العودة   منتدى جامع الائمة الثقافي > قسم آل الصدر ألنجباء > منبر شهيد ألله السيد محمد محمد صادق الصدر (قدس)

منبر شهيد ألله السيد محمد محمد صادق الصدر (قدس) المواضيع الخاصة بسماحة السيد الشهيد محمد الصدر قدس الله نفسه الزكية

إنشاء موضوع جديد  موضوع مغلق
 
Bookmark and Share أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-03-2012, 12:56 AM   #31

 
الصورة الرمزية ابو علي

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 32
تـاريخ التسجيـل : Oct 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 10,104

افتراضي رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة

الجمعة الحادية والثلاثون 23 رجب 1419 هـ
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
اولاً. في ودي أن أُعلن تمديد مدة المسابقة لأجل صنع النصب الذي يمثل صلاة الجمعة كما طلبنا قبل مدة ، انا كنت وضعته الى آخر رجب والان يبقى منتظرا الى نصف شعبان ان شاء الله تعالى .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
لا اله الا الله قبل كل أحد و لا اله الا الله بعد كل أحد و لا اله الا الله مع كل أحد و لا اله الا الله يبقى ربنا ويفنى كل أحد و لا اله الا الله تهليلا يفضل تهليل المهللين فضلا كثيرا قبل كل أحد و لا اله الا الله تهليلا يفضل تهليل المهللين فضلا كثيرا بعد كل أحد و لا اله الا الله تهليلا يفضل تهليل المهللين فضلا كثيرا مع كل أحد و لا اله الا الله تهليلا يفضل تهليل المهللين فضلا كثيرا لربنا الباقي ويفنى كل أحد و لا اله الا الله تهليلا لا يحصى ولا يدرى ولا ينسى ولا يبلى ولا يفنى وليس له منتهى و لا اله الا الله تهليلا يدوم بدوامه ويبقى ببقائه في سني العالمين وشهور الدهور وأيام الدنيا وساعات الليل والنهار و لا اله الا الله أبد الآبدين و لا اله الا الله أبد الأبد ومع الأبد مما لا يحصيه العدد ولا يفنيه الأمد ولا يقطعه الأبد وتبارك الله احسن الخالقين .
بالنسبة الى الصلوات سأقرأ الزيارة الرجبية فإنهم ، المعصومون ، سلام الله عليهم ، يسمعون في كل مكان وزمان كما يقول في الزيارة ، أشهد أنك ترى مقامي وتسمع كلامي وهذا غير منحصر في الحضرات المباركات طبعا ، وطبعا نحن ايضا في نقطة مباركة جدا ، هي مسجد الكوفة وهذا أكيد وهو موقف أمير المؤمنين سلام الله عليه .
اللهم صل على محمد وال محمد الحمد لله الذي أشهدنا مشهد اوليائه في رجب وأوجب علينا من حقهم ما قد وجب وصلى الله على محمد المنتجب وعلى أوصيائه الحجب ، اللهم فكما اشهدتنا مشهدهم فأنجز لنا موعدهم وأوردنا موردهم غير محللين عن ورد في دار المقامة والخلد والسلام عليكم إني قد قصدتكم واعتمدتكم بمسألتي وحاجتي وهي فكاك رقبتي من النار والمقر معكم في دار القرار مع شيعتكم الأبرار والسلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار أنا سآلكم وآملكم فيما اليكم التفويض وعليكم التعويض فبكم يجبر المهيض ويشفى المريض وما تزداد الارحام وما تغيض إني بسركم مؤمن ولقولكم مسلم وعلى الله بكم مقسم في رجعي ، أي في رجوعي طبعا ، في رجعي بحوائجي وقضائها وإمضائها وإنجاحها وإبراحها وبشؤوني لديكم وصلاحها والسلام عليكم سلام مودع ولكم حوائجه مودع يسأل الله اليكم المرجع وسعيه اليكم غير منقطع وان يرجعني من حضرتكم خير مرجع الى جناب ممرع وخفض عيش موسع ودعة وَمَهَل الى حين الأجل وخير مصير ومحل في النعيم الازل والعيش المقتبل ودوام الاكل وشرب الرحيق والسلسبيل وعلٍ ونهل لا سأم منه ولا ملل ورحمة الله وبركاته وتحياته عليكم حتى العود الى حضرتكم والفوز في كرتكم والحشر في زمرتكم ورحمة الله وبركاته عليكم وصلواته وتحياته وهو حسبنا ونعم الوكيل .
اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(102)
بعد يومين تقريبا تأتي الذكرى السنوية لوفاة الامام الكاظم سلام الله عليه ، فيحسن جدا التعرض الى بعض فضائله ومناقبه بمقدار ما هو متيسر وممكن بطبيعة الحال. وبالرغم من ان الاتجاه التحليلي لتاريخ الائمة سلام الله عليهم ، هو الاوفق والاصلح مع الفهم الاجتماعي الحديث ، اصلح لكم هذا صحيح ، إلا إنني أود أولا أن أروي روايتين جليلتين من فضائل الامام عليه السلام ، ومعجزاته فإن فيهما عبرة عظيمة فإذا وسع الوقت ذكرنا شيئا من التحليل بالمقدار الممكن.
قال في كشف الغمة المرحوم الأُربُلي الجزء الثالث الصفحة 3: وقال ، هكذا منصوص الرواية ، وقال خشنام بن حاتم الطائي ، قال: قال لي ابي حاتم ، اي حاتم الطائي ، قال: قال لي شقيق البلخي رضي الله عنهم ، هكذا في النسخة ، خرجت حاجا في سنة تسع واربعين ومائة فنزلنا القادسية فبينما انا انظر الى الناس في زينتهم وكثرتهم فنظرت الى فتى حسن الوجه شديد السمرة ضعيف فوق ثيابه ثوب من صوف مشتمل بشملة في رجليه نعلان وقد جلس منفردا فقلت في نفسي هذا الفتى من الصوفية يريد ان يكون كلاً على الناس في طريقهم والله لأمضين اليه ولأوبخنه ، فدنوت منه فلما رآني مقبلا ، قال: يا شقيق ، اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ...(12) ، ثم تركني ومضى ، فقلت في نفسي ، سبحان الله ، ان هذا الأمر عظيم قد تكلم بما في نفسي ونطق باسمي وما هذا الا عبد صالح لألحقنه ولأسألنه ان يحللني فأسرعت في اثره فلم الحقه وغاب عن عيني ، فلما نزلنا واقصه فاذا به يصلي وأعضاءه تضطرب ودموعه تجري فقلت هذا صاحبي امضي اليه واستحله ، فصبرت حتى جلس واقبلت نحوه فلما رآني مقبلا قال: يا شقيق اتلُ ، يعني اتلو قوله تعالى ، : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ (82))، ثم تركني ومضى ، فقلت ان هذا الفتى لمن الابدال لقد تكلم على سري مرتين ، فلما نزلنا زبالة اذا بالفتى قائم على البئر وبيده ركوة ، كأنما سطل مناسب مع حجم البئر بالاصطلاح ، يريد ان يستقي ماءا فسقطت الركوة من يده في البئر وانا انظر اليه فرأيته وقد رمق السماء وسمعته يقول: انت ربي اذا ظمأت الى الماء وقوتي اذا اردت طعاما ، جل جلاله ، اللهم سيدي ما لي غيرها فلا تعدمنيها ، قال شقيق فو الله ، بعد غير الله ما كو جل جلاله ، فو الله لقد رأيت البئر وقد ارتفع ماءها فمد يده واخذ الركوة وملئها ماءا فتوضئ وصلى اربعة ركعات ثم مال ، يعني ذهب كأنه ، ثم مال الى كثيب رمل فجعل يقبض بيده ويطرحه في الركوة ، من ها لرمل هذا ، ويحركه ويشرب ، فأقبلت اليه وسلمت عليه فرد علي السلام فقلت اطعمني من فضل ما أنعم الله عليك ، هكذا العبارة ، فقال: يا شقيق لم تزل نعمة الله علينا ظاهرة وباطنة فاحسن ظنك بربك ، ثم ناولني الركوة ، اشرب بالسطل نفسه خوب ما كو خاشوگة ولا چمچة ، ثم ناولني الركوة فشربت منها فاذا هو سويق وسكر فوالله ما شربت قط الذ منه ولا أطيب ريحا فشبعت ورويت وبقيت أياما لا اشتهي طعاما ولا شرابا ، ثم اني لم أره حتى دخلنا مكة فرأيته ليلة ، في احدى الليالي ، فرأيته ليلة الى جنب قبة الشراب في نفس الليلة قائما يصلي بخشوع وأنين وبكاء فلم يزل كذلك حتى ذهب الليل فلما رأى الفجر جلس في مصلاه يسبح ثم قام فصلى الغداة وطاف بالبيت أسبوعا ، يعني سبعا ، سبع طوافات ، فتبعته واذا له حاشية وموالٍ ، يعني موالين له وخدم ونحو ذلك ، وهو على خلاف ما رأيته بالطريق ودار به الناس من حوله يسلمون عليه فقلت لبعض من رأيته يقرب منه: من هذا الفتى ؟ ، فقال: هذا موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام ، فقلت قد عجبت ان تكون هذه العجائب الا من هذا السيد ، ولقد نظم بعض المتقدمين واقعة شقيق في ابيات طويلة اقتصرت على نقل بعضها فقال:
سل شقيق البلخي عنه وما عاين منه وما الذي كان ابصر
قال لما حججت عاينت شخصا شاحب اللون ناحل الجسم اسمر
سائرا وحده وليس له زاد فما زلت دائما اتفكر
وتوهمت انه يسأل الناس ولم ادر انه
ثم عاينته ونحن نزول دون قيد على الكثيب الاحمر
يضع الرمل في الاناء ويشرب ثم ناديته وعقلي محير
اسقني شربة فناولني منه فعاينته سويقا وسكر
فسألت الحجيج من يك هذا قيل هذا الامام موسى بن جعفر
ثم يقول المؤلف علي بن عيسى الأُربُلي رحمه الله ، قلت ، هذا للإستيزاد ، اي للتعرف على زيادة مصادر هذه الرواية عند ابناء العامة ، وأنا قلت لكم في خطبة سابقا ان نقل الاربلي مكرس بالنقل عن كتبهم هذا هوه مكتوب بالمقدمة ، : القصة التي اوردها عن شقيق البلخي قد أوردها جماعة من ارباب التأليف والمحدثين ، ذكرها الشيخ ابن الجوزي رحمه الله ، في كتابيه ، واحد منه : اثارة العزم الساكن الى أشرف الاماكن ، وكتابه صفوة الصفوة ، وذكرها الحافظ عبد العزيز الاخضر الجنابذي وحكى الي بعض الاصحاب ان القاضي ابن خلاد الرامهرمزي ذكرها في كتابه كرامات الاولياء ، هذه احدى الروايات .
الرواية الاخرى: ما روي عن محمد بن الفضل قال: اختلفت الرواية بين اصحابنا في مسح الرجلين في الوضوء هو من الاصابع الى الكعبين ام من الكعبين الى الاصابع ، بالعكس ها ، فكتب علي بن يقطين وهو يومئذٍ احد الموالين للائمة ، هذا من ناحية ، والعاملين في قصر هارون الرشيد العباسي ، من ناحية أخرى وهو معروف لديكم ، فكتب ابن يقطين الى ابي الحسن موسى الكاظم عليه السلام : جعلت فداك ان اصحابنا قد اختلفوا في مسح الرجلين فاذا رأيت ان تكتب بخطك بما يكون عملي عليه فعلت ان شاء الله ، ترى العبارات تنطبق على الجواب لاحظوا انا لا استطيع ان اكررها ، فكتب اليه ابو الحسن عليه السلام : فهمت ما ذكرت من الاختلاف في الوضوء والذي آمرك به ، اليس يقول فعلت ان شاء الله ، سوي چا ، والذي آمرك به في ذلك ان تتمضض ثلاثا هكذا ، او تتمضمض ثلاثا ، وتستنشق ثلاثا وتغسل وجهك ثلاثا وتخلل شعر لحيتك وتغسل يديك الى المرفقين ثلاثا ، كلهن ثلاثة ، وتمسح رأسك كله وتمسح ظاهر اذنيك وباطنهما وتغسل رجليك الى الكعبين ثلاثا ولا تخالف في ذلك الى غيره ، فلما وصل الكتاب الى علي بن يقطين تعجب مما رسم له فيه مما جميع العصابة على خلافه ، يعني جميع الشيعة على خلافه ، ما كو هيجي وضوء عدنه حبيبي ، ثم قال ، شوفو اخلاصه : مولاي أعلم بما قال وانا ممتثل لأمره ، فكان يعمل في وضوءه على هذا الحد ، يعني على هذا الشكل والاسلوب ، ويخالف ما عليه جميع الشيعة امتثالا لأمر ابي الحسن عليه افضل الصلاة والسلام ، وسعي ، وشاية ، وسعي بعلي بن يقطين الى الخليفة العباسي هارون ، وقيل انه رافضي مخالف لك ، فقال الرشيد لبعض خاصته: قد كثر عند القول في علي بن يقطين والقرص له بخلافنا وميله الى الروافض ولست ارى في خدمته لي تقصيرا وقد امتحنته مرارا فما ظهرت منه على ما يقرص منه واحببت ان استبرء أمره من حيث لا يشعر فيحترز مني ، لأنه اذا شعر به احترز واذا لم يشعر لم يحترز ، ها ، انا اريد ان اراقبه من حيث لا يعلم ، زين ، فقيل له: ان الرافضة يا أمير المؤمنين تخالف الجماعة في الوضوء فتخففه ولا ترى غسل الرجلين فامتحنه من حيث لا يعلم بالوقوف على وضوءه ، فقال: أجل هذا الوجه يظهر به أمره ، ثم تركه مدة وناطه بشيء ، او أناطه بشيء من الشغل في الدار حتى دخل وقت الصلاة وكان علي بن يقطين يخلو في حجرة في الدار لوضوءه وصلاته فلما دخل وقت الصلاة وقف الرشيد من وراء حائط الحجرة بحيث يرى علي بن يقطين ولا يراه هو، زين ، فدعى بالماء للوضوء فتوضأ كما تقدم ، يعني كما علمه الامام عليه السلام ، كول لا ، سبحان الله ، والرشيد ينظر اليه فلما رآه قد فعل ذلك ، صعدت عنده العاطفة ، لم يملك نفسه حتى اشرف عليه بحيث يراه ثم ناداه: كذب يا علي بن يقطين من زعم انك من الرافضة ، وصلحت حاله عنده ، وورد عليه ، اي بعد هذه الحادثة ، كتاب ابي الحسن موسى عليه السلام ، ابتداءاُ يعني من دون سؤال سابق : من الآن يا علي بن يقطين توضأ كما امر الله تعالى اغسل وجهك مرة فريضة ومرة إسباغا واغسل يديك من المرفقين كذلك ، اي مرتين وليس ثلاثة ، وامسح بمقدم رأسك وظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك فقد زال ما كنا نخاف عليك والسلام ، لاحظوا انه ، لا حظوا الدين ، لاحظوا انه لو كان قد شكك علي بن يقطين بما صدر اليه من الامام عليه السلام ، في كيفية الوضوء التي تخالف اجماع الشيعة لوقع في المحذور بكل تأكيد ، ولكن انظروا الى مدى يقينه بالإمام عليه السلام ، والتزامه بأمره واطاعته له كالميت بين يدي الغسال وهكذا ينبغي ان يكون الإنسان أمام المعصومين ليس في حياتهم فقط ، دائما سبحان الله ، وهؤلاء المشككون موجودون في كل عصر للتشكيك بالمراجع عموما وبالسيد محمد الصدر خصوصا ، وعدم حملهم على الصحة وعدم اطاعتهم الا بعد الاقتناع ولن يحصل الاقتناع بما هم فيه مشككون ، ومن هنا سوف تفشل كثير من المصالح العامة والحقيقية بإرجاف المرجفين وتشكيك المشككين ، ولو انهم التفوا حول حوزتهم ووثقوا بأمر مراجعهم ، ( لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم ۚ مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ ، فاسقون.
ومن هذا يتضح ان كثيرا من القصص التاريخي التي هي ليست نصوصا فقهية بطبيعتها ، بل كل القصص التاريخي وليس بعضه وغير القصص التاريخي ايضا يمكن ان يستفاد منها مفاهيم وعبر واحكاما ومواعظ يستفاد منها في كل مجتمع وفي كل طبقة وفي كل عصر ، إلا ان عددا منها خارج الخطوط الحمر كما يعبرون ، ولو امكنني ان اشرحها لكم لشرحتها الا انني لا اتمكن غالبا في ذلك ، وان لنا في ذلك اسوة بأئمتنا وقادتنا المعصومين سلام الله عليهم ، ومن ذلك ما يروى عن الامام الجواد عليه السلام ، انه حين وصلت اليه الامامة بعد وفاة ابيه سلام الله عليه ، رقى المنبر وقال ما مضمونه ، لاحظوا: ( اني سأقول كلمة تدهش الاولين والاخرين)، ثم سكت هنيهة ثم ضرب بيده على فمه وقال كانه يخاطب نفسه: (اسكت كما سكت ابآئك ) ونزل عن المنبر ، وهو سلام الله عليه ، طبعا ، وهو سلام الله عليه ، ليس ساكتا كالمراجع الصامتين ، فانه رويت عنه روايات كثيرة من الحكم والاحكام والمواعظ ، وإنما هو صامت فيما تجب التقية فيه فقط وبالأسرار الالهية بطبيعة الحال التي يتحملها سلام الله عليه ، ويتصرف بمقدار ما هو ممكن او بأقصى مقدار ممكن ، لا يتعداه ، وكذلك ابائه سلام الله عليهم ، حين يقول (اسكت كما سكت اباؤك).
وفي رواية اخرى: ( لو أُذن لنا بالكلام لزال الشك) ، لو اذن لنا بالكلام لازال الشك ، يعني ان الكلام الحقيقي غير مأذون فيه ، الأمر الذي يسبب بقاء الشك في المجتمع ، وهذا المعنى باب تفتح منه الف باب ، وقابل للانطباق في كل مكان وزمان .
وعلى اي حال فان أشهر ما مر به الامام الكاظم عليه السلام ، هو السجون التي عاناها من قبل الظالمين في عصره ، فقد استمر يتقلب في السجون مدة اربعة عشر سنة او اكثر، حتى مات في السجن ولم يشم نسيم الحرية طيلة حياته حيث قتلوه مظلوما مسموما ، قتله سرجون عصره وفي كل عصر يوجد سرجون او سراجين على اية حال .
وأنا قلت اكثر من مرة ان في كل شيء عبرة وموعظة ، ونحن تكليفنا ان ننظر في العبر المستفادة من الاشياء ونمحصها ، لا ان نغفل عنها ونهملها ، كما قال الله تعال: (وكَأَيِّن مِّنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105))، فلنحاول الآن بمقدار الإمكان طبعا ، إستخلاص العبر والخلاصات التي يمكننا التوصل اليها من حصول السجن الطويل للإمام الكاظم عليه السلام ، مع الالتفات بوضوح ان كل موعظة منها هو باب واسع يمكن ان ينطبق في كل مكان وزمان ، وهذا مالا يمكن استقراؤه واحدة واحدة طبعا ، انتم تلاحظوه ها ، وان قول القران وفعل المعصومين هو هداية لنا وكأنه خاص بمجتمعنا ومكاننا وزماننا وإن كان هو في نفس الوقت شاملا لغيرنا ، ونفس هذا الشعور سيكون صادقا في أي مجتمع وفي اي زمان ، وهذا من معجزات الاسلام على الحقيقة .
زين ، وما يمكن بيانه من العبر كما يلي:
اولا: ان اعتداء الدولة ، لاحظوا وهذا ينبغي ان يكون واضحا سبحان الله ، ان اعتداء الدولة الظالمة يومئذ على الامام عليه السلام ، طبعا ، احتقار له وتحدي له بصفته هو القائد الأهم والزعيم الأعظم لعدد مهم من المسلمين وطائفة ضخمة منهم ، اي من المسلمين ، مشهود لهم بالصحة والرجاحة ، إذن فاحتقاره احتقار لها ، للطائفة نفسها ، والاعتداء عليه اعتداء عليها والتحدي له تحدي لها وليس على فرد واحد في الحقيقة ، وان بدا في الظاهر هكذا ، إلا إنه تحدي لمذهب كامل في الاسلام .
ثانيا: انه بصفته من أولياء الله وأصفيائه والمبلغين لأحكامه والحاملين الى البشرية هدايته ونوره ، الا نسمع في زيارته: (يا نور الله في ظلمات الارض) ، گول لا ، إذن ، سيكون الاعتداء عليه والاحتقار له وتحديه ، اعتداءاً على الله واحتقارا له وتحديا له والعياذ بالله وليس فقط على الطائفة .
ثالثا: إن الدولة حين سجنته وقتلته فقد حرمت المجتمع من علمه ولطفه وقيادته وما كان يقوم به من جهود وجهاد في سبيل تقويمه ، اي تقويم المجتمع ، وتنويره وحفظ شؤون شيعته ومواليه ، والدولة في ذلك الحين ملتفتة الى ذلك ، عالمة وعامدة لذلك مع شديد الأسف .
رابعا: إن أئمتنا عليهم السلام ، كانوا يقومون في حدود امكانهم المتاحة بكثير من الاعمال والاتصالات التي كانت الدولة في ذلك الحين تتحذر منها ، وتعتبرها تحديا لسلطانها ، والروايات في ذلك طافحة ومتوفرة ومتيسرة ، ومن هنا كان من المنطقي ان تجد الدولة من جهة نظرها لزوم التخلص من هذا القائد وإلقائه في غياهب السجون ، وما طلعه إلا أن يموت ، لكي لا تبتلي بعمله وجهده وجهاده مرارا وتكرارا .
خامسا: إننا نعلم ان بلاء الدنيا كلما ازداد ، ازداد ثواب الآخرة لا محالة ، ونعلم ان أشد الناس بلاءاً في الدنيا ، هذا موجود بالرواية ، إن أشد الناس بلاءاً في الدنيا هم الانبياء ثم الأمثل فالأمثل ، سامعيه كلكم ، وإنه كلما ازداد الانسان شهرة ازداد بلاءا وامتحانا ، هذا هم حكمة موجودة ، ومن هنا كان في الحكمة الالهية كان لا بد ان يمر المعصومون سلام الله عليهم ، بفترات من البلاء على اختلاف ذلك فيما بينهم ، فبينما يموت الامام الحسين عليه السلام ، قتلا ، يموت الامام الحسن عليه السلام ، بالسم ، ويموت الامام الكاظم عليه السلام ، بالسجن وهكذا ، وليس ذلك الا لعلو مقامهم وازدياد درجاتهم كما ورد في الحسين عليه السلام ، گول لا: (ان لك عند الله درجات لا تنالها الا بالشهادة) .
سادسا: إنهم سلام الله عليهم ، تلقوا كل ذلك ، اي من البلاء الدنيوي ، بالرضا والتسليم من الله سبحانه وتعالى ، بل بالحب والقبول كما لو كان هدية لطيفة تهدى لهم ، اليس بيه دلائل وروايات احبائي ، اليس قال امير المؤمنين سلام الله عليه ، حين ضرب في المحراب ، ماذا قال : (فزت ورب الكعبة) ، وقال الحسين عليه السلام ، في عرصة كربلاء : (هون ما نزل بي أنه بعين الله) ، بس همة ، لا أكو بعد ، وقال ابو ذر وهو في الربذة حين اشتد به البلاء يخاطب الله جل جلاله ، سامعيه : اخنق خنقتك ، يعني ضيق علية بما تشاء ، اخنق خنقتك فانك تعلم اني احب لقائك ، اخنق خنقتك فانك تعلم اني احب لقائك ، زين ، وقال الامام الكاظم الذي نتحدث عليه الآن سبحان الله هم اله چلمة ، وقال الامام الكاظم عليه السلام، في سجنه وهو الذي نتحدث عنه الان : (اللهم انك تعلم اني كنت اسألك ان تفرغني لعبادتك اللهم وقد فعلت فلك الحمد).
سابعا: ان في ود المؤمن المتكامل ان يتوجه بقلبه الى الله تعالى وان يكثر ذكره وتتزايد عنده عبادته ، وهذا ما لا تتوفر فرصته حين يكون الفرد في معمعة المجتمع وفي الاتصال الكثير بالناس وإنما تحصل فرصة ذلك لدى الوحدة والابتعاد عن الناس ، زين ، وكيف تحصل الوحدة وقد أوجب الله تعالى على المؤمن الامر بالمعروف وتبليغ الاحكام وهداية الناس ، إذن فالوحدة في مثل ذلك والابتعاد بهذا المعنى حرام واسقاط للطاعة الالهية في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وهداية الاخرين ، زين واما اذا كان الانسان في السجن فسيكون فارغ الذمة من جانب الامر بالمعروف والتبليغ وسيكون مبتعدا عن المجتمع قهرا ، اذن فالمؤمن يرى السجن من هذه الناحية نعمة ورحمة عليه ، لكي يتفرغ فيه لذكر الله وطاعته وعبادته كما سمعنا من الامام الكاظم يقول ، عليه افضل الصلاة والسلام : (اللهم انك تعلم اني كنت اسألك ان تفرغني لعبادتك اللهم وقد فعلت فلك الحمد).
ثامنا: ان الحجة قائمة بوضوح ضد ساجنيه ، ها ، گول لا ، سبحان الله ، خوش اوادم ساجنيه ، لا ، إن الحجة قائمة بوضوح ضد ساجنيه وضد الدولة التي سجنته لأنها سجنت عبدا صالحا ووليا من أولياء الله وهم يعلمون ذلك طبعا ، يكفيهم من ذلك ما يرونه دائما منه من كثرة العبادة والتهجد وقيام الليل وصيام النهار حتى ان عددا من ساجنيه كخالد بن يحيى البرمكي وغيره حاولوا التخلص والتملص من مسؤولية سجنه لما يرونه من فضله وعلو شأنه ، وهذا هو السبب الرئيسي فيما أرى في نقله من سجن الى سجن ، كل واحد چان ايگول آني معليه طلعوا من سجني ودوه لغير مكان ها ، لأن السجان كان يرفض استمرار سجنه عنده الى ان وصل الى سجن السندي بن شاهك عليه اللعنة ، الذي لم يكن يشعر بهذه المسؤولية قبحه الله ولعنه .
تاسعا: ليس هذا فقط ، بل كان الفراشون والمباشرون له في السجن يصبحون أتقياء وأولياء في ليلة وضحاها بهداية الإمام عليه السلام ، وعمله حتى انه روي انهم جعلوا له امرأة خليعة لكي تخدمه فأصبحت في يوم واحد زاهدة وعابدة .
عاشرا: انه ، شوفو ، انه ، اي الامام الكاظم سلام الله عليه ، تحرر من السجن ، اطلق سراحه لو لا ، انا اقول اطلق سراحه ، انه ، اي الامام الكاظم سلام الله عليه ، تحرر من السجن الى الحرية الحقيقية بموته مظلوما وليس الى الدنيا كما هو العادة فيمن يطلق سراحهم ، فانه اذا اطلق سراحه في الدنيا سيكون قد خرج من سجن الى سجن ، گول لا ، سبحان الله ، لأن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ، اما اذا ذهب الى ربه ومقاماته العليا فقد نال الحرية الحقيقية من أضيق السجون ، ومن هنا ورد ان هارون العباسي ولا اريد ان اسميه الرشيد ، ليس برشيد ، ليس برشيد ، ليس برشيد ، إن هارون العباسي ارسل اليه يطلب منه مجرد الاعتذار لكي يطلق سراحه ، ، ايگلة اعتذرلي تعالي بالمجلس اعتذري ، وآني ادزك لبيتك ، اطلق سراحك اعتيادي ، شيجاوبه بله ، فأجاب ما مضمونه : (قل له ، هذا الرسول اللي جايه ، ( قل له ان اي يوم يمضي فإنه يقلل من ايام بلائي كما انه سيقلل من ايام سعادتك وملكك) اي سعادته بالخلافة والدنيا المستوثقة له.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)
صدق الله العلي العظيم

الجمعة الحادية والثلاثون 23 رجب 1419هـ
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ألله اكبر قبل كل أحد و الله اكبر بعد كل أحد و الله اكبر مع كل أحد و الله اكبر يبقى ربنا ويفنى كل أحد و الله اكبر تكبيرا يفضل تكبير المكبرين فضلا كثيرا قبل كل أحد و الله اكبر تكبيرا يفضل تكبير المكبرين فضلا كثيرا بعد كل أحد و الله اكبر تكبيرا يفضل تكبير المكبرين فضلا كثيرا مع كل أحد و الله اكبر تكبيرا يفضل تكبير المكبرين فضلا كثيرا لربنا الباقي ويفنى كل أحد والله اكبر تكبيرا لا يحصى ولا يدرى ولا ينسى ولا يبلى ولا يفنى وليس له منتهى والله اكبر تكبيرا يدوم بدوامه ويبقى ببقائه في سني العالمين وشهور الدهور وايام الدنيا وساعات الليل والنهار والله اكبر أبد الآبدين أبد الأبد ومع الأبد مما لا يحصيه العدد ولا يفنيه الأمد ولا يقطعه الأبد وتبارك الله احسن الخالقين ، أللهم يا أجود من أعطى ويا خير من سُئل ويا أرحم من استرحم أللهم صل على محمد واله في الأولين وصل على محمد وآله في الآخرين وصل على محمد واله في الملاء الأعلى وصل على محمد واله في المرسلين أللهم أعط محمدا واله الوسيلة والفضيلة والشرف والرفعة والدرجة الكبيرة أللهم إني آمنت بمحمداً صلى الله عليه واله ، ولم أره فلا تحرمني في القيامة رؤيته وارزقني صحبته وتوفني على ملته واسقني من حوضه مشربا رويا سائغا هنيئا لا أظمأ بعده أبدا إنك على كل شيء قدير ، أللهم إني آمنت بمحمد صلى الله عليه واله ، ولم أره فعرفني في الجنان وجهه ، أللهم بلغ محمدا صلى الله عليه واله ، مني تحية كثيرة وسلاما.
اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(102)
طبعا نحن نعلم ان الدين الاسلامي وارد الى كل احد ، گول لا ، وشاغل ذمة كل مسلم بل حتى الكفار لأنهم مكلفون بأصول ديننا وفروع ديننا ايضا على ما هو الصحيح من انهم مكلفون بالواجبات والمحرمات يعني مكلفون بالدخول في الإسلام هذا باعتبار اصول الدين وكذلك هم مكلفون بامتثال أوامره ونواهيه باعتبار فروع الدين ، نعلم ايضا وبكل وضوح انه كما إن تكليف الإسلام عام ، أو قل ان شريعة الله عامة لكل البشر كذلك مسؤولية طاعته لازمة وواجبة في كل الأعناق وأن الموت شامل لكل الناس وأن كل الناس يمرون بعد الموت بالحساب والعقاب والثواب وان من ينكر الحياة بعد الموت ويوم القيامة فهو ليس بمسلم .
وبالرغم من ان هذا من الضروريات الواضحات والتي لا يجهلها أحد فيما احسب ولم يغفل عنها احد أكيدا مع ذلك كنا نجد ولا زلنا نجد ان عددا من طوائف المجتمع وطبقاته يتصرفون فعلا في حياتهم الدنيا كأنهم لا يشعرون بأية مسؤولية دينية ولا بأي ثواب وعقاب ، وكأنهم في غنى عن ذلك كله او كأنهم في عماً وصمم عنه يتعمدون التماهل والعصيان والتجاهل ، وكلها طبقات واضحة لدينا نعرفها جميعا ومن أوضحها اولئك الملتزمون بالحرام وعليه حياتهم وأرزاقهم والعياذ بالله كالمغنين والممثلين وبائعي الخمور والمرابين والسافرات ، اللي ما يرضى يلبس الباب ، زين ، وآخرون ، كما قال الله تعالى : ((لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101)).
زين ومن جملة هذه النماذج يعتبر ، وجملة من هذه النماذج يعتبر شجرة من اشجار الزقوم التي تنبت في قعر الجحيم طلعها كأنه رؤوس الشياطين ، لانهم لا يقتصرون بالجرم على أنفسهم بل يقومون من حيث يعلمون او لا يعلمون بتوزيع الغواية والضلال على الاف الناس وملايين الناس فهو كالشجرة المثمرة للحنظل ينبت فيها نبات كثير وحنظل كثير ، مع العلم ان المسؤولية الحقيقية امام الله تعالى قد تتمثل في كلمة واحدة يسمعها منك غيرك ، كلمة مو زينة تضل بها صاحبك ، وحدة ، فيقال لك كسرته وعليك جبره ، انت مادام ضليته فعليك مسؤولية هدايته ، گول لا ، هاي في الكلمة الوحدة فكيف بمسؤولية الاضلال الكامل للفرد ، وكيف وبالأولى مسؤولية اضلال كامل لطبقة من الناس او مجتمع من الناس ، ويكون كما ورد من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة ، فما أعظم العذاب الذي ينتظره هناك انه فوق كل تصور.
زين ، ولعل جملة منهم ممن لا يستحق التوبة او لا تؤثر فيه الكلمة الطيبة ولا يفيد فيه التحذير ، فعلا هذا موجود ، ومن هنا قد نقول كما ربما يقول بعض الحوزة ، انه لا أمر لمن لا يطاع ، ونسكت كما سكتت الحوزة التقليدية عموما ، إلا ان الكلام والموعظة مع ذلك اكثر انقيادا لله واكثر افراغا للذمة ، وسيقول لهم الله سبحانه وتعالى يوم القيامة ، شيگلهم ، اني قيضت لكم وارسلت لكم من ينبهكم بصراحة ويدفعكم بقوة نحو الهداية فلم تنتبهوا ولم تندفعوا فاخسأوا فيها ولا تكلمون .
ايها القوم الغافلون السادرون في مختلف اشكال الغي والنفاق إنكم تعلمون ان الله موجود وهو الرقيب والحسيب وان باب التوبة مفتوحة ما دامت الحياة وان الاسلام حق وان طاعته واجبة وان الموت لاحقكم على كل حال وان جهنم ورائكم على كل حال فارحموا اجسادكم من النار فإنكم لا تتحملون عذاب جهنم وتستغيثون حيث لا مغيث وأنتم الان في فرصة التوبة والنزوع عن الحوبة والخلاص من غضب الله والاسراع الى رحمة الله والله سبحانه لا يريد لنا جميعا إلا الخير والصلاح تأسفوا على نفوسكم التالفة وآرائكم السقيمة وافعالكم المريضة .
وفي حدود فهمي فان كل فرد بحسب خلقته الانسانية الاصيلة لنفسه فهو طالب للكمال ومحب للحق وميال الى التوبة والى الصلاح كما قال الله تعالى : ((فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ...(30))، ها گول لا سبحان الله ، فالتفتوا الى فطرتكم واهتدوا بهدى ربكم وارحموا نفوسكم وعقولكم من الضلال واجسادكم من حريق النار .
وهناك طبقات من المجتمع دون من سبق ان ذكرناهم يعني يمكن ان نفهم عنهم انهم ليسوا متمرسين في الحرام في كل حياتهم وغير متلبسين في العصيان في كل أعمالهم وأقوالهم بل الأغلب فيهم ذلك ، نگدر انگول، وهؤلاء يكونون اولى بتقبل التوبة والهداية والانابة واطاعة شريعة الله ونحن نتمنى للجميع كل خير وصلاح بل يريد الله تعالى ذلك وهو اولى من الجميع من كل الخلق ، كما قال تعالى : ((تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ ...(67))، يعني يريد لكم الاخرة لا لنفسه يريد الآخرة هو غني عن العالمين حبيبي ، وطبقا لهذه القاعدة القرآنية قمت بتطبيق ذلك على عدد من فئات المجتمع وقد حصلت استجابة طيبة من كثير منهم وما ذلك الا لان الصفة الغالبة عليهم الخوف من الله والشعور بالمسؤولية فقد تاب الى الان اغلب السالكين فقد كانوا من حيث يعلمون او لا يعلمون سالكون الى الشيطان فأصبحوا بالتوبة والانابة سالكون الى الله سبحانه ومطيعون له من حيث ما يريد منهم الاطاعة ، وكذلك حين ناديت بلسان الشريعة وليس بلساني القاصر المقصر ، بلسان الشريعة رؤساء القبائل وقانون العشائر، أقبل عدد منهم الى طاعة الله جزاهم الله خير ، وشعروا بالمسؤولية الدينية الاسلامية جزاهم الله خير جزاء المحسنين والمتوقع من الآخرين منهم ان يستنوا بسنتهم وان يلتفتوا الى واقعهم وان يشعروا بمسؤوليتهم أمام الله تعالى وأمام دينهم وأمام حوزتهم المقدسة ، فالحوزة باتت قريبة من المجتمع وليست بعيدة ، تلقي الحوزة وتريد النتيجة ، گول لا ، وأما الخدمة والسدنة فلم أعرف توبة اي واحد منهم ولم أر رجوع اي شخص فيهم مع شديد الاسف وأنا اقول لهم انكم انما تتوبون الى الله لا الى الحوزة ولا الى السيد محمد الصدر وانما تطيبون بذلك اعمالكم واقوالكم واموالكم امام الله تعالى وهذا الخير كله لكم في الدنيا والاخرة فلماذا تأبون عنه وتنفون هداية الله سبحانه وتعالى وتفضلون سرقة اموال الامام عليه السلام ، ووقفياته والتغرير بالزائرين وغير ذلك تفضلونها على طاعة الله وطاعة المعصومين عليهم السلام ، وهل هذا الا طلب الدنيا وسوء النفس الامارة بالسوء مع شديد الاسف ، وعلى اي حال ، فلا زال المجال مفتوحا وليس للسيد محمد الصدر ان يغلق الفرصة ،ليس له ان يغلق الفرصة مع ان الله تعالى فاتح لها ، فان فرصة التوبة موجودة ما دام الفرد في الحياة قبل ان تصل الروح الى البلعوم ويقول ، ماذا يقول : (...رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا(روح ولي دير ظهرك وروح ) إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)).
وعلى هذا السياق الذي كنت فيه ولا زلت ملتزما به ، لاحظوا ، أوجه كلامي الى فئة اخرى من المجتمع نتوقع منها الخير ، نتوقع على اي حال ، نتوقع منها الخير والرجوع الى الصلاح والفلاح وهو موظفوا الدولة والعاملون فيها في اي عمل كانوا او اختصاص او رتبة او اهمية من وزراء ومدراء وعسكريين ومدنيين ومعلمين واطباء ومن مختلف مذاهب المسلمين حتى كناس البلدية على ما يعبرون.
فإنهم بطبيعة الحال كسائر افراد المجتمع يتوقع الدين منهم ويتوقع الله منهم الصلاح والفلاح ، ويتوقع منهم المجتمع العدل والانصاف ويتوقع منهم المؤمنون النجاة من عذاب النار ، كما قال الله تعالى في آيات كتابه المجيد: ((وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27) وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28) وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29)إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا (30)أُولَٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ۚ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31)) ، وما أسهل وما أحسن ان يلتفت الفرد من الضلال الى الإيمان ومن الظلم الى العدل ومن الظلام الى النور ، ولا ينبغي ان تلهيه المصالح الدنيوية والعلاقات الاجتماعية والامور السياسية عن مصالحه الحقيقية التي وجد لأجلها وولد لتحقيقها وهي الحصول على الثواب ورضا الله جل جلاله.
وقد كان الحال في العقود السابقة التي عشناها بما فيه العهد الملكي وغيره ، يعيش الموظفون في بوتقة دنيوية خالصة ، لا يفكرون فيها بآخرة ولا بصلاة ولا بصيام ولا بخمس ولا بحج ولا بأية طاعة ، كأن حياتهم يجب ان تكون مقرونة بمثل ذلك وهم ملتفتون لامحالة الى الدين وواجباته لو تأملوا قليلا ، إلا ان الأمر هكذا كأن المخاطب غيرهم ، فيجب مثلا على رجال الدين ، يجب مثلا على رجال الدين ان يكونوا متدينين ولا يجب على رجال الدنيا ذلك ، وهم يعلمون كذب هذا الوهم الشيطاني ، لأن الله تعالى في القران الكريم يقول لرسوله : ((قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ...(158)) ، وهم لامحالة وكل البشرية هم من الناس ، إذن فهم مشمولون للرسالة المحمدية ولأصول دينها ولفروع دينها ومفاهيمها وليس انهم يجوز لهم ان يتركوا كتابهم وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون.
ولو كان الفرد منهم مخلصا للدنيا حقا ، زين خلي يصير مخلص للدنيا ايحصل منه شي للآخرة لكان وجها ، لأنه عندئذ سيرحم الصغير ويوقر الكبير ويتعامل بالانسانية والتعطف ، ولكنه كان لا يرى الا مصلحة ذاته ومقدار فعله وسعة بيته ومصلحة اسرته وبدون العناية بدين او دنيا خارج هذه الدائرة ، ومن يصبح هكذا كائنا من كان حتى لو سيد محمد الصدر ، ومن يصبح هكذا يصبح أدنى من الانعام وأضل سبيلا كما انه اقسى من الوحوش واشد ظلما .
وعلى اي حال فباب التوبة مفتوح ويد الرحمة الالهية ممدودة لكي تتلقى اي واحد من البشر بالترحاب بما فيهم موظفوا الدولة من كبار وصغار ، وهذا جيد لهم وليس لسواهم ، وانا اجلهم في الوعي الذي هم فيه والرشد الذي يتصفون به ان يقفوا ضد مصالحهم الحقيقية وتعاليمهم الأخروية.
وأنا اكرر كما قلت اكثر من مرة انكم ليس المطلوب منكم اتباع السيد محمد الصدر ولا الاقتراب منه ولا حسن الظن به وإنما المطلوب في القرآن والاسلام هو اتباع تعاليم الله والتقرب اليه بالطاعات وحسن الظن به جل جلاله وهذا يكفي جدا وليذهب سيد محمد الصدر الى الجحيم .
كما انني في هذا المستوى من التفكير لا اطلب منكم تغير اديانكم او مذاهبكم ، في هذا المستوى من التفكير لا أطلب منكم تغير اديانكم او مذاهبكم وانما اقول : كونوا طيبين ومتورعين في الدين الذي تؤمنون به والمذهب الذي تؤمنون به فانه لاحظوا ، فانه ليس هناك مذهب ولا دين يجيز شرب الخمر والسرقة والغش والظلم والاعتداء وتمرير المصالح الدنيوية وتفضيل الانانية ، حاشا لله وحاشا لأديان الله كلها من هذه الامور ، وانا قلت في خطبة سابقة ما مضمونه السؤال عما اذا كان عيسى عليه السلام ، شارب خمر او سارق او ظالم او اناني او كان موسى كذلك او كان ابراهيم كذلك او كان محمد صلى الله عليه واله ، كذلك ، حاشاهم جميعا طبعا. او كان سليمان الذي بنى هيكل سليمان المقدس في نظر اليهود كذلك؟ لا طبعا حاشاهم جميعا من كل ذلك ، ام كانت هل كانت نساؤهم سافرات ومتعاملات مع الرجال بالسوء والفتنة ؟ يضعن المكياج في الشوارع والمشارع ويسرن في الاسواق ويطمعن في زخارف الدنيا ويشربن الخمر ويعشن على الربا ويكذبن ويأكلن لحم الاخرين بالغيبة والبهتان؟ ، حاشا لاولئك من ذلك .
والملحوظة الأخيرة انه لا ينبغي ان ييأس الفرد من نفسه ومن توبته باعتبار انه متمرس كثيرا في اصناف الحرام او عائش على المال الحرام فيكون يائسا من رحمة الله ، لا، لا يجوز ، فكأنه يرى انه لا مجال لان تقبل توبته او يكون مشمولا لرحمة الله ، كلا ثم كلا ، لمثل هذه الفكرة ، لا تيأسوا من رحمة الله التي وسعت كل شيء فان الله واسع الرحمة سريع الرضا عطوف رؤوف باسط اليدين بالعطاء والسخاء فيجب ان لا نقنط من رحمة الله او نيأس من عفوه وانما اللازم هو حسن الظن بالله والمبادرة الى طاعة الله ورضا الله وإنما الذي ينبغي ان يفكر فيه الفرد انه لو بقي لاحظوا ، انه لو بقي على حاله من العصيان ولو ليوم واحد او ساعة واحد فضلا عن الكثير فان الله تعالى شديد العقاب ومنتقم وانما يجني الفرد على نفسه ويكون من الهالكين والخاسرين ممن خسروا انفسهم فبادروا رحمكم الله الى طاعة الله الذي يذكر الذاكرين ويشكر الشاكرين ويزيد في ثواب المطيعين فان هذا هو الطريق الحق وما بعد الحق الا الضلال.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)
صدق الله العلي العظيم

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم


التعديل الأخير تم بواسطة الراجي رحمة الباري ; 12-04-2017 الساعة 04:57 PM
ابو علي غير متواجد حالياً  
قديم 22-03-2012, 12:57 AM   #32

 
الصورة الرمزية ابو علي

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 32
تـاريخ التسجيـل : Oct 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 10,104

افتراضي رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة

الجمعة الثانية والثلاثون 30 رجب 1419 هـ
الخطبة الاولى.
أعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
توجد هناك نقطتان أود قبل الدعاء أن أبينها لكم:
النقطة الاولى :
اشتباه وقعت فيه في الخطبة السابقة ، تتذكرون إني رويت بعض الروايات في فضائل موسى بن جعفر سلام الله عليه ، أنا قلت في واحد من الروايات خُشنام ابن حاتم الطائي ، هذا ليس بصحيح بل هو خشنام بن حاتم الاصم ، وليس ابن حاتم الطائي ، والفرق بينهما ربما حوالي خمسمائة سنة او اكثر محل الشاهد .
النقطة الثانية :
إننا نعلم انه منذ سنين ربما عشرين سنة المشي الى كربلاء في زيارة الاربعين محل منع ، إلا انه لم يصدر أي منع في المشي في المناسبات الاخر، ففي الإمكان استغلال أي مناسبة دينية رفيعة لأجل المشي الى كربلاء المقدسة.
والآن أمامكم مناسبة جليلة هي زيارة نصف شعبان ليلاً ونهاراً من نصف شعبان ، فلا تقصروا بالمشي الى كربلاء المقدسة من مدنكم جزاكم الله خيرا.
استثني من ذلك أمرين:
اولا. المعممين يبقى بالنسبة لهم مستحبا وليس واجبا جزاهم الله خير.
والآخر: من زاد في عمره على الخمسين عاما ، يبقى بالنسبة اليه مستحبا وليس واجبا ، وكذلك بالنسبة الى النساء يبقى لهن مستحبا وليس واجبا.
فلا تقصروا اذا لم يكن هناك ضرر وتحملوا شيئا من المشقة في سبيل الله ، ونحن أيضا نعلم ونحس بان الوقت مناسب من حيث البرد والحر على اية حال.
أعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سبحانك ربنا ولك الحمد أنت الذي بكلمتك خلقت جميع خلقك فكل مشيئتك أتتك بلا لغوب وأثبت مشيئتك ولم تأن فيها لمؤنة ولم تنصب فيها لمشقة وكان عرشك على الماء والظلمة على الهواء والملائكة يحملون عرشك عرش النور والكرامة ويسبحون بحمدك والخلق مطيع لك خاشع من خوفك لا يُرى فيه نور إلا نورك ولا يسمع فيها صوت إلا صوتك حقيق بما لا يحق الا لك ، يعني أنت حقيق بما لا يحق الا لك ، خالق الخلق ومبتدعه توحدت بأمرك وتفردت بملكك وتعظمت بكبريائك وتعززت بجبروتك وتسلطت بقوتك وتعاليت بقدرتك فأنت بالمنظر الأعلى فوق السماوات العلى كيف لا يقصر دونك علم العلماء ولك العزة احصيت خلقك ومقاديرك لما جل من جلال ما جل من ذكرك ولما ارتفع من رفيع ما ارتفع من كرسيك علوت على علو ما استعلى من مكانك كنت قبل جميع خلقك لا يقدر القادرون قدرك ولا يصف الواصفون أمرك رفيع البنيان مفيئ البرهان عظيم الجلال قديم المجد محيط العلم لطيف الخبر حكيم الأمر أحكم الأمر صنعك وقهر كل شيء سلطانك وتوليت العظمة بعزة ملكك والكبرياء بعظم جلالك فسبحانك وبحمدك تباركت ربنا وجل ثناؤك ، اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك أفضل ما صليت على أحد من بيوتات المسلمين صلاة تبيض بها وجهه وتقر بها عينه وتزين بها مقامه وتجعله خطيبا بمحامدك ما قال صدقته وما سأل أعطيته ولمن شفع شفعته واجعل له من عطائك عطاءاً تاماً وقسماً وافياً ونصيباً جزيلاً واسماً عالياً على النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا.
اللهم صل على محمد وال محمد اجمعين .
((اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(102)
قبل يومين كانت الذكرى السنوية للمبعث النبوي الشريف ، أكيداً كلنا نعلم ذلك ، حين بعث رسول الإسلام رحمة الى العالمين وهو موجود وحده في غار حراء ، فكان ذلك حدث بسيط كأنما يكون للناظر ، فكان ذلك فاتحة الخير ومبدأ الهداية والعدالة للعالم كله منذ لك الحين الى يوم القيامة.
وأود الآن أن أذكر لكم بعض ما يتعلق بالمبعث النبوي خاصة لا بخصائص الرسول صلى الله عليه واله ، عموما ، بل ما يخص المبعث ، وهي أمور عديدة ليس في الإمكان حصرها ولا يسع الوقت لأكثرها ويحتاج استيعابها الى مجلد ضخم أو أكثر ، وإنما نتعرض الآن الى بعض النقاط فقط:
النقطة الاولى.
ان هناك رواية معينة ومشهورة لدى الجماعة ولا أعتقد ان أحدا منكم لم يسمع بها ، موجودة في المنهج الدراسي التقليدي الرسمي ، رواية معينة مشهورة لدى الجماعة ومروية في كتبهم ، كتب اخواننا ابناء العامة ، ومروية في كتبهم المعتمدة في قصة حصول المبعث لا تخلو من إشكال تاريخياً ومفهومياً ، فيحسن ان نسمعها ونناقشها باختصار.
فعن عائشة أم المؤمنين انها قالت: أول ما بُدء به رسول الله صلى الله عليه واله ، من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم فكان لا يرى رؤيا الا جاءت مثل فلق الصبح ، زين ، ثم حبب اليه الخلاء فكان يخلو ، يعني ينفرد طبعا ، بغار حراء فيتحنث فيه ، اي يتعبد فيه ، الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع الى أهله ويتزود لذلك ، ياخذله خبز وماي ، ثم يرجع الى خديجة فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق وهو في غار حراء فجاء الملك ، ما سميه ، جبرائيل سلام الله عليه ، فقال : إقرء ، فقال: ما أنا بقاريء ، فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني ، فقال: إقرء ، فقلت: ما أنا بقاريء ، قال: فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني ، فقال: إقرء ، فقلت: ما أنا بقاريء ، فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني ، فقال:
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴿١﴾ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴿٢﴾ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴿٣﴾ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴿٤﴾ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴿٥﴾
فرجع بها رسول الله صلى الله عليه واله ، يرجف فؤاده ، هكذا تقول الرواية ، فدخل على خديجة بنت خويلد فقال: زملوني زملوني ، اي لفوني ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، فقال لخديجة وأخبرها الخبر : لقد خشيت على نفسي ، انه هذا راح يموتني ، يقتلني ، فقالت خديجة : كلا ما يخزيك الله ابدا ، انك لتصل الرحم وتحمل الكل وتُكسي المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق ، صلى الله عليه وآله ، فانطلقت خديجة حتى أتت ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ، ابن عم خديجة وكان امرءاً قد تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العبراني ، يعني الكتابة العبرانية ، فيكتب من الأنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب وكان شيخا كبيرا قد عمي ، فقالت له خديجة : يا بن عم إسمع من ابن اخيك ، فقال له ورقة: يا ابن اخي ماذا ترى؟ ، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وآله ، خبر ما رآه ، فقال له ورقة : هذا الناموس الذي انزل الله على موسى يا ليتني أكون فيها جزعا ، يا ليتني أكون فيها حيا ، اذ يخرجك قومك ، فقال رسول الله صلى الله عليه واله : او مخرجي هم ، قال: نعم ، لم يأتي رجل بمثل ما جئت به الا عودي ، ها الموخوش اوادم اهواية على وجه الارض ، لم يأتي رجل بمثل ما جئت به الا عودي وأن يدركني يومك انصرك نصرا مؤزرا ، ثم لم ينشب ورقة ان توفى وفتر الوحي.
اقول : فمن هذا المنطلق لنا عدة ملاحظات:
الخطوة الاولى :
ان نفهم بعض الالفاظ الواردة في هذا الحديث ، واهمها اثنان:
احدهما. قوله: (فأخذني فغطني) ، بالله شنو يعني فغطني ها سبحان الله ، يمكن ان يكون من الغط في الماء وهو الدخول فيه ، يعني ادخلني جبرائيل عليه السلام ، في الماء حتى بلغ مني الجهد ، زين اهناك ماي هم اكو ، صحراء قاحلة لا يوجد فيها ماء طبعا ، ويمكن ان يكون من الغطاء وهو ينتج الظلمة فقد أدخله في الظلام حتى بلغ منه الجهد ، ويمكن ان يكون من الغطيط وهو شخير النائم ، يعني أكمه حتى جعله يغط كغطيط النائم حتى بلغ منه الجهد ، ويمكن ان يكون مجازا من العصر والضغط ، يعني ضغطني حتى بلغ مني الجهد ، والظاهر ان هذا هو المعنى الاشهر.
وعلى اي حال فاللفظ هنا يفيد معنى الازعاج والايلام ، وهو حسب السياق في الرواية يأتي كعقوبة على رفض رسول الله صلى الله عليه واله ، ان يقرأ واعتذاره بقوله : ما انا بقاريئ ، يعني انا لا اعرف القراءة ولم اتدرب عليها ، فإنه صلى الله عليه واله ، كان أميا بحسب ظاهر المجتمع طول حياته لم يقرأ ولم يكتب.
ويمكن ان تكون الفاء في قوله (فغطني) أصلية وليست عاطفة ونقرأه (فَغَطَني) من فغط يفغط ، الا انني بحث عن المعنى اللغوي في المصادر المتيسرة لهذه الكلمة فلم اجده ، على انه يحتاج السياق الى فاء اخرى تكون عاطفة قبلها بان يقول (ففغطني) وليس في الحديث ذلك.
ثانيهما . قوله: (زملوني فزملوه) اي لفوني بالغطاء او غطوني به ، كأنه يشعر ان الرعدة التي اخذته تشبه رعدة البرد ، وقوله: (ثم ارسلني) يعني اطلق سراحه من تلك الحالة الاليمة ، في حدود فهمي ان هذه الخطوة الاولى .
الخطوة الثانية :
انه من الواضح من الحديث ان: ((اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1))، نزلت قبل البسملة او بدون البسملة ، لأنه بدأ بقوله: (( اقرأ باسم ربك الذي خلق ، فأين البسملة ، ها ، سبحان الله ، فالظاهر من الحديث والواضح من الحديث ان : اقرأ باسم ربك الذي خلق نزلت قبل البسملة أو نزلت بدون بسملة وهو غير محتمل وخاصة ونحن نعتقد في مذهبنا بان البسملة جزء من هذه السورة كما هي جزء من كل سورة غير سورة براءة.
الخطوة الثالثة :
انه لم يظهر من الحديث السبب في هذا الازعاج والايلام الذي حصل ثلاث مرات على رسول الله صلى الله عليه واله ، فانه كان صادقا فيما يقول ، (ما أنا بقاريئ) ، قابل يچذب حاشاه ، وليس كاذبا او مجرما وحاشاه لكي يعاقب ، ها لا يستحق العقوبة ، فإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على عدم صدق الحديث نفسه ، اليس كان في امكان جبرائيل عليه السلام ، أن يقول لأول مرة: ((اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)) ، كما قال في المرة الثالثة ولا يحصل كل هذا الازعاج.
الخطوة الرابعة :
إننا اذا تنزلنا وقبلنا انه يستحق العقوبة وحاشاه فكان يمكن الاقتصار على عقوبة خفيفة او تنبيه بسيط وليس الى هذه الدرجة من الازعاج بحيث يقول: (حتى بلغ مني الجهد)، ويحصل ذلك ثلاث مرات.
الخطوة الخامسة :
ان الملك لم يأتي ، لاحظوا سبحان الله ، ان الملك لم يأتي بورقة او كتابة ليطلب من النبي صلى الله عليه واله ، ان يقرأها ، إذن فليس هناك اي طلب للقراءة لكي يعتذر منه النبي انه ليس بقاريئ لكي يعاقبه الملك على ذلك ، بل من الواضح ان المراد بالقرآن او بالقراءة في هذا المورد هو مجرد التلفظ او القول يعني قل كما اقول ، هيچ هذا هوه ، والمفروض ان النبي صلى الله عليه واله ، يسمع ويمكنه ان يعيد نفس الكلام بدون هذه المضاعفات ، كما ان المفروض ان النبي صلى الله عليه واله ، بوعيه وعلو مستواه يفهم هذا المعنى وعدم وجود مورد للاعتذار، فكيف يكون اعتذاره مفهوما ، فهذا يشكل نقطة ضعف اخرى في الحديث.
زين ولو قصد بقوله (ما انا بقاريء) يعني لا استطيع ان اردد معك هذه الالفاظ ، لكان كاذبا وحاشاه ، ولو تنزلنا وقبلنا ان النبي صلى الله عليه واله ، لم يفهم ذلك فكان الانسب والاولى للملك ان يفهمه ذلك او يبدل تعبيره بما يؤدي المعنى المطلوب ، لا ان يعاقبه ثلاث مرات.
الخطوة السادسة :
انه بعد ان علم النبي صلى الله عليه واله ، ان هذا ملك مقرب وعلم قدسيته فلماذا يعصيه ويصر ثلاث مرات على عصيانه ؟ ، وكأنه لو استمر الحال على ذلك لعصاه مائة مرة او الف مرة ، ما راح ايگول اطلاقاً ، ها ، سبحان الله ، مع العلم انه يعلم انه ملك مقدس وان أمره حق ومن أمر الله جل جلاله ، إذن فسوف يعصي الله تعالى وحاشاه اكيدا.
الخطوة السابعة :

إننا نتساءل هل ان النبي صلى الله عليه واله ، أكثر فهما أم خديجة بنت خويلد أم المؤمنين أم ورقة بن نوفل الشيخ النصراني ؟ ، ها سبحان الله ، لاشك ان النبي صلى الله عليه واله ، خير الخلق وأعظم الخلق وأفهم الخلق ، لا ينبغي ان يختلف في ذلك اثنان ، فكيف يكون هو الجاهل في تفسير هذه الحادثة كما هو منطوق الحديث ويكون العلم لدى غيره ، ها ، سبحان الله ، بحيث يتوقف الامر على اخبار ورقة بن نوفل مع احترامي له.
الخطوة الثامنة :
انه ينبغي ان يكون واضحا من الحديث ان النبي صلى الله عليه واله ، ساعتئذ لم يعلم ان هذا ملك وان هذا قرآن ، وانما ذلك كان بلفظ الراوي وهو عائشة او بإخبار ورقة بن نوفل ، ومثل هذا الوضع والجهل غير محتمل على رسول الله صلى الله عليه واله ، كما هو واضح.
الخطوة التاسعة :

ان المفروض بالنبي صلى الله عليه واله ، ان يعلم حقيقة الملك الذي ارسل اليه وكون موقفه حقا وهو مرسل من الله تعالى ، فاذا كان ذلك اذن فسوف يعرف ان ما فعله الملك حسب منطوق الخبر حق ايضا ، فلا يخشى منه ولا يعترض عليه ولا ان ينهار نفسيا منه.
الخطوة العاشرة.
ان رسول الله صلى الله عليه واله ، ظهر في هذا الحديث ، لاحظوا وحاشاه ، ظهر في هذا الحديث جبانا محبا للحياة الدنيا جدا ، ضعيفا عن تحمل المشاق وحاشاه من كل ذلك ، وهذا واضح من عدة فقرات من الحديث كقوله: (فغطني حتى بلغ مني الجهد) ، وقوله: (فرجع بها رسول الله صلى الله عليه واله ، يرجف فؤاده) ، وقوله لخديجة: (لقد خشيت على نفسي) ، مع اننا نعلم انه أعلم وأقوى من جبرائيل نفسه حتى انه في المعراج ، هذا سمعناه وسمعتموه ، قال له جبرائيل في المعراج ، قال له جبرائيل ما مضمونه: (تقدم وحدك لو تقدمت انملة لاحترقت) ، فتقدم النبي صلى الله عليه واله ، وحده حتى وصل الى: (قاب قوسين او ادنى).
فهلى استعمل النبي صلى الله عليه واله ، شيئا من هذه القوة في دفع هذا الازعاج والبلاء عن نفسه او بتحمله للبلاء بحيث لا يبلغ منه الجهد بهذه السهولة.
إذن فهذا الحديث مردود حتى لو قبلنا صحة سنده وهو بالتأكيد ليس بصحيح السند. وإنما الأمر باختصار اننا نقتصر على ما هو حق ونرفض ما هو باطل ، هيچي هذا هوه ، وإنما الأمر باختصار ، هو نزول الوحي عليه وارساله برسالة الاسلام لأول مرة في غار حراء بالآيات الاولى من سورة العلق بما فيها البسملة ، هذي محذوفه من الحديث طبعا ، والنبي صلى الله عليه واله ، تلقاها بعمق وسعة صدر وبشجاعة وتفهم وعلم بكونه مخاطبا من الله تعالى بطريق جبرائيل عليه السلام ، وانه رسول الله صلى الله عليه واله ، بدون حاجة الى مثل هذه التفاصيل المؤسفة.
النقطة الثانية.
مما أريد ذكره مما هو مناسب مع المبعث النبوي الشريف ما يرتبط بقوله تعالى ، اسمعوا الآيات رجاءً :
((قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ (102) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ۗ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ (103) إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ (105))
زين ، ومن الواضح في هذه الآيات ان النبي صلى الله عليه واله ، كان يتردد ، في مكة طبعا وليس في المدينة ، كان يتردد في مكة على رجل له علم وفهم لأجل احترامه والميل اليه ، فاتهمه المرجفون وما اكثر المرجفين في الاجيال ، بأنه يتعلم منه العلم ويعطيه نصوص القرآن وان النبي صلى الله عليه واله ، ينسبها الى الله تعالى كذبا ، وقد اختلفت الروايات في اسم هذا الرجل ولا حاجة الى التعرف عليه شخصيا أكيدا ، ويمكننا ان نتكلم في ذلك ضمن عدة نقاط :
النقطة الاولى :
ان سياق الآيات يحتوي على ذكر أمرين ، مو واحد حبيبي ، أمرين مما أرجف به المشركون ، أو قل المرجفون ضد النبي صلى الله عليه واله ، أحدهما هذا الذي سمعناه وسياتي الحديث عنه بعد لحظات ، دقيقة ، والاخر قوله تعالى:
(وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101) قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ (102).
ونحن نعلم ان كل تعاليم القرآن كل واحد منها يفتح منه الف باب ، فيكون المفهوم من هذه الآية الكريمة ان اختلاف الآيات ليس صادرا عن النبي صلى الله عليه واله ، بشخصه ، وإنما هو مبلغ عن الله سبحانه ، والاختلاف في الحقيقة مسند الى الله تعالى وهو يقول : ((وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ ۙ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ)).
والسر في ذلك حسب فهمنا ان هذا الاختلاف هو الأوفق بالحكمة والمصلحة ، ولو لم يكن هذا الاختلاف موجودا لفسد الحال ، لأن اختلاف الحكم يتبع اختلاف الموضوع ولا معنى لحكم واحد على موضوعين واختلاف الموضوع متحقق باختلاف تقلبات المجتمع واراء الناس والمصالح العامة والخاصة فيه.
وهذا المعنى القرآني يلقي ضوءاً على ما قد يقال ضد السيد محمد الصدر او غيره من اختلاف ارائه وتبدل قناعاته في الظاهر مع انها قد تكون في الحقيقة هي الاوفق في الحكمة والمصلحة لما قلناه الان من ان اختلاف الموضوع يستدعي اختلاف الحكم وان الفرد قد يحتاج الى مواقف متعددة في ازمنة متعددة وفي امكنة متعددة حسب ما يرى من المصلحة ولا ينبغي التشكيك والارتياب فيه ، بل الأمر اكثر من ذلك من حيث ان المبادرة الى الطاعة وحسن الظن بالحوزة والمرجعية منتج لعدد من النتائج الحسنة فانه مضافا الى تحقيق المصلحة العامة المطلوبة والمنشودة ، فإنه يكون اقرب الى تقارب القلوب وتحابب النفوس ووضوح الايمان في العقول كما قال تعالى في نفس هذه الآيات: (لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ ).
النقطة الثانية :
ان الله جل جلاله يجيب في قرآنه المجيد على كلام المرجفين وهو قولهم ، بنص القرآن طبعا: ((انما يعلمه بشر))، يجيب بقوله: ((لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ (103) ، فإنه لا يخلو من احدى حالتين:
اما ان يدعوا ، اي المرجفون ، انه يأخذ الفاظ القرآن من هذا الإنسان ، واما ان يدعوا انه يأخذ معانيه ويصبها النبي صلى الله عليه واله ، في القالب القرآني واللفظ القرآني ، وكلا الأمرين باطلان ، اما أخذه اللفظ القرآني من هذا الإنسان فهو مستحيل ، مسلم التعذر والاستحالة ، لأن لسانه أعجمي ، وهو غير قابل لمعرفة العربية الفصيحة بأدنى درجاتها فضلا عن العربية بالمستوى الاعجازي في القران الكريم ، خوب هذا خلصنه منه ، وهذا الرجل ليس له علم باللغة والادب والبلاغة ونحوها وانما له مفاهيم دينية وعقلية فقط ، فمن أين يمكنه ان يأتي بمثل نصوص القرآن.
وان كان مدعاهم انه يعطي المعاني للنبي صلى الله عليه واله ، والنبي هو الذي يصوغها باللفظ القرآني ثم يدعي نسبتها الى الله تعالى فهذا ما يجيب عليه القرآن بقوله: ((قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ)) ، وبقوله: ((ان الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله)) ، فهذا أمر يحتاج الى شيء من القناعة والإيمان ، وكيف تحصل القناعة والإيمان من الجاهلين الكاذبين: ((إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله)) ، وإذا لم يهدهم الله لن يهتدوا أبدا ، سبحان الله ، في كل جيل هذا موجود ، واما اذا حصلت القناعة والايمان فسوف نعرف ان كلا الشخصين ، أعني هذا الرجل والنبي صلى الله عليه واله ، كلاهما ، سبحان الله ، غير قابلين في انفسهما لإيجاد هذه النتيجة ، فلا هذا الرجل يستطيع ان يعطي للنبي صلى الله عليه واله ، كل معاني القرآن على عمقها وسعتها وعلو مقامها ونحن نعلم ان القرآن يسير مع الناس والبشرية مسار الشمس والقمر وان علومه لا تنفد وان له ظاهر وباطن وباطنه له باطن الى سبعة بطون او سبعين بطنا كما ورد ، وانه كما يقول القرآن : ((مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ (38)) ، الى آخر اوصاف القران التي لاتُعَدْ ولا تُحَدْ ، فكيف يستطيع أن يقوم بها أو يؤديها رجل واحد مهما كان علمه ومهما كانت منزلته فيتعين ان تكون هذه المعاني العظيمة نازلة من العظيم الأعظم جل جلاله .
زين ، فلا هذا الرجل يستطيع ، ولا ان النبي يستطيع بنفسه ان يأتي بألفاظ القرآن البلاغية والإعجازية وهذا دليله واضح جلي فانه صلى الله عليه واله ، خير الخلق وخير البشر وقد اوتي جوامع الكلم ومع ذلك فقد سمعنا خطبه وكلماته وقد وصلت الينا كثير منها كخطبته ، وهي أشهر ماوصل الينا سبحان الله في مفاتيح الجنان موجودة ، كخطبته في اول شهر رمضان وهي مشهورة ، وقد جمع له الشريف الرضي عليه الرحمة ، كتابا كاملا في كلماته القصار او جوامع الكلم سماه المجازات النبوية ونسخته موجودة وهي ان لم تكن كثيرة على اية حال ، والمهم انه لم يكن فيها ما يشبه القرآن او يصل الى درجة بلاغته او حكمته وهذا مسلم وواضح لدى كل ذي عينين وكل ذي لب.
مضافا ، ها لاحظوا ، مضافا الى التحدي القرآني للبشرية اجمعين من حين نزوله الى يوم القيامة ، اكو نقطة لم يلتفت اليها احد ، ان التحدي شامل حتى لشخص النبي صلى الله عليه واله ، گول لا ، سبحان الله ، التحدي القرآني للبشرية اجمعين من حين نزوله الى يوم القيامة ، بما فيهم شخص رسول الله صلى الله عليه وآله ، لو لاحظناه منفصلا عن الوحي ، لو لاحظناه منفصلا عن الوحي ، وكذلك شخص أمير المؤمنين عليه افضل الصلاة والسلام ، وكل المفكرين والمتعمقين في البشرية في اي جيل او مكان او زمان ابتداءا من المعصومين وانتهاءاً الى الحمال والزبال ، هذا هوه ، لا احد يستطيع ان يأتي بمثل القرآن اطلاقا.
وليس هذا التحدي سهلا واعتباطيا ، سهلة آني ادعي هيچي اگول خل واحد يخطب مثلي ، يجي واحد يخطب احسن مني ، سبحان الله هذا التحدي مو سهل كلش صعبة ، طول عمر البشرية لا يكون اطلاقا ، لاحظوا ، لولا ان يصدر من الحكيم العليم والا فما اسهل لأي جيل او لأي علم او لأي عالم ان يكسر الحجة القرآنية بالإتيان بمثله او بأفضل منه وحاشاه ، ونحن نعلم ان هذا لم يكن ولن يكون فكيف برجل واحد هو الذي كان يزوره الرسول صلى الله عليه واله ، في مكة بطبيعة الحال.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)
صدق الله العلي العظيم

الجمعة الثانية والثلاثون 30 رجب 1419 هـ
الخطبة الثانية.
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم.
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سبحانك لا اله الا أنت الواسع الذي لا يضيق البصير الذي لا يظل النور الذي لا يخمد ، سبحانك لا اله الا أنت الحي الذي لا يموت القيوم الذي لا يهين الصمد الذي لا يطع ، سبحانك لا اله الا أنت ما أعظم شانك وأعز سلطانك وأعلى مكانك وأشرف ملكك ، سبحانك لا اله الا أنت ما أبرك وأرحمك وأحلمك وأعظمك وأعلمك وأسمحك وأجلك وأكرمك وأعزك وأعلاك وأسمعك وأبصرك ، سبحانك لا اله الا أنت ما أكرم عفوك وأعظم تجاوزك ، سبحانك لا اله الا أنت ما أوسع رحمتك وأكثر فضلك ، سبحانك لا اله الا أنت ما أنعم آلآئك وأسبغ نعمائك ، سبحانك لا اله الا أنت ما أفضل ثوابك وأجزل عطائك ، سبحانك لا اله الا أنت ما أوسع حجتك وأوضح برهانك ، سبحانك لا اله الا أنت ما أشد أخذك وأوجع عقابك ، سبحانك لا اله الا أنت ما أشد مكرك وأمكن كيدك ، سبحانك لا اله الا أنت تسبح لك السماوات السبع والارضون السبع ، سبحانك لا اله الا أنت القريب في علوك المتعالي في دنوك المتداني دون كل شيء من خلقك ، سبحانك لا اله الا أنت القريب قبل كل شيء والدائم مع كل شيء والباقي بعد فناء كل شيء ، اللهم صل على المصطفى محمد والمرتضى علي والزهراء فاطمة والزكي الحسن والشهيد الحسين والسجاد علي والباقر محمد والصادق جعفر والكاظم موسى والرضا علي والجواد محمد والهادي علي والعسكري الحسن والمهدي محمد أئمتي وسادتي وقادتي بكم أتولى ومن أعدائكم اتبرأ في الدنيا والاخرة.
((اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(102).
ينبغي ان تكون ذكرى المبعث النبوي الشريف سببا لان يبعث في نفوسنا الشعور بأهمية هذا المبعث وبأهمية مضمونه الكريم وهو دين الاسلام العظيم وقدسيته الجليلة ونوره الوضاء واخوته العالية ، قال تعالى: ((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ...(10)) ، وقال: ((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)) ، والاسلام هو دين الوحدة والاخوة والتماسك والرحمة والانسانية واللطف والتعاطف على مختلف المستويات التي يمكن ان نعرض المهم منها فيما يلي:
المستوى الاول :
وحدة الحوزة العلمية واخوة اعضائها والمشاركين فيها بالهدف المشترك وتجاه العدو المشترك وفي الفكر المشترك مهما تباعدت بعض المصالح والاهواء والاساليب ، وهذا واقع لا مناص منه ومطبق فعلا فإننا جميعا في الحوزة يد واحدة وروح واحدة كلنا يعمل لمصلحة الدين وكلنا يقول وكلنا يتصرف في حدود استطاعته وفهمه باتجاه الهدف المشترك وهو عز الدين وعز الاسلام وارتفاع وعظمة كلمة التوحيد في كل زمان ومكان وتكثير طاعات الله سبحانه في البشرية وتقليل معاصيه بين البشر وكلنا يد واحدة ضد من ناوانا وعادانا لأن من عادى الحوزة فقد عادى الدين ومن كاد للحوزة فقد كاد للدين ومن اعتدى على الحوزة فقد اعتدى على الدين وليس على هؤلاء الناس بأشخاصهم بطبيعة الحال.
والحوزة واحدة في كل مكان وزمان لأنها تتوحد بوحدة العاطفة والعلم والعمل والهدف اكيدا وكله واحد بحسب توفيق الله تعالى فليس هناك حوزات متباينة او مختلفة في ما بينها في النجف وفي قم وفي سوريا وفي لبنان وفي خراسان وفي البحرين وفي القطيف وفي الاحساء وفي باكستان وفي الهند وفي غيرها من بلاد الله ، بل كلهم رجل واحد وقلب واحد ويد واحدة وعلم واحد لمصلحة الدين وشريعة سيد المرسلين وضد العدو المشترك الموجود ضدنا في كل جيل وفي كل مكان وزمان گول لا ، سبحان الله .
المستوى الثاني :
وحدة المؤمنين في المذهب الواحد مهما تكثرت أعمالهم وطبقاتهم ومستوياتهم وعواطفهم فانهم ما داموا يشعرون بأهمية الدين واهمية ولاية امير المؤمنين عليه افضل الصلاة والسلام ، وعصمة القادة الائمة المعصومين سلام الله عليهم ، فهذا يكفي تماما لأن يكون الفرد مندفعا نحو طاعة الله متحمسا نحو الهدف المشترك واقفا ضد العدو المشترك منجزا مصلحته العادلة الشخصية والاجتماعية مبتعدا عن الذنوب والعيوب والموبقات ومن لم يكن كذلك فنتمنى ان يكون كذلك في أقرب وقت وبحسن توفيق الله وتسديده.
المستوى الثالث :
الأخوة في الاسلام وهي الأهم والأتم لأنها تشكل حجر الزاوية في المبعث النبوي الشريف لأن المبعث مبعث الاسلام فالأخوة في الاسلام هي الرئيسية لأن القرآن واحد والنبي واحد والقبلة واحدة والدين واحد والهدف واحد وأن أغلب الاختلافات بين علماء الاسلام طبيعي وموجود بين اي تفكيرين او أي مفكرين وليس ذلك بعيب ولا يشكل نقصا حقيقيا ولا ينبغي ان يكون سببا للعداء والمكر والتضارب والتحارب والعياذ بالله وانما الهدف مشترك والعمل مشترك والعدو مشترك وخاصة ونحن نعيش في أغلب العصور بل كلها مَسيس الحاجة الى ذلك لتكالب الأعداء ضد الاسلام ومكرهم من داخلهم ومن خارجهم وبيده السلاح والمال والتخطيط والاعداد الكامل ، في حين نجد المسلمين والمخلصين عزلا من كل ذلك وهذا هو الامتحان الالهي الأتم والأكمل ليحيى من حي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة.
زين ، ومثل هذا الظرف وهو الظرف الدائم والمستمر وربما لمئات السنين يعطينا وجوب الشعور بالوحدة والتماسك والتضامن وقوة الايمان لكي نستطيع ان ندفع المؤامرات ونُكْفَى اكثر ما هو مستطاع من الشدائد والمظالم التي يريدها لنا العدو المشترك المتمثل في الثالوث المشؤوم وهو الاستعمار الاسرائيلي الامريكي البريطاني قبحهم الله.
والأمر هنا كما قال احد اعضاء دار التقريب بين المذاهب الاسلامية ، كان أكو الى عهد قريب ، والآن كأنما لا أثر له انحل ، لكنه كان موجود ربما قبل عشرين سنة او اكثر ، دار التقريب بين المذاهب الاسلامية الذي كان مؤسسة مهمة في ازهر القاهرة حيث قال ما مضمونه انه ليس المراد في هذه المرحلة من العمل والتفكير هو ان نجعل الشيعين سنيين او نجعل السنيين شيعين وانما المهم هو التمسك بالدين المشترك وهو الاسلام والقيام ضد العدو المشترك وهو الكفر والالحاد المتمثل بالاستعمار وانصار الاستعمار.
وبطبيعة الحال فان مجرد التفكير في هذه الوحدة قلبيا وعقليا ، مجرد التفكير في هذه الوحدة له مرحلة مهمة وجيدة ونافعة تكفي في نتائجها عدم توجيه الحقد والعداء ضد بعضنا البعض والعياذ بالله من مختلف مذاهب الاسلام وإنما اختصاص توجيه الحقد والعداء ضد من هو أهل لذلك وهو العدو المشترك المتمثل بالكفر والاستعمار. ويقول المثل انا وابن عمي ضد الغريب كما يقول المثل في عادات العشائر ، ربما تعرفونها انه قد تكون قبيلتان متعاديتين فيما بينهما ومتقاطعتين بشدة الا انهما حين يجابههم العدو المشترك وتغير عليهما قبيلة ثالثة يكونان يدا واحدة وعمل واحد وقلب واحد تجاه هذا العدو المشترك گول لا ، فاذا دفعوه واستراحوا عادوا الى العداء من جديد فيما بينهم.
ومن الواضح اننا لم ندفع العدو المشترك الى الان ، لا حظوا ، بل لا زال في تزايد ومرارة ولا اقل ان يحذر كل واحد منا مهما كان مذهبه ومهما كان عمله ومهما كانت طبقته ان يحذر من ان يكون معينا ضد نفسه وضد إسلامه بيد او لسان مهما كان قليلا او كثيرا.
زين ، يضاف الى ذلك الالتفات الى ان عمل بعض المذاهب ضد بعضها كما يحدث الآن من الوهابيين مع شديد الاسف كما قد يفترض حدوثه من أية جهة كانت يكون بكل تأكيد عمل مبرمج وموجه في مصلحة الاستعمار ولا يستفيد من ذلك ولا يفرح به الا العدو المشترك واسرائيل من حيث نعلم او لا نعلم ، بينما لا يستاء العدو المشترك الا من التحابب والتعاون والألفة بين المؤمنين والمسلمين ونحن مأمورون في القرآن الكريم ان نسيء الى قلوبهم كما قال تعالى في محكم كتابه الكريم : ((ولا تطأون موطئا يغيض الكفار الا كتب لكم به عمل صالح)) ، إذن فالأخوة مطلوبة في الإسلام على كل حال ، وهذا بطبيعة الحال ليس من طرف واحد مو آني اگوله ، بل من كل الاطراف وليس كلامي هذا استجداءا للعاطفة لأننا لا نخاف من غير الله سبحانه وتعالى وانما هو لإقامة الحجة والفات النظر لمن يريد ان يستجيب الى داعي الله ونصوص الكتاب الكريم والسنة الشريفة ويكون ذلك في مصلحتهم اولا ، وفي مصلحة الاسلام ثانيا ، ودفعا للعدو المشترك ثالثا ، وهذا لا يعني من ناحية اخرى عدم أهمية الحفاظ على المذهب والعناية بمصالحه ومصالح طائفته فان هذا ضروري أيضا امام الله سبحانه وتعالى لأنه الحق الذي نؤمن به لكن ينبغي ان يكون عمل اي مذهب او قل عمل اي مسلم بحيث لا يضر بالمذاهب الأخرى تحصيلا ، لا أقل بهذا المقدار ، تحصيلا للوحدة الاسلامية والتكاتف المحمدي او قل يجب الا يعمل اي مسلم عملا يفيد به الاستعمار ويوجد به الفرقة والازعاج في المجتمع الاسلامي ومن عمل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين حتى لو كان هو السيد محمد الصدر نفسه.
المستوى الرابع :
الشعور بالوحدة والتضامن مع الثورة الفلسطينية المجيدة التي كانت ولا زالت تعطي سيل الشهداء انتصارا للحق المغتصب واحتجاجا على الظلم المكثف والاجحاف الحقيقي الموجود في تلك البلاد المسلمة من قبل مستعمريهم اليهود.
والملاحظ بوضوح ، ها لاحظوا هذا آني ملاحظة من سنين ، والملاحظ بوضوح ان فكر الثورة الفلسطينية قد مر ميدانيا بتطور وتكامل ملحوظ ، فبينما كان عند بدأه قبل حوالي عشرين سنة او اكثر فكرا علمانيا دنيويا لا يريد اكثر من ازالة الحكم الغاشم الظالم في بلاده ولا يفكر في البديل وفي شكل الدولة الجديدة التي يسعى من اجلها حتى كان أكثرهم شيوعيين في زمن وجود ما كان يسمى بالاتحاد السوفيتي وكان بعضهم يميل الى الديمقراطية الرأسمالية وبالتالي كانوا مختلفين وليس لهم هدف محدد وحقيقي ، الا أنهم تطوروا بكل تأكيد مع تطور الفكر الاسلامي العالمي فاصبح اكثرهم او الاتجاه الاشهر فيهم اتجاها اسلاميا دينيا لطيفا جزاهم الله خير جزاء المحسنين ، واصبحوا يجاهدون ويستشهدون حقيقة في سبيل الله ومضادة لأعداء الله وذلك بعد ان اتسعت التجارب الدينية وازدادت الكتب الدينية ووسائل الاعلام الاسلامية ، فرأى الجيل المتأخر منهم ان الحق الصحيح انما هو في الدين وان الحل الصحيح انما هو في الدين وليس من المعقول ان اليهود يحاربوننا كيهود ونحن نحاربهم كعرب او كشيوعيين او كرأسماليين ، لا ، وانما يقابل اليهودية الاسلام ليس الا.
والاسلام هو دين الشهادة ودين الاخرة ودين العدل ودين الجهاد وليس في المسالك الاخرى ذلك ، والاتجاهات الفكرية الاخرى ليس فيها الا الخداع والضلال.
فنحن نعلن من هنا تأييدا لمجل الحركة الفلسطينية والثورة الفلسطينية ونخص بالتأييد منهم اولئك الذين يشعرون بمسؤوليتهم الاسلامية وعاطفتهم الدينية وهم الأعم الأغلب فيما أعتقد وننصح الباقين منهم الى ان يميلوا الى هذا الطريق ويلتفتوا الى الدين الحق فيصلحوا بذلك دنياهم وآخرتهم ولا تغرنهم الشعارات البراقة التي لا تفيد في الواقع الا الإبقاء على اسرائيل وقوتها كما ثبت ذلك ولا زال يثبت بالتجارب المستمرة.
هذا ولو استطعنا من موقعنا هذا ان نمد الثورة الفلسطينية بالفكر اولا ، وبالمال والرجال ثانيا ، بالشكل الذي نضمن ان فيه رضا الله سبحانه وتعالى فعلناه ، ويوجد بعض الاشخاص القلائل خلال السنين المتأخرة ممن يسأل عن تكليفه الشرعي بالمشاركة في الثورة الفلسطينية او العمل ضد العدو الغاشم هناك ، ومثل هذا الفرد لا ينبغي نهيه او تثبيط عزمه وشل ارادته بل ينبغي دفعه وتأييده ونصحه بالالتحاق بعد ان يحرز بطبيعة الحال اخلاص القيادة التي يريد الانتماء اليها منهم.
ومن الواضح دينيا ان الثورة الفلسطينية وان كانت هي ثورة الشعب الفلسطيني الا انها ثابتة في ذمم المسلمين جميعا بمختلف مذاهبهم واتجاهاتهم ودولهم لكي يكونوا يدا واحدة ومتعاونين دوما على الفعالية والجهاد ضد اعداء الله والاسلام ، كما ورد في السنة الشريفة : (المسلمون يسعى بذمتهم ادناهم) ، يعني يسعي كلهم حتى ادناهم ، افضلهم وادناهم جميعا ، هم يد على من سواهم ، اي انهم يد واحدة وقوة واحدة وجبهة واحدة وخندق واحد ضد كل الاعداء المتربصين والكفار المعاندين كما قال تعالى : (ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120) وَلَا يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (121) ، وقال الله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) ، ثم يبين في الآية الاخرة التي بعدها ان هذا الوعد خاص بالخاص من الناس وليس عاما لكل احد فمن هؤلاء الموعودون قال : (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112) ، وكما قال الله تعالى أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) ، ثم يبين الله تعالى كذلك في الآية الاخرى ان هذا الوعد خاص غير عام فمن هؤلاء الموعودون ، قال جل جلاله : (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41).
فلننظر نحن ولينظر المسلمون ولينظر الفلسطينيون وكل الناس الى انطباق نصائح الله سبحانه عليهم ، ها سبحان الله ، امسوين لو ما مسوين ، بناهم ايسوون ، لا ما بناهم ايسوون ، فان لم يجدو ذلك ، ها شوف الانطباق ، نصائح الله سبحانه عليهم ، ، هل هم مندرجون بهذه الثلة الصالحة الموصوفة بهذه الآيات ام لا، فان لم يجدوا ذلك فعسى ان يرجعوا إلى أنفسهم ويعيدوا النظر في سلوكهم وأفكارهم وأفعالهم لكي ينالوا التأييد الالهي الحقيقي الذي هو أسمى وأعلى من تأييد كل الخلق ومن تأييد سيد محمد الصدر طبعا بطبيعة الحال لكي نكون جميعا مصداقا لقوله تعالى ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ... (60)) ، وقوله تعالى : ( إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) ، ولكن متى يتحقق الدعاء الحقيقي لله حتى يستجاب ، ومتى يتحقق النصر الحقيقي لدين الله حتى ينصرنا الله ، الا بحسن توفيق الله وعندئذ لن يقف امامنا وامامكم اي عدو مهما كان.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً(3)
صدق الله العلي العظيم

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم


التعديل الأخير تم بواسطة خادم البضعة ; 04-05-2017 الساعة 06:10 PM
ابو علي غير متواجد حالياً  
قديم 22-03-2012, 12:57 AM   #33

 
الصورة الرمزية ابو علي

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 32
تـاريخ التسجيـل : Oct 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 10,104

افتراضي رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة

الجمعة الثالثة والثلاثون 7 شعبان 1419
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد واسمع دعائي اذا دعوتك واسمع ندائي اذا ناديتك واقبل علي اذا ناجيتك فقد هربت اليك ووقفت بين يديك مستكينا لك متضرعا اليك راجيا لما لديك ثوابي وتعلم ما في نفسي وتخبر حاجتي وتعرف ضميري ولا يخفى عليك شيء ولا يخفى عليك امر منقلبي ومثواي وما اريد ان ابدأ به من منطقي واتفوه به من طلبتي وارجوه لعاقبتي وقد جرت مقاديرك علي يا سيدي فيما يكون مني الى اخر عمري من سريرتي وعلانيتي وبيدك لا بيد غيرك زيادتي ونقصي ونفعي وضري الهي ان حرمتني فمن ذا الذي يرزقني وان خذلتني فمن ذا الذي ينصرني. الهي اعوذ بك من غضبك وحلول سخطك. الهي ان كنت غير مستأهل لرحمتك فانت اهل ان تجود علي بفضل سعتك الهي كأني بنفسي واقفة بين يديك وقد اظلها حسن توكلي عليك فقلت ما انت اهله وتغمدتني بعفوك. الهي ان عفوت فمن اولى منك بذلك وان كان قد دنى اجلي ولم يدنني منك عملي فقد جعلت الاقرار بالذنب اليك وسيلتي. الهي قد جرت على نفسي بالنظر لها فلها الويل ان لم تغفر لها. الهي لم يزل برك علي ايام حياتي فلا تقطع برك عني في مماتي. الهي كيف آيس من حسن نظرك لي بعد مماتي وانت لم تولني الا الجميل في حياتي. اللهم صل على محمد وال محمد وصل على الحسين المظلوم الشهيد قتيل العبرات واسير الكربات صلاة نامية زافية مباركة يصعد اولها ولا ينفد آخرها افضل ما صليت على احد من اولاد الانبياء والمرسلين يا رب العالمين. اللهم صل على الامام الشهيد المقتول المظلوم المخذول والسيد القائد والعابد الزاهد الوصي الخليفة الامام الصديق الطهر الطاهر الطيب المبارك والرضي المرضي والتقي الهادي المهدي الزاهد الذائد المجاهد العالم امام الهدى سبط الرسول وقرة عين البتول صلى الله عليه واله وسلم. اللهم صل على سيدي ومولاي كما عمل بطاعتك ونهى عن معصيتك وبالغ في رضوانك واقبل على ايمانك غير قابل فيك عذرا سرا وعلانية يدعو العباد اليك ويدلهم عليك وقام بين يديك يهدم الجور بالصواب ويحيي السنة بالكتاب فعاش في رضوانك مكدودا ومضى على طاعتك وفي اوليائك مكدوحا وقضى اليك مفقودا لم يعصك في ليل ولا نهار بل جاهد فيك المنافقين والكفار. اللهم فاجزه خير جزاء الصادقين الابرار. وباعث عليهم العذاب ولقاتليه العقاب فقد قاتل كريما وقتل مظلوما ومضى مرحوما يقول انا ابن رسول الله محمد وابن من زكى وعبد فقتلوه بالعمد المعتمد قتلوه على الايمان واطاعوا في قتله الشيطان ولم يراقبوا فيه الرحمن.
(يا ايها الذين آمنوا انما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون * انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل انتم منتهون * واطيعوا الله واطيعوا الرسول واحذروا فان توليتم فاعلموا انما على رسولنا البلاغ المبين).
قبل يومين أو ثلاثة كانت الذكرى السنوية لميلاد الإمام ابي عبد الله الحسين سيد الشهداء وسيد شباب اهل الجنة (عليه افضل الصلاة والسلام) فلا ينبغي ان تمر هذه الجمعة بدون ذكره والاخذ بطرف من فضائله.
وبالرغم ( لاحظوا ) من ان الحادثة الاشهر للإمام الحسين (عليه السلام) هو واقعة الطف كأنه خلق من اجلها وخلقت من اجله وهي لا شك اعظم حوادث الإسلام أو التاريخ الاسلامي بعد وفاة النبي (صلى الله عليه واله) والى عصر الظهور. الا انني اريد في هذه الخطبة ان اتجاوز ذلك إلى تلك الفضائل والخصائص التي لا ترتبط بهذه الواقعة مباشرة لان المناسبة ( سبحان الله ) التي نعيشها الان هي مناسبة ولادته وهي مناسبة فرح وليست مناسبة حزن على اية حال وان كان قد ورد عنهم (عليهم السلام) : (وافراحنا احزاننا). وقوله : (يفرح هذا الفرح بعيدهم ونحن اعيادنا مآتمنا).
قالوا : وفد اعرابي المدينة او الى المدينة (يعني المدينة المنورة طبعا) فسئل عن اكرم الناس بها فدل على الحسين (عليه السلام) فدخل المسجد فوجده مصليا فوقف بازائه وانشأ:
لم يخب الان من رجاك ومن حرك من دون بابك الحلقة
انت جواد وانت معتمد ابوك قد كان قاتل الفسقة
لولا الذي كان من اوائلكم كانت علينا الجحيم منطبقة .
قال : فسلم الحسين وقال: يا قنبر هل بقي من مال الحجاز شيء ؟ قال: نعم ( لاحظوا اكو من فهم ان الائمة سلام الله عليهم لم يكونوا يأخذوا الخمس جا هذا مال الحجاز منين جاي انما هو حق السادة وحق الامام والزكاة وهذه الامور ) اربعة الاف دينار. فقال: هاتها قد جاء من هو احق بها منا. ثم نزع برديه ولف الدنانير بها واخرج يده من شق الباب حياءا من الاعرابي وانشأ( بنفس الوزن والقافية ) :
خذها فاني اليـك معـتذر واعلم باني عليك ذو شفقة
لو كان في سيرنا الغداة عصا امست سمانا عليك مندفقة
لكن ريب الزمان ذو غير والكف مني قليلة النفقة
قال : فأخذها الاعرابي وبكى. ( يا سبحان الله ) فقال له: لعلك استقللت ما اعطيناك. قال: لا ولكن كيف يأكل التراب جودك. وهو المروي عن الحسن بن علي (سلام الله عليهما) ايضا.
اقول هنا بعض الايضاحات يحسن التعرض لها باختصار:
اولا: واضح من الرواية ان الحسين (عليه السلام) انشا الابيات على البديهة فان كان الاعرابي قد حضر ابياته فان الحسين لم يحضرها قطعا. وقول الشعر مروي بالتواتر عن عدد من المعصومين (عليهم السلام). وديوان امير المؤمنين (عليه السلام) مشهور، وهو وان كان كل واحد منه (اي كل واحد من اشعاره) ضعيف السند الا ان مجموعه متواتر. كما ان الشعر مروي عن عدد مهم من علمائنا (قدس الله اسرارهم) كالشريف المرتضى والشريف الرضي والشيخ البهائي والسيد الحبوبي وغيرهم كثير. ومع ذلك يقول المتزمتون من الحوزة الشريفة ان قول الشعر ينافي وضع وحال رجال الدين والحوزة والمرجعية ويضر بهم. وهذا باطل قطعا لان فيه اسوة بالمعصومين (عليهم السلام) وكما ان لنا اسوة حسنة برسول الله (صلى الله عليه واله) بنص القرآن كذلك لنا اسوة حسنة بالمعصومين (عليهم السلام) من اهل بيته، ومن جملة اعمالهم القطعية اليقينية هو قول الشعر. ولأن كان رسول الله (صلى الله عليه واله) لا يقول الشعر كما قال الله تعالى : ((وما علمناه وما ينبغي له)) فانه ايضا ( لاحظوا ) كان اميا بحسب الظاهر لا يقرأ ولا يكتب فهل علينا ان نكون كذلك اميين ( يا سبحان الله ) . ان هذه الصفات صفات خاصة به برسول الله صلى الله عليه واله لمصالح عامة ترتبط برسالته وهي ليست شاملة للمعصومين (عليهم السلام) حتى ولا لأمير المؤمنين (عليه السلام) فضلا عن غيرهم من الناس لوضوح ان امير المؤمنين عليه السلام لم يكن اميا بينما رسول الله كان اميا ظاهرا وامير المؤمنين واضح انه في اعلى درجات القراءة والكتابة. لوضوح ان للمعصومين ايضا اسوة برسول الله (صلى الله عليه واله) (كول لا !) مع انهم كانوا يقولون الشعر وكانوا يقرأون ويكتبون قطعا ولم يكونوا اميين مثله. اذن فهاتان الصفتان ليس فيها اسوة برسول الله (صلى الله عليه واله) لا للمعصومين ولا لغيرهم ولا يشملها اطلاق الآية الكريمة. وبالآخرة ما من عام الا وقد خص. بل كان فيها اسوة مع المعصومين (سلام الله عليهم) ولو كان في هاتين الصفتين اسوة برسول الله (صلى الله عليه واله) لكان المعصومون احق بها وبفعلها وبتنفيذها ولم يفعلوا اكيدا.
مضافا الى امكان تفسير الشعر المنفي عن رسول الله (صلى الله عليه واله) بالباطل يعني نفي الباطل عنه والشعور الوهمي وليس الشعر الذي نعرفه وهو المراد بقوله تعالى : (الشعراء يتبعهم الغاوون) ليس كل الشعراء يتبعهم الغاوون وانما المبطلون واهل الباطل يتبعهم الغاوون وكلهم هكذا طبعا. (سبحان الله ) .
كما قد نسب اليه ( أي الى رسول الله صلى الله عليه واله لو لم يكن قد علمه الله الشعر لما نظم ولا بيت واحد ولكن على اية حال نسب اليه بيت واحد ) بيت من الشعر وهو قوله حين ادميت او جرحت اصبعه في احدى الغزوات:
ما انت الا اصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت
فاذا كان لا يعلم الشعر اطلاقا اذن لا يصدر منه ولا بيت شعر واحد.
هذا مضافا الى ما في الشعر من فوائد جمة دينية ودنيوية وقد كان اغلب ( لاحظوا) شعر المعصومين (عليهم السلام) موعظة وحكم وتخويف وترغيب وهو اشد تأثيرا في النفس ( الشعر ) من النثر بلا شك ( قد يخطر في بالك اذكره ) :
واما كون الشعر فيه مفاسد فهذا صحيح غير ان ذلك ناشئ من عدم تورع الشعراء او بعض الشعراء في الحقيقة ومن تورطهم في الحرام واطاعتهم لأنفسهم الامارة بالسوء. ويمكن للفرد الشاعر المتورع ان يتجنب كل ذلك في شعره ويقصره على طاعة الله ودين الله والامور النافعة كما فعل المعصومون (سلام الله عليهم). ولذا نسمع احد الشعراء يقول وهي ابيات معروفة ربما اكثركم سامعيها :
ما الشعر الا شعور تهيج فيه العواطف
وخيره ما تراه عن الحقيقة كاشف
الامر الثاني : من الامور التي اريد التنبيه عليها في تلك الرواية انه قال:
لم يخب الان من رجاك ومن حرك من دون بابك الحلقة
يعني دق بابك وقصدك لان الجرس الكهربائي لم يكن موجودا في ذلك الزمن وانما كانت هنالك حلقة من حديد معلقة بالباب فاذا اراد احدهم ان يدق الباب حركها ليسمع من في داخل الدار. وقال ( هو نفسه ) :
لولا الذي كان من اوائلكم كانت علينا الجحيم منطبقة
يعني اوائلكم أي الجيل السابق لكم يقصد رسول الله (صلى الله عليه واله). اي لولا هدايته لدينه لكانت الجحيم علينا منطبقة وهذا صحيح جزاه الله خير. ومنطبقة اي مغلقة وفيه اشارة إلى قوله تعالى: (انها عليهم مؤصدة) اي مغلقة.
وقول الحسين (عليه السلام) :
لو كان في سيرنا الغداة عصا امست سمانا عليك مندفقة
لان الإنسان العاجز يستعمل العصى في سيره فيتمكن من السير ولولا العصى فانه لا يتمكن من السير فتكون العصى هنا كناية عن التمكن المالي انه لو كانت عندنا زيادة لأعطيناك وعندئذ ( أي اذا كان عندنا زيادة ) امست سمانا عليك مندفقة، اي ماطرة بالعطاء.
ولا يخفى توقيت الشطر الاول بالغداة والثاني بالمساء لأنه قال:
لو كان في سيرنا الغداة عصا امست سمانا عليك مندفقة
لان المساء متأخر عن الصباح وكذلك العطاء متأخر عن التمكن لأنه مترتب عليه ومعلول له. وهي التفاتة ادبية لطيفة ولان اغلب المطر ينزل ليلا كما هو مجرب وانا ملاحظه كثيرا.
وفي رواية اخرى انه اي الحسين (عليه السلام) ساير انس بن مالك فأتى قبر خديجة الكبرى (رضوان الله عليها) فبكى ثم قال : اذهب عني. الحسين قال لأنس اذهب عني ، قال انس: فاستخفيت عنه فلما طال وقوفه في الصلاة سمعته قائلا:
يا رب يا رب انت مولاه فارحم عبيد اليك ملجاه
ياذا المعالي عليك معتمدي طوبى لمن كنت انت مولاه
طوبى لمن كان خادما ارقا يشكوا إلى ذي الجلال بلواه
وما به علة ولا سقم اكثر من حبه لمولاه
إذا اشتكى بثه وغصته اجابه الله ثم لباه
إذا ابتلى بالظلام مبتهلا اكرمه الله ثم ناداه
فنودي ( لأنه طلب النداء استجابة الدعاء تره مو هواية على الحسين ونودي بشعر من نفس الوزن والقافية :
لبيك عبدي انت في كنفي وكلما قلت قد علمناه
صوتك تشتاقه ملائكتي فحسبك الصوت قد سمعناه
دعاك عندي يجول في حجبي فحسبك الستر قد سفرناه
لو هبت الريح في جوانبه خر صريعا لما تغشاه
سلني بلا رغبة ولا رهب ولا حساب اني انا الله
ويعتبر هذا الشعر من الحديث القدسي ماهو الحديث القدسي ؟ وهو كل ما روي عن الله تعالى مباشرة من القول والكلام غير القرآن الكريم. وهذا منه بطبيعة الحال.
ومما يروى عن الحسين (عليه السلام) من الشعر في الموعظة:
لان تكن الدنيا تعد نفيسة فدار ثواب الله اعلى وانبل
وان تكن الابدان للموت انشأت فقتل امرء والله بالسيف افضل
وان تكن الارزاق قسما مقدرا فقلة حرص المرء في الكسب اجمل
وان تكن الاموال للترك جمعها فما بال متروك به المرء يبخل
وكذلك قوله:
اغن عن المخلوق ( بالله ) بالخالق تسد على الكاذب والصادق
واسترزق الرحمن من فضله فليس غير الله من رازق
من ظن ان الناس يغنونه فليس بالرحمن بالواثق ( حسن ظنك بالله )
او ظن ان المال من كسبه زلت به النعلان من حالق
اي من اعلى ( حالق ) فهو خاطيء في تفكيره فالمال ليس من كسبه بل من رزق الله تعالى. ومن ذلك قوله:
ناديت سكان القبور فأُسكتوا واجابني عن صمتهم ترب الحصى
قالت اتدري ما فعلت بساكني مزقت لحمهم وخرقت الكسى (هذا اللي هو الكفن )
وحشوت اعينهم ترابا بعدما كانت تاذى باليسير من القذى ( حسبة بسيطة انت تشيل الدنيه وتحطهه ..... كول لا )
اما العظام فإنني مزقتها حتى تباينت المفاصل والشوى ( كول لا هذا محل تكبر الانسان ......... من حيث يرضه او لا يرضه )
وفي كتاب البداية والنهاية لابي الفدا بن كثير الدمشقي ج8 ص204 قال: فصل شيء من فضائله (اي من فضائل الحسين (عليه السلام)) روى البخاري من حديث شعبة ومهدي بن ميمون عن محمد بن ابي يعقوب سمعت ابن ابي نعيم قال سمعت عبد الله بن عمر وسأله رجل من اهل العراق عن المحرم يقتل الذباب فقال أي عبد الله بن عمر: اهل العراق يسألون عن قتل الذباب وقد قتلوا ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه واله) وقد قال رسول الله (صلى الله عليه واله) هما ريحانتاي من الدنيا.
وفي خبر نحوه ان رجلا من اهل العراق سأل ابن عمر عن دم البعوض يصيب الثوب. فقال ابن عمر: انظروا الى اهل العراق يسألون عن دم البعوض وقد قتلوا ابن بنت محمد (صلى الله عليه واله) وذكر تمام الحديث ثم قال حسن صحيح.
وقال الامام احمد بسنده عن ابي هريرة قال : قال : رسول الله (صلى الله عليه واله) : من احبهما فقد احبني ومن ابغضهما فقد ابغضني، يعني حسنا وحسينا.
وقال الامام احمد بسنده عن ابي هريرة قال : نظر النبي (صلى الله عليه واله) الى علي والحسن والحسين وفاطمة فقال : انا حرب لمن حاربكم سلم لمن سالمكم. تفرد به الامام احمد.
وقال الامام احمد بسنده عن ابي هريرة قال: خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه واله) ومعه حسنا وحسين هذا على عاتقه الواحد وهذا على عاتقه الاخر وهو يلثم هذا مرة وهذا مرة حتى انتهى الينا فقال له رجل: يا رسول الله والله انك تحبهما. فقال: من احبهما فقد احبني ومن ابغضهما فقد ابغضني. تفرد به احمد.
وقال ابو يعلى الموصلي بسنده انه سمع انس بن مالك يقول: سُئل رسول الله (صلى الله عليه واله) اي اهل بيتك احب اليك. قال: الحسن والحسين. قال: وكان يقول: ادعوا لي ابني. فيشمهما ويضمهما اليه. وكذا رواه الترمذي.
وقال الامام احمد بسنده عن انس ان رسول الله (صلى الله عليه واله) كان يمر ببيت فاطمة ستة اشهر اذا خرج الى صلاة الفجر فيقول : الصلاة يا اهل البيت انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا. ورواه الترمذي ايضا.
واخرج الترمذي بسنده عن يعلى بن مرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : حسين مني وانا من حسين احب الله من احب حسينا، حسين سبط من الاسباط. ثم قال الترمذي هذا حديث حسن.
وعن يعلى بن مرة ان رسول الله (صلى الله عليه واله) قال : الحسن والحسين سبطان من الاسباط.
وقال الامام احمد حدثنا ابو نعيم بسنده عن ابي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة. ورواه الترمذي من حديث سفيان الثوري وغيره عن يزيد بن ابي زياد وقال حسن صحيح واخرجه النسائي من حديث مروان بن معاوية الفزاري به.
وقال الامام احمد بسنده عن ابي سابط قال: دخل حسين بن علي المسجد ( طبعا في زمن جده ) فقال جابر بن عبد الله : من احب ان ينظر الى سيد شباب اهل الجنة فلينظر الى هذا سمعته من رسول الله (صلى الله عليه واله). تفرد به احمد.
وقوله تفرد به احمد لان ( لاحظوا ) ما رواه احمد بن حنبل في مسنده من فضائل اهل البيت (عليهم السلام) وفضائل المعصومين (سلام الله عليهم) اكثر بكثير مما رواه غيره. واما الباقون منهم فكانوا شحيحين من هذه الناحية وهذا ينتج ان ما تفرد به احمد هذه الصفة لا تكون نقطة ضعف له وانما هي نقطة ضعف في الحقيقة للآخرين ممن مؤلفي الصحاح في الحقيقة الذين تركوا اكثر فضائل اهل البيت (سلام الله عليهم).
وقال الامام احمد حدثنا سليمان الى ان يقول ان رجلا اخبره انه رأى النبي (صلى الله عليه واله) يضم اليه حسنا وحسينا ويقول : اللهم اني احبهما فاحبهما.
وبسنده عن ابي هريرة قال: كنا نصلي مع رسول الله (صلى الله عليه واله) العشاء ( بالليل كهرباء هم اكو ؟ ظلمة مطلقة ربما شمعة بسيطة اكو ) فاذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره فاذا رفع رأسه اخذهما اخذا رفيقا فيضعهما على الارض فاذا عادا عاد حتى قضى صلاته اقعدهما على فخذيه. قال: فقمت اليه فقلت: يا رسول الله اردهما الى امهما. قال ( لاحظوا ) : فبرقة برقة (يعني حصل نور) فقال لهما : الحقا بأمكما. قال: فمكث ضوءها حتى دخلا على امهما.
وقد روي هذا الحديث بأكثر من سند واحد عن ابي هريرة وبسند آخر عن علي (عليه السلام) قال: دخل علي رسول الله (صلى الله عليه واله) وانا نائم فاستسقى الحسن او الحسين (يعني طلبا الماء). فقام رسول الله (صلى الله عليه واله) الى شاة لنا كي يحلبها فدرت فجاءه الاخر فنحاه فقالت فاطمة : يا رسول الله كأنه احبهما اليه. قال : لا ولكنه استسقى قبله. ثم قال : اني واياك وهذين وهذا الراقد ( من هو امير المؤمنين يكوا اني نايم ) في مكان واحد يوم القيامة. ورواه ابو داود الطيالسي عن علي (عليه السلام) ايضا.
وقال المدائني جرى بين الحسن والحسين عليهم السلام كلام فتهاجرا (هكذا تقول مصادرهم على اية حال) فلما كان بعد ذلك اقبل الحسن الى الحسين فاكب على رأسه يقبله فقام الحسين فقبله ايضا وقال (اي الحسين طبعا) : ان الذي منعني من ابتداءك بهذا اني رأيت انك احق بالفضل مني فكرهت ان انازعك ما انت احق به مني.
بسم الله الرحمن الرحيم
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّـهِ وَالْفَتْحُ ﴿١﴾ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّـهِ أَفْوَاجًا ﴿٢﴾ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴿٣﴾
صدق الله العلي العظيم

الجمعة الثالثة والثلاثون 7 شعبان 1419
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
الهي ان كان صغر في جنب طاعتك عملي فقد كبر في جنب رجاءك املي. الهي كيف انقلب من عندك بالخيبة محروما وقد كان حسن ظني بجودك ان تقلبني بالنجاة مرحوما. الهي وقد افنيت عمري في شرة السهو عنك وابليت شبابي في سكرة التباعد منك. الهي فلم استيقظ ايام اغتراري بك وركوني الى سبيل سخطك. الهي وانا عبدك وبن عبديك قائم بين يديك متوسل بكرمك اليك. الهي انا عبد اتنصل اليك مما كنت اواجهك به من قلة استحيائي من نظرك واطلب العفو منك اذ العفو نعت لكرمك. الهي لم يكن لي حول فانتقل به عن معصيتك الا في وقت ايقظتني لمحبتك وكما اردت ان اكون كنت فشكرتك بادخالي في كرمك ولتطهير قلبي من اوساخ الغفلة عنك. الهي انظر الي نظر من ناديته فاجابك واستعملته بمعونتك فاطاعك يا قريبا لا يبعد عن المغتر به ويا جوادا لا يبخل عمن رجا ثوابه. الهي هب لي قلبا يدنيه منك شوقه ولسانا يرفع اليك صدقه ونظرا يقربه منك حقه. الهي ان من تعرف بك غير مجهول ومن لاذ بك غير مخذول ومن اقبلت عليه غير مملول. الهي ان من انتهج بك لمستنير وان من اعتصم بك لمستجير. يا الهي فلا تخيب ظني من رحمتك ولا تحجبني من رأفتك. اللهم صل على محمد وال محمد. السلام عليك يا حجة الله وبن حجته. السلام عليك يا قتيل الله وبن قتيله. السلام عليك يا ثار الله وبن ثأره. السلام عليك يا وتر الله الموتور في السماوات والارض. اشهد ان دمك سكن في الخلد واقشعرت له اظلة العرش وبكى له جميع الخلائق وبكت له السماوات السبع والارضون السبع وما فيهن وما بينهن ومن يتقلب في الجنة والنار من خلق ربنا وما يرى وما لا يرى. اشهد انك حجة الله وبن حجته واشهد انك قتيل الله وبن قتيله واشهد انك ثار الله وبن ثأره واشهد انك وتر الله الموتور في السماوات والارض واشهد انك قد بلغت ونصحت ووفيت واوفيت وجاهدت في سبيل الله ومضيت للذي كنت عليه شهيدا مستشهدا وشاهدا وشهودا. انا عبد الله ومولاك وفي طاعتك والوافد اليك التمس كمال المنزلة عند الله وثبات القدم في الهجرة اليك والسبيل الذي لا يختلج دونك من الدخول في كفالتك التي امرت بها. من اراد الله بدأ بكم ، بكم يبين الله الكذب وبكم يباعد الله الزمان الكلب وبكم فتح الله وبكم يختم وبكم يختم الله وبكم يمحو الله ما يشاء ويثبت وبكم يفك الذل من رقابنا وبكم يدرك الله ثرة كل مؤمن يطلب بها وبكم تنبت الارض اشجارها وبكم تخرج الارض ثمارها وبكم تنزل السماء قطرها ورزقها وبكم يكشف الله الكرب وبكم ينزل الله الغيث وبكم تسبح الارض التي تحمل ابدانكم وتستقر جبالها عن مراسيها ارادة الرب في مقادير اموره تهبط اليكم وتصدر من بيوتكم والصادر عما فصل من احكام العباد. لعنة امة قتلتكم ولعنة امة خالفتكم وامة جحدت ولايتكم وامة ظاهرت عليكم وامة شهدت ولم تستشهد. الحمد لله الذي جعل النار ماواهم وبئس ورد الواردين وبئس الورد المورود والحمد لله رب العالمين.
((يا ايها الذين آمنوا ان من ازواجكم واولادكم عدو لكم فاحذروهم وان تعفوا وتصفحوا وتغفروا فان الله غفور رحيم * انما اموالكم واولادكم فتنة والله عنده اجر عظيم * فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا واطيعوا وانفقوا خيرا لانفسكم * ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون * ان تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم *))
الان ندخل في ما نستطيع بيانه من فضل الحسن والحسين (عليهما السلام) ومنزلتهما العظيمة عند الله مع التركيز طبعا على ما هو محل الحديث وهو فضل الحسين (عليه السلام) بالخصوص.
وقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه واله) انه قال: (انهما امامان قاما أو قعدا). والامام هو القدوة والمرشد والقائد والموجه. وقوله: (قاما) اي قاما بالمسؤولية وتولوا اعباء الامامة فعلا كما يمكن ان يفسر قيامهما بالسيف وهو الثورة باللغة الحديثة. فيكون القيام اشارة إلى ثورة الحسين (عليه السلام) والقعود اشارة إلى صلح الحسن (عليه السلام) مع معاوية كانه قال: (قاما كما قام الحسين (عليه السلام) أو قعدا كما قعد الحسن (عليه السلام)). فان فعلهما على اي حال فعل امام مفترض الطاعة لا يجوز الاعتراض عليه وهو مطابق للحكمة والمصلحة الواقعية.
وروي عن رسول الله (صلى الله عليه واله) انه قال عنهما (سلام الله عليهما) : (انهما ولداي من صلب علي (عليه السلام)). يعني ان الولادة الظاهرية أو الجسدية وان كانت من صلب علي (عليه السلام) الا ان الولادة الواقعية أو المعنوية انما هي من رسول الله (صلى الله عليه واله) ولذا كان ينادى كل منهما على مدى حياتهما ( ماذا ينادى ) يبن رسول الله .
وهذا على وجه الحقيقة المعنوية وليس على وجه المجاز فاذا اضفنا إلى ذلك وحدة النورين محمد وعلي أو قل نور محمد ونور علي عليهما السلام في العالم الاعلى كما هو المفهوم من قوله تعالى: ((وانفسنا وانفسكم)) ( كول لا ) . إذن، يكون اولاد علي هم اولاد رسول الله (صلى الله عليه واله) الا ان هذا مما لا يمكن اخذه على اطلاقه الا في اولاد الزهراء (سلام الله عليها) وهما الحسن والحسين (سلام الله عليهما) ولربما المحسن (رضوان الله عليه) لانهما من ناحيتها أيضاً يرتبطان بنسب رسول الله (صلى الله عليه واله) دون سائر اولاد امير المؤمنين وهم كثيرون. الا انهم ليس فيهم من ينادى أو يجوز ان ينادى يبن رسول الله الا الحسن والحسين.
كما ( لاحظوا) ان هذا هو ظاهر قوله تعالى: (قل تعالوا ندعو ابنائنا وابنائكم ونسائنا ونسائكم وانفسنا وانفسكم). فانه لم يكن مصداق الابناء بضرورة التاريخ الا الحسن والحسين (عليهما السلام) فكما نفهم من انفسنا وانفسكم وحدة محمد وعلي، نفهم أيضاً كون الحسن والحسين ابنا رسول الله (صلى الله عليه واله). والملحوظ ( لاحظوا ) ان عنوان الابناء مقدم في الآية على العنوانين الاخرين لأنه قال : قل تعالوا ندعو ابنائنا وابنائكم ( قدمهم ) ونسائنا ونسائكم وانفسنا وانفسكم)) كأنما اخر الانفس تواضعا لأنه هو المأمور ان يقول: (قل تعالوا ندعو ابنائنا.. .)
وروي عن رسول الله (صلى الله عليه واله) أيضاً بالتواتر انه قال عن الحسن والحسين: (انهما سيدا شباب اهل الجنة). فاذا علمنا كما هو واضح ان كل اهل الجنة شباب أو قل شبان وان كل من يدخل الجنة يعطيه الله تعالى عمر الشاب اكراما له لان عمر الشيخوخة صعب ومكروه للناس فيعطيه عمر الشباب لأجل اكرامه واسعاده في الجنة اذن فلا يمكن ان يوجد شيخ في الجنة ليصدق على بعضهم كما قيل (انهما سيدا شيوخ اهل الجنة) أو (سيدا كهول اهل الجنة) بل كلهم شبان حتى المعصومين (سلام الله عليهم) بل هم اولى بهذه الصفة من غيرهم لانهم احق بالسعادة في الجنة والاكرام من الله سبحانه وتعالى.
ونحن نعلم من ناحية اخرى ان الجنة طبقات ودرجات وفيها المتدني نسبيا وفيها العالي قال تعالى: (في جنة عالية قطوفها دانية). وهذا يدل على ان هناك جنة دانية أيضاً. فيكون معنا كونهما (سلام الله عليه) سيدا شباب اهل الجنة :
اولا: انهما سيدان لكل اهل الجنة لان كلهم شبان ولا يحتمل ان نفهم من هذا التعبير وجود صنف اخر يعني الكهول.
ثانيا: انهم الاعلى درجة على الاطلاق في الجنة لان معنى السيادة (سيدا شباب اهل الجنة) والعظمة في الجنة هو ذلك. لا يستثنى من ذلك احد على الاطلاق الا ثلاثة فقط هم جدهما رسول الله (صلى الله عليه واله) وابوهما امير المؤمنين (عليه السلام) وامهما فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) ولا يستثنى من ذلك حتى المعصومين من أولاد الحسين عليهم السلام، بل حتى الانبياء السابقين على الإسلام. فانهم كلهم في الجنة وكلهم شبان والحسن والحسين سادتهم جميعا بحسب إطلاق هذه الرواية فضلا عن غيرهم بطبيعة الحال.
وروي عن رسول الله (صلى الله عليه واله)كما سمعنا في الخطبة السابقة طرفا منه من طرق الفريقين : (انهما سبطان من الأسباط). والسبط هو ابن البنت وهما طبعا ابنا بنت رسول الله (صلى الله عليه واله) نسبا الا ان هذا وان كان صحيحا الا انه ليس كل المقصود من الرواية إذ يكفي في ذلك ان يقول ( رسول الله صلى الله عليه واله ) : (انهما سبطا رسول الله) او (سبطاي).
واما قوله (من الاسباط) فيعني معنا اخر زائدا على ذلك. لان الاسباط مذكورون في القرآن الكريم وهذا ينتج عدة نتائج منها :
اولا: ان لكل نبي من اولي العزم وصي وكذلك لمحمد (صلى الله عليه واله) وصي وهو علي (عليه السلام) فليست الوصاية للنبي امرا غريبا بل هو الحال المعتاد الذي عليه كل الانبياء السابقين.
ثانيا: ان بعض الانبياء السابقين من اولي العزم كإبراهيم (عليه السلام) له اسباط. ولإسباطه صفات جليلة مذكورة في القرآن فتكون نفس تلك الصفات ثابتة للحسن والحسين لأنها صفات اسباط الانبياء ايا كانوا كمفهوم كلي ينطبق عليهما وعلى غيرهما.
والمشهور بين المفسرين ان المراد بالأسباط هم اولاد يعقوب. وهو قابل للمناقشة من اكثر من جهة :
1 : ان السبط هو ابن البنت وهذا لا يصدق على هؤلاء سواء من جهة نسبتهم إلى يعقوب لانهم اولاده الصلبيين يا سبحان الله . ولا من جهة نسبتهم إلى إبراهيم لأنه جدهم لأبيهم وليس جدهم لامهم معروفا أو مهما ليفتخروا به او ينتسبوا اليه. الا ان نقول ان يعقوب متزوج من ابنة اسماعيل عمه فيكون اولاده احفادا واسباطا لإبراهيم (عليه السلام) في نفس الوقت، فيصدق عليهم الاسباط في الجملة على اي حال. الا ان هذا لم يثبت اولا، كما اننا نعلم ان يعقوب متزوج من زوجتين أو اكثر فيبقى الاسباط مختصين وحسب المشهور كذلك مختصين بأولاد احداهما وهي الاولى أو الكبيرة. وهذا معناه ان يوسف وبنيامين (عليهما السلام) الذين هما اولاد الزوجة الثانية ليسا من الاسباط مع انه بكل تأكيد هما افضل الاخوة على الاطلاق كما انهما اصغرهم بطبيعة الحال.
الاشكال الثاني : ان هؤلاء وهم اولاد الزوجة الاولى ليعقوب (عليه السلام) غدروا بأخيهم يوسف الذي هو من الزوجة الثانية. والحادثة يقينية ومروية تفصيلا في القرآن الكريم ويقول عن كلامهم: (إذ قالوا ليوسف واخوه احب إلى ابينا منا ونحن عصبة ان ابانا لفي ضلال مبين اقتلوا يوسف أو اطرحوه ارضا يخلوا لكم وجه ابيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف والقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة ان كنتم فاعلين)). وعندئذ بدأت المؤامرة إلى ان انتهت، فالذي يسوي هالشكل هو رجل صالح !
والمهم ان مثل هؤلاء الذين اضروا بأخويهما وبابيهما لا يمكن ان يتصفوا بالصفات الجليلة المذكورة في القرآن للأسباط قال تعالى: ((واوحينا إلى إبراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط)). وقال جل جلاله: ((وما انزل على إبراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط)). وعلى اي حال فلابد ان يكون المراد بالأسباط في هذه الآيات غيرهم.
نعم هناك دليلان محتملان مستفادان من القرآن الكريم يستدل به للمشهور وان المراد بالأسباط هم هؤلاء من اولاد يعقوب:
اولا: هذه الآيات التي قراناها قبل قليل إذ يقول: (واوحينا إلى إبراهيم واسماعيل ويعقوب والاسباط ). فيقرن بين اسماء هؤلاء والاسباط ولا نعرف ممن يقرب إلى هؤلاء الا اولاد يعقوب (عليه السلام). الا ان هذا دليل ظني كما هو معلوم وليس هو قطعيا وليس هناك ظهور قرآني في ذلك.
ثانيا: قوله تعالى: (وقطعناهم اثنتي عشر اسباطا امما). والضمير في قطعناهم يعود إلى اولاد يعقوب الذين هم بنوا اسرائيل فيتعين ان يكون اولاده هم الاسباط. وجوابه:
اولا : ما عرفناه من ان الاسباط هم اولاد البنت ولا يصدقون على اولاد الاولاد على الحقيقة الا مجازا.
ثانيا : انه قال في هذه الآية (اسباطا امما) فالمراد من الاسباط هنا الذرية الكثيرة التي حصلت لهم خلال الاجيال حتى اصبحت كل مجموعة منهم امة من الناس وكان مجموعهم امم. وليس الملحوظ في هذه الآية مجرد الانتساب إلى يعقوب (عليه السلام) في انطباق معنى الاسباط. وعلى اية حال فسواء كانوا هؤلاء هم الاسباط ام لم يكونوا فإننا نجد للأسباط على واقعهم في علم الله، نجد مدحا وتعظيما في القرآن الكريم وقد ثبت بالحديث الشريف المروي لدى الفريقين ان الحسن والحسين من الاسباط فمن هذه الناحية يكونان سلام الله عليهما اوضح في هذه الصفة من اولاد يعقوب وكذلك هما اوضح من جهة كونهما سبطا رسول الله (صلى الله عليه واله) حقيقة ونسبا.
ومن مزاياه (سلام الله عليـه) انه من اصحـاب الكساء الخمسة بعـد الالـتفات إلى بعض النقاط:
النقطة الاولى : ان حديث الكساء اجمالا بحسب المعنى مروي من طرق الفريقين وليس فقط عندنا.( ابحث وانظر لترى ذلك ) .
النقطة الثانية : اننا اشرنا في الشذرات إلى ان اصحاب الكساء هم خير الخلق على الاطلاق حتى المعصومين التسعة من اولاد الحسين (سلام الله عليهم). فلا يفضل الامامين الحسنين (عليهما السلام) من البشر احد الا الثلاثة الاخرين من اصحاب الكساء وهم جدهما وابوهما وامهما (سلام الله عليهم).
ثالثا : اننا نسمع في حديث الكساء انه يقول: (فلما اكتملنا جميعا تحت الكساء اخذ ابي رسول الله (صلى الله عليه واله) بطرفي الكساء واومأ بيده اليمنى إلى السماء وقال اللهم ان هؤلاء اهل بيتي وخاصتي وحامتي لحمهم لحمي ودمهم دمي يؤلمني ما يؤلمهم ويحزنني ما يحزنهم انا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم وعدو لمن عاداهم ومحب لمن احبهم انهم مني وانا منهم فاجعل صلواتك وبركاتك ورحمتك وغفرانك ورضوانك عليهم واذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا)). وهذه اشارة واضحة إلى الاية الكريمة.
ثم يقول رسول الله (صلى الله عليه واله) ضمن الحديث الشريف: (والذي بعثني بالحق نبيا واصطفاني بالرسالة نجيا ما ذكر خبرنا هذا في محفل من محافل اهل الارض وفيه جمع من شيعتنا ومحبينا الا ونزلت عليهم الرحمة وحفت بهم الملائكة واستغفرت لهم إلى ان يتفرقوا.. ) إلى ان يقول (ما ذكر خبرنا هذا في محفل من محافل اهل الارض وفيه جمع من شيعتنا ومحبينا وفيهم مهموم الا وفرج الله همه ولا مغموم الا وكشف الله غمه ولا طالب حاجة الا وقضى الله حاجته فقال علي (عليه السلام) إذن والله فزنا وسعدنا وكذلك شيعتنا فازوا وسعدوا في الدنيا والاخرة ورب الكعبة).
ومن فضائله (سلام الله عليه) الحديث الشريف المستفيض عن رسول الله (صلى الله عليه واله) والمروي بطرق الفريقين : (حسين مني وانا من حسين). فهذا معنى مروي بالنسبة إلى كل اصحاب الكساء وقد سمعنا قبل قليل في حديث الكساء قوله (صلى الله عليه واله) : (انهم مني وانا منهم)). وورد في الزهراء (عليها السلام) أيضاً عن رسول الله (صلى الله عليه واله) : (انها مني وانا منها وانها ام ابيها) وهي من اصحاب الكساء بطبيعة الحال.
وحقيقة ذلك من الاسرار الالهية التي لا يطلع عليها الا خاصة الخاصة ولكن فهمها ممكن يكون على عدة وجوه منها:
اولها : ان كون الحسن والحسين من رسول الله (صلى الله عليه واله) واضح لانتسابهم بالنسبة الحقيقية وكذلك انتساب الزهراء الى رسول الله (صلى الله عليه واله) واضح لانتسابها بالنسبة الحقيقية. واما كون النبي منهم فباعتبارهم سببا لنشر دينه وعلو الإسلام بجهادهم وجهودهم بما فيهم الحسين (عليه السلام) بتضحياته العظيمة والجليلة في واقعة الطف التي لولاها لمات دين الإسلام وانمسخت شريعة الله فقد احياها (سلام الله عليه) بمقتله وشهادته وبهذا صدق ان رسول الله (صلى الله عليه واله) من الحسين لان استمرار دينه حقيقة بسببه وكذلك الباقون من اصحاب الكساء علي وفاطمة والحسن (عليهم السلام) بمشاركاتهم المهمة في نصرة الدين.
ثانيا : انه لا تكون طاعة الا بطاعة الادنى فلا تكون طاعة النبي الا بطاعة الحسين ( يعني احنة شلون نطيع النبي ، نطيع الحسين لكي تطيع النبي ) وكذلك لا تكون طاعة الائمة (عليهم السلام) الا بطاعة العلماء والحوزة ولا تكون طاعة الحوزة الا بطاعة الوكلاء والمبلغين وهكذا فتكون طاعة الوكلاء هي طاعة الحوزة وطاعة الحوزة هي طاعة المعصومين وطاعة المعصومين هي طاعة رسول الله وطاعة رسول الله هي طاعة الله تعالى. فيكون من ضمن ذلك بل من اهم تطبيقاته ومصاديقه هو ان طاعة رسول الله (صلى الله عليه واله) بطاعة الحسين (عليه السلام) او قل ان طاعة الحسين هي طاعة رسول الله ومنه قوله تعالى : ((من اطاع الرسول فقد اطاع الله)).
ثالثا : ان هذا الحديث (حسين مني وانا من حسين) مبني على المجاز والمجاز صحيح في اللغة بل هو الاتجاه الاغلب فيها وهو الاتجاه الاجمل فيها والادق تعبيرا والاكثر حسنا ادبيا حين لا يقوم التعبير الحقيقي به وذلك لمدى التقارب والتعاطف الواقعي بين رسول الله (صلى الله عليه واله) وهؤلاء الاربعة الباقون من اصحاب الكساء (عليهم السلام) بما فيهم الحسين (عليه السلام).
ومن مميزاته وصفاته الخاصة (سلام الله عليه) ما روي فعلا في مصادرنا ومعاش فعلا في اذهاننا ان الله تعالى جعل العلم من ذريته والاستجابة تحت قبته والشفاء في تربته. وكل هذه الامور قطعية ومجربة ما عدا ما خرج بدليل كما يعبرون لوجود المانع الشديد عن تطبيق هذه القاعدة على بعض الافراد بحيث يكون تطبيقها مخالفا للحكمة والا فمقتضى القاعدة تطبيقها على الجميع من المستحقين من البشر باستجابة الدعوة تحت قبته والشفاء من تربته.
وهنا ينبغي الاشارة باختصار إلى انه ليس كل دعاء فهو مستجاب وان الله تعالى قال : ((ادعوني استجب لكم ووعده الحق )) الا ان هذا لا ينطبق حسب الرغبة والشهوة ودعاوى النفس الامارة بالسوء بل لا ينطبق الا عندما يعلم الله سبحانه بصدق الدعاء وصدق النية وصدق التوجه وصدق الانقطاع الى الله سبحانه وعندئذٍ حاشا لله عز وجل ان يخلف وعده بالإجابة فاذا انضم الى ذلك بعض الامور الرئيسية المهمة عند الله عز وجل كما في الدعاء تحت قبة الحسين (عليه السلام) كان ذلك اولى بالاستجابة واعظم للأجر واعلى في الدنيا والاخرة.
والمعروف ان هذه الامور الثلاثة قد وهبت للحسين (عليه السلام) من الله سبحانه بازاء شهادته وتضحيته العظيمة التي لا مثيل لها في التاريخ البشري. مضافا الى امور اخرى كثيرة من اهمها درجات الاخرة التي نسمع عنها في الحديث المروي عن النبي (صلى الله عليه واله) : (لك مقامات لن تنالها الا بالشهادة ). وقد مشى (سلام الله عليه) في هذا الطريق بهمة وطيبة قلب ولم يقصر طرفة عين.
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴿١﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ﴿٢﴾ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴿٣﴾ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ﴿٤﴾ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴿٥﴾
صدق الله العلي العظيم

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم


التعديل الأخير تم بواسطة الراجي رحمة الباري ; 26-04-2017 الساعة 10:12 PM
ابو علي غير متواجد حالياً  
قديم 22-03-2012, 12:58 AM   #34

 
الصورة الرمزية ابو علي

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 32
تـاريخ التسجيـل : Oct 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 10,104

افتراضي رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة

الجمعة الرابعة والثلاثون 14 شعبان 1419
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين .
بسم الله الرحمن الرحيم
(قفوا جميعا لكي نرفع ايدينا بالدعاء).
(كل فقرة قولوا يا الله).
بسم الله الرحمن الرحيم (يا الله)
يا من اذا سأله عبد اعطاه (يا الله) واذا امل ما عند بلغه مناه (يا الله) واذا اقبل عليه اقبل عليه قربه وادناه (يا الله) واذا جاهره بالعصيان ستر ذنبه وغطاه (يا الله) واذا توكل عليه احسبه وكفاه (يا الله) الهي من ذا الذي نزل بك ملتمسا قراك فما قريته (يا الله) ومن ذا الذي اناخ بباك مرتجيا نداك فما اوليته (يا الله) ايحسن ان ارجع عن بابك بالخيبة مصروفا (يا الله) ولست اعرف سواك مولى بالإحسان موصوفا (يا الله) كيف ارجوا غيرك (يا الله) والخير كله بيدك (يا الله) وكيف اوؤمل سواك (يا الله) والخلق والامر لك (يا الله) ءاقطع رجائي منك (يا الله) وقد اوليتني ما لم اسأله من فضلك (يا الله) ام تفقرني الى مثلي (يا الله) وانا اعتصم بحبلك (يا الله) يا من سعد برحمته القاصدون (يا الله) ولم يشقى بنقمته المستغفرون (يا الله) كيف انساك ولم تزل ذاكري (يا الله) وكيف الهو عنك وانت مراقبي (يا الله) الهي بذيل كرمك اعلقت يدي (يا الله) ولنيل عطاياك بسطت املي (يا الله) فاخلصني بخالصة توحيدك (يا الله) واجعلني من صفوة عبيدك (يا الله) يا من كل هارب اليه يلتجئ (يا الله) وكل طالب اياه يرتجي (يا الله) يا خير مرجو (يا الله) ويا اكرم مدعو (يا الله) ويا من لا يرد سائله (يا الله) ولا يخيب آمله (يا الله) يا من بابه مفتوح لداعيه (يا الله) وحجابه مرفوع لراجيه (يا الله) اسألك بكرمك ان تمن علي من عطائك (يا الله) بما تقر به عيني (يا الله) ومن رجائك (يا الله) بما تطمئن به نفسي (يا الله) ومن اليقين (يا الله) بما تهون به علي مصيبات الدنيا (يا الله) وتجلو به (يا الله) عن بصيرتي غشوات العمى (يا الله) برحمتك يا ارحم الراحمين (يا الله).
(الان نصلي على محمد وال محمد ونخص بالذكر مولانا صاحب الزمان (عليه افضل الصلاة والسلام) فكلما اقول فقرة قولوا يا صاحب الزمان).
اللهم صل على محمد وال محمد (يا صاحب الزمان) سلام على ال ياسين (يا صاحب الزمان) السلام عليك يا داعي الله (يا صاحب الزمان) ورباني آياته (يا صاحب الزمان) السلام عليك يا باب الله (يا صاحب الزمان) وديان دينه (يا صاحب الزمان) السلام عليك يا خليفة الله وناصر حقه (يا صاحب الزمان) السلام عليك يا حجة الله ودليل ارادته (يا صاحب الزمان) السلام عليك يا تالي كتاب الله وترجمانه (يا صاحب الزمان) السلام عليك في آناء ليلك واطراف نهارك (يا صاحب الزمان) السلام عليك يا بقية الله في ارضه (يا صاحب الزمان) السلام عليك يا ميثاق الله الذي اخذه ووكده (يا صاحب الزمان) السلام عليك يا وعد الله الذي ضمنه (يا صاحب الزمان) السلام عليك ايها العلم المنصوب (يا صاحب الزمان) والعلم المصبوب (يا صاحب الزمان) والغوث والرحمة الواسعة (يا صاحب الزمان) وعدا غير مكذوب (يا صاحب الزمان) السلام عليك حين تقوم (يا صاحب الزمان) السلام عليك حين تقعد (يا صاحب الزمان) السلام حين تقرأ وتبين (يا صاحب الزمان) السلام عليك حين تصلي وتقنت (يا صاحب الزمان) السلام عليك حين تركع وتسجد (يا صاحب الزمان) السلام عليك حين تهلل وتكبر (يا صاحب الزمان) السلام حين تحمد وتستغفر (يا صاحب الزمان) السلام عليك حين تصبح وتمسي (يا صاحب الزمان) السلام عليك في الليل اذا يغشى (يا صاحب الزمان) والنهار اذا تجلى (يا صاحب الزمان) السلام عليك ايها الامام المأمون (يا صاحب الزمان) السلام عليك ايها المقدم المأمول (يا صاحب الزمان) السلام عليك بجوامع السلام (يا صاحب الزمان) ورحمة الله وبركاته (يا صاحب الزمان).
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ اللَّـهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا ﴿٦٤﴾ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴿٦٥﴾ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّـهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا ﴿٦٦﴾ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ﴿٦٧﴾ رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ﴿٦٨﴾ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّـهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّـهِ وَجِيهًا ﴿٦٩﴾ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴿٧٠﴾ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )
غدا يوم النصف من شهر شعبان وهو ليله ويومه لهما فضل عظيم عند الله سبحانه. ومن المناسبات الاكيدة لزيارة الحسين (عليه السلام) كما ان المشهور انه يوم ولادة الامام المهدي (عليه السلام) ومن هنا يحسن التعرض الى بعض الخصائص التي تخص الامام المهدي (عليه السلام). وبهذه العجالة اريد التعرض الى الحديث المشهور وهو ان الانتفاع به حال غيبته كالانتفاع بالشمس اذا غيبها السحاب. وهذا معنى مروي عن رسول الله (صلى الله عليه واله) فعن جابر بن يزيد الجعفي قال سمعت جابر بن عبد الله الانصاري يقول: لما انزل الله تعالى على نبيه (صلى الله عليه واله) ((يا ايها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم)). قلت: يا رسول الله عرفنا الله ورسوله فمن اولي الامر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك. فقال (عليه واله السلام) : هم خلفائي من بعدي يا جابر وائمة الهدى بعدي اولهم علي بن ابي طالب ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر وستدركه يا جابر فاذا لقيته فأقرأه عني السلام ...، ثم جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم علي بن محمد ثم الحسن بن علي ثم سميي وكنيي حجة الله في ارضه وبقيته في عباده محمد بن الحسن بن علي ذلك الذي يفتح الله عز وجل على يديه مشارق الارض ومغاربها وذلك الذي يغيب عن شيعته واوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته الا من امتحن الله قلبه للإيمان. قال جابر: فقلت: يا رسول الله فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته ؟ فقال : اي والذي بعثني بالحق انهم ليستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وان علاها سحاب يا جابر هذا من مكنون سر الله ومخزون علم الله فاكتمه الا عن اهله …. الى آخر الخبر.
واود التعليق باختصار على بعض فقرات هذا الحديث :
اولا : ان تعداد الائمة (عليهم السلام) من قبل رسول الله (صلى الله عليه واله) بل حتى لو كان فرضا عن جابر بن عبد الله الانصاري (هذا خطاب لواحد يقول احتمال ان يكون هذا التعداد كذبا)، فلربما هذا لم يحدث وكان بعض هؤلاء عقيما مثلا او انه مات او قتل قبل ان يولد له ولد وهكذا .. مع ان هذه السلسلة المباركة قد حدثت فعلا وهو موجودون بنفس هذا التسلسل بضرورة التاريخ. وهذا معناه ان جابر بن عبد الله كان واثقا من روايته عن رسول الله (صلى الله عليه واله) وكان رسول الله (صلى الله عليه واله) واثقا من الهام الله تعالى له ووحيه اليه جل جلاله. والمهم انها فعلا قد تحققت بلمس اليد.
ثانيا : انه يعبر عن الامام المهدي عليه السلام بـ(سمّيي وكنيي) يعني ان اسمه يشبه اسمي وهو محمد وكنيته تشبه كنيتي وهو ابو القاسم فان ابا القاسم كما هو من كنى رسول الله (صلى الله عليه واله) كذلك هو من كنى صاحب الزمان عجل الله فرجه.
ثالثا : انه (صلى الله عليه واله) قال في الحديث : (يفتح الله عز وجل على يديه مشارق الارض ومغاربها). اقول: يعني كل وجه الكرة الارضية وماذا يستطيع رسول الله (صلى الله عليه واله) ان يعبر في ذلك الحين الذي كان اغلب اجزاء الكرة الارضية مجهولا بحيث يكون التعبير بما يفهمه الناس ولا يستوحشون منه طبقا لقانون (كلم الناس على قدر عقولهم) الا ان يقول مشارق الارض ومغاربها.
رابعا : انه (صلى الله عليه واله) قال : (لا يثبت فيها (اي في عصر الغيبة) على القول بإمامته أكرر لا يثبت على القول بإمامته الا من امتحن الله قلبه للإيمان). اقول: لوضوح انه لو كان في النفس اقل ضعف او في الايمان اقل تدني او في القلب اقل وسوسة فان الامر سيكون صعب الاستدلال بالنسبة الى الفرد وسوف تطرأ عليه الشبهات وتغيره الاهواء وترمي به الريح في مكان سحيق ولا يبقى على الثبات الحقيقي لليقين بالإمامة الا من امتحن الله قلبه للإيمان. وفي حديث آخر ما مضمونه: (ان الله تعالى علم ان اولياءه لا يشكون ولو علم انهم يشكون لما غيب الله عنهم وليه طرفة عين).
والمهم اننا جميعا انشاء الله بين مؤمن فعلا وبين من يكون في طريقه الى الايمان والمهم هو الاخلاص الذي ينفي الشك ويجعل للفرد همة الى الاسلام بكل تفاصيله سواء في اصول الدين او فروعه.
خامسا : انه (صلى الله عليه واله) قال : (يا جابر هذا من مكنون سر الله ومخزون علم الله فاكتمه الا عن اهله). اقول : لان هذا النوع من التنبؤ طويل الامد لم يكن مستساغا تجاه ضعف النفوس وضحالة المستويات يومئذٍ. ومن هنا كانت تعاليم المذهب بالمعنى الدقيق الذي نفهمه الان لا تصل الا الى الاوحدي من الناس ومن هنا توهم بعضهم في محمد بن الحسن ذي النفس الزكية انه هو المهدي وتوهم بعضهم ذلك في الامام الكاظم (عليه السلام) وفي الامام الرضا (عليه السلام). حتى ان دعبل الخزاعي (عليه الرحمة) الذي ذكر المهدي (عليه السلام) في قصيدته المشهورة سأله الامام الرضا (عليه السلام): فهل تدري من هذا الامام ومتى يقوم ؟ قلت : لا. (دعبل يكول لا )الا انني سمعت يا مولاي بخروج امام منكم يملئ الارض عدلا. فقال : يا دعبل الامام بعدي محمد ابني ومن بعد محمد ابنه علي وبعد علي ابنه الحسن وبعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته المطاع في ظهوره ولو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيملاء الارض عدلا كما ملئت جورا.
فنرى ان الامام (عليه السلام) اخبر دعبل بأسماء الائمة المعصومين (عليهم السلام) بعده وكان دعبل لا يعرفهم. فالمهم ان الصيغة الاساسية للمذهب كما نعرفها الان لم تكن معطاة الا للعدد القليل من الناس القريبين من المعصومين. واما دعبل فقد قصده من بعيد ولم يكن منهم.
ومن جملة نتائج ذلك حصول الانقسامات في داخل المذهب الواحد كالزيدية والاسماعيلية والفطحية والواقفية او الواقفة وغيرهم وكذلك حصلت فرصة لجعفر بن علي الذي قد يسمى بالكذاب ان يجلس للمبايعة للإمامة بعد اخيه الحسن العسكري (عليه السلام) ولو كان الناس واعين حقيقة لأصول المذهب لما ذهب اليه احد. سبحان الله ، وهذا كله ناشئ من كتمان الصيغة الاساسية :
اولا : لعدم تحمل كثير من الناس لتفاصيلها يومئذٍ.
ثانيا :للتقية من الاعداء.
ثالثا : للاختبار للجميع من حيث يرى من يفحص عن دينه ويدقق فيه او من يهمل ذلك.
رابعا : ما سمعناه عن الامام الجواد (عليه السلام) حين قال: (اسكت كما سكت اباؤك)، يخاطب نفسه طبعا. وقول احد المعصومين (عليهم السلام): (لو اذن لنا بالكلام لزال الشك).
خامسا : قول امير المؤمنين (عليه السلام) بحسب الرواية : (لا يزيد تفرق الناس عني وحشة). اقول : يعني ان من يذهب عن الايمان وعن الجادة الحق، فانه يذهب حسب استحقاقه الى النار. وفي بعض الروايات ان رسول الله (صلى الله عليه واله) كان في مرضه الاخير الذي توفي فيه وكان عنده عبد الله بن العباس او العباس نفسه، فقال رسول الله (صلى الله عليه واله) : حيثما يكون علي فكن. قال : يا رسول الله اذهب فاخبر الناس ؟ قال : لا، يفعل الله ما يشاء.
وعلى اي حال فان هذا الحديث الذي نتكلم عنه في ان المهدي حال غيبته كالشمس اذا غيبها السحاب مروي عن رسول الله (صلى الله عليه واله) كما سمعنا ، كما هو مروي عن عدد من المعصومين (عليه السلام) ، كما هو مروي عن المهدي نفسه (عليه السلام) فيما خرج من توقيعاته خلال غيبته الصغرى.
اسحاق بن يعقوب قال: سألت محمد بن عثمان العمري (رضي الله تعالى عنه) ( وهو السفير الثاني للحجة طبعا ) ان يوصل كتابا سألت فيه عن مسائل اشكلت علي، فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان (عليه السلام): اما ما سألت عنه ارشدك الله وثبتك من امر المنكرين لي من اهل بيتنا وبني عمنا ( كأنما خايف من هيجي نماذج حتى من الهاشميين والعلويين بعضهم قليل ينكر وجود صاحب الزمان هكذا ظاهر الرواية......... ولم يثبت تاريخيا ماكو هسة الان انتهوا ) فاعلم انه ليس بين الله وبين احد قرابة ومن انكرني فليس مني وسبيله سبيل ابن نوح (عليه السلام) واما سبيل عمي جعفر وولده فسبيل اخوة يوسف (سلام الله عليه) واما اموالكم فلا نقبلها الا لتطهر فمن شاء فليصل ومن شاء فليقطع فما اتانا الله خير مما اتاكم واما ظهور الفرج فانخ الى الله تعالى ذكره وكذب الوقاتون واما قول من زعم ان الحسين (عليه السلام) لم يقتل فكفر وتكذيب وضلال واما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم وانا حجة الله عليهم واما محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه وعن ابيه من قبل فانه ثقتي وكتابه كتابي … الى ان يقول: واما علة ما وقع من الغيبة فان الله عز وجل يقول ((لا تسألوا عن اشياء ان تبد لكم تسوءكم)) انه لم يكن احد من ابائي الا وقد وقعت ( لاحظوا ) في عنقه بيعة لطاغية زمانه واني اخرج حين اخرج ولا بيعة لاحد من الطواغيت في عنقي واما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس اذا غيبها السحاب عن الابصار واني لامان لاهل الارض كما ان النجوم امان لاهل السماء فاغلقوا باب السؤال عما لا يعنيكم ولا تكلفوا علم ما قد كفيتم واكثروا الدعاء بتعجيل الفرج والسلام عليك يا اسحاق بن يعقوب وعلى من اتبع الهدى.
اقول : واود ان اعلق باختصار على بعض فقرات هذه الرواية:
اولا : قال (عليه السلام) : (من امر المنكرين من اهل بيتنا وبني عمنا فاعلم انه ليس بين الله وبين احد قرابة ومن انكرني فليس مني وسبيله سبيل ابن نوح (عليه السلام)) يعني طبقا لقوله تعالى: ((انه ليس من اهلك ( منو هو ؟ ابن نوح ) انه عمل غير صالح فلا تسألني عما ليس لك به علم)).
ثانيا : قوله : (واما اموالكم فما نقبلها الا لتطهر) يعني ليس في دفع الحقوق الشرعية اي خسارة وان كان ظاهرا كذلك الا انه الربح بعينه والبركة الحقيقية. اما ثواب الاخرة فواضح لكل عمل يقصد به المكلف امر الله تعالى ورضاه. واما في الدنيا فنحن موعودون فعلا ومجرب حقيقة وكثيرا بتنامي المال وزيادته بالانفاق الشرعي منه سواء كان مستحبا كالصدقة او واجبا كالزكاة والخمس ويضاعف الله لمن يشاء. مضافا الى التطهير المشار اليه في الرواية لانه قال : (لتطهر) فان الاموال مهما كان حالها فانها تجمع من مختلف الناس ممن لا يدفع الزكاة او لا يدفع الخمس او حصل عليها بمعاملة باطلة او بارث لا يستحقه وغير ذلك كثير فتكون دفع الحقوق الشرعية تطهيرا ويبقى ما عندك حلالا مأذونا به بالولاية العامة المعطاة للمعصومين (سلام الله عليهم).
ثالثا : انه قال : (واما ظهور الفرج فانه الى الله تعالى ذكره) يعني ليس لي ولا لاحد من خلقه وانما هو منوط بالله سبحانه و(كذب الوقاتون) فليس من حق احد ان يعطي وقتا معينا او ان يسأل عن وقته كما الان بعض الناس قالوا ان وقت الظهور قريب فانه كذب ومما لا دليل عليه.
رابعا : قوله : (واما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة احاديثنا فانهم حجتي عليكم وانا حجة الله عليهم) وظاهر (الحوادث الواقعة) ( شنو هي الحوادث الواقعة بالله ) هو الامور المستجدة او المسائل المستحدثة وان كان بحسب الواقع يعم كل الحوادث كما هو واضح لان كل الحوادث الواقعة هي من الحوادث الواقعة.( كل الاشياء في الدنيا هي من الحوادث الواقعة كول لا . سبحان الله ) فيكون هذا الحديث الشريف من ادلة الولاية العامة، والظاهر من (رواة حديثنا) الذين يجب الرجوع اليهم ليس الحديث اللفظي وهو السنة الشريفة ليختص الامر بالرواة لها وانما يراد بالحديث مضمونه ومعانيه فيعم الفتوى والحكم بالولاية.
خامسا : قوله (عليه السلام) : (فاغلقوا باب السؤال عما لا يعنيكم ولا تكلفوا (يعني لا تتكلفوا) ما قد كفيتم) يعني ما لم تكن مسؤوليته في ذمتكم. وهذا نحو مما سمعناه من انه احد الائمة (عليه السلام) : (لو اذن لنا بالكلام لزال الشك)، لان ظروف التصريح بالحق بتفاصيله الحقيقية والكثيرة غير متيسرة غالبا وضعف النفوس موجود والمرجفون الذين يحاولون التغليط موجودون باستمرار اذن فلا ينبغي التصريح بكل ما يعرفون (عليهم السلام) من التفاصيل.
سادسا : قوله (عليه السلام) : (واكثروا الدعاء بتعجيل الفرج) ولذا نحن نقول: اللهم عجل فرجه وسهل مخرجه واجعلنا من اصحابه وانصاره وارزقنا خيره ورضاه في حال غيبته وعند ظهوره (قولوا آمين) (آمين).
غير انه قد ورد في السنة الشريفة ما مضمونه: (اللهم ارزقني من الرضا ( لاحظوا ) حتى بقضائك والتسليم بقدرك بحيث لا احبت عجيل ما اخرت ولا تاجيل ما قدمت) مع الالتفات الى ان تعجيل الظهور لو حصل لما كان في المصلحة لان الله تعالى انما يختار الظهور في الوقت المناسب له فلو حصل اسرع من ذلك لما كان في الوقت المناسب. الا انه مع ذلك يمكن حمل هذا الامر بالتعجيل على وجوه من الصحة:
اولا : ان الله تعالى قادر على تعجيل الوقت المناسب للظهور .
ثانيا : ان الله تعالى قادر على اعطاءه النصر على كل حال وان لم يكن الوقت مناسبا.
ثالثا : شد المحبين والموالين بالامام (عليه السلام) شدهم بالامام عليه السلام عاطفيا وتذكره دائما.( يقولون اللهم عجل فرجه وسهل مخرجه ) .
الوجه الرابع : دعم النفوس الضعيفة التي تشعر بقلة الصبر مع شدة انواع البلاء الدنيوي وان افضل من يستجار به بعد الله سبحانه هو امامنا الفعلي وقائدنا الحي الحقيقي الامام المهدي (عليه السلام). ونكمل في الخطبة الثانية بعونه تعالى.
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿١﴾الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴿٢﴾الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ﴿٣﴾مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴿٤﴾إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴿٥﴾اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴿٦﴾صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴿٧﴾
كولوا صدق الله العلي العظيم
الجمعة الرابعة والثلاثون 14 شعبان 1419
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين .
انا سوف اقرأ الدعاء وقولوا يالله
الهي ان قل زادي في المسير اليك (يا الله) فلقد حسن ظني بالتوكل عليك (يا الله) وان كان جرمي قد اخافني من عقوبتك (يا الله) فان رجائي بالامن من نقمتك (يا الله) وان كان ذنبي قد عرضني لعقابك (يا الله) فقد آذنني حسن ثقتي بثوابك (يا الله) وان انامتني الغفلة عن الاستعداد للقائك (يا الله) فقد نبهتني المعرفة بكرمك وآلاءك (يا الله) وان اوحش ما بيني وبينك فرط العصيان والطغيان (يا الله) فقد آنسني بشرى الغفران والرضوان (يا الله) اسألك (سبحان الله ) بسبحات وجهك ( يا الله ) وبانوار قدسك (يا الله) وابتهل اليك (يا الله) بعواطف رحمتك (يا الله) ولطائف برك (يا الله) ان تحقق ظني بما أُأمله من جزيل اكرامك (يا الله) وجميل انعامك (يا الله) في القربى منك (يا الله) والزلفى لديك (يا الله) والتمتع بالنظر اليك (يا الله) وها انا متعرض لنفحات روحك وعطفك (يا الله) ومنتجع غيث جودك ولطفك (يا الله) فار من سخطك الى رضاك (يا الله) هارب منك اليك (يا الله) راجٍ احسن ما لديك (يا الله) معول على مواهبك (يا الله) مفتقر الى رعايتك (يا الله) الهي (يا الله) ما بدأت به من فضلك فتممه (يا الله) وما وهبت لي من كرمك فلا تسلبه (يا الله) وما سترته علي (يا الله) بحلمك فلا تهتكه (يا الله) وما علمته من قبيح فعلي (يا الله) فاغفره (يا الله) الهي استشفعت بك اليك (يا الله) واستجرت بك منك (يا الله) اتيتك طامعا في احسانك (يا الله) راغبا في امتنانك (يا الله) مستسقيا وابل طولك (يا الله) مستمطرا غمام فضلك (يا الله) طالبا مرضاتك (يا الله) قاصدا جنابك (يا الله) واردا شريعة رفدك (يا الله) ملتمسا سني الخيرات من عندك (يا الله) وافدا الى حضرة جمالك (يا الله) مريدا وجهك (يا الله) طارقا بابك (يا الله) مستكينا لعظمتك (يا الله) وجلالك (يا الله) فافعل بي ما انت اهله (يا الله) من المغفرة والرحمة (يا الله) ولا تفعل بي ما انا اهله (يا الله) من العذاب والنقمة (يا الله) برحمتك يا ارحم الراحمين (يا الله).
(الان في كل فقرة قولوا يا صاحب الزمان مرة اخرى)
اللهم صل على محمد وال محمد (يا صاحب الزمان) السلام على الحق الجديد (يا صاحب الزمان) والعالم الذي علمه لا يبيد (يا صاحب الزمان) السلام على محيي المؤمنين (يا صاحب الزمان) ومبير الكافرين (يا صاحب الزمان) السلام على مهدي الامم (يا صاحب الزمان) وجامع الكلم (يا صاحب الزمان) السلام على خلف السلف (يا صاحب الزمان) وصاحب الشرف (يا صاحب الزمان) السلام على حجة المعبود (يا صاحب الزمان) وكلمة المحمود (يا صاحب الزمان) السلام على معز الاولياء (يا صاحب الزمان) ومذل الاعداء (يا صاحب الزمان) السلام على وارث الانبياء (يا صاحب الزمان) وخاتم الاوصياء (يا صاحب الزمان) السلام على القائم المنتظر (يا صاحب الزمان) والعدل المشتهر (يا صاحب الزمان) السلام على السيف الشاهر (يا صاحب الزمان) والقمر الزاهر (يا صاحب الزمان) والنور الباهر (يا صاحب الزمان) السلام على شمس الظلام (يا صاحب الزمان) والبدر التمام (يا صاحب الزمان) السلام على ربيع الانام (يا صاحب الزمان) ونظرة الايام (يا صاحب الزمان) السلام على صاحب الصمصام (يا صاحب الزمان) وفلاق الهام (يا صاحب الزمان) السلام على الدين المأثور (يا صاحب الزمان) والكتاب المسطور (يا صاحب الزمان) السلام على بقية الله في بلاده (يا صاحب الزمان) وحجته على عباده (يا صاحب الزمان) المنتهى اليه مواريث الانبياء (يا صاحب الزمان) ولديه موجود اثار الاصفياء (يا صاحب الزمان) السلام على المؤتمن على السر (يا صاحب الزمان) والولي للامر (يا صاحب الزمان) السلام على المهدي الذي وعد الله عز وجل به الامم (يا صاحب الزمان) ان يجمع به الكلم (يا صاحب الزمان) ويلم به الشعث (يا صاحب الزمان) ويملاء به الارض قسطا وعدلا (يا صاحب الزمان) ويمكن له (يا صاحب الزمان) وينجز به وعد المؤمنين (يا صاحب الزمان) اشهد يا مولاي (يا صاحب الزمان) انك والائمة من ابائك (يا صاحب الزمان) ائمتي ومواليي (يا صاحب الزمان) في الحياة الدنيا ( يا صاحب الزمان ) ويوم يقوم الاشهاد (يا صاحب الزمان) اسالك يا مولاي يا صاحب الزمان (يا صاحب الزمان) ان تسأل الله تبارك وتعالى (يا صاحب الزمان) في صلاح شأني (يا صاحب الزمان) وقضاء حوائجي (يا صاحب الزمان) وغفران ذنوبي (يا صاحب الزمان) والاخذ بيدي (يا صاحب الزمان) في ديني ودنياي وآخرتي (يا صاحب الزمان) لي ولاخواني (يا صاحب الزمان) واخواتي المؤمنين والمؤمنات كافة (يا صاحب الزمان) انه غفور رحيم (يا صاحب الزمان).
بسم الله الرحمن الرحيم
((ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقْتلون وعدا عليه حقا في التوراة والانجيل والقرآن ومن اوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ( منو هم ) التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الامرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين)).
نكمل الان ما بدأناه في الخطبة الاولى.
سابعا : انه قال (عليه السلام) في الحديث الشريف : (واما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس اذا غيبها السحاب عن الابصار واني لامان لاهل الارض كما ان النجوم امان لاهل السماء). فهو يمثل وجوده الشريف بالشمس ومنافعه بنورها المشرق ويمثل الغيبة بالسحاب الذي قد يحجب الشمس عن الابصار. ولكنه مع ذلك لايمنعها عن التأثير ولا يمكن ان يمنعها عن ارسال منافعها الى الارض في سلامة الانسان والحيوان والنبات وغير ذلك. ومن الواضح انه خلال الغيبة لا يوجد تعرف على شخصه الكريم ولايوجد بين احد وبينه كلام وسؤال وجواب.
ومن هذه الناحية اثيرت الشبهة في عدم الانتفاع به حال غيبته كأن الانتفاع منحصر بالسؤال والجواب والتصدي للعمل المكشوف والمعروف مع ان هذا باطل قطعا كما سنسمع في الوجوه التالية:
اولا : ما بَينه بنفسه (سلام الله عليه) من وجه الاستفادة حال الغيبة بقوله: (واني لامان لاهل الارض كما ان النجوم امان لاهل السماء) اما كونه امانا لاهل الارض فهذا ما يحصل بمجرد وجوده الشريف على الارض اذ يدفع الله به كثيراً من البلايا المحتملة والممكنة برحمة الله تعالى وحسن رعايته له ولنا والا فالذنوب التي ترتكب على وجه الارض تستحق عقابا شديدا جدا بحيث كانت العقوبات التي تأتي قبل الاسلام ( لاحظوا ) على الامم المذنبة من الطوفان والخسف والقذف وغيرها انما هي على ذنوب اقل من الذنوب التي يرتكبها البشر في هذه العصور المتأخرة. كيف ونحن نسمع قوله تعالى ((ولو يؤاخذ الله الناس بذنوبهم ما ترك عليها من دابة)) يعني لاهلك كل الارض ومن عليها من انسان وحيوان. ولكنه جل جلاله لا يفعل ذلك لعدة امور في حكمته منها احترام اوليائه فيه وجود الامام المهدي (عليه السلام) حيا على وجه الارض وكذلك ببركة حضور المعصومين ومراقدهم (سلام الله عليهم) وقد سمعنا في الحكمة انه (لولا شيوخ ركع واطفال رضع وبهائم ركع لصب البلاء على اهل الارض صبا)). وطبعا فان الامام (عليه السلام) اولى من يكون بهذه الصفة القدسية.
واما كون النجوم اماناً لاهل السماء فاوضح تفسير لها مستفاد من قوله تعالى : ((ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين)) وقوله سبحانه عن لسان الجن والشياطين : ((وانا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الان يجد له شهابا رصدا)) وبالتالي فان الجن والشياطين ممنوعون عن الوصول الى السماء وازعاج اهلها والسبب في ذلك بنص الاية هو الشهاب والشهب صادرة عن النجوم واجزاء منفصلة عنها لا محالة فتكون النجوم سببا لامان اهل السماء من الشياطين والمردة كلما صعد شيطان طرد وضرب بالشهاب فنزل. ( هذا هو ) .
ثانيا : انه (سلام الله عليه) ليس فقط يندفع به البلاء كما قلنا في النقطة الاولى بل يحصل به الخير والنعماء وتستمطر ببركته السماء ويستجاب به الدعاء. وفي الزيارة: (وبكم ( ماذا ) تنزل السماء قطرها ورزقها وبكم تنبت الارض اشجارها وبكم تخرج الارض ثمارها وبكم ينزل الله الغيث). واذا رأيت شخصا طيب القلب نير الوجه مرتاح ( إله ) فانك تقول عنه انه تستمطر به السماء ( هذي عبارة مأثورة ، موجودة ). ونسمع قول ابي طالب (عليه الرحمة والرضوان) في مدح النبي (صلى الله عليه واله): وابيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للارامل
فالمعصومون (عليهم السلام) مصدر الخير والبركة والعطاء لاهل الارض جميعا متمثلين بوجودهم الفعلي ووارثهم الحقيقي بقية الله في ارضه الامام المهدي (عليه السلام).
ثالثا : انه (سلام الله عليه ) المنقذ لمن استجار به في حال الضرورات والبلاء المستحكم والقصص كثيرة في انقاذ اشخاص عديدين جدا خلال التاريخ من مهالك حقيقية. والكتب كثير تروي هذا الشيء ، وسمعت بخبر مطول يذكر انواع الاستجارة باشخاص المعصومين (عليه السلام) وواحد منهم ( أي من المعصومين ) يستجار به لدى الفقر وآخر يستجار بع لدى المرض .. وهكذا، ثم يقول ما مضمونه واستجر بالمهدي اذا وصل السيف الى هنا (يشير الى رقبته).
رابعا : ان له الولاية التكوينية ( عليه افضل الصلاة والسلام ) على العالم شأنه في ذلك شأن المعصومين الاخرين من ابائه ولولا وجوده لانقطعت هذه الولاية وحاشا لله من ذلك. ونحن نسمع في الزيارة انه يقول عن اهل بيت العصمة : (ارادة الرب في مقادير اموره تهبط اليكم وتصدر عن بيوتكم والصادر مما فصل من احكام العباد)).
ونحن المذنبون القاصرون المقصرون نجهل شكل ذلك التصرف وهذه العناية المقدسة لانها اعلى بكثير من فهمنا وادراكنا.
خامسا : ما ورد انه لولا وجود الامام في اي عصر لساخت الارض باهلها او بمن عليها وهي روايات مستفيضة ومعتبرة وقد اخرجها الشيخ الكليني (عليه الرحمة) في الكافي وغيره. وهو نحو من الحفظ لاهل الارض ويمكن ايضا ان نفسر به قوله (عليه السلام) : (واني امان لاهل الارض) يعني من امثال هذه الامور المهلكة.
سادسا : اننا في تاريخ الغيبة الكبرى عرضنا اطروحتين لمفهوم الغيبة ، الظاهر ان اغلبكم مسبوقين بها. احداهما اطروحة خفاء الشخص والاخرى اطروحة خفاء العنوان. والمراد من اطروحة خفاء الشخص ان يكون الشخص موجودا قريبا منا مثلا الا انه مختفٍ لا نراه بالقدرة الالهية وهذا هو الاسلوب المرتكز للمتشرعة في فهم الغيبة وان الامام الغائب انما هو مختفٍ بهذا المعنى. يقابل ذلك اطروحة خفاء العنوان والمراد بها ان يكون الشخص مرأيا ومعروفا الا انه معروف بغير اسمه الحقيقي وصفته الواقعية، فمثلا نقول هذا الحاج سعيد الخياط واني رأيته وكلمته ونحو ذلك في حين يكون هو المهدي (عليه السلام) ( سبحان الله ) ويحرم على المهدي (سلام الله عليه) ) ان يكشف عن صفته الواقعية التي انه هو المهدي الا ان يأذن الله تعالى له بالظهور.
ويمكن ان نتصور له خلال الغيبة ( لاحظوا ) عدة اسماء من هذا القبيل وعدة اعمال اقتصادية او غيرها وعدة اماكن يسكن فيها يعني انه يسكن في كل مدة في مدينة او منطقة ونحو ذلك وقلنا هناك ان الغيبة ( المعاشة فعلا الغيبة الصغرى والكبرى )لا تتوقف على اطروحة خفاء الشخص دائما كما عليه ارتكاز المتشرعة وخاصة بعد ان جاءت الاجيال المتأخرة عن الغيبة الصغرى وهي لا تعرف شخص الامام ولا تميز وجهه عن غيره بطبيعة الحال فهو يستطيع ان يعيش بحرية طبقا لاطروحة خفاء العنوان بدون ان يلتفت اليه احد ويستحيل ان يتعرف اليه احد حتى امريكا واسرائيل. ويؤيد ذلك ما ورد من انه يطأ بسطهم ويحضر مواسمهم ويحضر الحج ويزور ابائه المعصومين (عليهم السلام) كما يؤيد ذلك ما ورد من انه (عليه السلام) ( هاي موجودة اني شايفهه بالكتب وكلها صحيحة على اية حال ) اذا ظهر قال جماعة من الناس انا رأيت هذا الشخص او كنت قد رأيته. يعني رأه بدون ان يعرفه طبعا ولو كان قد عرفه في حال غيبته بحقيقته لما قال ذلك بطبيعة الحال. والمهم الان انه (سلام الله عليه) بهذه الشخصية الظاهرية او الثانوية التي يخفي بها حقيقته يستطيع ان يعمل الامور الكثيرة المناسبة مع مصلحة والمرضية لرب العالمين كيف لا وهو يعلم بينه وبين الله بحقيقة نفسه كما يعلم (سلام الله عليه) بالوجه الحقيقي للمصلحة في اي مكان وزمان وبهذا ونحوه نفهم قوله (عليه السلام) في رواية الاحتجاج للطبرسي بما مضمونه القريب: (انه لولا عنايتنا بكم لاصطلمكم الاعداء ولأخذتكم اللأواء).
سابعا : اننا لو تنزلنا عن ذلك امكن التمسك بما دل من الاخبار على وجود بعض المتصلين بالامام خلال الغيبة ممن يعرفه على حقيقته وان كانوا مجهولين لنا تماما ويؤيد ذلك ما قاله علماؤنا (عليهم الرحمة) من ان الذي يحجب عن الامام هو الذنوب ومن يحجب عن الامام هو المذنب فمن كان لا ذنب له فالامام غير محجوب عنه كما يؤيده ما ورد من قولهم : (وما بثلاثين من وحشة يعني ان هناك ثلاثين نفر من كل جيل او في كل جيل يتصلون به يستأنس بهم ويرفعون وحشته وهو ساكن بعيدا عن مدن الظالمين ومجتمع الكفار والمنافقين كما هو وارد في اخبار اخرى.
فالمهم انه (سلام الله عليه) يستطيع ان يستغل اتصال هؤلاء به ومعرفتهم اياه وتشرفهم بخدمته في توسيطهم لنفع المجتمع بالشكل الذي يعلمه هو من المصلحة وبالشكل الذي هم يطيقونه ويستطيعونه من الاعمال والاقوال.
ثامنا : ما قاله بعض اساتذتنا (قدس سره) كاطروحة من اننا يمكن ان نقول ان كل عمل من اعمال الخير العام وكل مصلحة نافعة للمجتمع يكون هو (عليه السلام) المؤثر فيها والواضع للحجر الاساسي لها باللغة الحديث لو صح التعبير وذلك باشعار معين من قبله او تصرف خاص مهما كان بسيطا لكنه يعلم انه سوف يتطور ويكون بهذا الشكل من السعة والخير لكثير من الناس او لكل الناس.
تاسعا : ما ذكرناه في تاريخ الغيبة الكبرى من ان الغيبة الكبرى تتضمن طول العمر المتزايد للامام (عليه السلام) وطول العمر يقتضي طبعا لا محالة مواكبة كثير من الاجيال من البشرية مما يتيسر له خلال ذلك الاطلاع على كثير من التجارب والاراء والفلسفات والاطلاع ايضا على نقاط الضعف للانظمة والحكام والاتجاهات الباطلة والدول الكافرة الامر الذي ييسر له ثقافة عامة ومعمقة تفيده جدا بالانتصار عند ظهوره باعتباره تطبيقا لتلك الخبرات التي كان قد اكتسبها من مرور الاجيال خلال عمره الشريف الطويل.
وهذه وجهة نظر طيبة لو اقتصرنا على مستواها الا انها بطبيعة الحال مبنية ( لاحظوا ) على تصور معين للمعصومين وبالتالي للامام المهدي نفسه (عليه افضل الصلاة والسلام) بحيث يستفيد من التجارب الدنيوية ويحصل مضمونا متزايدا خلال عمره الطويل وهذا يعني انه لولا هذه التجارب ولولا عمره الطويل لفشل حال ظهوره ولم يكتب له النصر. وهذا فيه فائدة القول بضرورة الحصول الغيبة وطول العمر للامام (عليه السلام) لانه مما يتوقف عليه انتصاره وكل ما يتوقف عليه انتصاره فهو لازم بحسب الحكمة الالهية لان ظهوره وعد والله لا يخلف الميعاد الا ان تصور الامام عليه السلام بهذا المستوى الدنيوي المتدني بحيث يستفيد من التجارب وتحصل له خبرة جديدة لم تكن حاصلة من قبل مخالف لما نعرفه من استغناء الامام وكل المعصومين فردا فردا منهم عن كل ذلك بوجوده النوراني العالي الشأن المدعم بالتسديد الالهي وبالنظر الرباني وبه يستغني عن الدنيا وما فيها ومن فيها. نعم طول العمر مفيد بالنسبة اليه فيما سميناه بتكامل ما بعد العصمة من حيث ان الكمال لا متناهي الدرجات وكلما يصل الفرد مرحلة منه يستحق المرحلة التي بعدها وهذا شامل حتى للمعصومين بالذات (عليهم السلام) وحيث نعلم ان دار الدنيا دار تكامل او هي الدار الانسب له اذن فطول العمر للمؤمن (نفترض اي مؤمن) يقتضي زيادة حسناته وقلة سيئاته وزيادة توبته وخشوعه وبالتالي يؤدي الى تكامله المعنوي المستمر فكيف بالمعصوم (عليه السلام) وكلما كان العمر اكثر كان ذلك اعمق واوضح كلما في الامر ان هذا ( لاحظوا ) لا يحدث لسائر الناس لان في زيادة العمر صعوبات ومسؤوليات ونتائج كثيرة وعجيبة وغريبة لا يتحملها الفرد ولا يتحملها المجتمع مضافا الى انها تكون في الفرد العادي زيادة في عيوبه وذنوبه ويكون الموت له خلاصا من الذنوب والعيوب والبلاء ومبادرة الى الحصول على الثواب.
ونكتفي بهذا المقدار من المصالح لضيق الوقت، لاننا ينبغي في نهاية الخطبة ان نشير الى موضوع لا يخلو اهمية من اهمية وهو ان المؤمنين جزاهم الله خير جزاء المحسنين استجابوا للدعوة التي وجهتها لانجاز مجسم او نصب يرمز الى صلاة الجمعة وقد وصلتنا كثيرا من هذه الصور والنصب. وهذه الاستجابة بشارة خير تدل على الحق والصلاح من عدة جهات اهمها اثنان من جهة العلة ومن جهة المعلول.
اما من جهة العلة والسبب فلوضوح همتهم في ذلك ورغبتهم اليه وتحمسهم له لانهم يجدون فيه خدمة الدين والنفع لشريعة سيد المرسلين وشعيرة من شعائر المذهب جزاهم الله خير جزاء المحسنين.واما من جهة المعلول فقد ظهر بوضوح ( هي هاي الفكرة ) ما كان خافيا على الكثيرين وهو وجود طاقات مخزونة لدى الكثير من الافراد تحتاج في انجازها وتفجيرها والاستفادة منها الى فرصة متاحة وانه بمجرد
ان اتيحت هذه الفرصة بادر المؤمنون لابراز قابلياتهم ومقدراتهم في هذا الصدد وبالتاكيد فان في المجتمع طاقات مخزونة في كثير من الجهات والاختصاصات كل ما في الامر انها لم تكن تستغل في مصلحة الدين وانما هي مقتصرة لمصالح الدنيا مع شديد الاسف. والسبب الرئيسي في ذلك مضافا الى صعوبة الوقت كما يعبرون عدم وجود حافز ديني لهم للعمل بابراز طاقاتهم وقابلياتهم لان المسلك التقليدي للحوزة وهو السكوت والاعراض عن المجتمع لا يهتم بذلك هذا المسلك كما هو واضح وانا لله وانا اليه راجعون.
والان ينبغي اعلان امرين:
الامر الاول : انه سيكون المعرض لهذه النصب في مدرسة البغدادي التي هي محل دراسة جامعة الصدر الدينية ويستمر المعرض من اليوم السادس عشر من شهر شعبان الحالي يعني يوم السبت ليلا الى اليوم الخامس عشر من شهر رمضان اذا بقيت الحياة وان ذهبت الحياة فسوف اذهب وضميري مرتاح ويكفي ان في موتي ( لاحظوا ) شفوة وفرحا لإسرائيل وامريكا وهذا غاية الفخر في الدنيا والاخرة. رجاءً .. رجاءً .. رجاءً .. والدعوة عامة للجميع لمشاهدة المعرض في الساعات المحددة له واذا اراد بعض الفنانين المشاركين ( لاحظوا ) في انجاز هذه النصب ( والذين جابونياهه وسلموهه ) الحضور في هذا المعرض لإيضاح افكارهم للآخرين فأهلا وسهلا بهم.
الامر الثاني : اننا نجعل مسابقة جديدة ومضمونها بسيط وهو نظم قصيدة شعرية بمناسبة شهر رمضان المبارك وصومه وعبادته بالشروط التالية :
1- ان تكون باللغة الفصيحة لا العامية.
2- ان لا تقل عن عشرة ابيات ولا حد لأكثرها.
3- ان تقدم الينا من الان الى آخر شهر رمضان في عيد الفطر.
4- ان لا يكون فيها اسم السيد محمد الصدر اطلاقا.
واننا نعطي للفائزين الخمسة الاوائل جوائز للتبرك بعونه سبحانه وتعالى.
بسم الله الرحمن الرحيم
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّـهِ وَالْفَتْحُ ﴿١﴾ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّـهِ أَفْوَاجًا ﴿٢﴾ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴿٣﴾

صدق الله العلي العظيم

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم


التعديل الأخير تم بواسطة الراجي رحمة الباري ; 05-05-2017 الساعة 02:28 PM
ابو علي غير متواجد حالياً  
قديم 22-03-2012, 12:58 AM   #35

 
الصورة الرمزية ابو علي

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 32
تـاريخ التسجيـل : Oct 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 10,104

افتراضي رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة

الجمعة الخامسة والثلاثون 21 شعبان 1419
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
لنصرة وطاعة الحوزة العلمية الشريفة الصلاة على محمد وال محمد.
لنصرة وطاعة المذهب وولاية امير المؤمنين الصلاة على محمد وال محمد.
لاجل شجب واستنكار تقليص وتحجيم صلاة الجمعة الصلاة على محمد وال محمد.
احبائي حينما يقول لنا الله سبحانه وتعالى "يا ايها الناس" او "يا ايها الذين امنوا" بماذا يجب ان يكون الجواب؟ طبعا يكون بالايجاب ، نعم يارب لبيك يارب انا عبدك وابن عبديك يا ربي.
فالمهم اننا نقول هذه الاهزوجة ….
نعم نعم يا ربي …
نعم نعم سبحانك …
نعم نعم للاسلام …
نعم نعم للمذهب …
نعم نعم للجمعة …
بسم الله الرحمن الرحيم
إِلهِي لَوْلا الواجِبُ مِنْ أَمْرِكَ لَنَزَّهْتُكَ عنْ ذِكْرِي إِيَّاكَ عَلى أَنَّ ذِكْرِي لَكَ بِقَدْرِي لا بِقَدْرِكَ وَما عَسى أَنْ يَبْلُغَ مِقْدارِي حَتّى أُجْعَلَ مَحَلاً لِتَقْدِيسِكَ وَمِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ عَلَيْنا جَرَيانُ ذِكْرِكَ عَلى أَلْسِنَتِنا وَإِذْنُكَ لَنا بِدُعائِكَ وَتَنْزِيهِكَ وَتَسْبِيحِكَ، إِلهِي فَأَلْهِمْنا ذِكْرَكَ فِي الخَلاءِ وَالمَلاءِ وَاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالاِعْلانِ وَالاِسْرارِ وَفِي السَرَّاءِ وَالضَرَّاءِ وَآنِسْنا بِالذِّكْرِ الخَفِيِّ وَاسْتَعْمِلْنا بِالعَمَلِ الزَّكِيِّ وَالسَّعْيِ المَرْضِيَ وَجازِنا بِالْمِيزانِ الوَفِيَّ، إِلهِي بِكَ هامَتْ القُلُوبُ الوالِهَةُ وَعَلى مَعْرِفَتِكَ جُمِعَتِ العُقُولُ المُتَبايِنَةُ فَلا تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ إِلاّ بِذِكْرِاكَ وَلا تَسْكُنُ النُّفُوسُ إِلاّ عِنْدَ رُؤْياكَ، أَنْتَ المُسَبَّحُ فِي كُلِّ مَكانٍ وَالمَعْبُودُ فِي كُلِّ زَمانٍ وَالمَوْجُودُ فِي كُلِّ أَوانٍ وَالمَدْعُوُّ بِكُلِّ لِسانٍ وَالمُعَظَّمُ فِي كُلِّ جَنانٍ، وَأَسْتَغْفِرُكَ مِنْ كُلِّ لَذَّةٍ بِغَيْرِ ذِكْرِكَ وَمِنْ كُلِّ راحَةٍ بِغَيْرِ أُنْسِكَ وَمِنْ كُلِّ سُرُورٍ بِغَيْرِ قُرْبِكَ وَمِنْ كُلِّ شُغْلٍ بِغَيْرِ طاعَتِكَ.إِلهِي أَنْتَ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الحَقُّ: ياأَيَّها الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا الله ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً، وَقُلْتَ وَقَوْلُكَ الحَقُّ: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ، فَأَمَرْتَنا بِذِكْرِكَ وَوَعَدْتَنا عَلَيْهِ أَنْ تَذْكُرَنا تَشْرِيفاً لَنا وَتَفْخِيماً وَإعْظاماً وَها نَحْنُ ذاكِرُوكَ كَما أَمَرْتَنا فَأَنْجِزْ لَنا ما وَعَدْتَنا ياذاكِرَ الذَّاكِرِينَ وَيا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
بسم الله الرحمن الرحيم
((إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴿90﴾ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴿91﴾ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴿92﴾ )).
بعد ان انتهى النصف من شعبان المعظم وتأجلت مسألة المشي الى كربلاء المقدسة يحسن بنا الان ان نأخذ العبرة عما حصل فان لكل شيء عبرة وهذا من اهم الامور التي يجب ان نأخذ منها العبرة توخيا للهداية والتعمق في الايمان وفي بعضها سنسمع بعض المناقشات بالحكمة والموعظة الحسنة بطبيعة الحال بعونه سبحانه وتعالى. وذلك بالالتفات الى عدة نقاط :
النقطة الاولى : اننا عهدنا الاستعمار والمستعمرين منذ وجدوا يكرهون الاسلام الحنيف والمذهب الجليل ويكيدون ضده مختلف المكائد والدسائس ويريدون اضعافه بكل وسيلة ويكرهون القيام بشعائره وطقوسه ويحاولون تقليلها الى اقل مقدار ممكن بل الغائها بالمرة بما في ذلك مواسم الزيارات واصدار الكتب والنشرات والقاء الخطب والصلوات.
ومن هنا كانت صلاة الجمعة شوكة في عين المستعمرين عامة واسرائيل خاصة لما كان وما زال فيها من عز المذهب والدين وهداية الناس والتسبيب الى لم الشعث وجمع الكلمة على الحق.
وكذلك بطبيعة الحال فان السير الى زيارة الحسين (عليه السلام) ايضا شوكة في عين المستعمرين عامة واسرائيل خاصة. ومن الواضح انه يكون مشمولا لقوله تعالى : ((وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)).
النقطة الثانية : انه كان من المتوقع والطبيعي ان تبذل اقصى القوة في سبيل منعه والحيلولة دون استمراره ، الامر الذي ينتج منه بكل وضوح التقليل من الشعائر الدينية والكفكفة من تصرف المجتمع بما فيه الهداية والاخلاص لله ورسوله والمعصومين. ولعله من باب الحمل على الصحة ان الجماعة لا يعلمون ان في ذلك نفعا للمجتمع ومضادة للاستعمار وارغاما لاسرائيل. اذن فليعلموا من الان ذلك وهو واضح وجداني لكل احد ، غير قابل للمناقشة بل نقول لاي فرد لم يلتفت الى ذلك كما قال الشاعر :
اذا كنت لا تدري فتلك مصيبة وان كنت تدري فالمصيبة اعظم
النقطة الثالثة : لا شك ان افضل ما تفعله اية دولة الى مجتمعها وشعبها هو اعطاء الحرية للتصرف والقيام بشعائرها الدينية والتنفيس عن قناعاتها النفسية والعقلية بالشكل الذي لا يضر الدولة اصلا ولا يمت الى سياستها وكيانها باية صلة بل ان ذلك سيكون اكيدا في نفع الدولة ، اية دولة ، وسيكون سببا لمحبة الشعب للدولة ووثاقتهم بها والتفافهم حولها لما يرون من انها متفضلة عليهم بالحرية والفرص المتكافئة للشعائر الدينية مضافا الى الامور الدنيوية والاقتصادية. واذا قامت الدولة بذلك كانت بلا شك اقرب الى محبة الناس واطمئنانهم لما يشعرون من فضلها عليهم والتفاتها اليهم بخلاف العكس بطبيعة الحال.
النقطة الرابعة : اننا الان في نظرهم في ظروف الحصار الاستعماري الاقتصادي الغاشم ، اذن يكون من الراجح ان نواجه الاستعمار وان نتشجع ضده وان نقوم بكل عمل لا يرتاح اليه ولا يحبه بما في ذلك الشعائر الدينية عموما والسير الى كربلاء المقدسة خصوصا. اذن فهذه الشعيرة المقدسة ستكون الى جنب الثائرين ضد الاستعمار والمستنكرين للحصار وخطوة جيدة تدريجية يمكن ان تكون تدريجا مفتاحا لفك الحصار والضغط الشعبي على الاستعمار كما قيل هنا من ان ظرف الحصار لا يناسب قبول السير الى كربلاء المقدسة لا يكون امرا مقبولا بطبيعة الحال بل الامر بالعكس بطبيعة الحال ولا يحتاج ذلك الا الى التفاتة بسيطة الى واقع الحال الاجتماعي الذي نعيشه.
النقطة الخامسة : ان المفروض ان الشعب والدولة معا ضد الاستعمار وفي مواجهة التحديات العالمية المعادية ومن هنا جاز لكل من الدولة والشعب معا ان يعمل ما يراه مناسبا في هذا الصدد لمضادة الاستعمار والنيل منه وابعاد شبحه المشؤوم وبذلك يكون الشعب والدولة يدا واحدة ضد من يريد النيل من بلاد الاسلام ومن المجتمع الاسلامي فاذا علمنا ان السير الى الحسين (عليه السلام) كما هو واضح هو كشف للاستعمار ومراغمة له اذن فستكون كل الاعمال لو تمت هذه المناسبة الشريفة سائرة في هذا الصدد وسيكون الشعب والدولة يدا واحدة بهذا الاتجاه بضرب الاستعمار الغاشم بيد من حديد.
النقطة السادسة : ان شعائر الله سبحانه وتأييد الدين من المتوقع جدا – لاحظوا - بكل وضوح ان يكون ضمن الحملة الايمانية التي تتبناها الدولة منذ سنين فان المفروض بهذه الحملة ان تدعو الى الايمان لانها ايمانية والى تأييد الشعائر وتكثير الطاعات وتقليل المعاصي وجعل العقوبات المشددة على المنكرات كالحانات والملاهي والمراقص وعلى اي حال فالسير الى زيارة كربلاء المقدسة هو من جملة الايمان الذي يقع مصداقا وتطبيقا للحملة الايمانية والمتوقع ممن يدعو اليها ويتمسك بها ان يمشي بهذا الاتجاه الى نهاية الطريق ولا ينبغي الشعور من قبلهم بوجود ايةِ منافاة او تعارض بين الطريقين او الاسلوبين كما نحس به الان.
النقطة السابعة : انه بفضل الله وحسن توفيقه انه بالرغم من ان السير لم يتم بالشكل الموسع الذي تمنيناه له الا انه اثمر ثمرة طيبة وانتج نتائجه الحسنة في سبيل الله سبحانه ونصرة دينه والمذهب من حيث انه اظهر تكاتف الشعب العراقي كله وخاصة في الوسط والجنوب على العمل في سبيل الله والتضحية في سبيل الدين والتعب في سبيل الاشادة بشريعة سيد المرسلين وبدم الحسين المقدس الذي اهريق ظلما في كربلاء المقدسة فان السير الطويل لعدة ايام في البراري والقفار مع عدم توفر الاقل المجزي من وسائل العيش انما هو لمعة مضيئة في جبين المؤمنين الذين ادوا ما عليهم ولم يقصروا في هذا الطريق جزاهم الله خيرا بحيث رأينا الكثير منهم حين وصلوا الى النجف لم يكن لديهم اية قدرة على شراء الطعام او النزول ليلة واحدة في فندق وهذا امر مجيد وحميد كما قال الشاعر :
هكذا هكذا والا فلا لا .... ليس كل الرجال تدعى رجالا
النقطة الثامنة : انهم لم يتحملوا الصعوبة المعيشية فقط في هذا السفر المقدس بل تحملوا الصعوبة النفسية ومشقة الخوف والازعاج في هذا الصدد ولا اريد هنا ان اذكر شيئا الا ان لنا اسوة في ذلك بقادتنا المعصومين (عليهم السلام) كما قال في الدعاء او الزيارة : (السلام على الائمة الراشدين السلام على الانبياء والمرسلين السلام على الائمة المستودعين السلام على خاصة الله من خلقه السلام على المتوسمين السلام على المؤمنين الذين قاموا بامره ووازروا اولياء الله وخافوا بخوفهم السلام على الملائكة المقربين السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
النقطة التاسعة : ان هذا النموذج من الاخلاص والمخلصين والوعي والواعين – لاحظوا - كان قليلا في صدر الاسلام حتى قال امير المؤمنين (عليه السلام) لعدد من اصحابه او نستطيع ان نقول لاكثر اصحابه : (يا اشباه الرجال ولا رجال وحلوم ربات الحجال) اي النساء طبعا وقال ما مضمونه : (انني ان دعوتكم في الشتاء قلتم دعنا حتى يذهب عنا البرد واذا دعوتكم في الصيف قلتم دعنا يذهب عنا القيض واذا كنتم عاجزين عن حر الصيف فانكم اعجز عن تحمل حر السيف). وهذا النموذج – لاحظوا - هو الذي كان في صدر الاسلام وسبّب انتصار معاوية في صفين واللجوء الى التحكيم كما سبب تفرق الناس عن مسلم بن عقيل (سلام الله عليه) وعن الحسين (سلام الله عليه) الا انه عن طريق التربية المركزة والمستمرة بمقدار ما هو ممكن من قبل قادتنا المعصومين (عليهم السلام) وعلمائِنا المرحومين (رضوان الله عليهم) تبدل هذا النموذج بالنموذج الاخر المخلص المتفاني الذي كان ولا يزال نراه يفيد الدين ويضحي في سبيل شريعة سيد المرسلين.
اذكر لكم فيما يلي قصتين باختصار نتذكرهما لاجل زيادة العبرة وتجديد الهمة في سبيل الله تعالى :
احداهما ان المتوكل حين حرث قبر الحسين (عليه السلام) واجرى عليه الماء منع زيارته ووضع الحرس وكانوا يمسكون بالزوار فيقطعون ايديهم من المعصم كأنهم سراق والعياذ بالله حتى جاء رجل – لاحظوا - وهو ملتف بعباءته فامسكوه وقالوا له اخرج يدك لكي نقطعها فاخرج لهم يده اليمنى فاذا هي مقطوعة فقالوا له اخرج يدك اليسرى فاخرجها فاذا هي مقطوعة قال انتم قطعتموها في زيارات سابقة لي ومع ذلك فهو مقبل للزيارة غير خائف ولا هائب طبقا لقول رسول الله (صلى الله عليه واله) كما في الرواية : (ان لقتل ولدي الحسين حرارة في قلوب شيعته ومحبيه لن تبرد الى يوم القيامة).
وكذلك قصة الرجل الخراساني الذي ارسله المجتمع في خراسان الى الامام الصادق (سلام الله عليه) لكي يدعونه اليهم فان له في خراسان مائة الف سيف فبينما هو جالس عنده اذ اقبل احد اصحابه المخلصين فامر الامام الصادق (عليه السلام) ان يسجر التنور فلما ارتفعت ناره قال الامام الى هذا الثاني اذهب فاجلس في التنور فوضع نعله على الارض وجلس في التنور واقبل الامام الصادق (عليه السلام) على الخراساني كأنما ماكو شي يسأله عن تفاصيل المجتمع هناك واحوال الناس هناك في خراسان الى برهة من الزمن ثم امر الخراساني ان يذهب فينظر في التنور فذهب فنظر فاذا بذاك الرجل جالس فيه وهو يبتسم. فهذه هي نماذج رجالنا المخلصين رضوان الله عليهم اجمعين.
النقطة العاشرة : ان المنع حصل – لاحظوا ، سبحان الله - في الحكمة الالهية لقصور او تقصير في المجتمع بما فيهم السيد محمد الصدر ولو كنا على مستوى المسؤولية حقيقة وموضوعاً للرحمة الالهية من جميع الجهات لما حصل المنع بكل تأكيد. اما ما هو سبب القصور والتقصير فليس هذا مهما الان وانما المهم والاهم هو ان نحاسب انفسنا وننظر الى اعمالنا والى مدى اخلاصنا لربنا وهدفنا وديننا ونحاول السير الحثيث للزيادة والتكامل بفضل الله سبحانه وتعالى ولا ننسى ان المخلصين الممحصين من اصحاب الانبياء والمعصومين لم يكن يخطر في بالهم الخوف طرفة عين كما قال الله تعالى : ((كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله)) وقوله تعالى : ((وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير - اي الهيون كثير - فما وهنوا لما اصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين * وما كان قولهم الا ان قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في امرنا وثبت اقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين – شنو صار؟ - فاتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الاخرة والله يحب المحسنين *)) وقال تعالى في قصة طالوت : ((فلما فصل طالوت بالجنود قال ان الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فانه مني الا من اغترف غرفة بيده * فشربوا منه الا قليلا منهم * فلما جاوزه هو والذين امنوا معه - يعني الذين لم يشربوا - قالوا – جملة منهم - لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده * قال الذين يظنون انهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله والله مع الصابرين * ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا افرغ علينا صبرا وثبت اقدامنا على القوم الكافرين * فهزموهم باذن الله وقتل داود جالوت)).
النقطة الحادية عشر : انتو لاحظتوا ؟!.. لابد من الالتفات الى موقف الحوزة التقليدية السكوتية مما حصل من امر المشي ومنعه انهم كانوا سلبيين مائة بالمائة ، لم ينبس اي واحد منهم او من وكلائهم او من اصدقائهم ببنت شفة بل قد صادف ان التقينا ببعض منهم فنراهم يتحدثون عن اي شيء الا عن هذا الامر وكأنهم لا يعلمون ما يحصل في المجتمع على الاطلاق لا من الامر بالمشي ولا بمنعه ولا اكتراث لهم بشيء من ذلك اصلا ، لكي يدعوا السيد محمد الصدر وحده في الميدان وينسحبوا من تحت المسؤولية بكل سهولة ولو كانوا قد بينوا رأيهم وآزروا طاعة الله واولياء الله وشعائر الله لما حصلت النتائج التي رأيناها واسفنا لها وهم بطبيعة الحال يتحملون قسطا من المسؤولية سواءً رضوا ام غضبوا وانتم الان موجودون فاذهبوا اليهم او ممن تعرفون منهم واسألوهم عن السبب في هذا السكوت والصمت كصمت القبور بالرغم من وجود المناسبة الدينية المقدسة والشعائر الجليلة وقد اعتادت الحوزة ومع شديد الاسف على عدم التعاون والتكاتف الامر الذي انتج كثيرا من النتائج السلبية على مر الاجيال مما يكون بكل تاكيد في مصلحة اعداء الله والمستعمرين ، فهل هم ملتفتون الى ذلك ايضا كما قال الشاعر :
اذا كنت لا تدري فتلك مصيبة او كنت تدري فالمصيبة اعظم
وليتهم حين لم يعترفوا او تجاهلوا امر الولاية - ولاية السيد محمد الصدر مو ولي ، خلي يوّلي ، الى جهنم وساءت مصيرا - ان يهتموا بامر الدين وشعائر الله ومستحبات الشريعة وليس هذا منهم بعجيب بعد ان تركوا الواجب المتمثل في صلاة الجمعة فكيف لا يتركون المستحب في نظرهم وكان افضل ما فعله جملة منهم هو السكوت والاعتذار بينما كان موقف آخرين هو الطعن والتشنيع والتجريح بينما كنا نحب وليس هذا في قلوب المؤمنين فقط – هذا الحب - بل هو مما يرضاه الله ورسوله والمعصومون ان يجدوا الحوزة متكاتفة ومتعاضدة في خدمة المذهب واعلاء كلمة الحق وتكثير شعائر الدين ولن تكون الحوزة عندئذ - لاحظوا - بقيادة السيد محمد الصدر فقط بل بقيادة العلماء جميعا باعتبارهم يدا واحدة وقلبا واحدا وعملا واحدا وهدفا واحدا وقد قلت مكررا اننا عندئذ سنكون متمكنين بغض النظر عن السلاح من مواجهة الاستعمار واسرائيل بكل صراحة وقوة ووضوح.
النقطة الثانية عشر : انما ما حصل من الفشل النسبي – لاحظوا - لا ينبغي ان يفت في عضد المؤمنين او يحملهم على الاحباط والتخاذل ويُضعّف في قلوبهم الشجاعة التي اوجدوها بكد يمينهم وعرق جبينهم وتوفيق الله سبحانه وتعالى بل يجب ان يكون ذلك وكل شيء مما يُضعّفها ويزايدها لا ان يضعفها وينقصها فان الحياة تجارب والتجارب ليست كلها ناجحة مائة بالمائة بل قد يحجب النجاح عنا قليلا او كثيرا حسب الحكمة الالهية بل قد يحصل في المستقبل قصور في النجاح كما حصل في الماضي وكل ذلك ينبغي ان يكون متوقعا ومفهوما سلفا والدنيا دار كون وفساد وصعود ونزول وقد اختلفت الدنيا على المعصومين (سلام الله عليهم) واصحابهم فكيف لا تختلف علينا وكيف تصفوا لنا وانما السبب الى دفع ذلك بعد عناية الله وحسن توفيقه والنصر لدينه هو الاخلاص وتزايد الهمة والارادة والحب لكل ما يحب الله ورسوله والبغض لكل ما يبغض الله ورسوله والله ولي المحسنين وهو على كل شيء قدير.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * اياك نعبد واياك نستعين * اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين انعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضالين *
صدق الله العلي العظيم
الجمعة الخامسة والثلاثون 21 شعبان 1419
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
أَللَّهُمَّ يا مَلاَذَ اللائِذِينَ، وَيا مَعاذَ الْعآئِذِينَ، وَيا مُنْجِيَ الْهالِكِينَ، وَيا عاصِمَ الْبآئِسِينَ،
وَيا راحِمَ الْمَساكِينِ، وَيا مُجِيبَ الْمُضْطَرِّينَ، وَيا كَنْزَ الْمُفْتَقِرِينَ وَيا جابِـرَ الْمُنْكَسِرِينَ،
وَيا مَأْوَى الْمُنْقَطِعِينَ، وَيا ناصِرَ الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَيا مُجِيرَ الْخآئِفِينَ، وَيا مُغِيثَ الْمَكْرُوبِينَ
وَيا حِصْنَ اللاَّجِينَ، إنْ لَمْ أَعُذْ بِعِزَّتِكَ فَبِمَنْ أَعُوذُ ؟ وَإنْ لَمْ أَلُذْ بِقُدْرَتِكَ فَبِمَنْ أَلُوذُ ؟ وَقَدْ
أَلْجَأَتْنِي الذُّنُـوبُ إلَى التَّشَبُّثِ بِأَذْيالِ عَفْوِكَ، وَأَحْوَجَتْنِي الْخَطايا إلَى اسْتِفْتاحِ أَبْـوابِ
صَفْحِكَ، وَدَعَتْنِي الإِسآءَةُ إلَى الإِنـاخَةِ بِفِنآءِ عِزِّكَ، وَحَمَلَتْنِي الْمَخافَةُ مِنْ نِقْمَتِكَ عَلَى
التَّمَسُّكِ بِعُرْوَةِ عَطْفِكَ، وَما حَقُّ مَنِ اعْتَصَمَ بِحَبْلِكَ أَنْ يُخْذَلَ، وَلا يَلِيقُ بِمَنِ اسْتَجَـارَ
بِعِزِّكَ أَنْ يُسْلَمَ أَوْ يُهْمَلَ. إلهِي فَلا تُخْلِنا مِنْ حِمايَتِكَ، وَلاَ تُعْرِنَا مِنْ رِعَايَتِكَ، وَذُدْنا عَنْ
مَـوارِدِ الْهَلَكَةِ، فَإنَّا بِعَيْنِكَ وَفِي كَنَفِكَ، وَلَكَ أَسْأَلُـكَ بِأَهْـل خاصَّتِكَ مِنْ مَلائِكَتِكَ ،
وَالصَّالِحِينَ مِنْ بَرِيَّتِكَ، أَنْ تَجْعَلَ عَلَيْنا واقِيَةً تُنْجِينا مِنَ الْهَلَكاتِ، وَتُجَنِّبُنا مِنَ الآفاتِ،
وَتُكِنُّنا مِنْ دَواهِي الْمُصِيباتِ، وَأَنْ تُنْزِلَ عَلَيْنا مِنْ سِكَيْنَتِكَ، وَأَنْ تُغَشِّيَ وُجُوهَنا بِأَنْوارِ
مَحَبَّتِكَ، وَأَنْ تُؤْوِيَنا إلى شَدِيدِ رُكْنِكَ، وَأَنْ تَحْوِيَنا فِي أَكْنافِ عِصْمَتِكَ بِرأْفَتِكَ وَرَحْمَتِكَ
يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وصلى الله على خير خلقه محمد واله الطيبين الطاهرين اجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12)))
الان نتكلم في التعريف البسيط باهمية زيارة الحسين (عليه السلام) عموما. قال الشيخ عباس القمي (رحمه الله) في مفاتيح الجنان : اعلم ان فضل زيارة الحسين (عليه السلام) مما لا يبلغه البيان وفي روايات كثيرة انها تعدل الحج والعمرة والجهاد بل هي افضل بدرجات وتورث المغفرة وتخفيف الحساب وارتفاع الدرجات واجابة الدعوات وتورث طول العمر والحفظ في النفس والمال وزيادة الرزق وقضاء الحوائج ورفع الهموم والكربات وان ترك زيارة الحسين (عليه السلام) بدون عذر يوجب نقصا في الدين وهو ترك حق عظيم من حقوق النبي (صلى الله عليه واله) واقل ما يؤجر به زائره - يعني الحسين (عليه السلام) - هو ان يغفر الله ذنوبه وان يصون الله تعالى نفسه وماله حتى يرجع الى اهله فاذا كان يوم القيامة كان له احفظ من الدنيا وفي روايات كثيرة ان زيارته (عليه السلام) تزيل الغم وتهون سكرات الموت وتذهب بهول القبر وان ما يصرف في زيارته (عليه السلام) يكتب بكل درهم منه الف درهم بل عشرة الاف درهم وان الزائر اذا توجه الى قبره (عليه السلام) استقبله اربعة الاف من الملائكة فاذا رجع منه شايعته وودعته وان الانبياء والاولياء والائمة المعصومين (عليهم السلام) اجمعين يزورون الحسين (عليه السلام) ويدعون لزواره ويبشرونهم بالبشائر وان الله تعالى ينظر الى زوار الحسين (صلوات الله وسلامه عليه) قبل نظره الى من حضر عرفات وانه اذا كان يوم القيامة تمنى الخلق كلهم ان كانوا من زواره لما يصدر منه (عليه السلام) من الكرامة والفضل في ذلك اليوم.
قال : والاحاديث في ذلك لا تحصى وحسبنا هنا رواية واحدة. روى ابن قولويه والكليني والسيد بن طاووس وغيرهم باسناد معتبرة عن الثقة الجليل معاوية بن وهب البجلي الكوفي قال: دخلت على الصادق (صلوات الله وسلامه عليه) وهو في مصلاه وجلست حتى قضى صلاته فسمعته وهو يناجي ربه ويقول : يا من خصنا بالكرامة ووعدنا بالشفاعة وحمّلنا الرسالة وجعلنا ورثة الانبياء وختم بنا الامم السالفة وخصنا بالوصية واعطانا علم ما مضى وعلم ما بقي وجعل افئدة من الناس تهوي الينا اغفر لي ولا خواني وزوار قبر ابي الحسين بن علي (صلوات الله عليهما) الذين – الزوار - انفقوا اموالهم واشخصوا ابدانهم رغبة في برّنا ورجاءً لما عندك في وصلتنا وسرورا ادخلوه على نبيك محمد (صلى الله عليه واله) واجابة منهم لامرنا وغيظا ادخلوه على عدونا ارادوا بذلك رضوانك فكافئهم عنا بالرضوان واكلأهم بالليل والنهار وادخل على اهاليهم واولادهم الذين خُلِّفوا باحسن الخلف واصحبهم واكفهم شر كل جبار عنيد وكل ضعيف من خلقك او شديد وشر شياطين الانس والجن واعطهم افضل ما امّلوا منك حتى يعودوا الى اوطانهم وما آثرونا على ابائهم واهاليهم وقراباتهم اللهم ان اعدائنا عابوا عليهم خروجهم فلم ينههم ذلك عن النهوض والشخوص الينا خلافا عليهم فارحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس وارحم تلك الخدود التي تقلبت على قبر ابي عبد الله (عليه السلام) وارحم تلك الاعين التي جرت دموعها رحمة لنا وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا اللهم اني استودعك تلك الانفس وتلك الابدان حتى ترويهم من الحوض يوم العطش الاكبر.
فما زال (صلوات الله عليه) يدعو بهذا الدعاء وهو ساجد فلما انصرف قلت له جعلت فداك ان هذا الذي سمعته منك – لاحظوا - لو كان لمن لا يعرف الله لظننت ان النار لا تطعم منه شيئا ابدا والله لقد تمنيت اني كنت زرته ولم احج. فقال لي : ما اقربك منه – انت يمه - فما الذي يمنعك من زيارته ؟! يا معاوية لا تدع ذلك. لان سكناه في الكوفة وسكنى الامام الصادق في المدينة فيكون من سكن الكوفة قريب من قبر الحسين (عليه السلام) ولذا يقول: (ما اقربك منه فما الذي يمنعك من زيارته يا معاوية لا تدع ذلك - معاوية البجلي طبعا - قلت: جُعلتُ فداك فلم ادر ان الامر يبلغ هذا كله. فقال : يا معاوية ومن يدعوا لزواره في السماء اكثر ممن يدعوا لهم في الارض. لا تدعه لخوف احد فمن تركه لخوفٍ رأى يوم الحسرة ما يتمنى ان قبره كان بيده - يعني ان يموت سريعا - اما تحب ان يرى الله شخصك وسوادك فيمن يدعو له رسول الله (صلى الله عليه واله) وعلي وفاطمة والائمة المعصومون (عليهم السلام) اما تحب ان تكون غدا ممن تصافحه الملائكة اما تحب ان تكون ممن يصافح رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)).
اقول : هذا لمجرد الزيارة حتى بالسهولة واليسر فكيف سوف تكون مهمة وعظيمة مع وجود بعض المصاعب او الكثير من المصاعب في السفر اليه والعناء نحوه والتضحية في سبيل زيارته.
وقد ورد ما مضمونه : (ان سفرة الحسين اوسع) يعني اوسع من سائر الائمة المعصومين (عليهم السلام). وقد فهم طبقة من الناس من ذلك ان المراد بها الاجور التي يتقاضاها القارئون على الحسين (عليه السلام) فان فيها زيادة وبركة اكثر من غيرها. وهذا وان كان وجها مفهوما واقرب الى الصحة الا ان الوجه الاصح في تفسير ذلك اعني ان سفرة الحسين اوسع هو ان شفاعة الحسين (عليه السلام) اوسع بحيث تشمل كثيرا من المذنبين والعصاة بخلاف غيره من المعصومين فانهم لا يشفعون الا لمن كان مرضيا لله عز وجل ولم يكون العاصي مرضيا لله عز وجل ولذا قال بعض اهل المعرفة ان بعض الائمة (عليهم السلام) لا يزورونهم الا الخاصة كامير المؤمنين والرضا (عليهما السلام) يعني ان الفرد ان لم يكن من الخاصة لم تقبل زيارته ولكن الحسين (عليه السلام) يزار من قبل الخاصة والعامة وكل من يذهب اليه تقبل زيارته وتقضى حاجته ما لم يكن معاندا والعياذ بالله. ومن هنا نستطيع ان ندفع ما قد يقال من قبل بعض المتشرعة او غيرهم – لاحظوا - من انه لم يدل دليل واضح في الكتاب الكريم او السنة الشريفة باستحباب الذهاب الى زيارة الحسين مشيا وهذا صحيح لا يوجد نص محدد الا اننا لا نحتاج الى النص المعين بل تكفينا القواعد العامة المتوفرة شرعا لاثبات استحبابه :
اولا : انه احترام للحسين (عليه السلام) بصفته الامام المعصوم المفترض الطاعة المقتول ظلما في اعظم حادثةٍ من حوادث التاريخ.
ثانيا :انه تواضع للحسين (عليه السلام).
ثالثا : انه تضحية في سبيل الله وسبيل الحسين (عليه السلام).
رابعا : انه تقديم نحوٍ من المقدمات لاستجابة الدعاء وطلب الحوائج فانه كلما كان الدعاء مسبوقا بخشوع وخضوع وتضحية اكثر كانت الاستجابة اسرع واكثر ضمانا وصحة.
خامسا : انه قيام بشعيرة من شعائر الله تعالى عرفية او متشرعية متسالم على صحتها منذ عشرات السنين بل منذ مئات السنين.
سادسا : اننا يمكن ان نقيسها – لاحظوا - على اسلوب الحج ماشيا فانه مما تسالم جميع المسلمين بجميع مذاهبهم على صحته ورجحانه ومزيد الثواب فيه وما ذلك الا لان المشي الى الحج متضمن لا محالة للتواضع والخشوع والخضوع ونيل المصاعب عن تعمد في سبيل الله سبحانه وتعالى وهذه الامور بنفسها موجودة في اي هدف ديني شرعي واهمها زيارة المعصومين (عليهم السلام) بما فيهم الحسين (سلام الله عليه).
وهذا بطبيعة الحال ينطبق على زيارة جميع المعصومين (عليهم السلام) بما فيهم رسول الله (صلى الله عليه واله) والائمة المدفونين بالبقيع والامام الرضا في خراسان وغيرهم وهذا ينبغي ان يكون واضحا الا ان الامام الحسين (عليه السلام) يختص لدينا بامرين :
الامر الاول : قربه نسبيا لوضوح الفرق بينه وبين مكة وخراسان بشكل غير قابل للقياس – ذيج اماكن ابعاد كلش علينه ، هذا مكان قريب - مضافا الى وجود ما يسمى بالحدود الدولية التي يحتاج اجتيازها الى صدور الترخيص من قبل كلتا الدولتين مما يجعل امر الذهاب متعسرا في اغلب الاحيان - لكن هنانه مابيهه حدود دولية حبيبي -
الامر الثاني : سعة شفاعة الحسين (عليه السلام) كما سمعنا قبل قليل وشمولها لغالب اصناف الناس وهذا يُنتج انك لو سرت الى غيره فقد لا يكون عملك مقبولا لان ذلك الامام لا يزوره الا الخاصة واما العامة من الناس فمحجوبون عنه حتى لو وصلوا اليه مشيا بخلاف الحسين (عليه السلام) فانه سيقبلهم بدون المشي فكيف لا يقبلهم مع المشي الذي يتضمن التضحية والخضوع والاحترام وسوف يكون ذلك اولى بالقبول وقضاء الحوائج وستر العيوب وغفران الذنوب ومثله بالضبط تقبيل الاضرحة المقدسة والالتصاق بها والدوران حولها فان في ذلك ونحوه من الامور بيانا واضحا بلسان الحال لحب الامام (عليه السلام) واحترامه والتخضع له، وقديما قال الشاعر :
امر بذي الديار ديار ليلى اقبّل ذا الجدار وذا الجدارا
وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا
فهو حين يكون محروما – الفرد - من تقبيل شخص محبوبه فانه سيقبل بابه وجداره وحين يكون محبوبه مدفونا فانه سيقبّل ارضه وضريحه وهذا امر عرفي ومتعارف اليس حين تلقى من تحبه بعد غياب او فراق فانك تقبله وتقبل ثيابه وتقبل ما على رأسه كما قد يبلغ بك الحال والحب بان تقبل قدمه او نعاله. فالمهم ان كل ذلك دليل على بيان الاخلاص والحب والتقرب والخضوع والاحترام للمحبوب. والمعصومون (عليهم السلام) اولى من يكونوا مستحق لذلك لانهم اولياء لله واحباؤه وخاصته وخالصته وقد اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وهذا الى جنبكم الامام امير المؤمنين (عليه السلام) والامام الحسين (عليه السلام) من اصحاب الكساء باجماع علماء المسلمين بكل مذاهبهم وهم كما قلنا في الشذرات (اصحاب الكساء افضل ليس فقط افضل من البشر بل افضل من الخلق اجمعين حتى من التسعة المعصومين من ذرية الحسين (سلام الله عليهم)) فاعرفوا هذه النعمة الكبرى التي حباكم الله بها في القرب من هؤلاء المعصومين (سلام الله عليهم) الا ان التحذير كل التحذير من طلب الدنيا ومن اطاعة النفس الامارة بالسوء فان المهم في الطاعات بما فيها الزيارات وغيرها هو الاخلاص والخشوع والانقطاع الى الله سبحانه واما ان تكون تلك الاعمال والزيارات لطلب الدنيا كالشهرة والمال والرياء وامثال ذلك فمن الواضح انها ساقطة عند الله وليس فيها ثواب ولا يحتمل ان تكون مقبولة اصلا ولا سببا لشفاعة المعصومين (سلام الله عليهم) اطلاقا بل ان هذه الطاعة وان تخيلها الفرد او زعمها انها طاعة لله فانها في الحقيقة طاعة للشيطان وطاعة الشيطان عليها عقوبة وليس عليها مثوبة مضافا الى ما قلناه في فقه الاخلاق من ان الفرد اذا قصد بطاعاته امرا دنيويا فانه قد يعطى ذلك الامر الدنيوي ولكنه يحرم من الثواب الاخروي لانه اذا طالب به في الاخرة فانه يقال له قد اعطيناك ثوابك في الدنيا وهذا يكفي ولست مستحقا لثواب الاخرة كما قال تعالى – شاهدنه القران طبعا - : ((اذهبتم طيباتكم في الحياة الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون)) - اي الذلة والهوان - فالمهم في العبادات جميعا بما فيها زيارات المعصومين (عليهم السلام) هو الاخلاص وقد ورد ما مضمونه : (ان الصلاة وان بدت متشابهة من كل احد الا ان صلاة احدكم تكون كالذرة وصلاة الاخر كالحصاة وصلاة الاخر كالسفرجلة وصلاة الاخر كجبل احد) يعني يختلف ذلك باختلاف الاخلاص وصفاء القلب وحسن التوجه خلال الصلاة ، وورد – سامعيهه كلكم - : (رب قارىء للقرآن والقرآن يلعنه) وورد: (رب صائم ليس له من صومه الا الجوع والعطش) و(رب سائر الى الحسين وليس له من سيره الا التعب والعناء).
والكلمة الاخيرة التي اود توجيهها الان هي انني في خطبة سابقة – لاحظوا - ناديت موظفي الدولة جميعا ودعوتهم الى طاعة الله والعود الى الشريعة والى تذكر الحساب والعقاب وهذا يقتضي بطبيعة الحال ان يكون الموظفون عونا للناس على طاعاتهم وشعائرهم وادعيتهم وزياراتهم فان لم يشاركوهم فلا اقل ان لا يحصل منهم منع وازعاج وليس مقتضى حسن الظن بالموظفين وتوقع التوبة والتدين منهم ان يسلكوا ضد هذا المسلك فيفكروا في المنع والحيلولة دون بعض شعائر الله سبحانه التي هي من تقوى القلوب.
بسم الله الرحمن الرحيم
قل هو الله احد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفؤا احد *
صدق الله العلي العظيم

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم


التعديل الأخير تم بواسطة خادم البضعة ; 15-04-2017 الساعة 04:08 PM
ابو علي غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



All times are GMT +3. The time now is 09:14 PM.


Powered by vBulletin 3.8.7 © 2000 - 2024