العودة   منتدى جامع الائمة الثقافي > القسم الإسلامي العام > منبر علي ولي الله

منبر علي ولي الله المواضيع التي تخص امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع)

إنشاء موضوع جديد  إضافة رد
 
Bookmark and Share أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-07-2015, 04:43 PM   #1

 
الصورة الرمزية الاقل

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 211
تـاريخ التسجيـل : Apr 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 12,641

قبة الخطبة القاصعة

[frame="13 98"]
الخطبة القاصعة

قال امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام:


الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَبِسَ الْعِزَّ وَالْكِبْرِيَاءَ وَاخْتَارَهُمَا لِنَفْسِهِ دُونَ خَلْقِهِ وَجَعَلَهُمَا حِمًى وَحَرَماً عَلَى غَيْرِهِ وَاصْطَفَاهُمَا لِجَلَالِهِ .
وَجَعَلَ اللَّعْنَةَ عَلَى مَنْ نَازَعَهُ فِيهِمَا مِنْ عِبَادِهِ ثُمَّ اخْتَبَرَ بِذَلِكَ مَلَائِكَتَهُ الْمُقَرَّبِينَ لِيَمِيزَ الْمُتَوَاضِعِينَ مِنْهُمْ مِنَ الْمُسْتَكْبِرِينَ فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَهُوَ الْعَالِمُ بِمُضْمَرَاتِ الْقُلُوبِ وَمَحْجُوبَاتِ الْغُيُوبِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ اعْتَرَضَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَافْتَخَرَ عَلَى آدَمَ بِخَلْقِهِ وَتَعَصَّبَ عَلَيْهِ لِأَصْلِهِ فَعَدُوُّ اللَّهِ إِمَامُ الْمُتَعَصِّبِينَ وَسَلَفُ الْمُسْتَكْبِرِينَ الَّذِي وَضَعَ أَسَاسَ الْعَصَبِيَّةِ وَنَازَعَ اللَّهَ رِدَاءَ الْجَبْرِيَّةِ وَادَّرَعَ لِبَاسَ التَّعَزُّزِ وَخَلَعَ قِنَاعَ التَّذَلُّلِ أَ لَا تَرَوْنَ كَيْفَ صَغَّرَهُ اللَّهُ بِتَكَبُّرِهِ وَوَضَعَهُ بِتَرَفُّعِهِ فَجَعَلَهُ فِي الدُّنْيَا مَدْحُوراً وَأَعَدَّ لَهُ فِي الْآخِرَةِ سَعِيراً .
وَلَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ مِنْ نُورٍ يَخْطَفُ الْأَبْصَارَ ضِيَاؤُهُ وَيَبْهَرُ الْعُقُولَ رُوَاؤُهُ وَطِيبٍ يَأْخُذُ الْأَنْفَاسَ عَرْفُهُ لَفَعَلَ وَلَوْ فَعَلَ لَظَلَّتْ لَهُ الْأَعْنَاقُ خَاضِعَةً وَلَخَفَّتِ الْبَلْوَى فِيهِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَبْتَلِي خَلْقَهُ بِبَعْضِ مَا يَجْهَلُونَ أَصْلَهُ تَمْيِيزاً بِالِاخْتِبَارِ لَهُمْ وَنَفْياً لِلِاسْتِكْبَارِ عَنْهُمْ وَإِبْعَاداً لِلْخُيَلَاءِ مِنْهُمْ .
فَاعْتَبِرُوا بِمَا كَانَ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ بِإِبْلِيسَ إِذْ أَحْبَطَ عَمَلَهُ الطَّوِيلَ وَجَهْدَهُ الْجَهِيدَ وَكَانَ قَدْ عَبَدَ اللَّهَ سِتَّةَ آلَافِ سَنَةٍ لَا يُدْرَى أَ مِنْ سِنِي الدُّنْيَا أَمْ مِنْ سِنِي الْآخِرَةِ عَنْ كِبْرِ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فَمَنْ ذَا بَعْدَ إِبْلِيسَ يَسْلَمُ عَلَى اللَّهِ بِمِثْلِ مَعْصِيَتِهِ كَلَّا مَا كَانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِيُدْخِلَ الْجَنَّةَ بَشَراً بِأَمْرٍ أَخْرَجَ بِهِ مِنْهَا مَلَكاً إِنَّ حُكْمَهُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ وَأَهْلِ الْأَرْضِ لَوَاحِدٌ وَمَا بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ هَوَادَةٌ فِي إِبَاحَةِ حِمًى حَرَّمَهُ عَلَى الْعَالَمِينَ .
فَاحْذَرُوا عِبَادَ اللَّهِ عَدُوَّ اللَّهِ أَنْ يُعْدِيَكُمْ بِدَائِهِ وَأَنْ يَسْتَفِزَّكُمْ بِنِدَائِهِ وَأَنْ يُجْلِبَ عَلَيْكُمْ بِخَيْلِهِ وَرَجِلِهِ فَلَعَمْرِي لَقَدْ فَوَّقَ لَكُمْ سَهْمَ الْوَعِيدِ وَأَغْرَقَ إِلَيْكُمْ بِالنَّزْعِ الشَّدِيدِ وَرَمَاكُمْ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ فَقَالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ قَذْفاً بِغَيْبٍ بَعِيدٍ وَرَجْماً بِظَنٍّ غَيْرِ مُصِيبٍ صَدَّقَهُ بِهِ أَبْنَاءُ الْحَمِيَّةِ وَإِخْوَانُ الْعَصَبِيَّةِ وَفُرْسَانُ الْكِبْرِ وَالْجَاهِلِيَّةِ حَتَّى إِذَا انْقَادَتْ لَهُ الْجَامِحَةُ مِنْكُمْ وَاسْتَحْكَمَتِ الطَّمَاعِيَّةُ مِنْهُ فِيكُمْ فَنَجَمَتِ الْحَالُ مِنَ السِّرِّ الْخَفِيِّ إِلَى الْأَمْرِ الْجَلِيِّ اسْتَفْحَلَ سُلْطَانُهُ عَلَيْكُمْ وَدَلَفَ بِجُنُودِهِ نَحْوَكُمْ فَأَقْحَمُوكُمْ وَلَجَاتِ الذُّلِّ وَأَحَلُّوكُمْ وَرَطَاتِ الْقَتْلِ وَأَوْطَئُوكُمْ إِثْخَانَ الْجِرَاحَةِ طَعْناً فِي عُيُونِكُمْ وَحَزّاً فِي حُلُوقِكُمْ وَدَقّاً لِمَنَاخِرِكُمْ وَقَصْداً لِمَقَاتِلِكُمْ وَسَوْقاً بِخَزَائِمِ الْقَهْرِ إِلَى النَّارِ الْمُعَدَّةِ لَكُمْ فَأَصْبَحَ أَعْظَمَ فِي دِينِكُمْ حَرْجاً وَأَوْرَى فِي دُنْيَاكُمْ قَدْحاً مِنَ الَّذِينَ أَصْبَحْتُمْ لَهُمْ مُنَاصِبِينَ وَعَلَيْهِمْ مُتَأَلِّبِينَ فَاجْعَلُوا عَلَيْهِ حَدَّكُمْ وَلَهُ جِدَّكُمْ فَلَعَمْرُ اللَّهِ لَقَدْ فَخَرَ عَلَى أَصْلِكُمْ وَوَقَعَ فِي حَسَبِكُمْ وَدَفَعَ فِي نَسَبِكُمْ وَأَجْلَبَ بِخَيْلِهِ عَلَيْكُمْ وَقَصَدَ بِرَجِلِهِ سَبِيلَكُمْ يَقْتَنِصُونَكُمْ بِكُلِّ مَكَانٍ وَيَضْرِبُونَ مِنْكُمْ كُلَّ بَنَانٍ لَا تَمْتَنِعُونَ بِحِيلَةٍ وَلَا تَدْفَعُونَ بِعَزِيمَةٍ فِي حَوْمَةِ ذُلٍّ وَحَلْقَةِ ضِيقٍ وَعَرْصَةِ مَوْتٍ وَجَوْلَةِ بَلَاءٍ فَأَطْفِئُوا مَا كَمَنَ فِي قُلُوبِكُمْ مِنْ نِيرَانِ الْعَصَبِيَّةِ وَأَحْقَادِ الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّمَا تِلْكَ الْحَمِيَّةُ تَكُونُ فِي الْمُسْلِمِ مِنْ خَطَرَاتِ الشَّيْطَانِ وَنَخَوَاتِهِ وَنَزَغَاتِهِ وَنَفَثَاتِهِ وَاعْتَمِدُوا وَضْعَ التَّذَلُّلِ عَلَى رُءُوسِكُمْ وَإِلْقَاءَ التَّعَزُّزِ تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ وَخَلْعَ التَّكَبُّرِ مِنْ أَعْنَاقِكُمْ وَاتَّخِذُوا التَّوَاضُعَ مَسْلَحَةً بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّكُمْ إِبْلِيسَ وَجُنُودِهِ فَإِنَّ لَهُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ جُنُوداً وَأَعْوَاناً وَرَجِلًا وَفُرْسَاناً وَلَا تَكُونُوا كَالْمُتَكَبِّرِ عَلَى ابْنِ أُمِّهِ مِنْ غَيْرِ مَا فَضْلٍ جَعَلَهُ اللَّهُ فِيهِ سِوَى مَا أَلْحَقَتِ الْعَظَمَةُ بِنَفْسِهِ مِنْ عَدَاوَةِ الْحَسَدِ وَقَدَحَتِ الْحَمِيَّةُ فِي قَلْبِهِ مِنْ نَارِ الْغَضَبِ وَنَفَخَ الشَّيْطَانُ فِي أَنْفِهِ مِنْ رِيحِ الْكِبْرِ الَّذِي أَعْقَبَهُ اللَّهُ بِهِ النَّدَامَةَ وَأَلْزَمَهُ آثَامَ الْقَاتِلِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
أَلَا وَقَدْ أَمْعَنْتُمْ فِي الْبَغْيِ وَأَفْسَدْتُمْ فِي الْأَرْضِ مُصَارَحَةً لِلَّهِ بِالْمُنَاصَبَةِ وَمُبَارَزَةً لِلْمُؤْمِنِينَ بِالْمُحَارَبَةِ فَاللَّهَ اللَّهَ فِي كِبْرِ الْحَمِيَّةِ وَفَخْرِ الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مَلَاقِحُ الشَّنَئَانِ وَمَنَافِخُ الشَّيْطَانِ الَّتِي خَدَعَ بِهَا الْأُمَمَ الْمَاضِيَةَ وَالْقُرُونَ الْخَالِيَةَ حَتَّى أَعْنَقُوا فِي حَنَادِسِ جَهَالَتِهِ وَمَهَاوِي ضَلَالَتِهِ ذُلُلًا عَنْ سِيَاقِهِ سُلُساً فِي قِيَادِهِ أَمْراً تَشَابَهَتِ الْقُلُوبُ فِيهِ وَتَتَابَعَتِ الْقُرُونُ عَلَيْهِ وَكِبْراً تَضَايَقَتِ الصُّدُورُ بِهِ .
أَلَا فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنْ طَاعَةِ سَادَاتِكُمْ وَكُبَرَائِكُمْ الَّذِينَ تَكَبَّرُوا عَنْ حَسَبِهِمْ وَتَرَفَّعُوا فَوْقَ نَسَبِهِمْ وَأَلْقَوُا الْهَجِينَةَ عَلَى رَبِّهِمْ وَجَاحَدُوا اللَّهَ عَلَى مَا صَنَعَ بِهِمْ مُكَابَرَةً لِقَضَائِهِ وَمُغَالَبَةً لِآلَائِهِ فَإِنَّهُمْ قَوَاعِدُ أَسَاسِ الْعَصَبِيَّةِ وَدَعَائِمُ أَرْكَانِ الْفِتْنَةِ وَسُيُوفُ اعْتِزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تَكُونُوا لِنِعَمِهِ عَلَيْكُمْ أَضْدَاداً وَلَا لِفَضْلِهِ عِنْدَكُمْ حُسَّاداً وَلَا تُطِيعُوا الْأَدْعِيَاءَ الَّذِينَ شَرِبْتُمْ بِصَفْوِكُمْ كَدَرَهُمْ وَخَلَطْتُمْ بِصِحَّتِكُمْ مَرَضَهُمْ وَأَدْخَلْتُمْ فِي حَقِّكُمْ بَاطِلَهُمْ وَهُمْ أَسَاسُ الْفُسُوقِ وَأَحْلَاسُ الْعُقُوقِ اتَّخَذَهُمْ إِبْلِيسُ مَطَايَا ضَلَالٍ وَجُنْداً بِهِمْ يَصُولُ عَلَى النَّاسِ وَتَرَاجِمَةً يَنْطِقُ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ اسْتِرَاقاً لِعُقُولِكُمْ وَدُخُولًا فِي عُيُونِكُمْ وَنَفْثاً فِي أَسْمَاعِكُمْ فَجَعَلَكُمْ مَرْمَى نَبْلِهِ وَمَوْطِئَ قَدَمِهِ وَمَأْخَذَ يَدِهِ .
فَاعْتَبِرُوا بِمَا أَصَابَ الْأُمَمَ الْمُسْتَكْبِرِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنْ بَأْسِ اللَّهِ وَصَوْلَاتِهِ وَوَقَائِعِهِ وَمَثُلَاتِهِ وَاتَّعِظُوا بِمَثَاوِي خُدُودِهِمْ وَمَصَارِعِ جُنُوبِهِمْ وَاسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ لَوَاقِحِ الْكِبْرِ كَمَا تَسْتَعِيذُونَهُ مِنْ طَوَارِقِ الدَّهْرِ فَلَوْ رَخَّصَ اللَّهُ فِي الْكِبْرِ لِأَحَدٍ مِنْ عِبَادِهِ لَرَخَّصَ فِيهِ لِخَاصَّةِ أَنْبِيَائِهِ وَأَوْلِيَائِهِ وَلَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ كَرَّهَ إِلَيْهِمُ التَّكَابُرَ وَرَضِيَ لَهُمُ التَّوَاضُعَ فَأَلْصَقُوا بِالْأَرْضِ خُدُودَهُمْ وَعَفَّرُوا فِي التُّرَابِ وُجُوهَهُمْ وَخَفَضُوا أَجْنِحَتَهُمْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَكَانُوا قَوْماً مُسْتَضْعَفِينَ قَدِ اخْتَبَرَهُمُ اللَّهُ بِالْمَخْمَصَةِ وَابْتَلَاهُمْ بِالْمَجْهَدَةِ وَامْتَحَنَهُمْ بِالْمَخَاوِفِ وَمَخَضَهُمْ بِالْمَكَارِهِ فَلَا تَعْتَبِرُوا الرِّضَى وَالسُّخْطَ بِالْمَالِ وَالْوَلَدِ جَهْلًا بِمَوَاقِعِ الْفِتْنَةِ وَالِاخْتِبَارِ فِي مَوْضِعِ الْغِنَى وَالِاقْتِدَارِ فَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَ يَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَخْتَبِرُ عِبَادَهُ الْمُسْتَكْبِرِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ بِأَوْلِيَائِهِ الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي أَعْيُنِهِمْ .
وَلَقَدْ دَخَلَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ وَمَعَهُ أَخُوهُ هَارُونُ عليه السلام عَلَى فِرْعَوْنَ وَعَلَيْهِمَا مَدَارِعُ الصُّوفِ وَبِأَيْدِيهِمَا الْعِصِيُّ فَشَرَطَا لَهُ إِنْ أَسْلَمَ بَقَاءَ مُلْكِهِ وَدَوَامَ عِزِّهِ فَقَالَ أَ لَا تَعْجَبُونَ مِنْ هَذَيْنِ يَشْرِطَانِ لِي دَوَامَ الْعِزِّ وَبَقَاءَ الْمُلْكِ وَهُمَا بِمَا تَرَوْنَ مِنْ حَالِ الْفَقْرِ وَالذُّلِّ فَهَلَّا أُلْقِيَ عَلَيْهِمَا أَسَاوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ إِعْظَاماً لِلذَّهَبِ وَجَمْعِهِ وَاحْتِقَاراً لِلصُّوفِ وَلُبْسِهِ وَلَوْ أَرَادَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِأَنْبِيَائِهِ حَيْثُ بَعَثَهُمْ أَنْ يَفْتَحَ لَهُمْ كُنُوزَ الذِّهْبَانِ وَمَعَادِنَ الْعِقْيَانِ وَمَغَارِسَ الْجِنَانِ وَأَنْ يَحْشُرَ مَعَهُمْ طُيُورَ السَّمَاءِ وَوُحُوشَ الْأَرَضِينَ لَفَعَلَ وَلَوْ فَعَلَ لَسَقَطَ الْبَلَاءُ وَبَطَلَ الْجَزَاءُ وَاضْمَحَلَّتِ الْأَنْبَاءُ وَلَمَا وَجَبَ لِلْقَابِلِينَ أُجُورُ الْمُبْتَلَيْنَ وَلَا اسْتَحَقَّ الْمُؤْمِنُونَ ثَوَابَ الْمُحْسِنِينَ وَلَا لَزِمَتِ الْأَسْمَاءُ مَعَانِيَهَا وَلَكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ رُسُلَهُ أُولِي قُوَّةٍ فِي عَزَائِمِهِمْ وَضَعَفَةً فِيمَا تَرَى الْأَعْيُنُ مِنْ حَالَاتِهِمْ مَعَ قَنَاعَةٍ تَمْلَأُ الْقُلُوبَ وَالْعُيُونَ غِنًى وَخَصَاصَةٍ تَمْلَأُ الْأَبْصَارَ وَالْأَسْمَاعَ أَذًى وَلَوْ كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ أَهْلَ قُوَّةٍ لَا تُرَامُ وَعِزَّةٍ لَا تُضَامُ وَمُلْكٍ تُمَدُّ نَحْوَهُ أَعْنَاقُ الرِّجَالِ وَتُشَدُّ إِلَيْهِ عُقَدُ الرِّحَالِ لَكَانَ ذَلِكَ أَهْوَنَ عَلَى الْخَلْقِ فِي الِاعْتِبَارِ وَأَبْعَدَ لَهُمْ فِي الِاسْتِكْبَارِ وَلَآمَنُوا عَنْ رَهْبَةٍ قَاهِرَةٍ لَهُمْ أَوْ رَغْبَةٍ مَائِلَةٍ بِهِمْ فَكَانَتِ النِّيَّاتُ مُشْتَرَكَةً وَالْحَسَنَاتُ مُقْتَسَمَةً وَلَكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ الِاتِّبَاعُ لِرُسُلِهِ وَالتَّصْدِيقُ بِكُتُبِهِ وَالْخُشُوعُ لِوَجْهِهِ وَالِاسْتِكَانَةُ لِأَمْرِهِ وَالِاسْتِسْلَامُ لِطَاعَتِهِ أُمُوراً لَهُ خَاصَّةً لَا تَشُوبُهَا مِنْ غَيْرِهَا شَائِبَةٌ وَكُلَّمَا كَانَتِ الْبَلْوَى وَالِاخْتِبَارُ أَعْظَمَ كَانَتِ الْمَثُوبَةُ وَالْجَزَاءُ أَجْزَلَ .
أَ لَا تَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ اخْتَبَرَ الْأَوَّلِينَ مِنْ لَدُنْ آدَمَ صلوات الله عليه إِلَى الْآخِرِينَ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ بِأَحْجَارٍ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ وَلَا تُبْصِرُ وَلَا تَسْمَعُ فَجَعَلَهَا بَيْتَهُ الْحَرَامَ الَّذِي جَعَلَهُ لِلنَّاسِ قِيَاماً ثُمَّ وَضَعَهُ بِأَوْعَرِ بِقَاعِ الْأَرْضِ حَجَراً وَأَقَلِّ نَتَائِقِ الدُّنْيَا مَدَراً وَأَضْيَقِ بُطُونِ الْأَوْدِيَةِ قُطْراً بَيْنَ جِبَالٍ خَشِنَةٍ وَرِمَالٍ دَمِثَةٍ وَعُيُونٍ وَشِلَةٍ وَقُرًى مُنْقَطِعَةٍ لَا يَزْكُو بِهَا خُفٌّ وَلَا حَافِرٌ وَلَا ظِلْفٌ ثُمَّ أَمَرَ آدَمَ عليه السلام وَوَلَدَهُ أَنْ يَثْنُوا أَعْطَافَهُمْ نَحْوَهُ فَصَارَ مَثَابَةً لِمُنْتَجَعِ أَسْفَارِهِمْ وَغَايَةً لِمُلْقَى رِحَالِهِمْ تَهْوِي إِلَيْهِ ثِمَارُ الْأَفْئِدَةِ مِنْ مَفَاوِزِ قِفَارٍ سَحِيقَةٍ وَمَهَاوِي فِجَاجٍ عَمِيقَةٍ وَجَزَائِرِ بِحَارٍ مُنْقَطِعَةٍ حَتَّى يَهُزُّوا مَنَاكِبَهُمْ ذُلُلًا يُهَلِّلُونَ لِلَّهِ حَوْلَهُ وَيَرْمُلُونَ عَلَى أَقْدَامِهِمْ شُعْثاً غُبْراً لَهُ قَدْ نَبَذُوا السَّرَابِيلَ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَشَوَّهُوا بِإِعْفَاءِ الشُّعُورِ مَحَاسِنَ خَلْقِهِمُ ابْتِلَاءً عَظِيماً وَامْتِحَاناً شَدِيداً وَاخْتِبَاراً مُبِيناً وَتَمْحِيصاً بَلِيغاً جَعَلَهُ اللَّهُ سَبَباً لِرَحْمَتِهِ وَوُصْلَةً إِلَى جَنَّتِهِ وَلَوْ أَرَادَ سُبْحَانَهُ أَنْ يَضَعَ بَيْتَهُ الْحَرَامَ وَمَشَاعِرَهُ الْعِظَامَ بَيْنَ جَنَّاتٍ وَأَنْهَارٍ وَسَهْلٍ وَقَرَارٍ جَمَّ الْأَشْجَارِ دَانِيَ الثِّمَارِ مُلْتَفَّ الْبُنَى مُتَّصِلَ الْقُرَى بَيْنَ بُرَّةٍ سَمْرَاءَ وَرَوْضَةٍ خَضْرَاءَ وَأَرْيَافٍ مُحْدِقَةٍ وَعِرَاصٍ مُغْدِقَةٍ وَرِيَاضٍ نَاضِرَةٍ وَطُرُقٍ عَامِرَةٍ لَكَانَ قَدْ صَغُرَ قَدْرُ الْجَزَاءِ عَلَى حَسَبِ ضَعْفِ الْبَلَاءِ وَلَوْ كَانَ الْإِسَاسُ الْمَحْمُولُ عَلَيْهَا وَالْأَحْجَارُ الْمَرْفُوعُ بِهَا بَيْنَ زُمُرُّدَةٍ خَضْرَاءَ وَيَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ وَنُورٍ وَضِيَاءٍ لَخَفَّفَ ذَلِكَ مُصَارَعَةَ الشَّكِّ فِي الصُّدُورِ وَلَوَضَعَ مُجَاهَدَةَ إِبْلِيسَ عَنِ الْقُلُوبِ وَلَنَفَى مُعْتَلَجَ الرَّيْبِ مِنَ النَّاسِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَخْتَبِرُ عِبَادَهُ بِأَنْوَاعِ الشَّدَائِدِ وَيَتَعَبَّدُهُمْ بِأَنْوَاعِ الْمَجَاهِدِ وَيَبْتَلِيهِمْ بِضُرُوبِ الْمَكَارِهِ إِخْرَاجاً لِلتَّكَبُّرِ مِنْ قُلُوبِهِمْ وَإِسْكَاناً لِلتَّذَلُّلِ فِي نُفُوسِهِمْ وَلِيَجْعَلَ ذَلِكَ أَبْوَاباً فُتُحاً إِلَى فَضْلِهِ وَأَسْبَاباً ذُلُلًا لِعَفْوِهِ .
فَاللَّهَ اللَّهَ فِي عَاجِلِ الْبَغْيِ وَآجِلِ وَخَامَةِ الظُّلْمِ وَسُوءِ عَاقِبَةِ الْكِبْرِ فَإِنَّهَا مَصْيَدَةُ إِبْلِيسَ الْعُظْمَى وَمَكِيدَتُهُ الْكُبْرَى الَّتِي تُسَاوِرُ قُلُوبَ الرِّجَالِ مُسَاوَرَةَ السُّمُومِ الْقَاتِلَةِ فَمَا تُكْدِي أَبَداً وَلَا تُشْوِي أَحَداً لَا عَالِماً لِعِلْمِهِ وَلَا مُقِلًّا فِي طِمْرِهِ وَعَنْ ذَلِكَ مَا حَرَسَ اللَّهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالصَّلَوَاتِ وَالزَّكَوَاتِ وَمُجَاهَدَةِ الصِّيَامِ فِي الْأَيَّامِ الْمَفْرُوضَاتِ تَسْكِيناً لِأَطْرَافِهِمْ وَتَخْشِيعاً لِأَبْصَارِهِمْ وَتَذْلِيلًا لِنُفُوسِهِمْ وَتَخْفِيضاً لِقُلُوبِهِمْ وَإِذْهَاباً لِلْخُيَلَاءِ عَنْهُمْ وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَعْفِيرِ عِتَاقِ الْوُجُوهِ بِالتُّرَابِ تَوَاضُعاً وَالْتِصَاقِ كَرَائِمِ الْجَوَارِحِ بِالْأَرْضِ تَصَاغُراً وَلُحُوقِ الْبُطُونِ بِالْمُتُونِ مِنَ الصِّيَامِ تَذَلُّلًا مَعَ مَا فِي الزَّكَاةِ مِنْ صَرْفِ ثَمَرَاتِ الْأَرْضِ وَغَيْرِ ذَلِكَ إِلَى أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ وَالْفَقْرِ .
انْظُرُوا إِلَى مَا فِي هَذِهِ الْأَفْعَالِ مِنْ قَمْعِ نَوَاجِمِ الْفَخْرِ وَقَدْعِ طَوَالِعِ الْكِبْرِ وَلَقَدْ نَظَرْتُ فَمَا وَجَدْتُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ يَتَعَصَّبُ لِشَيْ‏ءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ إِلَّا عَنْ عِلَّةٍ تَحْتَمِلُ تَمْوِيهَ الْجُهَلَاءِ أَوْ حُجَّةٍ تَلِيطُ بِعُقُولِ السُّفَهَاءِ غَيْرَكُمْ فَإِنَّكُمْ تَتَعَصَّبُونَ لِأَمْرٍ مَا يُعْرَفُ لَهُ سَبَبٌ وَلَا عِلَّةٌ أَمَّا إِبْلِيسُ فَتَعَصَّبَ عَلَى آدَمَ لِأَصْلِهِ وَطَعَنَ عَلَيْهِ فِي خِلْقَتِهِ فَقَالَ أَنَا نَارِيٌّ وَأَنْتَ طِينِيٌّ .
وَأَمَّا الْأَغْنِيَاءُ مِنْ مُتْرَفَةِ الْأُمَمِ فَتَعَصَّبُوا لِآثَارِ مَوَاقِعِ النِّعَمِ فَ قالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنَ الْعَصَبِيَّةِ فَلْيَكُنْ تَعَصُّبُكُمْ لِمَكَارِمِ الْخِصَالِ وَمَحَامِدِ الْأَفْعَالِ وَمَحَاسِنِ الْأُمُورِ الَّتِي تَفَاضَلَتْ فِيهَا الْمُجَدَاءُ وَالنُّجَدَاءُ مِنْ بُيُوتَاتِ الْعَرَبِ وَيَعَاسِيبِ القَبَائِلِ بِالْأَخْلَاقِ الرَّغِيبَةِ وَالْأَحْلَامِ الْعَظِيمَةِ وَالْأَخْطَارِ الْجَلِيلَةِ وَالْآثَارِ الْمَحْمُودَةِ فَتَعَصَّبُوا لِخِلَالِ الْحَمْدِ مِنَ الْحِفْظِ لِلْجِوَارِ وَالْوَفَاءِ بِالذِّمَامِ وَالطَّاعَةِ لِلْبِرِّ وَالْمَعْصِيَةِ لِلْكِبْرِ وَالْأَخْذِ بِالْفَضْلِ وَالْكَفِّ عَنِ الْبَغْيِ وَالْإِعْظَامِ لِلْقَتْلِ وَالْإِنْصَافِ لِلْخَلْقِ وَالْكَظْمِ لِلْغَيْظِ وَاجْتِنَابِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ وَاحْذَرُوا مَا نَزَلَ بِالْأُمَمِ قَبْلَكُمْ مِنَ الْمَثُلَاتِ بِسُوءِ الْأَفْعَالِ وَذَمِيمِ الْأَعْمَالِ فَتَذَكَّرُوا فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ أَحْوَالَهُمْ وَاحْذَرُوا أَنْ تَكُونُوا أَمْثَالَهُمْ فَإِذَا تَفَكَّرْتُمْ فِي تَفَاوُتِ حَالَيْهِمْ فَالْزَمُوا كُلَّ أَمْرٍ لَزِمَتِ الْعِزَّةُ بِهِ شَأْنَهُمْ وَزَاحَتِ الْأَعْدَاءُ لَهُ عَنْهُمْ وَمُدَّتِ الْعَافِيَةُ بِهِ عَلَيْهِمْ وَانْقَادَتِ النِّعْمَةُ لَهُ مَعَهُمْ وَوَصَلَتِ الْكَرَامَةُ عَلَيْهِ حَبْلَهُمْ مِنَ الِاجْتِنَابِ لِلْفُرْقَةِ وَاللُّزُومِ لِلْأُلْفَةِ وَالتَّحَاضِّ عَلَيْهَا وَالتَّوَاصِي بِهَا وَاجْتَنِبُوا كُلَّ أَمْرٍ كَسَرَ فِقْرَتَهُمْ وَأَوْهَنَ مُنَّتَهُمْ مِنْ تَضَاغُنِ الْقُلُوبِ وَتَشَاحُنِ الصُّدُورِ وَتَدَابُرِ النُّفُوسِ وَتَخَاذُلِ الْأَيْدِي وَتَدَبَّرُوا أَحْوَالَ الْمَاضِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قَبْلَكُمْ كَيْفَ كَانُوا فِي حَالِ التَّمْحِيصِ وَالْبَلَاءِ أَ لَمْ يَكُونُوا أَثْقَلَ الْخَلَائِقِ أَعْبَاءً وَأَجْهَدَ الْعِبَادِ بَلَاءً وَأَضْيَقَ أَهْلِ الدُّنْيَا حَالًا اتَّخَذَتْهُمُ الْفَرَاعِنَةُ عَبِيداً فَسَامُوهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَجَرَّعُوهُمُ الْمُرَارَ فَلَمْ تَبْرَحِ الْحَالُ بِهِمْ فِي ذُلِّ الْهَلَكَةِ وَقَهْرِ الْغَلَبَةِ لَا يَجِدُونَ حِيلَةً فِي امْتِنَاعٍ وَلَا سَبِيلًا إِلَى دِفَاعٍ حَتَّى إِذَا رَأَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ جِدَّ الصَّبْرِ مِنْهُمْ عَلَى الْأَذَى فِي مَحَبَّتِهِ وَالِاحْتِمَالَ لِلْمَكْرُوهِ مِنْ خَوْفِهِ جَعَلَ لَهُمْ مِنْ مَضَايِقِ الْبَلَاءِ فَرَجاً فَأَبْدَلَهُمُ الْعِزَّ مَكَانَ الذُّلِّ وَالْأَمْنَ مَكَانَ الْخَوْفِ فَصَارُوا مُلُوكاً حُكَّاماً وَأَئِمَّةً أَعْلَاماً وَقَدْ بَلَغَتِ الْكَرَامَةُ مِنَ اللَّهِ لَهُمْ مَا لَمْ تَذْهَبِ الْآمَالُ إِلَيْهِ بِهِمْ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانُوا حَيْثُ كَانَتِ الْأَمْلَاءُ مُجْتَمِعَةً وَالْأَهْوَاءُ مُؤْتَلِفَةً وَالْقُلُوبُ مُعْتَدِلَةً وَالْأَيْدِي مُتَرَادِفَةً وَالسُّيُوفُ مُتَنَاصِرَةً وَالْبَصَائِرُ نَافِذَةً وَالْعَزَائِمُ وَاحِدَةً أَ لَمْ يَكُونُوا أَرْبَاباً فِي أَقْطَارِ الْأَرَضِينَ وَمُلُوكاً عَلَى رِقَابِ الْعَالَمِينَ فَانْظُرُوا إِلَى مَا صَارُوا إِلَيْهِ فِي آخِرِ أُمُورِهِمْ حِينَ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ وَتَشَتَّتَتِ الْأُلْفَةُ وَاخْتَلَفَتِ الْكَلِمَةُ وَالْأَفْئِدَةُ وَتَشَعَّبُوا مُخْتَلِفِينَ وَتَفَرَّقُوا مُتَحَارِبِينَ وَقَدْ خَلَعَ اللَّهُ عَنْهُمْ لِبَاسَ كَرَامَتِهِ وَسَلَبَهُمْ غَضَارَةَ نِعْمَتِهِ وَبَقِيَ قَصَصُ أَخْبَارِهِمْ فِيكُمْ عِبَراً لِلْمُعْتَبِرِينَ .
فَاعْتَبِرُوا بِحَالِ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَبَنِي إِسْحَاقَ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ عليهم السلام فَمَا أَشَدَّ اعْتِدَالَ الْأَحْوَالِ وَأَقْرَبَ اشْتِبَاهَ الْأَمْثَالِ تَأَمَّلُوا أَمْرَهُمْ فِي حَالِ تَشَتُّتِهِمْ وَتَفَرُّقِهِمْ لَيَالِيَ كَانَتِ الْأَكَاسِرَةُ وَالْقَيَاصِرَةُ أَرْبَاباً لَهُمْ يَحْتَازُونَهُمْ عَنْ رِيفِ الْآفَاقِ وَبَحْرِ الْعِرَاقِ وَخُضْرَةِ الدُّنْيَا إِلَى مَنَابِتِ الشِّيحِ وَمَهَافِي الرِّيحِ وَنَكَدِ الْمَعَاشِ فَتَرَكُوهُمْ عَالَةً مَسَاكِينَ إِخْوَانَ دَبَرٍ وَوَبَرٍ أَذَلَّ الْأُمَمِ دَاراً وَأَجْدَبَهُمْ قَرَاراً لَا يَأْوُونَ إِلَى جَنَاحِ دَعْوَةٍ يَعْتَصِمُونَ بِهَا وَلَا إِلَى ظِلِّ أُلْفَةٍ يَعْتَمِدُونَ عَلَى عِزِّهَا فَالْأَحْوَالُ مُضْطَرِبَةٌ وَالْأَيْدِي مُخْتَلِفَةٌ وَالْكَثْرَةُ مُتَفَرِّقَةٌ فِي بَلَاءِ أَزْلٍ وَأَطْبَاقِ جَهْلٍ مِنْ بَنَاتٍ مَوْءُودَةٍ وَأَصْنَامٍ مَعْبُودَةٍ وَأَرْحَامٍ مَقْطُوعَةٍ وَغَارَاتٍ مَشْنُونَةٍ .
فَانْظُرُوا إِلَى مَوَاقِعِ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ حِينَ بَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولًا فَعَقَدَ بِمِلَّتِهِ طَاعَتَهُمْ وَجَمَعَ عَلَى دَعْوَتِهِ أُلْفَتَهُمْ كَيْفَ نَشَرَتِ النِّعْمَةُ عَلَيْهِمْ جَنَاحَ كَرَامَتِهَا وَأَسَالَتْ لَهُمْ جَدَاوِلَ نَعِيمِهَا وَالْتَفَّتِ الْمِلَّةُ بِهِمْ فِي عَوَائِدِ بَرَكَتِهَا فَأَصْبَحُوا فِي نِعْمَتِهَا غَرِقِينَ وَفِي خُضْرَةِ عَيْشِهَا فَكِهِينَ قَدْ تَرَبَّعَتِ الْأُمُورُ بِهِمْ فِي ظِلِّ سُلْطَانٍ قَاهِرٍ وَآوَتْهُمُ الْحَالُ إِلَى كَنَفِ عِزٍّ غَالِبٍ وَتَعَطَّفَتِ الْأُمُورُ عَلَيْهِمْ فِي ذُرَى مُلْكٍ ثَابِتٍ فَهُمْ حُكَّامٌ عَلَى الْعَالَمِينَ وَمُلُوكٌ فِي أَطْرَافِ الْأَرَضِينَ يَمْلِكُونَ الْأُمُورَ عَلَى مَنْ كَانَ يَمْلِكُهَا عَلَيْهِمْ وَيُمْضُونَ الْأَحْكَامَ فِيمَنْ كَانَ يُمْضِيهَا فِيهِمْ لَا تُغْمَزُ لَهُمْ قَنَاةٌ وَلَا تُقْرَعُ لَهُمْ صَفَاةٌ .
أَلَا وَإِنَّكُمْ قَدْ نَفَضْتُمْ أَيْدِيَكُمْ مِنْ حَبْلِ الطَّاعَةِ وَثَلَمْتُمْ حِصْنَ اللَّهِ الْمَضْرُوبَ عَلَيْكُمْ بِأَحْكَامِ الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدِ امْتَنَّ عَلَى جَمَاعَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِيمَا عَقَدَ بَيْنَهُمْ مِنْ حَبْلِ هَذِهِ الْأُلْفَةِ الَّتِي يَنْتَقِلُونَ فِي ظِلِّهَا وَيَأْوُونَ إِلَى كَنَفِهَا بِنِعْمَةٍ لَا يَعْرِفُ أَحَدٌ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ لَهَا قِيمَةً لِأَنَّهَا أَرْجَحُ مِنْ كُلِّ ثَمَنٍ وَأَجَلُّ مِنْ كُلِّ خَطَرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ صِرْتُمْ بَعْدَ الْهِجْرَةِ أَعْرَاباً وَبَعْدَ الْمُوَالَاةِ أَحْزَاباً مَا تَتَعَلَّقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ إِلَّا بِاسْمِهِ وَلَا تَعْرِفُونَ مِنَ الْإِيمَانِ إِلَّا رَسْمَهُ تَقُولُونَ النَّارَ وَلَا الْعَارَ كَأَنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُكْفِئُوا الْإِسْلَامَ عَلَى وَجْهِهِ انْتِهَاكاً لِحَرِيمِهِ وَنَقْضاً لِمِيثَاقِهِ الَّذِي وَضَعَهُ اللَّهُ لَكُمْ حَرَماً فِي أَرْضِهِ وَأَمْناً بَيْنَ خَلْقِهِ وَإِنَّكُمْ إِنْ لَجَأْتُمْ إِلَى غَيْرِهِ حَارَبَكُمْ أَهْلُ الْكُفْرِ ثُمَّ لَا جَبْرَائِيلُ وَلَا مِيكَائِيلُ وَلَا مُهَاجِرُونَ وَلَا أَنْصَارٌ يَنْصُرُونَكُمْ إِلَّا الْمُقَارَعَةَ بِالسَّيْفِ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَكُمْ وَإِنَّ عِنْدَكُمُ الْأَمْثَالَ مِنْ بَأْسِ اللَّهِ وَقَوَارِعِهِ وَأَيَّامِهِ وَوَقَائِعِهِ فَلَا تَسْتَبْطِئُوا وَعِيدَهُ جَهْلًا بِأَخْذِهِ وَتَهَاوُناً بِبَطْشِهِ وَيَأْساً مِنْ بَأْسِهِ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَلْعَنِ الْقَرْنَ الْمَاضِيَ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ إِلَّا لِتَرْكِهِمُ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَلَعَنَ اللَّهُ السُّفَهَاءَ لِرُكُوبِ الْمَعَاصِي وَالْحُلَمَاءَ لِتَرْكِ التَّنَاهِي أَلَا وَقَدْ قَطَعْتُمْ قَيْدَ الْإِسْلَامِ وَعَطَّلْتُمْ حُدُودَهُ وَأَمَتُّمْ أَحْكَامَهُ أَلَا وَقَدْ أَمَرَنِيَ اللَّهُ بِقِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ وَالنَّكْثِ وَالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ فَأَمَّا النَّاكِثُونَ فَقَدْ قَاتَلْتُ وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَقَدْ جَاهَدْتُ وَأَمَّا الْمَارِقَةُ فَقَدْ دَوَّخْتُ وَأَمَّا شَيْطَانُ الرَّدْهَةِ فَقَدْ كُفِيتُهُ بِصَعْقَةٍ سُمِعَتْ لَهَا وَجْبَةُ قَلْبِهِ وَرَجَّةُ صَدْرِهِ وَبَقِيَتْ بَقِيَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ وَلَئِنْ أَذِنَ اللَّهُ فِي الْكَرَّةِ عَلَيْهِمْ لَأُدِيلَنَّ مِنْهُمْ إِلَّا مَا يَتَشَذَّرُ فِي أَطْرَافِ الْبِلَادِ تَشَذُّراً .
أَنَا وَضَعْتُ فِي الصِّغَرِ بِكَلَاكِلِ الْعَرَبِ وَكَسَرْتُ نَوَاجِمَ قُرُونِ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ وَقَدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله بِالْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ وَالْمَنْزِلَةِ الْخَصِيصَةِ وَضَعَنِي فِي حِجْرِهِ وَأَنَا وَلَدٌ يَضُمُّنِي إِلَى صَدْرِهِ وَيَكْنُفُنِي فِي فِرَاشِهِ وَيُمِسُّنِي جَسَدَهُ وَيُشِمُّنِي عَرْفَهُ وَكَانَ يَمْضَغُ الشَّيْ‏ءَ ثُمَّ يُلْقِمُنِيهِ وَمَا وَجَدَ لِي كَذْبَةً فِي قَوْلٍ وَلَا خَطْلَةً فِي فِعْلٍ وَلَقَدْ قَرَنَ اللَّهُ بِهِ صلى الله عليه وآله مِنْ لَدُنْ أَنْ كَانَ فَطِيماً أَعْظَمَ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَتِهِ يَسْلُكُ بِهِ طَرِيقَ الْمَكَارِمِ وَمَحَاسِنَ أَخْلَاقِ الْعَالَمِ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ وَلَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُهُ اتِّبَاعَ الْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّهِ يَرْفَعُ لِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَخْلَاقِهِ عَلَماً وَيَأْمُرُنِي بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ وَلَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِحِرَاءَ فَأَرَاهُ وَلَا يَرَاهُ غَيْرِي وَلَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذٍ فِي الْإِسْلَامِ غَيْرَ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) وَخَدِيجَةَ وَأَنَا ثَالِثُهُمَا أَرَى نُورَ الْوَحْيِ وَالرِّسَالَةِ وَأَشُمُّ رِيحَ النُّبُوَّةِ وَلَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ الشَّيْطَانِ حِينَ نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَيْهِ ( صلى الله عليه وآله ) فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ الرَّنَّةُ فَقَالَ هَذَا الشَّيْطَانُ قَدْ أَيِسَ مِنْ عِبَادَتِهِ إِنَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ وَتَرَى مَا أَرَى إِلَّا أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ وَلَكِنَّكَ لَوَزِيرٌ وَإِنَّكَ لَعَلَى خَيْرٍ وَلَقَدْ كُنْتُ مَعَهُ ( صلى الله عليه وآله ) لَمَّا أَتَاهُ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالُوا لَهُ يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ قَدِ ادَّعَيْتَ عَظِيماً لَمْ يَدَّعِهِ آبَاؤُكَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ بَيْتِكَ وَنَحْنُ نَسْأَلُكَ أَمْراً إِنْ أَنْتَ أَجَبْتَنَا إِلَيْهِ وَأَرَيْتَنَاهُ عَلِمْنَا أَنَّكَ نَبِيٌّ وَرَسُولٌ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ عَلِمْنَا أَنَّكَ سَاحِرٌ كَذَّابٌ فَقَالَ ( صلى الله عليه وآله ) وَمَا تَسْأَلُونَ قَالُوا تَدْعُو لَنَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ حَتَّى تَنْقَلِعَ بِعُرُوقِهَا وَتَقِفَ بَيْنَ يَدَيْكَ فَقَالَ ( صلى الله عليه وآله ) إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ فَإِنْ فَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ ذَلِكَ أَ تُؤْمِنُونَ وَتَشْهَدُونَ بِالْحَقِّ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَإِنِّي سَأُرِيكُمْ مَا تَطْلُبُونَ وَإِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكُمْ لَا تَفِيئُونَ إِلَى خَيْرٍ وَإِنَّ فِيكُمْ مَنْ يُطْرَحُ فِي الْقَلِيبِ وَمَنْ يُحَزِّبُ الْأَحْزَابَ ثُمَّ قَالَ (صلى الله عليه وآله): يَا أَيَّتُهَا الشَّجَرَةُ إِنْ كُنْتِ تُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَتَعْلَمِينَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَانْقَلِعِي بِعُرُوقِكِ حَتَّى تَقِفِي بَيْنَ يَدَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَانْقَلَعَتْ بِعُرُوقِهَا وَجَاءَتْ وَلَهَا دَوِيٌّ شَدِيدٌ وَقَصْفٌ كَقَصْفِ أَجْنِحَةِ الطَّيْرِ حَتَّى وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) مُرَفْرِفَةً وَأَلْقَتْ بِغُصْنِهَا الْأَعْلَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) وَبِبَعْضِ أَغْصَانِهَا عَلَى مَنْكِبِي وَكُنْتُ عَنْ يَمِينِهِ ( صلى الله عليه وآله ) فَلَمَّا نَظَرَ الْقَوْمُ إِلَى ذَلِكَ قَالُوا عُلُوّاً وَاسْتِكْبَاراً فَمُرْهَا فَلْيَأْتِكَ نِصْفُهَا وَيَبْقَى نِصْفُهَا فَأَمَرَهَا بِذَلِكَ فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ نِصْفُهَا كَأَعْجَبِ إِقْبَالٍ وَأَشَدِّهِ دَوِيّاً فَكَادَتْ تَلْتَفُّ بِرَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) فَقَالُوا كُفْراً وَعُتُوّاً فَمُرْ هَذَا النِّصْفَ فَلْيَرْجِعْ إِلَى نِصْفِهِ كَمَا كَانَ فَأَمَرَهُ ( صلى الله عليه وآله ) فَرَجَعَ فَقُلْتُ أَنَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِنِّي أَوَّلُ مُؤْمِنٍ بِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَوَّلُ مَنْ أَقَرَّ بِأَنَّ الشَّجَرَةَ فَعَلَتْ مَا فَعَلَتْ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى تَصْدِيقاً بِنُبُوَّتِكَ وَإِجْلَالًا لِكَلِمَتِكَ فَقَالَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ بَلْ ساحِرٌ كَذَّابٌ عَجِيبُ السِّحْرِ خَفِيفٌ فِيهِ وَهَلْ يُصَدِّقُكَ فِي أَمْرِكَ إِلَّا مِثْلُ هَذَا يَعْنُونَنِي وَإِنِّي لَمِنْ قَوْمٍ لَا تَأْخُذُهُمْ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ سِيمَاهُمْ سِيمَا الصِّدِّيقِينَ وَكَلَامُهُمْ كَلَامُ الْأَبْرَارِ عُمَّارُ اللَّيْلِ وَمَنَارُ النَّهَارِ مُتَمَسِّكُونَ بِحَبْلِ الْقُرْآنِ يُحْيُونَ سُنَنَ اللَّهِ وَسُنَنَ رَسُولِهِ لَا يَسْتَكْبِرُونَ وَلَا يَعْلُونَ وَلَا يَغُلُّونَ وَلَا يُفْسِدُونَ قُلُوبُهُمْ فِي الْجِنَانِ وَأَجْسَادُهُمْ فِي الْعَمَلِ .
(انتهى)
المصدر: نهج البلاغة / خطبة 192
ولشرحها راجع منهاج البراعة للراوندي

[/frame]

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
الاقل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-07-2015, 02:03 AM   #2

 
الصورة الرمزية الناطق

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 179
تـاريخ التسجيـل : Mar 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : بغداد
االمشاركات : 2,125

افتراضي رد: الخطبة القاصعة

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
جزاك الله خيرا

 

 

 

 

 

 

 

 

الناطق غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-07-2015, 01:41 PM   #3

 
الصورة الرمزية الاقل

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 211
تـاريخ التسجيـل : Apr 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 12,641

افتراضي رد: الخطبة القاصعة

بارك الله فيك اخي العزيز

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
الاقل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-07-2015, 04:54 PM   #4

 
الصورة الرمزية خادم الكرار

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 557
تـاريخ التسجيـل : Oct 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : بغداد
االمشاركات : 3,520

افتراضي رد: الخطبة القاصعة

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
موفق على النشر

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
خادم الكرار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-01-2016, 02:00 PM   #5

 
الصورة الرمزية الاقل

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 211
تـاريخ التسجيـل : Apr 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 12,641

افتراضي رد: الخطبة القاصعة

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
موفقين لكل خير

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
الاقل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الخطبة ،القاصعة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



All times are GMT +3. The time now is 05:03 PM.


Powered by vBulletin 3.8.7 © 2000 - 2024