العودة   منتدى جامع الائمة الثقافي > قسم آل الصدر ألنجباء > منبر شهيد ألله السيد محمد محمد صادق الصدر (قدس)

منبر شهيد ألله السيد محمد محمد صادق الصدر (قدس) المواضيع الخاصة بسماحة السيد الشهيد محمد الصدر قدس الله نفسه الزكية

إنشاء موضوع جديد  موضوع مغلق
 
Bookmark and Share أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-03-2012, 12:50 AM   #21

 
الصورة الرمزية ابو علي

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 32
تـاريخ التسجيـل : Oct 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 10,104

افتراضي رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة

الجمعة الحادية والعشرون 12 جمادي الاولى1419


الخطبة الاولى
لاجل حب القرآن، وطاعة القرآن، الصلاة على محمد وال محمد
لاجل حب الزهراء، وطاعة الزهراء، الصلاة على محمد وال محمد
لاجل حب الحوزة الشريفة، وطاعة الحوزة الشريفة، الصلاة على محمد وال محمد
لاجل حب المرجعية الصالحة، وطاعة المرجعية الصالحة، الصلاة على محمد وال محمد
لاجل حب العدل الاسلامي الكامل، وطاعة العدل الاسلامي الكامل، الصلاة على محمد وال محمد
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
يامَنْ إِذا سَأَلَهُ عَبْدٌ أَعْطاهُ وَإِذا أَمَّلَ ماعِنْدَهُ بَلَّغَهُ مُناهُ وَإذا أَقْبَلَ عَلَيْهِ قَرَّبَهُ وَأَدْناهُ وَإِذا جاهَرَهُ بِالعِصْيانِ سَتَرَ عَلى ذَنْبِهِ وَغَطَّاهُ وَإِذا تَوَكَّلَ عَلَيْهِ أَحْسَبَهُ وَكَفاهُ، إِلهِي مَنِ ذا الَّذِي نَزَلَ بِكَ مُلْتَمِساً قِراكَ فَما قَرَيْتَهُ وَمَنِ ذا الَّذِي أَناخَ بِبابِكَ مُرْتَجِياً نَداكَ فَما أَوْلَيْتَهُ ؟ أَيَحْسُنُ أَنْ أَرْجِعَ عَنْ بابِكَ بالْخَيْبَةِ مَصْرُوفاً وَلَسْتُ أَعْرِفُ سِواكَ مَوْلىً بِالاِحْسانِ مَوْصُوفاً ؟ كَيْفَ أَرْجُو غَيْرَكَ وَالخَيْرُ كُلُّهُ بِيَدِكَ وَكَيْفَ أُؤَمِّلُ سِواكَ وَالخَلْقُ وَالأَمْرُ لَكَ أَأَقْطَعُ رَجائِي مِنْكَ وَقَدْ أَوْلَيْتَنِي مالَمْ أَسْأَلْهُ مِنْ فَضْلِكَ، أَمْ تُفْقِرُنِي إِلى مِثْلِي وَأَنا أَعْتَصِمُ بِحَبْلِكَ؟ يامَنْ سَعَدَ بِرَحْمَتِهِ القاصِدُونَ وَلَمْ يَشْقَ بِنِقْمَتِهِ المُسْتَغْفِرُونَ، كَيْفَ أَنْساكَ وَلَمْ تَزَلْ ذاكِرِي وَكَيْفَ أَلْهُو عَنْكَ وَأَنْتَ مُراقِبِي؟ إِلهِي بِذَيْلِ كَرَمِكَ أَعْلَقْتُ يَدِي وَلِنَيْلِ عَطاياكَ بَسَطْتُ أَمَلِي، فَأَخْلِصْنِي بِخالِصَةِ تَوْحِيدِكَ وَاجْعَلْنِي مِنْ صَفْوَةِ عَبِيدِكَ، يامَنْ كُلُّ هارِبٍ إِلَيْهَ يَلْتَجِيُ وَكُلُّ طالِبٍ إيَّاهُ يَرْتَجِي ياخَيْرَ مَرْجُوٍّ وَياأَكْرَمَ مَدْعُوٍّ وَيامَنْ لا يُرَدُّ سائِلُهُ وَلا يُخَيَّبُ آمِلُهُ يامَنْ بابُهُ مَفْتُوحٌ لِداعِيهِ وَحِجابُهُ مَرْفُوعٌ لِراجِيهِ ؛ أَسْأَلُكَ بِكَرَمِكَ أَنْ تَمُنَّ عَلَيَّ مِنْ عَطائِكَ بِما تَقِرُّ بِهِ عَيْنِي وَمِنْ رَجائِكَ بِما تَطْمَئِنُّ بِهِ نَفْسِي وَمِنَ اليَقِينِ بِما تُهَوِّنْ بِهِ عَلَيَّ مُصِيباتِ الدُّنْيا وَتَجْلُو بِهِ عَنْ بَصِيرَتِي غَشَواتِ العَمى بِرَحْمَتِكَ ياأَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللهم صل على محمد المصطفى، وعلي المرتضى، وفاطمة الزهراء، والحسن المجتبى، والحسين الشهيد بكربلاء. وصل وسلم على علي السجاد، ومحمد الباقر، وجعفر الصادق، وموسى الكاظم، وعلي الرضا، ومحمد التقي، وعلي النقي، والحسن العسكري، والحجة القائم الهادي المهدي. انصرهم بنصرك، وصل عليهم في ارضك وسمائك، واجعلنا معهم في الدنيا والاخرة.
اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
نكون بعد يومين تقريبا أو تحقيقا، في الذكرى السنوية لوفاة الزهراء (سلام الله عليها). فيحسن ان نتحدث عنها بهذا اللسان القاصر المقصر، والقلب الجاهل العاطل . فإن المعصومين (عليهم السلام) أعلى، وأشرف، وأهم، وأخفى من ان يطلع على حقيقتهم احد.
ومن هنا ورد عن رسول الله (صلى الله عليه واله) : (ياعلي ما عرف الله إلا انا وانت وما عرفني إلا الله وانت وما عرفك إلا الله وانا). وهذا معنى التعذر الحقيقي لمن كان دونهم ان يعرف حقيقتهم، أو ان ينال المهم من صفاتهم. فإن تخيّل ذلك وتوهمه فهو الجاهل العاطل على الحقيقة . ولعل كثيرا من المؤلفين في تأريخ المعصومين (عليهم السلام) من مختلف المذاهب يحسبون انهم على شيء، وليسوا على شيء. وانما هم يتكلمون بمقدار امكانهم، وبالمقدار الواصل اليهم من الاحاديث والاخبار، وبمقدار فهمهم لهذه الاحاديث والاخبار. والا فإننا كما لا نفهم المعصومين انفسهم حق فهمهم، كذلك لانفهم كلامهم حق فهمه. نعم، لنا منه المقدار المعتبر من الظهور العرفي فقهيا. الذي ارادوه لنا لتمشية هذه الحياة، ولإزجاء هذه الحاجات، ولتطبيق العدل الممكن بمقدار مستوانا وقابلياتنا، وليس اكثر من ذلك.
والا فالزهراء (سلام الله عليها) لا يقاس بها احد. فهي ام احد عشر اماما من الائمة المعصومين (عليهم افضل الصلاة والسلام)، كلهم يتشرفون بها، ويتبركون بها، ويحمدون الله سبحانه وتعالى على نعمته في انها امهم وجدتهم. كما انها من الناحية النظرية نافذة الامر فيهم، ويجب عليهم اطاعتها، كما يجب عليهم اطاعة علي امير المؤمنين، والرسول (صلى الله عليه واله). فعلي وفاطمة كل منهما امام الائمة، وولي الاولياء، واساس شجرة المعصومين (عليهم السلام). يكفي ان نلتفت إلى انهما والدا الحسن والحسين (عليهما السلام) ونافذا الامر فيهما، ولهما عليهما حق الوالدين، وكذلك هما ـ اي علي وفاطمة (سلام الله عليهما) ـ اشرف من الحسن والحسين (عليهما السلام)، ويجب على الحسن والحسين طاعتهما من باب الولاية العامة عليهما، مضافا إلى الابوة والامومة. فإذا علمنا ان الحسن والحسين خير من الائمة التسعة الذين بعدهم واعظم منهم عند الله سبحانه ، فكيف يكون حال هؤلاء الائمة التسعة بالنسبة الى علي وفاطمة (سلام الله عليهما).
ومن ادلة ذلك ـ اي افضلية الحسن والحسين من سائر الائمةـ انهما من اصحاب الكساء دون من بعدهم طبعا. فاذا وجب على الحسن والحسين اطاعة علي وفاطمة (عليهما السلام)، وجب على الباقين اطاعتهم ايضا بطريق اولى بطبيعة الحال. بل ان اطاعة علي وفاطمة –لاحظوا - اطاعة لرسول الله (صلى الله عليه واله)، بل هي اطاعته عينا.
أما علي فلأنه نفس رسول الله (صلى الله عليه واله)، بدليل قوله تعالى : ((وانفسنا وانفسكم)). وهو صلى الله عليه واله لم يُخرِجْ من الرجال في يوم المباهلة مع نصارى نجران، إلا عليا (عليه السلام)، بإجماع اهل التاريخ والحديث من كل مذاهب الاسلام. فاذا كان علي (عليه السلام) نفس رسول الله (صلى الله عليه واله)، فإذن امره امره، وفعله فعله. ولذا ورد عنه ـ اي عن النبي (صلى الله عليه واله) ـ: (ياعلي انك ترى ما ارى وتسمع ما اسمع). يعني مما يخص الوحي، أو ما في عالم الجبروت، وعالم اللاهوت، وعالم الملكوت، والعالم الاعلى عموما. وهذا الحديث او هذه العبارة مثبتة في نهج البلاغة في بعض خطب امير المؤمنين (سلام الله عليه).
واما الزهراء (عليها السلام)، فقد وردت في فضائلها احاديث كثيرة، من كل اهل الحديث في المذاهب كلها، وفي اعلى واهم كتب الحديث عندنا، واعلى وأهم كتب الحديث عندهم – زين هاي خلصنه منهه - من اهمها قول النبي (صلى الله عليه واله): (فاطمة بضعة مني وهي قلبي وروحي التي بين جنبي فمن آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله).. هي زينة اذية رب العالمين ؟! ، سبحان الله .. زين
فهل يتكلم النبي (صلى الله عليه واله) مجازا كما نحاول ويحاول الناس المتشرعة ان يفهموه، انه قلبي مجازا وروحي مجازا ؟ لا ، لا حاجة إلى المجاز. ان المجاز على خلاف الاصل، وخلاف الظاهر.وان النبي (صلى الله عليه واله) مبرئ عن العاطفة والعصبية الاسرية والابوية اكيدا. وانما لا بد من فهم هذه الاحاديث فهما حقيقيا مطابقا للواقع ، زين ، إذن فهي قلب رسول الله (صلى الله عليه واله)، والقلب ليس هو العضو الذي يوزع الدم، ولربما قلت في بعض الخطب السابقة ذلك. ولذا قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: ((فانه لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)). إذن فهي قلب رسول الله (صلى الله عليه واله) بهذا المعنى – سبحان الله واضح - وماذا عن قلب رسول الله (صلى الله عليه واله) ؟ قلب رسول الله (صلى الله عليه واله) شبيه؟ ماذا يتصف من صفات ؟ حتى تكون هذه الصفات شاملة حتى للزهراء التي هي قلبه في الحقيقة. قال تعالى: ((قل من كان عدوا لجبريل فانه نزله على قلبك باذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين)). وقال جل جلاله: ((وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الامين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين))،زين ، هذه اوصاف قلب رسول الله (صلى الله عليه واله) بنص القران الكريم.
وهي ايضا ،الزهراء (سلام الله عليها) هي ايضا روح رسول الله (صلى الله عليه واله) التي بين جنبيه، كما ينص الخبر – طبعا الذي سمعناه - ولكن ماهي روح رسول الله (صلى الله عليه واله) ؟ وما هي اوصافها ؟ هذا ايضا مما يستحيل لنا التوصل إلى حقيقته، لكننا حين نقول، كما هو المسلم لدى المسلمين والمتشرعة ان النبي (صلى الله عليه واله)، خير الخلق على الاطلاق، وهو فعلا خير الخلق على الاطلاق. فليس ذلك جسده ووجهه وعيناه مثلاً أو أي شيء، لا ، بالرغم من اهميتهما وطهارتهما. وانما تلك روحه العليا، التي هي اعلى المخلوقات، واول المخلوقات، واهمها، واقواها، واعلمها، واقربها إلى الله سبحانه وتعالى وهي خير الخلق اجمعين، بما فيها الانبياء والمعصومين والملائكة، وكل شيء اخر. ولذا كان رسول الله (صلى الله عليه واله) سيد الانبياء والمرسلين، وقد بُعِث الانبياء والمرسلون بالايمان بنبوته، وبميثاق ولايته. وينص على ذلك القران الكريم بوضوح النص، على وجود الاسلام قبل الإسلام، قبل نزول الاسلام على يدي رسول الله (صلى الله عليه واله)، وموجود في فهم الانبياء السابقين. قال تعالى: ((ما كان ابراهيم – سلام الله عليه - يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما)). وقال على لسان ابراهيم واسماعيل عند بناء البيت الحرام : ((ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا امة مسلمة لك)). وقال تعالى : ((ام كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد الهك واله ابائك ابراهيم واسماعيل واسحاق الها واحدا ونحن له مسلمون)). وقال تعالى : ((واذ اوحيت إلى الحواريين ان آمنوا بي وبرسولي قالوا امنا واشهد باننا مسلمون)) – اذا كنت لم احفظ الاية - إلى غير ذلك من الايات الكريمات.
واذا كانت الزهراء سلام الله عليها ، هي قلب رسول الله (صلى الله عليه واله)، وهي روحه التي بين جنبيه. إذن يصدق بكل وضوح ان من احبها فقد احب رسول الله (صلى الله عليه واله)، ومن ابغضها فقد ابغضه، ومن اطاعها فقد اطاعه، ومن عصاها فقد عصاه، ومن اكرمها فقد اكرمه، ومن آذاها فقد آذاه، ومن والاها فقد والى رسول الله ( صلى الله عليه واله ) ، ومن عاداها فقد عاداه.
ومن الطبيعي بل من ضروريات الدين ان من ابغض رسول الله (صلى الله عليه واله) فقد ابغض الله. ومن عصا رسول الله (صلى الله عليه واله) فقد عصا الله. ومن آذى رسول الله (صلى الله عليه واله) فقد اذى الله. ومن اغضب رسول الله (صلى الله عليه واله) فقد اغضب الله. ومن كان مصداقا لاي شيء من ذلك : (اذا اغضب الله او عصى الله أو آذى الله)، وتطبيقا له، فهو خارج عن الإسلام، وفي اسفل درك من الجحيم. والعكس ايضا صحيح، فان من احب رسول الله فقد احب الله. كما قال تعالى : ((يا ايها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف ياتي الله بقوم يحبهم ويحبونه اذلة على المؤمنين اعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم)). وكذلك فان من اطاع رسول الله (صلى الله عليه واله)، فقد اطاع الله. ومن ارضى رسول الله (صلى الله عليه واله)، فقد ارضى الله. ومن تقرب إلى رسول الله (صلى الله عليه واله) فقد تقرب إلى الله. كما قال تعالى : ((محمد رسول الله – صلى الله عليه واله - والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من اثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الانجيل كزرع اخرج شطأه فازره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيض به الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم - ليس كلهم وانما فقط الذين امنوا وعملوا الصالحات - مغفرة واجرا عظيما)). بالرغم من انهم ركع سجد، لكن لا ، يبدوا انهم لم يؤمنوا، ولم يعملوا الصالحات، اكو نماذج من هذا القبيل في كل جيل حبيبي .. وقال تعالى : ((انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة واصيلا ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله يد الله فوق ايديهم فمن نكث فانما ينكث على نفسه ومن اوفى بما عاهد عليه الله فسوف ياتيه اجرا عظيما)).
بسم الله الرحمن الرحيم

وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَٰذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ(3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌغَيْرُمَمْنُونٍ (6) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8)

صدق الله العلي العظيم

الجمعة الحادية والعشرون


12جمادي الاولى1419


الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين.
بسم الله الرحمن الرحيم
إِلهِي مَنْ ذا الَّذِي ذاقَ حَلاوَةَ مَحَبَّتِكَ فَرامَ مِنْكَ بَدَلاً وَمَنْ ذا الَّذِي أَنِسَ بِقُرْبِكَ فَابْتَغى عَنْكَ حِوَلاً، إِلهِي فَاجْعَلْنا مِمَّنِ اصْطْفَيْتَهُ لِقُرْبِكَ وَولايَتِكَ وَأَخْلَصْتَهُ لِوِدِّكّ وَمَحَبَّتِكَ وَشَوَّقْتَهُ إِلى لِقائِكَ وَرَضَّيْتَهُ بِقَضائِكَ وَمَنَحْتَهُ بِالنَّظَرِ إِلى وَجْهِكَ وَحَبَوْتَهُ بِرِضاكَ، وَأَعَذْتَهُ مِنْ هَجْرِكَ وَقَلاكَ وَبَوَّأْتَهُ مَقْعَدَ الصِّدْقِ فِي جِوارِكَ وَخَصَصْتَهُ بِمَعْرَفَتِكَ وأَهَّلْتَهُ لِعِبادَتِكَ، وَهَيَّمْتَ قَلْبَهُ لإرادَتِكَ وَاجْتَبَيْتَهُ لمُشاهَدَتِكَ وَاخْلَيْتَ وَجْهَهُ لَكَ وَفَرَّغْتَ فُؤادَهُ لِحُبِّكَ وَرَغَّبْتَهُ فِيما عِنْدَكَ وَأَلْهَمْتَهُ ذِكْرَكَ وَأَوْزَعْتَهُ شُكْرَكَ وَشَغَلْتَهُ بِطاعَتِكَ، وَصَيَّرْتَهُ مِنْ صالِحِي بَرِيَّتِكَ وَاخْتَرْتَهُ لِمُناجاتِكَ وَقَطَعْتَ عَنْهُ كُلَّ شَيء يَقْطَعُهُ عَنْكَ اللّهُمَّ اجْعَلْنا مِمَّنْ دَأْبُهُمُ الارْتِياحُ إِلَيْكَ وَالحَنِينُ وَدَهْرُهُمُ الزَّفْرَةُ وَالاَنِينُ جِباهُهُمْ ساجِدَةٌ لِعَظَمَتِكَ وَعُيُونُهُمْ ساهِرَةٌ فِي خِدْمَتِكَ وَدُمُوعُهُمْ سائِلَةٌ مِنْ خَشْيَتِكَ وَقُلُوبُهُمْ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحَبَّتِكَ وَأَفْئِدَتُهُمْ مُنْخَلِعَةٌ مِنْ مَهابَتِكَ يامَنْ أَنْوارُ قُدْسِهِ لاَبْصارِ مُحِبِّيهِ رائِقَةٌ وَسُبْحاتُ وَجْهِهِ لِقُلُوبِ عارِفِيهِ شائِقَةٌ يامُنى قُلُوبِ المُشْتاقِينَ وَياغايَةَ آمالِ المُحِبِّينَ ؛ أَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ وَحُبَّ كُلِّ عَمَلٍ يُوصِلُنِي إِلى قُرْبِكَ، وَأَنْ تَجْعَلَكَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا سِواكَ وَأَنْ تَجْعَلَ حُبِّي إِيّاكَ قائِداً إِلى رِضْوانِكَ وَشَوْقِي إِلَيْكَ ذائِداً عَنْ عِصْيانِكَ، وَامْنُنُ بِالنَّظَرِ إِلَيْكَ عَلَيَّ وَانْظُرْ بِعَيْنِ الوُدِّ وَالعَطْفِ اليَّ وَلاتَصْرِفْ عَنِّي وَجْهَكَ وَاجْعَلْنِي مِنْ أَهْلِ الإسْعادِ وَالحُظْوَةِ عِنْدَكَ يامُجِيبُ ياأَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
وصلى الله على خير خلقه، وسيد انبيائه ورسله، محمد المصطفى، وعلى جميع اله الطيبين الطاهرين المعصومين المكرمين المقدسين المقربين، ورحمة الله وبركاته.
اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
الان نوجه كلامنا إلى العشائر عامة، والى رؤساء العشائر ومشايخها خاصة، من حيث ان الكل يعلم، ان النظام الذي يمشون عليه في عشائرهم، ويطبقونه هناك بينهم، اغلبه بل كله نظام باطل، وغير شرعي، وغير مرضي لله عز وجل. ونحن لا نريد من اي احد مؤمن وشيعي ان يرتكب شيئا خطأً، أو عصيانا بل نريد من المجتمع كله عامة، ومن العشائر خاصة، ان يكونوا صالحين ومتورعين وسائرين باتجاه رضا الله سبحانه، وشفاعة المعصومين (عليهم السلام)، وهذا لا يكون مع تطبيق قوانين وانظمة غير مشروعة في الدين وغير مرضية لرب العالمين.
والذي افهمه ان الذي دعاهم إلى هذا النظام الذي يسمى بـ(السنينة العشائرية)، هو انهم لم يجدوا حلا كافيا لمشاكلهم ومظالمهم، التي تحصل باستمرار بين افراد العشيرة، أو افراد عشيرتين ، من قتل و سرقة وزنا ولواط والعياذ بالله، واشباه ذلك، وذلك:
اولا: انهم غير متفقهين، ولا فاهمين لاحكام الله سبحانه.
وثانيا: لبعدهم عن الحوزة، وتناسيهم لها. بل ربما ان جملة منهم يسيء الظن بالحوزة، لما يرى من بعض افرادها من اعمال شائنة (وايدك موسوه ، اصابيعه طبعا) فيحصل للعشائر اليأس من ان الحوزة تجيبهم، او تحل مشاكلهم أو تنظر في امورهم ومصالحهم.
وثالثا: ان اجيال المرجعية كانت تتناساهم، وتتغافل عن وجودهم ولا تهتم بامورهم. يكفينا ان المشهور، هو الحكم القائل انه لايجب على الفقيه ان يذهب إلى المكلف ويبلغه حكمه، بل يجب على المكلف نفسه ان ياتي إلى الفقيه ويسأل. زين ، نعم، إذا توجه السؤال إلى الفقيه وجب الجواب. واما انه يجب على الفقيه ان يقصد باب المكلف بدون سؤال، وان يعطيه حكمه، فلا -هذا حكم مشهوري موجود - اذن فكان هناك نحواً من المقاطعة، والانفصال النفسي والاجتماعي بين الحوزة والمرجعية من ناحية، والعشائر من ناحية اخرى.
وذلك من قبل الطرفين، وليس احدهما يرغب بالاتصال بالاخر اطلاقا، أو غالبا. وهذا ثابت باستمرار لولا وجود الشباب الواعي المتفقه من رجال الدين الذين يتصدون بالذهاب إلى مناطقهم لهدايتهم ورعايتهم (جزاهم الله خير جزاء المحسنين). إلا ان هذا مما لم يكن يحدث في كثير من الاجيال السابقة كما هو معلوم. على ان الذي كان يذهب منهم متصف باحدى صفتين ناقصتين، فلا يصلح ان يكون سببا جيدا لحل المشاكل العشائرية المستعصية. فهو اما قليل التفقه، واما هو مجرد خطيب حسيني، او روزخون يقرأ للمناسبات الدينية، اما ان يكون هو ممن يحمل هم دنياه اكثر من هم دينه، فهو يتبع الحصول على الشهرة والمال، قبل ان يهتم بالتفقه والهداية.
واما من كان متفقها ومخلصا، فقليل جدا في كثير من العصور السالفة، وهذا هو الذي اوجب سوء الظن من قبل العشائر بالحوزة العلمية الشريفة. وكذلك سوء الظن بمن ترسله الحوزة الشريفة اليهم. وفي الحقيقة انها لا ترسل احدا، وانما يذهب بعض رجال الدين لقضاء مصالحهم الخاصة، ليس اكثر من ذلك، فيسيؤن اكثر مما يحسنون مع شديد الاسف.
واما الان، ومن الان فصاعدا، فينبغي ان نضع لكلا الامرين الناقصين حدا كاملا، ومانعا شاملا، سواءً قصدنا نقص الحوزة، أو نقص العشائر، ونريد منهما معا ان يكون الجميع على مستوى الورع، والتقوى، والتفقه، والوعي الديني، والهمة في اطاعة الله سبحانه، وتجنب معاصيه. والحوزة الان مستعدة للعطاء الديني الحقيقي المخلص لكل من يطلبه كائنا من كان، وخاصة العشائر ورؤسائها وافخاذها، فانها الشريحة الاهم – هؤلاء هم الشريحة الاهم والاكبر في المجتمع، ولا ينبغي ان يبقى الحال فيها على ما هو عليه من التخلف في الفهم الديني، والبعد عن طاعة الله سبحانه. ولا يحتمل ان يكون قانون العشائر مما يرضاه أي مجتهد، أو أي مرجع ، او اي حوزة، أو أي متفقه، ما ممكن لانه حرام في حرام . وانما كانت بعض اجيال المرجعية ساكتة عنهم، وخاصة وهم يعلمون (اي المراجع) كيف ان العشائر تتعصب بشدة لنظامها وقانونها. والفرد المتعصب لايمكن الكلام معه، لان من شرائط الامر بالمعروف، والنهي عن المنكر احتمال الطاعة ، سبحان الله ، والعشائر بهذا المعنى المتعصب لا يحتمل طاعتهم للحوزة وللشريعة، كما كان الحال إلى عهد قريب. زين
ولكن الحال اختلف الان جدا، وقد تفضل الله علينا بوعي ديني، واجتماعي جيد، وقد عرف الناس عموما مداخل الشيطان من مداخل الرحمن. فنحن من هنا ننصح العشائر ورؤساء العشائر خاصة ان يتجنبوا غضب الله سبحانه وتعالى ونار جهنم. ويكونوا على مستوى المسؤولية الدينية الالهية. ويُقبلوا – اي يجيئوا - إلى خط الشريعة المقدسة فإن ذلك اصلح لهم في الدنيا والاخرة وخاصة وان قانونهم يترتب عليه ظلم وضمانات وحقوق للاخرين التي تهدر شرعا بدون سبب مشروع، وكذلك زيجات، اي زواجات باطلة كثيرة اعوذ بالله منها. فهم يحاولون - ماذا يفعلون - ردع الفاسد بالافسد، ونحن نريد لهم ردع الفاسد بالحق وردع الظلم بالعدل. فهل انتم منتهون ؟!
والفرصة الان مفتوحة ومؤاتية جدا للتوبة والاخلاص، وفي حدود فهمي فان هناك طريقتان لتطبيق الشريعة في المشاكل العشائرية:
الطريقة الاولى: انهم كما اجتمعوا وقرروا ووقعوا على قانونهم العشائري، فيمكنهم الان، بل يجب عليهم شرعا ان يجتمعوا ويتداولوا امرهم ويقرروا قانونا جديدا فيما بينهم، موافقا للشريعة، وليس فيه انحراف، وعصيان والعياذ بالله، زين ، ويشدوا على ذلك راية العباس (عليه افضل الصلاة والسلام). وهل يرضى العباس (عليه السلام) ان يشدوا رايته على ما هو باطل، وهي السنينة العشائرية الموجودة ؟ لا طبعا، لا يرضى (سلام الله عليه) وانما هو قتل واستشهد في سبيل الحق والعدل، وفي سبيل الهدف الاسلامي الالهي الصحيح. إذن، ينبغي ان تشد راية العباس سلام الله عليه على ما هو نظام اسلامي وعادل وصحيح،وليس غيره.
الطريقة الثانية: ان يرجعوا إلى الحوزة ويراجعوها في مشاكلهم، واحدة واحدة عن طريق الاستفتاءات، أو الاشخاص المتفقهين الثقات، أو عن طريق القضاء الشرعي الحوزوي ونحو ذلك. والحوزة والمرجعية في خدمتهم، وواجبها ذلك فانها انما وجدت لامثال ذلك،وليس لها أي طعم، أو أي نتيجة لو لم تفعل ذلك، ولو لم تقل ذلك.
اللهم اني قد بلغت. اللهم اني قد بلغت. اللهم اني قد بلغت
بل الامر ينبغي ان يكون واضحا واجماعيا لما سمعناه الان من انه إذا توجه السؤال، وجب على المجتهد الجواب، فتعالوا واسألوا عن مشاكلكم، وعن شرعياتكم، لكي يجب علينا – يعني الحوزة كلها والمجتهدين كلهم - الجواب. يجب علينا الجواب واذا قصرنا فعلينا لعنة الله . ولن تجدوا من يقصر معكم، أو ينظر إلى غير مصالحكم، ونحن نعلم بضرورة الدين انه (ما من واقعة إلا ولها حكم)، فكل مشكلة خاصة، أو عامة عشائرية، أو مدنية تجد لها حلا وجوابا في كتاب الله، وسنة رسوله، وكلام المعصومين (سلام الله عليهم اجمعين)، وبالاخص في الحوزة والمجتهدين والمرجعية. وكل ما في الامر ان الحكمة تقول (القدم الاول من العبد والثاني من الرب)، يعني يجب على العبد التقدم إلى طاعة الله، لكي يوفقه الله سبحانه وتعالى في الدنيا والاخرة .
فالآن القدم الاول من العشائر، ومن رؤساء العشائر،ان يشحذوا الهمة للتوبة، ولطاعة الله سبحانه وابتغاء مرضاته، لكي يكونوا صالحين في الدنيا والاخرة، جزاهم الله خير جزاء المحسنين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ * يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ * فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ
صدق الله العلي العظيم

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم


التعديل الأخير تم بواسطة خادم البضعة ; 14-03-2017 الساعة 04:39 PM
ابو علي غير متواجد حالياً  
قديم 22-03-2012, 12:50 AM   #22

 
الصورة الرمزية ابو علي

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 32
تـاريخ التسجيـل : Oct 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 10,104

افتراضي رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة

الجمعة الثانية والعشرون 19 جمادي الاولى 1419
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
إِلهِي أَتُراكَ بَعْدَ الاِيمانِ بِكَ تُعَذِّبُنِي أَمْ بَعْدَ حُبِّي إِيَّاكَ تُبْعِّدُنِي أَمْ مَعَ رَجائِي لِرَحْمَتِكَ وَصَفْحِكَ تَحْرِمُنِي أَمْ مَعَ اسْتِجارَتِي بِعَفْوِكَ تُسْلِمُنِي ؟ حاشا لِوَجْهِكَ الكَرِيم أَنْ تُخَيِّبَنِي ! لَيْتَ شِعْرِي أللْشَقاءِ وَلَدَتْنِي أُمِّي أَمْ لِلْعَناءِ رَبَّتْنِي ؟ فَلَيْتَها لَمْ تَلِدْنِي وَلَمْ تُرَبِّنِي وَلَيْتَنِي عَلِمْتُ أَمِنْ أَهْلِ السَّعادَةِ جَعَلْتَنِي وَبِقُرْبِكَ وَجِوارِكَ خَصَصْتَنِي، فَتَقَرَّ بِذلِكَ عَيْنِي وَتَطْمَئِنَّ لَهُ نَفْسِي. إِلهِي هَلْ تُسَوِّدُ وَجُوها خَرَّتْ ساجِدَةً لِعَظَمَتِكَ، أَوْ تُخْرِسُ أَلْسِنَةً نَطَقَتْ بِالثَّناءِ عَلى مَجْدِكَ وَجَلالَتِكَ، أَوْ تَطْبَعُ عَلى قُلُوبٍ انْطَوَتْ عَلى مَحَبَّتِكَ، أَوْ تُصِمُّ أَسْماعاً تَلَذَّذَتْ بِسَماعِ ذِكْرِكَ فِي إِرادَتِكَ، أَوْ تَغُلُّ أَكُفّاً رَفَعَتْها الآمالُ إِلَيْكَ رَجاءَ رَأْفَتِكَ، أَوْ تُعاقِبُ أَبْداناً عَمِلَتْ بِطاعَتِكَ حَتَّى نَحِلَتْ فِي مُجاهَدَتِكَ أَوْ تُعَذِّبُ أَرْجُلاً سَعَتْ فِي عِبادَتِكَ ؟ إِلهِي لا تَغْلِقْ عَلى مُوَحِّدِيكَ أَبْوابَ رَحْمَتِكَ، وَلا تَحْجُبْ مُشْتاقِيكَ عَنِ النَّظَرِ إِلى جَمِيلِ رُؤْيَتِكَ، إِلهِي نَفْسٌ أَعْزَزْتَها بِتَوْحِيدِكَ كَيْفَ تُذِلُّها بِمَهانَةِ هِجْرانِكَ، وَضَمِيرٌ انْعَقَدَ عَلى مَوَدَّتِكَ كَيْفَ تُحْرِقُهُ بِحَرارَةِ نِيرانِكَ ؟ إِلهِي أَجِرْنِي مِنْ أَلِيمِ غَضَبِكَ وَعَظِيمِ سَخَطِكَ، ياحَنَّانُ يامَنَّانُ يارَحِيمُ يارَحْمنُ ياجَبَّارُ ياقَهَّارُ ياغَفَّارُ ياسَتَّارُ نَجِّنِي بِرَحْمَتِكَ مِنْ عَذابِ النَّارِ وَفَضِيحَةَ العارِ إذا امْتازَ الأخْيارُ مِنَ الأَشْرارِ وَحالَتْ الأَحْوالِ وَهالَتِ الأَهْوالِ وَقَرُبَ المُحْسِنونَ وَبَعُدَ المُسِيئُونَ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ماكَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ.
اللهم صل على محمد المصطفى، وعلي المرتضى، وفاطمة الزهراء، والحسن المجتبى والحسين الشهيد بكربلاء، وصل على التسعة المعصومين من اولاد الحسين السجاد والباقر والصادق والكاظم والرضا والجواد والهادي والعسكري والحجة المهدي ائمتي وسادتي وقادتي بهم اتولى ومن اعدائهم اتبرا الى يوم القيامة.
اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
طبعا ً قبل يومين سبقت ذكرى وفاة الزهراء (سلام الله عليها)، فمن المناسب ان يكون في اكثر من جمعة التعرض للصديقة العظيمة (سلام الله عليها). فنستمر الان في ذكر بعض ما يمكن التوصل إليه بعقلنا القاصر وفكرنا الفاتر من مزايا الزهراء ( سلام الله عليها). إلى حد ما انا جمعت لكم عدد من الروايات التي تنطق بمزاياها(سلام الله عليها):
عن اسماء بنت عميس، قالت: قال لي رسول الله (صلى الله عليه واله)، وقد كنت شهدت فاطمة (عليها السلام) وقد ولدت بعض اولادها فلم ار لها دما فقال: (ان فاطمة خلقت حورية في صورة انسية).
وروي عن ابي عبد الله الصادق (سلام الله عليه)، انه قال: (لفاطمة تسعة اسماء عند الله عز وجل، فاطمة والصديقة والمباركة والطاهرة والزكية والرضية والمرضية والمحدثة والزهراء. قال، وسميت فاطمة لانها فُطِمتْ من الشر ولولا علي (عليه السلام) لما كان لها كفؤ بالارض).
وعن ابي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: لما ولدت فاطمة (عليها السلام) اوحى الله تبارك وتعالى إلى مَلك فانطق به لسان محمد (صلى الله عليه واله) فسماها فاطمة ثم قال اني فطمتك بالعلم وفطمتك من الطمث. ثم قال ابو جعفر: والله لقد فطمها الله تبارك وتعالى بالعلم وعن الطمث في الميثاق.
اقول: يعني في العالم المذكور في الآية الكريمة وهي قوله تعالى: ((وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ)). ومن الملاحظ – لاحظوا ربما انتم توافقوني على هذا الشيء - ان اسماء اصحاب الكساء (سلام الله عليهم) لم تكن موجودة قبلهم، وبتعبير اخر قبل الاسلام – شني هي ؟ - بما فيها (محمد واحمد وعلي وحيدر وفاطمة والزهراء والحسن والحسين) ، ما كان واحد مسمى بهذه الاسماء طبعا. ومن العجيب انها كانت مذكورة في الكتب السماوية السابقة الا انه (سبحان الله كانما كرامة اهل البيت (سلام الله عليهم) )لم يسم بها احد، لان الغالب من ذكرها انها باللغات السريانية والعبرية وليست باللغة العربية مثل (ايليا) يعني علي و(شُبر او شَبَر) يعني الحسن و(شُبير او شَبير) يعني الحسين.
وفي رواية اخرى عن ابي هريرة قال: انما سميت فاطمة لان الله عز وجل فطم من احبها من النار. ترون طبعا ان هذه اسناد من الجماعة مع ذلك رووا في فضل اهل البيت اخبارا كثيرة.
وعن جعفر بن محمد عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله): يا فاطمة اتدرين لم سميت فاطمة ؟ قال علي: يا رسول الله لم سميت ؟. قال: لانها فطمت هي وشيعتها من النار.
وعن ابي جعفر (عليه السلام)، قال: لفاطمة (عليها السلام) وقفة على باب جهنم فان كان يوم القيامة كُتب بين عيني كل رجل مؤمن أو كافر. فيؤمر بمحب قد كثرت ذنوبه إلى النار، فتقرأ فاطمة بين عينيه محبها (لانه مكتوب عليه)، فتقول:
الهي وسيدي سميتني فاطمة وفطمت بي من تولاني وتولى ذريتي من النار ووعدك الحق وانت لاتخلف الميعاد. فيقول الله عز وجل صدقت يا فاطمة اني سميتك فاطمة وفطمت بك من احبك وتولاك واحب ذريتك ومن تولاهم من النار ووعدي الحق وانا لا اخلف الميعاد. وانما – لاحظوا - امرت بعبدي هذا إلى النار لتشفعي فيه فاشفعك فيتبين لملائكتي وانبيائي ورسلي واهل الموقف – يعني الواقفين في عرصة يوم القيامة - موقعك مني ومكانك عندي، فمن قرأتِ بين عينيه مؤمنا أو محبا فخذي بيده وأدخليه الجنة.
وعن علي (عليه السلام): ان النبي (صلى الله عليه واله)، سُئل ما البتول ؟ (وهي من اسماء الزهراء ) فانا سمعناك يا رسول الله تقول ان مريم بتول وفاطمة بتول فقال : اي رسول الله (صلى الله عليه واله): البتول هي التي لم تر حمرة قط.
والبتول من الصفات التي تسند للانثى بدون علامة التأنيث، لا تقول بتولة طبعا، لوضوح اختصاصه بالمرأة وعدم الاشتباه بالشمول الى الرجل كالحائض والطامث والحامل والمقرب.
وروي في تسميتها الزهراء (عليها السلام)، عن ابي جعفر (عليه السلام): انه سُئل لم سميت الزهراء ؟ قال: لان الله تعالى خلقها من نور عظمته فلما اشرقت اضاءت السماوات والارض بنورها وغشيت ابصار الملائكة وخرت الملائكة لله ساجدين وقالوا الهنا وسيدنا ما هذا النور؟ فأوحى الله اليهم هذا نور من نوري اسكنته في سمائي وخلقته من عظمتي اخرجه من صلب نبي من انبيائي افضله على جميع الانبياء وأُخرج من ذلك النور ائمة يقومون بامري ويهدون إلى حقي واجعلهم خلفائى في ارضي بعد انقضاء وحيي (أي بعد وفاة النبي (صلى الله عليه واله)).
وروي مرفوعا إلى علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله) لفاطمة (عليها السلام): يا بُنيّه ان الله اشرف على الدنيا فاختارني على رجال العالمين، ثم اطّلع ثانية فاختار زوجك على رجال العالمين، ثم اطّلع ثالثة فاختارك على نساء العالمين، ثم اطّلع رابعة فاختار ابنيك على شباب العالمين.
اقول: وهو يقول في الرواية هذه : (اشرف على الدنيا فاختارني على رجال العالمين) ولم يقل على رجال الدنيا وانما على رجال العالمين وكذلك على نساء العالمين وكذلك على شباب العالمين، ولم يقل على رجال الدنيا أو نساء الدنيا أو شباب الدنيا - معناه ان المسألة اعم من ذلك واشمل بكثير، كما هو واضح مع شيء من التفكير- فيدل الحديث على ان النبي (صلى الله عليه واله) خير الخلق على الاطلاق. وعلي (عليه السلام) خير الخلق بعد الرسول. وفاطمة خير الخلق بعدهما بما فيها ولديها الحسن والحسين. والحسن والحسين خير الخلق بعدهم بما فيهم الائمة التسعة من اولاد الحسين (عليهم السلام اجمعين).
وعن ابن عباس قال: سألت النبي (صلى الله عليه واله) عن الكلمات التي تلقى ادم من ربه فتاب عليه، قال: سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت عليّ فتاب عليه. وفي بعض الروايات: ان ادم (عليه السلام) اُهبط من الجنة، فظل يبكي اربعين سنة حتى صارت من دمعه نهران. وحين رحمه الله تعالى وغفر له نزل عليه جبرائيل (عليه السلام) وعلمه بالاسماء التي يحلف بها لكي يغفر الله له عز وجل وهي اسماء اهل الكساء وقد ذكّره في ذلك الحين بانه رآهم انوارا حول العرش عندما نفخت فيه الروح في اول امره.
وروي عن جعفر بن محمد عليهما السلام، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله): ان الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها. وبهذا الاسناد قال: فقال له: يا بن رسول الله انك قلت: ان الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها. قال (يعني الامام الصادق عليه السلام): فماذا تنكرون من هذا ؟ فوالله ان الله ليغضب لغضب عبده المؤمن ويرضى لرضاه.
وروي عن عائشة ذكرت فاطمة عليها السلام، فقالت: ما رأيت احدا اصدق منها إلا اباها. وعن أم سلمة أم المؤمنين (رضي الله عنها)، قالت: كانت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه واله) اشبه وجها وشبهاً برسول الله (صلى الله عليه واله).
وروي عن الاصبغ بن نباتة، قال: سمعت امير المؤمنين (عليه السلام) يقول: والله لأتكلمن بكلام لا يتكلم به غيري إلا كذاب. ورثت نبي الرحمة، وزوجتي خير نساء إلامة، وانا خير الوصيين. ومن الواضح – هذا تعليقي طبعا ، ايضاح - انه كلام لايستطيع ان يقوله غيره إلا كذاب ومقصوده من الميراث (ورثت نبي الرحمة) هو ليس وارث مالي بالمعنى الحقيقي ، لا ، ومقصوده من الميراث، ميراث العلم. ومن المعلوم ان ميراث علم رسول الله (صلى الله عليه واله) لا يمكن لاحد ان يحمله أو يطيق مسؤوليته إلا شخص مثله ويكون كنفسه وهو امير المؤمنين (عليه السلام) . والزهراء خير نساء الامة يعني خير حتى من زوجات النبي وبناته الاخريات. وهو خير الوصيين يعني من جميع الاوصياء قبل الاسلام وبعد الاسلام يعني المعصومين من ذريته.
وينسب إليها رثاء ابيها بعد وفاته قائلة:
ماذا على من شم تربة احمد .... إلا يشم مدى الزمان غواليـا
صبـت عليَّ مصائب لو انها .... صبت على الايام صرن لياليـا
قد كنت ذات حمىً بظل محمد .... لا اتقي دهري وكان حمىً ليـا
فالان اخضع للئيـم واتـقي ......... غيري وادفـع ظالمي بردائيـا
فاذا بكت قمريـة في ليلهـا شجنا .... على غصن بكيت صباحيا
فلاجعلن الحزن بعدك مؤنسي .... ولاجعلـن الدمع فيك وشاحيـا
واما المصائب فقد وردت في كلامها بصيغة الجمع
صبـت علي مصائب لو انها صبت على الايام صرن ليليـا
زين اذا كانت تقصد وفاة ابيها فهي مصيبة واحدة وليست متعددة فما هي تلك المصائب ؟ الانسان يفكر ويعرف طبعا . ولو ارادت وفاة النبي ( صلى الله عليه واله ) فقط لكانت مصيبة واحدة. ولكنها اشارت إلى الانحراف والخلاف الذي حصل بعده (صلى الله عليه واله) كما تقول حسب المنسوب إليها في ابيات اخرى:
قد كان بعـدك انباء وهنبثة لو كنت شاهدهـا لم تكثر الخطب
انا فقدناك فقد الأرض وابلها واختل قولك لما غبـت وانقـلبوا
ابدت رجال لنا فحوى صدورهم لما قضيت وحالت دونك الترب
وروى جابر بن عبد الله الانصاري، قال: دخلت فاطمة (عليها السلام) على رسول الله (صلى الله عليه واله) وهو في سكرات الموت، فانكبت عليه تبكي ففتح عينه وافاق ثم قال (صلى الله عليه واله): يا بنية انت المظلومة بعدي وانت المستضعفة بعدي، فمن آذاك فقد آذاني ومن غاضك فقد غاضني ومن سرك فقد سرني ومن برّك فقد برّني ومن جفاك فقد جفاني ومن وصلك فقد وصلني ومن قطعك فقد قطعني ومن انصفك فقد انصفني ومن ظلمك فقد ظلمني، لانك مني وانا منك وانت بضعة مني وروحي التي بين جنبي. ثم قال (صلى الله عليه واله): إلى الله اشكو ظالميك من امتي.
وعن المسند عن عائشة، قالت: اقبلت فاطمة (عليها السلام) تمشي كأن مشيتها مشية رسول الله (صلى الله عليه واله) فقال رسول الله (صلى الله عليه واله): مرحبا يا بنتي. ثم اجلسها عن يمينه أو عن شماله. ثم انه اسر اليها حديثا فبكت. فقالت: استخصك رسول الله (صلى الله عليه واله) بحديثه ثم تبكين. ثم انه اسر إليها حديثا فضحكت فقالت: ما رايتك اليوم فرحا اقرب من حزن. فسألتها عما قال فقالت: ما كنت لافشي سر رسول الله (صلى الله عليه واله)، حتى قبض رسول الله (صلى الله عليه واله). فسألتها فقالت: اسر الي فقال ان جبرائيل كان يعارضني بالقرآن في كل عام مرة، وانه عارضني به العام (يعني هذا العام) مرتين، ولا اراه إلا وقد دنى اجلي وانكِ اول اهل بيتي لحاقا بي ونعم السلف انا لك. فبكيت لذلك فقال: إلا ترضين ان تكوني سيدة نساء هذه الامة أو نساء المؤمنين. قالت فضحكت لذلك.
ومنه عن عائشة، قالت: لما مرض رسول الله (صلى الله عليه واله) دعا ابنته فاطمة فسارها فبكت، ثم سارها فضحكت. فسألتها عن ذلك فقالت: اما حيث بكيت فانه اخبرني انه ميت فبكيت، ثم اخبرني اني اول اهل بيته لحوقا به فضحكت.
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا * إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ * وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ * أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ * إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ
صدق الله العلي العظيم

الجمعة الثانية والعشرون 19 جمادي الاولى 1419
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله الطيبين الطاهرين.
بسم الله الرحمن الرحيم
إِلهِي إِنْ كانَ قَلَّ زادِي فِي المَسِيرِ إِلَيْكَ فَلَقَدْ حَسُنَ ظَنِّي بِالتَّوَكُّلِ عَلَيْكَ وَإِنْ كانَ جُرْمِي قَدْ أَخافَنِي مِنْ عُقُوبَتِكَ فَإنَّ رَجائِي قَدْ أَشْعَرَنِي بِالأَمْنِ مِنْ نِقْمَتِكَ، وَإِنْ كانَ ذَنْبِي قَدْ عَرَضَنِي لِعِقابِكَ فَقَدْ آذَنَنِي حُسْنُ ثِقَتِي بِثَوابِكَ، وَإِنْ أَنامَتْنِي الغَفْلَةُ عَنْ الاِسْتِعْدادِ لِلِقائِكَ فَقَدْ نَبَّهَتْنِي المَعْرِفَةُ بِكَرَمِكَ وَآلآئِكَ، وَإِنْ أَوْحَشَ مابَيْنِي وَبَيْنَكَ فَرْطُ العِصْيانِ وَالطُّغْيانِ فَقَدْ آنَسَنِي بُشْرَى الغُفْرانِ وَالرِّضْوانِ، أَسْأَلُكَ بِسُبُحاتِ وَجْهِكَ وَبِأَنْوارِ قُدْسِكَ وَأَبْتَهِلُ إِلَيْكَ بِعَواطِفِ رَحْمَتِكَ وَلَطائِفِ بِرِّكَ أَنْ تُحَقَّقَ ظَنِّي بِما أُؤَمِّلُهُ مِنْ جَزِيلِ إكْرامِكَ وَجَمِيلِ إنْعامِكَ فِي القُرْبى مِنْكَ والزُّلْفى لَدَيْكَ وَالتَّمَتُّعِ بِالنَّظَرِ إِلَيْكَ، وَها أَنا مُتَعَرِّضٌ لِنَفَحاتِ رَوْحِكَ وَعَطْفِكَ وَمُنْتَجِعٌ غَيْثَ جُودِكَ وَلُطْفِكَ فارُّ مِنْ سَخَطِكَ إِلى رِضاكَ هارِبٌ مِنْكَ إِلَيْكَ راجٍ أحْسَنَ ما لَدَيْكَ مُعَوِّلٌ عَلى مَواهِبِكَ مُفْتَقِرٌ إِلى رِعايَتِكَ.
إِلهِي مابَدَأْتَ بِهِ مِنْ فَضْلِكَ فَتَمَّمْهُ، وَما وَهَبْتَ لِي مِنْ كَرَمِكَ فَلا تَسْلُبْهُ، وَما سَتَرْتَهُ عَلَيَّ بِحِلْمِكَ فَلا تَهْتِكْهُ، وَما عَلِمْتَهُ مِنْ قَبِيحِ فِعْلِي فَاغْفِرْهُ، إِلهِي اسْتَشْفَعْتُ بِكَ إِلَيْكَ وَاسْتَجَرْتُ بِكَ مِنْكَ أَتَيْتُكَ طامِعاً فِي إحْسانِكَ راغِباً فِي امْتِنانِكَ مُسْتَسْقِياً وَابِلَ طَوْلِكَ مُسْتَمْطِراً غَمامَ فَضْلِكَ طالِباً مَرْضاتَكَ قاصِداً جَنابَكَ وَارِداً شَرِيعَةَ رِفْدِكَ مُلْتَمِساً سَنِيَّ الخَيْراتِ مِنْ عِنْدِكَ وَافِداً إِلى حَضْرَةِ جَمالِكَ مُرِيداً وَجْهَكَ طارِقاً بابَكَ مُسْتَكِيناً بِعظَمَتِكَ وَجَلالِكَ ؛ فَافْعَلْ بِي ماأَنْتَ أَهْلُهُ مِنْ المَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ وَلاتَفْعَلْ بِي ماأَنا أهْلُهُ مِنْ العَذابِ وَالنِّقْمَةِ بِرَحْمَتِكَ ياأَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وصلى الله على خير خلقه اجمعين محمد واله الطيبين الطاهرين.
اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
والان بمناسبة الحديث عن الزهراء (سلام الله عليها)، نتحدث عن المرأة والنظرة الشرعية تجاه هذا القسم المهم في المجتمع، الذي يمثل حوالي نصف المجتمع (نصف المجتمع نساء طبعا ونصفه الاخر رجال بالتقريب لا بالتحقيق وهذا اكيد ). والذي يجب إلا يهمله الفرد والمجتمع والشريعة او يسقطه عن نظر الاعتبار كما في بعض النظرات المتخلفة انه كانما ملحقة بالحيوانات المرأة .. تجل عن طاريها، تكرم عن طاريها ، لا مو هيجي .. وانما القرآن ليس هكذا بطبيعة الحال احترم الرجال والنساء معا (الصائمين والصائمات والقائمين والقائمات والقانتين والقانتات) ليس ظالما كجملة من الناس والعياذ بالله، لا هو العدل الحقيقي.
والمشاكل التي تخص النساء عديدة، منها – لاحظوا – شكلين ، بعضها الى جنبها وفي مصلحتها وبعضها ضدها ، لابد من ذكر كلا الجهتين ، حتى يصير بالعدالة ، منها ما تكون في صالحها من حيث ظلم الرجل لها، سواءً كان زوجا أو غير زوج، وظلم المجتمع لها وظلم القانون لها. ومنها ما تكون ناشئة منها – هي نقاط الضعف بيهه - كعدم التفقه، بل عدم التدين وحب الدنيا والمنافسة فيها وكعدم الحجاب والاختلاط بين الرجال على الدوام وفي كل المناسبات، وكعدم حسن التصرف من المرأة تجاه زوجها وتجاه اولادها وذريتها. وكذلك سوء تربيتها لهم مع انها العنصر الاهم في تربية الاطفال بطبيعة الحال. الرجال شيسوي؟ يعوفهه ويروح إلى دكانه أو وظيفته أو تجارته أوعمله ، أي شيء كان، تبقى المرأة بالبيت ويه اولادها الصغار، من هو الذي يكون المربي الحقيقي؟ انما هو المرأة، فاذا كانت المرأة ما فاهمة اصلا، لا دين ولا دنيا، اذن يطلعون كل ذريتها لا دين ولا دنيا. هي هاي زين ؟ من الذي يرضاه ، الله او رسوله او المؤمنون ؟! .
فهذا وغير هذا كله لا بد من التعرض له وحله حلاً شرعياً اسلامياً، يرضي الله ورسوله والمعصومين (سلام الله عليهم اجمعين). إلا ان الخطبة لا يحتمل انها تسع لكل ذلك طبعا، فسوف اختار هنا مشكلة الحجاب فقط التي هي اعظم واهم واشمل مشكلة من مشاكل المجتمع ومشاكل العصر.
ومن الواضح جدا ان عدم الحجاب والحث (كما يفعل الناس) على الاختلاط بين الجنسين، انما وردنا عن طريق الاستعمار الغاشم الظالم الذي لم يكتف بنهب خيراتنا وافقار شعوبنا والهيمنة علينا، بل كان من اهم اهدافه استلاب ديننا ونسياننا لآخرتنا وعصياننا لتعاليم شريعتنا التي هي العدل الحقيقي الكامل، لكي يكون مجتمعنا كمجتمعهم متسيبا اخلاقيا ومنحلا ضميرا وساقطا دينا. يستهدف (الاستعمار) من كل ذلك ابعاد تفكيرنا الديني لما يعملون في الدين من فعالية ضدهم ونسخ لوجودهم واستنكار لمظالمهم كما قال سبحانه وتعالى: ((وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا)). فاذا اطعناهم في ذلك وعصينا الله سبحانه وتعالى جل جلاله فقد حفرنا قبورنا بايدينا، واعنا على انفسنا، واصبحنا عبيدا لاعدائنا ومن يريد الاضرار بنا، ونسينا اهدافنا العادلة الحقيقية وديننا العادل الحنيف.
فمثلا بكل تاكيد – لاحظوا - ان كل الاديان السماوية ، الاديان السماوية شنهي ؟ الاسلام بكل مذاهبه، والمسيحية بكل مذاهبها واليهودية وغيرها، كلها تحرم السفور وتردع عنه، وكلها تحرم الزنى واللواط وشرب الخمر. وليس هناك أي دين يحلله او يجيزه. وهذا ينبغي ان يكون واضحا جدا. وعلامة ذلك كعلامة بسيطة عند المسيحيين وكذلك اليهود – سبحان الله - اننا نجد النساء المتدينات في دينهن والراهبات منهن يلبسن الحجاب، فدليل على انه يشوفون مسئوليتهم تجاه الله ان يلبسن الحجاب. فلماذا سائر المجتمع سافرات – سبحان الله - حتى المسيحيات واليهوديات. هذا امر بالمعروف ونهي عن المنكر للمسيحيات واليهوديات فضلا عن المسلمات حبيبي . الحكم منجز حتى في ذمتهن. أو بتعبير آخر منجز في ذمة كل البشر من اوله إلى آخره وفي كل الاجيال.
وما ذلك ( ليش يتحجبن) إلا لكونهن ممتثلات للحكم الشرعي في دينهن، بينما يكون الملايين من المسلمات والمسيحيات وغيرهن عاصيات جهرا، وعازمات على الاستمرار بالعصيان، اي في ترك الحجاب طبعا. فنساءهم _ خلي نشوف حالهم شنو -كلهن سافرات وكلهم يشربون الخمر ويمارسون الزنا ويأكلون لحم الخنزير. فنسألهم – شوف - هل كان موسى الكليم (سلام الله عليه) يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير ؟ أو كان عيسى المسيح كذلك ؟ زين انتم تقدسونهم لولا؟ هم عبرة لكم طبعا، فلماذا لا تكونوا مثلهم ؟ سبحان الله !
اذا كنت لا تدري فتلك مصيبة او كنت تدري فالمصيبة اعظم (ملايين المرات حبيبي مو مرة واحدة)
أو كان الحواريون كذلك يشربون الخمر أو يأكلون لحم الخنزير؟ أو نساء الحواريين غير محجبات ؟ أو مريم العذراء غير محجبة ؟ ماذا تقولون بالله؟! عجبا للفكر الممسوخ والنذالة المتناهية !
فاذا كان السفور عندكم حراما، وانتم عصاة فيه وملعونون عليه، وكل هذه المحرمات كذلك فكيف تريدونه لنا وتحثوننا عليه ؟ وما هذه الهدية الفاسدة المجرمة التي ادخلتموها في بلادنا وربيتم عليها اجيالنا وشبابنا ؟
واذا كانوا هم عاصين لتعاليم اديانهم وشرائع انبيائهم، فلنكن نحن المطيعون لتعاليم ديننا الحنيف، وشريعتنا المقدسة العادلة الكاملة. فان في ذلك الشرف كل الشرف، والهدف كل الهدف، وبذلك الوصول إلى الكمال والجلال ورضاء الله جل وعز واولياءه (سلام الله عليهم اجمعين).
لاحظوا احبائي .. شوفوا من هو المتجاهر بالفسق ؟ هو ذلك الفرد الذي لا يكون عنده مانع عن أن يعمل المحرم الذي يلتزم به يعمله في المجتمع وامام الناس، يصير متجاهر بالفسق ، كما لو كان يشرب الخمر بصراحة او يذهب والعياذ بالله إلى المبغى بوضوح أو يعين الظلم والظالمين أو اللصوص مثلا بوضوح وصراحة فهذا هو المتجاهر بالفسق. ونتيجته انه بريء من الله ورسوله، وكذلك فان الله ورسوله بريئان منه ، وانه متجه إلى الشيطان، ومعرض عن الرحمن، وانه يقينا من اهل النار.
فمن تطبيقات ذلك (انا ليش جبت طاري المتجاهر بالفسق ؟)، من تطبيقات ذلك السافرة، فانها لا مانع لها من التجول في كل المجتمعات وعلى كل الاصعدة بزيها المكشوف المثير (كول لا !)، فتكون متجاهرة بالفسق وظاهرة بالمعصية. وكل السافرات متجاهرات بالفسق بطبيعة الحال لا استثني منهن ولا واحدة طبعا.
ومن الواضح لدى المتشرعة ان المتجاهر بالفسق – شبيه ؟ - لا ذمة له في الاسلام فتجوز غيبته، ويجب ردعه وتجب مقاطعته، ويقشعر البدن من مجرد تذكره او رؤيته. ومع ذلك تكون المرأة (عمليا الان في مجتمعنا) سافرة متجاهرة بالفسق في سفورها ونحن مع ذلك نحبها ونصلها ونتعامل معها وننفعها ونعتبرها زميلة لنا في دراسة أو تجارة أو أية مصلحة.
بل العتب في ذلك على النساء (اعني المحجبات منهن) اكثر من الرجال، لارتفاع المانع من الاختلاط والتعامل بين النساء انفسهن بطبيعة الحال. فقد تكون المرأة محجبة نسبيا - هواي اكو محجبات - ولكن لا مانع لديها من مزاملة السافرة والعمل معها والصداقة معها، فهي لاتأمرها بالمعروف ولا تنهاها عن المنكر ولا تشير إليها بشيء يشينها او يؤذيها، فضلا عن ان تقاطعها أو ان تبتعد عنها. ليس هكذا المتوقع منها من قبل الله واولياءه وشريعته طبعا. فان فعلت المحجبة ذلك إذن فقد احبت الحرام فيكون عقابها في الآخرة نفس عقاب السافرة لان المرء يحشر مع من احب. وقد احبت السافرة إذن تحشر مع السافرة.
الخطوة الآخرى ، المسألة ليست هي فقط بالتجاهر بالفسق، ولو اقتصر الامر على هذا المقدار لهان الامر نسبيا. بل ينبغي النظر إلى السفور بصفته شبكة صيد ينصبها الشيطان لاغواء الملايين من الرجال والنساء وسلب دينهم وتوجيههم نحو طريق الرذيلة والفساد.
اما الرجال – شلون للرجال ؟ وشلون للنساء ؟ - فباعتبار الاغواء الجنسي الحاد، وخاصة في مجتمع الشبان والشابات في المعاهد والكليات والاسواق وغيرها. حيث يكونون غير متزوجين غالبا، ويكون كل واحد منهم كالكبريت (من حيث اللذة الجنسية) يشتعل لاول احتكاك، واذا اشتعل ذهب دينه وذهبت دنياه.
واما النساء فلوجود حب الدنيا عندهن بشكل مكثف وواضح، أو ما يسمى(بالغيرة) وان هذه عندها كذا وكذا من الثياب أو من الاثاث أو من اساليب التجميل، إذن فيجب ان اكون انا مثلها وتضغط في ذلك ضغطا متزايدا على نفسها وزوجها وابيها وامها واخوها واختها. وما اسهل ان تجد اختها سافرة او صديقتها أو زميلتها – حتى تتقشمر، الغيرة يعني هي شنهي ؟! يعني اني خل اصير سافرة – لكي تكون هي سافرة ، مع وجود الفراغ العقائدي والديني والجهل المطبق من كل هذه النواحي وعدم ادراك عظمة الله وطاعة الله واهمية الآخرة.
اذن فالسافرة كما اوجبت السوء لنفسها واصبحت من المتجاهرين او المتجاهرات بالفسق، كانت سببا للسوء والتأثير السيء تجاه الآخرين من رجال ونساء واوجبت انحرافهم دينيا وسقوطهم اخلاقيا واجتماعيا، ويكون وزر كل ذلك عليها وفي ذمتها في الدنيا والآخرة، من قبيل شنو ، الخبر الذي ورد بحسب المضمون : من سن سنة حسنة كان له ثوابه – مامضمونه - وثواب من يعمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة (وهؤلاء يسنون سنن سيئة طبعا)فعليه وزرها ووزر من يعمل بها إلى يوم القيامة). وليس يوم يومين حبيبي .
واود الان ان اشير إلى بعض الظواهر المحددة، والشائعة في نفس هذا الموضوع، فمن ذلك ما يتخذه الكثير من الناس من اساليب الخلاعة، والازعاج والعصيان الديني في الاعراس من سفور النساء حتى المحجبات يسفرن زين ؟ من جمهور النساء وخاصة العروس المتجملة اللابسة ابهى ثيابها، والسير في الشوارع مع الاغاني والتصفيق وقطع الطريق على السابلة (ومن قطع طريق المسلمين فليس بمسلم وعليه لعنة الله). مضافا إلى احياء الحفلات الغنائية ودعوة الفسقة والسافرات إليها وتوزيع الخمر فيها وغير ذلك، وكل ذلك محرم بضرورة الدين وهو اشد حرمة واسفا – لاحظوا - إذا صدر من الاسر التي تدعي التدين أو في اماكن ومدن متدينة ومقدسة كالنجف وكربلاء والكاظمية وغيرها.
فمن هنا نحن نعلن عن وجوب قطع كل ذلك بتاتا وتماما. وكل من يفكر في ذلك فهو ملعون. وكل من يجيب دعوتهم او يشاركهم في عملهم فهو ملعون. بل كل من يتعاون معهم في أي شيء حتى من داخل اسرتهم فهو ملعون . ولا تنفك عنه اللعنة حتى يتوب، ولن يتوب حتى يتضح منه امام الله سبحانه مقاطعة الحرام وفاعلي الحرام كائنا من كانوا، لا تأخذه في الله لومة لائم.
ومن ذلك ما هو موجود في كثير من الاسر من السفور في داخل العائلة الواحدة مع انها قد تكون محرمة عليه لا يجوز له ان يراها ولا يجوز لها الانكشاف امامه، مع انهم متفقون على هذا المسلك. فاذا اصبح فرد منهم – يجون يشكون اليّ ويشكون الى العلماء الاخرين - أو عدة افراد متدينيين وشاعرين بمسؤولية طاعة الله سبحانه، فسوف يقعون في حرج كبير في داخل اسرتهم وبلاء عظيم من حيث لا يستطيعون مقاطعة العائلة والخروج عنها. واوضح اشكال ذلك زوجة الاخ، حيث يعيش الاخوة مع زوجاتهم السافرات في اسرة واحدة وسفرة واحدة. وكذلك اخت الزوجة فان الاعتقاد العامي بانها حلال مع انها حرام، لا تختلف في اي شيء عن أي اجنبية اخرى.
هذا فضلا عن بنات العم أو بنات الخال أو بنات العمة او بنات الخالة، والعكس ايضا صحيح يعني بالنسبة الى النساء اولاد العم والعمة واولاد الخال والخالة، فان ذلك كله حرام بضرورة الدين ولا يوجد من يفتي بجوازه من المجتهدين.
فمن هنا لا نقول اننا نهيب ونرجوا لان الدين لا يتوصل إليه بالتوسل والتوصل او بالرجاء والاستحياء، لا لا ، طب بعينهم عينك ، رضى أم لم يرضى هذا هو .
أو كما يقول بعضهم: طبق ثم ناقش. لا، وانما يقول الدين طبق ولا تناقش. لان كلمة الدين واحدة لا تكون اثنين وكلمة الحوزة واحدة لا تكون اثنين، ولا مجال لتحليل ما حرمه الله.
فاذا اراد الفرد لنفسه الخير والكمال في الدنيا والآخرة فليتبع دين الله. واذا اراد الفساد والافساد والغواية والانحراف وشر الدنيا والاخرة فليتبع الشيطان. فيكون من حيث يعلم أو لا يعلم عدوا للايمان وللمؤمنين ناصرا للاستعمار والمستعمرين محبا للكفار والمنحرفين. فيكون ممن اضله الله على علم وختم على سمعه وبصره وجعل على قلبه غشاوة ، اعاذنا الله جميعا من كل سوء وعصيان انه على كل شيء قدير.
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)
صدق الله العلي العظيم
واسألكم الدعاء جميعا.






 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم


التعديل الأخير تم بواسطة خادم البضعة ; 23-03-2017 الساعة 01:12 PM
ابو علي غير متواجد حالياً  
قديم 22-03-2012, 12:50 AM   #23

 
الصورة الرمزية ابو علي

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 32
تـاريخ التسجيـل : Oct 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 10,104

افتراضي رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة

الجمعة الثالثة و العشرين 26 جمادي الاولى 1419

الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ عَدَدَ رِضاهُ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ عَدَدَ خَلْقِهِ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ عَدَدَ كَلِماتِهِ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ زِنَةَ عَرْشِهِ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ مِلْأَ سَماواتِهِ وَ اَرْضِهِ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْحَميدُ الْمَجيدُ الْغَفُورُ الرَّحيمُ، الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ.
لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ القابِضُ الْباسِطُ الْعَلِيُّ الْوَفِي ُّ، الْواحِدُ الْاَحَدُ الْفَرْدُ الصَّمَدُ، الْقاهِرُ لِعِبادِهِ الرَّؤُوفُ الرَّحيمُ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْاَوَّلُ الْاخِرُ، الظَّاهِرُ الْباطِنُ، الْمُغيثُ الْقَريبُ الْمُجيبُ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْغَفُورُ الشَّكُورُ اللَّطيفُ الْخَبيرُ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الصَّادِقُ الْاَوَّلُ الْعالِمُ الْاَعْلى.
لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الطَّالِبُ الْغالِبُ النُّورُ الْجَليلُ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْجَميلُ الرَّزَّاقُ الْبَديعُ الْمُبْتَدِعُ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الصَّمَدُ الدَّيَّانُ الْعَلِيُّ الْاَعْلى، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْخالِقُ الْكافي الْباقي الْمُعافي، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْمُعِزُّ الْمُذِلُّ الْفاضِلُ الْجَوادُ الْكَريمُ.
لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الدَّافِعُ النَّافِعُ الرَّافِعُ الْواضِعُ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْحَنَّانُ الْمَنَّانُ الْباعِثُ الْوارِثُ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْقائِمُ الدَّائِمُ الرَّفيعُ الْواسِعُ، لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْغِياثُ الْمُغيثُ الْمُفْضِلُ الْحَىُّ الَّذي لا يَمُوتُ.
لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِى ءُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْاَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْاَرْضِ وَ هُوَ الْعَزيزُ الْحَكيمُ، هُوَ اللَّهُ الْجَبَّارُ في دَيْمُومِيَّتِهِ فَلا شَيْ ءَ يُعادِلُهُ وَ لا يَصِفُهُ وَ لا يُوازيهِ، وَ ليس يُشْبِهُهُ شيء ولَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ وَ هُوَ السَّميعُ الْبَصيرُ اللَّطيفُ الْخَبيرُ.
هُوَ اللَّهُ اَسْرَعُ الْحاسِبينَ وَ اَجْوَدُ الْمُفْضِلينَ الْمُجيبُ دَعْوَةَ الْمُضْطَرّينَ وَ الطَّالِبينَ اِلى وَجْهِهِ الْكَريمِ، اَسْأَلُكَ بِمُنْتَهى كَلِمَاتِكَ التَّامَّةِ وِ بِعِزَّتِكَ وَ قُدْرَتِكَ وَ سُلْطانِكَ وَ جَبَرُوتِك اَنْ تُصَلِّي عَلى مُحَمَّدٍ وَ الِهِ وَ اَنْ تَفْعَلَ بي ما انت اهله ولا تفعل بي ما انا اهله انك ارحم الراحمين وعلى كل شيء قدير.
اللهم صل على المصطفى محمد والمرتضى علي والزهراء فاطمة والمجتبى الحسن والشهيد الحسين والسجاد علي ومحمد الباقر وجعفر الصادق وموسى الكاظم وعلي الرضا ومحمد الجواد وعلي الهادي والحسن العسكري والحجة القائم المهدي بقيتك في ارضك وحجتك على عبادك صلاة قائمة دائمة.
اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
استمر الان في ذكر بعض الامور عن الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها). المهم انه مادامت ذكريات وفاتها موجودة، فيحسن التعرض إلى مثل ذلك خلال الجمعات المعاصرة التى الان موجودة. ولعل احسن ما استطيع ان اذكره بهذا الصدد وفي هذه العجالة فكرتان تخصاها (سلام الله عليها) يحسن الالتفات اليهما.
الفكرة الاولى: ما قلته في بعض كتبي كأضواء على ثورة الحسين (عليه السلام) وغيره. وحاصلها ان مقتضى القاعدة ان كل فرد صاحب حق إذا حُرِم من حقه واخذه منه الظالمون فانه له الحق ان يطالب بحقه وان يُذّكر المجتمع به وان يبرز حججه وبيناته على ثبوته ما اوتي إلى ذلك من سبيل. وهذا لا ينبغي ان يكون محل شكٍ اطلاقا.
والمهم ان الاصل في كل ذي حق ان يدافع هو عن نفسه، ويطالب بحقه لا ان يدافع عنه غيره. لكن حينما تقتضي المصلحة العامة غير ذلك فلا باس ان يدافع الكثيرون عن الحق المغصوب والظلم المتراكم. ومن ذلك بكل تاكيد ما إذا لم يستطع صاحب الحق ان يدافع عن حقه لبعض الموانع، إذن يجب ان يدافع عنه الاخرون ويُذّكِروا المجتمع بمظلمته ويبرهنوا على صحة حقه. وهذا ما يحصل في الجانب الديني الاسلامي كثيرا.
فمثلا ان صاحب الزمان، صاحب الامر المهدي (سلام الله عليه)، لا يستطيع الان ان يدافع عن نفسه، أو ان يطالب بحقه بالرغم من انه مظلوم اكثر من كل البشر، وحقه اعظم من كل الناس، إلا ان مطالبته بحقه ينافي غيبته ويجب عليه ان يحافظ على غيبته، لا ان يعرّف الناس بنفسه إلى زمان موعد ظهوره. فتكون مطالبته بحقه في عصر غيبته متعذرة عليه، وغير ممكنة له ومن ثم وجب على الواعين لقضيته (امثال هذه الوجوه الطيبة) والمدركين لظلامته والمخلصين لدعوته، ان يدافعوا عنه ويرفعوا رايته وينشروا كلمته ويبذلوا امكانهم في ذلك لان كلمته كلمة الله ورايته راية الله وحكمه حكم الله. ومن هنا نكون في هذا الجيل نحن المدافعون عنه ونحن المطيعون له ونحن القائمون بامره (سلام الله عليه) حتى يقضي الله بما هو قاض.
وكذلك قد يحصل وجود المانع عن ان يدافع الامام عن نفسه لبعد المكان، كالامام الصادق (عليه الصلاة والسلام) ساكناً في المدينة المنورة وانصاره في خراسان كما في الرواية المعروفة، فيكون بعيدا عن الساحة وعن المجتمع هناك ولم تكن في حينه اجهزة اعلامية وصوتية ولاسلكية. ومن هنا يتعين على الواعين والمخلصين الدفاع عنه وبيان حقه ورفع مظلمته في أي مكان بعيد أو مدينة اخرى أو زمان اخر لا يوجد فيه الامام (عليه الصلاة والسلام).
ومن ذلك انه قد يحصل في الاسلام – لاحظوا - ان الرجال لا يستطيعون ان يدافعوا عن انفسهم فيدافع عنهم النساء، وقد حصل ذلك في الاسلام مرتين. اوضحها ما حصل بعد مقتل الحسين (سلام الله عليه)، حيث يكون الحسين واصحابه (سلام الله عليهم اجمعين) مستشهدين قد فارقوا الدنيا ولا مجال لهم بطبيعة الحال للدفاع عن انفسهم والاخذ بحقهم وبيان ظلاماتهم والاقتصاص من اعدائهم. ومن هنا كان من اهم من تصدى لهذا الاعلام الضروري واقامة الحجة الرئيسية (بعد الشهادة) على الصديق والعدو وعلى المؤالف والمخالف – من هو ؟ - هو زينب العقيلة بنت علي امير المؤمنين (عليهما افضل الصلاة والسلام). ولولا موقف زينب (سلام الله عليها) وكلامها واعلامها وخطاباتها لانطمست ثورة الحسين (عليه السلام) واندرجت في طي النسيان وكأنها لم تكن. فكان لابد في الحكمة الالهية ان تنضم تلك الثورة الكبرى والتضحيات الجليلة إلى هذا الجانب الاعلامي المركز لكي يثمر ثمرته وينفع الاجيال باثره كما قد حصل.
وما اشجعها (سلام الله عليها) والطف بيانها حينما تقول لاكبر مسؤول في الدولة يومئذ – شتكول؟ - : (ولئن جرّت علي الدواهي مخاطبتك، اني لاستصغر قدرك واستعظم تقريعك واستكثر توبيخك. لكن العيون عبرى والصدور حرى. ألا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء) لان رسول الله (صلى الله عليه واله) قال لصحب يزيد وابو يزيد وجد يزيد– ماذا قال بعد فتح مكة ؟ - : اذهبوا فانتم الطلقاء. فهالجماعة طلقاء أي في الحقيقة طلقاء من رضا الله سبحانه وتعالى وليس من غضبه.
(الا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء). إلى ان تقول - ماذا تقول ؟ - : (فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا يُرحض عنك عارها - أي لا يغسل عنك عارها - وهل رايك إلا فند وايامك إلا عدد وجمعك إلا بدد يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين.
وتقول: (فوالله – شُجاعة - ما فريت إلا جلدك – تضر نفسك مو تضر واحد من عدنه - ولا حززت إلا لحمك ولتردن على رسول الله (صلى الله عليه واله) بما تحملت من سفك دماء ذريته وانتهكت من حرمته في عترته ولحمته حيث يجمع الله شملهم ويلم شعثهم وياخذ بحقهم ((ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون))، وحسبك بالله حاكما وبمحمد (صلى الله عليه واله) خصيما وبجبرئيل ظهيرا وسيعلم من سوّل لك ومكّنك من رقاب المسلمين. بئس للظالمين بدلا وايكم شر مكانا واضعف جندا).
ولقد علمنا من هو الذي سوّل له ، شتكول؟ وسيعلم من سوّل لك ومكنك من رقاب المسلمين ، من هو الذي سوّل له ومكنه من رقاب المسلمين ؟ - علمنا ان من سوّل له ونصبه حاكما ومكنه من رقاب المسلمين هو الاستعمار الذي كان متمثلا يومئذ بالدولة القيصرية البيزنطية الرومانية.
المهم – لاحظوا جدا ، فكرك يمي - اننا هل نستطيع ان نتصور في هذا العصر، وفي كثير من العصور ان يتكلم فرد مهما كان مهمّا امام اعلى مسؤول بالدولة من ملك أو امبراطور أو دكتاتور أو رئيس جمهورية أو أي حاكم ان يتكلم مثل هذا الكلام ويعطيه حقه بيده وامام عينيه وفي منزله وامام حاشيته وشرطته ومؤيديه ؟! هي زينب وين جانت ؟ في براني يزيد بن معاوية. هذا متعذر بكل تاكيد حتى في البلدان – لاحظوا -التي تدعي الحرية والديمقراطية كفرنسا وايطاليا وبريطانيا وغيرها. فان الحرية الشخصية مكفولة هناك نسبيا او شكلياً واما المناقشة في نظامهم والاعتراض على مسلماتهم واسس سياساتهم واسرار دولهم فهو ممنوع، قليلا كان أو كثيرا وليس فيه اية حرية كائنا من كان. وان رغمت انافهم نقول ذلك .
ومن ذلك (اعني حين يضطر النساء للدفاع عن مواقف الرجال) موقف الزهراء (سلام الله عليها) (هذاك موقف زينب قدمناه لانه اوضح واشهر، لا ، موقف الزهراء ايضا كذلك) ، موقف الزهراء سلام الله عليها حين اضطر امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة والسلام) إلى البقاء في بيته حوالي عشرين عاما – هي سهلة؟ انت اكعد ببيتك عشرين عاما ، سبحان الله - وانما كانت الفرصة الرئيسية والكلمة الشجاعة موجودة للزهراء (سلام الله عليها) والتي كانت شكليا تتخذ صورة المصلحة الشخصية، اعني المطالبة بفدك وموارد فدك وارباح فدك. ولكنها في الحقيقة ذات مصلحة عامة واقعية، وهي المطالبة بامامة زوجها امير المؤمنين (سلام الله عليه) وخلافته وتسنمه منصب الرئاسة الفعلية والقيادة في المجتمع.
وقد اُبليت الزهراء في ذلك بلاءً حسنا وجاهدت جهادا حقيقيا. وايضا كان خطابها مع اعلى مسؤول – كما حدث مع زينب سلام الله عليها - في الدولة يومئذ فلم تكن تحفل بالشدائد ولا تجبن عند المكاره. وانما تقول له بصراحة – ماذا تقول؟ - : (فدونكها مخطومة مرحولة - يعني ناقة في ابهى حلتها، اي حجتنا في ابهى صحتها - تلقاك يوم حشرك. فنعم الحكم الله والزعيم محمد والموعد القيامة وعند الساعة يخسر المبطلون ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون).
ومن جملة خطبها الواضحة والصريحة بالمطالبة بحق زوجها امير المؤمنين (سلام الله عليه) بالخلافـة والامامة ورعاية المجتمع حق رعايته، قولها: (ويحهم انى زحزحوها عن رواسي الرسالة وقواعد النبوة ومهبط الوحي ومهبط الروح الامين الطبن او الطبين بامور الدنيا والدين - والطبين هو الخبير ومن هو الخبير ؟ امير المؤمنين سلام الله عليه) ، زحزوها عنه ودفعوها الى غيره - الا ذلك هو الخسران المبين. وما نقموا من ابي الحسن ؟ - شعدهم وياه؟! - نقموا والله نكير سيفه وشدة وطأته ونكال وقعته وتنمره في ذات الله. وبالله – تُقسم الزهراء سلام الله عليها - لو تكافئوا على زمام نبذة رسول الله (صلى الله عليه واله) لسار بهم سيرا سجحا – شوفوا اذا تسلط على المجتمع وحكم المجتمع شلون سهلة بيده وشلون كلهم يرتاحون - لا يكلم خشاشه ولا يتعتع راكبه ولاوردهم منهلا رويا فضفاضا تطفح ضفتاه ولا يترنق جانباه ولأصدرهم بطانا قد تحرى بهم الري – هم شبعانين وهم ريانين - غير متحل منهم بطائل بعلمه الزاخر وردعه ثورة الساغب – الذي هو الجائع – ولفتحت عليهم بركات من السماء وسياخذهم الله بما كانوا يكسبون
ثم تقول: ( إلى أي لجأٍ - اي الى اي ملجأ ، ما يختاروه حبيبي - لجأوا واستندوا وباي عروة تمسكوا ولبئس المولى ولبئس العشير. استبدلوا والله الذنابى بالقوادم والعجز بالكاهل فرغما لمعاطس قوم يحسبون انهم يحسنون صنعا – رغما على انفهم - الا انهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون).
وهي تقول – لاحظ - هذا الكلام البليغ، والبيان الفصيح بقلب شجاع، وارادة قوية وكلام لا يفهمه الا اهلوه، وهي من العمر - حوالي شكدهه؟ سبحان الله - حوالي تسعة عشر سنة، أو أقل ، انها شابة صغيرة، ولكنها المعجزة الكبيرة. فهل في العالم اليوم او في اي يوم واحدة تستطيع ان تتكلم مثلها ؟ ، رجل عمره تسعة عشر سنة يستطيع ان يتكلم بمثل ذلك؟ ماكو حبيبي. فهل في العالم اليوم واحدة تستطيع ان تتكلم بمثل هذه المضامين العالية ، وهل في اجيال الاسلام وغير الاسلام مثل ذلك ؟ ما موجود طبعا ، كلا ، حتى بنات الملوك والمثقفات والواصلات إلى درجات عليا في الدنيا والآخرة أو في الدين. وانما كان ذلك امرا فريدا حسب مستواها العالي بصفتها بنت الرسول وزوج الوصي وام الحسنين (سلام الله عليهم اجمعين) - لاحظوا ، سبحان الله - حتى زينب العقيلة (سلام الله عليها) على عظم جهادها لم تكن مثل الزهراء سلام الله عليها. الزهراء ابلغ نطقا اكيدا هذه واحدة وثانيا اصغر عمرا اكيدا ربما عشرين سنة الفرق او اكثر ، زينب كانت اكبر في زمانها من الزهراء في زمانها - فهالعشرين سنة ماتروح كوترة ، لابد ان هي شنو؟ مجربة وواعية واجتماعية لعله نكدر نكول انه الهه باب وجواب تحجي ، اما واحدة عمرها تسعة عشر سنة فهذا هو المعجز الباهر الذي لا معجز مثله.
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ
صدق الله العلي العظيم

الجمعة الثالثة والعشرون 19 جمادي الاول 1419

الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ بِما حَمِدَ اللَّهَ بِهِ نَفْسُهُ، وَ لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ بِما هَلَّلَ اللَّهَ بِهِ نَفْسُهُ، وَ سُبْحانَ اللَّهِ بِما سَبَّحَ اللَّهَ بِهِ نَفْسُهُ، وَ اللَّهُ اَكْبَرُ بِما كَبَّرَ اللَّهَ بِهِ نَفْسُهُ.
وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بِما حَمِدَ اللَّهَ بِهِ عَرْشُهُ وَ كُرْسِيُّهُ وَ مَنْ تَحْتَهُ، وَ لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ بِما هَلَّلَ اللَّهَ بِهِ عَرْشُهُ وَ كُرْسِيُّهُ وَ مَنْ تَحْتَهُ، وَ سُبْحانَ اللَّهِ بِما سَبَّحَ اللَّهَ بِهِ عَرْشُهُ وَ كُرْسِيُّهُ وَ مَنْ تَحْتَهُ، وَ اللَّهُ اَكْبَرُ بِما كَبَّرَ اللَّهَ بِهِ عَرْشُهُ وَ كُرْسِيُّهُ وَ مَنْ تَحْتَهُ.
وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بِما حَمِدَ اللَّهَ بِهِ خَلْقُهُ، وَ لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ بِما هَلَّلَ اللَّهَ بِهِ خَلْقُهُ، وَ سُبْحانَ اللَّهِ بِما سَبَّحَ اللَّهَ بِهِ خَلْقُهُ، وَ اللَّهُ اَكْبَرُ بِما كَبَّرَ اللَّهَ بِهِ خَلْقُهُ.
وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بِما حَمِدَ اللَّهَ بِهِ مَلائِكَتُهُ، وَ لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ بِما هَلَّلَ اللَّهَ بِهِ مَلائِكَتُهُ، وَ سُبْحانَ اللَّهِ بِما سَبَّحَ اللَّهَ بِهِ مَلائِكَتُهُ، وَ اللَّهُ اَكْبَرُ بِما كَبَّرَ اللَّهَ بِهِ مَلائِكَتُهُ.
وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بما حَمِدَ اللَّهَ بِهِ سَماواتُهُ وَ اَرْضُهُ، وَ لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ بِما هَلَّلَ اللَّهَ بِهِ سَماواتُهُ وَ أَرْضُهُ، وَ سُبْحانَ اللَّهِ بِما سَبَّحَ اللَّهَ بِهِ سَماواتُهُ وَ اَرْضُهُ، وَ اللَّهُ اَكْبَرُ بِما كَبَّرَ اللَّهَ بِهِ سَماواتُهُ وَ أَرْضُهُ.

وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بِما حَمِدَ اللَّهَ بِهِ رَعْدُهُ وَ بَرْقُهُ وَ مَطَرُهُ، وَ لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ بِما هَلَّلَ اللَّهَ بِهِ رَعْدُهُ وَ بَرْقُهُ وَ مَطَرُهُ، وَ سُبْحانَ اللَّهِ بِما سَبَّحَ اللَّهَ بِهِ رَعْدُهُ وَ بَرْقُهُ وَ مَطَرُهُ، وَ اللَّهُ اَكْبَرُ بِما كَبَّرَ اللَّهَ بِهِ رَعْدُهُ وَ بَرْقُهُ وَ مَطَرُهُ.
وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بِما حَمِدَ اللَّهَ بِهِ كُرْسِيُّهُ وَ كُلُّ شَيْ ءٍ اَحاطَ بِهِ عِلْمُهُ، وَ لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ بِما هَلَّلَ اللَّهَ بِهِ كُرْسِيُّهُ وَ كُلُّ شَيْ ءٍ اَحاطَ بِهِ عِلْمُهُ، وَ سُبْحانَ اللَّهِ بِما سَبَّحَ اللَّهَ بِهِ كُرْسِيُّهُ وَ كُلُّ شَيْ ءٍ اَحاطَ بِهِ عِلْمُهُ، وَ اللَّهُ اَكْبَرُ بِما كَبَّرَ اللَّهَ بِهِ كُرْسِيُّهُ وَ كُلُّ شَيْ ءٍ اَحاطَ بِهِ عِلْمُهُ. اللهم صل على محمد واله بافضل صلواتك واعظم تحياتك واكبر كراماتك كما صليت وترحمت وتحننت على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد.
اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
نتعرض الان إلى الفكرة الثانية المرتبطة بالزهراء (سلام الله عليها)، وهي انها طالبت – لاحظوا - بعد وفاة ابيها بفدك، وهي ارض كانت تحت سيطرة اليهود في الجاهلية واول الاسلام. وبعد وقعة خيبر التي اخضع فيها نبي الاسلام اليهود فيها واذلهم، صالحهم على ان تكون ارض فدك ملكا للنبي (صلى الله عليه واله) وهم عمال وفلاحون فيها ويدفعون الوارد إليه (صلى الله عليه واله) بالنسبة التي يتم الاتفاق بينهما عليها. وبقي الامر على ذلك إلى وفاة النبي (صلى الله عليه واله).
وبعد وفاته وضعت الدولة (باللغة الحديثة) يدها على هذه الأرض وذهبت مصادرة اليهم وحُرِم منها ورثة النبي (صلى الله عليه واله). فجاءت الزهراء (سلام الله عليها) وطالبت بارجاعها إليها. والسر في ذلك ليس هو الطمع في الدنيا وانما كان وارد هذه الأرض كبيرا نسبيا فمن المطلوب ان يكون هذا الوارد بيد الزهراء (سلام الله عليها) وزوجها يصرفانه في مصلحة المجتمع والمسلمين وبالتالي يقوى بها حالهم الاقتصادي والاجتماعي ويستطاع به الدفاع عن حقهم المهتضم والمغصوب. ومن المؤسف ان يذهب هذا الوارد الكبير إلى الدولة التي تعتبرها الزهراء (سلام الله عليها) ظالمة وغاصبة وغير مشروعة.
وحسب فهمي فان هذا بعينه هو السبب في مصادرة الدولة لهذه الأرض، لكي يكون واردها لها (أي للدولة) وتتقوى بها اقتصاديا واجتماعيا، ويُحرمْ عنها الزهراء وامير المؤمنين (سلام الله عليهما)، وتسلب عنهما القوة الاقتصادية والاجتماعية كما يتصور الحاكمون يومئذ.
وفي (اعلام النساء) لعمر رضا كحالة الجزء الرابع صفحة 124 في ترجمته للزهراء (سلام الله عليها) قال: (وقال علي بن مهنا العلوي: ما قصد ابو بكر وعمر بمنع فاطمة عنها (أي فدك)، إلا ان يتقوى علي بحاصلها وغلتها على المنازعة في الخلافة).
ومن هنا يتضح انها انما طالبت بفدك لاجل نصرة زوجها أو قل لاجل نصرة الحق المتجلي بزوجها والمصلحة العامة المتعلقة به. فمطالبتها بفدك لها كلا المعنيين الصحيحين، مطالبتها بخلافة زوجها اولا، ومطالبتها بقوة زوجها اقتصاديا ثانيا. وليس فيه أي احتمال كونه من طلب الدنيا وكيف يكون ذلك وزهدها وزهد زوجها امير المؤمنين (عليهما افضل الصلاة والسلام) اشهر من ان يذكر. وهما اللذان نزل في حقهما قوله تعالى: ((ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما واسيرا انما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورا)). وقوله تعالى: ((انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)).
والفكرة الان هي ان ارض فدك هل هي ميراث للزهراء (سلام الله عليها) من ابيها ؟ او انها نحلة وهدية اهداها إليها في حياته ؟ وهي اي الزهراء (سلام الله عليها) قد ذكرت كلا الامرين في خطبها وكلماتها.
اما المطالبة بالإرث فاكثر من مرة، منها قولها – هذه الرواية - : (وانتم الان تزعمون ان لا ارث لنا افحكم الجاهلية تبغون ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون. ويا معشر المهاجرين أأبتز ارث ابي في الكتاب ان ترث اباك ولا ارث ابي لقد جئت شيئا فريا).
واما المطالبة بالهبة فعن شرح ابن ابي الحديد ان فاطمة لما كلمت ابا بكر بكى، ثم قال: يا ابنة رسول الله – حسب وجهة نظره - والله ما ورّث ابوك درهما ولا دينارا وانه قال ان الانبياء لا يوّرثون. فقالت (سلام الله عليها): ان فدك وهبها لي رسول الله (صلى الله عليه واله) . قال فمن يشهد بذلك ؟ (تحتاج الى شهادة ، هي مدعية كأنها غير معصومة ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم!) فجاء علي بن ابي طالب (سلام الله عليه) فشهد وجاءت أم ايمن فشهدت. ورد شهادتهما على أية حال إلى آخر القضية.
ومن الواضح ان الذي يكون في صالح دعوى الزهراء (سلام الله عليها) هو الهبة لان الارض كلها ستكون لها دون الارث لانها ستكون مقسمة بين الورثة وهم البنات والزوجات جميعا وليس للنبي من التركة بحيث تقع ارض فدك برمتها وجميعها في حصة الزهراء فقط.
إلا ان هذا يمكن الجواب عليه بوضوح وذلك بعد الالتفات إلى امرين:
الامر الاول: ان الزوجة أو الزوجات لا يرثن من الأرض وهذا عندنا موجود لا عينا ولا قيمة ، اقلاً الشيء الاجماعي انهن لا يرثن عينا – هسه قيمةً مختلف فيه - فإذن ارض فدك لاتصل إلى الزوجات ولا شبر منها.
الامر الثاني: انه ليس للنبي (صلى الله عليه واله) – لاحظوا - من بنات إلا الزهراء (سلام الله عليها)، اما الاخريات فلم يثبت كونهن بناته. بل هن بنات السيدة خديجة (رضوان الله عليها) من زوج آخر كانت عنده قبل زواجها من النبي (صلى الله عليه واله). اذن فستكون كل الأرض للزهراء (سلام الله عليها). ومن الملاحظ ان الرجل لم ينكر ملكية رسول الله (صلى الله عليه واله) للارض، وانما انكر انتقال المال بالميراث منه بصفته من الانبياء لان الانبياء لا يوّرثون. ولذا احتجت عليه بقوله تعالى: ((وورث سليمان داود)) مع انهما معا من الانبياء. إذن فالانبياء يوّرِثون وقانون الارث شامل للجميع.
والمهم الان، هو التساؤل عن صحة الارث أو الهبة وكلاهما قالته الزهراء وكلاهما ينتج ملكيتها للارض كلها. وجواب ذلك يكون على وجوه:
الوجه الاول: ان المراد من الارث الهبة. قالت ارث وقصدت الهبة، لانها هبة من الوالد إلى ذريته والذرية ترث الوالد عادة وشرعا ، فكأن كل مال انتقل من الوالد إلى ذريته هو من قبيل الهبة حقيقة أو مجازا. إذن تقصد او من الممكن ان تقصد من الارث الهبة.
الوجه الثاني: انها تَنزُّل في الدعوى على ما نعبر في العلوم العقلية، كانها (سلام الله عليها) تريد ان تقول انه (صلى الله عليه واله) قد وهب لي الأرض. ولكن لو تنزلنا عن ذلك وانكرنا الهبة كانت الأرض ارثا لي، لانها إذا لم تكن الهبة حاصلة فقد بقيت الأرض على ملك الوالد ، على ملك النبي (صلى الله عليه واله) إلى حين وفاته فتذهب ارثا إلى الذرية وهي الوارثة الوحيدة للارض كما سمعنا.
الوجه الثالث: ان مرادها (سلام الله عليها) جعل الحجة بين احد شقين ، احتمالين نعلم اجمالا بحصول احدهما لا محالة وهو اما الارث واما الهبة، وكلاهما سبب لملكيتها الارض، فتكون الأرض بأي من السببين ملكا لها والمفروض ان احد السببين قد حصل فعلا ويقينا .
الوجه الرابع: انه من الملحوظ انها (سلام الله عليها) حينما اكدت على شمول قانون الارث لها من تركة ابيها لم تذكر ارض فدك بل ذكرت القاعدة العامة دون التطبيق، أو الكبرى دون الصغرى. يعني انها لم تقل: اذن فأرض فدك تكون لي بالميراث، لا يستفاد ذلك من خطبها. وانما ذكرت ارض فدك فقط عند الهبة، وقالت: (قد وهبها لي رسول الله (صلى الله عليه واله)). وهذا معناه ان ذكر الميراث وان كان صحيحا إلا انه لمجرد الاحتجاج على الخصم، ويستفاد منه من ناحيتين – من الاحتجاج على الميراث - :
الناحية الاولى: انه لو انكر الهبة إذن يتعين الميراث في ارض فدك.
الناحية الثانية: - لاحظوا ، وهذا قلما يلاحظ - ان قانون الارث كما يشمل الأرض يشمل غيرها وكما يشمل البنت يشمل الزوجات. وهذا ينتج عدة نتائج:
منها: ان الزهراء (سلام الله عليها) لم تعطى عمليا من ارث ابيها أي شيء. فانه (صلى الله عليه واله) كان يسكن دارا فيها بعض الاثاث البسيط وقد حرمت الزهراء منها كما حرمت من فدك بعنوان ان الانبياء لا يورثون !
ومنها: ان الزوجات ، زوجات النبي – امهات المؤمنين - اعطين ارثهن كاملا بل زائدا. لان حصة الزهراء وهي الاكبر طبعا - بصفتها بنته - اعطيت للزوجات، فتصرفن في كل ميراث النبي (صلى الله عليه واله) حتى في ما يرتبط بالدار والاثاث ومن هنا قال الشاعر:
لك التسع من الثُمن .... وفي الكل تصرفــت
الثُمن ما هو ؟ حق الزوجة ، واحدة أو متعددة - هاي وحدة - ، التسع ماهو؟ ان النبي (صلى الله عليه واله) توفى على تسع زوجات حرائر بالعقد الدائم. اذن الثمن يقسم تسعة اقسام بين تسع زوجات، كل واحدة لها التسع من الثمن ، تسع الثمن ، ومع ذلك شنو ؟ (وفي الكل تصرفت) كما يقول .
فاذا كان الانبياء لا يورثون إذن فهم لا يورثون الزوجات كما لا يورثون البنات – صافية المسألة - إلا ان المنع عمليا ودنيويا يختص بالبنات لاعتبارات ومصالح دنيوية ظالمة بطبيعة الحال !
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ
صدق الله العلي العظيم

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم


التعديل الأخير تم بواسطة خادم البضعة ; 02-04-2018 الساعة 10:11 AM
ابو علي غير متواجد حالياً  
قديم 22-03-2012, 12:51 AM   #24

 
الصورة الرمزية ابو علي

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 32
تـاريخ التسجيـل : Oct 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 10,104

افتراضي رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة

الجمعة الرابعة والعشرون 3 جمادي الثاني 1419
الخطبة الاولى
بسم الله الرحمن الرحيم
رجاءً الاستماع للخطبتين واجب ..
توجد كلمة قبل الخطبتين مختصرة اقولها لكم انه نحن طبعا في جمادي الثانية وفي العشرين من شهر جمادي الثانية ولادة الزهراء (سلام الله عليها)، فالرجاء منكم الا تقصروا في هذه المناسبة في زيارة امير المؤمنين (سلام الله عليه). مضافا طبعا ولادة الزهراء سوف تقع في الاثنين على ما هو المظنون. ثم في الجمعة التي تليها في الحقيقة الذكرى السنوية الاولى لتأسيس صلاة الجمعة في العراق، فالرجاء الا تقصروا في الحضور الى مسجد الكوفة لاحياء هذه الذكرى ، طبعا اذا بقيت الحياة واما اذا لم تبق الحياة وهذا امر متوقع في اي نفس وفي اي يوم فاسألكم الفاتحة والدعاء ، وشيء آخر رئيسي وهو ان تحافظوا على دينكم ومذهبكم ولا تدعوا هذا الزرع الذي حصدتموه بفضل الله سبحانه وتعالى ان يضيع وان يجف ، لا، حافظوا عليه ، طبعا ان شاء الله ان الشجاعة موجودة والوعي موجود والدين بذمتكم والمذهب بذمتكم لا ينبغي التفريط فيه ولا بقليل ولا بكثير، انا لست مهما بوجهي ولا بيدي ولا بعيني وانما الشيء المهم هو دين الله ومذهب امير المؤمنين (سلام الله عليه).
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
سُبْحانَ اللهِ العَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ ، سُبْحانَ الله مِنْ إِلهٍ ما أَمْلَكَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ مَلِكٍ ما أَقْدَرَهُ وَسُبحانَهُ مِنْ قَدِيرٍ ما أَعْظَمَهُ وَسُبحانَهُ مِنْ عَظِيمٍ ما أَجَلَّهُ وَسُبحانَهُ مِنْ جَلِيلٍ ما أَمْجَدَهُ وَسُبحانَهُ مِنْ ماجِدٍ ما أَرْأَفَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ رَؤُوفٍ ما أَعَزَّهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ عَزِيزٍ ما أَكْبَرَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ كَبِيرٍ ما أَقْدَمَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ قَدِيمٍ ما أَعْلاهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ عالٍ ما أَسْناهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ سَني‌ٍّ ما أَبْهاهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ بَهي‌ٍّ ما أَنْوَرَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ مُنِيرٍ ما أَظْهَرَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ ظاهِرٍ ما أَخْفاهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ خَفي‌ٍّ ما أَعْلَمَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ عَلِيمٍ ما أَخْبَرَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ خَبِيرٍ ما أَكْرَمَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ كَرِيمٍ ما أَلْطَفَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ لَطِيفٍ ما أَبصَرَهُ وَسُبحانَهُ مِنْ بصِيرٍ ما أَسْمَعَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ سَمِيعٍ ما أَحْفَظَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ حَفِيظٍ ما أَمْلاهُ وَسُبحانَهُ مِنْ مَلي‌ٍّ ما أَوْفاهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ وَفي‌ٍّ ما أَغْناهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ غَني‌ٍّ ما أَعْطاهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ مُعْطٍ ما أَوْسَعَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ واسِعٍ ما أَجْوَدَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ جَوادٍ ما أَفْضَلَهُ وَسُبْحانَهُ مِنْ مُفْضِلٍ ما أَنْعَمَهُ
اللهم صل على محمد وال محمد بافضل صلواتك واكبر تسليماتك واعظم تحياتك كافضل واكرم واحسن ما صليت على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد فعال لما تريد وانت على كل شيء شهيد.
اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
هذا اليوم هو من ذكريات وفاة سيدتنا الزهراء (سلام الله عليها) كالذي سبق في المناسبات السابقة فيحسن ان يبقى الحديث عنها مستمرا.
قال الشاعر:
ولأي الامور تدفـن ليـلا .... بضعة المصطفى ويعفى ثراها
فقد أثار الشاعر جزاه الله خيرا سؤالين عن مشكلتين تاريخيتين تتصلان بالزهراء (سلام الله عليها)، إحداهما وهي الدفن ليلا حصلت بقناعة الزهراء (سلام الله عليها) ووصيتها. والاخرى وهي اخفاء قبرها حصلت بقناعة زوجها امير المؤمنين (سلام الله عليه) وقد نستطيع الوصول بالأسئلة الى ثلاثة او اكثر لان هذا البيت الشعري على شكل سؤال:
ولأي الامور تدفن ليلا .... بضعة المصطفى ويعفى ثراها؟
فيه سؤالين لكن لا -احنه انزّيدْ عليه بعد واحد -
الاول: ان الزهراء (سلام الله عليها) قد غُسلِّت بعد وفاتها سرا في داخل بيتها (كول لا !) ولم يعلم احد بذلك من خارج الاسرة ولم يشارك فيه أحد الا زوجها أمير المؤمنين (عليه السلام) واسماء بنت عميس - على ما ببالي - التي كانت تناوله الماء.
الثاني: ان الزهراء (سلام الله عليها) اوصت زوجها ان تدفن ليلا حين تهدأ العيون وينام الناس ولا يكون لها تشييع عام. وقد طبق امير المؤمنين (سلام الله عليه) هذه الوصية ودفنت سرا ليلا باجماع كلام المؤرخين من كل المذاهب الاسلامية، ولا يحتمل فيها غير ذلك. ولم يحضر تشييعها ودفنها الا حوالي سبعة نفر فقط، زوجها وولداها (سلام الله عليهم) وبعض الخاصة من خاصتهم كسلمان الفارسي وابو ذر وعمار (رضوان الله عليهم).
الثالث: ان الزهراء (سلام الله عليها) عُفي قبرها ولم يظهر الى حد الان وهذا ايضا اكيد بتسالم المؤرخين. ورفض امير المؤمنين بكل شدة وقوة ارادة، ان يدل المجتمع على قبرها الذي دفنت فيه ليلا. ولا زلنا نشعر بانه لا توجد حجة شرعية كأدلة على كونها مدفونة في اي مكان محدد. إلا انها في منطقة كبيرة هي المدينة المنورة دون اي مكان محدد منها. ولعل الارجح في ذلك احد احتمالات ثلاث.
اولا: انها دفنت في بيتها ( اي البيت الذي كانت تسكن فيه مع امير المؤمنين (سلام الله عليه)).
ثانيها: انها دفنت في البقيع - انا كتبت لك جم كلمة شرح عن البقيع يحسن الالتفات اليه جدا - ويسمى بقيع الغرقد، وقد كان مدفنا لاهل المدينة (كوادي السلام في النجف الحقيقة ) وكان خارج البيوت يومئذ – المدينة صغيرة ، في خارجها ، كما ان وادي السلام الان في خارج النجف ، سبحان الله - يُخرجون موتاهم الى خارج المدينة ويدفنونها في المقبرة، التي هي بقيع الغرقد . وفيه مقابر كثير من الصحابة والتابعين والهاشميين بما فيهم بعض المعصومين (عليهم السلام)، وهم الامام الحسن المجتبى (عليه السلام) والامام السجاد علي ابن الحسين (عليه السلام) والامام الباقر (عليه السلام) والامام الصادق (عليه السلام). وكان – لاحظوا - على هذه القبور - اي قبور المعصومين هؤلاء الائمة الاربعة - عليها بناء كبير ولا زالت صورته الفوتوغرافية موجودة – انتو طبعا اغلبكم ما شايفيهه اكيدا - وكانت تسمى عند اهل المنطقة بقبة اهل البيت وقد هدمها الوهابيون السعوديون. واصبح – اسمعوا ، انتم واعين وفاهمين - في نظرنا يوم معين من السنة يسمى يوم هدم القبور، هدم قبور البقيع ، مصيبة كمصيبة وفاة احد الائمة سلام الله عليهم اجمعين ، تعدل مصيبة ذكرى وفاة احد المعصومين عليهم السلام ، واصبح الناس يعملون بهذه المناسبة تعازي واحتفالات ونحو ذلك ، وذكريات . وايضا قال الشاعر بهذه المناسبة:
الا ان حادثة البقـــيع .... يشيب لهولها فـود الرضيع
وسوف تكون فاتحة الرزايا .... اذا لم نصحوا من هذا الهجوع
كما قد كان في مقبرة البقيع بناية تسمى قبة المبكى – بالله قبة المبكى يعني شنو ؟ - وهي ان الزهراء (سلام الله عليها) بعد ابيها حينما في الحقيقة طردت من داخل المدينة انه اسكتوها فان بكاءها يزعج الجيران ، اخرجها زوجها الى البقيع، فاصبحت تبكي هناك. فخلال الاجيال بني في نفس المنطقة بناء ، سور وقبة تسمى قبة المبكى لذكرى فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)، وكان هذا في ضمن ما هدم عند هدم البقيع.
ويوجد شرح ذلك وغير ذلك مفصلا في كتاب – هذا ما نعرفه لكن هذا الكتاب ايضا من واحد مصري ، كل هالحجي موجود بيه - يسمى بمرآة الحرمين لاحد الضباط المصريين الذين كانوا يذهبون من مصر في حملات الحج كل سنة قبل سبعين عاما او اكثر وفيه صورة لمقبرة بقيع الغرقد – البقيع نفسه - قبل الانهدام. وتظهر فيه بنايات عديدة منها بناية المبكى، ومنها قبة اهل البيت (سلام الله عليهم) واشياء اخرى - وهو ايضا يعدّد محتويات البقيع وحدة وحدة ، فيه كذا وكذا وكذا ، المهم مصدر جيد وهو منهم وليس من عندنا حبيبي - ومحل الشاهد ان احدى الروايات هي انها (سلام الله عليها) دفنت في البقيع ولكن لم يعرف موضع قبرها الى الان ، بالتاكيد انها حقيقة في البقيع؟ او وين من البقيع مدفونة ؟ لا يُعلم. ولم يبنِ عليها احد قبة لانها مجهولة من حين دفنها.
والرواية الثالثة : انها دفنت قرب ابيها يعني قرب مدفن الرسول (صلى الله عليه واله). وبعضهم وربما الارتكاز المتشرعي كما نقول، يفهم ذلك مما ورد عن النبي (صلى الله عليه واله) يقول: بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة. والظاهر ان هذا الخبر مما يرويه الفريقان حسب اطلاعي. فنقول هنا ان هذه الروضة من الجنة هي قبر الزهراء (سلام الله عليها)، وتوجد هناك روايات اخرى اضعف من هذه الثلاثة.
وعلى اي حال فحسب فهمي ان هذه الثلاثة ايضا غير مذكورة بحجة شرعية، وانما هي محتملات راجحة على اية حال. يكفينا من ذلك ان امير المؤمنين (عليه السلام) تعمد التعتيم الاعلامي (باللغة الحديثة) على قبرها من نفس الليلة التي دفنت ، ولا زال هذا التعتيم موجودا. فكيف نستطيع ان نستدل على قبرها بحجة شرعية مع وجود هذا التعتيم الذي دعمه امير المؤمنين بنفسه (سلام الله عليه).
والملاحظ ان سائر الائمة بعد امير المؤمنين (عليه السلام) التزموا على نفس المسلك، ولم يصرحوا بموضع قبر الزهراء (عليها السلام)، بخلاف الامور الاخرى فانها صدرت عنهم كثيرا كموضع قبر امير المؤمنين (عليه السلام) وحوادث الطف وغير ذلك. حيث كانوا يذهبون لزيارة قبر جدهم امير المؤمنين ولكن – سبحان الله - لم يحاولوا زيارة قبر جدتهم الزهراء (سلام الله عليها) لكي لا يكون ذلك إيذانا برفع الغفلة والتعتيم عن محل قبرها ، حتى لا يكون ذلك خيانة للفكرة التي بدأها جدهم امير المؤمنين في قاعدة التعتيم على قبر الزهراء (سلام الله عليها) وحاشاهم من الخيانة. إذن، فهم لم يتلفظوا قولا ولم يعملوا عملا يدل على محل وجود قبر الزهراء (سلام الله عليها). والطريق المنحصر للاجيال المتاخرة للتعيين الحقيقي لقبر الزهراء (سلام الله عليها) هو انتظار الامام المهدي (سلام الله عليه) للقيام بسؤاله وتعيينه، واما الان فهو منسد تماما.
الخطوة الاخرى مهمة – فكرك وياي - ولئن كان الامر في تكفينها السري ودفنها السري ليلا امر خاص بالجيل المعاصر لها (سلام الله عليها) - لانه انما هم مثلا متوقعين ان يحضرون تكفينها ويحضرون دفنها واحنه طبعا ما موجودين ، لا - فخفاء قبرها ليس امرا خاصا بذلك الجيل بل عام لسائر اجيال الاسلام وهي علامة غير محمودة طبعا، واعتبرها سوء توفيق لكل الاجيال الاسلامية ابتداءً من الجيل المعاصر لوفاتها والى الان والى حين يتضح الامر بظهور الحق الاصيل (سلام الله عليه). فليس فينا اي شخص يستحق ان ينال هذه النعمة الخاصة والرحمة الحقيقية مهما كان إدّعاء هذا الشخص عاليا في دين او دنيا .
نعود الان الى التساؤل عن السبب في هذا التعتيم المكثف والطويل الامد كما سمعنا من الشاعر حين يقول:
ولاي الامور تدفن ليلاً .... بضعة المصطفى ويعفى ثراها
ولعل هذا ايضا في واقعه يعتبر من الاسرار الالهية التي لا يعلمها الا المعصومون (عليهم السلام) واولياؤهم، الا ان المشهور لدى المتشرعة الى الان ان الزهراء (سلام الله عليها) كانت تريد منع اعدائها التي غضبت عليهم عن حضور تشييعها وزيارة قبرها بعد دفنها. فكانت افضل طريقة لذلك هو هذا التعتيم المطلق الذي حصل بمنع المجتمع كله عن ذلك لكي يمتنع الاعداء عن ذلك أيضاً لانه لا سبيل الى منعهم بالخصوص الا بمنع المجتمع كله. وهذا الوجه جيد جدا لولا اشكال واحد لعلنا التفتنا اليه وهو انها لو كانت (سلام الله عليها) تقصد نفس اعدائها الموجودين في ذلك الجيل اذن فقد زالوا عن الوجود بعد مائة سنة مثلا او اقل او اكثر. فلماذا لم يكشف المعصومون من ذريتها عن موضع قبرها بعد ذلك ؟ إذن فالامر اعمق من ذلك من جهتين:
الاولى: عدم اختصاص – لاحظوا - هذا الغضب الفاطمي بالجيل المعاصر لها بل هو شامل لكل الاجيال مادام هناك اتباع ومناصرين ومحبين لهم .
الثانية: عدم اختصاص هذا الغضب الفاطمي بطبقة معينة نعتبرها متطرفة بالضلال، بل تشمل كل المجتمع بدليل على انه لا يوجد ولا واحد منهم او منا من يعرف ذلك على طول الاجيال ولو كنا مستحقين لذلك لعرفناه اكيدا، لان رحمة الله قريب من المحسنين. وحيث اننا لا نعرفه أذن فلسنا مستحقين لهذه الرحمة الخاصية ، جيلا بعد جيل.
واوضح شيء يشبه هذا المعنى هو غيبة الامام (عليه السلام) فانها تمثل غضب الله سبحانه على اعداء الله سبحانه وتعالى، فغيّبَ عنهم وليه مع العلم الاكيد والذي صرح به العلماء السابقون انه لا يمكن ان يكون غائبا عن المستحقين لرؤيته وانه (سلام الله عليه) انما تحجبه الذنوب والعيوب والمظالم الموجودة لدى الافراد والجماعات. فاي فرد تصورناه انه ليس له ذنوب وعيوب وهو مبرأ امـام الله سبحـانه وتعالى منها فانه سيرى المهدي ويتعرف عليـه.
وبتعبير اخر ان المتشرعة يشعرون انه انما غاب (سلام الله عليه) من اجل خوف القتل، فان كان ذلك صحيحا تماما فلماذا لا يظهر احيانا لمن لا يخاف منه الاعتداء وهم كثيرون الحمد لله من الشيعة والموالين؟!
وجواب ذلك نفس الجواب وهو انهم غير مستحقين لرؤية الامام ولا مبرؤون مثلا من الذنوب والعيوب الى الدرجة التي يبلغون بها درجة الاستحقاق. اذن فلنعرف ميزاننا وموقعنا امام الله سبحانه سواءً في الحوزة او في خارجها وسواء في العراق او في خارجه وسواء بين الموالين او خارجهم. لان كل اجيالنا تخفى عليها كثير من الامور المهمة الالهية والتي اوضحها – هالاثنين - التعرف على قبر الزهراء والتعرف على شخص الامام الحجة. مع العلم انه لا يحتمل ان يحجب ذلك عن المستحقين له، وليس ذلك من العدل ان يُحجب عن المستحقين له ، ليس من العدل ذلك بكل تاكيد – اي العدل الالهي ، جل جلاله - .
ومثال ذلك من وجهة نظر بعض العارفين ان البلاء الذي نزل – لاحظوا ، كقصة بسيطة - على ال يعقوب او اسرته انما كان لبعض التقصيرات وهو انهم كانوا حسب رواية موجودة على اية حال – ما علينا من صحة سندها - وهو انهم كانوا ياكلون شاة مشوية في بعض الامسيات فجاءهم فقير يطلب العطاء فلم يعطوه. وفي الحكمة: اذا صدق السائل هلك المسؤول. وقد كان هذا السائل – حسب ما يبدو والله العالم - في علم الله مستحقا حقيقة فمنعوه فكان ذلك إيذانا ببدء البلاء.
والمهم ليس هو سماع تفاصيل القصة وهي معروفة ومروية في الكتاب الكريم والسنة الشريفة. وانما محل الشاهد فيها ان يعقوب (عليه السلام) بكى حتى ابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم بنص القران الكريم – كما ينص على ذلك القران - ولكنه رجع بصره عندما القي قميص يوسف على وجهه – ايضا كما ينص القران - ولم يكن بكاؤه بكاء العاطفة على ابنه ، لا ، بل اسفا لحصول ذلك التقصير وبيانا للتوبة منه وكان يقول ايضا بنص القران ((واعلم من الله ما لا تعلمون)) وفسره بعض اهل المعرفة اني اعلم بانه عند زوال الغضب يزول البلاء - اول ما الله يرضى عنا يزيل هذا البلاء عنا - وكان يعقوب (سلام الله عليه) ينتظر زوال الغضب وتوبة الله عليهم. فحينما القي عليه قميص يوسف كان هذا إيذانا بزوال الغضب - وانه يمكن التعرف على يوسف - وحصول الرضا ولذا كف عن البكاء ورجع بصره. ولم يكن – طبعا ، لا تقولوا الغضب ، هم معصومون سلام الله عليهم - لم يكن الغضب غضبا الهيا مطلقا لانهم (سلام الله عليهم) معصومون وانما كان تنبيها وامتحانا على تقصير بسيط ولم يكن طبعا هو من المحرمات لكي يكون منافيا للعصمة.
فمحل الشاهد – الحين هالرواية رويناها لاي شيء؟ - انه اذا زال الغضب زال البلاء واما ما دام البلاء موجودا فنعرف من ذلك ان الغضب لا زال موجودا وليس لنا استحقاق زواله. والبلاء في الدنيا كثير الا انه في محل حديثنا هو خفاء قبر الزهراء (سلام الله عليها) وخفاء شخص المهدي (سلام الله عليه). وهذا معناه اننا لا زلنا على مستوى القصور والتقصير والذلة امام الله سبحانه وتعالى حتى سيد محمد الصدر انا لا اقصد غيري وانما الجميع هكذا جيلا بعد جيل حتى الحوزة العلمية حتى اكابر الحوزة العلمية خلِّ واحد منهم يدل على قبر الزهراء يقينا او يعرفك بشخص المهدي يقينا، اقل من ذلك واحقر حتى سيد محمد الصدر.
وهذا معناه اننا لا زلنا على مستوى القصور والتقصير والذلة امام الله سبحانه وعدم استحقاق الرحمات الخاصة لا استثني من ذلك احدا من البشر كائنا من كان. وهذا ما يستدعي فينا مزيد الحذر واليقظة ومراقبة الله في الصغيرة والكبيرة وفي كل نفس كما تقول الحكمة (خف الله كانك تراه فان لم تكن تراه فهو يراك) لعلنا بالتدريج نصل الى المستوى الالهي المطلوب.
بسم الله الرحمن الرحيم
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا
صدق الله العلي العظيم
الجمعة الرابعة والعشرون 3 جمادي الثاني 1419
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
والهكم اله واحد لا اله الا هو الرحمن الرحيم. الله لا اله الا هو الحي القيوم لا تاخذه سنة ولا نوم. الله لا اله الا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق هو الذي يصوركم في الارحام كيف يشاء. لا اله الا هو العزيز الحكيم. شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة واولو العلم قائما بالقسط. لا اله الا هو العزيز الحكيم. ان الدين عند الله الإسلام، ان هذا لهو القصص الحق وما من اله الا الله وان الله لهو العزيز الحكيم. الله لا اله الا هو ليجمعنكم الى يوم القيامة لا ريب فيه ومن اصدق من الله حديثا. لقد كفر الذين قالوا ان الله ثالث ثلاثة وما من اله الا اله واحد وان لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب اليم. ذلكم الله ربكم لا اله الا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل. اتبع ما اوحي اليك من ربك لا اله الا هو واعرض عن المشركين.
اللهم صل على محمد وال محمد. اللهم صل على المصطفى محمد، والمرتضى علي والزهراء فاطمة والمجتبى الحسن والشهيد الحسين والسجاد علي والباقر محمد والصادق جعفر والكاظم موسى والرضا علي والجواد محمد والهادي علي والعسكري الحسن والحجة الهادي المهدي ائمتي وسادتي وقادتي بهم اتولى ومن اعدائهم اتبرأ في الدنيا والاخرة.
اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
ولأي الامور تدفن ليلا ولاي الامور يعفى ثراها
نعود الى التساؤل عن ذلك. وحسب فهمي، ان افضل اطروحة في الجواب في سبب كتمان مدفن الزهراء (سلام الله عليها) هو ان نعرف شيئا من شأن الزهراء (سلام الله عليها)، لكي نستنتج النتيجة بسهولة ولو كاطروحة على اية حال وليس كأمر بتي – كل واحد وقناعته على اي حال - اطروحة انا اعرضها امامكم وعلى مسامعكم. وذلك ان من يبذل لها اية خدمة حقيقية، او نفع حقيقي مخلص لا يمكن ان يدخل النار، تكون هي شفيعته وتفطمه من النار (سلام الله عليها) لانها بضعة المصطفى الاكرم وقلبه الذي بين جنبيه. وهذا له مثالان – سامعيهه؟ ، على كل حال اني اكولهه - :
المثال الاول: ان شخصا من الصحابة – طبعا المصادر صعب الحصول عليها بس انا انقل لكم عن حفظي - صادف ان سقطت قطرة من دم رسول الله (صلى الله عليه واله) في بعض الغزوات على يده فلطعها وبلعها ثم سأل رسول الله (صلى الله عليه واله) في ذلك فقال له ما مضمونه: بئس ما فعلت ، هذا حرام - موزين سوّيت - ولكن قد حرم الله جسدك على النار. فلا يمكن ان تدخل تلك القطرة التي هي جزء من النبي (صلى الله عليه واله) الى النار بكل صورة.
المثال الثاني: ما كان يقوله ابى (قدس سره) وكان يقول: انه معروف بين المتشرعة وذلك – شنهي الفكرة ؟- ان من قتله رسول الله (صلى الله عليه واله) بسيفه مباشرة يذهب الى الجنة ، لا يذهب الى النار كائنا من كان لبركة سيف رسول الله (صلى الله عليه واله) وهذه الخصوصية غير موجودة لغيره شخصيا حتى امير المؤمنين (سلام الله عليه). ومن هنا لم يقتل رسول الله (صلى الله عليه واله) بشخصه احدا اطلاقا وانما كان المحارب الرئيسي والاهم بين يدي الرسول هو علي (عليه الصلاة والسلام). ومن قُتِل بسيف علي يذهب الى جهنم لكفره وسوء عمله. ومن هنا كان يقتل رسول الله (صلى الله عليه واله) الكفار بسيف علي ويد علي لا بسيفه الشخصـي وعملـه الشخصـي، مع انه لا يحتمل – لاحظوا ، وهذا قلما يفهمه الناس - ان يكون اقل شجاعة من علي.
علي شجاع البشرية وشجاع الخلق ،لا يحتمل ان يكون النبي اقل شجاعة من علي من حيث ما نعرف ان مقتضى القاعدة ان الافضل متصف بصفات الأدنى مع زيادة ولا شك ان النبي (صلى الله عليه واله) افضل من امير المؤمنين ، اذن فهو متصف بصفات امير المؤمنين مع الزيادة وهي النبوة والرسالة. اذن فهو شجاع مثل امير المؤمنين (سلام الله عليه). هذا الذي قال لاعدائه : (لو وضعوا الشمس الى يميني والقمر الى شمالي لأتنازل عن هذا الامر ما تنازلت عنه) – مضموناً ، هذا جاي ناطي نفسه كلهه لله -
اذن فهذا النحو من البركات الخاصة موجودة احيانا – البركات الخاصة شنو ؟ - ان من يقتله النبي يذهب الى الجنة ، ينال بركة خاصة. ومن يذوق دم النبي (صلى الله عليه واله) يذهب الى الجنة. اذن فهذا النحو من البركات الخاصة موجودة احيانا وان كانت غير معروفة ولا صريحة بين الناس وخاصة بالنسبة الى النبي. ومن الممكن – لاحظوا - ثبوت نحو ذلك من الصفات للزهراء (سلام الله عليها) وخاصة بعد ان نلتفت الى انها قلب النبي (صلى الله عليه واله) وروح النبي التي بين جنبيه، حقيقة لا مجازا كما قلنا في بعض الخطب السابقة. ومعنى ذلك ان امثال هذه البركات تكون منجية من النار على كل حال ، من ينالها لا يدخل جهنم حتى لو كان الفرد فاسقا او كافرا.
ويبدو بوضوح ان اهل البيت (سلام الله عليهم) كانوا يلاحظون ذلك ويحولون دون حصول ذلك بالنسبة الى طبقة من المنافقين والمعاندين واضرابهم، ومن الذين يستحقون الذهاب الى النار على كل حال ، فما يخلوهم شنو؟ يزورون قبر الزهراء ، لانه مجهول ، فيذهبون الى النار اعتيادي هاذاهو .
كما يبدو بوضوح _لو صح التعبير_ ان الله تعالى كان يلاحظ ذلك ايضا فيسلب التوفيق في قضاءه وقدره عن كل من يستحق دخول النار من امثال هذه الاسباب – يعني يحجب عنهم - المتبركة الشريفة. ومن هنا لم نجد ولم يرد في التاريخ ان شخصا منافقا أو كافرا وفّق – ماكو - الى اي نفع حقيقي مخلص لهم (سلام الله عليهم) وكيف يكون نفعا مخلصا مع وجود النفاق والكفر في قلبه ؟ بل من الممكن القول انه لم يقم بذلك احد من هذه الطبقات على الاطلاق، اعني بعمل يستحق به الجنة على كل حال.
ولا يبعد القول انه من الواجب على اهل البيت (عليهم السلام) من الله سبحانه وتعالى ان يحولوا دون حصول ذلك لاي احد لا يستحقه. فكان من جملة تطبيقاته نفع الزهراء (سلام الله عليها) بتغسيل او تكفين او تشييع او دفن. ومن هنا مُنِع ذلك منعا باتا لكي لا يستحق الجنة من هذه الناحية من لا يستحقها من الجهات الاخرى بل عليه ان ياخذ حسابه كاملا يوم القيامة.
ومن المعلوم ان المنع بمعنى النهي عن الحضور- يابه لا تجون ! ، ما يفيد لا تجون ، يجون هُمَّ على كل حال - سوف لن يكون مفيدا، ولا مؤثرا لانهم سوف يعصون هذا النهي -هم فسقة وغير مطيعين ويجون على كل حال – ويحضرون على كل حال بعنوان كونهم يريدون القيام بهذا الامر الجليل دينيا واجتماعيا والمربوط ببنت رسول الله (صلى الله عليه واله). ومن هنا لن يمكن منعهم اذا كانوا يعرفون موعد التشييع او اذا حصل التشييع في النهار.
فكان لابد ان تكون كلتا هاتين النقطتين نافذتين ومؤثرتين:
احداهما : جهل المجتمع بموعد تشييع الزهراء (عليها السلام)، لانه لو عرفوا موعده ولو ليلا لجاؤوا اليه على كل حال.
وثانيا: ان يكون التشييع ليلا، لانهم لو فعلوا ذلك بالنهار ولو بدون موعد سابق، اذن لحضر الكثيرون. فكان لابد للتشييع والدفن ان يكون ليلا وان يكون على حين غفلة من الناس، لكي يُحرمْ المنافقون واضرابهم من ثوابه العظيم واستحقاق الجنة على اساسه.
وهذا ما حصل فعلا - سوّاه امير المؤمنين (سلام الله عليه) - وقد خطط امير المؤمنين (عليه السلام) في تفكيره ذلك. وذلك انه اجتمع الناس على الباب بعد ان علموا بوفاة الزهراء (سلام الله عليها)، فامر علي (عليه السلام) أبا ذر رضوان الله عليه ان يخرج الى القوم ويقول لهم انه قد اُجِّل اخراجها الليلة – روحوا لبيتكم احسن الكم - وهذا واضح في عدم اعطاء موعد محدد للتشييع، كما انه غير واضح في انها هل تشيع غدا او في هذه الليلة او في الليلة التي بعدها او تؤجل ثلاثة ايام، لا احد يعلم. وان فهم الحاضرون هذا المعنى غفلة منهم انه باجر ، لا هو ماكال باجر حبيبي ، ما معلوم شوكت ، غفلة منهم عن احتمال تشييعها في عمق الليل البهيم.
فهذا هو الحال بالنسبة – لاحظوا – الى حضور تغسيلها وتشييعها ودفنها (سلام الله عليها)، وهو امر خاص بالجيل المعاصر لذلك العصر بكل تاكيد – احنه وسائر الاجيال ما كنا حبيبي - واما زيارة قبرها الشريف التي هي مربوطة بالاجيال جميعها بما فيها جيلنا الحاضر فمن الواضح انها تنطبق عليها الاطروحة نفسها. وهي ان زيارة قبرها سبب لدخول الجنة على كل حال.
ويمكن ان يكون ذلك خصوصية لها او خصوصية بها دون ابيها وزوجها – لها فقط -بالرغم من انهم كانوا من نور واحد الا ان العطاء الالهي الظاهر والباطن قد يختلف في الاشخاص بكل تاكيد وكل واحد من المعصومين له مزية. فالزهراء (سلام الله عليها) لها عدة مزايا منها هذا المعنى. وقد عرفنا ان الله يحول دون ذلك كما ان اهل البيت (سلام الله عليهم) يحولون دونه حسب استطاعتهم. بل هم مكلفون بالتسبيب الى منع ذلك ممن لا يستحق – اي زيارة قبر فاطمة سلام الله عليها –
ومن الواضح ان الاجيال كلها – مبين حينئذٍ بوضوح ، سبحان الله - ان الاجيال كلها لا تستحق هذه النعمة الخاصة وانما ينبغي لكل منا ولكل من المؤمنين والمنافقين ان ياخذوا حسابهم وجزائهم الكامل لا ان تتعين لهم الجنة بدون حساب. ومن هنا اخفى امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة والسلام) قبرها الشريف حسب هذه الاطروحة. ودافع امير المؤمنين عن ذلك دفاع المستميت حسب ما تروي الروايات وبقي الخفاء مستمرا الى الان وسيستمر الى ان يقضي الله ما هو قاض.
وهناك اطروحة اخرى محتملة لخفاء قبرها، وهو – لاحظوا - اقتران خفاء قبرها بانسحاب الحكم الالهي الحق عن المجتمع، او قل بانسحاب حكم المعصومين (عليهم السلام) عن المجتمع، وتمكنهم من التصرف فيه. فكان اخفاء قبر المعصومة الزهراء (سلام الله عليها) عقوبة للمجتمع في منعه لحكم المعصومين (سلام الله عليهم)، او الاعانة على منعه - الذي هو معناه شنو؟ - منعه لخلافة امير المؤمنين (عليه السلام) بعد رسول الله (صلى الله عليه واله)). ويبقى وسوف يبقى هذا الخفاء مستمرا مادام حكم الله في الارض منسحبا ومتقلصا بما فيها هذا الجيل واي جيل. وانما يتحقق الحكم الالهي الكامل بظهور المهدي (عجل الله فرجه)، وسيطرته على الكرة الارضية فيملؤها قسطا وعدلا بعد ان ملئت ظلما وجورا.
لا يبقى الا اشكال واحد مع جوابه وهو ان امير المؤمنين قد وصلت اليه الخلافة والسلطنة الدنيوية بعد الخلفاء الثلاثة الذين حكموا قبله. فكان حكمه (عليه السلام) حكم المعصومين لانه منهم طبعا وسيدهم (سلام الله عليه)، حينئذ نقول : فاذا كان خفاء قبر الزهراء عليها السلام منوطا بانسحاب حكم المعصومين اذن فقد حصل حكمهم متمثلا بحكم امير المؤمنين وهو بعد وفاة الزهراء بسنوات. فكان عليه حين جاء الى دست الحكم ان يظهر قبرها بعد الخفاء ؟. ويجاب على ذلك باكثر من جواب واحد:
الجواب الاول: ان المقصود من الحكم الالهي استتباب السيطرة العادلة الكاملة على المجتمع بحيث يصدق انه يملؤها قسطا وعدلا. ومن الواضح ان هذا لم يتيسر لأمير المؤمنين (سلام الله عليه) خلال خلافته. وانما ابتلي بالمعارضين والحروب طيلة مدة حكمه في حروب الجمل وصفين والنهروان. فلم يكن المجتمع مستتبا على العدل لا في داخل المدينة المنورة ولا في خارجها، ولا في داخل الكوفة ولا في خارجها، لكي يكون السبب او الشرط لاظهار قبر الزهراء حاصلا ومتوفرا ومتحققا.
الجواب الثاني: إنه اي امير المؤمنين (سلام الله عليه) يعلم ان حكمه وخلافته مؤقتة ومحدودة ببعض السنين وسيزول سريعا نسبيا حكمه المتمثل بحكم المعصومين ، وسيعود الحكم الى الظالمين والغاصبين. وعلمه بذلك ليس بالبعيد بعد ان نعرف انه اخبر (وفي نهج البلاغة موجود) بحصول ملك بني امية واخبر بحصول ملك بني العباس واخبر بحصول ملك الحجاج الثقفي وما يفعل من المقتلة في المؤمنين وغير ذلك – اخبر عنه - فلماذا نستبعد انه لا يعلم ان ملكه وسيطرته الفعلية محدودة ببعض السنين ؟ يعلم طبعا (سلام الله عليه). وعلى اي حال سيبقى الحكم العادل الالهي منسحبا عن المجتمع فترة طويلة جدا من الزمن لا يعلمها الا الباري سبحانه وتعالى. فاذا اظهر امير المؤمنين (عليه السلام) قبرها الشريف خلال خلافته وسيطرته فسوف لن يكون اخفائه بعد ذلك ممكنا - ينكشف للناس وما يكدر يستره - وسوف يحصل المجتمع على ما لا يستحقه من ذلك من الرحمة الخاصة.
نعم حين يستتب العدل الالهي الكامل على وجه الارض بشكل يكون مضمون الاستمرار ما دامت البشرية بارادة الله تعالى وحسن تسديده وتوفيقه، وذلك عند ظهور المهدي (عليه افضل الصلاة والسلام). ومعنى ذلك انه من الراجح ان الامام المهدي (عليه السلام) سيقوم باظهار قبرها الشريف ويدل المجتمع عليه، على ان ذلك لم يرد في الادلة على اي حال.
وهنا ينبغي ان تكون لنا وقفة مختصرة وبسيطة في المقارنة بين هاتين الاطروحتين اللتين طرحناهما الان لسبب خفاء قبر الزهراء (سلام الله عليها) وذلك بالنظر الى نتائجهما. فان نتيجة هذه الاطروحة الاخيرة ان الامام المهدي (عليه السلام) سوف يدل المجتمع على قبرها بعد زوال المانع عن ذلك واستتباب السيطرة الحقيقية لله ولاولياء الله على كل البشرية. واما اذا اخذنا بالاطروحة الاولى فقد يكون – لاحظوا - الامر متعذرا حتى في ذلك الحين، لان اجيال المجتمع كلها بما فيها الاجيال المعاصرة لحكم الامام المهدي (سلام الله عليه) ودولته ينبغي ان تكون اعتيادية من ناحية الحساب والعقاب لا ان تكون افرادها مستحقة لدخول الجنة بغير حساب لأجل زيارتهم قبر الزهراء (سلام الله عليها). ومن ثم ينبغي ان يبقى قبرها مخفيا حتى بعد الظهور.
نعم لو تحققت الاطروحة التي ذكرناها في موسوعة الامام المهدي (عليه السلام) من وجود المجتمع المعصوم بعد ردح طويل بعد الظهور. امكن القول ان ذلك الزمان هو الزمان المناسب لكشف موضع قبرها (سلام الله عليها) لان اغلب افراد المجتمع في ذلك الحين يكونون معصومين بالعصمة الثانوية طبعا وليس الاولية، ومستحقين لدخول الجنة على اي حال وبدون حساب. واما من يستحق منهم الحساب والعقاب والعتاب، وهم قلة في ذلك الحين، فمن الممكن القول انهم لا يوفقون طول عمرهم لزيارة قبرها الشريف لكي لا تكون لهم تلك المزية المهمة.
تبقى الاشارة الى نقطة بسيطة جدا وهي ان هذه الاطروحة (اي ان زيارة قبرها موجبة للحصول على الجنة بدون حساب) للزيارة عن قرب بان تجلس الى جنب قبرها وتزور، لا للزيارة عن بعد. لان اي واحد وفي اي جيل من الاجيال يستطيع ان يزور عن بعد – اعتيادي - ولكن الزيارة عن بعد لا تتضمن هذه النتيجة وهو دخول الجنة بغير حساب.
بسم الله الرحمن الرحيم
قل هو الله احد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفؤا احد *
صدق الله العلي العظيم

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم


التعديل الأخير تم بواسطة خادم البضعة ; 29-03-2017 الساعة 09:10 PM
ابو علي غير متواجد حالياً  
قديم 22-03-2012, 12:51 AM   #25

 
الصورة الرمزية ابو علي

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 32
تـاريخ التسجيـل : Oct 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق
االمشاركات : 10,104

افتراضي رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة

الجمعة الخامسة والعشرون 10جمادي الثاني1419
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
اَلْحَمْدُ للهِ الَذى لا اِلـهَ اِلاّ هُوَ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبينُ الْمُدَبِرُّ بِلا وَزير وَلا خَلْق مِنْ عِبادِهِ يَسْتَشيرُ، الْاَوَّلُ غَيْرُ مَصْرُوف ، وَالْباقى بَعْدَ فَنآءِ الْخَلْقِ، الْعَظيمُ الرُّبُوبِيَّةِ، نُورُ السَّماواتِ وَالْاَرَضينَ وَفاطِرُهُما وَمُبْتَدِعُهُما بِغَيْرِ عَمَد خَلَقَهُما وَفَتَقَهُما، فَتْقاً فَقامَتِ السَّماواتُ طآئِعات بِاَمْرِهِ وَاسْتَقَرَّتِ الْاَرضَوُنَ بِاَوْتادِها فَوْقَ الْمآءِ، ثُمَّ عَلا رَبُّنا فِى السَماواتِ الْعُلى اَلَّرحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى، لَهُ ما فِى السَّماواتِ وَما فِى الْاَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى، فَاَنَا اَشْهَدُ بِاَنَّكَ اَنْتَ اللهُ لا رافِعَ لِما وَضَعْتَ، وَلا واضِعَ لِما رَفَعْتَ، وَلا مُعِزَّ لِمَنْ اَذْلَلْتَ، وَلا مُذِلَّ لِمَنْ اَعْزَزْتَ، وَلا مانِعَ لِما اَعْطَيْتَ، وَلا مُعْطِىَ لِما مَنَعْتَ، وَاَنْتَ اللهُ لا اِلـهَ اِلاّ اَنْتَ كُنْتَ اِذْ لَمْ تَكُنْ سَمآءٌ مَبْنِيَّةٌ وَلا اَرْضٌ مَدْحِيَّةٌ وَلا شَمْسٌ مُضيـئَةٌ وَلا لَيْلٌ مُظْلِمٌ، وَلا نَهارٌ مُضيـىءٌ، وَلا بَحْرٌ لُجِّىٌّ وَلا جَبَلٌ راس، وَلا نَجْمٌ سار، وَلا قَمَرٌ مُنيرٌ، وَلا ريحٌ تَهُبُّ، وَلا سَحابٌ يَسْكُبُ، وَلا بَرْقٌ يَلْمَعُ، وَلا رَعْدٌ يُسَبِّحُ، وَلا رُوحٌ تَنَفَّسُ، وَلا طآئِرٌ يَطيرُ، وَلا نارٌ تَتَوَقَّدُ، وَلا مآءٌ يَطَّرِدُ كُنْتَ قَبْلَ كُلِّ شَْيء وَكَوَّنْتَ كُلَّ شَْيء وَقَدَرْتَ عَلى كُلِّ شَْيء وَابْتَدَعْتَ كُلَّ شَْيء وَاَغْنَيْتَ وَاَفْقَرْتَ وَ اَمَتَّ وَاَحْيَيْتَ وَاَضْحَكْتَ وَاَبْكَيْتَ وَعَلَى الْعَرشِ اسْتَوَيْتَ فَتَبارَكْتَ يا اَللهُ وَ تَعالَيْتَ، اَنْتَ اللهُ الَّذى لا اِلـهَ اِلاّ اَنْتَ الْخَلاّقُ الْعَليمُ اَمْرُكَ غالِبٌ وَعِلْمُكَ نافِذٌ، وَكَيْدُكَ غَريبٌ، وَوَعْدُكَ صادِقٌ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ وَحُكْمُكَ عَدْلٌ، وَكَلامُكَ هُدىً، وَوَحْيُكَ نوُرٌ، وَرَحْمَتُكَ واسِعَةٌ، وَعَفْوُكَ عَظيمٌ، وَفَضْلُكَ كَثيرٌ، وَعَطاؤُكَ جَزيلٌ، وَحَبْلُكَ مَتينٌ، وَاِمْكانُكَ عَتيدٌ. فصل اللهم على محمد وال محمد خير خلقك الداعي الى حقك وعلى اله الطيبين الطاهرين الاخيار الاكرمين وعجل فرجهم واجعل فرجنا بفرجهم انك على كل شيء قدير وبالاجابة جدير.
اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
لا زلنا بين مناسبتين من المناسبات المنسوبة للزهراء (سلام الله عليها). كانت قبل ذلك وفاتها ويأتي بعد ايام ذكرى ولادتها (سلام الله عليها)، فيحسن ان نستمر بالحديث عن بعض الشؤون التي ترتبط بها ، فلنفتح الحديث الان عما هو مبتلى به اجتماعيا وهو حرية المرأة. فهل للمراة حق الحرية كما تريد بعض المذاهب والمسالك الدنيوية والتي تدّعي الحرية والديمقراطية ومساواة الرجل مع المراة ؟ هل هذا صحيح، ام ليس لها الحرية في ذلك؟
وفكرة الحرية اساسا .. في الحقيقة دعاة الحرية جعلوها مجملة وغامضة لكي يرغب بها الناس، ويكون من المستطاع الدخول الى عقولهم وقلوبهم عن طريقها. ولكننا اذا اردنا الدقة في الفهم امكن تفسير الحرية بعدة تفسيرات، نذكر منها اربعة تفسيرات، اثنان منها يدعيها الدول الراسمالية التي تدعي الديمقراطية. واثنان منها تدعيها الدول الراديكالية او الثورية التي تدعي الخروج عن ربقة الاستعمار.
اما المعنيين الاولين فكما يلي:
المعنى الاول: الحرية من الافكار المسبقة – لاحظوا ، فكرك ويايَ - المفروضة على الفرد والمجتمع من الخارج كاحكام العقل واحكام الدين. فلا حاجة حسب مدعاهم الى ان تحكمهم اية فكرة او نظام خارج قناعاتهم ومصالحهم الدنيوية من اي دين من الاديان ومن اي عقل من العقول. وهذا هو الذي اسّف بهم نحو الرذيلة والظلم والتسافل الاخلاقي والاجتماعي. فمثلا قلنا في بعض الخطب السابقة انه من الاكيد ان الزنا واللواط والسفور وشرب الخمر محرم في اديانهم كما هو محرم عندنا، وهي من الوصايا العشر التي يسير عليها اليهود والنصارى معا. مع انهم عاصون لكل تلك الاحكام ومهملون لكل تلك الوصايا.
المعنى الثاني للحرية : الحرية بمعنى تساوي فرص العمل الاقتصادي للجميع. وهذا موجود عندهم من الناحية النظرية فقط، والا فمن الواضح ان الاقوى والاذكى هو الذي يمكنه ان يستغل هذه الفرصة وهذه الحرية، ويدع ملايين الناس يدورون على لقمة عيشهم ومكان مسكنهم. اذن، تكون من الناحية العملية لا حرية موجودة الا للقلة المتنفذة والمسيطرة على المجتمع، ويكون الباقون كلهم مظلومون من هذه الناحية ولا يوجد تكافؤ فرص حقيقي للجميع اطلاقا.
وهذا هو الحاصل في دولهم فعلا، وفي نظام شعوبهم حقيقة، ولذا نرى الاحتجاجات والمظاهرات واساليب الارهاب متفشية فيهم جدا. وذلك حينما يدافع المظلومون عن حقوقهم.
واما المعنيين الاخرين للحرية والتي تتبناه كشعار الدول الراديكالية الثورية، ولعل اكثر الدول فيما يسمى بالعالم الثالث هي كذلك اي تتبنى مثل هذا الشعار. وهذان المعنيان كما يلي:
المعنى الاول: الحرية من الاستعمار، حيث تكون الدولة الحديثة قد سيطرت على ارضها وشعبها واخرجت الحكم الاستعماري والقوة الاستعمارية من بلادها. وهذا الى هنا جيد جدا وقد احسنت به صنعا، كما قال الله تعالى: ((ما جعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا)). الا انه من الناحية الواقعية والتطبيقية لم يكن الامر كذلك بكل تاكيد، فان عامة الدول الراديكالية – شوفوا الاخبار توصل بالراديو والتلفزيون - تخضع بكل وضوح للسيطرة الاستعمارية وليس فيها حرية من الاستعمار حقيقة. فلو حملنا كلامها او شعارها على الصحة قلنا: انها حرية من الاستعمار بشكله القديم، ورضا وقناعة بالاستعمار بشكله الجديد. او نقول انه حرية من الاستعمار بشكله الصريح وقبول بالاستعمار بشكله المبطن والمكتوم. او نقول انه حرية من الاستعمار بمعنى الحكم المباشر من قبل المندوب السامي كما كانوا يعبرون. بحيث تعتبر اراضي الدولة الاخرى من جملة اراضي الدولة المستعمرة، كما كان مطبقا في اغلب دول افريقيا، وهو مطبق الان في كندا واستراليا وغيرهما.
فالمهم ان عددا كبيرا من الدول تحررت من الاستعمار المباشر، الا انها لم تتحرر من الاستعمار غير المباشر وهو اطاعة الدول الاستعمارية، وتطبيق مناهجها ومخططاتها واهدافها. اذن، فالحرية من الاستعمار عمليا غير موجودة في الدول الراديكالية.
المعنى الثاني: وهو المعنى الرابع من مجموع هذه المعاني ، الحرية الداخلية، وهي حرية ابداء الراي وحرية الصحافة وانهم يدعون ان لكل شخص ان يتكلم بما يريد بدون حسيب او رقيب. وهذا هو الذي جعلته الدول الراسمالية من مفاخرها وادعت الدول الراديكالية السير على نفس الطريق ايضا.
الا انه من الواضح ان هذا غير مكفول حقيقة في الدول الراسمالية نفسها فضلا عن الدول الراديكالية وذلك لانه يواجه عدة نقاط ضعف:
النقطة الاولى: ما قلناه فيما سبق من ان هذه الفكرة وان كانت موجودة شكليا، الا انها غير موجودة حقيقة لانها لا تشمل النظام الاساسي للدولة، او اسرارها او مسلماتها وكل من يخرج على ذلك يعاقب بالعقاب الاليم. وبالتالي لا حرية له.
النقطة الثانية: ان وسائل الاعلام كلها في الدول الراسمالية وغيرها عمليا هي بيد الدولة، ولا يمكن اخراجها من قبضتها وليس لكل احد ان يتكلم من خلالها ما يشاء حقيقة، الا اذا كان موافقا مع الخط العام للدولة لا محالة. اذن، فالحرية من هذه الجهة مفقودة.
النقطة الثالثة: اننا لو فرضنا انه وجدت فرصة محدودة لبعض الافراد والجماعات ان يبرزوا رايهم ويقولون كلمتهم، كما قد يحصل احيانا ، ضمن الصحف او ضمن المظاهرات والاحتجاجات – شوفوا - وانما هو مجرد راي لا يُسمع ولا ينفذ، بل يلقى الاذن الصماء لا محالة – في الدول الرئيسية ليس في الدول الراديكالية فقط طبعا - كانهم يقولون ان لك ان تقول ما تشاء – ميخالف - الا لنا ان نترك قولك ايضا ونهمله ونحتقره فان الحرية موجودة للطرفين. ومن ثم لا يكون الاحتجاج والمناقشة مؤثرة قليلا ولا كثيرا.
شوفوا متى كانت الحرية والاحتجاجات مؤثرة ؟ اطلاقا غير مؤثرة في السياسة الاستعمارية والرأسمالية .
اذن، فهذه الحريات غير مكفولة لا للرجل ولا للمراة، لا في الدول الراسمالية، ولا في الدول الراديكالية. او قل لا في الدول الغنية، ولا في الدول الفقيرة. واذا كانت هي غير مكفولة للرجل فهي بالنسبة الى المراة اسوء واردء، لانها كانت ولا زالت الجانب الاضعف بطبيعة الحال في العالم كله.
فان اولئك الذين ينادون بالمساواة بين الجنسين في دولهم لم يكفلوا ذلك عمليا للمرأة فضلا عن غيرهم من الدول ولا زالت نسبة النساء عندهم كمذيعات مثلا او صحفيات او مدراء عامين او وزراء او رؤساء وزراء او ملكات او رئيسات جمهورية، لا زالت هي النسبة الاقل جدا في كل العالم ولم تحصل المساواة بكل تاكيد بين الرجل والمرأة، ولن تحصل ان شاء الله تعالى ما دام العالم مليئا بالظلم والفساد ولم يمتلأ قسطا وعدلا. بل الامر عندهم يمكن ان يتعدى ذلك اي عدم المساواة بين الرجل والمرأة حتى الى الاعمال البسيطة نسبيا كالموظفات والعاملات في الشركات والرياضيات والمعلمات وغير ذلك فانه لا زالت نسبتهن اقل وان كان المستوى الاول اوضح من هذه الجهة.
الان نأتي الى الرأي الديني الاسلامي في ذلك. فاول خطوة اننا نقدم بعض الاطروحات، بعد الالتفات – هذه نقطة ضروري الالتفات الهه - ان الدين – لاحظوا - لم يكفل حرية المرأة من جميع الجهات بطبيعة الحال بل ولا حرية الرجل من جميع الجهات طبعاً ، بل اعتبره عصيانا وتسيّبا ولا انسانية ، الانسان يكتسب حريته امام الله سبحانه وتعالى، ويؤدي ذلك الى فشل الفرد والمجتمع بل من المستطاع القول بان العقوبات الدنيوية الشديدة التي جاءت على بعض المجتمعات قبل الإسلام، كالطوفان والخسف والقذف وغيرها انما حصلت لان افراد المجتمع اتخذوا الحرية في اعمالهم حسب مشتهياتهم ورغباتهم ولم يطيعوا دينهم وعقلهم ومن ثم قيل الحرية هي التقيد بالنظام اي في الحقيقة ليس بكل نظام ، الحرية هي التقيد بالنظام التكاملي الحقيقي والانساني. ومن ثم يكون سلبا للحرية الشخصية بالمعنى المتسيب بطبيعة الحال. وانما الحرية الحقيقية – لاحظ ، ان شاء الله انتوا كلكم من الملتفتين الى ذلك - هي الحرية من النفس الامارة بالسوء ومن الشهوات والمظالم ، وهي ( الحرية ) التمحض بطاعة الله سبحانه، بخلاف المسالك الدنيوية في فهم الحرية من حيث انها اتباع للمصلحة الخاصة والرغبات وبالتالي اطاعة النفس الامارة بالسوء فيكون ذلك مصداقا وتطبيقا لقوله تعالى ((جعل الهه هواه واضله الله على علم)).
وانما الحرية الحقيقية هي الحرية من المآثم والمظالم. وفي الرواية ان الامام الكاظم موسى بن جعفر (سلام الله عليه) كان يمر ببعض الطرقات اذ خرجت جارية من احد المنازل وكان منزلا فخما بهيا لتلقي القمامة في الطريق – في الليل - كأنما في هذه القمامة ما يدل على انها مخلفات خمر ومجون والعياذ بالله، فسألها الامام (عليه السلام): من صاحب هذا البيت ؟ قالت: مولاي بشر (وهو الذي سمي ببشر الحافي بعد ذلك). قال لها – سبحان الله شوف السؤال شلون - : مولاك حـر ام عبد؟ - ماذا ينبغي ان يكون ؟! - قالت: حر- سبحان الله - قال: نعم لو كان عبدا لما عصى مولاه. فدخلت الدار فقال لها بشر مولاها: - وين جنت ؟ - ابطأتِ في الطريق فلماذا؟ فذكرت له كلام الامام (عليه السلام) بدون ان تعرفه طبعا. فقال لها: صدق (سلام الله عليه) ثم خرج الى الطريق يركض ليلحق بالامام ثم انه تصدّق بكل ماله واصبح من الزاهدين ولُقّب "بشر الحافي" لانه كان يسير بدون نعلين.
اذن فالمطلوب الحقيقي، هو ان يكون الانسان حرا من النفس الامارة بالسوء وعبدا لله عز وجل، لا العكس وهو ان يكون حرا من اطاعة الله تعالى والعياذ بالله وعبدا لنفسه وشهواته وهواه.
اذن فلا توجد في الدين ، لا على المستوى الشرعي ولا على المستوى الاخلاقي ولا على المستوى العقلي ، حرية دنيوية بهذا المعنى بل هي الفساد بعينه ولم تعطى لا للرجل ولا للمرأة وحديثنا اصلا عن المرأة، اذن فلم تعط المرأة الحرية الكاملة وانما اعطيت بعض الحرية فكما لم يعط الرجل الحرية الكاملة وانما اعطي بعضها فبالنسبة الى المرأة يمكن ان نطرح الاطروحات التالية:
الاطروحة الاولى : ان الاسلام كفل حرية المرأة اخرويا، ولم يكفلها من الناحية الدنيوية.
الاطروحة الثانية : ان الاسلام كفل حرية المرأة نسبيا الا انه لم يؤمن بتساوي الرجل والمرأة في ذلك، بل قال من اول الامر وبصراحة ((الرجال قوامون على النساء بما فضل الله)).
الاطروحة الثالثة : ان الاسلام كفل الحرية الاقتصادية للمرأة اي عمل المرأة بمقدار حرية الرجل الا انها من الناحية الاخلاقية ليست كذلك من حيث ان القيود الموضوعة على المرأة اكثر مما هي على الرجل من هذه الناحية.
ولا بد من النظر الان بالمقدار الذي يناسب الحال في هذه الاطروحات من حيث اسبابها اعني ادلتها الاسلامية ومن حيث نتائجها ومعلولاتها.
اما الاطروحة الاولى فقد كفلها الاسلام اخرويا كما قال تعالى – اسمعوا هذه الاية الطريفة وكل ايات القران لطيفة وطريفة - : ((إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)).
ثم يتعرض القرآن الكريم بعد ذلك مباشرة - في الاية التي تلي - بان الحرية المسحوبة عن الرجل ايضا هي مسحوبة عن المرأة وهي الحرية في العصيان والتمرد على الحق والعدل فانه ليس في مصلحتهما ذلك بكل تاكيد ولا يجوز لاي منهما ذلك بكل تاكيد، قال الله تعالى: ((وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة (اي الاختيار والحرية) من امرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا)). فالرجل والمرأة كما هما متساوون بالمغفرة والرضوان كذلك هما متساوون في تحمل مسؤولية العصيان. وقل هما سواء في الثواب والعقاب معا. وقال تعالى: ((ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة انك لا تخلف الميعاد * فاستجاب لهم ربهم اني لا اضيع عمل عامل منكم من ذكر او انثى بعضكم من بعض * فالذين (يعني الذكر والانثى ، وليس الذكر فقط) هاجروا واخرجوا من ديارهم واوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لاكفرن عنهم سيئاتهم ولادخلنهم جنات تجري من تحتها الانهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب)). وقال تعالى: ((ومن يعمل من الصالحات من ذكر او انثى وهو مؤمن فاولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا)). وقال: (يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم)). وقال: ((يا ايها الذين آمنوا – المرية شنو ذنبهه تخلوهه مسخرة لكم ؟ لا يجوز - لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى ان يكن خيرا منهن ولا تلمزوا انفسكم ولا تنبازوا بالالقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتب فاولئك هم الظالمون)).
ومن الممكن القول ان سياق هذه الايات الكريمات هو اخروي اكثر منه دنيويا وخاصة حينما يقول ((القانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والصائمين والصائمات)) او يقول ((اني لا اضيع عمل عامل منكم من ذكر أوانثى)). اذن فالذكر والانثى متساوون من الناحية الاخروية جزما اي من ناحية قبول العمل وامكان التكامل والحصول على الثواب ونحو ذلك. واما من الناحية الدنيوية فهما غير متساويين من حيث ان المرأة ممنوعة عن كثير من الامور الميسورة للرجال شرعا كالتقليد والقضاء وامامة الجماعة للرجال ونصف الحصة في الارث ((للذكر مثل حظ الانثيين)) وذلك ثابت في الاولاد والبنات والاخوة والاخوات والجدة والجدات والزوج والزوجة – ايضا للزوجة نصف حصة الزوج - وكذلك الشهادة بالهلال وكذلك في اصل الشهادة يكون الاثنين من النساء كواحد من الرجال.
هذا من حيث الاسباب ونتعرض الى النتائج في الخطبة التالية ان شاء الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
اذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجا * فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا *
صدق الله العلي العظيم

الجمعة الخامسة والعشرون 10 جمادي الثاني1419
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الهي لو دعوت غيرك لاخلف رجائي، وانت ثقتي ورجائي ومولاي وخالقي وبارئي ومصوري. ناصيتي بيدك تحكم في كيف تشاء لا املك لنفسي ما ارجو ولا استطيع دفع ما احذر اصبحت مرتهنا بعملي، واصبح الامر بيد غيري. اللهم اني اصبحت اشهدك وكفى بك شهيدا واشهد ملائكتك وحملة عرشك وانبيائك ورسلك على ان اتولى من توليته واتبرء ممن تبرأت منه واومن بما انزلت على انبيائك ورسلك فافتح مسامع قلبي لذكرك حتى اتبع كتابك واصدق رسلك واومن بوعدك واوفي بعهدك فان امر القلب بيدك. اللهم اني اعوذ بك من القنوط من رحمتك، واليأس من رأفتك فاعذني من الشك والشرك والريب والنفاق والرياء والسمعة، واجعلني في جوارك الذي لا يرام، واحفظني من الشك الذي صاحبه تيهان. اللهم وكلما قصر عنه استغفاري من سوء لا يعلمه غيرك فعافني منه واغفره لي فانك كاشف الغم ومفرج الهم يا رحمن الدنيا والاخرة ورحيمهما فامنن علي بالرحمة التي رحمت بها ملائكتك ورسلك واوليائك من المؤمنين والمؤمنات. اللهم رب هذا اليوم وما انزلت فيه من بلاء او مصيبة او غم او هم فاصرفه عني وعن اهل بيتي وولدي واخواني ومعارفي ومن كان مني بسبيل من المؤمنين والمؤمنات. اللهم اني اصبحت على كلمة الاخلاص وفطرة الاسلام وملة ابراهيم ودين محمد صلواتك عليه واله. اللهم احفظني واحيني على ذلك وتوفني عليه وابعثني يوم تبعث الخلائق فيه واحعل اول يومي هذا صلاحا واوسطه فلاحا وآخره نجاحا برحمتك يا ارحم الراحمين.
اللهم صل على محمد المصطفى وعلي المرتضى وفاطمة الزهراء والحسن المجتبى والحسين الشهيد بكربلاء وصل على الائمة التسعة بعد الحسين السجاد والباقر والصادق والكاظم والرضا والجواد والهادي والعسكري والحجة المهدي صاحب الزمان ائمتي وسادتي وقادتي بهم اتولى ومن اعدائهم اتبرأ في الدنيا والاخرة.
اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن الا وانتم مسلمون.
نعود الان الى الفروق الشرعية بين الرجل والمرأة وكون المرأة اكثر قيودا من الرجل فلماذا حصلت هذه الظاهرة بعد الالتفات الى ان الدين قد اعطى فرصة العمل للمرأة اعني العمل الاقتصادي والكسب او نقول العمل خارج المنزل كما اعطى هذه الفرصة للرجل، طبعا مع الالتزام بسائر الواجبات والكف عن سائر المحرمات والتي من اوضحها وجوب الحجاب وكذلك التقيد في الكلام طبقا لقوله تعالى ((فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض)). ومعنى العمل يشمل ضمن هذه القيود كثير من النشاطات والحقول بما فيها التعليم والطب والتجارة والصحافة والمزارعة والحدادة والبناء وغير ذلك.
ولا يخطر في بالكم ان لبس العباءة مناف مع العمل فانه ان كان منافيا مع بعض الاعمال كالزراعة والبناء فانه ليس منافيا مع كثير من الاعمال الاخرى كالتعليم والطب والتجارة وغيرها فانها تستطيع ان تقوم باعمالها ضمن حجابها وعباءتها، مضافا الى اننا نعرف وتعرفون ان المطلوب شرعا هو الحجاب وهو ستر ما يجب ستره من جسم المرأة واما اسلوب الحجاب ونوعيته او نوعية الساتر فلم يقل به الشارع الاسلامي المقدس بشيء.
اذن فيمكن ان يكون باي طريقة متيسرة وهذا هو الذي يسمى بالحجاب الشرعي اذا كان مضبوطا من ناحية وغير مثير غالبي ونوعي للغريزة كما لو كان جميلا جدا او ملونا او مشغولا باشكال التطريز- لا هذا ما يجوز حبيبي - فتلبس المرأة بما يسمى جُبة بسيطة وربطة بسيطة ولكنها مضبوطة وتعمل – اعتيادي -
ولكننا مع ذلك لا ننصح النساء اللابسات للعباءة ان يبدلن الى ذلك الزي لان العباءة على اي حال هي الاحوط استحبابا والانسب بالاتجاه الاخلاقي الا ان هذا لا ينبغي ان يؤدي الى القول بان الدين منع عن العمل المنافي للبس العباءة – لا ، لا نستطيع ان نقول ذلك -
نعم من كان من الفقهاء من يوجب ولو بالاحتياط الوجوبي ستر الوجه للمرأة كآية الله الخوئي (قدس سره) وغيره لا تكون النتيجة عنده نفس النتيجة لوضوح ان ستر الوجه منافي مع العمل الا نادرا. ومعه يكون الدين كأنه قد منع المرأة عن العمل غير ان هذا الاشكال يرتفع فيما اذا قلنا كما هو الصحيح بجواز كشف الوجه والكفين لها ويكون العمل ميسورا لها بهذه الطريقة.
ولكننا هنا ايضا نقول اننا لا ننصح للملتزمات بستر الوجه بـ(البوشية) ونحوها ان يكشفن وجوههن
اولا: لان الستر، ستر الوجه احوط استحبابا
وثانيا: لان الكشف فيه مظنة الفتنة والاثارة الجنسية وخاصة اذا كانت المرأة حسناء نسبيا. واما اذا حصل الاطمئنان بوجود الاثارة حرم كشف الوجه عليها لا محالة.
اذن فينبغي ان ينحصر عمل المرأة مع حاجتها او اقتضاء المصلحة العامة لذلك او امر الولي العام العادل به ونحو ذلك وكل هذه الموارد كثيرة ومحترمة شرعا واجتماعيا، واما بدون ذلك فالافضل للمرأة ان تتكفل بيتها واسرتها كما في الحكمة (جهاد المرأة حسن التبعل).
واما ما يفعله النساء في هذا العصر سواءً المحجبات نسبيا منهن او غير المحجبات من الاختلاط والتبرج والخلاعة والغناء والرقص والتبسط في الكلام مع الرجال الاجانب وكذلك الرضا والتجاوب مع الفرق الغنائية الواردة الينا من خارج الحدود فكله فساد وافساد وجناية على الفرد والمجتمع ولا يؤدي الا الى غضب الله المنتج لبلاء الدنيا وبلاء الاخرة وانا لله وانا اليه راجعون.
نعود الان الى شرح السبب الممكن ادراكه وبيانه في فوارق الاحكام بين الرجال والنساء. ايضا بعد الالتفات الى ان مقتضى الادب الحقيقي امام الله سبحانه ترك السؤال عن اسباب الاحكام ووجوه الحكمة فيها وان مثل هذه الاسئلة تمثل جرأة على الله تعالى وسوء ادب امام عظمته وانما الفرد المؤمن من رجل او امرأة اذا احرز بالحجة الشرعية حكمه الشرعي فعليه الطاعة والامتثال ليعود على نفسه وغيره بالخير والسعادة في الدنيا والاخرة وكما تقول الحكمة (ان الفرد يجب ان يكون تجاه طاعة الله تعالى، كالميت بين يدي الغسال يقلبه كيف يشاء)، ويكون الفرد على مستوى التسليم بالاحكام والقبول لها والرضا بها لا على مستوى التمرد عليها والمناقشة لها.
ومن هنا قلنا انه في منطق الدين "طبق ولا تناقش" ، فان هذا النقاش انما يكون إتجاه المخلوق ممكنا لا إتجاه الخالق. وانما جاءت بامثال هذه النقاشات الاتجاهات الاستعمارية الظالمة الغاشمة التي تستهدف اضلال المسلمين وتشكيكهم في دينهم - لاحظوا - ان السياسة الغربية مهما اتجهت الى الدنيا – لاحظوا هذا قليل يفكرون بيه اكيدا ، اسمعوه مني - ان السياسة الغربية مهما اتجهت الى الدنيا وهذا صريح الا انها مع ذلك تشعر في داخل نفسها بشيء من العاطفة الدينية التي تفهمها وهي العاطفة المسيحية ويدلنا على ذلك امران على الاقل:
الامر الاول: الحروب الصليبية، فانها كانت قائمة على اساس ديني بعنوان ان بيت المقدس قد اعتدى عليه المسلمون، واحتلوه فيجب في نظرهم تخليصه من يد المسلمين، واعادته الى السيطرة المسيحية اذن فالحروب الصليبية مبنية على اساس ديني سواءً من قبل الجيش الصليبي المسيحي المهاجم وكذلك من قبل الجيش الاسلامي المدافع.
الامر الثاني: انهم اتفقوا – الجماعة في اوربا - في القرن الميلادي الثامن عشر وما بعده ان يسموا احزابهم باسماء ذات صفة دينية بالرغم من انها من الدين براء ولكنهم حرصوا على اي حال ولو على مجرد الاسم – لاحظوا - فكانت الاسماء هكذا الحزب الديمقراطي المسيحي الالماني، الحزب الديمقراطي المسيحي الفرنسي، الحزب الديمقراطي المسيحي الايطالي وهكذا - كان يمكنهم ان يحذفوا لفظ المسيحي لكن خلوه ، ليش ؟ لانهم في باطن نفوسهم يشعرون بشيء من الاهمية لدينهم - ولا زالت هذه الاحزاب على ذلك يمينية باصطلاحهم على كل حال انا لا اود ان اتدخل في ذلك . ومعنى صفة الديمقراطية – ليش يكولون الحزب الديمقراطي؟ - الاهتمام بالدنيا، ومعنى صفة المسيحية حينما يقولون الحزب المسيحي الاهتمام بالدين ولو اسمياً.
وحسب فهمي، فان الاهتمام بالديمقراطية يختص بسياساتهم الداخلية لشعوبهم، والاهتمام بالمسيحية يختص بمخاصمة ومواجهة الشعوب المستعمرة غير المسيحية من شعوب مسلمة او بوذية او غير ذلك لردها عن دينها واخراجها عن مسؤوليتها وخاصة الاسلام وخاصة المذهب الجعفري الشيعي الاثنى عشري وولاية امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة والسلام). وكانت من جملة ذلك ان بثوا التساؤل واشاعوا التساؤل عن الحِكَمْ والاسباب للاحكام الشرعية وهم يعرفون ان اغلب الناس والعوام لا يستطيعون الجواب عليها فيكفي ان تبقى الشبهة في النفس للطعن بحكمة الله وقدرته ومن ثم تسبب الشبهات ارتداد الفرد والمجتمع عن دينه فنكون – لاحظوا – نحن اسوأ حالا من شعوبهم بكل تاكيد. فانهم قد يتمسكون بدينهم ولو من الناحية الشكلية واما نحن فتكون النتيجة اننا براء من الدين واقعيا وشكليا حقيقة والعياذ بالله.
ويدعم هذه الفكرة – لاحظوا ، ما ادري مقدار ما سمعتموه ؟ بس اصغوا اليَّ - ما سمعته من الثقات انهم سمّوا الحرب الامريكية الاخيرة في العراق بحرب مريم العذراء، وهو اسم ديني مسيحي في نظرهم وان كانت مريم العذراء منه براء، ولكنهم لم يعلنوا ذلك وسموا تلك الحرب من الناحية السياسية الظاهرية بعاصفة الصحراء.
وانا اعتقد انه لم يكن المستهدف منها الجانب السياسي بمقدار ما كان الهدف منها ضرب الدين والمتدينين الموجودين في العراق، وقتل الكثير منهم، وتعجيزهم عن هداية الاخرين، والهائهم بمشاكلهم الشخصية من اسرة وطعام وشراب في ظل ما يعلمونه ويعملونه ويستهدفونه من غلاء الاسواق وقطع الكهرباء وضرب المعامل وتهديم البيوت وغير ذلك كمضاعفات للحرب.
اذن فينبغي ان نكون على مستوى المسؤولية الحقيقية من عصيان هؤلاء الكفار وافشال اهدافهم الدنيئة والتمسك بديننا واهدافنا ومجتمعنا فانهم بالرغم من عظمتهم الظاهرية لا يستطيعون ان يقدموا للمجتمع والبشرية اي نفع او اي عدالة حتى لو ارادوا ذلك فانهم لا يملكون لا في دينهم ولا في دنياهم اي اهداف حقيقية واي اعمال عادلة سوى طمعهم بالسيطرة على الشعوب وسلب خيراتها وتجويعها وتمرير السياسات الظالمة عليها.
فالمهم، انهم لا يمكنهم ان يقدموا اي هدف حقيقي، او اي عمل عادل وانما الهدف الحقيقي عندنا في الاسلام وفي ولاية امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة والسلام).وانما العمل العادل والنظام العادل انما هو عندنا في الاسلام يكفي ان نلتفت الى ان المسيحية اصلا او الدين المسيحي اصلا ليس فيه تعاليم شرعية، وليس فيه فقه اطلاقا لان المسيح نفسه (عليه افضل الصلاة والسلام) كان في عصره في تقية مكثفة من الدولة البيزنطية التي كانت ملحدة في حينه، وناصرة لليهود في حينه، فلم يستطيع ان يؤدي للناس والمجتمع اية تعاليم وتشريعات، والانجيل بشكله الموجود خال من ذلك تماما - من التعاليم والتشريعات التي نسميها باللغة الاسلامية الفقه والتشريع، ماكو اطلاقا - وانما اقتصر على بعض البيانات الالهية المربوطة بعظمة الله ووصف ما يسمى بعالم الملكوت او عالم الجبروت وذكر بعض النصائح الاخلاقية المبسطة لا اكثر.
في حين ان دين الاسلام جاء بما اصطلح عليه بعض المفكرين، بالاطروحة العادلة الكاملة فهو يكفل بتعاليمه كل مكان، وكل زمان وكل طبقة وكل مجتمع وكل ثقافة حتى كان ذلك من معجزات النبي (صلى الله عليه واله)، كما قلنا في بعض الخطب السابقة وحتى ان اهمية التعاليم الشرعية الفقهية وفروع الدين لا تقل اهمية عن اصول الدين بالرغم من اهمية اصول الدين وقدسيتها. فعلى المسلمين جميعا وعلى المؤمنين خصوصا من رجال ونساء ملاحظة دينهم الكافل لخيرهم وسعادتهم وكمالهم في الدنيا والاخرة والحذر من دسائس الاخرين ومخططاتهم ما اوتي الفرد الى ذلك سبيلا.
وعلى اي حال فهل من الانصاف ان يلتفتوا هم – الغربيون - الى دينهم ولو قليلا ولا نلتفت الى ديننا ولو قليلا ! تلك اذن قسمة ضيزى كما تقول الاية الكريمة. وهم يشعرون بشيء من الاهمية لدينهم ولا نشعر باية اهمية لديننا ! هم اعطوا الرجال الحرية في التصرف ولا نعطي الرجال في ديننا الحرية في التصرف ! هم يقدسون – لاحظوا - رجال دينهم ويخضعون لهم ويطيعونهم في امور دينهم ونحن نحتقر رجال ديننا ونعصيهم ونبعدهم عن امورنا الشخصية والاجتماعية ! هل هذا خير ؟! مع ان اكثر رجال دينهم عصاة لدينهم يشربون الخمر وياكلون لحم الخنزير ويسرقون ويمكرون مع ان الصفة العامة للحوزة الاسلامية الشيعية طبعا ولرجال الدين عندنا هو الاخلاص وقول الحق والتفاني في سبيل الغير ونفع الاخرين دينيا ودنيويا فاي قياس بين رجال دينهم ورجال ديننا؟!. فهم اجتمعوا على باطلهم وتفرقنا عن حقنا.
وخطابي هذا ليس لهذه الوجوه الطيبة اذ لولا شعوركم بالمسؤولية لما حضرتم الى صلاة الجمعة جزاكم الله خيرا وانما الخطاب الى عامة الناس وكل المجتمع وخاصة اولئك الذين يعتبرون – اكو طبقة معتدٍ بها في المجتمع يعتبرون كأن الكلام ليس معهم اي كلام الشريعة وكلام الله ورسوله ، ليس معهم وانهم غير مشمولين اصلا بتعاليم الدين والعياذ بالله فاذا قلت له شيئا قال لك: (تصير برأسي متشرع) ؟! / تريد تستشرع ؟! كانه يسخر منك ، منو كام من كبره مفشخ ؟! - هؤلاء خسروا انفسهم في الدنيا والاخرة ذلك هو الخسران المبين. يكفي ان نلتفت – سبحان الله ، شوفوا - انني دعوت عدة فئات للتوبة من هنا وهم السالكون والعشائر والسدنة. اما السالكون فقد تاب كثير منهم جزاهم الله خيرا اي التائبين جزاهم الله خيرا والا الذي لم يتب لا جزاه الله خيرا واذاقه حر الجحيم – محل الشاهد - واما العشائر والسدنة فلم نجد منهم اي اثر الى هذه اللحظة. وما ذلك الا لانهم يفضلون دنياهم على دينهم وهذا ليس سوءً للحوزة اطلاقا وانما هو سوء لهم وضرر لانفسهم ومسؤولية لهم امام الله تعالى في الدنيا والاخرة وانما نصحناهم بما فيه خيرهم ورضاء ربهم عنهم كما يقول الشاعر:
على المرء ان يسعى بمقدار جهده وليس عليه ان يكون موفقا
وعلى اية حال لا زالت الفرصة موجودة لهم الى الان بان يتوبوا الى الله سبحانه وتعالى وليس ان يتوبوا الى السيد محمد الصدر ليس كذلك طبعا ، ولا زالت الفرصة موجودة لهم الى الان وستبقى مفتوحة لهم باستمرار ما دام المرء في هذه الحياة وما دام النفس يصعد وينزل.
ولا زال الحديث عن المرأة موجودا ونعود اليه في الجمعة الاتية ان شاء الله تعالى اذا بقيت الحياة.
بسم الله الرحمن الرحيم
انا انزلناه في ليلة القدر * وما ادراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من الف شهر * تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم من كل امر * سلام هي حتى مطلع الفجر *
صدق الله العلي العظيم

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم


التعديل الأخير تم بواسطة خادم البضعة ; 05-04-2017 الساعة 06:18 PM
ابو علي غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



All times are GMT +3. The time now is 01:01 PM.


Powered by vBulletin 3.8.7 © 2000 - 2024