اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
توكلت على الله رب العالمين
وصلى الله على خير خلقه محمدٍ واله اجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
احببت هنا ان اسلط الضوء على ما ورد في كتاب فقه الاخلاق للسيد الوالد قدس سره الشريف بما يخص معنى الإفطار عند الصائم او في شهر رمضان ، فإننا يمكن ان نقسم ما يجب او ما يمكن ان يكون كأطروحة على ما هو يجب الالتزام به من قبل الصائم وعدم الاتيان به في شهر رمضان او في نهار شهر رمضان من المفطرات ، فالمفطرات بصورةٍ وبأخرى تنقسم الى ثلاثة مستويات :
المستوى الاول: الافطار المنصوص عليه في الرسائل العملية والذي يكون معها الصوم باطلاً ولا يمكن تحقق الصوم مع الاتيان به كالأكل والشرب والنكاح وما شابه ذلك مما هو مذكورٌ في الرسائل العملية ، فإن على الصائم وجوباً تجنب هذه المفطرات حتى يكون صومه مجزياً على اقل التقادير ، أما لو اردنا ان نسير خطوة اخرى فهناك مستوى آخر من المفطرات وهو :
المستوى الثاني: هو ارتكاب اي محرمٍ من المحرمات في الشريعة الاسلامية سواءٌ ما ذُكر في الرسائل العملية من انه من المفطرات او لا ، وانه مبطلٌ للصوم او لا ، كالكذب والنميمة والقتـ،،ـل.. قتـ،،ـل النفس المحترمة وما شاكل ذلك من المحرمات التي لم يُنص عليها بانها من المفطرات ، فبهذه الصورة ايضاً ارتكاب هذه المحرمات بصورةٍ عامة قد يكون مفطراً ، وسنناقش ذلك .
المستوى الثالث: لا ، المفطرات لا دخل لها في المحرمات فقط ، بل هي اعم من ذلك ، ارتكاب اللذائذ ، الملذات ، مطلق الملذات الدنيوية ، قد تكون محرمةً ، اكرر قد تكون محرمةً على الصائم ، كاللهو واللعب الزائد او بعض المكروهات التي وردت في الشريعة انها مكروهة فاذا اتى بها الصائم قد يكون ايضاً صومه مثلاً باطلاً ، طبعاً من الصعب ان نقول ان الصوم باطل ، الا ان الصائم اذا اراد ان يكون هناك تقوى زائدة وزهدٌ زائدٌ في الدنيا وفي حب الدنيا وعن ملذاتها فيجب ان يتكامل ، يتكامل عن شنو؟ ان يزداد ويتكامل عن المحرمات المنصوص عليها ، يترك المنصوص عليها إلي هي كلنه مثل الأكل والشرب والنكاح وما شاكل ذلك ، وان شئتوا فراجعوا في الرسائل العملية موجودة ومنصوصٌ عليها ، ويترك ايضاً كل المحرمات - اي المستوى الثاني - مثل الكذب والنميمة ، وايضاً يترك كل الملذات وكل اللهو وكل حب الدنيا ، وينزع حب الدنيا من قلبه ، لكي يكون صومه مجزياً ومقبولاً ومتكاملاً وعلى اكمل وجه وارقى صوم ، والا الاكتفاء فقط بترك المفطرات المنصوص عليها قد يكون الصوم مجزياً الا انه ليس أعلى مستويات الصوم بصورةٍ او بأخرى ، فاذا اراد الانسان ان يتكامل يجب عليه ان يترك كل تلك المستويات الثلاثة ، زين.
على الرغم من ان المستوى الثاني والمستوى الثالث وفقاً للشريعة ووفقاً للرسائل العملية ليس مفطراً ، الذي يكذب لا يكون صومه باطلاً الا الكذب على الله ورسوله طبعا ، اقصد مطلق الكذب ، او الذي يستغيب ، لكن ما فائدة من يترك الطعام والشراب وباقي المفطرات المنصوص عليها وهو يأتي بالمحرمات الاخرى التي لم يُنص عليها ، سيكون صومه متدنياً ان جاز التعبير ، على الرغم من انه قد يكون مجزي ببعض الصور الظاهرية وليس الباطنية والاخلاقية والمعنوية لجهة الصوم ، فان السيد الوالد يقول في فقه الاخلاق ان للصوم غرضاً يجب ان يتحقق .. يجب ان يحققه الصائم في صومه في شهر رمضان ، في نهار شهر رمضان ، واذا لم يتحقق فكأنه معنوياً واخلاقياً بمثابة الغير صائم ، من صام صامت كل جوارحه عن كل الملذات عن كل المحرمات عن كل المكروهات ، وخصوصا وانه يتخيل نفسه انه ضيف عند الله سبحانه وتعالى ، وانه يسعى الى ما هو ازيد من ترك المفطرات المنصوص عليها في الرسائل العملية ، فيترك الملذات ويترك المحرمات مطلقاً ، على الرغم انه قد تكون غير مفطّرة ، ليش؟ ليحصل على صومٍ اكمل واتم واعلى مرتبة واعلى درجة فيكون قد حصل على التقوى وعلى الزهد ، فان الغرض من الصيام هو تقوى الله هو الزهد في ملذات الدنيا وفي محرماتها .. وعن محرماتها طبعا بطريق اولى ، فان للصوم غرضاً ظاهرياً وهو ترك المفطرات المنصوص عليها ، وباطني ومعنوي هو ترك كل تلك المستويات الثلاثة على حد سواء ، بل ويمكن ان نضيف شيئاً اخر ، ان ترك هذه المحرمات – ما عدا طبعا الاكل والشرب – حتى في ليل شهر رمضان وليس فقط في نهار شهر رمضان ، لان الليل متممٌ للنهار ، وشهر رمضان .. كله شهر رمضان بنهاره وليله ، فمو يسارع – رمضان ولى هاتها يا ساقي – او النهار خلّص وافطرت بعد كون اسوّي المحرمات واروح فسوق وفجور ، لا حبيبي ، لعله انت المنصوص عليها يجب ان تتركها في نهار شهر رمضان ، اما المستوى الثاني والمستوى الثالث يجب ان تتركه حتى في ليل شهر رمضان ، والا شنو الفايدة انت صايم النهار كله وبعدين بالليل تجي تأتي بالمحرمات وتنغمس في حب الدنيا وفي الملذات وفي الغيبة وفي النميمة وحتى في بعض المحرمات الاخرى كأن تقـ،،ـتل نفساً محترمة ، وهكذا من الامور التي يجب على الصائم ان يتوخاها لكي يحقق الغرض الحقيقي من الصوم وليس الغرض الظاهري فقط من الصوم ، والا كما قلنا ان الصائم اذا اذنب في ليله او نهاره بغير ما نُص عليه قد يكون صومه متدنياً الى ابعد الحدود ودرجة منحطة من الصوم ، كما في الصلاة ، كأن تصلي انت وتصلي سريع ومن دون خشوع ومن دون تأدب بآداب الصلاة ، صلاتك مجزية ، الا انها قد تكون غير كاملة وليست بدرجة عالية من الكمال ، كذلك الصوم هنا ، اذا انت ارتكبت بعض المحرمات الغير منصوص عليها يعتبر صومك متدنيا ، فاطلب الزيادة في التقوى ، فاطلب الزيادة في الزهد ، فاطلب الزيادة في تحقيق الغرض المنشود من الصوم .. المطلوب من الصوم الحقيقي بينك وبين الله ، فهذا سيجعل من صومك صوماً راقي عالي الدرجة ، لانك قد تركت كل الدنيا بمحرماتها ومكروهاتها وملذاتها ولهوها ولعبها من اجل الله سبحانه وتعالى ، وبالتالي سيُجزيك الله اكثر واكثر ، كما اضفت على زهدك وتقواك فالله يضيف على ثوابك مزيداً من الثواب ، وسيُجنّبك كثيراً من العقوبات في الدنيا وفي الاخرة ويدفع عنك البلاء والوباء وما شاكل ذلك .
والحمد لله رب العالمين