![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#1 |
|
![]()
المطلع على جانب من صفحات التاريخ البشري يجد بان الثورات قد رافقت مسيرة البشرية ، فلا يكاد يخلو منها زمن معين او بقعة ما ... فكلما استبد الظلم والفساد والقهر والاستعباد في بقعة ما من قبل المتسلطين على مقادير الامور في مجتمعاتهم ، لابد من مواجهتهم والتصدي لفسادهم ، عن طريق عدة وسائل والتي منها الخروج على الظالم والتظاهر في ساحة العز والمكارم. ولو تأمل الفرد المنصف لوجد ان خيرة ابناء المجتمعات كانوا هم رواد تلك الثورات الانسانية وحملة مشاعلها مستهدفين الاصلاح والعدل مانحين نفوسهم الطاهرة ثمنا من اجل خدمة الانسانية ومبادئها السامية... كل هذا من اجل ان يحيا الانسان حياة حرة كريمة ، طيب عيشها ، مصانة حقوقها بعيدا عن كل الوان التنكيل واشكال الترويع ... اذن المواجهة كانت وما زالت مستمرة بين الخير والشر، الى ان ينتصر الخير ويعم السلام وينتشر العدل ، فلابد لليل ان ينجلي ولابد للصبح ان يسفر مهما طال الليل واسود ظلامه. ومن اهم الثورات الانسانية التي حصلت ، هي ثورات اصحاب الفكر والبصيرة ، المتمسكين بالمبادي الانسانية العادلة وقيمها النبيلة ، فالطغاة يراهنون كثيرا على مسالة الجهل والتخلف فمن خلالهما يمررون حيلهم والاعيبهم ، فنفوسهم الشريرة تتفنن في تقليب الامور وخلط الاوراق وبث الاشاعات ... فكم من صريع لهم ذبحوه من خلال الاشاعات وكم من خصم لهم سجنوه في بيته من خلال الاراجيف ، وهذا ديدن الطغاة الذين يتلونون تلون الحرباء ويتشكلون بسبعين صورة ولهم سبعين لسان ويكيلون من خلال سبعين مكيال ... ولكنهم مع كل ذلك يرتعبون من اصحاب البصائر الموحدين تحت راية الحق والمتمسكين بمنهج الاصلاح الانساني والقانون العادل... علماً ان مطلب رفض الظلم والفساد ، مطلب فطري مشروع ، ولذا تجد بان المخلوقات فطريا تتصدى للأذى والتجاوز ، فكيف بالإنسان ذلك المخلوق لذي خلقه الله في احسن تقويم وسخر له ما في السماوات وما في الارض اذن فالبشرية جميعا مكفولة في حق الحياة الحرة الكريمة وفرص العيش الرغيد الهانيء ، وفي حالة قيام البعض بخرق المنظومة القيمية الانسانية وانتهاك الحقوق والقفز على قوانين العدالة ...، فان ذلك سوف يواجه بالرفض والاستهجان حتماً، لأنه بذلك يشكل خطر على نفسه وعلى غيره فمثله كمثل الذي يفجر قنبلة في وسط جمع من الناس ، فانه حتما سوف يؤذي غيره . اي ان هنالك حقوق وصلاحيات فردية خاصة ، يجب ان تحترم جنباً الى جنب مع احترام حقوق وصلاحيات الجماعية لباقي افراد المجتمع. وعلى سبيل المثال ، مع علم الفرد بان تنظيف نفسه حسن ولكنه مع ذلك يأبى الا البقاء على اوساخه وقذارته ، بالرغم من قباحة هذا الفعل في ذاته ، فهنا يتم التصدي له من قبل الذوق الانساني والحق الانساني بانه لا ينبغي لك ان تجبر الاخرين على ارتكاب هذا الفعل المستهجن من جهة ولا اكراههم على تحمل رائحتك بينهم من جهة ثانية وعلى الجماعة المحيطة به ان تقدم له النصح بالحكمة والموعظة الحسنة والمعالجة التدريجية ... اما ان يتسلط الفرد بشؤون الاخرين وينتهك حقوقهم بشكل سافر فيقصي من يشاء ويؤذي من يشاء ويسيء الى من يشاء ... فذلك كله مرفوض ومستهجن لأنه فاقد لأي مبرر وحجة وقانون عقلي او انساني او اخلاقي ...، ولذا ينبغي مقاومته بكل ما هو مسموح انسانيا واخلاقيا ، لاسيما ان كان الفرد مصر على الظلم والاقصاء ومتزمت برأيه الفاسد. اذن فالثورة التي يتمسك ابطالها بالمبدأ الانساني العادل الذي يحترم اخيه الانسان ولا يسيء له ابدا، بل يقدم فكره وجهده من اجل خدمة الاخرين ، هي الثورة التي ستكون بلسم للجراح ورائدة للثورات ، هكذا علمنا قادتنا المصلحين ، وعلى هذا تربينا ... نحمل الازهار لجميع اخواننا في الوطن لا نميز بين فرد وآخر ، وندافع عنهم جميعا ونفرح لفرحهم ونحزن لحزنهم وننهض لمؤازرتهم...هذه هي مبادي ثورتنا لأننا موقنين بانه كلما كانت الثورة بهذه المواصفات ستكون نتائجها الانسانية اسمى وارقى ، بل ستكون مناراً ونبراساً لباقي الثورات .
|
![]() |
![]() |
![]() |
#2 |
|
![]()
|
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
ثورة ، الاصلاح |
|
|
![]() |
![]() |