العودة   منتدى جامع الائمة الثقافي > قسم المقاومة الفكرية والثقافية والعقائدية > منبر كلا كلا اسرائيل

منبر كلا كلا اسرائيل المواضيع الخاصة بالجهاد الفكري والثقافي والعقائدي ضد عدوة الشعوب اسرائيل

إنشاء موضوع جديد  إضافة رد
 
Bookmark and Share أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-07-2011, 07:08 AM   #1

 
الصورة الرمزية الراجي رحمة الباري

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 24
تـاريخ التسجيـل : Oct 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : بغداد
االمشاركات : 11,036

بقلمي من هو الاعور الدجال ؟؟ روايات ومصاديق

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ان الغاية من تسليط الضوء على تحديد الاعور الدجال عليه لعائن الله هو لتحديد جهة الحق التي سوف تقف ندا له فكما قيل في الحكمة (ان الامور تعرف باضدادها) هذا اولا
وثانيا /لضمان عدم الانجرار خلف مخططاته وغيرها كثير
لذا فاننا اذا اردنا الجواب على السؤال المطروح في الموضوع لا بد من :
اولا /ذكر الاحاديث التي وردت فيه
ثانيا/ شرح تلك الاحاديث
ومن هنا سوف ابدأ بذكر الاحاديث والروايات التي وردت فيه عليه لعائن الله مستمدا ذلك من كتاب ((موسوعة الامام المهدي عليه السلام)) لمؤلفه
السيد الشهيد محمد الصدر (قدس سره) حيث جاء في الجزء الثاني المسمى (تاريخ الغيبة الكبرى )ص512-516
الأمر الثاني:
فيما أخرجتته المصادر العامة من صفاته .
ونحن نكتفي بما أخرجه الصحيحان توخيا لاختصار، ما لم تدع حاجة خاصة إلى التوسع.
أولاً : أن النبي (ص) حذر أمته منه.
أخرج البخاري(1) عن أنس قال : "قال (ص) : ما بعث نبي إلا أنذر أمته الأعور والكذاب . إلا أنه أعور وإن ربكم ليس بأعور". وأخرج مسلم (2) نحوه.
ثانياً: أن النبي (ص) استعاذ من فتنته:
أخرج البخاري (3) عن عائشة رضي اللله عنها ، قالت:"سمعت رسول الله (ص) يستعيذ في صلاته من فتنة الدجـال".
ثالثاً: أنه كافر.
أخرج البخاري(4) في الحديث السابق عن أنس : "وأن بين عينيه مكتوب : كافر" وأخرج مسلم(5) في
حديث :"مكتوب بين عينيه : كافر. يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب ".
رابعاً: أنه يدعي الربوبية.
أخرج ابن ماجة (6) عن رسول الله (ص) في صفة الدجال. وفيه يقول : "أنه يقول :أنا ربكم ".
_____________________________
(1) جـ9 ، ص75-76. (2) جـ8، ص195. (3) جـ9، ص75.
(4) المصدر، ص76. (5) جـ8، ص195. (6) جـ2، ص1360.
صفحة (512)
وفيما أخرجه الصدوق من خبر الدجال (1) ما يدل على ذلك.
إذ يقول عن الدجال اننه :"ينادي بأعلى صوته يسمع ما بين الخافقين من الجن والانس والشياطين . يقول:"إليًّ أوليائي ، أنا الذي خلق فسوى وقدّر فهدى ، أناربكم الأعلى".
وقد نوقشت دعواه هذه في الأخبار بعدة وجوه:
الوجه الأول :
قول النبي (ص)- فيما روى ابن ماجة-:" ولا ترون ربكم حتى تموتو". والمراد الاستدلال برؤيته في الحياة على عدم كونه إلها ً، لأن الله تعالى لا يرى.
الوجه الثاني:
قول النبي (ص) فيما سمعناه : "وأنه مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كاتب وغير كاتب".
الوجه الثالث:
" أنه يطعم الطعام ويمشي في الأسواق . وإن ربكم لا يطعم الطعام ولا يمشي في الأسواق ولا يزول تعالى الله عن ذلك علواً كبيراًَ" (2).
الوجه الرابع:
" أنه أعور وأن الله ليس بأعور ".
وقد أخرج الشيخان ذلك ، وهو مما يؤيد فكرة دعواه للربوبية ، بالرغم منأنهما لم يخرجا ما يدل عليها صريحاً.....إذ لا تصلح هذه الأخبار إلا لمناقشة هذه الدعوى، وإلا كان التأكيد على كونه أعور ، أمراً مستأنفاً.
أخرج البخاري (3) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، قال: " قام رسول الله (ص) في الناس فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم ذكر الدجال ، فقال : اني لأنذركموه. وما من نبي إلا وقد أنذر قومه . ولكني سأقول لكم فيه قولاً لم يقله نبي لقومه . انه أعور، وأن الله ليس بأعور".
____________________________
(1) انظر المصدر المخطوط. (2) انظر اكمال الدين المخطوط. (3) جـ9 ،ص75.
صفحة (513)
وأخرج في حديث آخر (1) عن صفته أنه :رجل جسيم أحمر جعد الرأس أعور العين كأن عينه عنبة
طافية ".
وأخرج مسلم (2) في حديث :إلا أنه أعور وإن ربكم ليس بأعور ". وفي حديث آخر : "الدجال أعور العين اليسرى". وفي حديثين آخرين : "أنه ممسوح العين".
وتجد هذا المضمون في سائر الصحاح وفي مسند أحمد ومستدرك الحاكم وغيرها ، بشكل مستفيض.
خامساً: طول عمره. وهو مما لم ينص عليه الشيخان في صحيحيهما صراحة. وقد أخرج مسلم ما يدل على ذلك بغير الصراحة. وهوأمران:
الأمر الأول:
حديث الجساسة(3) الذي يقول فيه الدجال عن نفسه: "أنا المسيح واني أوشك أن يؤذن لي في الخروج: فاخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلاهبطتها .....الخ". وحيث نعلم أن الدجال لم يؤذن له بالخروج إلى حد الآن ، إذنفهو لا زال باقياً إلى حد الآن ، وسيبقى إلى حين يؤذن له بالخروج.
الأمر الثاني :
أخبار ابن صياد التي تدل جملة منها أنه كان معاعصرا للنبي (ص) ولم يؤمن به .كالخبر الذي أخرجه مسلم(4) عن عبد الله قال : " كنا مع رسول الله (ص) فمررنا بصبيان فيهم ابن صياد ، ففر الصبيان وجلس ابن صياد. فكأن رسول الله (ص) كره ذلك . فقال له النبي (ص) : تربت يداك . أتشهد أني رسول الله ؟ فقال : لا بل أني رسول الله . فقال عمر بن الخطاب : ذرني يا رسول الله حتى أقتله . فقال رسول الله (ص) : ان يكن الذي ترى فلن تستطيع قتله".
___________________________________
(1) المصدر والصفحة. (2) جـ8،ص195 وكذلك ما بعده من الأخبار.
(3) المصدر، ص205. (4) نفس المصدر، ص189.
الصفحة (514)
ومن الواضح دلالة مثل هذا القول على وجود غرض إلهي في حفظ حياته ، والمنع عن قتله ، ليكون هو دجال المستقبل!!.
وبعض الأخبار التي أخرجها مسلم (2) تدل على تكذيب ابن صياد نفسه للشائعة التي تقول أنه الدجال ..... وقد سبق أن روينا بعضها .
سادساً : قتله للمؤمن واحياؤه له . وقد خرّج الشيطان ذلك ، وقد سبق ـن نقلناه وناقشناه.
سابعاً : "إن معه ماء وناراً".
فمن ذلك ما أخرجه البخاري(3) عن النبي (ص) أنه قال في الدجال : " أن معه ماء وناراً، فناره ماء بارد وماؤه نار".
وأخرج مسلم (4) : "إن الدجال يخرج وان معه ماء وناراً. فأما الذي يراه الناس ماء فنار تحرق، وأما الذي يراه الناس ناراً فماء بارد عذب. فمن أدرك ذلك منكم فليقع في الذي يراه ناراً،فانه ماءعذب طيب".
وأخرج في حديث آخر :" أنه يجيئ معه مثل الجنة والنار ، فالتي يقول أنها الجنة هي النار ".
ثامناً: "اختلاف نظان الزمان في عهد ". وقد سبق أن رويناه وناقشناه .
وتاسعاً:" أنه أهون على الله من ذلك ". وظاهره نفي أن يكون معه جبل خبز ونهر ماء . وقد سبق أن رويناه عن كلا الصحيحين .
___________________________
(1) المصدر والصفحة. (2)المصدر،ص190-191
(3)جـ9 ، ص75. (4)جـ8، ص196، وكذلك الحديث الذي بعده
صفحة (515)
عاشراً : ما رواه ابن ماجه (1) : " إن من فتنته أن يأمر السماء أن تمطر فتمطر ، ويأمر الأرض أن تنبت فتنب . وإن من فتنته أن يمر بالحي فيكذبونه ، فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت . وإن من فتنته أن يمر بالوحي فيصدقونه ، فيأمر السماء أن تمطر فتمطر ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت ، حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت وأعظمه وأمده خواصراً وأدره ضروعاً . وأنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه ، إلا مكة والمدينة .... " الحديث .
حادي عشر : " أنه ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال " .
أخرجه مسلم . وفي حديث آخر أنه قال : " أمر أكبر من الدجال " (2) .
ثاني عشر : " أنه يقلته المسيح عيسى بن مريم عند نزوله " .
وقد أخرج مسلم أكثر من حديث دال على ذلك . فمن ذلك (3) قوله (ص) عن الدجال : " فبينما هو كذلك ، إذ بعث الله المسيح بن مريم ، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق ، بين مهرودتين .... فيطلبه حتى يدركه بباب لُد فيقتله " .
وفي حديث آخر قال رسول الله (ص) : " يخرج الدجال في أمتي أربعين .... فيبعث الله عيسى بن مريم ، كأنه عروة بن مسعود ، فيطلبه ، فيهلكه " .
فهذه هي المهم من صفات الدجال في المصادر العامة الأساسية .



 

 

 

 

 

 

 

 

الراجي رحمة الباري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-07-2011, 07:09 AM   #2

 
الصورة الرمزية الراجي رحمة الباري

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 24
تـاريخ التسجيـل : Oct 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : بغداد
االمشاركات : 11,036

افتراضي من هو الاعور الدجال ؟ (ح2ما هو التفسير الامثل للروايات الواردة فيه عليه لعائن الله ))

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد ان عرفنا الروايات التي وردت في ذكر الاعور الدجال (لعنة الله عليه) بقي علينا ان نفهم تلك الروايات فليس المهم ان تروي ولكن المهم ان تدري
كما ورد عن الائمة سلام الله عليهم ((حديث تدريه خير من الف حديث ترويه)
فاقول بهذا الصدد:لقد نهج المفسرون للاحاديث الواردة في الامام المهدي سلام الله عليه وما يرتبط به -وهم قلة لان الاعم الاغلب يروي دون ان يفسر -نهج اولئك منهجا تقليدا في فهم اخبار الاعور الدجال
ولكنك تجد ان شهيدنا المقدس السيد محمد الصدر (قدس سره) قد نهج منهجا اخر اطلق عليه التفسير الرمزي
والذي دعاه الى هذا التفسير عدة امور ذكرها في الجزء الثاني من كتابه القيم ((موسوعة الامام المهدي سلام الله عليه)) ص517 واليك نص ما ذكره :
وإن غضضنا النظر عن الشتدد ، نرى أن هذه المضامين اعجازية المحتوى منسوبة إلى الدجال وهو من أشد الناس كفراً وطغياناً . وقد سبق أن بينا عدم إمكان ذلك .
ولعمري ، إن كلتا نقطتي الضعف هاتين : ضعف السند وإيجاد المعجزات المنحرفة ، مستوعبتان للأعم الاغلب من هذه الصفات ، ما عدا صفات طفيفة ككونه أعور العينين !! فإنه مستفيض النقل في الأخبار .
ومعه يدور الأمر بين شيئين لا ثالث لهما ، فأما أن نرفض هذه الأخبار تماماً . وأما أن نحملها على معنى رمزي مخالف لظاهرها . ومن الواضح رجحان الحمل على المعنى الرمزي على الرفض التام . وبخاصة وأن مجموع هذه الأخبار متواتر عن النبي (ص) , ولا نحتمل فيه ـ وهو القائد الرائد للأمة الإٍسلامية ـ أن يربي الأمة على مثل هذه العجائب والسفاسف . فيتعين أن يكون المراد الحقيقي معان اجتماعية حقيقية واسعة ، عبرعنها النبي (ص) بمثل هذه التعابير طبقاً لقانون : حدث الناس على قدر عقولهم .آخذاً المستوى الفكري والثقافي لعصره بنظر الاعتبار. ومن هنا ينفتح باب الأطروحة الثانية لفهم الدجال . وهي التي سنتعرض لها في الناحية الثانية الآتية .
وعلى كل حال ، سواء رفضنا هذه الأخبار ، أو حملناها على غير ظاهرها ، فإن المفهوم ـ على كلا التقديرين ـ إن وجود الدجال أمر محق ، ولكنه ليس رجلاً معيناً متصفاً بهذه الصفات التي يدل عليها ظاهر هذه الأخبار . ولم يتحقق ذلك فيما سبق ، ولن يتحقق في المستقبل . وإنما هو عبارة عن ظواهر اجتماعية عالمية كافرة ، سيأتي التعرض لها إن شاء الله تعالى .



 

 

 

 

 

 

 

 

الراجي رحمة الباري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-07-2011, 07:26 AM   #3

 
الصورة الرمزية الراجي رحمة الباري

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 24
تـاريخ التسجيـل : Oct 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : بغداد
االمشاركات : 11,036

تحليل من هو الاعور الدجال ؟؟(ح3 التفسير الرمزي للروايات الواردة فيه عليه لعائن الله))

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد ان عرفنا ان التفسير الرمزي هو المتعين لفهم الروايات الواردة في ذكر الاعور الدجال (لعنة الله عليه)
نورد بين ايديكم التفسير الرمزي لتك الروايات وكما جاء في كتاب (موسوعة الامام المهدي سلام الله عليه ) لشهيدنا المقدس محمد الصدر (قدس سره)
وبالتحديد في الجزء الثاني من الموسوعة ص532
-537

وإن أهم وأعم ما يواجهنا في هذا الصدد ، مفهوم الدجال ، الذي يمثل الحركة أو الحركات المعادية للاسلام في عصر الغيبة عصر الفتن والانحراف .... بادئاً بالأسباب الرئيسية وهي الحضارة الأوروبية بما فيها من بهارج وهيبة وهيمنة على الرأي العام العالمي ، ومخططات واسعة... ومنتهياً إلى النتائج وهو خروج عدد من المسلمين عن الإسلام واعتناقهم المذاهب المنحرفة ، وما يعم الافراد والمجتمعات من ظلم وفساد .
فليس هناك ما بين خلق آدم إلى يوم القيامة خلق منحرف أكبر من الدجال . باعبتار هيبة الحضارة الأوربية وعظمتها المادية ومخترعاتها وأسلحتها الفتاكة ، وتطرفها الكبير نحو سيطرة الإنسان والالحاد بالقدرة الالهية .... بشكل لم يعهد له مثيل في التاريخ ، ولن يكون له مثيل في المستقبل أيضاً . لأن المستقبل سيكون في مصلحة نصرة الحق والعدل .
صفحة (532)

ويؤيد هذا الفهم قوله في الخبر الآخر : " ليس ما بين خلق آدم إلى يوم القيامة أمر أكبر من الدجال " .والتعبير بالأمر واضح في أن الدجال ليس رجلاً بعينه وإنما هو اتجاه حضاري معاد للاسلام .
" وإن من فتنته أن يأمر السماء أن تمطر فتمطر ، وأن يأمر الأرض أن تنبت فتنبت " وكل هذا وغيره مما هو أهم منه من أنحاء السيطرة على المرافق الطبيعية مما أنتجته الحضارة الأوربية .
ولا يخفى ما في ذلك من الفتنة ، فإن أعداداً مهمة من أبناء الإسلام حين يجدون جمال المدينة الأورتبية ، فأنهم سوف يتخيلون صدق عقائدها وأفكارها ويتكوينها الحضاري بشكل عام . وهذا من أعظم الفتن والأوهام التي يعيشها الأفراد في العصور الحاضرة . وهي غير قائمة على أساس صحيح . إذ لا ملازمة بين التقدم التكتيكي المدني والتقدم العقائدي والفكري والأخلاقي .... يعني لا ملازمة بين الجانب الحضاري والجانب المدني في المجتمع فقد يكون المجتمع متقدماً إلى درجة كبيرة في الجانب المدني ومتأخراً إلى درجة كبيرة في الجانب الحضاري .... كما عليه المجتمع الأوربي . كما قد يكون العكس موجوداً أحياناً في مجتمع آخر .
" وإن من فتنته أن يمر بالوحي فيكذبونه ، فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت ، وإن من فتنته أن يمر بالوحي فيصدقونه فيأمر السماء أن تمطر فتمطر ، ويأمر الأرض أن تنبت فتنتب ، حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت وأعظمنه ، وأمدّه خواصراً وأدرّه ضروعاً " .
وهذا يعني على وجه التعيين : أن المكذب للمد المادي الأوربي والواقع أمام تياه يمنى بمصاعب وعقبات ويكون المال والقوة إلى جانب السائرين في ركابها المتملقين لها المتعاونين معها . والتعبير بالحي يعني النظر إلى المجتمع على العموم .
وهذا هو الصحيح بالنسبة إلى المجتمع المؤمن في التيار المادي ، إذ لو نظرنا إلى المستوى الفردي ، فقد يكون في إمكان الفرد المعارض أن ينال تحت ظروف معينة قسطاً من القوة والمال .
صفحة ( 533 )

والدجال أيضاً يدعي الربوبية إذ ينادي بأعلى صوته يسمع ما بين الخافقين ... يقول : " إليّ أوليائي ، أنا الذي خلق فسوى وقدر فهدى أنا ربكم الأعلى " .
وكل ذلك واضح جداً من سير الحضارة الأوربية وأسلوبها . فإنها ملأت الخافقين بوسائل الإعلام الحديثة بماديتها ، وعزلت البشر عن المصدر الالهي والعالم العلوي الميتافيزيقي ، فخسرت بذلك العدل والأخلاق والفكر الذي يتكلفه هذا المصدر . وأعلنت عوضاً عن ذلك ولايتها على البشرية وفرضت ايديولوجيَّتها على الأفكار وقوانينها على المجتمعات، بدلاً عن ولاية الله وقوانينه . وهذا يعني ادعاءها الربوبية على البشر أي أنها المالكة لشؤونهم من دون الله تعالى.
ومن الملحوظ في هذا الصدد ، أن الوارد في الخبر أن الدجال يدعي الربوبية ، لا أنه يدعي الالوهية ... والربوبية لا تحمل إلا المعنى الذي أشرنا إليه .
وأما دعوتها ، لأوليائها من أطراف الأرض ، ليتم تثقيفهم الفكري وتربيتهم الأخلاقية والسلوكية تحت إشرافها ، ولترتبط مصالحهم الاجتماعية والاقتصادية بها ... فهذا أوضح من أن يذكر أو يسطر .
" ولا يبقى شيء من الأرض إلى وطئه وظهر عليه " وهو ما حدث فعلاً بالنسبة إلى شمل التفكير الأوربي في كل البسيطة . فليس هناك دولة في العالم اليوم لا تعترف بالاتجاهات العامة للفكر والقانون الأوربي . ونريد بأوربا كِلَيْ قسميها الرأسمالي والشيوعي . فان كليهما معاد للاسلام ، وممثل للدجال بأوضح صوره .
وأما استثناء مكة والمدينة من ذلك ، فقد يكون محمولاً على الصراحة ، وقد يكون محمولاً على الرمز . أما حملها على الصراحة ، فيعني أن سكان هاتين المدينتين المقدستين سوف لن يعمهما الفكر الاوربي والمد الحضاري المادي .بل يبقى سكانها متمسكين بالإسلام ، بمقدار ما يفهمونه ، صامدين تجاه الاغراء الأوربي إلى حين ظهور المهدي عليه السلام .
وأما حملها على الرمزية ، فهو يعني أن الفكرة الألهية المتمثلة بمكة ، والفكرة الإسلامية المتمثلة بالمدينة المنورة، لا تنحرف بتأثير المد الاوربي ، بل تبقى صامدة ، محفوظة في أذهان أهلها وإيمانهم . وهذا يدل على انحفاظ الحق في الجملة بينالبشر ، وأن الانحراف لا يشمل البشر أجمعين ، وإن كانت نسبة أهل الحق إلى غيرهم ، كنسبة مكة والمدينة إلى سائر مدن العالم كله .
صفحة (534)



وهذا مطابق لما عرفناه من نتائج التخطيط الالهي ، ببقاء قلة من المخلصين الممحصين المندفعين في طريق الحق . وأكثرية من المنحرفين والكافرين .ويكون لأولئك القلة المناعة الكافية ضد التأثر بالأفكار المادية والشبهات المنحرفة . بل أن هذه الشبهات لتزيدهم وعياً وإيماناً وإخلاصاً .
وهذا هو معنى ما ورد في بعض أخبار الدجال من منعه عن مكة والمدينة بواسطة ملك بيده سيف مصلحت يصده عنها ، وأن على كل نقب ملائكة يحرسونها . فإن تشبيه العقيدة الإسلامية بالملك ومناعتها بالسيف مما لا يخفي لطفه . وأما كون الملائكة على كل نقب ، فهو يعني الإدراك الواعي للمؤمن بأن للاسلام حلاً لكل مشكلة وجواباً على كل شبهة ، فلا يمكن لشبهات الآخرين أن تغزو فكره أوتؤثر على ذهنه .
والدجال طويل العمر ، باق من زمن النبي (ص) حين لم يؤمن برسالته من ذلك الحين ، بل ادعى الرسالة دونه ، ولا زال على هذه الحالة إلى الآن .
فإن الدجال أو المادية ، تبدأ أسسها الأولى من زمن النبي (ص) حيث كان للمنافقين أثرهم الكبير في ادكاء أوراها ورفع شأنها . فكانوا النواة الأولى التي حددت تدريجاً سير التاريخ على شكله الحاضر ، بانحسار الإسلام عن وجه المجتمع في العالم وسيطرة المادية والمصلحية عليه .
إذن فالمنافقون الذين لم يؤمنوا برسالة النبي (ص) ، أولئك الذين كان مسلك الدجال والخداع مسلكهم إذ يظهرون غير ما يبطنون ، هم النواة الأولى للمادية المخادعة التي تظهر غير ما تبطن ، وتبرقع قضايا بمفاهيم العدل والمساواة . فهذا هو الدجال ، بوجوده الطويل .
ومن هنا نفهم معنى ادعائه للرسالة ، فإن المادية كانت ولا زالت تؤمن بفرض ولايتها على البشر ، غير أنها كانت في المجتمع النبوي ضعيفة التأثير جداً ، لا تستطيع الارتباط بأي انسان . ولكن حين أُذن للدجال المادي بالخروج ، في عصر النهضة الأوربية ، استطاعت المادية أن تفرض ولايتها وسلطتها على العالم .
صفحة ( 535 )

ومن هذا المنطلق نفهم بكل وضوح معنى أنه عند الدجال ماء ونار ، وماؤه في الحقيقة هو النار ، وناره هو الماء الزلال . وقال النبي (ص) ـ في الحديث ـ : " فمن أدرك ذلك فليقع في الذي يراه ناراً فأنه ماء عذب طيب " .
فإن ماء الدجال هو المغريات والمصالح الشخصية التي تتضمنها الحضارة المادية لمن تابعها وتعاون معها . وناره عبارة عن المصاعب والمتاعب والتضحيات الجسام التي يعانيها الفرد المؤمن الواقف بوجه تيار المادية الجارف . وتلك المصالح هي النار أو الظلم الحقيقي ، وهذه المصاعب هي الماء العذب أو العدل الحقيقي .
ومن الطبيعي أن النبي (ص) بصفته الداعية الأكبر للايمان الالهي ، ينصح المسلم بأن لا ينخدع بماء الدجال وبهارج الحضارة ومزالق المادية، وأن يلقي بنفسه فيما يراه ناراً ومصاعب ، فإنه ينال بذلك طريق الحق والعدل .
ونستطيع في هذا الصدد أن نفهم : أن نفس سياق الحديث ولهجته دال على ذلك . فإن قوله : " فأما الذي يراه الناس ماء فنار تحرق ، وأما الذي يراه الناس ناراً فماء بارد عذب " . يكاد يكون أيضاً واضحاً في أنه ليس المراد به الماء والنار على وجه الحقيقة ، بل هو ماء ونار على وجه الرمز . وإلا لزمن نسبة المعجزات إلى المبطلين ، وقد برهنا على فساده .
ومن طريف ما نستطيع أن نلاحظه في المقام : أن النبي (ص) لم يقل في الخبر : أن الناس جميعاً حين يقعون في الماء فإنهم يجدونه ناراً أو حين يقعون في النار ، يجدونها ماء . بل يمكن أن نفهم أن بعض الناس وهم المؤمنون خاصة هم الذين يجدون ذلك . وإلا فإن أكثر الناس حين يقعون في ماء الدجال أو بهارج المادية لا يجدون إلا اللذة وتوفير المصلحة ، كما أنهم حين يقعون في المصاعب والمتاعب لا يجدون إلا الضيق والكمد .
والدجال أعور ، نعم بكل تأكيد ، من حيث أن الحضارة المادية تنظر إلى الكون بعين واحدة ، تنظر إلى مادته دون الروح والخلق الرفيع والمثل العليا . ومن يكون الأعور إلا غير المدرك للحقائق ربا صالحاً للولاية على البشرية ... وإنما تكون الولاية خاصة بمن ينظر إلى الكون بعينين سليمتين ، بما فيه من مادة وروح ويعطي كلل زاوية حقها الأصيل " وإن ربكم ليس بأعور " .
صفحة (536)

والدجال كافر ، لأنه مادي ومن أعداء الإسلام وأبعدهم عن الحق والصواب : " مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب " فإن هذه الكتابة ليست من جنس الكتابة ! وإنما هي تعبر عن معرفة المؤمنين بكفر المنحرفين ونفاقهم ، وهذا لا يتوقف على كون الإنسان قارئاً وكاتباً أو لم يكن . ومن المعلوم اختصاص هذه المعرفة بالمؤمنين " يقرؤه كل مؤمن " لأنهم يعرفون الميزان الحقيقي العادل لتقييم الناس . وأما المنحرفون ، فهم لا يقرأون هذه الكتابة ، وإن كانوا على درجة كبيرة من الثقافة . لأنهم مماثلون لغيرهم في الكفر والانحراف . ومن الطبيعي أن لا يرى الفرد أخاه في العقيدة كافراً .
ومن أجل هذا كله حذر النبي (ص) منه أمته واستعاذ من فتنته ، لأجل أن يأخذ المسلمون حذرهم على مدى التاريخ من النفاق والانحراف والمادية. بل قد يأخذ المسلمون حذرهم على مدى التاريخ من النفاق والانحراف والمادية . بل قد حذر كل الأنبياء أممهم من فتنة الدجال . لما سبق أن فهمنا أن المادية السابقة على الظهور هي من أعقد وأعمق الماديات على مدى التاريخ البشري " ما بين خلق آدم إلى يوم القيامة " وتشكل خطراً حقيقياً على كل الدعوات المخلصة للأنبياء أجمعين .
وهو بالرغم من ذلك كله ـ " أهون على الله من ذلك " باعتباره حقيراً أمام الحق والعدل . مهما كانت هيمنته الدنيوية وسعة سلطته . وليس وجوده قدراً قهرياً أو أثراً تكوينياً اضطرارياً ، وإنما وجد من أجل التمحيص والاخبتار، بالتخطيط الالهي العام ، وسوف يزول ، عندما يقتضي هذا التخطيط زواله ، عند الظهور ، وتطبيق يوم العدل الموعود.
ومن هنا نفهم أنه لا تعارض بين الخبر الدال على أن معه جبل خبز ونهر ماء ، والخبر الدال على أنه أهون على الله من ذلك . فإن هو أنه عند الله لا ينافي حصوله على السلطة والإغراء ، أخذاً بقانون التمحيص والامهال الالهي طبقاً لقوله تعالى : ﴿ حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وأزينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها ، أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً ؛ فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس . كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون (1) . فهذه هي الفكرة العامة الرمزية عن الدجال .



اقول:بعد كل ما مر بات جليا ان الاعور الدجال في زماننا هذا هي ((امريكا )) عليها وعلى كل من والاها لعائن الله

 

 

 

 

 

 

 

 

الراجي رحمة الباري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-07-2011, 09:30 AM   #4

 
الصورة الرمزية ابو محمد

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 26
تـاريخ التسجيـل : Oct 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : بلاد الأنبياء والمرسلين
االمشاركات : 9,045

افتراضي

أحسنت أخي الراجي
وبوركت على هذا البيان والتحليل المقرون بكلمات المولى المقدس
وفقك الله لنشر فكر آل الصدر
وأعاذنا الله وأياكم من مخططات الغرب الكافر
وفقك الله للمزيد من المواضيع المفيدة

 

 

 

 

 

 

 

 

ابو محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-07-2011, 10:10 PM   #5

 
الصورة الرمزية الراجي رحمة الباري

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 24
تـاريخ التسجيـل : Oct 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : بغداد
االمشاركات : 11,036

افتراضي

الاخ الغالي ابو محمد
اشكر لك هذا المرور الطيب والكلمات اللطيفة

 

 

 

 

 

 

 

 

الراجي رحمة الباري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



All times are GMT +3. The time now is 10:33 AM.


Powered by vBulletin 3.8.7 © 2000 - 2024