العودة   منتدى جامع الائمة الثقافي > قسم القرآن والمعرفة > منبر تفسير القرآن ألكريم وبحوثه

منبر تفسير القرآن ألكريم وبحوثه مخصص لمواضيع التفسير والبحوث القرآنية

إنشاء موضوع جديد  إضافة رد
 
Bookmark and Share أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-05-2018, 01:24 PM   #1

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 3694
تـاريخ التسجيـل : Feb 2016
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : دبي _ دولة الإمارات العربية المتحدة
االمشاركات : 45

افتراضي تفسير التكامل لسورة الملك المباركة

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع السورة: إن ملك الله هو ملك الرحمة

إن تأهل الإنسان إلى الحياة الإنسانية في ملك الله يحتاج إلى التوفق إلى رحمته تعالى. إن التوفق إلى رحمة الله يتطلب الإيمان بالتوحيد و بحياة الآخرة و بكتبه و رسله.


تفسير التكامل لسورة الملك المباركة
سورة الملك
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)
أ- الدليل على المالكية
إن الدليل على مالكية الله تعالى للكون هو سلطانه للتحكم في جميع مكونات الكون و قدرته على خلق و إزالة أي شيءٍ فيه كما هو مبين في الآيات التالية.

الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)
ب- القدرة على خلق الموت و الحياة و التحكم فيهما:
إنّ الله تعالى هو وحده خالقٌ للموت و للحياة في الحياة الدنيا و لا أحد غيره يقدر على ذلك. و هو كذلك وحده عنده السلطة للتحكم في الحياة بالإطالة و التقصير و بالتحسين و الإساءة و بالإسعاد و الإشفاء. إنّه هو وحده عنده الإمكانية لتحقيق الحياة الإنسانية بالغاية الحقيقية لخلقها و ذلك عن طريق جعل الحياة الدنيا حياة اختبار و ابتلاء و فناء و جعل حياة الآخرة حياة حساب و جزاء و بقاء. إذاً إنّ مع الإيمان بالله تعالى فإنّ الموت بدلاً من أن يكون أكبر منّغص و مصيبة لحياة الإنسان فإنه يكون عاملاً و حافزاً لبناء و تطوير و إسعاد و تحقيق الحياة الإنسانية الحقيقية السعيدة و الذي هو تحد أكبر من تحدي الموت و جميع التحديات و المشاكل التي قد تواجه الإنسان في الحياة الدنيا. إذاً، إنّ معرفة الإنسان لنفسه تهديه إلى معرفة ربه.

الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4) وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5) وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11)
ج_القدرة على خلق السماوات و التحكم فيهن و إرسال النذر :
إنّ خلق الله للسماوات السبع بسعة و عظمة، و إتقان و إحكام بحيث لا يمكن لأحد أن يجد فيها من خلل أو قصور أو منفذ للخروج دليل قاطع على قدرة الله و وحدته في خلق الكون من غير شريك أو عديل أو منافس أو معين و ذلك لأنه لا يمكن لأحد غيره أن يقّدر و يدرك مدى سعة و إحكام و عظمة خلقه فكيف يمكن له أن يخلق مثله. بالإضافة إلى إنارة و تزيين السماوات فإنّه قادرٌ على أن يبقي فيها من يشاء و يطرد منها من يريد طرده (مثل الجن) ما يعني تحكمه هو وحده في السماوات. إنّ إنارة الله تعالى الأرض بمصابيح السماء يعني بأنه قادرٌ على إنارة قلوب النّاس بكتبه و رسله و من ثم إكمال حجته العقلية على الناس لمالكيته هو وحده للكون دون أحد غيره. إذاً، يمكن للإنسان أن يعرف الخالق بمعرفة خلقه للسماوات (أي معرفة الغائب بالمشاهد).
إنّ الإعراض عن الاستجابة لرسل الله تعالى و كتبه يدل على الكفر بالشهادات العقلية للحياة الإنسانية و للسماوات و لكتب الله تعالى و رسله و مصير الأقوام السابقة التي كذّبت رسل الله تعالى و كتبه و من ثم السفاهة و فساد العقل الذي من شأنه خسارة حياتي الدنيا و الآخرة. إنّ الإنسان الذي تلهيه بعض متع الحياة الدنيا و زخرفها عن معرفة خالقه و مالكه و ربه و رازقه و حافظه و هاديه و المجيب لدعواته و مغيثه في محنته و ناصره و راحمه في ملكه، إنّ هذا الإنسان يستيقظ من غفلته عندما يذوق طعم نار جهنم عندئذ يدرك مدى أهمية نعمة العقل فيندم و يتألم حيث لا ينفع الندم.

إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12) وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13) أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17) وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (18) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (20) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (21) أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22) قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (23)
د- ألأدلة من واقع الحياة على الأرض لحياة الآخرة

إنّ معرفة الله تعالى بالأدلة العقلية السابقة الذكر من شأنه الإيمان بالغيب و من ثم الإيمان بأن الله تعالى مطلع على غيب السماوات و الأرض، بما في ذلك القلوب لأنه حرم الله و أهم وسيلة الإنسان للاتصال معه و الدعاء إليه (القلب حرم الله فلا تسكن حرم الله غير الله هذا ما روي عن الامام محمد الباقر عليه افضل وازكى السلام)
https://forums.alkafeel.net/showthread.php?t=41576
و من ثم خشية الله تعالى بالغيب و مراقبته و طاعته بالقلب قبل الفكر و القول و العمل.
بمثل ما أنّ الله قد خلقهم من قبل و مهد الأرض و جعل فيها سبلاً لهداية الناس و أنزل المطر للإرزاف فإنّه قادرٌ على الإماتة و احياء و الهداية لحياة الآخرة. إنّه كذلك قادرٌ على خسف الأرض و إنزال العذاب من السماء بدلاً من المطر للرزق، كما فعل سابقا مع الأقوام الذين أنكروا كتبه و رسله من قبل. بالإضافة إلى ذلك فإنّ الإنسان لا يمكنه الاستغناء عن الحاجة إلى الله تعالى في أية لحظة من لحظات حياته مثله في ذلك كالطير و غيره من الأحياء و لكن الإنسان يدرك ذلك فقط عندما تصيبه مصيبة و تنقطع عنه الأسباب التي خلقها الله لقضاء و تيسير حياته فعند ذلك يذكر الله و يدعوه و لكن بعد استجابة الله لدعائه فإنه يتغافل عنه و ينساه و ينسب الرزق و النصرة لمخلوقات لا تملك له هدايةً و لا موتاً و لا حياتاً و لا نفعاً و لا ضرا. فلا يمكن لهذا المخلوق أن يهديه لتحقيق الغاية التي حلقه الله من أجلها بل يضله إلى الدمار و الهلاك و بئس المصير. إنّ العامل المسبب لهذه الكارثة للإنسان هو التقصير في الاستفادة من وسائل الهداية من سمعٍ و بصرٍ و فؤاد و من ثم عبادة المخلوق بدلاً من الخالق ثم إنكار الحياة بعد الموت و يوم الحساب.

قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (26) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (27) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28) قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آَمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (29) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (30)
ه- حياة الآخرة
إنّ أهم و أعظم حجة يجادل به الكافر و المشرك هي استحالة الحياة بعد الموت و من ثم إمكان حدوث حياة الآخرة و ذلك لأنه لم يُشاهد حتى الآن، بصفة عامة، رجوع ميت إلى الحياة ثم العيش بين الناس حياتاً اعتيادية و كذلك عدم وجود موعد محدد لهذا الأمر. إنها في الواقع ليست بحجة و لكنه جدل للتمسك بالكفر و التهرب من الإيمان بالله تعالى ذلك لأن الله الذي أوجد الكون و الحياة البشرية من العدم لا يمكن أنّ يعجزه الإحياء بعد الموت مع ما يشاهد من خلقه للأحياء من الماء و التراب في كل لحظة و في جميع مناطق الأرض. بالإضافة إلى الشواهد القائمة على إهلاك الله تعالى لمنكري البعث من الأقوام السابقة من الفرعون و إمبراطوريات الروم و البيزنطة و الفرس مع إبقاء أتباع الرسل التي أرسلها إليهم مثل موسى و عيسى و محمد عليهم السلام في نفس بقاع الأرض و إلى يومنا هذا ما يدل على أن ما يحتاجه الإنسان للبقاء و الحياة الاعتيادية في ملك الله تعالى هو التوفق إلى رحمته التي لا يمكن الاستغناء عنها ولو للحظة واحدة و هذا يتحقق فقط بالإيمان به و بكتبه و رسله و إتباع
هدايته.

و الحمد لله تعالى رب العالمين و الصلاة و السلام على محمد سيد الأنبياء و المرسلين و على أهل بيته الطيبين الطاهرين و على أصحابه الصادقين المخلصين.
و السلام عليكم جميع الأخوة و الأخوات الكرام و رحمة الله تعالى وبركاته.

أخوكم في الدين:
د سعيد حبيب حسن اليوسف

 

 

 

 

 

 

 

 


التعديل الأخير تم بواسطة سعيد حبيب حسن ; 02-06-2018 الساعة 12:07 PM سبب آخر: اضافة مضوع السورة
سعيد حبيب حسن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



All times are GMT +3. The time now is 12:37 AM.


Powered by vBulletin 3.8.7 © 2000 - 2024