منتدى جامع الائمة الثقافي

من قصص القرآن

سليمان الحكيم

((وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكَنا لحِكمهم شاهدين*ففهّمناها سَليمان وكَلاً آتينا حكما وعلما*)) الأنبياء 78-79
روي عن الإمام الصادق(ع):((إن الله تبارك وتعالى لم يبعث أنبياء ملوكاً في الأرض إلا أربعة بعد نوح(ع):ذوالقرنين وداود وسليمان ويوسف))
ولهذا فأن سليمان جمع بين الملك والنبوة وهو أيضاً نشأ في بيت النبي داود(ع) الذي كان نبياً وملكاً جعله الله قاضياً حكيماً وقبل أن يبعث الله سليمان بالنبوة وحينما كان فتى في مقتبل العمر كان يجلس عند أبيه داود(ع) ليستمع إلى ما لدى الناس من أمور وشكاوى،وإذا بخصمين يتقدمان إلى أبيه داود(ع) أحدهما صاحب غنم والآخر صاحب مزرعة كرم وعنب،ومشكلتهما هي إن صاحب الغنم غفل عن غنمه في الليل مما حدا بالغنم لتسرح وتبحث عن طعام لها فوجدته في كرم العنب المليء بالعناقيد فاكلتها كلها وما فيها من أوراق لتدعها أرض خربه فأشتكى صاحب الكرم إلى داود(ع)،عند ذلك جمع داود أصحابه من ذوي العلم وشاورهم في هذه المسألة،وبعد نقاش طويل اتفقوا على أن يدفع صاحب الغنم غنمه إلى صاحب الكرم ،وذلك لأنهم قدروا ما أتلفه الغنم يساوي ثمن الكرم اما سليمان فكان له رأي آخر على علمه فقال بلطف لأبيه:يانبي الله غير هذا الحكم ربما كان أرفق....
فتعجب داود من كلام ابنه وقال:وما ذاك ياسليمان؟ فقال سليمان تدفع الكرم إلى صاحب الغنم فيقوم عليه حتى يعود كما كان ، وتدفع الغنم إلى صاحب الكرم فيصيب منها حتى إذا عاد الكرم كما كان دفع كل واحد منهما إلى صاحبه ماله.
وما إن سمع داود هذا الحكم حتى تهلل وجهة فرحاً لما وجد في ابنه من العلم الذي أعطاه إياه الله سبحانه ولكنه سألهَ عن السبب في حكمه هذا ؟ فقال سليمان: أن الزرع لم يَجتث من أصله وإنما أكلت الغنم ثماره فقط ولذا فعلى صاحب الكرم أن يستفيد من إنتاج الغنم حتى يعود إليه محصول الكرم ولو إن الأغنام اجتثت الزرع من أصله لكان من حق صاحبه الاستيلاء على رقاب الأغنام كلها عند ذلك وافق الجميع على حكم سليمان الذي كان قوله دليلاً على سعه علمه وحكمته حتى سمّوه ((سليمان الحكيم))
وبعد موت داود حمل سليمان على عاتقه الملك والنبوة وفتح الله سبحانه له أبواب العلم والحكمة والملك وسخر له الجن والريح وعّلمه لغة الطير والوحوش والحيوانات واسال له النحاس وكل هذا من فضل الله سبحانه على عبده سليمان الذي قال :((ربِّ أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى والديّ وأن أعمل صالحاً ترضاهَ وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين)). النمل 19