العودة   منتدى جامع الائمة الثقافي > قسم الطب والعلوم > منبر البحوث والدراسات العامة

منبر البحوث والدراسات العامة لكل البحوث والدراسات والرسائل الجامعية التي تخص طلبة العلوم المختلفة

إنشاء موضوع جديد  إضافة رد
 
Bookmark and Share أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-01-2019, 04:13 PM   #1

 
الصورة الرمزية الاقل

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 211
تـاريخ التسجيـل : Apr 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 12,641

تحليل دراسة في عوامل الزمن والتحرر والخرافة في رواية مئة عام من العزلة للأديب غابرييل ماركيز


مئة عام من العزلة ، رواية ابدع كاتبها الاديب الكولومبي غابرييل ماركيز ، في عكس صورة واقعية من حياة عائلته بشكل خاص والكثير من المجتمعات الانسانية لاسيما مجتمعات امريكا اللاتينية بشكل عام .
ضمت هذه الرواية الكثير من العناصر المتعلقة بالحياة الانسانية كبناء الاسرة وعملية الانفتاح على الثقافات الاخرى ، والموروثات الاجتماعية ، والصراع الفكري والاستغلال الاقتصادي...
تم في هذا البحث ، التعرض الى بعض العوامل او العناصر الواردة فيها ومناقشتها بإيجاز في اطار موضوعي وفكري مهتم بقراءة نتاج الادب العالمي ، من اجل بيان بعض النقاط المهمة والتي ربما قد غفل الكاتب عن ذكرها في ثنايا روايته ، لتكون محاورة فكرية معبرة عن مدى احترام الانسان لراي وطرح اخيه الانسان من جانب وقراءته الموضوعية لهذا الطرح من جانب آخر ، وبذلك يرتقي الانسان من جميع الجوانب وخصوصا الفكرية منها ، وذلك نتيجة الحوار البناء والمناقشة الموضوعية ، وتقبل راي الاخر ،وابداء الملاحظات عليه .
البحث يتكون من محورين وخلاصة البحث:

المحور الاول. ويتكون من نقطتين:

اولا. مؤلف الرواية.
*.هو الاديب غابرييل خوسيه دي لا كونك ورديا غارثيا ماركيز (بالإسبانية: Gabriel García Márquez) ‏
روائي وصحفي وناشر وناشط سياسي كولومبي ولد في قرية أراكتاك ، ما جدالينا قرب الساحل الكاريبي في كولومبيا في 6 مارس 1927
*.درس في ضاحية من ضواحي بوغوتا ، واصبح صحفيًا في كارتاخينا وبارانكيا (كان يكتب عمودًا صحفيًا) وفي بوغوتا (كتب مراجعات لأفلام سينمائية).
*.وحينما اشتدت في بلاده قبضة الديكتاتورية، سافر لأوربا من اجل العمل ، وفي روما تلقّى دروسًا حول صناعة الأفلام التجريبية ، وبقي في لندن فترة من الزمن ، وفي ألمانيا الشرقية وتشيكوسلوفاكيا والاتحاد السوفيتي ، عملا مراسلا للأخبار.
*.عندما تولّى فيديل كاسترو السلطة في كوبا، وقّع ماركيز عقدًا مع «برينسا لاتينا» (وكالة أنباء تمولها الحكومة الشيوعية الجديدة)، ونتيجة ضيق الحال في هافانا انتقل إلى نيويورك سنة 1961 مع زوجته مرسيدس وابنهما الصغير رودريغو.
كتب رواية «عاصفة الأوراق» في بوغوتا، و«ساعة الشؤم»، و«ليس للجنرال من يكاتبه» في باريس، وكتب «جنازة الأم الكبيرة» في كاراكاس. وعندما سيطر الشيوعيون المتشددون على قسم الصحافة وطردوا المحرّر، استقال ماركيز.
سافر الى مكسيكو سيتي ، وتحوّل لكتابة السيناريو، وحرّر مجلّة نسائية “لا فاميليا” وحرر مجلة أخرى تختص بالفضائح والجرائم، وكتب المحتوى لجي والتر تومبسون.
*. يعد غارثيا ماركيث من أشهر كتاب الواقعية العجائبية، فيما يعد عمله مئة عام من العزلة هو الأكثر تمثيلًا لهذا النوع الأدبي، حيث اعُتبرت هذه الرواية واحدة من أهم الأعمال في تاريخ اللغة الإسبانية ، وذلك من خلال المؤتمر الدولي الرابع للغة الإسبانية الذي عقد في قرطاجنة في مارس عام 2007.
*.حصل غارثيا ماركيز على جائزة رومولو جايجوس في عام 1972، ووسام جوقة الشرف الفرنسية عام 1981، ووسام نسر الأزتيك في عام 1982 ، وجائزة نوبل للآداب عام 1982 وذلك تقديرًا للقصص القصيرة والرويات التي كتبها، والتي يتشكل بها الجمع بين الخيال والواقع
*. قضى معظم حياته في مسكنه في المكسيك واستقر فيه بدءًا من فترة الستينات الى ان تُوفي يوم 17 أبريل 2014 عن عمر ناهز 87 عامًا.

ثانيا . مختصر رواية المئة عام من العزلة.
الرواية كتبت عام 1965 في المكسيك ، ونشرت عام 1967 وطبع منها قرابة 30 مليون نسخة وترجمت الى ثلاثين لغة
تنتمي هذه الرواية الى الواقعية السحرية في الادب ، حيث مزج فيها الكاتب الواقع المعاش بالخيال المتأثر بالخرافات بالإضافة الى تجاربه الشخصية
الرواية تمتد لمئة عام ، تصور الاحداث الحاصلة على مدى ستة اجيال في قرية وهمية من نسج خيال الكاتب ، حيث بدأ تأسيس القرية من قبل شخص يدعى خوسيه أركاديو بونديا ، وعشرين نفر من اصدقائه الذين بحثوا عن طريق إلى البحر لمدة تتجاوز العام فكان الاستقرار الختامي لرحلتهم في هذه المنطقة ، فكونوا قرية اسمها ماكاندو في كولومبيا
قام خوسيه بونديا بتوزيع اراضي القرية بشكل نظامي ومقبول من الجميع لتشكل نواة بلدة ماكاندوا ، والتي استمرت بمعيشتها الهادئة لعدة سنوات يرجع فيها سكان القرية الى خوسية بويندا من اجل المساعدة في حل ما يواجههم من مشاكل
تتكون عائلة خوسيه بونديا من زوجته أورسولا ، وافراد اسرته أورليانو(العقيد فيما بعد)، وأركاديو ، وأمارانتا (الابنة الحقيقية) ، و ريبيكا (البنت المتبناة)
بعد بضعة سنوات من تأسيس القرية زارها الغجر الجوالين في شهر آذار ومعهم بعض بالألعاب السحرية والاكتشافات والثلج في زمن كانت هذه المخترعات غير معروفه للجميع ، وكان من ابرز شخصيات الغجر (ملكيا ديس) الذي كان محور فعال في الرواية ، بقي الغجر وحسب عادتهم لعدة ايام في القرية وهنا كانت بداية حصول التغيير في القرية حيث تأثر اغلب افراد القرية بما شاهدوه وكل بحسبه ، ففيما يخص خوسيه بويندا فلقد تأثر بحجري المغناطيس فقايضهما مع ملكيا ديس ليقوم بعد ذلك بالبحث والتنقيب عن الذهب في منطقته ولكن دون جدوى مهملا اسرته وشؤون قريته ، وفي السنة التالية عندما عاد الغجر ازدادت نسبة تأثر افراد القرية وهذه المرة قايض خوسيه الحجرين مع زيادة بعدسة الزجاج والتي نتيجة تجاربه ادت الى احتراق جسده ومنزله وفي السنة ، الاخرى جلبوا معهم مجموعه من الاناني الزجاجية والاحماض الكيمياوية ولكن ملكيا ديس توفي وجاء غيره فقام خوسيه بإنشاء ورشة مختبر كيمياوي اشبه بالمعمل الصغير لإجراء التجارب بحثا عن الذهب وكيفية الحصول عليه مع ازدياد الهوة بينه وبين اسرته نتيجة الاهمال وخصوصا في تربية ومتابعه ابنائه الذين اخذ كل فرد منهم يشق طريق تفكيره وسلوكه بما يراه بنفسه فاصبحوا يعيشون في عزلة بالرغم من وجودهم في بيت واحد ، فكل فرد منهم يبحث عن معنى الحياة وعن الحب الحقيقي ، لقد نجح الكاتب ببراعة أن يخلق تاريخ قرية كامل من نسج خياله ، تلك القرية التي أخفى ليلها قصص حب بعضها نجح وبعضها كان مكتوب له أن يفشل، مرورًا بنمو القرية حتى أصبحت أشبه بمدينة صغيرة توالت عليها الحروب والحكومات.
فمع الزيارة الأولى للغجر، تبدأ الأحداث في التطور حيث يهرب خوسيه اركاديو ابن مؤسس القرية الجد الكبير لعقود طويلة ويعود لنشعر بمدى تغير الازمنة، ويترك أيضا ميلكيادس الغجري تلك الرقاق التي فيها نبؤه ماكوندو من بداية تأسيس المدينة مرورا بالمآسي والأحقاد والحروب الطويلة التي قادها الكولونيل أورليانو بوينديا الليبرالي، ابن مؤسس القرية ضد المحافظين(ومنهم خوسيه أركاديو الابن( يتزوج ريبيكا لاحقاً)). والأمطار، التي استمرت أكثر من أربع سنوات دون انقطاع في فترة أورليانو الثاني، والحياة الطويلة التي عاشتها أورسولا الجدة زوجة مؤسس القرية ، والنبوءة التي استطاع آخر فرد في الأسرة، أورليانو الصغير، أن يفك شفرة الأبيات الشعرية ويفهم في اللحظة الأخيرة قبل هبوب الرياح المشؤومة التي قضت علي آخر السلالة والقرية كلها.
والاستغلال الناجم عن الشركة الامريكية التي تعمل في صناعة الموز ، الذي اتعتب كاهل اهل القرية
فمن الافكار التي أراد الكاتب إيصالها للقارئ ان الزمن لا يسير في خط مستقيم بل في دائرة ،«فكلما تلاشت الاحداث من ذاكرتنا اعادها الكون لكن في شخصيات و ازمنة مختلفة»،
جعل ماركيز حضور الماضي شرطًا للحياة في ماكوندو، كالفقر والظلم. فعلى امتداد سبعة أجيال استمر حضور خوسيه أركاديو بوينديا وأبنائه في حياة بعضهم: ظلوا حاضرين في الأسماء المتوارثة، وفي نوبات غضبهم وغيرتهم، وفي عداواتهم وحروبهم، وفي كوابيسهم، وفي تيار سفاح الأقارب الذي يمرّ خلالهم. قوٌة تجعلُ الشبهَ في العائلة لعنةً، والانجذاب الجنسي قوةً تُكافح، خشية أن يولد لك ولزوجتك (الغير شرعية وان كانت ابنة عم) طفلٌ له ذيل خنزير، العلاقات العاطفية تنتهي بنهايات مأساوية وغريبة ، حالات الزواج اغلبها غير ناجحة حيث تنتهي بالطلاق
وبعد مئة عام اختفت القرية والاسرة كما قالت النبوءة في اول الرواية في مخطوطات ريميديوس والتي تقول ان كل شيء مكتوب وذلك بسبب ان الابناء والاحفاد يسيرون وفق ما سار عليه ابائهم مع انهم يرون عكس ذلك
أي ان الكاتب حاول تقديم رؤية المادية مجسدة بذاتية الخيال فتظهر ملامح ما هو غير مألوف في حالات تبادل الحكايات الخرافية فاسحة المكان لبيئة سحرية تخفف من البؤس الاجتماعي الانساني مع صلابة الواقع امام العنف الذي يهيمن على الحياة اليومية.


المحور الثاني. المناقشة
تحتوي الرواية على مجموعه من العوامل والعناصر الانسانية المهمة ، تم في هذا المحور من البحث مناقشة ، ثلاثة عوامل منها وهي:
الزمن(فلسفة التاريخ) ، والتحرر ، والخرافة ، وكما يلي:

العامل الاول .
الزمن (فلسفة التاريخ).
1.في ثنايا المئة عام من العزلة نجد رؤية فلسفية(1)( فلسفة العود الابدي)، تلقي بظلالها على احداث القصة ، وهذا ما يحتاج الى معالجة اعمق باعتبار ان منشأ فلسفة العود الابدي او ان التاريخ يعيد نفسه ، هي رؤية غير دقيقة للواقع الانساني الذي يمكن ان نجمل الاجابة عليه من خلال وجود كل انسان والذي يمثل تكاملا عن حالة الانسان السابق له ، في نفس حياة الجيل الواحد وانتقال الخبرات المتراكمة على طول مراحل خط البشرية ووجودها على وجه هذه البسيطة
2.نفس مواصفات الانسان من عقل وجسد ومشاعر تشير الى كمال لا يمكن ان يؤول الى العبث بتكرار التاريخ والزمن عليه بل لابد من وجود رؤية تكاملية متصاعدة للتاريخ الانساني
3.هنا نحاول تقديم اطروحة المفكر الاستاذ الفاضل: علي الزيدي ، والتي سجلها في احد محاضراته الصوتية والتي تشير اجمالا الا ان(3):
البعد الايديولوجي العميق للبشرية المفسر لوجودها والمنظم لآلية عملها في الحياة يسير على ثلاثة مراحل
المرحلة اولى .
مرحلة الرفض لهذه الايديولوجية من قبل طبقة المجتمع الجاهل (او المعاند) المعاصر لطرح هذه الأيديولوجية
المرحلة الثانية.
مرحلة التعامل المادي البحت مع هذه الايديولوجية من قبل طبقة المتقمصين لهذه الايديولوجية والمرتبطين بها اسما فقط من دون العمل الحقيقي الجاد بمضامينها ومطالبها سيما الانسانية منها (الاستخدام الاسمي لها فقط)
المرحلة الثالثة والاخيرة.
مرحلة التطبيق الصحيح الواقعي لمضامين ومطالب هذه الايديولوجية وتعتبر هذه المرحلة هي المرحلة الثالثة والاخيرة في التاريخ الانساني حيث يتم التطبيق الصحيح لتلك الايديولوجية
مع ملاحظة ان نمو التاريخ البشري لا يحسب مثل حالة الموت والحياة لكل انسان بل يتم احتسابه على اساس خط الانسانية الواعي المتكامل الذي يسير نحو بناء مجتمع فاضل للإنسانية وهذا الفارق النوعي مهم جدا في فهم التاريخ الانساني بحيث يكون كل حالات وجود الانسانية الاخرى تدور في فلكه.

العامل الثاني . التحرر.
لكي نستوعب موضوع اشكالية الهوية في الدول التي أُحتلت في العالم الجديد نحتاج ان فهم موضوع مهم جدا الا وهو : محور المقاومة ، فمحور المقاومة يحتاج الى:
الانتماء للأرض ، والوشائج الاجتماعية الاصيلة والتي يجب ان تكون متوفرة في الفرد ، والأيديولوجية التي تحافظ على المحاور الثلاثة:
الانسان والارض والمجتمع وتكاملهم باتجاه غاية سامية أي تحقيق العدالة الاجتماعية ورقي البشرية
بالتالي خط المقاومة كان ، غير واضح ويكاد ان يكون غائبا في رؤية ماركيز ، بسبب اشكالية الهوية التي توجد في المجتمعات التي نشأت في العالم الجديد وضعف انتمائها للأرض واعتبار ان اصولها جاءت من خلف البحار هذا ادى بالتالي الى ان يكون المعيار المادي هو المفسر للسلوكيات السلبية والمشاكل التي اعترضت هذه القرية والحقيقة ان فاقد الشيء لا يعطيه(3)
اذن حينما يتم استظهار خطين رئيسيين فعالين في المجتمع فقط وهما الليبرالي والمحافظ والتغافل عن الخط الثالث مع اهميته وفعاليته الا وهو خط المقاومة وثقافة المقاومة والذي هو في حقيقته الخط الاصيل ، لأنه هو المعبر عن هوية القرية الواقعة بين ارهاصات صراع الخطين المحافظ والليبرالي ، ولا نقصد هنا خطا سياسيا او خطا عسكريا بل هو خط اجتماعي ينتقي الجيد من المتغيرات الوافدة ويرفض السلبي منها محافظا على معاييره الثلاثة الوطن والمجتمع والعقيدة(الايديولوجية المعمقة التي تفسر وجوده)، ويسعى بكل وجوده للدفاع عنها مهما كلف الامر ويجب ان نفهم ان هذا يجب ان يكون معيار انساني لا يغيب عن المشهد القصصي لان الانسان الغير مقاوم بالمعنى الذي طرحناه لامعنى لوجوده وانسانيته وبالتالي فهو حتماً سائر الى الزوال.
عليه لابد من تعزيز محور المقاومة وزرع الثقة بالنفس وضرورة الدفاع عن الوطن والتمسك بمنهج وفكر الايديولوجية التي تحقق للإنسان رقيه وتكامله وتلبي حاجاته مع الاستفادة من تجارب الانسانية النافعة والواقعة في خدمة الانسانية فقط

العامل الثالث. الخرافة.
في نمطية وجود الانسان توجد علاقتين بالقوى او الظواهر التي يعجز العقل عن تفسيرها او قد تسمى بالاصطلاح الأيديولوجي بالغيب ، حيث توجد هنالك سلوكيتين يمكن ان نفسر من خلالها علاقة الانسان بهذا العامل :

الاولى . العلاقة الايجابية مع الغيب.
يعني انما يكون الغيب بعدا ايجابيا بناءً في وجود المجتمع الانساني يعمل على تركيز القيم الفاضلة وخدمة البشرية وعاملا في رقيها فهو امر لصيق بوجود الانسان ولا يمكن باي حال من الاحوال الاستخفاف به او تحويله الى عائق امام الكمال الانساني.

الثانية. العلاقة السلبية مع الغيب.
كل تصرف للإنسان مع الغيب سلبي يؤدي الى التكاسل او اهمال الواجبات الطبيعية للفرد او يكون عائقا عن تكامل البشرية وخدمة غاياتها الراقية امر مرفوض اكيدا ، ولكنه احد العوامل الموجودة في المجتمع الانساني بالتالي كان يجب على ماركيز ان يتطرق الى تقديم هذين البعدين وان فقدان البعد الايجابي يشكل نقصا يفقد الكثير من البعد الحياتي الانساني في القصة لأنه اذا اصبح مؤشر الخرافة ينسحب على الطموح الانساني لبناء مجتمع فاضل وسعيد فهو قتل مع سبق الاصرار والترصد في القيمة الإنسانية للفرد فما قيمة الانسان الذي ليس لديه امل او هدف ليعيش بإنسانيته
أي ان التطرق الى الصورة السلبية للغيب فقط في الرواية يؤدي الى نقص فيها لأنه في حقيقته نظرة احادية الجانب ، عليه فلابد من ذكر الصورة الايجابية للغيب المؤدية الى تطوير الاخلاق وخدمة المجتمع وتقف معرقلا وعائقاً امام حالات الجشع المادي في النفوس.


خلاصة البحث.
رواية مئة عام من العزلة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز، عبارة عن رسالة انسانية عكست الواقع الاجتماعي المعاش في الكثير من المجموعات البشرية ، عبر فيها الكاتب عن موقفه السياسي ورسالته من اجل السلام والعدالة من خلال عمل ادبي بأسلوب رائع وشيق يصف فيها كيف وصلت اغلب المجتمعات الى مجموعه مشاكل تعاني منها البشرية ، عمل الكاتب على توظيف قضايا الواقع مضيفا عليها بعض الموروثات الخرافية ونتاج تجاربه الشخصية ، فصاغ لنا لوحة ادبية رائعة وشيقه ، حاولنا في قراءتنا المعاصرة لرواية المئة عام من العزلة ، ان نضفي عليها ابعادا انسانية وجدناها غائبة في تركيبها القصصي وحسب فهمي اننا نحتاج الى ادب قصصي يعطي صورا تعطي بعدا شاملا للوجود الانساني برؤيته التاريخية وفهمه للمقاومة ونظرته الى الغيب فكلما قدمنا بعدا احاديا يداعب المشاعر البسيطة للإنسان بدون ان نقدم معالجات جيدة ويرفع من القيمة الانسانية للإنسان نكون قد كررنا انفسنا ولم نقدم رسالة تطور مدارك الانسانية .

الهامش:

(1).طبق ماركيز فلسفة نيتشه التي تعود جذورها الى زرادشت والتي يطلق عليها فلسفة العود الابدي ، والتي وظفها في الرواية جليا بمسائل الحب والانتقام... ، حيث قال(ماركيز): (كلما تلاشت الاحداث من ذاكرتنا عادها الكون لكن بأشخاص وازمنة مختلفة )، وفكرة العود الأبدي بإيجاز هي : إن كل ما عرفه الوجود من كائنات حية يعود بعد أن يفنى، ليبدأ حياة جديدة، تمر بأحوال من ازدهار، فذبول، ففناء، ثم تعود للظهور مجدداً، في دورات لا تنتهي. ويبلغ النوع الإنساني ذروة كل دورة بظهور الإنسان الأعلى superman الذي لا بد أن يتراجع نازلاً، من الذروة إلى الحضيض حتى تنتهي الدورة، تمهيداً لدورة تالية.

(2). العلماء يشيرون اجمالا الى وجود ثلاث محاور مؤثرة في التاريخ البشري وهي:
المحور الاول: محور الحضارة حيث تتشكل الحضارة وبعد فترة زمنية تصل الى اوجها ثم تبدأ بالنزول ،مع ملاحظة ان البعد الحضاري الوضعي لا يفسر كل شيء
قال الفيلسوف الألماني أوزوالد سبنجلر :
أن الحضارات مثلها مثل الكائنات الحية تولد وتنضج وتزدهر ثم تموت.
المحور الثاني: محور الصراع الطبقي والذي هو تحت مسميات وعناوين متعددة ، وهذا المحور لا يركز على الفكر وان انتسب بعض اطرفه الى مدرسة فكرية معينة .
المحور الثالث: محور الفكر والايديولوجية (مجموعه من الآراء الكلية المتناسقة حول سلوك الانسان وافعاله)، أي ان المحور الاساسي في التاريخ هو محور الايدولوجية والفكر
فحينما يتم طرح فكر (مثلا من خلال الرسول ، حيث كانت مرحلته هي مرحلة التأسيس لفكر ومنهج الايديولوجية الاسلامية ، ومواجهة ارهاصات التأسيس بسبب وجود الكثير ممن لم يتضح لهم ملامح هذه الايديولوجية (أي انها تحتاج الى وقت)، ومع ذلك بقيت هذه الايديولوجية حيه الى الان لماذا؟
وذلك نتيجة قوة ومتانة وعمق فكر هذه الايديولوجية وتلبيتها لحاجات الانسان ، بالرغم من الارهاصات الخارجية نتيجة المستعمرين والارهاصات الداخلية نتيجة جبهتي المعادين والمتقمصين
هذا البعد الايديولوجي العميق المفسر لوجود البشرية من جانب والمنظم لآلية عملها في الحياة من جانب آخر يسير على ثلاثة مراحل تاريخية :
الاولى : مرحلة رفض هذا البعد الايديولوجي من قبل طبقة المجتمع المعادين والمعاندين ، من الجهلة واصحاب المصالح الشخصية الضيقة ، وكنموذج على ذلك الدولة الاموية والتي كانت انعكاس لطبقة المجتمع المعادي لفكر ومنهج الايدولوجية الاسلامية .
أي ان الدولة الاموية اعطت تصور للمجتمع الموجود بانه معادي للأيديولوجية
(مع ملاحظة ان امير المؤمنين علي(عليه السلام) ، والامامين الحسنين(عليهما السلام) ، حاولوا قدر المستطاع اصلاح ما يمكن اصلاحه وارجاع المجتمع لفكر ومنهج الايديولوجية الاسلامية).
الثانية : مرحلة طبقة المجتمع المتقمصة لفكر الايديولوجية ظاهرا من اجل مصالحهم الشخصية دون التطبيق الواقعي الحقيقي لمطالب ومنهج هذا الفكر ، بل انهم يبطنون العداء لكل فرد او جماعه متمسكة بفكر ومنهج الايديولوجية نتيجة تضارب المصالح الشخصية لديهم.
الثالثة: مرحلة طبقة المجتمع المقتنعة تماما بفكر الايديولوجية ومنهجه والذين يفكرون ويسعون جديا من اجل تطبيقه
وهذا المحور ، هو محور التغيير الحقيقي ، لان فلسفة التاريخ الواقعية ، هي التي تعتمد على الفكر والايديولوجية العميقة القادرة على تلبية حاجات الانسان ومطالبه.
عليه فان البعد الايديولوجي الاسلامي ، هو فكر ومنهج ووازع للتغيير سيما وان الانسان بطبيعته نازع للكمال ، ومجبول على التفكير ويستطيع ان ينفذ الى حقائق الاشياء للوصول الى ارقى مراتب الانسانية ، اذا:
اولا. هو محور
وثانيا : تم تشبيه حركة التاريخ بأضلاع المثلث الثلاثة ، الضلع الاول هو ضلع المعادي من الجهلة والمعاندين ، والضلع الثاني هو ضلع المتقمص ، والضلع الثالث والاخير هو ضلع فترة التطبيق بعد اسقاط اقنعة الضلعين الاول أي المعادي والثاني أي المتقمص
اما نظرة ماركيز التي طرحها في المئة عام من العزلة وان اعتمد فيها على سياسة النظريات الحديثة ، في غير دقيقة لأنها جعلت من الانسان اشبه للبهيمي المتوحش الضعيف الوازع نحو الكمال الروحي الحقيقي ولذا تؤثر على حياته وبشكل فعال حاكمية المادة والخرافات والسحر ...

(3).ان قيل ان قسم من افراد الجيش الامريكي ضعيف الانتماء الى الارض والمنظومة العقائدي ومع ذلك فهو يدافع عن الولايات المتحدة الامريكية ، لماذا؟
الجواب.
يجب الانتباه الى ان المنظمة العسكرية والدبلوماسية في الولايات المتحدة الامريكية شديدة الهيمنة ، تعمل على السيطرة على اموال ومقدرات البشرية وبناء جيش يعتمد على الجانب التنظيمي والتقني وليس الجانب العقائدي ، بالتالي فان مستقبل الولايات المتحدة الامريكية وكما يشير اليه قسم من الباحثين سوف يؤدي الى التفكك والانفصال والتباعد في بنية مكونات المجتمع الامريكي حتى بعد مئتي سنة من تشكلها .

المصدر:
رواية مئة عام من العزلة للكاتب: غابرييل غارسيا ماركيز / ترجمه: صالح علماني/ نشر: دار المدى للثقافة والنشر: سوريا

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
الاقل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-01-2019, 02:47 PM   #2

 
الصورة الرمزية الاستاذ

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 12
تـاريخ التسجيـل : Oct 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 13,247

افتراضي رد: دراسة في عوامل الزمن والتحرر والخرافة في رواية مئة عام من العزلة للأديب غابرييل ماركيز

احسنت على هذا الموضوع

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
اللهم صلّ على محمد وآل محمد وعجّل فرجهم والعن عدوهم
الاستاذ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مئة عام ، من العزلة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



All times are GMT +3. The time now is 02:43 AM.


Powered by vBulletin 3.8.7 © 2000 - 2024