قراءة في اية (من قتل نفسا كأنما قتل الناس جميعا ) ....

في معرض تفسير اية (من قتل نفسا كأنما قتل الناس جميعا ) يتناول السيد الطبطبائي في تفسير الميزان اشكال مهم
الا وهو كيف يكون قتل فرد (الانسان) قتل لكل النوع (الناس جميعا ) ؟!
حيث يقول ((وأما ثالثا فلان قوله: ولذلك قال تعالى بعد تمام القصة - من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل، يريد به الجواب عن سؤال اورد على الآية، وهو أنه ما وجه اختصاص الكتابة ببني إسرائيل مع أن الذي تقتضيه القصة - وهو الذي كتبه الله - يعم حال جميع البشر، من قتل منهم نفسا فكأنما قتل الناس جميعا، ومن أحيا منهم نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا؟.
فأجاب القائل بقوله: ولذلك قال تعالى (الخ) أن القاتل والمقتول لم يكونا ابني آدم أبى البشر حتى تكون قصتهما مشتملة على حادثة من الحوادث الأولية بين النوع الانساني فيكون عبرة يعتبر بها كل من جاء بعدهما، وإنما هما ابنا رجل من بني إسرائيل، وكان نبأهما من الاخبار القومية الخاصة، ولذلك أخذ عبرة مكتوبة لخصوص بني إسرائيل.
لكن ذلك لا يحسم مادة الاشكال فإن السؤال بعد باق على حاله فإن كون قتل الواحد بمنزلة قتل الجميع وإحياء الواحد بمنزلة إحياء الجميع معنى يرتبط بكل قتل وقع بين هذا النوع من غير اختصاصه ببعض دون بعض، وقد وقع ما لا يحصى من القتل قبل بني إسرائيل، وقبل هذا القتل الذي يشير إليه، فما باله رتب على قتل خاص وكتب على قوم خاص؟.
على أن الامر لو كان كما يقول كان الأحسن أن يقال: من قتل منكم نفسا (الخ) ليكون خاصا بهم، ثم يعود السؤال في هذا التخصيص مع عدم استقامته في نفسه.
والجواب عن أصل الاشكال ان الذي يشتمل عليه قوله: " أن من قتل نفسا بغير نفس (الآية) حكمة بالغة وليس بحكم مشرع فالمراد بالكتابة عليهم بيان هذه الحكمة لهم مع عموم فائدتها لهم ولغيرهم كالحكم والمواعظ التي بينت في القرآن لامة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع عدم انحصار فائدتها فيهم. وإنما ذكر في الآية أنه بينه لهم لان الآيات مسوقة لعظتهم وتنبيههم وتوبيخهم على ما حسدوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصروا في العناد واشعال نار الفتن والتسبيب إلى القتال ومباشرة الحروب على المسلمين، ولذلك ذيل قوله: " من قتل نفسا " (الخ) بقوله: " ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون ")) الميزان تفسير الميزان ج5 ص299
حيث يضع قدس جوابا يفسر به هذا الاشكال على انه ((حكمة بالغة) وليس ((حكم مشرع)) ولو تأمنا في نظرية الاستاذ علي الزيدي دامت توفيقاته (العقل الواحد والتغاير الوظيفي) نجد انتقاله في فهم الآية بحيث لا تخرج من دلالاتها الموضوعية الى الدلالة المجازية او الاعتبارية
فجريا مع فهم الاستاذ علي الزيدي للإنسانية من ذكورها واناثها هي عقل واحد ووظائف متغيرة بين الجنسين وبين نفس افراد البشرية من ادم سلام الله عليه الى اخر انسان على وجه الارض
فيكون بذلك كل البشرية متصلة في ما بينها اتصال واقعي من خلال العقل الواحد
ومن خصائص خلقة الله للعقل وتركيبة في كل فرد بوظيفة تخص ذلك الفرد
انه عندما يقتل ذلك الفرد يعدم خصائص العقل الواحد الذي ركب فيه والذي هو مركب في كل فرد في البشرية فيكون بذلك قتل البشرية كلها
ويمكن ان نمثل لذلك في جسد الانسان الواحد مثلا زيد عندما تقطع يده انت اعدمت وظيفة من وظائف الجسد التي منحت للعقل المركب في هذا الانسان دون ان يلغي ذلك القطع تصرف واعمال العقل
في نفس الوقت سيسبب ضرر حقيقي والم للعقل
مع فارق مهم ان ذات زيد عندما تقطع يده باقيه ببقاء باقي جسده وان كانت بإمكانيات اقل وعدم الغاء اتصال جسده بالعقل
اما عندما يقتل زيد فلايمكن للعقل ان يمارس اي وظيفة ضمن ذلك الجسد لأنه انقطع عنه
فبذلك يتسبب ضرر حقيقي والم (وان كان غير محسوس بشكل مباشر ) للعقل الواحد بمعنى ضرر لكل انسان
وهذا الضرر (اي القتل) هو بنفس الادراك والواقع يكون حاضر للعقل الواحد وبالتالي حاضر عند كل انسان
مع الفارق ان ادراكه (المباشر) محصور للفرد الاكمل فالأكمل

جزاك الله تعالى خيرا على الموضوع