تكملة الموضوع على بركة الله
هذه الوجوه التي ذكرها السيد الشهيد (قدس سره) في هذا الموضوع وهنا وكما أسلفت في التمهيد أحببت المشاركة في الرد على هذا الإشكال عن سفير الحسين المظلوم مسلم بن عقيل (عليهما السلام ) وذلك بإدراج عدة إطروحات مستمدا ذلك من السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر (قدس سره) فأقول .
الأطروحة الأولى:ـ إن مسلم (عليه السلام )لم يكن مخولاً إلا بأخذ البيعة من أهل الكوفة كما نص عليه كتاب الإمام الحسين (عليه السلام ) [ أما بعد فقد فهمت كل الذي اقتصصتم .وقد بعثت لكم بأخي وأبن عمي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل وأمرته أن يكتب إلي بحالكم وأمركم ورأيكم فأن كتب إلي أنه قد أجتمع رأي ملئكم وذوي الحجى منكم على مثل ما قدمت به رسلكم أقدم إليكم إن شاء الله ]
وقد قال السيد الشهيد (قدس سره) على مضمون هذا الكتاب (8)
[ وهذا خال من التخويل بالحرب كما هو واضح ]
فأن قلت أن السيد الشهيد (قدس سره) قصد الحرب لا قتل بن زياد : أقول أن قتل بن زياد بهذه الطريقة وله أعوان كثيرة من أهل الكوفة لا يسكتون على قتله وسيجتمعون على محاربة مسلم بن عقيل (عليه السلام) وأنصاره وهذه الحرب هي ليست من تخويل مسلم كما أسلفنا .
الإطروحة الثانية:ـ إن مسلم (عليه السلام) لم يكن يريد أن يعطي الذريعة للأعداء بأن يطالبوا الإمام الحسين (عليه السلام) بدم وذلك عندما خطب فيهم الإمام في كربلاء ومن جملة ما قال لهم [...... ويحكم أتطلبوني بقتيل منكم قتلته أو مال أستهلكته أو بقصاص جراحة ]
فأذا كان مسلم قد قتل بن زياد لم يكن الحسين (عليه السلام) ليقول ذلك لأن مسلم (عليه السلام) هو محسوب على الحسين (عليه السلام) لأنه أبن عمه ومرسل من قبله .
الإطروحة الثالثة:ـ أن مسلم (سلام الله عليه) أراد أن يتأسى بكلام عمه أمير المؤمنين (عليه السلام) عندما قال( أتريدون أن أقتل قاتلي ) يقصد عبد الرحمن بن ملجم عليه اللعنة والرواية تقول [ لما أتاه أبن ملجم يبايع له وولى قال : من أراد أن ينظر الى قاتلي فلينظر الى هذا, فقيل له ألا تقتله , قال عليه السلام ( يا عجباه تريدون أن أقتل قاتلي ) (9)
فمسلم كأنما يقول أتريدون أن أقتل قاتلي عبيد بن زياد . وهو من باب عدم الإعتراض على الإرادة الإلهية .
الإطروحة الرابعة:ـ إن قتل مسلم لإبن زياد بهذه الطريقة سيكون فيه إعلاء شأن بن زياد عند أهل الكوفة لأنه سيكون مظلوما وقتل غدرا وهذا ليس من شيم العرب , وهذا ينافي أهداف الحسين (عليه السلام) لأنه جاء للإصلاح .
الإطروحة الخامسة :ـ إن قتل مسلم (عليه السلام) لإبن زياد ليس فيه منفعة لإبقاء حياة الحسين (عليه السلام) لأن مسلم يعلم بقضاء الله وقدره بقتل الحسين وقتله (عليهما السلام) فلا توجد منفعة بقتله بهذه الطريقة .
وذلك نستلهمه من قول الإمام الحسين لمسلم عندما أرسله [ إني موجهك الى أهل الكوفة وسيقضي الله من أمرك ما يحب ويرضى وأنا أرجو أن أكون أنا وأنت في درجة الشهداء فأمض ببركة الله ........]
ثم إني وجدت من المصلحة بل من الواجب أن لا أغفل في الدفاع عن بطل هاشمي منَ الله علينا به ألا وهو سماحة السيد القائد مقتدى الصدر(أعزه الله) فقد كان مثالا واضحا ومصداقا عاليا للقائد الإلهي بما يتمتع من صفات كثيرة ومقومات عديدة تناولها الإستاذ علي الزيدي في كتابه القيم (لماذا السيد مقتدى الصدر قائدا) ولست بصدد ذكرها فمن أراد الإطلاع فليراجع .
إلا إني وكما أسلفت في التمهيد أحببت أن أؤدي واجبي كفرد تابع لجهة الحق ومدافعا عنها وهو المساهمة في رفع ظلامة وذلك برد الأشكالات التي قد ترد من بعض المشككين حول بعض من مواقف سماحته (أعزه الله) ومنها وكمثال على ذلك أمره بتجميد جيش الإمام المهدي (عج) .
والإشكالات التي أثيرت حول هذا الأمر والتي طرحت من بعض المشككين منها :ـ
1) هذا القرار كان بمثابة أضعاف جهة الحق المتمثلة بجيش الإمام المهدي في وقت كان يواجه فيه تحديات كبيرة .
2) اعتبره البعض بمثابة تسليم افراد الجيش كلقمة سائغة بيد أعدائهم .
3) أعتبره البعض تخلي واضح للسيد القائد عن أتباعه المتمثلين بجيش الإمام المهدي (عج)
وأجيب على هذه الإشكالات التي لا صحة لها بما قاله الإستاذ الفاضل همام الزيدي في شبكة ومنتديات جامع الأئمة في ذكر بعض فوائد تجميد الجيش . حيث قال :ـ
يمكن لنا بيان وتوضيح بعض الفوائد التي حصلت من جراء هذا التجميد بالنقاط التالية .
اولا :- ان هذا التجميد قد ساهم بشكل واضح ومؤثر في الحفاظ على الثلة الخيرة من جيش الإمام المهدي نتيجة تكالب الأعداء عليهم ومن كلا الجانبين اعني من جانب من يدّعي الإسلام ولكنه ابتعد عن الخط الإسلامي الصحيح لوجود مصالح ومنافع دنيوية آنية هم أنفسهم يدركون جسامة خطورتها، ومثلهم في ذلك كمثل عمر بن سعد حينما حدث نفسه بان يختار بين ملك الري وقتل الحسين عليه السلام مع علمه المطلق بأحقية ومظلومية الحسين سلام الله عليه.
والجانب الآخر الجانب الإمريكي المتغطرس والذي يمثل المحرك الرئيسي لأدواته في القضاء على هذا الجيش العقائدي البطل وقيادته الشريفة، ولذلك فان هذا التجميد قد فوت الفرصة على أعداء الله للنيل من أولياء الله .
ثانيا :- ان في هذا التجميد تمحيصاً واختباراً الى إفراد الجيش أنفسهم، وذلك بطاعة قائدهم والالتزام باوامره ومطالبه ، وعليهم النجاح في هذا الاختبار الصعب والخروج من هذه التجربة بالتكامل المناسب لهم . وبالتأكيد فإن هناك من نجح في هذا الاختبار وهناك من فشل، وذلك لان كل فرد في الجيش له رؤية ومنهج وفهم للسيد القائد بحسب ثقافته وإدراكه وإيمانه وبصيرته بحيث يحدد بهذه المفردات طريقه في العمل مع هذا الجيش وقائده.
ثالثا :- ان السيد القائد مقتدى الصدر قد اوجد بأمر التجميد حلاً في تلك الفترة وازمتها لم يكن متوقعا عند الامريكيين ولا عند أذنابهم المتسمين بالمسلمين وغيرهم، ظناً منهم بأنهم قد احكموا الطوق والخناق على هذا الجيش الشريف وانهم سوف يقضون عليه بالتدريج ، لأنهم وضمن خياراتهم وخططهم المدروسة وخبراتهم الطويلة تساعدهم إمكانياتهم المادية في ذلك على انهم قد وصلوا الى الحل الأمثل والأكمل للقضاء على هذا الجيش المجاهد ولا يوجد منفذ اخر ينقذون من خلاله . لكنهم تفاجأوا بقرار السيد القائد مقتدى الصدر، وكما قلنا في بداية البحث بان الله تعالى يمد القادة الالهيين بالحلول والفتوحات التي لا تندرج ضمن سلك المادة والياتها ، بل تندرج ضمن العطايا والهبات الإلهية والتي لا يستحقها الا ذوّوها . ولعل مثل هذه الأمور وهذه المفاجئات سوف تكون المحرك الرئيسي في القضاء على الدجال وأعوانه.
وفي الختام أذكر بعض التوصيات المستفادة من هذا البحث :ـ
1) إن عدم فهم بعض الأوامر الصادرة من القائد الإلهي لا يعطي المبرر في التشكيك به وإنما الحق كل الحق في التسليم والإنقياد له .
2) إن من المطلوب من الأتباع ليس عدم التشكيك فقط وإنما التصدي بما مكنهم الله في الرد على شبهات المشككين .
3) إننا مهما بلغنا من العلم فأننا نقصر عن فهم وأدراك الدوافع الواقعية لأوامر قياداتنا لذا فلنلتزم بالقول ( مولاي يعلم وانا لا اعلم )
4) إن هنالك الكثير من الأوامر يحجب القائد الإلهي عن ذكر أسبابها ودواعيها الحقيقية لأتباعه لما قد يؤدي ذلك من عدم تحقيق الأهداف المرجوة من ذلك الأمر او المصلحة هو يقتضيها إذن فالنجاح والحال هذه هو في التسليم والتطبيق لكل أمر يصدر منه وأن نكون ( كالميت بين يدي الغسال )
5) إن الذي يكلف من قبل القائد الإلهي في إداء مهمة ما يجب أن يتصرف بحكمة ودراية في الإمور التي قد تصادفه أو تعترض طريقه في إداء مهمته وذلك لكي يكون عند حسن ظن قيادته التي أنتخبته لإداء هذا العمل .
والحمد لله رب العالمين وصل الله على محمدا وآله الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم والعن عدوهم
المصادر
1) شذرات من فلسفة تاريخ الحسين للسيد محمد محمد صادق الصدر(قدس سره) صــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ17
2) خطبة الجمعة للسيد القائد مقتدى الصدر(أعزه الله)في تاريخ 7\12\ 2012
3) أضواء على ثورة الحسين للسيد الشهيد (قدس سره) صـــــــــــــ193
4) نفس المصدر صــــــــــــــــــ192
5) مقتل الحسين لباقر شريف القرشي ج2 صـــــــــــ362
6) الآمالي للصدوق صــــــــــــ191
7) أضواء على ثورة الحسين صــــــــــــــــ193 ـ 194
8) نفس المصدر صــــــــــــــــ190
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ