عرض مشاركة واحدة
قديم 05-01-2011, 12:51 AM   #1

 
الصورة الرمزية طالب رضا المعصوم

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 38
تـاريخ التسجيـل : Nov 2010
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : العراق . ارض المقدسات
االمشاركات : 6,391

افتراضي قصيدة للامام السجاد عليه السلام

قال الإمام علي زين العابدين (ع):
لـيس الغريبُ غريبَ الشام واليمن ** إن الـغريبَ غـريبُ اللحد والكفنِ
إن الـغـريبَ لـه حـقٌّ لـغربته ** على المقيمين في الأوطان والسكنِ
لا تـنهرنّ غـريباً حـال غربته ** الـدهرُ يـنهره بـالذل والـمحنِ
سـفْري بـعيدٌ وزادي لـن يبلّغَني ** وقـوّتي ضـعفت والموتُ يطلبني
ولـي بـقايا ذنـوب لست أعلمها ** الله يـعلمها فـي الـسر والـعلنِ
مـا أحـلمَ اللهَ عـني حيث أمهلني ** وقـد تـماديتُ في ذنبي ويسترني
تـمر سـاعاتُ أيـامي بـلا ندمٍ ** ولا بـكاءٍ ولا خـوفٍ ولا حـزَنِ
أنـا الـذي أغلقُ الأبوابَ مجتهداً ** عـلى المعاصي وعينُ الله تنظرني
يـا زلـةً كُـتبت في غفلة ذَهَبَتْ ** يـا حسرةً بَقِيتْ في القلب تُحرقني
دعـني أنـوحُ على نفسي وأندبُها ** وأقـطع الـدهرَ بالتذكير والحَزَنِ
دع عـنك عذليَ يا من كان يعذلني ** لـو كنتَ تعلمُ ما بي كنت تعذرني
دعـني أسحُّ دموعاً لا انقطاعَ لها ** فـهل عـسى عبرةٌ منها تُخلّصني
كـأنني بـين جـلّ الأهلِ منطرحاً ** عـلى الـفراشِ وأيـديهم تـقلّبني
وقـد تـجمَّع حولي مَن ينوحُ ومن ** يـبكي عـليَّ ويـنعاني ويـندبني
وقـد أتـوا بـطبيبٍ كي يعالجَني ** ولـم أرَ الـطبَّ هذا اليوم ينفعني
واشتد نزعي وصار الموتُ يجذبُها ** مـن كـل عرقٍ بلا رفقٍ ولا هَوَنِ
واستخرجَ الروحَ مني في تغرغرها ** وصار ريقي مريراً حين غرغرني
وغـمّضوني وراح الكلُّ وانصرفوا ** بـعد الإياسِ وجدّوا في شرا الكفنِ
وقام من كان حِبَّ الناسِ في عجلٍ ** نـحو الـمغسِّلِ يـأتيني يـغسّلني
وقـال يـا قـومُ نبغي غاسلاً حذقاً ** حـراً أَريـباً لـبيباً عـارفاً فطِنِ
فـجاءني رجـلٌ مـنهم فـجردني ** مـن الـثياب وأعـراني وأفردني
وأودعـوني على الأَلواح مُنطرِحاً ** وصـار فوقي خريرُ الماءِ يَنْظِفُني
وأسـكبَ الماءَ من فوقي وغسّلني ** غـسلاً ثـلاثاً ونادى القومَ بالكفنِ
وألـبَسوني ثـياباً لا كـمامَ لـها ** وصار زادي حَنوطي حين حنّطني
وأخـرجوني مـن الـدنيا فوا أسفاً ** عـلى رحـيلٍ بـلا زادٍ يـبلّغني
وحـمّلوني عـلى الأكـتاف أربعةٌ ** مـن الـرجال وخلفي من يشيّعني
وقـدّموني إلى المحراب وانصرفوا ** خـلفَ الإمـامِ فـصلى ثم ودّعني
صـلَّوا عـليّ صلاةً لا ركوعَ لها ** ولا سـجـودَ لـعل الله يـرحمني
وأنـزلوني إلـى قبري على مَهَلٍ ** وقـدّموا واحـداً مـنهم يـلحّدني
وكشّف الثوبَ عن وجهي لينظرني ** وأسـبلَ الـدمعَ من عينيه أغرقني
فـقامَ مـحتَرِماً بـالعزم مـشتملاً ** وصـفَّفَ الـلَّبْنَ من فوقي وفارقني
وقـال هـلّوا عليه التربَ واغتنموا ** حُسْنَ الثواب من الرحمن ذي المِنَنِ
فـي ظـلمة القبر لا أمٌّ هناك ولا ** أبٌ شـفـيـقٌ ولا أخٌ يـؤنّـسني
وهالني صورةٌ في العين إذ نظَرَتْ ** من هول مطلَعِ ما قد كان أدهشني
مـن مـنكرٍ ونـكيرٍ ما أقولُ لهم ** قـد هـالني أمـرُهم جداً فأفزعني
وأقـعدوني وجـدّوا فـي سـؤالهمُ ** مـالي سـواكَ إلهي مَن يخلّصُني
فـامنُن عـليّ بـعفوٍ منك يا أملي ** فـإنني مُـوثَقٌ بـالذنب مُـرْتَهنِ
تـقاسمَ الأهلُ مالي بعدما انصرفوا ** وصار وزري على ظهري فأثقلني
واسـتبدلت زوجـتي بعلاً لها بدلي ** وحـكّمته عـلى الأمـوال والسكنِ
وصـيّرت ولـدي عـبداً ليخدمَها ** وصـار مـالي لـهم حِلاً بلا ثمنِ
فــلا تـغرنّك الـدنيا وزيـنتُها ** وانظر إلى فعلها في الأهل والوَطنِ
وانظر إلى من حوى الدنيا بأجمعِها ** هـل راح منها بغير الحَنْط والكفنِ
خـذ القناعةَ من دنياك وارضَ بها ** لـو لـم يـكن لك إلا راحةُ البدنِ
يـا زارعَ الخيرِ تحصدْ بعده ثمراً ** يا زارعَ الشرِّ موقوفٌ على الوَهَنِ
يا نفسُ كفي عن العصيان واكتسبي ** فـعلاً جـميلاً لـعل اللهَ يـرحمني
يا نفسُ ويحَكِ توبي واعملي حَسَناً ** عـسى تُجازيْن بعد الموت بالحَسَنِ
ثـم الـصلاةُ عـلى المختارِ سيدِنا ** مـا وضّأ البرقَ في شامٍ وفي يمنِ
والـحمـد لله مـمسينا ومـصبحِنا ** بـالخير والـعفو والإحسان والمننِ

 

 

 

 

 

 

 

 

توقيع »
طالب رضا المعصوم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس