محراب السجود وحقيقة الوجود

على الرغم من أنه (عليه السلام) كان محاطاً بالحسَن والحُسَين (عليهما السلام) إلا أنه كان يشعر بألم الغربة ، وهو القائل: (فَقْدُ الأحبّة غُربَة)، إنه فقد حبيبته ومعشوقته ورفيقة دربه: (الزهراء) سلام الله عليها بعد إذ فقد أعـز الخلق على نفسه: إبن عمه وسيده (رسول الله) صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأخيار.
لذا فهو دوماً يريد الخروج من هذه الدنيا ليلحق بركب الأحبة على الرغم من أن روحهما معاً لكنّ لُـقـيا الأجساد والأنفس لها لذة أخرى لا يتذوقها إلا من كانا متحدين في كل العوالم ..
نعم، قد فاز (أمير المؤمنين علي) عليه السلام بلقيا المعشوق والمعشوقة، نعم إنه فاز أيضاً بالسباق نحو الهدف المنشود فلقد التقت الأنوار عند رب الكعبة، وما الكعبة إلا رمز التوحيد الأعلى ليكون الاجتماع بمثابة الأحديّة لتلك الأنوار الثلاثة التي تنشر فيوضاتها ليعم النور الإلهي على ظلمات الوهم ليُمحى ... ويسطع على المعلوم فيَصحى .... ثم ليشرق شعاع الحقيقة على هياكل التوحيد آثاره فيكون الأبهى ويتجذر الحق الأوعى ..
نعم، فاز الساجد والمنقاد لربه بضربة الأشقى ليكون عند ربه الأرقى فيفوز باللقاء الأوفى فيحظى بلُقيا الأجمل والأنقى ... نعم فاز (شهيد المحراب أمير المؤمنين)، محراب الأرض والسماء بل هو بوابة الخلد الأبدي والعشق السرمدي وشعاع النور الأحدي الذي جذب المعشوق الى عاشقه، فكان معراج الفناء: فناء جوهر الإمامة بحقيقة الرسالة.

بقلم: مقتدى محمد الصدر