09-10-2013, 03:59 PM
|
#4
|
|
رد: حديث الدار (حديث الانذار)
[frame="7 98"]مع ابن تيميه وحديث الدار
قال :ـ السيد جعفر مرتضى العاملي في كتابه :الصحيح من سيرة النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( مدخل لدراسة السيرة والتاريخ ) السيد جعفر مرتضي العاملي ج1/ ط 4 1995 م 1415 ه/ دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع غبيري - بيروت - لبنان .دار السيرة - بيروت لبنان )
إبن تيمية ، وحديث الدار :
أما إبن تيمية ، فقد انكر ...حديث الدار ، وأورد عليه بماملخصه :
أولا : إن في سند رواية الطبري أبو مريم الكوفي ، وهو مجمع على تركه ، وقال أحمد : ليس بثقه ، واتهمه إبن المديني بوضع الحديث الخ .
وثانيا : تنص الرواية على أنه قد جمع بني عبد المطلب وهم أربعون رجلا
ومن الواضح : أنه حين نزول الآية لم يكن بنو عبد المطلب بهذه الكثرة .
وثالثا : قول الرواية إن الرجل منهم ليأكل الجذعة ، ويشرب الفرق من اللبن ، كذب ، إذ ليس في بني هاشم من يعرف بانه يأكل جذعا ،ولشرب فرقا .
ورابعا : إن مجرد الاجابة للمعاونة على هذا الامر لا يوجب أن يكون المجيب وصيا وخليفة بعده صلى الله عليه وآله ؟ فإن جميع المؤمنين أجابوا إلى الاسلام ، وأعانوه على هذا الامر ، وبذلوا أنفسهم وأموالهم في سبيله .
كما أنه لو أجابه الاربعون ؟ أو جماعة منهم فهل يمكن أن يكون
الكل خليفة له . ؟
وخامسا : إن حمزة ، وجعفرا ، وعبيدة بن الحرث قد أجابوا إلى ماأجاب إليه علي ، بل حمزة أسلم قبل أن يصير المؤمنون أربعين رجلا (منهاج السنة ج 4 ص 81 - 83 ) .
الرد على ابن تميمية :
ولكن كل ما ذكره إبن تيمية لا يصح ، ولا يلتفت إليه ، وذلك لما يلي :
ألف - فأما بالنسبة لما ذكره أولا عن أبي مريم ، فقد قال إبن عدي :
سمعت إبن عقدة يثني على أبي مريم ويطريه ، وتجاوز الحد في مدحه (راجع : الغدير ج 2 ص 280 ، ولسان الميزان ج 4 ص 43 )
وأثنى عليه شعبة (لسان الميزان ج 4 ص 42 ) .
وقال عنه الذهبي : كان ذا اعتناء بالعلم وبالرجال (ميزان الاعتدال للذهبي ج 2 ص 631 و 640 ، ولسان الميزان ج 4 ص 42 ) .
وعدا عن ذلك فقد صرحوا بسبب تضعيفهم له ، وهو كونه شيعيا .
ونحن نرى أن ذلك لا يضره ؟ فقد روى أصحاب الصحاح ، ولا سيما
البخاري ومسلم عن عشرات الشيعة (ميزان الاعتدال للذهبي ج 2 ص 631 و 640 ، ولسان الميزان ج 4 ص 42) .
ومع غض النظر عن ذلك ؟ فإن المتقى الهندي قد نقل عن الطبري :
أنه قد صحح هذا الحديث (كنز العمال ج 15 ص 113 ) .
كما وصححه الاسكافي المعتزلي (راجع : شرح النهج للمعتزلي ج 13 ص 244 ) وصححه أيضا : الخفاجي في
شرح الشفاء (راجع : الغدير ج 2 ص 280 ) .
وقد رواه أحمد بسند جميع رجاله رجال الصحاح بلا كلام ، وهم :
شريك ، والاعمش ، والمنهال ، وعباد ، وعلي " عليه السلام " (المصدر السابق ، ومسند أحمد ج 1 ص 111 ) .
ولو سلم كل ذلك ؟ فإن طرق الحديث مستفيضة ، يقوى بعضها
بعضا ؟ فلا يضر ضعف بعض الرجال في بعض الاسانيد .
وأعجب من ذلك دعوى أن لا تكون قضية الخلافة بعده صلى الله
عليه وآله مذكورة في المسانيد ، فإن من راجع المصادر التي ذكرناها
للحديث آنفا ؟ يعرف أنها موجودة في عشرات المصادر والمسانيد .
وأما الطعن في رواية إبن أبي حاتم باشتمال سندها على عبد الله بن عبد القدوس . وقد ضعفه الدار قطني ، وقال النسائي : ليس بثقة . وقال إبن معين : ليس بشئ ، رافضي خبيث .
أما هذا - فقد قال الشيخ المظفر : " رحمه الله " تعالى في جوابه :
" وفيه : أن تضعيفهم معارض بما في تقريب ابن حجر : أنه صدوق .
وفي تهذيب التهذيب : قال محمد بن عيسى : ثقة .
وذكره إبن حبان في الثقات .
وقال البخاري : هو في الاصل صدوق ، إلا أنه يروي عن أقوام
ضعاف . مع أنه أيضا من رجال سنن الترمذي .
ومدح هؤلاء مقدم ؟ لعدم العبرة في قدح أحد المتخالفين في الدين
في الاخر ، ويقبل مدحه فيه . وهم قذفوه بذلك ؟ لانهم رموه بالتشيع ، ولا نعرفه في رجالهم .
لكن قد ذكر ابن عدي : أن عامة ما يرويه في فضائل أهل البيت .
ولعل هذا هو سر تهمتهم له ( دلائل الصدق ج 2 ص 234)
2 - وأما ذكره إبن تيمية ثانيا : فإن الظاهر هو أن كلمة ( عبد ) زيادة من الرواة ، بدليل : أن عددا من الروايات يصرح بانه قد دعا بني هاشم (كما في السيرة النبوية لابن كثير ج 1 ص 459 عن ابن أبي حاتم
وكذا في البداية والنهاية ج 3 ص 40 ، راجع كنز العمال ج 15 ص 113 ، ومسند أحمد ج 1 ص 111 وتفسير ابن كثير ج 3 ص 350 وابن عساكر ترجمة الامام علي بتحقيق المحمودي ج 1 ص 87 ، واثبات الوصية للمسعودي ص 115 ، وتاريخ اليعقوبي ج 2 ص 27 ، ومسند البزار مخطوط في مكتبة مراد رقم 578 . )
وجاء في روايات أخرى : انه دعا بني عبد المطلب ، ونفرا من بني المطلب (الكامل لابن الاثير ج 2 ص 62 ط صادر ) فلعل الامر قد اشتبه على الراوي وأضاف كلمة " عبد " ، وهذاكثير .
وعليه فلا يلزم من ذلك كذب أصل الواقعة المتفق عليها إجمالا .
كما أن أبناء عبد المطلب إذا كانوا عشرة ، وكان أصغرهم يصل
عمره حينئذ إلى ستين عاما ؟ فلماذا لا يكون لهم من الولد ما لو انضموا إليهم لبلغوا أربعين رجلا ، بل اكثر من ذلك بكثير ، وما وجه الاستعباد لذلك ؟
3 - وأما ما ذكره ثالثا : فقد أجاب عنه الشيخ المظفر : بأن عدم
معروفيتهم بالاكل لا تدل على عدم كونهم كذلك ، فلعلهم كذلك في
الواقع .
ولو سلم ؟ فإنه يلزم منه مبالغة الراوي في إظهار معجزة النبي " صلى
الله عليه وآله وسلم " في إطعامهم رجل الشاة ، وعس اللبن الواحد (دلائل الصدق ج 2 ص 235 ) .
4 - وأما ما ذكره إبن تيمية رابعا : فجوابه ما ذكره الشيخ المظفر من أن قوله هذا ليس علة تامة للخلافة ، ولم يدع ذلك النبي صلى الله عليه وآله ، ليشمل حتى من لم يكن من عشيرته ، بل أمره الله بإنذار عشيرته ؟
لاانهم أولى بالدفع عنه ونصره ؟ فلم يجعل هذه المنزلة إلا لهم ، وليعلم من أول الامر : أن هذه المنزلة لعلي " عليه السلام " لان الله ورسوله يعلمان :
أنه لا يجيب النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " ويوازره غير علي " عليه السلام " ؟ فكان ذلك من باب تثبيت إمامته ، بإقامة الحجة عليهم . ومع فرض تعدد المجيبين يعين الرسول الاحق بها منهم (دلائل الصدق ج 2 ص 236 ) .
وقد أوضح ذلك المحقق البحاثة السيد مهدي الروحاني : بأن
الخطاب إنما هو للجميع ، لكن النبي صلى الله عليه وآله كان يعلم من خلقهم وعلاقاتهم ، وطبائعهم : أنهم سوف لا يجيبون إلا علي " عليه السلام " ، هذا بالإضافة إلى إعلام الله له بذلك .
ونقول نحن : ويؤيد ذلك النص الذي سوف يأتي نقله عن البحار ،
عن ابن طاووس ، تحت عنوان : " ماذا قال النبي صلى الله عليه وآله يوم الانذار " . وقد قلنا هناك : إن ذلك النص هو المنسجم مع الاية الكريمة ،
وقد جاء فيه : " إن الله لم يبعث رسولا إلا جعل له أخا ، ووزيرا ، ووصيا ،ووارثا من أهله ، وقد جعل لي وزيرا كما جعل للأنبياء من قبلي إلى أن قال : وقد والله أنبأني به ، وسماه لي ، ولكن أمرني أن أدعوكم وأنصح لكم ، وأعرض عليكم لئلا تكون لكم الحجة فيما بعد " (البحار ج 18 ص 215 / 216 ، عن : سعد السعود ص 106 ) .
واحتمل صديقنا المحقق الروحاني : أن يكون الخطاب لواحد منهم
على سبيل البدل ، ولذا قال لهم : أيكم يؤازرني الخ . . فالمجيب أولا هو الذي يستحق ما وعد به " صلى الله عليه وآله وسلم " ، وإجابة أكثر من واحد بعيدة الوقوع جدا ، ولا يعتنى باحتمالها عرفا . لا سيما وأن الذي يضر هو التقارن في الاجابة ، وذلك أبعد وأبعد . هذا مع علمه صلى الله عليه وآله بانه لا يجيب سوى واحد منهم .
ولكن قد ذكر بعض الاعلام : أن كون المراد هو المؤازرة في الجملة بعيد ؟ لكون المسلمين على اختلاف مراتبهم قد وازروه في الجملة .
فالمراد هو المؤازرة في جميع الامور والاحوال . والمؤازرة الكاملة في الدين تحتاج إلى أعلى درجات الوعي ، والعلم ، والسمو الروحي إلى درجة العصمة . الامر الذي يعني : أن شخصا كهذا هو الذي يستحق الامامة ، ولا يستحقها سواه ؟ ممن تلبس بالظلم ، كما قال تعالى : " لا ينالعهدي الظالمين " . وليس ذلك سوى علي " عليه السلام " .
أضف إلى ذلك : أن إمامة وخلافة علي " عليه السلام " ، إنما هي بجعل من الله سبحانه وتعالى ، لا يجعل من النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " لتترتب على المؤازرة المنشودة ، والمرغب بها ، مع علم النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " بعدم إجابة غير علي " عليه السلام " ،فيكون ما جرى في يوم الانذار لاجل إقامة الحجة ، وقطع كل عذر . فكلام المظفر هو الاولى والاقرب انتهى .
وأما ما ذكره ابن تيمية خامسا ، وأخيرا فهو لا يصح أيضا باي وجه :
أولا : لان وجود حمزة إنما يضر ، لو كان قد اسلم قبل نزول آية
الانذار ، ونحن لم نستطع : أن نحتمل ذلك ، فضلا عن أن نجزم به ؟ إذ من القريب جدا ، بل هو ظاهر ، إن لم يكن صريح ما ورد في كيفية إسلام حمزة : أن يكون إسلامه بعد الاعلان بالدعوة ، وبعد وقوع المواجهة بين النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " وقريش ، وبعد مفاوضاتها لابي طالب .
وثانيا : لو سلم فإن إنذار عشيرته يمكن أن يكون أثناء الدعوة
السرية ، وقبل إسلام حمزة ، حتى لو كان قد أسلم في الثانية من البعثة ، ويكون ما جرى بين حمزة وأبي جهل ، بمثابة إعلان جزئي للدعوة . وتكون قريش قد بدأت تتعرض لشخص النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " حتى في الدعوة السرية ، وأما بالنسبة لسائر من أسلم فقد كان ثمة محدودية في التعامل معهم ، وسرية بالنسبة لمن يدخل في الاسلام منهم . ويدل على ما
ذكرناه : أنهم يذكرون : أن قوله تعالى : " فاصدع بما تؤمر " كان هو السببفي إخراج الدعوة من السر إلى العلن . ولا ريب أن إنذار العشيرة كان قبل ذلك .
وثالثا: إن وجود حمزة ، إن كان قد أسلم آنئذ ، كوجود أبي طالب
بينهم ، فلعلهما كانا يريان أنهما غير مقصودين بهذه الدعوة . ولا سيما إذا كانا يدركان : أن بقاءهما إلى ما بعد وفاة النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " أبعد احتمالا ؟ فإن سن حمزة كان يقارب سن النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " ، كما يدعون ، ولكننا نعتقد : أنه كان أكبر من النبي " صلى الله عليهوآله وسلم " باكثر من عشرين سنة ، لأنه كان أكبر من عبد الله ، والد النبي" صلى الله عليه وآله وسلم " والذي كان أصغر أولاد عبد المطلب .
وهكذا يقال بالنسبة للعباس أيضا .
وأما ابو طالب ؟ فإنه كان شيخا هرما لا يحتمل البقاء إلى ما بعد
وفاته صلى الله عليه وآله ، فلا معنى لان يقدم أي منهما نفسه على أنه خليفته من بعده ، أو على الاقل هكذا فكرا آنئذ .
وهكذا يتضح : أن جميع ما جاء به ابن تيمية إنما كان كسراب
بقيعة ، أو كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف .
نقاط هامة في حديث الانذار
الف - روايات لا يمكن أن تصح :
هذا ، وقد حاول إبن تيمية أن يقوي جانب روايات أخرى تبعد عليا
وأهل البيت عن الانظار ، بل وتستبعد الهاشميين منه عموما أيضا كتلك الروايات التي في الصحيحين ، والتي تقول : إنه " صلى الله عليه وآله وسلم " جمع قريشا - حين نزل قوله تعالى : ( وأنذر عشيرتك الاقربين ) فاجتمعوا ، فخص وعم ، فقال : يا بني كعب بن لؤي ، أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني مرة بن كعب ، أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار ، يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار الخ (راجع : منها ج السنة ج 4 ص 83 ، والدر المنثور ج 5 ص 95 و 96 عن : أحمد ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه والبيهقي عن عائشة ، وأنس ، وعروة بن الزبير ، والبراء ، وقتادة ، وتاريخ الخميس ج 1 ص 287 ) .
وفي رواية أخرى : إنه " صلى الله عليه وآله وسلم " جمع بني هاشم وأجلسهم على الباب ، وجمع نساءه فأجلسهم في البيت . ثم كلم بني هاشم ، وبعد ذلك أقبل على أهل بيته ؟ فقال : يا عائشة بنت أبي بكر ، ويا حفصة بنت عمر ، ويا أم سلمة ، ويا فاطمة بنت محمد ، ويا أم الزبير عمةرسول الله ، اشتروا أنفسكم في الله ، واسعوا في ف فكاك رقابكم ؟ فاني لا أملك لكم من الله شيئا ، ولا أغني ؟ فبكت عائشة وقالت . . ثم تذكر الرواية محاورة لها معه " صلى الله عليه وآله وسلم " (الدر المنثور ج 5 ص 96 عن : الطبراني ، وابن مردويه ، عن أبي أمامة ، وهذه الروايات موجودة في مصادر كثيرة أخرى ...).
وثمة نصوص أخرى كلها تؤكد على دعوته قريشا وإنذاره لها .
وهذه الروايات لا يمكن أن تصح .
فاولا : لقد تقدم : أن فاطمة صلوات الله وسلامه عليها لم تكن
حينئذ قد ولدت .
وثانيا : إن عائشة ( والغريب في الامر : أنهم يعتقدون : أن عائشة إنما ولدت في الخامسة من البعثة ، والانذار للعشيرة كان في الخامسة ، فهم يناقضون أنفسهم مناقضة صريحة ، وإن كنا نحن نعتقد : أن عائشة قد ولدت قبل البعثة بسنوات ، كما سنشير إليه إن شاء الله تعالى . )
وحفصة ، وأم سلمة لم يكن من أزواجه حينئذ ،ولكن من أهله ، وإنما صرن من أهله في المدينة بعد ذلك بسنين كثيرة . .
وثالثا : إن هذه الروايات تناقض ما ورد من أنه " صلى الله عليه وآله وسلم " إنما دعا قريشا وبادءها حين نزل قوله تعالى : فاصدع بما تؤمر .
وليس حين نزل قوله تعالى : ( وأنذر عشيرتك الاقربين ) .
ورابعا : ان هذه الروايات تناقض نص الآية نفسها ، فانها تأمره
بإنذار العشيرة الاقربين ، لا مطلق عشيرته ، ولا مطلق الناس ، وعشيرته الاقربون إما هم بنو هاشم ، أو بنو عبد المطلب ، والمطلب .
والقول بتعدد الانذار : لا يدفع الاشكال ، بعد تصريح الروايات :
بان مفادها قد وقع حين نزول الآية عليه " صلى الله عليه وآله وسلم " .
وهذا كله مع غض النظر عما في أسانيد هذه الروايات ، فإن جميع رواتها - كما يقولون - لم يدركوا زمان إنذار عشيرته " صلى الله عليه وآله وسلم " .
ب - ما المراد بكونه خليفته في أهله :
وقد ذكر الشيخ المظفر ( ره ) : أن من الواضح : أن قوله : خليفتي فيكم ، أو في أهلي لا يضر ، ما دام أن ثمة إجماعا على عدم جواز وجود خليفتين : خاص ، وعام . فخلافته الخاصة تقتضي خلافته المطلقة . ولعل الاصح هو : أنه قال - كما في الروايات الاخرى - : " من بعدي " ، أو أنهقال : " فيكم " ، باعتبار أنهم من المسلمين .
وأما القول بان المقصود : هو أنه القائم بشؤونهم الدنيوية ؟ فيكذبه
الواقع ؟ فإن عليا " عليه السلام " لم يكن كذلك بالنسبة لاي منالهاشميين . ولو كان المقصود هو خصوص الحسنين عليهما السلام ،وفاطمة صلوات الله وسلامه عليها ، فإن من الواضح أنهما وكذلك أمهما ما كانوا قد ولدوا بعد . كما أن نفقة هؤلاء واجبة عليه بالاصالة لا بالخلافة ، وأما غيرهم فلم يكن " عليه السلام " مكلفا بالإنفاق عليه ، ولا كان يفعل
ذلك ( راجع : دلائل الصدق ج 2 ص 239 ) .
أضف إلى ذلك كله : أنه بعد أن يصبح الانسان رجلا عاقلا وكاملا ، فإنه لا يبقى بحاجة إلى ولي يدبر شؤونه ، بل يستقل هو نفسه في ذلك .
وعلى هذا ، فلا يبقى للولي وللخليفة معنى . إذا كان هذا هو المراد .
ونشير هنا إلى أن الدواعي كانت متوفرة لتحريف هذه الواقعة ،
وجعلها خاصة بالخلافة على الاهل ، ولا تشمل الخلافة العامة التي هي موضع الاخذ والمراد كما هو معلوم .
ج - لماذا تخصيص العشيرة بالدعوة ؟ ! :
هذا ولا يخفى أن الاهتمام بدعوة عشيرته الاقربين كان خير وسيلة لتثبيت دعائم دعوته ، ونشر رسالته ؟ لان الاصلاح يجب أن يبدأ من الداخل ، حتى إذا ما استجاب له أهله وقومه ، اتجه إلى غيرهم بقدم ثابتة ، وعزم راسخ ومطمئن .
كما أن دعوته لهم سوف تمنحه الفرصة لاكتشاف عوامل الضعف
والقوة في البنية الداخلية ، من حيث ارتباطاته وعلاقاته الطبيعية ، وليعرفمقدار الدعم الذي سوف يلاقيه ؟ فيقدر مواقفه ، وإقدامه ، وإحجامه على أساسه .
أضف إلى ذلك : أنه حين يبدأ بالاقربين من عشيرته ، ولا يبدو أنه على استعداد لتقديم أي تنازل أو مساومة حتى بالنسبة إلى هؤلاء ، فإن معنى ذلك هو أن على الآخرين أن يقتنعوا بأنه منسجم مع نفسه ، ومقتنع بصحة ما جاء به ، ويريد لاحب الناس إليه ، الذين لا يريد لهم إلا الخير ، أن يكونوا في طليعة المؤمنين الذين يضحون بكل غال ونفيس في سبيل هذا الدين . وقد رأينا : أن النصارى قد تنبهوا إلى ذلك في قضية المباهلة .
فراجع .
ومن الجهة الاخرى : فإنه يعيش في مجتمع يقيم علاقاته على
أساس قبلي ؟ - فحين يريد أن يقدم على مواقف أساسية ومصيرية - وحين لا يكون هو نفسه يرضى بالاعتماد على القبلية كعنصر فعال في حماية مواقفه ، وتحقيق أهدافه ؟ فإن من اللازم : أن يتخذ من ذوي قرباه موقفا صريحا ، ويضعهم في الصورة الواضحة ؟ وأن يهئ لهم الفرصة ليحددوا مسؤولياتهم ، بحرية ، وصراحة ، وصفاء ، بعيدا عن أي ضغط ، وابتزاز ولوكان هذا الضغط من قبيل العرف القبلي في ما بينهم ؟ لأنه عرف مرفوض إسلاميا .
وهنا تبرز واقعية الاسلام في تعامله مع الامور ، وفي معالجتهللقضايا ، الاسلام الذي لا يرضى أن يستغل جهل الناس وبساطتهم ،وحتى أعرافهم - الخاطئة - التي ارتضوها لأنفسهم في سبيل منافعه ،وتحقيق أهدافه .
نعم ، إن الاسلام يعتبر الوسيلة جزءا من الهدف ، فلا بد أن تنسجم وتتلاءم معه - كما لا بد أن تنال من الطهر والقداسة بالمقدار الذي يناله الهدف نفسه .
وفقنا الله للسير على هدى الاسلام ، والالتزام بتعاليمه ؟ إنه خير
مأمول ، وأكرم مسؤول .
وعلى كل حال ، فقد خرج " صلى الله عليه وآله وسلم " من ذلك
الاجتماع بوعد أكيد من شيخ الابطح ، أبي طالب ( ره ) بالنصر والعون ؟
فإنه لما رأى موقف أبي لهب اللا إنساني ، واللا معقول ، قال له :
" يا عورة ، والله لننصرنه ، ثم لنعيننه . يا ابن أخي ، إذا أردت أن تدعو إلى ربك فاعلمنا ، حتى نخرج معك بالسلاح (تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 28 / 27 ط صادر ) " ....) انتهى)
الى هنا اتوقف بحول الله وقوته واذنه ومشيئته ، سائلا الباري العطوف ان يسامحني عن كل قصور وتقصير في النقل وفي العرض ...
وشكر لله على توفيقه لعبده الفقير الاقل لهذا الشرف وغيره من النعم التي لاتعد ولا تحصى , وما تم عرضه من صوره لحديث الدار ما هو الا جهد شريف مبارك شارك فيه جمع غفير من العلماء والمحققين ...جزاهم الله وحسب نواياهم خير الجزاء
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير الخلق محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين المعصومين .[/frame]
|
|
|