العودة   منتدى جامع الائمة الثقافي > قسم الثورة الحسينية وعطائها المتجدد > منبر مواساة الحسين عليه السلام فكرياً وثقافياً ( بحوث حسينية )

منبر مواساة الحسين عليه السلام فكرياً وثقافياً ( بحوث حسينية ) جزء يسير من المواساة من مداد أقلامنا الى أن يأذن الله ونرخص الدماء لمواساته مع إمامنا المهدي ( ع )

إنشاء موضوع جديد  إضافة رد
 
Bookmark and Share أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-11-2014, 09:59 PM   #1

 
الصورة الرمزية اخوكم في الله

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 676
تـاريخ التسجيـل : Nov 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : النجف
االمشاركات : 505

حسين مناقشة عبارة ( قلوب سائر الناس معك وسيوفهم عليك )

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين ورحة الله وبركاته
مناقشة عبارة ( قلوب سائر الناس معك والسيوف عليك )
هناك الكثير من الثورات العظيمة التي حدثت في التاريخ واحتلّت مساحة معتد بها من قلوب الناس وأذهانهم ومشاعرهم وحازت اهتمام ودعم شرائح عديدة من المجتمع الذي عاصرها وعاش تفاصيلها وعرف أسبابها ونتائجها والأهداف التي كانت تتوخاها ، إلا أنها مع ذلك لم تستطع أن تتجاوز تخوم ذلك المجتمع وكذلك لم تستطع أن تتعدى اهتمام ودعم الجيل الذي عاصرته الى الأجيال اللاحقة من نفس المجتمع ، فكان قدرها أن تنسحب الى زوايا النسيان لا لأنها لا تمتلك من مبررات الثورة وأهدافها ما يجعلها غير جديرة باهتمام الناس في جميع العصور ، بل لأنها لم ترتقِ الى درجة النهوض بكل شرائط خلود الثورة ، ذلك الخلود الذي يمتد على مساحة الزمن عبر ترسيخ مبدأ الثورة ورسم معالم الخط الذي انتهجته طريقاً لتحقيق أكبر قدر ممكن من الحلم الانساني على صعيد الشعور بمبادئ الحق والعدل التي دعت اليها وقدمت التضحيات اللامحدودة من أجلها بحيث تتراكم فلسفتها عبر السنين لتستوعب كل ما يستجد من الأحوال المشابهة لها ما دامت الحياة موجودة على الأرض ، وهذا ما تميزت به ثورة سيد الشهداء عليه السلام تلك الثورة الموشورية التي كلما نظرت اليها من جانب أو زاوية رأيت لها لوناً أو بعداً يختلف عما شاهدته من زاوية أخرى حتى أصبحت مناراً لكل ثائر رافض للظلم طالباً للحق والعدل يرتشف منها ما يستوعبه اناءه الذي أعده مسبقاً ليملأه من رحيقها المختوم .وان من دواعي سروري أن أخوض في غمار بحث يسلط الضوء على موضوع كنت أجهل عنه الكثير والآن وبحمد ربي أتيحت لي الفرصة لأكتب بحثاً عبر النظر من احدى الزوايا الى موقف من مواقف تلك الثورة الخالدة لأن الذي ينشد الكمال الحقيقي ويروم أن يكون عنصراً فعالاً في أحداث الفتح العالمي لابد أن يكون ملماً وذا ثقافة معتد بها كونه يعد نفسه ليصبح مصداقاً لما ورد في الدعاء ( اللهم اجعلني من الدعاة الى طاعتك والقادة الى سبيلك) سائلين المولى جل شأنه أن يوفقنا لتقديم العزاء واستلهام العبرة عبر هذه الكلمات المتواضعة .
ويتمركز البحث حول مناقشة ما ورد في كتب المقاتل من إستفهام الإمام الحسين عليه السلام عن أحوال أهل الكوفة وما أنتجه هذا السؤال من إجابة بالإعتماد على النصوص الواردة في كتاب مقتل الإمام الحسين عليه السلام للسيد عبد الرزاق المقرّم .
ذكر السيد عبد الرزاق المقرّم في كتابه مقتل الامام الحسين عليه السلام ثلاث نصوص تكاد تكون متشابهه في المضمون إلا أنها تختلف من حيث أماكن حدوثها والشخوص المحاورة لسيد الشهداء عليه السلام ، وقبل تسليط الضوء على ما أريد مناقشته فيها يستحسن عرض محل الحاجة منها وكما يلي :


النص الأول :- وفي الصفاح لقي الحسين عليه السلام الفرزدق بن غالب الشاعر فسأله عن خبر الناس خلفه ، فقال الفرزدق : قلوبهم معك والسيوف مع بني أمية والقضاء ينزل من السماء فقال ابو عبد الله عليه السلام : صدقت لله الأمر والله يفعل مايشاء وكل يوم ربنا في شأن ان نزل القضاء بما نحب فنحمد الله على نعمائه وهو المستعان على اداء الشكر وان حال القضاء دون الرجاء فلم يعتد من كان الحق نيته والتقوى سريرته ...
النص الثاني :- وسار ابو عبد الله عليه السلام لا يلوي على أحد فلقي في ذات عرق بشر بن غالب وسأله عن اهل الكوفة قال : السيوف مع بني أمية والقلوب معك قال عليه السلام : صدقت .
النص الثالث :- وفي عذيب الهجانات وافاه اربعة نفر خارجين من الكوفة على رواحلهم ويجنبون فرسا لنافع بن هلال يقال له (الكامل) وهم ، عمرو بن خالد الصيداوي وسعد مولاه ومجمع بن عبد الله المذحجي ونافع بن هلال ودليلهم الطرماح بن عدي الطائي ....وسألهم الحسين عليه السلام عن رأي الناس فاخبروه بان الاشراف قد عظمت رشوتهم وقلوب سائر الناس معك والسيوف عليك....
وبعد ان عرضنا النصوص محل البحث نركز على عبارة وردت عن لسان الفرزدق بن غالب الشاعر حينما سأله الامام الحسين عليه السلام عن خبر الناس خلفه فأجاب (قلوبهم معك والسيوف مع بني أمية ...) ووردت عن لسان بشر بن غالب حينما سأله سيد الشهداء عن حال اهل الكوفة فأجاب (... السيوف مع بني أمية والقلوب معك ... ) ووردت عن لسان نفر خارجين من الكوفة بعد أن سألهم الامام عليه السلام عن رأي الناس فأجابوه (...قلوب سائر الناس معك والسيوف عليك....)
ويمكن لنا مناقشة هذه النصوص من عدة مستويات :
المستوى الأول :- ان تشابه النصوص في المضمون بالإمكان حمله على وجهين
الوجه الأول : تعمد الامام الحسين عليه السلام تكرار السؤال عن حال أهل الكوفة ولأشخاص متعددين ويمكن تفسيره من عدة جوانب :

الجانب الاول : انه عليه السلام قد أجرى استقراء عن حال أهل الكوفة بأخذ عدة عينات لتكون نتيجة الإستقراء أقرب الى الواقع حيث إن كل الذين سألهم الامام عليه السلام يمثل كل منهم شريحته ومحيطه وعشيرته التي يعلم إجمالاً بحالها.
الجانب الثاني: ان هذا التكرار في السؤال كان من باب الإعلان عن حال أهل الكوفة لكل الذين لحقو ابه عليه السلام ليقطع رجائهم من نصرة اهل الكوفة والتأكيد على عدم احتمال النصر العسكري ليعمل فيهم التمحيص وخصوصا الذين اتخذوا الليل جملا.
الجانب الثالث : التأكيد على خطورة هذا المرض (مرض فقدان الارادة ) ليتسنى للامة وبتعاقب أجيالها الحذر والاستعداد لعدم تكرار المأساة .
الوجه الثاني : من الممكن حدوث هذا النص مرة واحدة الا إن اختلاف النقل جعل منه ثلاث نصوص فقد ورد في تذكرة الحفاظ للذهبي الجزء الاول ص 338 (كانت ملاقاة الفرزدق مع الحسين عليه السلام بذات عرق ) وليس في الصفاح وهذا يقرب تطابق النص الأول مع الثاني
المستوى الثاني : ان العبارة التي نقلت الى الإمام الحسين عليه السلام عن حال اهل الكوفة لم يبين الامام موقفه منها من حيث صحتها أو عدمها سوى في النص الثاني حيث قال لبشر بن غالب (صدقت ) أما في النص الأول فكان جواب الامام الحسين عليه السلام للفرزدق بقوله : (صدقت لله الأمر والله يفعل مايشاء وكل يوم ربنا في شأن ان نزل القضاء بما نحب فنحمد الله على نعمائه وهو المستعان على أداء الشكر وان حال القضاء دون الرجاء فلم يعتد من كان الحق نيته والتقوى سريرته ...) إنما كان جوابا لعبارة الفرزدق (والقضاء ينزل من السماء ) وليس للعبارة محل البحث لوجود الإتصال في جملة الجواب وعدم الفصل بين كلمة ( صدقت ) وباقي الجملة لأن حصول الفصل يعني التوقف عند كلمة (صدقت ) ثم البدء مرة أخرى لتكملة الجواب فتكون كلمة ( صدقت ) قد احتملت التصديق للعبارة الأولى من جواب الفرزدق ( قلوبهم معك والسيوف مع بني أمية ) وللعبارة الثانية ( والقضاء ينزل من السماء ) إضافةً الى أن مضمون جملة جواب الإمام سلام الله عليه يتحدث عن نزول القضاء وأما النص الثالث فقد سكت فيه الإمام ولم يؤيد صدق حال أهل الكوفة الذي نقل اليه فتكون العبارة مصدقة في نص واحد ومسكوت عنها في نصين الا إذا كان السكوت تقريراً فيكون ذلك هو حال أهل الكوفة ، ولا أميل الى كون السكوت في هذا الموضع يعد تقريرا لأن الامام عليه السلام هو السائل والمستفهم عن حال أهل الكوفة وإن فهم المجتمع المتدني للعصمة بما لها من ولاية تكوينية وتشريعية وتمثيلها المحض للسماء لايرتقي بالمجتمع أن يستقبل حقيقة حال أهل الكوفة من فم الإمام نفسه مما يجعل الإمام عليه السلام يتكلم ضمن إطار الأسباب والمسببات وإن كان هو الاعلم بالحال قبل السؤال .وممايبعد ان تكون قلوب أهل الكوفة مع الحسين عليه السلام ماقاله عليه السلام في خطبته بمكة قبل خروجه الى العراق : ( ....كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلاة بين النواويس وكربلاء....)ويقول السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره الشريف في الجمعة السابعة الخطبة الأولى : (كأني بأوصالي هذه) والاوصال هي اعضاء الجسم المتصل بعضها ببعض، ومفرده وصلة وهي القطعة المتصلة، فأوصالي اي اعضاء جسدي. ماذا يحصل فيها ؟ (كأني بأوصالي هذه تقطعها عسلان الفلوات)، العسلان هم الذئاب، يمثل الجيش المعادي له بالذئاب الضارية وليت شعري فان النفس الامارة بالسوء أسوأ من الذئب. لان الذئب يتصرف لحاجته أو على طبعه أو بدون عقل معتد به وأما النفس الأمارة بالسوء فقد رزقها الله عقلاً ورشداً ومع ذلك أعرضت عنه واتبعت أهواءها وشهواتها فكانت كما قال الله تعالى : ((إن هم الا كالأنعام بل هم اضل سبيلا)) وقوله تعالى ((أفرءيت من اتخذ الهه هواه واضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه)). إذن عسلان الفلوات لا يريد بها حقيقةً الذئاب البرية وانما الذئاب البشرية وهم اعداؤه ولربما يراد به اعداؤه في كل جيل وليس فقط اعداؤه المباشرين، لانكون ضيّقي النظر والفهم ، وسّعوا رحمكم الله في الفهم فانه احسن لكم امام الله سبحانه وتعالى فكلهم عسلان الفلوات. تقطعها معناه انه ليست بأظافرها وأسنانها، وانما بأشكال مختلفة من التقطيع حبيبي بألسنتها ، وأيديها ، ومكرها ... وإلى آخره ، مما لا يحسن التفصيل فيها الآن. الفلوات جمع فلاة وهي الصحراء ، واضافتهم إلى الصحراء على احد وجهين : في الحقيقة عسلان الفلوات بالمعنى المطابقي ، والمعنى المفهوم وهم الذئاب البرية حيث لا يكونون مقصودين حقيقة وإلا الذئاب في البرية ( عسلان الفلوات) صحيح ، لكنما حينما لا يكونون مقصودين حقيقة وأن البشر الظالمين هم المقصودون حقيقة، اذن فلماذا اضافهم الى الفلوات ؟ سؤال يعرض مع جوابه.له احد وجهين:
اولا: أما إن الجيش كان في الصحراء فعلا، الجيش المعادي المقابل له كان في الصحراء، كربلاء في ذلك الحين كانت صحراء ليس فيها إلا نباتات قليلة نخلات قليلة، وإلا هي على العموم صحراء قاحلة ليست قاحلة بذاك المعنى لأنه فيها نهر على أية حال ولكنها صحراء غير مسكونة ولا مزروعة زرعا معتدا به.
محل الشاهد فتكون صحراء، الجيش الحسيني في الصحراء والجيش المعادي ايضا في الصحراء، والجيش المعادي ظالم وهم عسلان الفلوات لأنهم في الحقيقة الآن هم في الفلاة، أي حال اعتدائهم على الحسين في الطف.
ثانيا: واما لآن عقولهم ومفاهيمهم وعقائدهم كالصحراء ليس فيها ما يسمن وما يغني من جوع، أو قل ليس فيها حق بل كلها باطل هذا ايضا صحيح. المؤمن عقيدته كالبستان وكالشجرة المثمرة، لماذا ؟ لأنه ينفع غيره. ربحه كثير وخسرانه قليل بخلاف الكافر والفاسق والظالم ونحو ذلك بما فيهم الجيش الاموي واتباعهم إلى يوم القيامة. صحراء قاحلة تضر اكثر مما تنفع وتعطش اكثر مما تروي وتجيع اكثر مما تشبع اكيدا، فمن هذه الناحية تكون المسألة منطبقة مائة بالمائة.
ويمكن ان نفهم من هذه الجملة وجهاً ثالثا : وهو بقاء جسده الشريف (سلام الله عليه) بدون دفن ثلاثة أيام فكان من الممكن بحسب القانون الطبيعي أن تأكله الذئاب والوحوش فعلا، لأنهم تركوه وذهبوا فبقيت الصحراء مفتوحة وبالتالي الحيوانات تأتي فتأكل. لكن لا، هم محروسون بعناية الله وإن كانوا متوفين ومقتولين بطبيعة الحال لم يقترب اليهم أي حشرة وأي مكروب وأي وحش ....) . فلا يمكن لقلب أحب الحسين أن يقف صاحبه في مواجهة الحسين عليه السلام ويكون من الذين أكبهم الله على مناخرهم في نار جهنم لأن حب المعصوم جُنة من النار وكما قال الشاعر :
عليٌ حبه جُنة - - - - قسيم النار والجَنة
وصي المصطفى حقاً - - - - إمام الإنس والجِنة
وهذا مايؤيد وحشية كل الذين وقفوا بوجه الحسين عليه السلام في واقعة الطف وان قلوبهم وسيوفهم على الحسين وأما من كانت قلوبهم مع الحسين ولم يتمكنوا من نصرته لخوف أو مانع حال دون ذلك فقد أبعدهم حب الحسين سلام الله عليه عن مواجهته وسماع واعيته بأسباب سببها مسبب الأسباب .
المستوى الثالث :- معنى القلوب في عبارة (قلوبهم معك) يمكن أن نفهم معنى ً للقلب مستنبط من عبارة (قلوبهم معك)وهو ( العاطفة ) فقد ورد عن السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره الشريف في الجمعة الخامسة عشر الخطبة الاولى (كتاب خطب الجمعة لشهيد صلاة الجمعة ص189) (وأما العواطف فمن وضيفة القلب... القلب الذي يفهمه الله وأولياءه ذلك الذي يقود عواطف الانسان الى الخير او الشر والى الرغبة والى الشهوة والى الدنيا والى الاخرة ...وهكذا) فيكون معنى قلوبهم معك عواطفهم معك لأنهم يعلمون المنزلة العظيمة للإمام الحسين عليه السلام وصفاته وسجاياه وقرابته من رسول الله صلوات الله عليه واله وأما عقولهم فقد أصبحت خادمة وأداة بيد النفس تخطط لما تريد النفس الوصول اليه بعد أن سيطر القلب على النفس فسيطرت النفس على العقل فخرجت الروح من القرية الظالم أهلها وبعد ان هُزمت جنود العقل عندهم أمام جنود الجهل فأضحت ساحة النفس مرتعا لأنصار الهوى والشيطان فأصبحوا مصداقا لقول الإمام عليه السلام : قوم استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله العظيم .
المستوى الرابع :- معنى السيوف في عبارة ( سيوفهم عليك او سيوفهم من بني امية )
يمكننا إيراد بعدين لمعنى السيوف الواردة في العبارة :
الأول :- البعد المادي : ونقصد به السيف المادي أو المواجهة العسكرية ويكون صاحب هذا السيف مستعداً لحمله والخوض في مواجهة عسكرية أيسرها أن تسقط فيها الرؤوس وتطيح الأيدي وقد ذكر الأستاذ علي الزيدي في كتابه الموسوم أسئلة معاصرة حول الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف السؤال الثالث ص52 وهو يتحدث عن البعد المادي للسيف في جانبه الايجابي ( مع الإمام ) ما نصه : ( وأما بعده المادي فواضح كون المؤمن المخلص عليه أن يكون في سوح الوغى على أتم الإستعداد لمواجهة العدو حتى يكون ذو بأس شديد عليه وكلما كان سلاحه فعالا ومعتد به كان تأثيره بلا شك أقوى وامضى ) . فيكون السيف في بعده المادي وبجانبه السلبي مشهوراً ضد الحق المتمثل بالإمام الحسين عليه السلام ومن يمثله في كل جيل
الثاني :- البعد المعنوي :وبالامكان فهم ثلاث معاني للسيف في هذا البعد :
المعنى الاول :- القولي : وهو كل مايقال ويكون سببا في خذلان الحق ونصرة الباطل والتأثير على ذوي العقائد المشوشة لتغيير توجهاتهم نحو الباطل وصرفها عن الحق وتزييف وتشويه الحقائق بكلمة حق يراد بها باطل وقد ذكر الاستاذ علي الزيدي ايضاً في كتابه أسئلة معاصرة حول الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ص50 البعد المعنوي للسيف بقوله : ( وأما السيف : فيشمل في جانبه المعنوي قوة الاقناع وقوة الجذب للآخرين لإدخالهم في حضرة الإسلام الحقة .... وقديما قيل في حق البعض ممن يحملون قوة الاقناع والفصاحة والخطابة بأن لسانه أمضى من سيف )فتكون قوة الجذب للآخرين وقوة الإقناع فيما نحن بصدده من معنى السيف هي عكس الجانب المعنوي الإيجابي للسيف الذي ذكره الاستاذ الزيدي أي لإخراج الناس من حضرة الإسلام الحقة وليس ادخالهم فيها وقد يكون السكوت عن قول الحق ليس بأقل مضيا من سيف الكلام ضد الحق وقد ورد : أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر.
المعنى الثاني :- الفعلي: ويشمل جميع مايقوم به الإنسان من أفعال وتصرفات يمكنه من خلالها إسناد الباطل بعلم أو بغير علم فكلنا يعلم أن التصرف والسلوك هو الترجمان لما يعتقده الإنسان وما يتبناه فيما إذا كان الإنسان حراً في تصرفه غير مكبل بقيود المجتمع متشكلاً في قالبه فأما أن يكون السلوك سيفاً بجانب الحق فيما إذا كان صاحب هذا السلوك قد تربى تربية عقائدية مركزة قائمة على الاختبارات المستمرة وفي كنف قيادة الهية مسددة وفي طول خط العصمة بشرط أن يفهم مايريده القائد والمتغيرات من حوله وله القابلية على قراءة المجتمع والتعامل معه بما يضمن له سمو الذات فان الاندماج مع المجتمع الى حد يجعل من الفرد المؤمن غير قادر على مخالفة ديباجة ذلك المجتمع في الوقت المناسب يؤدي الى ان يكون سيفا في وجه الحق من دون ان يشعر بذلك ، فثم مظاهرة خرج فيها الناس لمساندة الظالمين وتثبيت دعائم سلطانهم وثم اخرى خرج فيها الناس لنصرة المظلوم ورفض الاحتلال فأي فعل منها ياترى كان سيفا ضد الحق واي منها كان معه ، وكم من صلاة جمعة مستوفية للشروط حضرها الناس وركعو ا فيها وسجدو ا ورددوا فيها دعاء الفرج وماهي الا اداة ومنبر سياسي تم توظيفه لمصالح دنيوية في حين هناك صلاة جمعة أخرى أُسست من أجل رفض الظلم وتحدي الباطل أريق على جوانبها الدم ، ولا يمكننا ايضاً أن نتغافل عما للإنفاق من دور في كونه سيفا بجانب الحق أو في وجهه ، فإن الفرد في هذه الدنيا يقضي ساعات طويله من وقته لكي يؤمن فيها لقمة العيش له ولعائلته وقضاء حوائجه بما يضمن له حياة لائقة كريمة وهذا أمر جيد جداً وممدوح ولكن هل ان الذين أُنفق عليهم ماجمعته بجهدي ووقتي على أهبة الإستعداد لنصرة الحق أم أنهم غير مستعدين لذلك بل ربما أمرهم يتعدى عدم الإستعداد الى ان يكونو حجر عثرة في طريق من يريد النصرة ، فمن كان منهم على هذه الشاكلة فهو بكل تأكيد سيف ضد الامام فضلاً عما اذا كان مساندا في قوله وفعله لمن هم سيوف بوجه الحق .فهل يكون الإنفاق في هذا المعنى من أولويات الفرد المؤمن أم انه يحتاج الى إعادة النظر ، والنظر بمنظار حب الذات الحقيقي .
المعنى الثالث:- القلبي : ونعني به العقيدة الفاسدة التي يتخذ صاحبها من الحق باطلا ًوالباطل حقاً وتكون هي نقطة الانبعاث والتوجيه للمعاني الاخرى (القولي والفعلي).
اهمم الاسباب التي أدت الى ان تكون (قلوبهم معك وسيوفهم عليك )
السبب الاول:- فقدان الإرادة
وأكتفي بما ورد عن السيد الشهيد محمد باقر الصدر قدس سره بهذا الصدد في كتاب الشهيد الصدر سمو الذات وسمو الموقف ص 63نقلا عن السيد كاظم الحائري دام ظله قوله ( حدثني الأستاذ ذات يوم (ويقصد به السيد الشهيد الصدر الاول قدس سره ) فقال : ان الامة مبتلاة اليوم بالمرض الذي كانت مبتلاة به في زمن الحسين عليه السلام وهو مرض فقدان الإرادة ،فالامة تعرف حزب البعث والرجال الحاكمين في العراق ولاتشك في فسقهم وفجورهم وطغيانهم وكفرهم وظلمهم للعباد ولكنها فقدت قوة الإرادة التي بها يجب أن تصول وتجاهد في سبيل الله الى أن تسقط هذه الزمرة الكافرة عن منصب الحكم وترفع جاثوم هذا الظلم عن نفسها وعلينا أن نعالج هذا المرض كي تدب حياة الارادة في عروق هذه الامة الميته) وهذا فعلا ماقامت به اسرة آل الصدر الكرام هذه الاسرة الشريفة التي رخصت دمائها وكرست حياتها من أجل احياء هذه الامة الميته وعلاجها من مرض فقدان الارادة .


السبب الثاني :- عدم وجود حاكمية للقلب على السيف فان الرابط بين القلب والسيف هي التربية العقائدية المركزة ومن دونها تكون هناك فجوة تجعل القلب في جهة والسيف في جهة أخرى وتكون الاهواء هي الحاكمة على السيف وهذه هي الطامة الكبرى والبلاء العظيم ولايمكن ان تكون هناك تربية بدون مربي فلابد لمن اراد ان يكون قلبه حاكما على سيفه ان يتبع القيادة الالهية الأبوية القادرة على ربط القلب مع السيف وتوجيههما في مسارهما الصحيح .
السبب الثالث :- فهم حب الذات ضمن مقاييس متدنية
ذكر السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره الشريف في كتابه حب الذات وتأثيره في السلوك الإنساني ص45 ــ 46 ( إذن فكل ما في حياة الإنسان هو جر النفع الى شخص نفسه ودفع المكاره عنها ولا يستثنى من ذلك شيء إنما تختلف مشخصات الخير ومشخصات الشر في نظر البشر ومن هنا يختلف سلوكهم وتختلف عاداتهم وتختلف طرائقهم في الحياة ونظراتهم الى الحياة ، والى ما قبل الحياة والى ما بعد الحياة ،
فثَم شخص يرى التوجه الى الله ويرى التوكل عليه والعمل في سبيله خيراً لذاته فيفني ذاته في سبيل الله ويتجشم كثيراً من المصاعب والآفات والبليات طمعاً في ثواب الله أو خوفاً من عقابه أو لأنه أهل للعبادة وعلى كل حال فهو يحب ذاته ويريد لها أقصى ما يمكن أن يناله من كمال .
وثَمّ إنسانٌ آخر يرى خير ذاته في مغريات الدنيا وزبارجها ولطائف عيشها ، فهو يتوجه الى تلك الأمور بكلّيته وينغمس فيها الى أنفه متخيلاً انه نال أقصى السعادة ( أنه وفّر لنفسه ما تحب ) ) فإن ذلك المجتمع وانطلاقاً من فهمه المتدني لحب الذات يرى أن حمل السيف والمواجهة بجانب كفة لا أمل في نصرها العسكري لا يضمن له الإستمرار في هذه الدنيا التي تحبها ذاته فكانت الدنيا والخوف من السلطة مظهراً من مظاهر حب الذات التي أعمت المجتمع عن نصرة الحق . وقد ذكر السيد القائد المجاهد مقتدى الصدر أعزه الله في معرض إجابته عن السؤال رقم 314 ص 170 من كتاب العشق الأبدي في سيرة والدي قوله : ( .... فكان الكثير يحبونه في داخلهم إلا ان الدنيا والخوف من السلطة أعماهم كما حدث حينما أقمت أول صلاة جماعة في مرقد أمير المؤمنين عليه السلام بعد إستشهاده قدس سره فكان الجلاوزة يملأون المرقد الشريف وكان أحدهم يقف أمامي وما أن كبّرت بدأ أحد الجلاوزة بالبكاء وعيناه تدمع بكثرة .... ) .

نتائج البحث
لم يكن تكرار هذا الموقف (موقف السؤال عن حال أهل الكوفة من قبل الإمام الحسين عليه السلام) موقفا عبثيا وإنما أراد عليه السلام من خلاله توجيه رسالة إلى كل الأجيال يمكن أن نفهم منها مايلي:


أولاً :- البحث عن القيادة المعالجة لمرض فقدان الإرادة والتمسك بها والتصرف على أساس توجيهاتها لكي نضمن حاكمية القلب على السيف فقد ورد عن السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره الشريف( لاتقولوا قولاً ولا تفعلوا فعلاً إلا بعد مراجعة الحوزة الناطقة ).
ثانياً:- ان علاقات الفرد مع المجتمع يجب أن تكون مبنية على أساس نصرة الحق والعدل وليس مجاراة العرف المجتمعي وموافقته منهجا وسلوكا لأجل حصاد راحة البال وتجنب المشاكل التي قد تثيرها مخالفة المجتمع .
ثالثاً :- كأنه عليه السلام يريد أن يقول اجتهدوا كي لا تكون قلوبكم مع إمامكم أو من يمثله في عصركم وسيوفكم عليه وأنتم لا تشعرون ، فلابد من الإلتفات وعدم الغفلة كما نادى المولى المقدس ( كنا في غفلة وما زلنا في غفلة استيقظوا رحمكم الله ) فان الكثير من تصرفاتنا لا نضعها في ميزان السيف مع الإمام أو ضد الإمام بالرغم من اتباعنا لجهة الحق لأننا نعيش في مجتمع سواده الأعظم يتوهم أنه بجانب المعصوم ويتعاطف معه إلا أنه قلباً وقالباً خلاف توجهات من يمثل الإمام فقد ورد عن لسان الحق تعالى في محكم كتابه الكريم ( لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ الزخرف (78) ) وقوله أيضاً ( أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُم بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ المؤمنون (70)) فلابد لنا أن نسأل أنفسنا في كل شاردة وواردة هل ماقمنا به سيف مع الحق أم خلاف ذلك .
المصادر
1ــ القرآن الكريم.
2ــ مقتل الإمام الحسين للسيد عبد الرزاق المقرم ــ مؤسسة التاريخ العربي ــ ط1 ــ سنة 2009 م .

3ــ تذكرة الحفاظ للذهبي ــ ج1
4ــ خطب الجمعة لشهيد صلاة الجمعة ــ آية الله العظمى السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره ــ هيئة تراث السيد الشهيد الصدر ــ مطبعة البصائر ــ ط1 ــ سنة 2013 م ــ 1434 هـ .
5 ــ أسئلة معاصرة حول الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه ــ الأستاذ علي الزيدي ــ مؤسسة الأندلس للمطبوعات ــ ط1 ــ سنة 1434 هـ ـــ 2013 م
6 ــ الشهيد الصدر سمو الذات وسمو الموقف ــ للسيد كاظم الحسيني الحائري دام ظله ــ دار البشير ــ ط2 ــ سنة 1429 هـ
7 ــ حب الذات وتأثيره في السلوك الإنساني ــ أية الله العظمى السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر ــ مدين للطباعة والنشر ــ ط1 ــ سنة 1434 هـ ــ 2013 م .
8 ــ العشق الأبدي في سيرة والدي ــ السيد مقتدى الصدر ــ دار ومكتبة البصائر للطباعة والنشر والتوزيع ــ ط1 ــ سنة 2012 م ــ 1433 هـ .


والحمد لله رب العالمين
[/frame]

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »

التعديل الأخير تم بواسطة خادم البضعة ; 26-11-2014 الساعة 07:19 AM
اخوكم في الله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-11-2014, 10:44 PM   #2

 
الصورة الرمزية الحاج

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 149
تـاريخ التسجيـل : Mar 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : بغداد
االمشاركات : 2,294

افتراضي رد: مناقشة عبارة ( قلوب سائر الناس معك وسيوفهم عليك )

جهد مميز وبحث قيم وفقك الله اخي العزيز

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
الحاج غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-11-2014, 11:04 PM   #3

 
الصورة الرمزية التائب

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 342
تـاريخ التسجيـل : Jul 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق/بغداد
االمشاركات : 6,700

افتراضي رد: مناقشة عبارة ( قلوب سائر الناس معك وسيوفهم عليك )

احسنت وجزاك الله خيرا على البحث المبارك

 

 

 

 

 

 

 

 

التائب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-11-2014, 09:02 AM   #4

 
الصورة الرمزية خادم البضعة

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 23
تـاريخ التسجيـل : Oct 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق الجريح
االمشاركات : 12,468

افتراضي رد: مناقشة عبارة ( قلوب سائر الناس معك وسيوفهم عليك )

اللهم صلِّ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
بحث قيم ورائع
واحسنت فيه المواساة لخلف النبي
وسبطه المقتول عطشانا

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
خادم البضعة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-11-2014, 01:30 PM   #5

 
الصورة الرمزية الاستاذ

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 12
تـاريخ التسجيـل : Oct 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 13,246

افتراضي رد: مناقشة عبارة ( قلوب سائر الناس معك وسيوفهم عليك )

جزاك الله تعالى خيرا على البحث

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
اللهم صلّ على محمد وآل محمد وعجّل فرجهم والعن عدوهم
الاستاذ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



All times are GMT +3. The time now is 01:35 PM.


Powered by vBulletin 3.8.7 © 2000 - 2024