فإنك إن وحدت الله حق توحيده في ذاته وصفاته وعبادته وأفعاله وطاعته فسوف تصل لا محالة إلى الفناء فيه وعشقه والذوبان في الله، وسوف لن تستعين بغيره حتى في قضاء حوائجك وأفعالك، حتى ورد في الحديث القدسي: (( عبدي أطعني تكن مثلي))، والطاعة هنا، بل قل أن أوضح مصداق لها هو المصداق المطلق للطاعة هنا، وهو: ( التوحيد)، كما ورد: ((إني أطعتك في أحب الأشياء إليك وهو التوحيد....))، فالطاعة في التوحيد على مراتب أعلاها الفناء في الله، وأن لا ترى الخلق إلاّ فيه، وأنه موجود في كل أفعالك وأعمالك ومشاهداتك وعباداتك وكل ما يجول في خاطرك، ويا لها من فائدة عظمى، وأن كل المعصومين (سلام الله عليهم) مصداق لذلك، سوى بالعصمة الأولية أو الثانوية، ولو أردنا أن نعطي مثالاً حياً بنظري بطبيعة الحال، أعني قد اطلعت على من كان مثالاً في حسن عبادة التوحيد، ألا وهو السيد الوالد، فإنه كان يرى الله في كل أفعاله وعباداته وأفكاره وأحكامه، وكل خلجاته وحواسه وغيرها، حتى وصلت النوبة إلى أن يُخط اسم الجلالة على يده تارة وعلى جبهته أخرى، فمن عبد الله بأحب الأمور أحبه الله وانعكس ذلك حتى على جسده لا أعماله فقط.(كتاب منهج العقيدة للسيد القائد مقتدى الصدر)