العودة   منتدى جامع الائمة الثقافي > القسم الإسلامي العام > منبر الرسول الأمجد (صلى الله عليه وآله)

منبر الرسول الأمجد (صلى الله عليه وآله) كل ما يخص رسول الإنسانية صلوات الله عليه وآله

إنشاء موضوع جديد  إضافة رد
 
Bookmark and Share أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-12-2015, 03:08 PM   #1

 
الصورة الرمزية الاقل

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 211
تـاريخ التسجيـل : Apr 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 12,641

افتراضي نسمة عطر من هجرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم

نسمة عطر من هجرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم.

ان هجرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وهجرة عترته الطاهرة(صلوات الله عليهم اجمعين)لهي رحلة عظيمة الشأن بالغة الاهمية كثيرة الدروس والعبر ، غزيرة المعاني ، فصاحب رحلة الهجرة افضل واول واعظم واعلم واكرم واجمل وارحم ....مخلوق خلقه الله جل جلاله ...ونحن اناس قاصرين ومقصرين فما عسى مثلي ان يستجمع من الروايات والاحاديث حول هذه الرحلة العظيمة مايعطيها شيء من حقها خصوصا مع وجود قيد مراعاة الايجاز ، ولكن ومن باب مالايدرك كله لايترك جله،تم ترتيب هذه الاسطر واستغفر الله عن قصوري وتقصيري فيها انه هو الغفور الرحيم.

*.قرر عتاة قريش ومشركيها الفتك برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال تعالى:
﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِين﴾(سورة الانفال/الآية 30).
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله لاخيه أمير المؤمنين عليّ عليه السلام:
يا عليّ إِن قريشاً اجتمعت عَلى المكر بي وقتلي، وإِنّه اُوحيَ إِليّ عن ربّي أن اهجر دار قومي، فنَم على فراشي والتحف ببردي الحضرميّ لِتُخفي بمبيتك عليهم أثري فما أنت قائل وصانع
فقال علي عليه السلام:
أوَتَسلَمَنَّ بِمَبِيتي هناك يا نبيَّ اللّه؟
قال: نعم، فتبسّم عليّ عليه السلام ضاحكاً مسروراً وأهوى إِلى الأرض ساجداً، شكراً لما أنبأه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله من سلامته، فلما رفع رأسه قال للنبيّ صلّى اللّه عليه وآله:
إِمض لما اُمرتَ فِداك سمعي وبصري وسويداء قلبي، ومُرني بما شئتَ اكن فيه كمسرّتك، واقع فيه بحيث مرادك، وإِن توفيقي إِلا باللّه.
قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾(سورة البقرة/الآية 207.)
( مسند احمد: ج 1 ص 87، وكنز العمال: ج 6 ص 407، وقد نقل كتاب الغدير: ج 2 ص 47- 49 طبعة لبنان مصادر نزول هذه الآية في شأن الامام عليّ عليه السلام على نحو التفصيل، شرح نهج البلاغة: ج 13 ص 262).
وبات امير المؤمنين عليّ عليه السلام على فراش اخيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله مشتملا ببردة الحضرمي الاخضر، فاديه بنفسه ، وذلك في الليلة الأولى من ربيع الأول/سنة/ 13 للبعثة النبوية المباركة(وقال البعض قبل ثلاث ليالي)، ولما مضى شطر من الليل حاصرَ رصَد قريش- وهم اربعون رجلاً- بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وقد جرّدوا سيوفهم، ينتظرون لحظة الهجوم على النبيّ صلّى اللّه عليه وآله ويتطلّعون إِلى داخل البيت من فرجة الباب بين الحين والآخر ليتأكدوا من بقاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في مضجعه، وعندما اراد النبيّ صلّى اللّه عليه وآله أن يخرج من بيته.
تلا سورة (يس) الى قوله تعالى:
( وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ) (سورة يس/الآية 9)
وخرج من باب البيت دون ان يشعر به رصدُ قريش المكلّفون بقتله
(الطبقات الكبرى/محمد بن سعد بن منيع الزهري(ولد في البصرة سنة (168هـ) وسكن بغداد، فتوفي فيها سنة (230هـ)): ج 1 ص 228، تاريخ الطبري: ج 2 ص 100 ،المقريزي في امتاع الاسماع)
وعند طلوع الفجر اقتحم المتآمرون دار رسول الله (صلى الله عليه وآله) لتنفيذ جريمتهم واتجهوا لغرفته، فوثب علي (عليه السلام) في وجوههم قائلاً:
ما شأنكم؟ وماذا تريدون؟؟
قالوا: أين محمد؟
قال «أجعلتموني عليه رقيباً؟ ألستم قلتم نخرجه من بلادنا فقد خرج عنكم..»
( تفسير الميزان/سيد محمد حسين الطباطبائي/سورة الأنفال آية 30).
فانقلبوا خاسرين وباؤوا بالفشل الذريع... ثم بدا لهم أن يبحثوا عن الرسول (صلى الله عليه وآله) ويجدوا في طلبه في الجبال والوديان، واصطحبوا لذلك أبا كرز، وهو رجل شهير بعلم معرفة الأثر، وبالفعل استطاع أبو كرز أن يتابع أثر الرسول (صلى الله عليه وآله) حتى أوصل القوم غار جبل ثور(يقع في جنوب مكة في النقطة المحاذية للمدينة المنورة، ووذكر بان الطريق المؤدي إلى المدينة تقع في شمال مكة، فاختبأ النبيّ صلّى اللّه عليه وآله في منطقة مقابلة أي في اسفل مكة، ليعمي بذلك على قريش فلا يتبعوا أثره..)
مؤكداً لهم أن النبي محمداً (صلى الله عليه وآله) قد وصل لى ذلك الغار، قائلا:
ما جاوز محمد ومن معه هذا المكان، إِما أن يكونا صعدا إِلى السماء، أو دخلا تحت الأرض، فان بباب هذا الغار- كما ترون عليه- نسجَ العنكبوت والقبجة حاضنة على بيضها بباب الغار
( الطبقات الكبرى: ج 1 ص 229 تاريخ الخميس ج 1 ص 327 و 328 )
فلم يدخلوا الغار. واستمرت محاولات بحثهم عن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله ثلاثة أيام بلياليها ولما يئسوا تركوا التفتيش وكفوا عن الملاحقة.
قال امير المؤمنين علي(عليه السلام):

وَقَيتُ بنفسي خيرَ من وطَأ الحصا ومَن طاف بالبيتِ العتيقِ وبِالحجر

محمّد لما خافَ أن يمكُروا به فوقاهُ ربّي ذُو الجلالِ مِن المَكرِ

وبِتُّ اُراعي منهم ما يسوءني وقد وطّنت نفسي على القتل والأسر

وباتَ رسُولُ اللّهِ في الغار آمِناً هناك وفي حفظِ الاله وفي سَترِ
(الأمالي للشيخ الطوسي: ج 2 ص 84.)
وفي بحار الأنوار: ج 19 ص 39 ، نقلاً عن احياء العلوم للغزالي:
أن اللّه أوحى إِلى جبرئيل وميكائيل عليهما السلام أنّي قد آخيت بينكما وجعلت عمر احدكما أطول من عمر صاحبه فأيّكما يؤثر أخاه.
وكلاهما كره الموت، فاوحى اللّه إليهما:
عبداي ألا كنتما مثل وليي "عليّ" آخيت بينه وبين "محمّد" نبيي فآثره بالحياة على نفسه؟ أو قال: قد نام على فراشه يقيه بمهجته.ثم أمرهما بالهبوط إِلى الأرض وحراسة عليّ وحفظه من عدوه(انتهى).
وعند حلول الليلة الثانية أسرع علي (عليه السلام) وهند بن أبي هالة إلى الغار للاتصال بالرسول (صلى الله عليه وآله) تحت جنح الظلام
(أعيان الشيعة/ محسن الامين العاملي/ ج3 ط3 ص155.)
قال الاستاذ عبد الكريم الخطيب حول مبيت علي عليه السلام في فراش رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله:
لقد دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله عليّاً ليلة الهجرة، وطلب إِليه أن يبيت في المكان الذي اعتاد الرسول صلّى اللّه عليه وآله ان يبيت فيه، وان يتغطى بالبرد الحضرميّ الذي كان النبيّ صلّى اللّه عليه وآله يتغطى به حتى اذا نظر ناظر من قريش الى الدار رأى كأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه وآله نائم في مكانه مغطى بالبرد الذي يتغطى به، وهذا الذي كان من عليّ في ليلة الهجرة اذا نظر اليه في مجرى الاحداث التي عرضت للامام علي في حياته بعد تلك الليلة فانه يرفع لعيني الناظر أمارات واضحة واشارت دالة على ان هذا التدبير الذي كان في تلك الليلة لم يكن أمراً عارضاً بل هو عن حكمة لها آثارها- الى ان قال- انه اذا غاب شخص الرسول كان علي هو الشخصية المهيّأة لأن تخلفه وتمثّل شخصه وتقوم مقامه، حين نظرنا إِلى عليّ وهو في برد الرسول وفي مثوى منامه الذي اعتاد أن ينام فيه فقلنا: هذا خلَفُ الرسول صلّى اللّه عليه وآله والقائم مقامه
(كتاب علي بن أبي طالب بقيّة النبوّة وخاتم الخلافة، ص 103- 105).
قال الشيخُ محمّد بن الحسن الطوسيّ المتوفى عام 460 في أماليه، في قصة الهجرة ، بان عليّاً عليه السلام انطلق هو و"هند بن أبي هالة" ابن خديجة وربيب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في منتصف الليل بعد ليلتين من الهجرة حتى دخلا على النبيّ صلّى اللّه عليه وآله فقال صلّى اللّه عليه وآله لعليّ:
"إِنّهم لن يَصِلُوا مِن الآن إِليك يا علي بأمرٍ تكرهه حتّى تقدم عليَّ"
( الأمالي/ ج 2 ص 84.)
عن أبي جعفر عليه السلام قال :
لما صعد رسول الله صلى الله عليه وآله الغار طلبه علي بن أبي طالب عليه السلام وخشي أن يغتاله المشركون ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله على حراء ، وعلي عليه السلام على ثبير ، فبصر به النبي صلى الله عليه وآله فقال : مالك يا علي ؟ قال : بأبي أنت وأمي خشيت أن يغتالك المشركون فطلبتك ، فقال النبي صلى الله عليه وآله :
ناولني يدك يا علي فزحف الجبل حتى خطا برجله إلى الجبل الآخر ، ثم رجع الجبل إلى قراره
قال الشيخ الطوسي في أماليه:
عندما دخل علي عليه السلام وهند على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في الغار (بعد ليلة الهجرة) أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله عليّاً أن يبتاع بعيرين له ولصاحبه، فقال أبو بكر: قد كنتُ أعددت لي ولك يا نبي اللّه راحلتين نرتحلهما الى يثرب.
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله:
إِني لا آخذهما ولا أحدهما إِلا بالثمن. ثم أمر صلّى اللّه عليه وآله عليّاً عليه السلام فدفع إِليه ثمن البعيرين(أمالي الشيخ: ج 2 ص 82).
وكان من جملة وصايا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله لعليّ عليه السلام في الغار في تلك الليلة ان يؤدي أمانته على أعين الناس ظاهراً وذلك بأن يقيم صارخاً بالابطح غدوة وعشياً: ألا من كان له قِبل محمّد أمانة او وديعة فليأت فلنؤدِّ اليه أمانته(الكامل: ج 2 ص 73، السيرة الحلبية/ ج 2 ص 53).
ثم أَوصاه صلّى اللّه عليه وآله بالفواطم (والفواطم هن: فاطمة الزهراء بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله الحبيبة لديه، والأثيرة عنده، وفاطمة بنت أسد اُمّ عليّ عليه السلام وفاطمة بنت الزبير ومن يريد الهجرة معه من بني هاشم)، وأمره بترتيب أمر ترحيلهم معه الى يثرب وتهيئة ما يحتاجون اليه من زاد وراحلة.
وقال صلّى اللّه عليه وآله لامير المؤمنين عليه السلام :
"انهم لن يصلوا من الآن اليك يا عليّ بأمرٍ تكرهه حتى تقدم عليَّ".
وقال الحلبي في سيرته:
"وصى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في احدى الليالي وهو بالغار علياً رضي اللّه عنه بحفظ ذمته واداء امانته ظاهراً على اعين الناس"
( السيرة الحلبية: ج 2 ص 35.)

*.الخروج من الغار
هيّأ امير المؤمنين علي عليه السلام بأمر النبيّ صلّى اللّه عليه وآله ثلاث رواحل ودليلاً اميناً يدعى أريقظ ليترحلوها إلى المدينة، ويدلّهم الدليل على طريقها وأرسل كل ذلك إلى الغار.
ولما سمع النبيّ صلّى اللّه عليه وآله رغاء البعير او نداء الدليل نزل هو وصاحبه من الغار وركبا البعيرين وتوجها من أسفل مكة إِلى "يثرب" سالكين إِلى ذلك الخط الساحلي، وقد جاء ذكر المنازل التي مرّا بها في السيرة النبوية لابن هشام(ج 1 ص 491.) وفي الهوامش المثبتة على التاريخ الكامل لابن الاثير(ج 2 ص 75.).
وكانت مسافة الطريق للمدينة- ما يقرب من اربعمائة كيلومتر، وذكر بأن "سراقة بن مالك بن جعشم" طلب الركب النبوي طمعاً في جائزة قريش (التاريخ الكامل: ج 2 ص 105.)
قال ابن الاثير: تبعهم سراقة فلحقهم فقال أبو بكر: يا رسول اللّه ادركنا الطلبُ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: "لا تحزن إِنّ اللّه معن".
ثم قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: "اللّهم اكفني شرَّ سُراقة بما شئت" فجمع به فرسُه وطرحه أرضاً.
فعلم سراقة أن هذا من دعاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ولهذا قال بنبرة المعتذر الملتمس:
يا محمّد هذه إِبلي بين يديك فيها غلامي.
وان احتجت الى ظهرٍ (اي مركوب) أو لبن فخذ منه فقد حكّمتك في مالي.
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: لا حاجة لي في مالك(ابن الاثير في الكامل: ج 2 ص 105، لكن مؤلف حياة محمّد يقول: ان سراقة تطيّر لما كبا به فرسُه واُلقي في روعه أن الآلهة مانعة منه ضالّته).
وروى المجلسي(البحار: ج 19 ص 75- 88) ان سراقة قال: فسلني حاجة.
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: رُدّ عنّا مَن يطلُبنا من قريش.
فانصَرف سراقة فاستقبله جماعة من قريش في الطلب فقال لهم:
انصرفوا عن هذا الطريق فلم يمرّ فيه أحد، وأنا اكفيكم هذا الطريق فعليكم بطريق اليمن والطائف.
وهكذا ما كان يمرّ باحد إِلا وصرفه عن البحث عن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله في هذا الطريق بمثل هذا الكلام.
ومرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في أثناء الطريق على خيمة اُم معبد فنزلوا بخيمتها وطلبوا منها تمراً ولحماً أو لبناً يشترون.
فقالت: ما يحضرني شيء وكانت أغنامها قد اُصيبت بالهزال بسبب الجدب، فنظر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله إِلى شاة في جانب من الخيمة فقال صلّى اللّه عليه وآله لها: ما هذه الشاة يا أم معبد؟ قالت: شاة خلّفها الجهدُ من الغنم فقال: هل بها من لبن؟.
قالت: هي أجهدُ من ذلك، قال: أتأذنين ان أحلبها؟
قالت: نعم ان رأيتَ بها حلباً فاحلبها.
فدعا بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فمسح بيده ضرعَها، وسمّى اللّه عز وجل، ودعا لها في شأنها قائلاً: اللّهم بارك لها في شاتها فدرّت لبناً كثيراً بفضل دعائه صلّى اللّه عليه وآله، فطلب إِناء وحلبها، فسقاها أولاً حتى رُوّيَت ثم سقى أصحابَهُ حتى رووا وشرب هو آخرهم، وقال:
"ساقي القوم آخرهم شرب".
ثم حلب الشاة مرةً ثانيةً فغادره عندها، ثم ارتحلوا عنها إِلى المدينة(بحار الأنوار: ج 18 ص 43 وج 19 ص 99- 103، الطبقات الكبرى: ج 1 ص 230 و231، تاريخ الخميس: ج 1 ص 333، اسد الغابة: ج 1 ص 377.).

*.النزول في قرية قباء
تقع قرية قباء على ميلين من المدينة على يسار القاصد الى مكة وكانت مساكن "بني عمرو بن عرف" ومركزهم.
ولقد وصل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ومن معه إِلى قباء في الثاني عشر من شهر ربيع الاول يوم الاثنين، ونزل على "كلثوم بن الهرم" ((بحار الأنوار ج9 والروضة من الكافي ج8 ص339، للكليني ط/ طهران))وهو شيخ من بني عمرو وكان ثمة جمع كبير من المهاجرين والانصار ينتظرون قدومه، ويستخبرون وروده.
ولقد لبث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في قباء إِلى آخر أيام الاسبوع، وقد خط في هذا الفترة مسجداً لقبيلة "بني عمرو بن عوف"، ونصب قبلته
(تاريخ الخميس: ج 1 ص 338.)
وكان البعض ممن رافق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يصرّ عليه أن يسارع في الدخول إلى المدينة، ولكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله كان ينتظر ابن عمه علياً.
ويقول: فما أنا بداخلها حتى يقدم ابن اُمّي وأخي، وابنتي (يعني عليّاً وفاطمة عليهما السلام)( الفصول المهمة لابن صباغ المالكي: ص 35 ، وامالي الشيخ الطوسي: ج 2 ص 83.).
وأقام عليّ عليه السلام بمكة ثلاث ليال بايامها، حتى أدّى عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله الودائع التي كانت عنده للناس فقد وقف عليه السلام على مكان مرتفع في مكة ونادى قائلاً:
"مَن كان لَه قِبلَ محمّد أمانة أو وديعة فليأتِ فنؤدّ إِليه أمانتهُ".
فكان يأتيه من له امانة او وديعة عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ويذكر علامتها ويأخذها فلما فرغ عليه السلام من اداء الامانات والودائع خرج بفاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وامه فاطمة بنت اسد، وفاطمة بنت الزبير وآخرين ممن لم يكن قد هاجر مكة حتى تلك الساعة، وتوجه بهم نحو المدينة ليلاً سالكاً بها طريقاً في "ذي طوى"(والبعض ذكر بان الخروج كان صباحا).
قال الطبري في تاريخه : واقام علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه بمكة ثلاث ليال وأيامها حتى أدى عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم الودائع التي كانت عنده الى الناس(تاريخ الطبري: ج 2 ص 382).
كتب الشيخ الطوسي في اماليه في هذا الصدد يقول:
إِن جواسيس قريش عرفت بسفر علي مع تلك الجماعة، فخرجوا لملاحقتهم، لغرض اعادتهم الى مكة، فادركوهم في منطقة "ضجنان".
ووقع بين رجال قريش وبين علي عليه السلام تلاحٍ وتناوش، وأخذ وردّ، ودنا الرجال من النسوة، والمطايا ليثوروها فحال عليّ عليه السلام بينهم، وبينها، ولم يجد عليه السلام طريقاً إِلا أن يدافع عن حرم الاسلام والمسلمين، فشدّ عليهم بسيفه شدّة الأسد الغضِب والليث الغيور وهو يقول مرتجزاً:

خَلُّوا سبيل الجاهد المجاهِد آليتُ لا أعبُدُ غيرَ الواحِدِ

فلما وجدوا ما به من الجدّ والغضب خافوه وتفرّقوا عنه وقالوا- بنبرة الخائف المتضرع-: إِحبِس عنّا نفسَك يا ابن أبي طالب، فقال عليه السلام:
"فإنّي مُنطَلِق إِلى ابن عمّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بيثرب فمن سرّهُ ان اُفري لحمه واُهريق دمه فليتبعني، وليدنُ مني".
فتركه القومُ وعادوا من حيث أتوا، وواصل الركبُ رحلته باتجاه المدينة.
إذ كتب إليه كتاباً يأمره بالمسير إليه، وقد حمل الكتاب أبو وافد الليثي، وحيث أن علياً (عليه السلام) قد أدى ما أوصاه به رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل هجرته وأعاد الأمانات التي كانت لدى الرسول (صلى الله عليه وآله) إلى أهلها، فقد عجل باللحوق بأخيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فبادر إلى إعداد ركائب لحمل النساء فاطمة بنت رسول الله، وفاطمة بنت أسد، وفاطمة بنت حمزة وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب.
ثم أمر ضعاف المؤمنين أن يتسللوا ليلاً إلى ذي طوى وخرج هو والفواطم وأيمن وأبو وافد الليثي نهاراً
(أعيان الشيعة ج3 ط3 ص155 «هجرته إلى المدينة».).
ولم تمض غير أيام قليلة حتى وصل ركب علي والفواطم إلى قبا، فاستقبلهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعانق علياً (صلى الله عليه وآله) وبكى رحمة به – وذلك لما ألم به من إرهاق وأذى.
في نهج البلاغة : من كلام له عليه السلام اقتص فيه ذكر ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وآله ثم لحاقه به : فجعلت أتبع مأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله فأطأ ذكره حتى انتهيت إلى العرج . في كلام طويل..
وتم هنالك تم القيام ببناء مسجد قباء حيث كان الامام علي عليه السلام يحمل الأحجار ويرتجز:
لا يستوي من يعمل المساجدا
يدأب فيها قائماً وقاعدا
ومن يُرى عن الغبار حائــدا

وبعد مقدم علي (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيومين ارتحل الرسول (صلى الله عليه وآله) وبصحبته علي (عليه السلام) ومن معه من المهاجرين إلى المدينة المنورة..
يقول ابن الاثير: قدم "علي" المدينة وقد تفطّرت قدماه، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه وآله: ادعوا لي عليّاً، قيل: لا يقدر أن يمشي، فأتاه النبيّ صلّى اللّه عليه وآله واعتنقه وبكى رحمةً لما بقدميه من الورم
(الكامل في التاريخ: ج 2 ص 106، إِمتاع الأسماع: ص 48 ، تاريخ الخميس: ج 1 ص 337- 338.)

*.الوصول للمدينة المنورة
قبل وصول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الى المدينة عمد فتية الأنصار الى كل صنم في المدينة كان يقدّس ويعبد فاحرقوه وكسّروه(حار الأنوار: ج 19 ص 107.).
ولما اشرف الرسول على المدينة منحدرا من ثنية الوداع (وهي منطقة قريبة من المدينة) وحط قدمه على تراب يثرب استقبله الناس رجالاً ونساء، كباراً وصغاراً، استقبالاً عظيماً مرددين:

طلَعَ البدرُ علَينا مِن ثنيات الوَداع

وجبَ الشُّكرُ علَينا ما دَعا للّهِ داع

أيّها المبعوثُ فينا جِئتَ بالأمر المُطاع

وكانت بنو عمرو بن عوف قد اجتمعت عنده وأصرّت عليه بأن ينزل في قباء وقالوا: أقم عندنا يا رسول اللّه فإنا أهل الجدّ والجلَد، والحلقة (أي السلاح) والمنعة، ولكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله لم يقبل.
وبلغ الأوس والخزرج خروجُ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وقرب نزوله المدينة فلبسوا السلاح وأقبلوا يعدون حول ناقته لا يمرّ بحيٍّ من أحياء الانصار إِلا وثبوا في وجهه وأخذوا بزمام ناقته وأصرّوا عليه بأن ينزل عليهم هذا ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يقول: خَلُّوا سبيلها فانها مأمورة.
واخيراً لما انتهت ناقته- وكان صلّى اللّه عليه وآله قد أرخى زمامَها- إِلى باب المسجد الذي هو اليوم، ولم يكن مسجداً إِنما كان أرضاً واسعة ليتيمين من الخزرج يقال لهما: سهل وسهيل وكانا في حجر أسعد بن زرارة فبركت الناقة على باب "ابي أيوب" خالد بن زيد(حار الأنوار: ج 19 ص 108 ولكن ذهب البعض كصاحب الكامل في التاريخ الى أنهما كانا في حجر معاد بن عفراء.) الانصاري الذي كان على مقربة من تلك الأرض.
فاغتنمت ام أبي ايوب الفرصة فبادرت إِلى رحل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فحلّته وأدخلته منزلَها، بينما اجتمع عليه الناس ويسألونه أن ينزل عليهم.
فلما أكثروا عليه، وتنازعوا في أخذه قال صلّى اللّه عليه وآله أين الرحل؟؟
فقالوا: يخوف أم أيوب قد ادخلته في بيتها.
فقال صلّى اللّه عليه وآله: "المرء مع رحله" وأخذ اسعدُ بن زرارة بزمام الناقة فحوّلها الى منزله(تاريخ الخميس: ج 1 ص 341.).
ويتفق عامة المؤرخين وكتّاب السيرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله دخل يثرب يومَ الجمعة، وصلّى صلاة الجمعة في بني سالم بن عوف في بطن واد لهم، وكانت هذه اوّل جمعة جمّعها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في الاسلام فخطب في هذه الجمعة وهي أوّل خطبة خطبها في المدينة، وقد أدرج ابن هشام نصّ الخطبة في سيرته( السيرة النبوية: ج 1 ص 500 و501.) كما أدرجها المجلسي في بحاره( بحار الأنوار: ج 19 ص 126).
(انتهى)الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين وعجل اللهم فرجهم والعن عدوهم.
والشكر خالص للعلماء والمؤرخين والكتاب الذين وثقوا ونشروا وساهموا في الحفاظ على لارث الاسلامي الاصيل

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
الاقل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-12-2015, 09:31 PM   #2

 
الصورة الرمزية الحاج

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 149
تـاريخ التسجيـل : Mar 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : بغداد
االمشاركات : 2,294

افتراضي رد: نسمة عطر من هجرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم

نشر مبارك وفقك الله اخي العزيز بحق محمد واله الطاهرين

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
الحاج غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-12-2015, 09:59 PM   #3

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1709
تـاريخ التسجيـل : Oct 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : بغداد
االمشاركات : 1,652

افتراضي رد: نسمة عطر من هجرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم

احسنت على النشر المبارك

 

 

 

 

 

 

 

 

خادم السبطين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-12-2015, 10:21 PM   #4

 
الصورة الرمزية عاشق المقتدى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 681
تـاريخ التسجيـل : Nov 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 1,852

افتراضي رد: نسمة عطر من هجرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم

بوركت اخي الغالي على الموضوع

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
عاشق المقتدى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-12-2015, 11:10 PM   #5

 
الصورة الرمزية خادم القائد

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 3222
تـاريخ التسجيـل : Apr 2015
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق العظيم
االمشاركات : 2,040

افتراضي رد: نسمة عطر من هجرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم

موفق لكل خير اخي الغالي

 

 

 

 

 

 

 

 

خادم القائد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
هجرة ،المصطفى

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



All times are GMT +3. The time now is 09:44 PM.


Powered by vBulletin 3.8.7 © 2000 - 2024