البال سوءا شديدا، وموجبا للقشعريرة والانفعال، فضلا عن حدوثه والعياذ بالله، كما هو واضح سبحان الله ..
ولاجل هذا قلت اكثر من مرة، استمروا على صلاة الجمعة حتى لو مات السيد محمد الصدر، لانه لا يجوز لكم، ان تجعلوا موت السيد محمد الصدر سببا وذريعة لذلة الإسلام والتشيع، وتفرق الكلمة وكثرة المشاكل. بل الحوزة الشريفة تبقى بعون الله، وجملة من المراجع يبقون بعون الله. فتمسكوا بالحوزة، واستمروا على شرفكم، وعزتكم الدينية، وشجاعتكم القلبية، وعنايتكم بالمصالح العامة. ولا يجوز ان يحول دون ذلك اي شيء، حتى موت هذا العبد الخاطئ، الذي هو السيد محمد الصدر. وكذلك يوجد فيكم الكثير ممن يخطب على حد تعبير الروايات، ومن هو صالح لامامة الجماعة والجمعة، وليس انه – لاحظوا - حين يموت السيد محمد الصدر، يموت الكل اعوذ بالله اولاً وبكم من ذلك.
وبالاساس فان الحوزة هي التي تستطيع ان تبادر إلى ذلك، والمرجع الجديد - لو صح التعبير - وان لم يكن متفقا مع السيد محمد الصدر بكل التفاصيل، الا ان المهم فيه، هو الاتجاه نحو العدالة الاجتماعية، وانصاف الناس من نفسه، كما قيل في الحكمة: (قل الحق ولو على نفسك) وادراك المصالح العامة. فان وجدتموا شخصا من هذا القبيل فتمسكوا به، والا فدعوه إلى غيره. فان الانانية في المرجعية، هي العنصر الغالب مع الاسف جيلا بعد جيل، وهذا هو المضر حقيقة في الحوزة خاصة، وفي المجتمع عامة. فاتبعوا شخصا من المجتهدين ليس له مثل هذا الطبع، بل له اتجاه التضحية في سبيل الاخرين، وبذل النفس والنفيس في سبيل دينه ومذهبه. وهذا امر يطول فيه الحديث وليس الان محل الاستمرار فيه.
ثانيا: انه من النقاط المهمة والجليلة، التي حصلت بصلاة الجمعة المواجهة المباشرة بين الحوزة والمجتمع، وبين المرجعية والمجتمع. بينما كان الانفصال التام او الغالبي قبل ذلك موجودا مع شديد الاسف، ولا زال هذا الانفصال تلاحظوه موجودا بالنسبة الى المراجع الاخرين، من حيث اتصالهم بالمجتمع. فعن طريق صلاة الجمعة حصل المجتمع على الوعي، وحصل على الشجاعة، وحصل على العزة، وحصل على الثقافة الدينية، وعرف ما هي الحوزة، وما هو نفعها، وما هو اثرها، وما هو مقدار علمها وتعليمها.
كما استطاعت الحوزة من ناحيتها، ان تثبت نفسها امام الاخرين، وتوصل صوتها وكلماتها ومواعظها واوامرها ونواهيها إلى المجتمع. وان تُعرّف المجتمع بكثير من الامور الضرورية والراجحة، وتفتح عينه على مصالحه ومفاسده واعدائه واصدقائه وواجباته ولوازمه، وغير ذلك كثير، كل ذلك بنعمة من الله وفضل. والله تعالى هو المسبب الحقيقي والموفق لكل ذلك. ولكن عندنا الوعد القرآني بالنصر كقوله تعالى ((ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم)). وقوله تعالى ((ان الله لا يضيع اجر المحسنين)). وقوله تعالى ((اني لا اضيع عمل عامل منكم من ذكر او انثى)). وقوله في الدعاء (انك اكرم من ان تضيع من ربيته، او تشرد من آويته، او تبعد من ادنيته، او تسلم الى البلاء من كفيته ورحمته). وكذلك قوله ((العاقبة للمتقين)). وقوله ((ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)) وغير ذلك كثير.
وهذه الوعود، غير موجودة لغيرنا، ولا تتمثل لسوانا، وانما يتمثل لهم الظلم والشيطان. كما قال تعالى ((كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله)). وقوله تعالى ((وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير - اي الهيون ومتقون - فما وهنوا لما اصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين وما كان قولهم الا ان قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في امرنا وثبت اقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين – شنو كانت النتيجة ؟ - فاتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الاخرة والله يحب المحسنين)). ثم يقول الله تعالى بعد ذلك مباشرة ((يا ايها الذين آمنوا ان تطيعوا الذين كفروا يردوكم على اعقابكم فتنقلبوا خاسرين بل الله مولاكم وهو خير الناصرين)).
واما اذا كان الفرد مناوئا للحق, ومعارضا لعزة الدين والمذهب، فسيكون مشمولا لقوله تعالى، ايضا بعد تلك الايات مباشرة، وقلت لكم بان القرآن كله له معاني على طول الاجيال، جل جلال الله سبحانه وتعالى، لانه هو المتكلم، معانيه لا متناهية لانه هو لا متناهي جل جلاله.
فاذا كان الفرد مناوئا للحق، ومعارضا لعزة الدين والمذهب، فسيكون مشمولا لقوله تعالى، بعد تلك الايات مباشرة ((سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما اشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وماواهم النار وبئس مثوى المتكبرين)).
ثالثا: من النقاط التي وددت الاشارة اليها بهذا الصدد، ان للحوزة عدة اساليب للاتصال بالمجتمع ككل: صلاة الجماعة، وصلاة الجمعة، والمواعظ، وبيان الاحكام الشرعية، والاستفتاءات، وتأليف الكتب ونشرها، وكذلك تأسيس القضاء الشرعي، فانه من اساليب واسباب اتصال الحوزة بالمجتمع، وفي حدود فهمي ان القضاء الشرعي ليس محكمة بالمعنى المتعارف، لوضوح انه ليس دائرة رسمية، وليس له راتب قضائي، بل ان اخذ الراتب على القضاء محل اشكال وحرام، وانما نعطيه شيئا من الراتب باعتباره واحدا من الحوزة، لا باعتباره قاضيا، كما انه ليس له بناية مستقلة، ولا كاتب عدل مثلا، ولا معاونين قضائيين، وبالتالي يختلف كثيرا عن المحاكم المتعارفة، ومن هنا لا نستطيع ان نسميه محكمة بهذا المعنى، وانما هو قاضي شرعي، او نعتبره عالما ومتفقها، او مفتيا يتصدى للفتوى بين الناس في الامور الصعبة لا اكثر.
ومن الواضح ان كثيرا مما يقوم به القاضي الشرعي، ليس من القضاء الشرعي، كعقد النكاح، او الطلاق، او الطلاق بالولاية، او القيمومة، او الفتوى الاعتيادية في الامور العبادية والمعاملية – لاحظوا - وانما القضاء الحقيقي هو المرافعة في قضية فيها مُدّعي ومنكر، وهو موجود، الا انه لا يستوعب كل الامور التي يقوم بها القاضي الشرعي، بل لعله يمثل القسم الاقل من عمله. وانما العلماء استمروا على النظر في سائر مشاكل الناس بما فيها المشاكل القضائية، والدليل المعتبر من السنة الشريفة، قائم على ذلك، وهذا الحاصل الان مصداق وتطبيق من ذلك بعونه سبحانه.
وانما الفرق الرئيسي بين المحاكم العرفية من ناحية، والقضاء الشرعي الموجود فعلا من ناحية اخرى، امران رئيسيان يعتبر كل منهما نقطة قوة في احدهما ونقطة ضعف في الاخر.
اما نقطة القوة في القضاء الشرعي، فهو الحجية الشرعية، فكل ما يقوله ويحكم به نافذ شرعا ومجزي ومبرىء للذمة، بخلاف الانواع الاخرى من القضاء الدنيوي، او العرفي بطبيعة الحال، بما فيها القضاء الذي تقيمه العشائر بين المتخاصمين.
واما نقطة الضعف في القضاء الشرعي، فمن حيث ان سائر المحاكم لها قوة اجرائية او تنفيذية لتطبيق الحكم، من شرطة وسجون ونحوها، فانها مخولة بذلك بطبيعة الحال. في حين ان القضاء الشرعي هنا اعزل من هذه الامور، غير ان التعويض الرئيسي بهذا الصدد مهم جدا ولطيف جدا، وهو خوف الله سبحانه وتعالى. فان عقاب الاخرة اهم من عقاب الدنيا، وغضب الخالق اعلى واقسى من غضب المخلوق، كما قال في الدعاء: (وهذا لا يكون الا من غضبك وانتقامك وسخطك وهذا ما لا تقوم له السماوات والارض فكيف بي وانا عبدك الفقير المسكين المستكين الحقير الذليل المهين). فالمهم ان المتخاصمين، انما جاءا الى القاضي الشرعي، لانهما يخافان الله سبحانه، ويريدان باخلاص حل مشكلتهما حلا شرعيا مبرئاً للذمة، فيكون خوف الله سبحانه هو السند، والرصيد الاساسي للقضاء الشرعي واما من لا يخاف الله سبحانه، فانه لا يأتي الى القضاء الشرعي، بل يحاول ان يظلم خصمه، ويتسلط عليه بكل صورة.
رابعا: من النقاط التي وددت الاشارة اليها هنا، اني اوجه كلامي الى المؤمنين الذين الى الان لم يناصروا السيد محمد الصدر، ولم يكونوا معه سواء في داخل الحوزة، او في خارجها، اهلا بكم وسهلا بين هذا الجمع الحافل بالتقوى والشرف والفضائل، وان من احسن الكلمات التي قالها الاسلام والقرآن، وكل كلماته حسنة ((انما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين اخويكم واتقوا الله)) ولا حاجة الى استمرار التباعد والتباغض، وتبادل التهم والاشكالات، بل تعالوا نتفق ونتصاحب ونتصافى ونتحابب في الله، وفي ولاية امير المؤمنين، وفي المذهب، وفي الدين، وبابي مفتوح، وقلبي مفتوح لكم جميعا، مهما كنتم الان واينما كنتم، ولا اريد منكم شيئا الا الاخوة في الله، وفي رسوله، وفي ولاية امير المؤمنين، وتبقى التفاصيل الاخرى ثانوية، يمكن المناقشة فيها بالتدريج.
يكفي الّا تكون اختلافاتنا وانشقاقاتنا فيها خدمة للعدو المشرك لاسرائيل والاستعمار، ولكل من هو بعيد عن الله وعن رسوله. فما دمنا تجمعنا الروابط الحقيقية المقدسة، فلماذا لا نتحد ولا نتآخى ولا نتقارب ؟ ولماذا ننصر عدو الله وعدو رسوله من حيث نعلم او لا نعلم ؟!

فما دامت هذه الحياة موجودة عندي، والنفس يصعد وينزل، فاني ارحب بكم بكل قلبي، واعذركم عن كل ما حصل منكم، وتعذروني ان كان حصل بعض الشيء مني، او ممن يرتبط بي، او ينتسب الي، ونفتح تاريخا جديدا، كما قال الشاعر،هذه الابيات احفظها من زمان وهي لطيفة:
من اليوم تعارفنا ونطوي ماجرى منا
فلا كان ولا صار ولا قلتم ولا قلنا
وما احسن ان نرجع الى الود كما كنا
اخص من هنا - وهذا منبر مقدس - بالذكر ال الحكيم قدس الله ارواح الماضين منهم، وحفظ الباقين. تلك الاسرة الطيبة المتفقهة الشريفة. فلماذا يكون - لو صح التعبير - بينها وبين ال الصدر اي خلاف ؟ ولماذا نزغ الشيطان بيننا ؟ وخاصة وان الفرصة مواتية بعد ان زال سبب الخلاف واسترجعت الوديعة. وبالتاكيد فان دوام الخلاف واستمراره، لا يخدم الا الاستعمار ولا يضر الا الحوزة والمذهب، وليكن زمام المبادرة بيدي واني قد ابرأت ذمتي، وارضيت ضميري بهذا العرض الدال على حسن النية.
وانا لست طامعا بخيرهم من اية جهة، ولا خائفا منهم من اية جهة أيضاً، وانما ذلك محضا لذات الله، ونصرة دينه الحنيف، وهذه يد الصلح والمصافحة امدها اليهم، فهل منهم من يمد يد المصافحة نحوي ؟ والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * اياك نعبد واياك نستعين * اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين انعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضالين *
صدق الله العلي العظيم

ابو علي 22-03-2012 12:54 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة الثامنة والعشرون \ 2 رجب 1419 هـ
الخطبة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
أعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
قفوا جميعاً رجاءً ، وجوهكم الى القبلة رجاءً ، أنا سوف أقرأ الدعاء ، وقولوا بعد كل فقرة ( يا كريم يا رحيم ) :
بسم الله الرحمن الرحيم
أرفعوا أيديكم للدعاء :
يا مَنْ تُحَلُّ بِهِ عُقَدُ الْمَكارِهِ، وَيا مَنْ يُفْثَأُ بِهِ حَدُّ الشَّدائِدِ، وَيا مَنْ يُلْتَمَسُ مِنْهُ الَمخْرَجُ اِلى رَوْحِ الْفَرَجِ، ذَلَّتْ لِقُدْرَتِكَ الصِّعابُ، وَتَسَبَّبَتْ بِلُطْفِكَ الأسْبابُ، وَجَرى بِقُدْرَتِكَ الْقَضاءُ، وَمَضَتْ عَلى اِرادَتِكَ الأشْياءُ، فَهِيَ بِمَشِيَّتِكَ دُونَ قَوْلِكَ مُؤْتَمِرَةٌ، وَبِإِرادَتِكَ دُونَ نَهْيِكَ مُنْزَجِرَةٌ، اَنْتَ الْمَدْعُوُّ لِلْمُهِمّاتِ، واَنْتَ الْمَفْزَعُ في المُلِمّاتِ، لا يَنْدَفِعُ مِنْها اِلاّ ما دَفَعْتَ، وَلا يَنْكَشِفُ مِنْها اِلاّ ما كَشَفْتَ، وَقَدْ نَزَلَ بي يا رَبِّ ما قَدْ تَكأَّدَني ثِقْلُهُ، وَاَلَمَّ بي ما قَدْ بَهَظَني حَمْلُهُ، وَبِقُدْرَتِكَ اَوْرَدْتَهُ عَلَيَّ، وَبِسُلْطانِكَ وَجَّهْتَهُ اِلَيَّ، فَلا مُصْدِرَ لِما اَوْرَدْتَ، وَلا صارِفَ لِما وَجَّهْتَ، وَلا فاتِحَ لِما اَغْلَقْتَ، وَلا مُغْلِقَ لِما فَتَحْتَ، وَلا مُيَسِّرَ لِما عَسَّرْتَ، وَلا ناصِرَ لِمَنْ خَذَلْتَ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وآلِهِ، وَاْفْتَحْ لي يا رَبِّ بابَ الْفَرَجِ بِطَولِكَ، وَاكْسِرْ عَنّي سُلْطانَ الْهَمِّ بِحَوْلِكَ، وَاَنِلْني حُسْنَ النَّظَرِ فيـما شَكَوْتُ، وَاَذِقْني حَلاوَةَ الصُّنْعِ فيـما سَاَلْتُ ، وَهَبْ لي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمةً وَفَرجاً هَنيئاً، وَاجْعَلْ لي مِنْ عِنْدِكَ مَخْرَجاً وَحِيّاً، وَلا تَشْغَلْني بِالاْهتِمامِ عَنْ تَعاهُدِ فُرُوضِكَ، وَاسْتِعْمالِ سُنَّتِكَ فَقَدْ ضِقْتُ لِما نَزَلَ بي يا رَبِّ ذَرْعاً، وامْتَلأتُ بِحَمْلِ ما حَدَثَ عَليَّ هَمّاً، واَنْتَ الْقادِرُ عَلى كَشْفِ ما مُنيتُ بِهِ، وَدَفْعِ ما وَقَعْتُ فيهِ، فاَفْعَلْ بي ذلِكَ وَاِنْ لَمْ اَسْتَوْجِبْهُ مِنْكَ، يا ذَا الْعَرْشِ الْعَظيمِ، وَذَا الْمَنِّ الْكَريمِ، فَاَنْتَ قادِرٌ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ، آمينَ رَبَّ الْعالَمينَ.
أعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم وصلى الله على خير خلقه محمد وآله أجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
إلهِي أَصْبَحْتُ وَأَمْسَيْتُ عَبْداً دَاخِراً لَكَ، لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إلاَّ بِكَ أَشْهَدُ بِذَلِكَ عَلَى نَفْسِي وَأَعْتَـرِفُ بِضَعْفِ قُـوَّتِي وَقِلَّةِ حِيْلَتِي فَأَنْجزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي،
وَتَمِّمْ لِي مَا آتَيْتَنِي; فَإنِّي عَبْـدُكَ الْمِسْكِينُ الْمُسْتكِينُ الضَّعِيفُ الضَّـرِيـرُ الذَّلِيلُ الْحَقِيرُ الْمَهِينُ الْفَقِيرُ الْخَائِفُ الْمُسْتَجِيرُ. أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَلاَ تَجْعَلْنِي نَاسِيَاً لِذِكْرِكَ فِيمَا أَوْلَيْتَنِي، وَلاَ غافِلاً لإحْسَانِكَ فِيمَا أَبْلَيْتَنِي، وَلا آيسَاً مِنْ إجَابَتِكَ لِي وَإنْ أَبْطَأتَ عَنِّي فِي سَرَّاءَ كُنْتُ أَوْ ضَرَّاءَ، أَوْ شِدَّة أَوْ رَخَاء، أَوْ عَافِيَة أَوْ بَلاء، أَوْ بُؤْس أَوْ نَعْمَاءَ، أَوْ جِدَة أَوْ لأوَاءَ، أَوْ فَقْر أَوْ غِنىً. أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَاجْعَلْ ثَنائِي عَلَيْكَ وَمَدْحِي إيَّاكَ وَحَمْدِي لَكَ فِي كُلِّ حَالاَتِي حَتَّى لاَ أَفْرَحَ بِمَا آتَيْتَنِي مِنَ الدُّنْيَا، وَلاَ أَحْـزَنَ عَلَى مَا مَنَعْتَنِي فِيهَا، وَأَشْعِرْ قَلْبِي تَقْوَاكَ، وَاسْتَعْمِلْ بَدَنِي فِيْمَا تَقْبَلُهُ مِنِّي، وَاشْغَلْ بِطَاعَتِكَ نَفْسِي عَنْ كُلِّ مَايَرِدُ عَلَىَّ حَتَّى لاَ اُحِبَّ شَيْئَاً مِنْ سُخْطِكَ، وَلا أَسْخَطَ شَيْئـاً مِنْ رِضَـاكَ.أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَفَرِّغْ قَلْبِي لِمَحَبَّتِكَ ، وَاشْغَلْهُ بِذِكْرِكَ، وَانْعَشْهُ بِخَوْفِكَ ، وَبِالْوَجَلِ مِنْكَ، وَقَوِّهِ بِالرَّغْبَةِ إلَيْكَ، وَأَمِلْهُ إلَى طَاعَتِكَ، وَأَجْرِ بِهِ فِي أَحَبِّ السُّبُلِ إلَيْكَ،وَذَلِّلْهُ بِالرَّغْبَةِ فِيمَا عِنْدَكَ أَيَّامَ حَيَاتِي كُلِّهَا، وَاجْعَلْ تَقْوَاكَ مِنَ الدُّنْيَا زَادِي، وَإلَى رَحْمَتِكَ
رِحْلَتِي، وَفِي مَرْضَاتِكَ مَدْخَلِي. وَاجْعَلْ فِي جَنَّتِكَ مَثْوَايَ، وَهَبْ لِي قُوَّةً أَحْتَمِلُ بِهَا جَمِيعَ مَرْضَاتِكَ، وَاجْعَلْ فِرَارِي إلَيْكَ، وَرَغْبَتِي فِيمَا عِنْدَكَ، وَأَلْبِسْ قَلْبِي الْوَحْشَةَ مِنْ شِرارِ خَلْقِكَ. وَهَبْ لِي الأُنْسَ بِكَ وَبِأَوْلِيَـآئِكَ وَأَهْلِ طَاعَتِكَ، وَلاَ تَجْعَلْ لِـفَاجِـر وَلا كَافِر عَلَيَّ مِنَّةً، وَلاَ لَـهُ عِنْدِي يَداً، وَلا بِي إلَيْهِمْ حَاجَةً، بَل اجْعَـلْ سُكُـونَ قَلْبِي وَاُنْسَ نَفْسِي وَاسْتِغْنَـائِي وَكِفَايَتِي بِكَ وَبِخِيَـارِ خَلْقِكَ. أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَاجْعَلْنِي لَهُمْ قَـرِيناً، وَاجْعَلْنِي لَهُمْ نَصِيْراً، وَامْنُنْ عَلَيَّ بِشَوْق إلَيْكَ، وَبِالْعَمَلِ لَكَ بِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى إنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ، وَذَلِكَ عَلَيْكَ يَسِيرٌ . أتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون .
غدا يوم الذكرى السنوية لاستشهاد الامام الهادي (عليه السلام)فيحسن جدا ان لا ننسى بعض مآثره وفواضله في هذه الجمعة اذكر لكم الان حادثة اشخاصه الى سامراء مع شيء من التحليل ، سامراء التي بقي فيها إلى ان قتل مظلوما مسموما وفيها مدفنه، ومدفن ولده الامام الحسن العسكري (عليهما السلام)وغيبة حفيده الإمام المهدي (عليه السلام) وشى عبد الله بن محمد، الذي كان يتولى الحرب والصلاة بمدينة الرسول المنورة،وشى بالأمام الهادي (عليه السلام)وكان يقصده بالأذى( رجل ناصبي ووالي على المدينة من قبل الدولة العباسية )فبلغ الإمام (عليه السلام) خبر وشايته فكتب إلى المتوكل العباسي يذكرتحامل عبد الله بن محمد عليه وكذبه فيما سعى به فنرى كيف ان عبد الله بن محمد هذايمثل خط الدولة يومئذ من الفزع من نشاط الإمام (عليه السلام) وتصرفاته وكيف وصل به الحال إلى ان يرسل إلى المتوكل العباسي(الذي كان في ذلك الحين عصر خلافته)يوصل الى المتوكل العباسي بخبره بعنوان كونه حريصا على مصالح الدولة ومنتبها إلى مواطن الخطر بها ومتقربا إلى الدولة بذلك. كما نرى الحال باستمرار على ذلك ولعله التفت إلى بعض النشاطات المهمة التي كان يقوم بها الإمام (عليه السلام) بعيدا عن اعين الدولة والسلطات فأوجس منها خيفة حدت به إلى هذه الوشاية الا ان المتوكل العباسي كان يعلم بكل وضوح عدم امكان الحصول على اي مستند ضد الإمام (عليه السلام) فان الائمة المعصومين (عليهم السلام) كان لهم اساليب من الرمزية والاخفاء يمكنهم من خلالها وبتأييد من الله سبحانه القيام بجملة من جلائل الاعمال بدون ان يعرف احد، - كما تدل عليه سياقات كثيرة من الروايات ولعل اهم اساليب الاخفاء هو تصديه إلى تكذيب الخبر الذي وشى به عبد الله بن محمد برسالة يرسلها إلى المتوكل العباسي نفسه يكذب فيها التهمة وينفي عن نفسه صفة التآمر ضد الدولة فإن نشاطه (هو صادق فيما يقول طبعا) فان نشاطه كان مقتصرا في الدفاع عن مواليه وقواعده الشعبية وشيعته وتدبير امورهم الدينية والدنيوية وليس له ضد الدولة اي عمل باعتباره غير مجدي ومخالف للحكمة والمصلحة في ذلك الحين وان كان قد اوجب عمله توهم عبد الله بن محمد بذلك والمتوكل العباسي هو من عرفه الجميع بموقفه المتزمت ضد الإمام (عليه السلام) وكل من يمت اليه بنسب أو عقيدة لاحظوا وهو الذي قام بأمر حرث قبر الحسين (عليه السلام) وتسليط الماء عليه- لأجل اخفاءه بعنوان جعله مزرعة اعتيادية غير ان الله سبحانه وتعالى كشف تلك المؤامرة النجسة حيث ان الماء حينما وصل إلى قرب قبر الحسين (عليه السلام)، حار ودار حوله ولم يدخل فيه ولم يغطه وبقيت منطقة في الوسط جافة وسمي من ذلك الحين بالحائر الحسيني واصبح مشمولا لحكم معين في الشريعة-وهو جواز الصلاة تماما للمسافر في تلك المنطقة وهذا يفتون به والى الان وهذا الحال ـ لاحظوا سبحان الله ـ وهذا الحال موجود إلى الان بالنسبة إلى المياه الباطنية وتستطيعون ان تسألوا اهل المعرفة والاختصاص فان المياه الباطنية بالرغم لاحظوا- بالرغم من سيطرتها على منطقة كربلاء كلها لاتصل إلى قبر الحسين ولا إلى قبر العباس (عليهما السلام) بل نجد ان منطقة القبر جافة تماما ومن الممكن التأكد من ذلك اذن ماذا نتوقع ان يكون موقف المتوكل العباسي من الإمام الهادي (عليه السلام) ومن كل من ينتمي اليه من نسب أو سبب الا شيء من هذا القبيل طبعا وما كان استقدامه واشخاصه(الامام) إلى سامراء الا تطبيقا لمؤامرة قديمة طبقت من قبل الخلفاء العباسيين السابقين عليه على جملة من المعصومين السابقين اشهرها تطبيق المأمون العباسي لنفس الفكرة على الإمام الرضا (عليه السلام) حيث استقدمه إلى بلدته التي كان يسكن فيها وجعل له دارا إلى جنب داره وكان بين الدارين باب يمكن للخليفة نفسه ان يدخله في اية لحظة من ليل أو نهار، يمكن للخليفة نفسه ان يدخله في اية لحظة من ليل أو نهاروكل ذلك للتقليل من نشاط الإمام (عليه السلام)وفصله عن قواعده الشعبية ومواليه وجعله تحت الرقابة المكثفة ليس من قبل الجلاوزة والموظفين فقط، بل من قبل الخليفة نفسه بعنوان المزيد من الصداقة والصلة وإنا لله وإنا اليه راجعون كل ما في الامر من الفرق ان المأمون كان في خراسان فاستدعى الامام الرضا عليه السلام) الى خراسان ايضا لوشاية لحقت به من قبل بعض النواصب المتزلفين للدولة حينئذ فكذلك الحال في الامام الهادي (عليه السلام) من حيث ان الوشاية هي نفسها او بمنزلتها غير ان البلدة كانت خراسان والان هي سامراء- وكلاهما (سلام الله عليهما) بقيا في البلدة بقية حياتهما الى ان قتلا مظلومين ودفنا في نفس تلك البلدة فأصبحت بذلك خراسان عتبة مقدسة مباركة وجليلة كما اصبحت سامراء عتبة مقدسة مباركة وجليلة مع فرق واحد وهو ان المعصوم المدفون في خراسان واحد والمعصوم المدفون في سامراء اثنين ومن هنا اكتسبت منطقة وسط العراق وجنوبه اهمية دينية عالية جدا لأنها مسكن ومدفن لسبع من الائمة المعصومين (عليهم السلام) هم امير المؤمنين (عليه السلام) والحسين (عليه السلام) والكاظم والجواد (عليهما السلام) والهادي والعسكري (عليهما السلام) .
ومحل غيبة الامام المهدي (سلام الله عليه وعجل الله فرجه) وهو فخر للمنطقة لم تنله اية منطقة في العالم كله بل لعله في الكون كله فاذا اضفنا الى ذلك ان هذه المنطقة عموما والكوفة خصوصا لاحظوا والكوفة خصوصا هي منطقة الحكم الرئيسي والمباشر لاثنين من المعصومين المبسوطي اليد والمتمكنين اجتماعيا وهما الامام امير المؤمنين في الماضي والامام المهدي في المستقبل اذن نعرف الفضل للمنطقة التي تسكنون فيها، والتي نسكن فيها ونعرف النعمة من الله سبحانه في انه جعلنا بها، وجعل الحوزة الشريفة فيها فينبغي من هذه الناحية ان نكون على مستوى المسؤولية من طاعة الله سبحانه وتعالى واداء حق المعصومين (عليهم السلام مهما كان ) وعلى اية حاليرسل المتوكل العباسي الى الامام جواب رسالته بكل لباقة وتلطف ظاهري من حيث ان الرسالة تحتوي على اجلاله واعظام منزلته ويعترف بها المتوكل ببراءة الامام (عليه السلام) من التهم وبصدق نيته ويوعز فيها بعزل عبد الله بن محمد عن منصبه بالمدينة ويدّعي المتوكل العباسي في الرسالة الاشتياق الى الامام-ويدعوه ان يشخص الى سامراء مع من اختار من اهل بيته ومواليه وهذا الطلب وان صاغه المتوكل بصيغة الرجاء الا انه هو الالزام بعينه فان الامام (عليه السلام) ان لم يذهب حيث امره يكون قد اثبت تلك التهمة على نفسه واعلن العصيان ضد الخلافة وبالاصطلاح الحديث ضد الدولةوكلاهما مما لا تقتضيه سياسة الامام (عليه السلام) وقناعته في ذلك الحين واما عام سفره فهذا قد ذكر في الارشاد للشيخ المفيد (قدس الله روحه الزكية)، ان الرسالة مؤرخة بجمادي الاخرة سنة ثلاث واربعين ومائتين للهجرة طبعا واعطى المتوكل رسالته هذه الى احد صنائعه وموظفيه يحيى بن هرثمة ليسلمها الى الامام (عليه السلام) في المدينة المنورة يسافر من سامراء الى المدينة المنورة ليسلم هذه الرسالة وامره باستقدامه الى سامراء فاسمعه يقول في روايته للحادثة: فلما صرت اليها (يعني المدينة المنورة) ضج اهلها وعجوا ضجيجا وعجيجا ما سمعت مثله فجعلت اسكّتهم واحلف لهم اني لم اؤمر به بمكروه وفتشت بيته فلم اجد فيه الا مصحفا ودعاءً وما اشبه ذلك لاحظ (هذا الشوق والاشتياق الذي يدعيه مع انه منضم الى قضية تفتيش البيت)عداوة صريحة فنعرف من ذلك مدى اخلاص اهل المدينة المنورة لأمامهم {علية السلام}وحرصهم الشديد عليهومدى تأثيره الحسن فيهمولم يكن هذا الضجيج الكبير منهم الا لمعرفتهم بوضوح سوء نية السلطات تجاه الإماموابتغائها الدوائر ضده فكان تأسفهم وتأوههم ناشئا من امرين حسب فهمنا :
الامر الاول :
انقطاعهم عن الامام وفراقهم له أذا تركهم وذهب الى سامراء وحرمانهم بالتالي من ارشاداته والطافه ونشاطه الاسلامي البناء وهذا ما اراده المتوكل فعلا وقد حصل بالفعل بسفر الامام (عليه السلام) فانه لم يعد الى المدينة المنورة بعد ذلك اطلاقا الى ان توفي
الامر الثاني :
مخافتهم (يعني أهل المدينة) مخافتهم على حياته لاحتمال قتله عند وصوله الى العاصمة العباسية وهذا هو الذي فهمه يحيى بن هرثمة من الضجيج وحاول ان لا يفهم غيره اي معنى آخر فحلف لهم انه لم يؤمر فيه بمكروه اي بقتل ولم يثن الضجيج هذا الرجل الجلواز عن غرضه السياسي بالتجسس ففتش دار الامام (عليه السلام) بالمقدار الذي حلى له وليس له دين ولا ورع لان ذلك يكون من تصرفه بأموال غيره بدون رضاه اذن فمن الاول هي خطوة واضحة للعداوة فلم يجد فيه اية وثيقة تدل على التمرد او الخروج عن النظام العباسي وبذلك يكون المتوكل قد فقد اي مستمسك يؤيد ما سمعه عنه او خاف منه (واستطاع الامام ان يحافظ على الكتمان وعلى السلبية الظاهرية )وخرج الامام الهادي (عليه السلام) مصاحبا لولده الامام العسكري (عليه السلام) وهو صبي طبعا، وعائلته ايضا معه مع ابن هرثمة متوجها الى سامراءوحاول ابن هرثمة في الطريق اكرام الامام واحسان عشرته وكان يرى منه الكرامات والحجج التي تدل على توليه طرف الحق وهذا فيه روايات ولكن انا اختصارا حذفتهاوتوضح لهذا الرجل الجلواز جريمته بإزعاج الامام وزعزعته والتجسس عليه وجريمة من امره بذلك ايضا ويمر الركب ببغداد من المدينة الى بغداد الى سامراء يمر ببغداد في طريقه الى سامراء فيقابل ابن هرثمة والي بغداد لان الخلافة كانت قد انتقلت الى سامراء من في بغداد؟ فيضعون واليا على بغداد وإلا فإن العاصمة الرئيسية آنذاك هي سامراء- فيقابل ابن هرثمة واليها اي الوالي الذي على بغداد وهو يومئذ اسحاق بن ابراهيم الطاهري وهو بمقتضى منصبه محل الثقة الكبرى من قبل المتوكل بحيث جعله واليا على عاصمته الثانية وقائما مقامه فيها فنرى اسحاق الطاهري يوصي ابن هرثمة بالأمام مستوثقاً من حياته قائلا له: يا يحيى تعلم ان هذا الرجل قد ولده رسول الله (صلى الله عليه واله) والمتوكل من تعلم وان حرضته على قتله كان رسول الله (صلى الله عليه واله) خصمك فيجيبه يحيى بن هرثمة- والله ما وقفت له الا على كل امر جميل ونحن حين نسمع هذا الحوار بين هذين الرجلين الذين يمثلان السلطات نفسها ويعيشان على موائدها نعرف كم وصل الحقد والتمرد على النظام القائم يومئذوكيف انه تجاوز القواعد الشعبية الى الطبقة العليا الخاصة من الحكام مواضع ثقة الخليفة، ومنفذي امره ايضا يحقدون عليه ويعرفون حقيقته كما نعرف مدى اتساع الذكر الحسن والصدى الجميل لأفعال الامام (عليه السلام) واقواله بين جميع الطبقات حتى طبقة الحكام انفسهم وماذا يستطيع والي بغداد من موقعه الرسمي ان يقول اكثر مما قال (يا يحيى ان هذا الرجل قد ولده رسول الله (صلى الله عليه واله) والمتوكل من تعلم وان حرضته على قتله، كان رسول الله خصمك ( اي يوم القيامة طبعا وواضح ان قوله (والمتوكل من تعلم) اختصار لتفاصيل كثيرة مطمورة في النفوس- من المظالم العظيمة للمجتمع
قد ارادها المتوكل واسلافه للناس والحقد المتزايد على خط المعصومين (عليهم السلام) ومواليه مو حين يصل الركب الى سامراء يبدأ ابن هرثمة بمقابلة وصيف التركي وهو احد القواد الاتراك المنتفعين بالوضع القائم ويبدو انه اعظمهم واشهرهم والاتراك في ذلك الحين كانوا هم المسيطرون على المجتمع- الى حد يستطيعون ان يعزلوا الخليفة، وينصبوا غيره، ويناقشوه في اعماله حتى قال الشاعر وهي ابيات معروفة الى حد ما : خليفة في قفص بين وصيف وبغى يقول ما قالا له كما تقول الببغاء ويظهر من التاريخ، ان وصيفا هذا كان هو ألأمر رسميا على ابن هرثمة ومن هنا جعل مروره عليه بمجرد وصوله من السفر وقال له وصيف: وصيف يقول لابن هرثمة والله لئن سقطت من شعر هذا الرجل شعرة، لا يكون المطالب بها غيري يقول ابن هرثمة: فعجبت من قولهما من حيث انه لم يكن متوقعا لذلك، من معرفتهما للأمام في الجملة، وحرصهما على حياته بالرغم من مواقعهما العليا في الدولة وهذه النماذج موجودة في الدول في كثير من الازمان والاجيال ان لم تكن هي الاكثر من حيث تعلم الدولة او لا تعلم ومن حيث تريد او لا تريد يقول: وعرّفت المتوكل ما وقفت عليه وسمعته من الثناء عليه فاحسن جائزته واظهر بره وتكرمته وقد عرفنا فيما سبق ان هذا الكرم الحاتمي على الامام لم يكن من اجل حفظ حق الامام (عليه السلام) وانما كان تغطية للمنهج السياسي الذي يريد المتوكل اتّباعه وهو عزل الامام (عليه السلام)عن نشاطه وقواعده الشعبية والحذر مما قد يصدر منه من قول او فعل .
بسم الله الرحمن الرحيم
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّـهِ وَالْفَتْحُ ﴿١﴾ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّـهِ أَفْوَاجًا ﴿٢﴾ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴿٣﴾
صدق الله العلي العظيم

الجمعة الثامنة والعشرون \ الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
أللَّهُمَّ يَا مَنْ لا يَصِفُهُ نَعْتُ الْوَاصِفِينَ ، وَيَا مَنْ لاَ يُجَاوِزُهُ رَجَاءُ الرَّاجِينَ ، وَيَا مَنْ لاَ ضِيعُ لَدَيْهِ أَجْرُ الْمُحْسِنِينَ، وَيَا مَنْ هُوَ مُنْتَهَى خَوْفِ الْعَابِدِيْنَ، وَيَا مَنْ هُوَ غَايَةُ خَشْيَةِ الْمُتَّقِينَ. هَذا مَقَامُ مَنْ تَدَاوَلَتْهُ أَيْدِي الذُّنُوبِ ، وَقَادَتْهُ أَزِمَّةُ الْخَطَايَا ، وَاسْتَحْوَذَ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ، فَقَصَّرَ عَمَّا أَمَرْتَ بِهِ تَفْرِيطَاً، وَتَعَاطى مَا نَهَيْتَ عَنْهُ تَعْزِيراً، كَالْجاهِلِ بِقُدْرَتِكَ عَلَيْهِ، أَوْ كَالْمُنْكِرِ فَضْلَ إحْسَانِكَ إلَيْهِ، حَتَّى إذَا انْفَتَحَ لَهُ بَصَرُ الْهُدَى، وَتَقَشَّعَتْ عَنْهُ سَحَائِبُ الْعَمَى أَحْصَى مَا ظَلَمَ بِهِ نَفْسَهُ، وَفَكَّرَ فِيمَا خَالَفَ بِهِ رَبَّهُ، فَرَأى كَبِيْرَ صْيَانِهِ كَبِيْراً، وَجَلِيل مُخالفَتِهِ جَلِيْلاً، فَأَقْبَلَ نَحْوَكَ مُؤَمِّلاً لَكَ، مُسْتَحْيِيَاً مِنْكَ، وَوَجَّهَ رَغْبَتَهُ إلَيْكَ ثِقَةً بِكَ، فَأَمَّكَ بِطَمَعِهِ يَقِيناً، وَقَصَدَكَ بِخَوْفِهِ إخْلاَصَاً، قَدْ خَلاَ طَمَعُهُ مِنْ كُلِّ مَطْمُوع فِيهِ غَيْرِكَ، وَأَفْرَخَ رَوْعُهُ مِنْ كُلِّ مَحْذُور مِنْهُ سِوَاكَ، فَمَثَّلَ بَيْنَ يَدَيْـكَ مُتَضَرِّعـاً، وَغَمَّضَ بَصَرَهُ إلَى الأرْضِ مُتَخَشِّعَاً، وَطَأطَأَ رَأسَهُ لِعِزَّتِكَ مُتَذَلِّلاً، وَأَبَثَّكَ مِنْ سِرِّهِ مَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُ خَضُوعاً، وَعَدَّدَ مِنْ ذُنُوبِهِ مَا أَنْتَ أَحْصَى لَهَا خُشُوعاً وَاسْتَغَاثَ بِكَ مِنْ عَظِيمِ مَاوَقَعَ بِهِ فِي عِلْمِكَ وَقَبِيحِ مَا فَضَحَهُ فِي حُكْمِكَ مِنْ ذُنُوب أدْبَرَتْ لَذَّاتُهَا فَذَهَبَتْ، وَأَقَامَتْ تَبِعَاتُهَا فَلَزِمَتْ، لا يُنْكِرُ يَا إلهِي عَدْلَكَ إنْ عَاقَبْتَهُ، وَلا يَسْتَعْظِمُ عَفْوَكَ إنْ عَفَوْتَ عَنْهُ وَرَحِمْتَهُ; لأِنَّكَ الرَّبُّ الْكَرِيمُ الَّذِي لا يَتَعَاظَمُهُ غُفْرَانُ الذَّنْبِ الْعَظِيم. أَللَّهُمَّ فَهَا أَنَا ذَا قَدْ جئْتُكَ مُطِيعاً لاِمْرِكَ فِيمَا أَمَرْتَ بِهِ مِنَ الدُّعَاءِ، مَتَنَجِّزاً وَعْدَكَ فِيمَا وَعَدْتَ بِهِ مِنَ الإجَابَةِ إذْ تَقُولُ (اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ). أللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَالْقَنِي بِمَغْفِـرَتِكَ كَمَا لَقِيتُكَ بِإقْرَارِي وَارْفَعْنِي عَنْ مَصَارعِ الذُّنُوبِ كَمَا وَضَعْتُ لَكَ نَفْسِي وَاسْتُرْنِي بِسِتْرِكَ كَمَا تَأَنَّيْتَنِي عَنِ الانْتِقَامِ مِنِّي. أللَّهُمَّ وَثَبِّتْ فِي طَاعَتِكَ نِيَّتِيْ، وَأَحْكِمْ فِي عِبَادَتِكَ بَصِيـرَتِي، وَوَفِّقْنِي مِنَ الأَعْمَالِ لِمَا تَغْسِلُ بِهِ دَنَسَ الخَطَايَا عَنِّي، وَتَوَفَّنِي عَلَى مِلَّتِكَ وَمِلَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّد عَلَيْهِ السَّـلامُ إذَا تَوَفَّيْتَنِي.
أتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون .
لاحظوا لو كان المتوكل العباسي الناصبي يريد حقا اكرام الامام الهادي (عليه السلام) واحترامه لما كان هذا عمله.

اولا:
لتركه في المدينة المنورة يمارس عمله الاعتيادي مهما كانت نتائجه.
ثانيا:
انه حين استقدامه إلى سامراء يخرج لاستقباله استقبالا رسميا ـ لو صح التعبير بصفته الزعيم الرئيسي والاكبر لطائفة معتد بها من المسلمين، ولم يفعل
ثالثا:
انه حين استقدمه إلى سامراء ولم يخرج لاستقباله فلا اقل ان يبادر بالأمر لإدخاله عليه والترحيب به، ولم يفعل وانما امر ان يحجب عنه الإمام يوما كاملا-زيادة في الاذلال والتنكيل.-
رابعا:
انه حين استقدمه إلى سامراء ولم يستقبله فلا اقل انه كان اعد له مكانا يأوي اليه ودارا معتدا بها يكون فيها واسرته، ولم يفعل بل تركه في الشارع زيادة في الاذلال والتنكيل ولجأ الإمام (عليه السلام) إلى مكان متواضع جدا يدعى بخان الصعاليك، -فقام فيه يومه- هو واسرته طبعا وليس وحده -وفي الروايات ما يدل على ان الدولة هي التي اجبرته وانزلته فيه ويدل من اسمه خان الصعاليك-على انه بناء فيه غرف ينزل فيه الصعاليك، وهو جمع صعلوك، وهو الفقير المفلوك الذي لا يجد بيتا ولا اسرة ولا طعاما ولا شرابا وهم اقل الناس قدرا من الناحية الاجتماعية ما علينا من الناحية الاخروية فقد جعلت الدولة الإمام (عليه السلام) مع امثال هؤلاء زيادة له في الاذلال التنكيل خذ مثلا اليك احد فضلاء الحوزة، او احد التجار، او احد المراجع ينزل مثل هذا المنزل الان او غدا ما كو فرق-فهل يصير هذا ؟ سبحان الله - ومر عليه وهو في هذا الخان-احد محبيه ومقدري فضله، صالح بن سعيد فاحزنه حال الامام (عليه السلام)، فقال له :- جعلت فداك في كل الامور ارادوا اطفاء نورك والتقصير بك-حتى انزلوك في هذا الخان الاشنع خان الصعاليك.-ويسمع الامام (عليه السلام) ما قال فيجيب،-وكأنه قد التفت اليه بعد استغراق تفكير وانشغال بال، وقال له: هاهنا انت يا بن سعيد ثم يريد الامام (عليه السلام) ان يفهم هذا المشفق بان الحالة الدنيوية وان كانت قد وصلت به نتيجة للظلم والغدر الى هذا الحد المنحدر، الا ان ذلك مما يرفعه عند الله قدرا ويزيده جهادا، ويضيف الى فضائله فضيلة فهو لم يخسر شيئا، وانما الامة الاسلامية هي التي خسرت وانه يعيش في الحقيقة في الانوار الروحية واللذائذ العلمية والنفحات القدسية، فكأنه في رياض الجنان قال صالح بن سعيد كما في الرواية :- ثم اومأ بيده (طبعا الامام عليه السلام) فاذا بروضات انيقات وانهار جاريات، وجنات فيها خيرات عطرات، وولدان كأنهم اللؤلؤ المكنون واطيار وظباء وانهار تفور، فحار بصري، وكثر تعجبي، فقال لي عليه افضل الصلاة والسلام : حيث كنا فهذا لنا ، وفي رواية اخرى حيث كنا فهذا لنا عتيد يا بن سعيد نحن هنا لسنا في خان الصعاليك وقد علق الشيخ المجلسي في البحار الجزء الخمسين صفحة 133على هذه الرواية بقوله: لما قصر علم السائل وفهمه عن ادراكاللذات الروحانية، ودرجاتهم المعنوية وتوهم ان هذه الامور (يعني السكنى في خان الصعاليك) مما يحط من منزلتهم ولم يعلم ان تلك الاحوال مما يضاعف منازلهم ودرجاتهم الحقيقية، ولذاتهم الروحانية وانهم اجتنبوا لذات الدنيا ونعيمها وكان نظره (يعني السائل) مقصورا على اللذات الدنية الفانية اراه الامام (عليه السلام) ذلك لأنه كان مبلغه من العلم كما يقول تعالى (ذلك مبلغهم من العلم) قال اي المجلسي : (واما كيفية رؤيته لها، فهي محجوبة عنا. والخوض فيها لا يهمنا لكن خطر لنا بقدر فهمنا وجوه وهي ذكرها اربعة) اذكر لكم الان اثنين من اهمها في الحقيقة الثالث والرابع :
الوجه الاول :
وهو الثالث بحسب تقسيمه، انه اراه صورة اللذات الروحانية التي معهم دائمابما يوافق فهمه فانه كان (اي هذا الرجل) فانه كان في منام طويل وغفلة عظيمة عن درجات العارفين ولذاتهم اراها له كما يرى النائم العلم بصورة الماء الصافي واللبن اليقق والمال بصورة الحية وامثالها وهذا على مذاق الحكماء والمتألهين اقول : على هذا فهو كشف صوري برزخي تنزلي اما كونه صوريا فلأنه مرأي بالبصر، او هو صورة تراها العين واما كونه برزخيا، فلأنه دون العالم الاعلى الحقيقي المليء بالحقائق والانوار، والمستغني عن كل هذه اللذات واما كونه تنزليا فلأن الحكماء قالوا ان الفرد اذا بلغ الى درجة عليا من درجات اليقين، بحيث يستطيع بها ان يرى الحقيقة على حالها الاصلي فهو المطلوب وان لم يستطع ذلك فقد يكشفها الله له في المنام او في اليقظة على شكل صور من هذا القبيل وهي المناسبة لحاله وفهمه وثانيا هي مناسبة مع الحقيقة التي تعبر عنها فيرى العلم بحرا، والرحمة مطرا، والعدو افعى، وهلم جراالوجه الثاني : مما قاله الشيخ المجلسي في البحار قال :
ما حققته في بعض المواضع وملخصه : ان النشئات مختلفة والحواس في ادراكها متفاوتة كما ان النبي كان يرى جبرئيل (عليه السلام)، وسائر الملائكة والصحابة لم يكونوا يرونهم وامير المؤمنين (عليه السلام) كان يرى الارواح في وادي السلام وحبه العرني وغيره لا يرونهم وفيها رواية انه خرج مع حبة العرني فقال له : لو رأيتهم حلق كذا وكذا يتكلمون وهذا معناه ان امير المؤمنين يراهم يتكلمون الا ان حبة العرني لم يرهم طبعا فيمكن ان تكون جميع هذه الامور في جميع الاوقات حاضرة عندهم (يعني المعصومون عليهم السلام) ويرونها ويتلذذون بها-. لكن لما كانت اجساما لطيفة روحانية ملكوتية لم يكن سائر الخلق يرونها فقوى الله بصر السائل باعجازه (عليه السلام) اي بتسبيب من الامام الهادي (عليه السلام) حتى رأها اقول :- فيكون الفرق بين هذا الوجه وسابقه،-هو ان هذه الصورة التي راها هذا الرجل صورة خيالية مؤقتة تزول بزوال شعوره بها طبقا للوجه الاول ولكنها صورة ثابتة وحقيقية ومستمرة لعالم من عوالم الخلق طبقا للوجه الثاني ولا نريد التعمق في ذلك لكي لا نتجاوز الاسرار الالهية وانما فقط اريد التعليق على ما قاله المجلسي في نقطتين:-
النقطة الاولى :
ان ظاهر كلامه (رحمة الله عليه) وهو المشهور أيضاً ان من مفاخر النبي (صلى الله عليه واله) انه يرى جبرئيل ويسمعه ويتلقى منه القرآن وهذا أمر وان كان عظيما جدا، الا ان النبي (صلى الله عليه واله بحقيقته وروحه العليا اعلى حتى من هذه المرتبة لأننا حين نعتبره خير الخلق على الاطلاق واول الموجودات على الاطلاق واقربها الى الله على الاطلاق اذن فهو خير من جبرئيل ومن القرآن فلا يكون من مفاخره رؤيتهما والعلم بهما نعم هي من صفاته، ولكن ذلك بالنسبة اليه امر بسيط ومفروغ الوجود.
النقطة الثانية :
ان ظاهر كلام المجلسي، وهو المرتكز ايضا في اذهان المتشرعة ان مثل هذه الكشوفات البسيطة نسبيا خاصة بالمعصومين وانا اعتقد ان في ذلك تنزيل من شأنهم وليس اعلاء لحقهم اليس سمعنا قبل قليل ان من يرى الحقائقفهو مستغني عن رؤية صورها التنزلية وانما تكون هذه الصور لمن يعجز عن نيل تلك الحقائق العليا ومن المعلوم ان المعصومين (عليهم السلام اولى واحق من يرى تلك الحقائق والمدارك الجبروتية) ومعه يكونون مستغنين عن هذه الكشوف الصورية وانما يحصل ذلك لطبقة اقل من الاولياء والصالحين، باعتبار ان هذا هو المناسب لهم، ومدرك علمهم، ومبلغ علمهم على اية حال. كما ان ظاهر كلام المجلسي (عليه الرحمة) وكذلك اعتقاد طبقة من المتشرعة ان المعصومين (عليهم السلام) يتلذذون بهذه الصور المكشوفة وانها هي باقية عندهم باستمرار لأجل ان يتلذذوا بها وهذا الكلام مؤسف بطبيعة الحال.-فانه وان صدق في بعض المتقين والصالحين، لا يمكن ان يصدق على المعصومين بحال:
اولا:
لما عرفناه من انهم مطلعون على الحقائق العليا النورانية رأسا وبكل صراحة ووضوح.- اذن فهم لا يعولون على هذه الصور ولا يحتاجونها بل تكون بالنسبة اليهم حجابا عن المعرفة وقطعا للطريق وحاشاهم .
ثانيا:
انه في المستوى العالي جدا من درجات اليقين لا يكون الالتذاذ الا بالله وذكره وطاعته والالتذاذ بهذه الامور، انما هيإلتذاذ بالمخلوق دون الخالق.- وهو من الشرك الخفي وحا شاهم عنه.-ومن هنا ورد : (الاخرة حرام على اهل الدنيا والدنيا حرام على اهل الاخرة والدنيا والاخرة حرام على اهل الله) والمعصومون اولى البشر اجمعين، بل الخلق اجمعين ان يكونوا من اهل الله سبحانه وتعالى يكفينا في ذلك كمثال بسيط ان سكينة بنت الحسين (عليه السلام خطبها الى ابيها خاطب) ، فقال له ما مضمونه :-انها لا تصلح للزواج-لأنها مستغرقة في الله سبحانه وما ذلك أنا أقول وما ذلك الا لأنها تربية ابيها الحسين (سلام الله عليه) وجدها امير المؤمنين (سلام الله عليه)، فكيف بالمعصومين انفسهم ؟!
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ﴿١﴾اللَّـهُ الصَّمَدُ﴿٢﴾لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴿٣﴾وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴿٤﴾
صدق الله العلي العظيم

ابو علي 22-03-2012 12:55 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة التاسعة والعشرون \ 9 رجب 1419 هـ
الخطبة الأولى
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد وآله أجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
يَا مَنْ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ أَنْبَآءُ الْمُتَظَلِّمِينَ وَيَا مَنْ لاَ يَحْتَاجُ فِي قِصَصِهِمْ إلَى شَهَادَاتِ الشَّاهِدِينَ وَيَا مَنْ قَرُبَتْ نُصْرَتُهُ مِنَ الْمَظْلُومِينَ وَيَا مَنْ بَعُدَ عَوْنُهُ عَنِ الظَّالِمِينَ قَدْ عَلِمْتَ يَا إلهِي مَا نالَنِي مِنْ [فُلاَنِ أبْنِ فُلاَن] مِمَّا حَظَرْتَ وَانْتَهَكَهُ مِنّي مِمَّا حَجَزْتَ عَلَيْهِ بَطَراً فِي نِعْمَتِكَ عِنْدَهُ وَاغْتِرَاراً بِنَكِيرِكَ عَلَيْهِ فَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَخُذْ ظَالِمِي وَعَدُوِّي عَنْ ظُلْمِي بِقُوَّتِكَ وَافْلُلْ حَدَّهُ عَنِّي بِقُدْرَتِكَ وَاجْعَلْ لَهُ شُغْلاً فِيَما يَلِيهِ وَعَجْزاً عَمَّا يُناوِيْهِ أللَّهُمَّ وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَلاَ تُسَوِّغْ لَهُ ظُلْمِي وَأَحْسِنْ عَلَيْـهِ عَوْنِي، وَاعْصِمْنِي مِنْ مِثْـلِ أَفْعَالِهِ، وَلا تَجْعَلْنِي فِي مِثْلِ حَالِهِ. أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَأَعِدْنِي عَلَيْهِ عَدْوى حَاضِرَةً تَكُونُ مِنْ غَيْظِي بِهِ شِفَاءً، وَمِنْ حَنَقِي عَلَيْهِ وَفَاءً. أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَعَوِّضْنِي مِنْ ظُلْمِهِ لِي عَفْوَكَ، وَأَبْدِلْنِي بِسُوْءِ صنِيعِهِ بِيْ رَحْمَتَكَ، فَكُلُّ مَكْرُوه جَلَلٌ دُونَ سَخَطِكَ، وَكُلُّ مُرْزِئَةٍ سَوَاءٌ مَعَ مَوْجِدَتِكَ. أللَّهُمَّ فَكَمَا كَـرَّهْتَ إلَيَّ أَنْ أَظْلِمَ فَقِنِي مِنْ أَنْ أُظْلَمَ. أللَّهُمَّ لاَ أَشْكُو إلَى أَحَد سِوَاكَ، وَلاَ أَسْتَعِينُ بِحَاكِم غَيْرِكَ حَاشَاكَ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَصِلْ دُعَائِي بِالإِجَابَةِ، وَأَقْرِنْ شِكَايَتِي بِالتَّغْيِيرِ. أَللَّهُمَّ لا تَفْتِنِّي بِالْقُنُوطِ مِنْ إنْصَافِكَ، وَلاَ تَفْتِنْـهُ بِالأَمْنِ مِنْ إنْكَارِكَ، فَيُصِرَّ عَلَى ظُلْمِي وَيُحَاضِرَنِي بِحَقِّيْ وَعَرِّفْهُ عَمَّا قَلِيْل مَا أَوْعَدْتَ الظَّالِمِينَ، وَعَرِّفْنِي مَا وَعَدْتَ مِنْ إجَابَةِ الْمُضْطَرِّينَ. أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَوَفِّقْنِي لِقَبُولِ مَا قَضَيْتَ لِيْ وَعَليَّ، وَرَضِّنِيْ بِمَا أَخَذْتَ لي وَمِنِّي وَاهْـدِنِي لِلَّتِيْ هِي أَقْوَمُ وَاسْتَعْمِلْنِي بِمَا هُوَ أَسْلَمُ. أللَّهُمَّ وَإنْ كَانَتِ الْخِيَرَةُ لِيْ عِنْدَكَ فِي تَأْخِيرِ الأَخْذِ لِي وَتَرْكِ الانْتِقَامِ مِمَّنْ ظَلَمَنِيْ إلَى يَوْمِ الْفَصْلِ وَمَجْمَعِ الْخَصْمِ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ ، وَأَيِّدْنِي مِنْكَ بِنِيَّة صَادِقَة وَصَبْر دَائِم، وَأَعِذْنِي مِنْ سُوءِ الرَّغْبَةِ، وَهَلَعِ أَهْلِ الْحِرْصِ، وَصَوِّرْ فِي قَلْبِي مِثَالَ مَا ادَّخَـرْتَ لِي مِنْ ثَوَابِـكَ، وَأَعْدَدْتَ لِخَصْمِي مِنْ جَزَائِكَ وَعِقَابِكَ ، وَاجْعَلْ ذَلِكَ سَبَباً لِقَنَاعَتِي بِمَا قَضَيْتَ ، وَثِقَتِي بِمَا تَخَيَّرْتَ، آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ، إنَّكَ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ .
اللهم صل على المصطفى محمد والمرتضى علي والزهراء فاطمة والمجتبى الحسن والشهيد الحسين والسجاد علي والباقر محمد والصادق جعفر والكاظم موسى والرضا علي والجواد محمد والهادي علي والعسكري الحسن والمهدي المنتظر (عجل الله فرجه ) أئمتي وسادتي وقادتي بهم أتولى ومن أعدائهم أتبرء في الدنيا والآخرة اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون .
نستمر في ذكر بعض الاهداف التي بدأنا بذكرها في الجمعة السابقة مما سعى اليه الامام الهادي (سلام الله عليه) وهو موقفه من غيبة حفيده محمد بن الحسن بن علي الحجة المهدي المنتظر (عجل الله فرجه) وذلك ،ان هذه الغيبة باتت قريبة نسبيا (في زمانه طبعا) ولابد من تحضير الذهنية العامة لدى قواعده الشعبية ومواليه لذلك (اي لفكرة الغيب)لأجل تقبل فكرة الغيبة عموما لآنها اذا جاءت بشكل فجائي فانه يسبب انكار المجتمع لها، واستبعاده اياها ومن ثم قد يوجب ارتداد الكثير من الناس عن المذهب الحقواما مع التمهيد والتبليغ والتعويد للناس فان امثال هذه النتائج الوخيمة ستكون غير متحققة وكان موقفه من ذلك بالمقدار الذي نستطيع ادراكه يتلخص بأمرين :
الامر الاول:
التبشير بوجوده ووروده وظهوره غير ان هذا التبشير والتبليغ كان خاصا بموالي الامام المعتقدين به ومقتصرا على اصحابه، ولم يكن يعم الاخرين لانهم لم يكونوا يؤمنون بتسلسل خط الائمة الاثنى عشر (عليهم السلام) اذن فيكون تبليغهم بذلك تبليغا بلا موضوع ويلاحظ في تبليغ الامام الهادي (عليه السلام) ضمناً ، التخطيط لحماية الحجة المهدي (سلام الله عليه) عند غيبته فنرى لاحظوا- فنرى ان كلام الامام حوله محاط بهالة من القدسية والغموض ومشفوع في التأكيد المتزايد على انه لا يحل لاحد ذكر اسمه وذلك توصلا الى عدم تسربه الى الجهاز الحاكم اذا وقع الاسم وقع الطلب: كما ورد في الرواية وقد وردت عن الامام الهادي (عليه السلام) بهذا الصدد عدة احاديث نقتصر على بعضها، فمن ذلك قوله في كلام له: (ومن بعد الحسن ابني فكيف للناس بالخلف من بعده) قال الراوي: فقلت: وكيف ذلك يا مولاي ؟ قال: (لأنه لا يرى شخصه ولا يحل ذكر اسمه حتى يخرج فيملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا) ومن غامض قوله (عليه السلام) في ذلك: (اذا رفع علمكم من بين اظهركم فتوقعوا الفرج من تحت اقدامكم) والمفهوم من رفع العلم حصول الغيبة ومن توقع الفرج حصول الظهور بطبيعة الحال وكذلك قوله (عليه السلام): (فأنّى لكم بالخلف بعد الخلف) والخلف للأمام الهادي هو الامام الذي بعده وهو الامام العسكري (عليه السلام) والخلف بعد الخلف هو الامام الذي بعد العسكري وهو الحجة المهدي (سلام الله عليه) .
الامر الثاني:
هو اتخاذ الامام الهادي (عليه السلام) مسلك التخفي والابتعاد عن المجتمع تمهيدا للغيبة التي ستحصل لحفيده المهدي (سلام الله عليه) لما قلناه انتبه لي شوية لما قلناه من ان حصولها المفاجئ مما يسبب ارباكا وتشكيكا في العقيدة فلابد من التدرج النسبي في التخفي بحيث يراه الناس ويعهده المجتمع التخفي طبعا ويرى في الامكان (المجتمع) الاستفادة من الامام المعصوم بدون حصول رؤيته مباشرة وهذا هو التخطيط الذي بدأه الامام الهادي (عليه السلام) واتمه وركز عليه الامام العسكري (عليه السلام) ثم تم وجوده حقيقة وعلى الوجه الكامل بيد الامام المهدي (سلام الله عليه) ومن هنا نرى ان هذا التخطيط قد مرّ بأربعة مراحل:
المرحلة الاولى:
تلك التي بداها الامام الهادي (عليه السلام) قبل ما كان الأئمة يفكرون هكذا التخطيط بدء بالإمام الهادي (عليه السلام)بحكمة من الله طبعا تلك المرحلة التي بداها الامام الهادي (عليه السلام)كما ذكرنا الان حيث انه بدا بالتخفي الجزئي او القليل والابتعاد عن المجتمع تدريجا
المرحلة الثانية:
ما حصل من الامام العسكري (عليه السلام) بعد ابيه حينما تحمل المسؤولية بعد ابيه من التخفي والابتعاد، ولكن بشكل اكثر من ابيه حتى انه كان لا يدخل عليه الا بعض خاصة اصحابه ولا يتصل بشيعته مباشرة وانما يتصل بهم عن طريق المراسلة وهذا ما تدل عليه روايات عديدة
المرحلة الثالثة:
الغيبة الصغرى التي بداها الامام المهدي (عليه السلام )بعد ابيه مباشرة وهي تتمثل بزيادة في التخفي عن الامامين السابقين فكان بحيث لا يراه احد الا حسب المصلحة الاكيدة والضرورية والغالب انها لمجرد اثبات وجوده (سلام الله عليه) ضد المشككين طبعا وتتميز هذه المرحلة بنصب السفراء او الوكلاء الاربعة معروفة اسماؤهم ( عثمان بن سعيد عليه الرحمة - ومحمد بن عثمان عليه الرحمة - والحسين بن روح عليـه الرحمـة ــ وعـلي بن محمد السمري رحمة الله عليه ) وهذا معناه انه لا يراه بالتزام وفي كل وقت او في اي وقت الا واحد هو السفير الموجود منهم في زمانه وفي ذلك الحين وفي ذلك الوقت
المرحلة الرابعة:
الغيبة الكبرى التي ارادها الله تعالى وتسبب لها المهدي نفسه بقطع سلسلة السفراء بالحديث الوارد عنه الى السفير الرابع ( رحمة الله عليه) وهي الفترة التي نعيشها في هذه الايام وفي هذا الدهر كله الى ان يأمر الله سبحانه وتعالى بالظهور اللهم عجل فرجه وسهل مخرجه واجعلنا من اصحابه وانصاره انك على كل شيء قدير واهدنا بهداه وارزقنا رضاه) هذه الغيبة التي بداها سلام عليه بقطع سلسله السفراء بالحديث الوارد عنه الى السفير الرابع ( رحمة الله عليه) ونصه: بسم الله الرحمن الرحيم ( يا علي بن محمد السمري عظم الله اجر اخوانك فيك فانك ميت ما بينك وبين ستة ايام فاجمع امرك ولا توصي الى احد فيقوم مقامك بعد وفاتك فقد وقعت الغيبة التامة فلا ظهور الا بأذن الله تعالى ذكره وذلك بعد طول الامد وقسوة القلوب وامتلاء الارض جورا وسياتي لشيعتي من يدعي المشاهدة الا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيموبهذا نجد ان هذه المراحل متدرجة في التخفي والابتعاد عن المجتمع وان الغيبة الكبرى التي نعيشها الان قد خطط لها المعصومون (عليهم السلام)بثلاثة مراحل مقدمة لها حتى ان الغيبة الصغرى تعتبر من هذه الناحية مقدمة للغيبة الكبرى لأجل استساغة الناس لها، وحسن تلقيهم اياها وعدم حصول المضاعفات بمفاجئتهم بها فنرى الامام المهدي (عليه السلام) قد ركز واكد في هذا البيان على عدة امور- :

الامر الاول :
اخباره بموت الشيخ السمري السفير الرابع (رحمة الله عليه) في غضون ستة ايام وهو من الاخبار بالغيب الذي نقول بإمكان حصوله للإمام عليه السلام ( بتعليم من الله ورسوله ولم يشك احد يومئذ في صدق هذا الخبروقد غدى عليه اصحابه بعد ستة ايام فوجوده محتضرا يجود بنفسه وهذا موجود في النقل التاريخي والروايات
الامر الثاني :
نهي الامام المهدي (سلام الله عليه) اياه (اي للسمري) عن ان يوصي الى احد ليقوم مقامه، او يطلع بمهام السفارة بعد وفاته وبذلك يكون هو (اي السمري) آخر السفراء ولا سفير بعده ويكون خط السفارة قد انقطع ويكون عهد الغيبة الصغرى قد انتهى .
الامر الثالث :
انه لا ظهور الا بأذن الله تعالى ذكره وهذا معناه الاغماض في تاريخ الظهور وايكال علمه الى الله وحده، وارتباطه بأذنه جل جلال ، (ولا يظهر على غيبه احدا)ولهذا الاغماض عدة فوائد، اهمها اثنان:
الفائدة الاولى :
بقاء قواعده الشعبية ومواليه منتظرة له في كل حين متوقعة ظهوره في اي يوم وهذا الشعور اذا وجد لدى الفرد، فانه يحمله على السلوك الصالح وتقويم النفس، ودراسة واقعه المعاش، ومعرفة تفاصيل دينه جهد الامكان ليحظى في لحظة الظهور بالزلفى لدى المهدي (عليه السلام) والقرب منه ولا يكون من المغضوب عليهم لديه والمبعدين عن شرف ساحته بل ان الفرد ليشعر وهو في حالة انتظار امامه في اي يوم ،ان انحرافه وفسقه قد يؤدي به الى الهلاك والابتعاد كليا عن العدل الاسلامي العظيم الذي يسود العالم يومئذ تحت قيادة الامام المهدي (سلام الله عليه) فان الامام المهدي (عليه السلام)، بعد ظهوره سيكون حديا في تطبيق العدل الاسلامي وسيذيق كل منحرف عقائديا او سلوكيا اشد الوبال فانه لا مكان للانحراف في مجتمع العدل المطلق كما ورد في بعض الروايات انه يضع السيف يقتل هرجا لا يرحم احدا) وفي رواية اخرى انه يقتل حتى يقال انه ليس من اولاد فاطمة لو كان من اولاد فاطمة لرحم) .
الفائدة الثانية :
للإغماض في موعد ظهوره حماية المهدي (عليه السلام) من اعدائه بعد ظهوره او عند ظهوره فان الاغماض في التاريخ يوفر محض المفاجئة والمباغتة للعدو على حين غرة وهذا من اقوى عناصر النصر واسبابه وان لم يكن هو اهمها واقواها على الاطلاق حيث توجد هناك عناصر اقوى منه على حين لو كان الموعد معينا لكان بالإمكان تماما للأعداء ان يجمعوا امرهم ويهيئوا اسلحتهم قبيل الموعد المحدد حتى ما اذا آن موعد الظهور قاتلوه واستأصلوه قبل ان يفهم به الناس، ويجتمع حوله الاعوان والاخوان وبذلك تفشل حركته فشلا ذرعا. وحاشا لله من ذلك بطبيعة الحال
لا يفرق في ذلك في اعداء المهدي (عليه السلام) بين من يعتقد بظهوره وبين من لا يعتقد فان الموعد لو كان محددا طيلة هذا الزمان لكان امرا مشهورا ولأوجد في اذهان الاعداء احتمالا على الاقل بظهوره وهو مساوق مع احتمال استئصال الاعداء واجتثاثهم وهذا الاحتمال بنفسه يكفي للتألب عليه واعلان التعبئة العامة وحالة الطوارئ باللغة الحديث ضد الامام المهدي (عليه السلام)والآن ،لاحظوا ـ والظاهر انكم تعلمون بذلك ولكن هذا محل بيانه يوجد من الاخبار ما يكفي من ان امريكا قد اسست منذ عدة سنوات، ربما عشرة سنين ما يسمى بقوات التدخل السريع تحسبا لظهور المهدي (عليه السلام) وليس لشيء آخر كما انها افتعلت لاحظوا - كما انها افتعلت حرب الخليج لأجل ان تملء بالبوارج الحربية تحسبا لظهور المهدي (عليه السلام) كما ان من الاكيد ان له في البنتاغون ملفا كاملا وضخما عن اخباره التي تستطيع امريكا جمعها حتى قالوا انه يفتقر فقط الى الصورة الشخصية له، وطبعا هي مفقودة ولا شك ايضا انها تأخذه بنظر الاعتبار في كومبيوتراتها السياسية كأحد اهم المحتملات للتغير الاجتماعي الممكن حصوله في الشرق المسلم طبعا، مع التعتيم التام على كل هذه الامو وعلى اي حال فيكون من الحكمة الالهية اخفاء موعد ظهور المهدي وبقاء الموعد غامضا مجهولا منوطا بأذن الله سبحانه وتعالى
الامر الرابع :
الاشارة في التوقيع الشريف الى ان امد الغيبة (الامر الرابع مما هو موجود بالتوقيع الذي صدر إلى السمري) الاشارة في التوقيع الشريف الى ان امد الغيبة التامة الكبرى سوف يكون طويلا ومديدا وانما ينص المهدي على ذلك حسب فهمنا ليجعل الفرد المؤمن مسبوقا ذهنيا بطول الغيبة ومتوقعا لتماديها في الزمان فلا يأخذه اليأس ولا يتلبسه الشك مهما طالت او تمادت وان اصبحت الاف السنين او الملايينفانه ما دام المؤمن عارفا بانها ستطولوانها منوطة بأذن الله عز وجل عند تحقق المصلحة للظهور وتهيأ البشرية لتلقي الدعوة الاسلامية الكبرى فان الفرد يعرف عند تأخر الظهور ان المصلحة بعد لم تتحقق لاحظوا لم تتحقق وان الاذن الالهي لم يصدر وهذا السبق الذهني( يعني احتمال طول المدة)، لا ينافي باي حال، حال الانتظار وتوقع الظهور في كل يوم وكل شهر وكل عام فان طول الامد الموعود به في كلام المهدي (عليه السلام) لفظ عام ينطبق على السنين القليلة والسنين الطويلة والكثيرة على حد سواء بل لو كان الامام المهدي (عليه السلام) قد ظهر بعد الغيبة الصغرى بقليل لكان قد ظهر بعد طول الامد لان السبعين عاما (التي هي طول الغيبة الصغرى تقريبا- مع الشعور بالظلم وحالة الانتظار،- (لان السبعين عاما تكون امدا طويلا بحسب الجو النفسي للفرد والمجتمع لا محالة هذا فضلا عما اذا تأخر الامام المهدي (عليه السلام) في ظهوره عشرات السنين او مئات السنين او الالاف فان طول الامد يكون قد تحقق بأوضح صوره واصعب انحائه ومعه يكون الفرد متوقعا لانتهاء هذا الامد الطويل في كل ساعة وفي كل يوم ولصدور الاذن الالهي بالظهور
الامر الخامس :
مما يشير اليه الامام (عليه السلام) بالتوقيع الشريف الاشارة الى قسوة القلوب (بيت القصيد) والمراد به ضعف الدافع الإيماني، وقلة الشعور بالمسؤولية والمشارفة على الانحراف، او الوقوع في الانحراف فعلا بل سقوط افراد او اغلب افراد المجتمع فيه ولربما اكثر المجتمعات فيه وذلك لان الفرد يواجه امتحانا الهيا صعبا خلال الغيبة الكبرى من جهات ثلاثة يكون واجبا عليه امام الله ان يخرج منه ناجحا ظافرا في رضا الله سبحانه وتعالى والخروج منه ليس بأكل التمن والقيمة فالخروج منه بنجاح يحتاج الى عمق في الايمان والاخلاص والارادة لا يتوفر الا في القليل من الناس
الجهة الاولى :
موقف الفرد تجاه شهوات نفسه ونوازعه الغريزية التي تتطلب الاشباع باي شكل من الاشكال وكما قالوا: ان الغرائز لا عقل لها فعلى الفرد ان يلاحظ ذلك فيكفكف من غلواء شهواته ويوزعها بعقله وايمانه عن الحرام الى الحلال
الجهة الثانية :
موقف الفرد تجاه الضغط الخارجي الذي يعيشه وما يتطلبه من تضحيات في سبيل دينه وايمانه ضد الفقر والمرض والسلاح والحرج الاجتماعي ونحو ذلك،من المصاعب التي تصادف الفرد في طريقه الإيماني الطويل فان كان الفرد شاعرا بالمسؤولية، قوي الارادة استطاع تذليل هذه الصعوبة والتضحية في سبيل الايمان بقوة الارادة وارادة الله سبحانه واما إذا كان ضعيف الارادة وغير شاعر بالمسؤولية فانه سوف يعطي الدنيّة من نفسه بقليل أو بكثير ويتعرض للانحراف في كثير من مناطق طريقه الطويل
الجهة الثالثة :
موقف الفرد المؤمن تجاه الاعتقاد بوجود امامه الغائب وقائده المحتجب (سلام الله عليه) فانه بعد ان عرفه بالدليل القطعي لا ينبغي ان تثبطه الشكوك ولا ان تزعزعه الاوهام ولا ان يؤثر في زحزحة اعتقاده طول الامد وفي الحديث ما مضمونه (ان الله علم ان اوليائه لا يشكون ولو علم انهم يشكون لما غيب عنهم وليه طرفة عين وعلى اية حال فاذا كان الفرد ناجحا من سائر الجهات في الدين واليقين كان من الأقلين عددا المرتفعين شأنا الواعين لدينهم وسوف لن يبتلي بقسوة القلب التي اشار لها المهدي (عليه السلام) في بيانه وكلامه تلك القسوة التي يبتلي بها الاكثرون الذين لا يكونون على المستوى المطلوب من الاخلاص والايمانالامر السادس : مما هو مبين في التوقيع الشريف ،الاشارة في التوقيع الشريف الى امتلاء الارض جورا وفيه تطبيق واضح للكلام النبوي الشريف حسب الرواية المستفيضة، بل المتواترة المنقولة عن النبي (صلى الله عليه واله) ما مضمونه : ان الامام المهدي يظهر فيملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا وهو الحديث المستفيض الذي رواه عدد من علماء الاسلام والمحدثين العظاممن مختلف المذاهب وليس في مذهبنا فقط
الامر السابع : اثبات حدوث السفياني والصيحة وهو امر يحصل التنبؤ به قبيل ظهور الامام (عليه السلام) بصفتهما احدى العلامات القريبة وان كانت كثير من هذه الامور هذالأجل سبقكم الذهني وانتباهكم والتفاتكم وان كانت كثير من هذه الامور قابلة لتعلق البداء بها في الحقيقة الذي نؤمن بإمكانه لله عز وجل مثلا يظهر الامام والسفياني لا يظهر او يظهر الامام ولا توجد صيحة او لا يوجد خسففهذا ممكن بداء من الله سبحانه والسفياني موصوف في الاخبار تفصيلا وليس هنا محل ذكره كما ان الصيحة مذكورة في الاخبار، ما هي الصيحة ؟ هي النداء من قبل جبرائيل الامين (سلام الله عليه) باسمه واسم ابيه وانه قد حصل ظهوره ووجب اتباعه ليأخذ له المؤمنون اهبتهم ويتوجهوا الى نصرته وفي بعض الروايات انه نداء لاحظوا-انه نداء يسمعه كل اهل لغة بلغتهم وفي بعضها ما مضمونه انه من الوضوح والارتفاع بحيث يفزع الناس ويخرج العذراء من خدرها حيث يكون الظهور لدى وقوعه
صريحا واضحا علنيا تدعمه المعجزة وتؤيده الارادة الالهية لا يستطيع المؤمنون التخلف عنه ولا يطيق الاعداء دحره وافشاله
بسم الله الرحمن الرحيم
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴿١﴾ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ﴿٢﴾ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ﴿٣﴾ وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى ﴿٤﴾ فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ﴿٥﴾ سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَى ﴿٦﴾ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّـهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى ﴿٧﴾ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى ﴿٨﴾ فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى ﴿٩﴾ سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى ﴿١٠﴾ وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى ﴿١١﴾ الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى ﴿١٢﴾ ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى ﴿١٣﴾ قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى ﴿١٤﴾ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴿١٥﴾ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴿١٦﴾ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴿١٧﴾ إِنَّ هَـذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى ﴿١٨﴾ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ﴿١٩﴾ صدق الله العلي العظيم

الجمعة التاسعة والعشرون \ الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم

إلهِي : لا تُشْمِتْ بِي عَدُوِّي ، وَلاَ تَفْجَعْ بِي حَمِيمِي وَصَدِيقِيإلهي : هَبْ لِي لَحْظَةً مِنْ لَحَظاتِكَ ، تَكْشِفُ عَنِّي مَا ابْتَلَيْتَنِي بِهِ ، وَتُعِيدُنِي إلَى أَحْسَنِ عَادَاتِكَ عِنْدِي ، وَاسْتَجِبْ دُعَائِي وَدُعَاءَ مَنْ أَخْلَصَ لَكَ دُعآءَهُ ، فَقَدْ ضَعُفَتْ قُوَّتِي ، وَقَلَّتْ حِيلَتِي ، وَاشْتَدَّتْ حَالِي ، وَأَيِسْتُ مِمَّا عِنْدَ خَلْقِكَ ، فَلَمْ يَبْقَ لِي إلاَّ رَجآؤُكَ عَلَيَّ .
إلهِي : إنَّ قُدْرَتَكَ عَلَى كَشْفِ مَا أَنَا فِيهِ ، كُقُدْرَتِكَ عَلى مَا ابْتَلَيْتَنِي بِهِ ، وَإنَّ ذِكْرَ عَوآئِدِكَ يُونِسُنِي ، وَالرَّجآءُ فِي إنْعَامِكَ وَفَضْلِكَ يُقَوِّينِي ; لاَِنِّي لَمْ أَخْلُ مِنْ نِعْمَتِكَ مُنْذُ خَلَقْتَنِي . وَأَنْتَ إلهِي : مَفْزَعِي وَمَلْجَأي ، وَالْحَافِظُ لِي وَالذَّآبُّ عَنِّي ، الْمُتَحَنِّنُ عَلَيَّ ، الرَّحِيمُ بِيَ ، الْمُتَكَفِّلُ بِرِزْقِي ، فِي قَضآئِكَ كَان ما حَلَّ بِي ، وَبِعِلْمِكَ مَا صِرْتُ إلَيْهِ .
فَاجْعَلْ يا وَلِيِّي وَسَيِّدِي : فِيما قَدَّرْتَ وَقَضَيْتَ عَلَيَّ ، وَحَتَمْتَ عافِيَتِي ، وَما فِيهِ صَلاَحِي وَخَلاصِي مِمَّا أَنَا فِيهِ ; فَإنِّي لا أَرْجُو لِدَفْعِ ذلِكَ غَيْرَكَ ، وَلا أَعْتَمِدُ فِيهِ إلاَّ عَلَيْكَ ، فَكُنْ يا ذَا الْجَلاَلِ وَالاِكْرَامِ ، عِنْدَ أَحْسَنِ ظَنِّي بِكَ ، وَارْحَمْ ضَعْفِي وَقِلَّةَ حِيلَتِي ، وَاكْشِفْ كُرْبَتِي ، وَاسْتَجِبْ دَعْوَتِي ، وَأَقِلْنِي عَثْرَتِي ، وَامْنُنْ عَلَيَّ بِذلِكَ ، وَعَلى كُلِّ داع لَكَ. أَمَرْتَنِي يا سَيِّدِي: بِالدُّعآءِ ، وَتَكَفَّلْتَ بِالاجابَةِ ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ الَّذِي لا خُلْفَ فِيهِ وَلا تَبْدِيلَ .
فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد نَبِيِّكَ وَعَبْدِكَ، وَعَلَى الطَّاهِرِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ، وَأَغِثْنِي ; فَإنَّكَ غِياثُ مَنْ لا غِيَاثَ لَهُ ، وَحِرْزُ مَنْ لا حِرْزَ لَهُ ، وَأَنَا الْمُضْطَرُّ الَّذِي أَوْجَبْتَ إجابَتَهُ ، وَكَشْفَ ما بِهِ مِنَ السُّوءِ ؛ فَأَجِبْنِي ، وَاكْشِفْ هَمِّي ، وَفَرِّجْ غَمِّي ، وَأَعِدْ حالِي إلى أَحْسَنِ ما كانَتْ عَلَيْهِ ، وَلا تُجازِنِي بِالاسْتِحْقاقِ ، وَلكِنْ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْء يا ذَا الْجَلالِ وَالاِكْرامِ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَاسْمَعْ وَأَجِبْ يا عَزِيزُ . جل جلالك وعمّ أفضالك ودام مجدك ولا إلاه غيرك ، لا إلاه إلا أنت سبحانك أني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك نُنجي المؤمنين أتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون
لاحظوا بدقة – انكم تسمعون مني في كل جمعة تقريبا وفي هذه الجمعة ايضا، وفي كل جمعة مكرراشيء لا تفهموه، اوالمظنون ان اكثركم لم يفهموه وهي قوله تعالىاتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون) وهي اية كريمة واقعة في سياق قرآني للنصائح والمواعظ، وكل القرآن نصائح ومواعظ ونصائح القرآن دائما مؤثرة وصحيحة فنسمع الان بعضا من هذا السياق اقرأ لكم جملة من الآيات مع محاولة فهمها والالتفات والانتباه الى مضامينها بطبيعة الحال قال تعالى:
(قل يا اهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن )
(تبغونها عوجا وانتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون)
يا ايها الذين آمنوا ان تطيعوا فريقا من الذين اوتوا الكتابيردوكم بعد ايمانكم كافرين )
وكيف تكفرون وانتم تتلى عليكم آيات اللهوفيكم رسوله- صل الله عليه وعلى اله
ومن يعتصم بالله فقد هدي الى صراط مستقيم
يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته
(هذه الآية) يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون –واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا-واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم اعداء فالف بين قلوبكم-فأصبحتم بنعمته اخوانا-وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها –كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون-ولتكن منكم امة يدعون الى الخير- ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر –و اولئك هم المفلحون-ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفواـ من بعد ما جاءهم البينات -و اولئك لهم عذاب عظيم –يوم تبيض وجوه وتسود وجوه-فأما الذين اسودت وجوههم اكفرتم بعد ايمانكم-فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون-واما الذين ابيضت وجوههم – ففي رحمة الله هم فيها خالدون-تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق-

وما الله يريد ظلما للعالمين)ويمكن شرح الفقرة التي نتحدث عنها-وهي قوله تعالى: ((اتقوا الله حق تقاته -ولا تموتن الا وانتم مسلمون)-في عدة خطوات:
الخطوة الاولى :
انها وقعت في خطاب الذين امنوا لأنه تعالى قال: ((يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته -ولا تموتن الا وانتم مسلمون) لوضوح ان من لم يكن من الذين امنوا لا يناسب ان تطلب منه التقوى وانما يطلب منه ان يكون اولا من الذين امنوا فاذا كان منهم، كانت التقوى منه مطلوبة لان الايمان درجات ولا يمكن ان يطلب من الفرد درجتين او اكثر فوراوانما تطلب بالتدريج طبعا تطلب الاسبق ثم التي بعدها ثم التي بعدها وهكذا وفي الحديث ما مضمونه القريب (ان الاسلام عشر درجات اقصاها الايمان والايمان عشر درجات اعلاها التقوى والتقوى عشر درجات اعلاها اليقين والناس تمسكوا من الاسلام باقل درجاته) وهي هذه الفضيحة ومن هذا الحديث، يتضح ان درجات التقوى بعد درجات الايمان مباشرة ودرجات الايمان بعد درجات الاسلام مباشرة ومن هنا صح ان يكلف بالتقوى او يخاطب بها المؤمنون خاصة دون من كان اقل منهم
الخطوة الثانية:
ان التقوى اصلها اللغوي من اتقاء الشر وفي حدود فهمي اعطيك اطروحة بسيطة
ان الشر الذي يتقيه الإنسان، ان كان شرا دنيويا فهو التقية قال الله تعالى: الا ان تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه) وان كان شرا اخروياً فهو التقوى اذن التقية في الشر الدنيوي والتقوى في الشر الأخروي وان كان شرا اخروياً فهو التقوى اي اتقاء غضب الله جل جلاله وعقابه بالاختصار على الطاعة وترك المعاصي والصبر على البلاء والرضا بالقضاء
الخطوة الثالثة:
انني وجدت حسب اطلاعي القاصر ان اعظم من وعد بالأجر والثواب والمقامات العالية في القران الكريم هو عنوانين و مجموعتين من الناس المتقون والصابرون ونتحدث الان عن المتقين وليس عن الصابرين قال تعالى وتزودوا فان خير الزاد التقوى) وقال: (والعاقبة للمتقين) وقالوالعاقبة للتقوى) (والله ولي المتقين) (وازلفت الجنة للمتقين)وقال: (ان للمتقين مفازا ) وقال: (واتقوا الله واعلموا ان الله مع المتقين) وقال: (وان للمتقين لحسن مآبحتى انه من الممكن القول ان النجاة الحقيقية والعاقبة الحقيقية، انما هي للمتقين ومالم يصل الفرد الى درجات التقوى تبقى نفسه غير صافية واخرته غير صافية ومن ثم لا يكون (في مقعد صدق عند مليك مقتدر)
الخطوة الرابعة :
اننا اذا فسرنا التقوى لاحظوا-اننا اذا فسرنا التقوى على انها اتقاء المحرمات واتقاء العذاب الأخروي الناتج منها اذن لا يبقى بينها وبين الورع اي فرق لان الورع هو اتقاء المحرمات والتقوى هي ايضا
اتقاء المحرمات اذن لا فرق بين الورع والتقوى وفي الحديث: (لا دين لمن لا ورع له)
وفي الحقيقة لا دين لمن لا ورع له لان الذي تراه يستهين بالمعاصي ويرتكبها فهو انما يستهين بأمر الله سبحانه وتعالى كما انه يستهين بحقوق الاخرين طبعا ومن يكون كذلك فهو لا دين له حتى لو شهد ان لا اله الا اللهوان محمدا رسول الله وان عليا ولي الله ( والذي ما يرضى يلبس الباب) لأنه لو كان له دين ولو كان يشعر بأهمية دينه- لحجزه عن معاصي الله سبحانهولحصل لديه الورع عن المحرمات فمن لا ورع له لا دين له حقيقة نقسم على هذا المصحف الشريف المهم ان الورع هو ترك المحرمات والتحاشي عنها والحذر منها فاذا فسرنا التقوى بذلك ايضا لم يبق فرق بين الورع والتقوى وانا اشعر ان المتشرعة ليس لديهم اطروحة واضحة للفرق بين الورع والتقوى بالرغم من انهم يشعرون بارتكازهم بوجود فرق بينهما وان التقوى هي بلا شك اعلى مرتبة من الورع ولكن بأي شيء تختلف وبأي شيء تتصف فهذا مجهول عندهم
الخطوة الخامسة :
ان احسن ما يمكن بيانه كفرق بين التقوى والورع ان الورع هو ترك المحرمات واما التقوى فهي ترك الشبهات او قل ترك موارد الشبهات فاذا كان الفرد شاعرا بالمسؤولية تجاه الله تعالى بحيث يكون مجتنباً لموارد الشبهات وكل ما يحتمل ان يكون فيه حرمة، او جرأة على الله سبحانه فانه يتركه من اجل رضاء الله سبحانه وتعالى والقرب له ونيل الزلفى لديه، فهو متقي . كما ورد في الدين ما مضمونه: (الامور ثلاثة) (مسبوقين بها ولكن تتناسوها حبيبي) امر بَيّن رشده فيتبع وامر بَيّن غيه فيجتنب (لا تقترب من الاجرب فتجرب) وامر بَيّن غيه فيجتنب وشبهات بين ذلك فمن اقتحم في الشبهات كاد ان يقع في المحرمات (كول لا !) واما اذا لم يقتحم في الشبهات ووقف عندهاواحتاط لنفسه فيها فهو المطلوب وعندئذ سيكون من المتقين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنونوهذا معناه ان المؤمن يمنع نفسه على مستويين وليس على مستوى واحد
اولا:
المحرمات الواضحة الفردية والاجتماعية وكذلك الباطنية والظاهرية كسوء النية والوسواس والاعتداء، واي شيء آخر من المحرمات وهذا معنى قوله .(امر بين غيه فيجتنب)
ثانيا:
ان الفرد يترك كل ما هو محتمل ان يكون كذلك من الافعال والاقوال ولا يحاول المشي في هذا الطريق المشبوه مهما امكنه وانما يقتصر فقط على الطريق الواضح لرضاء الله سبحانه وتعالى ونيل ثوابه وهو معنى قوله: (امر بين رشده فيتبع) اي الطريق الواضح الذي يوصل الى رضاء الله سبحانه وهذا هو ايضا فرقه عن الورع فان الورع هو ترك ما احرز الفرد كونه حراما وما علم الفرد كون حرامادون ان يترك الشبهات فيكون ورعا ولو بعنوان ان الشبهات مما لم تثبت حرمتها وكل ما لم يثبت حرمته فهو جائزبأصالة البراءة عن الحرمة ونحو ذلك وهذا صحيح فقهيا الا انه هذا النحو من السلوك والافعال، لا يصل به الى درجة التقوى ما لم يقف عند الشبهة، ويتجنب كل ما يحتمل ان يكون سببا لغضب الله سبحانه وتعالى . بقيت خطوة بسيطة ولكن من الواضح في هذه الدرجة من التفكير ان احتمال السوء ينبغي ان يكون واضحا او معتدا به لكي يتجنبه بالرغم من جريان اصالة البراءة في نفيه واما اذا كان احتمال السوء ضعيفا مرجوحا جاز له عمله مع وجود اصالة البراءة في نفيه
الخطوة السادسة :
أننا الان وان عرفنا معنى الورع، ومعنى التقوى الا اننا لم نصل الى معنى العبارة لأنه تعالى يقول
(اتقوا الله حق تقاته) وقد عرفنا اصل التقوى ولم نعرف معنى كونها حق التقوى مع الالتفات الى ان قوله((اتقوا الله حق تقاته)) امر-والامر ظاهر في الوجوب والمخاطب به هو الذين آمنوا وان شاء الله كلنا من الذين آمنوا فماذا ستكون النتيجة ؟ يكون من الواجب على الذين آمنوا ان يتقوا الله حق تقاته فان قلت ان نيل درجة الورع وان كانت واجبة فقهيا لأنها تعني الورع عن المحرمات الا ان نيل درجة التقوى مستحبة فضلا عن حق التقوى او التقوى الحقة التي تأمر بها الاية ولا يحتمل فيها الوجوب قلنا نعم. هكذا الامر في الفقه لان الفقهاء يأخذون بنظر الاعتبار فقط ان لا يكون المسلم ممن يستحق العقاب فان لم يستحقه كان من الناجحين وهذا يكفي وما عليهم من درجات الكمال الاخرى في حين ان القرآن الكريم يتكفل ذلك لا محالة وكل توجيهاته نصائح لأجل نيل الكمال البشري الحقيقي النوراني اذن فمن المستطاع القول بحمل هذه الآية على الوجوب اخلاقيا او قل هي اشتراط لزومي بنحو الحكم الوضعي او الاثر الوضعي للتكامل اي لا يكون التكامل الا هكذا بمعنى ان من لم يصل الى التقوى لم يستطع التكامل الى حق التقوى طبعا لأنها درجة بعدها واكبر منها بطبيعة الحال
الخطوة السابعة :
انه يمكن تفسير حق التقوى بتفسيرين:
التفسير الاول :
الدقة في تطبيق التقوى وعدم محاولة التغافل والاهمال في اي شيء اذا كان من الشبهات بحيث يحاول الفرد ان لا يكون فيه نسيان او اشتباه او تسامح مهما كان يحاول على اية حال بمقدار ما هو متيسر فهو ليس بمعصوم . وعندئذ ستكون تقواه حقا وليست شكلية فقط، او معمقة وليست ضحلة
التفسير الثاني :
ان التقوى ما دامت هي اجتناب الشبهات كما فسرناها وحللناها وقلنا قبل قليل ان الفرد المؤمن انما يجب ان يجتنب الشبهات الواضحة الراجحة دون غيرها وهذا كاف على مستوى التقوى الا ان الفرد اذا اراد ان يصل الى مرتبة حق التقوى فعليه ان يجتنب كل الشبهات وان ضعف احتمالها ما لم يحصل الاطمئنان بالصحة ورضا الله سبحانه وتعالى فيكون له ان يفعل والا لم يجز له العمل والاقتحام وهذا معناه أولا الدقة والتوسع في الملاحظة والاجتناب ومحاولة اكتساب رضاء الله سبحانه ومن هنا قال اهل المعرفة بانعدام المباح للمؤمن الحق وكذلك ما سبق ان سمعناه من (ان الدنيا حرام على اهل الاخرة) يعني الدنيا بكل تفاصيلها وكذلك قولهم (الدنيا والاخرة حرام على اهل الله سبحانه وتعالى)
الخطوة الثامنة :
انه تعالى قال: ((اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون)) فما معنى مسلمون هنا ؟ مع الالتفات الى ان المخاطب به هو الذين آمنوا يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاتهولا تموتن الا وانتم مسلمون والذين آمنوا هم مؤمنين ومسلمين فيخاطبون بالإسلام لماذا ؟ فلو كان المراد به اصل الاسلام

اي الدخول في الدين الاسلامي لم يصح لان ذلك مطلوب من الكفار لا من المؤمنين ونحن نعرف ان كل مؤمن مسلم فاذا كان مؤمنا ومسلما فهو حاصل على الاسلام فلا معنى لطلبه منه وكذلك مع الالتفات الى ان هذا المعنى من الاسلام في الآية قد جاء بعد طلب التقوى الحقة قال: (واتقوا الله حق تقاته ) ثم (ولا تموتن الا وانتم مسلمون) اذن فهو يمثل مرحلة اعلى من ذلك كله وهو امر طويل المدى لا يأتي في ساعة او ساعتين او يوم او يومين وانما يأتي في طول السنين وبالتدريج البطيء ولذا قال تعالى: (ولا تموتن الا وانتم مسلمون) واحسن تفسير ممكن لذلك هو التضحية في سبيل هذه النتائج واسلام النفس اي تسليم النفس والعقل والجسم لها بحيث لا يعيش في غيرها ولا يفكر في سواها وهذه تضحية كبيرة في سبيل الله كما قال في الحكمة: (ما ترك الحق لي من صديق) بل الامر اكثر من ذلك لان الفرد يشعر بوضوح ان عدوه موجود عنده وباستمرار متمثلا في نفسه الامارة بالسوء اذن ما ترك الحق لي من صديق حتى نفسي.(كول لا !) كما قال في الحكمة: (اجعل نفسك عدوا تحاربه) وسلم بهذه التضحية الكبرى في سبيل الله تسليما كاملا ولاحظ ذلك طول عمرك ملاحظة مستمرة جزاك الله خير جزاء المحسنين
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ﴿١﴾ وَطُورِ سِينِينَ ﴿٢﴾ وَهَـذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ ﴿٣﴾ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴿٤﴾ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ ﴿٥﴾ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ﴿٦﴾ فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ ﴿٧﴾ أَلَيْسَ اللَّـهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ﴿٨﴾
صدق الله العلي العظيم

ابو علي 22-03-2012 12:55 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة الثلاثون 16 رجب 1419
الخطبة الاولى
الى طاعة الحوزة العلمية وانتصار الحوزة العلمية الشريفة الصلاة على محمد وال محمد. (اللهم صل على محمد وال محمد)
الى طاعة القضاء الشرعي الحوزوي وانتصار القضاء الشرعي الحوزوي الصلاة على محمد وال محمد. (اللهم صل على محمد وال محمد)
الى شجب واستنكار محاولات منع القضاء الحوزوي الصلاة على محمد وال محمد. (اللهم صل على محمد وال محمد) اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت عل الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم

اللّهُمَّ ياذا المِنَنِ السَّابِغَةِ وَالآلاءِ الوازِعَةِ وَالرَّحْمَةِ الواسِعَةِ وَالقُدْرَةِ الجامِعَةِ وَالنِّعَمِ الجَسِيمَةِ وَالمَواهِبِ العَظِيمَةِ وَالاَيادِي الجَمِيلَةِ وَالعَطايا الجَزِيلَةِ، يا مَنْ لا يُنْعَتُ بِتَمْثِيلٍ وَلا يُمَثَّلُ بِنَظِيرٍ وَلا يُغْلَبُ بِظَهِيرٍ، يا مَنْ خَلَقَ فَرَزَقَ وَأَلْهَمَ فَأَنْطَقَ وَابْتَدَعَ فَشَرَعَ وَعَلا فَارْتَفَعَ وَقَدَّرَ فَأَحْسَنَ وَصَوَّرَ فَأَتْقَنَ وَاحْتَجَّ فَأَبْلَغَ وَأَنْعَمَ فَأَسْبَغَ وَأَعْطى فَأَجْزَلَ وَمَنَح فَأَفْضَلَ، يا مَنْ سَما فِي العِزِّ فَفاتَ نَواظِرَ الاَبْصارِ وَدَنا فِي اللُّطْفِ فَجازَ هَواجِسَ الاَفْكارِ يا مَنْ تَوَحَّدَ بِالمُلْكِ فَلا نِدَّ لَهُ فِي مَلَكُوتِ سُلْطانِهِ وَتَفَرَّدَ بِالآلاِء وَالكِبْرِياءِ فَلا ضِدَّ لَهُ فِي جَبَرُوتِ شَأْنِهِ، يا مَنْ حارَتْ فِي كِبْرياءِ هَيْبَتِهِ دقائِقُ لَطائِفِ الاَوْهامِ وَانْحَسَرَتْ دُونَ إدْراكِ عَظَمَتِهِ خَطائِفُ أَبْصارِ الاَنامِ، يا مَنْ عَنَتِ الوُجُوهُ لِهَيْبَتِهِ وَخَضَعَتِ الرِّقابُ لِعَظَمَتِهِ وَوَجِلَتِ القُلُوبُ مِنْ خِيفَتِهِ ؛ أَسْأَلُكَ بِهذِهِ المِدْحَةِ الَّتِي لا تَنْبَغِي‌ إِلاّ لَكَ وَبِما وَأَيْتَ بِهِ عَلى نَفْسِكَ لِداعِيكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَبِما ضَمِنْتَ الاِجابَةَ فِيهِ عَلى نَفْسِكَ لِلدَّاعِينَ، ياأَسْمَعَ السَّامِعِينَ وَأَبْصَرَ النَّاِظرِينَ وَأَسْرَعَ الحاسِبِينَ، ياذا القُوَّةِ المَتِين صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَاقْسِمْ لِي فِي شَهْرِنا هذا خَيْرَ ما قَسَمْتَ وَاحْتِمْ لِي فِي قَضائِكَ خَيْرَ ما حَتَمْتَ وَاخْتِمْ لِي بِالسَّعادَةِ فِيمَنْ خَتَمْتَ، وَأَحْيِنِي ما أَحْيَيْتَنِي مَوْفوراً وَأَمِتْنِي مَسْرُوراً وَمَغْفوراً، وَتَوَلَّ أَنْتَ نَجاتِي مِنْ مُسأَلَةِ البَرْزَخِ وَادْرأ عَنِّي مُنْكَراً وَنَكِيراً وَأَرِعَيْنِي مُبَشِّراً وَبَشِيراً، وَاجْعَلْ لِي إِلى رِضْوانِكَ وَجِنانِكَ مَصِيراً وَعَيْشاً قَرِيراً وَمُلْكاً كَبِيراً وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ كَثِيراً. (اللهم صل على محمد وال محمد )
اتقوا الله حق تقاته ولأتمون إلا وانتم مسلمون
قبل يومين تقريبا مرت الذكرى السنوية لولادة الامام امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة والسلام) فلابد من التعرض الى بعض مناقبه وفضائله (عليه السلام) لنستلهم منها الهداية والعبرة والموعظة. وكيف نستطيع ان نتعرف عليه او نصل الى حقيقته، وانما هذا في عداد المستحـيل وخـاصة بعـد ان نسمـع الحـديث الـمروي عـن النـبي (صلى الله عليه واله): (ما عرف الله الا انا وانت، وما عرفني الا الله وانت، وما عرفك الا الله وانا). وكذلك الحديث الاخر: (يا علي انا وأنت ابوا هذه الامة). وكذلك حينما نسمع قوله تعالى{فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} ولم يكن مصداق لهذه الاية من الرجال الا علي (عليه السلام)، ولا من النساء الا فاطمة (عليها السلام)، ولا من الابناء الا الحسن والحسين (عليهما السلام) بأجماع علماء المسلمين واهل الحديث.
ولذا روي عن الجاثليق الذي هو الزعيم الديني للطرف المسيحي للمباهلة ما مضمونه: انه (يعني النبي (صلى الله عليه واله)) لو جاء مع جماعة كثيرة او كبيرة فباهلوه، واذا جاء مع اشخاص قليلين فلا تباهلوه فتهلكوا. وعنـد مجيئهم قـال: اني ارى وجوها لو باهلتـكم لاضطرم عليكم الوادي نارا.
اذن فلابد من الاقتصار على الجوانب الممكنة من وجوه التعرف عليه (سلام الله عليه) وهي ايضا فوق حد الاحصاء، حتى قال بعضهم بما مظمونه: ماذا اقول في رجل كتم اعدائه فضائله حقدا، وكتم محبوه فضائله خوفا، وظهر من بين هذا وهذا ما يملأ الخافقين. فاذا كانت فضائله تملأ الخافقين فما هو عمل او قول رجل ضعيف جاهل مسكين مستكين مثلي وامثالي.
وايضا نعود الى ذكر بعض ما هو ممكن من ذلك على اي حال واود الان ان اذكر لكم بعض الجوانب الذي تفرد بها امير المؤمنين بحيث لا يحتمل ان يضاهيه احد فيها اطلاقا من البشر اجمعين مهما كان دينه او مذهبه ومهما كانت مدعياته لنفسه من العلم والكمال، فانه لا يستطيع ان يصل الى درجة امير المؤمنين (عليه السلام)، سبحان الله حتى المعصومين من اولاده فكيف بغيرهم.
وقد ورد عن الامام السجاد (عليه السلام) الذي كان هو الاشهر من المعصومين (عليهم السلام) بكثرة العبادة، حتى سمي زين العابدين وسيد الساجدين والسجاد انه قال: (ومن يطيق عبادة علي بن ابي طالب)
اقول : وهذا هو بعض ما هو مفهوم من قول امير المؤمنين (عليه السلام) في بعض خطبه: (ينحدر عني السيل ولا يرقى اليّ الطير). أنه يمثل نفسه بالجبل العالي الاشم، والقمة الشامخة جدا. ينحدر منها السيل وهو سيل العلوم والعطاء والمراحم على البشرية بمقدار استحقاق كل فرد منها فانهم (سلام الله عليهم) ابواب الله وخزان علمه واسباب رحمته. واولى من يكون كذلك منه هو جدهم واميرهم وامامهم علي بن ابي طالب (عليه الصلاة والسلام) .
(ولا يرقى اليّ الطير) يعني (بحسب فهمي ولكل واحد فهمه): المتكاملين الصاعدين في درجات الكمال، يمثلهم بالطير الذي يستمر في صعوده. والمتكاملون من البشرية على اشكال مختلفة واتجاهات متباينة. فان كل ملكات الأنسان قابلة للتكامل على مختلف المستويات وبأسباب مختلف العلوم، جسديا وعقليا ونفسيا وروحيا وغير ذلك. واعلاها واهمها هو الكمال النوراني في عالم الروح.
فهو (يعني امير المؤمنين) يمثل الصاعدين في هذا المجال بالطير. وانهم لا يحتمل ان يرقوا اليه او يصلوا الى مرتبته. (ولا يرقى اليّ الطير) وانما غاية ما لديهم بكل تواضع ورغما على انافهم اي هؤلاء الذين يدعون الكمال الان انهم لا يتكاملون الا بحبه وولايته. ولا يأتيهم عطاء حقيقي الا بتسبيبه وشفاعته.
والمميزات التي انفرد بها امير المؤمنين (عليه السلام) كثيرة جدا دنيويا و اخرويا. بل من الممكن القول انه انفرد بكل مميزاته وعالي بكل اوصافه. وان كانت هذه الاوصاف موجودة عند البشر الا انه بالنسبة الى مرتبته لا يماثله فيها احد. وخاصة اذا قصدنا مرتبة الكمال الحاصل عليها في اي حقل من حقول المعرفة بإزاء الاشخاص الاخرين غير شخص رسول الله (صلى الله عليه واله). فان تلك المزية من الكمال هي ارقى من الجميع وقد انفرد بها امير المؤمنين (عليه السلام) .
الان نعطي نقاط حول ذلك :
النقطة الاولى : اتفق كل اهل الفكر والعلم من البشرية اجمعين بمختلف اديانهم ومذاهبهم وطبقاتهم واختصاصاتهم على علو مرتبته وارتفاع منزلته بشكل لم يحصل مثل هذا الاتفاق على اي شخص غيره. يكفينا من ذلك اشهر المسيحين الذين كتبوا في فضله جورج جرادق وبولس سلامة وكتبهم موجودة على اية حال وربما راها اكثركم. واما الذين تركوا المسيحية الى الاسلام فهم كثيرون بطبيعة الحال وكان الفضل الاكبر لهم في ذلك هو حسن ظنهم بأمير المؤمنين (عليه افضل الصلاة والسلام (.
الخطوة الاخرى انه كل البشرية هكذا ؟ لا مع شديد الاسف. لا يستثنى من ذلك الا صنفين من الناس حدى بهم سوء توفيقهم وانفسهم الامارة بالسوء الى خلاف ذلك وهم:
اولا : بنو امية حين حكموا طبعا ما عدا عمر بن عبد العزيز منهم. فانهم لعنوا ابا تراب على المنابر في صلوات جمعاتهم طيلة مدة حكمهم وهذا هو احد تفاسير قوله تعالى{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} يعني الف شهر حصلت فيها هذه الجريمة الشنعاء وهو مدة ملك بني امية تقريبا وليس تحقيقا. ومن الملاحظ انهم لم يذكروه بمنقصة بصراحة وليس لهم ان يقولوا ذلك وانما لعنوه فقط حقدا عليه واخذا بمصالحهم الدنيوية الضائعة عنهم مع ولايته واخذا بأحقاد بدر وحنين، كما قال يزيد الاموي: ماذا فال
ليت اشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الاسل
لا هلوا واستهلوا فرحا ثم قالوا يا يزيد لا تشل
لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل
قد قتلنا القرم من اسيادهم وعدلناه ببدر فاعتدل
لست من خندف ان لم انتقم من بني احمد ما كان فعل
واشياخه حين يقول (ليت اشياخي) هم المشركون الذين قتلهم امير المؤمنين (عليه السلام) في وقعة بدر الكبرى واحد وامثالها. فهو يقول مثل هذا الكلام الفاسد في حين ان جبرائيل (سلام الله عليه) يقول: (لا فتى الا علي لا سيف الا ذو الفقار). كما قال الشاعر:
جبريل نادى معلنا والنقع ليس بمنجلي
والمسلمون قد احدقوا حول النبي المرسل
لا سيف الا ذو الفقار ولا فتى الا علي
وكذلك كقول النبي (صلى الله عليه واله) ما مضمونه: (ضربة علي في الخندق تعدل عمل الثقلين) يعني طاعات الانس والجن جميعا. (اللهم صل على محمد وال محمد). وحسب فهمي ان كل ضرباته هكذا وليس هذه الرواية فقط، فهذه الرواية ليس فيها مفهوم نافي ان الضربات الاخرى ليست هكذا.
ثانيا : اليهود. فانهم حيث خاصموا نبي الاسلام وعادوه واصبحوا الاعداء التقليدين للمسلمين لم يكن في الامكان ان نتوقع منهم اي كلام جيد او منصف في اي رجل من رجال الاسلام مهما كان. ولكن الملاحظ (وهي تشبه الملاحظة التي قلناها هناك) بالرغم من كل ذلك هو انهم لم يطعنوا برجال الاسلام الا من حيث اصل دينهم، لا من حيث علومهم وسلوكهم وافعالهم واقوالهم ونحو ذلك. وليسوا هم (اعني اليهود) مخولون بذلك بطبيعة الحال بعد ان كان رجال الاسلام مشهورين ومشهود لهم بالصدق والصحة والعظمة. اذن فمن ينتقدهم انما يؤدي الى فشل نفسه وسقوط كلامه وعدم بلوغ مرامه.
والسبب الرئيسي للخلاف بين واليهود والمسلمين ونحن ينبغي ان نكون على بينة من ذلك تجاه اسرائيل وغير اسرائيل هو ان اليهود كانوا يبشرون بسيطرة دينهم على البشرية وكانوا ولا زالوا يعملون لذلك حيث يزعمون ان دينهم هو الذي يملئ الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا لو تكلمنا باللغة الإسلامية هكذا نقول . وان القائد العالمي المهدي منهم وان عاصمة هداية العالم هي اورشليم التي هي القدس. هكذا هم يقولون ولا زالوا ويعملون لذلك. وكثير من فقرات التوراة الرائجة الحالية تدل على ذلك. ومن هنا اخذهم الحماس في هذا المجال.
وحين جاء رسول الله (صلى الله عليه واله) وقال بالمضمون ولو بلسان حاله) : ان القسط والعدل العالمي المتوقع انما هو اسلامي وليس يهوديا وان المستقبل للحق المتمثل بالإسلام لا باليهودية ولا بغيرها). أبوا عليه ذلك وعاندوه واصبحوا ولا زالوا اعدائه التقليدين لانهم يطمعون بان يكون مستقبل الهداية العالمي لهم. ومن الممكن مناقشتهم في ذلك بنقطتين على الاقل :
النقطة الاولى : ان دعوتهم اليهودية في نظرهم وليس في نظرنا ليست عالمية بل هي عنصرية وطبقية تتحدد بالولادة. فعندهم اليهودي من الدرجة الاولى واليهودي من الدرجة الثانية (سبحان الله .. هل يوجد مسلم من الدرجة الاولى ومسلم من الدرجة الثانية ؟!). واليهودي من الدرجة الاولى وهم بنو اسرائيل اي بني يعقوب (عليه الصلاة والسلام) وهم شعب الله المختار. واليهودي من الدرجة الثانية هم سائر اليهود من الاصناف الاخرى من البشر. معنى ذلك ان كل من دخل في اليهودية سيكون يهوديا من الدرجة الثانية ومحتقر من حيث يريد او لا يريد ولن يمكنه ان يكون عزيزا في مجتمعهم. والظاهر ان كتابهم الرئيسي الذي يكتمونه (التلمود) واضح وطافح في ذلك. ولذا يخفون نسخته عن الناس لان اعلانه يوجب فشل سياساتهم ومدعياتهم.
في حين ان الاسلام بريء من كل ذلك ويعتبر اولاد آدم كأسنان المشط كما في الرواية. وقال تعالى: (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم). وهذا النحو من الاتجاه هو الذي يستطيع ان يكرم البشرية وان يعدل فيها وان يرحمها وليس الاتجاه العنصري والطبقي.
النقطة الثانية : اننا نعرف وكثير من المفكرين يعرفون ان البشرية مجموعا او عموما هي في تكامل، وهم يمثلونها بالطفل والشاب حين ينمو ويترعرع ويتكامل ويتعلم. يمثلونها بشخص انسان يولد وهو اولا طفل ثم يصبح شابا ثم يصبح كهلا ثم يصبح شيخ ثم يموت والبشرية لها موعد موت طبعا.
ما هو السبب الرئيسي للتكامل ؟ ربما كنا نعرفه ولكن كلنا غافلين عنهسبحان الله

والسبب الرئيسي للتكامل البشري هو بعثة الانبياء. وكلما تربت البشرية على يد نبي، استحقت التربية على يد النبي الذي بعده وهكذا
حتى اذا وصلت البشرية الى كامل استحقاقها لفهم المطالب الدقيقة والحقيقية في اصول الدين وفروعه وفي صفات الله واسمائه، ماذا حصل بُعث نبينا نبي الاسلام (صلى الله عليه واله) وقدم اعمق فهم على الاطلاق لكل من اصول الدين وفروعه وقدم التجريد الكامل والحقيقي لأسماء الله وصفاته وذاته جل جلاله. وقدم العدل الكامل القابل لحل كل المشاكل والمواكب للبشرية من صدر الاسلام الى يوم القيامة (كول لا !). اليس نسمع (حلال محمد حلال الى يوم القيامة وحرام محمد حرام الى يوم القيامة) زين
وهذا ينتج بوضوح ان البشرية التي تتكامل ولا زالت تتكامل على يد تعاليم الاسلام لا يمكن ان يحكمها او يكفي لانتشار العدل فيها دين سابق بسيط نسبيا يمثل مرحلة وحقبة معينة من تربية البشرية وليس هو الكل في الكل ولا يمثل الحقيقة حقيقةً.
يكفي ان نلتفت الى ان من حقنا ان نقول في الاسلام (ما من واقعة الا ولها حكم). في حين لا يستطيع اي دين آخر ان يقول ذلك (كول لا !) وليقل اليهود لا ! فأين هي الـ(ما من واقعة ولها حكم) في دين اليهودية او دين المسيحية او دين البوذية او اي دين آخر لا استثني منها شيئا. سبحان الله وهذه هي معجزة الاسلام الرئيسية.
ومعنى ذلك ان جملة من مشاكل البشرية الحديثة ليس لها اي حكم في الاديان السابقة، وانما كان الدين السابق على الاسلام يعالج المشاكل الوقتية في زمانه فقط، مما يؤدي ان يملئها الحاكم برأيه الخاص وبالأهواء والمصالح غير المستندة الى قانون السماء كما يعبرون.
اذن فاليهودية بل اي دين آخر سابق على الاسلام فضلا عن الفكر البشري المنقطع عن السماء وعن تعاليم الله لن يستطيع ان يتكفل عدل البشرية العام في مستقبل الزمان، وانما الذي يملؤها قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا هو الاسلام المحمدي الحق وحده.
مضافا الى نقطة أخرى مهمة جدا وهي تحريف الاديان المتأخرة للدين السابق سواء في اليهودية او في المسيحية حتى صدر كتاب بعنوان المسيح ليس مسيحيا وانا رأيته ومترجم الى اللغة العربية، اي ليس على الاوضاع والمفاهيم التي يعيشها المسيحيون في القرون المتأخرة جيلا بعد جيل وحاشاه ان يكون كذلك بطبيعة الحال. فهؤلاء متسيبون فهل كان هو متسيبا في يوم ما سبحان الله ! بل هي ظلة وظنة في عقولهم.
وكذلك الحال في اليهود فليسوا هم احسن حالا من هذه الناحية. حتى قال الله تعالى:{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} وفسر في الروايات وهذا التفسير قريب الى فهمي جدا بانهم اطاعوهم في عصيان الله وليس (( اتخذوهم اربابا) معناه عبدوهم، بل بمعنى اطاعوهم في عصيان الله فمثلا قالوا لهم اشربوا خمر فشربوا وقالوا لهم كلوا لحم الخنزير فاكلوا وقالوا لهم خذوا الربا اضعافا مضاعفة فأخذوه وهكذا وهكذا … لماذا ؟ لان النفس الامارة بالسوء هكذا تقول باختصار شديد.
ونحن نعلم بأجماع المسلمين ان التوراة المتعارفة ليست هي التوراة الاصلية وانما هي نسخة محرفة وضعها والفها اشخاص عديدون اسماءهم موجودة في التوراة مثل عزرا وشعيا وارميا ودانيال وآخرين وليس فيها من وحي الله شيء اطلاقا. وكيف يمكن ان نجد حوادث موت موسى (سلام الله عليه) وما بعد موته في التوراة المنزلة على موسى نفسه ؟! ان هذا لا يكون. اذن فاليهودية المعاصرة الان ليست هي دين موسى (عليه السلام) ولا التوراة هو كتابه ولا الوصايا العشر هي تعاليمه. اذن فليعطونا تعاليم موسى الحقيقية ومفاهيمه الحقيقية لكي نتبعها. ولو عرفناها حقيقة لرجعنا الى الاسلام، لأننا نعلم ان الانبياء جميعا دعاة للولاء الى الاسلام. كما قال الله تعالى : {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132) أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133)}واما بالنسية للمسيحية فقوله تعالى : {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}وهذا يعني أن هؤلاء الدبن يدعون اليهودية وهؤلاء الذين يدعون النصرانية بجب أن يسلموا كما أسلم
انبيائهم وقادتهم الاوائل لكي يرشدوا ويتكاملوا ويحصلوا على الحق الصحيح والصريح دون العكس بطبيعة الحال.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)}
صدق الله العلي العظيم
الجمعة الثلاثون 16 رجب 1419
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَعَانِي جَمِيعِ مَا يَدْعُوكَ بِهِ وُلَاةُ أَمْرِكَ الْمَأْمُونُونَ عَلَى سِرِّكَ الْمُسْتَبْشِرُونَ بِأَمْرِكَ الْوَاصِفُونَ لِقُدْرَتِكَ الْمُعْلِنُونَ لِعَظَمَتِكَ وَ أَسْأَلُكَ بِمَا نَطَقَ فِيهِمْ مِنْ مَشِيَّتِكَ فَجَعَلْتَهُمْ مَعَادِنَ لِكَلِمَاتِكَ وَ أَرْكَاناً لِتَوْحِيدِكَ وَ آيَاتِكَ وَ مَقَامَاتِكَ الَّتِي لَا تَعْطِيلَ لَهَا فِي كُلِّ مَكَانٍ يَعْرِفُكَ بِهَا مَنْ عَرَفَكَ لَا فَرْقَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهَا إِلَّا أَنَّهُمْ عِبَادُكَ وَ خَلْقُكَ فَتْقُهَا وَ رَتْقُهَا بِيَدِكَ بَدْؤُهَا مِنْكَ وَ عَوْدُهَا إِلَيْكَ أَعْضَادٌ وَ أَشْهَادٌ وَ مُنَاةٌ وَ أَزْوَادٌ وَ حَفَظَةٌ وَ رُوَّادٌ فيهم [فَبِهِمْ‌] مَلَأَتْ سَمَاءَكَ وَ أَرْضَكَ حَتَّى ظَهَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ فَبِذَلِكَ أَسْأَلُكَ وَ بِمَوَاقِعِ الْعِزِّ مِنْ رَحْمَتِكَ وَ بِمَقَامَاتِكَ وَ عَلَامَاتِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ
وَ أَنْ تَزِيدَنِي إِيمَاناً وَ تَثْبِيتاً يَا بَاطِناً فِي ظُهُورِهِ وَ ظَاهِراً فِي بُطُونِهِ وَ مَكْنُونِهِ يَا مُفَرِّقاً بَيْنَ النُّورِ وَ الدَّيْجُورِ يَا مَوْصُوفاً بِغَيْرِ كُنْهٍ وَ مَعْرُوفاً بِغَيْرِ شِبْهٍ حَادَّ كُلِّ مَحْدُودٍ وَ شَاهِدَ كُلِّ مَشْهُودٍ وَ مُوجِدَ كُلِ‌ مَوْجُودٍ وَ مُحْصِيَ كُلِّ مَعْدُودٍ وَ فَاقِدَ كُلِّ مَفْقُودٍ لَيْسَ دُونَكَ مِنْ كُلِّ مَعْبُودٍ أَهْلَ الْكِبْرِيَاءِ وَ الْجُودِ يَا مَنْ لَا يُكَيَّفُ بِكَيْفٍ وَ لَا يُؤَيَّنُ بِأَيْنٍ يَا مُحْتَجِباً عَنْ كُلِّ عَيْنٍ يَا دَيْمُومُ يَا قَيُّومُ وَ عَالِمَ كُلِّ مَعْلُومٍ صَلِّ عَلَى عِبَادِكَ الْمُنْتَجَبِينَ وَ بَشَرِكَ الْمُحْتَجِبِينَ
وَ مَلَائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ وَ بُهَمِ الصَّافِّينَ الْحَافِّينَ وَ بَارِكْ لَنَا فِي شَهْرِنَا هَذَا الْمُرَجَّبِ الْمُكَرَّمِ وَ مَا بَعْدَهُ مِنْ أَشْهُرِ الْحُرُمِ وَ أَسْبِغْ عَلَيْنَا فِيهِ النِّعَمَ وَ أَجْزِلْ لَنَا فِيهِ الْقِسَمَ وَ أَبْرِرْ لَنَا فِيهِ الْقَسَمَ بِاسْمِكَ الْأَعْظَمِ الْأَعْظَمِ الْأَجَلِّ الْأَكْرَمِ الَّذِي وَضَعْتَهُ عَلَى النَّهَارِ فَأَضَاءَ وَ عَلَى اللَّيْلِ فَأَظْلَمَ وَ اغْفِرْ لَنَا مَا تَعْلَمُ مِنَّا وَ مَا لَا نَعْلَمُ وَ اعْصِمْنَا مِنَ الذُّنُوبِ خَيْرَ الْعِصَمِ وَ اكْفِنَا كَوَافِيَ قَدَرِكَ وَ امْنُنْ عَلَيْنَا بِحُسْنِ نَظَرِكَ وَ لَا تَكِلْنَا إِلَى غَيْرِكَ وَ لَا تَمْنَعْنَا مِنْ خَيْرِكَ وَ بَارِكْ لَنَا فِيمَا كَتَبْتَهُ لَنَا مِنْ أَعْمَارِنَا وَ أَصْلِحْ لَنَا خَبِيئَةَ أَسْرَارِنَا وَ أَعْطِنَا مِنْكَ الْأَمَانَ وَ اسْتَعْمِلْنَا بِحُسْنِ الْإِيمَانِ وَ بَلِّغْنَا شَهْرَ الصِّيَامِ وَ مَا بَعْدَهُ مِنَ الْأَيَّامِ وَ الْأَعْوَامِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ
اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
نستمر الان في ذكر الخصائص والصفات الخاصة بأمير المؤمنين (عليه افضل الصلاة والسلام) وكثير منها اجمع عليه علماء الاسلام بمختلف مذاهبهم. وبطبيعة الحال لا نستطيع استيعابها، وانما نتعرف على ما يسع الوقت منها:
اولا : انه (عليه افضل الصلاة والسلام) رباه رسول الله (صلى الله عليه واله)في صغره حين مر ابو طالب (عليه الرضوان) بضائقة اقتصادية. فاقترحوا عليه ان يقسم اولاده بين اقاربه، فكان علي (عليه السلام) من حصة محمد (صلى الله عليه واله) وبقي بين يديه في خدمته وتحت تربيته طول حياته.
ولا يعدله في ذلك الا الزهراء (سلام الله عليها) فإنها ايضا تربية رسول الله (صلى الله عليه واله) مع فارق في الجنس بطبيعة الحال وفارق في الزمن. فان المظنون ان رسول الله (صلى الله عليه واله) كفل عليا (عليه السلام) قبل ولادة الزهراء (عليها السلام) بمدة فتكون المدة التي قضياها معا اطول من المدة التي قضتها الزهراء (سلام الله عليها) مع ابيها. وطول المدة يؤثر بعمق التربية بطبيعة الحال وفي مستوى العلم بطبيعة الحال.
ثانيا : انه يلقب بأمير المؤمنين (عليه السلام) وهو لقب خاص به ولا يحق لأي شخص اخر التلقب به. وورد النهي عن النبي (صلى الله عليه واله) في ذلك. والظاهر ان اول من خرج على هذا التعليم الاسلامي المحمدي هو معاوية بن ابي سفيان (عليه اللعنة). ودوافعه في ذلك واطماعه الدنيوية معروفة. واستمر الحال عليه في كل سلاسل الخلفاء الذين جاءوا بعده.
ولكننا نسأل سؤالا بسيطا لأخوانا في المذاهب الاخرى، هل ان الخلفاء الامويين او العباسيين افضل ام المشايخ في الخلافة الاولى افضل ؟! طبعا سيجيبون بان المشايخ هم الافضل (كول لا !). فلماذا سمي المفضول بامير المؤمنين ولم يسم الافضل بذلك ؟ وبالتأكيد لم يكن المشايخ يسمون بذلك وانما كانوا ينادون يا خليفة رسول الله، كما هو مسجل في كتبهم.
ومن هنا اعطيت في كتابي تأريخ ما بعد الظهور هذه الفكرة في صفحة106. قال الشيخ علي القاري في المشرب الوردي في مذهب المهدي: (ومما يدل على افضليته ( اي المهدي (عليه السلام) ) ان النبي سماه خليفة الله، وابو بكر لا يقال له الا خليفة رسول الله .
وقال البر زنجي في كتابه الاشاعة في اشراط الساعة: (وتقدم عن الشيخ (ابن عربي) في الفتوحات (يعني الفتوحات المكية) انه (يعني المهدي (عليه السلام )في حكمه مقتفٍ اثر النبي (صلى الله عليه واله) لا يخطئ ابدا، ولا شك ان هذا لم يكن في الشيخين. وان الامور التسعة التي مرت (يعني من فضائل المهدي ((عليه السلام)) لم تجتمع كلها في امام من ائمة الدين قبله). قال: (فمن هذه الجهة يجوز تفضيله عليهما وان كان لهما فضل الصحابة ومشاهدة الوحي والسابقة وغير ذلك والله اعلم ).
ثالثا : من مختصات امير المؤمنين (عليه السلام) تزويجه بفاطمة الزهراء (سلام الله عليه) بنت رسول الله (صلى الله عليه واله). وهذا من الواضحات في التاريخ ويزداد وضوحا لو قلنا بانها البنت الوحيدة للنبي (صلى الله عليه واله) ولا اقل انها البنت الافضل والاهم للنبي (صلى الله عليه واله) ولا احد يستطيع ان ينكر ذلك.
رابعا: انه اول من آمن بالنبي (صلى الله عليه واله) نتيجة لتربيته اياه في بيته وفي عائلته وزقه العلم زقا. وكانا يصليان جماعة مع المؤمنين خديجة بنت خويلد بإمامه النبي (صلى الله عليه واله) زمنا طويلا وردحا طويلا قبل ان يلتفت غيرهم الى الاسلام، اصلا قبل ان يعلن الاسلام. وفي ذلك روايات عديدة رواها مختلف المحدثين في مختلف المذاهب، منها ما عن عفيف الكلبي قال: كنت امرأ تاجرا فقدمت الحج فأتيت العباس بن عبد المطلب لابتاع منه بعض التجارة وكان امرأ تاجرا فوالله اني لعنده بمنى اذ خرج رجل من خباء قريب منه فنظر الى الشمس فلما راها قد مالت (يعني الزوال طبعا) قام يصلي ثم خرجت امرأة من الخباء الذي خرج منه ذلك الرجل فقامت خلفه فصلت ثم خرج غلام حين رافق الحلم من ذلك الخباء فقام معه فصلى. قال: فقلت للعباس من هذا يا عباس ؟ قال: هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن اخي. قال فقلت : من هذه المرأة ؟ قال: امرأته خديجة بنت خويلد. قال فقلت: من هذا الفتى ؟ قال: علي بن ابي طالب ابن عمه. قال فقلت له: ما هذا الذي يصنع ؟ قال: يصلي وهو يزعم انه نبي ولم يتبعه على امره الا امرأته وابن عمه هذا الفتى وهو يزعم انه ستفتح عليه كنوز كسرى وقيصر. وكان عفيف وهو ابن عم الاشعث بن قيس يقول بعد ذلك وقد اسلم وحسن اسلامه : لو كان رزقني الله الاسلام يومئذ فأكون ثانيا مع علي (عليه السلام). وقد رواه بطوله احمد بن حبل في مسنده.
رابعا : مؤاخاة النبي (صلى الله عليه واله) يوم آخى بين المؤمنين والانصار. فعن مسند احمد بن حنبل عن سعيد بن المسيب ان رسول الله (صلى الله عليه واله) آخى بين الصحابة فبقي رسول الله وابو بكر وعمر وعلي. فآخى بين ابي بكر وعمر وقال لعلي انت اخي. صلوا على محمد وال محمد. سبحان الله (اللهم صل على محمد وال محمد )
وبالأسناد عن عمر بن عبد الله عن ابيه عن جده ان النبي (صلى الله عليه واله) آخى بين الناس وترك عليا حتى بقي آخرهم لا يرى له اخا فقال : يا رسول الله آخيت بين الناس وتركتني. قال (صلى الله عليه واله) : ولمن تراني تركتك ؟ انما تركتك لنفسي انت اخي وانا اخوك.
صلوا على محمد وال محمد. (اللهم صل على محمد وال محمد(
فان ذاكرك احد فقل انا عبد الله واخو رسول الله لا يدعيها بعدك الا كذاب.
صلوا على محمد وال محمد. (اللهم صل على محمد وال محمد)
خامسا : ان النبي (صلى الله عليه واله) امر بسد الابواب حول المسجد الحرام الا بابه. يعني باب امير المؤمنين (عليه السلام) وهو منزل الاسرة الشريفة (سلام الله عليها) علي وفاطمة والحسن والحسين.
فعن مسند ابن حنبل عن زيد ابن ارقم قال : كان لنفر من اصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله) ابواب شارعه في المسجد. فقال يوما : سدوا هذه الابواب الا باب علي. قال : فتكلم في ذلك الناس. قال: فقام رسول الله (صلى الله عليه واله) فحمد الله واثنى عليه ثم قال: اما بعد فاني امرت بسد هذه الابواب غير باب علي فقال فيه قائلكم ما سددت شيئا ولا فتحته ولكني امرت بشيء فاتبعته.
وبالأسناد عن ابن عمر قال: كنا نقول خير الناس ابو بكر ثم عمر وقد أوتي خصالا لئن يكون لي واحدة منها احب الي من حمر النعم: زوجه رسول الله (صلى الله عليه واله) بنته وولدت له وسد الابواب الا بابه في المسجد واعطاه الراية يوم خيبر. (اللهم صل على محمد وال محمد(
ومن مناقب الفقيه بن المغازلي عن عدي بن ثابت قال: خرج رسول الله (صلى الله عليه واله) الى المسجد فقال: ان الله اوحى الى نبيه موسى (عليه السلام) ان ابن لي مسجدا طاهرا لا يسكنه الا موسى وهارون وابنا هارون (فموسى لم يكن عنده اولاد بل هارون كان عنده اولاد وهذا اكيد) وأن الله اوحى الي ان ابن مسجدا طاهرا لا يسكنه الا انا وعلي وابنا علي. (اللهم صل على محمد وال محمد).
هذا ونحن لا نستطيع في خطبة او خطبتين استيعاب خصائص امير المؤمنين (عليه السلام) ولكن اود ان اشير الى خصيصة قلما يلتفت اليها احد وهو انه هو (سلام الله عليه) المؤسس لكثير من العلوم والفنون العقلية والانسانية وفعلا تفتخر كل مجموعة من الناس بنسبة مسلكهم الى امير المؤمنين وليس الى رسول الله (صلى الله عليه واله) كما هو الملحوظ منهم.
مع الالتفات بوضوح الى ان العلوم اليونانية والفارسية لم تكن قد ترجمت او جلبت الى البلاد الاسلامية في ذلك الحين (كول لا !) لا احد يستطيع ان يقول لا. ولم يكن لأفلاطون ولا لأرسطو اي ذكر في ذلك الحين. اذن فكل علم جاء به امير المؤمنين (عليه السلام) انما هو بتسديد من الله والهام حسب تلك الطاقة الضخمة العقلية والروحية التي يتصف بها (سلام الله عليه) والتي تفوق كل تصور، منها الفلسفة ويكفينا من ذلك خطبته المشهورة التي اختارها الشريف الرضي (عليه الرحمة) لتكون اول خطب نهج البلاغة والتي يقول فيها: (اول الدين معرفته وكمال معرفته التصديق به وكمال التصديق به توحيده وكمال توحيده الاخلاص له وكمال الاخلاص له نفي الصفات عنه بشهادة كل صفة انها غير الموصوف وشهادة كل موصوف انه غير الصفة ..) الى ان يقول: (ومن قال فيما فقد ضمنه ومن قال علاما فقد اخلى منه كائنا لا عن حدث موجود لا عن عدم مع كل شيء لا بمقارنة وغير كل شيء لا بمزايلة فاعل لا بمعنى الحركات والالة بصير اذ لا منظور اليه من خلقه متوحد اذ لا سكن يستأنس به ولا يستوحش بفقده انشاء الخلق انشاءا وابتدأه ابتداءا بلا روية اجالها ولا تجربة استقادها ولا حركة احدثها ولا همامة نفس اذ طلب فيها احال الاشياء لا وقاتها ولائم بين مخلفاتها وغرز غرائزها والزمها اشباحها (يعني اجسامها) عالما بها قبل ابتدائها محيطا بحدودها وانتهائها عارفا بقرائنها واحنائها ..) الى آخر كلامه (سلام الله عليه). فليأتي الفلاسفة بشيء من هذا القبيل، بل هم متحيرون في تفسير كلامه (سلام الله عليه).
ومنها: العرفان وهو المعرفة بالله سبحانه بالمقدار الذي تطيقه النفس البشرية. وهو (سلام الله عليه) سيد العارفين وامير المؤمنين وامام المتقين. يكفينا في ذلك نفس الخطبة التي سمعناها. انه لو لم يعرف الله حق معرفته لما وصفه بهذه الصفات الجليلة. ونلاحظ عمليا ان كل الطرق الصوفية تنتهي بدعوى اصحابها انفسهم الى امير المؤمنين (عليه السلام)
ومنها: مسلك الزهد والاعراض عن الدنيا ونهج البلاغة طافح بالعديد من الخطب التي تذم الدنيا وتحذر الناس من شرها وحبها والقيد اليها. واما زهده فيكفينا قوله في بعض خطبه: (ولقد رقعت مدرعتي حتى استحييت من راقعها). وما ورد من احدى بناته قدمت له خبزا وخلا وملحا، فأمرها برفع احد الادامين (بدون تعيين ولم يقل لها ارفعي واحد منها بالتعيين) وقال لها: اترضين ان يطول مقامي بين يدي الله سبحانه. من الخل والملح يطول مقامه بين يدي الله فكيف اذا اكل تمن وقيمة ؟! او كيف اذا اكل حرام حبيبي ؟!
ومنها: التصدي للقضاء الشرعي. فانه اول شخص تصدى له في الاسلام ووفر وقتا كافيا له ولم يكن رسول الله (صلى الله عليه واله) كذلك، وانما كان يحل المشاكل بالتعاليم والكلمات، كما ان الجرائم والمشكلات لم تكن في عصره (صلى الله عليه واله) كثيرة بل كانت نادرة. وفي الحديث عن النبي (صلى الله عليه واله): أقضاكم علي. وعن عمر بن الخطاب: لا ابقاني الله لمعضلة ليس لها ابو الحسن. حتى قيل: معضلة ولا ابا حسن لها. (اللهم صل على محمد وال محمد )
ومنها: الرياضيات. وهي علم الحساب، وقد وردت في ذلك روايات عديدة منها استخراج القاسم المشترك الاصغر بين الارقام العشرة كلها. فحين سُئل عن ذلك وكان راكبا فرسا فوقف لحظة ثم قال: اضرب عدد ايام سنتك في ايام اسبوعك. ثم نخس فرسه وذهب.
اقول : يراد بأيام السنة 360 وبأيام السبعة 7 طبعا. فيصير 360 × 7 =2520 وهو رقم ينقسم على كل الارقام العشرة بدون باقي. (اللهم صل على محمد وال محمد)
وفي تلك المسائل ما روي ان يهوديا جاء الى امير المؤمنين (عليه السلام)فقال: يا علي اعلمني اي عدد يتصحح فيه الكسور التسعة جميعا من غير كسر وكذلك من كل من كسوره التسعة الا من خمسة فيكون له كل من الكسور التسعة مصححا من غير كسر الا الثمن لربعه والربع لثمنه والسبع لسبعه والتسع لتسعه والثمن لثمنه (هو فهم السؤال دوخة ! بعد تعال جاوب). فقال (عليه السلام): ان اعلمتك تسلم ؟ قال: نعم. قال: اضرب اسبوعك في شهرك ثم ما حصل في سنتك تظفر بمطلوبك. (اللهم صل على محمد وال محمد).
يعني 7 × 30 × 360 =75600 وهو المطلوب كما شرحنا ذلك في الجزء التاسع من كتابنا ما وراء الفقه.
وكذلك صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال سمعت ابن ابي ليلى يحدث اصحابه قال: قضى امير المؤمنين (عليه السلام) بين رجلين اصتحبا في سفر فلما ارادا الغداء اخرج احدهما من زاده خمسة ارغفة واخرج الثالث ثلاثة ارغفة فمر بهما عابر سبيل فدعواه الى طعامهما فاكل الرجل معهما حتى لم يبق شيء فلما فرغوا اعطاهما المعتر بهما ثمانية دراهم ثواب ما اكله من طعامهما فقال صاحب الثلاث ارغفة لصاحب الخمسة: اقسمها نصفين بيني وبينك. وقال صاحب الخمسة: لا. بل يأخذ كل منا من الدراهم على عدد ما اخرج من الزاد. لان عدد ارغفتهم مجموعها ثمانية والدراهم المعطاة ايضا ثمانية فيأخذ صاحب الخمسة خمسة وصاحب الثلاثة ثلاثة. فآتيا امير المؤمنين (عليه السلام) في ذلك. فلما سمع مقالتهما قال لهما: اصطلحا فان قضيتكما دنية. فقالا: اقض بيننا بالحق. قال: فأعطى صاحب الخمسة ارغفة سبعة دراهم واعطى صاحب الثلاثة أرغفة درهما واحدا، وقال: اليس اخرج احدكما من زاده خمسة ارغفة والاخر ثلاثا. قالا: نعم. قال: اليس اكل ضيفكما معكما مثل ما اكلتما. قالا: نعم. قال: اليس اكل كل واحد منكما ثلاثة ارغفة غير ثلث .يعني رغيفين وثلثين قالا: نعم. قال: اليس اكلت انت يا صاحب الثلاثة ثلاثة ارغفة غير ثلث واكلت انت يا صاحب الخمسة ثلاثة ارغفة غير ثلث واكل الضيف ثلاثة ارغفة غير ثلث اليس بقي لك يا صاحب الثلاثة ثلث رغيف من زادك (وهو الذي اكله الضيف طبعا) وبقي لك يا صاحب الخمسة رغيفان وثلث ( وهو ايضا الذي اكله الضيف) واكلت ثلاثة غير ثلث واعطاكما لكل ثلث رغيف درهما. فأعطى (امير المؤمنين) صاحب الرغيفين وثلث سبعة دراهم (يعني بقدر ما اكل منه)واعطى صاحب الثلاث ارغفة درهما.
وفي رواية اخرى ان شخصا مات وخلف مجموعة من الابل واوصى ان يدفع نصفها لشخص وثلثها لشخص وتسعها لشخص وحين عدوا الجمال عرفوا انها سبعة عشر جملا وهي لا تقبل الكسور المشار اليها. فرفعوا الامر الى امير المؤمنين فامر بضم جمله الى هذه الجمال فاصبح المجموع ثمانية عشر جملا ثم دفع نصفها تسعة) لصاحب النصف وثلثها (ستة) لصاحب الثلث وتسعها (اثنين) لصاحب التسع وبقي جمله له. (اللهم صل على محمد وال محمد). لان تسعة زائد ستة زائد اثنين يساوي سبعة عشر وبقي الجمل الثامن عشر واسترجعه لنفسه.
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ﴿١﴾اللَّـهُ الصَّمَدُ﴿٢﴾لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴿٣﴾وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴿٤﴾

صدق الله العلي العظيم




ابو علي 22-03-2012 12:56 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة الحادية والثلاثون 23 رجب 1419 هـ
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
اولاً. في ودي أن أُعلن تمديد مدة المسابقة لأجل صنع النصب الذي يمثل صلاة الجمعة كما طلبنا قبل مدة ، انا كنت وضعته الى آخر رجب والان يبقى منتظرا الى نصف شعبان ان شاء الله تعالى .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
لا اله الا الله قبل كل أحد و لا اله الا الله بعد كل أحد و لا اله الا الله مع كل أحد و لا اله الا الله يبقى ربنا ويفنى كل أحد و لا اله الا الله تهليلا يفضل تهليل المهللين فضلا كثيرا قبل كل أحد و لا اله الا الله تهليلا يفضل تهليل المهللين فضلا كثيرا بعد كل أحد و لا اله الا الله تهليلا يفضل تهليل المهللين فضلا كثيرا مع كل أحد و لا اله الا الله تهليلا يفضل تهليل المهللين فضلا كثيرا لربنا الباقي ويفنى كل أحد و لا اله الا الله تهليلا لا يحصى ولا يدرى ولا ينسى ولا يبلى ولا يفنى وليس له منتهى و لا اله الا الله تهليلا يدوم بدوامه ويبقى ببقائه في سني العالمين وشهور الدهور وأيام الدنيا وساعات الليل والنهار و لا اله الا الله أبد الآبدين و لا اله الا الله أبد الأبد ومع الأبد مما لا يحصيه العدد ولا يفنيه الأمد ولا يقطعه الأبد وتبارك الله احسن الخالقين .
بالنسبة الى الصلوات سأقرأ الزيارة الرجبية فإنهم ، المعصومون ، سلام الله عليهم ، يسمعون في كل مكان وزمان كما يقول في الزيارة ، أشهد أنك ترى مقامي وتسمع كلامي وهذا غير منحصر في الحضرات المباركات طبعا ، وطبعا نحن ايضا في نقطة مباركة جدا ، هي مسجد الكوفة وهذا أكيد وهو موقف أمير المؤمنين سلام الله عليه .
اللهم صل على محمد وال محمد الحمد لله الذي أشهدنا مشهد اوليائه في رجب وأوجب علينا من حقهم ما قد وجب وصلى الله على محمد المنتجب وعلى أوصيائه الحجب ، اللهم فكما اشهدتنا مشهدهم فأنجز لنا موعدهم وأوردنا موردهم غير محللين عن ورد في دار المقامة والخلد والسلام عليكم إني قد قصدتكم واعتمدتكم بمسألتي وحاجتي وهي فكاك رقبتي من النار والمقر معكم في دار القرار مع شيعتكم الأبرار والسلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار أنا سآلكم وآملكم فيما اليكم التفويض وعليكم التعويض فبكم يجبر المهيض ويشفى المريض وما تزداد الارحام وما تغيض إني بسركم مؤمن ولقولكم مسلم وعلى الله بكم مقسم في رجعي ، أي في رجوعي طبعا ، في رجعي بحوائجي وقضائها وإمضائها وإنجاحها وإبراحها وبشؤوني لديكم وصلاحها والسلام عليكم سلام مودع ولكم حوائجه مودع يسأل الله اليكم المرجع وسعيه اليكم غير منقطع وان يرجعني من حضرتكم خير مرجع الى جناب ممرع وخفض عيش موسع ودعة وَمَهَل الى حين الأجل وخير مصير ومحل في النعيم الازل والعيش المقتبل ودوام الاكل وشرب الرحيق والسلسبيل وعلٍ ونهل لا سأم منه ولا ملل ورحمة الله وبركاته وتحياته عليكم حتى العود الى حضرتكم والفوز في كرتكم والحشر في زمرتكم ورحمة الله وبركاته عليكم وصلواته وتحياته وهو حسبنا ونعم الوكيل .
اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(102)
بعد يومين تقريبا تأتي الذكرى السنوية لوفاة الامام الكاظم سلام الله عليه ، فيحسن جدا التعرض الى بعض فضائله ومناقبه بمقدار ما هو متيسر وممكن بطبيعة الحال. وبالرغم من ان الاتجاه التحليلي لتاريخ الائمة سلام الله عليهم ، هو الاوفق والاصلح مع الفهم الاجتماعي الحديث ، اصلح لكم هذا صحيح ، إلا إنني أود أولا أن أروي روايتين جليلتين من فضائل الامام عليه السلام ، ومعجزاته فإن فيهما عبرة عظيمة فإذا وسع الوقت ذكرنا شيئا من التحليل بالمقدار الممكن.
قال في كشف الغمة المرحوم الأُربُلي الجزء الثالث الصفحة 3: وقال ، هكذا منصوص الرواية ، وقال خشنام بن حاتم الطائي ، قال: قال لي ابي حاتم ، اي حاتم الطائي ، قال: قال لي شقيق البلخي رضي الله عنهم ، هكذا في النسخة ، خرجت حاجا في سنة تسع واربعين ومائة فنزلنا القادسية فبينما انا انظر الى الناس في زينتهم وكثرتهم فنظرت الى فتى حسن الوجه شديد السمرة ضعيف فوق ثيابه ثوب من صوف مشتمل بشملة في رجليه نعلان وقد جلس منفردا فقلت في نفسي هذا الفتى من الصوفية يريد ان يكون كلاً على الناس في طريقهم والله لأمضين اليه ولأوبخنه ، فدنوت منه فلما رآني مقبلا ، قال: يا شقيق ، اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ...(12) ، ثم تركني ومضى ، فقلت في نفسي ، سبحان الله ، ان هذا الأمر عظيم قد تكلم بما في نفسي ونطق باسمي وما هذا الا عبد صالح لألحقنه ولأسألنه ان يحللني فأسرعت في اثره فلم الحقه وغاب عن عيني ، فلما نزلنا واقصه فاذا به يصلي وأعضاءه تضطرب ودموعه تجري فقلت هذا صاحبي امضي اليه واستحله ، فصبرت حتى جلس واقبلت نحوه فلما رآني مقبلا قال: يا شقيق اتلُ ، يعني اتلو قوله تعالى ، : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ (82))، ثم تركني ومضى ، فقلت ان هذا الفتى لمن الابدال لقد تكلم على سري مرتين ، فلما نزلنا زبالة اذا بالفتى قائم على البئر وبيده ركوة ، كأنما سطل مناسب مع حجم البئر بالاصطلاح ، يريد ان يستقي ماءا فسقطت الركوة من يده في البئر وانا انظر اليه فرأيته وقد رمق السماء وسمعته يقول: انت ربي اذا ظمأت الى الماء وقوتي اذا اردت طعاما ، جل جلاله ، اللهم سيدي ما لي غيرها فلا تعدمنيها ، قال شقيق فو الله ، بعد غير الله ما كو جل جلاله ، فو الله لقد رأيت البئر وقد ارتفع ماءها فمد يده واخذ الركوة وملئها ماءا فتوضئ وصلى اربعة ركعات ثم مال ، يعني ذهب كأنه ، ثم مال الى كثيب رمل فجعل يقبض بيده ويطرحه في الركوة ، من ها لرمل هذا ، ويحركه ويشرب ، فأقبلت اليه وسلمت عليه فرد علي السلام فقلت اطعمني من فضل ما أنعم الله عليك ، هكذا العبارة ، فقال: يا شقيق لم تزل نعمة الله علينا ظاهرة وباطنة فاحسن ظنك بربك ، ثم ناولني الركوة ، اشرب بالسطل نفسه خوب ما كو خاشوگة ولا چمچة ، ثم ناولني الركوة فشربت منها فاذا هو سويق وسكر فوالله ما شربت قط الذ منه ولا أطيب ريحا فشبعت ورويت وبقيت أياما لا اشتهي طعاما ولا شرابا ، ثم اني لم أره حتى دخلنا مكة فرأيته ليلة ، في احدى الليالي ، فرأيته ليلة الى جنب قبة الشراب في نفس الليلة قائما يصلي بخشوع وأنين وبكاء فلم يزل كذلك حتى ذهب الليل فلما رأى الفجر جلس في مصلاه يسبح ثم قام فصلى الغداة وطاف بالبيت أسبوعا ، يعني سبعا ، سبع طوافات ، فتبعته واذا له حاشية وموالٍ ، يعني موالين له وخدم ونحو ذلك ، وهو على خلاف ما رأيته بالطريق ودار به الناس من حوله يسلمون عليه فقلت لبعض من رأيته يقرب منه: من هذا الفتى ؟ ، فقال: هذا موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام ، فقلت قد عجبت ان تكون هذه العجائب الا من هذا السيد ، ولقد نظم بعض المتقدمين واقعة شقيق في ابيات طويلة اقتصرت على نقل بعضها فقال:
سل شقيق البلخي عنه وما عاين منه وما الذي كان ابصر
قال لما حججت عاينت شخصا شاحب اللون ناحل الجسم اسمر
سائرا وحده وليس له زاد فما زلت دائما اتفكر
وتوهمت انه يسأل الناس ولم ادر انه
ثم عاينته ونحن نزول دون قيد على الكثيب الاحمر
يضع الرمل في الاناء ويشرب ثم ناديته وعقلي محير
اسقني شربة فناولني منه فعاينته سويقا وسكر
فسألت الحجيج من يك هذا قيل هذا الامام موسى بن جعفر
ثم يقول المؤلف علي بن عيسى الأُربُلي رحمه الله ، قلت ، هذا للإستيزاد ، اي للتعرف على زيادة مصادر هذه الرواية عند ابناء العامة ، وأنا قلت لكم في خطبة سابقا ان نقل الاربلي مكرس بالنقل عن كتبهم هذا هوه مكتوب بالمقدمة ، : القصة التي اوردها عن شقيق البلخي قد أوردها جماعة من ارباب التأليف والمحدثين ، ذكرها الشيخ ابن الجوزي رحمه الله ، في كتابيه ، واحد منه : اثارة العزم الساكن الى أشرف الاماكن ، وكتابه صفوة الصفوة ، وذكرها الحافظ عبد العزيز الاخضر الجنابذي وحكى الي بعض الاصحاب ان القاضي ابن خلاد الرامهرمزي ذكرها في كتابه كرامات الاولياء ، هذه احدى الروايات .
الرواية الاخرى: ما روي عن محمد بن الفضل قال: اختلفت الرواية بين اصحابنا في مسح الرجلين في الوضوء هو من الاصابع الى الكعبين ام من الكعبين الى الاصابع ، بالعكس ها ، فكتب علي بن يقطين وهو يومئذٍ احد الموالين للائمة ، هذا من ناحية ، والعاملين في قصر هارون الرشيد العباسي ، من ناحية أخرى وهو معروف لديكم ، فكتب ابن يقطين الى ابي الحسن موسى الكاظم عليه السلام : جعلت فداك ان اصحابنا قد اختلفوا في مسح الرجلين فاذا رأيت ان تكتب بخطك بما يكون عملي عليه فعلت ان شاء الله ، ترى العبارات تنطبق على الجواب لاحظوا انا لا استطيع ان اكررها ، فكتب اليه ابو الحسن عليه السلام : فهمت ما ذكرت من الاختلاف في الوضوء والذي آمرك به ، اليس يقول فعلت ان شاء الله ، سوي چا ، والذي آمرك به في ذلك ان تتمضض ثلاثا هكذا ، او تتمضمض ثلاثا ، وتستنشق ثلاثا وتغسل وجهك ثلاثا وتخلل شعر لحيتك وتغسل يديك الى المرفقين ثلاثا ، كلهن ثلاثة ، وتمسح رأسك كله وتمسح ظاهر اذنيك وباطنهما وتغسل رجليك الى الكعبين ثلاثا ولا تخالف في ذلك الى غيره ، فلما وصل الكتاب الى علي بن يقطين تعجب مما رسم له فيه مما جميع العصابة على خلافه ، يعني جميع الشيعة على خلافه ، ما كو هيجي وضوء عدنه حبيبي ، ثم قال ، شوفو اخلاصه : مولاي أعلم بما قال وانا ممتثل لأمره ، فكان يعمل في وضوءه على هذا الحد ، يعني على هذا الشكل والاسلوب ، ويخالف ما عليه جميع الشيعة امتثالا لأمر ابي الحسن عليه افضل الصلاة والسلام ، وسعي ، وشاية ، وسعي بعلي بن يقطين الى الخليفة العباسي هارون ، وقيل انه رافضي مخالف لك ، فقال الرشيد لبعض خاصته: قد كثر عند القول في علي بن يقطين والقرص له بخلافنا وميله الى الروافض ولست ارى في خدمته لي تقصيرا وقد امتحنته مرارا فما ظهرت منه على ما يقرص منه واحببت ان استبرء أمره من حيث لا يشعر فيحترز مني ، لأنه اذا شعر به احترز واذا لم يشعر لم يحترز ، ها ، انا اريد ان اراقبه من حيث لا يعلم ، زين ، فقيل له: ان الرافضة يا أمير المؤمنين تخالف الجماعة في الوضوء فتخففه ولا ترى غسل الرجلين فامتحنه من حيث لا يعلم بالوقوف على وضوءه ، فقال: أجل هذا الوجه يظهر به أمره ، ثم تركه مدة وناطه بشيء ، او أناطه بشيء من الشغل في الدار حتى دخل وقت الصلاة وكان علي بن يقطين يخلو في حجرة في الدار لوضوءه وصلاته فلما دخل وقت الصلاة وقف الرشيد من وراء حائط الحجرة بحيث يرى علي بن يقطين ولا يراه هو، زين ، فدعى بالماء للوضوء فتوضأ كما تقدم ، يعني كما علمه الامام عليه السلام ، كول لا ، سبحان الله ، والرشيد ينظر اليه فلما رآه قد فعل ذلك ، صعدت عنده العاطفة ، لم يملك نفسه حتى اشرف عليه بحيث يراه ثم ناداه: كذب يا علي بن يقطين من زعم انك من الرافضة ، وصلحت حاله عنده ، وورد عليه ، اي بعد هذه الحادثة ، كتاب ابي الحسن موسى عليه السلام ، ابتداءاُ يعني من دون سؤال سابق : من الآن يا علي بن يقطين توضأ كما امر الله تعالى اغسل وجهك مرة فريضة ومرة إسباغا واغسل يديك من المرفقين كذلك ، اي مرتين وليس ثلاثة ، وامسح بمقدم رأسك وظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك فقد زال ما كنا نخاف عليك والسلام ، لاحظوا انه ، لا حظوا الدين ، لاحظوا انه لو كان قد شكك علي بن يقطين بما صدر اليه من الامام عليه السلام ، في كيفية الوضوء التي تخالف اجماع الشيعة لوقع في المحذور بكل تأكيد ، ولكن انظروا الى مدى يقينه بالإمام عليه السلام ، والتزامه بأمره واطاعته له كالميت بين يدي الغسال وهكذا ينبغي ان يكون الإنسان أمام المعصومين ليس في حياتهم فقط ، دائما سبحان الله ، وهؤلاء المشككون موجودون في كل عصر للتشكيك بالمراجع عموما وبالسيد محمد الصدر خصوصا ، وعدم حملهم على الصحة وعدم اطاعتهم الا بعد الاقتناع ولن يحصل الاقتناع بما هم فيه مشككون ، ومن هنا سوف تفشل كثير من المصالح العامة والحقيقية بإرجاف المرجفين وتشكيك المشككين ، ولو انهم التفوا حول حوزتهم ووثقوا بأمر مراجعهم ، ( لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم ۚ مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ ، فاسقون.
ومن هذا يتضح ان كثيرا من القصص التاريخي التي هي ليست نصوصا فقهية بطبيعتها ، بل كل القصص التاريخي وليس بعضه وغير القصص التاريخي ايضا يمكن ان يستفاد منها مفاهيم وعبر واحكاما ومواعظ يستفاد منها في كل مجتمع وفي كل طبقة وفي كل عصر ، إلا ان عددا منها خارج الخطوط الحمر كما يعبرون ، ولو امكنني ان اشرحها لكم لشرحتها الا انني لا اتمكن غالبا في ذلك ، وان لنا في ذلك اسوة بأئمتنا وقادتنا المعصومين سلام الله عليهم ، ومن ذلك ما يروى عن الامام الجواد عليه السلام ، انه حين وصلت اليه الامامة بعد وفاة ابيه سلام الله عليه ، رقى المنبر وقال ما مضمونه ، لاحظوا: ( اني سأقول كلمة تدهش الاولين والاخرين)، ثم سكت هنيهة ثم ضرب بيده على فمه وقال كانه يخاطب نفسه: (اسكت كما سكت ابآئك ) ونزل عن المنبر ، وهو سلام الله عليه ، طبعا ، وهو سلام الله عليه ، ليس ساكتا كالمراجع الصامتين ، فانه رويت عنه روايات كثيرة من الحكم والاحكام والمواعظ ، وإنما هو صامت فيما تجب التقية فيه فقط وبالأسرار الالهية بطبيعة الحال التي يتحملها سلام الله عليه ، ويتصرف بمقدار ما هو ممكن او بأقصى مقدار ممكن ، لا يتعداه ، وكذلك ابائه سلام الله عليهم ، حين يقول (اسكت كما سكت اباؤك).
وفي رواية اخرى: ( لو أُذن لنا بالكلام لزال الشك) ، لو اذن لنا بالكلام لازال الشك ، يعني ان الكلام الحقيقي غير مأذون فيه ، الأمر الذي يسبب بقاء الشك في المجتمع ، وهذا المعنى باب تفتح منه الف باب ، وقابل للانطباق في كل مكان وزمان .
وعلى اي حال فان أشهر ما مر به الامام الكاظم عليه السلام ، هو السجون التي عاناها من قبل الظالمين في عصره ، فقد استمر يتقلب في السجون مدة اربعة عشر سنة او اكثر، حتى مات في السجن ولم يشم نسيم الحرية طيلة حياته حيث قتلوه مظلوما مسموما ، قتله سرجون عصره وفي كل عصر يوجد سرجون او سراجين على اية حال .
وأنا قلت اكثر من مرة ان في كل شيء عبرة وموعظة ، ونحن تكليفنا ان ننظر في العبر المستفادة من الاشياء ونمحصها ، لا ان نغفل عنها ونهملها ، كما قال الله تعال: (وكَأَيِّن مِّنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105))، فلنحاول الآن بمقدار الإمكان طبعا ، إستخلاص العبر والخلاصات التي يمكننا التوصل اليها من حصول السجن الطويل للإمام الكاظم عليه السلام ، مع الالتفات بوضوح ان كل موعظة منها هو باب واسع يمكن ان ينطبق في كل مكان وزمان ، وهذا مالا يمكن استقراؤه واحدة واحدة طبعا ، انتم تلاحظوه ها ، وان قول القران وفعل المعصومين هو هداية لنا وكأنه خاص بمجتمعنا ومكاننا وزماننا وإن كان هو في نفس الوقت شاملا لغيرنا ، ونفس هذا الشعور سيكون صادقا في أي مجتمع وفي اي زمان ، وهذا من معجزات الاسلام على الحقيقة .
زين ، وما يمكن بيانه من العبر كما يلي:
اولا: ان اعتداء الدولة ، لاحظوا وهذا ينبغي ان يكون واضحا سبحان الله ، ان اعتداء الدولة الظالمة يومئذ على الامام عليه السلام ، طبعا ، احتقار له وتحدي له بصفته هو القائد الأهم والزعيم الأعظم لعدد مهم من المسلمين وطائفة ضخمة منهم ، اي من المسلمين ، مشهود لهم بالصحة والرجاحة ، إذن فاحتقاره احتقار لها ، للطائفة نفسها ، والاعتداء عليه اعتداء عليها والتحدي له تحدي لها وليس على فرد واحد في الحقيقة ، وان بدا في الظاهر هكذا ، إلا إنه تحدي لمذهب كامل في الاسلام .
ثانيا: انه بصفته من أولياء الله وأصفيائه والمبلغين لأحكامه والحاملين الى البشرية هدايته ونوره ، الا نسمع في زيارته: (يا نور الله في ظلمات الارض) ، گول لا ، إذن ، سيكون الاعتداء عليه والاحتقار له وتحديه ، اعتداءاً على الله واحتقارا له وتحديا له والعياذ بالله وليس فقط على الطائفة .
ثالثا: إن الدولة حين سجنته وقتلته فقد حرمت المجتمع من علمه ولطفه وقيادته وما كان يقوم به من جهود وجهاد في سبيل تقويمه ، اي تقويم المجتمع ، وتنويره وحفظ شؤون شيعته ومواليه ، والدولة في ذلك الحين ملتفتة الى ذلك ، عالمة وعامدة لذلك مع شديد الأسف .
رابعا: إن أئمتنا عليهم السلام ، كانوا يقومون في حدود امكانهم المتاحة بكثير من الاعمال والاتصالات التي كانت الدولة في ذلك الحين تتحذر منها ، وتعتبرها تحديا لسلطانها ، والروايات في ذلك طافحة ومتوفرة ومتيسرة ، ومن هنا كان من المنطقي ان تجد الدولة من جهة نظرها لزوم التخلص من هذا القائد وإلقائه في غياهب السجون ، وما طلعه إلا أن يموت ، لكي لا تبتلي بعمله وجهده وجهاده مرارا وتكرارا .
خامسا: إننا نعلم ان بلاء الدنيا كلما ازداد ، ازداد ثواب الآخرة لا محالة ، ونعلم ان أشد الناس بلاءاً في الدنيا ، هذا موجود بالرواية ، إن أشد الناس بلاءاً في الدنيا هم الانبياء ثم الأمثل فالأمثل ، سامعيه كلكم ، وإنه كلما ازداد الانسان شهرة ازداد بلاءا وامتحانا ، هذا هم حكمة موجودة ، ومن هنا كان في الحكمة الالهية كان لا بد ان يمر المعصومون سلام الله عليهم ، بفترات من البلاء على اختلاف ذلك فيما بينهم ، فبينما يموت الامام الحسين عليه السلام ، قتلا ، يموت الامام الحسن عليه السلام ، بالسم ، ويموت الامام الكاظم عليه السلام ، بالسجن وهكذا ، وليس ذلك الا لعلو مقامهم وازدياد درجاتهم كما ورد في الحسين عليه السلام ، گول لا: (ان لك عند الله درجات لا تنالها الا بالشهادة) .
سادسا: إنهم سلام الله عليهم ، تلقوا كل ذلك ، اي من البلاء الدنيوي ، بالرضا والتسليم من الله سبحانه وتعالى ، بل بالحب والقبول كما لو كان هدية لطيفة تهدى لهم ، اليس بيه دلائل وروايات احبائي ، اليس قال امير المؤمنين سلام الله عليه ، حين ضرب في المحراب ، ماذا قال : (فزت ورب الكعبة) ، وقال الحسين عليه السلام ، في عرصة كربلاء : (هون ما نزل بي أنه بعين الله) ، بس همة ، لا أكو بعد ، وقال ابو ذر وهو في الربذة حين اشتد به البلاء يخاطب الله جل جلاله ، سامعيه : اخنق خنقتك ، يعني ضيق علية بما تشاء ، اخنق خنقتك فانك تعلم اني احب لقائك ، اخنق خنقتك فانك تعلم اني احب لقائك ، زين ، وقال الامام الكاظم الذي نتحدث عليه الآن سبحان الله هم اله چلمة ، وقال الامام الكاظم عليه السلام، في سجنه وهو الذي نتحدث عنه الان : (اللهم انك تعلم اني كنت اسألك ان تفرغني لعبادتك اللهم وقد فعلت فلك الحمد).
سابعا: ان في ود المؤمن المتكامل ان يتوجه بقلبه الى الله تعالى وان يكثر ذكره وتتزايد عنده عبادته ، وهذا ما لا تتوفر فرصته حين يكون الفرد في معمعة المجتمع وفي الاتصال الكثير بالناس وإنما تحصل فرصة ذلك لدى الوحدة والابتعاد عن الناس ، زين ، وكيف تحصل الوحدة وقد أوجب الله تعالى على المؤمن الامر بالمعروف وتبليغ الاحكام وهداية الناس ، إذن فالوحدة في مثل ذلك والابتعاد بهذا المعنى حرام واسقاط للطاعة الالهية في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وهداية الاخرين ، زين واما اذا كان الانسان في السجن فسيكون فارغ الذمة من جانب الامر بالمعروف والتبليغ وسيكون مبتعدا عن المجتمع قهرا ، اذن فالمؤمن يرى السجن من هذه الناحية نعمة ورحمة عليه ، لكي يتفرغ فيه لذكر الله وطاعته وعبادته كما سمعنا من الامام الكاظم يقول ، عليه افضل الصلاة والسلام : (اللهم انك تعلم اني كنت اسألك ان تفرغني لعبادتك اللهم وقد فعلت فلك الحمد).
ثامنا: ان الحجة قائمة بوضوح ضد ساجنيه ، ها ، گول لا ، سبحان الله ، خوش اوادم ساجنيه ، لا ، إن الحجة قائمة بوضوح ضد ساجنيه وضد الدولة التي سجنته لأنها سجنت عبدا صالحا ووليا من أولياء الله وهم يعلمون ذلك طبعا ، يكفيهم من ذلك ما يرونه دائما منه من كثرة العبادة والتهجد وقيام الليل وصيام النهار حتى ان عددا من ساجنيه كخالد بن يحيى البرمكي وغيره حاولوا التخلص والتملص من مسؤولية سجنه لما يرونه من فضله وعلو شأنه ، وهذا هو السبب الرئيسي فيما أرى في نقله من سجن الى سجن ، كل واحد چان ايگول آني معليه طلعوا من سجني ودوه لغير مكان ها ، لأن السجان كان يرفض استمرار سجنه عنده الى ان وصل الى سجن السندي بن شاهك عليه اللعنة ، الذي لم يكن يشعر بهذه المسؤولية قبحه الله ولعنه .
تاسعا: ليس هذا فقط ، بل كان الفراشون والمباشرون له في السجن يصبحون أتقياء وأولياء في ليلة وضحاها بهداية الإمام عليه السلام ، وعمله حتى انه روي انهم جعلوا له امرأة خليعة لكي تخدمه فأصبحت في يوم واحد زاهدة وعابدة .
عاشرا: انه ، شوفو ، انه ، اي الامام الكاظم سلام الله عليه ، تحرر من السجن ، اطلق سراحه لو لا ، انا اقول اطلق سراحه ، انه ، اي الامام الكاظم سلام الله عليه ، تحرر من السجن الى الحرية الحقيقية بموته مظلوما وليس الى الدنيا كما هو العادة فيمن يطلق سراحهم ، فانه اذا اطلق سراحه في الدنيا سيكون قد خرج من سجن الى سجن ، گول لا ، سبحان الله ، لأن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ، اما اذا ذهب الى ربه ومقاماته العليا فقد نال الحرية الحقيقية من أضيق السجون ، ومن هنا ورد ان هارون العباسي ولا اريد ان اسميه الرشيد ، ليس برشيد ، ليس برشيد ، ليس برشيد ، إن هارون العباسي ارسل اليه يطلب منه مجرد الاعتذار لكي يطلق سراحه ، ، ايگلة اعتذرلي تعالي بالمجلس اعتذري ، وآني ادزك لبيتك ، اطلق سراحك اعتيادي ، شيجاوبه بله ، فأجاب ما مضمونه : (قل له ، هذا الرسول اللي جايه ، ( قل له ان اي يوم يمضي فإنه يقلل من ايام بلائي كما انه سيقلل من ايام سعادتك وملكك) اي سعادته بالخلافة والدنيا المستوثقة له.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)
صدق الله العلي العظيم

الجمعة الحادية والثلاثون 23 رجب 1419هـ
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ألله اكبر قبل كل أحد و الله اكبر بعد كل أحد و الله اكبر مع كل أحد و الله اكبر يبقى ربنا ويفنى كل أحد و الله اكبر تكبيرا يفضل تكبير المكبرين فضلا كثيرا قبل كل أحد و الله اكبر تكبيرا يفضل تكبير المكبرين فضلا كثيرا بعد كل أحد و الله اكبر تكبيرا يفضل تكبير المكبرين فضلا كثيرا مع كل أحد و الله اكبر تكبيرا يفضل تكبير المكبرين فضلا كثيرا لربنا الباقي ويفنى كل أحد والله اكبر تكبيرا لا يحصى ولا يدرى ولا ينسى ولا يبلى ولا يفنى وليس له منتهى والله اكبر تكبيرا يدوم بدوامه ويبقى ببقائه في سني العالمين وشهور الدهور وايام الدنيا وساعات الليل والنهار والله اكبر أبد الآبدين أبد الأبد ومع الأبد مما لا يحصيه العدد ولا يفنيه الأمد ولا يقطعه الأبد وتبارك الله احسن الخالقين ، أللهم يا أجود من أعطى ويا خير من سُئل ويا أرحم من استرحم أللهم صل على محمد واله في الأولين وصل على محمد وآله في الآخرين وصل على محمد واله في الملاء الأعلى وصل على محمد واله في المرسلين أللهم أعط محمدا واله الوسيلة والفضيلة والشرف والرفعة والدرجة الكبيرة أللهم إني آمنت بمحمداً صلى الله عليه واله ، ولم أره فلا تحرمني في القيامة رؤيته وارزقني صحبته وتوفني على ملته واسقني من حوضه مشربا رويا سائغا هنيئا لا أظمأ بعده أبدا إنك على كل شيء قدير ، أللهم إني آمنت بمحمد صلى الله عليه واله ، ولم أره فعرفني في الجنان وجهه ، أللهم بلغ محمدا صلى الله عليه واله ، مني تحية كثيرة وسلاما.
اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(102)
طبعا نحن نعلم ان الدين الاسلامي وارد الى كل احد ، گول لا ، وشاغل ذمة كل مسلم بل حتى الكفار لأنهم مكلفون بأصول ديننا وفروع ديننا ايضا على ما هو الصحيح من انهم مكلفون بالواجبات والمحرمات يعني مكلفون بالدخول في الإسلام هذا باعتبار اصول الدين وكذلك هم مكلفون بامتثال أوامره ونواهيه باعتبار فروع الدين ، نعلم ايضا وبكل وضوح انه كما إن تكليف الإسلام عام ، أو قل ان شريعة الله عامة لكل البشر كذلك مسؤولية طاعته لازمة وواجبة في كل الأعناق وأن الموت شامل لكل الناس وأن كل الناس يمرون بعد الموت بالحساب والعقاب والثواب وان من ينكر الحياة بعد الموت ويوم القيامة فهو ليس بمسلم .
وبالرغم من ان هذا من الضروريات الواضحات والتي لا يجهلها أحد فيما احسب ولم يغفل عنها احد أكيدا مع ذلك كنا نجد ولا زلنا نجد ان عددا من طوائف المجتمع وطبقاته يتصرفون فعلا في حياتهم الدنيا كأنهم لا يشعرون بأية مسؤولية دينية ولا بأي ثواب وعقاب ، وكأنهم في غنى عن ذلك كله او كأنهم في عماً وصمم عنه يتعمدون التماهل والعصيان والتجاهل ، وكلها طبقات واضحة لدينا نعرفها جميعا ومن أوضحها اولئك الملتزمون بالحرام وعليه حياتهم وأرزاقهم والعياذ بالله كالمغنين والممثلين وبائعي الخمور والمرابين والسافرات ، اللي ما يرضى يلبس الباب ، زين ، وآخرون ، كما قال الله تعالى : ((لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101)).
زين ومن جملة هذه النماذج يعتبر ، وجملة من هذه النماذج يعتبر شجرة من اشجار الزقوم التي تنبت في قعر الجحيم طلعها كأنه رؤوس الشياطين ، لانهم لا يقتصرون بالجرم على أنفسهم بل يقومون من حيث يعلمون او لا يعلمون بتوزيع الغواية والضلال على الاف الناس وملايين الناس فهو كالشجرة المثمرة للحنظل ينبت فيها نبات كثير وحنظل كثير ، مع العلم ان المسؤولية الحقيقية امام الله تعالى قد تتمثل في كلمة واحدة يسمعها منك غيرك ، كلمة مو زينة تضل بها صاحبك ، وحدة ، فيقال لك كسرته وعليك جبره ، انت مادام ضليته فعليك مسؤولية هدايته ، گول لا ، هاي في الكلمة الوحدة فكيف بمسؤولية الاضلال الكامل للفرد ، وكيف وبالأولى مسؤولية اضلال كامل لطبقة من الناس او مجتمع من الناس ، ويكون كما ورد من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة ، فما أعظم العذاب الذي ينتظره هناك انه فوق كل تصور.
زين ، ولعل جملة منهم ممن لا يستحق التوبة او لا تؤثر فيه الكلمة الطيبة ولا يفيد فيه التحذير ، فعلا هذا موجود ، ومن هنا قد نقول كما ربما يقول بعض الحوزة ، انه لا أمر لمن لا يطاع ، ونسكت كما سكتت الحوزة التقليدية عموما ، إلا ان الكلام والموعظة مع ذلك اكثر انقيادا لله واكثر افراغا للذمة ، وسيقول لهم الله سبحانه وتعالى يوم القيامة ، شيگلهم ، اني قيضت لكم وارسلت لكم من ينبهكم بصراحة ويدفعكم بقوة نحو الهداية فلم تنتبهوا ولم تندفعوا فاخسأوا فيها ولا تكلمون .
ايها القوم الغافلون السادرون في مختلف اشكال الغي والنفاق إنكم تعلمون ان الله موجود وهو الرقيب والحسيب وان باب التوبة مفتوحة ما دامت الحياة وان الاسلام حق وان طاعته واجبة وان الموت لاحقكم على كل حال وان جهنم ورائكم على كل حال فارحموا اجسادكم من النار فإنكم لا تتحملون عذاب جهنم وتستغيثون حيث لا مغيث وأنتم الان في فرصة التوبة والنزوع عن الحوبة والخلاص من غضب الله والاسراع الى رحمة الله والله سبحانه لا يريد لنا جميعا إلا الخير والصلاح تأسفوا على نفوسكم التالفة وآرائكم السقيمة وافعالكم المريضة .
وفي حدود فهمي فان كل فرد بحسب خلقته الانسانية الاصيلة لنفسه فهو طالب للكمال ومحب للحق وميال الى التوبة والى الصلاح كما قال الله تعالى : ((فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ...(30))، ها گول لا سبحان الله ، فالتفتوا الى فطرتكم واهتدوا بهدى ربكم وارحموا نفوسكم وعقولكم من الضلال واجسادكم من حريق النار .
وهناك طبقات من المجتمع دون من سبق ان ذكرناهم يعني يمكن ان نفهم عنهم انهم ليسوا متمرسين في الحرام في كل حياتهم وغير متلبسين في العصيان في كل أعمالهم وأقوالهم بل الأغلب فيهم ذلك ، نگدر انگول، وهؤلاء يكونون اولى بتقبل التوبة والهداية والانابة واطاعة شريعة الله ونحن نتمنى للجميع كل خير وصلاح بل يريد الله تعالى ذلك وهو اولى من الجميع من كل الخلق ، كما قال تعالى : ((تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ ...(67))، يعني يريد لكم الاخرة لا لنفسه يريد الآخرة هو غني عن العالمين حبيبي ، وطبقا لهذه القاعدة القرآنية قمت بتطبيق ذلك على عدد من فئات المجتمع وقد حصلت استجابة طيبة من كثير منهم وما ذلك الا لان الصفة الغالبة عليهم الخوف من الله والشعور بالمسؤولية فقد تاب الى الان اغلب السالكين فقد كانوا من حيث يعلمون او لا يعلمون سالكون الى الشيطان فأصبحوا بالتوبة والانابة سالكون الى الله سبحانه ومطيعون له من حيث ما يريد منهم الاطاعة ، وكذلك حين ناديت بلسان الشريعة وليس بلساني القاصر المقصر ، بلسان الشريعة رؤساء القبائل وقانون العشائر، أقبل عدد منهم الى طاعة الله جزاهم الله خير ، وشعروا بالمسؤولية الدينية الاسلامية جزاهم الله خير جزاء المحسنين والمتوقع من الآخرين منهم ان يستنوا بسنتهم وان يلتفتوا الى واقعهم وان يشعروا بمسؤوليتهم أمام الله تعالى وأمام دينهم وأمام حوزتهم المقدسة ، فالحوزة باتت قريبة من المجتمع وليست بعيدة ، تلقي الحوزة وتريد النتيجة ، گول لا ، وأما الخدمة والسدنة فلم أعرف توبة اي واحد منهم ولم أر رجوع اي شخص فيهم مع شديد الاسف وأنا اقول لهم انكم انما تتوبون الى الله لا الى الحوزة ولا الى السيد محمد الصدر وانما تطيبون بذلك اعمالكم واقوالكم واموالكم امام الله تعالى وهذا الخير كله لكم في الدنيا والاخرة فلماذا تأبون عنه وتنفون هداية الله سبحانه وتعالى وتفضلون سرقة اموال الامام عليه السلام ، ووقفياته والتغرير بالزائرين وغير ذلك تفضلونها على طاعة الله وطاعة المعصومين عليهم السلام ، وهل هذا الا طلب الدنيا وسوء النفس الامارة بالسوء مع شديد الاسف ، وعلى اي حال ، فلا زال المجال مفتوحا وليس للسيد محمد الصدر ان يغلق الفرصة ،ليس له ان يغلق الفرصة مع ان الله تعالى فاتح لها ، فان فرصة التوبة موجودة ما دام الفرد في الحياة قبل ان تصل الروح الى البلعوم ويقول ، ماذا يقول : (...رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا(روح ولي دير ظهرك وروح ) إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)).
وعلى هذا السياق الذي كنت فيه ولا زلت ملتزما به ، لاحظوا ، أوجه كلامي الى فئة اخرى من المجتمع نتوقع منها الخير ، نتوقع على اي حال ، نتوقع منها الخير والرجوع الى الصلاح والفلاح وهو موظفوا الدولة والعاملون فيها في اي عمل كانوا او اختصاص او رتبة او اهمية من وزراء ومدراء وعسكريين ومدنيين ومعلمين واطباء ومن مختلف مذاهب المسلمين حتى كناس البلدية على ما يعبرون.
فإنهم بطبيعة الحال كسائر افراد المجتمع يتوقع الدين منهم ويتوقع الله منهم الصلاح والفلاح ، ويتوقع منهم المجتمع العدل والانصاف ويتوقع منهم المؤمنون النجاة من عذاب النار ، كما قال الله تعالى في آيات كتابه المجيد: ((وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27) وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28) وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا (30)أُولَٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ۚ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31)) ، وما أسهل وما أحسن ان يلتفت الفرد من الضلال الى الإيمان ومن الظلم الى العدل ومن الظلام الى النور ، ولا ينبغي ان تلهيه المصالح الدنيوية والعلاقات الاجتماعية والامور السياسية عن مصالحه الحقيقية التي وجد لأجلها وولد لتحقيقها وهي الحصول على الثواب ورضا الله جل جلاله.
وقد كان الحال في العقود السابقة التي عشناها بما فيه العهد الملكي وغيره ، يعيش الموظفون في بوتقة دنيوية خالصة ، لا يفكرون فيها بآخرة ولا بصلاة ولا بصيام ولا بخمس ولا بحج ولا بأية طاعة ، كأن حياتهم يجب ان تكون مقرونة بمثل ذلك وهم ملتفتون لامحالة الى الدين وواجباته لو تأملوا قليلا ، إلا ان الأمر هكذا كأن المخاطب غيرهم ، فيجب مثلا على رجال الدين ، يجب مثلا على رجال الدين ان يكونوا متدينين ولا يجب على رجال الدنيا ذلك ، وهم يعلمون كذب هذا الوهم الشيطاني ، لأن الله تعالى في القران الكريم يقول لرسوله : ((قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ...(158)) ، وهم لامحالة وكل البشرية هم من الناس ، إذن فهم مشمولون للرسالة المحمدية ولأصول دينها ولفروع دينها ومفاهيمها وليس انهم يجوز لهم ان يتركوا كتابهم وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون.
ولو كان الفرد منهم مخلصا للدنيا حقا ، زين خلي يصير مخلص للدنيا ايحصل منه شي للآخرة لكان وجها ، لأنه عندئذ سيرحم الصغير ويوقر الكبير ويتعامل بالانسانية والتعطف ، ولكنه كان لا يرى الا مصلحة ذاته ومقدار فعله وسعة بيته ومصلحة اسرته وبدون العناية بدين او دنيا خارج هذه الدائرة ، ومن يصبح هكذا كائنا من كان حتى لو سيد محمد الصدر ، ومن يصبح هكذا يصبح أدنى من الانعام وأضل سبيلا كما انه اقسى من الوحوش واشد ظلما .
وعلى اي حال فباب التوبة مفتوح ويد الرحمة الالهية ممدودة لكي تتلقى اي واحد من البشر بالترحاب بما فيهم موظفوا الدولة من كبار وصغار ، وهذا جيد لهم وليس لسواهم ، وانا اجلهم في الوعي الذي هم فيه والرشد الذي يتصفون به ان يقفوا ضد مصالحهم الحقيقية وتعاليمهم الأخروية.
وأنا اكرر كما قلت اكثر من مرة انكم ليس المطلوب منكم اتباع السيد محمد الصدر ولا الاقتراب منه ولا حسن الظن به وإنما المطلوب في القرآن والاسلام هو اتباع تعاليم الله والتقرب اليه بالطاعات وحسن الظن به جل جلاله وهذا يكفي جدا وليذهب سيد محمد الصدر الى الجحيم .
كما انني في هذا المستوى من التفكير لا اطلب منكم تغير اديانكم او مذاهبكم ، في هذا المستوى من التفكير لا أطلب منكم تغير اديانكم او مذاهبكم وانما اقول : كونوا طيبين ومتورعين في الدين الذي تؤمنون به والمذهب الذي تؤمنون به فانه لاحظوا ، فانه ليس هناك مذهب ولا دين يجيز شرب الخمر والسرقة والغش والظلم والاعتداء وتمرير المصالح الدنيوية وتفضيل الانانية ، حاشا لله وحاشا لأديان الله كلها من هذه الامور ، وانا قلت في خطبة سابقة ما مضمونه السؤال عما اذا كان عيسى عليه السلام ، شارب خمر او سارق او ظالم او اناني او كان موسى كذلك او كان ابراهيم كذلك او كان محمد صلى الله عليه واله ، كذلك ، حاشاهم جميعا طبعا. او كان سليمان الذي بنى هيكل سليمان المقدس في نظر اليهود كذلك؟ لا طبعا حاشاهم جميعا من كل ذلك ، ام كانت هل كانت نساؤهم سافرات ومتعاملات مع الرجال بالسوء والفتنة ؟ يضعن المكياج في الشوارع والمشارع ويسرن في الاسواق ويطمعن في زخارف الدنيا ويشربن الخمر ويعشن على الربا ويكذبن ويأكلن لحم الاخرين بالغيبة والبهتان؟ ، حاشا لاولئك من ذلك .
والملحوظة الأخيرة انه لا ينبغي ان ييأس الفرد من نفسه ومن توبته باعتبار انه متمرس كثيرا في اصناف الحرام او عائش على المال الحرام فيكون يائسا من رحمة الله ، لا، لا يجوز ، فكأنه يرى انه لا مجال لان تقبل توبته او يكون مشمولا لرحمة الله ، كلا ثم كلا ، لمثل هذه الفكرة ، لا تيأسوا من رحمة الله التي وسعت كل شيء فان الله واسع الرحمة سريع الرضا عطوف رؤوف باسط اليدين بالعطاء والسخاء فيجب ان لا نقنط من رحمة الله او نيأس من عفوه وانما اللازم هو حسن الظن بالله والمبادرة الى طاعة الله ورضا الله وإنما الذي ينبغي ان يفكر فيه الفرد انه لو بقي لاحظوا ، انه لو بقي على حاله من العصيان ولو ليوم واحد او ساعة واحد فضلا عن الكثير فان الله تعالى شديد العقاب ومنتقم وانما يجني الفرد على نفسه ويكون من الهالكين والخاسرين ممن خسروا انفسهم فبادروا رحمكم الله الى طاعة الله الذي يذكر الذاكرين ويشكر الشاكرين ويزيد في ثواب المطيعين فان هذا هو الطريق الحق وما بعد الحق الا الضلال.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)
صدق الله العلي العظيم

ابو علي 22-03-2012 12:57 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة الثانية والثلاثون 30 رجب 1419 هـ
الخطبة الاولى.
أعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
توجد هناك نقطتان أود قبل الدعاء أن أبينها لكم:
النقطة الاولى :
اشتباه وقعت فيه في الخطبة السابقة ، تتذكرون إني رويت بعض الروايات في فضائل موسى بن جعفر سلام الله عليه ، أنا قلت في واحد من الروايات خُشنام ابن حاتم الطائي ، هذا ليس بصحيح بل هو خشنام بن حاتم الاصم ، وليس ابن حاتم الطائي ، والفرق بينهما ربما حوالي خمسمائة سنة او اكثر محل الشاهد .
النقطة الثانية :
إننا نعلم انه منذ سنين ربما عشرين سنة المشي الى كربلاء في زيارة الاربعين محل منع ، إلا انه لم يصدر أي منع في المشي في المناسبات الاخر، ففي الإمكان استغلال أي مناسبة دينية رفيعة لأجل المشي الى كربلاء المقدسة.
والآن أمامكم مناسبة جليلة هي زيارة نصف شعبان ليلاً ونهاراً من نصف شعبان ، فلا تقصروا بالمشي الى كربلاء المقدسة من مدنكم جزاكم الله خيرا.
استثني من ذلك أمرين:
اولا. المعممين يبقى بالنسبة لهم مستحبا وليس واجبا جزاهم الله خير.
والآخر: من زاد في عمره على الخمسين عاما ، يبقى بالنسبة اليه مستحبا وليس واجبا ، وكذلك بالنسبة الى النساء يبقى لهن مستحبا وليس واجبا.
فلا تقصروا اذا لم يكن هناك ضرر وتحملوا شيئا من المشقة في سبيل الله ، ونحن أيضا نعلم ونحس بان الوقت مناسب من حيث البرد والحر على اية حال.
أعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سبحانك ربنا ولك الحمد أنت الذي بكلمتك خلقت جميع خلقك فكل مشيئتك أتتك بلا لغوب وأثبت مشيئتك ولم تأن فيها لمؤنة ولم تنصب فيها لمشقة وكان عرشك على الماء والظلمة على الهواء والملائكة يحملون عرشك عرش النور والكرامة ويسبحون بحمدك والخلق مطيع لك خاشع من خوفك لا يُرى فيه نور إلا نورك ولا يسمع فيها صوت إلا صوتك حقيق بما لا يحق الا لك ، يعني أنت حقيق بما لا يحق الا لك ، خالق الخلق ومبتدعه توحدت بأمرك وتفردت بملكك وتعظمت بكبريائك وتعززت بجبروتك وتسلطت بقوتك وتعاليت بقدرتك فأنت بالمنظر الأعلى فوق السماوات العلى كيف لا يقصر دونك علم العلماء ولك العزة احصيت خلقك ومقاديرك لما جل من جلال ما جل من ذكرك ولما ارتفع من رفيع ما ارتفع من كرسيك علوت على علو ما استعلى من مكانك كنت قبل جميع خلقك لا يقدر القادرون قدرك ولا يصف الواصفون أمرك رفيع البنيان مفيئ البرهان عظيم الجلال قديم المجد محيط العلم لطيف الخبر حكيم الأمر أحكم الأمر صنعك وقهر كل شيء سلطانك وتوليت العظمة بعزة ملكك والكبرياء بعظم جلالك فسبحانك وبحمدك تباركت ربنا وجل ثناؤك ، اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك أفضل ما صليت على أحد من بيوتات المسلمين صلاة تبيض بها وجهه وتقر بها عينه وتزين بها مقامه وتجعله خطيبا بمحامدك ما قال صدقته وما سأل أعطيته ولمن شفع شفعته واجعل له من عطائك عطاءاً تاماً وقسماً وافياً ونصيباً جزيلاً واسماً عالياً على النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا.
اللهم صل على محمد وال محمد اجمعين .
((اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(102)
قبل يومين كانت الذكرى السنوية للمبعث النبوي الشريف ، أكيداً كلنا نعلم ذلك ، حين بعث رسول الإسلام رحمة الى العالمين وهو موجود وحده في غار حراء ، فكان ذلك حدث بسيط كأنما يكون للناظر ، فكان ذلك فاتحة الخير ومبدأ الهداية والعدالة للعالم كله منذ لك الحين الى يوم القيامة.
وأود الآن أن أذكر لكم بعض ما يتعلق بالمبعث النبوي خاصة لا بخصائص الرسول صلى الله عليه واله ، عموما ، بل ما يخص المبعث ، وهي أمور عديدة ليس في الإمكان حصرها ولا يسع الوقت لأكثرها ويحتاج استيعابها الى مجلد ضخم أو أكثر ، وإنما نتعرض الآن الى بعض النقاط فقط:
النقطة الاولى.
ان هناك رواية معينة ومشهورة لدى الجماعة ولا أعتقد ان أحدا منكم لم يسمع بها ، موجودة في المنهج الدراسي التقليدي الرسمي ، رواية معينة مشهورة لدى الجماعة ومروية في كتبهم ، كتب اخواننا ابناء العامة ، ومروية في كتبهم المعتمدة في قصة حصول المبعث لا تخلو من إشكال تاريخياً ومفهومياً ، فيحسن ان نسمعها ونناقشها باختصار.
فعن عائشة أم المؤمنين انها قالت: أول ما بُدء به رسول الله صلى الله عليه واله ، من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم فكان لا يرى رؤيا الا جاءت مثل فلق الصبح ، زين ، ثم حبب اليه الخلاء فكان يخلو ، يعني ينفرد طبعا ، بغار حراء فيتحنث فيه ، اي يتعبد فيه ، الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع الى أهله ويتزود لذلك ، ياخذله خبز وماي ، ثم يرجع الى خديجة فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق وهو في غار حراء فجاء الملك ، ما سميه ، جبرائيل سلام الله عليه ، فقال : إقرء ، فقال: ما أنا بقاريء ، فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني ، فقال: إقرء ، فقلت: ما أنا بقاريء ، قال: فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني ، فقال: إقرء ، فقلت: ما أنا بقاريء ، فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني ، فقال:
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴿١﴾ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴿٢﴾ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴿٣﴾ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴿٤﴾ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴿٥﴾
فرجع بها رسول الله صلى الله عليه واله ، يرجف فؤاده ، هكذا تقول الرواية ، فدخل على خديجة بنت خويلد فقال: زملوني زملوني ، اي لفوني ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، فقال لخديجة وأخبرها الخبر : لقد خشيت على نفسي ، انه هذا راح يموتني ، يقتلني ، فقالت خديجة : كلا ما يخزيك الله ابدا ، انك لتصل الرحم وتحمل الكل وتُكسي المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق ، صلى الله عليه وآله ، فانطلقت خديجة حتى أتت ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ، ابن عم خديجة وكان امرءاً قد تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العبراني ، يعني الكتابة العبرانية ، فيكتب من الأنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب وكان شيخا كبيرا قد عمي ، فقالت له خديجة : يا بن عم إسمع من ابن اخيك ، فقال له ورقة: يا ابن اخي ماذا ترى؟ ، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وآله ، خبر ما رآه ، فقال له ورقة : هذا الناموس الذي انزل الله على موسى يا ليتني أكون فيها جزعا ، يا ليتني أكون فيها حيا ، اذ يخرجك قومك ، فقال رسول الله صلى الله عليه واله : او مخرجي هم ، قال: نعم ، لم يأتي رجل بمثل ما جئت به الا عودي ، ها الموخوش اوادم اهواية على وجه الارض ، لم يأتي رجل بمثل ما جئت به الا عودي وأن يدركني يومك انصرك نصرا مؤزرا ، ثم لم ينشب ورقة ان توفى وفتر الوحي.
اقول : فمن هذا المنطلق لنا عدة ملاحظات:
الخطوة الاولى :
ان نفهم بعض الالفاظ الواردة في هذا الحديث ، واهمها اثنان:
احدهما. قوله: (فأخذني فغطني) ، بالله شنو يعني فغطني ها سبحان الله ، يمكن ان يكون من الغط في الماء وهو الدخول فيه ، يعني ادخلني جبرائيل عليه السلام ، في الماء حتى بلغ مني الجهد ، زين اهناك ماي هم اكو ، صحراء قاحلة لا يوجد فيها ماء طبعا ، ويمكن ان يكون من الغطاء وهو ينتج الظلمة فقد أدخله في الظلام حتى بلغ منه الجهد ، ويمكن ان يكون من الغطيط وهو شخير النائم ، يعني أكمه حتى جعله يغط كغطيط النائم حتى بلغ منه الجهد ، ويمكن ان يكون مجازا من العصر والضغط ، يعني ضغطني حتى بلغ مني الجهد ، والظاهر ان هذا هو المعنى الاشهر.
وعلى اي حال فاللفظ هنا يفيد معنى الازعاج والايلام ، وهو حسب السياق في الرواية يأتي كعقوبة على رفض رسول الله صلى الله عليه واله ، ان يقرأ واعتذاره بقوله : ما انا بقاريئ ، يعني انا لا اعرف القراءة ولم اتدرب عليها ، فإنه صلى الله عليه واله ، كان أميا بحسب ظاهر المجتمع طول حياته لم يقرأ ولم يكتب.
ويمكن ان تكون الفاء في قوله (فغطني) أصلية وليست عاطفة ونقرأه (فَغَطَني) من فغط يفغط ، الا انني بحث عن المعنى اللغوي في المصادر المتيسرة لهذه الكلمة فلم اجده ، على انه يحتاج السياق الى فاء اخرى تكون عاطفة قبلها بان يقول (ففغطني) وليس في الحديث ذلك.
ثانيهما . قوله: (زملوني فزملوه) اي لفوني بالغطاء او غطوني به ، كأنه يشعر ان الرعدة التي اخذته تشبه رعدة البرد ، وقوله: (ثم ارسلني) يعني اطلق سراحه من تلك الحالة الاليمة ، في حدود فهمي ان هذه الخطوة الاولى .
الخطوة الثانية :
انه من الواضح من الحديث ان: ((اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1))، نزلت قبل البسملة او بدون البسملة ، لأنه بدأ بقوله: (( اقرأ باسم ربك الذي خلق ، فأين البسملة ، ها ، سبحان الله ، فالظاهر من الحديث والواضح من الحديث ان : اقرأ باسم ربك الذي خلق نزلت قبل البسملة أو نزلت بدون بسملة وهو غير محتمل وخاصة ونحن نعتقد في مذهبنا بان البسملة جزء من هذه السورة كما هي جزء من كل سورة غير سورة براءة.
الخطوة الثالثة :
انه لم يظهر من الحديث السبب في هذا الازعاج والايلام الذي حصل ثلاث مرات على رسول الله صلى الله عليه واله ، فانه كان صادقا فيما يقول ، (ما أنا بقاريئ) ، قابل يچذب حاشاه ، وليس كاذبا او مجرما وحاشاه لكي يعاقب ، ها لا يستحق العقوبة ، فإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على عدم صدق الحديث نفسه ، اليس كان في امكان جبرائيل عليه السلام ، أن يقول لأول مرة: ((اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)) ، كما قال في المرة الثالثة ولا يحصل كل هذا الازعاج.
الخطوة الرابعة :
إننا اذا تنزلنا وقبلنا انه يستحق العقوبة وحاشاه فكان يمكن الاقتصار على عقوبة خفيفة او تنبيه بسيط وليس الى هذه الدرجة من الازعاج بحيث يقول: (حتى بلغ مني الجهد)، ويحصل ذلك ثلاث مرات.
الخطوة الخامسة :
ان الملك لم يأتي ، لاحظوا سبحان الله ، ان الملك لم يأتي بورقة او كتابة ليطلب من النبي صلى الله عليه واله ، ان يقرأها ، إذن فليس هناك اي طلب للقراءة لكي يعتذر منه النبي انه ليس بقاريئ لكي يعاقبه الملك على ذلك ، بل من الواضح ان المراد بالقرآن او بالقراءة في هذا المورد هو مجرد التلفظ او القول يعني قل كما اقول ، هيچ هذا هوه ، والمفروض ان النبي صلى الله عليه واله ، يسمع ويمكنه ان يعيد نفس الكلام بدون هذه المضاعفات ، كما ان المفروض ان النبي صلى الله عليه واله ، بوعيه وعلو مستواه يفهم هذا المعنى وعدم وجود مورد للاعتذار، فكيف يكون اعتذاره مفهوما ، فهذا يشكل نقطة ضعف اخرى في الحديث.
زين ولو قصد بقوله (ما انا بقاريء) يعني لا استطيع ان اردد معك هذه الالفاظ ، لكان كاذبا وحاشاه ، ولو تنزلنا وقبلنا ان النبي صلى الله عليه واله ، لم يفهم ذلك فكان الانسب والاولى للملك ان يفهمه ذلك او يبدل تعبيره بما يؤدي المعنى المطلوب ، لا ان يعاقبه ثلاث مرات.
الخطوة السادسة :
انه بعد ان علم النبي صلى الله عليه واله ، ان هذا ملك مقرب وعلم قدسيته فلماذا يعصيه ويصر ثلاث مرات على عصيانه ؟ ، وكأنه لو استمر الحال على ذلك لعصاه مائة مرة او الف مرة ، ما راح ايگول اطلاقاً ، ها ، سبحان الله ، مع العلم انه يعلم انه ملك مقدس وان أمره حق ومن أمر الله جل جلاله ، إذن فسوف يعصي الله تعالى وحاشاه اكيدا.
الخطوة السابعة :

إننا نتساءل هل ان النبي صلى الله عليه واله ، أكثر فهما أم خديجة بنت خويلد أم المؤمنين أم ورقة بن نوفل الشيخ النصراني ؟ ، ها سبحان الله ، لاشك ان النبي صلى الله عليه واله ، خير الخلق وأعظم الخلق وأفهم الخلق ، لا ينبغي ان يختلف في ذلك اثنان ، فكيف يكون هو الجاهل في تفسير هذه الحادثة كما هو منطوق الحديث ويكون العلم لدى غيره ، ها ، سبحان الله ، بحيث يتوقف الامر على اخبار ورقة بن نوفل مع احترامي له.
الخطوة الثامنة :
انه ينبغي ان يكون واضحا من الحديث ان النبي صلى الله عليه واله ، ساعتئذ لم يعلم ان هذا ملك وان هذا قرآن ، وانما ذلك كان بلفظ الراوي وهو عائشة او بإخبار ورقة بن نوفل ، ومثل هذا الوضع والجهل غير محتمل على رسول الله صلى الله عليه واله ، كما هو واضح.
الخطوة التاسعة :

ان المفروض بالنبي صلى الله عليه واله ، ان يعلم حقيقة الملك الذي ارسل اليه وكون موقفه حقا وهو مرسل من الله تعالى ، فاذا كان ذلك اذن فسوف يعرف ان ما فعله الملك حسب منطوق الخبر حق ايضا ، فلا يخشى منه ولا يعترض عليه ولا ان ينهار نفسيا منه.
الخطوة العاشرة.
ان رسول الله صلى الله عليه واله ، ظهر في هذا الحديث ، لاحظوا وحاشاه ، ظهر في هذا الحديث جبانا محبا للحياة الدنيا جدا ، ضعيفا عن تحمل المشاق وحاشاه من كل ذلك ، وهذا واضح من عدة فقرات من الحديث كقوله: (فغطني حتى بلغ مني الجهد) ، وقوله: (فرجع بها رسول الله صلى الله عليه واله ، يرجف فؤاده) ، وقوله لخديجة: (لقد خشيت على نفسي) ، مع اننا نعلم انه أعلم وأقوى من جبرائيل نفسه حتى انه في المعراج ، هذا سمعناه وسمعتموه ، قال له جبرائيل في المعراج ، قال له جبرائيل ما مضمونه: (تقدم وحدك لو تقدمت انملة لاحترقت) ، فتقدم النبي صلى الله عليه واله ، وحده حتى وصل الى: (قاب قوسين او ادنى).
فهلى استعمل النبي صلى الله عليه واله ، شيئا من هذه القوة في دفع هذا الازعاج والبلاء عن نفسه او بتحمله للبلاء بحيث لا يبلغ منه الجهد بهذه السهولة.
إذن فهذا الحديث مردود حتى لو قبلنا صحة سنده وهو بالتأكيد ليس بصحيح السند. وإنما الأمر باختصار اننا نقتصر على ما هو حق ونرفض ما هو باطل ، هيچي هذا هوه ، وإنما الأمر باختصار ، هو نزول الوحي عليه وارساله برسالة الاسلام لأول مرة في غار حراء بالآيات الاولى من سورة العلق بما فيها البسملة ، هذي محذوفه من الحديث طبعا ، والنبي صلى الله عليه واله ، تلقاها بعمق وسعة صدر وبشجاعة وتفهم وعلم بكونه مخاطبا من الله تعالى بطريق جبرائيل عليه السلام ، وانه رسول الله صلى الله عليه واله ، بدون حاجة الى مثل هذه التفاصيل المؤسفة.
النقطة الثانية.
مما أريد ذكره مما هو مناسب مع المبعث النبوي الشريف ما يرتبط بقوله تعالى ، اسمعوا الآيات رجاءً :
((قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ (102) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ۗ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ (103) إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ (105))
زين ، ومن الواضح في هذه الآيات ان النبي صلى الله عليه واله ، كان يتردد ، في مكة طبعا وليس في المدينة ، كان يتردد في مكة على رجل له علم وفهم لأجل احترامه والميل اليه ، فاتهمه المرجفون وما اكثر المرجفين في الاجيال ، بأنه يتعلم منه العلم ويعطيه نصوص القرآن وان النبي صلى الله عليه واله ، ينسبها الى الله تعالى كذبا ، وقد اختلفت الروايات في اسم هذا الرجل ولا حاجة الى التعرف عليه شخصيا أكيدا ، ويمكننا ان نتكلم في ذلك ضمن عدة نقاط :
النقطة الاولى :
ان سياق الآيات يحتوي على ذكر أمرين ، مو واحد حبيبي ، أمرين مما أرجف به المشركون ، أو قل المرجفون ضد النبي صلى الله عليه واله ، أحدهما هذا الذي سمعناه وسياتي الحديث عنه بعد لحظات ، دقيقة ، والاخر قوله تعالى:
(وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101) قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ (102).
ونحن نعلم ان كل تعاليم القرآن كل واحد منها يفتح منه الف باب ، فيكون المفهوم من هذه الآية الكريمة ان اختلاف الآيات ليس صادرا عن النبي صلى الله عليه واله ، بشخصه ، وإنما هو مبلغ عن الله سبحانه ، والاختلاف في الحقيقة مسند الى الله تعالى وهو يقول : ((وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ ۙ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ)).
والسر في ذلك حسب فهمنا ان هذا الاختلاف هو الأوفق بالحكمة والمصلحة ، ولو لم يكن هذا الاختلاف موجودا لفسد الحال ، لأن اختلاف الحكم يتبع اختلاف الموضوع ولا معنى لحكم واحد على موضوعين واختلاف الموضوع متحقق باختلاف تقلبات المجتمع واراء الناس والمصالح العامة والخاصة فيه.
وهذا المعنى القرآني يلقي ضوءاً على ما قد يقال ضد السيد محمد الصدر او غيره من اختلاف ارائه وتبدل قناعاته في الظاهر مع انها قد تكون في الحقيقة هي الاوفق في الحكمة والمصلحة لما قلناه الان من ان اختلاف الموضوع يستدعي اختلاف الحكم وان الفرد قد يحتاج الى مواقف متعددة في ازمنة متعددة وفي امكنة متعددة حسب ما يرى من المصلحة ولا ينبغي التشكيك والارتياب فيه ، بل الأمر اكثر من ذلك من حيث ان المبادرة الى الطاعة وحسن الظن بالحوزة والمرجعية منتج لعدد من النتائج الحسنة فانه مضافا الى تحقيق المصلحة العامة المطلوبة والمنشودة ، فإنه يكون اقرب الى تقارب القلوب وتحابب النفوس ووضوح الايمان في العقول كما قال تعالى في نفس هذه الآيات: (لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ ).
النقطة الثانية :
ان الله جل جلاله يجيب في قرآنه المجيد على كلام المرجفين وهو قولهم ، بنص القرآن طبعا: ((انما يعلمه بشر))، يجيب بقوله: ((لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ (103) ، فإنه لا يخلو من احدى حالتين:
اما ان يدعوا ، اي المرجفون ، انه يأخذ الفاظ القرآن من هذا الإنسان ، واما ان يدعوا انه يأخذ معانيه ويصبها النبي صلى الله عليه واله ، في القالب القرآني واللفظ القرآني ، وكلا الأمرين باطلان ، اما أخذه اللفظ القرآني من هذا الإنسان فهو مستحيل ، مسلم التعذر والاستحالة ، لأن لسانه أعجمي ، وهو غير قابل لمعرفة العربية الفصيحة بأدنى درجاتها فضلا عن العربية بالمستوى الاعجازي في القران الكريم ، خوب هذا خلصنه منه ، وهذا الرجل ليس له علم باللغة والادب والبلاغة ونحوها وانما له مفاهيم دينية وعقلية فقط ، فمن أين يمكنه ان يأتي بمثل نصوص القرآن.
وان كان مدعاهم انه يعطي المعاني للنبي صلى الله عليه واله ، والنبي هو الذي يصوغها باللفظ القرآني ثم يدعي نسبتها الى الله تعالى فهذا ما يجيب عليه القرآن بقوله: ((قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ)) ، وبقوله: ((ان الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله)) ، فهذا أمر يحتاج الى شيء من القناعة والإيمان ، وكيف تحصل القناعة والإيمان من الجاهلين الكاذبين: ((إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله)) ، وإذا لم يهدهم الله لن يهتدوا أبدا ، سبحان الله ، في كل جيل هذا موجود ، واما اذا حصلت القناعة والايمان فسوف نعرف ان كلا الشخصين ، أعني هذا الرجل والنبي صلى الله عليه واله ، كلاهما ، سبحان الله ، غير قابلين في انفسهما لإيجاد هذه النتيجة ، فلا هذا الرجل يستطيع ان يعطي للنبي صلى الله عليه واله ، كل معاني القرآن على عمقها وسعتها وعلو مقامها ونحن نعلم ان القرآن يسير مع الناس والبشرية مسار الشمس والقمر وان علومه لا تنفد وان له ظاهر وباطن وباطنه له باطن الى سبعة بطون او سبعين بطنا كما ورد ، وانه كما يقول القرآن : ((مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ (38)) ، الى آخر اوصاف القران التي لاتُعَدْ ولا تُحَدْ ، فكيف يستطيع أن يقوم بها أو يؤديها رجل واحد مهما كان علمه ومهما كانت منزلته فيتعين ان تكون هذه المعاني العظيمة نازلة من العظيم الأعظم جل جلاله .
زين ، فلا هذا الرجل يستطيع ، ولا ان النبي يستطيع بنفسه ان يأتي بألفاظ القرآن البلاغية والإعجازية وهذا دليله واضح جلي فانه صلى الله عليه واله ، خير الخلق وخير البشر وقد اوتي جوامع الكلم ومع ذلك فقد سمعنا خطبه وكلماته وقد وصلت الينا كثير منها كخطبته ، وهي أشهر ماوصل الينا سبحان الله في مفاتيح الجنان موجودة ، كخطبته في اول شهر رمضان وهي مشهورة ، وقد جمع له الشريف الرضي عليه الرحمة ، كتابا كاملا في كلماته القصار او جوامع الكلم سماه المجازات النبوية ونسخته موجودة وهي ان لم تكن كثيرة على اية حال ، والمهم انه لم يكن فيها ما يشبه القرآن او يصل الى درجة بلاغته او حكمته وهذا مسلم وواضح لدى كل ذي عينين وكل ذي لب.
مضافا ، ها لاحظوا ، مضافا الى التحدي القرآني للبشرية اجمعين من حين نزوله الى يوم القيامة ، اكو نقطة لم يلتفت اليها احد ، ان التحدي شامل حتى لشخص النبي صلى الله عليه واله ، گول لا ، سبحان الله ، التحدي القرآني للبشرية اجمعين من حين نزوله الى يوم القيامة ، بما فيهم شخص رسول الله صلى الله عليه وآله ، لو لاحظناه منفصلا عن الوحي ، لو لاحظناه منفصلا عن الوحي ، وكذلك شخص أمير المؤمنين عليه افضل الصلاة والسلام ، وكل المفكرين والمتعمقين في البشرية في اي جيل او مكان او زمان ابتداءا من المعصومين وانتهاءاً الى الحمال والزبال ، هذا هوه ، لا احد يستطيع ان يأتي بمثل القرآن اطلاقا.
وليس هذا التحدي سهلا واعتباطيا ، سهلة آني ادعي هيچي اگول خل واحد يخطب مثلي ، يجي واحد يخطب احسن مني ، سبحان الله هذا التحدي مو سهل كلش صعبة ، طول عمر البشرية لا يكون اطلاقا ، لاحظوا ، لولا ان يصدر من الحكيم العليم والا فما اسهل لأي جيل او لأي علم او لأي عالم ان يكسر الحجة القرآنية بالإتيان بمثله او بأفضل منه وحاشاه ، ونحن نعلم ان هذا لم يكن ولن يكون فكيف برجل واحد هو الذي كان يزوره الرسول صلى الله عليه واله ، في مكة بطبيعة الحال.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)
صدق الله العلي العظيم

الجمعة الثانية والثلاثون 30 رجب 1419 هـ
الخطبة الثانية.
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم.
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سبحانك لا اله الا أنت الواسع الذي لا يضيق البصير الذي لا يظل النور الذي لا يخمد ، سبحانك لا اله الا أنت الحي الذي لا يموت القيوم الذي لا يهين الصمد الذي لا يطع ، سبحانك لا اله الا أنت ما أعظم شانك وأعز سلطانك وأعلى مكانك وأشرف ملكك ، سبحانك لا اله الا أنت ما أبرك وأرحمك وأحلمك وأعظمك وأعلمك وأسمحك وأجلك وأكرمك وأعزك وأعلاك وأسمعك وأبصرك ، سبحانك لا اله الا أنت ما أكرم عفوك وأعظم تجاوزك ، سبحانك لا اله الا أنت ما أوسع رحمتك وأكثر فضلك ، سبحانك لا اله الا أنت ما أنعم آلآئك وأسبغ نعمائك ، سبحانك لا اله الا أنت ما أفضل ثوابك وأجزل عطائك ، سبحانك لا اله الا أنت ما أوسع حجتك وأوضح برهانك ، سبحانك لا اله الا أنت ما أشد أخذك وأوجع عقابك ، سبحانك لا اله الا أنت ما أشد مكرك وأمكن كيدك ، سبحانك لا اله الا أنت تسبح لك السماوات السبع والارضون السبع ، سبحانك لا اله الا أنت القريب في علوك المتعالي في دنوك المتداني دون كل شيء من خلقك ، سبحانك لا اله الا أنت القريب قبل كل شيء والدائم مع كل شيء والباقي بعد فناء كل شيء ، اللهم صل على المصطفى محمد والمرتضى علي والزهراء فاطمة والزكي الحسن والشهيد الحسين والسجاد علي والباقر محمد والصادق جعفر والكاظم موسى والرضا علي والجواد محمد والهادي علي والعسكري الحسن والمهدي محمد أئمتي وسادتي وقادتي بكم أتولى ومن أعدائكم اتبرأ في الدنيا والاخرة.
((اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(102).
ينبغي ان تكون ذكرى المبعث النبوي الشريف سببا لان يبعث في نفوسنا الشعور بأهمية هذا المبعث وبأهمية مضمونه الكريم وهو دين الاسلام العظيم وقدسيته الجليلة ونوره الوضاء واخوته العالية ، قال تعالى: ((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ...(10)) ، وقال: ((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)) ، والاسلام هو دين الوحدة والاخوة والتماسك والرحمة والانسانية واللطف والتعاطف على مختلف المستويات التي يمكن ان نعرض المهم منها فيما يلي:
المستوى الاول :
وحدة الحوزة العلمية واخوة اعضائها والمشاركين فيها بالهدف المشترك وتجاه العدو المشترك وفي الفكر المشترك مهما تباعدت بعض المصالح والاهواء والاساليب ، وهذا واقع لا مناص منه ومطبق فعلا فإننا جميعا في الحوزة يد واحدة وروح واحدة كلنا يعمل لمصلحة الدين وكلنا يقول وكلنا يتصرف في حدود استطاعته وفهمه باتجاه الهدف المشترك وهو عز الدين وعز الاسلام وارتفاع وعظمة كلمة التوحيد في كل زمان ومكان وتكثير طاعات الله سبحانه في البشرية وتقليل معاصيه بين البشر وكلنا يد واحدة ضد من ناوانا وعادانا لأن من عادى الحوزة فقد عادى الدين ومن كاد للحوزة فقد كاد للدين ومن اعتدى على الحوزة فقد اعتدى على الدين وليس على هؤلاء الناس بأشخاصهم بطبيعة الحال.
والحوزة واحدة في كل مكان وزمان لأنها تتوحد بوحدة العاطفة والعلم والعمل والهدف اكيدا وكله واحد بحسب توفيق الله تعالى فليس هناك حوزات متباينة او مختلفة في ما بينها في النجف وفي قم وفي سوريا وفي لبنان وفي خراسان وفي البحرين وفي القطيف وفي الاحساء وفي باكستان وفي الهند وفي غيرها من بلاد الله ، بل كلهم رجل واحد وقلب واحد ويد واحدة وعلم واحد لمصلحة الدين وشريعة سيد المرسلين وضد العدو المشترك الموجود ضدنا في كل جيل وفي كل مكان وزمان گول لا ، سبحان الله .
المستوى الثاني :
وحدة المؤمنين في المذهب الواحد مهما تكثرت أعمالهم وطبقاتهم ومستوياتهم وعواطفهم فانهم ما داموا يشعرون بأهمية الدين واهمية ولاية امير المؤمنين عليه افضل الصلاة والسلام ، وعصمة القادة الائمة المعصومين سلام الله عليهم ، فهذا يكفي تماما لأن يكون الفرد مندفعا نحو طاعة الله متحمسا نحو الهدف المشترك واقفا ضد العدو المشترك منجزا مصلحته العادلة الشخصية والاجتماعية مبتعدا عن الذنوب والعيوب والموبقات ومن لم يكن كذلك فنتمنى ان يكون كذلك في أقرب وقت وبحسن توفيق الله وتسديده.
المستوى الثالث :
الأخوة في الاسلام وهي الأهم والأتم لأنها تشكل حجر الزاوية في المبعث النبوي الشريف لأن المبعث مبعث الاسلام فالأخوة في الاسلام هي الرئيسية لأن القرآن واحد والنبي واحد والقبلة واحدة والدين واحد والهدف واحد وأن أغلب الاختلافات بين علماء الاسلام طبيعي وموجود بين اي تفكيرين او أي مفكرين وليس ذلك بعيب ولا يشكل نقصا حقيقيا ولا ينبغي ان يكون سببا للعداء والمكر والتضارب والتحارب والعياذ بالله وانما الهدف مشترك والعمل مشترك والعدو مشترك وخاصة ونحن نعيش في أغلب العصور بل كلها مَسيس الحاجة الى ذلك لتكالب الأعداء ضد الاسلام ومكرهم من داخلهم ومن خارجهم وبيده السلاح والمال والتخطيط والاعداد الكامل ، في حين نجد المسلمين والمخلصين عزلا من كل ذلك وهذا هو الامتحان الالهي الأتم والأكمل ليحيى من حي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة.
زين ، ومثل هذا الظرف وهو الظرف الدائم والمستمر وربما لمئات السنين يعطينا وجوب الشعور بالوحدة والتماسك والتضامن وقوة الايمان لكي نستطيع ان ندفع المؤامرات ونُكْفَى اكثر ما هو مستطاع من الشدائد والمظالم التي يريدها لنا العدو المشترك المتمثل في الثالوث المشؤوم وهو الاستعمار الاسرائيلي الامريكي البريطاني قبحهم الله.
والأمر هنا كما قال احد اعضاء دار التقريب بين المذاهب الاسلامية ، كان أكو الى عهد قريب ، والآن كأنما لا أثر له انحل ، لكنه كان موجود ربما قبل عشرين سنة او اكثر ، دار التقريب بين المذاهب الاسلامية الذي كان مؤسسة مهمة في ازهر القاهرة حيث قال ما مضمونه انه ليس المراد في هذه المرحلة من العمل والتفكير هو ان نجعل الشيعين سنيين او نجعل السنيين شيعين وانما المهم هو التمسك بالدين المشترك وهو الاسلام والقيام ضد العدو المشترك وهو الكفر والالحاد المتمثل بالاستعمار وانصار الاستعمار.
وبطبيعة الحال فان مجرد التفكير في هذه الوحدة قلبيا وعقليا ، مجرد التفكير في هذه الوحدة له مرحلة مهمة وجيدة ونافعة تكفي في نتائجها عدم توجيه الحقد والعداء ضد بعضنا البعض والعياذ بالله من مختلف مذاهب الاسلام وإنما اختصاص توجيه الحقد والعداء ضد من هو أهل لذلك وهو العدو المشترك المتمثل بالكفر والاستعمار. ويقول المثل انا وابن عمي ضد الغريب كما يقول المثل في عادات العشائر ، ربما تعرفونها انه قد تكون قبيلتان متعاديتين فيما بينهما ومتقاطعتين بشدة الا انهما حين يجابههم العدو المشترك وتغير عليهما قبيلة ثالثة يكونان يدا واحدة وعمل واحد وقلب واحد تجاه هذا العدو المشترك گول لا ، فاذا دفعوه واستراحوا عادوا الى العداء من جديد فيما بينهم.
ومن الواضح اننا لم ندفع العدو المشترك الى الان ، لا حظوا ، بل لا زال في تزايد ومرارة ولا اقل ان يحذر كل واحد منا مهما كان مذهبه ومهما كان عمله ومهما كانت طبقته ان يحذر من ان يكون معينا ضد نفسه وضد إسلامه بيد او لسان مهما كان قليلا او كثيرا.
زين ، يضاف الى ذلك الالتفات الى ان عمل بعض المذاهب ضد بعضها كما يحدث الآن من الوهابيين مع شديد الاسف كما قد يفترض حدوثه من أية جهة كانت يكون بكل تأكيد عمل مبرمج وموجه في مصلحة الاستعمار ولا يستفيد من ذلك ولا يفرح به الا العدو المشترك واسرائيل من حيث نعلم او لا نعلم ، بينما لا يستاء العدو المشترك الا من التحابب والتعاون والألفة بين المؤمنين والمسلمين ونحن مأمورون في القرآن الكريم ان نسيء الى قلوبهم كما قال تعالى في محكم كتابه الكريم : ((ولا تطأون موطئا يغيض الكفار الا كتب لكم به عمل صالح)) ، إذن فالأخوة مطلوبة في الإسلام على كل حال ، وهذا بطبيعة الحال ليس من طرف واحد مو آني اگوله ، بل من كل الاطراف وليس كلامي هذا استجداءا للعاطفة لأننا لا نخاف من غير الله سبحانه وتعالى وانما هو لإقامة الحجة والفات النظر لمن يريد ان يستجيب الى داعي الله ونصوص الكتاب الكريم والسنة الشريفة ويكون ذلك في مصلحتهم اولا ، وفي مصلحة الاسلام ثانيا ، ودفعا للعدو المشترك ثالثا ، وهذا لا يعني من ناحية اخرى عدم أهمية الحفاظ على المذهب والعناية بمصالحه ومصالح طائفته فان هذا ضروري أيضا امام الله سبحانه وتعالى لأنه الحق الذي نؤمن به لكن ينبغي ان يكون عمل اي مذهب او قل عمل اي مسلم بحيث لا يضر بالمذاهب الأخرى تحصيلا ، لا أقل بهذا المقدار ، تحصيلا للوحدة الاسلامية والتكاتف المحمدي او قل يجب الا يعمل اي مسلم عملا يفيد به الاستعمار ويوجد به الفرقة والازعاج في المجتمع الاسلامي ومن عمل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين حتى لو كان هو السيد محمد الصدر نفسه.
المستوى الرابع :
الشعور بالوحدة والتضامن مع الثورة الفلسطينية المجيدة التي كانت ولا زالت تعطي سيل الشهداء انتصارا للحق المغتصب واحتجاجا على الظلم المكثف والاجحاف الحقيقي الموجود في تلك البلاد المسلمة من قبل مستعمريهم اليهود.
والملاحظ بوضوح ، ها لاحظوا هذا آني ملاحظة من سنين ، والملاحظ بوضوح ان فكر الثورة الفلسطينية قد مر ميدانيا بتطور وتكامل ملحوظ ، فبينما كان عند بدأه قبل حوالي عشرين سنة او اكثر فكرا علمانيا دنيويا لا يريد اكثر من ازالة الحكم الغاشم الظالم في بلاده ولا يفكر في البديل وفي شكل الدولة الجديدة التي يسعى من اجلها حتى كان أكثرهم شيوعيين في زمن وجود ما كان يسمى بالاتحاد السوفيتي وكان بعضهم يميل الى الديمقراطية الرأسمالية وبالتالي كانوا مختلفين وليس لهم هدف محدد وحقيقي ، الا أنهم تطوروا بكل تأكيد مع تطور الفكر الاسلامي العالمي فاصبح اكثرهم او الاتجاه الاشهر فيهم اتجاها اسلاميا دينيا لطيفا جزاهم الله خير جزاء المحسنين ، واصبحوا يجاهدون ويستشهدون حقيقة في سبيل الله ومضادة لأعداء الله وذلك بعد ان اتسعت التجارب الدينية وازدادت الكتب الدينية ووسائل الاعلام الاسلامية ، فرأى الجيل المتأخر منهم ان الحق الصحيح انما هو في الدين وان الحل الصحيح انما هو في الدين وليس من المعقول ان اليهود يحاربوننا كيهود ونحن نحاربهم كعرب او كشيوعيين او كرأسماليين ، لا ، وانما يقابل اليهودية الاسلام ليس الا.
والاسلام هو دين الشهادة ودين الاخرة ودين العدل ودين الجهاد وليس في المسالك الاخرى ذلك ، والاتجاهات الفكرية الاخرى ليس فيها الا الخداع والضلال.
فنحن نعلن من هنا تأييدا لمجل الحركة الفلسطينية والثورة الفلسطينية ونخص بالتأييد منهم اولئك الذين يشعرون بمسؤوليتهم الاسلامية وعاطفتهم الدينية وهم الأعم الأغلب فيما أعتقد وننصح الباقين منهم الى ان يميلوا الى هذا الطريق ويلتفتوا الى الدين الحق فيصلحوا بذلك دنياهم وآخرتهم ولا تغرنهم الشعارات البراقة التي لا تفيد في الواقع الا الإبقاء على اسرائيل وقوتها كما ثبت ذلك ولا زال يثبت بالتجارب المستمرة.
هذا ولو استطعنا من موقعنا هذا ان نمد الثورة الفلسطينية بالفكر اولا ، وبالمال والرجال ثانيا ، بالشكل الذي نضمن ان فيه رضا الله سبحانه وتعالى فعلناه ، ويوجد بعض الاشخاص القلائل خلال السنين المتأخرة ممن يسأل عن تكليفه الشرعي بالمشاركة في الثورة الفلسطينية او العمل ضد العدو الغاشم هناك ، ومثل هذا الفرد لا ينبغي نهيه او تثبيط عزمه وشل ارادته بل ينبغي دفعه وتأييده ونصحه بالالتحاق بعد ان يحرز بطبيعة الحال اخلاص القيادة التي يريد الانتماء اليها منهم.
ومن الواضح دينيا ان الثورة الفلسطينية وان كانت هي ثورة الشعب الفلسطيني الا انها ثابتة في ذمم المسلمين جميعا بمختلف مذاهبهم واتجاهاتهم ودولهم لكي يكونوا يدا واحدة ومتعاونين دوما على الفعالية والجهاد ضد اعداء الله والاسلام ، كما ورد في السنة الشريفة : (المسلمون يسعى بذمتهم ادناهم) ، يعني يسعي كلهم حتى ادناهم ، افضلهم وادناهم جميعا ، هم يد على من سواهم ، اي انهم يد واحدة وقوة واحدة وجبهة واحدة وخندق واحد ضد كل الاعداء المتربصين والكفار المعاندين كما قال تعالى : (ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120) وَلَا يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (121) ، وقال الله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) ، ثم يبين في الآية الاخرة التي بعدها ان هذا الوعد خاص بالخاص من الناس وليس عاما لكل احد فمن هؤلاء الموعودون قال : (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112) ، وكما قال الله تعالى :(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) ، ثم يبين الله تعالى كذلك في الآية الاخرى ان هذا الوعد خاص غير عام فمن هؤلاء الموعودون ، قال جل جلاله : (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41).
فلننظر نحن ولينظر المسلمون ولينظر الفلسطينيون وكل الناس الى انطباق نصائح الله سبحانه عليهم ، ها سبحان الله ، امسوين لو ما مسوين ، بناهم ايسوون ، لا ما بناهم ايسوون ، فان لم يجدو ذلك ، ها شوف الانطباق ، نصائح الله سبحانه عليهم ، ، هل هم مندرجون بهذه الثلة الصالحة الموصوفة بهذه الآيات ام لا، فان لم يجدوا ذلك فعسى ان يرجعوا إلى أنفسهم ويعيدوا النظر في سلوكهم وأفكارهم وأفعالهم لكي ينالوا التأييد الالهي الحقيقي الذي هو أسمى وأعلى من تأييد كل الخلق ومن تأييد سيد محمد الصدر طبعا بطبيعة الحال لكي نكون جميعا مصداقا لقوله تعالى :(ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ... (60)) ، وقوله تعالى : ( إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) ، ولكن متى يتحقق الدعاء الحقيقي لله حتى يستجاب ، ومتى يتحقق النصر الحقيقي لدين الله حتى ينصرنا الله ، الا بحسن توفيق الله وعندئذ لن يقف امامنا وامامكم اي عدو مهما كان.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً(3)
صدق الله العلي العظيم

ابو علي 22-03-2012 12:57 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة الثالثة والثلاثون 7 شعبان 1419
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد واسمع دعائي اذا دعوتك واسمع ندائي اذا ناديتك واقبل علي اذا ناجيتك فقد هربت اليك ووقفت بين يديك مستكينا لك متضرعا اليك راجيا لما لديك ثوابي وتعلم ما في نفسي وتخبر حاجتي وتعرف ضميري ولا يخفى عليك شيء ولا يخفى عليك امر منقلبي ومثواي وما اريد ان ابدأ به من منطقي واتفوه به من طلبتي وارجوه لعاقبتي وقد جرت مقاديرك علي يا سيدي فيما يكون مني الى اخر عمري من سريرتي وعلانيتي وبيدك لا بيد غيرك زيادتي ونقصي ونفعي وضري الهي ان حرمتني فمن ذا الذي يرزقني وان خذلتني فمن ذا الذي ينصرني. الهي اعوذ بك من غضبك وحلول سخطك. الهي ان كنت غير مستأهل لرحمتك فانت اهل ان تجود علي بفضل سعتك الهي كأني بنفسي واقفة بين يديك وقد اظلها حسن توكلي عليك فقلت ما انت اهله وتغمدتني بعفوك. الهي ان عفوت فمن اولى منك بذلك وان كان قد دنى اجلي ولم يدنني منك عملي فقد جعلت الاقرار بالذنب اليك وسيلتي. الهي قد جرت على نفسي بالنظر لها فلها الويل ان لم تغفر لها. الهي لم يزل برك علي ايام حياتي فلا تقطع برك عني في مماتي. الهي كيف آيس من حسن نظرك لي بعد مماتي وانت لم تولني الا الجميل في حياتي. اللهم صل على محمد وال محمد وصل على الحسين المظلوم الشهيد قتيل العبرات واسير الكربات صلاة نامية زافية مباركة يصعد اولها ولا ينفد آخرها افضل ما صليت على احد من اولاد الانبياء والمرسلين يا رب العالمين. اللهم صل على الامام الشهيد المقتول المظلوم المخذول والسيد القائد والعابد الزاهد الوصي الخليفة الامام الصديق الطهر الطاهر الطيب المبارك والرضي المرضي والتقي الهادي المهدي الزاهد الذائد المجاهد العالم امام الهدى سبط الرسول وقرة عين البتول صلى الله عليه واله وسلم. اللهم صل على سيدي ومولاي كما عمل بطاعتك ونهى عن معصيتك وبالغ في رضوانك واقبل على ايمانك غير قابل فيك عذرا سرا وعلانية يدعو العباد اليك ويدلهم عليك وقام بين يديك يهدم الجور بالصواب ويحيي السنة بالكتاب فعاش في رضوانك مكدودا ومضى على طاعتك وفي اوليائك مكدوحا وقضى اليك مفقودا لم يعصك في ليل ولا نهار بل جاهد فيك المنافقين والكفار. اللهم فاجزه خير جزاء الصادقين الابرار. وباعث عليهم العذاب ولقاتليه العقاب فقد قاتل كريما وقتل مظلوما ومضى مرحوما يقول انا ابن رسول الله محمد وابن من زكى وعبد فقتلوه بالعمد المعتمد قتلوه على الايمان واطاعوا في قتله الشيطان ولم يراقبوا فيه الرحمن.
(يا ايها الذين آمنوا انما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون * انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل انتم منتهون * واطيعوا الله واطيعوا الرسول واحذروا فان توليتم فاعلموا انما على رسولنا البلاغ المبين).
قبل يومين أو ثلاثة كانت الذكرى السنوية لميلاد الإمام ابي عبد الله الحسين سيد الشهداء وسيد شباب اهل الجنة (عليه افضل الصلاة والسلام) فلا ينبغي ان تمر هذه الجمعة بدون ذكره والاخذ بطرف من فضائله.
وبالرغم ( لاحظوا ) من ان الحادثة الاشهر للإمام الحسين (عليه السلام) هو واقعة الطف كأنه خلق من اجلها وخلقت من اجله وهي لا شك اعظم حوادث الإسلام أو التاريخ الاسلامي بعد وفاة النبي (صلى الله عليه واله) والى عصر الظهور. الا انني اريد في هذه الخطبة ان اتجاوز ذلك إلى تلك الفضائل والخصائص التي لا ترتبط بهذه الواقعة مباشرة لان المناسبة ( سبحان الله ) التي نعيشها الان هي مناسبة ولادته وهي مناسبة فرح وليست مناسبة حزن على اية حال وان كان قد ورد عنهم (عليهم السلام) : (وافراحنا احزاننا). وقوله : (يفرح هذا الفرح بعيدهم ونحن اعيادنا مآتمنا).
قالوا : وفد اعرابي المدينة او الى المدينة (يعني المدينة المنورة طبعا) فسئل عن اكرم الناس بها فدل على الحسين (عليه السلام) فدخل المسجد فوجده مصليا فوقف بازائه وانشأ:
لم يخب الان من رجاك ومن حرك من دون بابك الحلقة
انت جواد وانت معتمد ابوك قد كان قاتل الفسقة
لولا الذي كان من اوائلكم كانت علينا الجحيم منطبقة .
قال : فسلم الحسين وقال: يا قنبر هل بقي من مال الحجاز شيء ؟ قال: نعم ( لاحظوا اكو من فهم ان الائمة سلام الله عليهم لم يكونوا يأخذوا الخمس جا هذا مال الحجاز منين جاي انما هو حق السادة وحق الامام والزكاة وهذه الامور ) اربعة الاف دينار. فقال: هاتها قد جاء من هو احق بها منا. ثم نزع برديه ولف الدنانير بها واخرج يده من شق الباب حياءا من الاعرابي وانشأ( بنفس الوزن والقافية ) :
خذها فاني اليـك معـتذر واعلم باني عليك ذو شفقة
لو كان في سيرنا الغداة عصا امست سمانا عليك مندفقة
لكن ريب الزمان ذو غير والكف مني قليلة النفقة
قال : فأخذها الاعرابي وبكى. ( يا سبحان الله ) فقال له: لعلك استقللت ما اعطيناك. قال: لا ولكن كيف يأكل التراب جودك. وهو المروي عن الحسن بن علي (سلام الله عليهما) ايضا.
اقول هنا بعض الايضاحات يحسن التعرض لها باختصار:
اولا: واضح من الرواية ان الحسين (عليه السلام) انشا الابيات على البديهة فان كان الاعرابي قد حضر ابياته فان الحسين لم يحضرها قطعا. وقول الشعر مروي بالتواتر عن عدد من المعصومين (عليهم السلام). وديوان امير المؤمنين (عليه السلام) مشهور، وهو وان كان كل واحد منه (اي كل واحد من اشعاره) ضعيف السند الا ان مجموعه متواتر. كما ان الشعر مروي عن عدد مهم من علمائنا (قدس الله اسرارهم) كالشريف المرتضى والشريف الرضي والشيخ البهائي والسيد الحبوبي وغيرهم كثير. ومع ذلك يقول المتزمتون من الحوزة الشريفة ان قول الشعر ينافي وضع وحال رجال الدين والحوزة والمرجعية ويضر بهم. وهذا باطل قطعا لان فيه اسوة بالمعصومين (عليهم السلام) وكما ان لنا اسوة حسنة برسول الله (صلى الله عليه واله) بنص القرآن كذلك لنا اسوة حسنة بالمعصومين (عليهم السلام) من اهل بيته، ومن جملة اعمالهم القطعية اليقينية هو قول الشعر. ولأن كان رسول الله (صلى الله عليه واله) لا يقول الشعر كما قال الله تعالى : ((وما علمناه وما ينبغي له)) فانه ايضا ( لاحظوا ) كان اميا بحسب الظاهر لا يقرأ ولا يكتب فهل علينا ان نكون كذلك اميين ( يا سبحان الله ) . ان هذه الصفات صفات خاصة به برسول الله صلى الله عليه واله لمصالح عامة ترتبط برسالته وهي ليست شاملة للمعصومين (عليهم السلام) حتى ولا لأمير المؤمنين (عليه السلام) فضلا عن غيرهم من الناس لوضوح ان امير المؤمنين عليه السلام لم يكن اميا بينما رسول الله كان اميا ظاهرا وامير المؤمنين واضح انه في اعلى درجات القراءة والكتابة. لوضوح ان للمعصومين ايضا اسوة برسول الله (صلى الله عليه واله) (كول لا !) مع انهم كانوا يقولون الشعر وكانوا يقرأون ويكتبون قطعا ولم يكونوا اميين مثله. اذن فهاتان الصفتان ليس فيها اسوة برسول الله (صلى الله عليه واله) لا للمعصومين ولا لغيرهم ولا يشملها اطلاق الآية الكريمة. وبالآخرة ما من عام الا وقد خص. بل كان فيها اسوة مع المعصومين (سلام الله عليهم) ولو كان في هاتين الصفتين اسوة برسول الله (صلى الله عليه واله) لكان المعصومون احق بها وبفعلها وبتنفيذها ولم يفعلوا اكيدا.
مضافا الى امكان تفسير الشعر المنفي عن رسول الله (صلى الله عليه واله) بالباطل يعني نفي الباطل عنه والشعور الوهمي وليس الشعر الذي نعرفه وهو المراد بقوله تعالى : (الشعراء يتبعهم الغاوون) ليس كل الشعراء يتبعهم الغاوون وانما المبطلون واهل الباطل يتبعهم الغاوون وكلهم هكذا طبعا. (سبحان الله ) .
كما قد نسب اليه ( أي الى رسول الله صلى الله عليه واله لو لم يكن قد علمه الله الشعر لما نظم ولا بيت واحد ولكن على اية حال نسب اليه بيت واحد ) بيت من الشعر وهو قوله حين ادميت او جرحت اصبعه في احدى الغزوات:
ما انت الا اصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت
فاذا كان لا يعلم الشعر اطلاقا اذن لا يصدر منه ولا بيت شعر واحد.
هذا مضافا الى ما في الشعر من فوائد جمة دينية ودنيوية وقد كان اغلب ( لاحظوا) شعر المعصومين (عليهم السلام) موعظة وحكم وتخويف وترغيب وهو اشد تأثيرا في النفس ( الشعر ) من النثر بلا شك ( قد يخطر في بالك اذكره ) :
واما كون الشعر فيه مفاسد فهذا صحيح غير ان ذلك ناشئ من عدم تورع الشعراء او بعض الشعراء في الحقيقة ومن تورطهم في الحرام واطاعتهم لأنفسهم الامارة بالسوء. ويمكن للفرد الشاعر المتورع ان يتجنب كل ذلك في شعره ويقصره على طاعة الله ودين الله والامور النافعة كما فعل المعصومون (سلام الله عليهم). ولذا نسمع احد الشعراء يقول وهي ابيات معروفة ربما اكثركم سامعيها :
ما الشعر الا شعور تهيج فيه العواطف
وخيره ما تراه عن الحقيقة كاشف
الامر الثاني : من الامور التي اريد التنبيه عليها في تلك الرواية انه قال:
لم يخب الان من رجاك ومن حرك من دون بابك الحلقة
يعني دق بابك وقصدك لان الجرس الكهربائي لم يكن موجودا في ذلك الزمن وانما كانت هنالك حلقة من حديد معلقة بالباب فاذا اراد احدهم ان يدق الباب حركها ليسمع من في داخل الدار. وقال ( هو نفسه ) :
لولا الذي كان من اوائلكم كانت علينا الجحيم منطبقة
يعني اوائلكم أي الجيل السابق لكم يقصد رسول الله (صلى الله عليه واله). اي لولا هدايته لدينه لكانت الجحيم علينا منطبقة وهذا صحيح جزاه الله خير. ومنطبقة اي مغلقة وفيه اشارة إلى قوله تعالى: (انها عليهم مؤصدة) اي مغلقة.
وقول الحسين (عليه السلام) :
لو كان في سيرنا الغداة عصا امست سمانا عليك مندفقة
لان الإنسان العاجز يستعمل العصى في سيره فيتمكن من السير ولولا العصى فانه لا يتمكن من السير فتكون العصى هنا كناية عن التمكن المالي انه لو كانت عندنا زيادة لأعطيناك وعندئذ ( أي اذا كان عندنا زيادة ) امست سمانا عليك مندفقة، اي ماطرة بالعطاء.
ولا يخفى توقيت الشطر الاول بالغداة والثاني بالمساء لأنه قال:
لو كان في سيرنا الغداة عصا امست سمانا عليك مندفقة
لان المساء متأخر عن الصباح وكذلك العطاء متأخر عن التمكن لأنه مترتب عليه ومعلول له. وهي التفاتة ادبية لطيفة ولان اغلب المطر ينزل ليلا كما هو مجرب وانا ملاحظه كثيرا.
وفي رواية اخرى انه اي الحسين (عليه السلام) ساير انس بن مالك فأتى قبر خديجة الكبرى (رضوان الله عليها) فبكى ثم قال : اذهب عني. الحسين قال لأنس اذهب عني ، قال انس: فاستخفيت عنه فلما طال وقوفه في الصلاة سمعته قائلا:
يا رب يا رب انت مولاه فارحم عبيد اليك ملجاه
ياذا المعالي عليك معتمدي طوبى لمن كنت انت مولاه
طوبى لمن كان خادما ارقا يشكوا إلى ذي الجلال بلواه
وما به علة ولا سقم اكثر من حبه لمولاه
إذا اشتكى بثه وغصته اجابه الله ثم لباه
إذا ابتلى بالظلام مبتهلا اكرمه الله ثم ناداه
فنودي ( لأنه طلب النداء استجابة الدعاء تره مو هواية على الحسين ونودي بشعر من نفس الوزن والقافية :
لبيك عبدي انت في كنفي وكلما قلت قد علمناه
صوتك تشتاقه ملائكتي فحسبك الصوت قد سمعناه
دعاك عندي يجول في حجبي فحسبك الستر قد سفرناه
لو هبت الريح في جوانبه خر صريعا لما تغشاه
سلني بلا رغبة ولا رهب ولا حساب اني انا الله
ويعتبر هذا الشعر من الحديث القدسي ماهو الحديث القدسي ؟ وهو كل ما روي عن الله تعالى مباشرة من القول والكلام غير القرآن الكريم. وهذا منه بطبيعة الحال.
ومما يروى عن الحسين (عليه السلام) من الشعر في الموعظة:
لان تكن الدنيا تعد نفيسة فدار ثواب الله اعلى وانبل
وان تكن الابدان للموت انشأت فقتل امرء والله بالسيف افضل
وان تكن الارزاق قسما مقدرا فقلة حرص المرء في الكسب اجمل
وان تكن الاموال للترك جمعها فما بال متروك به المرء يبخل
وكذلك قوله:
اغن عن المخلوق ( بالله ) بالخالق تسد على الكاذب والصادق
واسترزق الرحمن من فضله فليس غير الله من رازق
من ظن ان الناس يغنونه فليس بالرحمن بالواثق ( حسن ظنك بالله )
او ظن ان المال من كسبه زلت به النعلان من حالق
اي من اعلى ( حالق ) فهو خاطيء في تفكيره فالمال ليس من كسبه بل من رزق الله تعالى. ومن ذلك قوله:
ناديت سكان القبور فأُسكتوا واجابني عن صمتهم ترب الحصى
قالت اتدري ما فعلت بساكني مزقت لحمهم وخرقت الكسى (هذا اللي هو الكفن )
وحشوت اعينهم ترابا بعدما كانت تاذى باليسير من القذى ( حسبة بسيطة انت تشيل الدنيه وتحطهه ..... كول لا )
اما العظام فإنني مزقتها حتى تباينت المفاصل والشوى ( كول لا هذا محل تكبر الانسان ......... من حيث يرضه او لا يرضه )
وفي كتاب البداية والنهاية لابي الفدا بن كثير الدمشقي ج8 ص204 قال: فصل شيء من فضائله (اي من فضائل الحسين (عليه السلام)) روى البخاري من حديث شعبة ومهدي بن ميمون عن محمد بن ابي يعقوب سمعت ابن ابي نعيم قال سمعت عبد الله بن عمر وسأله رجل من اهل العراق عن المحرم يقتل الذباب فقال أي عبد الله بن عمر: اهل العراق يسألون عن قتل الذباب وقد قتلوا ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه واله) وقد قال رسول الله (صلى الله عليه واله) هما ريحانتاي من الدنيا.
وفي خبر نحوه ان رجلا من اهل العراق سأل ابن عمر عن دم البعوض يصيب الثوب. فقال ابن عمر: انظروا الى اهل العراق يسألون عن دم البعوض وقد قتلوا ابن بنت محمد (صلى الله عليه واله) وذكر تمام الحديث ثم قال حسن صحيح.
وقال الامام احمد بسنده عن ابي هريرة قال : قال : رسول الله (صلى الله عليه واله) : من احبهما فقد احبني ومن ابغضهما فقد ابغضني، يعني حسنا وحسينا.
وقال الامام احمد بسنده عن ابي هريرة قال : نظر النبي (صلى الله عليه واله) الى علي والحسن والحسين وفاطمة فقال : انا حرب لمن حاربكم سلم لمن سالمكم. تفرد به الامام احمد.
وقال الامام احمد بسنده عن ابي هريرة قال: خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه واله) ومعه حسنا وحسين هذا على عاتقه الواحد وهذا على عاتقه الاخر وهو يلثم هذا مرة وهذا مرة حتى انتهى الينا فقال له رجل: يا رسول الله والله انك تحبهما. فقال: من احبهما فقد احبني ومن ابغضهما فقد ابغضني. تفرد به احمد.
وقال ابو يعلى الموصلي بسنده انه سمع انس بن مالك يقول: سُئل رسول الله (صلى الله عليه واله) اي اهل بيتك احب اليك. قال: الحسن والحسين. قال: وكان يقول: ادعوا لي ابني. فيشمهما ويضمهما اليه. وكذا رواه الترمذي.
وقال الامام احمد بسنده عن انس ان رسول الله (صلى الله عليه واله) كان يمر ببيت فاطمة ستة اشهر اذا خرج الى صلاة الفجر فيقول : الصلاة يا اهل البيت انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا. ورواه الترمذي ايضا.
واخرج الترمذي بسنده عن يعلى بن مرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : حسين مني وانا من حسين احب الله من احب حسينا، حسين سبط من الاسباط. ثم قال الترمذي هذا حديث حسن.
وعن يعلى بن مرة ان رسول الله (صلى الله عليه واله) قال : الحسن والحسين سبطان من الاسباط.
وقال الامام احمد حدثنا ابو نعيم بسنده عن ابي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة. ورواه الترمذي من حديث سفيان الثوري وغيره عن يزيد بن ابي زياد وقال حسن صحيح واخرجه النسائي من حديث مروان بن معاوية الفزاري به.
وقال الامام احمد بسنده عن ابي سابط قال: دخل حسين بن علي المسجد ( طبعا في زمن جده ) فقال جابر بن عبد الله : من احب ان ينظر الى سيد شباب اهل الجنة فلينظر الى هذا سمعته من رسول الله (صلى الله عليه واله). تفرد به احمد.
وقوله تفرد به احمد لان ( لاحظوا ) ما رواه احمد بن حنبل في مسنده من فضائل اهل البيت (عليهم السلام) وفضائل المعصومين (سلام الله عليهم) اكثر بكثير مما رواه غيره. واما الباقون منهم فكانوا شحيحين من هذه الناحية وهذا ينتج ان ما تفرد به احمد هذه الصفة لا تكون نقطة ضعف له وانما هي نقطة ضعف في الحقيقة للآخرين ممن مؤلفي الصحاح في الحقيقة الذين تركوا اكثر فضائل اهل البيت (سلام الله عليهم).
وقال الامام احمد حدثنا سليمان الى ان يقول ان رجلا اخبره انه رأى النبي (صلى الله عليه واله) يضم اليه حسنا وحسينا ويقول : اللهم اني احبهما فاحبهما.
وبسنده عن ابي هريرة قال: كنا نصلي مع رسول الله (صلى الله عليه واله) العشاء ( بالليل كهرباء هم اكو ؟ ظلمة مطلقة ربما شمعة بسيطة اكو ) فاذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره فاذا رفع رأسه اخذهما اخذا رفيقا فيضعهما على الارض فاذا عادا عاد حتى قضى صلاته اقعدهما على فخذيه. قال: فقمت اليه فقلت: يا رسول الله اردهما الى امهما. قال ( لاحظوا ) : فبرقة برقة (يعني حصل نور) فقال لهما : الحقا بأمكما. قال: فمكث ضوءها حتى دخلا على امهما.
وقد روي هذا الحديث بأكثر من سند واحد عن ابي هريرة وبسند آخر عن علي (عليه السلام) قال: دخل علي رسول الله (صلى الله عليه واله) وانا نائم فاستسقى الحسن او الحسين (يعني طلبا الماء). فقام رسول الله (صلى الله عليه واله) الى شاة لنا كي يحلبها فدرت فجاءه الاخر فنحاه فقالت فاطمة : يا رسول الله كأنه احبهما اليه. قال : لا ولكنه استسقى قبله. ثم قال : اني واياك وهذين وهذا الراقد ( من هو امير المؤمنين يكوا اني نايم ) في مكان واحد يوم القيامة. ورواه ابو داود الطيالسي عن علي (عليه السلام) ايضا.
وقال المدائني جرى بين الحسن والحسين عليهم السلام كلام فتهاجرا (هكذا تقول مصادرهم على اية حال) فلما كان بعد ذلك اقبل الحسن الى الحسين فاكب على رأسه يقبله فقام الحسين فقبله ايضا وقال (اي الحسين طبعا) : ان الذي منعني من ابتداءك بهذا اني رأيت انك احق بالفضل مني فكرهت ان انازعك ما انت احق به مني.
بسم الله الرحمن الرحيم
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّـهِ وَالْفَتْحُ ﴿١﴾ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّـهِ أَفْوَاجًا ﴿٢﴾ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴿٣﴾
صدق الله العلي العظيم

الجمعة الثالثة والثلاثون 7 شعبان 1419
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
الهي ان كان صغر في جنب طاعتك عملي فقد كبر في جنب رجاءك املي. الهي كيف انقلب من عندك بالخيبة محروما وقد كان حسن ظني بجودك ان تقلبني بالنجاة مرحوما. الهي وقد افنيت عمري في شرة السهو عنك وابليت شبابي في سكرة التباعد منك. الهي فلم استيقظ ايام اغتراري بك وركوني الى سبيل سخطك. الهي وانا عبدك وبن عبديك قائم بين يديك متوسل بكرمك اليك. الهي انا عبد اتنصل اليك مما كنت اواجهك به من قلة استحيائي من نظرك واطلب العفو منك اذ العفو نعت لكرمك. الهي لم يكن لي حول فانتقل به عن معصيتك الا في وقت ايقظتني لمحبتك وكما اردت ان اكون كنت فشكرتك بادخالي في كرمك ولتطهير قلبي من اوساخ الغفلة عنك. الهي انظر الي نظر من ناديته فاجابك واستعملته بمعونتك فاطاعك يا قريبا لا يبعد عن المغتر به ويا جوادا لا يبخل عمن رجا ثوابه. الهي هب لي قلبا يدنيه منك شوقه ولسانا يرفع اليك صدقه ونظرا يقربه منك حقه. الهي ان من تعرف بك غير مجهول ومن لاذ بك غير مخذول ومن اقبلت عليه غير مملول. الهي ان من انتهج بك لمستنير وان من اعتصم بك لمستجير. يا الهي فلا تخيب ظني من رحمتك ولا تحجبني من رأفتك. اللهم صل على محمد وال محمد. السلام عليك يا حجة الله وبن حجته. السلام عليك يا قتيل الله وبن قتيله. السلام عليك يا ثار الله وبن ثأره. السلام عليك يا وتر الله الموتور في السماوات والارض. اشهد ان دمك سكن في الخلد واقشعرت له اظلة العرش وبكى له جميع الخلائق وبكت له السماوات السبع والارضون السبع وما فيهن وما بينهن ومن يتقلب في الجنة والنار من خلق ربنا وما يرى وما لا يرى. اشهد انك حجة الله وبن حجته واشهد انك قتيل الله وبن قتيله واشهد انك ثار الله وبن ثأره واشهد انك وتر الله الموتور في السماوات والارض واشهد انك قد بلغت ونصحت ووفيت واوفيت وجاهدت في سبيل الله ومضيت للذي كنت عليه شهيدا مستشهدا وشاهدا وشهودا. انا عبد الله ومولاك وفي طاعتك والوافد اليك التمس كمال المنزلة عند الله وثبات القدم في الهجرة اليك والسبيل الذي لا يختلج دونك من الدخول في كفالتك التي امرت بها. من اراد الله بدأ بكم ، بكم يبين الله الكذب وبكم يباعد الله الزمان الكلب وبكم فتح الله وبكم يختم وبكم يختم الله وبكم يمحو الله ما يشاء ويثبت وبكم يفك الذل من رقابنا وبكم يدرك الله ثرة كل مؤمن يطلب بها وبكم تنبت الارض اشجارها وبكم تخرج الارض ثمارها وبكم تنزل السماء قطرها ورزقها وبكم يكشف الله الكرب وبكم ينزل الله الغيث وبكم تسبح الارض التي تحمل ابدانكم وتستقر جبالها عن مراسيها ارادة الرب في مقادير اموره تهبط اليكم وتصدر من بيوتكم والصادر عما فصل من احكام العباد. لعنة امة قتلتكم ولعنة امة خالفتكم وامة جحدت ولايتكم وامة ظاهرت عليكم وامة شهدت ولم تستشهد. الحمد لله الذي جعل النار ماواهم وبئس ورد الواردين وبئس الورد المورود والحمد لله رب العالمين.
((يا ايها الذين آمنوا ان من ازواجكم واولادكم عدو لكم فاحذروهم وان تعفوا وتصفحوا وتغفروا فان الله غفور رحيم * انما اموالكم واولادكم فتنة والله عنده اجر عظيم * فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا واطيعوا وانفقوا خيرا لانفسكم * ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون * ان تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم *))
الان ندخل في ما نستطيع بيانه من فضل الحسن والحسين (عليهما السلام) ومنزلتهما العظيمة عند الله مع التركيز طبعا على ما هو محل الحديث وهو فضل الحسين (عليه السلام) بالخصوص.
وقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه واله) انه قال: (انهما امامان قاما أو قعدا). والامام هو القدوة والمرشد والقائد والموجه. وقوله: (قاما) اي قاما بالمسؤولية وتولوا اعباء الامامة فعلا كما يمكن ان يفسر قيامهما بالسيف وهو الثورة باللغة الحديثة. فيكون القيام اشارة إلى ثورة الحسين (عليه السلام) والقعود اشارة إلى صلح الحسن (عليه السلام) مع معاوية كانه قال: (قاما كما قام الحسين (عليه السلام) أو قعدا كما قعد الحسن (عليه السلام)). فان فعلهما على اي حال فعل امام مفترض الطاعة لا يجوز الاعتراض عليه وهو مطابق للحكمة والمصلحة الواقعية.
وروي عن رسول الله (صلى الله عليه واله) انه قال عنهما (سلام الله عليهما) : (انهما ولداي من صلب علي (عليه السلام)). يعني ان الولادة الظاهرية أو الجسدية وان كانت من صلب علي (عليه السلام) الا ان الولادة الواقعية أو المعنوية انما هي من رسول الله (صلى الله عليه واله) ولذا كان ينادى كل منهما على مدى حياتهما ( ماذا ينادى ) يبن رسول الله .
وهذا على وجه الحقيقة المعنوية وليس على وجه المجاز فاذا اضفنا إلى ذلك وحدة النورين محمد وعلي أو قل نور محمد ونور علي عليهما السلام في العالم الاعلى كما هو المفهوم من قوله تعالى: ((وانفسنا وانفسكم)) ( كول لا ) . إذن، يكون اولاد علي هم اولاد رسول الله (صلى الله عليه واله) الا ان هذا مما لا يمكن اخذه على اطلاقه الا في اولاد الزهراء (سلام الله عليها) وهما الحسن والحسين (سلام الله عليهما) ولربما المحسن (رضوان الله عليه) لانهما من ناحيتها أيضاً يرتبطان بنسب رسول الله (صلى الله عليه واله) دون سائر اولاد امير المؤمنين وهم كثيرون. الا انهم ليس فيهم من ينادى أو يجوز ان ينادى يبن رسول الله الا الحسن والحسين.
كما ( لاحظوا) ان هذا هو ظاهر قوله تعالى: (قل تعالوا ندعو ابنائنا وابنائكم ونسائنا ونسائكم وانفسنا وانفسكم). فانه لم يكن مصداق الابناء بضرورة التاريخ الا الحسن والحسين (عليهما السلام) فكما نفهم من انفسنا وانفسكم وحدة محمد وعلي، نفهم أيضاً كون الحسن والحسين ابنا رسول الله (صلى الله عليه واله). والملحوظ ( لاحظوا ) ان عنوان الابناء مقدم في الآية على العنوانين الاخرين لأنه قال : قل تعالوا ندعو ابنائنا وابنائكم ( قدمهم ) ونسائنا ونسائكم وانفسنا وانفسكم)) كأنما اخر الانفس تواضعا لأنه هو المأمور ان يقول: (قل تعالوا ندعو ابنائنا.. .)
وروي عن رسول الله (صلى الله عليه واله) أيضاً بالتواتر انه قال عن الحسن والحسين: (انهما سيدا شباب اهل الجنة). فاذا علمنا كما هو واضح ان كل اهل الجنة شباب أو قل شبان وان كل من يدخل الجنة يعطيه الله تعالى عمر الشاب اكراما له لان عمر الشيخوخة صعب ومكروه للناس فيعطيه عمر الشباب لأجل اكرامه واسعاده في الجنة اذن فلا يمكن ان يوجد شيخ في الجنة ليصدق على بعضهم كما قيل (انهما سيدا شيوخ اهل الجنة) أو (سيدا كهول اهل الجنة) بل كلهم شبان حتى المعصومين (سلام الله عليهم) بل هم اولى بهذه الصفة من غيرهم لانهم احق بالسعادة في الجنة والاكرام من الله سبحانه وتعالى.
ونحن نعلم من ناحية اخرى ان الجنة طبقات ودرجات وفيها المتدني نسبيا وفيها العالي قال تعالى: (في جنة عالية قطوفها دانية). وهذا يدل على ان هناك جنة دانية أيضاً. فيكون معنا كونهما (سلام الله عليه) سيدا شباب اهل الجنة :
اولا: انهما سيدان لكل اهل الجنة لان كلهم شبان ولا يحتمل ان نفهم من هذا التعبير وجود صنف اخر يعني الكهول.
ثانيا: انهم الاعلى درجة على الاطلاق في الجنة لان معنى السيادة (سيدا شباب اهل الجنة) والعظمة في الجنة هو ذلك. لا يستثنى من ذلك احد على الاطلاق الا ثلاثة فقط هم جدهما رسول الله (صلى الله عليه واله) وابوهما امير المؤمنين (عليه السلام) وامهما فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) ولا يستثنى من ذلك حتى المعصومين من أولاد الحسين عليهم السلام، بل حتى الانبياء السابقين على الإسلام. فانهم كلهم في الجنة وكلهم شبان والحسن والحسين سادتهم جميعا بحسب إطلاق هذه الرواية فضلا عن غيرهم بطبيعة الحال.
وروي عن رسول الله (صلى الله عليه واله)كما سمعنا في الخطبة السابقة طرفا منه من طرق الفريقين : (انهما سبطان من الأسباط). والسبط هو ابن البنت وهما طبعا ابنا بنت رسول الله (صلى الله عليه واله) نسبا الا ان هذا وان كان صحيحا الا انه ليس كل المقصود من الرواية إذ يكفي في ذلك ان يقول ( رسول الله صلى الله عليه واله ) : (انهما سبطا رسول الله) او (سبطاي).
واما قوله (من الاسباط) فيعني معنا اخر زائدا على ذلك. لان الاسباط مذكورون في القرآن الكريم وهذا ينتج عدة نتائج منها :
اولا: ان لكل نبي من اولي العزم وصي وكذلك لمحمد (صلى الله عليه واله) وصي وهو علي (عليه السلام) فليست الوصاية للنبي امرا غريبا بل هو الحال المعتاد الذي عليه كل الانبياء السابقين.
ثانيا: ان بعض الانبياء السابقين من اولي العزم كإبراهيم (عليه السلام) له اسباط. ولإسباطه صفات جليلة مذكورة في القرآن فتكون نفس تلك الصفات ثابتة للحسن والحسين لأنها صفات اسباط الانبياء ايا كانوا كمفهوم كلي ينطبق عليهما وعلى غيرهما.
والمشهور بين المفسرين ان المراد بالأسباط هم اولاد يعقوب. وهو قابل للمناقشة من اكثر من جهة :
1 : ان السبط هو ابن البنت وهذا لا يصدق على هؤلاء سواء من جهة نسبتهم إلى يعقوب لانهم اولاده الصلبيين يا سبحان الله . ولا من جهة نسبتهم إلى إبراهيم لأنه جدهم لأبيهم وليس جدهم لامهم معروفا أو مهما ليفتخروا به او ينتسبوا اليه. الا ان نقول ان يعقوب متزوج من ابنة اسماعيل عمه فيكون اولاده احفادا واسباطا لإبراهيم (عليه السلام) في نفس الوقت، فيصدق عليهم الاسباط في الجملة على اي حال. الا ان هذا لم يثبت اولا، كما اننا نعلم ان يعقوب متزوج من زوجتين أو اكثر فيبقى الاسباط مختصين وحسب المشهور كذلك مختصين بأولاد احداهما وهي الاولى أو الكبيرة. وهذا معناه ان يوسف وبنيامين (عليهما السلام) الذين هما اولاد الزوجة الثانية ليسا من الاسباط مع انه بكل تأكيد هما افضل الاخوة على الاطلاق كما انهما اصغرهم بطبيعة الحال.
الاشكال الثاني : ان هؤلاء وهم اولاد الزوجة الاولى ليعقوب (عليه السلام) غدروا بأخيهم يوسف الذي هو من الزوجة الثانية. والحادثة يقينية ومروية تفصيلا في القرآن الكريم ويقول عن كلامهم: (إذ قالوا ليوسف واخوه احب إلى ابينا منا ونحن عصبة ان ابانا لفي ضلال مبين اقتلوا يوسف أو اطرحوه ارضا يخلوا لكم وجه ابيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف والقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة ان كنتم فاعلين)). وعندئذ بدأت المؤامرة إلى ان انتهت، فالذي يسوي هالشكل هو رجل صالح !
والمهم ان مثل هؤلاء الذين اضروا بأخويهما وبابيهما لا يمكن ان يتصفوا بالصفات الجليلة المذكورة في القرآن للأسباط قال تعالى: ((واوحينا إلى إبراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط)). وقال جل جلاله: ((وما انزل على إبراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط)). وعلى اي حال فلابد ان يكون المراد بالأسباط في هذه الآيات غيرهم.
نعم هناك دليلان محتملان مستفادان من القرآن الكريم يستدل به للمشهور وان المراد بالأسباط هم هؤلاء من اولاد يعقوب:
اولا: هذه الآيات التي قراناها قبل قليل إذ يقول: (واوحينا إلى إبراهيم واسماعيل ويعقوب والاسباط ). فيقرن بين اسماء هؤلاء والاسباط ولا نعرف ممن يقرب إلى هؤلاء الا اولاد يعقوب (عليه السلام). الا ان هذا دليل ظني كما هو معلوم وليس هو قطعيا وليس هناك ظهور قرآني في ذلك.
ثانيا: قوله تعالى: (وقطعناهم اثنتي عشر اسباطا امما). والضمير في قطعناهم يعود إلى اولاد يعقوب الذين هم بنوا اسرائيل فيتعين ان يكون اولاده هم الاسباط. وجوابه:
اولا : ما عرفناه من ان الاسباط هم اولاد البنت ولا يصدقون على اولاد الاولاد على الحقيقة الا مجازا.
ثانيا : انه قال في هذه الآية (اسباطا امما) فالمراد من الاسباط هنا الذرية الكثيرة التي حصلت لهم خلال الاجيال حتى اصبحت كل مجموعة منهم امة من الناس وكان مجموعهم امم. وليس الملحوظ في هذه الآية مجرد الانتساب إلى يعقوب (عليه السلام) في انطباق معنى الاسباط. وعلى اية حال فسواء كانوا هؤلاء هم الاسباط ام لم يكونوا فإننا نجد للأسباط على واقعهم في علم الله، نجد مدحا وتعظيما في القرآن الكريم وقد ثبت بالحديث الشريف المروي لدى الفريقين ان الحسن والحسين من الاسباط فمن هذه الناحية يكونان سلام الله عليهما اوضح في هذه الصفة من اولاد يعقوب وكذلك هما اوضح من جهة كونهما سبطا رسول الله (صلى الله عليه واله) حقيقة ونسبا.
ومن مزاياه (سلام الله عليـه) انه من اصحـاب الكساء الخمسة بعـد الالـتفات إلى بعض النقاط:
النقطة الاولى : ان حديث الكساء اجمالا بحسب المعنى مروي من طرق الفريقين وليس فقط عندنا.( ابحث وانظر لترى ذلك ) .
النقطة الثانية : اننا اشرنا في الشذرات إلى ان اصحاب الكساء هم خير الخلق على الاطلاق حتى المعصومين التسعة من اولاد الحسين (سلام الله عليهم). فلا يفضل الامامين الحسنين (عليهما السلام) من البشر احد الا الثلاثة الاخرين من اصحاب الكساء وهم جدهما وابوهما وامهما (سلام الله عليهم).
ثالثا : اننا نسمع في حديث الكساء انه يقول: (فلما اكتملنا جميعا تحت الكساء اخذ ابي رسول الله (صلى الله عليه واله) بطرفي الكساء واومأ بيده اليمنى إلى السماء وقال اللهم ان هؤلاء اهل بيتي وخاصتي وحامتي لحمهم لحمي ودمهم دمي يؤلمني ما يؤلمهم ويحزنني ما يحزنهم انا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم وعدو لمن عاداهم ومحب لمن احبهم انهم مني وانا منهم فاجعل صلواتك وبركاتك ورحمتك وغفرانك ورضوانك عليهم واذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا)). وهذه اشارة واضحة إلى الاية الكريمة.
ثم يقول رسول الله (صلى الله عليه واله) ضمن الحديث الشريف: (والذي بعثني بالحق نبيا واصطفاني بالرسالة نجيا ما ذكر خبرنا هذا في محفل من محافل اهل الارض وفيه جمع من شيعتنا ومحبينا الا ونزلت عليهم الرحمة وحفت بهم الملائكة واستغفرت لهم إلى ان يتفرقوا.. ) إلى ان يقول (ما ذكر خبرنا هذا في محفل من محافل اهل الارض وفيه جمع من شيعتنا ومحبينا وفيهم مهموم الا وفرج الله همه ولا مغموم الا وكشف الله غمه ولا طالب حاجة الا وقضى الله حاجته فقال علي (عليه السلام) إذن والله فزنا وسعدنا وكذلك شيعتنا فازوا وسعدوا في الدنيا والاخرة ورب الكعبة).
ومن فضائله (سلام الله عليه) الحديث الشريف المستفيض عن رسول الله (صلى الله عليه واله) والمروي بطرق الفريقين : (حسين مني وانا من حسين). فهذا معنى مروي بالنسبة إلى كل اصحاب الكساء وقد سمعنا قبل قليل في حديث الكساء قوله (صلى الله عليه واله) : (انهم مني وانا منهم)). وورد في الزهراء (عليها السلام) أيضاً عن رسول الله (صلى الله عليه واله) : (انها مني وانا منها وانها ام ابيها) وهي من اصحاب الكساء بطبيعة الحال.
وحقيقة ذلك من الاسرار الالهية التي لا يطلع عليها الا خاصة الخاصة ولكن فهمها ممكن يكون على عدة وجوه منها:
اولها : ان كون الحسن والحسين من رسول الله (صلى الله عليه واله) واضح لانتسابهم بالنسبة الحقيقية وكذلك انتساب الزهراء الى رسول الله (صلى الله عليه واله) واضح لانتسابها بالنسبة الحقيقية. واما كون النبي منهم فباعتبارهم سببا لنشر دينه وعلو الإسلام بجهادهم وجهودهم بما فيهم الحسين (عليه السلام) بتضحياته العظيمة والجليلة في واقعة الطف التي لولاها لمات دين الإسلام وانمسخت شريعة الله فقد احياها (سلام الله عليه) بمقتله وشهادته وبهذا صدق ان رسول الله (صلى الله عليه واله) من الحسين لان استمرار دينه حقيقة بسببه وكذلك الباقون من اصحاب الكساء علي وفاطمة والحسن (عليهم السلام) بمشاركاتهم المهمة في نصرة الدين.
ثانيا : انه لا تكون طاعة الا بطاعة الادنى فلا تكون طاعة النبي الا بطاعة الحسين ( يعني احنة شلون نطيع النبي ، نطيع الحسين لكي تطيع النبي ) وكذلك لا تكون طاعة الائمة (عليهم السلام) الا بطاعة العلماء والحوزة ولا تكون طاعة الحوزة الا بطاعة الوكلاء والمبلغين وهكذا فتكون طاعة الوكلاء هي طاعة الحوزة وطاعة الحوزة هي طاعة المعصومين وطاعة المعصومين هي طاعة رسول الله وطاعة رسول الله هي طاعة الله تعالى. فيكون من ضمن ذلك بل من اهم تطبيقاته ومصاديقه هو ان طاعة رسول الله (صلى الله عليه واله) بطاعة الحسين (عليه السلام) او قل ان طاعة الحسين هي طاعة رسول الله ومنه قوله تعالى : ((من اطاع الرسول فقد اطاع الله)).
ثالثا : ان هذا الحديث (حسين مني وانا من حسين) مبني على المجاز والمجاز صحيح في اللغة بل هو الاتجاه الاغلب فيها وهو الاتجاه الاجمل فيها والادق تعبيرا والاكثر حسنا ادبيا حين لا يقوم التعبير الحقيقي به وذلك لمدى التقارب والتعاطف الواقعي بين رسول الله (صلى الله عليه واله) وهؤلاء الاربعة الباقون من اصحاب الكساء (عليهم السلام) بما فيهم الحسين (عليه السلام).
ومن مميزاته وصفاته الخاصة (سلام الله عليه) ما روي فعلا في مصادرنا ومعاش فعلا في اذهاننا ان الله تعالى جعل العلم من ذريته والاستجابة تحت قبته والشفاء في تربته. وكل هذه الامور قطعية ومجربة ما عدا ما خرج بدليل كما يعبرون لوجود المانع الشديد عن تطبيق هذه القاعدة على بعض الافراد بحيث يكون تطبيقها مخالفا للحكمة والا فمقتضى القاعدة تطبيقها على الجميع من المستحقين من البشر باستجابة الدعوة تحت قبته والشفاء من تربته.
وهنا ينبغي الاشارة باختصار إلى انه ليس كل دعاء فهو مستجاب وان الله تعالى قال : ((ادعوني استجب لكم ووعده الحق )) الا ان هذا لا ينطبق حسب الرغبة والشهوة ودعاوى النفس الامارة بالسوء بل لا ينطبق الا عندما يعلم الله سبحانه بصدق الدعاء وصدق النية وصدق التوجه وصدق الانقطاع الى الله سبحانه وعندئذٍ حاشا لله عز وجل ان يخلف وعده بالإجابة فاذا انضم الى ذلك بعض الامور الرئيسية المهمة عند الله عز وجل كما في الدعاء تحت قبة الحسين (عليه السلام) كان ذلك اولى بالاستجابة واعظم للأجر واعلى في الدنيا والاخرة.
والمعروف ان هذه الامور الثلاثة قد وهبت للحسين (عليه السلام) من الله سبحانه بازاء شهادته وتضحيته العظيمة التي لا مثيل لها في التاريخ البشري. مضافا الى امور اخرى كثيرة من اهمها درجات الاخرة التي نسمع عنها في الحديث المروي عن النبي (صلى الله عليه واله) : (لك مقامات لن تنالها الا بالشهادة ). وقد مشى (سلام الله عليه) في هذا الطريق بهمة وطيبة قلب ولم يقصر طرفة عين.
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴿١﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ﴿٢﴾ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴿٣﴾ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ﴿٤﴾ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴿٥﴾
صدق الله العلي العظيم

ابو علي 22-03-2012 12:58 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة الرابعة والثلاثون 14 شعبان 1419
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين .
بسم الله الرحمن الرحيم
(قفوا جميعا لكي نرفع ايدينا بالدعاء).
(كل فقرة قولوا يا الله).
بسم الله الرحمن الرحيم (يا الله)
يا من اذا سأله عبد اعطاه (يا الله) واذا امل ما عند بلغه مناه (يا الله) واذا اقبل عليه اقبل عليه قربه وادناه (يا الله) واذا جاهره بالعصيان ستر ذنبه وغطاه (يا الله) واذا توكل عليه احسبه وكفاه (يا الله) الهي من ذا الذي نزل بك ملتمسا قراك فما قريته (يا الله) ومن ذا الذي اناخ بباك مرتجيا نداك فما اوليته (يا الله) ايحسن ان ارجع عن بابك بالخيبة مصروفا (يا الله) ولست اعرف سواك مولى بالإحسان موصوفا (يا الله) كيف ارجوا غيرك (يا الله) والخير كله بيدك (يا الله) وكيف اوؤمل سواك (يا الله) والخلق والامر لك (يا الله) ءاقطع رجائي منك (يا الله) وقد اوليتني ما لم اسأله من فضلك (يا الله) ام تفقرني الى مثلي (يا الله) وانا اعتصم بحبلك (يا الله) يا من سعد برحمته القاصدون (يا الله) ولم يشقى بنقمته المستغفرون (يا الله) كيف انساك ولم تزل ذاكري (يا الله) وكيف الهو عنك وانت مراقبي (يا الله) الهي بذيل كرمك اعلقت يدي (يا الله) ولنيل عطاياك بسطت املي (يا الله) فاخلصني بخالصة توحيدك (يا الله) واجعلني من صفوة عبيدك (يا الله) يا من كل هارب اليه يلتجئ (يا الله) وكل طالب اياه يرتجي (يا الله) يا خير مرجو (يا الله) ويا اكرم مدعو (يا الله) ويا من لا يرد سائله (يا الله) ولا يخيب آمله (يا الله) يا من بابه مفتوح لداعيه (يا الله) وحجابه مرفوع لراجيه (يا الله) اسألك بكرمك ان تمن علي من عطائك (يا الله) بما تقر به عيني (يا الله) ومن رجائك (يا الله) بما تطمئن به نفسي (يا الله) ومن اليقين (يا الله) بما تهون به علي مصيبات الدنيا (يا الله) وتجلو به (يا الله) عن بصيرتي غشوات العمى (يا الله) برحمتك يا ارحم الراحمين (يا الله).
(الان نصلي على محمد وال محمد ونخص بالذكر مولانا صاحب الزمان (عليه افضل الصلاة والسلام) فكلما اقول فقرة قولوا يا صاحب الزمان).
اللهم صل على محمد وال محمد (يا صاحب الزمان) سلام على ال ياسين (يا صاحب الزمان) السلام عليك يا داعي الله (يا صاحب الزمان) ورباني آياته (يا صاحب الزمان) السلام عليك يا باب الله (يا صاحب الزمان) وديان دينه (يا صاحب الزمان) السلام عليك يا خليفة الله وناصر حقه (يا صاحب الزمان) السلام عليك يا حجة الله ودليل ارادته (يا صاحب الزمان) السلام عليك يا تالي كتاب الله وترجمانه (يا صاحب الزمان) السلام عليك في آناء ليلك واطراف نهارك (يا صاحب الزمان) السلام عليك يا بقية الله في ارضه (يا صاحب الزمان) السلام عليك يا ميثاق الله الذي اخذه ووكده (يا صاحب الزمان) السلام عليك يا وعد الله الذي ضمنه (يا صاحب الزمان) السلام عليك ايها العلم المنصوب (يا صاحب الزمان) والعلم المصبوب (يا صاحب الزمان) والغوث والرحمة الواسعة (يا صاحب الزمان) وعدا غير مكذوب (يا صاحب الزمان) السلام عليك حين تقوم (يا صاحب الزمان) السلام عليك حين تقعد (يا صاحب الزمان) السلام حين تقرأ وتبين (يا صاحب الزمان) السلام عليك حين تصلي وتقنت (يا صاحب الزمان) السلام عليك حين تركع وتسجد (يا صاحب الزمان) السلام عليك حين تهلل وتكبر (يا صاحب الزمان) السلام حين تحمد وتستغفر (يا صاحب الزمان) السلام عليك حين تصبح وتمسي (يا صاحب الزمان) السلام عليك في الليل اذا يغشى (يا صاحب الزمان) والنهار اذا تجلى (يا صاحب الزمان) السلام عليك ايها الامام المأمون (يا صاحب الزمان) السلام عليك ايها المقدم المأمول (يا صاحب الزمان) السلام عليك بجوامع السلام (يا صاحب الزمان) ورحمة الله وبركاته (يا صاحب الزمان).
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ اللَّـهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا ﴿٦٤﴾ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴿٦٥﴾ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّـهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا ﴿٦٦﴾ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ﴿٦٧﴾ رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ﴿٦٨﴾ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّـهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّـهِ وَجِيهًا ﴿٦٩﴾ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴿٧٠﴾ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )
غدا يوم النصف من شهر شعبان وهو ليله ويومه لهما فضل عظيم عند الله سبحانه. ومن المناسبات الاكيدة لزيارة الحسين (عليه السلام) كما ان المشهور انه يوم ولادة الامام المهدي (عليه السلام) ومن هنا يحسن التعرض الى بعض الخصائص التي تخص الامام المهدي (عليه السلام). وبهذه العجالة اريد التعرض الى الحديث المشهور وهو ان الانتفاع به حال غيبته كالانتفاع بالشمس اذا غيبها السحاب. وهذا معنى مروي عن رسول الله (صلى الله عليه واله) فعن جابر بن يزيد الجعفي قال سمعت جابر بن عبد الله الانصاري يقول: لما انزل الله تعالى على نبيه (صلى الله عليه واله) ((يا ايها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم)). قلت: يا رسول الله عرفنا الله ورسوله فمن اولي الامر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك. فقال (عليه واله السلام) : هم خلفائي من بعدي يا جابر وائمة الهدى بعدي اولهم علي بن ابي طالب ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر وستدركه يا جابر فاذا لقيته فأقرأه عني السلام ...، ثم جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم علي بن محمد ثم الحسن بن علي ثم سميي وكنيي حجة الله في ارضه وبقيته في عباده محمد بن الحسن بن علي ذلك الذي يفتح الله عز وجل على يديه مشارق الارض ومغاربها وذلك الذي يغيب عن شيعته واوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته الا من امتحن الله قلبه للإيمان. قال جابر: فقلت: يا رسول الله فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته ؟ فقال : اي والذي بعثني بالحق انهم ليستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وان علاها سحاب يا جابر هذا من مكنون سر الله ومخزون علم الله فاكتمه الا عن اهله …. الى آخر الخبر.
واود التعليق باختصار على بعض فقرات هذا الحديث :
اولا : ان تعداد الائمة (عليهم السلام) من قبل رسول الله (صلى الله عليه واله) بل حتى لو كان فرضا عن جابر بن عبد الله الانصاري (هذا خطاب لواحد يقول احتمال ان يكون هذا التعداد كذبا)، فلربما هذا لم يحدث وكان بعض هؤلاء عقيما مثلا او انه مات او قتل قبل ان يولد له ولد وهكذا .. مع ان هذه السلسلة المباركة قد حدثت فعلا وهو موجودون بنفس هذا التسلسل بضرورة التاريخ. وهذا معناه ان جابر بن عبد الله كان واثقا من روايته عن رسول الله (صلى الله عليه واله) وكان رسول الله (صلى الله عليه واله) واثقا من الهام الله تعالى له ووحيه اليه جل جلاله. والمهم انها فعلا قد تحققت بلمس اليد.
ثانيا : انه يعبر عن الامام المهدي عليه السلام بـ(سمّيي وكنيي) يعني ان اسمه يشبه اسمي وهو محمد وكنيته تشبه كنيتي وهو ابو القاسم فان ابا القاسم كما هو من كنى رسول الله (صلى الله عليه واله) كذلك هو من كنى صاحب الزمان عجل الله فرجه.
ثالثا : انه (صلى الله عليه واله) قال في الحديث : (يفتح الله عز وجل على يديه مشارق الارض ومغاربها). اقول: يعني كل وجه الكرة الارضية وماذا يستطيع رسول الله (صلى الله عليه واله) ان يعبر في ذلك الحين الذي كان اغلب اجزاء الكرة الارضية مجهولا بحيث يكون التعبير بما يفهمه الناس ولا يستوحشون منه طبقا لقانون (كلم الناس على قدر عقولهم) الا ان يقول مشارق الارض ومغاربها.
رابعا : انه (صلى الله عليه واله) قال : (لا يثبت فيها (اي في عصر الغيبة) على القول بإمامته أكرر لا يثبت على القول بإمامته الا من امتحن الله قلبه للإيمان). اقول: لوضوح انه لو كان في النفس اقل ضعف او في الايمان اقل تدني او في القلب اقل وسوسة فان الامر سيكون صعب الاستدلال بالنسبة الى الفرد وسوف تطرأ عليه الشبهات وتغيره الاهواء وترمي به الريح في مكان سحيق ولا يبقى على الثبات الحقيقي لليقين بالإمامة الا من امتحن الله قلبه للإيمان. وفي حديث آخر ما مضمونه: (ان الله تعالى علم ان اولياءه لا يشكون ولو علم انهم يشكون لما غيب الله عنهم وليه طرفة عين).
والمهم اننا جميعا انشاء الله بين مؤمن فعلا وبين من يكون في طريقه الى الايمان والمهم هو الاخلاص الذي ينفي الشك ويجعل للفرد همة الى الاسلام بكل تفاصيله سواء في اصول الدين او فروعه.
خامسا : انه (صلى الله عليه واله) قال : (يا جابر هذا من مكنون سر الله ومخزون علم الله فاكتمه الا عن اهله). اقول : لان هذا النوع من التنبؤ طويل الامد لم يكن مستساغا تجاه ضعف النفوس وضحالة المستويات يومئذٍ. ومن هنا كانت تعاليم المذهب بالمعنى الدقيق الذي نفهمه الان لا تصل الا الى الاوحدي من الناس ومن هنا توهم بعضهم في محمد بن الحسن ذي النفس الزكية انه هو المهدي وتوهم بعضهم ذلك في الامام الكاظم (عليه السلام) وفي الامام الرضا (عليه السلام). حتى ان دعبل الخزاعي (عليه الرحمة) الذي ذكر المهدي (عليه السلام) في قصيدته المشهورة سأله الامام الرضا (عليه السلام): فهل تدري من هذا الامام ومتى يقوم ؟ قلت : لا. (دعبل يكول لا )الا انني سمعت يا مولاي بخروج امام منكم يملئ الارض عدلا. فقال : يا دعبل الامام بعدي محمد ابني ومن بعد محمد ابنه علي وبعد علي ابنه الحسن وبعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته المطاع في ظهوره ولو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيملاء الارض عدلا كما ملئت جورا.
فنرى ان الامام (عليه السلام) اخبر دعبل بأسماء الائمة المعصومين (عليهم السلام) بعده وكان دعبل لا يعرفهم. فالمهم ان الصيغة الاساسية للمذهب كما نعرفها الان لم تكن معطاة الا للعدد القليل من الناس القريبين من المعصومين. واما دعبل فقد قصده من بعيد ولم يكن منهم.
ومن جملة نتائج ذلك حصول الانقسامات في داخل المذهب الواحد كالزيدية والاسماعيلية والفطحية والواقفية او الواقفة وغيرهم وكذلك حصلت فرصة لجعفر بن علي الذي قد يسمى بالكذاب ان يجلس للمبايعة للإمامة بعد اخيه الحسن العسكري (عليه السلام) ولو كان الناس واعين حقيقة لأصول المذهب لما ذهب اليه احد. سبحان الله ، وهذا كله ناشئ من كتمان الصيغة الاساسية :
اولا : لعدم تحمل كثير من الناس لتفاصيلها يومئذٍ.
ثانيا :للتقية من الاعداء.
ثالثا : للاختبار للجميع من حيث يرى من يفحص عن دينه ويدقق فيه او من يهمل ذلك.
رابعا : ما سمعناه عن الامام الجواد (عليه السلام) حين قال: (اسكت كما سكت اباؤك)، يخاطب نفسه طبعا. وقول احد المعصومين (عليهم السلام): (لو اذن لنا بالكلام لزال الشك).
خامسا : قول امير المؤمنين (عليه السلام) بحسب الرواية : (لا يزيد تفرق الناس عني وحشة). اقول : يعني ان من يذهب عن الايمان وعن الجادة الحق، فانه يذهب حسب استحقاقه الى النار. وفي بعض الروايات ان رسول الله (صلى الله عليه واله) كان في مرضه الاخير الذي توفي فيه وكان عنده عبد الله بن العباس او العباس نفسه، فقال رسول الله (صلى الله عليه واله) : حيثما يكون علي فكن. قال : يا رسول الله اذهب فاخبر الناس ؟ قال : لا، يفعل الله ما يشاء.
وعلى اي حال فان هذا الحديث الذي نتكلم عنه في ان المهدي حال غيبته كالشمس اذا غيبها السحاب مروي عن رسول الله (صلى الله عليه واله) كما سمعنا ، كما هو مروي عن عدد من المعصومين (عليه السلام) ، كما هو مروي عن المهدي نفسه (عليه السلام) فيما خرج من توقيعاته خلال غيبته الصغرى.
اسحاق بن يعقوب قال: سألت محمد بن عثمان العمري (رضي الله تعالى عنه) ( وهو السفير الثاني للحجة طبعا ) ان يوصل كتابا سألت فيه عن مسائل اشكلت علي، فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان (عليه السلام): اما ما سألت عنه ارشدك الله وثبتك من امر المنكرين لي من اهل بيتنا وبني عمنا ( كأنما خايف من هيجي نماذج حتى من الهاشميين والعلويين بعضهم قليل ينكر وجود صاحب الزمان هكذا ظاهر الرواية......... ولم يثبت تاريخيا ماكو هسة الان انتهوا ) فاعلم انه ليس بين الله وبين احد قرابة ومن انكرني فليس مني وسبيله سبيل ابن نوح (عليه السلام) واما سبيل عمي جعفر وولده فسبيل اخوة يوسف (سلام الله عليه) واما اموالكم فلا نقبلها الا لتطهر فمن شاء فليصل ومن شاء فليقطع فما اتانا الله خير مما اتاكم واما ظهور الفرج فانخ الى الله تعالى ذكره وكذب الوقاتون واما قول من زعم ان الحسين (عليه السلام) لم يقتل فكفر وتكذيب وضلال واما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم وانا حجة الله عليهم واما محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه وعن ابيه من قبل فانه ثقتي وكتابه كتابي … الى ان يقول: واما علة ما وقع من الغيبة فان الله عز وجل يقول ((لا تسألوا عن اشياء ان تبد لكم تسوءكم)) انه لم يكن احد من ابائي الا وقد وقعت ( لاحظوا ) في عنقه بيعة لطاغية زمانه واني اخرج حين اخرج ولا بيعة لاحد من الطواغيت في عنقي واما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس اذا غيبها السحاب عن الابصار واني لامان لاهل الارض كما ان النجوم امان لاهل السماء فاغلقوا باب السؤال عما لا يعنيكم ولا تكلفوا علم ما قد كفيتم واكثروا الدعاء بتعجيل الفرج والسلام عليك يا اسحاق بن يعقوب وعلى من اتبع الهدى.
اقول : واود ان اعلق باختصار على بعض فقرات هذه الرواية:
اولا : قال (عليه السلام) : (من امر المنكرين من اهل بيتنا وبني عمنا فاعلم انه ليس بين الله وبين احد قرابة ومن انكرني فليس مني وسبيله سبيل ابن نوح (عليه السلام)) يعني طبقا لقوله تعالى: ((انه ليس من اهلك ( منو هو ؟ ابن نوح ) انه عمل غير صالح فلا تسألني عما ليس لك به علم)).
ثانيا : قوله : (واما اموالكم فما نقبلها الا لتطهر) يعني ليس في دفع الحقوق الشرعية اي خسارة وان كان ظاهرا كذلك الا انه الربح بعينه والبركة الحقيقية. اما ثواب الاخرة فواضح لكل عمل يقصد به المكلف امر الله تعالى ورضاه. واما في الدنيا فنحن موعودون فعلا ومجرب حقيقة وكثيرا بتنامي المال وزيادته بالانفاق الشرعي منه سواء كان مستحبا كالصدقة او واجبا كالزكاة والخمس ويضاعف الله لمن يشاء. مضافا الى التطهير المشار اليه في الرواية لانه قال : (لتطهر) فان الاموال مهما كان حالها فانها تجمع من مختلف الناس ممن لا يدفع الزكاة او لا يدفع الخمس او حصل عليها بمعاملة باطلة او بارث لا يستحقه وغير ذلك كثير فتكون دفع الحقوق الشرعية تطهيرا ويبقى ما عندك حلالا مأذونا به بالولاية العامة المعطاة للمعصومين (سلام الله عليهم).
ثالثا : انه قال : (واما ظهور الفرج فانه الى الله تعالى ذكره) يعني ليس لي ولا لاحد من خلقه وانما هو منوط بالله سبحانه و(كذب الوقاتون) فليس من حق احد ان يعطي وقتا معينا او ان يسأل عن وقته كما الان بعض الناس قالوا ان وقت الظهور قريب فانه كذب ومما لا دليل عليه.
رابعا : قوله : (واما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة احاديثنا فانهم حجتي عليكم وانا حجة الله عليهم) وظاهر (الحوادث الواقعة) ( شنو هي الحوادث الواقعة بالله ) هو الامور المستجدة او المسائل المستحدثة وان كان بحسب الواقع يعم كل الحوادث كما هو واضح لان كل الحوادث الواقعة هي من الحوادث الواقعة.( كل الاشياء في الدنيا هي من الحوادث الواقعة كول لا . سبحان الله ) فيكون هذا الحديث الشريف من ادلة الولاية العامة، والظاهر من (رواة حديثنا) الذين يجب الرجوع اليهم ليس الحديث اللفظي وهو السنة الشريفة ليختص الامر بالرواة لها وانما يراد بالحديث مضمونه ومعانيه فيعم الفتوى والحكم بالولاية.
خامسا : قوله (عليه السلام) : (فاغلقوا باب السؤال عما لا يعنيكم ولا تكلفوا (يعني لا تتكلفوا) ما قد كفيتم) يعني ما لم تكن مسؤوليته في ذمتكم. وهذا نحو مما سمعناه من انه احد الائمة (عليه السلام) : (لو اذن لنا بالكلام لزال الشك)، لان ظروف التصريح بالحق بتفاصيله الحقيقية والكثيرة غير متيسرة غالبا وضعف النفوس موجود والمرجفون الذين يحاولون التغليط موجودون باستمرار اذن فلا ينبغي التصريح بكل ما يعرفون (عليهم السلام) من التفاصيل.
سادسا : قوله (عليه السلام) : (واكثروا الدعاء بتعجيل الفرج) ولذا نحن نقول: اللهم عجل فرجه وسهل مخرجه واجعلنا من اصحابه وانصاره وارزقنا خيره ورضاه في حال غيبته وعند ظهوره (قولوا آمين) (آمين).
غير انه قد ورد في السنة الشريفة ما مضمونه: (اللهم ارزقني من الرضا ( لاحظوا ) حتى بقضائك والتسليم بقدرك بحيث لا احبت عجيل ما اخرت ولا تاجيل ما قدمت) مع الالتفات الى ان تعجيل الظهور لو حصل لما كان في المصلحة لان الله تعالى انما يختار الظهور في الوقت المناسب له فلو حصل اسرع من ذلك لما كان في الوقت المناسب. الا انه مع ذلك يمكن حمل هذا الامر بالتعجيل على وجوه من الصحة:
اولا : ان الله تعالى قادر على تعجيل الوقت المناسب للظهور .
ثانيا : ان الله تعالى قادر على اعطاءه النصر على كل حال وان لم يكن الوقت مناسبا.
ثالثا : شد المحبين والموالين بالامام (عليه السلام) شدهم بالامام عليه السلام عاطفيا وتذكره دائما.( يقولون اللهم عجل فرجه وسهل مخرجه ) .
الوجه الرابع : دعم النفوس الضعيفة التي تشعر بقلة الصبر مع شدة انواع البلاء الدنيوي وان افضل من يستجار به بعد الله سبحانه هو امامنا الفعلي وقائدنا الحي الحقيقي الامام المهدي (عليه السلام). ونكمل في الخطبة الثانية بعونه تعالى.
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿١﴾الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴿٢﴾الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ﴿٣﴾مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴿٤﴾إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴿٥﴾اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴿٦﴾صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴿٧﴾
كولوا صدق الله العلي العظيم
الجمعة الرابعة والثلاثون 14 شعبان 1419
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين .
انا سوف اقرأ الدعاء وقولوا يالله
الهي ان قل زادي في المسير اليك (يا الله) فلقد حسن ظني بالتوكل عليك (يا الله) وان كان جرمي قد اخافني من عقوبتك (يا الله) فان رجائي بالامن من نقمتك (يا الله) وان كان ذنبي قد عرضني لعقابك (يا الله) فقد آذنني حسن ثقتي بثوابك (يا الله) وان انامتني الغفلة عن الاستعداد للقائك (يا الله) فقد نبهتني المعرفة بكرمك وآلاءك (يا الله) وان اوحش ما بيني وبينك فرط العصيان والطغيان (يا الله) فقد آنسني بشرى الغفران والرضوان (يا الله) اسألك (سبحان الله ) بسبحات وجهك ( يا الله ) وبانوار قدسك (يا الله) وابتهل اليك (يا الله) بعواطف رحمتك (يا الله) ولطائف برك (يا الله) ان تحقق ظني بما أُأمله من جزيل اكرامك (يا الله) وجميل انعامك (يا الله) في القربى منك (يا الله) والزلفى لديك (يا الله) والتمتع بالنظر اليك (يا الله) وها انا متعرض لنفحات روحك وعطفك (يا الله) ومنتجع غيث جودك ولطفك (يا الله) فار من سخطك الى رضاك (يا الله) هارب منك اليك (يا الله) راجٍ احسن ما لديك (يا الله) معول على مواهبك (يا الله) مفتقر الى رعايتك (يا الله) الهي (يا الله) ما بدأت به من فضلك فتممه (يا الله) وما وهبت لي من كرمك فلا تسلبه (يا الله) وما سترته علي (يا الله) بحلمك فلا تهتكه (يا الله) وما علمته من قبيح فعلي (يا الله) فاغفره (يا الله) الهي استشفعت بك اليك (يا الله) واستجرت بك منك (يا الله) اتيتك طامعا في احسانك (يا الله) راغبا في امتنانك (يا الله) مستسقيا وابل طولك (يا الله) مستمطرا غمام فضلك (يا الله) طالبا مرضاتك (يا الله) قاصدا جنابك (يا الله) واردا شريعة رفدك (يا الله) ملتمسا سني الخيرات من عندك (يا الله) وافدا الى حضرة جمالك (يا الله) مريدا وجهك (يا الله) طارقا بابك (يا الله) مستكينا لعظمتك (يا الله) وجلالك (يا الله) فافعل بي ما انت اهله (يا الله) من المغفرة والرحمة (يا الله) ولا تفعل بي ما انا اهله (يا الله) من العذاب والنقمة (يا الله) برحمتك يا ارحم الراحمين (يا الله).
(الان في كل فقرة قولوا يا صاحب الزمان مرة اخرى)
اللهم صل على محمد وال محمد (يا صاحب الزمان) السلام على الحق الجديد (يا صاحب الزمان) والعالم الذي علمه لا يبيد (يا صاحب الزمان) السلام على محيي المؤمنين (يا صاحب الزمان) ومبير الكافرين (يا صاحب الزمان) السلام على مهدي الامم (يا صاحب الزمان) وجامع الكلم (يا صاحب الزمان) السلام على خلف السلف (يا صاحب الزمان) وصاحب الشرف (يا صاحب الزمان) السلام على حجة المعبود (يا صاحب الزمان) وكلمة المحمود (يا صاحب الزمان) السلام على معز الاولياء (يا صاحب الزمان) ومذل الاعداء (يا صاحب الزمان) السلام على وارث الانبياء (يا صاحب الزمان) وخاتم الاوصياء (يا صاحب الزمان) السلام على القائم المنتظر (يا صاحب الزمان) والعدل المشتهر (يا صاحب الزمان) السلام على السيف الشاهر (يا صاحب الزمان) والقمر الزاهر (يا صاحب الزمان) والنور الباهر (يا صاحب الزمان) السلام على شمس الظلام (يا صاحب الزمان) والبدر التمام (يا صاحب الزمان) السلام على ربيع الانام (يا صاحب الزمان) ونظرة الايام (يا صاحب الزمان) السلام على صاحب الصمصام (يا صاحب الزمان) وفلاق الهام (يا صاحب الزمان) السلام على الدين المأثور (يا صاحب الزمان) والكتاب المسطور (يا صاحب الزمان) السلام على بقية الله في بلاده (يا صاحب الزمان) وحجته على عباده (يا صاحب الزمان) المنتهى اليه مواريث الانبياء (يا صاحب الزمان) ولديه موجود اثار الاصفياء (يا صاحب الزمان) السلام على المؤتمن على السر (يا صاحب الزمان) والولي للامر (يا صاحب الزمان) السلام على المهدي الذي وعد الله عز وجل به الامم (يا صاحب الزمان) ان يجمع به الكلم (يا صاحب الزمان) ويلم به الشعث (يا صاحب الزمان) ويملاء به الارض قسطا وعدلا (يا صاحب الزمان) ويمكن له (يا صاحب الزمان) وينجز به وعد المؤمنين (يا صاحب الزمان) اشهد يا مولاي (يا صاحب الزمان) انك والائمة من ابائك (يا صاحب الزمان) ائمتي ومواليي (يا صاحب الزمان) في الحياة الدنيا ( يا صاحب الزمان ) ويوم يقوم الاشهاد (يا صاحب الزمان) اسالك يا مولاي يا صاحب الزمان (يا صاحب الزمان) ان تسأل الله تبارك وتعالى (يا صاحب الزمان) في صلاح شأني (يا صاحب الزمان) وقضاء حوائجي (يا صاحب الزمان) وغفران ذنوبي (يا صاحب الزمان) والاخذ بيدي (يا صاحب الزمان) في ديني ودنياي وآخرتي (يا صاحب الزمان) لي ولاخواني (يا صاحب الزمان) واخواتي المؤمنين والمؤمنات كافة (يا صاحب الزمان) انه غفور رحيم (يا صاحب الزمان).
بسم الله الرحمن الرحيم
((ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقْتلون وعدا عليه حقا في التوراة والانجيل والقرآن ومن اوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ( منو هم ) التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الامرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين)).
نكمل الان ما بدأناه في الخطبة الاولى.
سابعا : انه قال (عليه السلام) في الحديث الشريف : (واما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس اذا غيبها السحاب عن الابصار واني لامان لاهل الارض كما ان النجوم امان لاهل السماء). فهو يمثل وجوده الشريف بالشمس ومنافعه بنورها المشرق ويمثل الغيبة بالسحاب الذي قد يحجب الشمس عن الابصار. ولكنه مع ذلك لايمنعها عن التأثير ولا يمكن ان يمنعها عن ارسال منافعها الى الارض في سلامة الانسان والحيوان والنبات وغير ذلك. ومن الواضح انه خلال الغيبة لا يوجد تعرف على شخصه الكريم ولايوجد بين احد وبينه كلام وسؤال وجواب.
ومن هذه الناحية اثيرت الشبهة في عدم الانتفاع به حال غيبته كأن الانتفاع منحصر بالسؤال والجواب والتصدي للعمل المكشوف والمعروف مع ان هذا باطل قطعا كما سنسمع في الوجوه التالية:
اولا : ما بَينه بنفسه (سلام الله عليه) من وجه الاستفادة حال الغيبة بقوله: (واني لامان لاهل الارض كما ان النجوم امان لاهل السماء) اما كونه امانا لاهل الارض فهذا ما يحصل بمجرد وجوده الشريف على الارض اذ يدفع الله به كثيراً من البلايا المحتملة والممكنة برحمة الله تعالى وحسن رعايته له ولنا والا فالذنوب التي ترتكب على وجه الارض تستحق عقابا شديدا جدا بحيث كانت العقوبات التي تأتي قبل الاسلام ( لاحظوا ) على الامم المذنبة من الطوفان والخسف والقذف وغيرها انما هي على ذنوب اقل من الذنوب التي يرتكبها البشر في هذه العصور المتأخرة. كيف ونحن نسمع قوله تعالى ((ولو يؤاخذ الله الناس بذنوبهم ما ترك عليها من دابة)) يعني لاهلك كل الارض ومن عليها من انسان وحيوان. ولكنه جل جلاله لا يفعل ذلك لعدة امور في حكمته منها احترام اوليائه فيه وجود الامام المهدي (عليه السلام) حيا على وجه الارض وكذلك ببركة حضور المعصومين ومراقدهم (سلام الله عليهم) وقد سمعنا في الحكمة انه (لولا شيوخ ركع واطفال رضع وبهائم ركع لصب البلاء على اهل الارض صبا)). وطبعا فان الامام (عليه السلام) اولى من يكون بهذه الصفة القدسية.
واما كون النجوم اماناً لاهل السماء فاوضح تفسير لها مستفاد من قوله تعالى : ((ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين)) وقوله سبحانه عن لسان الجن والشياطين : ((وانا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الان يجد له شهابا رصدا)) وبالتالي فان الجن والشياطين ممنوعون عن الوصول الى السماء وازعاج اهلها والسبب في ذلك بنص الاية هو الشهاب والشهب صادرة عن النجوم واجزاء منفصلة عنها لا محالة فتكون النجوم سببا لامان اهل السماء من الشياطين والمردة كلما صعد شيطان طرد وضرب بالشهاب فنزل. ( هذا هو ) .
ثانيا : انه (سلام الله عليه) ليس فقط يندفع به البلاء كما قلنا في النقطة الاولى بل يحصل به الخير والنعماء وتستمطر ببركته السماء ويستجاب به الدعاء. وفي الزيارة: (وبكم ( ماذا ) تنزل السماء قطرها ورزقها وبكم تنبت الارض اشجارها وبكم تخرج الارض ثمارها وبكم ينزل الله الغيث). واذا رأيت شخصا طيب القلب نير الوجه مرتاح ( إله ) فانك تقول عنه انه تستمطر به السماء ( هذي عبارة مأثورة ، موجودة ). ونسمع قول ابي طالب (عليه الرحمة والرضوان) في مدح النبي (صلى الله عليه واله): وابيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للارامل
فالمعصومون (عليهم السلام) مصدر الخير والبركة والعطاء لاهل الارض جميعا متمثلين بوجودهم الفعلي ووارثهم الحقيقي بقية الله في ارضه الامام المهدي (عليه السلام).
ثالثا : انه (سلام الله عليه ) المنقذ لمن استجار به في حال الضرورات والبلاء المستحكم والقصص كثيرة في انقاذ اشخاص عديدين جدا خلال التاريخ من مهالك حقيقية. والكتب كثير تروي هذا الشيء ، وسمعت بخبر مطول يذكر انواع الاستجارة باشخاص المعصومين (عليه السلام) وواحد منهم ( أي من المعصومين ) يستجار به لدى الفقر وآخر يستجار بع لدى المرض .. وهكذا، ثم يقول ما مضمونه واستجر بالمهدي اذا وصل السيف الى هنا (يشير الى رقبته).
رابعا : ان له الولاية التكوينية ( عليه افضل الصلاة والسلام ) على العالم شأنه في ذلك شأن المعصومين الاخرين من ابائه ولولا وجوده لانقطعت هذه الولاية وحاشا لله من ذلك. ونحن نسمع في الزيارة انه يقول عن اهل بيت العصمة : (ارادة الرب في مقادير اموره تهبط اليكم وتصدر عن بيوتكم والصادر مما فصل من احكام العباد)).
ونحن المذنبون القاصرون المقصرون نجهل شكل ذلك التصرف وهذه العناية المقدسة لانها اعلى بكثير من فهمنا وادراكنا.
خامسا : ما ورد انه لولا وجود الامام في اي عصر لساخت الارض باهلها او بمن عليها وهي روايات مستفيضة ومعتبرة وقد اخرجها الشيخ الكليني (عليه الرحمة) في الكافي وغيره. وهو نحو من الحفظ لاهل الارض ويمكن ايضا ان نفسر به قوله (عليه السلام) : (واني امان لاهل الارض) يعني من امثال هذه الامور المهلكة.
سادسا : اننا في تاريخ الغيبة الكبرى عرضنا اطروحتين لمفهوم الغيبة ، الظاهر ان اغلبكم مسبوقين بها. احداهما اطروحة خفاء الشخص والاخرى اطروحة خفاء العنوان. والمراد من اطروحة خفاء الشخص ان يكون الشخص موجودا قريبا منا مثلا الا انه مختفٍ لا نراه بالقدرة الالهية وهذا هو الاسلوب المرتكز للمتشرعة في فهم الغيبة وان الامام الغائب انما هو مختفٍ بهذا المعنى. يقابل ذلك اطروحة خفاء العنوان والمراد بها ان يكون الشخص مرأيا ومعروفا الا انه معروف بغير اسمه الحقيقي وصفته الواقعية، فمثلا نقول هذا الحاج سعيد الخياط واني رأيته وكلمته ونحو ذلك في حين يكون هو المهدي (عليه السلام) ( سبحان الله ) ويحرم على المهدي (سلام الله عليه) ) ان يكشف عن صفته الواقعية التي انه هو المهدي الا ان يأذن الله تعالى له بالظهور.
ويمكن ان نتصور له خلال الغيبة ( لاحظوا ) عدة اسماء من هذا القبيل وعدة اعمال اقتصادية او غيرها وعدة اماكن يسكن فيها يعني انه يسكن في كل مدة في مدينة او منطقة ونحو ذلك وقلنا هناك ان الغيبة ( المعاشة فعلا الغيبة الصغرى والكبرى )لا تتوقف على اطروحة خفاء الشخص دائما كما عليه ارتكاز المتشرعة وخاصة بعد ان جاءت الاجيال المتأخرة عن الغيبة الصغرى وهي لا تعرف شخص الامام ولا تميز وجهه عن غيره بطبيعة الحال فهو يستطيع ان يعيش بحرية طبقا لاطروحة خفاء العنوان بدون ان يلتفت اليه احد ويستحيل ان يتعرف اليه احد حتى امريكا واسرائيل. ويؤيد ذلك ما ورد من انه يطأ بسطهم ويحضر مواسمهم ويحضر الحج ويزور ابائه المعصومين (عليهم السلام) كما يؤيد ذلك ما ورد من انه (عليه السلام) ( هاي موجودة اني شايفهه بالكتب وكلها صحيحة على اية حال ) اذا ظهر قال جماعة من الناس انا رأيت هذا الشخص او كنت قد رأيته. يعني رأه بدون ان يعرفه طبعا ولو كان قد عرفه في حال غيبته بحقيقته لما قال ذلك بطبيعة الحال. والمهم الان انه (سلام الله عليه) بهذه الشخصية الظاهرية او الثانوية التي يخفي بها حقيقته يستطيع ان يعمل الامور الكثيرة المناسبة مع مصلحة والمرضية لرب العالمين كيف لا وهو يعلم بينه وبين الله بحقيقة نفسه كما يعلم (سلام الله عليه) بالوجه الحقيقي للمصلحة في اي مكان وزمان وبهذا ونحوه نفهم قوله (عليه السلام) في رواية الاحتجاج للطبرسي بما مضمونه القريب: (انه لولا عنايتنا بكم لاصطلمكم الاعداء ولأخذتكم اللأواء).
سابعا : اننا لو تنزلنا عن ذلك امكن التمسك بما دل من الاخبار على وجود بعض المتصلين بالامام خلال الغيبة ممن يعرفه على حقيقته وان كانوا مجهولين لنا تماما ويؤيد ذلك ما قاله علماؤنا (عليهم الرحمة) من ان الذي يحجب عن الامام هو الذنوب ومن يحجب عن الامام هو المذنب فمن كان لا ذنب له فالامام غير محجوب عنه كما يؤيده ما ورد من قولهم : (وما بثلاثين من وحشة يعني ان هناك ثلاثين نفر من كل جيل او في كل جيل يتصلون به يستأنس بهم ويرفعون وحشته وهو ساكن بعيدا عن مدن الظالمين ومجتمع الكفار والمنافقين كما هو وارد في اخبار اخرى.
فالمهم انه (سلام الله عليه) يستطيع ان يستغل اتصال هؤلاء به ومعرفتهم اياه وتشرفهم بخدمته في توسيطهم لنفع المجتمع بالشكل الذي يعلمه هو من المصلحة وبالشكل الذي هم يطيقونه ويستطيعونه من الاعمال والاقوال.
ثامنا : ما قاله بعض اساتذتنا (قدس سره) كاطروحة من اننا يمكن ان نقول ان كل عمل من اعمال الخير العام وكل مصلحة نافعة للمجتمع يكون هو (عليه السلام) المؤثر فيها والواضع للحجر الاساسي لها باللغة الحديث لو صح التعبير وذلك باشعار معين من قبله او تصرف خاص مهما كان بسيطا لكنه يعلم انه سوف يتطور ويكون بهذا الشكل من السعة والخير لكثير من الناس او لكل الناس.
تاسعا : ما ذكرناه في تاريخ الغيبة الكبرى من ان الغيبة الكبرى تتضمن طول العمر المتزايد للامام (عليه السلام) وطول العمر يقتضي طبعا لا محالة مواكبة كثير من الاجيال من البشرية مما يتيسر له خلال ذلك الاطلاع على كثير من التجارب والاراء والفلسفات والاطلاع ايضا على نقاط الضعف للانظمة والحكام والاتجاهات الباطلة والدول الكافرة الامر الذي ييسر له ثقافة عامة ومعمقة تفيده جدا بالانتصار عند ظهوره باعتباره تطبيقا لتلك الخبرات التي كان قد اكتسبها من مرور الاجيال خلال عمره الشريف الطويل.
وهذه وجهة نظر طيبة لو اقتصرنا على مستواها الا انها بطبيعة الحال مبنية ( لاحظوا ) على تصور معين للمعصومين وبالتالي للامام المهدي نفسه (عليه افضل الصلاة والسلام) بحيث يستفيد من التجارب الدنيوية ويحصل مضمونا متزايدا خلال عمره الطويل وهذا يعني انه لولا هذه التجارب ولولا عمره الطويل لفشل حال ظهوره ولم يكتب له النصر. وهذا فيه فائدة القول بضرورة الحصول الغيبة وطول العمر للامام (عليه السلام) لانه مما يتوقف عليه انتصاره وكل ما يتوقف عليه انتصاره فهو لازم بحسب الحكمة الالهية لان ظهوره وعد والله لا يخلف الميعاد الا ان تصور الامام عليه السلام بهذا المستوى الدنيوي المتدني بحيث يستفيد من التجارب وتحصل له خبرة جديدة لم تكن حاصلة من قبل مخالف لما نعرفه من استغناء الامام وكل المعصومين فردا فردا منهم عن كل ذلك بوجوده النوراني العالي الشأن المدعم بالتسديد الالهي وبالنظر الرباني وبه يستغني عن الدنيا وما فيها ومن فيها. نعم طول العمر مفيد بالنسبة اليه فيما سميناه بتكامل ما بعد العصمة من حيث ان الكمال لا متناهي الدرجات وكلما يصل الفرد مرحلة منه يستحق المرحلة التي بعدها وهذا شامل حتى للمعصومين بالذات (عليهم السلام) وحيث نعلم ان دار الدنيا دار تكامل او هي الدار الانسب له اذن فطول العمر للمؤمن (نفترض اي مؤمن) يقتضي زيادة حسناته وقلة سيئاته وزيادة توبته وخشوعه وبالتالي يؤدي الى تكامله المعنوي المستمر فكيف بالمعصوم (عليه السلام) وكلما كان العمر اكثر كان ذلك اعمق واوضح كلما في الامر ان هذا ( لاحظوا ) لا يحدث لسائر الناس لان في زيادة العمر صعوبات ومسؤوليات ونتائج كثيرة وعجيبة وغريبة لا يتحملها الفرد ولا يتحملها المجتمع مضافا الى انها تكون في الفرد العادي زيادة في عيوبه وذنوبه ويكون الموت له خلاصا من الذنوب والعيوب والبلاء ومبادرة الى الحصول على الثواب.
ونكتفي بهذا المقدار من المصالح لضيق الوقت، لاننا ينبغي في نهاية الخطبة ان نشير الى موضوع لا يخلو اهمية من اهمية وهو ان المؤمنين جزاهم الله خير جزاء المحسنين استجابوا للدعوة التي وجهتها لانجاز مجسم او نصب يرمز الى صلاة الجمعة وقد وصلتنا كثيرا من هذه الصور والنصب. وهذه الاستجابة بشارة خير تدل على الحق والصلاح من عدة جهات اهمها اثنان من جهة العلة ومن جهة المعلول.
اما من جهة العلة والسبب فلوضوح همتهم في ذلك ورغبتهم اليه وتحمسهم له لانهم يجدون فيه خدمة الدين والنفع لشريعة سيد المرسلين وشعيرة من شعائر المذهب جزاهم الله خير جزاء المحسنين.واما من جهة المعلول فقد ظهر بوضوح ( هي هاي الفكرة ) ما كان خافيا على الكثيرين وهو وجود طاقات مخزونة لدى الكثير من الافراد تحتاج في انجازها وتفجيرها والاستفادة منها الى فرصة متاحة وانه بمجرد
ان اتيحت هذه الفرصة بادر المؤمنون لابراز قابلياتهم ومقدراتهم في هذا الصدد وبالتاكيد فان في المجتمع طاقات مخزونة في كثير من الجهات والاختصاصات كل ما في الامر انها لم تكن تستغل في مصلحة الدين وانما هي مقتصرة لمصالح الدنيا مع شديد الاسف. والسبب الرئيسي في ذلك مضافا الى صعوبة الوقت كما يعبرون عدم وجود حافز ديني لهم للعمل بابراز طاقاتهم وقابلياتهم لان المسلك التقليدي للحوزة وهو السكوت والاعراض عن المجتمع لا يهتم بذلك هذا المسلك كما هو واضح وانا لله وانا اليه راجعون.
والان ينبغي اعلان امرين:
الامر الاول : انه سيكون المعرض لهذه النصب في مدرسة البغدادي التي هي محل دراسة جامعة الصدر الدينية ويستمر المعرض من اليوم السادس عشر من شهر شعبان الحالي يعني يوم السبت ليلا الى اليوم الخامس عشر من شهر رمضان اذا بقيت الحياة وان ذهبت الحياة فسوف اذهب وضميري مرتاح ويكفي ان في موتي ( لاحظوا ) شفوة وفرحا لإسرائيل وامريكا وهذا غاية الفخر في الدنيا والاخرة. رجاءً .. رجاءً .. رجاءً .. والدعوة عامة للجميع لمشاهدة المعرض في الساعات المحددة له واذا اراد بعض الفنانين المشاركين ( لاحظوا ) في انجاز هذه النصب ( والذين جابونياهه وسلموهه ) الحضور في هذا المعرض لإيضاح افكارهم للآخرين فأهلا وسهلا بهم.
الامر الثاني : اننا نجعل مسابقة جديدة ومضمونها بسيط وهو نظم قصيدة شعرية بمناسبة شهر رمضان المبارك وصومه وعبادته بالشروط التالية :
1- ان تكون باللغة الفصيحة لا العامية.
2- ان لا تقل عن عشرة ابيات ولا حد لأكثرها.
3- ان تقدم الينا من الان الى آخر شهر رمضان في عيد الفطر.
4- ان لا يكون فيها اسم السيد محمد الصدر اطلاقا.
واننا نعطي للفائزين الخمسة الاوائل جوائز للتبرك بعونه سبحانه وتعالى.
بسم الله الرحمن الرحيم
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّـهِ وَالْفَتْحُ ﴿١﴾ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّـهِ أَفْوَاجًا ﴿٢﴾ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴿٣﴾

صدق الله العلي العظيم

ابو علي 22-03-2012 12:58 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة الخامسة والثلاثون 21 شعبان 1419
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
لنصرة وطاعة الحوزة العلمية الشريفة الصلاة على محمد وال محمد.
لنصرة وطاعة المذهب وولاية امير المؤمنين الصلاة على محمد وال محمد.
لاجل شجب واستنكار تقليص وتحجيم صلاة الجمعة الصلاة على محمد وال محمد.
احبائي حينما يقول لنا الله سبحانه وتعالى "يا ايها الناس" او "يا ايها الذين امنوا" بماذا يجب ان يكون الجواب؟ طبعا يكون بالايجاب ، نعم يارب لبيك يارب انا عبدك وابن عبديك يا ربي.
فالمهم اننا نقول هذه الاهزوجة ….
نعم نعم يا ربي …
نعم نعم سبحانك …
نعم نعم للاسلام …
نعم نعم للمذهب …
نعم نعم للجمعة …
بسم الله الرحمن الرحيم
إِلهِي لَوْلا الواجِبُ مِنْ أَمْرِكَ لَنَزَّهْتُكَ عنْ ذِكْرِي إِيَّاكَ عَلى أَنَّ ذِكْرِي لَكَ بِقَدْرِي لا بِقَدْرِكَ وَما عَسى أَنْ يَبْلُغَ مِقْدارِي حَتّى أُجْعَلَ مَحَلاً لِتَقْدِيسِكَ وَمِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ عَلَيْنا جَرَيانُ ذِكْرِكَ عَلى أَلْسِنَتِنا وَإِذْنُكَ لَنا بِدُعائِكَ وَتَنْزِيهِكَ وَتَسْبِيحِكَ، إِلهِي فَأَلْهِمْنا ذِكْرَكَ فِي الخَلاءِ وَالمَلاءِ وَاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالاِعْلانِ وَالاِسْرارِ وَفِي السَرَّاءِ وَالضَرَّاءِ وَآنِسْنا بِالذِّكْرِ الخَفِيِّ وَاسْتَعْمِلْنا بِالعَمَلِ الزَّكِيِّ وَالسَّعْيِ المَرْضِيَ وَجازِنا بِالْمِيزانِ الوَفِيَّ، إِلهِي بِكَ هامَتْ القُلُوبُ الوالِهَةُ وَعَلى مَعْرِفَتِكَ جُمِعَتِ العُقُولُ المُتَبايِنَةُ فَلا تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ إِلاّ بِذِكْرِاكَ وَلا تَسْكُنُ النُّفُوسُ إِلاّ عِنْدَ رُؤْياكَ، أَنْتَ المُسَبَّحُ فِي كُلِّ مَكانٍ وَالمَعْبُودُ فِي كُلِّ زَمانٍ وَالمَوْجُودُ فِي كُلِّ أَوانٍ وَالمَدْعُوُّ بِكُلِّ لِسانٍ وَالمُعَظَّمُ فِي كُلِّ جَنانٍ، وَأَسْتَغْفِرُكَ مِنْ كُلِّ لَذَّةٍ بِغَيْرِ ذِكْرِكَ وَمِنْ كُلِّ راحَةٍ بِغَيْرِ أُنْسِكَ وَمِنْ كُلِّ سُرُورٍ بِغَيْرِ قُرْبِكَ وَمِنْ كُلِّ شُغْلٍ بِغَيْرِ طاعَتِكَ.إِلهِي أَنْتَ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الحَقُّ: ياأَيَّها الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا الله ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً، وَقُلْتَ وَقَوْلُكَ الحَقُّ: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ، فَأَمَرْتَنا بِذِكْرِكَ وَوَعَدْتَنا عَلَيْهِ أَنْ تَذْكُرَنا تَشْرِيفاً لَنا وَتَفْخِيماً وَإعْظاماً وَها نَحْنُ ذاكِرُوكَ كَما أَمَرْتَنا فَأَنْجِزْ لَنا ما وَعَدْتَنا ياذاكِرَ الذَّاكِرِينَ وَيا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
بسم الله الرحمن الرحيم
((إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴿90﴾ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴿91﴾ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴿92﴾ )).
بعد ان انتهى النصف من شعبان المعظم وتأجلت مسألة المشي الى كربلاء المقدسة يحسن بنا الان ان نأخذ العبرة عما حصل فان لكل شيء عبرة وهذا من اهم الامور التي يجب ان نأخذ منها العبرة توخيا للهداية والتعمق في الايمان وفي بعضها سنسمع بعض المناقشات بالحكمة والموعظة الحسنة بطبيعة الحال بعونه سبحانه وتعالى. وذلك بالالتفات الى عدة نقاط :
النقطة الاولى : اننا عهدنا الاستعمار والمستعمرين منذ وجدوا يكرهون الاسلام الحنيف والمذهب الجليل ويكيدون ضده مختلف المكائد والدسائس ويريدون اضعافه بكل وسيلة ويكرهون القيام بشعائره وطقوسه ويحاولون تقليلها الى اقل مقدار ممكن بل الغائها بالمرة بما في ذلك مواسم الزيارات واصدار الكتب والنشرات والقاء الخطب والصلوات.
ومن هنا كانت صلاة الجمعة شوكة في عين المستعمرين عامة واسرائيل خاصة لما كان وما زال فيها من عز المذهب والدين وهداية الناس والتسبيب الى لم الشعث وجمع الكلمة على الحق.
وكذلك بطبيعة الحال فان السير الى زيارة الحسين (عليه السلام) ايضا شوكة في عين المستعمرين عامة واسرائيل خاصة. ومن الواضح انه يكون مشمولا لقوله تعالى : ((وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)).
النقطة الثانية : انه كان من المتوقع والطبيعي ان تبذل اقصى القوة في سبيل منعه والحيلولة دون استمراره ، الامر الذي ينتج منه بكل وضوح التقليل من الشعائر الدينية والكفكفة من تصرف المجتمع بما فيه الهداية والاخلاص لله ورسوله والمعصومين. ولعله من باب الحمل على الصحة ان الجماعة لا يعلمون ان في ذلك نفعا للمجتمع ومضادة للاستعمار وارغاما لاسرائيل. اذن فليعلموا من الان ذلك وهو واضح وجداني لكل احد ، غير قابل للمناقشة بل نقول لاي فرد لم يلتفت الى ذلك كما قال الشاعر :
اذا كنت لا تدري فتلك مصيبة وان كنت تدري فالمصيبة اعظم
النقطة الثالثة : لا شك ان افضل ما تفعله اية دولة الى مجتمعها وشعبها هو اعطاء الحرية للتصرف والقيام بشعائرها الدينية والتنفيس عن قناعاتها النفسية والعقلية بالشكل الذي لا يضر الدولة اصلا ولا يمت الى سياستها وكيانها باية صلة بل ان ذلك سيكون اكيدا في نفع الدولة ، اية دولة ، وسيكون سببا لمحبة الشعب للدولة ووثاقتهم بها والتفافهم حولها لما يرون من انها متفضلة عليهم بالحرية والفرص المتكافئة للشعائر الدينية مضافا الى الامور الدنيوية والاقتصادية. واذا قامت الدولة بذلك كانت بلا شك اقرب الى محبة الناس واطمئنانهم لما يشعرون من فضلها عليهم والتفاتها اليهم بخلاف العكس بطبيعة الحال.
النقطة الرابعة : اننا الان في نظرهم في ظروف الحصار الاستعماري الاقتصادي الغاشم ، اذن يكون من الراجح ان نواجه الاستعمار وان نتشجع ضده وان نقوم بكل عمل لا يرتاح اليه ولا يحبه بما في ذلك الشعائر الدينية عموما والسير الى كربلاء المقدسة خصوصا. اذن فهذه الشعيرة المقدسة ستكون الى جنب الثائرين ضد الاستعمار والمستنكرين للحصار وخطوة جيدة تدريجية يمكن ان تكون تدريجا مفتاحا لفك الحصار والضغط الشعبي على الاستعمار كما قيل هنا من ان ظرف الحصار لا يناسب قبول السير الى كربلاء المقدسة لا يكون امرا مقبولا بطبيعة الحال بل الامر بالعكس بطبيعة الحال ولا يحتاج ذلك الا الى التفاتة بسيطة الى واقع الحال الاجتماعي الذي نعيشه.
النقطة الخامسة : ان المفروض ان الشعب والدولة معا ضد الاستعمار وفي مواجهة التحديات العالمية المعادية ومن هنا جاز لكل من الدولة والشعب معا ان يعمل ما يراه مناسبا في هذا الصدد لمضادة الاستعمار والنيل منه وابعاد شبحه المشؤوم وبذلك يكون الشعب والدولة يدا واحدة ضد من يريد النيل من بلاد الاسلام ومن المجتمع الاسلامي فاذا علمنا ان السير الى الحسين (عليه السلام) كما هو واضح هو كشف للاستعمار ومراغمة له اذن فستكون كل الاعمال لو تمت هذه المناسبة الشريفة سائرة في هذا الصدد وسيكون الشعب والدولة يدا واحدة بهذا الاتجاه بضرب الاستعمار الغاشم بيد من حديد.
النقطة السادسة : ان شعائر الله سبحانه وتأييد الدين من المتوقع جدا – لاحظوا - بكل وضوح ان يكون ضمن الحملة الايمانية التي تتبناها الدولة منذ سنين فان المفروض بهذه الحملة ان تدعو الى الايمان لانها ايمانية والى تأييد الشعائر وتكثير الطاعات وتقليل المعاصي وجعل العقوبات المشددة على المنكرات كالحانات والملاهي والمراقص وعلى اي حال فالسير الى زيارة كربلاء المقدسة هو من جملة الايمان الذي يقع مصداقا وتطبيقا للحملة الايمانية والمتوقع ممن يدعو اليها ويتمسك بها ان يمشي بهذا الاتجاه الى نهاية الطريق ولا ينبغي الشعور من قبلهم بوجود ايةِ منافاة او تعارض بين الطريقين او الاسلوبين كما نحس به الان.
النقطة السابعة : انه بفضل الله وحسن توفيقه انه بالرغم من ان السير لم يتم بالشكل الموسع الذي تمنيناه له الا انه اثمر ثمرة طيبة وانتج نتائجه الحسنة في سبيل الله سبحانه ونصرة دينه والمذهب من حيث انه اظهر تكاتف الشعب العراقي كله وخاصة في الوسط والجنوب على العمل في سبيل الله والتضحية في سبيل الدين والتعب في سبيل الاشادة بشريعة سيد المرسلين وبدم الحسين المقدس الذي اهريق ظلما في كربلاء المقدسة فان السير الطويل لعدة ايام في البراري والقفار مع عدم توفر الاقل المجزي من وسائل العيش انما هو لمعة مضيئة في جبين المؤمنين الذين ادوا ما عليهم ولم يقصروا في هذا الطريق جزاهم الله خيرا بحيث رأينا الكثير منهم حين وصلوا الى النجف لم يكن لديهم اية قدرة على شراء الطعام او النزول ليلة واحدة في فندق وهذا امر مجيد وحميد كما قال الشاعر :
هكذا هكذا والا فلا لا .... ليس كل الرجال تدعى رجالا
النقطة الثامنة : انهم لم يتحملوا الصعوبة المعيشية فقط في هذا السفر المقدس بل تحملوا الصعوبة النفسية ومشقة الخوف والازعاج في هذا الصدد ولا اريد هنا ان اذكر شيئا الا ان لنا اسوة في ذلك بقادتنا المعصومين (عليهم السلام) كما قال في الدعاء او الزيارة : (السلام على الائمة الراشدين السلام على الانبياء والمرسلين السلام على الائمة المستودعين السلام على خاصة الله من خلقه السلام على المتوسمين السلام على المؤمنين الذين قاموا بامره ووازروا اولياء الله وخافوا بخوفهم السلام على الملائكة المقربين السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
النقطة التاسعة : ان هذا النموذج من الاخلاص والمخلصين والوعي والواعين – لاحظوا - كان قليلا في صدر الاسلام حتى قال امير المؤمنين (عليه السلام) لعدد من اصحابه او نستطيع ان نقول لاكثر اصحابه : (يا اشباه الرجال ولا رجال وحلوم ربات الحجال) اي النساء طبعا وقال ما مضمونه : (انني ان دعوتكم في الشتاء قلتم دعنا حتى يذهب عنا البرد واذا دعوتكم في الصيف قلتم دعنا يذهب عنا القيض واذا كنتم عاجزين عن حر الصيف فانكم اعجز عن تحمل حر السيف). وهذا النموذج – لاحظوا - هو الذي كان في صدر الاسلام وسبّب انتصار معاوية في صفين واللجوء الى التحكيم كما سبب تفرق الناس عن مسلم بن عقيل (سلام الله عليه) وعن الحسين (سلام الله عليه) الا انه عن طريق التربية المركزة والمستمرة بمقدار ما هو ممكن من قبل قادتنا المعصومين (عليهم السلام) وعلمائِنا المرحومين (رضوان الله عليهم) تبدل هذا النموذج بالنموذج الاخر المخلص المتفاني الذي كان ولا يزال نراه يفيد الدين ويضحي في سبيل شريعة سيد المرسلين.
اذكر لكم فيما يلي قصتين باختصار نتذكرهما لاجل زيادة العبرة وتجديد الهمة في سبيل الله تعالى :
احداهما ان المتوكل حين حرث قبر الحسين (عليه السلام) واجرى عليه الماء منع زيارته ووضع الحرس وكانوا يمسكون بالزوار فيقطعون ايديهم من المعصم كأنهم سراق والعياذ بالله حتى جاء رجل – لاحظوا - وهو ملتف بعباءته فامسكوه وقالوا له اخرج يدك لكي نقطعها فاخرج لهم يده اليمنى فاذا هي مقطوعة فقالوا له اخرج يدك اليسرى فاخرجها فاذا هي مقطوعة قال انتم قطعتموها في زيارات سابقة لي ومع ذلك فهو مقبل للزيارة غير خائف ولا هائب طبقا لقول رسول الله (صلى الله عليه واله) كما في الرواية : (ان لقتل ولدي الحسين حرارة في قلوب شيعته ومحبيه لن تبرد الى يوم القيامة).
وكذلك قصة الرجل الخراساني الذي ارسله المجتمع في خراسان الى الامام الصادق (سلام الله عليه) لكي يدعونه اليهم فان له في خراسان مائة الف سيف فبينما هو جالس عنده اذ اقبل احد اصحابه المخلصين فامر الامام الصادق (عليه السلام) ان يسجر التنور فلما ارتفعت ناره قال الامام الى هذا الثاني اذهب فاجلس في التنور فوضع نعله على الارض وجلس في التنور واقبل الامام الصادق (عليه السلام) على الخراساني كأنما ماكو شي يسأله عن تفاصيل المجتمع هناك واحوال الناس هناك في خراسان الى برهة من الزمن ثم امر الخراساني ان يذهب فينظر في التنور فذهب فنظر فاذا بذاك الرجل جالس فيه وهو يبتسم. فهذه هي نماذج رجالنا المخلصين رضوان الله عليهم اجمعين.
النقطة العاشرة : ان المنع حصل – لاحظوا ، سبحان الله - في الحكمة الالهية لقصور او تقصير في المجتمع بما فيهم السيد محمد الصدر ولو كنا على مستوى المسؤولية حقيقة وموضوعاً للرحمة الالهية من جميع الجهات لما حصل المنع بكل تأكيد. اما ما هو سبب القصور والتقصير فليس هذا مهما الان وانما المهم والاهم هو ان نحاسب انفسنا وننظر الى اعمالنا والى مدى اخلاصنا لربنا وهدفنا وديننا ونحاول السير الحثيث للزيادة والتكامل بفضل الله سبحانه وتعالى ولا ننسى ان المخلصين الممحصين من اصحاب الانبياء والمعصومين لم يكن يخطر في بالهم الخوف طرفة عين كما قال الله تعالى : ((كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله)) وقوله تعالى : ((وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير - اي الهيون كثير - فما وهنوا لما اصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين * وما كان قولهم الا ان قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في امرنا وثبت اقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين – شنو صار؟ - فاتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الاخرة والله يحب المحسنين *)) وقال تعالى في قصة طالوت : ((فلما فصل طالوت بالجنود قال ان الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فانه مني الا من اغترف غرفة بيده * فشربوا منه الا قليلا منهم * فلما جاوزه هو والذين امنوا معه - يعني الذين لم يشربوا - قالوا – جملة منهم - لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده * قال الذين يظنون انهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله والله مع الصابرين * ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا افرغ علينا صبرا وثبت اقدامنا على القوم الكافرين * فهزموهم باذن الله وقتل داود جالوت)).
النقطة الحادية عشر : انتو لاحظتوا ؟!.. لابد من الالتفات الى موقف الحوزة التقليدية السكوتية مما حصل من امر المشي ومنعه انهم كانوا سلبيين مائة بالمائة ، لم ينبس اي واحد منهم او من وكلائهم او من اصدقائهم ببنت شفة بل قد صادف ان التقينا ببعض منهم فنراهم يتحدثون عن اي شيء الا عن هذا الامر وكأنهم لا يعلمون ما يحصل في المجتمع على الاطلاق لا من الامر بالمشي ولا بمنعه ولا اكتراث لهم بشيء من ذلك اصلا ، لكي يدعوا السيد محمد الصدر وحده في الميدان وينسحبوا من تحت المسؤولية بكل سهولة ولو كانوا قد بينوا رأيهم وآزروا طاعة الله واولياء الله وشعائر الله لما حصلت النتائج التي رأيناها واسفنا لها وهم بطبيعة الحال يتحملون قسطا من المسؤولية سواءً رضوا ام غضبوا وانتم الان موجودون فاذهبوا اليهم او ممن تعرفون منهم واسألوهم عن السبب في هذا السكوت والصمت كصمت القبور بالرغم من وجود المناسبة الدينية المقدسة والشعائر الجليلة وقد اعتادت الحوزة ومع شديد الاسف على عدم التعاون والتكاتف الامر الذي انتج كثيرا من النتائج السلبية على مر الاجيال مما يكون بكل تاكيد في مصلحة اعداء الله والمستعمرين ، فهل هم ملتفتون الى ذلك ايضا كما قال الشاعر :
اذا كنت لا تدري فتلك مصيبة او كنت تدري فالمصيبة اعظم
وليتهم حين لم يعترفوا او تجاهلوا امر الولاية - ولاية السيد محمد الصدر مو ولي ، خلي يوّلي ، الى جهنم وساءت مصيرا - ان يهتموا بامر الدين وشعائر الله ومستحبات الشريعة وليس هذا منهم بعجيب بعد ان تركوا الواجب المتمثل في صلاة الجمعة فكيف لا يتركون المستحب في نظرهم وكان افضل ما فعله جملة منهم هو السكوت والاعتذار بينما كان موقف آخرين هو الطعن والتشنيع والتجريح بينما كنا نحب وليس هذا في قلوب المؤمنين فقط – هذا الحب - بل هو مما يرضاه الله ورسوله والمعصومون ان يجدوا الحوزة متكاتفة ومتعاضدة في خدمة المذهب واعلاء كلمة الحق وتكثير شعائر الدين ولن تكون الحوزة عندئذ - لاحظوا - بقيادة السيد محمد الصدر فقط بل بقيادة العلماء جميعا باعتبارهم يدا واحدة وقلبا واحدا وعملا واحدا وهدفا واحدا وقد قلت مكررا اننا عندئذ سنكون متمكنين بغض النظر عن السلاح من مواجهة الاستعمار واسرائيل بكل صراحة وقوة ووضوح.
النقطة الثانية عشر : انما ما حصل من الفشل النسبي – لاحظوا - لا ينبغي ان يفت في عضد المؤمنين او يحملهم على الاحباط والتخاذل ويُضعّف في قلوبهم الشجاعة التي اوجدوها بكد يمينهم وعرق جبينهم وتوفيق الله سبحانه وتعالى بل يجب ان يكون ذلك وكل شيء مما يُضعّفها ويزايدها لا ان يضعفها وينقصها فان الحياة تجارب والتجارب ليست كلها ناجحة مائة بالمائة بل قد يحجب النجاح عنا قليلا او كثيرا حسب الحكمة الالهية بل قد يحصل في المستقبل قصور في النجاح كما حصل في الماضي وكل ذلك ينبغي ان يكون متوقعا ومفهوما سلفا والدنيا دار كون وفساد وصعود ونزول وقد اختلفت الدنيا على المعصومين (سلام الله عليهم) واصحابهم فكيف لا تختلف علينا وكيف تصفوا لنا وانما السبب الى دفع ذلك بعد عناية الله وحسن توفيقه والنصر لدينه هو الاخلاص وتزايد الهمة والارادة والحب لكل ما يحب الله ورسوله والبغض لكل ما يبغض الله ورسوله والله ولي المحسنين وهو على كل شيء قدير.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * اياك نعبد واياك نستعين * اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين انعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضالين *
صدق الله العلي العظيم
الجمعة الخامسة والثلاثون 21 شعبان 1419
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
أَللَّهُمَّ يا مَلاَذَ اللائِذِينَ، وَيا مَعاذَ الْعآئِذِينَ، وَيا مُنْجِيَ الْهالِكِينَ، وَيا عاصِمَ الْبآئِسِينَ،
وَيا راحِمَ الْمَساكِينِ، وَيا مُجِيبَ الْمُضْطَرِّينَ، وَيا كَنْزَ الْمُفْتَقِرِينَ وَيا جابِـرَ الْمُنْكَسِرِينَ،
وَيا مَأْوَى الْمُنْقَطِعِينَ، وَيا ناصِرَ الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَيا مُجِيرَ الْخآئِفِينَ، وَيا مُغِيثَ الْمَكْرُوبِينَ
وَيا حِصْنَ اللاَّجِينَ، إنْ لَمْ أَعُذْ بِعِزَّتِكَ فَبِمَنْ أَعُوذُ ؟ وَإنْ لَمْ أَلُذْ بِقُدْرَتِكَ فَبِمَنْ أَلُوذُ ؟ وَقَدْ
أَلْجَأَتْنِي الذُّنُـوبُ إلَى التَّشَبُّثِ بِأَذْيالِ عَفْوِكَ، وَأَحْوَجَتْنِي الْخَطايا إلَى اسْتِفْتاحِ أَبْـوابِ
صَفْحِكَ، وَدَعَتْنِي الإِسآءَةُ إلَى الإِنـاخَةِ بِفِنآءِ عِزِّكَ، وَحَمَلَتْنِي الْمَخافَةُ مِنْ نِقْمَتِكَ عَلَى
التَّمَسُّكِ بِعُرْوَةِ عَطْفِكَ، وَما حَقُّ مَنِ اعْتَصَمَ بِحَبْلِكَ أَنْ يُخْذَلَ، وَلا يَلِيقُ بِمَنِ اسْتَجَـارَ
بِعِزِّكَ أَنْ يُسْلَمَ أَوْ يُهْمَلَ. إلهِي فَلا تُخْلِنا مِنْ حِمايَتِكَ، وَلاَ تُعْرِنَا مِنْ رِعَايَتِكَ، وَذُدْنا عَنْ
مَـوارِدِ الْهَلَكَةِ، فَإنَّا بِعَيْنِكَ وَفِي كَنَفِكَ، وَلَكَ أَسْأَلُـكَ بِأَهْـل خاصَّتِكَ مِنْ مَلائِكَتِكَ ،
وَالصَّالِحِينَ مِنْ بَرِيَّتِكَ، أَنْ تَجْعَلَ عَلَيْنا واقِيَةً تُنْجِينا مِنَ الْهَلَكاتِ، وَتُجَنِّبُنا مِنَ الآفاتِ،
وَتُكِنُّنا مِنْ دَواهِي الْمُصِيباتِ، وَأَنْ تُنْزِلَ عَلَيْنا مِنْ سِكَيْنَتِكَ، وَأَنْ تُغَشِّيَ وُجُوهَنا بِأَنْوارِ
مَحَبَّتِكَ، وَأَنْ تُؤْوِيَنا إلى شَدِيدِ رُكْنِكَ، وَأَنْ تَحْوِيَنا فِي أَكْنافِ عِصْمَتِكَ بِرأْفَتِكَ وَرَحْمَتِكَ
يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وصلى الله على خير خلقه محمد واله الطيبين الطاهرين اجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12)))
الان نتكلم في التعريف البسيط باهمية زيارة الحسين (عليه السلام) عموما. قال الشيخ عباس القمي (رحمه الله) في مفاتيح الجنان : اعلم ان فضل زيارة الحسين (عليه السلام) مما لا يبلغه البيان وفي روايات كثيرة انها تعدل الحج والعمرة والجهاد بل هي افضل بدرجات وتورث المغفرة وتخفيف الحساب وارتفاع الدرجات واجابة الدعوات وتورث طول العمر والحفظ في النفس والمال وزيادة الرزق وقضاء الحوائج ورفع الهموم والكربات وان ترك زيارة الحسين (عليه السلام) بدون عذر يوجب نقصا في الدين وهو ترك حق عظيم من حقوق النبي (صلى الله عليه واله) واقل ما يؤجر به زائره - يعني الحسين (عليه السلام) - هو ان يغفر الله ذنوبه وان يصون الله تعالى نفسه وماله حتى يرجع الى اهله فاذا كان يوم القيامة كان له احفظ من الدنيا وفي روايات كثيرة ان زيارته (عليه السلام) تزيل الغم وتهون سكرات الموت وتذهب بهول القبر وان ما يصرف في زيارته (عليه السلام) يكتب بكل درهم منه الف درهم بل عشرة الاف درهم وان الزائر اذا توجه الى قبره (عليه السلام) استقبله اربعة الاف من الملائكة فاذا رجع منه شايعته وودعته وان الانبياء والاولياء والائمة المعصومين (عليهم السلام) اجمعين يزورون الحسين (عليه السلام) ويدعون لزواره ويبشرونهم بالبشائر وان الله تعالى ينظر الى زوار الحسين (صلوات الله وسلامه عليه) قبل نظره الى من حضر عرفات وانه اذا كان يوم القيامة تمنى الخلق كلهم ان كانوا من زواره لما يصدر منه (عليه السلام) من الكرامة والفضل في ذلك اليوم.
قال : والاحاديث في ذلك لا تحصى وحسبنا هنا رواية واحدة. روى ابن قولويه والكليني والسيد بن طاووس وغيرهم باسناد معتبرة عن الثقة الجليل معاوية بن وهب البجلي الكوفي قال: دخلت على الصادق (صلوات الله وسلامه عليه) وهو في مصلاه وجلست حتى قضى صلاته فسمعته وهو يناجي ربه ويقول : يا من خصنا بالكرامة ووعدنا بالشفاعة وحمّلنا الرسالة وجعلنا ورثة الانبياء وختم بنا الامم السالفة وخصنا بالوصية واعطانا علم ما مضى وعلم ما بقي وجعل افئدة من الناس تهوي الينا اغفر لي ولا خواني وزوار قبر ابي الحسين بن علي (صلوات الله عليهما) الذين – الزوار - انفقوا اموالهم واشخصوا ابدانهم رغبة في برّنا ورجاءً لما عندك في وصلتنا وسرورا ادخلوه على نبيك محمد (صلى الله عليه واله) واجابة منهم لامرنا وغيظا ادخلوه على عدونا ارادوا بذلك رضوانك فكافئهم عنا بالرضوان واكلأهم بالليل والنهار وادخل على اهاليهم واولادهم الذين خُلِّفوا باحسن الخلف واصحبهم واكفهم شر كل جبار عنيد وكل ضعيف من خلقك او شديد وشر شياطين الانس والجن واعطهم افضل ما امّلوا منك حتى يعودوا الى اوطانهم وما آثرونا على ابائهم واهاليهم وقراباتهم اللهم ان اعدائنا عابوا عليهم خروجهم فلم ينههم ذلك عن النهوض والشخوص الينا خلافا عليهم فارحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس وارحم تلك الخدود التي تقلبت على قبر ابي عبد الله (عليه السلام) وارحم تلك الاعين التي جرت دموعها رحمة لنا وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا اللهم اني استودعك تلك الانفس وتلك الابدان حتى ترويهم من الحوض يوم العطش الاكبر.
فما زال (صلوات الله عليه) يدعو بهذا الدعاء وهو ساجد فلما انصرف قلت له جعلت فداك ان هذا الذي سمعته منك – لاحظوا - لو كان لمن لا يعرف الله لظننت ان النار لا تطعم منه شيئا ابدا والله لقد تمنيت اني كنت زرته ولم احج. فقال لي : ما اقربك منه – انت يمه - فما الذي يمنعك من زيارته ؟! يا معاوية لا تدع ذلك. لان سكناه في الكوفة وسكنى الامام الصادق في المدينة فيكون من سكن الكوفة قريب من قبر الحسين (عليه السلام) ولذا يقول: (ما اقربك منه فما الذي يمنعك من زيارته يا معاوية لا تدع ذلك - معاوية البجلي طبعا - قلت: جُعلتُ فداك فلم ادر ان الامر يبلغ هذا كله. فقال : يا معاوية ومن يدعوا لزواره في السماء اكثر ممن يدعوا لهم في الارض. لا تدعه لخوف احد فمن تركه لخوفٍ رأى يوم الحسرة ما يتمنى ان قبره كان بيده - يعني ان يموت سريعا - اما تحب ان يرى الله شخصك وسوادك فيمن يدعو له رسول الله (صلى الله عليه واله) وعلي وفاطمة والائمة المعصومون (عليهم السلام) اما تحب ان تكون غدا ممن تصافحه الملائكة اما تحب ان تكون ممن يصافح رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)).
اقول : هذا لمجرد الزيارة حتى بالسهولة واليسر فكيف سوف تكون مهمة وعظيمة مع وجود بعض المصاعب او الكثير من المصاعب في السفر اليه والعناء نحوه والتضحية في سبيل زيارته.
وقد ورد ما مضمونه : (ان سفرة الحسين اوسع) يعني اوسع من سائر الائمة المعصومين (عليهم السلام). وقد فهم طبقة من الناس من ذلك ان المراد بها الاجور التي يتقاضاها القارئون على الحسين (عليه السلام) فان فيها زيادة وبركة اكثر من غيرها. وهذا وان كان وجها مفهوما واقرب الى الصحة الا ان الوجه الاصح في تفسير ذلك اعني ان سفرة الحسين اوسع هو ان شفاعة الحسين (عليه السلام) اوسع بحيث تشمل كثيرا من المذنبين والعصاة بخلاف غيره من المعصومين فانهم لا يشفعون الا لمن كان مرضيا لله عز وجل ولم يكون العاصي مرضيا لله عز وجل ولذا قال بعض اهل المعرفة ان بعض الائمة (عليهم السلام) لا يزورونهم الا الخاصة كامير المؤمنين والرضا (عليهما السلام) يعني ان الفرد ان لم يكن من الخاصة لم تقبل زيارته ولكن الحسين (عليه السلام) يزار من قبل الخاصة والعامة وكل من يذهب اليه تقبل زيارته وتقضى حاجته ما لم يكن معاندا والعياذ بالله. ومن هنا نستطيع ان ندفع ما قد يقال من قبل بعض المتشرعة او غيرهم – لاحظوا - من انه لم يدل دليل واضح في الكتاب الكريم او السنة الشريفة باستحباب الذهاب الى زيارة الحسين مشيا وهذا صحيح لا يوجد نص محدد الا اننا لا نحتاج الى النص المعين بل تكفينا القواعد العامة المتوفرة شرعا لاثبات استحبابه :
اولا : انه احترام للحسين (عليه السلام) بصفته الامام المعصوم المفترض الطاعة المقتول ظلما في اعظم حادثةٍ من حوادث التاريخ.
ثانيا :انه تواضع للحسين (عليه السلام).
ثالثا : انه تضحية في سبيل الله وسبيل الحسين (عليه السلام).
رابعا : انه تقديم نحوٍ من المقدمات لاستجابة الدعاء وطلب الحوائج فانه كلما كان الدعاء مسبوقا بخشوع وخضوع وتضحية اكثر كانت الاستجابة اسرع واكثر ضمانا وصحة.
خامسا : انه قيام بشعيرة من شعائر الله تعالى عرفية او متشرعية متسالم على صحتها منذ عشرات السنين بل منذ مئات السنين.
سادسا : اننا يمكن ان نقيسها – لاحظوا - على اسلوب الحج ماشيا فانه مما تسالم جميع المسلمين بجميع مذاهبهم على صحته ورجحانه ومزيد الثواب فيه وما ذلك الا لان المشي الى الحج متضمن لا محالة للتواضع والخشوع والخضوع ونيل المصاعب عن تعمد في سبيل الله سبحانه وتعالى وهذه الامور بنفسها موجودة في اي هدف ديني شرعي واهمها زيارة المعصومين (عليهم السلام) بما فيهم الحسين (سلام الله عليه).
وهذا بطبيعة الحال ينطبق على زيارة جميع المعصومين (عليهم السلام) بما فيهم رسول الله (صلى الله عليه واله) والائمة المدفونين بالبقيع والامام الرضا في خراسان وغيرهم وهذا ينبغي ان يكون واضحا الا ان الامام الحسين (عليه السلام) يختص لدينا بامرين :
الامر الاول : قربه نسبيا لوضوح الفرق بينه وبين مكة وخراسان بشكل غير قابل للقياس – ذيج اماكن ابعاد كلش علينه ، هذا مكان قريب - مضافا الى وجود ما يسمى بالحدود الدولية التي يحتاج اجتيازها الى صدور الترخيص من قبل كلتا الدولتين مما يجعل امر الذهاب متعسرا في اغلب الاحيان - لكن هنانه مابيهه حدود دولية حبيبي -
الامر الثاني : سعة شفاعة الحسين (عليه السلام) كما سمعنا قبل قليل وشمولها لغالب اصناف الناس وهذا يُنتج انك لو سرت الى غيره فقد لا يكون عملك مقبولا لان ذلك الامام لا يزوره الا الخاصة واما العامة من الناس فمحجوبون عنه حتى لو وصلوا اليه مشيا بخلاف الحسين (عليه السلام) فانه سيقبلهم بدون المشي فكيف لا يقبلهم مع المشي الذي يتضمن التضحية والخضوع والاحترام وسوف يكون ذلك اولى بالقبول وقضاء الحوائج وستر العيوب وغفران الذنوب ومثله بالضبط تقبيل الاضرحة المقدسة والالتصاق بها والدوران حولها فان في ذلك ونحوه من الامور بيانا واضحا بلسان الحال لحب الامام (عليه السلام) واحترامه والتخضع له، وقديما قال الشاعر :
امر بذي الديار ديار ليلى اقبّل ذا الجدار وذا الجدارا
وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا
فهو حين يكون محروما – الفرد - من تقبيل شخص محبوبه فانه سيقبل بابه وجداره وحين يكون محبوبه مدفونا فانه سيقبّل ارضه وضريحه وهذا امر عرفي ومتعارف اليس حين تلقى من تحبه بعد غياب او فراق فانك تقبله وتقبل ثيابه وتقبل ما على رأسه كما قد يبلغ بك الحال والحب بان تقبل قدمه او نعاله. فالمهم ان كل ذلك دليل على بيان الاخلاص والحب والتقرب والخضوع والاحترام للمحبوب. والمعصومون (عليهم السلام) اولى من يكونوا مستحق لذلك لانهم اولياء لله واحباؤه وخاصته وخالصته وقد اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وهذا الى جنبكم الامام امير المؤمنين (عليه السلام) والامام الحسين (عليه السلام) من اصحاب الكساء باجماع علماء المسلمين بكل مذاهبهم وهم كما قلنا في الشذرات (اصحاب الكساء افضل ليس فقط افضل من البشر بل افضل من الخلق اجمعين حتى من التسعة المعصومين من ذرية الحسين (سلام الله عليهم)) فاعرفوا هذه النعمة الكبرى التي حباكم الله بها في القرب من هؤلاء المعصومين (سلام الله عليهم) الا ان التحذير كل التحذير من طلب الدنيا ومن اطاعة النفس الامارة بالسوء فان المهم في الطاعات بما فيها الزيارات وغيرها هو الاخلاص والخشوع والانقطاع الى الله سبحانه واما ان تكون تلك الاعمال والزيارات لطلب الدنيا كالشهرة والمال والرياء وامثال ذلك فمن الواضح انها ساقطة عند الله وليس فيها ثواب ولا يحتمل ان تكون مقبولة اصلا ولا سببا لشفاعة المعصومين (سلام الله عليهم) اطلاقا بل ان هذه الطاعة وان تخيلها الفرد او زعمها انها طاعة لله فانها في الحقيقة طاعة للشيطان وطاعة الشيطان عليها عقوبة وليس عليها مثوبة مضافا الى ما قلناه في فقه الاخلاق من ان الفرد اذا قصد بطاعاته امرا دنيويا فانه قد يعطى ذلك الامر الدنيوي ولكنه يحرم من الثواب الاخروي لانه اذا طالب به في الاخرة فانه يقال له قد اعطيناك ثوابك في الدنيا وهذا يكفي ولست مستحقا لثواب الاخرة كما قال تعالى – شاهدنه القران طبعا - : ((اذهبتم طيباتكم في الحياة الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون)) - اي الذلة والهوان - فالمهم في العبادات جميعا بما فيها زيارات المعصومين (عليهم السلام) هو الاخلاص وقد ورد ما مضمونه : (ان الصلاة وان بدت متشابهة من كل احد الا ان صلاة احدكم تكون كالذرة وصلاة الاخر كالحصاة وصلاة الاخر كالسفرجلة وصلاة الاخر كجبل احد) يعني يختلف ذلك باختلاف الاخلاص وصفاء القلب وحسن التوجه خلال الصلاة ، وورد – سامعيهه كلكم - : (رب قارىء للقرآن والقرآن يلعنه) وورد: (رب صائم ليس له من صومه الا الجوع والعطش) و(رب سائر الى الحسين وليس له من سيره الا التعب والعناء).
والكلمة الاخيرة التي اود توجيهها الان هي انني في خطبة سابقة – لاحظوا - ناديت موظفي الدولة جميعا ودعوتهم الى طاعة الله والعود الى الشريعة والى تذكر الحساب والعقاب وهذا يقتضي بطبيعة الحال ان يكون الموظفون عونا للناس على طاعاتهم وشعائرهم وادعيتهم وزياراتهم فان لم يشاركوهم فلا اقل ان لا يحصل منهم منع وازعاج وليس مقتضى حسن الظن بالموظفين وتوقع التوبة والتدين منهم ان يسلكوا ضد هذا المسلك فيفكروا في المنع والحيلولة دون بعض شعائر الله سبحانه التي هي من تقوى القلوب.
بسم الله الرحمن الرحيم
قل هو الله احد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفؤا احد *
صدق الله العلي العظيم

ابو علي 22-03-2012 12:59 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
[align=right]الجمعة السادسة والثلاثون 28 شعبان 1419
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
في الجمعة السابقة اعطينا الطاعة لله سبحانه وتعالى ب"نعم" وفي هذه الجمعة نعطي الطاعة لله عز وجل بـ"لبيك" فقولوا معي كما اقول ثلاثا ..
لبيك لبيك يا الله …
لبيك لبيك يا ربِ …
لبيك لبيك للاسلام …
لبيك لبيك يا علي …
لبيك لبيك يا مهدي …
لبيك لبيك يا حوزة …
الان نؤدي التلبية كما تؤدى في الحج لانها في الحقيقة إعطاءُ الولاء لله سبحانه وتعالى ولا تختص بالحج حقيقةً .
لبيك اللهم لبيك … لبيك اللهم لبيك … لبيك لا شريك لك لبيك … ان الحمد والنعمة لك والملك … لا شريك لك لبيك … لبيك اللهم لبيك … لبيك لا شريك لك لبيك … ان الحمد والنعمة لك والملك … لا شريك لك لبيك … لبيك اللهم لبيك … … لبيك لا شريك لك لبيك … ان الحمد والنعمة لك والملك … لا شريك لك لبيك …
الشيء الاخر الذي وددت ان انبهكم عليه انني اود جدا كما عملنا نصب وذكريات لصلاة الجمعة ان نعمل نصب وذكريات بمناسبة عيد الغدير ، فاهيب بالاختصاصيين وغير الاختصاصيين ان يأتوا لنا بما يناسب ذلك المقام الجليل من الان الى يوم الغدير نفسه فلا تقصروا تجاه امامكم امير المؤمنين (سلام الله عليه) وسوف يقول التاريخ ان هذا الشيء وهذا الطلب وقع خلال القصف الامريكي ليكون دليلا على ان المؤمن لا يخاف من احد الا من الله سبحانه وتعالى.
بسم الله الرحمن الرحيم

اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ مِنْ بَهائِكَ بِاَبْهاهُ وَ كُلُّ بَهائِكَ بَهِيٌّ ، اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ بِبَهائِكَ كُلِّهِ .اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ مِنْ جَمالِكَ بِاَجْمَلِهِ وَ كُلُّ جَمالِكَ جَميلٌ ، اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ بِجَمالِكَ كُلِّهِ .اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ مِنْ جَلالِكَ بِاَجَلِّهِ وَ كُلُّ جَلالِكَ جَليلٌ ، اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ بِجَلالِكَ كُلِّهِ .اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ مِنْ عَظَمَتِكَ بِاَعْظَمِها وَ كُلُّ عَظَمَتِكَ عَظَيمَةٌ ، اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ بِعَظَمَتِكَ كُلِّها .اَللّهُمَّ اِنّي اَسَأَلُكَ مِنْ نُورِكَ بِاَنْوَرِهِ وَ كُلُّ نُورِكَ نَيِّرٌ ، اَللهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ بِنُورِكَ كُلِّهِ .اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ مِنْ رَحْمَتِكَ بِاَوْسَعِها وَ كُلُّ رَحْمَتِكَ واسِعَةٌ ، اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ بِرَحْمَتِكَ كُلِّها .اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ مِنْ كَلِماتِكَ بِاَتَمِّها وَ كُلُّ كَلِماتِكَ تامَّةٌ ، اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ بِكَلِماتِكَ كُلِّهَا .اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ مِنْ كَمالِكَ بِاَكْمَلِهِ وَ كُلُّ كَمالِكَ كامِلٌ ، اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ بِكَمالِكَ كُلِّهِ .اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ مِنْ اَسمائِكَ بِاَكْبَرِها وَ كُلُّ اَسْمائِكَ كَبيرَةٌ ، اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ بِاَسْمائِكَ كُلِّها .اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ مِنْ عِزَّتِكَ باَعَزِّها وَ كُلُّ عِزَّتِكَ عَزيزَةٌ ، اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ بِعِزَّتِكَ كُلِّها .
اللهم صل على محمد المصطفى وعلى علي المرتضى وعلى الحسن المجتبى وعلى الحسين الشهيد بكربلاء وعلى فاطمة الزهراء وعلى الامام السجاد وعلى الامام الباقر وعلى الامام الصادق وعلى الامام الكاظم وعلى الامام الرضا وعلى الامام الجواد وعلى الامام الهادي وعلى الامام العسكري وعلى مولانا صاحب الزمان ائمتي وسادتي وقادتي بهم اتولى ومن اعدائهم اتبرا في الدنيا والاخرة ، قولوا معي "بهم اتولى ومن اعدائهم اتبرا"
بعد ايام قلائل يبدأ شهر رمضان المبارك ، شهر الله الاعظم وعيد اوليائه فيحسن بنا ان نتحدث اليوم عن فضيلة الصوم واهميته في الاسلام والحديث عنه كثير واكثره مسموع الا ان بعض التكرار لا يخلو من فائدة فان الذكرى تنفع المؤمنين والحديث فيه مع التوّسع طبعاً طويل جداً وقد ذكرنا في كتاب الصوم من فقه الاخلاق الجزء الاول قسطا وافيا منه الا ان الذي اريد التركيز عليه في هذا اليوم هو ذكر بعض الاخبار الواردة في فضيلة الصوم وشرحها واول واهم ما يواجهنا في ذلك الخطبة المروية عن الني صلى الله عليه واله في فضيلة الصوم وفي فضيلة شهر رمضان المبارك ، لا بأس ان نسمع شيئاً منها ، قال في مفاتيح الجنان صفحة 172 : روى الصدوق بسند معتبر عن الرضا (عليه افضل الصلاة والسلام) عن ابائه عن امير المؤمنين (عليهم جميعا افضل الصلاة والسلام) قال : ان رسول الله (صلى الله عليه واله) خطبنا ذات يوم فقال : يا ايها الناس انه قد اقبل اليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة شهر هو عند الله افضل الشهور وايامه افضل الايام ولياليه افضل الليالي وساعاته افضل الساعات وهو شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله وجعلتم فيه من اهل كرامة الله انفاسكم فيه تسبيح ونومكم فيه عبادة وعملكم فيه مقبول ودعاءكم فيه مستجاب فسلوا الله ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة ان يوفقكم لصيامه وتلاوة كتابه فان الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم ووقروا كباركم وارحموا صغاركم وصلوا ارحامكم واحفظوا السنتكم وغضوا عما لا يحل النظر اليه ابصاركم وعما لا يحل الاستماع اليه اسماعكم وتحننوا على ايتام الناس يتحنن على ايتامكم وتوبوا اليه من ذنوبكم وارفعوا اليه ايديكم بالدعاء في اوقات صلواتكم فانها افضل الساعات ينظر الله عز وجل فيها بالرحمة الى عباده يجيبهم اذا ناجوه ويلبيهم اذا نادوه ويستجيب لهم اذا دعوه ايها الناس ان انفسكم مرهونة باعمالكم ففكوها باستغفاركم وظهوركم ثقيلة من اوزاركم فخففوا عنها بطول سجودكم واعلموا ان الله تعالى ذكره اقسم بعزته ان لا يعذب المصلين والساجدين وان لا يروعهم بالنار يوم يقوم الناس لرب العالمين. ايها الناس من فطر منكم صائما مؤمنا في هذا الشهر كان له بذلك عند الله عتق رقبة ومغفرة لما مضى من ذنوبه. قيل : يا رسول الله وليس كلنا يقدر على ذلك. فقال (صلى الله عليه واله) : اتقوا النار ولو بشق تمرة اتقوا النار ولو بشربة ماء فان الله يهب ذلك الاجر لمن عمل هذا اليسير اذا لم يقدر على ما هو اكثر منه.
ويستمر رسول الله (صلى الله عليه واله) بخطبته الا اننا نكتفي بهذا المقدار لاجل اعطاء بعض الشروح لما سمعناه منها ولعلنا خلال الجمعات الاتية يمكننا تغطية الخطبة كلها نصا وشرحا اذا بقيت الحياة وساعد الحال وهنا لا بد من الاشارة الى عدة نقاط :
النقطة الاولى : انه (صلى الله عليه واله) قال : (يا ايها الناس) ولم يقل يا ايها المسلمون او ايها المؤمنون ونحو ذلك – لاحظوا - وهذا يؤيد القاعدة التي يقول بها المشهور وهو الصحيح ايضا ، ان الكفار مخاطبون بالفروع وتجب عليهم التكاليف الاسلامية كما تجب على المسلمين من صوم وصلاة وحج وزكاة وخمس وغيرها غاية الامر انها لا تصح منهم حال كفرهم فيجب ان يدخلوا في الاسلام لاجل تصحيح عباداتهم فيكون دخولهم في الاسلام واجباً من ناحيتين :
اولا : انه مطلوب في نفسه فانه يجب عليهم ان يُسلموا على اية حال.
ثانيا : انه مطلوب لاجل تصحيح ما هو مطلوب منهم وجوبا من العبادات والصحيح ان مقدمة الواجب واجبة ، وهذا يكون من قبيل مقدمة الواجب .
فالمهم ان قوله (يا ايها الناس) يشمل جميع البشرية باديانها واصنافها واجيالها واماكنها ومجتمعاتها والله تعالى يريد الخير لكل البشر ويريد التوبة والتكامل لكل البشر وانه خلقهم من اجل خيرهم ونفعهم في الدنيا والاخرة اي في المدى اللانهائي وانما هم الذين ظلموا انفسهم وتقاعسوا عن العمل الصالح واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا.
النقطة الثانية : انه (صلى الله عليه واله) قال : (انه قد اقبل اليكم شهر الله بالبركة والرحمة). اقول ان الله تعالى يعلم ما في نفوس البشر من النقص وما في اعمالهم من التقصير وما في تفكيرهم من القصور الامر الذي يؤدي بهم الى زيادة الذنوب والعيوب والى كثرة استحقاق العقاب وقلة استحقاق الثواب وبالتالي يؤدي الى ضعف التكامل المعنوي في درجات الايمان واليقين وهذا ما يؤسف له حقيقة وانما جناه الفرد على نفسه من حيث انه مستطيع للتكامل ومخلوق لاجل التكامل ومعطى فرصة السير في التكامل ومع ذلك فهو معرض عنه منصرف الى اللعب واللهو في شهوات الدنيا ومصالحها ومغرياتها وعلى اي حال فقد فتح الله تعالى الفرص الكثيرة جدا للتوبة والانابة والتكامل وهي فرص موجودة على عدد انفاس الفرد بل اكثر حتى كان يعبر بعض اهل المعرفة ان يد الله ممدودة للمصافحة ويكفي بالفرد ان يمد يده اليها فقط وهي عبارة اخرى عن الفرصة المعطاة من قبله جل جلاله للتوبة اولاً وللتكامل ثانيا ولذا ورد في القرآن الكريم : ((والله يريد الاخرة)) يعني يريد لنا الاخرة لا لنفسه وهو غني عن العالمين وقال جل جلاله : ((يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول الا كانوا به يستهزئون)).
فكان من جملة – لاحظوا - هذه الفرص للتوبة والانابة والاستغفار والذكر شهر رمضان وكل ايامه ولياليه فرص فهو ليس فرصة واحدة بل ملايين الفرص للانابة والتكامل والتوجه الى الله سبحانه وتعالى ونحن نعلم ان الله تعالى جعل فرصاً من اجناس مختلفة للتوبة والانابة والثواب منها المساجد والمراقد المقدسة وبيت الله الحرام ومنها الازمان او الايام كشهر رمضان وعيد الفطر وعيد الغدير وعيد الاضحى ويوم عرفة وليلة النصف من شعبان وغيرها كثير وهذه الكثرة انما تكون من سعة رحمة الله سبحانه وتعالى ومن جليل كرمه والا كان في مستطاع الله سبحانه وتعالى ان يقلصها الى اقل مقدار ممكن.
ومنها - من فرص التوبة والرحمة - القرآن الكريم نفسه الذي هو باب الهداية العظيمة والعامة للبشر اجمعين ومنها وجود المعصومين (عليهم السلام) انفسهم فانهم عدل الكتاب وكتاب الله الناطق واحد الثقلين في حديث النبي (صلى الله عليه واله) : (اني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا).
النقطة الثالثة : انه (صلى الله عليه واله) قال في الخطبة : (شهر – شهر رمضان - هو عند الله افضل الشهور وايامه افضل الايام ولياليه افضل الليالي وساعاته افضل الساعات) مع انه قد يحصل السؤال عن الوجه في ذلك – لاحظوا - فان العقل لا يدرك فرقا بين اجزاء الزمان كالايام والاشهر ونحو ذلك فكيف يكون بعض الزمان افضل من بعض كشهر رمضان او غيره.
وجواب ذلك من عدة جهات نذكر منها اثنان :
اولاً: ان العقل البشري وان لم يمكنه ان يتصور ذلك - اعني فضل بعض الايام والاشهر على بعضها - الا اننا نعترف بان العقل البشري او القسم المتيسر من العقل البشري لو صح التعبير غير كاف لادراك الواقعيات التي يعلمها الله سبحانه وتعالى في مخزون علمه ومكنون حكمته وليس له الحق اي ليس للعقل البشري الحق في ان يناقش فيما لا يعلم او لا يدرك ويكفينا هنا مجرد الاطروحة في صحة ذلك واقعيا من دون ان يدرك العقل ذلك لقصوره وتقصيره.
ثانياً: ان الله تعالى يتعمد لو صح التعبير ان يفعل ذلك فان كل هذه الاثار والنتائج انما هي من كرمه وعطائه فهو يبذل فرصة التوبة وينزل الملائكة ويستجيب الادعية وغير ذلك ويستطيع جل جلاله ان يعمل ذلك في زمان دون زمان ويفضل بعض الازمنة على البعض الاخر من هذه الجهة او من اية جهة.
النقطة الرابعة : انه (صلى الله عليه واله) قال : (وهو شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله وجعلتم فيه من اهل كرامة الله) فان السؤال يحصل بان الضيف ينبغي اكرامه واحترامه فاذا كان الناس في ضيافة الله اذن فهم مكرمون ومحترمون الا ان الامر يبدو للانسان البسيط طبعا يبدو بالعكس فان ضيوف الله في شهر رمضان جائعون خلال الصوم وضيوف الله في ذي الحجة وهم الحجاج يتعبون في انجاز الحج وهذا يكون على خلاف الاكرام والاحترام
وجواب ذلك في نقطتين :
الاولى : ان هذا الجوع والعطش والتعب انما هو دنيوي محض بطبيعة الحال واضح جدا. وليس المقصود من خطبة النبي هو ذلك او قل ليس المقصود هو الاكرام في الدنيا بل الاكرام في الاخرة واعطاء المزيد من الثواب والاجر للعاملين في سبيله. اذن المراد من الضيوف انما هم ضيوف الاخرة وليس ضيوف الدنيا.
النقطة الثانية : ان الله تعالى لا يعطي العبد عطاءً مجانيا اطلاقا وهذا قانون ماشٍ بين جميع الناس حتى المعصومين (سلام الله عليهم) وانما يحصل الثواب على العمل. واما بدون عمل فلا يحتمل حصول الثواب اصلا وفي الحكمة : (القدم الاول من العبد والثاني من الرب) وفي الحديث القدسي : (من تقدم الي شبرا تقدمت اليه ذراعا). ويعني ذلك انه لو لم يفعل العبد اي شيء ولم يبادر الى اي طاعة لا يحتمل ان يكون مستحقا للثواب.
اذن – لاحظوا - فضيافة الله في الاخرة منوطة بالعمل ومن هنا امر الله تعالى عباده بذلك ، بالعمل على مختلف مستوياته وانواعه فشهر رمضان فيه الصوم وشهر ذي الحجة فيه الحج والاموال فيها ضرائب الزكاة والخمس وهكذا.
النقطة الخامسة : انه (صلى الله عليه واله) قال : (انفاسكم فيه تسبيح ونومكم فيه عبادة) والعبادة وان كانت مطلقة للصائمين وغيرهم لانه يقول (نومكم فيه عبادة) يعني سواء كان الفرد صائما فعلا او لم يكن صائما والعبارة وان كانت مطلقة للصائمين وغيرهم الا انه لا يحتمل فقهيا ذلك بل هي خاصة بالصائمين فقط ، نوم الصائمين عبادة وليس نوم المفطرين في شهر رمضان عبادة فقد اعطاهم الله تعالى - اي الصائمين - هذه المزية وهي ان نَفَسهُ بمنزلة التسبيح لله سبحانه وتعالى ونومه بمنزلة العبادة والمراد به – لاحظوا - النوم نهارا يعني خلال الصوم وليس ليلا خلال الافطار ومن الواضح ان اية عبادة لا تجتمع مع النوم – يا عبادة الي تجتمع مع النوم ؟ تصلي وانت نايم يصير ؟! ما يصير - اذ كيف يتعبد الانسان وهو نائم الا مع الصوم فانه ينام وهو صائم فيكون متعبدا بهذا المعنى خلال نومه ونحوه في الشريعة ورد : (ان من توضأ ونام فان فراشه مسجده) يعني يكون في عبادة الى ان يستيقظ برحمة الله وفضله وهذه من رحمات الله على العباد وزيادة في فضله عليهم اكثر من الاستحقاق في الحقيقة الا ان هذا – لاحظوا – لا يعني الاكتفاء بهذه العبادة - انا انام وازيد نومي بعنوان ان نومي عبادة !! هكذا قد تسول النفس الامارة بالسوء وطبقة من المجتمع يفكرون فيه ،انا هذا الذي اريد ان ارده . لا. ثم لا - الا ان هذا لا يعني الاكتفاء بهذه العبادة عن ذكر الله والدعاء والقرآن ويقول الفرد لنفسه انه ما دمت صائما ونَفَسي تسبيح ونومي عبادة اذن فينبغي ان اترك العبادات والمستحبات الاخرى واُكثر من النوم لتكثر لي العبادة فانه ليس المقصود من الحديث ذلك بل المراد حسب فهمي – لاحظوا - ان الفرد الصائم المتوجه الى الله والراغب بزيادة اجره وذكر الله سبحانه وتعالى قد يشعر بالخيبة والحسرة والتفريط اذا تعب من دعائه او قرآنه واحتاج الى النوم فتنقطع عبادته بالنوم فهنا يقول له رسول الله (صلى الله عليه واله) انك اذا نمت اعتبر الله نومك عبادة ايضا ومثاله الفرد الذي كان ملتزما خلال دهره بعمل معين كصلاة الليل مثلا ثم حصل له مانع معين كالمرض او السجن او الشيخوخة او اية ضرورة فتركها متأسفا فانه يُعطى ثوابها لا محالة ولعل هذا من الواضحات شرعا وحسب فهمي من القطعيات شرعا فاذا كان انت متعبد في النهار حال يقظتك اعطاك الله نفس الثواب حال نومك كما انه ليس المقصود من هذه الرواية طلب زيادة النوم وترك الاعمال الاقتصادية او العلمية او الاجتماعية ونحو ذلك وخاصة اذا كانت محل ضرورة او كانت واجبة شرعا للنفقة الواجبة مثلا او غيرها فان النوم في مثل ذلك يكون مرجوحا بل قد يصبح حراما اذا كان مفوتا لواجب كالصلوات الواجبة او النفقة الواجبة.
النقطة السادسة : انه (صلى الله عليه واله) قال : (واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه) وهذا الحديث له مرتبة علة ومرتبة معلول بلغتي واصطلاحي.
اما مرتبة العلة فان الجوع والعطش يذكر الانسان بامور عديدة وبتعبير آخر يذكر الفرد المؤمن – الغير المؤمن سارح مع الدواب ، المؤمن هو الذي يتذكر – بامور عديدة منها جوع وعطش يوم القيامة ومنها جوع وعطش الفقراء والمحتاجين ومنها جوع وعطش المرضى والمصابين ومنها جوع وعطش العاملين في سبيل الله اذا وقعوا بمثل هذه الصعوبة ومنها جوع وعطش المضطرين كالتائهين في الصحراء او البحر او الجبال او المسجونين ونحو ذلك كثير هذا في مرتبة العلة
واما في مرتبة المعلول فان كل واحد من هذه الافكار يعطي نتائجه المحمودة – لاحظوا - فتذكر جوع وعطش يوم القيامة يذكر بيوم القيامة نفسه واذا تذكر الفرد يوم القيامة والحساب والعتاب والعقاب وقف عند الذنوب واكثر من الطاعات وذكر الله سبحانه وحصل عنده الورع والتقوى ، وتذّكر جوع وعطش الفقراء والمساكين يحث الفرد بمقدار امكانه على قضاء حاجة المحتاجين واشباع المعوزين وهم كثيرون غالبا في المجتمعات وتذكر جوع وعطش المرضى والمضطرين يحث الفرد على امرين احدهما السعي في قضاء حاجة المحتاجين مهما كانت ورفع ضرورة المضطرين من اخوانه المؤمنين بمقدار امكانه ثانيهما توجيه الحمد – لاحظوا - والشكر الى الله سبحانه بعدم الابتلاء والضرورة والحاجة كما ابتلى به غيره كما ورد : (نعمتان مجهولتان الصحة والامان) وكلاهما في الحقيقة الصحة والامان من اعظم النعم ومبلغ شكرها الحقيقي وان كان هو الشكر اللفظي الا ان الواقع منه هو استغلالهما اعني الصحة والامان في طاعة الله واكتساب الطاعات وتكامل الايمان والسير في رضا الله سبحانه كما ورد في الحكمة - لاحظوا ، هل سمعته؟ وهل اطعته؟ هذا الحديث الان اقرأه - : (اغتنم خمسا قبل خمس، شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وغناك قبل فقرك وحياتك قبل موتك).
بسم الله الرحمن الرحيم

اذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجا * فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا *
صدق الله العلي العظيم

الجمعة السادسة والثلاثون 28 شعبان 1419

الخطبة الثانية

اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم

إِلهِي رَبَّيْتَنِي فِي نِعَمِكَ وَإِحْسانِكَ صَغِيرا وَنَوَّهْتَ بِاسْمِي كَبِيراً، فَيامَنْ رَبَّانِي فِي الدُّنْيا بإِحْسانِهِ وَتَفَضُّلِهِ وَنِعَمِهِ وَأَشارَ لِي فِي الآخِرَةِ إِلى عَفْوِهِ وَكَرَمِهِ مَعْرِفَتِي بك يامَوْلاي دَلِيلِي عَلَيْكَ وحُبِّي لَكَ شَفِيِعِي إِلَيْكَ وَأَنا وَاثِقٌ مِنْ دَلِيلِي بِدَلالَتِكَ وَساكِنٌ مِنْ شَفِيعِي إِلى شَفاعَتِكَ، أَدْعُوكَ ياسَيِّدِي بِلِسانٍ قَدْ أَخْرَسَهُ ذَنْبُهُ رَبِّ أُناجِيكَ بِقَلْبٍ قَدْ أَوْبَقَهُ جُرْمُهُ، أَدْعُوكَ يارَبِّ راهِباً راغِباً راجِياً خائِفاً إِذا رَأَيْتُ مَوْلايَ ذُنُوبِي فَزِعْتُ وَإِذا رَأَيْتُ كَرَمَكَ طَمَعْتُ، فَإِنْ عَفَوْتَ فَخَيْرُ راحِمٍ وَإِنْ عَذَّبْتَ فَغَيْرُ ظالِمٍ. حُجَّتِي يا الهي فِي جُرْأَتِي عَلى مُسأَلَتِكَ مَعَ إِتْيانِي ماتَكْرَهُ جُودِكَ وَكَرَمُكَ وعُدَّتِي فِي شِدَّتِي مَعَ قِلَّةِ حَيائِي رَأَفَتُكَ وَرَحْمَتُكَ وَقَدْ رَجَوْتُ أَنْ لا تَخِيبَ بَيْنَ ذَيْنِ وذَيْنِ مُنْيَتِي، فَحَقِّقْ رَجائِي وَاسْمَعْ دُعائِي ياخَيْرَ مَنْ دَعاهُ داعٍ وَأَفْضَلَ مَنْ رَجاهُ راجٍ. عَظُمَ ياسَيِّدِي أَمَلِي وَساءَ عَمَلِي فَأَعْطِنِي مِنْ عَفْوِكَ بِمِقْدارِ أَمَلِي وَلا تُؤاَخِذْنِي بِأَسْوَءِ عَمَلِي فَإِنَّ كَرَمَكَ يَجِلُّ عَنْ مُجازاةِ المُذْنِبِينَ وَحِلْمَكَ يَكْبُرُ عَنْ مُكافأَةِ المُقَصِّرِينَ، وَأَنا ياسَيِّدِي عَائِذٌ بِفَضْلِكَ هارِبٌ مِنْكَ إِلَيْكَ مُتَنَجِّزٌ ما وَعَدْتَ مِنَ الصَّفْحِ عَمَّنْ أَحْسَنَ بِكَ ظَنّا وَما أَنا يارَبِّ وَما خَطَرِي ؟! هَبْنِي بَفَضْلِكَ وَتَصَدَّقْ عَلَيَّ بِعَفْوِكَ أَيْ رَبِّ، جَلِّلْنِي بِسِتْرِكَ وَاعْفُ عَنْ تَوْبِيخِي بِكَرَمِ وَجْهِكَ، فَلَوِ اطَّلَعَ اليَوْمَ عَلى ذَنْبِي غَيْرُكَ مافَعَلْتُهُ وَلَوْ خِفْتُ تَعْجِيلَ العُقُوبَةِ لاجْتَنَبْتُهُ لا لاَنَّكَ أَهْوَنُ النَّاظِرِينَ وَأَخَفُّ المُطَّلِعِينَ بَلْ لاَنَّكَ يارَبِّ خَيْرُ السَّاتِرِينَ وَأَحْكَمُ الحاكِمِينَ وَأَكْرَمُ الاَكْرَمِينَ، سَتَّارُ العُيُوبِ غَفَّارُ الذُّنُوبِ عَلامُ الغُيُوبِ تَسْتُرُ الذَّنْبَ بِكَرَمِكَ وَتُؤَخِّرُ العُقُوبَةَ بِحِلْمِكَ
اللهم صل على محمد وال محمد بافضل صلواتك واكرم تحياتك واعظم الائك كما صليت وباركت وترحمت وتحننت وتمننت على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد.
بسم الله الرحمن الرحيم

((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)))
ومن الامور التي يشير اليها النبي (صلى الله عليه واله) في خطبته استحباب ان يفطر الفرد صائما وهذا المعنى شامل للصائم وغيره، يعني يُستحب لك ان تفطر صائما سواء كنت صائما ام لم تكن وهذا يدخل في الحقيقة في المنهج الاسلامي العام لقضاء حاجة المحتاجين فليس من العدل والانصاف ان يكون فطور طبقة من الناس من اطايب الطعام والشراب وفطور طبقة اخرى يكون متواضعا جدا او انه لا يجد له افطارا اطلاقا بل مقتضى العدل الاسلامي هو تساوي هاتين الطبقتين مهما امكن وذلك ان الله تعالى امر الاغنياء بالاعطاء الى الفقراء في كثير من تعاليمه الواجبة والمستحبة كالزكاة والخمس والفدية والكفارة والعتق ووجوب انقاذ المضطر واستحباب الصدقة واستحباب قضاء حاجة المحتاجين واحيانا وجوب قضاء حاجة المحتاجين وغير ذلك كثير حتى ان تقسيم الارث بين الورثة يدخل في ضمن ذلك كما قال تعالى : ((كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ)) ومع ذلك نجد طبقات من الناس الدنيويين يدّعون الاشتراكية بمختلف اتجاهاتها وتفاسيرها في حين ان الاسلام بل ان خط الانبياء كله انما هو على ذلك وعلى الشفقة على الفقراء والمحتاجين مع هذا الفارق الرئيسي بين الجماعتين ، الجماعة الدنيوية والجماعة الدينية وهو ان دعاة الجماعة الاشتراكية الدنيويين يعيشون عيشة مرفهة قد نالوا الشهرة والزعامة والمال بعنوان انهم دعاة الى مسلك معين او مصلحة اجتماعية معينة في حين ان الانبياء والاوصياء والمعصومين عموما يغلب على حياتهم الزهد والتقشف وشظف العيش واغلبهم كانوا من قبيل الرعاة او الفلاحين كما قال تعالى نقلا عن احد الانبياء : (وما كنت لاخالفكم الى ما انهاكم عنه)) يعني انني حينما امركم بشيء او انهاكم عن شيء فليس هذا لكم فقط بل هو لي ايضا وواجب علي ضمنا وانا اولى من ان افعله واطبقه منكم وقال عن موسى (عليه السلام) : (وانا اول المؤمنين)) وقال امير المؤمنين (عليه السلام) ما مضمونه : (كيف ارضى لنفسي ان يقال امير المؤمنين ولا اشاركهم - يعني لا اشارك المؤمنين طبعا - شظف العيش وقساوة الحياة) ولم يقصر هو في ذلك بل كانت كل حياته (عليه السلام) مبنية على الزهد المكثف والابتعاد عن الدنيا وما فيها ومن الاحاديث الواردة في فضل الصوم (انه جُنة من النار) – يعني مانع وعاصم منها - ولا شك ان الاعم الاغلب من الناس يشعرون باستحقاقهم للنار نتيجة للذنوب والعيوب والقصور والتقصير الذي مر به في حياته ومن هنا فتح الله تعالى فرصا عديدة كما قلنا للوقاية من العذاب وتجنب نتائج الذنوب لانه سبحانه خلق خلقه للرحمة وليس للعذاب ولا يكون العذاب الا في اخر مرحلة عند الياس من العبد تماما كما في المثل: (آخر الدواء الكي). ومن هنا تتعجب ملائكة جهنم في مجيئ اهل النار الى النار وتقول لهم: ((ما سلككم في سقر)) ولماذا جئتم هنا مع ان الله تعالى خلقكم لاجل الجنة ((فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم)) فكان من الطبيعي ان تذهبوا الى الجنة لا ان تأتوا الى النار فيكون جوابهم – ماذا يكون جوابهم؟ - بالاعتراف بالذنب قالوا : ((قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ(43)وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ(44)وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ(45)وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ(46)حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ(47) فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ(48))) لان شفاعة الشافعين للمرضي لله سبحانه وتعالى ((ولا يشفعون الا لمن ارتضى)). وعلى اي حال فقد جعل الله تعالى فرصا عديدة وموانع كثيرة للمؤمن عن النار كالبكاء خوفا من الله تعالى كما ورد بما مضمونه : (دمعة واحدة خوفا من الله تطفىء بها بحار النار) يعني على قلة رطوبة الدمعة فانها تطفيء كثيرا من النار بفضل الله ورحمته وقدرته وكذلك قوله : (الصوم جُنة من النار) فاذا صام الفرد وجوبا او استحبابا كان ذلك سببا لغفران ذنبه وستر عيبه ووقايته من جهنم وصعوده في درجات الجنان.
ومن الاحاديث الواردة في فضل الصوم ما ورد في الحديث القدسي عن الله سبحانه وتعالى : (الصوم لي وانا اجزي به) وانا رويته في جمعة سابقة وقرأته بالالف المقصورة (الصوم لي وانا اُجزى به) وقال لي احد فضلاء الحوزة - ولعله حاضر الان جزاه الله خير- ان هذا غير ممكن وانما احتمالات الحديث (اجزي) بالياء وفتح الالف او (اُجزي) بالياء وضم الالف واما (اُجزى) – ما يفيد ، لان الله تعالى غني عن العالمين ، لا يُجزى بشيء جل جلاله ، سبحان الله ، انت تحجي لنفسك ، كوترة! ، لاحظوا - وهذا معناه بوضوح انه لم يقرا ما كتبته في فقه الاخلاق الجزء الاول عن هذا الحديث حيث قُلتُ هناك ، هكذا اقول هناك : هذا بينما نرى الصوم خاليا من اي طرف آخر - العبادات لها اطراف ، المصلي يروه الناس ، دافع الزكاة يأخذها الفقير او الحاكم الشرعي ، الخمس يأخذه الفقير او الحاكم الشرعي ، الصوم فقط لله سبحانه وتعالى ، لا يراه احد ولا يسمعه احد ولا يلمسه احد اطلاقا سبحان الله ، خالية من اي طرف آخر -
ومن هنا يمكن ان يكون الصوم عبادة سرية عن كل البشر لا يطّلع عليها الا خالقها سبحانه وتعالى وفعلا نجح الكثيرون ممن يودون كتم عباداتهم بالإسرار بهذه العبادة المباركة ومن هنا ورد في الحديث القدسي : (الصوم لي وانا اجزي به) اما ان الصوم لله سبحانه – لماذا الصوم لي ؟ - فلانه يمكن ان يكون مكتوما عمن سواه كما عرفنا فيتمحض لله عز وجل ويكون خاليا من الرياء والدوافع الدنيوية جميعا واما سائر العبادات فقد لا تكون لله او لا تتمحض له عز وجل بالشكل التام المرضي له سبحانه وتعالى لان لها مظاهرها الخارجية التي يمكن ان يطلع عليها الاخرون صحيح ان الصوم يمكن ان يُعلنْ كما ان الصلاة يمكن ان تكتم او اية عبادة اخرى الا ان الافضلية مع ذلك تبقى للصوم لانه اسهل كتمانا من غيره ولا يوجد فيه اي مظهر يمكن الاطلاع عليه واما قوله في الحديث القدسي (وانا اجزي به) فقد نقرأه بالبناء على الفاعل (أُجزي) وقد نقرأه بالبناء على المفعول او المبني للمجهول (اُجزى) اما اذا بنيناه على المعلوم فيكون لهذه الفقرة عدة اساليب من الفهم نذكر بعضها:
الاسلوب الاول : (أجزي) – شلون (أجزي) بالله؟ - ان الله سبحانه يجزي على الصوم يعني يعطي الثواب عليه وبهذا لا يفترق الصوم عن غيره من العبادات التي يُعطي الله عليها انواع المثوبة ومعه تكون هذه الفقرة غير خاصة بالصوم - انا اجزي به ، هو يجزي على كل العبادات - ومعه تكون هذه الفقرة غير خاصة بالصوم والفقرة الاولى خاصة به ، (الصوم لي) خاصة بالصوم ، (وانا اجزي به) عامة لكل العبادات بناءً على هذا الاسلوب من التفسير.
الاسلوب الثاني : ان الله تعالى يستقل دون عباده وخلقه من الملائكة او الاولياء او غيرهم ، يستقل باعطاء الجزاء للعبد الصائم - لان الحديث في الصوم - باعطاء الجزاء للعبد فبينما يكون جزاء العبد في سائر العبادات على الخلق وبواسطة الخلق فانه يكون في الصوم على الله مباشرة (انا اجزي به) وهذا يعني عدة امور منها كثرة العطاء طبعا لان العطاء الوارد من الله سبحانه لا شك هو اجزل من العطاء الوارد من المخلوقين وان انتسب ذلك ايضا الى الله تعالى في نهاية المطاف ومنها كتم العطاء عن الاخرين فكما ان العبد – لاحظوا ، هذا قلما يُلتفت اليه - في الصوم – العبد الصائم - يعطي لربه عبادة مكتومة كذلك الله يعطي لعبده ثوابا مكتوما عن الاخرين وهذا فيه لذة للعبد معنوية لا يعرفها الا ذووها هذا اذا بنينا الفقرة في الحديث الشريف للفاعل المعلوم نقول (اجزي)، واما اذا بنيناها للمجهول (اُجزى) فستكون المسألة الطف واعجب لان معنى قوله (وانا اُجزى به) ان الصوم بنفسه – لاحظوا - سيكون جزاء من العبد لربه على نعمه وافضاله والله سبحانه غني عن العالمين لا يمكن ان يصل اليه النفع والجزاء من احد وانما هو معنىً مجازي يمثل اهمية الصوم الى درجة تصلح ان تكون جزاءً لله عز وجل بازاء نعمه اللامتناهية والاءه المتواترة المستمرة ومن هنا نرى ان في الحديث تفخيما للصوم من جهة اخرى وهي ان الاء الله سبحانه وتعالى غير محدودة فلا يمكن ان يكون جزاؤها عبادة محدودة مهما كانت صفتها وانما ذلك اعطاء التفخيم والاهمية للصوم الى هذه الدرجة الى حد جعله كأنه عبادة غير محدودة بحيث يوازي ويساوي النعم غير المحدودة لله سبحانه وتعالى ، ولكن لا ينبغي ان ننسى ان ما جعله الحديث الشريف جزاءً لنعم الله سبحانه ليس كل صوم بطبيعة الحال بل الصوم المكتوم حيث قال (الصوم لي) يعني الذي لا يعلمه غيري ، ومن الممكن القول بهذا الاعتبار ان العبادة مع تمحضها لله عز وجل ستكون من الناحية المعنوية غير محدودة بخلاف العبادة التي تشوبها الشائبة او الشوائب فانها ستكون عبادة محدودة او بالاحرى هزيلة لا تصلح لان تكون جزاءً لنعم الله العظيمة.
فاذن ، فالصوم المكتوم لا محدود فيمكن ان يكون جزاءً للنعم غير المحدودة هكذا بفضل الله ولا يخفى على كل حال ان في هذا تسامحا من جهة الله سبحانه وتعالى ورحمة من قبله لعبده اكثر من استحقاق المورد مهما كان عظيما لان الله عز وجل لا يمكن حقيقة ان تُجازى الآؤه او تُشكر نعمائه او يُطاع حق طاعته او يُذكر حق ذكره كما ورد في الاخبار واما قول هذا الواحد من فضلاء الحوزة بان امر هذا اللفظ مردد بين فتح الهمزة وضمها (أجزي) و(اُجزي) فهو قابل للمناقشة ، فـ(اُجزي) لا معنى له حبيبي بل يتعين بالفتح (أجزي) لانه من الثلاثي جزى يجزي واما الضم فلا يكون الا للرباعي او المزيد كأدحرج واطعم من دحرج واطعم ولم يرد المزيد من هذه المادة فانه يقال جزى ولا يقال أجزى فيكون منه المضارع أجزي وانما يكون ذلك من الاجزاء لا من الجزاء وهو معنى اخر اجنبي عن المقصود في الحديث قطعا.
بسم الله الرحمن الرحيم
قل هو الله احد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفؤا احد *
جزاكم الله خير
[/align]

ابو علي 22-03-2012 12:59 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة السابعة والثلاثون 6 رمضان 1419
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم

كما ادينا الطاعة في الاسابيع السابقة لله سبحانه وتعالى نؤدي الطاعة في هذا الاسبوع بعنوان كلا لأجل رفض الباطل واهل الباطل. فقولوا معي ثلاثا..
كلا كلا للباطل ..
كلا كلا امريكا ..
كلا كلا اسرائيل ..
كلا كلا استعمار ..
كلا كلا استكبار ..
كلا كلا يا شيطان ..

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم هذا شهر رمضان الذي انزلت فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان وهذا شهر الصيام وهذا شهر القيام وهذا شهر الانابة وهذا شهر التوبة وهذا شهر المغفرة والرحمة وهذا شهر العتق من النار والفوز بالجنة وهذا شهر فيه ليلة القدر التي هي خير من الف شهر اللهم فصل على محمد وال محمد واعني على صيامه وقيامه وسلمه لي وسلمني فيه واعني عليه بأفضل عونك ووفقني فيه لطاعتك وطاعة رسولك واوليائك صلى الله عليهم وفرغني فيه لعبادتك ودعائك وتلاوة كتابك وعظم لي فيه البركة واحسن لي فيه العاقبة واصح فيه بدني واوسع لي فيه رزقي واكفني فيه ما اهمني واستجب لي فيه دعائي وبلغني فيه رجائي اللهم صل على محمد وال محمد واذهب عني فيه النعاس والكسل والسأم والفترة والقسوة والغفلة والغرة وجنبني فيه العلل والاسقام والهموم والاحزان والاعراض والامراض والخطايا والذنوب واصرف عني فيه السوء والفحشاء والجهد والبلاء والتعب والعناء انك سميع الدعاء اللهم صل على محمد وال محمد وإعذني فيه من الشيطان الرجيم وهمزه ولمزه ونفثه ونفخه ووسوسته وتثبيطه وبطشه وكيده ومكره وحبائله وخدعه وامانيه وغروره وفتنته وشركه واحزابه واتباعه واشياعه واوليائه وشركائه وجميع مكائده اللهم صل على محمد وال محمد بأفضل صلواتك واكرم تحياتك كما صليت وباركت وترحمت وتحننت على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد.
بسم الله الرحمن الرحيم
{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}
من جملة المشاكل التي مر بها الشعب العراقي خاصة والمجتمع في العالم عامة، القصف الامريكي الذي تعرض له المجتمع هنا ولا ينبغي ان تكون الحوزة الناطقة المجاهدة ساكتة عن ابداء رأيها فيه ولا شك انه لا يمكن ابراز جميع النتائج المتيسرة والعبر المتوفرة ولكن نقول بمقدار ما هو ممكن وعلى الله التوكل في الشدة والرخاء وذلك ضمن عشرة نقاط :
النقطة الاولى : ان هذا الوضع العالمي القائم على انقاض ما كان يسمى بالاتحاد السوفيتي والذي سمته امريكا في حينه بالنظام العالمي الجديد انما هو نظام استعماري مشؤوم قائم على تفرد امريكا بالعالم وهيمنتها عليه وفرض ارادتها على كل جهاته من دول وشعوب واحزاب ومنظمات. وكل من يخالفها فانها تكيل له الصاع صاعين كما يعبرون. هذا النظام يجعل منها الطاغوت الاول والشيطان الاكبر ويخرجها عن الانسانية وحسن التصرف الى الظلم الكامل والطغيان المحض.
النقطة الثانية :ان امريكا وان زعمت تحكيم سيطرتها على كل العالم حتى اصبح العالم تجاهها كالقرية الصغيرة كما يعبرون الا انها لن تستطيع ازالة ايمان المؤمنين وقوة الشجعان المجاهدين فإنها ان استطاعت السيطرة على اجسادنا فإنها لن تستطيع السيطرة على عقولنا وقلوبنا ونفوسنا {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا}
النقطة الثالثة :انها انما تتذرع بالسلاح الدنيوي الذي مهما بدى لنا مهماً وعظيماً فانه مؤقت وزائل لأنه انما يمثل طرف الدنيا وما فيها ومن فيها وهو طرف مضمحل وهين وحقير وأما المؤمنون فناصرهم الله سبحانه وتعالى كما قال في كتابه الكريم { إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} وهم المؤمنون واثقون به ومعتصمون به ومتوكلون عليه ويعلمون انهم لم يخلقوا لهذه الدنيا الفانية بل لأجل الآخرة الباقية وفي الرواية (ان الدنيا والاخرة ضرتان لا تجتمعان) وكذلك فان الحوزة والاستعمار ضرتان لا يجتمعان
النقطة الرابعة : ان امريكا تحاول تسخير اكبر مقدار من عدد الدول تحت ارادتها وسيطرتها وربما كل الدول على الاطلاق وكل من وافق على ذلك وتعاون معها فهو لعبة في يديها وتحت استعمارها بكل تأكيد حتى الدول الاوربية التي تود الاستقلال عن النظام الامريكي فإنها تبدو في كثير من الاحيان لعبة بيد هذا النظام المشؤوم فمثلا بريطانيا التي كانت لها الزعامة في العالم حتى كانت تسمي نفسها بريطانيا العظمى اصبحت الان مستعمرة بسيطة بيد امريكا تستخدمها متى تشاء لإنجاز مصالحها الخاصة وفي اعتقادي ان هذا منها تنازل مقيت وذلة لا موجب لها.
النقطة الخامسة :اننا نعتقد ان هذا النظام الظالم غير دائم بل هو الى زوال مهما كانت نتائجه وذلك من عدة جهات منها:
اولا : انه يقول في الحكمة: (ان الظلم لا يدوم).
ثانيا : ان الله تعالى يهلك ملوكا ويستخلف آخرين.
ثالثا : انها الان وبكل وضوح موكولة الى نفسها وملتفتة الى جبروتها فتكون مصداقا واضحا من قوله تعالى : {حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ }. اذاً فهذا الوعد آت من الله سبحانه وتعالى لا محال ولكن الجدل في كونه قريبا ام بعيداً.
رابعا : إننا نعتقد ان مستقبل البشرية الى خير وصلاح وعدالة حينما يظهر القائد المنتظر عجل الله فرجه فيملؤها قسطا وعدلا كما مُلئت ظلما وجورا ولن يقوم لأي ظلم ولا لأي قسوة بعدها قائمة ولا امريكا ولا غيرها وفي الروايات ما يدل على ان اليهود سيعانون من الذلة والقسوة بيد المؤمنين ما شاء الله كما فعلوا بالمؤمنين قبل ذلك حتى ان الحجر ينادي المؤمن ويقول هذا يهودي خلفي فاقتله.
النقطة السادسة : ان امريكا تريد بهذه الاعمال ان تجعل عدوها كبش الفداء بحيث يكون عبرة للعالم كله باعتبار انها كما صنعت به يمكنها ان تصنع بغيره وبذلك تضرب حجرين في هدف واحد وليس بإزاء ذلك الا قوة الارادة وقوة الايمان والصمود والاتحاد ضد هذا النظام الغاشم الظالم فلو أستطاع العالم أن يقول كلمته العادلة الحقيقية زال هذا النظام الظالم عن الوجود.
النقطة السابعة : حسب علمي فان الامر بالهجوم في اي وقت وعلى اية دولة موكول الى القرار الذي يصدره الرئيس الامريكي الموجود في اي وقت وهذا يعني ان القرار الظالم سوف يعود بالحكمة الالهية والقدرة الالهية على نفس هذا الرجل الذي اصدر هذا القرار بالوبال والخسران كما سبق ان حصل فعلا لكارتر وبوش بما فعلا من مظالم على المؤمنين في الشرق المسلم لا اقل اننا نلتفت ان من حق اي رئيسي امريكي ان ينتخب لفترتين من الرئاسة في حين يخسر الظالم منهم فترته الثانية بكل تأكيد بقدرة الله وحسن توفيقه كما خسرها كارتر وبوش فعلا (كولوا لا !) وهذا ما يتوقع حصوله لكلنتون بالتأكيد بل الامر اكثر من ذلك فانه من المتوقع ان يحاكمه مجلس الشيوخ الامريكي لفضيحة اخلاقية ويعزله عن الرئاسة ويخسر حتى فترة رئاسته الاولى فضلا عن الثانية.
النقطة الثامنة : اننا نجد باستمرار ان كل مؤامرة يقوم بها الغرب والاستعمار ضد الايمان والمؤمنين فان الله تعالى يجعلها حسرة في صدورهم ويجعل نتائجها الى مصلحة الدين وشريعة سيد المرسلين وهذا ما رأيناه في القريب والبعيد مما حصل من دسائس ومشاكل حتى هذا القصف الامريكي الاخير فأنه طور المؤمنين بفضل الله سبحانه وتعالى عقلياً ونفسياً وأيمانياً وفتح اعينهم على حقائق كان يمكن ان تكون غائمة او مجهولة فيما سبق ونشعر فعلا انه سبب عزة الحوزة والمذهب وشجاعتها وحرية هدفها اكثر من ذي قبل وإن خسأ الكافرون.
بسم الله الرحمن الرحيم
قل هو الله احد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفؤا احد *
صدق الله العلي العظيم
الجمعة السابعة والثلاثون 6 رمضان 1419
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي هدانا لحمده وجعلنا من اهله لنكون لإحسانه من الشاكرين وليجزينا على ذلك جزاء المحسنين والحمد لله الذي حبانا بدينه واختصنا بملته وسبلنا في سبل احسانه لنسكها بمنه الى رضوانه حمدا يتقبله منا ويرضى به عنا والحمد لله الذي جعل من تلك السبل شهره شهر رمضان شهر الصيام وشهر الاسلام وشهر الطهور وشهر التمحيص وشهر القيام الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فأبان فضيلته على سائر الشهور بما جعل له من البركات بما جعل له من الحرمات الموفورة والفضائل المشهورة فيحرم فيه ما احل في غيره اعظاما وحجر فيه المطاعم والمشارب اكراما وجعل له وقتا بينا لا يجيز جل وعلى ان يقدم قبله ولا يقبل ان يؤخر عنه ثم فضل ليلة واحدة من لياليه على ليالي الف شهر وسماها ليلة القدر تنزل الملائكة والروح فيها بأذن ربهم من كل امر سلام دائم البركة الى طلوع الفجر على من يشاء من عباده بما احكم من قضائه اللهم اني اسألك بحق هذا الشهر وبحق من تعبد لك فيه من ابتدائه الى وقت فنائه من ملك قربته او نبي ارسلته او عبد صالح اختصصته ان تصلي على محمد واله واهلنا فيه لما وعدت اوليائك من كرامتك واوجب لنا فيه فيما اوجبت لأهل المباغة في طاعتك واجعلنا في نظم من استحق الرفيع الاعلى برحمتك اللهم صل على محمد واله وجنبنا الالحاد في توحيدك والتقصير في تمجيدك والشك في دينك والعمى عن سبيلك والاغفال لحرمتك والانخداع لعدوك الشيطان الرجيم اللهم صل على محمد وال محمد واذا كان لك في كل ليلة من ليالي شهرنا هذا رقاب يعتقها عفوك او يهبها صفحك فاجعل رقابنا من تلك الرقاب واجعلنا لشهرنا من خير اهل وأصحاب .

بسم الله الرحمن الرحيم: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}
نستمر في تلاوة الخطبة السابقة ..
النقطة التاسعة : انه من الواضح في التجربة ان كل حروب امريكا ومؤامراتها، تجارية تفتعلها لأجل استنزاف الشعوب البائسة اقتصاديا واجتماعيا لأجل ايفاء النقائص التي قد تحصل في ميزانيتها خلال اي عام وبالطبع فإنه كما قيل في الحكمة (ان السياسة لا قلب لها) فكلما كان الامر يجر لها نفعا اندفعت نحوه وورطت نفسها فيه سواء مع اعدائها او مع اصدقائها على حد سواء وتعود النتائج السلبية حقيقة على الشعوب المظلومة عامة وعلى المؤمنين خاصة وهي متعمدة في ذلك.
النقطة العاشرة : انهم زعموا ان القصف قد حقق اهدافه وقد كذبوا وانما كان انتهاؤه تنازلا وتخاذلا من قبلِهم. نعم هو قد حقق اهدافه في الحكمة الالهية من حيث لا يدرون من باب ما نسمع من الحديث القدسي الذي يقول : (الظالم جندي انتقم به وأنتقم منه). فهو كما كان انتقاما للذنوب والعيوب الكثيرة المتفشية في المجتمع يكفي ان نلاحظ ونلتفت اننا قد قصرنا تجاه الامام الحسين (عليه السلام) فجاء رد الفعل في الحكمة الالهية سريعا وقويا وننتظر من رحمة الله سبحانه وتعالى ان يطبق الفقرة الثانية من هذه الحكمة لأنه يقول (انتقم به وأنتقم منه).
نعود الان الى ما كنا بدأنا به في الجمعة السابقة من شرح خطبة النبي (صلى الله عليه واله) التي القاها بمناسبة بدء شهر رمضان المبارك.
قال (صلى الله عليه واله) كما في الرواية : (يا ايها الناس من حسّن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جواز على الصراط يوم تزل فيه الاقدام ومن خفف في هذا الشهر عما ملكت يمينه خفف الله عليه حسابه ومن كف فيه شره كف الله عنه غضبه يوم يلقاه).
وكل هذه الكلمات حكم وخصائص ونصائح لا ينبغي ان نتعداها حتى نعرف شيئا من فحواها. اشار (صلى الله عليه واله) كما في الرواية في أول فقرة من هذا الذي نقلناه الى حُسن الخلق في هذا الشهر وتحسين الخُلق وان كان يعني عرفاً مجرد المجاملة مع الاخرين وهو لا شك من مصاديقها وتطبيقاتها الا ان المسألة اوسع من ذلك بطبيعة الحال فأنه بحسب فهمي يعني وضع الشيء او التصرف في موضعه المناسب له وهذا هو العدل او العدالة فحُسن الخُلق مساوق للعدالة او مساوق مع العدالة. والعدالة وان شملت الاخرين بطبيعة الحال من اصدقاء واعداء واسرة واخوة وغير ذلك فان المفروض في الفرد المؤمن ان يكون عادلا في علاقاته مع اي شخص ويطبق رضا الله سبحانه وتعالى وتعاليم شريعته في كل مجتمع الا اننا ينبغي ان نلتفت الى ان العدل غير خاص هذا المورد بل له موارد اخرى بل لعلها هي الموارد الاهم والاعظم وهي العدل في علاقتك بنفسك والعدل في علاقتك بربك والعدل في علاقتك بأوليائك عليهم افضل الصلاة والسلام.
اما علاقتك بنفسك فالنفس متكونة من عقل وقلب وشهوات ونحو ذلك ولكل من هذه الملكات نظامها العادل الالهي الذي يجب اتباعه والسير على نظامه واتباع التكامل الحقيقي النوراني له حتى يصبح الفرد المؤمن ممن يحبهم الله ويحبونه ويكون في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
واما علاقتك بربك فهي الاهم على الاطلاق وانما كل العلاقات الاخرى مبنية عليها ومنتجة اليها ولولاها لما كان لها اي معنى او اي مبنى. وهذه العلاقة المقدسة لها مراتب بطبيعة الحال.
اولها : مجرد الاعتقاد بوجود الله وتوحيده.
الثانية : محاولة طاعته في الجملة فيكون الفرد عندئذ ممن عمل عملا صالحا وآخر سيء.
الثالثة : محاولة طاعته بالالتزام بالإتيان بجميع الواجبات والكف عن جميع المحرمات وهنا ينفتح باب الخيرات والرحمة الالهية لان الفرد عندها يكون من المحسنين والله تعالى يقول : (ان رحمة الله قريب من المحسنين) ومن هنا نسمعه يقول كما في الرواية في نتائج ذلك (من حسّن في هذا الشهر خُلقه كان له جواز على الصراط يوم تزل فيه الاقدام) فان الجواز على الصراط يعني الذهاب الى الجنة والى رضاء الله سبحانه. وزلل القدم يعني السقوط في هاوية جهنم او هاوية الرذائل ايا كانت. ومن الطبيعي والمعقول جدا ان من كانت علاقته عادلة بينه وبين ربه وبينه وبين نفسه وبينه وبين الاخرين اذن فهذا هو بعينه ثبات القدم على الصراط والجواز عليه الى الجنة فان هذا الفرد لا شك انه يكون اهل لذلك بخلاف الاخرين الذين تنقص عدالتهم او تنتفي بالمرة او يتورطون في مختلف انواع الزلل والفجور والعياذ بالله.
يبقى سؤال واحد يحسن عرضه والجواب عليه وهو انه (صلى الله عليه واله) قال كما في الرواية (من حسّن في هذا الشهر خُلقه) مع ان تحسين الخُلق ليس له اختصاص بالصوم او بشهر رمضان بل هو واجب وراجح على اية حال وفي كل زمان ومكان ومطلوب من كل الافراد.
وجوابه ان هذا يعني احد امور :
الامر الاول : ان ضم عبادتين الى عبادة واحدة اولى عند الله واكثر ثوابا من القيام بعبادة واحدة وهذا ينبغي ان يكون واضحا. وفي شهر رمضان اذا انضم الصوم الى حسن الخلق او نقول اذا انضم حسن الخلق الى الصوم كان افضل من احدهما لا محالة.
الامر الثاني : ان المناسبات الدينية من مكانية وزمانية تجعل للطاعة فضل اكثر من غيرها فمثلا ان الصوم في شهر رمضان افضل من الصوم في غيره لأن نفس شهر رمضان أفضل من غيره فكذلك حُسن الخُلق يكون في شهر رمضان او اي عبادة اخرى كالصلاة او قضاء حاجة المحتاج يكون فيه افضل من غيره كما انها في المسجد تكون افضل وهكذا فيكتسب بذلك حُسن الخُلق في شهر رمضان اهمية عالية وكذلك سائر الاعمال الصالحة المذكورة في هذه الخطبة النبوية الشريفة.
الامر الثالث : ان الفرد الصائم قد يلتفت الى تفاصيل الشريعة ودقائقها اكثر من غيره لأنه يرى نفسه في طاعة مستمرة بصفة صيامه فيرغب بطاعة اكثر ويلتفت الى جهات اخرى منها ومن هنا ينبهه النبي (صلى الله عليه واله) الى حسن الخلق وغيره فيكون اول التفاته الى ذلك خلال شهر رمضان ليستمر عليه بعد انقضائه ايضا.
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿١﴾الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴿٢﴾الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ﴿٣﴾مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴿٤﴾إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴿٥﴾اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴿٦﴾صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴿٧﴾

صدق الله العلي العظيم

ابو علي 22-03-2012 01:00 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة الثامنة والثلاثون 13 رمضان 1419
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم

قولوا معي ثلاث مرات كما اقول باللغة الدارجة وليس بالفصيح ..
هذا هذا هدفنا ..
هذا هذا عملنا ..
هذا هذا امامنا ..
هذا هذا عدونا ..
هذه هذه حوزتنا ..
هي هي عزتنا ..
هي هي قائدنا ..
هي هي املنا ..
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم ان هذا الشهر المبارك الذي انزل فيه القرآن وجعل هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان قد حضر فسلّمنا فيه وتسلّمه منا في يسر منك وعافية يا من اخذ القليل وشكر الكثير اقبل مني اليسير اللهم اني اسألك ان تجعل لي الى كل خير سبيلا ومما لا تحب مانعا يا ارحم الراحمين يا من عفى عني وعما خلوت به من السيئات يا من لا يؤاخذني بارتكاب المعاصي عفوك عفوك عفوك يا كريم. الهي وعظتني فلم اتعظ وزجرتني عن محارمك فلم انزجر فما عذري فاعفوا عني يا كريم عفوك عفوك اللهم اني اسألك الراحة عند الموت والعفو عند الحساب عظم الذنب من عبدك فليحسن التجاوز من عندك يا اهل التقوى واهل المغفرة عفوك عفوك. اللهم اني عبدك وبن عبدك وبن امتك ضعيف فقير الى رحمتك وانت مُنزل الغنى والبركة على العباد قادر مقتدر احصيت اعمالهم وقسمت ارزاقهم وجعلتهم مختلفة السنتهم والوانهم خلقا من بعد خلق ولا يعلم العباد عُلمك ولا يقدر العباد قدرك ولا يعلم العباد عُلمك ولا يقدر العباد قدرك وكلنا فقير الى رحمتك فلا تصرف عني وجهك واجعلني من صالح خلقك في العمل والامل والقضاء والقدر. اللهم ابقني خير البقاء واغنني خير الغناء على موالاة اوليائك ومعاداة اعدائك والرغبة اليك والرهبة منك والخشوع والوفاء والتسليم لك والتصديق بكتابك واتباع سنة رسولك اللهم ما كان في قلبي من شك او ريبة او جحود او قنوط او صرح او بذخ او بطر او خُيلاء او رياء او سمعة او شقاق او نفاق او كفر او فسوق او عصيان او عظمة او شيء لا تحبه فأسألك يا ربي ان تبدلني مكانه ايمانا بوعدك ووفاءا بعهدك ورضا بقضائك وزهدا في الدنيا ورغبة فيما عندك واثرة واطمئنانيه وتوبة نصوحا اسألك ذلك يا رب العالمين الهي انت من حلمك تعصى ومن كرمك وجودك تطاع فكأنك لم تعصى وانا ومن لم يعصك سكان ارضك فكن علينا بالفضل جوادا وبالخير عوادا يا ارحم الراحمين وصلى الله على محمد واله صلاة دائمة لا تحصى ولا تعد ولا يقدر قدرها غيرك يا ارحم الراحمين.
الآية للموعظة
بسم الله الرحمن الرحيم
{وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَإِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ {لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}
لا شك ان الصوم بالمفهوم اللغوي اوسع بكثير من المفهوم الشرعي او المتشرعي . قال الراغب الاصفهاني في كتابه المفردات في غريب القرآن : الصوم في الاصل الامساك عن الفعل مطعم كان او كلاما او مشيا ولذلك قيل للفرس الممسك عن السير او العلف الصائم.
قال الشاعر : خيل صيام واخرى غير صائمة.
وقيل للريح الراكدة يعني عن الحركة صوم ولاستواء النهار صوم تصورا لوقوف الشمس في كبد السماء ولذلك قيل قام قائم الظهيرة مقام الفرس ومصامته موقفه يعني المكان الذي يقف فيه او المعد للوقوف فيه. قال والصوم في الشرع امساك المكلف بالنية من الخيط الابيض الى الخيط الاسود يقصد من الفجر الى الليل عن تناول الاطيبين (والظاهر انه يعني بهما الخبز واللحموالاستمناء والاستقاء (هكذا عبارته) يعني الشرب واما قوله تعالى : {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} فقد قيل عنى به الامساك عن الكلام بدلالة قوله تعالى :{فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا}وفي لسان العرب لابن منظور عن التهذيب : الصوم في اللغة الامساك عن الشيء والترك له وقيل للصائم صائم لإمساكه عن المطعم والمشرب والمنكح وقيل للصامت صائم لإمساكه عن الكلام وقيل للفرس صائم لإمساكه عن العلف مع قيامه والصوم ترك الاكل قال الخليل: والصوم قيام بلا عمل قال ابو عبيدة: كل ممسك عن طعام او كلام او سير فهو صائم والصوم البيعة ومصام الفرس ومصامته مقامه وموقفه. وقال أمرئ القيس :
كأن الثريا عُلقت في مصامها بأمراس كتان الى صم جندل
ومصام النجم معلقه كأنما كانوا يتصورون ان النجم معلق في البرج او في السماء ومصام النجم معلقه باعتبار انه ثابت هناك لا يتحرك ظاهرا وصامت الريح ركدت وصام النهار صوما اذا اعتدل وقام قائم الظهيرة وبكرة صائمة اذا قامت فلم تدر، بكرة طبعا من نوع الجمل وبكرة صائمة اذا قامت فلم تدر قال الراجز شر الدلائل والغسل ملازمة والبكرات شرهن الصائمة يعني التي لا تدور البكرة التي لا تدور أو التي لا تدر اذا كان نعتا للجمل فمن الحليب الدر واذا كان بكرة بمعنى الذي يلف عليه خيط البئر اذن فهي التي لا تدور صائمة.
اقول ومن هنا اتضح ان الصوم في اللغة اساسه مجرد الترك لأي نشاط او عمل سواء كان عمديا اختياريا ام لا فهو يشمل حتى غير الاختياري ولذا وصف به النهار ووصفت به الشمس لكن بشرط الاستمرار به لبرهة من الزمن ولا يكون ترك العمل للحظة او لحظات صوما لأنه يكون من اي احد لأي عمل وليس هو بصوم بطبيعة الحال وانما الاستمرار بالترك لبرهة هو الصوم لغة طبعا.
واما اذا فهمنا الصوم من زاوية كونه طاعة لله سبحانه فسوف نزيد عليه عنصرا واحدا وهو النية اعني الانتساب الى الله سبحانه وكونه في سبيله اذن فليس كل ترك هو صوم شرعا والا كان كل من ترك الطعام او النكاح ولو باعتبار المرض او السجن او التيه او الفقر او اي سبب آخر صائما غير صحيح وهو فعلا صائم باعتبار المفهوم اللغوي الا انه لا اعتبار لصومه شرعا لأنه ليس في سبيل الله نعم لو صبر على بعض انواع البلاء احتسابا لله سبحانه كان مأجورا وينطبق عليه مفهوم الصوم بالمعنى العام او قل بالمعنى اللغوي ومن هنا فُسر الصبر بالصوم لأنه يتضمن الصبر على ترك بعض الامور المرغوبة للنفس غالبا وفُسر الصبر في القرآن الكريم بالصوم في نحو قوله تعالى (وسنجزي الصابرين اجرهم بغير حساب) اي الصائمين. وليسوا هم صائمين بالمعنى المتشرعي ولكنهم مستمرين على ترك بعض الامور الدنيئة او الرديئة في سبيل طاعة الله سبحانه وهذا هو معنى الصبر طبعا ومن هنا انطبق عليه معنى الصيام.
والمهم اننا اذا اردنا فهم الصوم الشرعي بالمعنى الواسع قلنا هو الترك مع النية يعني ترك اي شيء اذا كان تركه لرضاء الله سبحانه وبطبيعة الحال لن يشمل ذلك الامور الراجحة والمطلوبة لان ترك ما هو راجح ومطلوب قبيح اولاً وغير مرضي لله عز وجل ثانيا فلا يكون تركه مع النية او تركا في سبيل الله وانما يختص الصوم بهذا المعنى بترك الامور المرجوحة والقبيحة والمحرمة ومن ضمنها الامور التي تناسب الشهوات والملذات الدنيوية والنفس الامارة بالسوء. ومن هنا قال بعض اهل المعرفة (الدنيا للمؤمن صوم يوم) يعني يكف فيها نفسه عن الشهوات والملذات والمحرمات برهة حياته القصيرة من اجل ان ينال الحياة الحقيقية في الاخرة حيث لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر في مقعد صدق عند مليك مقتدر ومن هنا سمعنا من رسول الله صلى الله عليه واله) بحسب الرواية يقول في خطبته (يا ايها الناس من حسن منكم خلقه في هذا الشهر كان له جواز على الصراط يوم تزل فيه الاقدام ومن خفف في هذا الشهر عما ملكت يمينه خفف الله عليه حسابه ومن كف فيه شره كف الله عنه غضبه يوم يلقاه) .
وبالنتيجة فالمؤمن لن يكون صائما خلال هذا الشهر عن الطعام والشراب والنكاح فقط بل عن كل الشهوات والاعتبارات التي تؤدي الى اثمه ونقصانه وعقابه حتى وان كان في ذلك ملذته الدنيوية وايفاء حاجته العاجلة.
واما قوله (ومن خفف في هذا الشهر عما ملكت يمينه)فان الفرد قد يشعر بالانانية والتسلط فيظلم اولئك الناس الذين تحت امرته كائنا من كانوا ويكلفهم بعض المصاعب التي لا يطيقونها فيكون البلاء الواقع عليهم من ناحيته في ذمته يتكفله امام الله سبحانه وتعالى ومن هنا كان التخفيف عنهم وازالة المصاعب عنهم بمقدار الامكان هو الارجح شرعا لان الرحمة بالناس من رحمة الله سبحانه وتعالى والله تعالى رحمن رحيم يحب الرحمة وفاعل الرحمة.
والذين ملكت يمينه قد يفسر بالعبيد الذين يملكهم الفرد كما كان في المجتمعات السابقة ومعه يكون مضمون هذه العبارة والحكمة منتفيا الان لانتفاء وجود العبيد في هذه العصور الا ان الصحيح ان المراد من الملكية هنا السيطرة أو القيادة او الرعاية كما في الحديث )كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)ومن هنا قيل ان الفرد يملك البيع والشراء اي انه يستطيعهما ومسيطر عليهما في حدود الشرائط الشرعية طبعا وكذلك فان رب الاسرة يملك اسرته اي يسيطر عليها ومن جملة ذلك الزوجة ايضا يملكها اي يسيطر عليها ومن هنا ورد عن النبي هود عليه وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام يقول عن زوجته بما مضمونه كما سمعنا في كتاب منة المنان (هي عدوي وانا ادعو لها بطول العمر لان عدوا املكه خير لي من عدو يملكني) يعني أن عدواً انا مسيطر عليه خير لي من عدو هو مسيطر عليّ طبعا.
لاحظوا .. فاذا عرفنا ان المراد من الملكية وجود السيطرة وليس االملكية بالمعنى السوقي او العرفي عرفنا ان من كان تحت السيطرة يكون مملوكا بهذا المعنى ولذا يقول (صلى الله عليه واله) كما في الرواية (من خفف عما ملكت يمينه) وهذا يشمل كل الحقول الخاصة والعامة فالمدرس مالك لطلابه والمدير مالك لعماله والمزارع مالك لفلاحيه ورب الاسرة مالك لأسرته وغير ذلك.
ومن هنا نفهم سعة قول النبي (صلى الله عليه واله) في كل المسيطرين والناس الذين تتم السيطرة عليهم وانه من الراجح شرعا وانسانيا ودائما ان يستعمل المسيطر طريقة الرحمة والحكمة والعدالة فيمن يسيطر عليهم ولا يكلفهم ما لا يطيقون والا كان ظالما ومتجاوز على حقوقهم.
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ ﴿١﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ ﴿٢﴾ النَّجْمُ الثَّاقِبُ ﴿٣﴾ إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ﴿٤﴾ فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ ﴿٥﴾ خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ ﴿٦﴾ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ﴿٧﴾ إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ ﴿٨﴾ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ﴿٩﴾ فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ ﴿١٠﴾ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ ﴿١١﴾ وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ ﴿١٢﴾ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ﴿١٣﴾ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ ﴿١٤﴾ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا ﴿١٥﴾ وَأَكِيدُ كَيْدًا ﴿١٦﴾ فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا ﴿١٧﴾
صدق الله العلي العظيم
الجمعة الثامنة والثلاثون 13 رمضان 1419
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي ليس له منازع يعادله ولا شبيه يشاكله ولا ظهير يعاضده قهر بعزته الاعزاء وتواضع لعظمته العظماء فبلغ بقدرته ما يشاء الحمد لله الذي يجيبني حين اناديه ويستر علي كل عورة وانا اعصيه ويعظم النعمة علي فلا اجازيه فكم من موهبة هنيئة قد اعطاني وعظيمة مخوفة قد كفاني وبهجة مونقة قد اراني فاثني عليه حامدا واذكره مسبحا الحمد لله الذي لا يهتك حجابه ولا يغلق بابه ولا يرد سائله ولا يخيب آمله الحمد لله الذي يؤمن الخائفين وينجي الصادقين ويرفع المستضعفين ويضع المستكبرين ويهلك ملوكا ويستخلف آخرين والحمد لله قاصم الجبارين مبير الظالمين مدرك الهاربين نكال الظالمين صريخ المستصرخين موضع حاجات الطالبين معتمد المؤمنين الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها وترجف الارض وعمارها وتموج البحار ومن يسبح في غمراتها الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله الحمد لله الذي يخلق ولم يخلق ويرزق ولا يرزق ويطعم ولا يطعم ويميت الاحياء ويحيي الموتى وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير. اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وامينك وصفيك وحبيبك وخيرتك من خلقك وحافظ سرك ومبلغ رسالاتك افضل واحسن واجمل واكمل وازكى وانمى واطيب واطهر واسنى واكثر ما صليت وباركت وترحمت وتحننت وسلمت على احد من عبادك وانبيائك ورسلك وصفوتك واهل الكرامة من خلقك اللهم وصل على علي امير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين عبدك ووليك واخي رسولك وحجتك على خلقك وآيتك الكبرى والنبأ العظيم وصل على الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين وصل على سبطي الرحمة وامامي الهدى الحسن والحسين سيدي شباب اهل الجنة وصل على ائمة المسلمين علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والخلف الهادي المهدي حججك على عبادك وامنائك في بلادك صلاة كثيرة دائمة. اللهم وصل على ولي امرك القائم المؤمل في الارجح ان تقوموا لذكر الامام (سلام الله عليه) .
اللهم وصل على ولي امرك القائم المؤمل والعدل المنتظر وحفه بملائكتك المقربين وايده بروح القدس يا رب العالمين اللهم اجعله الداعي الى كتابك والقائم بدينك استخلفه في الارض كما استخلفت الذين من قبله مكن له دينه الذي ارتضيته له ابدله من بعد خوفه امنا يعبدك لا يشرك بك شيئا اللهم اعزه واعزز به وانصر وانتصر به وانصره نصرا عزيزا وافتح له فتحا يسيرا واجعل له من لدنك سلطانا نصيرا اللهم اظهر به دينك وسنة نبيك حتى لا يستخفي بشيء من الحق مخافة احد من الخلق. اللهم انا نرغب اليك في دولة كريمة تعز بها الاسلام واهله وتذل بها النفاق واهله وتجعلنا فيها من الدعاة الى طاعتك والقادة الى سبيلك وترزقنا بها كرامة الدنيا والاخرة.
بسم الله الرحمن الرحيم
{وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
نستمر فيما قلناه في الخطبة الاولى فنقول ويمكن تفسير هذه العبارة المروية عن النبي (صلى الله عليه واله) بتفسير آخر وهو قضية ما ملكت يمينه وهو أننا نفسر تلك اليمين في كلامه بالنص فهذا هو الذي عرفناه واخرى نفهم منه المال والثروة قليلة كانت أو كثيرة والتخفيف من المال والثروة له معنيان كلاهما صحيح وحقيقي وإنساني المعنى الأول : التخفيف من الاكتساب والتجارات الواسعة التي تكون أكثر من حاجة الأنسان بكثير فان ذلك مرجوح اخلاقيا حتى مع دفع الحقوق الشرعية فضلا عن عدم دفعها كما ورد (ما اجتمع درهمان الا من شح او حرام) وقال تعالى (ومن يوق شح نفسه) يعني يوق شح نفسه بالمال يكون به سخيا وباذلا له في سبيل الله وفي سبيل الاخرين.
المعنى الثاني : التخفيف من الصرف والبذخ في اطايب الطعام وجميل اللباس والمنازل العالية والمراكب الفارهة فان ذلك ان كان مع اهمال الدين وترك الورع كان حراما حقيقة وعليه عقوبة فعلية وأن كان مع دفع الحقوق الواجبة كان الحرص على الباقي على الزائد عن الحاجة مرجوحا حقا من الناحية الاخلاقية والانسانية كما سمعنا فيما روي عن امير المؤمنين عليه السلامبما مضمونه (كيف ارضى ان يقال امير المؤمنين ولا اشاركهم جشوبة العيش( .
ثم يقول (صلى الله عليه واله) كما في الرواية (ومن كف شره كف الله عنه غضبه يوم يلقاه) فانه من الواضح ان اي فرد يستطيع ان يصنع الشر لغيره كما انه من الواضح ان الشر الوارد على الفرد على قسمين لانه قد يكون على استحقاقه ومطابق للعدل كدفاع المظلوم والحدود والديات والتعزيرات الشرعية وقد لا يكون على استحقاقه فيكون ظلما محرما وذلك كسائر المظالم التي نراها تقع بين الناس. فهنا يوصي النبي (صلى الله عليه واله) او نقول الافراد سواء كان الفرد صائما او لم يكن ان يكف شره عن الناس او قل عن الاخرين لكي يكف الله عنه غضبه يوم يلقاه وهذا معناه اولا، كف الظلم عن الاخرين وهذا النوع من الشر اي الظلم طبعا محرم على كل حال سواء كان من الصائم او من غيره وسواء كان في شهر رمضان ام في غيره. لاحظوا .. حتى الغيبة البسيطة والكذب البسيط فضلا عن غيره ومن المعلوم ان ترك هذا الحرام كغيره موجب لرضا الرب سبحانه وتعالى. ثانيا : ان الفرد اذا كان له حق على الاخرين ومن حقه استيفاءه كالدين مثلا فليؤجله فان في ذلك زيادة في الحسن العقلي والرفعة الاخلاقية فهو اما ان يؤجله الى الابد ان يترك استيفاءه اي استيفاء حقه اطلاقا زهدا في الدنيا وطمعا برضا الله سبحانه وتعالى كما قيل في الحكمة : (والعفو عند المقدرة). واما اذا كان حريصا على حقه فلا بأس ولكن الافضل له تأجيله عن شهر رمضان المبارك فان في هذا التأجيل رضا الله سبحانه وتعالى ايضا وان الاشتغال بالعبادة خير من الاشتغال باستيفاء الحقوق الدنيوية ولا شك ان مثل هذه الاعمال تعيق عن التوجه الحقيقي المطلوب في شهر رمضان وهذا لا يختلف فيه ايضا الصائم عن المفطر وخاصة اذا كان مفطر عن عذر شرعي صحيح وهذا من معاني ما سمعناه (ومن كف فيه شره كف الله عنه غضبه يوم يلقاه) .
ثالثا : ان الشر ليس خاصا بالإنسان بل هو واقع او في الامكان ان يقع على الحيوان ايضا. والشر الواقع من الانسان على الحيوان منه ما يكون حراما ومنه ما يكون جائزا والظاهر فقهيا ان اغلبه جائز على اي حال كالتذكية للحيوان المأكول اللحم كالغنم والبقر ولكن اطلاق العبارة تشمله فيكون المفهوم منها ان من كف شره عن الحيوان بكل انواع الشر فهو الافضل اخلاقيا والاعلى ايمانيا وهذا المعنى وان كان عاما لشهر رمضان وغيره الا انه خلال هذا الشهر المبارك اولى واحق اما احتراما للصوم اذا كان الفرد صائما واما احتراما للشهر اذا كان الفرد مفطرا.
بقي في العبارة سؤال واحد وهو قوله : (كف الله عنه غضبه يوم يلقاه) فأي يوم يلقاه ؟ فان الله تعالى لا يمكن ان يلاقيه احد لأنه لا تحده الازمنة ولا الامكنة ولا الجهات وليس من قبيل الاجسام لكي تصح معه المقابلة والاجتماع اذن فما المقصود بلقاء الله سبحانه وتعالى ؟
ومن الملاحظ ان لقاء الله تعالى منصوص في عدد من ايات القرآن الكريم ومنهي بشدة عن تكذيبه كقوله تعالى : (قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين) وقوله : (وان كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون) وقوله : ((من كان يرجوا لقاء الله فان اجل الله لآت)) وقوله : (الا انهم في مرية من لقاء ربهم الا انه بكل شيء محيط) وقوله : (فنذر الذين لا يرجون لقائنا في طغيانهم يعمهون) الى غير ذلك من الايات الكريمات.
ومن الواضح عقلا ومتشرعيا ان الله تعالى يستحيل لقائه باللقاء المادي كما هو معلوم من معلوم العقائد الاسلامية ولكن يمكن حمل هذه النصوص وامثالها على معان اخرى محتملة وممكنة بل متعينة لاستحالة اللقاء المادي بطبيعة الحال :
اولا : ان المراد بلقاء الله يوم القيامة كما هو التفسير المشهوري بقرينة انه حصل التعبير في اية اخرى بلقاء الاخرة فيراد من لقاء الله لقاء الاخرة الذي هو يوم القيامة.
ثانيا : ان المراد تقدير مضاف يعني لقاء رحمته لقاء الله يعني لقاء رحمة الله او لقاء حسابه او لقاء عقابه ونحو ذلك.
ثالثا : ان المراد تقدير مضاف بنحو آخر، يعني لقاء اولياءه، لقاء الله يعني لقاء اولياء الله او من يمثله باللغة الحديثة اذا تكلمنا في اللغة الحديثة كالملائكة والمعصومين (عليهم السلام(
رابعا : ان المراد الاشارة الى حالة نفسية اعتبارية ناشئة من الاعتقاد والتاكيد على ان الله تعالى يرى عبده في كل مكان وزمان فهو بين يدي الله فالعبد بين يدي الله وامامه في حسناته وفي سيئاته وفي صلاته وفي كل حال ( فان لم تكن تراه فهو يراك) ومن جملة ذلك انه في الصلاة بين يدي الله وهذا وارد في الروايات وفي يوم القيامة ايضا بين يدي الله وفي حال الحساب والعقاب.
خامسا : اننا وان لم نكن نشعر بلقائه فهو جل جلاله يشعر بلقائنا كما قال تعالى : (هو معكم حيثما كنتم) وقال : (ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم ولا ادنى من ذلك ولا اكثر الا هو معهم اين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة) .
سادسا : ان اللقاء المادي وان كان متعذرا ومستحيلا فان اللقاء المعنوي او الروحي ببعض مراتبه ممكن كما قال امير المؤمنين (سلام الله عليه) في بعض خطبه ما مضمونه : (فانه لا تراه الابصار ولكن تراه القلوب بحقائق الايمان فيكون اللقاء مع الله تعالى بهذا المستوى الرفيع) .
بسم الله الرحمن الرحيم
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴿١﴾ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ﴿٢﴾ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ﴿٣﴾ وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى ﴿٤﴾ فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ﴿٥﴾ سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَى ﴿٦﴾ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّـهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى ﴿٧﴾ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى ﴿٨﴾ فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى ﴿٩﴾ سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى ﴿١٠﴾ وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى ﴿١١﴾ الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى ﴿١٢﴾ ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى ﴿١٣﴾ قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى ﴿١٤﴾ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴿١٥﴾ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴿١٦﴾ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴿١٧﴾ إِنَّ هَـذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى ﴿١٨﴾ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ﴿١٩﴾
صدق الله العلي العظيم

ابو علي 22-03-2012 01:00 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة التاسعة والثلاثون 20 رمضان 1419
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
توكلت على الله رب العلمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
الان نحن في ذكرى استشهاد مولانا العظيم امير المؤمنين (سلام الله عليه)
فدعونا نعزي اصحاب الكساء (سلام الله عليهم ) بمقدار ما نطيق ونفهم باستشهاده (سلام الله عليه) هنا قصيدة فصيحة ليست ذات مضمون سياسي طبعا فيها فقرة ذات ردة وفقرة بدون ردة الان اقرأ الفقرة الاولى فردوها معي طبعا لطميه .
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
انت يا زوج البتول انت يا صهر الرسول
انت يا عز العقول يا كريم الاكرمين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
انك اللطف العظيم انك المن القديم
انك النور العميم انك الحبل المتين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
انك المجد الاثيل حامل الحمل الثقيل
صاحب السيف الثقيل يا عظيم الاعظمين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
انك المولى الوصي انك النور المضي
انك الروح الرضي يا امام العالمين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
يا امامي يا علي يا عظيم يا ولي
يا مجيد يا صفي يا امام العارفين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
انك الحرب الاليم والبلاء المستديم
لانحراف الفاسقين وظلال القاسطين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
انك الحق الصريح انك الصبح المريح
انك التجر الربيح يا مذل الماكرين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
انك النور العميم والصراط المستقيم
انت في اللطف قديم يا معز المؤمنين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
يا امام الصابرين يا مثال العابدين
يا معز الزاهدين يا شفيع المذنبين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
انك السيف الطويل لأباطيل الذليل
انك المحق الاصيل لفساد المارقين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
انك العلم الاصيل انك الحق الجزيل
انك الرد المزيل لدعاوى الناكثين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
انت عز الصالحين انت حرب الفاسقين
انت لطف الماجدين انت ذل العاندين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
انت لطف الله فينا يا امام المتقين
عظم الله بقتلك من اجور المؤمنين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
عظم الله بقتلك اجر مولانا الرسول
عظم الله بقتلك اجر زهرانا البتول
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
اي جرم للئيم هو في الذل مقيم
خسيء الكفر الذي فيك من المجترئين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
انها ضربة غدر من شرار العالمين
اوجبت فوزاً عظيماً لك في الافق المبين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
سببت مجداً كبيراً عند رب العالمين
صرت روحاُ سرمدياُ فوق عقل العاقلين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
صرت مجدا ابديا صرت نورا ازليا
صرت نبراسا قويا يا امير المؤمنين
يا امير المؤمنين يا امام المتقين
انك النور المبين من اله العالمين
جزاكم الله الف خير.
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
لا اله الا الله الها واحدا ونحن له مسلمون. لا اله الا الله ولا نعبد الا اياه مخلصين له الدين ولو كره المشركون. لا اله الا الله ربنا ورب ابائنا الاولين. لا اله الا الله وحده وحده وحده انجز وعده ونصر عبده واعز جنده وهزم الاحزاب وحده فله الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير. اللهم اهدني من عندك وافض علي من فضلك وانشر علي من رحمتك وانزل علي من بركاتك سبحانك لا اله الا انت اغفر لي ذنوبي كلها جميعا فانه لا يغفر الذنوب كلها جميعا الا انت. اللهم اني اسألك من كل خير احاط به علمك واعوذ بك من كل شر احاط به علمك اللهم اني اسألك عافيتك في اموري كلها واعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الاخرة واعوذ بوجهك الكريم وعزتك التي لا ترام وقدرتك التي لا يمتنع منها شيء من شر الدنيا وشر الاخرة ومن شر الاوجاع كلها ومن شر كل دابة انت آخذ بناصيتها ان ربي على صراط مستقيم ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. توكلت على الحي الذي لا يموت والحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا..
الان نؤدي الصلوات باسم مولانا امير المؤمنين سلام الله عليه :
اللهم صل على محمد وال محمد رحمك الله يا ابا الحسن كنت اول القوم اسلاما واخلصهم ايمانا واشدهم يقينا واخوفهم لله عز وجل واعظمهم عناء واحوطهم على رسول الله وآمنهم على اصحابه وافضلهم مناقب واكرمهم سوابق وارفعهم درجة واقربهم من رسول الله (صلى الله عليه واله) واشبههم به هدياً وخلقاً وسمتاً وفعلاً واشرفهم منزلة واكرمهم عليه فجزاك الله عن الاسلام وعن رسول الله (صلى الله عليه واله) وعن المسلمين خيرا قويت حين ضعف اصحابه وبرزت حين استكانوا ونهضت حين وهنوا ولزمت منهاج رسول الله (صلى الله عليه واله) اذ هم اصحابه وكنت خليفة وحقا لم تنازع ولم تضرع برغم المنافقين وغيض الكافرين وكره الحاسدين وصغر الفاسقين فقمت بالأمر حين فشلوا ونطقت حين تتعتعوا ومضيت بنور الله اذ وقفوا فاتبعوك فهدوا وكنت اخفضهم صوتاً واعلاهم قنوتاً واقلهم كلاماً واصوبهم نطقاً واكبرهم رأياً واشجعهم قلباً واشدهم يقيناً واحسنهم عملاً واعرفهم بالأمور كنت والله يعسوباً للدين اولا وآخرا الاول حين تفرق الناس والاخر حين فشلوا كنت للمؤمنين اباً رحيماً اذ صاروا عليك عيالاً فحملت اثقال ما عنها ضعفوا وحفظت ما اضاعوا ورأيت ما اهملوا وشمرت اذ اجتمعوا وعلوت اذ هلعوا وصبرت اذا فزعوا وادركت اوتار ما طلبوا ونالوا بك ما لم يحتسبوا كنت للكافرين عذاباً صباً ونهباً وللمؤمنين عمداً وحصناً فطرت والله بنعمائها وفزت بحبائها واحرزت سوابقها وذهبت بفضائلها لم تغلل حجتك ولم يزغ قلبك ولم تضعف بصيرتك ولم تجبن نفسك ولم تخن كنت كالجبل لا تحركه العواصف وكنت كما قال (عليه السلام): (امن الناس في صحبتك وذات يدك) وكنت كما قال (عليه السلام) ضعف في بدنك قوياً في امر الله متواضعاً في نفسك عظيماً عند الله كبيراً في الارض جليلاً عند المؤمنين لم يكن لاحد فيك مهمز ولا لقائل فيك مغمز ولا لاحد فيك مطمع ولا لاحد عندك هوادة الضعيف الذليل عندك قوي عزيز حتى تأخذ له بحقه والقوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق والقريب والبعيد عندك في ذلك سواء شأنك الحق والصدق والرفق وقولك حكم وحتم وامرك حلم وحزم ورأيك علم وعزم فيما فعلت وقد نهج بك السبيل وسهل بك العسير وأطفئت بك النيران واعتدل بك الدين وقوي بك الاسلام والمؤمنون وسبقت سبقاً بعيداً واتعبت من بعدك بعداً تعباً
شديداً فجللت عن البكاء وعظمت رزيتك في السماء وهدت مصيبتك الانام فانا لله وانا اليه راجعون رضنا عن الله قضاءه وسلمنا لله امره فو الله لن يصاب المسلمون بمثلك ابدا كنت للمؤمنين كهفاً وحصناً وقنة راسية وعلى الكافرين غلظة وغيظا فألحقك الله بنبيه ولا حرمنا اجرك ولا اظلنا بعدك يا امير المؤمنين..
هذه المناسبة وان كانت مناسبة الحديث عن مولانا امير المؤمنين عليه افضل الصلاة والسلام الا انها في نفس الوقت مناسبة الحديث عن ليلة القدر غير ان مناسبات ذكر امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة والسلام) تتكرر في كثير من ايام السنة بخلاف الحديث عن ليلة القدر فأنها خاصة بمثل هذا الموسم من كل عام كما تعلمون.
فأريد الان ان اتحدث عن ليلة القدر وذلك في عدة نقاط. :
النقطة الاولى : ان ليلة القدر واقعة خلال شهر رمضان المبارك ونفهم ذلك بعد ضم آيتين او ثلاث آيات الى بعضها البعض:
اولا : ما دل على ان القرآن انزل في ليلة القدر وهو قوله تعالى :{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} وقوله تعالى :{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ}
ثانيا : ما دل على ان القرآن انزل في شهر رمضان وهو قوله تعالى :{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}. اذن فقد انزل القرآن في شهر رمضان وهو ايضا قد انزل في ليلة القدر فاذا كان احدهما غير الاخر لم يكن ذلك ممكنا لتعذر ان ينزل مرتين لأنه من تحصيل الحاصل فيتعين ان تكون ليلة القدر من ضمن ليالي شهر رمضان. ومعه فما دل من الروايات او من الاحتمال لدى المتشرعة من كون ليلة القدر محتملة في كل ايام السنة او في بعضها خارج الشهر المبارك اي خارج شهر رمضان المبارك كالنصف من شهر شعبان مثلا او غيرها يكون مرفوضا لأنه مخالف لكتاب الله اعني مخالف لظاهر القرآن الكريم وظاهر القرآن حجة وقد ورد عنهم (عليهم السلام) ما مضمونه : (ما خالف قول ربنا زخرف باطل اضرب به عرض الجدار)
النقطة الثانية : اننا نعرف بعد ضم الآيتين السابقتين ما هو المهم والمنصوص من صفات ليلة القدر وهما قوله تعالى :{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)} وقوله تعالى :{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (6)}
فبعد ان نعرف من سورة القدر ان القرآن الكريم انزل في ليلة القدر نعرف من الآية الاخرى انها هي الليلة المباركة حيث يقول :{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} وان كل تلك الاوصاف الاخرى والمزايا انما هي اوصاف ومزايا لليلة القدر نفسها ومجمل تلك الاوصاف المذكورة في كلا السياقين باختصار طبعا كما يلي :
اولا : انها ليلة القدر والقدر هنا اما بمعنى الشأن العظيم واما من القضاء والقدر كما قال تعالى :{فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5)} ثانيا : انها ليلة مباركة والبركة في اللغة هي الزيادة والمراد بها هنا العطاء الالهي والرحمة كما قال تعالى : ((ولدينا مزيد)).
ثالثا : انها خير من الف شهر وقد فسر في بعض الروايات بان المراد من (الف شهر) ليس فيها ليلة القدر. وفسر الف شهر ايضا مدة ملك بني امية تقريبا وكلاهما امر معقول. وقد يمكن بشيء من التفكير ارجاع المعنيين الى معنى واحد كما فصلنا القول فيه في منة المنان الجزء الاول مطبوع.
رابعا : انها تنزل الملائكة والروح خلالها ونزولها يكون بأحد امرين او كلا الامرين وهما الرحمات الالهية والاوامر الالهية التي تطبق في تلك السنة حسب القضاء والقدر او ان نزولهم يكون بنفسه رحمة وتأييدا واحتراما للمؤمنين الداعيين المتعبدين في تلك الليلة والمستغفرين بالأسحار.
خامسا : انها من كل امر سلام. والسلام ضد الحرب يعني ان الصفة العامة عليها هو كونها رحمة وليس غضبا ولطفا وليست انتقاما وذلك شامل لكل الامور والاشياء حتى الذنوب فان ليلة القدر تكون سببا للعفو والغفران.
سادسا : ان هذه الرحمة وهذا السلام ونزول الملائكة والروح يستمر طول الليل حتى مطلع الفجر فان الفجر هو نهاية الليل الشرعي كما نعلم وبالفجر يبدأ النهار الشرعي نهار الصوم طبعا والآية لا تنص على اول الليل لأنه واضح عرفا يقول: ((حتى مطلع الفجر)) من اولها شوكت ما اكول والآية لا تنص على اول الليل لأنه واضح عرفا وهو غروب الشمس. غير ان مزايا ليلة القدر تنقطع عند الفجر لا عند طلوع الشمس.
سابعا : انها يفرق فيها كل امر حكيم. والفرق هنا (يفرق فيها)يعني شنو والفرق هنا اما من التفريق والتوزيع للأوامر بين البشر وبين الخلق اجمعين فيعطى كل واحد منهم ما يناسبه وما يطابق مقتضى الحكمة في حاله. او ان الفرق هنا من البت والحتم الموجود في القضاء والقدر الالهيين لان هذا الحكم يوجب الفرق وهو الدهشة والعجب والخوف فعبر عن السبب بلفظ المسبب.
ثامنا : ان كل هذا يحدث بأمر الله وحسن تدبيره كما قال تعال :{أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا } اي منا وبعلمنا حسب ظاهر الآية عرفا.
تاسعا : انها ليلة ارسال الرحمة الى العالمين كما قال تعالى :{ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ } اذا فهمنا أن قوله ((رحمة)) مفعول به لمرسلين وهذا الرحمة هنا نكرة لإفادة عموم الجنس ولا يحتمل ان يراد بها القلة طبعا. واما اذا كانت رحمة هنا منصوب على الحالية فيكون المعنى ان الارسال لشيء آخر وان سبب الارسال والغاية منه هو الرحمة ولا يحتمل ان يراد بالأرسال هنا ارسال الانبياء والرسل (سلام الله عليهم) لوضوح ان ارسالهم لا يكون خلال ليلة القدر فقط بل خلال الاشهر والسنين والقرون المتطاولة وانما المراد امور اخرى كأرسال الملائكة والروح او ارسال العطاء والثواب او ارسال الاوامر بالقضاء والقدر.
عاشرا : انها الليلة التي انزل فيها القرآن كما سنشير في النقطة التالية.
النقطة الثالثة : ان انزال القرآن في ليلة القدر لا يراد به انزاله تدريجيا على النبي (صلى الله عليه واله) لوضوح ان هذا الانزال التدريجي كان خلال ثلاثة وعشرون سنة من حياته (صلى الله عليه واله) وفي مختلف الاماكن والشهور كما لا يراد به البدء بنزول القرآن لأنه من الواضح لدى المتشرعة والمنصوص في عدد من الروايات كون بدء النزول هو بدء الرسالة في غار حراء وذلك في يوم السابع والعشرين من شهر رجب وليس في شهر رمضان ولا في ليلة القدر ولا يمكن القول ان ليلة السابع والعشرين من رجب هي ليلة القدر ليكون القرآن بادئا فيها وذلك بعد دلالة الآيات الاخرى بانحصار ليلة القدر في شهر رمضان المبارك ولا يحتمل كونها خارجة عنها فاذا التفتنا الى ان ظهور الآيات الكريمة كلها بالنزول لكل القرآن الكريم كأنه نزل دفعة واحدة كما قال تعالى :{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} يعني كله، هكذا ظاهره. وقال : ((انا انزلناه في ليلة القدر)) وقال : ((انا انزلناه في ليلة مباركة))
اذن يتعين ان يكون هذا النزول الجمعي او الدفعي للقرآن الكريم هو غير ذلك الذي نعرفه من النزول التدريجي اللفظي او الظاهري على رسول الله (صلى الله عليه واله) خلال السنين بل هو نزول روحي سابق عليه فيدل على ان القرآن نزل دفعة وجملة واحدة على قلب رسول الله (صلى الله عليه واله) قبل نزوله التدريجي يعني قبل البدء بنزوله اصلا كما قال تعالى :{وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)} والظاهر عود الضمير الى القرآن كله كما في الآيات السابقة ومن هنا يمكن ان نستنتج بوضوح انه حين بدء الوحي بالقرآن الكريم & عالما بمعانيه كان النبي (صلى الله عليه واله) عالما بمعانيه وتفاصيله ومدركا لمراميه ووجوه الحكمة فيه لا نه موجود في قلبه ووعيه في ذلك الحين ومن هنا لا يمكن ان يكون رد الفعل تجاه الوحي ساعتئذ هو الخوف والانفعال والجهل بالحال كما هو ظاهر الرواية المشهورة المروية في صحيح البخاري والتي سبق ان ناقشناها في بعض الجمعات السابقة.
بسم الله الرحمن الرحيم
{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)}
صدق الله العلي العظيم
الجمعة التاسعة والثلاثون 20 رمضان 1419
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
يا من غفر لآدم خطيئته ورفع ادريس مكانا عليا برحمته يا من نجى نوحا من الغرق. يا من اهلك عادا الاولى وثمود فما ابقى وقوم نوح من قبل انهم كانوا هم اظلم واطغى والمؤتفكة اهوى. يا من دمر على قوم لوط ودمدم على قوم شعيب. يا من اتخذ ابراهيم خليلا يا من اتخذ موسى كليما واتخذ محمد (صلى الله عليه واله وعليهم اجمعين) حبيبا. يا مؤتي لقمان الحكمة والواهب لسليمان ملكا لا ينبغي لاحد من بعده. يا من نصر ذا القرنين على الملوك و
الجبابرة. يا من اعطى الخضر الحياة ورد ليوشع ابن النون الشمس بعد غروبها. يا من ربط على قلب ام موسى واحصن فرج مريم بنت عمران. يا من حصن يحيى بن زكريا من الذنب وسكن عن موسى الغضب. يا من بشر زكريا بيحيى. يا من فدى اسماعيل من الذبح بذبح عظيم. يا من قبل قربان هابيل وجعل اللعنة على قابيل. يا هازم الاحزاب لمحمد (صلى الله عليه واله) صل على محمد وال محمد وعلى جميع المرسلين وملائكتك المقربين واهل طاعتك اجمعين واسألك بكل مسألة سألك بها احد ممن رضيت عنه فحتمت له على الاجابة. يا الله يا الله يا الله يا رحمن يا رحمن يا رحمن يا رحيم يا رحيم يا رحيم يا ذا الجلال والاكرام يا ذا الجلال والاكرام يا ذا الجلال والاكرام نسألك بكل اسم سميت به نفسك او انزلته في شيء من كتبك او استأثرت به في علم الغيب عندك ومعاقد العز من عرشك وبمنتهى الرحمة من كتابك وبما ان ما في الارض من شجرة اقلام والبحر يمده من بعده سبعة ابحر ما نفدت كلمات الله ان الله عزيز حكيم. واسألك بأسمائك الحسنى التي نعتها في كتابك وقلت : ((ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها)) وقلت : ((ادعوني استجب لكم)) وقلت : ((واذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداعي اذا دعاني)) وقلت : ((يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم)). وانا اسألك يا الهي وادعوك يا ربي وارجوك يا سيدي واطمع في اجابتي يا مولاي كما وعدتني وقد دعوتك كما امرتني فافعل بي ما انت اهله ولا تفعل بي ما انا اهله انك اهل التقوى واهل المغفرة والحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
((ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير * ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزي ونذيقه عذاب الحريق * ذلك بما قدمت يداك وان الله ليس بظلام للعبيد * ومن الناس من يعبد الله على حرف فان اصابه خير اطمأن به وان اصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والاخرة ذلك هو الخسران المبين * يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد * يدعو لمن ضره اقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير * ان الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الانهار ان الله يفعل ما يريد))
نكمل ما بدأناه في الخطبة الاولى ..
النقطة الرابعة : ان ليلة القدر لدى المتشرعة مرددة في ليالي شهر رمضان المبارك بين ثلاث لياليي ليلة التاسع عشر والحادية والعشرين والثالثة والعشرين من شهر رمضان وليس في ظهور القرآن الكريم ما يعين هذه الجهة وانما يشار فيه فقط الى كونها في شهر رمضان دون تعيين اي ليلة من لياليه.
نعم الظن الراجح بالاطمئنان العرفي منعقد وموجود على عدم تعديه لهذه الليالي الثلاث. يعني انه بالتأكيد ليس ليلة اخرى خارجها بل هو منحصر في بعض هذه الثلاثة. ويمكن استفادة ذلك من السنة الشريفة كما سنذكر. كما لا يحتمل كما هو واضح تعدد ليلة القدر وان هذه الليالي الثلاث كلها ليلة قدر لليقين بان ليلة القدر ليلة واحدة في السنة لا تزيد اطلاقا وانما فضل هذه الليالي الثلاث اما بعنوانها الذاتي يعني بغض النظر عن كونها ليلة قدر او باعتبار كونها طرف الاحتمال لكونها ليلة القدر لا ان تكون كلها كذلك.
النقطة الخامسة : اننا يمكن في هذا الصدد ان نخطو خطوة اخرى ونقول بانحصار احتمال ليلة القدر بين ليلتين الحادية والعشرين والثالثة والعشرين بمعنى اننا نستطيع ان نؤكد على ضعف او سقوط احتمال ان تكون ليلة القدر هي في التاسع عشر من شهر رمضان المبارك فانه احتمال ضعيف وليس عليه حجة معتبرة فينحصر الاحتمال بالاطمئنان العرفي والمتشرعي بالليلتين الأخيرتين اعني الحادية والعشرين والثالثة والعشرين وهذا هو المقصود مما ورد من قولهم (عليهم السلام) : (ما ايسر ليلتين فيما تطلب) او يقول بحسب الرواية : (ما عليك ان تفعل خيرا في ليلتين فان مثل هذه الاخبار دالة بوضوح على تردد ليلة القدر بين ليلتين وليس بين ثلاث ليالي كما عليه سيرة المتشرعة في ايامنا هذه ومن مدة غير معروفة الامر الذي ينتج اسقاط الليلة التاسعة عشر عن الاعتبار من هذه الجهة وخاصة بعد الالتفات الى ان الليلتين اللتين يقصدهما الامام (عليه السلام) منحصر ايضا بالاطمئنان العرفي و المتشرعي في الحادية والعشرين والثالثة والعشرين ولا يحتمل الشمول لغيرهما بأية حال ولو كان الاحتمال متحققاً في ثلاث ليال او اكثر لذكره الامام (عليه السلام) في حين انه لم يذكر اكثر من ليلتين.
النقطة السادسة : في محاولة تعيين ليلة القدر من هاتين الليلتين نفسيهما اعني الحادية والعشرين والثالثة والعشرين من شهر رمضان المبارك وهذا كأنه يعتبر من الاسرار الالهية في نظر الائمة (عليهم السلام) ولم يصرحوا به لاحد وانما اقصى ما فعلوه انهم حصروا الاحتمال بين ليلتين ولم يعينوا واحدة منهما اطلاقا والمصلحة التي ندركها من ذلك امران على الاقل:
الامر الاول : زيادة العمل والعبادة والخضوع لله سبحانه فان الفرد اذا علم ليلة القدر بالتعيين عمل ذلك في ليلة واحدة واما اذا كانت مرددة في نظره بين ليلتين عمل ذلك برجاء المطلوبية في ليلتين فيكون عمله وتوجهاته لله سبحانه اكثر فيكون قد ربح اكثر مما خسر مع كونه قد احرز التوجه لله سبحانه خلال ليلة القدر الواقعية في علم الله سبحانه وهذا هو المراد من قوله (ما عليك ان تفعل خيرا في ليلتين) حتى تجتمع عبادة الليلتين وليس عبادة ليلة واحدة.
الامر الثاني : اعطاء فرصة لمن لا يستحق العطاء او قل لمن يستحق الحرمان والخسران ان يخسر هذا الجانب المهم في الاسلام كمن يستثقل العمل في ليلتين فيترك العمل فيهما او في احدهما او كمن يحمله الشك والتردد بين الليلتين على ضعف العمل وقلة الهمة في التوجه والخشوع لله عز وجل الامر الذي يسبب عدم الوصول الى نفس النتيجة المطلوبة التي تحصل بالتركيز في ليلة واحدة.
الامر الذي ينتج بوضوح ان اغلب البشر او قل ان اغلب المتشرعة غير مستحقين للحصول على الثواب الحاصل من التركيز في ليلة واحدة معلومة اذ لو كانوا مستحقين لذلك لما اخفاه الله تعالى برحمته الواسعة فإخفاؤه يدل على عدم الاستحقاق لا محالة وعلى اي حال فما دام التعيين بين هاتين الليلتين من الاسرار الالهية فانه سيكون من المتعذر بطبيعة الحال الوصول الى التعيين الا بتسديد خاص من الله سبحانه وتعالى لا يناله الا الاقلون عدداً المرتفعون عند الله شأنا فان كان الفرد لا يستطيع تعيين ليلة القدر فاعلم انه ليس من اولئك المرتفعين عند الله شأنا لا محالة والمهم اننا بالتأكيد لا نستطيع ان نقيم دليلا شرعيا معتبرا على التعيين وان كنا نستطيع ان نقول ان الاقوى في اذهان المتشرعة هو تعيين الليلة الثالثة والعشرين ولذا يشعرون بأهميتها ويسمونها القدر الكبير.
النقطة السابعة : كان بعض اهل المعرفة يميل بحسب تعبيري الى ان يكون معنى ليلة القدر معنى كليا قابلا للصدق على كثيرين بمعنى ان اية ليلة او اي وقت انتج نتيجة ليلة القدر الاصلية فهي ليلة قدر ايضا اما حقيقة واما مجازا والمقصود انتاجها النتيجة بخصوص فرد معين وليس في الكون كله لان ذلك منحصر بليلة واحدة في السنة لا محالة وليس كليا قابلا للصدق على كثيرين.
النقطة الثامنة : اننا نقول في كل الطاعات على الاطلاق وفي كل طاعات شهر رمضان خاصة وفي اعمال ليلة القدر على وجه الخصوص ايضا. ان ظاهر الفهم المتشرعي ان المطلوب هو العمل كالصلاة والصوم والدعاء وقراءة القرآن ونحو ذلك وهذا مطلوب اكيدا اما وجوبا او استحبابا الا ان هناك جانب اهم من كل ذلك وهو الاخلاص في النية لله سبحانه وتعالى فالعمل ان صدر من نية مخلصة كان هو المطلوب حقيقة امام الله سبحانه واما اذا صدر بنية فاسدة او مترددة او غير ذلك كان دون ذلك المستوى لا محالة وكان مجزيا الا انه لا ينال مرتبة القبول والثواب الجزيل ومن هنا ورد : (نية المؤمن خير من عمله ونية الكافر شر من عمله) فالعمل الاساسي حقيقة هم العمل النفسي وهو النية والاعمال الظاهرية كلها انما تخرج وتنفتح وتنتج من الارادة والنية بطبيعة الحال وهذا ينتج امورا كثيرة فوق حد الاحصاء منها استجابة الدعاء فأنها أي الاستجابة لا تكون الا مع اخلاص النية واما الدعاء بنية فاسدة او مترددة فليس بدعاء لكي يكون محلا للوعد بالإجابة وان حسبناه دعاءان حقيقة ووهما وكذلك سائر العبادات كالصلاة والصوم فأنها لا تقبل الا بالنية المخلصة واما بدونها فهي مجزية ولكنها لا تكون مقبولة.
بل ان سوء النية قد يصل الى درجة تسقط بها العبادات عن مرتبة الاجزاء ايضا فلا تكون مجزية فضلا عن كونها مقبولة وهذا من موارد الصدق فيما ورد ما سامعين : (رب صائم ليس له من صومه الا الجوع والعطش ورب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه) ومحل الشاهد ان اعمال ليلة القدر ايضا مندرجة في هذه القاعدة العامة فأنها لا تكون مقبولة ولا مؤثرة ولا منتجة الا اذا كانت بنية مخلصة امام الله سبحانه وتعالى فاذا عمل فيها الفرد عملا قليلا وكثيرا ولم يجد اي نتيجة كاللذة المعنوية او استجابة الدعاء فلا يلومن الا نفسه. واخلاص النية او سوء النية مما يعلمه الله سبحانه بطبيعة الحال وهذا اكيد. المهم هو الجانب الثاني الا انه ايضا مما يعلمه الفرد نفسه كما قال تعالى : {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ {وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} فان النفس مما يمكن الاطلاع عليها بالعلم الحضوري المباشر بالنسبة الى صاحبها فان يكن فيها اي مقدار من السوء عرفه صاحبه وامكنه تتداركه فان طريق التكامل والخير مفتوح على كل المستويات واما اذا لم يتداركه ولم يكن في صدد ازالته كان من الخاسرين الذين خسروا انفسهم وفي العذاب هم خالدون.
بسم الله الرحمن الرحيم
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)}
صدق الله العلي العظيم

















ابو علي 22-03-2012 01:00 AM

رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
 
الجمعة الاربعون 27 رمضان 1419
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين

لاستنكار انقطاع الكهرباء في عموم العراق الصلاة على محمد وال محمد
للمطالبة بارجاع الكهرباء الى عموم العراق الصلاة على محمد وال محمد
لانتصار الحق المطلق الصلاة على محمد وال محمد
لانتصار جميع المظلومين في العالم الصلاة على محمد وال محمد
لانتصار الحوزة العلمية الشريفة الصلاة على محمد وال محمد
بسم الله الرحمن الرحيم
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
اللهم انك قلت في كتابك المنزل شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فعظّمت حرمة شهر رمضان بما انزلت فيه من القرآن وخصصته بليلة القدر وجعلتها خيرا من الف شهر. اللهم وهذه ايام شهر رمضان قد انقضت ولياليه قد تصرمت وقد صرت يا الهي منه الى ما انت اعلم به مني واحصى لعدده من الخلق اجمعين فاسألك بما سألك به ملاكتك المقربون وانبيائك المرسلون وعبادك الصالحون ان تصلي على محمد وال محمد وان تفك رقبتي من النار وتدخلني الجنة برحمتك وان تتفضل عليّ بعفوك وكرمك وتتقبل تقربي وتستجيب دعائي وتمنّ عليّ بالأمن يوم الخوف من كل هول اعددته ليوم القيامة الهي واعوذ بوجهك الكريم وبجلالك العظيم ان تنقضي ايام شهر رمضان ولياليه ولك قبلي تبعة او ذنب تؤاخذني به او خطيئة تريد ان تقتصها مني لم تغفرها لي سيدي سيدي سيدي اسألك يا لا اله الا انت اذ لا اله الا انت ان كنت رضيت عني في هذا الشهر فازدد عني رضا وان لم تكن رضيت عني فمن الآن فارض عني يا ارحم الراحمين يا الله يا احد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا احد. اللهم صل على محمد عبدك المرتضى ورسولك المصطفى وامينك ونجيك دون خلقك ونجيبك من عبادك ونبيك بالصدق وحبيبك وصل على رسولك وخيرتك من العالمين البشير النذير السراج المنير وعلى اهل بيته الابرار الطاهرين وعلى ملائكتك الذين استخلصتهم لنفسك وحجبتهم عن خلقك وعلى انبيائك الذين ينبئون عنك بالصدق وعلى رسلك الذين خصصتهم بوحيك وفضلتهم على العالمين برسالاتك وعلى عبادك الصالحين الذين ادخلتهم في رحمتك الائمة المهتدين الراشدين واوليائك المطهرين وعلى جبرائيل وميكائيل واسرافيل وملك الموت وعلى رضوان خازن الجنان وعلى مالك خازن النار وروح القدس والروح الامين وحملة عرشك المقربين وعلى الملكين الحافظين عليّ بالصلاة التي تحب ان يصلي بها عليهم اهل السماوات واهل الارضين صلاة طيبة كثيرة مباركة زاكية نامية ظاهرة باطنة شريفة فاضلة تبين بها فضلهم على الاولين والاخرين. اللهم واعط محمد الوسيلة والشرف والفضيلة واجزه عنا خير ما جزيت نبيا عن امته اللهم واعط محمد (صلى الله عليه واله) مع كل زلفة زلفة ومع كل وسيلة وسيلة ومع كل فضيلة فضيلة ومع كل شرف شرفا. اللهم اعط محمدا واله يوم القيامة افضل ما اعطيت احدا من الاولين والاخرين. اللهم واجعل محمدا (صلى الله عليه
وآله ) ادنى المرسلين منك مجلسا وافسحهم في الجنة عندك منزلا واقربهم لديك وسيلة واجعله اول شافع واول مشفع واول قائل وانجح سائل وابعثه المقام المحمود الذي يغبطه به الاولون والاخرون يا ارحم الراحمين.
بسم الله الرحمن الرحيم
{
وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (98) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا (99)} ))
كنا قبلاً بصدد شرح بعض فقرات الخطبة المروية عن النبي (صلى الله عليه واله) التي) خطبها بمناسبة دخول شهر رمضان المبارك وهي خطبة مجيدة وجليلة تحتوي على جلائل المعاني والاثار. واريد الآن الاستمرار في ذلك.
فانه من جملة تلك الخطبة ونحن نعلم ان الوقت مضيق والجمعة آخر جمعة من شهر رمضان فاختار لكم فقرة معينة منها للشرح.
فانه من جملة تلك الخطبة قوله (صلى الله عليه واله) حسب الرواية : (ايها الناس ان ابواب الجنان في هذا الشهر مفتحة فسلوا ربكم ان لا يغلقها عليكم وابواب النيران مغلقة فسلوا ربكم ان لا يفتحها عليكم والشياطين مغلولة فسلوا ربكم ان لا يسلطهاعليكم).
والفهم العرفي والمتشرعي من ذلك واضح وهو مزيد وجود الرحمة في هذا الشهر الفضيل ففيه يفتح الله تعالى ابواب الجنان ويغلق ابواب النيران ويغل الشياطين ففتح ابواب الجنان يقتضي مزيد دخول المؤمنين فيها (اي في الجنان طبعا) وتوزيع الثواب الجزيل على كل العاملين والمتقربين واغلاق ابواب النيران يقتضي غفران الذنوب وستر العيوب التي تستوجب العقاب والدخول الى جهنم وغل الشياطين يقتضي عدم التكالب على الشهوات والتمتع بالمذلات والتقليل من ذلك لغالب الناس كما هو المشاهد فعلا من كثير من افراد المجتمع المسلم خلال شهر رمضان المبارك وهذا يعني ايضا تقليل الذنوب الناتجة من هذه الشهوات والملذات وهذه كلها نعم ومراحم من الله سبحانه وتعالى.
الا ان هناك بعض الاسئلة الجانبية التي يمكننا الالتفات اليها بهذا الصدد منها إن. رحمة الله سبحانه و تعالى موجودة باستمرار وليست خاصة بشهر رمضان في حين ان ظاهر هذه الخطبة اختصاص الحال به.
وجوابه من عدة وجوه منها :
اولا : ان رحمة الله سبحانه وتعالى عامة تسع كل زمان ومكان وهذا صحيح الا ان مظاهرها تختلف ولا ينحصر الامر فيها بأغلاق ابواب النيران وفتح ابواب الجنان فمن الممكن القول ان هذ النحو من الرحمة موجود فقط في هذا الشهر الفضيل بينما الرحمة موجود في الشهور الاخرى بأساليب اخرى خاصة بها.
ثانيا : ان غاية ما تدل عليه هذه الفقرة من الخطبة الشريفة هو حصول ذلك في شهر رمضان واما عدم حصوله في غيره فهو مما لا يستفاد منها الا على تقدير القول بما يسمى في علم الاصول بمفهوم الوصف وهو مفهوم باطل كما هو المحقق في محله اذن فلتكن النتيجة ان ابواب الجنان مفتوحة وابواب النيران مغلقة في كل شهور السنة وليس هذا من رحمة الله ببعيد.
ثالثا : ان هذه الظاهرة او الظواهر الثلاث وان كانت موجودة في سائر الاوقات والشهور الا أن ذلك يحصل بتركيز اكثر واهمية اعظم في شهر رمضان المبارك وبتعبير آخر ان ابواب الجنان مفتوحة دائما الا انها تفتح في شهر رمضان فتحا عظيما بحيث لا يقاس بغيره من الشهور ويقال فيها مجازا انها كانت مغلقة بإزاء هذا الفتح المبين الذي حصل الان كما ان ابواب النيران مغلقة دائما الا ان الاغلاق في شهر رمضان يتضاعف ويتزايد الى درجة لا يقاس بغيره بحيث يدرك الناظر مجازا انها كانت مفتوحة في غيره وهنا يمكن أن نلاحظ أن المروي ان النبي (صلى الله عليه واله) (قيد فتح ابواب الجنان فقط بكونها في هذا الشهر دون الامرين الاخرين فان العبارة التي سمعناها تقول : (يا ايها الناس ان ابواب الجنان في هذا الشهر مفتحة فسلوا ربكم ان لا يغلقها عليكم وابواب النيران مغلقة فسلوا ربكم ان لا يفتحها عليكم ولم يقل في هذا الشهر والشياطين مغلولة فسلوا ربكم ان لا سلطها عليكم ولم يقل في هذا الشهر.
نعم لو جعلنا بعض هذه العبائر قرينة على البعض الاخر نتج حصول التقييد في كل هذه الخصائص الثلاث اي بشهر رمضان المبارك.
رابعا : انه يمكن القول ان هذه الظواهر الثلاث غير موجودة في سائر الاشهر وانما تحصل فقط في شهر رمضان المبارك اما ابواب الجنان كأطروحة طبعا هي في سائر الاشهر مغلقة لا بمعنى اغلاقها في وجه كل احد بل بمعنى انها لا تفتح الا بأسبابها كالتوبة والاستغفار فهي لا تفتح فتحا تبرعيا او عاما لسائر الناس وانما فقط للتائبين والمستغفرين والمتعبدين واضرابهم في حين انها في شهر رمضان تفتح فتحا عاما لسعة الرحمة وعمق المغفرة الموجودة في هذا الشهر الفضيل واما ابواب النيران فهي مفتوحة في سائر الاشهر وليست مغلقة لوضوح لاحظوا لوضوح ان النفس الامارة بالسوء موجودة عند كل احد وهو المنبع الاساسي للنيران والمفتاح الاساسي لأبواب جهنم وهي اعني ظواهر النفس الامارة بالسوء موجودة دائما اذن فأبواب جهنم من هذه الناحية واضرابها مفتوحة دائما ونحو هذا الكلام نقوله في الشياطين فانهم مطلقو السراح دائما خلال سائر الاشهر باعتبار ما يوجد من تجاوب لهم في باطن النفس الامارة والشهوات الغرارة ولكن ذلك يقل في شهر رمضان لامحالة.
خامسا : اننا يمكن ان نلاحظ بوضوح تقلص الذنوب والعيوب وقلتها في الاماكن المقدسة كالمساجد والمراقد ونحوها من حيث ان الفرد اذا دخل المسجد فانه لن يفكر في ذنب معتد به او لن يفكر في ذنب اطلاقا كما ان فرص الذنوب ستكون قليلة الزناوالسرقة والقتل ونحوها في داخل المساجد والمراقد طبعا الى حد يمكن ان نقول انها معدومة فرص غير موجودة. في حين ان فرص الطاعات تكون متوفرة في المساجد والمراقد والرغبة الى الصلاة والعبادة والدعاء موجودة لدى الاغلب في داخل المساجد والمراقد المقدسة وهذا هو بالضبط ما يمكن ان نفهمه من فتح ابواب الجنان وغلق ابواب النيران وغل الشياطين فان ذلك يعني انفتاح فرص الطاعات وتقلص فرص المعاصي والذنوب وهذا ما يحدث في الاماكن المقدسة وهو ملحوظ بوضوح كما قلنا. فهل يحصل ذنب معتد به يقع في الحرم الشريف لأمير المؤمنين او في مسجد الكوفة لنيقع بلطف الله سبحانه وتعالى وهذا ما يحدث في الأماكن المقدسة وهو ملحوظ كما قلنا فكذلك الحال نفسه ما يحدث في الزمان المقدس والفضيل وهو شهر رمضان او غيره لوضوح ان اتجاه عامة المؤمنين ايضا يكون الى تكثير الطاعات وتقليل المعاصي بل يمكن القول ان هذا الاتجاه موجود حتى عند العصاة والمعاندين من المسلمين يكفي ان نسمع قول الشاعر وهو بيت مشهور وان كان باطل طبعا :
رمضان ولى هاتها يا ساقي مشتاقة تسعى الى مشتاق
وهي الخمر طبعا اعوذ بالله. اذن فهو شارب خمر ولكنه يتركها في شهر رمضان فانه لمن راح يعني انه انتهى رمضان يقول ولى هاتها يا ساقي يعني انه تارك في شهر رمضان
وكذلك فان المعتاد من المقاهي الشعبية الملتزمة بالمعاصي والاغاني في سائر الايام والشهور انها تمتنع عن ذلك خلال مناسبتين هما شهر رمضان وشهر محرم الحرام.
كما ورد في الحديث في صفة لجماعة من الناس انهم لا يعبدون الله الا في شهر رمضان وهذا فعلا مطابق لما هو مسموع من طبقة في المجتمع من تاركي الصلاة وانهم يلتزمون بالصلاة في شهر رمضان قبحهم الله الله لا يتقبل منهم.
ومعنى كل ذلك وجود اتجاه النفوس حتى عند العصاة والمتطرفين من شاربي الخمر وتاركي الصلاة الى بعض اشكال الطاعة والاستغفار والتقليل من العصيان والشهوات وهذا من مستويات فهم ما سمعناه عن رسول الله (صلى الله عليه واله) من فتح ابواب الجنان واغلاق النيران وغل الشياطين.
كما اننا ينبغي ان نلتفت الى ان ابواب الجنان ليست مفتوحة فتحا مطلقا حتى للعصاة والمعاندين انه كل من يأتي يدخل الجنة ! لا يوجد هكذا شيء طبعا. كما انها ليست مغلقة غلقا مطلقا حتى في وجه التائبين والمستغفرين. كما ان ابواب النيران ليست مفتوحة فتحا مطلقا حتى للتائبين والمستغفرين وليست مغلقة علقا كاملا حتى بوجه المعاندين. بل الغلق والفتح لكل من الجنان والنيران معنى نسبي او تدريجي ينال كل واحد من الناس ما يستحقه من ذلك غير انه يمكن القول بأن درجة الاستحقاق تختلف حسب الفرص المعطاة للتوبة او قل حسب قدس الزمان او قدس المكان او هما معا قد تكون في شهر رمضان وفي حرم امير المؤمنين مناسبتان قدسيتان تجتمعان عليه ولربما اكثر بفضل الله سبحانه وتعالى.
ففي غير المكان والزمان المقدسين يكون الفرد موكولا الى درجة استحقاقه الطبيعية او النظامية الناتجة من عمله حسنا كان او سيئا. واما اذا كان هناك مكان مقدس قد ذهب اليه الفرد من مسجد او مرقد او كان يمر زمان مقدس كشهر رمضان المبارك فان درجة الاستحقاق للنجاة تزداد او قل ان فرص التوبة والاستغفار تزداد برحمة الله وحسن توفيقه لا انها تبقى ثابتة لا انها تبقى ثابتة حسب عمل الفرد. طبعا بشرط ان يبادر الفرد الى نوع من الذكر والتوبة والاستغفار مهما قل او كثر.
بسم الله الرحمن الرحيم
اذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجا * فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا *
صدق الله العلي العظيم
الجمعة الاربعون 27 رمضان 1419
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم اني اسألك باسمك الذي دان له كل شيء وبرحمتك التي وسعت كل شيء وبعظمتك التي تواضع لها كل شيء وبعزتك التي قهرت كل شيء وبقوتك التي خضع لها كل شيء وبجبروتك التي غلبت كل شيء وبعلمك الذي احاط بكل شيء يا نور يا قدوس يا اولا قبل كل شيء ويا باقيا بعد كل شيء يا الله يا رحمن صل على محمد وال محمد واغفر لي الذنوب التي تغير النعم واغفر لي الذنوب التي تنزل النقم واغفر لي الذنوب التي تقطع الرجاء واغفر لي الذنوب التي تزيد الاعداء واغفر لي الذنوب التي ترد الدعاء واغفر لي الذنوب التي يستحق بها نزول البلاء واغفر الذنوب التي تحبس غيث السماء واغفر لي الذنوب التي تكشف الغطاء واغفر الذنوب التي تعجل افناء واغفر لي الذنوب التي تورث الندم واغفر لي الذنوب التي تهتك العصم والبسني درعك الحصينة التي لا ترام وعافني من شر ما احاذر بالليل والنهار في مستقبل سنتي هذه. اللهم رب السماوات السبع والارضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم ورب السبع المثاني والقرآن العظيم ورب اسرافيل وميكائيل وجبرائيل ورب محمد (صلى الله عليه واله) سيد المرسلين وخاتم النبيين اسألك بك وبما سميت به نفسك يا عظيم انت الذي تمن بالعظيم وتدفع كل محذور وتعطي كل جزيل وتضاعف الحسنات بالقليل وبالكثير وتفعل ما تشاء يا قدير يا الله يا رحمن صل على محمد واهل بيته والبسني في مستقبل سنتي هذه سترك ونظر وجهي بنورك واحبني بمحبتك وبلغني رضوانك وشريف كرامتك وجسيم عطيتك واعطني من خير ما عندك ومن خير ما انت معطيه احدا من خلقك والبسني مع ذلك عافيتك يا موضع كل شكوى ويا شاهد كل نجوى ويا عالم كل خفية ويا دافع ما تشاء من بلية يا كريم العفو يا حسن التجاوز توفني على ملة ابراهيم وفطرته وعلى دين محمد (صلى الله عليه واله) وسنته وعلى خير الوفاة فتوفني مواليا لأوليائك ومعاديا لأعدائك وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
((
{يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ (41) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (42) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (43) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (44) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (45) وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (47) ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (48) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (49) فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (50) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (51) فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (52) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (53) مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (54) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (55)} (يا ربي لا بشيء من آلائك اكذب )
نستمر فيما بدأنا به به في الخطبة الاولى
اننا يمكن ان نلاحظ بوضوح ان الفرد بنفسه هو الذي يفتح باب الجنة وهو الذي يغلق باب النار او قل ان مفاتيح الجنة والنار فيما يخص شخص الفرد قد اعطيت للفرد نفسه فهو الذي يدخل نفسه الجنة بطاعاته واخلاصه وهو الذي يدخل نفسه النار بعصيانه وعناده وهو الذي يفتح ابواب جنته بالتوبة وهو الذي يفتح ابواب عذابه بالخيانة وهكذا ..
وذلك بعد ان اعطى الله تعالى صفة الارادة والاختيار القرب للإنسان ولم يكن مجبورا لا على طاعة ولا على عصيان كما ان الفرد يمكن ان يفتح باب الجنة لا شخاص آخرين كانت مغلقة في وجوههم كما لو كانوا فاسقين فحثهم على الهداية او عاصين فحثهم على التوبة او جاهلين فحثهم على التعلم (كول لا) ! .
وهذا احد موارد صدق الآية الكريمة : {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا } من حيث ان الكلمة الطيبة التي تتصف بالحق والصدق يمكن ان تكون بنفسها سببا للهداية المستمرة على طول الزمان وفي كل حين بأذن ربها ولمختلف الاشخاص بان يعلم بعضهم بعضا ويهدي بعضهم بعضا كما ان الفرد يمكن ان يفتح باب جهنم لا شخاص آخرين فيما اذا اغواه واضله او امره بعمل منكر كشرب الخمر او السرقة او الزنا او شككه والعياذ بالله في اصول الدين او في الحكمة الالهية ونحو ذلك وهذا ايضا من موارد صدق قوله تعالى بعد الآية السابقة : {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ } فإنما يمثل الكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة بالشجرة باعتبار ان بعض اجزائها ينتج من بعض كأغصان الشجرة وتسلسل الهداية بالكلمة الطيبة بين الناس وبين الاجيال وتسلسل الغواية بينهم بالكلمة الخبيثة والعياذ بالله فيكون احدهم فرعا للأخر وناتجا عما قبله كفرع الاشجار. ونفس هذا المضمون موجود في تشبيه النار بالشجرة وخاصة على الطريقة القديمة على ايقاد النار حيث تأخذ الشعلة من شعلة وهكذا بعد شخاطة وزناد لم يكن عندهم. فتكون كل واحدة فرعا عما قبلها ولهذا قال {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ ) تعالى يا ربي انت انشأت شجرتها ولا نحن انشأنها. ثم ان ادخال الفرد نفسه او غيره في الجنة او في النار قد نتصور انه في الدنيا وقد نتصور انه في الاخرة هذا يصير وهذا يصير. اما كونه في الاخرة فواضح وهو المطابق للارتكاز المتشرعي من حيث ان الفرد تحصل له الهداية في الدنيا فيستحق دخول الجنة في الاخرة كما قد تحصل له الغواية في الدنيا فيستحق دخول النار في الاخرة وهذا صحيح الا ان الخطوة الاخرى اننا نقول ان الفرد يدخل الجنة او يدخل النار في الدنيا قبل الاخرة وذلك مطابق لظهور القرآن الكريم حيث يقول عن جهنم: ( احاط بهم سرادقها
اي احاط سرادقها وسورها حول الكفار بوجودهم الدنيوي هنا احاط بهم سرادقها وهم في داخل السور موجودين اي في داخل جهنم لانه في داخل السور ماذا يوجد الا جهنم. كلما ما في الامر انها محجوبة عنهم لا يشعرون بإلمها وانما ينفتح ذلك لهم عند الموت وما بعد الموت. وكذلك قوله تعالى : (وان جهنم لمحيطة بالكافرين )اي بوجودهم الدنيوي واذا كانت جهنم قريبة في الدنيا من الكفار والفاسقين ففي الاولى ان تكون الجنة قريبة من المؤمنين (كول لا !) ويمكن ان يتحصل فهم ذلك من عدد من آيات القرآن الكريم كل ما في الامر انها قد تكون محجوبة عنهم لذائذها ومباهجها وانما تفتح هذه الامور لهم بالموت او ما بعد الموت وعلى اي حال فسوف يصدق قولنا انك اذا هديت شخصا فقد ادخلته الجنة و اذا اغويت شخصا فقد ادخلته النار من حيث ان هذا سيحدث فورا وليس في الاخرة فقط.
ومما ينفع بهذا الصدد ونحن في شرح هذه الفقرات من الخطبة المروية عن النبي (صلى الله عليه واله) حيث يقول : ((ان ابواب الجنان مفتحة وان ابواب النيران مغلقة)) فانه مما ينفع بهذا الصدد ان نلتفت الى ان هذا حاصل وموجود في اصل الخلقة الانسانية ان ابواب الجنان امام الانسان مفتحة في اصل الخلقة وابواب النيران مغلقة في اصل الخلقة ((فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم)) من حيث ان الفطرة تناسب فتح ابواب الجنان وغلق ابواب النيران وبتعبير آخر ان الله تعالى خلق الانسان للجنة لا للنار وان الله تعالى يريد لنا الجنة ولا يريد لنا النار وهذا معناه انه تعالى جل جلاله اصلا فتح لنا ابواب الجنان واغلق عنا ابواب النيران فلو اتبع الفرد قانون الفطرة والهداية لم يكن الحال مختلفا عن ذلك يعني يدخل الجنة بالضرورة ولا يرى النيران اطلاقا ولذا يتعجب ملائكة العذاب من دخول اهل جهنم في جهنم ويقولون لهم : ((ما سلككم في سقر)) اي ما الذي جاء بكم الى هنا لأنكم لستم مخلوقين لجهنم فلماذا اتيتم؟
الا ان الحال سيتغير خلال حياة الانسان ولن يبقى مطابقا للخلقة في الاعم الاغلب من الناس لما سيقارفونه من العصيان والطغيان فيفتوحون على انفسهم ابواب النيران ويغلقون في وجوه أنفسهم هم ابواب الجنان وهنا تأتي محاولات والهداية والتوبة والشفاعة ونحو ذلك.
اذن فمن الناحية العملية او التطبيقية لن يكون الحال الاصلي او الخلقي متحققا بل العكس غالبا هو المتحقق وهو فتح ابواب النيران وغلق ابواب الجنان ومن هنا تكمن اهمية شهر رمضان وبركته من حيث انه الزمان الموقوت لمزيد رحمة الله تعالى للجميع وهو العودة الى اصل الخلقة واعطاء الفرصة للتوبة والاستغفار وفتح ابواب الجنان وإغلاق ابواب النيران.
والخطوة الاخرة في هذا الصدد انه يقول (صلى الله عليه واله) في الخطبة المروية بعد (فسلوا ربكم ان لا يغلقها عليكم ) وبعد ان يذكر أن يذكر فتح ابواب الجنان : اغلاق ابواب النيران : (فسلوا ربكم ان لا يفتحها عليكم). في حين انها بالأكيد كما سمعنا ايضا انها تنفتح وتنغلق بالأعمال بعمل الفرد فأبواب الجنان تنفتح بالأعمال الصالحة وابواب النيران تنفتح بالأعمال السيئة لأننا لا نقول بانتساب ذلك الى الله تعالى مباشرة والا لزم القول بالجبر وهو قول باطل ومبرهن على بطلانه عندنا وفي مذهبنا وانما: ( ورد كما في الصحيح (لا جبر ولا تفويض ولكن امر بين امرين).في حين ان الخطبة المروية عن النبي (صلى الله عليه واله) هذه تسند ذلك الى الله تعالى حين يقول : (فسلوا ربكم ان لا يغلقها عليكم) او (ان لا يفتحها عليكم) في العبارة الثانية وهذا ان كان بنحو العلية التامة والقهر لزم الجبر الا انه لا يراد به ذلك بكل تأكيد بل هو مبرهن على بطلانه وانما المراد به التسبيب الاقتضائي او التسبيب الناقص او ما يسمى بلغة المتشرعة بالتوفيق وهو لا يعني العلية التامة والقهر وانما يعني التسهيل والتيسير فقط. والتوفيق امر صحيح واكيد فهو جل جلاله الموفق لكل طاعة والموفق لترك المعصية الا تقول : (الحمد لله الذي قضى عني صلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) هذا بالنسبة الى الطاعة واما بالنسبة الى المعاصي فإنما ينالها الفرد باستحقاقه فان الله تعالى حين يجد الفرد المتدني مستحقا لاقتراف المعصية فانه يوكله الى نفسه ونفسه الامارة بالسوء تكون هي السبب حقيقة الى العصيان والطغيان فيتورط في المعصية بإرادته وقناعته.
بقيت خطوة اخيرة في شرح هذه الخطبة المباركة هو انه يقول فيها حسب الرواية : (والشياطين مغلولة) اي مشدودة بالغل وهو القيد. فاذا كانت الشياطين مغلولة ومقيدة فكيف تتصرف وكيف تحفظ مصالح انفسها من طعام وشراب وغير ذلك فان هذا خلاف الرحمة بالشياطين انفسها.
وجواب ذلك يكون على عدة مستويات اي واحد منها يكون صادقا فانه يكون كافيا في الجواب:
المستوى الاول : ان المراد ليس هو الغل الكامل للشياطين بحيث يكون سببًا لمنعهم عن مصالحهم الخاصة وانما المراد انهم ممنوعون عن التسلط على البشر خلال شهر رمضان الذي هو عملهم الاعتيادي والدائم وهو ان الشيطان يتسلط على البشر فاذا منعوا منه كان ذلك بمنزلة الغل بالنسبة اليهم.
المستوى الثاني : ان السؤال ناتج من تخيل ان الشياطين كالبشر يحتاجون الى طعام وشراب ولهم ما لنا من المصالح الشخصية الا ان ذلك يمكن نفيه ولا اقل انه مما لا دليل عليه ومعه فاذا كان الشيطان مغلولا لا يؤدي به ذلك الى القسوة او المفسدة او خلاف الرحمة.
المستوى الثالث : ان السؤال ناتج من تخيل ان الشياطين يتضررون في مصالحهم الشخصية من استمرار الغل لهم مدة شهر اي طول شهر رمضان كما في الشخص البشري فالإنسان اذا كان في غل مدة شهر تتضرر مصالحه الشخصية اكيدا فنتخيل الشياطين كذلك. في حين انه يمكن نفي ذلك وان مثل هذا الضرر خلال شهر لا يحصل للشياطين وان كان قد يحصل للبشر. وعلى اي حال فالظاهر والاقرب الى فهم العبارة هو المستوى الاول يعني المنع عن التسلط على الناس ولذا يقول (فسلوا ربكم ان لا يسلطها عليكم )
فان تسليط الشيطان على الفرد لا يعني حفظ المصالح الشخصية للشيطان بعد ان كان مغلولا وانما يعني فقط شروعه بالغواية بعد المنع اي غواية البشر بعد منعه عنها.
ومقتضى اطلاق العبارة هو كون الشياطين مغلولين عن كل الناس من مؤمنين وفاسقين وكفار لان شهر رمضان يمر على الجميع فتكون مزاياه شاملة للجميع من فتح ابواب الجنان واغلاق ابواب النيران وغل الشياطين، ولا بأس بهذه النتيجة باعتبار رحمة الله الواسعة حتى الكفار والمنافقين فانها ايضا تعني فتح فرصة التوبة والاستغفار والرجوع الى الهداية من قبل اي واحد منهم. غير ان طبقات كثير منهم يكون التوفيق عنهم مسلوبا باعتبار اصرارهم على العصيان والطغيان فهم في الآن الاول او قل في اليوم الاول من شهر رمضان سوف يغلقون ابواب الجنان في وجوه انفسهم ويفتحون ابواب النيران في وجوه انفسهم ويسلطون الشياطين على انفسهم حتى كأن هذه العملية او فتح ابواب الجنان واغلاق ابواب النيران بالنسبة لهم لا اثر لها او لا وجود لها وتبقى الفرصة الحقيقية والمستمرة مفتوحة بهذا الصدد للمسلمين والمؤمنين الذين لهم الاستحقاق النسبي لأغلاق ابواب النيران وفتح ابواب الجنان وغل الشياطين عنهم بمقدار قليل او كثير.
بسم الله الرحمن الرحيم
قل هو الله احد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفؤا احد *
صدق الله العلي العظيم



All times are GMT +3. The time now is 12:55 PM.

Powered by vBulletin 3.8.7 © 2000 - 2025