15-02-2011, 08:05 PM
|
#1
|
|
رد شبهة صلح الحسن عليه السلام مع معاوية وما يثار عنها
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كثيراً ماتثار الشبهات من قبل المخالفين حول قضية الصلح بين معاوية والحسن عليه السلام معتبرينه اعترافاً منه بكفاءة معاوية ومخالفة صريحة لنهج أبيه وأخيه عليهما السلام ..وفي هذا كل الباطل وماسببه الا نقص الاطلاع والتفكير ..
لذلك سنفرد هذا البحث المفصل الذي سيجيب عن الأسئلة المطروحة من قبل الطرف المخالف وقد أعددته بنفسي وجمعته من عدة مصادر وجعلتها في موضوع واحد لتعم الفائدة وأرجو من كل راغب بالحق والمعرفة سواء من الشيعة أو السنة الاطلاع عليه باخلاص وتمعن وتفكير وتعقل قبل اصدار الاحكام جزافاً وأن يتحمل طول البحث فالباحث عن الحق يبذل في معرفته كل غال ورخيص ..
ونتذكر أولاً قول رسول الله صلى الله عليه وآله :
" الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا" ، " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة "
فالرجاء النظر بعين حيادية بعيدة عن التعصب وقراءة التفاصيل بدقة ففيه جواب على كل سؤال..
وقبل أن نبدأ البحث أطلب من كل قارئ أن يسأل نفسه سؤالاً ويقف عنده ويفكر فيه بضمير ..
طالما الناس قد بايعوا الحسن عليه السلام ..لماذا يسلم البيعة لغيره الا إن وجد أن غيره ينافسه فيها بالحرب والجيوش وكلنا مجمعون ان الصلح كان درأً للفتنة فأي فتنه هذه ؟؟ أليس سببها ان معاوية كان يريد البيعة لنفسه وسيحارب لأجلها ؟؟ فهل يجد نفسه أحق من حفيد الرسول وخاصة بعد أن بايعه المسلمون!
لماذا يحارب الحسن عليها السلام الا لأجل طمعه في السلطة والحكم ؟..وهذا يكشف عن حقيقة حربه لأمير المؤمنين أنها كانت لنفس السبب وليس دم عثمان كما يفترون ..
نأتي الان لنطرح أسئلة الطرف المخالف ...
السؤال الأول الموجه من الطرف المخالف :
ان كان الامام الحسن عليه السلام معصوم فلماذا اختار الصلح مخالفاً لأبيه عليه السلام الذي اختار قبله حرب معاوية؟
نقول :
العصمة لا تعني اتخاذ نفس القرار في كل الظروف بل اتخاذ القرار المناسب حسب ماتقضيه الظروف المحيطة ..
والصواب هو ماتقتضيه مصلحة الاسلام والمسلمين أولاً وآخراً..
ولتوضيح الموقف نستدل بموقف رسول الله صلى الله عليه وآله في صلح الحديبية الذي عارضه فيه معظم الصحابة واحتجوا عليه لا وبل أساؤوا التصرف معه ..فالرسول في وقتها لم يجد أن الحرب كانت في صالح المسلمين حينها وقبل بشروط كفار قريش لمايراه من مصلحة للمسلمين آنذاك ..فهل الرسول صلى الله عليه وآله ناقض نفسه باتخاذ قرار الصلح في حين أنه حارب المشركين في مواطن أخرى ..
لننظر الآن قليلاً في صلح الحديبية ونرى وجه التشابه بين موقف الامام وجده عليهما الصلاة والسلام ..
الجامع الصحيح المختصر المؤلف : محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي الناشر : دار ابن كثير ، اليمامة – بيروت الطبعة الثالثة ، 1407 – 1987 تحقيق : د. مصطفى ديب البغا أستاذ الحديث وعلومه في كلية الشريعة - جامعة دمشق عدد الأجزاء : 6 مع الكتاب : تعليق د. مصطفى ديب البغاصحيح البخاري [ جزء 2 - صفحة 967 ]ح2564 كتاب الشروط ، باب ما يجوز من الشروط في الإسلام والأحكام والمبايعة ( حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب قال أخبرني عروة بن الزبير : أنه سمع مروان والمسور بن مخرمة رضي الله عنهما يخبران عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما كاتب سهيل بن عمرو يومئذ كان فيما اشترط سهيل بن عمرو على النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يأتيك منا أحد وإن كان على دينك إلا رددته إلينا وخليت بيننا وبينه . فكره المؤمنون ذلك وامتعضوا منه وأبى سهيل إلا ذلك فكاتبه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك فرد يومئذ أبا جندل إلى أبيه سهيل بن عمرو ولم يأته أحد من الرجال إلا رده ...).
وما صدر من اعتراض من السلفي هو عينه الاعتراض الذي حدث من عمر ومن هم على شاكلته في مثل هذا الحادثة :
صحيح البخاري [ جزء 2 - صفحة 974 ] ح 2581 كتاب الشروط ، باب ما يجوز من الشروط في الإسلام والأحكام والمبايعة (...فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ( على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به ) . فقال سهيل والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة ولكن ذلك من العام المقبل فكتب فقال سهيل وعلى أنه لا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا . قال المسلمون سبحان الله كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما فبينما هم كذلك إذ دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين فقال سهيل هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إنا لم نقض الكتاب بعد ) . قال فوالله إذا لم أصالحك على شيء أبدا قال النبي صلى الله عليه وسلم ( فأجزه لي ) . قال ما أنا بمجيزه لك قال ( بلى فافعل ) . قال ما أنا بفاعل قال مكرز بل قد أجزناه لك قال أبو جندل أي معشر المسلمين أرد إلى المشركين وقد جئت مسلما ألا ترون ما قد لقيت ؟ وكان قد عذب عذابا شديدا في الله
قال فقال عمر بن الخطاب فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت ألست نبي الله حقا ؟ قال ( بلى ) . قلت ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال ( بلى ) . قلت فلم نعطي الدنية في ديننا إذا ؟ قال ( إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري ) . قلت أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به ؟ قال ( بلى فأخبرتك أنا نأتيه العام ) . قال قلت لا قال ( فإنك آتيه ومطوف به ) . قال فأتيت أبا بكر فقلت يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقا قال بلى قلت ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال بلى قلت فلم نعطي الدنية في ديننا إذا ؟ قال أيها الرجل إنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وليس يعصي ربه وهو ناصره فاستمسك بغرزه فوالله إنه على الحق ؟ قلت أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به قال بلى أفأخبرك أنك تأتيه العام ؟ قلت لا قال فإنك آتيه ومطوف به
فكما نعرف أن الرسول صلى الله عليه وآله وقع الصلح رغم شروط الكفار القاسية وقبل به لما رآه أنه هو الصواب .وقراره لم يعجب كثيراً من الصحابة واعترضوا عليه تماماً كما حصل من اعتراض على قرار الحسن عليه السلام لأن الصحابة والناس لايعلمون المصلحة الحقيقية كما يعلمها الرسول أو الامام عليهما الصلاة والسلام
الإمام الحسن عليه السلام ما كان منه مبايعة بل مصالحة والدليل أنه اشترط على معاوية شروطا والمبايعة تكون بالتسليم للمبايع له بالطاعة والتضحية ...ما لم يكن منه عصيانا ـ مفهومها السني ـ
وقد كانت تلك المصالحة منه بشروط عديدة ووثائق
المستدرك على الصحيحين المؤلف : محمد بن عبدالله أبو عبدالله الحاكم النيسابوري الناشر : دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة الأولى ، 1411 – 1990 تحقيق : مصطفى عبد القادر عطا عدد الأجزاء : 4 مع الكتاب : تعليقات الذهبي في التلخيص [ جزء 3 - صفحة 191 ]ح4808 ( قال سفيان : و كانت له صحبة فصالح الحسن معاوية و سلم الأمر له و بايعه بالخلافة على شروط و وثائق ) وتاريخ الإسلام للذهبي [ جزء 1 - صفحة 498 ]
والمصالحة هو ما فعله الإمام الحسن عليه السلام ـ وقد كان الإمام الحسن عليه السلام مع معاوية ...بل ما فعل ذلك إلا مضطرا فقد طعن بالخنجر وقل ناصره وكثرت أعداؤه ...حتى صارت المصالحة وحقن الدماء أمرا محتما لا بد منه وفيه امتثال لأمر النبي الأعظم بالمصالحة حتى تحقن الدماء..وسنأتي على تفصيل ذلك لاحقاً من ذكر شروط البيعة ونقض معاوية لها ومن الظروف المحيطة بالامام الحسن عليه السلام والتي من خلالها قدر أن الصلح هو الحل الأصح في تلك الفترة ..
|
|
|