رد: هنا جميع خطب السيد الشهيد مكتوبة
الجمعة السابعة والثلاثون 6 رمضان 1419
الخطبة الاولى
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم توكلت على الله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
كما ادينا الطاعة في الاسابيع السابقة لله سبحانه وتعالى نؤدي الطاعة في هذا الاسبوع بعنوان كلا لأجل رفض الباطل واهل الباطل. فقولوا معي ثلاثا..
كلا كلا للباطل ..
كلا كلا امريكا ..
كلا كلا اسرائيل ..
كلا كلا استعمار ..
كلا كلا استكبار ..
كلا كلا يا شيطان ..
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم هذا شهر رمضان الذي انزلت فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان وهذا شهر الصيام وهذا شهر القيام وهذا شهر الانابة وهذا شهر التوبة وهذا شهر المغفرة والرحمة وهذا شهر العتق من النار والفوز بالجنة وهذا شهر فيه ليلة القدر التي هي خير من الف شهر اللهم فصل على محمد وال محمد واعني على صيامه وقيامه وسلمه لي وسلمني فيه واعني عليه بأفضل عونك ووفقني فيه لطاعتك وطاعة رسولك واوليائك صلى الله عليهم وفرغني فيه لعبادتك ودعائك وتلاوة كتابك وعظم لي فيه البركة واحسن لي فيه العاقبة واصح فيه بدني واوسع لي فيه رزقي واكفني فيه ما اهمني واستجب لي فيه دعائي وبلغني فيه رجائي اللهم صل على محمد وال محمد واذهب عني فيه النعاس والكسل والسأم والفترة والقسوة والغفلة والغرة وجنبني فيه العلل والاسقام والهموم والاحزان والاعراض والامراض والخطايا والذنوب واصرف عني فيه السوء والفحشاء والجهد والبلاء والتعب والعناء انك سميع الدعاء اللهم صل على محمد وال محمد وإعذني فيه من الشيطان الرجيم وهمزه ولمزه ونفثه ونفخه ووسوسته وتثبيطه وبطشه وكيده ومكره وحبائله وخدعه وامانيه وغروره وفتنته وشركه واحزابه واتباعه واشياعه واوليائه وشركائه وجميع مكائده اللهم صل على محمد وال محمد بأفضل صلواتك واكرم تحياتك كما صليت وباركت وترحمت وتحننت على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد.
بسم الله الرحمن الرحيم
{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}
من جملة المشاكل التي مر بها الشعب العراقي خاصة والمجتمع في العالم عامة، القصف الامريكي الذي تعرض له المجتمع هنا ولا ينبغي ان تكون الحوزة الناطقة المجاهدة ساكتة عن ابداء رأيها فيه ولا شك انه لا يمكن ابراز جميع النتائج المتيسرة والعبر المتوفرة ولكن نقول بمقدار ما هو ممكن وعلى الله التوكل في الشدة والرخاء وذلك ضمن عشرة نقاط :
النقطة الاولى : ان هذا الوضع العالمي القائم على انقاض ما كان يسمى بالاتحاد السوفيتي والذي سمته امريكا في حينه بالنظام العالمي الجديد انما هو نظام استعماري مشؤوم قائم على تفرد امريكا بالعالم وهيمنتها عليه وفرض ارادتها على كل جهاته من دول وشعوب واحزاب ومنظمات. وكل من يخالفها فانها تكيل له الصاع صاعين كما يعبرون. هذا النظام يجعل منها الطاغوت الاول والشيطان الاكبر ويخرجها عن الانسانية وحسن التصرف الى الظلم الكامل والطغيان المحض.
النقطة الثانية :ان امريكا وان زعمت تحكيم سيطرتها على كل العالم حتى اصبح العالم تجاهها كالقرية الصغيرة كما يعبرون الا انها لن تستطيع ازالة ايمان المؤمنين وقوة الشجعان المجاهدين فإنها ان استطاعت السيطرة على اجسادنا فإنها لن تستطيع السيطرة على عقولنا وقلوبنا ونفوسنا {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا}
النقطة الثالثة :انها انما تتذرع بالسلاح الدنيوي الذي مهما بدى لنا مهماً وعظيماً فانه مؤقت وزائل لأنه انما يمثل طرف الدنيا وما فيها ومن فيها وهو طرف مضمحل وهين وحقير وأما المؤمنون فناصرهم الله سبحانه وتعالى كما قال في كتابه الكريم { إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} وهم المؤمنون واثقون به ومعتصمون به ومتوكلون عليه ويعلمون انهم لم يخلقوا لهذه الدنيا الفانية بل لأجل الآخرة الباقية وفي الرواية (ان الدنيا والاخرة ضرتان لا تجتمعان) وكذلك فان الحوزة والاستعمار ضرتان لا يجتمعان
النقطة الرابعة : ان امريكا تحاول تسخير اكبر مقدار من عدد الدول تحت ارادتها وسيطرتها وربما كل الدول على الاطلاق وكل من وافق على ذلك وتعاون معها فهو لعبة في يديها وتحت استعمارها بكل تأكيد حتى الدول الاوربية التي تود الاستقلال عن النظام الامريكي فإنها تبدو في كثير من الاحيان لعبة بيد هذا النظام المشؤوم فمثلا بريطانيا التي كانت لها الزعامة في العالم حتى كانت تسمي نفسها بريطانيا العظمى اصبحت الان مستعمرة بسيطة بيد امريكا تستخدمها متى تشاء لإنجاز مصالحها الخاصة وفي اعتقادي ان هذا منها تنازل مقيت وذلة لا موجب لها.
النقطة الخامسة :اننا نعتقد ان هذا النظام الظالم غير دائم بل هو الى زوال مهما كانت نتائجه وذلك من عدة جهات منها:
اولا : انه يقول في الحكمة: (ان الظلم لا يدوم).
ثانيا : ان الله تعالى يهلك ملوكا ويستخلف آخرين.
ثالثا : انها الان وبكل وضوح موكولة الى نفسها وملتفتة الى جبروتها فتكون مصداقا واضحا من قوله تعالى : {حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ }. اذاً فهذا الوعد آت من الله سبحانه وتعالى لا محال ولكن الجدل في كونه قريبا ام بعيداً.
رابعا : إننا نعتقد ان مستقبل البشرية الى خير وصلاح وعدالة حينما يظهر القائد المنتظر عجل الله فرجه فيملؤها قسطا وعدلا كما مُلئت ظلما وجورا ولن يقوم لأي ظلم ولا لأي قسوة بعدها قائمة ولا امريكا ولا غيرها وفي الروايات ما يدل على ان اليهود سيعانون من الذلة والقسوة بيد المؤمنين ما شاء الله كما فعلوا بالمؤمنين قبل ذلك حتى ان الحجر ينادي المؤمن ويقول هذا يهودي خلفي فاقتله.
النقطة السادسة : ان امريكا تريد بهذه الاعمال ان تجعل عدوها كبش الفداء بحيث يكون عبرة للعالم كله باعتبار انها كما صنعت به يمكنها ان تصنع بغيره وبذلك تضرب حجرين في هدف واحد وليس بإزاء ذلك الا قوة الارادة وقوة الايمان والصمود والاتحاد ضد هذا النظام الغاشم الظالم فلو أستطاع العالم أن يقول كلمته العادلة الحقيقية زال هذا النظام الظالم عن الوجود.
النقطة السابعة : حسب علمي فان الامر بالهجوم في اي وقت وعلى اية دولة موكول الى القرار الذي يصدره الرئيس الامريكي الموجود في اي وقت وهذا يعني ان القرار الظالم سوف يعود بالحكمة الالهية والقدرة الالهية على نفس هذا الرجل الذي اصدر هذا القرار بالوبال والخسران كما سبق ان حصل فعلا لكارتر وبوش بما فعلا من مظالم على المؤمنين في الشرق المسلم لا اقل اننا نلتفت ان من حق اي رئيسي امريكي ان ينتخب لفترتين من الرئاسة في حين يخسر الظالم منهم فترته الثانية بكل تأكيد بقدرة الله وحسن توفيقه كما خسرها كارتر وبوش فعلا (كولوا لا !) وهذا ما يتوقع حصوله لكلنتون بالتأكيد بل الامر اكثر من ذلك فانه من المتوقع ان يحاكمه مجلس الشيوخ الامريكي لفضيحة اخلاقية ويعزله عن الرئاسة ويخسر حتى فترة رئاسته الاولى فضلا عن الثانية.
النقطة الثامنة : اننا نجد باستمرار ان كل مؤامرة يقوم بها الغرب والاستعمار ضد الايمان والمؤمنين فان الله تعالى يجعلها حسرة في صدورهم ويجعل نتائجها الى مصلحة الدين وشريعة سيد المرسلين وهذا ما رأيناه في القريب والبعيد مما حصل من دسائس ومشاكل حتى هذا القصف الامريكي الاخير فأنه طور المؤمنين بفضل الله سبحانه وتعالى عقلياً ونفسياً وأيمانياً وفتح اعينهم على حقائق كان يمكن ان تكون غائمة او مجهولة فيما سبق ونشعر فعلا انه سبب عزة الحوزة والمذهب وشجاعتها وحرية هدفها اكثر من ذي قبل وإن خسأ الكافرون.
بسم الله الرحمن الرحيم
قل هو الله احد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفؤا احد *
صدق الله العلي العظيم
الجمعة السابعة والثلاثون 6 رمضان 1419
الخطبة الثانية
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدانا لحمده وجعلنا من اهله لنكون لإحسانه من الشاكرين وليجزينا على ذلك جزاء المحسنين والحمد لله الذي حبانا بدينه واختصنا بملته وسبلنا في سبل احسانه لنسكها بمنه الى رضوانه حمدا يتقبله منا ويرضى به عنا والحمد لله الذي جعل من تلك السبل شهره شهر رمضان شهر الصيام وشهر الاسلام وشهر الطهور وشهر التمحيص وشهر القيام الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فأبان فضيلته على سائر الشهور بما جعل له من البركات بما جعل له من الحرمات الموفورة والفضائل المشهورة فيحرم فيه ما احل في غيره اعظاما وحجر فيه المطاعم والمشارب اكراما وجعل له وقتا بينا لا يجيز جل وعلى ان يقدم قبله ولا يقبل ان يؤخر عنه ثم فضل ليلة واحدة من لياليه على ليالي الف شهر وسماها ليلة القدر تنزل الملائكة والروح فيها بأذن ربهم من كل امر سلام دائم البركة الى طلوع الفجر على من يشاء من عباده بما احكم من قضائه اللهم اني اسألك بحق هذا الشهر وبحق من تعبد لك فيه من ابتدائه الى وقت فنائه من ملك قربته او نبي ارسلته او عبد صالح اختصصته ان تصلي على محمد واله واهلنا فيه لما وعدت اوليائك من كرامتك واوجب لنا فيه فيما اوجبت لأهل المباغة في طاعتك واجعلنا في نظم من استحق الرفيع الاعلى برحمتك اللهم صل على محمد واله وجنبنا الالحاد في توحيدك والتقصير في تمجيدك والشك في دينك والعمى عن سبيلك والاغفال لحرمتك والانخداع لعدوك الشيطان الرجيم اللهم صل على محمد وال محمد واذا كان لك في كل ليلة من ليالي شهرنا هذا رقاب يعتقها عفوك او يهبها صفحك فاجعل رقابنا من تلك الرقاب واجعلنا لشهرنا من خير اهل وأصحاب .
بسم الله الرحمن الرحيم: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}
نستمر في تلاوة الخطبة السابقة ..
النقطة التاسعة : انه من الواضح في التجربة ان كل حروب امريكا ومؤامراتها، تجارية تفتعلها لأجل استنزاف الشعوب البائسة اقتصاديا واجتماعيا لأجل ايفاء النقائص التي قد تحصل في ميزانيتها خلال اي عام وبالطبع فإنه كما قيل في الحكمة (ان السياسة لا قلب لها) فكلما كان الامر يجر لها نفعا اندفعت نحوه وورطت نفسها فيه سواء مع اعدائها او مع اصدقائها على حد سواء وتعود النتائج السلبية حقيقة على الشعوب المظلومة عامة وعلى المؤمنين خاصة وهي متعمدة في ذلك.
النقطة العاشرة : انهم زعموا ان القصف قد حقق اهدافه وقد كذبوا وانما كان انتهاؤه تنازلا وتخاذلا من قبلِهم. نعم هو قد حقق اهدافه في الحكمة الالهية من حيث لا يدرون من باب ما نسمع من الحديث القدسي الذي يقول : (الظالم جندي انتقم به وأنتقم منه). فهو كما كان انتقاما للذنوب والعيوب الكثيرة المتفشية في المجتمع يكفي ان نلاحظ ونلتفت اننا قد قصرنا تجاه الامام الحسين (عليه السلام) فجاء رد الفعل في الحكمة الالهية سريعا وقويا وننتظر من رحمة الله سبحانه وتعالى ان يطبق الفقرة الثانية من هذه الحكمة لأنه يقول (انتقم به وأنتقم منه).
نعود الان الى ما كنا بدأنا به في الجمعة السابقة من شرح خطبة النبي (صلى الله عليه واله) التي القاها بمناسبة بدء شهر رمضان المبارك.
قال (صلى الله عليه واله) كما في الرواية : (يا ايها الناس من حسّن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جواز على الصراط يوم تزل فيه الاقدام ومن خفف في هذا الشهر عما ملكت يمينه خفف الله عليه حسابه ومن كف فيه شره كف الله عنه غضبه يوم يلقاه).
وكل هذه الكلمات حكم وخصائص ونصائح لا ينبغي ان نتعداها حتى نعرف شيئا من فحواها. اشار (صلى الله عليه واله) كما في الرواية في أول فقرة من هذا الذي نقلناه الى حُسن الخلق في هذا الشهر وتحسين الخُلق وان كان يعني عرفاً مجرد المجاملة مع الاخرين وهو لا شك من مصاديقها وتطبيقاتها الا ان المسألة اوسع من ذلك بطبيعة الحال فأنه بحسب فهمي يعني وضع الشيء او التصرف في موضعه المناسب له وهذا هو العدل او العدالة فحُسن الخُلق مساوق للعدالة او مساوق مع العدالة. والعدالة وان شملت الاخرين بطبيعة الحال من اصدقاء واعداء واسرة واخوة وغير ذلك فان المفروض في الفرد المؤمن ان يكون عادلا في علاقاته مع اي شخص ويطبق رضا الله سبحانه وتعالى وتعاليم شريعته في كل مجتمع الا اننا ينبغي ان نلتفت الى ان العدل غير خاص هذا المورد بل له موارد اخرى بل لعلها هي الموارد الاهم والاعظم وهي العدل في علاقتك بنفسك والعدل في علاقتك بربك والعدل في علاقتك بأوليائك عليهم افضل الصلاة والسلام.
اما علاقتك بنفسك فالنفس متكونة من عقل وقلب وشهوات ونحو ذلك ولكل من هذه الملكات نظامها العادل الالهي الذي يجب اتباعه والسير على نظامه واتباع التكامل الحقيقي النوراني له حتى يصبح الفرد المؤمن ممن يحبهم الله ويحبونه ويكون في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
واما علاقتك بربك فهي الاهم على الاطلاق وانما كل العلاقات الاخرى مبنية عليها ومنتجة اليها ولولاها لما كان لها اي معنى او اي مبنى. وهذه العلاقة المقدسة لها مراتب بطبيعة الحال.
اولها : مجرد الاعتقاد بوجود الله وتوحيده.
الثانية : محاولة طاعته في الجملة فيكون الفرد عندئذ ممن عمل عملا صالحا وآخر سيء.
الثالثة : محاولة طاعته بالالتزام بالإتيان بجميع الواجبات والكف عن جميع المحرمات وهنا ينفتح باب الخيرات والرحمة الالهية لان الفرد عندها يكون من المحسنين والله تعالى يقول : (ان رحمة الله قريب من المحسنين) ومن هنا نسمعه يقول كما في الرواية في نتائج ذلك (من حسّن في هذا الشهر خُلقه كان له جواز على الصراط يوم تزل فيه الاقدام) فان الجواز على الصراط يعني الذهاب الى الجنة والى رضاء الله سبحانه. وزلل القدم يعني السقوط في هاوية جهنم او هاوية الرذائل ايا كانت. ومن الطبيعي والمعقول جدا ان من كانت علاقته عادلة بينه وبين ربه وبينه وبين نفسه وبينه وبين الاخرين اذن فهذا هو بعينه ثبات القدم على الصراط والجواز عليه الى الجنة فان هذا الفرد لا شك انه يكون اهل لذلك بخلاف الاخرين الذين تنقص عدالتهم او تنتفي بالمرة او يتورطون في مختلف انواع الزلل والفجور والعياذ بالله.
يبقى سؤال واحد يحسن عرضه والجواب عليه وهو انه (صلى الله عليه واله) قال كما في الرواية (من حسّن في هذا الشهر خُلقه) مع ان تحسين الخُلق ليس له اختصاص بالصوم او بشهر رمضان بل هو واجب وراجح على اية حال وفي كل زمان ومكان ومطلوب من كل الافراد.
وجوابه ان هذا يعني احد امور :
الامر الاول : ان ضم عبادتين الى عبادة واحدة اولى عند الله واكثر ثوابا من القيام بعبادة واحدة وهذا ينبغي ان يكون واضحا. وفي شهر رمضان اذا انضم الصوم الى حسن الخلق او نقول اذا انضم حسن الخلق الى الصوم كان افضل من احدهما لا محالة.
الامر الثاني : ان المناسبات الدينية من مكانية وزمانية تجعل للطاعة فضل اكثر من غيرها فمثلا ان الصوم في شهر رمضان افضل من الصوم في غيره لأن نفس شهر رمضان أفضل من غيره فكذلك حُسن الخُلق يكون في شهر رمضان او اي عبادة اخرى كالصلاة او قضاء حاجة المحتاج يكون فيه افضل من غيره كما انها في المسجد تكون افضل وهكذا فيكتسب بذلك حُسن الخُلق في شهر رمضان اهمية عالية وكذلك سائر الاعمال الصالحة المذكورة في هذه الخطبة النبوية الشريفة.
الامر الثالث : ان الفرد الصائم قد يلتفت الى تفاصيل الشريعة ودقائقها اكثر من غيره لأنه يرى نفسه في طاعة مستمرة بصفة صيامه فيرغب بطاعة اكثر ويلتفت الى جهات اخرى منها ومن هنا ينبهه النبي (صلى الله عليه واله) الى حسن الخلق وغيره فيكون اول التفاته الى ذلك خلال شهر رمضان ليستمر عليه بعد انقضائه ايضا.
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿١﴾الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴿٢﴾الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ﴿٣﴾مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴿٤﴾إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴿٥﴾اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴿٦﴾صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴿٧﴾
صدق الله العلي العظيم
التعديل الأخير تم بواسطة الراجي رحمة الباري ; 22-03-2017 الساعة 05:34 PM
|