عرض مشاركة واحدة
قديم 02-07-2011, 08:12 PM   #5

 
الصورة الرمزية لؤلؤة الشرق

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 148
تـاريخ التسجيـل : Mar 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق - كركوك
االمشاركات : 651

افتراضي


سورة البقرة
172
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ)): تكرار لما تقدّم لإلحاق مسئلتي الشكر والمحرمات به، ((وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ))، ولا تشكروا سائر الآلهة كالمشركين الذين يزعمون أنهم يمطرون بالأنواء، ويرزقون بالآلهة المزعومة.



سورة البقرة
173
((إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ)) وهي التي لم تُذبح على النحو الشرعي، ((وَالدَّمَ)) وهو وإن كان مطلقاً، إلا أنه مقيّد بالمسفوح لقوله سبحانه (ألا يكون ميتة أو دماً مسفوحاً)، ((وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ)) وخصّ اللحم بالكلام، وإن كانت جملته محرّمة، لأن اللحم هو المعظم المقصود في الغالب، ((وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ))، الإهلال في الذبيحة رفع الصوت بالتسمية، وقد كان المشركون عند ذبحهم يرفعون أصواتهم بتسمية الأوثان، فنهى الله سبحانه عن أكل ذبيحة ذكر غير إسم الله عليها، ((فَمَنِ اضْطُرَّ)) بصيغة المجهول، فإنّ "إضطرّ" متعد من باب الإفتعال، وحيث لم يكن المقصود، سبب الإضطرار، ذُكر مجهولاً ((غَيْرَ بَاغٍ))، أي لم يكن باغياً وطالباً للّذة في أكله وشربه ((وَلاَ عَادٍ))، أي معتد في الأكل والشرب، عن حد الضرورة، أي غير باغٍ على إمام المسلمين، ولا عاد بالمعصية طريق المحقّين ((فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ)) في تناول هذه المحرّمات ((إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ)) يستر العصيان إذا إضطر إليه، فإنّ غفر بمعنى ستر، وستر العصيان، عدم المؤاخذة به ((رَّحِيمٌ)) بكم، ولذا جاز تناول المحرّم حال الإضطرار.



سورة البقرة
174
((إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ)) وهم اليهود والنصارى الذين كانوا يكتمون العقائد الحقّة الموجودة في كتابهم، وينسبون الى الكتاب أحكاماً لم يوجد فيه، كما قال سبحانه (قل فأْتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين) ولعل إرتباط هذه الآية بما قبلها من جهة الأمور التي كانوا يحرّمونها، ولم يكن في كتبهم تحريم لها ((وَيَشْتَرُونَ بِهِ))، أي بهذا الكتاب ((ثَمَنًا قَلِيلاً)) من رئاسة الدنيا وأموالها، فإنها قليل بالنسبة الى الآخرة ((أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ))، أي لا يجرون الى بطونهم ولعل ذكر في بطونهم للإحتراز عن الأكل في بطن الغير، فإن العرب تقول: شبع فلان في بطنه، إذا أكله بنفسه، وتقول: شبع فلان في بطن غيره، إذا أكله من يتعلّق به ((إِلاَّ النَّارَ)) فإنّ ما أكلوه ينقلب ناراً تحرق بطونهم في جهنم ((وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) فيمهلهم ليذوقوا الهوان جزاء ما فعلوا ((وَلاَ يُزَكِّيهِمْ))، أي لا يطهّرهم عن الآثام، فإن البطن إذا مُلئ حراماً يقسو، فلا يهتدي حتى يتزكّى الإنسان ويتطهّر ((وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) مؤلم.



سورة البقرة
175
((أُولَئِكَ)) الذين يكتمون ما أنزل الله هم ((الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى))، أي عوض الهداية، فكان نفس الإنسان ثمن لأحد أمرين الضلالة والهداية، فهم أعطوا أنفسهم، واشتروا الضلالة عوض أن يشتروا الهداية ((وَ)) اشتروا ((الْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ)) فعوض أن يشتروا المغفرة لأنفسهم اشتروا العذاب ((فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ)) تعجب عن صبرهم على النار التي هي عاقبة عملهم، أي كيف أنهم يصبرون على النار حينما فعلوا ما عاقبته النار.



سورة البقرة
176
((ذَلِكَ)) العذاب، إنما توجّه إليهم ((بِـ)) سبب ((أَنَّ اللّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ))، أي التوراة ((بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِي الْكِتَابِ)) بكتمان بعضه وإظهار بعضه ((لَفِي شِقَاقٍ)) وخلاف عن الحق ((بَعِيدٍ)) فهم إنما إستحقوا العذاب، لأنهم خالفوا الحق، وكتموا ما لزم إظهاره، ومن المحتمل أن يكون المراد بالكتاب "القرآن"، أي أن عذابهم بسبب كتمانهم كون القرآن حقاً وإختلافهم فيه، بأنه سحر وكهانة أو كلام البشر.




سورة البقرة
177
((لَّيْسَ الْبِرَّ)) كل البر أيها اليهود المجادلون حول تحويل القبلة الصارفون أوقاتكم في هذه البحوث العقيمة ((أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ)) فإنّ ذلك أمر فرعي مرتبط بتكليف الله سبحانه، وقد كلّفنا بأن نصرف الوجوه الى الكعبة ((وَلَكِنَّ الْبِرَّ)) فعل، أو ولكن ذل البر ((مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ)) فإنّ ذلك هو الأصل الذي يتفرّع عليه أحكام الصلاة وغيرها ((وَ)) آمن بـ ((الْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ)) المنزل من عند الله على أنبيائه ((وَ)) آمن بـ ((النَّبِيِّينَ)) كلهم أولهم وأوسطهم وآخرهم ((وَآتَى الْمَالَ))، أي أعطاه وأنفقه ((عَلَى حُبِّهِ))، أي مع أنه يحبه، أو على حب الله تعالى ((ذَوِي الْقُرْبَى))، أي قراباته وأرحامه ((وَالْيَتَامَى)) الذين مات أبوهم ((وَالْمَسَاكِينَ)) الذين لا يجدون النفقة لأنفسهم وأهليهم ((وَابْنَ السَّبِيلِ)) الذي إنقطع في سفره، فلا مال له يوصله الى أهله ومقصده، وسمّي إبن السبيل، لعدم معرفة أبيه وعشيرته ((وَالسَّآئِلِينَ)) من الفقراء الذين يسألون الناس ((وَ)) آتى المال ((فِي)) فك ((الرِّقَابِ))، أي إشتراء العبيد أو إعتاقهم، حتى يتحرروا عن ربق العبودية ((وَأَقَامَ الصَّلاةَ))، أي أدّاها على حدودها ((وَآتَى الزَّكَاةَ)) الواجبة والمستحبة ((وَالْمُوفُونَ)) الذين يفون ((بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ)) سواءً كان عهداً مع الله كالنذر والبيعة، أو مع الناس كالعقود، وهذا عطف على قوله "من آمن" ((وَالصَّابِرِينَ)) عطف على "من آمن" على طريق القطع بتقدير القدح، كما قال إبن مالك:

واقطع أو اتّبع أن يكـن معيّناً بدونها أو بعضها إقطـع معلـنا
وارفـع أو أنصب إن قطعت مضمراً مبتدءاً أو ناصباً لمن يظهرا
فإن عادة العرب أن يتفنن بالقطع رفعاً ونصباً إذا طالت الصفات تقليلاً للكلل وتنشيطاً للذهن بالتلوّن في الكلام ((فِي الْبَأْسَاء)) البؤس الفقر ((والضَّرَّاء)) والمضر الموجع والعلّة وكلّ ضرر ((وَحِينَ الْبَأْسِ))، أي الصابرين حين القتال ((أُولَئِكَ)) الموصوفون بهذه الصفات هم ((الَّذِينَ صَدَقُوا)) في نيّاتهم وأعمالهم، لا من يجادل في أمر كتحويل القبلة ((وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)) الخائفون من الله سبحانه، وفي هذه الآية الكريمة إلماح الى حال كثير من الناس حيث يتركون المهام ويناقشون في أمر غير مهم عناداً وعصبية.




سورة البقرة
178
وحيث ذكر سبحانه ما هو البر عقبه ببعض الأحكام التي ينبغي لأهل البر المؤمنين بالله واليوم الآخر المتصفين بتلك الصفات أن يلتزموا بها ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ)) ومعنى كتابته تشريعه إذ الشرائع والأحكام تُكتب ((فِي الْقَتْلَى)) جمع قتيل، فقد ورد أنها نزلت في حيّين من العرب لأحدهما طول على الآخر، وكانوا يتزوجون نساءاً بغير حلال، وأقسموا لنقتلن بالعبد منا الحر منهم، وبالمرأة منا الرجل منهم، وبالرجل منا الرجلين منهم، وجعلوا جراحاتهم على الضِعف من جراح أولئك، حتى جاء الإسلام وأبطل تلك الأحكام، فـ ((الْحُرُّ بِـ)) مقابل ((الْحُرِّ)) يُقتل لا بمقابل العبد ((وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى)) تُقتل ((بِـ)) مقابل ((الأُنثَى)) لا الذكر يُقتل في قبال الأنثى ((فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ)) قبل ((أَخِيهِ شَيْءٌ)) بأن عفى الأخ الولي للمقتول عن قتل القاتل، وبدله بالديّة، أو عفى عن بعض الديّة، وبقي بعضها الآخر ((فَـ)) الواجب على الطرفين، مراقبة الله في الأخذ والإعطاء، غمن طرف الولي للمقتول ((اتِّبَاعٌ)) للقاتل ((بِالْمَعْرُوفِ)) بأن لا يشدّد في طلب الديّة، ومن طرف القاتل ((وَأَدَاء إِلَيْهِ))، أي الى العافي ((بِإِحْسَانٍ)) من غير مطل وتصعيب ((ذَلِكَ)) الحكم في باب القتيل بالمماثلة، أولاً، والتخيير بين القتل والديّة والعفو ثانياً ((تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ)) عليكم ((وَرَحْمَةٌ)) منه بكم، وفي المجع أنه كان لأهل التوراة القصاص أو العفو، ولأهل الإنجيل العفو والديّة ((فَمَنِ اعْتَدَى)) عن الحكم المقرر ((بَعْدَ ذَلِكَ)) الذي قررناه من الأحكام ((فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) مؤلم في الدنيا والآخرة.



سورة البقرة
179
((وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ)) في باب القتل، بأن يُقتل القاتل عمداً ((حَيَاةٌ)) للمجموع، لأنّ كل من إفتكر أنه لو قتل قُتل إرتدع إلا النادر، وأيضاً أن القصاص يوجب عدم تعدّي أولياء المقتول على أقرباء القاتل، بأن يقتلوا منهم عدداً كثيراً، كما كان هو المتعارف على زمان الجاهلية، حتى ربما فُنيت القبيلة لأجل قتيل واحد ((يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ)) جمع لُب، بمعنى العقل، أي يأصحاب العقول ((لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)) القتل، أي شرع القصاص، حتى تتقون من القتل.



سورة البقرة
180
وحيث ألمح القرآن الحكيم الى حكم القتل، أشار الى ما يرتبط به من الوصية، فقال ((كُتِبَ عَلَيْكُمْ)) كتابة راجحة، فإن الكتابة تشمل الواجب والمندوب، والوصية مندوبة إلا إذا وجبت بالعارض ((إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ)) بأن رأى مقدماته من مرض وهرم ونحوهما ((إِن تَرَكَ خَيْرًا))، أي مالاً فإنه إذا لم يترك الخير، لاداعي للوصية، وإن كانت مستحبة أيضاً، لكنها ليست مثل تأكيد من ترك الخير ((الْوَصِيَّةُ)) نائب فاعل "كتب" ((لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ))، أي الأقرباء ((بِالْمَعْرُوفِ)) بأن يوصي لوالديه وأقربائه، لو كانوا ورّاثاً، شيئاً من الثلث، وهذا يوجب نشر الألفة والمحبة أكثر فأكثر، وإنما قيّده بالمعروف حتى لا يوصي بما يوجب إثارة الشحناء، كأن يترك الأقرب ويوصي للأبعد، أو يفضّل بعضاً على بعض بما يورث البغضاء، والمراد بالمعروف الذي يعرف أهل التميّز أنه لا جور فيه ولا حيف، وهذه الوصية تكون ((حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ)) الذين يؤثرون التقوى.



سورة البقرة
181
((فَمَن بَدَّلَهُ))، أي بدّل الإيصاء وغيّره وزوّره ((بَعْدَمَا سَمِعَهُ))، أي علمه، فإن السماع يُستعمل بمعنى العلم ((فَإِنَّمَا إِثْمُهُ))، أي إثم التبديل ((عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ)) وليس إثم على الذي يأكل المال إرثاً، بغير علم، والذي يأكله زيادة عن حصته، من غير علم فإن الغالب أن يبدّل الجيل الأول ويتصرف سائر الأجيال بلا علم منهم بالتبديل ((إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ)) لوصاياكم وأقوالكم ((عَلِيمٌ)) بنواياكم وتبديلكم، أو تنفيذكم للوصية، ولعل هناك نكتة أخرى في قوله "فإنما إثمه على الذين يبدّلونه" هي إن كثيراً من الناس لا يوصون خوفاً من أن يلحقهم إثم التبديل من بعدهم، لأنهم بوصيتهم أعانوا من بدّل ومهّدوا الطريق له، كما رأيت ذلك متعارفاً في كلام كثير من الناس، حيث يقولون من أوصى ألقى ورثته في المعصية، فيكفّ بعضهم عن الوصية، فأشار سبحانه الى كون هذا الحكم غلطاً، فإن الموصي فعل خيراً، وإنما المغيّر هو الذي يتحمل الإثم.



سورة البقرة
182
ثم إستثنى سبحانه عن حرمة تبديل الوصة، بأنه إنما يكون حراماً إذا كان تغيّراً من حق الى باطل، أما إذا كان من باطل الى حق فلا إثم في التغيير((فَمَنْ خَافَ)) وخشي ((مِن مُّوصٍ))، أي الذي يوصي ((جَنَفًا))، أي ميلاً عن الحق الى الباطل، بأن أوصى أزيد مما يحق له الإيصاء به ((أَوْ إِثْمًا)) بأن حرم ورثته بإيصائه، وفي الحديث أن الإثم الخطأ عن عمد، والجنف الخطأ لا عن عمد ((فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ))، أي بين الورثة والموصي، والموصي له، بأن ردّ الزائد الى الورثةوأبطل ما فيه من الإثم ((فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ))، أي على المبدّل للوصية ((إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) بمن يأثم، فكيف بمن لا يأثم، وقد ثبت في الشريعة أن الوصية - بما زاد عن الثلث - لا تنفّذ إلا برضى الورثة.



سورة البقرة
183
ثم إنتقل السياق الى حكم آخر من أحكام الإسلام -لما ذكرنا من أن القرآن الحكيم، بعد بيان أصول التوحيد، ذكر جملة من الأحكام- فقال سبحانه ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ)) فإنه مفروض عليكم، فيجب عليكم أن تصوموا ((كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ)) فلستم أنتم وحدكم أُمرتم بالصيام، بل كان الصوم شريعة في الأديان السابقة أيضاً ((لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)) النار بصيامكم، فإن الصائم حيث يحسّ بالجوع والعطش والضعف يتذكّر الله سبحانه فيخبت قلبه وتضعف فيه قوى الشر، وترقّ نفسه وتصفو روحه، وكل ذلك سبب للتقوى وترك المعاصي.



سورة البقرة
184
((أَيَّامًا))، أي أن الصيام في أيام ((مَّعْدُودَاتٍ))، أي محصورات، فليست أياماً كثيرة لا تعد، وإنما هي ثلاثون يوماً فقط، وفيه تسلية، وليس الصيام على كل أحد ((فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا)) مرضاً يضرّه الصوم ((أَوْ عَلَى سَفَرٍ)) فقد شبّه السفر بمركوب لغلبة الركوب فيه، وحدّ السفر معيّن في الشريعة ((فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ))، أي فليصم في أيام أُخَر غير شهر رمضان، قضاءاً لما فاته بالمرض أو السفر ((وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ))، أي يطيقون الصيام، بأن يكون آخر طاقتهم وذلك موجب للعسر- كما لا يخفى - إذا أخّر الطاقة عُسر، أو أنّ الذي يُطيق الصوم كان في أول الشريعة مخيّراً بين الصيام والإطعام، ثم وجب الصوم وحدهوذلك للتدرّج بالأمة ((فِدْيَةٌ))، أي الواجب عليهم الفداء بدل الصوم ((طَعَامُ مِسْكِينٍ)) واحد وهو مدٌّ من الطعام ((فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا)) بأن زاد على طعام المسكين ((فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ)) أيها المُطيقون، الذي يبلغ الصوم طاقتكم ((خَيْرٌ لَّكُمْ)) من الإطعام، فإن الإنسان أما أن يضرّه الصوم ضرراً بالغاً، وهو الذي تقدّم أنه يفطر ويأتي بعدّةٍ من أيام أُخر، وأما أن يشقّ عليه الى حدّ العُسر، وهو الذي يبلغ منتهى طاقته، وهذا يخيّر بين الصيام والإطعام وإن كان الصيام خير، وأما أن لا يشقّ عليه وهو الذي يجب عليه الصيام معيّناً مما بيّن في الآية التالية ((إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)) لعلمتم أن الصيام خير لما فيه من الفوائد التي ليست في الإطعام، وليس مفهومه، إن لم تكونوا تعلمون، فليس الصوم خيراً، بل المفهوم إن لم تكونوا تعلمون، لم تعلموا أن الصوم خير.

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
سأدخل في أصعب مرحلة في حياة كل طالب للعلم
(( السادس العلمي )) اتمنى منكم اخواني واخواتي الدعاء لي بالموفقية والنجاح
واعذروني على مشاركاتي القليلة في الصرح المبارك
سأستعد منذ اليوم لخوض سباق الاجتهاد من اجل تحقيق الأهداف
دعمكم المميز لي هو الدعاء فلا تحرمونا منه
لؤلؤة الشرق غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس