بسمهِ تعالى
الله سبحانهُ وتعالى ليسَ حِكراً على المؤمنينَ فقطْ ، بلْ أهلُ المعصيةِ لا ينساهمْ اللهُ تعالى منْ رحمتهِ ، حيثُ وردَ : ( أهلُ طاعتي في ضيافتي ، وأهلُ شكري في زيادتي ، وأهلُ ذكري في نعمتي ، وأهلُ معصيتي لا أؤيسهمْ منْ رحمتي ، إنْ تابوا فأنا حبيبُهمْ ، وإنْ دعوا فأنا مجيبُهمْ ، وإنْ مرضوا فأنا طبيبُهمْ ، أداويهمْ بالمِحنِ والمصائبِ ، لأطهرَهمْ منْ الذنوبِ والمعايبِ ) . فيا مَنْ عَصَيْتَ . . لَا يَخْطُرْنَّ على ذهنِكَ ولوْ لوهلةٍ أنَ اللهَ لنْ يقبلَ توبتَكَ واستغفارَكَ . . لكنْ لا تُوغِلْ بالإثمِ والخطيئةِ والرذيلةِ فتهلكَ ويوكلُكَ اللهُ إلى نفسِكَ .
فكذلكَ شهرُ رمضان . . ليسَ حِكراً على الصائمينَ ، فمنْ أفطرَ لعُذرٍ أوْ أفطرَ متعمداً بأيِ نحوٍ منْ الأنحاءِ . . لا يظنُ ولوْ لطرفةِ عينٍ أنهُ هوى وضلَّ ولا مجالَ للتوبةِ ، بلْ اللهُ يقبلُ التوبةَ عنْ عبادهِ .
ولكنْ لا يتمادى . . فإنهُ كما على الصائمِ واجباتٍ ، فعلى المفطرِ بصورةٍ عامةٍ واجباتٍ ، منها :
أولاً : احترامُ الشهرِ الفضيلِ ، وأنْ لا يتجاهرُ بالإفطارِ عموماً ، وبالأخصِ في الأماكنِ العامةِ وفي نهارِ الشهرِ .
ثانيا : أنْ لا يطغى ويرتكبُ المعاصيَ والذنوبَ فوقَ ذنبِ الإفطارِ ، لا سيما إذا كانَ قدْ تعمّدَ الإفطارَ بلا حجةٍ شرعيةٍ كالمرضِ والسفرِ .
ثالثاً : عليهِ أنْ لا يُفْرِطَ في استعمالِ المُفطراتِ كالطعامِ والشرابِ ، ويكتفي بالضروريِ منهُ لدفعِ المرضِ أوْ صعوبةِ الصومِ . . كما وعلى منْ أفطرَ متعمداً أنَ لا يتلذّذُ بالمفطراتِ ، بلْ يسارعُ إلى الإمساكِ ، عسى أنْ يغفرَ اللهُ لهُ .
رابعاً : أنْ يأتيَ ببعضِ المُستحبّاتِ كالصلاةِ المُستحبّةِ والأدعيةِ والأذكارِ المخصوصةِ والأعمالِ الصالحةِ ، ولا سيما سعيهُ في توزيعِ الطعامِ على الصائمينَ معَ التمكّنِ منْ ذلكَ ، وإلا فليكتفِ بالاستغفارِ .
خامساً : أنْ يدعوَ اللهَ سبحانهُ وتعالى أنْ يوفّقهُ لقضاءِ الصومِ وأداءِ تبعاتِ الإفطارِ ، وأنْ يوطّنَ نفسَهُ أنَ لا يعودَ لذلكَ .
سادساً : مجالسةُ الصائمينَ والمؤمنينَ عسى أنْ يفيضَ عليهِ بالبركةِ والإيمانِ ، وأنْ يتعلّمَ منهمْ الصومَ والطاعةَ والانقيادَ .
هذا وأستغفرُ اللهَ لي ولكمْ .

مقتدى الصدر