هل المظاهرات المليونية ضد الفاسدين .. بدافع العاطفة؟!

بسم الله الرحمن الرحيم

هل المظاهرات المليونية ضد الفاسدين .. بدافع العاطفة؟!

حينما يخرج علينا كاتب او مؤلف ويسبق اسمه بالدكتور او البروفيسور، وحينما يطلق آرائه ونظرياته السقيمة والبعيدة عن التفكير العقلي والمنطقي السليم، فانك لتعجب كيف حصل على هذه الشهادة العلمية؟! وهو الى الان لا يستطيع أن يفكر تفكير سليم! بعيداً عن العاطفة والحقد والبغض لشخص او لشريحة معينة، فحين يأتي شخص يصف المظاهرات المليونية التي خرجت مطالبة بالاصلاح وملبية دعوة السيد القائد مقتدى الصدر دام عزه، بانها خرجت بدافع العاطفة وانها نتيجة "الارتباط العاطفي الساذج" كما يعبر.
ويمكن أن نرد على تهمة الكاتب بالجواب التالي.

اولاً :- كيف يمكن أن اصف المتظاهرين الذين خرجوا في اخطر عاصمة في العالم لابسين القلوب على الدروع متحدين الموت او القتل في سبيل نصرة بلدهم، قد ادركوا حجم الخطر الذي يهُدد العراق فهبوا بكل اطياف الشعب وليس التيار الصدري فقط للتظاهر.
وليس عيب ان يحب الانسان وطنه او يحب من يحب وطنه، فاين وطنية الكاتب فهو اما قابع في بيته او فار من الزحف خارج البلاد في احدى عواصم الغرب طالباً للدعة والراحة، وعلى ضوء كلام الكاتب فيمكن أن نعتبر أن جميع ثورات الشعوب التي حدثت على مر القرون كانت نتيجة الاتباع العاطفي الساذج للقادة والاشخاص المؤثرين في تحريكها، فهل ثورة الشعب الفرنسي او الهندي او التونسي او المصري كانت عاطفية؟ بقدر ما كانت نابعة من الشعور بالحيف والظلم وحصول ضرورة تجاه التغيير نحو الاحسن.
ثانياً :- ليس للعاطفة وحدها دور في تحريك هذه الجماهير العظيمة، ما لم تكن مرتبطة ببعد عقائدي، فان حب الانسان لشخص او لمبدأ معين لا يمكن أن يجعله مستعداً للتضحية من اجل هذا المبدأ، بل لابد من وجود ارتباط ايدلوجي يدفع الفرد بالتضحية حيث يترك عمله واسرته ويأتي من المحافظات البعيدة في سبيل تلبية النداء وطلبةٌ للإصلاح، فنجد بكاء أهل الكوفة حين شاهدوا راس الإمام الحسين عليه السلام وروؤس اهل بيته وأصحابه على الرماح ارتفعت اصواتهم بالبكاء والنحيب والحسين عليه السلام بالامس يناديهم لنصرته فلا يجيبوه.
وكيف يوصف المتظاهرين بالسذاجة والتفكير السطحي فهذا هو الافتراء بعينه فان المتظاهرين السلميين قد وصلوا الى درجة من الشعر بالمسئولية تجاه وطنهم وقمة المستوى الحضاري بحيث لم يتعدوا على ملك عام او خاص ولم يصطدموا مع اي رجل أمن، وقد عرفوا ما يخطط له الاستعمار والسياسيين والاحزاب الفاسدة، فلم تعد تنطلي عليهم بعد اليوم حيلة او كذبة فهم كما قال السيد القائد مقتدى الصدر دام عزه "بعد ما تعبر علينا".
ثالثاً :- هناك تهمة قديمة جديدة يوصم بها اتباع السيد القائد مقتدى الصدر دام عزه او التيار الصدري وهي اتّباع السيد القائد مقتدى الصدر دام عزه اتّباع عاطفي على اساس انه ابن السيد الشهيد الصدر الثاني قدس سره، فمن جهة ان السيد القائد ليس زعيم روحي بقدر ما هو قائد فذ قد شهد له العدو قبل الصديق ومنذ خروجه على الساحة ضل الرقم الصعب في المعادلة المحلية والإقليمية والدولية وانه بيضة القبان كما يعبرون، فكيف لشخص ان يفرض نفسه كقوة مؤثرة وسط تشابك قوى دولية وإقليمية لها كل الإمكانيات المتاحة في فرض نفوذها.
ومن جهة أخرى كيف يكون التابع الصدري ساذج وهو يحمل بيد السلاح ليدافع عن حياض الوطن وبيد اخرى العلم العراقي مطالبًا بالاصلاح، وقد شهد العالم الانضباط العالي للمتظاهرين وكيف كان التنظيم جيد فهذا ان دل على شيء انما يدل على الشعور بالمسؤولية والوعي الازم، فأن الكثير من المظاهرات وحتى في الدول المتحضرة يتخللها فوضى واعتداء على الاملاك العامة والخاصة، وان الكثير من المظاهرات التي كانت على اساس العاطفة انتهت بالفشل نتيجة بعدها العاطفي فما ان تنتهي هذه العاطفة تنتهي المظاهرات وهذا لم ولن يحصل في تظاهرات الإصلاح ان شاء الله تعالى.

والحمد لله رب العالمين.