28-11-2010, 05:16 PM
|
#1
|
|
فيمن يشمله حديث الثقلين
عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم الثقلين وفي رواية خليفتين... وفي رواية أخرى: إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا... وفي رواية أخرى: إني تارك فيكم أمر بن لن تضلوا إن اتبعتموهما وهما: كتاب الله وعترتي أهل بيتي فلا تتقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ولا تعلموهم فإنهم أعلى منكم. وقد يكون هذا صريحا في خروج النساء من أهل البيت واختصاصهم بعشيرته وعصبته، وهو رأينا الذي انتهينا إليه في ختام هذا البحث والله أعلم. وحديث الثقلين من أوثق الأحاديث النبوية وأكثرها ذيوعا، وقد اهتم العلماء به اهتماما بالغا لأنه يحمل جانبا مهما من جوانب العقيدة الإسلامية، كما أنه من أظهر الأدلة التي تستند إليها الشيعة في حصر الإمامة في أهل البيت وفي عصمتهم من الأخطاء والأهواء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قرنهم بكتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فلا يفترق أحدهما عن الآخر، ومن الطبيعي أن صدور أية مخالفة لأحكام الدين تعتبر افتراقا عن الكتاب العزيز، وقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم بعدم افتراقهما حتى يردا علي الحوض، فدلالته على العصمة ظاهرة جلية. وقد كرر النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث في مواقف كثيرة، لأنه يهدف إلى صيانة الأمة والمحافظة على استقامتها وعدم انحرافها في المجالات العقائدية وغيرهما، إن تمسكت بأهل البيت ولم تتقدم عليهم ولم تتأخر عنهم. ولو كان الخطأ يقع منهم لما صح الأمر بالتمسك بهم، الذي هو عبارة عن جعل أقوالهم وأفعالهم حجة، وفي أن المتمسك بهم لا يضل كما لا يضل المتمسك بالقرآن، ولو وقع منهم الذنب أو الخطأ لكان المتمسك بهم يضل، وإن في اتباعهم الهدى والنور كما في القرآن، ولو لم يكونوا معصومين لكان في اتباعهم الضلال، وفي أنهم حبل ممدود من السماء إلى الأرض كالقرآن، وهو كناية عن أنهم واسطة بين الله تعالى وبين خلقه وأن أقوالهم عن الله تعالى،
ولو لم يكونوا معصومين لم يكونوا كذلك، وفي أنهم لن يفارقوا القرآن ولن يفارقهم مدة عمر الدنيا، ولو أخطأوا أو أذنبوا لفارقوا القرآن وفارقهم، وفي عدم جواز مفارقتهم بتقدم عليهم بجعل نفسه إماما لهم أو تقصير عنهم وائتمام بغيرهم، كما لا يجوز التقدم على القرآن بالافتاء بغير ما فيه أو التقصير عنه باتباع أقوال مخالفيه، وفي عدم جواز تعليمهم ورد أقوالهم، ولو كانوا يجهلون شيئا لوجب تعليمهم ولم ينه عن رد قولهم. وقد دلت هذه الأحاديث أيضا على أن منهم ممن هذه صفته في كل عصر وزمان بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض وإن اللطيف الخبير أخبره بذلك، وورود الحوض كناية عن انقضاء عمر الدنيا فلو خلا زمان من أحدهما لم يصدق إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. ويتخذ أنصار أن أهل البيت هم الأئمة الاثنا عشر وأمهم الزهراء هذا الحديث ليرجحوا رأيهم قائلين إنه لا يمكن أن يراد بأهل البيت جميع بني هاشم، بل هو عن العام المخصوص بمن ثبت اختصاصهم بالفضل والعلم والزهد والعفة والنزاهة من أئمة أهل البيت الطاهرين وهم الأئمة الاثنا عشر وأمهم الزهراء البتول. يدللون على ذلك بالاجماع على عدم عصمة من عداهم، والوجدان أيضا على خلاف ذلك، لأن من عداهم من بني هاشم تصدر منهم الذنوب ويجهلون كثيرا من الأحكام ولا يمتازون عن غيرهم من الخلق، فلا يمكن أن يكونوا هم المجعولين شركاء كالقرآن في الأمور المذكورة، بل يتعين أن يكونوا بعضهم لا كلهم وليس إلا من ذكرنا.
عن كتاب نفحات الازهار في خلاصة عبقات الانوار للسيد علي الميلاني
|
|
|