![]() |
![]() |
![]() |
|
منبر ألمنتظر لإقامة ألأمت والعوج مخصص لمواضيع الإمام المهدي عجل الله فرجه والممهدون له |
![]() ![]() |
|
![]() |
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
#6 |
|
![]()
لماذا لم يظهر القائد إذن؟ لماذا لم يظهر القائد إذن طيلة هذه المدة؟ وإذا كان قد أعدّ نفسه للعمل الاجتماعي، فما الذي منعه عن الظهور على المسرح في فترة الغيبة الصغرى أو في أعقابها بدلاً عن تحويلها إلى غيبة كبرى، حيث كانت ظروف العمل الاجتماعي والتغييري وقتئذ أبسط وأيسر، وكانت صلته الفعلية بالناس من خلال تنظيمات الغيبة الصغرى تتيح له أن يجمع صفوفه ويبدأ عمله بداية قويّة، ولم تكن القوى الحاكمة من حوله قد بلغت الدرجة الهائلة من القدرة والقوة التي بلغتها الإنسانية بعد ذلك من خلال التطوّر العلمي والصناعي؟ والجواب: أنّ كلّ عملية تغيير اجتماعي يرتبط نجاحها بشروط وظروف موضوعية لا يتأتّى لها أن تحقّق هدفها إلاّ عندما تتوفر تلك الشروط والظروف. وتتميز عمليات التغيير الاجتماعي التي تفجّرها السماء على الأرض بأنها لا ترتبط في جانبها الرسالي بالظروف الموضوعية(33); لأنّ الرسالة التي تعتمدها عملية التغيير هنا ربّانيّة، ومن صنع السماء لا من صنع الظروف الموضوعية، ولكنها في جانبها التنفيذي تعتمد الظروف الموضوعية ويرتبط نجاحها وتوقيتها بتلك الظروف. ومن أجل ذلك انتظرت السماء مرور خمسة قرون من الجاهلية حتى أنزلت آخر رسالاتها على يد النبيّ محمد صلى الله عليه وآله; لأنّ الارتباط بالظروف الموضوعية للتنفيذ كان يفرض تأخّرها على الرغم من حاجة العالم إليها منذ فترة طويلة قبل ذلك. والظروف الموضوعية التي لها أثر في الجانب التنفيذي من عملية التغيير، منها ما يشكّل المناخ المناسب والجو العام للتغيير المستهدف، ومنها ما يشكّل بعض التفاصيل التي تتطلّبها حركة التغيير من خلال منعطفاتها التفصيلية. فبالنسبة إلى عملية التغيير التي قادها - مثلاً - لينين في روسيا بنجاح، كانت ترتبط بعامل من قبيل قيام الحرب العالمية الأولى وتضعضع القيصرية، وهذا ما يساهم في إيجاد المناخ المناسب لعملية التغيير، وكانت ترتبط بعوامل أخرى جزئية ومحدودة من قبيل سلامة لينين مثلاً في سفره الذي تسلّل فيه إلى داخل روسيا وقاد الثورة، إذ لو كان قد اتّفق له أي حادث يعيقه لكان من المحتمل أن تفقد الثورة بذلك قدرتها على الظهور السريع على المسرح. وقد جرت سنة الله تعالى التي لا تجد لها تحويلاً في عمليات التغيير الربّاني على التقيّد من الناحية التنفيذية بالظروف الموضوعية التي تحقّق المناخ المناسب والجو العام لإنجاج عملية التغيير، ومن هنا لم يأت الإسلام إلاّ بعد فترة من الرسل وفراغ مرير استمرّ قروناً من الزمن. فعلى الرغم من قدرة الله - سبحانه وتعالى - على تذليل كل العقبات والصعاب في وجه الرسالة الربّانية وخلق المناخ المناسب لها خلقاً بالإعجاز، لم يشأ أن يستعمل هذا الأسلوب; لأنّ الامتحان والابتلاء والمعاناة التي من خلالها يتكامل الإنسان يفرض على العمل التغييري الربّاني أن يكون طبيعيّاً وموضوعيّاً من هذه الناحية، وهذا لا يمنع من تدخّل الله - سبحانه وتعالى - أحياناً فيما يخصّ بعض التفاصيل التي لا تكوّن المناخ المناسب، وإنما قد يتطلّبها أحياناً التحرك ضمن ذلك المناخ المناسب، ومن ذلك الإمدادات والعنايات الغيبية التي يمنحها الله تعالى لأوليائه في لحظات حرجة فيحمي بها الرسالة، وإذا بنار نمرود تصبح برداً وسلاماً على إبراهيم(34)، وإذا بيد اليهوديّ الغادر التي ارتفعت بالسيف على رأس النبيّ صلى الله عليه وآله تُشلّ وتفقد قدرتها على الحركة(35)، وإذا بعاصفة قوية تجتاح مخيّمات الكفّار والمشركين الذين أحدقوا بالمدينة في يوم الخندق وتبعث في نفوسهم الرعب(36)، إلاّ أنّ هذا كلّه لا يعدو التفاصيل وتقديم العون في لحظات حاسمة بعد أن كان الجو المناسب والمناخ الملائم لعملية التغيير على العموم قد تكوّن بالصورة الطبيعية ووفقاً للظروف الموضوعية. وعلى هذا الضوء ندرس موقف الإمام المهدي عليه السلام لنجد أنّ عملية التغيير التي أعدّ لها ترتبط من الناحية التنفيذية كأي عملية تغيير اجتماعي أخرى بظروف موضوعية تساهم في توفير المناخ الملائم لها، ومن هنا كان من الطبيعي أن تُوقّت وفقاً لذلك. ومن المعلوم أنّ المهديّ لم يكن قد أعدّ نفسه لعمل اجتماعي محدود، ولا لعملية تغيير تقتصر على هذا الجزء من العالم أو ذاك; لأنّ رسالته التي ادّخر لها من قبل الله - سبحانه وتعالى - هي تغيير العالم تغييراً شاملاً، وإخراج البشرية كلّ البشريّة، من ظلمات الجور إلى نور العدل(37)، وعملية التغيير الكبرى هذه لا يكفي في ممارستها مجرد وصول الرسالة والقائد الصالح، وإلاّ لتمّت شروطها في عصر النبوة بالذات، وإنما تتطلّب مناخاً عالمياً مناسباً، وجوّاً عاماً مساعداً، يحقّق الظروف الموضوعية المطلوبة لعملية التغيير العالمية. فمن الناحية البشرية يعتبر شعور إنسان الحضارة بالنفاد عاملاً أساسياً في خلق ذلك المناخ المناسب لتقبّل رسالة العدل الجديدة، وهذا الشعور بالنفاد يتكوّن ويترسّخ من خلال التجارب الحضارية المتنوعة، التي يخرج منها إنسان الحضارة مثقلاً بسلبيات ما بنى، مدركاً حاجته إلى العون، متلفّتاً بفطرته إلى الغيب أو إلى المجهول. ومن الناحية المادية يمكن أن تكون شروط الحياة المادية الحديثة أقدر من شروط الحياة القديمة في عصر كعصر الغيبة الصغرى على إنجاز الرسالة على صعيد العالم كلّه، وذلك بما تحقّقه من تقريب المسافات، والقدرة الكبيرة على التفاعل بين شعوب الأرض، وتوفير الأدوات والوسائل التي يحتاجها جهاز مركزي لممارسة توعية لشعوب العالم وتثقيفها على أساس الرسالة الجديدة. وأما ما أشير إليه في السؤال من تنامي القوى والأداة العسكرية التي يُواجهها القائد في اليوم الموعود كلّما أُجّل ظهوره، فهذا صحيح، ولكن ماذا ينفع نمو الشكل المادي للقوة مع الهزيمة النفسية من الداخل، وانهيار البناء الروحي للإنسان الذي يملك كلّ تلك القوى والأدوات؟ وكم من مرة في التاريخ انهار بناءٌ حضاري شامخ بأول لمسة غازية; لأنه كان منهاراً قبل ذلك، وفاقداً الثقة بوجوده والقناعة بكيانه والاطمئنان إلى واقعه.(38) المبحث السابع وهل للفرد كلّ هذا الدور؟! ونأتي إلى سؤال آخر في تسلسل الأسئلة المتقدمة، وهو السؤال الذي يقول: هل للفرد ـ مهما كان عظيماً ـ القدرة على إنجاز هذا الدور العظيم؟ وهل الفرد العظيم إلاّ ذلك الإنسان الذي ترشّحه الظروف ليكون واجهةً لها في تحقيق حركتها؟ والفكرة في هذا السؤال ترتبط بوجهة نظر معيّنة للتاريخ تفسّره على أساس أنّ الإنسان عامل ثانوي(39) فيه، والقوى الموضوعية المحيطة به هي العامل الأساسي، وفي إطار ذلك لن يكون الفرد في أفضل الأحوال إلاّ التعبير الذكي عن اتّجاه هذا العامل الأساسي. ونحن قد أوضحنا في مواضع أخر من كتبنا المطبوعة(40) أنّ التاريخ يحتوي على قطبين: أحدهما الإنسان، والآخر القوى المادية المحيطة به. وكما تؤثر القوى المادية وظروف الإنتاج والطبيعة في الإنسان، يؤثر الإنسان أيضاً فيما حوله من قوىً وظروف، ولا يوجد مبرّر لافتراض أنّ الحركة تبتدئ من المادة وتنتهي بالإنسان إلاّ بقدر ما يوجد مبرر لافتراض العكس، فالإنسان والمادة يتفاعلان على مرّ الزمن، وفي هذا الإطار بإمكان الفرد أن يكون أكبر من ببغاء في تيار التاريخ، وبخاصة حين نُدخل في الحساب عامل الصلة بين هذا الفرد والسماء.(41) فإن هذه الصلة تدخل حينئذ كقوة موجّهة لحركة التاريخ. وهذا ما تحقّق في تاريخ النبوّات، وفي تاريخ النبوّة الخاتمة بوجه خاصّ، فإنّ محمّداً صلى الله عليه وآله بحكم صلته الرسالية بالسماء تسلّم بنفسه زمام الحركة التاريخية، وأنشأ مدّاً حضاريّاً لم يكن بإمكان الظروف الموضوعية التي كانت تحيط به أن تتمخّض عنه بحال من الأحوال، كما أوضحنا ذلك في المقدمة الثانية للفتاوى الواضحة.(42) وما أمكن أن يقع على يد الرسول الأعظم يمكن أن يقع على يد القائد المنتظر من أهل بيته الذي بشّر(43) به ونوّه عن دوره العظيم. المبحث الثامن ما هي طريقة التغيير في اليوم الموعود؟ ونصل في النهاية إلى السؤال الأخير من الأسئلة التي عرضناها، هو السؤال عن الطريقة التي يمكن أن نتصوّر من خلالها ما سيتمُّ على يد ذلك الفرد من انتصار حاسم للعدل، وقضاء على كيانات الظلم المواجهة له. والجواب المحدّد عن هذا السؤال يرتبط بمعرفة الوقت والمرحلة التي يقدّر للإمام المهدي عليه السلام أن يظهر فيها على المسرح، وإمكان افتراض ما تتميز به تلك المرحلة من خصائص وملابسات لكي تُرسم في ضوء ذلك الصورة التي قد تتّخذها عملية التغيير، والمسار الذي قد تتحرك ضمنه، وما دمنا نجهل المرحلة ولا نعرف شيئاً عن ملابساتها وظروفها فلا يمكن التنبّؤ العلمي بما سيقع في اليوم الموعود، وإن أمكنت الافتراضات والتصوّرات التي تقوم في الغالب على أساس ذهني لا على أسس واقعية عينية. وهناك افتراض أساسي واحد بالإمكان قبوله على ضوء الأحاديث التي تحدثت عنه(44)، والتجارب التي لوحظت لعمليات التغيير الكبرى في التاريخ، وهو افتراض ظهور المهدي عليه السلام في أعقاب فراغ كبير يحدث نتيجة نكسة وأزمة حضارية خانقة.(45) وذلك الفراغ يتيح المجال للرسالة الجديدة أن تمتدّ، وهذه النكسة تهيّء الجو النفسي لقبولها، وليست هذه النكسة مجرد حادثة تقع صدفة في تاريخ الحضارة الإنسانية، وإنما هي نتيجة طبيعية لتناقضات التاريخ المنقطع عن الله - سبحانه وتعالى - التي لا تجدُ لها في نهاية المطاف حلاًّ حاسماً فتشتعل النار التي لا تُبقي ولا تذر، ويبرز النور في تلك اللحظة; ليطفئ النار ويقيم على الأرض عدل السماء. والحمد الله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطاهرين. وقد وقع الابتداء في كتابة هذه الوريقات في اليوم الثالث عشر من جمادى الثانية سنة 1397 هـ، ووقع الفراغ منها عصر اليوم السابع عشر من الشهر نفسه. والله ولي التوفيق. محمد باقر الصدر - النجف الأشرف تمّ الفراغ من تحقيق هذا الكتاب في شهر رجب المرجّب من سنة 1416 هـ، وذلك في قم المقدسة. الدكتور عبد الجبار شرارة
|
![]() |
![]() |
![]() |
#7 |
|
![]()
وللتنويه : هذه البحوث هي عبارة عن مقدمة كتبها السيد الشهيد محمد باقر الصدر قدس الله نفسه للموسوعة المعروفة بموسوعة الامام المهدي عجل الله فرجه وهي بأربعة أجزاء لمؤلفها سماحة السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر نتمنى ان نرى جديدك عزيزي واسال الله لكم التوفيق
|
![]() |
![]() |
![]() |
#8 |
|
![]()
على نشر فكر السيد الشهيد محمد باقر الصدر ( قدس )
|
![]() |
![]() |
![]() |
#9 |
|
![]()
وبارك الله فيك على نشر فكر آل الصدر الميامين وحبذا لو قمت نشر البحوث بشكل منفرد لكل بحث حتى يتسنى للقارئ الحبيب التمعن في هذه البحوث القيمة والاستفادة منها وفقك الله وننتظر المزيد من مشاركاتك المفيدة
|
![]() |
![]() |
![]() |
#10 |
|
![]()
|
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
![]() |
![]() |