11-08-2011, 02:40 AM
|
#1
|
|
المؤمن إذا وعد وفى
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
جاء في كتاب ((القصص التربوية عند الشيخ محمد تقي فلسفي)) ص38 لمؤلفه لطيف الراشدي :
بعد وقعة صِفِّين ، ظهر حزب جديد باسم الخوارج ، ضَمَّ رجالاً جُهلاء بحقيقة الدين والعلم ، قاموا بجرائم عظيمة طوال سنين طويلة . وقامت السُّلطات الزمنيَّة بقمع هذا الحزب ، فأُحضروا إلى مجلس الحَجَّاج ؛ ليُعاقبهم على ذلك ، فعين لكلِّ عقوبته .. وعندما وصل إلى آخر رجل منهم ، رفع المؤذِّن الأذان ، مُعلناً دخول وقت الصلاة ، فقام الحَجَّاج وسلَّم المُتَّهم إلى أحد الحاضرين واسمه عنبسة ، وقال له : خُذه معك إلى البيت ، وأحضره لي غداً حتَّى أُقرِّر عقوبته . فنفَّذ عنبسة الأمر ، وأخرجه معه مِن قصر الإمارة .
في الطريق قال المُتَّهم لعنبسة : هل يُرجى مِنك خير ؟
فقال له عنبسة : ما تُريد ؟ لعلِّي أوفَّق لأعمل لك خيراً .
فقال المُتَّهم : والله ، لستُ خارجيَّاً ولم أشهر سيفي على أحد ، وأنا بريء مِن هذه التُّهمة المنسوبة لي . ورغم أنَّهم قبضوا عليَّ وأنا بريء ، فإنَّ أملي برحمة الله كبير ، وأعلم أنَّ فضله سيشملني ، ولا أُعذَّب مِن دون ذنب ، ولكنْ أرجوك أنْ تسمح لي بالذهاب إلى أهلي هذه الليلة ؛ لأودِّعهم وأوصيهم بوصايا ، وأؤدِّي حقوق الناس وسأحضر إليك غداً صباحاً .
يقول عنبسة : استغربت مِن هذا الطلب ، فلم أجبه ، فكرَّر عليَّ السؤال ، حتَّى أثَّر كلامه في نفسي ، وخطر في بالي أنْ أتوكَّل على الله ، وأنزل عند رغبته ؛ فصمَّمت على ذلك ، وقلت له : اذهب ، ولكنْ يجب أنْ تُعاهدني على الرجوع غداً .
فقال الرجل : عاهدتك على أنْ أحضر غداً صباحاً ، وأُشهِد الله على هذا العهد .
ثمَّ ذهب حتَّى غاب عن عيني ، ولكنْ ما إنْ عُدُّت إلى نفسي ، حتَّى اضطربت اضطراباً شديداً ، وندمت على ما فعلت ، فقد عرَّضت نفسي لغضب الحَجَّاج دون
سبب ، ولازَمَني الاضطراب حتَّى ذهابي إلى البيت ، فذكرت ذلك لأهلي فلاموني ... ولكنْ لاتَ حين مَناصٍ .
لم أنَم تلك الليلة ، فكنت أتململ تملُمل السليم ، وأتقلَّب كالثَّكلى . وعند الصباح وفَّى الرجل بعهده ، فتعجَّبت مِن مَجيئه ، وقلت له : لماذا حضرت ؟!
قال : مَن آمن بالله ، وأعتقد قُدرته وعظمته ، وعاهد على أمرٍ ، وجعل الله شهيداً على عهده ؛ فلا يُخلِف عهده .
فأخذته إلى قصر الإمارة في الساعة المُقرَّرة ، وذكرت للحَجَّاج ما جرى بيني وبينه في الليلة السابقة ، فتعجَّب مِن إيمان الرجل ووفائه بعهده . ثمَّ قال : أتُريد أنْ أعفو عنه لأجلك .
فقلت : لو تكرَّمت عليَّ بذلك ، فلك المِنَّة بذلك .
فعفا الحَجَّاج عن المُتَّهم ، وأخرجه عنبسة مِن دار الإمارة ، وقال له بلُطف ولين : اذهب فأنت حُرٌّ .
ذهب الرجل دون أنْ يشكر لي جميل صنعي ، ودون أنْ يُقابل الإحسان ولو بكلمة شُكراً ، فتألَّمت مِن هذا الجَفاء والتنكُّر للمعروف ، وقلت في نفسي : لعلَّه مجنون !
وفي اليوم الثاني ، حدث ما لم يكن بالحُسبان ، فقد حضر الرجل ، وشكرني على إنقاذه مِن الورطة التي وقع فيها ، ثمَّ قال : إنَّ المُنقذ الحقيقي هو الله تعالى ، وكنتَ أنت الواسطة في ذلك ، فلو أنَّني شكرتك بالأمس على إحسانك ، لكنت قد أشركتك بالله في النعمة التي أنعمها عليَّ ؛ وهذا ليس بمُستحسن ، فرأيت مِن الواجب عليَّ أنْ أذهب لأداء واجب الشُّكر والحمد بين يدي الله تعالى أولاً ، ثمَّ أحضر لأداء واجب الشُّكر لك . ثمَّ شكر لي جميل صُنعي وإحساني ، واعتذر وانصرف
اقول :ان صفة الايفاء بالعهد من اهم الصفات التي يتحلى بها المؤمن
قال تعالى (({الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ} [الرعد : 20]
وقال تعالى في وصف المؤمنين (({وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} [المؤمنون : 8]
بل ان صفة النقض من صفات المنافق والعياذ بالله (اذا وعد اخلف )
قال تعالى ({الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [البقرة : 27]
ولذا تجد في هذه الرواية قول ذلك المؤمن : مَن آمن بالله ، وأعتقد قُدرته وعظمته ، وعاهد على أمرٍ ، وجعل الله شهيداً على عهده ؛ فلا يُخلِف عهده
ثانيا :ان في الوفاء بالعهد النجاة في الدنيا والاخرة
وهذا ما لمسناه في هذه الرواية وغيرها الكثير
ثالثا : ان هذا المؤمن وفى بعهده امام هذا العاصي لله
فكيف لنا ان لا نوفي بعهدنا امام رسول الله والمعصومين صلوات الله عليهم اجمعين
وامام الشهيدين الصدرين (قدس) وامام الحوزة الناطقة وامام السيد القائد مقتدى الصدر (اعزه الله )
واخيرا اسال الله جل وعلا ان يعيننا على الايفاء بعهودنا انه سميع مجيب
|
|
|