الإختبار والإختيار / بقلم الباحث والكاتب الأستاذ علي الزيدي

إنّ الحياة الدنيا لا يمكن أن تكون لها قيمة دون المواقف التي يبايع فيها الفرد الحق وينبذ الباطل. وحينئذ يمكن أن يطلق عليه الإنسان الحرّ، الذي يستحق معنى الخلود، سواء في الدنيا كإمتداد معنوي أو الآخرة والتنقل في علوّ الدرجات.
وهذا الأمر- أي مرحلة الإختبار وثم الإختيار- الذي لا يمكن أن يمرّ بمرحلة من التاريخ دون غيرها، وذلك بإعتبار العدل الإلهي من جهة، والتغاير في الصور والتشخصات من جهة أخرى. وعلى هذا الأمر يدور الزمن وتتحرك المصاديق.
فكما كان في السابق أنبياء وقد أختبرت بهم أممهم وشعوبهم، ولحقهم الأوصياء بنفس منهج الإختبار، وإن تغيرت مواقفه، وجاء بعدهم علماء الدين والقادة المصلحين وكلٌّ قد أدّى دوره الإصلاحي بإسماع صوت الحق فكان له أتباع ومخلصين لدعوته، وفي الطرف الآخر أعداء ومناوئين، وكلّ سيأخذ نصيبه من حجم المعصية للحق والهداية، ومن حجم الطاعة لهما. وسيتساوى ثواب الطاعة وعقاب المعصية لكل المعاصرين للأنبياء والأوصياء والقادة الإلهيين، لا يستثنى زمن دون زمن آخر.
وبما أنَّ مرحلتنا الراهنة لا يمكن أن تستثنى من هذا التسلسل التاريخي والإختبار بالتوجه لجهة الحق أو الوقوف بوجهها. فعلى الفرد الساعي لضمان سعادته الأخروية، أن يسأل نفسه، بإعتباره أحد المفردات التي يحركها المنهج الإصلاحي بحسب معطيات المرحلة، هل حركته بالجانب السلبي أم الإيجابي لحركة المصلح، بالنسبة لما هو ظاهر ومعلن في الساحة العراقية الآن، فهناك فسطاطان؛ أحدهما فسطاط الحق ونداء المصلح، والآخر فسطاط الفسـ...ـاد والباطل وصوائح الشيطان، التي تريد الإستمرار بخنق الشعب وإغراقه بالذلّة، وسلب ونهب حقوقه.
فأنظر لمن ستتوجه ولمن ستنصر، وحينها فقط سيعرف الفرد بأنه حرٌّ أم عبدٌ في الإختبار والإختيار. وتذكّر بأنّك لن تخرج من دائرة التاريخ وحركته التي أختبر بها المتواجدون في زمن الأنبياء والأوصياء والأئمة عليهم السلام أجمعين.
علي الزيدي
من ساحة الإعتصام
قرب برلمان الشعب
16 / 8 / 2022

جزاكم الله تعالى خيرا