مواقف وعبر من سيرة الإمام الكاظم (ع)

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
رواية / لأبن شهر أشوب والإرشاد للمفيد والخرائج والجرائح :
البطائني قال : خرج موسى بن جعفر عليه السلام في بعض الأيام من المدينة إلى ضيعة له خارجة عنها , فصحبته وكان راكباً بغلة وأنا على
حمار . فلما صرنا في بعض الطريق , إعترضنا أسد فأحجمت خوفاً ,
وأقدم ( أبو الحسن ) عليه السلام , غير مكترث به فرأيت الأسد يتذلل لأبي الحسن عليه السلام ويهمهم , فوقف له أبو الحسن كالمصغي إلى همهمته , ووضع الأسد يده على كفل بغلته , وخفت من ذلك خوفاً عظيماً.
ثم تنحى الأسد إلى جانب الطريق , وحوّل أبو الحسن وجهه إلى القبلة , وجعل يدعو ثم حرّك شفتيه بما لم أفهمه , ثم أومأ إلى الأسد يده أن أمض
فهمهم الأسد همهمة طويلة وأبو الحسن عليه السلام يقول : ( آمين ,آمين)
وأنصرف الأسد حتى غاب عن أعيننا , ومضى ( أبو الحسن ) عليه السلام
لوجهه وأتبعته . فلما بعدنا عن الموضع لحقته .
فقلت : جعلت فداك ما شأن هذا الأسد ؟ فلقد خفته والله عليك , وعجبت من شأنه معك .
قال : إنه خرج إلي يشكو عسر الولادة على لبوته وسألني أن أدعو الله ليفرج عنها ففعلت ذلك , واُلقي في روعي أنها ولدت له ذكراً فخبّرته بذلك.
فقال لي : إمضِ في حفظ الله فلا سلط الله عليك , ولا على ذرّيتك , ولا على أحد من شيعتك شيئاً من السباع . فقلت : آمين .

إذا أردنا التمعن والنظر في أفعال المعصومين وأقوالهم أخذنا منها الشي الكثير والفوائد الجمة التي لا تعد ولا تحصى فأنهم سلام الله عليهم لم يبخلوا علينا وأعطوا من الدروس والعبر ما يغنينا وينفعنا في حياتنا فالدروس كثيرة ولكن المتعظين قليلين فأننا نرى إن الله سبحانه في محكم كتابه المجيد كثيراً ما يحفزنا ويأمرنا بالتفكر والتدبر من الآيات والآحاديث فهي المحرك وهي المربي لكل من يبحث عن الحقيقة وعن الطريق المستقيم الذي خطه الله لنا لكي لا نسقط في الهاوية ويكون مصيرنا إلى النعيم الأبدي ولا أريد أن أطيل في المقدمة . إذن فلنأخذ من هذه الرواية التي تخص إمامنا وقائدنا الإمام ( موسى بن جعفر عليه السلام ) الكثير من الدروس والمواعظ عسى أن نستنير بدربهم وسوف نعرضها على شكل أطروحات

1- أننا نرى من تلك الحادثة أن أهل الله لا يخافون فأنه وإن كان الإمام (موسى بن جعفر ) معصوم بالعصمة الواجبة إلا إنه إنسان يمتلك من الغرائز ما نمتلكه نحن فإن غريزة الخوف موجودة عنده على كل حال ولكن الصفة التي تميزه عنا إنه يستطيع أن يوظف تلك الغريزة لصالحه ويستطيع السيطرة عليها كل ذلك لأنه يخاف الله فإن الإنسان الذي يخاف الله حق مخافته يستطيع أن يسيطر على تلك الغريزة وأن يطمئن قلبياً وعقلياً فلا يخاف من شيء أبداً وتصبح الأمور عنده كلها هينة وحقيرة كل ذلك لمخافته من الله وهذا لا يخص فقط المعصومين بالعصمة الواجبة فأنها يمكن أن تكون لمن هو أدنى منهم مرتبة فنحن نرى إن كثير من أصحاب المعصومين وصلوا إلى تلك المرتبة وأخذوا تلك الخصلة منهم سلام عليهم ولنذكر في هذا المقام ما قاله أمير المؤمنين ( علي بن أبي طالب ) عليه السلام بحق مالك الأشتر وهو يصف شجاعته فإنه قال ما مضمونه ( إن مالك لو سار في غابة وفي جوف الليل المظلم ووطئت رجله في فم لبوة ما رجف قلبه أبداً ) فها هم أهل الله لا يخافون وهذا كله جاء من طاعتهم إلى الله سبحانه وتعالى تلك الطاعة العمياء . فإذا أردنا أن نأخذ العبرة من تلكم الحادثة وجب علينا أن نطيع الله أولاً وأن نخافه ثانياً مخافةً حقيقية كأننا نراه ولا نغفل عنه ولو للحظة كي نستطيع أن نكون كأصحاب المعصومين فأنهم تربوا على أيديهم وها نحن نرى مربينا وقائدنا السيد مقتدى الصدر لا يخاف من أي شي ألا الله سبحانه وتعالى فهل نتخذه قدوة لنا فأننا رأيناه في أمور كثيرة لم يجعل الخوف أمام عينيه .

2- وهذه تخص صاحبه الذي كان يسير معه وهو علي أبن أبي حمزة البطائني وأذكر هذا الموقف حتى نستفيد منه لا غير . فإن في هروبه وتركه للإمام له عدة معاني فإنه قد ترك الإمام وحده يواجه ذلك الأسد وهذا ليس من فعال الأصحاب ولا من فعال المخلصين والأجدر به لو بقي مع الإمام ووقف مدافعاً عنه وفداه بنفسه لكان خيراً له لا أن يهرب ويترك إمامه وحيداً . وهذا الحال يذكرني بأصحاب الحسين عليه السلام فإنهم أخذوا يتهافتون على الموت في سبيل إمامهم وقائدهم بالرغم إن الإمام الحسين قد أحل لهم الذهاب عنه ولكنهم أبوا ذلك . إذن فلنأخذ العظة والعبرة ولا نكون كصاحب الإمام بل علينا أن نفدي قائدنا بأنفسنا وأموالنا وأهلنا وبكل ما نملك من غالي ونفيس فأن فيه الخير الكثير فأن الشجاعة صفة المؤمنين المخلصين ومن دونها فأن الأيمان سوف يكون ناقصاً لا محالة . كيف وأنت قد هيئت نفسك لكي تكون جندي من جنود الإمام المهدي عجل الله فرجه فأن أصحاب الإمام الصفة الغالبة لديهم هي الشجاعة ومن دونها سوف لن يكون لك أي موطء معهم فأنهم الليوث في النهار والرهبان في الليل أي الشجعان في النهار والعباد في الليل . فأنت أنظر وأجعل نفسك بديلاً عن صاحب الإمام الكاظم هل تهرب وتترك الإمام أم تضحي بنفسك من أجل إمامك وإذا جاءك خطر محدق هل سوف تفعل نفس فعله أم تبقى صامداً . والصمود هنا لا يأتي من سراب ومن قول فقط بل بالعمل والأجتهاد والتضحية وحب الشهادة كل تلك الأمور تنمي عندك الإستعداد للتضحية في سبيل هدفك . فالهدف الغالي يراد له تضحية غالية . فالشجاعة لا تأتي بالكلام ولا بالأمنيات بل تأتي ( بالعمل والإجتهاد والطاعة والأخلاص واليقين بالهدف ) فكل تلك العوامل تساعدك لئن تكون شجاعاً مقداماً لا تخاف . فالخوف ليس موجوداً في قاموس جيش الإمام المهدي بل الشجاعة والتضحية هي الموجودة في اصحاب الإمام لا غير ولا نكون كصاحب الإمام موسى الكاظم فإن عاقبته كانت إلى سوء حتى إنه أصبح واقفي بعد إستشهاد الإمام الكاظم . فهل نأخذ الدرس ونستفيد منه أم لا ؟

3- أننا نرى أن المعصومين هم أبواب الله وهم أمناء الله والرحمة الموصولة فيجب التمسك بهم يكفينا أن نلتفت إنه حتى الوحوش الضارية تطلب وتتوسل بالمعصومين لقضاء حاجاتها فأنها أي الحيوانات تعي وتفهم أن المعصومين هم أبواب الله فبهم يتيسر كل عسير وبهم يفرج كل هم وغم . فهل نأخذ من تلك الحيوانات العظة والعبرة وهل نحن ممن يتمسك بالمعصومين ونجعلهم الواسطة إلى الله فإذا أصابتنا مصيبة وإذا واجهنا أمر لا نستطيع الخروج منه فهل نجعل المعصومين نصب أعيننا أم تأخذنا الأهواء والأمور الدنيوية لكي نلجأ أليها ونترك المعصومين والتوسل بهم لكي يكونوا هم الشفعاء والوسطاء إلى الله في تيسير تلك الأمور .
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين

عبر رائعة عسى أن نوفق للعمل بها وبغيرها
أحسنت وجزاك الله تعالى خيرا

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
نسأل تعالى منه حسن التوفيق والطاعة والعمل بما يرضي الله ورسوله
والأئمة المعصومين عليهم السلام
أحسنت أخي أبو صقيل على هذا الموضوع الذي لا يخلو من العبر والمواعظ

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
احسنت عزيزي ابو صقيل طرح موفق وعبر في اطروحات جميلة جداً مضافاً الى التافتة طيبة
نسال الله ان نوفق للطاعة ببركة الصلاة على محمدوال محمد
وتقبل وافر الود .

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
السلام على المعذب في قعر السجون ورحمة الله وبركاته
احسنت اخي على الموضوع القيم