منتدى جامع الائمة الثقافي

منتدى جامع الائمة الثقافي (http://www.jam3aama.com/forum/index.php)
-   منبر مواساة الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام (http://www.jam3aama.com/forum/forumdisplay.php?f=87)
-   -   الامام الكاظم عليه السلام وعبادة الاصلاح (http://www.jam3aama.com/forum/showthread.php?t=32135)

أبو الفضل 08-04-2019 07:49 PM

الامام الكاظم عليه السلام وعبادة الاصلاح
 

الامام الكاظم عليه السلام وعبادة الاصلاح
لم يكن الإصلاح قضية جانبية او دور كحال مفردات الحياة الاخرى يختص بمرحلة زمنية ما او موضوع او اتجاه واحد بل انه المشروع الأول والرئيس في بعثة الانبياء والمرسلين وحياة الائمة والمصلحين على طول خط مسير الوجود البشري .
بل استطيع القول (ان تحقق نتائج الاصلاح المثلى هي الهدف من الخلق) الم نقرأ قوله تعالى :
(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) الذاريات) لأن مفهوم العبادة لله يتحقق عندما يكون المجتمع واعٍ وموقن ان الله هو الخالق وان دستوره هو الحق وان العمل بما جاء بهذا الدستور كما اراد الله هي العبادة وهذا لايتحقق الا باصلاح الانسان على وجه الارض وباصلاحه يصلح الخلق الاخر ، فالعلاقة بين الاصلاح والعبادة علاقة (علة ومعلول) اي ان الاصلاح علّة العبادة .
لذلك عمل كل المعصومين ائمة وانبياء ورسل ومؤمنين كمّل على اصلاح مجتمعاتهم بكل ما أوتوا من مقومات واساليب وادوات ولم يتهاونوا طرفة عين ابدا عن ذلك ولن يتوقفوا عن تحقيق هذا الهدف السامي لانه تحقيق لهدف الله الذي من اجله خلق الخلق.
فاذا عرفنا تلك الذوات الكاملة والمخلصة لله من الانبياء والمرسلين والائمة المعصومين والقادة الكاملين موفقون اي ان مشيئتهم توافق مشيئة الله تعالى ولاتنفك عن ارادته فاننا ندرك انهم لن يتركوا هذا الامر ولايوقفهم مانع اويحول دون عملهم حائل في سبيل تحقيق هذا السير نحو الهدف وانما يستبدلون الاساليب والادوات وفق مايقتضيه الظرف العام والذي يوجب عليهم في احيان كثيرة استبدال تحركاتهم او اساليبهم لتحقيق النتائج المتوخاة ووفق ما اتيح لهم من طرق يمكن ان ينفذ عملهم من خلالها.
وكم يتحملون من المشاق والمعاناة من اجل تحقيق مطلب من مطالب الاصلاح على المستوى الفردي او المجموع او ربما مطلب جزئي بسيط في النظرة الاولى لكن ضمن تخطيط المعصوم انه سيؤتي اكله في المستقبل القريب او البعيد والامثلة والشواهد على ذلك كثير.
ولعل هداية فرد واحد في اطراف الارض يتطلب من القائد صرف مجهود وتخطيط كبير فالهداية تشكل عند المعصوم تحقيق لهدف الله جل شأنه فقد جاء ان رسول الله صلى الله عليه واله قال لعلي عليه السلام
(....لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم ).او في رواية اخرى خير من الدنيا ومافيها.
اذن المعصوم يتعامل مع هذه الحقيقة كما هي بلا مجاز على الاطلاق فهداية رجل احب اليه من الدنيا وما فيها.
ومن هنا ايضا يتضح عظم مقام الاصلاح عند الله وكيف انه غاية الانبياء والمرسلين والائمة المعصومين.
واليوم ونحن نعيش ذكرى شهادة العبد الصالح والامام المصلح موسى بن جعفر عليه السلام حري بنا ان نستجلي من سيرته التي ملئت مكابدة واضطهاد من اجل الاصلاح تلك المواقف النبيلة والتضحيات الجسام من اجل الاصلاح فقد مارس هذا الدور في حقبة زمنية هي الأشد من ناحية نظام الحكم الظالم والمستبد والمتهتك الذي لايرعوي فيه الظالم من ان يقتل رسول الله لونازعه على كرسي الحكم.
فقد شهد الإمام الكاظم [ع] في حياته التي سبقت إمامته ألواناً من الظلم الذي كانت تمارسه السلطة العباسية ضد بني هاشم، وبالخصوص أهل البيت منهم. فقد شهد كيف يعامل المنصور أبناء عمومته من أبناء الحسن والحسين، وكيف كان يخضعون للتعذيب والتصفية الجسدية على يديه.
لقد كان المنصور من الخلفاء الذين عرفوا بالبطش والتنكيل بمناوئيه، حتى أن السيوطي قد ذكر في كتابه "تاريخ الخلفاء" أنه "قتل خلقاً كثيراً حتى استقام ملكه".
وكان من فنون القتل عنده أن يدخل مناوئه في إسطوانة البناء ثم يبني عليه وهو حي داخل الاسطوانة.
وقد آلت الأمور أخيراً الى قتل والده الإمام الصادق من قبل المنصور بالسم في عام 148ھ. لقد عاش الإمام [ع] كل تلك الأحداث، وتعامل معها بالصبر والثبات ورباطة الجأش، ولم يترك دوره الاصلاحي حتى في سجنه الذي دام مايقارب اربعة عشرة سنة حيث تاثر بهذا الدور الاصلاحي حتى بغض من رموز السلطة الحاكمة من سجانين وقصة الجارية الماجنة التي ادخلوها عليه لغرض اذلاله واحراجه اصبحت من المؤمنات العابدات قصة مشهورة ولم يترك مناسبة الاوفضح السلطة الحاكمة ومواجهات الامام معها كثيرة جدا ومن تلك المواجهات التي حصلت للإمام مع هارون وهو في السجن، وبعض الرسائل. فقد كتب إليه الإمام مرة رسالة مختصرة دالة في معانيها: "إنه لن ينقضي عني يوم من البلاء إلا انقضى عنك معه يوم من الرخاء، حتى نفضي جميعاً الى يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون".
واذا نظرنا الى شكل الحقبة الزمنية التيعاشها الامام فاننا نرى
- سلطة ظالمة مستبدة وفاسدة متهتكة.
- مجتمع طامع في الدنيا وملذاتها قد غلبت عليه الذلة والخوف من السلطان.
- انتشار وشيوع للمبادئ المنحرفة والضالة.
- تضييق تام على القائد المعصوم من جميع الجهات.
ففي مثل هذا الوضع اوصدت ظاهرا جميع الابواب التي من شأنها ان يمارس المعصوم دوره الاصلاحي ، فهل توانى الامام عن اداء هذا الدور؟

ابو علي, [٣٠.٠٣.١٩ ٢٢:١٠]
اننا نرى العكس تماما ، ففي حياته اليومية كان كتلة متوهجة من العلوم التي يرفع من خلالها الاشكالات والتهم التي توجه للمبدأ العظيم من قبل التيارات المنحرفة التي اشتهرت في زمنه فكان هاديا ومصلحا لما اصاب العقول من خراب.
وفي سلوكه كان سراجاً وضاءاً من الاخلاق الفاضلة ومصدامثل الانسقا للانية العليا فكان هاديا ومصلحا لما خرب في النفوس.
وفي سجنه ابهر سجانيه بصبره وخلقه وعبادته حتى نفذ الى ازلام السلطة وغير مبانيهم المشوهة التي كانت تؤمن الامامة والسلطة الالهية للطواغيت من بني العباس.
وما كان الامام رغم كل تلك الصعاب والعذابات يسير بتلك السيرة الاصلاحية ويبذل الغالي ويضحي بكل شئ الا لأنه يرى ان الاصلاح هو العبادة الحقة لله وان اصلاح الناس طريق لعبادته الحقة. فسلام على العبد الصالح والامام المصلح موسى بن جعفر ورحمة الله وبركاته.

الاستاذ 09-04-2019 05:23 PM

رد: الامام الكاظم عليه السلام وعبادة الاصلاح
 
احسنت وجزاك الله تعالى خيرا


All times are GMT +3. The time now is 02:04 PM.

Powered by vBulletin 3.8.7 © 2000 - 2024