الامام الجواد عليه السلام وإحياء المكان والانسان / المهندس الاستاذ جعفر هاشم العكيلي

الامام الجواد عليه السلام وإحياء المكان والانسان

لا ريب ان الانسان الكامل متمثلاً بصاحب الرسالة محمد واهل بيته من القادة الميامين صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين مباركين اينما حلوا قال تعالى : { وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ... } ( مريم : 31 ) ولعل هذه الصفة ظهرت جلية في الإمام محمد الجواد عليه السلام فهو صاحب البركة والعطاء وهنا لا اريد ان اتعرض لذكر مقامات الامام بقدر ان استلهم بعض الرسائل التربوية والاشارات الرمزية من احدى معاجزه عليه السلام وهي ما ذكره اهل السير( 1 ) من اثمار الشجرة اليابسة في صحن مسجد قديم توضأ الامام بقربها وما ان اتم الامام صلاته بالمسجد الا واورقت وحملت ثماراً لا عجم ( نوى ) فيها وقد استمر عطاء تلك الشجرة ( السدرة ) ما يقرب القرنين من الزمان. فأقول ومن الله التوفيق والسداد :

اولاً : انه مثال حسي لأمر معنوي فكثير ما يُشبه الانسان بل المجتمع بالشجرة فالمصلح قادر على احيائه وجعله يعطي الثمرة المرجوة منه اذا ادى وظيفته المطلوبة منه وهي طاعة الله المتمثلة بطاعة المصلح في كل ما يأمر ويوجه

ثانياً : ان هذا التغيير والاحياء لا يحتاج الى وقت طويل اذا حصلت الاستجابة والطاعة المطلقة للمصلح وسوف يجني الناس ثمرتها وهذا ما حصل فعلاً مع المشروع الاصلاحي للسيد الشهيد محمد الصدر قدس واقامته لصلاة الجمعة المباركة

ثالثاً : انه لا يوجد مستحيل او غير معقول في العطاء الالهي اذا توفرت الطاعة لله من خلال طاعة المصلح وهذا ما اشار اليه السيد الشهيد محمد الصدر قدس حينما قال في احدى خطب الجمعة في مسجد الكوفة : ( وقد قلت لبعض الاخوان : ان المراجع لو كانوا قد حضروا ـ والى الان يمكن تحصيل نفس النتيجة ـ لكان في امكان الحوزة والمذهب، بغض النظر عن السلاح طبعا ـ ونحن عزل من السلاح والحمد لله ـ لكان في امكاننا مجابهة اسرائـ.يل بنفسها، بما يحصل فينا من تكاتف وتضامن وعزة بالله وحسن توفيق وعزة بالحق وعزة باهل البيت واطاعة الله واهل البيت ... ) ( 2 ) وكذلك ما اثبته عملياً السيد القائد مقتدى الصدر اعزه الله في مقـ.اومته للاحتـ.لال فقد حقق الانتصارات بأسلـ.حة بسيطة رغم تكالب قوى الشر وما تملكه من امكانيات.

رابعاً : انها تقرير لما جاء في دستور الاسلام القرآن الكريم من سنن وما سوف يكون في الدولة العادلة فعطاء المخلوقات الاخرى ( من جماد ونبات وحيوان ) ينسجم مع اداء الانسان وظيفته التي وجد من اجلها في هذا الكون ولك ان تتخيل مدى البركة والعطاء التي ستعطيها هذه الارض قال تعالى : { وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا } ( الجن : 16)

خامساً : انها اشارة لما سوف يقوم به الامام المهدي عليه من احياء لمساجد متروكة بآلية تجعل الناس تهفو اليها فهو الذي يميز المسجد الذي بني على التقوى من مسجد ضرار الذي سوف يأمر بهدمه كما تنص الروايات على ذلك ( 3 ) فالإمام الجواد عليه السلام احيى ذلك المسجد من خلال صلاته فيه واثمار تلك الشجرة التي كانت محل عطاء وبركة وسبب لتواجد الناس ولعل هذا ما فعله السيد الشهيد محمد الصدر قدس من احياء منطقة بكاملها وهي الكوفة عندما اقام صلاة الجمعة في مسجدها .

اللهم ارزقنا توفيق الطاعة وبعد المعصية بحق محمد وعترته الطاهرة صلواتك عليهم اجمعين

الهوامش والمصادر

( 1 ) موسوعة الإمام الجواد (ع) - السيد الحسيني القزويني - ج ١ - الصفحة ٢٤٧ وكذلك في الارشاد للشيخ المفيد ص ٣٢٣، ومصادر اخرى

( 2 ) الجمعة العشرون / الخطبة الثانية ... ... 5 جمادي الاولى 1419

( 3 ) في إرشاد المفيد عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث طويل أنه قال: ...إذا قام القائم سار إلى الكوفة فهدم أربعة مساجد ولم يبق مسجد على وجه الأرض له شُرَفٌ إلّا هدمها... . [الإرشاد للشيخ المفيد: ص٣٨٥]

جزاكم الله تعالى خيرا