العودة   منتدى جامع الائمة الثقافي > قسم آل الصدر ألنجباء > منبر السيد الشهيد محمد باقر الصدر وأخته الشهيدة بنت الهدى

منبر السيد الشهيد محمد باقر الصدر وأخته الشهيدة بنت الهدى دروس وعبر من السيرة العبقة والنهج العلوي الأصيل

 
 
Bookmark and Share أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 16-10-2011, 10:52 PM   #1

 
الصورة الرمزية سرقوحقي

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 479
تـاريخ التسجيـل : Sep 2011
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق بابل
االمشاركات : 90

فارس سيرة الشهيد اية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر

الشهيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر




الاسم


هو السيد محمد باقر بن السيد حيدر بن السيد إسماعيل الصدر الكاظمي الموسوي، ويُكنى بأبي جعفر اسم ابنه الأكبر.


أسرته


ينتمي السيد محمد باقر إلى عائلة الصدر المشهورة العلم والجهاد والتقوى، ويذكر لنا التاريخ طائفة منهم بإجلال وتقدير منهم: السيد هادي الصدر، والسيد حسن الصدر، والسيد إسماعيل الصدر، والسيد محمد الصدر، والسيد صدر الدين الصدر، والسيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي ابن عم أسرة آل الصدر. وأسرة آل الصدر من الأسر العربية الأصيلة الواضحة النسب الكريمة الحسب العريقة الأصول الزكية الفروع، أما أمه فهي كريمة الشيخ عبد الحسين آل ياسين وهي أخت العلماء العظام الشيخ محمد رضا والشيخ مرتضى والشيخ راضي، وأسرة آل ياسين من الأسر العراقية المعروفة بالعلم والصلاح والفضيلة والتقى.


مولده


ولد السيد الشهيد في مدينة الكاظمية في بغداد سنة 1353هــ المصادف 1935م.


اليتيم


فقد السيد الشهيد والده وعمره أربع سنوات إذ توفى السيد حيدر الصدر عن عمر يناهز الثامنة والأربعين، وقد تولى الإشراف عليه بعد فقدان والديه وأخيه السيد إسماعيل الصدر.


سجاياه الشخصية


لقد كانت لشهيدنا الغالي روح ملكوتية قد تمحضت يقيناً وكمالاً، وتجلت طهراً وصفاء، لا يشوبها شوب من السوء يعيب طهارتها، ولا يمازجها نزر من الريب ينقص حظها من يقينها ورسوخها في عالم الحقيقة، ولا عجب فهي حفيد الكمال، وسلالة الطهر وعترة اليقين، قد ترادف النسب والسبب على تنقيتها، وتناهض الأصل والعمل على الارتفاع بها إلى بحبوحة الحق أسوة لمن أرادوا الله، وقدوة لمن عشقوا الذرى والمجد.


إن العقول الكبيرة كثيرة، والأفهام المشهورة موفورة، أما النفوس التي تقاد بزمان العقول، والقلوب التي تملك أعنتها الأفهام، والسلوك الذي يصنع على عين اللب وبيده، فتلك نوادر قلت، وشوارد قد استعصى طلبها، وأعيت على سعي الطالبين.


إن شهيدنا الغالي قد استحوذ على القلوب، وكان له موضع الإعظام قبل النفوس لعمله قبل علمه، ولتقواه قبل فهمه، ولنزاهته وقداسته قبل عبقريته وإحاطته، لذلك عشقه من لا يعرفون العبقريات ليقدروا أهلها بقدرها، وشغفت به حباً من لا يدركون العقول النافذة والأفكار المبدعة ليعظموا أصحابها، ويدينوا بالإكبار لذويها، ويخفضوا لهم جناح الذل طاعة وانقياداً.


وأما عن عبادته رضوان الله تعالى عليه، فقد كان له من آبائه الأكرمين سجية العشق الإلهي، وخصيصة الهيام بالباري، فكان معشوقه دائم الحظور في قلبه، واصب الشخوص أمام عينيه، لا يفتر عن ذكره مسبحاً له أو تالياً لكتابه، أو هادياً إليه منيباً لأحكامه.


مرحلة التكوين الثقافي عند السيد الشهيد الصدر


ابتدأ السيد الشهيد دراسته لمقدمات العلوم بالكاظمية وهو في سن العاشرة، وفي سن الحادية عشرة بدأ بدراسة المنطق، وفي سن الثانية عشر درس الصدر علم الأصول على يد أخيه السيد إسماعيل، والسيد إسماعيل كان أستاذ أخيه الأول وعنده درس المقدمات والسطوح.


حدثنا أحد فضلاء تلامذته أن السيد إسماعيل قال عن أخيه "سيدنا الأخ بلغ ما بلغ في أوان بلوغه" وكان كثير الإعجاب بأخيه.


وقد حضر بحث الخارج عند خاله آية الله العظمى الشيخ محمد رضا آل ياسين وكان يحضر في بحثه كبار الفقهاء مثل: آية الله صدر البادكوبي وآية الله الشيخ عباس الرميثي وآية الله الشيخ محمد طاهر آل راضي وآية الله عبد الكريم على خان وآية الله السيد باقر الشخص وآية الله السيد إسماعيل الصدر. كما حضر عند خاله الشيخ مرتضى آل ياسين تأييداً واحتراماً له، وكان خاله الشيخ كثير الاحترام والحب له. وقد درس السيد الصدر عند آية الله العظمى السيد الخوئي منذ سنة 1365هــ إلى سنة 1378هــ وله إجازة اجتهاد خطية منه ويطلق السيد الصدر عليه ــ في معرض ذكر نظرياته ــ السيد الاستاذ. كما أن السيد حضر برهة من الزمن على الشيخ المذكور ودرس عنده الفلسفة الإسلامية خصوصاً أسفار ملا صدراً الشيرازي.


بدأ السيد بتدريس علم الأصول في 1378هــ وانتهت هذه الدورة في ربيع الأول 1391هــ.


نال السيد درجة الاجتهاد وهو في أواخر العقد الثاني من عمره، وقد دعاه السيد عباس الرميثي إلى مساعدته في كتابة تعليقته العلمية، وفي ذلك الوقت بالذات كتب السيد الشهيد فتاواه على شكل تعليقة ولا تزال موجودة وتعتبر من نفائس الكتب.


كتاباته الأولى


1 ــ فدك في التاريخ: في مطلع حياته وبداية انفتاحه على الصراع الذي تعيشه الأمة، عايش شهيدنا الغالي مسئلة رئيسية ومهمة في التاريخ الإسلامي وقد تركت آثارا سلبية كثيرة على مسيرة الإسلام وهي مسئلة الصراع بين الزهراء وغاصبيها حقها.


وفي هذا الكتاب نلاحظ السيد مع صغر عمره دقيقاً في حججه، رقيقاً في أسلوبه، علمياً في منهجه، مما يدل على إمكانيات فذة كشف عنها الزمان فيما بعد.


2 ــ غاية الفكر في علم الأصول: وهو من بواكير نتاجات السيد في علم الأصول وكان عمره حين كتابته عشرين عاماً فقط، وهذا الكتاب الذي طبع ونشر سنة 1376هــ ويحتوي على آراء ونظريات الشهيد في مجال علم الأصول والتي طرحها في فترة مبكرة.


العمل الفكري


وما يهمنا ذكره هنا هو التصدي الفلسفي والفكري للاستعمار الكافر الممثل بمذاهبه المختلفة. لقد عانت الساحة العراقية في الخمسينات من اشتداد الحركة الشيوعية التي كانت تركز على حرب المعتقدات الدينية وتسعى بجد لانتزاعها من قلوب الأمة. وقد نجحت حينها نجاحاً شديداً لعدم وجود المبارز القادر على ردها حتى جاء الشهيد رضوان الله تعالى عليه فعارض الدليل بالدليل والحجة بالحجة فسطع نور الحق. ومن النتاجات المهمة آنذاك:


1 ــ فلسفتنا: ألف هذا الكتاب في 29 ربيع الثاني 1379هــ أي سنة 1959م. إن هذا الكتاب دراسة دقيقة وموضوعية للأسس التي تقوم عليها الفلسفة الماركسية ودياليكتيتها ودحضها علمياً رصينا. يقول الشهيد (رض) "فلسفتنا هو مجموعة مفاهيمنا الأساسية عن العالم وطريقة التفكير فيه ولهذا كان الكتاب".


2 ــ اقتصادنا: لقد عالج السيد الشهيد المشاكل الفلسفية الداخلية في الصراع بكتابة فلسفتنا، ولكن الصراع الذي كان يتناول في جملة ما يتناول النظريات الاقتصادية إضافة للإشكالات الفلسفية وتطرح الشيوعية نظرياتها وكذلك تفعل الرأسمالية ويبقى الإسلام مغبوناً بين هذه الاتجاهات ليدخل عنصراً فاعلاً في ساحة الصراع وسلاحاً بيد الإسلاميين في معركتهم مع الكفر والانحراف.


شعبية الفكر الإسلامي عند السيد


لقد تكونت ونمت وتربت على الخط الإسلامي الصحيح الذي طرح السيد الشهيد، وامتلكت رصيداً قوياً في الصراع ودليلاً قاطعاً في الحجاج، ولكن المستوى العميق الذي طرحه شهيدنا في "اقتصادنا وفلسفتنا" لا يمكن استيعابه من قبل القطاعات الكبيرة من أبناء الأمة بل هناك صعوبة بالغة حتى في تدريسه وشرحه؛ لذلك وبعد ثلاث سنوات من تأليف كتاب فلسفتنا طرح الشهيد كتاب المدرسة الإسلامية لعموم أبناء الشعب، وقد ركز كتاب المدرسة الإسلامية على مبحثين مهمين هما:


1 ــ الإنسان المعاصر والمشكلة الاجتماعية. وقد تناول فيه المسائل المهمة التالية:


أ ــ الإنسان المعاصر وقدرته على حل المشكلة الاجتماعية.


ب ــ الديمقراطية الرأسمالية.


ج ــ الاشتراكية الشيوعية.


د ــ الإسلام والمشكلة الاجتماعية.


هــ ــ موقف الإسلام من الحرية والضمان.


2 ــ ماذا تعرف عن الاقتصاد الإسلامي: وقد تناول في هذا البحث ما يلي:


أ ــ ما هو نوع الاقتصاد الإسلامي.


ب ــ الاقتصاد الإسلامي كما نعوض به.


ويقول السيد الشهيد في معرض تبيانه لضرورة المدرسة الإسلامية: "وقد لاحظنا من البدء مدى التفاوت بين الفكر الإسلامي في مستواه العالي وواقع الفكر الذي نعيشه في بلادنا بوجه عام حتى يصعب على كثير مواكبة ذلك المستوى العالي إلا بشيء كثير من الجهد، فكان لابدّ من حلقات متوسطة يتدرج خلالها القارئ إلى المستوى الأعلى ويستعين بها على تفهم ذلك المستوى الأعلى وهنا نشأت فكرة (المدرسة الإسلامية)".


وللشهيد الكريم مؤلفات كثيرة تتجاوز الثلاثين مؤلفا وكلها تعد من المؤلفات العظيمة التي أضفت على المكتبة الشيعية صبغة التكامل في الطرح الإسلامي وسلبت الحرية التي كانت بيد الأعداء من أن المسلمين يفتقرون إلى النظرية المتكاملة في الطرح، ونذكر هنا إضافة لما ذكرنا بعض مؤلفات الشهيد رضوان الله تعالى عليه:


1 ــ البنك اللاربوي في الإسلام.


2 ــ الأسس المنطقية للاستقراء.


3 ــ بحث حول المهدي.


4 ــ بحث حول الولاية.


5 ــ دروس في علم الأصول.


6 ــ بحوث في العروة الوثقى (أربع مجلدات).


7 ــ تعليقة على منهاج الصالحين.


8 ــ لمحة فقهية عن دستور الجمهورية الإسلامية.


9 ــ المرسل والرسول والرسالة.


10 ــ غاية الفكر في الأصول (خمس أجزاء).


لقد كتب الشهيد السعيد للأمة الإسلامية في كل حقول المعرفة الدينية والفكرية، مراعياً مختلف قطاعات الأمة ــ كما وضحنا ذلك ــ فكتب لها في نظرية المعرفة وتفسير الكون ووجود الله تعالى بأسلوب المقارنة مع المدارس المضادة كالمدرسة الماركسية والمنطقية الوضعية، وكتب لها عن المهدي على أساس الحقائق العلمية والعقلية في إطار المسيرة العامة للبشرية؛ مجيباً على كل الأسئلة المطروحة في شخص المهدي، في كتاب بحث حول المهدي.


وكتب لها في الرسالة والرسول مثبتاً بالأدلة القاطعة ربانية الإسلام ونبوة محمد بن عبد الله ــ صلى الله عليه وآله وسلم ــ في كتاب المرسل والرسول والرسالة.


كما كتب الشهيد السعيد في العبادة الإسلامية، وأوضح بأن العبادة ضمن إطار الحاجات الثابتة التي يواجهها الإنسان في جميع العصور على أساس حاجته للإرتباط بالمطلق مع الإشارة إلى الدور الاجتماعي في العبادة ذاتها في كتاب نظرة عامة في العبادات الإسلامية. هذا ولم يكن السيد الشهيد يكتب للترف أو للمجد الشخصي، وإنما للأمة الإسلامية بهدف التحرك الفكري والسياسي والاجتماعي والجهادي، ومن أجل تحقيق الحكم الإلهي العادل، ولذا تميزت كتاباته بالروح الحركية، وعلى هذا قال الشهيد السعيد في مقدمة كتاب فلسفتنا "وكان لابدّ للإسلام أن يقول كلمته في معترك هذا الصراع المرير ــ الصراع الفكري على أرض الإسلام ــ ليتاح للأمة أن تعلن كلمة الله وتنادي بها وتدعو إليها كما فعلت في فجر تأريخها العظيم، وليس هذا الكتاب إلا جزء من تلك الكلمة.."، ولكي يجابن الإنسان المسلم أعداءه بالمنطق الذي تفرضه المرحلة التي يعيشها، ولكي يطرح الإسلام بمنطق يتناسب وروح العصر؛ جاءت كتابات الشهيد السعيد ثرية بالحيوية وتجديدية بمعنى الكلمة، فأسلوبها يتمتع بالسبك اللغوي المتين ومنهجيتها حديثة عصرية.


العمل النسوي في منهج السيد الشهيد


لم يغب عن ذهن الشهيد صورة العمل النسوي في أوساط الأمة فتعاهده على طول عمله الجهادي وأعد له أخته المجاهدة العالمة آمنة حيدر الصدر "المكناة ببنت الهدى"، وقد مارست السيدة الشهيدة العمل للإسلام منذ صغرها، وكانت تسير مع أخيها في تحركاته، وتكملها على الصعيد النسوي.


وينبغي للمتابع لمسيرة السيد الصدر الجهادية أن ينظر إلى بنت الهدى ونتاجاتها على أنها الامتداد الطبيعي لعمل السيد في المجال النسوي. وكان عمل العلوية المجاهدة بنت الهدى من خلال محورين رئيسيين هما:


1 ــ المحور الثقافي: إعداد الفتيات الرساليات من خلال المحاضرات والندوات ومتابعة عبادة الفتيات ونشر الحجاب الإسلامي بينهن، وكانت ــ رحمها الله ــ تشرف على مدارس الزهراء (ع) للبنات في الكاظمية والنجف الأشرف، فقد كانت تسافر ثلاث أيام إلى الكاظمية لمتابعة الإشراف والتفقد للمدرسة فيها.


2 ــ المحور الفكري: وقد كان للسيدة الشهيدة باع طويل في النتاجات الفكرية وخصوصاً فيما يتعلق في مجال المرأة، ويمكن حصره في ميادين مختلفة منها كتابة القصة: وتعتبر العلوية الشهيدة رائدة القصة النسوية الإسلامية وقد أثرت على النساء من خلال هذا الفن، ومن قصصها:


1 ــ ليتني كنت أعلم.


2 ــ امرأتان ورجل.


3 ــ لقاء في المستشفى.


4 ــ الباحثة عن الحقيقة.


5 ــ ذكريات على تلال مكة.


وغيرها الكثير من روائع القصص، والتي تقول عنها الشهيدة هذه البضاعة المسجاة والمجموعة الإسلامية كمذكرة أخوية تزداد بها مناعة ووقاية من السموم الأجنبية الفاتكة وهي بالوقت نفسه بلسم لجراحها وشفاء لصدرها وقوة جبارة لبعض نقاط ضعفها..


ولقد شاركت بنت الهدى السيد الشهيد في جميع مصائبه حتى نالت شرف الشهادة الرفيعة معه، وقد سبق منها أن قالت كلمة معبرة تربط حياتها بحياة أخيها فيها كعمتها زينب وجدها الحسين ــ عليهما السلام ــ حيث قالت "إن حياتي من حياة أخي وسوف تنتهي حياتي مع حياته إن شاء الله".


وقد قيّم الإمام الخميني (قده) هذه العلوية الطاهرة بقوله "… وشقيقته المكرمة المظلومة والتي كانت من أساتذة العلم والأخلاق ومفاخر العلم والأدب".


ارتباطه بالإمام الخميني والثورة الإسلامية المباركة في إيران


كان الشهيد الصدر مرتبطاً عاطفياً وسياسياً وفكرياً بالإمام الراحل الخميني العظيم منذ سنوات كثيرة؛ فنراه يناصر الإمام الخميني (قده) منذ ثلاثين سنة عبر رسالة يرسلها إلى أحد أخوانه العلماء يقول فيها "وأما بالنسبة إلى إيران فإن الوضع كما كان وأقاي خميني مبعداً في تركيا من قبل عملاء أمريكا في إيران وقد استطاع أقاي خميني في هذه المرة أن يقطع لسان الشاه الذي كان يتهم المعارضة باستمرار بالرجعية والتأخر لأن خوض معركة ضد إعطاء امتيازات جديدة للأمريكان المستعمرين لا يمكن لإنسان في العالم أن يصف ذلك بالرجعية والتأخر".


ويقول شهيدنا الغالي في مكان آخر: "لقد استطاع الشعب الإيراني المسلم أن يشكل القاعدة الكبرى لهذا الرفض البطولي والثبات الصامد على طريق دولة الأنبياء والأئمة والصديقين، والشعب الإيراني العظيم بحمله لهذا المنار وممارسته مسؤوليته في تجسيد هذه الفكرة وبناء الجمهورية الإسلامية يطرح نفسه لا كشعب يحاول بناء نفسه فحسب بل كقاعدة للإشعاع على العالم الإسلامي وعلى العالم كله".


وبعد نجاح الثورة الإسلامية المباركة وقيام دولة المستضعفين في إيران طرح الإمام الفقيد الخميني الكبير (قد) مشروع دستور الجمهورية الإسلامية وأرسل حينها برسالة مع ثلة من العلماء البارزين في لبنان إلى السيد الشهيد يسألونه عن معالم الدستور الإسلامي جاء في أحد مقاطعها ".. فالمرجو من سماحتكم بحكم ما يعرفه العالم الإسلامي كله عن تبحركم في الفقه وكل فروع المعرفة الإسلامية وقيموميتكم الراشدة على أفكار العصر أن تنفعونا بما يلقي ضوءاً في هذا المجال وتمدونا بانطباعات عما تقدرونه من التصورات الأساسية للشعب الإيراني المسلم بهذا الصدد.. وقد أعطى السيد الشهيد مجموعة مركزة من المفاهيم حول الموضوع.


وفي معرض جوابه على هذه الرسالة يقول "فأنا أشعر باعتزاز كبير يغمر نفسي وأنا أتحدث إلى هذا الشعب الإيراني المسلم الذي كتب بجهاده ودمه بطولته الفريدة تاريخ الإسلام من جديد وقدم إلى العالم تجسيداً حياً ناطقاً لأيام الإسلام الأولى بكل ما زخرت به من ملاحم الشجاعة والإيمان". وبسبب بعض الحوادث عزم السيد الشهيد إلى الهجرة من النجف الأشرف، وفور سماع الإمام الراحل (قده) هذا الخبر أرسل ببرقية إلى السيد الصدر مطالباً إياه بعدم الهجرة من العراق لحاجة الحوزة العلمية والأمة الإسلامية إليه هناك، وهذا نص البرقية:


سماحة حجة الإسلام والمسلمين الحاج السيد محمد باقر الصدر دامت بركاته..


علمنا أن سماحتكم تعتزمون مغادرة العراق بسبب بعض الحوادث، إنني لا أرى من الصالح مغادرة مدينة النجف الأشرف مركز العلوم الإسلامية، وإنني قلق من هذا الأمر. آمل إن شاء الله زوال قلق سماحتكم. والسلام عليكم ورحمة الله.


روح الله الموسوي الخميني.


وقد كان رد السيد الشهيد على الإمام القائد (قده) هو الآتي:


بسم الله الرحمن الرحيم


سماحة آية الله العظمى الإمام المجاهد السيد روح الله الخميني دام ظله


تلقيت برقيتكم الكريمة التي جسدت أبوتكم ورعايتكم الروحية للنجف الأشرف الذي لا يزال منذ فارقكم يعيش انتصاراتكم العظيمة، وإني أستمد من توجيهكم الشريف نفحة روحية كما أشعر بعمق المسؤولية في الحفاظ على الكيان العلمي للنجف الأشرف، وأود أن أعبر لكم بهذه المناسبة عن تحيات الملايين من المسلمين والمؤمنين في عراقنا العزيز الذي وجد في نور الإسلام الذي اشرق من جديد على يدكم ضوءاً هادياً للعالم كله وطاقة روحية لضرب المستعمر الكافر والاستعمار الأمريكي خاصة ولتحرير العالم من كل أشكاله الإجرامية وفي مقدمتها جريمة اغتصاب أرضنا المقدسة فلسطين. ونسأل المولى سبحانه وتعالى أن يمتعنا بدوام وجودكم الغالي". والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


النجف الأشرف ــ محمد باقر الصدر


وقد لجأت السلطة البعثية الغاشمة إلى فرض الإقامة الجبرية على الشهيد الصدر تخوفاً منه لأي عمل ضد السلطة، الأمر الذي أقلق الإمام الراحل (قده) فأبرق إليه ببرقية يستفسر بها عن أحواله، فأجابه السيد الصدر هاتفياً لعدم تمكنه من إرسال البرقية نظراً للحجز الذي مارسه الحكم الظالم ضده، وهذا نص المكالمة:


سماحة آية الله العظمى الإمام المجاهد السيد الخميني دام ظله


استمعت إلى برقيتكم التي عبرت عن تفقدكم الأبوي لي وإني إذ لا يتاح لي الجواب على البرقية لأني مودع في زاوية البيت ولا يمكن أن أرى أحداً أو يراني أحد. لا يسعني إلا أن أسأل المولى سبحانه وتعالى أن يديم ظلكم مناراً للإسلام ويحفظ الدين الحنيف بمرجعيتكم القائدة، وأسأله تعالى أن يتقبل منا العناء في سبيله وأن يوفقنا للحفاظ على عقيدة الأمة الإسلامية العظيمة، وليس لحياة أي إنسان (قيمة) إلا بمقدار ما يعطي لأمته من وجوده وحياته وفكره، وقد أعطيتم للمسلمين من وجودكم وحياتكم وفكركم ما سيظل على مدى التاريخ مثلاً عظيماً لكل المجاهدين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


ولم تكن ظروف الإقامة الجبرية المشددة للغاية قادرة على منع السيد الشهيد من أداء تكليفه الشرعي تجاه شعبه؛ فأصدر وهو في تلك الظروف الصعبة ثلاث نداءات إلى الشعب العراقي المسلم يحثهم فيها على رفض الحكم الدكتاتوري الذي فُرض على الشعب وأذله طيلة حكم البعثيين، كما واسى الشعب العراقي ــ في نداءه الثاني ــ بما يلاقيه من إذلال وقتل وارهاب على يد البعثيين الكفار، وأعلن السيد الشهيد في نداءه هذا بأنه قد صمم على الشهادة حيث يقول: "وأنا أعلن لكم يا أبنائي (أنني) قد صممت على الشهادة ولعل هذا آخر ما تسمعوه مني". كما أفتى في هذا النداء بوجوب العمل على إدانة الجهاز ــ علنيا ــ والنظام الحاكم في العراق على جميع العراقيين في داخل العراق وخارجه ولو كلفه ذلك حياته. وتحدث الشهيد السعيد في آخر نداء له لأفراد شعبه مؤكداً لهم ضروة تلاحم كل أفراد الشعب بكل فئاته وطوائفه عرباً وأكراداً، شيعة وسنة ومؤكداً لهم أنه يبذل كل ما في وسعه من أجل السني والشيعي، العربي والكردي على حد سواء لأنهم جميعاً أبناء الإسلام.


اعتقالاته


الاعتقال الأول: وكان عام 1971م، وقد حاول النظام الظالم اعتقاله ولكن تدهور حالته الصحية جعلهم يدخلوه في المستشفى مقيد اليدين ومربوطاً بسلاسله إلى سرير المستشفى.


الاعتقال الثاني: وكان عام 1974م عندما اشتد التلاحم الجماهيري مع السيد الشهيد، فاعتقل واقتيد هذه المرة من النجف إلى بغداد للتحقيق معه.


استشهاده


لقد خشى الطاغية صدام من وجود السيد الشهيد حتى وإن كان محتجزاً في بيته فبمجرد وجوده كان كالكابوس للنظام العفلقي، لذلك اعتقل السيد المجاهد وأخته العلوية الطاهرة "بنت الهدى" بتاريخ 5/4/1980م ونقلا إلى بغداد حيث قام النظام الكافر بأخس جريمة في سجله الإجرامي بقتل المرجع المفكر العظيم ودفن في مدينة النجف الأشرف وذلك يوم الأربعاء المصادف 9/4/1980م. فسلام الله عليه وعلى أخته العلوية المجاهدة يوم ولدا ويوم استشهدا ويوم يبعثان أحياء.

 

 

 

 

 

 

 

 


التعديل الأخير تم بواسطة سرقوحقي ; 16-10-2011 الساعة 11:07 PM
سرقوحقي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



All times are GMT +3. The time now is 12:30 PM.


Powered by vBulletin 3.8.7 © 2000 - 2025