عرض مشاركة واحدة
قديم 16-02-2013, 12:03 AM   #4

 
الصورة الرمزية الاخوة

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 20
تـاريخ التسجيـل : Oct 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : عاصمة دولة العدل الالهي
االمشاركات : 2,667

افتراضي رد: محاظرة للمولى المقدس لأول مرة تسمعها ... نقاش في فحواها

البعد الثاني :

المرجعية الدينية خارج العراق ودورها في المرحلة الراهنة :

إن الثالوث المشؤوم يعلم بأن شعب العراق لا يمكن له أن يتحرر من الخارج وينال حريته الكاملة على أراضيه، بل إن تحريره وتحرير العالم من بعده لا يكون إلا من داخل العراق ومن شعبه وقيادته المؤمنة
97..................................... تحرك السيد مقتدى الصدر
- هذا ما تؤكد عليه كتبهم وتعاليمهم الدينية - وهو نفسه يعلم بأن العقود الزمنية التي مرت على المعارضة الإسلامية وغيرها والتي كانت خارج العراق، لم تستطيع أن تشكل أي خطر ولم يكن لها أي هدف نوعي فعال يضر بالظالمين ويهز عروشهم. ولذلك كانت حكومة صدام اللعين تنام ملء جفونها بالنسبة للمعارضة في الخارج، ولكنها كانت تضع الملح في عيونها لأي مؤمن وأي مصلح داخل العراق، ولا تنام للحظة واحدة حتى يستقر أمره عندها.
وعندما أرادت إمريكا أن تحتل العراق، استخدمت هؤلاء المعارضين كورقة رئيسية في الدخول - لعجز المعارضة التام عن تحرير العراق - وذلك لإقناع الشعب العراقي وطمأنته أكثر، ولكي تستطيع أن تفعل بالعراق ما تريد أن تفعل وتجعل مسماه بإسم المعارضين وديمقراطيتهم المزعومة والتي سحبت منهم من أول خط مشؤوم خطه بريمر بدستوره الأسود المقيت.
فالثالوث المشؤوم تجاه المرجعية خارج العراق هو يعي وبجدية بأنها لا تؤثر بشيء على المشهد السياسي والديني والاجتماعي داخل العراق. وإن أثرت فإنها لا تؤثر إلا بالنزر اليسير الذي لا يصلح للضمآن ري ولا للجائع زاد .


98.................................. لماذا السيد مقتدى الصدر قائداً
البعد الثالث :

التعامل مع أتباع ومقلدي السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدرقدسوحرارة الثأر الداخلي عندهم وما خطه لهم السيد الشهيد من دستور ومنهج فكري وعملي واضح:

إن الثالوث المشؤوم قد علم بأن القاعدة الشعبية المؤمنة التي أوجدها السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس في العراق، لا زالت موجودة ولا زالت تتطلع إلى الأخذ بثأر السيد الشهيد قدس ، ولا زالت أيضاً تبحث عن قيادة تمثل الامتداد الفعلي له قدسبكل خطواته وأنفاسه ولن ترضى دون ذلك بشيء، لأن مرجعهم قد علمهم ما يلي:
أولاً :
الحرية حيث قال قدس : ( أنا حررتكم فلا يستعبدكم أحداً من بعدي )، ولم تنحصر هذه المقولة تجاه الظلمة والطواغيت الذين يسلبون الحريات من الشعوب بالقوة والقتل والإرهاب، لا بل التحرر حتى من بعض طواغيت الدين الذين يجبرون المؤمنين على أشياء باتت لا تناسب تحديات المرحلة، وإذا ما حاول أحدٌ أن يخرج من خناقها نعتوه بمختلف النعوت السيئة والشريرة خوفاً من أن يضيع الأمر من أيديهم .


99...................................... تحرك السيد مقتدى الصدر
ثانياً :
فتح بصيرة المؤمنين تجاه ما يحدث حولهم من مخططات صهيونية وإمريكية تحاك ضدهم خلف الستار. ومن ضمن الأشياء التي بيّنها بهذا الخصوص، قوله في إحدى خطبه الشريفة من على منبر الجمعة([39]) بأن الدولة البيزنطية هي التي قتلت الحسين، وأراد بذلك أن يعطي مفهوماً بأن هذه الدولة لا زالت تعمل بعد أن تنامى مفهومها وكبر مشروعها الإفسادي لمواجهة أي جهة إيمانية وعرقلة مسيرها الإلهي. فهي تقتل كل مصلح في هذا العالم وتعمل على إزالة وقمع أي صوت إيماني ثائر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
[39] - خطبة الجمعة الرابعة في مسجد الكوفة المعظم للسيد الشهيد الصدر قدس


ولذلك قال السيد الشهيد قدس مقولته المقدسة بعد فتحه لبصيرة المؤمنين ( أنا هدّمت مخططات ألف عام ).
ثالثاً :
ممارسة عملية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عملياً([40]) بعد أن غيّبت زماناً طويلاً، فأخذ الشارع يتعامل بمفرداتها صباحاً ومساء، في الشارع وفي محل العمل وفي الأسرة، بحيث أصبحت ملامح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واضحة جداً في يوميات المجتمع العراقي على الرغم من وجود صدام اللعين وعنفه تجاه هكذا أمور.

100................................. لماذا السيد مقتدى الصدر قائداً
رابعاً :
إقامة صلاة الجمعة بحيث جعلها اكبر منبر لنشر الوعي الإسلامي ولتلقي المفاهيم الإسلامية الصحيحة من خلاله، بل أصبحت الجمعة الموجّه التكميلي لسير الفرد مع ربه ونفسه ومجتمعه، مما جعل القواعد الشعبية للشهيد الصدر قدسمن الصعب عليها أن تترك صلاة الجمعة، لأنها ترى من خلال إقامة هذه الصلاة ابقاءاً لمرجعها الصدر المقدس ومن ثم بقاؤها وحياتها هي - أي القواعد الشعبية - .
خامساً :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
[40]-وذلك من خلال كثرة الاستفتاءات وورود الأسئلة والأجوبة فيها إضافة إلى المحاضرات والتوجيهات الدينية من خلال كثرة أئمة الجوامع وانتشارهم في اغلب محافظات العراق.

زرع الشجاعة في قلوب المؤمنين، والتي أصبحت عنوان رعب لجميع أعداء الدين والمذهب وصارت فيما بعد مؤشراً لاستعداد المؤمنون المخلصون بأن يقوموا بعدة أعمال يكون لها بالغ الأثر في هزيمة أعداء الله.
سادساً :
تنمية الجانب الغيبي عند الفرد المؤمن وإيصاله إلى مدى معتدٍ به لم يكن له قبل ظهور السيد الشهيد قدسإلا النزر اليسير، حيث جعل قدسمصاديق الآية الشريفة في قوله تعالى{الم*ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ*الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}[41].

101.....................................تحرك السيد مقتدى الصدر
تنمو وتكبر وتثمر، وأخذت مفرداتها تتفاعل مع الفرد المؤمن ليكون لها التأثير الحسن على السلوك اليومي للفرد، وهو يتعامل مع الأشياء التي تحيط به. وقد جنى الكثير من المؤمنين ثمار هذا الصدق والإخلاص في التعامل الغيبي تجاه الأحداث، ولذلك كان الفرد المؤمن المخلص يتعامل مع ما يدور حوله بإطارين:
الأول : الإطار المادي .
الثاني : الإطار الغيبي أو المعنوي .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
[41] - البقرة، !،2، 3 .


فتعامل مع الإطار المادي ضمن نطاق ضيق جداً([42]) وهو نظام السبب والمسبب والعلة والمعلول، ولا يمكن لعالم المادة وقوانينه أن يتعدى مفهوم السببيّة والعليّة. ولذلك فهو وإن بدى في عالم الخارج إنه واسع ولكنه في الحقيقة إذا قورن مع عالم الغيب فهو ضيق ويبقى ضيق وليس لديه قدرة الاتساع لأنه بحدود المادة يقع ولقوانينها يرضخ.
أما التعامل مع الإطار الغيبي - المعنوي - فيكون ضمن خطين هما :

102................................. لماذا السيد مقتدى الصدر قائداً
الخط الأول :
خط السبب والمسبب ذو البعد المادي نفسه، ولكن الاختلاف هنا يكون في إيجاد أسباب ومسببات يتفاجأ الجميع بإيجادها . وما تقوم به من تأثيرات، بحيث لم يكن لها في البال حساب، ولا في الميزان مثقال ذرة
من التراب. ولذلك فهي قبل إيجادها تكون تأثيراتها غائبة عن الأذهان، ولا يدركها إلا من نوّر الله تعالى قلبه بالإيمان.
الخط الثاني :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
[42]- لأن الفرد المؤمن المخلص الممحص تعامل مع عالم المادة بحدود ما يقضي به حاجاته ولوازمه التي تعينه على الاستمرار في هذه الدنيا من دون أن يطلب أكثر من ذلك، وكلما زاد الفرد في طلب حاجاته الكمالية -غير الأساسية - وتأثر في عالم الخارج بالأسباب ومسبباتها المادية يزداد عندها تعامله مع عالم المادة ولذلك سوف يتسع عنده هذا المفهوم، وبالتالي يضيق تعامله مع عالم الغيب والعكس صحيح. وذلك لأن هذين المفهومين - المادة والغيب - لا يمكن لهما أن يتسعا معاً أو يضيقا معاً .

هو تأثير الجانب الغيبي بكل ما يحمل من مفاهيم ومصاديق للغيب وإيجاد آثارها في عالم الدنيا، ليكون خير معين وخير ناصر لمن كان يرجو من هذا الخط باباً له فيه مدخلاً ومخرجا.
ولذلك فإن السيد الشهيد قدسعندما قال في إحدى خطب الجمعة المقدسة ( هم عندهم المال والسلاح ونحن عندنا الله ) فإنه عنى بقوله - عندنا الله - أي أننا نؤمن بالغيب فإذا كان الفرد من الأعداء لا يملك إلا المادة المتمثلة بالأسباب الطبيعية فقط، فنحن نمتلك الأسباب متى ما هيأها الله تعالى في بعدها المادي، وكذلك نمتلك مع الأسباب الجانب الغيبي وتعامله مع إيجاد التخطيط الإلهي في هذه الأرض. فنكون بالتالي نحن الأقوى لأننا امتلكنا ما لديهم وزيادة .
103....................................تحرك السيد مقتدى الصدر
سابعاً :
الأهم من ذلك كلّه فإن السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس، قد أحياأمر الإمام المهدي عليه السلام بعد أن كان أمر فهم والتهيؤ لاستقبال الإمام بسيطاً وساذجاً إلى حد ما، ومحله في الأذهان والتأملات فقط. فحول هذا الأمر إلى بعد ايجابي حركي، وجعل كل فرد مؤمن مخلص يتعامل مع إمامه وغيبته ببعدٍ جديد ورؤيا جديدة للأحداث التي تجري حوله وللروايات ومخارجها الرمزية، التي جعلته يسير بنور لا تستطيع ظلمة طلّسماتها أن تقف حجر عثرة في مسيره الإيماني الجديد. فأصبح عمل الفرد يومياً بل في كل لحظة وكأن الإمام المهدي عليه السلامينظر إليه وهو حاضر أمامه يراقب صغير عمله وكبيره ، فترى الضبط الإيماني للمؤمن قد وصل إلى مراحل عالية قد حوى فيها مفاهيم ومقدمات تمهيدية كبيرة يجب على الفرد أن يهيئها لنفسه قبل إعلان إمامه سلام الله عليه .
هذه الأمور التي أوجدها السيد الشهيد قدس في مقلديه وتابعي قيادته جعلتهم يشكلون نقطة خطر، وبركان قد يثور في أي لحظة من الزمن وخصوصاً إذا ما وجد الظرف المناسب، ولذلك عمدوا إلى إيجاد عدة طرق[43] في محاولة إلى تفريقهم وتشتيتهم ومن هذه الطرق :
104................................. لماذا السيد مقتدى الصدر قائداً
أولا :
إعطاء الفرصة للبعض من طلبة السيد الشهيد قدسبأن يعلنوا اجتهادهم بالرغم من عدم وصولهم واستحقاقهم لهذه الدرجة العلمية ، وجعل البعض ممن ينتمون ولو ظاهراً إلى خط محمد محمد صادق الصدرقدسبالترويج لهم والإعلان عنهم، في محاولة لسحب أكبر عدد منهم إلى البساط الجديد، والأكل والشرب من مائدته التي سوف تغير الكثير من

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
[43]- البعض من هذه الطرق التي يستفيد منها الثالوث المشؤوم نقدمها له نحن المسلمون بدون أن نشعر بذلك أو قل نحن غافلون عن ذلك الفعل، والذي يحركنا بهذا الاتجاه نفوسنا الأمارة بالسوء وأنانيتنا التي بات يصرخ منها ديننا . ولذلك تجدنا في كثير من= =الأحيان نقتل قادتنا وعلماءنا الربانيين بسلاح يصدر من رجال الدين أنفسهم وبدعاوى مختلفة كالتشكيك باعلميتهم وان خروجهم ينافي المصلحة العامة وينافي التقية أو نعتهم بالعمالة، والى غيرها من الأقاويل التي يرتاح لطرحها هوى النفس والشيطان على حد سواء .

منهجية الصدر المبارك شيئاً فشيئاً، ولقد لمسنا هذا عملياً فيما سبق من السنين والى وقتنا الحاضر.
ثانياً :
أما البقية من مقلدي الشهيد الصدر قدسوالذين لم يرضّوا بإتباع أي شخص لم تكن مؤهلاته كافية لأن يستلم لواء مرجعية الشهيد قدسلينطووّا تحته. حاول الثالوث المشؤوم أن يستفاد من إنتشار فكر وثقافة معينة مفادها توزيع مقلدي الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدسعلى المراجع الموجودين في النجف وإيران ليتم تفريقهم وتشتيت ولاءهم، لأسماء لها بعدها الحوزوي المعروف، وذلك بفتاوى كثيرة منها عدم جواز تقليد الميت ابتداءاً ، وعدم جواز البقاء على تقليد السيد الشهيد قدس
105 ....................................تحرك السيد مقتدى الصدر
كون هناك من الأحياء من هو اعلم منه وإلى غيرها من الادعاءات والأقاويل التي هدفها هو إمتصاص أتباع السيد الشهيد وصهرهم في بوتقة المرجعية ذات الخط الكلاسيكي المعروف والذي أصبح خطاً لا يشكل أي خطر على الشيطان المشؤوم، من كثرة فهمه لأسلوبه ومنهجه بحيث أصبح لا تخفى عليه خافية من هذا الأسلوب المتبع في أروقتها ومدارسها .
البعد الرابع :

التعامل مع الأشياء غير المتوقعة (التعامل مع المجهول):

أما التعامل مع الاتجاه الرابع، فهو من أصعب الأشياء على الثالوث المشؤوم بل إن مرارته التي لا تفارقه، وإبطال وإفشال الكثير من مخططاته لا تتم إلا من خلال هذا البعد، وهذا البعد هو يد الله في خلقه، وهنا يقع الشيطان جاثماً على عقبيه بعد أن يحس بضعفه وصغر شأنه أمام ما يريد الله تعالى إيجاده من أهداف، ولكنه يكابر ويكابر، إلى أن يقصم الله جل جلاله ظهره بالإمام المهدي عليه السلام يوم إعلانه الشريف وتحرير العالم على يديه من جميع شروره ومكائده.
هذه الأبعاد الأربعة التي ذكرناها والتي تعامل معها الثالوث المشؤوم بحسب المرحلة التي وصل إليها تسافله الذي سعى إليه بأقصى ما يملك

106................................. لماذا السيد مقتدى الصدر قائداً
جعله يتعامل مع الأحداث كما يحلو له([44]). لأن الكثير منها هو الذي أوجدها وهو الذي أرادها أن تكون بهذا الشكل الذي يناسب مبانيه ومخططاته الشيطانية، ولذلك فهم نجحوا إلى حد ما في وضع

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
[44] - ما عدا البعد الرابع ( تعامله مع المجهول والأشياء غير المتوقعة ) فانه قد خرج من باب تخصصه واطلاعه العميق على مجريات الأمور وأحداثها، وذلك لان هذا البعد ليس للقانون المادي دخل في ايجاد ملامحه ومزاياه. وهذا إن دل على شيء فيدل على سعة مفهوم المكر الإلهي ولا يمكن لأي فرد الإحاطة به أو توقع ما سيحدث من خلاله، ولذلك تجد إن كل درس جديد يعطى من خلال المكر الإلهي، لا يمكن الاعتماد على معرفة مقدماته وأسبابه والتعامل من خلال هذه المعرفة مع المتوقع الآتي أو الدرس الثاني وكذلك فإن ما سيحدث من مفاجآت في الدرس الثاني لا يمكن بعد الإحاطة بمقدماته وأسبابه ونتائجه، أي يتوقع من خلال هذه الإحاطة ما سيحدث في الدرس الثالث وكذا إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً .


المعرقلات في طريق تكامل المؤمنين، وبالتالي تأخير الظهور الشريف للإمام المهدي عليه السلام .
وعلى هذا الأساس لقد كان الشيطان الأكبر - الثالوث المشؤوم - يتعامل مع دائرة الوجود الدنيوي بعين لها القابلية من أن ترى جميع مفرداته المادية وتحركاتها، لأنها ترى بواسطة مجهر تطورها المادي الكبير صغائر الأمور ودقائقها فضلاً عن كبار عناوينها وأعلامها. وما دام الحال هكذا والعين الشيطانية تراقب كل شيء، وخصوصاً كما نوّهنا إن مهمتهم وأمرهم متعلق بشكل كبير بالمنطقة التي تذكرها كتبهم بأنها هي التي يخرج منها المنقذ وجيشه ليكون هلاكهم على يديه وهي منطقة ارض العراق المقدسة .

107................................... تحرك السيد مقتدى الصدر
وبما أن سعي اليهود مهما حاولوا من تغيير في سياساتهم وترتيب أنظمتهم وإعطاءها بعداً آيدلوجياً يحمل مسميات تناسب العصر بحيث تجذب الناس إليها. يبقى سعياً دينياً متطرفاً يحمل العقد الخبيثة في جميع أبعاده، ولذلك فلا اليهود ولا غيرهم يستطيعون تغيير هذا الواقع الذاتي لهم.
والعالم الآن يرى بالرغم من ادعاءات إمريكا - التي طوّعتها إسرائيل لتكون آلة عمياء صماء بيدها - بأنها بلد الديمقراطية والتحرر بل إنها تدّعي بأن حرية الشعوب مبتغاها ومناها وكما يقولون هم وعلى حد تعبيرهم بأن العالم أصبح كالقرية الصغيرة، إلا أنها لم تستطيع أن تخفي أمرها الديني في احتلال العراق وبعثرة أوراقه، وهذا ما سمعه العالم من الرئيس الإمريكي بوش حينما قال - إن الرب أمرني بذلك - إذن لابد أن يرجع الأمر بعد ذلك إلى أن الذي يسعون إلى إيجاده والقضاء عليه أو على اقل تقدير عرقلة مسيره، لابد أن يكون ذو جنبة دينية عقائدية، والجنبة الدينية العقائدية تتمثل في العراق بأعلى مصاديقها في داخل الحوزة النجفية الشريفة، وهي على اطلاع كامل بأن شيعة العراق لا يمكن لها أن تتـّبع رجل دين وتنقاد له إلا إذا كان عالماً مجتهداً مرجعاً مميزاً حتى تنقاد له وتسلم أمرها وتضعه بين يديه، وكما حصل بشكل واضح مع السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس .
108................................. لماذا السيد مقتدى الصدر قائداً
إذن أصبح الوضع الآن بالنسبة للثالوث المشؤوم هو أن يرتقب رجل الدين القادم الذي سوف ينبثق من الحوزة ويتصدى للمرجعية باسم جديد ليتسنى له قيادة المجتمع، ويقينا وكما عهدناه عنده الآلية التي يتعامل مع هكذا مواقف يولدها خروج المرجع القائد، فلذلك انحصر نظره بهذا الاتجاه . ولا يمكن له أن يشتت هذا الاتجاه لعناوين أخرى يعتبرها بسيطة وليس لها عليه من الخطر شيء.
وهذا بالواقع هو أقصى ما يمكن الوصول إليه لما تبيّنه المعطيات الخارجية من مقدمات يستطيع الطرف الآخر مهما أوتي من ذكاء ومكر وقوة، الوصول إلى حيثيات محدودة ومقيدة للتعامل معها، وذلك لأن معطيات الوضع الديني في العراق لا يمكن لها أن تعطي بالظاهر غير هذا النتاج.
وبما أن الثالوث المشؤوم لا يمكن له أن ينظر إلا بعين واحدة وهي عين المادة لا غير، لذلك نزلت المفاجأة ذات البعد المعنوي الغير متوقع من قبل الكثير، والتي لا يستطيع إيجادها إلا المكر الإلهي، إذ قال تعالى في كتابه الكريم : {.... وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ }[45] .
هذا البعد من العمل الإلهي المختار نجد التعامل به في مصاديق كثيرة في التاريخ نختار نموذجين منها:
109...................................تحرك السيد مقتدى الصدر
النموذج الأول :
وكما بيّنا سابقاً اختيار طالوت الذي لم يكن اختياره للقيادة متوقعاً لا من بني إسرائيل ولا من قبل عدوهم المباشر جالوت وجنوده، حيث كان اختياراً إلهياً صرفاً، ولم يكن لهم حتى وان تجاوزوا مرحلة الأنانية المنغرسة في نفوسهم أن يحدّدوا السمات العليا التي على ضوئها وقع الاختيار الإلهي لطالوت، وهذا إن دل على شيء فيدل على عجز البشرية لاختيار ما هو الأصلح لهم من دون الاعتماد على المد الإلهي.
النموذج الثاني :
اختيار الشيخ الجليل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
[45]- الأنفال ، 30 .

الحسين بن روح نائباً للإمام المهدي عليه السلام في غيبته الصغرى حيث لم يكن متوقعا من قبل المؤمنين آنذاك فضلاً عن السلطة الظالمة أن يكون وكيلاً للإمام. وقد جاء في كتاب تاريخ الغيبة الصغرى للشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس عندما تكلم عن هذا الشيخ الجليل قائلاً : ( لم يكن قد عاش تاريخاً زاهراً حافلاً بإطراء وتوثيق الأئمة عليهم السلام ، كالتاريخ الذي عاشه السفيران السابقان، حتى قبل توليهما للسفارة )[46].
ثم بعدها ينقل عن كتاب الغيبة للشيخ الطوسي فيقول على أن أبا القاسم ابن روح، على جلالة قدره وقربه من السفير الثاني واختصاصه به ،لم يكن خيـر أصحابه، ولم يكن ألأخص تماماً به ، فقد كان لأبي
110................................. لماذا السيد مقتدى الصدر قائداً
جعفر من يتصرف لهببغداد نحو من عشرة أنفس وأبو القاسم ابن روح - رحمه الله- فيهم . وكلهم كانواأخص به من ابن روح ، حتى أنه كان إذا احتاج إلى حاجة أو إلى سبب فإنه ينجزه على يدغيره ، لما لم تكن له تلك الخصوصية .فلما كان وقت مضى أبو جعفر - رحمه الله- وقعالاختيار عليه ، وكانت الوصية إليه) انتهى كلام الشيخ الطوسي. ثم يعلق السيد الشهيد قدس فيقول : (فكان في إيكال السفارة إليه ، مصلحتان مزدوجتان : أولهما :
وصول هذا المنصب إلى الشخص المخلص إخلاصاً بحيث لو كان المهدي تحت ذيله وقرض بالمقاريض لما كشف الذيل عنه .كما سمعنا في حقه، وقد سبق أن قلنا :إن مهمة السفارةإنما تستدعي هذه الدرجة من ألإخلاص لأهميتها وخطر شأنها ،ولا تستدعي العمق الكبيرفي الثقافة الإسلامية ، أو سبق التاريخ مع الأئمة عليهم السلام ،فإنها إنما تعنيبشكل مباشر نقل الرسائل من المهدي عليه السلام وإليه ،وتطبيق تعاليمه .وهذا يكفيفيه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
[46] - تاريخ الغيبة الصغرى ، ص 340 .

ما كان عليه أبو القاسم بن روح، من الإخلاص والثقافة الإسلامية، ويزيد
والمصلحة الثانية: غلق الشبهات التي تصدر من المرجفين، من أنه إنـما أوكل الأمر إلىابـن روح، باعتبار كـونه أخص أصحاب أبي


111....................................تحرك السيد مقتدى الصدر
جعفر العمري، وألصقهم به.. فإنه لم يكنبأخصهم ولا بألصقهم، وإن كان من بعض اخصائه في الجملة ). انتهى[47].
المهم من ذلك أنه ليس من الضروري أن يكون كل شيء متوقع وبحسب ما هو موجود من قرائن في الخارج أن يتحقق، بل قد تحدث أشياء غير متوقعة ولم يكن لها في البال وجود، وذلك لأن المصلحة قد تتعلق بها، وهذه المصلحة لا يمكن إيكالها إلى البشر في مثل هكذا حالات غير متوقعة. وإنما يكون أمرها إلى الله تعالى والى رجاله الإلهيين . وعندها يكون النجاح بإيجاد التخطيط الذي يدفع بعجلة تكامل المؤمنين، ليسري المخطط الإلهي ويمر علينا ونحن في الكثير من الأحيان عليه معترضون، ولإفراده وأدواته رافضون، إلى أن يفوتنا الأمر ويقتطف الخير ويتبرك به ولا يصبح بين أيدينا إلا الندم والخيبة، ومحاولة تعويض ما فات، وفي ذلك غبن وتراجع لأنفسنا لا يمكن الخلاص منه إلا بصعوبة بالغة جداً .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
[47] - تاريخ الغيبة الصغرى ، ص 341 .

وعندما نهض السيد مقتدى الصدر في هذه المرحلة من الزمن، مثـّل في نهوضه هذا عنصر المفاجأة والمباغتة وخصوصاً بعد أن إعتلى منبر الكوفة وإقامة صلاة الجمعة فيها. وهذا الأمر لا ينكره إلا من لا يرى الشمس وهي في رائعة النهار .

112................................. لماذا السيد مقتدى الصدر قائداً
عموماً نهض السيد مقتدى الصدر حيث رأى في تحركه تشكيلا لعنصر المفاجأة التي من الممكن أن ينذهل منها الثالوث المشؤوم، فهناك فراغ في الساحة العراقية، وهناك عيون شرسة لم تنم ولم تغفل عن مراقبة الحوزة ومتابعة رجالها ووضع تحركاتهم في كمبيوتراتها السياسية، وهي منشغلة في ذلك إلى حد التخمة، كل ذلك من أجل أن تسيطر على الساحة العراقية، وهي على هذا الحال مطمئنة إلى حدٍ ما ، لأنها قد شكلت برنامجها تجاه ما هو موجود وما هو متوقع، ولم تضع يوماً في مخططاتها أن يخرج رجل دين صغير السن، لا يمتلك أي عنوان ديني ضخم ، ويعلن نفسه قائداً وموجهاً للمؤمنين الذين شربوا ونهلوا من معين السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس، وليشكل مركز وثقل المقاومة الشريفة ضد الثالوث المشؤوم بعد أن خدع الأعداء وجعلهم يشعرون به بأنه لا يملك أي مقوم من مقومات النهوض وممارسة الدور الإصلاحي الذي يكمل ما بدأه الشهيدان الصدران قدس الله سرهما. وفي ذلك الكثير من الفوائد والتي سنتعرض لها فيما بعد.
113.....................................تحرك السيد مقتدى الصدر
يتبع.........

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »

التعديل الأخير تم بواسطة الاخوة ; 16-02-2013 الساعة 12:28 AM
الاخوة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس