العودة   منتدى جامع الائمة الثقافي > قسم القرآن والمعرفة > منبر تفسير القرآن ألكريم وبحوثه

منبر تفسير القرآن ألكريم وبحوثه مخصص لمواضيع التفسير والبحوث القرآنية

إنشاء موضوع جديد  إضافة رد
 
Bookmark and Share أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-07-2011, 08:15 PM   #6

 
الصورة الرمزية لؤلؤة الشرق

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 148
تـاريخ التسجيـل : Mar 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق - كركوك
االمشاركات : 651

افتراضي


سورة البقرة
185
الأيام المعدودات المفروض فيها الصيام هي ((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)) مما زاد في عظمته وحرمته، إذ صار زماناً لنزول أعظم دستور للبشرية الى الأبد في حال كون القرآن ((هُدًى لِّلنَّاسِ)) يهديهم الى الحق والى صراط مستقيم ((وَبَيِّنَاتٍ))، أي أمور واضحات ((مِّنَ)) جنس ((الْهُدَى)) فليس هدىً غامضاً يحتاج الى إثبات ودليل، بل واضح لائح، ومن الهدى بيان لبيّنات، إذ يمكن أن يكون شيء بيّناً من حيث الشهادة أو المعاملة أو نحوها ((وَ)) من ((الْفُرْقَانِ))، أي يفرّق بين الحق والباطل والضلال والرشاد ((فَمَن شَهِدَ))، أي حضر ولم يغب بالسفر ((مِنكُمُ الشَّهْرَ))، أي شهر رمضان ((فَلْيَصُمْهُ)) إيجاباً، ولما كان الحكم عاماً إستثنى منه بقوله ((وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)) وإنما كرّر تمهيداً لقوله ((يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)) ولذا أمركم بالإفطار في السفر والمرض ((وَ)) إنما شرع عدّة من أيام أُخر ((لِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ))، أي عدّة أشهر، فإن في صيامه فوائد لا يدركها إلا من أكملها، فإن لم يتمكن من إكمالها في نفس شهر رمضان أكملها خارجه ((وَ)) إنما شرع الصوم ((لِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ))، أي تعظّموه بسبب هدايته لكم الى دينه وشريعته، فإن الصيام سبب قرب النفس الى الله سبحانه، فيأتي منها التكبير عفواً، وفي التأويل، المراد به تكبير ليلة الفطر ((وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)) فإن الصوم نعمة تستحق الشكر لما فيه من صلاح الدنيا والدين.



سورة البقرة
186
وحيث إن من عادة القرآن الحكيم أن يخلّل الأحكام نفحة موجهة نحو الله تعالى، ليربط الحكم بالخالق، وليشعّ في النفس النشاط والعزيمة، أتت آية إستجابة الدعاء هنا بعد طول من بيان الأحكام، ثم يأتي بعده آيات ترتبط بالأحكام ثانية، بالإضافة الى أن إستجابة الدعاء تناسب شهر رمضان، فإنه شهر دعاء وضراعة، وقد ورد أن سائلاً سأل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): كيف ندعوا؟، فنزلت ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ)) إليهم، قُرب العلم والإحاطة والسمع والبصر، لا قُرب الزمان والمكان والجهة، فإنه سبحانه منزّه عن كل ذلك ((أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ)) الذي يدعوني ((إِذَا دَعَانِ)) ولعل في هذا القيد إفادة أن الإجابة وقت الدعوة مباشرة فإن "إذا" ظرف، ويفيد تكرار كلمة "دعا" لتتركّز في الذهن تركيزاً ((فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي))، أي يطيعوني في أوامري ونواهي، إذ من يجيب الدعاء يستحق له الإنسان ((وَلْيُؤْمِنُواْ بِي)) إيماناً بذاتي وصفاتي ((لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ))، أي لكي يصيبوا الحق ويهتدوا إليه.



سورة البقرة
187
((أُحِلَّ لَكُمْ)) أيها الصائمون ((لَيْلَةَ الصِّيَامِ)) التي تصومون غدها ((الرَّفَثُ))، أي الجماع ((إِلَى نِسَآئِكُمْ)) وإنما عدى بـ "الى" لتعلمنه معنى الإفضاء، أي الإنتهاء الى زوجاتكم بالجماع، وقد رُوي عن الصادق (عليه السلام) في سبب نزول هذه الآية أنه قال: "كان الأكل محرّماً في شهر رمضان بالليل بعد النوم، وكان النكاح حراماً بالليلوالنهار في شهر رمضان، وكان رجل من أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يُقال له مطعم بن جبير - أخو عبد الله بن جبير الذي كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وكّله بفم الشِعب يوم أُحد في خمسين من الرماة وفارقه أصحابه وبقي في إثني عشر رجلاً، فقُتل على باب الشِعب- وكان أخوه هذا مطعم بن جبير شيخاً ضعيفاً وكان صائماً فأبطأت عليه أهله بالطعام فنام قبل أن يفطر، فلما إنتبه قال لأهله: قد حُرّم عليّ الأكل في هذه الليلة، فلما أصبح حضر حفر الخندق فأُغمي عليه، فرآه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فرقّ له، وكان قوم من الشباب ينكحون بالليل سراً في شهر رمضان، فأنزل الله هذه الآية، فأحلّ النكاح بالليل في شهر رمضان والأكل بعد النوم الى طلوع الفجر." ((هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ)) فكما أن اللباس يقي البدن وكما أنه ملاصق بالبدن ومحرم عليه، كذلك كل من الزوجين بالنسبة الى الآخر ((عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ)) أيها الصائمون ((كُنتُمْ تَخْتانُونَ)) من الخيانة ((أَنفُسَكُمْ))، أي كنتم تخونونها بارتكاب المعصية فكان المرتكب لها يخونها إذ يسبّب لها خساراً، وكل خائن كذلك يسبّب لمن خانه خسارا ((فَتَابَ عَلَيْكُمْ)) ما كنتم تأتون به من المحرم في جماع أهليكم ليلاً ((وَعَفَا عَنكُمْ)) بالنسبة الى هذا الحكم ((فَـ)) من ((الآنَ بَاشِرُوهُنَّ))، أي يجوز لكم جماعهنّ ليلاً والأمر في مقام نفي لا يفيد إلا الجواز ((وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ)) من الأولاد واللذّة المحلّلة الموجبة للثواب، وهذا بالنسبة الى نسخ الحكم بتحريم الجماع ((وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ))، أي يُباح لكم الأكل والشرب من أول المغرب ((حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)) بيان الخطين أي يتضح الفجر الصادق الذي هو في وسط الظلام كخيط أبيض قرب خيط أسود ((ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ)) بالكف عن المفطرات المذكورة في الشريعة من أول الفجر الصادق ((إِلَى الَّليْلِ)).
وهو المغرب الشرعي، وهذا بالنسبة الى نسخ الحكم بتحريم الأكل والشرب لمن نام قبل أن يفطر ((وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ))، أي لا تجامعوا النساء ((وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ)) ليلاً أو نهاراً والإعتكاف هو اللبث في المسجد بقصد العبادة ويُشترط فيه الصوم، وأقله ثلاثة أيام بتفصيل مذكور في الفقه ومن أحكام الإعتكاف حُرمة مباشرة النساء ليلاً ونهاراً ((تِلْكَ)) التي ذكرنا من أحكام الصيام وغيرها ((حُدُودُ اللّهِ)) التي جعلها لأفعال العباد من الفعل فلا يجوز تركه، والترك فلا يجوز إقتحامه كحدود المدينة والدار ونحوهما ((فَلاَ تَقْرَبُوهَا)) نهي عن الإقتراب، مبالغة في النهي عن الإقتحام والمخالفة كقوله تعالى (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) ((كَذَلِكَ))، أي مثل هذا البيان الواضح الذي بيّن أحكام الصيام وغيره ((يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ)) دلائله وأحكامه ((لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ))، أي لكي يتّقوا معاصيه.





سورة البقرة
188
ثم إنتقل السياق الى تشريع آخر له مناسبة ما بـ "الأكل" الذي دار الكلام حوله في مسألة الصيام ((وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ)) بالغصب وما أشبه، وكان وجه ذكر كلمة "بينكم" أن الآكلين للغصب ونحوه يتآمرون بينهم في خفاء حتى يبرروا أكلهم ((وَتُدْلُواْ)) الإدلاء أي الإلقاء والإفضاء، أي تُلقوا ((بِهَا))، أي بتلك الأموال ((إِلَى الْحُكَّامِ)) جمع حاكم، بمعنى القضاة بعنوان الرشوة والهدية ليأخذوا جانبكم في أكل المال بالباطل ((لِتَأْكُلُواْ)) علّة "لتدلوا"، أي علّة إعطائكم الرشوة أن تأكلوا ((فَرِيقًا))، أي قسماً ((مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ)) بدون حق ((وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)) بأن أكلكم وإرشائكم باطل وإثم.



سورة البقرة
189
مرت أحكام كلها تحتاج الى التوقيت من صيام وإعتكاف ومحاكمات وغيرها فناسب أن يأتي تشريع الأهلّة هنا مع الغض عما تقدم من أن المقصود بيان جملة من الأحكام بعد بيان أصول التوحيد ((يَسْأَلُونَكَ)) يارسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ((عَنِ الأهِلَّةِ)) وعن سببإختلاف الهلال في كل شهر من الهلال الى البدر ثم الى الهلالحتى المحاق أو عن فائدة هذا الإختلاف ولماذا لم يكن القمر كالشمس في الإنتظام ((قُلْ)) يارسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في جوابهم ((هِيَ مَوَاقِيتُ)) جمع ميقات بمعنى الوقت والزمان ((لِلنَّاسِ)) في عبادتهم ومعاملاتهم ((وَ)) لـ ((الْحَجِّ)) فمن أقرض الى شهر أو باع ليقبض الثمن، أو يدفع الثمن بعد شهرين، أو أراد الصيام والإفطار أو الحج في أشهره لابد وأن يكون له مَعْلَمْ يستند إليه ولذلك جعل الله الأهلّة، وهذا الجواب ينطبق على السؤال بناءً على الوجه الثاني في معنى "يسألونك" وأما بناءً على الوجه الأول وسؤالهم كان عن سبب إختلاف الأهلّة فإن القرآن أعرض عن جوابهم لأن عقولهم ما كانت تتحمل الجواب الفلكي، ولذا أعرض عن ذلك الى فائدة الأهلّة التي هم أحوج إليها، كما في آية أخرى (يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين) حيث أعرض عن جواب ماهيّة المنفق، أي محل الإنفاق لأن هذا هو الذي يترتب عليه الفائدة وهم بحاجة إليه، وحيث ذكر الحج في الكلام إنتقل السياق الى ما كان يفعله الجاهليون من أنهم إذا أحرموا لم يدخلوا البيوت من أبوابها وإنما يدخلونها من ظهورها، فنهى عن ذلك، وفي هذا تلميح بأن السؤال عما لا يهمكم من الأهلّة، مثل إتيان البيوت من ظهورها وكالأكل من القفا ((وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ))تدخلوا ((الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا)) بأن تنقبوا لبيوت وتدخلونها من النقب ((وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى)) من الله سبحانه بإتيان أوامره وإجتناب نواهيه ((وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا)) ولو في حال الإحرام ((وَاتَّقُواْ اللّهَ)) في أوامره ونواهيه ((لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ))، أي لكي تفلحوا بالوصول الى السعادة الدنيوية والأخروية.



سورة البقرة
190
وهنا حكم آخر من أحكام الإسلام الكثيرة وهو القتال والجهاد، ولقد كان بين هذا الحكم وبين "الحج" المتقدم مناسبة، إذ المشركون قد منعوا الرسول عن الحج عام الحديبية، فكان على المسلمين أن يتهيّئوا للجهاد إن إقتضت الظروف ((وَقَاتِلُواْ)) أيها المسلمون ((فِي سَبِيلِ اللّهِ)) لا لحب السيطرة والغلبة كما هو شأن ملوك الدنيا وزعمائها بل في سبيل إعلاء كلمة الله التي فيها سعادة البشر ((الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ)) لا كل آمن، فمن ألقى سلاحه وسكن الى محله فإن في قتاله إيجاد فوضى وإضطراب لا داعي إليهما ((وَلاَ تَعْتَدُواْ)) إذا قاتلتم من قاتلكم فإن القتال قتال دفاع، فلا معنى للإعتداء وأنتم مرتبطون بالله الذي تقاتلون لأجله فلا يصحّ الإعتداء من أمثالكم ((إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ)) فهم الذي يأمر بالعدل والإحسان، فكيف يحب من إعتدى وبغى.



سورة البقرة
191
((وَاقْتُلُوهُمْ))، أي الذين يقاتلونكم ((حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ))، أي وجدتموهم ((وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ))، أي أخرجوكم من مكة كما أخرجوكم منها، فمن قاتلكم قتلتموه ومن أخرجكم من دياركم أخرجتموه جزاءً وِفاقا ((وَالْفِتْنَةُ)) التي أثاروها الكفار بتفتين المسلمين عن دينهم وإلقاء الإرتياب والشك في قلوبهم ليجلبوهم الى حظيرة الكفر بعد أن هداهم الله ((أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ)) فإن القتل يوجب ذهاب الدنيا والفتنة توجب ذهاب الدين، فمن تقاتلوهم لا يستحقون عليكم أن يهرّجوا بأن المسلمين يشهرون السلاح فإنهم يستحقون القتل لأنهم بدأوا بالقتال لأنهم فُتنوا، وروي أنها نزلت في مسلم قتل كافراً في الشهر الحرام فعابوا المؤمنين بذلك، فبيّن سبحانه أن الفتنة التي تصدر من الكفار أشد من القتل ((وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ))، أي لا تقاتلوا الكافرين أيها المسلمين ((عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ))، أي في الحرم ((حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ)) ويبدأوا بالقتال ((فَإِن قَاتَلُوكُمْ)) بدأوكم بالقتال في الحرم ((فَاقْتُلُوهُمْ)) هناك ((كَذَلِكَ)) الذي مرّ من وجوب قتال الكفار حيث وجدوا الىآخر ما ذُكر ((جَزَاء الْكَافِرِينَ)).



سورة البقرة
192
((فَإِنِ انتَهَوْاْ)) عن الكفر بأن أسلموا ((فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ)) يغفر سيئاتهم حتى ما ارتكبوها قبل إسلامهم من القتال فإن الإسلام يجبّ ما قبله ((رَّحِيمٌ)) بعباده المؤمنين.



سورة البقرة
193
((وَقَاتِلُوهُمْ))، أي الكفار الذين يقاتلونكم لا لأجل القصاص فقط بل ((حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ)) بأن لا يُفتن المسلمون عن دينهم ((وَيَكُونَ الدِّينُ)) والطريقة ((لِلّهِ)) فلا يبقى منهج لسواه بأن ينتصر الحق على الباطل وهذان هما الغاية من إيجاب الدفاع ((فَإِنِ انتَهَواْ)) عن الكفر ((فَلاَ عُدْوَانَ))، أي تعدي بالدفاع والقتال ((إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ)) الباقين على كفرهم، أي فإذا إنتهى المعتدون عن الفتنة والتعرّض لدين الله والتعرّض للمسلمين بالأذى والقتال فلا قتال معهم لأن القتال لا يكون إلا مع الظالمين، وسميّ "عدواناً" تشبيهاً كما قال: (فمن إعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما إعتدى عليكم).

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
سأدخل في أصعب مرحلة في حياة كل طالب للعلم
(( السادس العلمي )) اتمنى منكم اخواني واخواتي الدعاء لي بالموفقية والنجاح
واعذروني على مشاركاتي القليلة في الصرح المبارك
سأستعد منذ اليوم لخوض سباق الاجتهاد من اجل تحقيق الأهداف
دعمكم المميز لي هو الدعاء فلا تحرمونا منه
لؤلؤة الشرق غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-07-2011, 08:19 PM   #7

 
الصورة الرمزية لؤلؤة الشرق

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 148
تـاريخ التسجيـل : Mar 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق - كركوك
االمشاركات : 651

افتراضي


سورة البقرة
194
((الشَّهْرُ الْحَرَامُ)) وهو ذي القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب وسميّت هذه الأشهر حراماً لتحريم القتال فيها ((بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ))، أي بمقابل الشهر الحرام فمن إنتهك حُرمة الشهر الحرام بالقتال فيه حرم من المسلم فيه بل يقاتل ((وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ)) كما أن الجروح قصاص فمن إنتهك حرمة إقتصّ منه في نفس الشهر أو المكان الذي إنتهك حرمته ولذا يُحارب المحارب في الحرم وفي الشهر الحرام ((فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)) لا أزيد من ذلك وسميّ إعتداء لأنه مثل الإعتداء فالتسمية إنما هي بالمجانسة ((وَاتَّقُواْ اللّهَ)) فلا تتجاوزوا الحدود ولا تبالغوا في القسوة والإنتقام ((وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)) فيأخذ بأيديهم في الدنيا ويسعدهم في الآخرة.



سورة البقرة
195
((وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ)) فإن الجهاد يحتاج الى الإنفاق المجهّز للجيش وهو من أعظم السُبُل ((وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ))، أي لا تلقوا أنفسكم بأيديكم ((إِلَى التَّهْلُكَةِ)) بترك الإنفاق للجهاد حتى يتسلّط عليكم العدو ((وَأَحْسِنُوَاْ)) في إنفاقكم وجهادكم وسائر أموركم ((إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)).



سورة البقرة
196
ثم رجع السياق الى أحكام الحج الذي ألمح إليه فيما سبق لأن الحج كان في مقام صلح الحديبية وحج النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ((وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ))، أي إئتوا بها تماماً وكاملاً بإتيان مناسكهما قُربة الى الله تعالى لا لأجل رياء أو سمعة أو نحوهما ((فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ)) بأن منعكم مانع عن الحج بعدما أُحرمتم ((فَـ)) عليكم إذا أردتم التحلّل عن الإحرام أن تقدّموا أو تذبحوا ((مَا اسْتَيْسَرَ))، أي ما أمكنكم ((مِنَ الْهَدْيِ)) الذي قدمتموه الى الله، والهدي هو البقرة أو الإبل أو الغنم ((وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ)) وهو كناية عن التحلّل عن الأجسام، أي لا تحلقوا ((حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ)) الذي قرّر في الشريعة من محل الحصى أو مكة أو منى كما فصّل في الفقه ((فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً)) لا يتمكن من أن لا يحلق ((أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ)) كانقمل رأسه فيتأذى من هوائه فلا يتمكن من عدم الحلق ((فَـ)) عليه إذا حلّق قبل أن يبلغ الهدي محلّه ((فِدْيَةٌ)) يقدّمها بدل حلقه ((مِّن صِيَامٍ)) ثلاثة أيام ((أَوْ صَدَقَةٍ)) لستة مساكين ((أَوْ نُسُكٍ))، أي شاة يذبحها لأجل تعجيله في الحلق ((فَإِذَا أَمِنتُمْ)) من العدو الصاد وكذلك شُفيتم من المرض وزال المانع ((فَمَن تَمَتَّعَ))، أي إستمتع بالطيب والنساء وسائر الملذّات التي يحرًمها الإحرام ((بِـ)) سبب إتيانه ((الْعُمْرَةِ)) فإن العمرة تنتهي سريعاً فتحلّ المحرّمات ((إِلَى الْحَجِّ))، أي تكون تمتعه بالملذات الى أن يُحرم للحج ((فَـ)) عليه ((مَا اسْتَيْسَرَ))، أي ما تمكّن عليه ((مِنَ الْهَدْيِ)) إبل أو بقر أو شاة يجب عليه ذبحها في منى أيام العيد ((فَمَن لَّمْ يَجِدْ)) الهدي ((فَـ)) عليه ((صِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي)) أيام ((الْحَجِّ)) من ذي الحجة ((وَسَبْعَةٍ)) أيام ((إِذَا رَجَعْتُمْ)) الى بلادكم ((تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ)) تكون بدلاً عن الهدي ((ذَلِكَ)) التمتع الذي يكون عمرته مقدمة على حجة فرض ((لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ)) من كان في أطراف الحرم من كل جانب إثني عشر ميلاً أو نحوه على خلاف، أما من كان أهله حاضري المسجد الحرام بأن كان محله عند أقل من ذلك ففرصه القِران أو الإفراد وفي كليهما يقدّم الحج على العمرة، والفرق بينهما أن القِران يعقد إحرامه بسَوق الهدي دون المفرد ((وَاتَّقُواْ اللّهَ)) في أحكامه أيها المسلمون ((وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) فلا تخالفوا أوامره ونواهيه والحج يشتمل على فرضين "عمرة" هي: الإحرام، الطواف بالبيت، صلاة الطواف، السعي بين الصفا والمروة، والتقصير، و(حج) هو: الإحرام، الوقوف بعرفات، الوقوف بالمشعر، الإفاضة الى منى، رمي جمرة العقبة، نحر أو ذبح، حلق أو تقصير، طواف النساء، صلاة طواف النساء، السعي بين الصفا والمروة، طواف الزيارة، صلاة طواف الزيارة، المبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثانية عشر، ورمي الجمار الثلاث يومي الحادي عشر والثانية عشر، وقد أشار الشيخ البهائي الى هذه الأعمال في بيته المشهور:
أطرست للعمرة إجعل نهج أوو أرنحط رسطر مر: لحج



سورة البقرة
197
((الْحَجُّ)) في ((أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ)) أو أشهر الحج أشهر معلومات وهو شوال وذو القعدة وذو الحجة فلا يجوز تأخيره منها كما كان الجاهلون يفعلون حيث يؤخرون الحج، ونزل فيهم (إنما النسيء زيادة في الكفر) ((فَمَن فَرَضَ)) على نفسه ((فِيهِنَّ))، أي في هذه الأشهر ((الْحَجَّ فَـ)) ليعلم أنه ((لاَ رَفَثَ)) وهو الجماع ((وَلاَ فُسُوقَ)) وهو السباب والمفاخرة ((وَلاَ جِدَالَ)) قول: (لا والله) و(بلى والله) ((فِي الْحَجِّ))، أي في حال الإحرام ((وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ)) في الحج وغيره ((يَعْلَمْهُ اللّهُ)) ولعلّ ذكره هنا لكثرة إحتياج الحجاج بعضهم الى بعض في مختلف الشؤون فأُريدَ التنبيه بأن كل خير يصدر من الإنسان إنما هو بعلم الله سبحانه فيجازيه على ذلك ((وَتَزَوَّدُواْ)) من الحج زاداً للروح ((فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)) وهو يحصل بكثرة هائلة في الحج حيث التجرّد والكف عن الملذات ومقامات الشدائد والصعوبات، ويُحتمل أنها نزلت فيمن لم يكن يأخذ الزاد للحج بإدّعاء أنه ضيف الله ثم ليستعطي في الطريق فأمر بأخذ الزاد فإنه قرين بالتقوى دون الإستعطاء الذي فيه منقصة وذلة وحُرمة أحياناً ((وَاتَّقُونِ))، أي خافوني في أعمالكم فلا تغفلوا ولا تتركوا واجباً ((يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ))، أي ياأصحاب العقول.



سورة البقرة
198
كانوا يتأثمون بالتجارة في الحج نزلت ((لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ)) بالإتجار فإنه ليس بمحرّم ((فَإِذَا أَفَضْتُم)) منها كما يندفع الماء نحو الوهاد فإن الحجاج يندفعون كالسيل ((مِّنْ عَرَفَاتٍ)) ((فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ)) وهو الموقف الثاني وقته بين طلوع الفجر وطلوع الشمس من يوم العيد ((وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ))، أي بإزاء هدايته سبحانه إياكم لدينه وما يُسعدكم في الدنيا والآخرة ((وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ))، أي قبل الهدي ((لَمِنَ الضَّآلِّينَ)) عن دينه.



سورة البقرة
199
((ثُمَّ أَفِيضُواْ)) من المشعر الى منى ((مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ)) من قبلكم إبراهيم (عليه السلام) وذريته ((وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ)) إطلبوا غفرانه وعفوه ((إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) هكذا يقتضي نُظم الآية لكن ورد أن قريشاً كانوا لا يقفون بعرفات ولا يفيضون منه ويقولون نحن أهل حرم الله فلا نخرج منه فيقفون بالمشعر ويفيضون منه، فأمرهم الله أن يقفوا بعرفات ويفيضوا منه كسائر الناس.



سورة البقرة
200
((فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ))، أي أدّيتم أعمالك فإنّ المناسك جمع منسك وهو مصدر ميمي بمعنى العمل ((فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا)) فإنّ أهل الجاهلية كانوا إذا فرغوا من الحج يجتمعون هناك ويعدّون مفاخر آبائهم ومآثرهم ويذكرون أيامهم القديمة وأياديهم الجسيمة فأمرهم الله أن يذكروه عوض ذكرهم آبائهم، بل يجب أن يذكروه أكثر وأحسن من ذكر آبائهم فهو المنعم الحقيقي الذي بيده كل شيء ومنه كل خير، وهنا يكون المجال واسعاً لبيان نموذجين من الناس منهم من يريد الآخرة ومنهم من يريد الدنيا، ولذا قال تعالى ((فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا))، أي إعطنا من نعيمها ورفاهها وسعادتها ولا يسأل نعيم الآخرة لأنه غير مؤمن بها إذ كان الحج قبل الإسلام عاماً للمعتقِد والمُنكِر ((وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ))، أي نصيب.



سورة البقرة
201
((وِمِنْهُم))، أي من الناس ((مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا)) من وقى، أي إحفظنا من ((عَذَابَ النَّارِ)) فهو يسأل نعيم الدنيا ونعيم الآخرة ويتعوذ بالله من النار.



سورة البقرة
202
((أُولَئِكَ)) يسألون خير الدنيا والآخرة ((لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ)) لأنهم يستحقون ثواب أعمالهم بخلاف الطائفة الأولى فإنّ كفرهم يمنع عن ثوابهم ((وَاللّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ)) فلا يظن الإنسان الآخرة بعيدة فإنه لا تمر الأيام والليالي إلا والشخص دفين في التراب وإن طال عمره في الدنيا.



سورة البقرة
203
((وَاذْكُرُواْ اللّهَ)) أيها الحجاج ((فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ)) وهي أيام التشريق في منى ((فَمَن تَعَجَّلَ)) النفر الى مكة من منى ((فِي يَوْمَيْنِ)) بأن نفر يوم الثاني عشر ((فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ)) فإنه يجوز النفر بعد زوال الثاني عشر ((وَمَن تَأَخَّرَ)) في النفر فنَفَرَ في الثالث عشر ((فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ)) فإنه يجوز كل من الأمرين ((لِمَنِ اتَّقَى)) الصيد في إحرامه وإلا فإن صاد وجب عليه النفر الثاني فلا يجوز أن ينفر في الثاني عشر ((وَاتَّقُواْ اللّهَ)) فيما أمركم ونهاكم ((وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)) الحشر هو الجمع والمعنى تُجمعون الى حكم الله وجزائه يوم القيامة.



سورة البقرة
204
ثم يلتفت السياق الى الإنسان طالِحُهُ وصالِحُهُ، ويبيّن خصائص البشر، ليعطي درساً لمن أراد الصلاح والرشاد فيقول سبحانه ((وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ)) للباقته وفصاحته وكلامه المعسول فتستحسن كلامه وتصغي الى بيانه ((فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)) أما متعلّق بـ(قوله)، أي قوله في شؤون الدنيا معجب، أو متعلق بـ(يعجبك)، أي إن إعجابك إنما هو في الدنيا، والأول أقرب ((وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ)) كما هو شأن المنافقين أبداً فإنهم حيث يرون نفاقهم يظنون أن الناس مطّلعون على سرائرهم فيؤكّدون بأنهم مخلصون وإنّ ما في قلبهم يطابق ما على لسانهم ((هُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ)) الألدّ هو شديد الخصومة، والخصام جمع يعني أنه من أكبر خصمائك في الباطن.



سورة البقرة
205
((وَإِذَا تَوَلَّى)) وأدبر وذهب من عندك ((سَعَى فِي الأَرْضِ)) من هنا الى هناك كما هو شأن المشاغِب المُفسِد ((لِيُفْسِدَ فِيِهَا)) بإثارة الفوضىوالإضطراب ((وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ))، أي الزراعة ((وَالنَّسْلَ))، أي الأولاد والذرّيّة، فإن إثارة الفوضى يوجب خراب الزراعات لإشتغال أهلها بالكفاح، وفناء النسل إذ الشباب دائماً يُقدمون على الحرب والجلاء ((وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ)).



سورة البقرة
206
((وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ)) في عملك فلا تُفسد ((أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ))، أي حملته عزّته وحميّته الجاهلية بأن يأثم لأنه لا يرضخ للحق ولا يعتني به ((فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ))، أي تمكينه جهنم جزاءً له ((وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ))، أي محل القرار، وهذه الآيات نزلت في المنافقين أو في فرد خاص منهم يُسمّى "الأخنس بن شريق" كان يُظهر المحبة بالنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ويُبطن الفساد والنفاق، ولعل وجه إرتباط هذه الآيات بالحج أن الكلام إنتهى هناك حول من يفتخر بالآباء إعتزازاً بالنفس وهذا مثلهم في الإعتزاز والإغترار.



سورة البقرة
207
((وَمِنَ النَّاسِ))، أي بعض الناس ((مَن يَشْرِي))، أي يبيع فإنّ كلّاً من البيع والشراء يجيء بمعنى الآخر ((نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ))، أي لأجل طلب رضاه سبحانه ((وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ)) يرئف بهم فيجازيهم لعملهم الحسن، ولعل ذكر الرأفة لأجل أن هذا البيع يحتوي على أخطاء وأضرار ففيه تنبيه الى أن الله رؤوف يجنّب البائع والأخطار والأضرار، وهذه الآية نزلت في الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) حين نام في فراش الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ليلة الهجرة.



سورة البقرة
208
وحين ذكر أن من الناس من هو منافق ناسب الإرشاد العام فقال سبحانه ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ)) باللسان ((ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ)) مع الله ورسوله في جميع أموركم ((كَآفَّةً))، أي جميعاً فاستسلموا للدين في جميع شؤونكم ((وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ)) بأن تخالفوا أمر الله سبحانه وتتبعوا أمر الشيطان وما يوحي إليه الهوى ((إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ))، أي عدو ظاهر لأنه يأمر بالمفاسد التي ترجع الى ذهاب دينكم ودنياكم.



سورة البقرة
209
((فَإِن زَلَلْتُمْ)) تشبيه للذنب بمن يزلّ له قدم ((مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ)) الأدلة الواضحة على الحق ((فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ)) فلا يمتنع عليه العذاب والعقاب بمن زلّ ((حَكِيمٌ)) في فعله ليعفو عمن يشاء ويعذب من يشاء.


 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
سأدخل في أصعب مرحلة في حياة كل طالب للعلم
(( السادس العلمي )) اتمنى منكم اخواني واخواتي الدعاء لي بالموفقية والنجاح
واعذروني على مشاركاتي القليلة في الصرح المبارك
سأستعد منذ اليوم لخوض سباق الاجتهاد من اجل تحقيق الأهداف
دعمكم المميز لي هو الدعاء فلا تحرمونا منه
لؤلؤة الشرق غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-07-2011, 08:25 PM   #8

 
الصورة الرمزية لؤلؤة الشرق

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 148
تـاريخ التسجيـل : Mar 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق - كركوك
االمشاركات : 651

افتراضي

سورة البقرة
210
وهنا يعود السياق الى من يأخذخ العزة فيقول سبحانه ((هَلْ يَنظُرُونَ)) النظر بمعنى الإنتظار، أي هل ينتظر هؤلاء المنافقون ((إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ)) حتى يؤمنوا ويُقلعوا عن نفاقهم وكفرهم ((فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ)) ظُلل جمع ظُلّة وهي ما يُستظل به من الشمس، وسميّ السحاب ظُلّة لأنه يُستظَل به من الشمس، والغمام هو السحاب، وقد كانت اليهود تزعم أنّ الله ينزل في ظُلل من الغمام وكذلك ينزل الملائكة معه ولذا قال ((وَالْمَلآئِكَةُ)) عطفاً على "الله" ((وَقُضِيَ الأَمْرُ))، أي يوم يتغير الكون عن وضعه لا يبقى بعد مجال للتكليف فإنما هو يوم القيامة ((وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ)) ويكون ذلك اليوم يوم حساب وعقاب وثواب، لا يوم عمل وشغل، فالآية تشير الى أساطير أهل الكتاب متهكماً ساخرا،ً ثم يهدّد ويوعد بأن الأمر يقضي فلا مجال بعد للتكليف.



سورة البقرة
211
وحيث أُشير الى أسطورة إسرائيلية، توجّه السياق الى تأنيب بني إسرائيل الذين كانوا يعاندون في إنكارهم للآيات ((سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ))، أي أعطيناهم أدلّة واضحة ومع ذلك عاندوا ولم يؤمنوا ((وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللّهِ)) كفراً فلا يؤمن بآياته ((مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) فليهيّء نفسه لعقابه.



سورة البقرة
212
((زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا))، أي الحياة القريبة مقابل الحياة البعيدة وهي الآخرة والتي زيّنها لهم هي مجموعة عوامل بعضها حق وبعضها باطل، فإن الحياة خلقها الله جميلة تزيّن نفسها كما أن الشيطان والنفس والهوى تزيّن الحياة لتصرف الناس عن الآخرة ((وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ)) حيث يرونهم منصرفين عنها مقبلين الى الآخرة -التي لا يعتقد هؤلاء الكفار بها- ((وَالَّذِينَ اتَّقَواْ)) من المؤمنين ((فَوْقَهُمْ))، أي فوق هؤلاء الكفار منزلة ومقاماً ورُتبة ((يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) لأنهم عملوا لها فأدركوا خيرها والكفار لم يعملوا فيبقون هناك سائلين ((وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ)) فالرزق في الدنيا ليس بالكفر والتوجّه إليها حتى يحرم أهل الآخرة منها بل الرزق يصيب الكافر والمؤمن، فالمؤمن منعّم في الدنيا وفوق الكافر في الآخرة.



سورة البقرة
213
إن كل حركة إصلاحية لابد وأن تشق صفوف الناس المتصافقة على الفساد وهكذا كان بعث الأنبياء فقد ((كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ)) لمن آمن وأصلح ((وَمُنذِرِينَ)) لمن كفر وعصى ((وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ)) قيد توضيحي، إذ كل إنزال من الله بالحق وإنما أُكّد لمقابلته لسائر الكتب التي ترسلها رؤساء الحكومات الى رعاياها فإن منها ما هو باطل ((لِيَحْكُمَ)) ذلك الكتاب ((بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ)) من أمور معاملاتهم وسائر معاشراتهم والإختلاف هنا لا ينافي كون الناس أمة واحدة إذ وحدة الأمة تجتمع مع هذا النوع من الإختلاف ثم صار نفس الكتاب محلاً لإختلاف الأمة فيه لكن هذا الإختلاف ليس عن واقع وشك لأن الكتاب واضح بل عن حسد وبغي وطمع ((وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ))، أي في الكتاب بأن فسّره كلٌّ حسب نظره وهواه ((إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ))، أي الأدلة الواضحة على معاني الكتاب ((مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ))، أي الأدلة الواضحة على معاني الكتاب ((بَغْيًا بَيْنَهُمْ))، أي الإختلاف إنما نشأ من البغي والظلم والحسد التي حصلت بينهم ((فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ)) حقيقة وأرادوا إتباع أحكام الله واقعاً ((لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ))، أي للشيء الذي إختلفت الأمة فيه ((بِإِذْنِهِ))، أي بلطفه بهم حيث هداهم ((وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)) أما معناه الإيصال الى المطلوب وهو ليس بواجب بالنسبة الى الجميع وأما معناه أرائه الطريق، ومعنى "من يشاء" أنه لو لم يشأ لا يهدي أحد إذ الهداية لا تكون إلا بإرسال الرُسُل، والأول أنسب بالسياق.




سورة البقرة
214
ثم يسأل الله المؤمنين الذين وقعوا في متاعب هذا الخلاف حيث يحاربونهم الكفار لأجل أنهم إهتدوا بهدى الله ((أَمْ حَسِبْتُمْ))، أي بل حسبتم وظننتم أيها المسلمون ((أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ)) إعتباطاً وبلا مشقة وحرج ((وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ))، أي مضوا ((مِن قَبْلِكُم))، أي لم يأتكم بعد إمتحان مثل إمتحان الأمم المؤمنة السالفة الذين ثبتوا وصبروا تجاه الأحزان والكوارث وإنما قال "مثل" لأنهم صاروا مثلاً للصبر وتحمّل المكاره ((مَّسَّتْهُمُ))، أي لمستهم ((الْبَأْسَاء)) الفقر ((وَالضَّرَّاء)) المرض والحرج ,اشباههما ((وَزُلْزِلُواْ))، أي حُرّكوا بأنواع المحن والبلايا ((حَتَّى)) وصل الحال الى أن ((يَقُولَ الرَّسُولُ)) لتلك الأمم ((وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ)) إستعجالاً للنصر الموعود وتمنيّاً للخلاص من الشدائد والمحن، فإستُدرك الأمر وأُجيب سؤالهم بأنه ((أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ)) وهذا جواب طبعي يقوله الرسول والمؤمنون كلما رأوا البلاء والمحن، وفي هذه الآية تعبير المؤمنين وأنهم إنما يفوزون بسعادة الدنيا والآخرة بعد مثل هذه الكوارث والمتاعب.



سورة البقرة
216
ويأتي هنا دور أسئلة وُجّهت الى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أجاب عنها القرآن الكريم يجمعها الإنقلاع عن الملذات والصبر على الطاعة وبهذا يرتبط السياق بما قبله حيث كان الكلام في معرض التضحية في سبيل العقيدة والإيمان وما يأتي نوع من التضحية ((يَسْأَلُونَكَ)) يارسول الله ((مَاذَا يُنفِقُونَ)) في سبيل الله من أقسام الأموال ((قُلْ)) ليس لهم الإنفاق فإنه أي شيء كان يُقبل إذا كان المُنفَق عليه أهلاً كما أنه لا يُقبل إذا كان المنفَق عليه غير أهل، فمعيار الإنفاق ليس ماهيّة المنفِق وإنما شخص المنفَق عليه فـ ((مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَـ)) اللازم أن يكون ((لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ)) أقربائكم ((وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ)) وأشباه ذلك مما يُقصد به وجه الله سبحانه ((وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ))إنفاق أو غيره ((فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ)) فيجازيكم بالخير خيراً، وروي أنها نزلت في "عمرو بن الجموح" وكان شيخاً كبيراً كثير المال فقال: يارسول الله بماذا أتصدّق؟ وعلى مَن أتصدّق؟ فأنزل الله هذه الآية.





سورة البقرة
216
ويأتي هنا دور أسئلة وُجّهت الى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أجاب عنها القرآن الكريم يجمعها الإنقلاع عن الملذات والصبر على الطاعة وبهذا يرتبط السياق بما قبله حيث كان الكلام في معرض التضحية في سبيل العقيدة والإيمان وما يأتي نوع من التضحية ((يَسْأَلُونَكَ)) يارسول الله ((مَاذَا يُنفِقُونَ)) في سبيل الله من أقسام الأموال ((قُلْ)) ليس لهم الإنفاق فإنه أي شيء كان يُقبل إذا كان المُنفَق عليه أهلاً كما أنه لا يُقبل إذا كان المنفَق عليه غير أهل، فمعيار الإنفاق ليس ماهيّة المنفِق وإنما شخص المنفَق عليه فـ ((مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَـ)) اللازم أن يكون ((لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ)) أقربائكم ((وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ)) وأشباه ذلك مما يُقصد به وجه الله سبحانه ((وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ))إنفاق أو غيره ((فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ)) فيجازيكم بالخير خيراً، وروي أنها نزلت في "عمرو بن الجموح" وكان شيخاً كبيراً كثير المال فقال: يارسول الله بماذا أتصدّق؟ وعلى مَن أتصدّق؟ فأنزل الله هذه الآية.



سورة البقرة
216
ثم رجع السياق الى الآية السابقة التي فيها ذكر التضحية والزلزال ((كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ)) مع مَن تعدّى عليكم أو على العقيدة الصحيحة أو على الناس ((وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ)) تكرهونه ((وَعَسَى)) بمعنى "قد" وما بعده فاعله ((أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ)) والقتال من ذلك فإنه يوجب سيادتكم وسعادتكم ((وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ)) وترك القتال كذلك لما فيه من راحة الجسم وعدم إضطراب القلب لكنه شر لما فيه من زوال السيادة والعزة وتسلط الكفار والأجانب ((وَاللّهُ يَعْلَمُ)) ما فيه خيركم وشركم ((وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)).



سورة البقرة
217
بعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بسريّة فإتُّفق إن قاتلت في شهر رجب وهي تتردد في أن اليوم الذي حاربت فيه من جمادي أو رجب، وشهر رجب من الأشهر الحرم، ولذا كثر صخب المشركين وأنه كيف يقاتل الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في شهر حرام وأتى وفدهم الى المدينة يسألون الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن ذلك فنزلت هذه الآية ((يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ)) بدل شهر، أي يسألونك يارسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من القتال في الشهر الحرام ((قُلْ قِتَالٌ فِيهِ))، أي في الشهر الحرام ((كَبِيرٌ)) في نفسه لا يجوز ((وَ)) لكن ليس كُبر ذنبه مثل عِظَم ذنب ما تفعلونه أنتم أيها المشركون فـ ((صَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ))، أي المنع عنه لا يُسلم أحد ((وَكُفْرٌ بِهِ))، أي بالله سبحانه ((وَ)) صد عن ((الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ)) لئلا يحج المسلمون ((وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ))، أي أهل المسجد الحرام ((مِنْهُ)) كما فعل المشركون بالنبي والمسلمين ((أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ)) فكيف تؤاخذون المسلمين بذنب مهما عظم وتنسون ذنوبكم التي هي أعظم منه ((وَالْفِتْنَةُ)) التي أنتم تُقيمون عليها من تفتين المسلمين عن دينهم وإغرائهم بالكفر بعد الإسلام ((أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ)) الذي صدر من المسلمين فإن القتل يفسد دنيا المقتول والفتنة تُفسد دين المفتتن وأخراه ((وَلاَ يَزَالُونَ))، أي لا يزال الكفار ((يُقَاتِلُونَكُمْ)) أيها المسلمون ((حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ)) الى الكفر ((إِنِ اسْتَطَاعُواْ)) أن يردّوكم ((وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ)) أيها المسلمون ((عَن دِينِهِ)) الى الكفر ((فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ)) في مقابل مَن إرتدّ ورجع حتى مات مؤمناً ((فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ)) والحبط هو الإنبطال والإفناء فلا حسنة لهم ولم ينتفعوا بإيمانهم السابق على الكفر ((فِي الدُّنْيَا)) فليس لهم إحترام المسلم وحقوقه ((وَالآخِرَةِ)) فلا يجزى بالجنة والثواب ((وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)) الى الأبد.



سورة البقرة
218
وهناك ظنّ أناس أن القاتل في رجب إن سَلِم من الإثم لم يكن له أجر لأنه إنتهك حُرمة الشهر الحرام فأنزل الله ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ)) بأن قطعوا ديارهم وأهليهم وخلفوا أموالهم لأجل أن يكونوا مع الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ((وَجَاهَدُواْ))، أي أوقعوا أنفسهم في الجهد والتعب، وأوضح فرد له المقاتلة ((فِي سَبِيلِ اللّهِ)) لكسب مراضيه ((أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ)) يأملونها في الدنيا والآخرة ((وَاللّهُ غَفُورٌ)) ليغفر من زلّ و ((رَّحِيمٌ)) بعباده المؤمنين فلا ينقص أجورهم وإنما قال "يرجون" لأن الإنسان لا يدري ما حاله في المستقبل وأنه هل يبقى على الإيمان والصلاح حتى يثأب أم يفتن في دينه حتى يحبط عمله.



سورة البقرة
219
((يَسْأَلُونَكَ)) يارسول الله ((عَنِ الْخَمْرِ)) وهي كل مُسكر وأظهر أفراده المسكر المتخذ من العنب ((وَالْمَيْسِرِ)) وهو القمار بجميع أصنافه والسؤال كان عن حكمها ((قُلْ)) يامحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ((فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ))، أي وِزر عظيم لما فيهما من الفساد الكبير ((وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ)) فإن الخمر تفيد اللذة والطرب وفي الإتجار بها ثمن وربح والقمار فيه لذة للاعب وربح للفائز ((وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا)) إذ الفساد الذي يسببانه في البدن والعقل والمال أكبر من اللذة والربح الذي يحصل بسببهما بالإضافة الى العقوبة الأخروية التي تصيب الإنسان من جرائها، ((وَيَسْأَلُونَكَ)) يارسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ((مَاذَا يُنفِقُونَ)) وهنا جاء الجواب طبق السؤال وأنه "ماذا" لا أنه "لمن" فقال ((قُلِ)) يامحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ((الْعَفْوَ))، أي الزائد من المال على النفقة فإنّ ما بقدر نفقة النفس والأهل لا يُنفق تقديماً لواجبي النفقة على غيره وهذا الإنفاق مستحب لما دلّ على حصر الحقوق الواجبة في أمور معدودة ((كَذَلِكَ))، أي هكذا يارسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فإن كذا تشبيه وإشارة والكاف الملحق بها اللام للخطاب ((يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ)) الأدلة المرتبطة بالتشريعات ((لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ))، أي لكي تتفكروا.


 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
سأدخل في أصعب مرحلة في حياة كل طالب للعلم
(( السادس العلمي )) اتمنى منكم اخواني واخواتي الدعاء لي بالموفقية والنجاح
واعذروني على مشاركاتي القليلة في الصرح المبارك
سأستعد منذ اليوم لخوض سباق الاجتهاد من اجل تحقيق الأهداف
دعمكم المميز لي هو الدعاء فلا تحرمونا منه
لؤلؤة الشرق غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-07-2011, 08:28 PM   #9

 
الصورة الرمزية لؤلؤة الشرق

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 148
تـاريخ التسجيـل : Mar 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق - كركوك
االمشاركات : 651

افتراضي


سورة البقرة
220
((فِي)) أمر ((الدُّنْيَا)) ((وَ)) أمر ((الآخِرَةِ)) فتجمعوهما في التفكير ثم ترون جمال الأحكام إذ التفكير في الدنيا فقط يوجب شلل قسم من الأحكام فلماذا ينفق الإنسان -مثلاً- وهو بحاجة الى المال، كما إنّ التفكير في الآخرة فقط يوجب شلل قسم آخر من الأحكام فإنها لا يصرف جميع أمواله لتحصيل أجر الآخرة وهكذا سائر الأحكام فإنها لا يُعرف جمالها إلاّ إذا إفتكر الإنسان في كلتا الحياتين وعرف المصلحتين ((وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى)) كيف يعاشرونهم فقد ورد أنه لما نزل (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) ذهب كل من عنده يتيم ليعزل اليتيم في مأكله ومشربه عن نفسه لئلاّ يبتلي بماله واشتدّ ذلك عليهم فسألوا عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فنزلت ((قُلْ)) يارسول الله ((إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ)) بأن يصلح الإنسان أموال اليتيم ويعاشره معاشرة المصلحين بدون أجرة وعوض خير من عزلهم وطردهم ((وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ)) بأن تخلطوا أموالهم بأموالكم وتشاركون معهم بالنسبة وحفظ المقدار ((فَـ)) هم ((إِخْوَانُكُمْ)) في الإيمان والأخ يعاشر الأخ بالإصلاح والغبطة ((وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ)) فهو عارف بنيّة المخالطين للأيتام وأنهم يريدون لالمخالطة والإفساد وأكل مال اليتيم أو الإصلاح والتحفّظ على اليتيم حتى يبلغ ويرشد ((وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ))، أي أوقعكم في العنت والمشقّة بالنسبة الى اليتيم بأن يوجب الإجتناب عن أموالهم وإعتزال أموالكم عن أموالهم فحيث لم يفعل أنه ذلك رحمة بكم فلا تأكلوا أموالهم فساداً وطمعاً ((إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ)) فهو يقدر -بعزته- من إعناتكم ((حَكِيمٌ)) لا يفعل إلا الصلاح وما تقتضيه الحكمة.



سورة البقرة
221
ثم إنتقل السياق الى فئة من أحكام الأسرة في النكاح والطلاق وشؤونها ولعل الإرتباط العام بين هذه الآيات والآيات السابقة أنها إنتهت الى حكم اليتيم، فاللازم بيان العش الذي يتربّى فيه فراخ الإنسان، وأنه كيف يلزم أن يكون لينشأ الأولاد صالحين أصحاء جسماً وعقلاً وعاطفة ((وَلاَ تَنكِحُواْ)) أيها الرجال المسلمون النساء ((الْمُشْرِكَاتِ)) سواء كُنّ أهل كتاب أم لا فإنّ أهل الكتاب أيضاً مشركون كما قال سبحانه: (تعالى الله عمّا يُشركون) ((حَتَّى يُؤْمِنَّ)) ويدخلن في الإسلام ((وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ)) تلك المشركة لجمالها أو مالها أو حسبها أو نسبها ((وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ)) بناتكم أيها المسلمون ((حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ)) تزوّجوه بنتكم ((خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ)) ذلك المشرك ((أُوْلَئِكَ)) المشركات والمشركون ((يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ)) أما بالتبليغ وأما بحكم دينهم فإنّ جليس الإنسان إذا كان غير متدين لابد وأن يسري الى جليسه ((وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ))، أي غفران الذنوب ((بِإِذْنِهِ)) فالمسلمات والمسلمون حين أخذوا مبادئهم عن الله سبحانه لابد وأن يدعون بلسانهم أو بحكم دينهم الى الجنة ((وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ)) أحكامه ودلائله ((لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ))، أي لكي يتذكّرون ويتّعظوا ويرشدوا.




سورة البقرة
222
((وَيَسْأَلُونَكَ)) يارسول الله ((عَنِ الْمَحِيضِ)) الحيض والمحيض بمعنى واحد وأنه هل يجوز مقاربة النساء في حالة الحيض أم لا ((قُلْ)) يامحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ((هُوَ))، أي المحيض ((أَذًى)) قذر نجس أو مشقة ((فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ)) والإعتزال هو الإبتعاد عنهم و((وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ)) بالجماع ((حَتَّىَ يَطْهُرْنَ)) وينظفن عن الدم ((فَإِذَا تَطَهَّرْنَ)) عن الدم ((فَأْتُوهُنَّ)) جامعوهنّ ((مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ)) بمقاربتهنّ من الفرج الذي هو محل الدم ((إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ)) الذين يرجعون كثيراً عن ذنوبهم الى الندم والإستغفار بمعنى أنهم كلما أذنبوا تابوا ورجعوا واستغفروا، ولعلّ ذكر التواب بمناسبة أنّ من زلّ فقارب في المحيض يقبل الله توبته وإن تكرر منه إذا ندم ندماً حقيقياً وتاب توبة نصوحاً ((وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)) بالماء عن الأقذار الباطنية والظاهرية أو بالإستغفار عن الذنوب.



سورة البقرة
223
((نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ))، أي مزرعة ومحترث فكما يحرث الحارث البذر في الأرض كذلك يحرث الرجل في زوجته ((فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ)) وزرعكم ((أَنَّى شِئْتُمْ)) "أنّى" أما زمانية بمعنى أي وقت شئتم باستثناء أيام الحيض التي سبق أنها لا يجوز وسائر ما استثنى من حال الصوم والإحرام وشبههما، وأما مكانية أي إتيانها في قُبُلِها من خلفها أو قدّامها أو جانبها، وأما بمعنى الكيفية باركة ونائمة وقائمة، أما أن يُراد السبيلان فبعيد عن سياق الآية ((وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ)) بالولد فإنه يبقى ذخراً لكم، أو قدّموا لأنفسكم بالطاعة حيث ذُكرت أوامر ونواهي ((وَاتَّقُواْ اللّهَ)) في أوامره ونواهيه ((وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ)) والملاقات هنا بمعنى أنه عليكم حساب الملاقي لملاقيه ((وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)) بأنهم يفوزون بكل كرامة.



سورة البقرة
224
وناسب قصة النساء حلف إبن رواحة حين حلف أن لا يدخل على ختنه ولا يكلمه ولا يصلح بينه وبين إمرأته فكان يقول أني حلفت بهذا فلا يحلّ لي أن أفعله، فنزلت الآية مما ناسب قصة العائلة والنساء التي سبقت وتأتي، فقال سبحانه ((وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً))، أي معرضاً ((لِّأَيْمَانِكُمْ)) بأن تحلفوا به ((أَن تَبَرُّواْ))، أي لئلا تبرّوا، أي تريدون بالحلف عدم البِر ((وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ))، أي وعدم التقوى وعدم الإصلاح، فإن هذه اليمين فاسدة لا تنعقد ((وَاللّهُ سَمِيعٌ)) لأيمانكم وأقوالكم ((عَلِيمٌ)) بأحوالكم ونيّاتكم.



سورة البقرة
225
((لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ)) ولا يعاقبكم ((بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ)) دمع يمين، ويمين اللغو هو ما يجري على عادة الناس من قوله "لا والله" و"بلى والله" من غير عقد على يمين يقتطع بها مال ولا يظلم بها أحد ((وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ))، أي بحنث يمين نويتم اليمين الحقيقية حين إجرائها ((وَاللّهُ غَفُورٌ)) يغفر الذنب ((حَلِيمٌ)) يحلم عن العصاة لعلهم يتوبوا، وتكرار كلمة غفور في كثير من الآيات لفتح باب التوبة أمام العصاة الذين هم كثيراً ما يعصون عن شهوة ونزوات وهوى، فإن الله سبحانه لا يسدّ عليهم باب التوبة وإن تكررت منهم المعاصي والذنوب.





سورة البقرة
226
ثم يرجع السياق الى أحكام الأسرة مع مناسبة للحكم مع الحِلف فيقول سبحانه ((لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ)) والإيلاء هو الحِلف على ترك وطئ المرأة على وجه الإضرار بهنّ ((تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ)) مبتدء لقوله "للذين"، أي توقف أربعة أشهر جائز للذين يُؤلون من نسائهم وذلك لأن الرجل إن لا يطأ زوجته أربعة أشهر وبعد ما تمّ أربعة أشهر خيّره الحاكم بين الوطي والكارة وبين الطلاق وإن إمتنع عن الأمرين حبسه ((فَإِنْ فَآؤُوا)) ورجعوا الى زوجاتهم بالوطي بعد الأشهر الأربعة ((فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ)) يغفر لهم بهذه الحِلف ((رَّحِيمٌ)) بهم.



سورة البقرة
227
((وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ)) للطلاق ((عَلِيمٌ)) بالضوائر والنيّات.


سورة البقرة
228
((وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ))، أي يصبرن ((بِأَنفُسِهِنَّ))، أي يحفظنها عن الزواج ونحوه ((ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ)) جمع قُرء وهو من ألفاظ الضد يُطلق على الحيض وعلى الطُهر، والمراد هنا الطُهر فإذا طُلّقت المرأة في طُهر لم يواقعها فيه الرجل كان هذا الطُهر وطُهران آخران بينهما حيض موجباً لإنتظار العِدّة فإذا رأت الدم الثالث إنقضت عدّتها ((وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ))، أي يُخفين ((مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ)) من الولد ودم الحيض حتى يُبطِلنَ حقّ الرجعة في الطلاق الرجعي أو يستعجلن العِدّة ((إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ)) يوم القيامة، فمن آمن بهما لابد وأن تستقيم حركاته وسكناته وأقواله وأفعاله، لأنه يعلم أنّ الله مطّلع عليه وأنه سوف يحاسبه ((وَبُعُولَتُهُنَّ))، أي أزواجهنّ المطلّقات الرجعيات ((أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ)) الى أنفسهم ((فِي ذَلِكَ))، أي زمان التربّص ((إِنْ أَرَادُواْ))، أي البعولة بردّهنّ ((إِصْلاَحًا)) لا إضراراً، وذلك أنّ الرجل كان إذا أراد الإضرار بإمرأته طلّقها واحدة وتركها حتى إذا قرب إنقضاء عدّتها راجعها وتركها مدة ثم طلّقها أخرى وتركها مدة كما فعل في الأولى ثم راجعها وتركها مدة ثم طلّقها أخرى، وهذا العمل حرام وإن كان يثبت حكم الرجعة به ((وَلَهُنَّ))، أي حق النساء على أزواجهنّ ((مِثْلُ الَّذِي)) للأزواج ((عَلَيْهِنَّ)) فلكلٍّ على الآخر حقوق تتكافئ ((بِالْمَعْرُوفِ)) من العِشرة وسائر الأمور ((وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ)) زيادة ((دَرَجَةٌ)) فإنّ بيده الطلاق وله عليها الطاعة ((وَاللّهُ عَزِيزٌ)) ينفّذ أوامره ((حَكُيمٌ)) جعل أحكامه على طبق المصلحة والصلاح، ومن المحتمل أن يكون قوله تعالى "ولهنّ مثل الذي عليهنّ" بيان حال العِدّة، أي إنّ لكل من الزوج والزوجة حقاً على الآخر في حال العِدّة مع إنّ الرجل له فضيلة على المرأة بأنّ الإختيار الى الزوج فقط.



سورة البقرة
229
((الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ)) فإنّ للرجل أن يطلّق زوجته تطليقتين ((فَـ)) الواجب إذا راجعها بعد التطليقتين ((إِمْسَاكٌ)) وحفظ لها في حبالته ((بِمَعْرُوفٍ)) بالعِشرة الحسنة ((أَوْ تَسْرِيحٌ)) وطلاق ثالث ((بِإِحْسَانٍ)) بإعطائها حقوقها وعدم التعدّي، وفوق ذلك أنه يُحسن إليها جبراً لخاطرها المكسور ((وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ)) أيها الأزواج ((أَن تَأْخُذُواْ)) في حال الطلاق والإستبدال ((مِمَّا))، أي من الذي ((آتَيْتُمُوهُنَّ)) وأعطيتموهنّ من المهور ((شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا))،أي الزوجان ((أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ)) من حقوق الزوجية ((فَإِنْ خِفْتُمْ)) أيها الحكام ((أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ)) من حقوق الزوجية ((فَلاَ جُنَاحَ)) ولا حرج ((عَلَيْهِمَا))، أي على الزوجة في البذل وعلى الزوج في قبول البذل ((فِيمَا))، أي في الذي ((افْتَدَتْ)) الزوجة ((بِهِ)) من المال ((تِلْكَ)) الأحكام المذكورة هي ((حُدُودُ اللّهِ)) وأوامره ونواهيه ((فَلاَ تَعْتَدُوهَا)) ولا تجاوزوها بالمخالفة ((وَمَن يَتَعَدَّ)) منكم ويتجاوز ((حُدُودَ اللّهِ)) ويخالف أوامره و،واهيه ((فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)).



سورة البقرة
230
((فَإِن طَلَّقَهَا)) طلاقاً ثالثاً ((فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ)) الطلاق الثالث فإنها تُحرم عليه ((حَتَّىَ تَنكِحَ)) المرأة المطلّقة ثلاثاً ((زَوْجًا غَيْرَهُ)) ويسمى هذا الزوج محلّلاً ((فَإِن طَلَّقَهَا))، أي طلّق المرأة الزوج الثاني وانقضت عدّتها ((فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا))، أي على الزوجة والزوج الأول الذي طلّقها ثلاث طلقات ((أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا))، أي الزوجان ((أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ)) في حُسن الصحبة والمعاشرة وإن لم يظنّا صحّ الرجوع لكنه سبب للمعصية والحاصل أنّ الحكم الوضعي الصِحّة وإن كان الحكم التكليفي الحُرمة كمن يغسل يده النجسة بالماء المغصوب الذي يوجي طهارة يده لكنه فعل حراماً ((وَتِلْكَ)) المذكورات في باب الطلاق والنكاح ((حُدُودُ اللّهِ)) أوامره ونواهيه ((يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)) الأمور فإنهم هم الذين ينتفعون بهذه الأحكام.



سورة البقرة
231
((وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ))، أي قاربن تمام العدّة، وإنما عبّر بهذا التعبير لأن إنقضاء العدّة يعبّر عنه بإنقضاء الأجل فما يقابله بلوغ الأجل إذا قاربه، إذ البلوغ الدقيق خارج عن محاورة العُرف ((فَأَمْسِكُوهُنَّ))، أي إحفظوهنّ في حبالتكم بالرجوع إليهنّ في عدّة الرجعة ((بِمَعْرُوفٍ)) الذي يعرفه العقلاء والمتشرّعون من القيام بحقوق الزوجة ((أَوْ سَرِّحُوهُنَّ))، أي إتركوهنّ حتى تنقضي عدتهنّ ((بِمَعْرُوفٍ)) بإعطاء حقوقهنّ كاملة من غير إيذاء لهنّ ((وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ)) بأن ترجعوا إليهنّ ((ضِرَارًا)) بقصد الإضرار بهنّ لتطويل العدّة أو التضييق في النفقة -كما تقدّم- ((لَّتَعْتَدُواْ)) عليهنّ وتظلموهنّ ((وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ)) الإمساك بقصد الإضرار ((فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ)) لأنه أساء بسمعته عند الناس وعرّض نفسه لعذاب الله وسخطه ((وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ)) أحكامه وأوامره ونواهيه ((هُزُوًا)) سخرية بأن تستخفّوا بها ((وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ)) حيث أنعم عليكم بكل نعمة، التي منها نعمة الزوجية التي تسكنون إليها وتقضون مآربكم بسببها ((وَ)) اذكروا ((مَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ)) فشرّفكم بتعليمكم الأحكام وإرشادكم الى ما يصلحكم ويهيّء لكم حياة سعيدة ((وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ))، أي بذلك الكتاب، وهذا أما صفة للكتاب أو جملة مستأنفة ((وَاتَّقُواْ اللّهَ)) غي أوامره ونواهيه ((وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)) فلا يفوته عملكم ونيّتكم فلا تتعرضوا لسخطه وغضبه.

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
سأدخل في أصعب مرحلة في حياة كل طالب للعلم
(( السادس العلمي )) اتمنى منكم اخواني واخواتي الدعاء لي بالموفقية والنجاح
واعذروني على مشاركاتي القليلة في الصرح المبارك
سأستعد منذ اليوم لخوض سباق الاجتهاد من اجل تحقيق الأهداف
دعمكم المميز لي هو الدعاء فلا تحرمونا منه
لؤلؤة الشرق غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-07-2011, 08:32 PM   #10

 
الصورة الرمزية لؤلؤة الشرق

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 148
تـاريخ التسجيـل : Mar 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق - كركوك
االمشاركات : 651

افتراضي

سورة البقرة
232
((وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ))، أي إنقضت عدّتهنّ -وذلك بقرينة "أن ينكحن"- ((فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ))، أي لا تمنعوهن ظلماً ((أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ)) الى الزوج السابق أو من تريد الزواج به فعلاً وسميّ زوجاً للأول وربما قيل في وجه النزول أن معقل بن يسار عضل أخته جملاء أن ترجع الى الزوج الأول وهو عاصم بن عدي حين طلّقها وخرجت من العدّة ثم أرادا أن يجتمعا بنكاح جديد فمنعها من ذلك، ولو كان كذلك كان المراد بـ(أزواجهنّ) بالمعنى الأول فإنه لا يحق لأحد أن يمنع المرأة الثيّبة في الرجوع الى زوجها بنكاح جديد ((إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ)) مما أباحه شرع الإسلام من شروط النكاح وآداب العِشرة ((ذَلِكَ)) المذكور من تحريم العَضل ((يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ)) فإنّ من المؤمن يجتنب سخط الله ويبتغي رضاه ((ذَلِكُمْ)) الذي ذكرناه في باب الزواج ((أَزْكَى لَكُمْ)) أنمى لكم ((وَأَطْهَرُ)) لنفوسكم فإنّ في الزواج النسل والتحصّن وسير الحياة الى الأمام ((وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)) فإتّبعوا أوامره وإنتهوا عن زواجره.




سورة البقرة
233
((وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ)) فإنّ الأم ترضع ولدها سنتين تامتين أربعة وعشرين شهراً ((لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ)) التي ندب إليها الإسلام ومن العلماء من أوجب ذلك ((وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ))، أي الأب، وإنما عبّر بهذا التعبير إثارة للعاطفة له، فإنّ الأب قد وُلد له الولد فاللازم أن يحنو عليه ((رِزْقُهُنَّ)) الأدام والطعام ((وَكِسْوَتُهُنَّ)) اللباس ((بِالْمَعْرُوفِ)) لدى الشرع والعُرف من اللائق بحالها فإنّ على الأب أن يقوم بهذه الشؤون مادامت الأم في الرضاع وقد إستفاد أكثر المفسّرين من هذه الجملة كون الكلام حول الأم المطلَّقة وإلاّ فالرزق والكسوة على الزوج لأجل النكاح لا لأجل الرضاع ((لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا)) فكلٌّ من الأب والأم يؤدي واجبه في حدود طاقته فلا تتحمّل الأم الرضاع بلا بدل ولا ينتفع الأب بولده في المستقبل مجاناً، فسعة هذه أن ترضع ببدل، وسعة ذاك أن يدفع الأجر لما يعود نفعه إليه ((لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا)) بأن تُرضع مجاناً وبلا عوض بإستغلال الأب عاطفة الأم تجاه الولد فلا ينفق عليها، أو بمعنى أن الوالدة لا يُؤخذ منها الولدليُعطى للأجنبية غيظاً من الأب عليها فتضرّر بفراق ولدها ((وَلاَ)) يُضارّ ((مَوْلُودٌ لَّهُ))، أي الأب ((بِوَلَدِهِ)) بأن تستغل الأم عاطفة الأب نحو الولد فتكلّفه أكثر من الكسوة والرزق قبال رضاعها، أو يضرّ الأب بولده بأن يأخذه من الأم ويعطيه للأجنبية، فإن لبن الأم أوفق بالولد، الأول أقرب الى السياق ((وَعَلَى الْوَارِثِ)) للأب إذا مات الأب ((مِثْلُ ذَلِكَ)) الرزق والكسوة للأم في حال رضاعها للولد، ولا يخفى أن أجر رضاع الصبي مما يرثه الصبي من أبيه لدى موت الأب ((فَإِنْ أَرَادَا))، أي الأب والأم ((فِصَالاً)) للولد عن الرضاع بأن يفطماه قبل الحولين ((عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ)) بأن تشاور الأبوان وتراضيا في فطام الولد قبل العامين وذلك لئلا يتضرر الصبي إذا إستقلّ أحدهما بالفطام فإنّ الرضا المتعقّب للمشورة لا يكون إلا إذا كان الإنفصال صلاحاً ((فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا))، أي على الأبوين في هذا الفطام ((وَإِنْ أَرَدتُّمْ)) أيها الآباء ((أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ)) بأن تستأجروا لهم مرضعات غير أنهاتهم ((فَلاَ جُنَاحَ)) ولا حرج ((عَلَيْكُمْ)) في ذلك ((إِذَا سَلَّمْتُم)) الى المُرضِعات ((مَّآ آتَيْتُم)) ووعدتم لهنّ من الأجر ((بِالْمَعْرُوفِ))، أي تسليماً بالمعروف بدون نقصان ومطل ومنّ، وهذا شرط تكليفي لا وضعي، كما هو كثير في القرآن الحكيم، لغاية الإلفات الى لزوم كون الأعمال عن صدق وإخلاص وتقوى ((وَاتَّقُواْ اللّهَ)) في أعمالكم التي منها الأحكام السالفة حول الرضاع ((وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)) فلا يغيب شيء عنه ولا تخفى عليه خافية فلتكن أعمالكم حسب مراضيه وأوامره.




سورة البقرة
234
((وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ))، أي الرجال الذين يموتون ((وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا))، أي يخلفون زوجاتهم ((يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ))، أي يحفظن أنفسهنّ عن الزواج، ولعل في قوله إشارة الى أنّ النفس ولو كانت تطمح نحو الزواج لكن الواجب إصطبارها والتحفّظ عليها ((أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا)) ففي هذه المدة يجب عليها الحداد بترك الزينة والخطبة ((فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ)) وإنقضت المدة ((فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ)) أيها المسلمون ((فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ)) من الزينة أو الخطبة أو النكاح فإنها ترجع الى نفسها والناس مسلّطون على أنفسهم ((بِالْمَعْرُوفِ)) بأن لا تعمل منكراً ينافي الإسلام ((وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبيرٌ)) فيطّلع على أعمالكم ولا يفوته شيء من إطاعتكم ومخالفتكم.



سورة البقرة
235
((وَ)) إذا كانت المرأة في العدّة فـ ((لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ)) أيها الراغبون في الزواج منهنّ ((فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء)) بأن تلمّحوا الى رغبتكم في الزواج منهنّ وتَعرضوا على ذلك تعريضاً وإشارة من طرف خفي، لا تصريحاً فإنّ ذلك خلاف الجو الذي يحيط بالمرأة المعتدّة من الربط الباقي بينه وبين زوجه الأول ((أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ)) بأن أضمرتم إرادة زواجهنّ بدون أن تصرّحوا أو تلمّحوا بذلك فإنّ الكناية اللفظية والإضمار القلبي لا جُناح فيهما ((عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ)) أيها الرجال ((سَتَذْكُرُونَهُنَّ)) وهنّ في العِدّة إرادة للزواج بهن ((وَلَكِن)) لا تُصرّحوا بالخِطبة و((لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا)) في الخلوة فتُبدوا رغبتكم في الزواج بهنّ في منأى من الناس ((إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا)) لالكناية والتلميح لا بالتصريح وذكر ما يقبح ذكره كما كانت عادة بعض الناس ((وَلاَ تَعْزِمُواْ))، أي لا تقصدوا ((عُقْدَةَ النِّكَاحِ))، أي إجراء الصيغة التي هي كعُقدة تعقد النكاح بين الجانبين، وقد نهى عن العزم على ذلك مبالغة، كقوله (ولا تقربوا مال اليتيم) ((حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ)) الذي كتبناه في باب العِدّة من أربعة أشهر وعشراً ((أَجَلَهُ))، اي أمده، بأن تنقضي العِدّة ((وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ)) من عزم النكاح فكيف بما تُسرّون به من نكاح المعتدّة سراً ((فَاحْذَرُوهُ)) أن تخالفوه ((وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ)) يستر عاجلاً فلا يغرّنّكم ستره ((حَلِيمٌ)) فلا يعجل بالعقوبة فلا يسبب ذلك جرأتكم على إنتهاك حراماته.




سورة البقرة
236
وبعد بيان حكم موت الزوج، يأتي حكم الطلاق، والطلاق إن كان قبل الدخول ولم يُذكر في العقد مهر فللمرأة المتعة، وإن كان قبل الدخول وذُكر المهر فللمرأة نصف المهر ((لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ)) أيها الأزواج ((إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ)) بالدخول ((أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً)) "أو" بمعنى الوار، أي لم يكن شيء من الأمرين لا المس وإلا المهر، ويسمى المهر فريضة لأنه يجب إذا سمّي، والمعنى أنه يُباح الطلاق قبل المس والفرض، فلا يتوهم أحد أن النكاح لأجل الوطي فكيف يصح الطلاق قبله ((وَمَتِّعُوهُنَّ))، أي إعطوهنّ المتعة وهي ما تتمتع به المرأة ويوجب تعويضاً يجبر خاطرها الكسير ((عَلَى الْمُوسِعِ))، أي الغني يُقال أوسع الرجل إذا أكثر ماله ((قَدَرُهُ)) من دار أو خادم أو نحوهما ((وَعَلَى الْمُقْتِرِ))، أي الفقير يُقال أقتر الرجل إذا إفتقر ((قَدْرُهُ)) كخاتم أو درهم أو نحوهما ((مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ)) ليس فيه إسراف ولا تقصير ((حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ)) الذين يُحسنون طاعة الأوامر والإنتهاء عن الزواجر.



سورة البقرة
237
((وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ)) طلاقاً قبل الدخول ((وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً)) بأن عيّنتم في النكاح المهر ((فَـ)) عليكم أن تدفعوا الى المرأة ((نِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ)) نصف المهر هذا هو الحكم الواجب ((إَلاَّ أَن يَعْفُونَ))، أي تعفي المرأة عن نصفها فلا تأخذ شيئاً وتهب ما لها الى الزوج ((أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ)) يمكن أن يُراد به الزوج بأن يعفوا الزوج عن نصفه فيعطي للمرأة جميع مهر المرأة، وروي أن المراد عفو ولي الزوجة فيما كان لها ولي مفروض كالصغيرة أو موكّل من قِبَلها في الكبيرة ((وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)) فإن من يترك حق نفسه تبرعاً أقرب الى التقوى بأن تبقى معصية الله فلا يطلب ما ليس له ((وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)) بأن يتفضّل بعضكم على بعض فيتنازل عن حقوقه لأجل صاحبه ولعل الفرق بين العفو والفضل أن العفو هبة جميع حقوقه والفضل هبة بعضها ((إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)) فيجازيكم على أعمالكم إن حسناً وإن سيئاً.



سورة البقرة
238
إن القرآن الحكيم دائماً يلطّف أجواء الأحكام بتلميحالى قدرة إله الكون وعظمته ورحمته وغفرانه ونحوها ليسمو بالنفس ويربط الحكم بالخالق حتى يكون أقرب الى التنفيذ، ولما طالت آيات الأحكام وبالأخص ما له جو كابت حزين من طلاق وموت ونحوهما أتت آيات الصلاة متخلّلة بينها لتشع في النفس الطمأنينة والهدوء (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) مع مناسبة لهذه الآيات مع الجو العام لما قبلها وبعدها حيث تعرضت لصلاة الخوف والمطاردة، هذا ما أحتمله أن يكون سبباً لذكر هذه الآيات هنا متوسطة أحكام الموت والطلاق ((حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ)) كلها ((والصَّلاَةِ الْوُسْطَى)) خاصة وهي صلاة الظهر لأنها تتوسط بين النهار، فإنّ الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان يصلّيها بالهاجرة في مسجد مكشوف فكانت أثقل صلاة عليهم ولذا لم يكن يحضرها إلا الصف والصفان فقط، كما ورد عن بعض الصحابة ((وَقُومُواْ)) أيها المسلمون ((لِلّهِ قَانِتِينَ))، أي داعين فإنّ القنوت هو الدعاء، ومنه القنوت في الصلاة والمراد أما القنوت في الصلاة أو مطلقاً.



سورة البقرة
239
((فَإنْ خِفْتُمْ)) فلم تتمكنوا من المحافظة على الصلاة بشرائطها وآدابها، حيث إبتليتم بالعدو الذي لا يسمح لكم بالصلاة الكاملة ((فَـ) صلّوا ((رِجَالاً)) جمع راجل أو مشاة ((أَوْ رُكْبَانًا)) جمع راكب، أي على ظهور دوابكم ((فَإِذَا أَمِنتُمْ)) من الخوف ((فَاذْكُرُواْ اللّهَ)) صلاة كاملة ((كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ)) من أمور دينكم ودنياكم.




سورة البقرة
240
ثم رجع السياق الى تتمة الأحكام السابقة بعد ما أشعث في النفس الإطمئنان وندى الجو بذكر الصلاة ((وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا)) "يتوفّون" مجاز بالمشارفة، فإنه كثيراً ما يعبّر عمن شارف أمراً بالداخل فيه، كما يعكس كثيراً فيعبّر عن الداخل بالمشارف، نحو (ولا تقربوا مال اليتيم) و(لا تعزموا عقدة النكاح) فالمراد الذين يقاربون الوفاة، ولهم زوجات فمن الأفضل أن يوصوا ((وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم)) بأن يمتّعهنّ الوصي ((مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ)) فيعطي النفقة والكسوة إليهنّ الى سنة كاملة ((غَيْرَ إِخْرَاجٍ))، أي في حال كونهن غير مخرجات إخراجاً عن بيوت أزواجهنّ ((فَإِنْ خَرَجْنَ)) عن رغبتهنّ ((فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ)) أيها الأولياء ((فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ)) بالزواج والزينة بعد إنقضاء عدّة الوفاة -وهي أربعة أشهر وعشرا- فإنّ قبل ذلك لا يكون معروفاً بل منكراً ((وَاللّهُ عَزِيزٌ)) فيحكم بمقتضى عزّته وسلطته ((حَكِيمٌ)) لا يحكم إعتباطاً بل عن مصالح وعلل، وهذه الآية حسب ما ذكرنا لها من المعنى لا تكون منسوخة بآية (أربعة أشهر وعشرا).



سورة البقرة
241
((وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ)) يمتّعهنّ الأزواج بشيء سواءً كُنّ واجبة النفقة أم لا ((بِالْمَعْرُوفِ)) فإنّ ذلك يسبب رفع الغضاضة ((حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ)) الذين يتّقون مخالفة أوامر الله سبحانه إيجاباً كانت أو ندباً.


سورة البقرة
242
((كَذَلِكَ)) الذي بيّن الله لكم الأحكام ((يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ))، أي لكي تعقلوا آياته وأحكامه.



سورة البقرة
243
ومن جو الأسرة وإمتدادها وإنقطاعها ينتقل السياق الى قصة الحياة والموت التي تشبه قصة الأسرة في كونها إمتداداً للحياة العائلية وإنقطاعاً لها في قصة عجيبة هي: أن أهل مدينة من مدائن الشام كانوا سبعين ألف بيت هربوا من الطاعون فمرّ,ا بمدينة خربة قد جلا أهلها عنها وأفناهم الطاعون فنزلوا بها فأماتهم الله من ساعتهم جميعاً وصاروا رميماً يلوح فمرّ بهم نبي من أنبياء بني إسرائيل يُقال له "حزقيل" فبكى وإستعبر وقال: "يارب لو شئت لأحييتهم الساعة كما أمتّهم، فعمروا بلادك وولدوا عبادك وعبدوك مع من يعبدك،" فأوحى الله إليه أن يقول الإسم الأعظم، فقاله عليهم فعادوا أحياءاً ينظر بعضهم الى بعض يسبحون الله ويكبرونه ويهللونه ((أَلَمْ تَرَ)) إستفهام تقريري، أي ألم تعلم فإنّ الروية تأتي بمعنى العلم كقوله (رأيت الله أكبر كل شيء) وقد يُستفهم بمثل هذا الإستفهام لإيجاد العلم ((إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ)) سبعون ألفاً كما تقدّم ((حَذَرَ الْمَوْتِ)) وفراراً من الطاعون ((فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ)) فأماتهم حيث ظنوا الهرب ((ثُمَّ أَحْيَاهُمْ)) بدعاء النبي حزقيل ((إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ)) كلهم بخلقهم ورزقهم وتدبير أمورهم ((وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ)) نعمه وفضله عليهم بل يقللون فضله بالعصيان.



يـــــــــــــــــــــرجى عدم الرد حتى إكمال الموضوع

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
سأدخل في أصعب مرحلة في حياة كل طالب للعلم
(( السادس العلمي )) اتمنى منكم اخواني واخواتي الدعاء لي بالموفقية والنجاح
واعذروني على مشاركاتي القليلة في الصرح المبارك
سأستعد منذ اليوم لخوض سباق الاجتهاد من اجل تحقيق الأهداف
دعمكم المميز لي هو الدعاء فلا تحرمونا منه
لؤلؤة الشرق غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الباوي , البقرة , الجسم , تفسير , صورة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



All times are GMT +3. The time now is 10:11 PM.


Powered by vBulletin 3.8.7 © 2000 - 2024