العودة   منتدى جامع الائمة الثقافي > القسم الإسلامي العام > ألمنبر الإسلامي العام

ألمنبر الإسلامي العام لجميع المواضيع الإسلامية العامة

 
 
Bookmark and Share أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 19-05-2016, 04:56 PM   #1

 
الصورة الرمزية الراجي رحمة الباري

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 24
تـاريخ التسجيـل : Oct 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : بغداد
االمشاركات : 11,036

بقلمي الحسين عليه السلام ويزيد ... العودة والاختيار / بقلم الاستاذ علي الزيدي


وجود المعصومين عليهم السلام في هذه الدنيا هو للإختبار والتكامل ، بعد أن يوضحوا الحقائق ويجلوا غوامض الأمور عن الناس، ليسيروا ضمن التخطيط الإلهي المعــــــــــــــد لسعادتهم الدنيوية والأخروية .

ولا يمـر وجودهم سلام الله عليهم من دون أن تتعرض البشــــــــرية المعاصرة لهم لمسير يطول أو يقصــــر من الإختبارات والبلاءات والتمحيص ، يكون إختيار الفرد فيها هو المنجي أو المهلك له ولمن تبعه في الإختيار .

وهذا هو المنحى الرئيس في هذه الدنيا وكما قال تعالى : ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ) العنكبوت ، أية 2 . وكذلك قوله عزّ وجلّ : ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم ) البقرة ، 214 .

إذن كل فرد عاصر المعصومين قد مر بإختبار وبلاء الإختيار في التوجه والتسليم للحق وإتباع الأصلح أو التوجه للباطل وإتباع الفاسد .

هذا الأمر لا يمكن لأي فرد أن يدير ظهره عنه وكأنّه في معزل عن نداء الحق الموجه إليه،أو نداء الباطل الذي يلتف حوله.

ولذلك كان محمد صلى الله عليه وآله وأبو سفيان قباله ، وعلي عليه السلام ومعاوية قباله ، وكانت فاطمة عليها السلام والشيخين قبالها ، وكان الإمام الحسن عليه السلام ومعاوية قباله ، وكان الحسين عليه السلام ويزيد قباله ، وهكذا تستمر سلسلة العصمة في مواجهة بؤرة الفساد ، وكان الناس حينها أحرار في التوجه لأي من الطرفين ، لكي يكون له موقفاً في عرصات يوم القيامة يُساءل فيه عن الإختيار المتخذ ، كما قال تعالى : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ) فهذه سنّة الله ولن تجد لسّنة الله تبديلا .

إذن كلّنا مُعَرَّضون لهذا الإختبار ، ولو اقتصر الإختبار والإختيار في مساحة وجود المعصوم الحي والظاهر فقط ، لكان من الممكن أن لا نقع في هذا البلاء الآن ، ولأرحنا البال من عدم التوجه لأي من النداءين ، وإعتزالهما والعيش ضمن المشتركات الأخرى التي تجمع الكائنات الحية بأسرها وليست الإنسانية منها فقط ، لنصبح هيكلاً آدمياً لا يعرف غير الأكل والشرب والنكاح .

لكن هذا الأمر لا يتم ، لأن مبانيه أوهن من بيت العنكبوت ، ولو تم لأصبح الله عزّ وجل ّ غير عادل والعياذ بالله ، وهذا مما لا يرتضيه عاقل ولا يتقبله الواقع بحال .

إذن ما دام الله تعالى عادل وحكيم ، حينئذ يجب أن تمر جميع البشرية وعلى طول خط مسيرها الإيماني بمفردة الإختبار ليواجه لحظة الإختيار ما بين الخير والشر ، ما بين الإيمان والكفر ، ما بين نصرة المظلوم ودعم الظالم . لكي يكتمل نصاب البشرية في مساحة الأرض كلها .

ولا يمكن لنا أن نوجد في هذه الدنيا ونخرج منها من دون أن نمر بهذه المرحلة ، ولسببين رئيسيين هما :

الأول: لا يمكن لنا أن نرى الحق واضحاً ابلجاً، من دون أن توجد أية شبهة أو إشكالية يثيرها المشككون والمرجفون لتعكر صفو الحق ونقاءه، فضلاً عن وجود الموانع التي ينصبها الطواغيت كالتهديد والوعيد وتحريف الحقائق وغيرها.

الثاني: لا يمكن لنا أن نعبر مستوى خطاب الشارع المقدس ، فنكون غير معنيين بإتباع الحق ورفض الباطل لنبقى بعيدين عن مثل هكذا أمور .

وعليه فإننا في زماننا الحالي وضمن هذه المرحلة من الحاضر هل تساءلنا وقلنا:

من يمثل الآن جهة الحق التي هي إمتداد للمعصومين عليهم السلام، بحيث تمثل المحتوى والإطار الذي ينكب عليه الظالمون ليمنعوا الناس من الوصول إليه والالتحاق به .

ومن هي جهة الباطل التي تزينت وتجملت ، ثم تعرضّت بزيها تغوي وتمكر وتكذب ، لتضم الناس تحت جناحها وظلها.

ولو تساءلنا مرة أخرى وأردنا أن نضع الحسين عليه السلام وأصحابه الكرام ، ويزيد وحاشيته ومرتزقته ، في أي جهة من هاتين الجهتين ، فهل ياترى نضع الشعب بكل ما يحمل من آلام وفقر ومآسي وحرمان ومظلومية ، ونقول عنه إنه يمثل جهة الباطل ، وإنّه من حزب يزيد وأتباعه ؟!.

وهل نستطيع أن نضع الحسين عليه السلام وصحبه الكرام في جهة حكومة الفساد التي ظلمت شعبها بأبشع صور الظلم والطغيان ، ونقول هو ناصرها ومؤيد لها .؟!

فمجرد التفكير بذلك ولو للحظة تشعر بأنك قد نقضت أواصر التفكير الإنساني الحر، فهل يمكن لك أن تتصور أن الحسين عليه السلام واصحابه يجلسوا في البرلمان ليصوتوا

ضد الشعب، وهل يستطيع العاقل أن يتصور بأن يزيد من الشعب وإليه يعود، فيكون الشعب طاغوتاً يتجاوز على الحسين ويقتله، وهو يمثل الحكومة والبرلمان المهزوز المتناحر والمنخور؟!!!

إذن كن حليماً وحراً في تفكيرك ولا تنحاز الى جهات لا يربطك معها إلّا العاطفة أو المصالح الدنيوية الزائلة أو الحقد على الآخرين بدون حق، فهاهو حسين الإصلاح قد عاد ليحارب يزيد الفساد، وقد عُرِضَ عليك الإختيار، فأما معسكر الحسين وصحبه، وأما يزيد وحزبه، فأحسن الإختيار ولا تنسى حتمية الإختبار، ليذكرك التأريخ فيما بعد وليضعك في الصفحة البيضاء أو السوداء، وحينئذ عندما تُذكَر أما أن يُترحم عليك أو تُلعن.


علي الزيدي

11 شعبان 1437

19 أيار 2016

صور المقال للطباعة والنشر










 

 

 

 

 

 

 

 


التعديل الأخير تم بواسطة الراجي رحمة الباري ; 08-06-2016 الساعة 01:38 AM
الراجي رحمة الباري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



All times are GMT +3. The time now is 12:53 PM.


Powered by vBulletin 3.8.7 © 2000 - 2024