بناء المسجد النبوي

بناء المسجد النبوي
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم.

*.بعد مقدم امير المؤمنين علي (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه وآله) واللقاء به في منطقة قباء وبناء مسجد قباء ارتحل الرسول (صلى الله عليه وآله) وبصحبته علي (عليه السلام) ومن معه من المهاجرين إلى المدينة المنورة(بعد اللقاء بيومين)..
وحين وصول الركب النبوي الى المدينة في السنة الاولى للهجرة الموافقة لـ 622 م استقبل استقبالاً مهيباً .. واستمر الركب النبوي في المسير حتى وصل إلى المكان الذي أقيم فيه المسجد ، حيث توقفت ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن المسير فنزل عنها(صلى الله عليه وآله وسلم)(وروي ان النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) نزل عنها وتركها تمشي حتى توقفت في هذا المكان)، وأقام ضيفاً عند ابي أيوب الأنصاري .. ثم بادر إلى بناء المسجد والدور الخاصة به وبأهل بيته، وفي طليعتهم امير المؤمنين علي (عليه السلام) ، والمكان الذي بركت فيه الناقة يسمى بالـ « المربد(مكان لتجفيف التمر ) » وكان لغلامين يتيمين من الأنصار ، فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الغلامين ليشتري منهما الارض ، فقالا : بل نهبه لك يا رسول الله ، فأبى رسول الله إلا أن يدفع لهما الثمن..
وروى البخاري في قصّة بناء المسجد طويل عن أنس بن مالك وفيه:
«أن النبي صلى الله عليه وسلّم أمر ببناء المسجد فأرسل إلى ملأ من بني النجار فجاؤوا، فقال: يا بني النجار ثامِنوني بحائطكم هذا، فقالوا: لا والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله، قال: فكان فيه ما أقول لكم، كانت فيه قبور المشركين، وكانت فيه خِرَب، وكان فيه نخل، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلّم بقبور المشركين فنبشت، وبالخرب فسويت، وبالنخل فقطع، قال: فصفوا النخل قبلة المسجد وجعلوا عضادتيه (خشبتان مثبتتان على جانبي الباب) حجارة، قال: جعلوا ينقلون ذاك الصخر وهم يرتجزون، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم معهم يقولون:
اللهم إنه لا خير إلا خير الآخرة فانصر الأنصار والمهاجرة»
(فتح الباري/ ابن حجر العسقلاني/ ج7، ص266)
ثم أمر المسلمين بأن يقطعوا جذوع النخل من مكانٍ يقال له الحديقة وأمر باللبن فضُرب ، وكان في المربد قبور جاهلية ، فامر بها فنبشت ، وأمر بالعظام أن تغيّب ، وجعل طوله مائة ذراع وعرضه كذلك. وقيل أقل من ذلك
(راجع الطبقات ١ / ٢٣٩).
وحينما بدأ العمل في بناء المسجد المطهر ، جعل القوم يحملون وجعل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يحمل هو وعمار ، فجعل عمار يرتجز ويقول :
نحـن الـمسلمـون نبتـني المسـاجـدا..
والرسول يردد : المساجدا ..
وفي رواية :
كان كل واحدٍ من المسلمين يحمل لبنة لبنة وحجراً حجراً وعمار يحمل حجرين ولبنتين ، فرآه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال :
ألا تحمل كما يحمل أصحابك؟ فقال : يا رسول الله ، أريد الأجر والثواب.
فجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ينفض التراب عن رأس عمار ويقول :
« ويحك يا عمار تقتلك الفئة الباغية ، تدعوهم إلى الجنة ويدعونك إلى النار »
( ورد هذا المضمون بنصوص مختلفة فعن أبي سعيد الخدري. جعلنا نحمل لبنةً لبنة وجعل عمار يحمل لبنتين .. إلى أن قال : إن النبي جعل ينفض التراب عن رأسه ويقول :
ويحك ابن سمية ، تقتلك الفئة الباغية
(الطبقات ٣ / ٢٥١ وغيرها.))
*.قال سيدنا الشهيد محمد محمد صادق الصدر(تقدست نفسه الطاهرة):
ويرجع تاريخ تأسيس المسجد إلى عصر النبي صلَّى اللَّه عليه وآله في السنة الأولى من الهجرة . وكانت مساحته 35 مترا من الشمال إلى الجنوب و 30 مترا من الشرق إلى الغرب .
(انتهى )(ما وراء الفقه / ج‏2ق‏2 / 59 / المسجد النبوي ..... ص : 59))
فتكون مساحته 1050 متراً مربعاً، وكان سقفه بارتفاع 2.5 متراً تقريباً.
وكانت أعمدة المسجد من جذوع النخل وسقفه من الجريد (أغصان النخيل)، وأساسه من الحجارة، وجداره من اللبن (الطوب النيء الذي لم يُحرق بالنار)، وجعل وسطه رحبة (ساحة).
وجعل للمسجد 3 أبواب: باب الرحمة (في جهة الغرب)، وباب جبريل الذي كان يدخل منه النبي (في جهة الشرق)، وباب في المؤخرة (في جهة الجنوب)، وجعل قبلة المسجد لبيت المقدس
( الطبقات الكبرى/ ابن سعد/ ج1، ص239)
روى عبادة بن الصامت: أن الأنصار جمعوا مالا ًفأتوا به النبي فقالوا: يا رسول الله: ابن هذا المسجد وزينه، إلى متى نصلي تحت هذا الجريد؟ فقال: «ما بي رغبة عن أخي موسى، عريش كعريش موسى».
( دلائل النبوة، البيهقي، ج2، ص542.)
ولما تحوّلت القبلة للكعبة في السنة 2 هـ، سُدّ الباب الذي كان في المؤخرة وفُتح باب في مواجهته في الجهة الشمالية.
بعد غزوة خيبر في شهر محرم سنة 7 هـ الموافق 628، وبسبب ازدياد أعداد المسلمين في المدينة نتيجة الهجرة إليها حتى ضاق المسجد النبوي بالمصلين، عندها قرر النبي المصطفى محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) زيادة مساحته، فزاد 20 متراً في العرض و15 متراً في الطول، فصارت مساحته 2500 متراً مربعاً
( وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى، السمهودي، ج2، ص67-81، دار الكتب العلمية، ط1)
وذكر المؤرخين ان الاسطوانات التي كانت في المسجد النبوي بداية تأسيسه هي:
1- الأسطوانة المُخَلَّقَة (المُطَيَّبة المُعَطَّرَة)، روي ان سلمةُ بنُ الأكوع كان يتحرى الصلاة عندها, ولما سُئل عن ذلك قال: إني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وآله يتحرى الصلاة عندها
(أخرجه البخاري (1/189، رقم 480)، ومسلم (1/364، رقم 509).
وعن مالك انها مواضع نافلة النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ
(البيان والتحصيل، لأبي الوليد القرطبي (1/369).
وقد جرى تقديم هذه الأسطوانة لجهة القِبلة قليلًا، وإدخال بعضها في المحراب النبوي، وكُتب عليها الأسطوانة المُخَلَّقَة.
2- أسطوانة امير المؤمنين علي عليه السلام (المحرس): وتَقع خَلْفَ أسطوانة التوبة مِن جهة الشمال، وتسمى أسطوانة علي بن أبي طالب –عليه السلام- فقد كان مُصلاه إليها, وكان يجلس في صَفحتها التي على القبر مما يلي بابَ بيتِ رسول الله، يَحْرُسُه، وكان أُمَرَاءُ المدينة يُصَلُّون عندها.
3. أسطوانة السرير: وهي الأسطوانة اللاصقة بالشُّباك تلي أسطوانة التوبة (أبي لبابة) مِن جهة الشرق
, وقد كان للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- سَرير مِن جَريد فيه سَعْفَةٌ يُوضَع قُرْبَ هذه الأسطوانة يضطجع عليه, وكان السرير يوضع أيضًا عند أسطوانة التوبة.
4. أسطوانة مقام جبريل, وتقع في حائز الحُجرة عند مُنْحَرَف صفحته الغربية إلى الشمال بينها، وبين أسطوانة الوفود الأسطوانة اللاصقة بِشُبَّاك الحُجرة الشريفة
( تاريخ المدينة لابن شبة (1/246))
وقد كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يأتي يمر على بيت مولاتنا فاطمة عليه السلام في المربعة, حتى يأخذ بِعِضَادَتيه ويقول:
السلام عليكم أهل البيت {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}[الأحزاب: 33]
(أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/232، رقم 720)).
5. - أسطوانة الوفود: وتقع خَلْفَ أسطوانة امير المؤمنين علي عليه السلام(المَحْرَس) مِن الشمال، وكان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يجلس إليها لِوُفُود العَرب إذا جاءته، وكانت تُعرف بمجلس القِلادة، يجلس إليها سَراةُ الصحابةُ وأفاضلهم
6.أسطوانة القرعة (أسطوانة المهاجرين)
قيل :َهِيَ الْأُسْطُوَانَةُ الَّتِي وَاسِطَةٌ بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ، عَنْ يَمِينِهَا إِلَى الْمِنْبَرِ أُسْطُوَانَتَيْنِ، وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمِنْبَرِ أُسْطُوَانَتَيْنِ، وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الرَّحْبَةِ أُسْطُوَانَتَيْنِ، وَهِيَ وَاسِطَةٌ بَيْنَ ذَلِكَ، وَهِيَ تُسَمَّى: أُسْطُوَانَةُ الْقُرْعَةِ.
( أخرجه الطبراني في الأوسط (1/264، رقم 862)
7.أسطوانة التوبة: وهي الرابعة مِن المنبر، والثانية مِن القبر، والثالثة مِن القِبلة، وتُعرَف بأسطوانة أبي لبابة، وقيل ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم- يصلي نَوَافِلَه إلى هذه الأسطوانة، وينصرف إليها بعد صلاة الصبح، ويعتكف وراءها مما يلي القِبلة، ويسبق إليها الضعفاء والمساكين وضيوف رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- والمؤلَّفَةُ قُلوبهم، ومَن لا بَيْتَ له إلا المسجد, فينصرف إليهم النبي مِن مُصَلَّاه، ويتلو عليهم ما أُنزل عليه ليلَتَه، ويُحَدِّثُهم ويُحَدِّثُونه .
8- أسطوانة التهجد: وموقعها وراءَ بيت مولاتنا السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام مِن جهة الشمال, وفيها محرابٌ إذا توجه المصلي إليه كانت يساره إلى جهة الباب الذي يسمونه باب عثمان.

*.قال سيدنا الشهيد محمد محمد صادق الصدر(تقدست نفسه الطاهرة):
..أعظم أثر إسلامي تاريخي فيها(المدينة المنورة) هو المسجد النبوي . ويقع في قلب المدينة وهو شبه مستطيل ، ومتوسط طوله من الشمال إلى الجنوب 116 مترا ، وعرضه من الجهة الجنوبية 86 مترا . ومن الجهة الشمالية 66 مترا .
وبه نحو 327 عمودا نصبت عليها قباب فخمة نقشت بماء الذهب وزخرفت بالنقوش وجدرانه محلاة بكثير من الآيات والأحاديث والأسماء .
ويرجع تاريخ تأسيس المسجد إلى عصر النبي صلَّى اللَّه عليه وآله في السنة الأولى من الهجرة . وكانت مساحته 35 مترا من الشمال إلى الجنوب و 30 مترا من الشرق إلى الغرب . وفي السنة السابعة زاده النبي صلَّى اللَّه عليه وآله حتى صار مربعا .
ثم زاده عمر بن الخطاب في العام السابع عشر . وفي سنة تسع وعشرين جدّده عثمان بن عفان بالحجارة والجص والعمد وسقفه بالساج وما زال الخلفاء والسلاطين يعمرون فيه حتى عمارته الأخيرة التي هي عليه الآن « علل الشرائع : ص 437 » وهي عمارة السلطان عبد المجيد العثماني سنة 1265 هجرية .
وللمسجد خمسة أبواب :
1 - باب السلام ، 2 - باب الرحمة ، 3 - باب المجيدي ، 4 - باب النساء ، 5 - باب جبرئيل أو باب البقيع .
وله خمس مآذن :
1 - المئذنة الرئيسية ، 2 - مئذنة باب السلام ، 3 - مئذنة باب الرحمة ، 4 - المئذنة المجيدية ، 5 - المئذنة السليمانية .
الحجرة النبوية الشريفة
المقصورة الشريفة أو الحجرة ، مصنوعة من النحاس الأصفر وتقع بالجهة الجنوبية الشرقية من المسجد . وفيها مدفن النبي محمد صلَّى اللَّه عليه وآله والشيخين أبي بكر وعمر . وبجوارها مقصورة الزهراء سلام اللَّه عليها . وهي مكان بيتها ومدفنها على بعض الروايات .
وطول الحجرة 16 مترا وعرضها 15 مترا . وبزوايا الحجرة النبوية أربعة أعمدة كبيرة أقيمت عليها القبة الخضراء . وأول من بنى الحجرة الخليفة عمر بن عبد العزيز .
ولها أربعة أبواب وهي :
1 - باب الوفود في الغرب .
2 - باب التوبة بالجنوب .
3 - باب التهجّد في الشمال .
4 - باب فاطمة في الشرق .
والروضة الشريفة تقع بين الحجرة والمنبر ، وشكلها مستطيل امتدادها من الشرق إلى الغرب 22 مترا وعرضها 15 مترا . وفي جهتها الغربية يقع المنبر . وهو من المرمر الموشى بالذهب الخالص وضع موضع منبر النبي صلَّى اللَّه عليه وآله وبه اثنتا عشرة درجة . ثلاث بخارجه وتسع من الداخل .
وفوقه قبّة قائمة على أربعة أعمدة . ويرجع تاريخ عمارته على شكله الحاضر إلى عهد السلطان مراد خان سنة 998 ه .
(ما وراء الفقه / ج‏2ق‏2 / 59 / المسجد النبوي ..... ص : 59)
في الكافي ( 4 / 556 )روي :
( من بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة ، ومنبري
على ترعة من ترع الجنة ) .

نشر مبارك وفقك الله اخي العزيز

احسنت اخي على النشر المبارك

احسنت اخي على النشر المبارك

جزاك الله تعالى خيرا